الكتاب:
ماجد المذحجي
ادم بارون
أندريو كومنجس
تريستان سالمو
الناشر:
مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية
بالشراكة مع:
Adam Smith International
ملخص تنفيذي
تتولّى المجالس المحلية في اليمن تقديم الخدمات العامة الأساسية بشكل يومي لـ26 مليون يمنيّ، وهي تعدّ من أهم مؤسسات الحكم في البلاد.
غير أن اندلاع الحرب الأهلية عام 2014، وما تلاه من تدخل عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن منذ آذار/ مارس 2015 ، قد شلاّ قدرة المجالس المحلية على توفير تلك الخدمات: تلاشت الموارد المالية، و تنازعت الميليشيات المسلّحة سلطات المجالس المحلية ، كما أقدمت المجموعات المتطرّفة كـ’القاعدة‘ و’الدولة الإسلامية‘ على اغتيال أعضاء من هذه المجالس. إلا أن هذه المجالس حافظت بشكل عام على مرونتها، رغم التحدّيات التي واجهتها، واستمرّت تعمل بشكل ما في معظم أرجاء البلاد، رغم ما اعتراها من ضعف في التجهيز أعاق قدرتها على التعامل مع أكبر كارثة إنسانية في تاريخ البلاد.
تعرض هذه الورقة تقييماً للسياق التاريخي الذي برزت خلاله المجالس المحلية؛ ودورَها في اللامركزية والحكم؛ والتحدّياتِ التي واجهتها خلال الانتفاضة والحرب الأهلية؛ ودورها الأساسيّ في أيّ وقف للعمليات العدائية ستتمّ المفاوضة حوله ، كما في أي مصالحات تحدث بعد النزاع. ستستكشف هذه الورقة أيضاً الأسباب التي تجعل دور المجتمع الدولي حاسماً في كل من التنسيق وتمرير الدعم الإنساني عن طريق المجالس المحلية، نظراً لأن ذلك سيساعد في تخفيف وطأة المعاناة الواسعة الانتشار؛ وفي استدامة هذا الشكل الحيوي من الحكم في اليمن؛ وفي منع المجموعات الجهادية–ولا سيما ’القاعدة‘- من حشد الدعم لنفسها عبر استغلال العجز الخَدَمي.
لتقديم رؤية متوازنة للتحديات التي تواجه الحكم المحلّي في اليمن، ستركّز هذه الورقة على ثلاث مناطق: صنعاء، التي تقع حالياً تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم؛ وصاب، في وسط اليمن والتي تسيطر عليها المجالس المحلية بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية المركزية في العاصمة؛ وعدن في جنوب اليمن، والتي تخضع بشكل رسمي للحكومة المعترف بها دولياً.
تتولّى المجالس المحلية في اليمن تقديم الخدمات العامة الأساسية بشكل يومي لـ26 مليون يمنيّ، وهي تعدّ من أهم مؤسسات الحكم في البلاد.
نشأة السلطات المحلية
بدأ الضغط من أجل لامركزية السلطة في اليمن إثر الحرب الأهلية عام 1994 بين شمال اليمن و جنوبه. خسر الجنوب الحرب ، إلا أن الرغبة في مزيد من الحكم الذاتي بقيت ، واكتسبت دفعة قوية إثر تغييرات إدارة الحكومة المركزية التي صدرت عام 1998. أعادت هذه التغييرات الإدارية تقسيم البلاد إلى مقاطعات تسمّى محافظات وكل محافظة مقسّمة فرعياً بدورها إلى مديريات. كانت الحكومة المركزية في صنعاء تعيّن المُديرين الذين يرأسون كل مديرية، وكان كل مديرمديرية يخضع لسلطة المحافظ الذي يرأس المحافظة، والذي بدوره تعيّنه الحكومة المركزية التي أيضاً يخضع لها في نهاية التسلسل. هكذا لم يكن هناك، بالمعنى العملي، أي تمثيل للسكان المحليين في الإدارة المحلية، وكانت السلطة وصلاحيات صناعة القرار تتركّز في العاصمة.
كان مديرو المديريات والمحافظون في الجنوب، وفي الواقع في كل أرجاء البلاد، غالباً يأتون إما من العاصمة صنعاء أو من سنحان، مسقط رأس الرئيس وقتها علي عبد الله صالح في الشمال. كان لهؤلاء المسؤولين صلات ضعيفة مع المنطقة التي سيكونون مسؤولين عنها، وكثيراً ما كانوا حتى يتكلمون لهجة مختلفة عن لهجة السكان المحلّيين. نشأت عن ذلك تحدّيات معتبرة لأي حكم فعّال، حيث اعتاد السكان المحليون على رفض التعاون مع هؤلاء المسؤولين الذين اعتبروهم غرباء، مما ساهم في خلق بيئة أمنية كانت أصلاً مزعزعة. كان من النتائج الواضحة لذلك ظهور الحركات الجنوبية الداعية إلى فدرلة اليمن، أو حتى إلى انفصال تامّ للجنوب عن الشمال.
حاول قانون المجالس المحلية، الذي أصدرته الحكومة المركزية عام 2000 وبدأت تنفيذه عام 2001، أن يحدّ من زخم الحركات المطالِبة بالفدرالية والانفصال، وأن يخفّف من الضغط السياسي على الحكومة المركزية. وضع هذا القانون مخطّطاً لإنشاء المجالس المحلية (كيانات كالبلديات) أساساً, ومخطّطاً للتخلّي عن مركزية العديد من سلطات الحكومة المركزية لصالح هذه الكيانات الجديدة، مع احتفاظ الحكومة المركزية بالصلاحية التشريعية في مجالات السياسة الوطنية (كالعلاقات الخارجية والجيش والأمن).
جاء في المادة التاسعة من قانون الحكم المحلي؛ أن المجالس المحلية تنتخب انتخاباً حراً مباشراً من قبل مواطني المنطقة، الذين لهم حق الترشّح والانتخاب لعضوية المجالس المحلية نفسها. حين كان المواطنون يذهبون للتصويت كانوا يتلقَّون ورقتين للاقتراع, إحداهما كانت لاختيار للمرشّح الذي سيمثّل منطقتهم في مجلس المديرية المحلي؛ والثانية لاختيار من سيمثّل مديريتهم في مجلس المحافظة المحلي، بينما سيرأس المحافظ كلاً من مجلس المحافظة المحلّي وجميع مجالس المديريات المحلية ضمن محافظته.
في أوّل انتخابات للمجالس المحلية، عام 2001، كان هناك 7,032 ممثِّلاً منتخَباً للمجالس المحلية على صعيد كل من المديريات والمحافظات عبر البلاد. وقد حددت المادة 13 من قانون الحكم المحلي مدّة المجالس المحلية بأربع سنوات، إلا إذا تعذّر ذلك لظروف قاهرة ولم يكن بالإمكان عقد انتخابات جديدة، وعندها تظلّ المجالس المحلية قائمة على رأس عملها حتى يصبح الانتخاب من جديد ممكناً. وقد جرت الانتخابات الثانية عام 2006 بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية. إلا أن التغييرات الدستورية في ذلك العام مدّدت حكم المجالس المحلية من أربع سنوات إلى ستّ سنوات. ثم تأجّلت الانتخابات المفترض إجراؤها عام 2012 بشكل متكرّر بسبب الوضع الأمني في اليمن، ما أبقى أعضاء المجالس المنتخبين عام 2006 في مناصبهم حتى اليوم.
حدود السلطة المحلية
قبل تأسيس المجالس المحلية، كانت تتم إدارة كل وظائف الحكومة المتعلقة بالإدارة اليومية، كالتعليم والصحة والمياه والصرف الصحي وجمع القمامة وهندسة الطرق وتأمين الكهرباء وجباية الضرائب، بالإضافة إلى إمكانيات تخصيص موارد وإطلاق مشاريع تنمية، حصرياً عبر مكاتب المُديرين المعيّنين بشكل مركزي، حيث كان يتوجّب حتى على الراغبين بالحصول على وظيفة حكومية أن يتقدّموا بطلب التوظيف في العاصمة صنعاء[1].
نجح قانون المجالس المحلية لعام 2000 في نزع مركزية العديد من جوانب سلطة الحكومة المركزية، حيث بدأت المجالس عملياً تتولّى كافّة وظائف الحكومة المتعلقة بإدارة المجتمع المحلي اليومية، بالإضافة إلى إمكانية تخصيص موارد وإطلاق مشاريع تنمية, وتم تحويل صلاحية تنفيذ القرارات هذه، والمسؤولية المباشرة للمجالس المحلية أمام السكّان ككلّ، ما جعلها بسرعة بين أهم المؤسسات العامة في البلاد.
غير أن الرئيس والحكومة المركزية احتفظا بحق النقض (ڤيتۆ) لأيّ من النشاطات المحلية، إذ لم ينصّ قانون المجالس المحلية بشكل صريح على مجالات الصلاحية المحلية، فبقي المحافظون الذين رأسوا جميع المجالس المحلية ضمن محافظاتهم–معيّنين من قِبَل الحكومة المركزية وخاضعين لقراراتها، أي في نهاية المطاف لقرارات رئيس الجمهورية. وقد سمح أحد التعديلات على قانون المجالس المحلية عام 2008 بانتخاب المحافظين من قِبَل هيئة انتخابية تتكون من المجلس المحلي للمحافظة ومجالس مديريات المحافظة، وقد حصل ذلك فعلاً في تلك السنة؛ لكن الرئيس صالح ألغى العديد من نتائج الانتخابات ولا سيّما في محافظَتَي صعدة والضالع. ومنذ 2011 يتم تعيين المحافظين بمراسيم رئاسية رغم تعديل 2008.
آليات الموازنة
كانت إيرادات المجالس المحلية تأتي على شكل حصص مالية من الحكومة المركزية، كما من الضرائب والرسوم المحلية، بالإضافة إلى دعم جهات مانحة خارجية. كان دعم الحكومة المركزية يتوزّع على المجالس المحلية للمحافظات بناءً على معايير يتم تقييمها سنوياً، كالقدرة على جباية الأموال محلياً، والكثافة والنموّ السكاني، ومعدّلات الفقر، وأداء وفعالية الإدارة المحلية السابقة في جمع وإنفاق الموارد المالية. وقتها كانت مجالس المحافظات المحلية توزّع هذه الموارد المالية على مجالس المديريات المحلية وفق معايير مشابهة.
وكانت الإيرادات التي يتم جمعها محلياً تتألّف من الرسوم المضافة إلى فواتير الخدمات كالكهرباء والماء والهاتف والضرائب على النشاطات التجارية–كالإعلانات ونسبة من إيرادات الضرائب يحصّلها المجلس المحلّي بالنيابة عن المستويات الحكومية الأخرى. لكن المحافظات التي تتمتّع بموارد استراتيجية، مثل حضرموت ومأرب وشبوة، حيث يتم استخراج النفط والغاز، لم يكن لها أن تطالب بالموارد في مناطقها. الإيرادات القادمة من موارد طبيعية كهذه كان يتم جمعها محلياً لكن توزيعها يتم بشكل مركزي من قبل السلطات في صنعاء. بالممارسة، وبسبب الفساد المتفشّي، كانت الإيرادات التي تحصّلها صنعاء أكثر بكثير من القليل الذي يتم توزيعه[2]. كانت المجالس المحلية في مناطق ذات موارد طبيعية معتبرة، كالنفط، تستفيد فقط بشكل غير مباشر عن طريق منح ومشاريع تنموية ووظائف محلية تسهّلها شركات النفط الأجنبية، التي تتولى بشكل منتظم مثل هذه المساعي كي تحظى بالدعم المحلي لعملياتها.
كذلك سمح قانون السلطة المحلية للمجالس بتحصيل الدعم المادي من جهات مانحة خارجية. لكن قبل هذا الدعم يلزم تسهيل السلطات المركزية، وإشراف فروع وزارة التخطيط والتعاون الدولي في كل محافظة على عملية تحصيل الدعم الخارجي.
ويتم تطوير الموازنات التي تحدّد الإيرادات والنفقات في كل مجلس مديرية محلي عبر المكتب التنفيذي التابع للمجلس المحلي، والذي يقوم بحساب الإيرادات المتوقّعة من مختلف الموارد ثم يضع النفقات المتوقّعة للخدمات والتنمية وفقاً لأولويات المنطقة.
وتتم مناقشة الموازنة السنوية من قبل كافّة الأعضاء للحصول على مصادقة المجلس الذي هم فيه، وعندها يقوم المحافظ بتمرير كل موازنات المديريات لهيئة التخطيط والموازنة التابعة لمجلس المحافظة المحلي. بعد ذلك يتم تجميع كل موازنات المديريات في موازنة واحدة للمحافظة بأكملها، حيث تناقشها مجالس المحافظات المحلية وتصادق عليها، ما يسمح للمحافظين بتقديم موازناتها لوزارة الإدارة المحلية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي، اللتان تقومان بإدراجها في الموازنة الوطنية لكي يقرّها البرلمان.
ينبغي التنويه إلى أن المجالس المحلية على مستوى المديريات والمحافظات، رغم إقرار البرلمان للموازنات النهائية، بقيت تعاني بشكل مزمن من نقص التمويل، نظراً لأن الإيرادات التي توزّعها الحكومة المركزية على المجالس المحلية ظلّت تعجز عن تلبية متطلّباتها.
تبدي المجالس المحلية قدرة على حشد اليمنيين الريفيين للمشاركة في الحراك الاحتجاجي في السابق، ومؤخراً في التجنيد العسكري بالنيابة عن الفصائل السياسية.
الإدارة المحلية خلال الثورة والحرب
خلقت الانتفاضة التي عمّت البلاد عام 2011 وما ترتّب عليها من أزمة سياسية ظرفاً قاهراً حال دون إجراء الانتخابات الجديدة للمجالس المحلية عام 2012. استمرّت الأزمة، ثم شهدت تصاعدا ملحوظاً في 2014، حين سيطر على صنعاء مقاتلون حوثيون متحالفون مع قوات موالية للرئيس السابق صالح. تمخضت عن تلك الأحداث حرب أهلية شاملة، تلاها تدخّل عسكري دولي بقيادة سعودية في آذار 2015، واستمرّ كل ذلك بعرقلة إجراء أية انتخابات جديدة. وهكذا ما يزال أعضاء المجالس المنتخبين منذ 2006 في مناصبهم حتى اليوم.
ونظراً لدور المجالس المحلية في الحكم وأهميتها بالنسبة لجميع السكان، قامت القوى السياسية المتنازعة منذ 2011 بالتنافس على النفوذ داخل هذه المجالس وبين أعضائها. بالنسبة للأحزاب السياسية، كانت السيطرة على المجالس المحلية تعني السيطرة على صناعة القرار على مستوى المديريات؛ كذلك تبدي المجالس المحلية قدرة على حشد اليمنيين الريفيين للمشاركة في الحراك الاحتجاجي في السابق، ومؤخراً في التجنيد العسكري بالنيابة عن الفصائل السياسية.
بعد العام 2011، أضعف الصراع على النفوذ داخل المجالس المحلية كفاءتها الإدارية، وشلّ قدرتها على القيام بوظائفها الإدارية اليومية. كما أعاق عملها أيضاً التوتّر والاستقطاب العام في المجتمع، والذي تواصل على مدى السنوات الثلاث التالية للأزمة السياسية، ما أدّى بدوره إلى اندلاع نزاع مسلح واسع النطاق.
رسميا كانت السلطة السياسية في تلك الفترة بيد الرئيس الانتقالي عبد منصور هادي، والذي تولّى الحكم بعد مغادرة صالح، فتمكّن من استبدال عدد من المسؤولين على مستوى المحافظات والمديريات. غير أن حزب المؤتمر الشعبي العام بقي إلى حدّ كبير خاضعاً لسطوة صالح، واحتفظ بالسيطرة الفعلية على معظم الإدارة المحلية في اليمن، وخصوصاً على مجالس المديريات المحلية في المرتفعات اليمنية، حيث تهيمن شخصيات عشائرية مؤيدة لصالح هناك.
أثر الحرب على الحكم المحلي
إثر سيطرة حركة الحوثيين عسكرياً على صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014، تراجعت بشدّة قدرة المجالس المحلية على الإدارة وتوفير الخدمات، حيث بدأت تنهار مصادر تمويلها بالتزامن مع انهيار الاقتصاد بشكل عام. تضاعف حجم الأزمة بشكل هائل بعد بدء التدخل العسكري الذي قادته السعودية في آذار 2015. شهدت المجالس المحلية في صنعاء وتعز، مثلاً، اختلاس الحوثيين لمواردها المالية لاستثمارها في مجهودهم الحربي. إلا أن المجلس المحلي لأمانة العاصمة، بخلاف معظم المناطق التي تقع تحت السيطرة الحوثية، ما يزال يعقد اجتماعاته وما يزال قادراً على الإشراف والإدارة داخل المدينة، وإن بدرجة أقل. أما خارج العاصمة فمعظم سلطات المجالس المحلية ضمن مجال السيطرة الحوثية محدودة القدرة على اتخاذ القرارات، نظراً لنزع جماعة الحوثي استقلالية هذه المجالس عبر تعيينها مشرفين تابعين لها في المديريات. ورغم عمل هؤلاء المشرفين شكليا ضمن إطار مجالس المديريات المحلية، إلا أنهم بالممارسة يمثلون هيكلية حكم موازية. الملحوظ في المقابل، أن هؤلاء الذين عيّنهم الحوثيون بالعموم لم يستخدموا سلطتهم للقيام بتغييرات جوهرية في أداء المجالس المحلية، بل سمحوا للبيرقراطية والموظفين السابقين بالاستمرار في واجباتهم مع حدّ أدنى من التدخّل، وإن كان ذلك ضمن بيئة مالية وأمنية أقل شفافية
في مدينة/محافظة عدن ، حيث تم دحر قوات الحوثيين, استعادت حكومة هادي المعترف بها دولياً درجة من السيطرة،وتمكّنت المجالس المحلية من استعادة بعض مسؤولياتها السابقة. من المهم التذكير بأن مجالس المديريات المحلية هذه واصلت التنسيق عبر مجلس المحافظة المحلي، وواصلت توريد إيراداتها المالية إلى صنعاء ومن ثمّ تلقّي التمويل من الحكومة المركزية، رغم أن الدخل والتمويل الآن محدودين تماماً وبالكاد يغطّيان رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، فيجري تأمين موارد إضافية للمجالس المحلية عبر الدول الأعضاء في التحالف الدولي الداعم لهادي، وهي موارد لا تذهب إلى صنعاء، رغم أن المساعدات الأجنبية وبالأخص مساعدات الحكومة الإماراتية تجنّبت بشكل نهائي تقريباً أي إنفاق نقدي، وركّزت بدل ذلك على البنية التحتية وإعادة التنمية، كتقديم مولّدات الكهرباء وإعادة بناء مكاتب الحكومة[3].
الأمن وتقديم الخدمات
في العديد من المناطق التي تسمّى «محرّرة»، واجهت المجالس المحلية عراقيل متنوّعة. ما تزال العديد من ميليشيات المقاومة المناوئة للحوثيين تملك مَوطِئ قدم في المحافظة وترفض التخلّي عن سلطاتها لصالح المؤسسات المدنية. هناك أيضاً تحدّيات ذات طابع أمني نتجت عن انتشار السلاح وعن سطوة الجماعات المتطرّفة، ولعلّ أبرز هذه التحديات الأمنية كان استهداف ’تنظيم القاعدة في جزيرة العرب‘ والفرع اليمني لتنظيم ’الدولة الإسلامية‘ للعاملين في السلك الأمني وأعضاء المجالس المحلية. في كانون الأول 2015 اغتال الجهاديون محافظ عدن الأسبق، جعفر محمد سعيد، كما استهدفوا عدّة مرّات المحافظ الحالي وأيضاً مدير أمن المحافظة. الوضع الأمني عموماً، والتهديدات المباشرة من الجماعات المتطرّفة، جعلت قادة المجالس المحلية عاجزين عن التحرك وعن مراقبة المناطق التي تقع في نطاق مسؤولياتهم.
في الوقت نفسه، سعت المجموعات الجهادية لاستغلال العجز الخدمي بهدف حشد دعم السكان المحليين. في المكلا، حكم “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” المدينة لأكثر من سنة قبل استعادتها في حملة عسكرية قادتها الإمارات،وخلال فترة سيطرته قدّم التنظيم الكهرباء والدواء، وشارك في مشاريع البنى التحتية، بل وتولّى مسؤوليات الإغاثة والاستجابة لكارثة إعصار تشابالا.
الدعم والموارد الحالية للموازنة
أحد التحدّيات الأساسية للمجالس المحلية غياب التمويل العام. منذ بداية 2015 لم تتمّ المصادقة على أية موازنات جديدة. حالياً، وبناءً على تعليمات وزارة المالية، تقوم المحافظات والسلطات المحلية بأعمالها حسب موازنات 2014 وهي آخر موازنة صادق عليها البرلمان اليمني. وقد تم تخفيض الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة المركزية للمجالس المحلية بمقدار النصف في عام 2015، في حين صدر توجيه للمجالس المحلية بالإبقاء فقط على التكاليف التشغيلية الأساسية لأعمالها.
حتى هذا التمويل المخفّض للمجالس المحلية من الحكومة المركزية غير مضمون ويتعطّل دوماً. فمثلاً في مديرية وصاب التي حافظت فعلياً على حيادها خلال الحرب كان المجلس المحلي يحصّل من الدعم المركزي حوالي 150 مليون ريال في السنة؛ اليوم انخفض هذا الدعم إلى ما يتراوح بين 20 و30 مليون ريال[4]. الدخل القادم من المصادر المحلية –كالضرائب والرسوم– والذي كانت يعود على المجالس بما يتراوح بين 50 و100 مليون ريال سنوياً، انخفض بحوالي 70% بسبب الانهيارات الاقتصادية التي رافقت الحرب[5]. أما مجلس مديرية التواهي المحلي، في محافظة عدن، فقد كان يحصّل دعماً سنوياً من الحكومة المركزية يصل إلى 360 مليون ريال؛ ثم توقف هذا الدعم كلياً ابتداءً من آذار 2015[6]. تلاشت تماماً العائدات التي كان يتم جمعها محلياً من السكان والشركات ضمن المديرية، ما ترك مصدر التمويل الوحيد بالنسبة لمجلس التواهي المحلّي الـ120 مليون ريال التي تمكّن مجلس محافظة عدن المحلّي من تزويده بها. في المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، مثل حضرموت ومأرب وشبوة، أجبر الوضع الأمني شركات النفط والغاز الدولية على وقف الإنتاج، وترافق مع ذلك انهيار الأشكال غير المباشرة للدعم المالي.
هذا النوع من الخسارة الهائلة للتمويل كان سيشلّ قدرة الحكومة على تأمين الخدمات حتى في حالة السلم. وفي ضوء النزاع الجاري وانهيار القطاع الخاص، وما نجم عن ذلك من كارثة إنسانية ودمار في البنية التحتية، أصبحت بنى الحكم المحلي في شتّى أنحاء البلاد عاجزة عن توفير أبسط الخدمات الأساسية، في الوقت الذي أصبح فيه اليمنيون خصوصاً في المناطق النائية أكثر عوزاً من أي وقت سابق.
التورّط في الأعمال الحربية
لعبت المجالس المحليّة أدواراً مختلفة في النزاع. من الناحية الإيجابية، ساعدت بعضها في تخفيف آثار الحرب. ففي محافظة إب، الواقعة وسط البلاد وفي القلب الجغرافي الفعّال للنزاع الدائر، استطاعت المجالس المحليّة التوسّط في إنجاح عدد كبير من الهدن المحليّة، وفي تسهيل حركة السلع الأساسيّة والمؤن الإنسانية عبر خطوط الجبهات، كما نسّقت عمليّات تبادل أسرى، بالإضافة إلى اتفاقات عديدة أخرى بين الأطراف المتحاربة. قادة مجالس محليّة كهؤلاء، ممن تمكّنوا من الحفاظ على حيادهم وعلى علاقاتهم الجيدة مع المجموعات المحلية على الطَرَفين، سيلعبون دوراً محوريّاً في مصالحات ما بعد النزاع. معرفتهم و إلمامهم بالتعقيدات الاجتماعية في مناطقهم هي أيضاً خبرة تفتقر إليها السلطات المركزية.
وفي عدّة حالات لعبت المجالس المحلية أدواراً مفصلية في حسم بعض المعارك لصالح هذا الطرف أو ذاك. فبينما لعبت المجالس المحلية في حضرموت دوراً هاماً في تحرير المناطق الخاضعة لتنظيم ’القاعدة في جزيرة العرب‘، والذي تحكّم بمركز المحافظة لأكثر من سنة، انجرّت المجالس المحلية وانجرّ أعضاؤها في مناطق عديدة أخرى لآثار الحرب والاستقطاب. في عدن مثلاً لعب المجلس المحلّي دوراً محورياً في دحر المقاتلين الحوثيين وفي السماح للقوات الموالية لهادي بالسيطرة على المدينة. وبدأ بعدها هذا المجلس سيرورة تأكيد دوره في الحكم المحلّي. من المثير للاهتمام أن عدداً من المباني الحكومية سلّمتها قوات المقاومة المحلية لمسؤولي المجالس المحلية في عدن، في تأكيد على رغبة بعض المجموعات المسلّحة بالتخلّي عن السلطة لصالح المؤسسات المحلية. في حالات أخرى أدى النزاع إلى انقسام المجلس المحلي على نفسه. في مديرية الحجرية في محافظة تعز، حيث حمل أعضاء المجلس السلاح، انضمّ بعضهم إلى الحوثيين، بينما قاتل البعض الآخر إلى جانب الحكومة المعترف بها دوليّاً.
استطاعت المجالس المحليّة التوسّط في إنجاح عدد كبير من الهدن المحليّة، وفي تسهيل حركة السلع الأساسيّة والمؤن الإنسانية عبر خطوط الجبهات، كما نسّقت عمليّات تبادل أسرى، بالإضافة إلى اتفاقات عديدة أخرى بين الأطراف المتحاربة.
الاستجابة للكارثة الإنسانية
حجم الكارثة الإنسانية في اليمن فاجع. جاء في تقرير للأمم المتحدة في حزيران 2016 أن «أكثر من 13 مليون يمني بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة»، هذا إضافة إلى فرار أكثر من 3 ملايين من منازلهم ليصبحوا نازحين داخليين[7]. فداحة المعاناة الإنسانية فاقت بكثير قدرة السلطات المحليّة على التعامل معها لوحدها. برز بين التحدّيات الجدية الأخرى انقطاع الكهرباء في عموم اليمن. محطة كهرباء مأرب الغازية، والتي تغذّي الشبكة الوطنيّة، بدأت تعجز منذ 2014 إلى أن انهارت كلياً في 2015. بالإضافة إلى أن النقص المتمادي في الوقود الذي عطّل عمل المولدات, أعاق نقص الوقود أيضاً شبكات المواصلات وقاد إلى عجز عام عن ضخ أو نقل المياه، ما أدى إلى جفاف المحاصيل الزراعية في أماكن مختلفة، وإلى نقص كارثي في التحكم بالنفايات العامة والصرف الصحي، وإلى زيادة الاضطرابات الصحية العامة.
في الوقت الحالي ٫ فأن “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا) واليونيسف هما المنظمّتان اللتان تقودان الاستجابة الإنسانيّة الدوليّة الأوسع في اليمن والتي تضمّنت تقديم المساعدات بشكل مباشر للنازحين الداخليين، وفي أوقات أخرى عبر مجالس محلية. بخصوص كيفيّة تدخّل الأمم المتحدّة بعد خسارة المجالس المحليّة قدرتها على توفير الخدمات العامة للسكّان المحليّين، هناك مثال جيد في نيسان من العام الجاري، عندما استعاد 2.1 مليون شخص سبيلهم إلى مصدر مائي يعوّل عليه بعد تزويد شركات المياه المحلّيّة في ثمان محافظات بالوقود: (صنعاء، الحديدة، عمران، حجّة، صعدة، أبين، لحج، مأرب). وفي مثال آخر دعمت اليونيسف منشأة لمعالجة مياه الصرف الصحي في العاصمة، ما أفاد 1.4 مليون شخص، بالتزامن مع تزويد مولّدات الطاقة في عدد من المشافي الحكومية الكبرى بالوقود، ومن ثَم التأكد من استمرارها في تقديم خدمات الرعاية الطبية[8]. تمّ كل ذلك بالتنسيق مع المجالس المحلية، وهو الإجراء الذي سهّل إيصال المساعدات وخفّف درجة المعاناة الإنسانية، كما ساعد على استدامة القدرات الوظيفية والشرعية العامة التي تحظى بها المجالس المحلية باعتبارها المقدّم الرئيسي للخدمات في البلاد. وحتى عندما حاولت المنظمات الأجنبية تقديم المساعدات بشكل مستقل عن المجالس المحلية، لزم لنجاح ذلك حدّ أدنى من التنسيق مع المجالس المحلية.
النظر قُدُماً
دور متوقّع في الفدراليّة
يتوقع أن تكون الإدارة المحلية والمجالس المحليّة مكوِّناً رئيسياً في أية تسوية للنزاع اليمني الحالي سيتم التفاوض بشأنها. كما يشيع التكهّن بأن أي حل لإنهاء الأعمال العدائية سيتضمّن شكلاً من أشكال فدرلة الجمهورية. وحتى مع بقاء شكل وحيثيات النظام الفدرالي حالياً غامضة بشكل عام، إلا أن بإمكاننا أن نتوقّع أن التنظيم الفدرالي الجديد لن يلغي البنى الحالية للمجالس المحليّة، بل سيطوّرها وسَيَزيد من صلاحياتها على حساب سلطة الحكومة المركزيّة. ما يرجّح ذلك أنه، خلال مؤتمر الحوار الوطني بين كبار سماسرة السلطة السياسية في اليمن، والذي جرى بين آذار/ مارس 2013 وكانون الثاني / يناير 2014 (قُبَيل اندلاع كبرى الأعمال العدائية)، وصلت النقاشات التمهيدية المتعلقة بالفدرالية إلى الإجماع العام على أن وحَداتٍ أصغر من الأقاليم الفدرالية ستلعب دوراً في صناعة القرار سيكون أكبر من دور الأقاليم الفدرالية نفسها التي تنتمي تلك الوحدات إليها، وأكبر من دور الحكومة المركزيّة.
كذلك بإمكاننا أن نتوقّع أنّ الحدود الدقيقة، والتقسيمات الإدارية للمجالس المحليّة في المناطق الحدودية الفاصلة بين مختلف الأقاليم، ستبقى مسألة مثيرة للنزاع في المفاوضات. لطالما اتَّهمت مكونات جنوب اليمن الحكومة المركزيّة في صنعاء بتقسيم مديريات المحافظة بطريقة تقلب ميزان القوى لصالح الشمال، وتميّع الهوية الجنوبيّة لمناطق تعتبر جزءاً من الجنوب منذ أمد بعيد.
إذا سُمح بفشل وانحلال المجالس المحلية في اليمن نهائياً فلن يكون هناك أي حكم رسمي في معظم أرجاء البلاد؛ سينتهي وجود اليمن عملياً كدول..
الدور الدولي
حتى بعد وصول المفاوضات إلى تسوية بين الأطراف المتحاربة الرئيسية في اليمن، تبقى التحدّيات التي تواجه السلام هائلة. الاستقطاب السياسي غذّى انقسامات مناطقية وطائفيّة غير مسبوقة، وتآكل الدولة خلّف فراغاً أمنياً نَفَذَت من خلاله مجموعات مثل ’القاعدة‘ و’الدولة الإسلامية‘ وأسّست لنفسها موطئ قدم غير مسبوق، في وقت يفرض فيه الميليشويون من سماسرة السلطة الجُدُد صلاحياتهم بقوة السلاح. تستطيع مجموعات كهذه استثمار معدّل البطالة العالي وغياب شبكات دعم اجتماعي فعّالة ومدعومة حكومياً، وذلك بهدف التجنيد وزيادة التطرّف. كل ذلك، إذا أضفناه إلى التراجع الهائل للموارد الماليّة، ما يزال يشلّ قدرة المجالس المحليّة على القيام بوظيفتها الرئيسية، كمقدّم للخدمات العامّة الأساسية أو كمستجيب للكارثة الإنسانية المتفاقمة التي أنتجتها الحرب والتي تتضخّم بشكل يومي.
لذا من الحيوي أن يكون التدخل الإنساني للمجتمع الدولي في اليمن مفصّلاً لتمكين المجالس المحليّة من تقديم الخدمات العامة الأساسية لليمنيّين واليمنيّات، إلى أن يَحين الوقت الذي تتمكّن فيه هذه المجالس من العودة لأشكال مستدامة من التمويل المحلّي. على هذا التدخّل أن يأخذ بعين الاعتبار الحاجة إلى آليات شفافية ومحاسبة، وأن يكفل عدم تسييس المساعدات بشكل مفرط لصالح أي طرف من أطراف الحرب الأهلية.
في سوريا دعم المانحون الدوليون تدخّلات مشابهة، مثل برنامج ’تمكين‘ الذي تدعمه المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي يموّل تقديم الخدمات الأساسية ويقدّم مساعدات تقنية للمجالس المحلية كوسيلة لتعزيز الاستقرار والحكم الرشيد والتحضير لتسوية سلمية طويلة الأمد. أدت النتائج إلى تقديم خدمات مائية وكهربائية أفضل لآلاف السوريين، بالإضافة لخدمات الرعاية الصحية والتعليم.
إنّ تنسيق المجتمع الدولي مع المجالس المحليّة، وتمرير الدعم عن طريقها، سيؤدي إلى مجموعة من النتائج الإيجابية، من رفعٍ للمعاناة عبر حلول مقدّمة محلياً، إلى استهلال دورة الاقتصاد بما يمكّن الأسواق الأساسية من العمل، وأهم من ذلك الحفاظ على البنى المؤسسية التي لعلّها صاحبة الدور الأهمّ في مرحلة المصالحة وإعادة الإعمار بعد النزاع، حين يتم التوصّل إلى تسوية أخيراً.
إن اليمن يتشظّى نتيجةً للنزاع الحالي. وأياً تكن التسوية التي ستنتهي إليها المفاوضات ، نظراً لاستبعاد أي نصر عسكري حاسم لصالح أي طرف ، تبقى قدرة المجالس المحلية على النجاة من هذا النزاع، وعلى المساعدة في تطبيق الاتفاق، وعلى تقديم الخدمات العامة الأساسية، مسألة مصيرية لاستقرار الدولة اليمنية مستقبلاً. إذا سُمح بفشل وانحلال المجالس المحلية في اليمن نهائياً فلن يكون هناك أي حكم رسمي في معظم أرجاء البلاد؛ سينتهي وجود اليمن عملياً كدولة، وستكون النتيجة غالباً أن ما تواجهه البلاد اليوم من فواجع هو لا شيء بالمقارنة مع ما قد يتفجّر غداً.
عن مركز صنعاء:
مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية هو مركز أبحاث مستقل يسعى إلى إحداث فارق عبر الإنتاج المعرفي، مع تركيز خاص على اليمن والإقليم المجاور. تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.
* يشكر المؤلفون فارع المسلمي على ملاحظاته و أفكاره القيمة طيلة فترة البحث و صياغة هذا التقرير.
هوامش
[1] كان ’الصندوق الاجتماعي للتنمية‘ مثالاً نادراً لبرنامج تنمية ناجح يقوم بمشاريع عبر اليمن بشكل منفصل عن هذه المكاتب المحلية. استقلالية ’الصندوق الاجتماعي للتنمية‘ عن إجراءات الحكومة المركزية، وأحياناً شراكته مع السكان المحليين، ساعدت في دعم خدماته – رغم أن هذا أيضاً كان يتم بشكل مستقل عن المجالس المحلية.
[2] للمزيد، انظر (بالإنكليزية) «اقتصاد اليمن: النفط والواردات والنخب».
[3] مقابلة مع مسؤول محلي في الحكومة، عدن، تموز 2016.
[4] رغم الاضطراب السياسي الطويل والصراع المسلّح، نجح بنك اليمن المركزي حتى مؤخراً في الحفاظ على استقرار سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي، دون انحراف معتبر لسعر الصرف الرسمي عن سعر الصرف في السوق السوداء. وهكذا فمن تمويل الحكومة المركزية كانت مديرية وصاب تستلم 150 مليون ريال، أي ما كان يعادل حوالي 700,000$؛ لكن نظراً لانخفاض قيمة الريال في ربيع 2016 فإن تمويل الحكومة المركزية لوصاب انخفض بشكل هائل من ناحية القيمة الحقيقية للعملة، حيث يعادل 20-30 مليون ريال حوالي 80,000-120,000$ اليوم.
[5] مقابلة مع مسؤول محلي في الحكومة، وصاب، تموز 2016.
[6] مقابلة مع مسؤول محلي في الحكومة، التواهي، تموز 2016.
[7] حسب تقرير عن اليمن أعدّته منظمة ’التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي‘ ونشرته في 14 حزيران 2016، «النزاع المتنامي، وتقييد وتعطّل الواردات التجارية والإنسانية، والنزوح الداخلي، وخسارات الدخل ومصادر العيش، وندرة وغلاء أسعار الوقود، وتعطّل نظام السوق وغلاء أسعار الغذاء وسائر السلع الأساسية، وتمزّق شبكات الحماية وبرامج العمل التي كانت تغطّي توظيف مليونين ونصف المليون، كل ذلك ساهم في انعدام واسع في الأمن الغذائي وفي سوء التغذية. لقد أضرّ النزاع البنية التحتية العامة والخاصة؛ وزعزع استقرار نظام السوق والأسعار؛ وأثّر سلباً على فرص العمل والدخل، كما دمّر مصادر العيش وعرّض ملايين الريفيين والحضريين للفقر المدقع ولانعدام الأمن الغذائي. حوالي 51% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي ومن سوء التغذية».
[8] كان بينها المستشفى الجمهوري في صنعاء ومستشفى الثورة ومستشفى السبعين للأمومة والطفولة.