إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

اليمن في الأمم المتحدة – نشرة أكتوبر 2016

Read this in English

نشرة أكتوبر 2016

في أكتوبر 2016، أدى استخدام قوات الحوثي للصواريخ المضادة للسفن ضد سفن في مضيق باب المندب إلى تدخل محدود ولكن مباشر للبحرية الأمريكية في الصراع اليمني.

الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والتي استهدفت مجلس عزاء في صنعاء تسببت بخسائر ضخمة وجلبت إدانة دولية واسعة. ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في معارضة إجراء تحقيق دولي في جرائم الحرب في اليمن، كما أعيد انتخاب السعودية لفترة ثانية في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

في الوقت نفسه، قدم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة خطته الجديدة للسلام. وبينما رُفضت في البداية من قبل طرفي الصراع اليمنيين، بدت وكأنها اكتسبت زخما جديدا في نهاية الشهر وبداية شهر نوفمبر مع ارتفاع نسبة الإجماع الدولي حول الخطة والزخم الأمريكي الجديد لإنهاء الصراع قبل أن يترك الرئيس الأمريكي باراك أوباما منصبه في يناير 2017.

تصاعد التوتر في المياه اليمنية

في 1 أكتوبر، أطلقت قوات الحوثيين بالسواحل الغربية صاروخا على سفينة في مضيق باب المندب وادعت أنها دمرت سفينة نقل عسكرية تابعة للإمارات العربية المتحدة. صرحت دولة الإمارات العربية المتحدة أن السفينة كانت سفينة إنسانية مع عدم وجود أي قوة عسكرية عليها ووصفت الحادثة بـ”العمل الإرهابي”. وفي الـ 4 من أكتوبر، أصدر مجلس الأمن الدولي بيانا صحفيا يدين الهجوم، في حين أرسلت الولايات المتحدة عدة سفن حربية إلى المنطقة.

في الأسبوع التالي، أطلقت صواريخ في حوادث متعددة من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثي استهدفت (دون أن تصيب الهدف) مدمرة تابعة للولايات المتحدة. ويوم 12 أكتوبر، دمرت صواريخ كروز الأمريكية ثلاثة مواقع رادارات على الساحل الذي يستخدم من قبل الحوثيين، وأبلغت واشنطن مجلس الأمن عن هذه الضربات الانتقامية بعد ثلاثة أيام.

على الرغم من أن حادثة مماثلة بين البحرية الأمريكية وقوات الحوثيين وقعت في وقت لاحق من الأسبوع نفسه، فقد قال مسؤولون كبار في الإدارة خلال مؤتمر صحفي خاص، أن المزيد من تدخل الولايات المتحدة في الصراع غير محتمل. ويوم 25 أكتوبر، حدث إطلاق فاشل على ناقلة غاز قبالة سواحل اليمن من قبل (مجهولين).

أدلة أخرى على جرائم حرب

في 8 أكتوبر، أصابت غارة جوية لتحالف السعودية مجلس عزاء مزدحم في صنعاء، ما أسفر عن مقتل أكثر من 150 شخص وجرح أكثر من 500 آخرين. كان في العزاء عدد من العسكريين على مستوى عال وقادة سياسيين، فضلا عن شخصيات بارزة غير منحازة لأي طرف في الحرب. كان أبرز القتلى مسؤولين من لجنة التهدئة التي شٌكلت من قبل الأمم المتحدة، فضلا عن قائد قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري اليمني سابقا) علي الجائفي الذي يمتلك حضورا عال ويعتبر عسكري غير منحاز يحظى بقبول من الطرفين، وكان من المتوقع أن يلعب دورا هاما في أي حكومة في مرحلة ما بعد الصراع. كما قُتل أيضاً أمين العاصمة صنعاء عبد القادر هلال في الهجوم.

حجم و مكان الغارة الجوية – وفضلا عن أن الضربة الثانية على المسعفين أتت بعد دقائق في وقت لاحق – تلقت إدانة فورية من مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة المحلية والدولية. اعترف التحالف بقيادة السعودية بسرعة أنه استهدف موقع العزاء بالخطأ في بيان علني وأشار إلى أنه سيجري تحقيقا في الحادث.

ولكن ولاحقا نهاية أكتوبر قام التحالف بضربات جوية على مجمع سكني في مدينة تعز قتل فيه 18 مدنيا، وعقب ذلك بساعات استهدفت الغارات الجوية سجونا تحت ادارة الحوثيين في مدينة الحديدة، وقتل فيها عشرات من السجناء والحراس، بعضهم كانوا مسجونين بسبب أنشطتهم المعارضة للحوثيين.

جدد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فورا دعوته لإجراء تحقيق دولي في جرائم الحرب المحتملة من قبل جميع أطراف الصراع في اليمن. كما أدانت مجموعة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أيضا الهجمات. ومع ذلك، واصلت كل من تلك الدول معارضة إجراء تحقيق دولي.

الأهم، في 28 أكتوبر، أعيد انتخاب المملكة العربية السعودية لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الهيئة البارزة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. خلال ولايتها السابقة، قامت المملكة العربية السعودية والدول الحليفة، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، باستخدام مركزها في المجلس مرارا وتكرارا لمنع محاولات إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة لحقوق الإنسان للنظر في تداعيات جرائم الحرب في اليمن.

التوترات في مجلس الأمن للأمم المتحدة

فشلت المملكة المتحدة -القائمة على صياغة المسودة الأولى للنصوص المتعلقة بملف اليمن في مجلس الأمن- بتمرير مشروع قرار في الشهر الماضي بشأن وقف الأعمال العدائية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وقال الممثل الروسي في حديثه إلى مجلس الأمن في 31 أكتوبر، (مشيرا إلى بيان صحفي الذي صاغته المملكة المتحدة) أن البيان كان “شديد العمومية” في كيفية حديثه عن الغارة الجوية التي استهدفت مجمع العزاء في صنعاء: “لم يذكر من الذي شن الضربة، على الرغم من أن التحالف قد أقر بالفعل بالمسؤولية. ولم يتضمن دعوة إلى إجراء تحقيق من أجل معاقبة المسؤولين عنها. ولم نكن في وضع يسمح لنا بتأييد هذا المشروع، حيث أنه نظرا للفظائع المرتكبة، فإن هذا النص عديم الفعالية كان من شأنه أن يكون إهانة لليمنيين”.

وشككت روسيا، التي ترأست الجلسة، في حيادية المملكة المتحدة باعتبارها القائم على صياغة المسودة الأولى للنصوص المتعلقة بملف اليمن في المجلس – بتقديم لندن الدعم لقوات التحالف التي تقودها السعودية من خلال مبيعات الأسلحة التي تصل إلى مليارات الدولارات – ودعت إلى إعادة النظر في تفويض مهام صياغة المسودة الأولى للنصوص المتعلقة باليمن إلى دولة أخرى من الدول التي سوف تنضم لعضوية المجلس ابتداء من 2017.

خطة سلام جديدة للأمم المتحدة

عقد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد الشهر الماضي عدة لقاءات بشكل منفصل مع ممثلين عن الأطراف المتحاربة الرئيسية في اليمن – المكونة من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا والمقيمة في المنفى من جهة، وحركة الحوثيين والقوات المتحالفة معها التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى. عقدت هذه الاجتماعات في الرياض وصنعاء، على التوالي، حيث قدم المبعوث الخاص للطرفين خارطة الطريق الجديدة لإنهاء الصراع.

أتت هذه الجولة بعد رفض الاقتراح السابق الذي قدمة المبعوث الخاص من قبل الطرفين وأدى إلى انهيار المفاوضات في الكويت في أوائل أغسطس، والذي تبعه ارتفاع حاد وتجدد للعنف في اليمن. تضمنت خطة السلام الجديدة التي عرضها المبعوث الخاص عناصر من الخطة السابقة، وشملت أيضا توصيات جديدة طرحتها “الرباعية” – وهي مجموعة متعددة الأطراف تتألف من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

نصت كل مقترحات السلام على إنشاء لجان عسكرية وأمنية تشرف على الانسحابات وتسليم الأسلحة من قبل الحوثيين والقوات المتحالفة التابعة لصالح من الأراضي التي احتلتها وتسليم السلاح، فضلا عن تشكيل “حكومة وحدة وطنية” مؤقتة – شاملة من جميع الفصائل السياسية الرئيسية في البلاد – والتي ستتكلف بصياغة دستور جديد. ومع ذلك، في حين أن الخطة الأولى التي فشلت في الكويت طلبت أن يلتزم الحوثيون وصالح أولا بالتنازل عن الأراضي وتسليم السلاح قبل أن يتم التفاوض عن مكانهم في الحكومة الجديدة. حددت خطة السلام الجديدة العملية التي ستتخذ الخطوات الأمنية والسياسية بالتزامن.

وخلافا للخطة السابقة، دعا الاقتراح الجديد أيضا إلى تعيين نائب لرئيس الجمهورية جديد يتفق عليه الطرفان، يقوم الرئيس هادي بتفويض صلاحياته له. وفي حال إقراره، فإن هذا سوف يعزل هادي من أي عملية تسوية سياسية في المستقبل، كما أن عرض المبعوث الخاص مثل هذا الاقتراح يدل على إجماع متزايد، داخل وخارج اليمن، على أن قيادة الرئيس هادي ضعيفة، وذات إدارة سيئة وأنه أصبح عقبة أمام تحقيق اتفاق سلام.

وزادت العزلة السياسية لهادي في أعقاب القرار الأحادي الجانب في سبتمبر بنقل مقر البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن (جنوب اليمن) وإقالة محافظ البنك. وقد اتخذ هذا القرار دون تأمين الخبرة المؤسسية، وسجلات المعلومات والاحتياطيات المالية اللازمة لموقع البنك المركزي الجديد ليصبح جاهزا للعمل. وهكذا تركت البلاد بدون بنك مركزي فاعل، وذلك بدوره قد سرع أكثر من انتشار المجاعة وتفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية ، التي كانت أصلا كارثية من قبل في البلاد.

اعتبر قرار هادي على نطاق واسع – من قبل المجتمع المالي الدولي والدبلوماسيين من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة – أنه محاولة للتعويض عن الفشل العسكري للقوات الحكومية، من خلال استخدام الاقتصاد كسلاح بديل. وعلى هذا النحو فقد أدى ذلك إلى أن الكثير في المجتمع الدولي، بما في ذلك بعض من أنصار هادي، اعتبروا إدارته متهورة وقصيرة النظر. ولوحظ أن هناك أيضا قلق دولي متزايد من أن حلفاء هادي وحكومته لديهم الرغبة في تعزيز جنوب البلاد وعزل الشمال، الذي من شأنه أن يمكن الحركة الانفصالية في الجنوب ويهدد استمرارية البلاد كدولة واحدة.

في غضون أيام من تلقي خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة الجديدة، تم رفضها من الجانبين. صرح ولد الشيخ أحمد بهذا الرفض في الإحاطة التي قدمها إلى مجلس الأمن في 31 أكتوبر، معتبرا أن “هذا دليل على عجز النخبة السياسية في اليمن عن تجاوز خلافاتها وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية”.

أيضا كان من المتحدثين في مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ. لفت أوبراين الانتباه إلى الوضع الإنساني المتدهور بسرعة، مشيرا إلى أن “اليمن على بعد خطوة واحدة من المجاعة”. وحث على إصلاح ميناء الحديدة، والذي دمر إلى حد كبير من الضربات الجوية للتحالف في أغسطس 2015، والذي من خلاله يمكن تسهيل إيصال الإمدادات الإنسانية. كما طلب من إدارة هادي والتحالف الذي تقوده السعودية – والتي تسيطر على المجال الجوي فوق اليمن – إعادة فتح المطار في صنعاء أمام الرحلات المدنية مرة أخرى، الأمر الذي سيساعد “المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية غير متوفرة في اليمن اليوم” و “الطلاب الذين يحتاجون لمتابعة دراساتهم في الخارج”.

تجديد الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع

وعلى الرغم من النكسات في أكتوبر، لازال هناك أمل في خطة السلام الجديدة المطروحة من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة. ذلك أنه يبدو أن هناك اتفاق دولي أكبر على تفاصيل الخطة عما ظهر سابقا. وفي حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة دعمت كل خطط السلام المقدمة في السابق، لوحظ تطورا هاما في أوائل نوفمبر تشرين الثاني عندما أبدت السعودية تأييدها للخطة الجديدة في الاجتماعات المغلقة. كما أن المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أيضا وافقتا على التعاون في الضغط على الأطراف المتصارعة في اليمن لقبول خطة السلام، وهذا مع أن صالح والحوثيين بعد رفضهم للخطة في البداية، قاموا بالتعبير عن دعم محدود لإطارها.

ظهر تقدم كبير في منتصف نوفمبر تشرين الثاني عندما أعلن وزير الخارجية الأميركية جون كيري أن الحوثيين وقوات التحالف التي تقوده السعودي قد وافقوا على وقف إطلاق النار والتوافق على إطار لاستئناف مفاوضات السلام. تتجاوز هذه الخطوة اعتراضات هادي كما تبدو انها دفعة جديدة من واشنطن لتسوية النزاع قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما منصبه في يناير كانون الثاني 2017.

نبذة مختصرة:

  • تلقى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) حتى من 31 أكتوبر 2016 51٪ فقط من أصل 1.63 بليون دولار يحتاجها اليمن من أجل خطة الاستجابة الإنسانية لها لعام 2016.
  • في شهر أكتوبر، قامت آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش المخصصة لليمن – UN Verification and Inspection Mechanism for Yemen – التي أنشأت في شهر مايو 2016 من أجل الإسراع من تدفق السلع الغذائية إلى اليمن في ظل حصار التحالف الذي تقوده السعودية، بتلقي 31 طلب منح تصاريح دخول سفن الى اليمن. منحت الآلية ستة وأربعين شهادات تصريح وكان متوسط الوقت لإصدار التصريح 43 ساعة. وعبرها تم تفريغ مجموعه 770،417 طن (mt) من البضائع في أكتوبر تشرين الأول، تتكون من 346،404 طن (mt) من الأغذية، 82،804 طن (mt) من الوقود و341،209 طن (mt) من البضائع العامة.

اليمن في الأمم المتحدة: هي نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لتحديد وتقييم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن. تهدف “اليمن في الأمم المتحدة” إلى تزويد القارئ بفهم للسياق السياسي الدولي الذي يرافق التطورات على أرض الواقع في اليمن.

مشاركة