إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

الأرض للأقوى: انتهاكات حقوق ملكية الأراضي والممتلكات في عدن

Read this in English

ملخص تنفيذي

تمثل النزاعات على الأراضي والممتلكات عقبة جدّية أمام تحقيق السلام، حيث قوضت سنوات من النزاع المسلح أسس الحماية القانونية وأفسحت المجال لممارسات غير قانونية كمُصادرة الأراضي والممتلكات وإعادة توزيعها. يُعزز غياب الحماية شعور السكان بانعدام الأمن – سواء داخل منازلهم أو أحيائهم – ويهيئ مناخ موات لأطراف أخرى للاستقواء في ظل غياب الرقابة، وبهذا تفاقمت انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات نتيجة غياب النظام داخل المدن اليمنية.

لمدينة عدن تاريخ معقد من التحولات السياسية التي مست بشكل مباشر نمط حقوق الملكية الخاصة والعامة. تحظى المدينة بموقع استراتيجي بين البحر الأحمر وخليج عدن – الذي سمي نسبة إليها – وبنية تحتية حضرية ساهمت فيما مضى في زيادة أسعار العقارات فيها. وعلى مدار التاريخ المعاصر، لم يكن التوسع الحضري في عدن مرهونا بقوانين العرض والطلب ولا بمخططات التنمية الحضرية، بل كان في الغالب يرتهن الى توجهات السلطة السياسية الحاكمة والى اعتباراتها الامنية والعسكرية، وفي بعض الأحيان كان التوسع الحضري في عدن ملازما لحالة الفوضى وغياب النظام، وذلك بالتحديد في أعقاب الحروب التي شهدتها المدينة على مدار نصف قرن. وقد راكم هذا تركة معقدة من مشكلات الإسكان والأراضي وحقوق الملكية.

تحلل هذه الورقة التحولات في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات في مدينة عدن مروراً بأربعة مراحل من تغيّر نظام الحُكم، وما صاحب ذلك من انتهاكات. المرحلة الاولى، تحوّل عدن من محمية بريطانية إلى عاصمة دولة اشتراكية وما تبع ذلك من هندسة اجتماعية واقتصادية كان أهم مَلمح لها هو تأميم المنازل والشركات ومنشآت القطاع الخاص بما في ذلك البنوك والمزارع الخاصة. المرحلة الثانية، توحيد شطري اليمن والتي شهدت هندسة عكسية لنمط الملكية قام فيها الرئيس علي عبدالله صالح بتوزيع أراضي الدولة كأداة لكسب الولاء السياسي بحيث أصبحت الخصخصة آلية العمل المتبعة لهذا الغرض. المرحلة الثالثة شهدت اندلاع انتفاضة الربيع العربي في اليمن عام 2011 وسقوط نظام حُكم صالح، وتجدّد المساعي لاعادة فتح ملف الانتهاكات السابقة. أما المرحلة الرابعة والاخيرة فهي اندلاع الحرب في العام 2015 وما أعقبها من دورة انتهاكات تجاه الملكية الخاصة والعامة.

تسلط الورقة الضوء على ممارسات الاستيلاء على الأراضي في كل مرحلة من المراحل المشار إليها أعلاه – سواء باستخدام القوة والعنف أو عبر استغلال النفوذ أو بقرار حكومي أو بسبب حالة الفوضى المستشرية. كما توضح دور الحكومات المتعاقبة والجهات الفاعلة في تهيئة بيئة مواتية لممارسة هذه الانتهاكات وإعاقة تحقيق المساءلة وجبر الضرر وتعويض المتضررين.

مقدمة

مع طرد قوات الحوثيين من عدن في يوليو/ تموز 2015، عمّت حالة الفوضى المدينة نتيجة تعمّق الخلافات بين الجهات الفاعلة المسلحة الحكومية وغير الحكومية المتنافسة على السلطة والنفوذ السياسي. تمثلت احدى تداعيات هذا الوضع في انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات، ومثلت امتدادا لما مورس في عدن على مدار عقود من انتهاكات ممنهجة من قبل النخب السياسية في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات بهدف فرض واقع جديد وبسط السيطرة على الأرض.

تعد مدينة عدن فقيرة بالموارد الطبيعية أو القدرة على الإنتاج المحلي، إلا أنها استفادت من مينائها في جذب الموارد إلى المدينة منذ العصور الوسطى.[1] برزت المدينة بعد عام 1839 كمركز تجاري مُهم للإمبراطورية البريطانية بسبب موقع مينائها الاستراتيجي والذي كان يخدم المصالح التجارية والاقتصادية للإمبراطورية مع الهند تحديداً.[2] ازدادت أهمية عدن بالنسبة للإمبراطورية البريطانية مع افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث منحت الإمبراطورية القدرة على التحكم بحركة الملاحة عبر البحر الأحمر.[3] مع إعلان النشاط التجاري الحر في ميناء عدن في عام 1850،[4] تم إعفاء البضائع من الضرائب والرسوم الجمركية الأمر الذي استقطب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية وساعد على تأسيس إمبراطوريات تجارية فيها،[5] وهذا بدوره ساهم في تطوير البنية التحتية للمدينة ونموها الحضري المتسارع وزيادة الهجرة الداخلية إليها (من باقي مناطق اليمن) وارتفاع أسعار العقارات فيها.[6]

في مرحلة لاحقة، بعد انتهاء الحكم الاستعماري البريطاني عام 1967، أُتُّخذت سلسلة من السياسات الرسمية خلال المراحل التحوّلية والانتقالية في اليمن أدت إلى مصادرة الممتلكات العامة والخاصة على نطاق واسع.[7] لم تبذل الحكومات المتعاقبة – سواء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو الجمهورية اليمنية (الموحدة) – جهودا ملموسة للتعامل مع المظالم التاريخية المرتبطة بانتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات أو لفرض آليات صارمة تُحقق المساءلة أو تُعوض المتضررين – مما شكل سابقة لاستمرار هذه الانتهاكات حتى يومنا هذا مع تنافس الخصوم من جماعات وأفراد على السلطة في عدن.

تسلط هذه الورقة الضوء على النُهُج التي اعتمدتها السلطات الحاكمة في إدارة ملف الأراضي والممتلكات العامة والخاصة، والتعامل مع انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات خلال مراحل هامة من تاريخ عدن المعاصر. تستند الورقة الى مراجعة نقدية لدراسات أكاديمية، وأخبار محلية، وتشريعات حكومية، ومسوحات وطنية، وتقارير صادرة عن منظمات حكومية وغير حكومية، من أجل التعمّق في تاريخ الانتهاكات الممارسة في حقوق الممتلكات في عدن وتأثير ذلك على سكانها. أُجريت مقابلات شخصية[8] واستطلاع رأي إلكتروني داخل محافظة عدن في إطار مبادرة بحثية لتقييم الأضرار التي لحقت بالممتلكات والبنية التحتية في المحافظات الجنوبية عامّة[9] وفي محافظة عدن تحديداً – وهي محور تركيز الورقة بحكم تاريخها الفريد الذي جعلها بيئة مواتية لممارسة انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات.

تبحث الورقة أيضا في الأسباب الكامنة وراء الانتهاكات الممارسة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات على مختلف المستويات: على المستوى الهيكلي كَدور الهيئات واللجان الحكومية، وعلى المستوى القانوني كَالقوانين السارية والثغرات في التشريعات، وعلى المستوى الأمني كَاستغلال النفوذ والقوة العسكرية ميدانياً، وأخيراً على المستوى الاداري كَالممارسات المتبعة في إدارة قضايا الإسكان والأراضي والممتلكات. تتناول الورقة كذلك البُعد المناطقي لانتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات وكيف ساهم إعادة توزيع الأراضي في استفحال الخلافات والتوترات بين اليمنيين من مختلف أرجاء البلاد.

إعادة توزيع الأراضي وتأميمها في عهد الدولة الاشتراكية

تولى التيار اليساري من القيادة العامة للجبهة القومية للتحرير زمام السلطة في عدن عَقب جلاء آخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، وعٌرفت تلك القوى لاحقاً باسم الحزب الاشتراكي اليمني. سرعان ما رسخت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (تحت حكم الحزب الاشتراكي) نفسها باعتبارها الدولة الاشتراكية الوحيدة في العالم العربي، معتمدة بشكل كبير على الدعم المالي والعسكري المقدم من الاتحاد السوفيتي. تغيّرت تماما مفاهيم الملكية العامة والخاصة في عدن مع اعتماد قوانين التأميم خلال الفترة 1968 – 1972، حيث جرى تأميم أراضي ومشاريع زراعية، ومؤسسات متعددة الجنسيات كانت تتخذ من عدن مقرا لها، وبنوك، وقطاعي النقل والاتصالات، ومنشآت تجارية خاصة، ومساكن وعقارات من بين ممتلكات أخرى.

صُودرت أراض ومعدات زراعية ومزارع لتربية المواشي بموجب قانون الإصلاح الزراعي رقم 3 لسنة 1968، وحدّد القانون رقم 27 لسنة 1970 سقفا واضحا لمساحات الأراضي المملوكة للأفراد أو الأسر بحيث صُودرت أي مساحات إضافية تحتاج للريّ وتزيد عن 20 فدانا أو أي مساحات إضافية تعتمد على مياه الأمطار وتزيد عن 40 فدانا.[10] [11] وبموجب القانون الأخير، تم تأميم وإعادة توزيع 126,000 فدان من أراضي تعود لملكية خاصة.[12]

في عام 1972، أُدخلت تعديلات راديكالية على نظام حيازة الأراضي حيث شرّع قانون الإسكان الجديد رقم 32 تأميم جميع العقارات السكنية والتجارية باستثناء المنزل الذي يقطن فيه المالك، مما أدى إلى تجريد أصول طبقة المُلاّك والتجار ورجال الأعمال بشكل عام.[13] أعيد توزيع المساكن المؤممة كمساكن حكومية واستخدام العقارات التجارية لإنشاء مزارع مملوكة للدولة أو مشاريع مشتركة بين القطاعين العام والخاص كَتعاونيات المنتجين ومقدمي الخدمات، فضلا عن إعادة توزيع الموارد المُجمعة (بقرارات حكومية) على الطبقة العاملة بضمان وظائفهم.[14] شملت قوانين التأميم الأخرى البنوك وقطاعات الصناعة والنقل، حيث شرّع القانون رقم 37 لعام 1969 مثلاّ تأميم تسعة بنوك أجنبية، وخمس شركات تجارية، و12 شركة تأمين أجنبية، وسبع شركات لخدمات الموانئ، وخمس شركات نفطية،[15] ووُضعت جميع هذه المؤسسات تحت إشراف اللجان الحكومية. ألغى تأميم الأصول الاقتصادية النشاط التجاري الحُرّ في ميناء عدن محفزاً هجرة جماعية لرؤوس الأموال، لا سيما إلى شمال اليمن ودول الخليج.[16]

من الجدير الإشارة هنا إلى أن مصادرة الأراضي والممتلكات في عدن إبان عهد الحكم الاشتراكي جاء في إطار تنفيذ إصلاحات واسعة وضعت الأساس لسياسات اجتماعية واقتصادية هامة مثل برامج الإسكان المدعومة، وحق حصول الجميع على التعليم، وتحديد حد أدنى للأجور، وفرض رقابة حكومية على الأسعار، والدعم الغذائي، وتوفير الرعاية الصحية المجانية. كما تَعزّز دور المرأة في الحيز السياسي والاجتماعي في مقابل تراجع دور القبائل،[17] وتم دعم نظام الرعاية الاجتماعية الجديد ماليا من قبل الكتلة السوفييتية والمؤسسات المالية الدولية والعربية، وخاصة الكويت.[18] أتاحت هذه السياسات ظروف معيشية مقبولة للمدنيين وساهمت في تقليص الفجوة في مستويات المعيشة بين المناطق الحضرية والريفية، وتوفير السكن وفرص العمل في القطاع العام لمعظم المواطنين.

الانتهاكات التي أعقبت توحيد شطري اليمن واندلاع حرب 1994

انتهى عهد الحكم الاشتراكي في عام 1990 بعد جهود مطوّلة أفضت إلى توحيد الشطرين الشمالي والجنوبي لليمن. وجدت الحكومة الوليدة للجمهورية اليمنية الموحدة نفسها مضطرة لحلّ قضايا ملكية الأراضي والممتلكات التي صودرت في إطار سياسة التأميم، [19] وحرص الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح على البدء في إعادة خصخصة الأراضي والممتلكات المؤممة، مما دفع ملاكها السابقين إلى المطالبة بالاعتراف بحقوقهم ورفع دعاوى إلى الحكومة.[20]

شُكّلت لجنة في عام 1991 للتعامل مع الدعاوى الُمطالبة باسترداد عقارات سكنية صُودرت في محافظة عدن في عهد الحزب الاشتراكي، وقامت اللجنة المعنية بالنظر في آلاف القضايا والوثائق ووافقت نهاية المطاف على تعويض المتضررين بقطع أراضي تُوزع عليهم. ووفقا لمحضر الاجتماع الصادر عن اللجنة الرسمية التابعة للمجلس الرئاسي، تمكن 4,400 فرد من استرداد ممتلكاتهم المؤممة – وهو ما شكل نسبة 22 بالمائة من إجمالي مطالبات التعويض التي تقدم بها المواطنين (والبالغ عددها 19,671) –[21] غير أن عمل اللجنة شابه الغموض مع وجود تناقضات واضحة في حجم التعويضات الممنوحة للمُلاك الأصليين مقارنة بالقيمة الفعلية للمُمتلكات المصادرة منهم،[22] وهنا بدأت الاتهامات تنهال على حكومة صالح بأنها تمنح الأفضلية للمواطنين القادرين على إثبات دعمهم السياسي للنظام على المستوى القبلي والمحلي. غذى هذا بدوره استياء بعض الشرائح الجنوبية ضد حكومة صالح وكذلك التنافس السياسي الحاد بين شريكي الوحدة: الحزب الاشتراكي اليمني وحزب المؤتمر الشعبي العام.

بَرزت الأراضي كملف استقطابي حاد خلال فترة الأزمة التي اعقبت اعلان الوحدة اليمنية، واسهمت بشكل جزئي الى جانب تنامي الشعور بالإحباط والمظلومية والاستلاب في تفجير الصراع السياسي الذي انتهى باشتعال حرب مايو/ أيار 1994، والتي تمكن فيها صالح من الانتصار على خصومه في يوليو/ تموز. عزّزت الحرب الاهلية حاجة جديدة لدى نظام صالح لتعزيز قبضته على الجنوب عبر توزيع الأراضي المملوكة للدولة على الجماعات والأفراد المرتبطين بشبكات مصالح محسوبة على نظامه في شتى أنحاء البلاد وهو ما فاقم الانتهاكات الممارسة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات. تضرر العديد من الجنوبيين من هذه السياسة، لا سيما أولئك الموالين للحزب الاشتراكي اليمني. اضطر عدنيون للنزوح جراء المعارك القتالية واستولى جنود شماليين على منازلهم بل وجلب بعضهم أسرهم ليقطنوا في المساكن الشاغرة.[23] فضلا عن ذلك، تم سحب ممتلكات أفراد من القوات المسلحة (كانت مُنحت لهم من الدولة في مرحلة توحيد شطري اليمن لكنهم اختاروا لاحقا معارضة صالح في حرب 1994) وأعيد توزيعها،[24] الأمر الذي فاقم الطبيعة المعقدة للنزاعات على حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات مع تعزز الشعور بالغُبن لدى مُلاكها الأصليين أو ذُريتهم ممن رأوا أن “أراضيهم” سُلبت منهم ووُهبت كليا أو جزئيا لآخرين.[25]

بعد الحرب، تم تيسير وتسريع إصدار سندات ملكية أراضي في الجنوب لمطوري عقارات من شمال اليمن ممن تربطهم شبكات محسوبية سياسية وعسكرية أو قبلية مع نظام صالح سعيا من الاخير لمكافأتهم.[26] كما تلقى أفراد جنوبيين استفاد منهم نظام صالح تعويضات سخية لقاء ولائهم باعتبار أنهم زودوا النظام بمعلومات عن الأراضي والممتلكات المحلية الممكن مصادرتها. أحد الأمثلة اللافتة للنظر بعد حرب 1994 هو منح عبد ربه منصور هادي (شخصية جنوبية كان يشغل وقتها منصب وزير الدفاع في نظام صالح خلال فترة الحرب وتولى الرئاسة لاحقا) صك ملكية فيلا كانت سابقاً مقراً للسفارة الصينية.[27]

في غضون هذا، وجد الجنوبيون البعيدين عن دائرة النفوذ أنفسهم عالقين في نظام تأجير الأراضي المعتمد خلال الحقبة الاستعمارية البريطانية، والذي بموجبه تحتفظ الدولة بصكوك ملكية الأراضي وتُوزعها على زعماء قبليين بموجب عقود إيجار طويلة الأجل، الأمر الذي يُصعّب المطالبة بحق الملكية الخاصة على هذه الأراضي.[28] عَقّد هذا بدوره نظام الملكية المعتمد في عهد نظام صالح، حيث لجأ الى تعيين زعماء قبليين في مناصب إدارية بحكومته لإدارة الأراضي وشجعهم على وهب أراضي إلى الدولة.[29] وفقا لتقرير صادر عام 2021 عن التحالف الدولي للموئل (شبكة حقوق الأرض والسكن)، أدت هذه الممارسة إلى زيادة النزاعات بشأن الإسكان والأراضي والممتلكات بنسبة تُقدر بنحو 50-80 في المائة.[30]

تنامت حالة الاحتقان أواخر العقد الأول من الالفية الثالثة نتيجة المظالم المتراكمة من انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات، وبدء تنظيم احتجاجات في عدن،[31] ما دفع الرئيس صالح إلى تشكيل لجنة جديدة للنظر في القضايا غير المحسومة.[32] أصدرت اللجنة ما عُرف لاحقا بِتقرير “باصرة-هلال” (نسبة إلى مؤلّفَيه، الدكتور صالح باصرة وعبد القادر هلال)،[33] وكذلك بـ “قائمة الـ 16” كونه حدد 16 شخصا بالإسم من سياسيين وأفراد عاديين وقادة عسكريين وشيوخ قبائل مقربين من صالح باعتبارهم مسؤولين عن معظم عمليات مصادرة الأراضي والمساكن والممتلكات في جنوب اليمن. مُنع تداول محتوى التقرير علناً – حيث قام صالح بحظره رسميا[34] – ولم يجر العمل بتوصياته أو اتخاذ أي تدابير لمتابعة القضايا. إلاً أن وسائل إعلام يمنية حصلت على نسخة مسربة من التقرير، من ضمنها موقع “يمن برس” الإخباري الذي نشر مقالاً عام 2012 أورد فيه بعض التفاصيل من التقرير[35] كَالاستنتاجات التي توصل إليها بشأن ممارسات فساد من قبل النخب السياسية والقبلية الشمالية، شملت انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات في خضم حالة الفوضى التي عمّت بعد حرب 1994. كما حدد التقرير 1357 عقاراً و63 عقار حكومي صودروا في محافظة عدن، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الهكتارات من أراضي زراعية في مناطق ريفية.[36]

تعزّز الاستياء لدى الجنوبيين بسبب تراكمات الماضي وشعورهم بالإقصاء والتهميش السياسي والاقتصادي، حيث انطلق الحراك الجنوبي باحتجاجات أوائل عام 2007 طالب خلالها المتظاهرون باستعادة وظائف القطاع العام – بشقيه المدني والعسكري – بعد تسريح عدد كبير من العاملين في أعقاب حرب 1994.[37] ورُغم أن الحراك الجنوبي أُسّس في المقام الأول نتيجة قضايا مرتبطة بحقوق العمال والمشاركة السياسية والشمول، عززت الانتهاكات المستمرة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات المتروكة دون حلّ من زخمه واستمراريته.[38]

المخطط الرئيسي لمدينة عدن (2005 – 2025)، المصدر: وزارة الأشغال العامة والطرق

الربيع العربي ومساعي حلّ النزاعات بشأن حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات في مرحلة ما بعد نظام صالح

وَجد المواطنون اليمنيون، بما في ذلك في الجنوب، فرصة لإحداث تغيير بعد سقوط نظام صالح عام 2012 في أعقاب انتفاضة الربيع العربي. اتفق النشطاء والحكومة الجديدة للرئيس عبد ربه منصور هادي على أهمية إيلاء الأولوية الواجبة لحلّ النزاعات على حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات في مدينة عدن وباقي مناطق جنوب اليمن من أجل فتح صفحة جديدة ليَمن مُتحد تحت نظام فيدرالي.[39]

تم التعاطي مع هذه المسألة مباشرة في يناير/ كانون الثاني 2013، حين أصدر هادي القرار الجمهوري رقم 2، القاضي بتشكيل لجنة تُكلف بالتعامل مع قضايا الأراضي المصادرة في المحافظات الجنوبية والتي لا تزال عالقة،[40] إلى جانب تشكيل لجنة ثانية تُعنى بالنظر في التسريح غير المبرر لموظفين من القطاع العام. تم حصر النطاق في الانتهاكات الممارسة بعد الوحدة بهدف تقليص عدد القضايا المطروحة أمام اللجنة، وحددت المادة 9 من القرار الجمهوري المشار إليه مهلة زمنية مدتها عام واحد لحلّ جميع القضايا العالقة. بحلول نهاية العام، تم تقييد 47,189 قضية لدى لجنة الأراضي في عدن، تتراوح بين مساكن خاصة وأراضي زراعية ومنشآت صناعية، وعقارات سكنية مستأجرة وأراضي بعقود إيجار طويلة الأجل.[41]

في مارس/ آذار 2013، عُقد مؤتمر الحوار الوطني الذي جمع يمنيين من مختلف مناطق اليمن لتصميم بُنية سياسية جديدة للبلاد. برزت النزاعات بشأن الأراضي كركيزة “للقضية الجنوبية” التي نوقشت خلال المؤتمر رغم رفض عدة شخصيات جنوبية مطالبة بفك الارتباط المشاركة فيه أو مغادرتهم في بداية انطلاقه. مع هذا، قدم المشاركين كممثلين عن الحراك الجنوبي تقريرا إلى مؤتمر الحوار الوطني يسلط الضوء على الانتهاكات الممارسة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات منذ عام 1990، ومن بين المزاعم التي أوردها التقرير:[42]

  • تعرض نحو 255 منشأة حكومية و333 مؤسسة من مؤسسات القطاع العام و266 تعاونية تجارية للنهب أو التدمير، مما أدى إلى توقف عشرات الآلاف من الأشخاص عن العمل.
  • الاستيلاء على أراضي مملوكة لِجنوبيين من قبل شخصيات متنفذة وزعماء قبليين ومسؤولين حكوميين. وتشير التقديرات إلى تضرر حوالي 221,000 أسرة من هذه الممارسات.
  • مصادرة 4.5 مليون متر مربع من الأراضي المخصصة للاستثمار وإعادة توزيعها على زعماء قبليين وتجار نافذين ووزراء وقيادات عسكرية بارزة.
  • استولت الهيئة العامة للمناطق الحرة (التي أنشئت في عام 1991 لَتنظيم المنطقة الحرة في عدن)[43] على 232 مليون متر مربع من الأراضي. تم المطالبة بجزء كبير من هذه الأراضي من قبل مطوري العقارات إلاّ أنهم لم ينفذوا مخططات المشاريع التي قدموها مقابل الحصول على هذه الأراضي، وقاموا عوضا عن ذلك ببيع الأراضي لتحقيق مكاسب شخصية.
  • استولت المؤسسة الاقتصادية اليمنية على 10.3 مليون متر مربع من الأراضي المخصصة للمنشآت الحكومية وقامت بتوزيعها على أفراد متنفذين.
  • مُنعت المحاكم من قبول أي دعاوى قانونية متعلقة بالأراضي ومن تنفيذ الأحكام النهائية بموجب القانون منذ عام 1994.
  • منع السجل العقاري من تقنين حقوق ملكية الأراضي، على الرغم من صدور حكم قضائي في عام 1996 ينص على هذه الحقوق.
  • تم تعليق تنفيذ الحلول التي أقرتها اللجان الحكومية المتعاقبة والتي شُكّلت لحلّ قضايا الأراضي.
  • تم الاستعانة بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية للاستيلاء على أراضي بالقوة ونقل ملكيتها.[44]

مع اختتام مؤتمر الحوار الوطني، بات واضحا أن لجنة الأراضي تواجه مشكلة معقدة تتجاوز الموارد المحدودة اللازمة للبتّ في التعامل مع تلك الدعاوى. بحلول أغسطس/آب 2013، تلقت لجنة الأراضي كافة الدعاوى المقدمة إلا أن القضاة المكلفين من قبلها كانوا لا يزالون يُقيّمون كل دعوى على حدة[45] وهو ما دفع اللجنة إلى إصدار سلسلة توصيات – اعتمدها الرئيس هادي بموجب القرار الجمهوري رقم 63 لتسريع الإجراءات القضائية – شملت سحب ملكية أراضي تتجاوز مساحتها 1000 متر مربع (0.25 فدان) من أفراد وُهبت لهم بعد عام 1994، وإقرار خُطط تعويض 11157 من الجنود الجنوبيين السابقين، بينهم 4000 ضُباط صودرت أراضيهم من قبل نظام صالح بعد حرب 1994.[46]

اعترضت مساعي تنفيذ تلك التوصيات تحديات عديدة على أرض الواقع. مثلاً حين أقرّ القرار الجمهوري رقم 63 سحب ملكية الأراضي التي وهبها نظام صالح، لم يأخذ في الاعتبار المشاريع الانشائية التي نُفذت على العديد من هذه الأراضي منذ ذلك الحين أو تغيير ملكيتها أو كلا الأمرين. نص القرار نفسه على تعويض أفراد سابقين من القوات المسلحة صُودرت أراضيهم من قبل نظام صالح بعد حرب 1994، لكن لم يُحدد أراضي الدولة التي ستوزع عليهم كتعويض أو ما إذا كانت قيمتها مساوية لقيمة أراضيهم المصادرة. علاوة على ذلك، لم يُحدد القرار نهجا واضحا ومنظماً يمكن الانطلاق منه، أو يطرح آليات مساءلة لتقديم المتورطين في مصادرة الأراضي بشكل غير قانوني إلى العدالة.[47]

بالمختصر، اعتمدت قرارات هادي تشكيل لجنة وحدّدت نظام لتلقي الدعاوى وموعداً نهائياً للبت فيها قانونياً، إلى جانب تحديد عملية لاستعادة الأراضي التي صُودرت إجحافاً، لكن اللافت أن تلك القرارات لم تضع آليات لتعويض المتضررين.[48] بنهاية 2013، كانت اللجنة لا تزال غير قادرة على تقدير عدد أصحاب الدعاوى الشرعيين بدقة والموارد المحتملة اللازمة لتمويل التعويضات. تم إنشاء صندوق تعويضات بموجب القرار رقم 253 في 9 ديسمبر/ كانون الثاني 2013 بعد سلسلة جهود دبلوماسية أثمرت عن تعهد دولة قطر بالتبرع بمبلغ 350 مليون دولار أمريكي للصندوق.[49] تَبيّن ان هذا التعهد غير كاف في الوقت الذي تم فيه إنشاء الصندوق، حيث كان مطلوب تخصيص نحو 1.2 مليار دولار أمريكي لتعويض اصحاب الدعاوى. في نهاية المطاف، لم يتم توريد سوى 100 مليون دولار أمريكي إلى البنك المركزي اليمني من إجمالي المبلغ الذي تعهدت به قطر، حيث يُزعم أن الحوثيين وضعوا أيديهم على المبلغ المتبقي (البالغ 250 مليون دولار أمريكي) بعد سيطرتهم على البنك المركزي اليمني في صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، [50] وبالتالي لم تُوزع أي تعويضات من الأموال التي تعهدت بها قطر.

الانتهاكات الممارسة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات خلال فترة الصراع الجاري

مع انزلاق اليمن إلى حرب أهلية وتصاعد حدة الصراع في أعقاب التدخل العسكري للتحالف الذي قادته السعودية عام 2015، تم تعليق كافة الخطط الموضوعة للتعامل مع انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات. مَنعت الظروف اللجنة من استكمال مهامها ضمن الإطار الزمني المحدد، لتُعلَّق إجراءات التعويض تماماً. في غضون ذلك، أَفْضت الجَوْلات الجديدة من الصراع إلى انتهاكات إضافية في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات، ففي أعقاب معركة عدن عام 2015 والتي انتهت بطرد قوات الحوثيين وصالح على يد قوات الحكومة والتحالف بقيادة السعودية، آلت السلطة إلى يد قوات الأمن والجماعات المسلحة بحُكم الأمر الواقع في ظل غياب حكومة حقيقية، وأدى هذا الفراغ الأمني إلى حلقة جديدة من الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة.

أُجري استطلاع رأي إلكتروني في عام 2019 لعينة صغيرة من سكان عدن بهدف جمع معلومات عن الانتهاكات الممارسة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات منذ عام 2015 وما بعد. مُقارنة ببقية مناطق البلاد، سجلت عدن نسبة عالية في انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي وفي عدد المتهمين بارتكابها. قدّم المشاركون في الاستطلاع وثائق تثبت ملكيتهم للعقارات المصادرة، وتفاصيل عن كل عقار وموقعه ومن إعتبروهم مسؤولين عن انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات. طُلب كذلك من المستطلعة آراؤهم تقديم معلومات عن أي إجراءات، رسمية أو غير رسمية أُتُّخذت ضد المتورطين في تلك الانتهاكات.

بالمجمل، أُبلغ عن 37 انتهاكاً في محافظة عدن، مدعومة بوثائق تثبت ملكية أصحابها، علما ان سبعون بالمائة من انتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات المبلغ عنها وقعت منذ عام 2015 فصاعدا. استقى الاستطلاع عشرة ردود تزعم وقوع انتهاكات في حي الشيخ عثمان (وتحديدا في منطقة الممدارة)، وثمانية انتهاكات في حي المنصورة (معظمها في منطقة بير فضل)، وثلاثة انتهاكات في مديرية خور مكسر، وثلاثة انتهاكات في مديرية دار سعد، وانتهاك واحد في منطقة الشعب في مديرية البريقة، وانتهاك واحد في مديرية التواهي. ووفقا للعيّنة المشاركة في الاستطلاع، تم تحديد الأطراف المزعوم ارتكابها تلك الانتهاكات من أفراد “متنفذين” وجماعات مسلحة وقوات أمن وسلطات محلية، وصولاً إلى مواطنين عاديين.

نشر صحفيون محليون تقارير عن الأراضي والممتلكات المصادرة خلال فترة الصراع. إحدى تلك القضايا البارزة وقعت في عام 2017 وارتبطت بالعقيد إمام النوبي الذي كان وقتها قيادي عسكري رفيع في قوات الأمن المتمركزة في مديرية كريتر. أعلن النوبي فجأة في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت أنه سَيُقسم أراضي المعسكر 20 (الذي كان سابقا قاعدة عسكرية في وسط كريتر) وسَيُوزعها على أسر “شهداء الحرب”.[51] ردّا على ذلك، اتصل الرئيس هادي شخصيا بمدير أمن عدن، اللواء شلال شايع، لتذكيره بأن هذه القاعدة ملك للدولة وعلى ضوئه أحيل النوبي للتحقيق.[52] ورغم تدخل الرئيس هادي، ناشد أصحاب المساكن الواقعة قرب المعسكر 20 السلطات المحلية على مدار العام التالي زاعمين أن النوبي كان يهددهم بأساليب العنف لإجبارهم على بيع منازلهم له أو لشقيقه بأسعار أقل بكثير من قيمة السوق.[53] [54] استمرت موجة الانتهاكات وبلغت حد إصدار النوبي أوامره للجنود بهدم المساجد المحلية والاستيلاء على المساكن الخاصة بالقوة.[55] في نهاية المطاف، فرّ النوبي من البلاد بعد ان دخل في مواجهة مسلحة مع قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي،[56] ورغم توقف الاستيلاء غير القانوني على الممتلكات بعد فراره، لم يُحاسب النوبي مطلقاً ولم تُعاد الممتلكات لأصحابها.

قضية النوبي ما هي سوى مثال من بين أمثلة عديدة لممارسات مصادرة الأراضي والناجمة عن استشراء الفساد وانعدام القانون في عدن خلال فترة الصراع. رَوى “أحمد” في مقابلة معه – وهو رجل عدنيّ يعتمد اسماً مستعاراً – قصة فيلا استولى عليها بكل صفاقة رجل يتمتع بشبكة علاقات واسعة محلياً أكسبته ما يكفي من الثقة لانتزاع حقوق غيره.[57] في عام 2022، عَرَض أحمد على أخته الإشراف على متابعة بيتها الجديد الذي كان قيد الإنشاء ضمن مشروع سكني جديد، لكنه فوجئ حين وصل إلى الموقع بأقفال جديدة وُضعت على الباب. طرق أحمد الباب ليجيب عليه رجل غريب ادعى في البداية أنه صاحب المنزل، ولكن بعد أن أوضح أحمد أن المنزل ملك أخته، لجأ المستقطن إلى تغيير روايته والادعاء بأنه مُكلف من قوات الأمن المحلية بحراسة المنازل الشاغرة ضمن المشروع الجديد. شعر أحمد بعدم ارتياح إزاء سلوك الرجل غير المهني لا سيما أنه كان يرتدي زياً مدنياً، وغادر للاستقصاء من معارفه المحليين. تبين له لاحقا أن هذا الرجل لم يكن يحرس المنازل، إنما استولى على مجموعة من المنازل كان معروف أنها شاغرة وأُشيع أنها مملوكة لشماليين لم يتمكنوا من العودة إلى عدن بسبب الحرب. تواصل أحمد مع معارف له ضمن قوات الأمن من أجل ضمان إخلاء منزل شقيقته في المرة القادمة التي يزور فيها العقار، وقام بعدها على الفور بتغيير الأقفال وتركيب باب جديد. تزخر الصحف والمواقع الإخبارية والتقارير الحقوقية بقصص لقضايا فساد مماثلة من أفراد مدنيين أو سياسيين أو قادة عسكريين حيث أتاحت الاشتباكات في مدينة عدن فرصة سانحة لهم للاستيلاء على العقارات الشاغرة وادعاء ملكية المباني أو العقارات المتضررة وترميمها أو تطويرها بعد إزالة الركام.[58] [59]

تجدر الإشارة إلى أن استخدام العنف لم يكن الوسيلة الوحيدة المعتمدة للاستيلاء على الأراضي ومصادرتها في عدن بعد اندلاع حرب 2015، فَبعضها تم مصادرتها بِجرّة قلم. أشار تقرير صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في مايو/ أيار 2018 يتناول معاملات الأراضي إلى زيادة مقلقة في المخالفات القانونية،[60] حيث لم يجد المدققون أي سندات ملكية أو عقود إيجار في 11 بالمائة من قضايا الأراضي المقيدة (أي في 479 من أصل 4,300 ملف تم التدقيق فيه) فضلا عن ظهور ادعاءات مستمرة من أفراد عاديين بملكيتهم للأراضي العامة لبيعها كأراضي خاصة.[61] ووصف التقرير المشار إليه مكتب السجل العقاري كَمكتب يتخلله الفوضى ولا يلتزم باللوائح الإدارية والفنية والقانونية، وأنه تم استغلال السجل العقاري بشكل سيئ من قبل القائمين عليه لخدمة مصالح خاصة على حساب المواطنين.[62]

بطبيعة الحال، لا توجد آلية للتحقق من سجلات الأراضي المطالب باستردادها ومقارنتها بسجلات الأراضي العامة وهو ما يوفر بيئة مواتية لممارسة الفساد ومصادرة الأراضي. فمثلا، تم ادعاء ملكية بمحميات طبيعية على اعتبار أنها تعود لشركة لتُباع بعدها لجهة أخرى. بالمجمل، باع 12 رجال أعمال 84 قطعة أرض كانت مملوكة للمؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي في المدينة، كما باع ثلاثة رجال أعمال 162 هكتارا من الأراضي التي خصصتها وزارة الإنشاءات والإسكان والتخطيط الحضري كمساكن عامة، بينما باعت شركة عدن لتطوير الموانئ سرّاً أراضي مملوكة للدولة في المنطقة الحرة في عدن والتي تعد منطقة استراتيجية تُعفى فيها الشركات من الضرائب أو تُطالب بدفع ضرائب محدودة. لطالما كانت المنطقة الحرة في عدن مثار جدل منذ إنشائها، فَفي عام 1993، صودرت أربعة أو خمسة قطع أراضي متاخمة لميناء عدن بموجب القرار رقم (63)، دون دفع تعويض مناسب للشركات التي كان لديها منشآت على تلك الأراضي.[63] جرى تعديل مساحة المنطقة الحرة مجدداً بموجب قرارات حكومية صدرت في 2006 و2013 و2021، وسط خلافات حادة في كل مرة.[64] وبعد فترة وجيزة من صدور القرار رقم (29) في أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي بموجبه صودرت قطعة أرض من المنطقة الحرة لتوسعة وتطوير ميناء عدن، تقدم المحامي فؤاد الجرادي (أحد المبلغين عن المخالفات في هذه القضية) بخطاب اتهم فيه رئيس الوزراء معين عبد الملك سعيد بتزوير وثائق رسمية لمصادرة هذه الأرض بشكل غير قانوني،[65] وأفضى ذلك إلى رفع دعاوى قضائية من مستثمرين محليين وأجانب زعموا أن استثماراتهم صودرت بشكل مجحف.[66] في غضون ذلك، كشف صَحفيون استقصائيون عام 2022 عن تفشي ظاهرة سرقة أراضي الشركات بين مستثمرين فازوا بعقود لتطوير 238 قطعة أرض مملوكة للدولة في عدن.[67] تلقى محافظي عدن والمدعين العامين والمسؤولين في هيئة الأشغال العامة وهيئة أراضي وعقارات الدولة والهيئة العامة للسياحة تقارير عدة عن مخالفات من قبل الشركات، لكن لم تُتخذ حتى الآن أي إجراءات عقابية من قبل أي من السلطات المتعاقبة.[68] [69]

ولتسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات، عقدت الحركة المدنية الديمقراطية (وهي منظمة مجتمع مدني تتخذ من عدن مقرا لها) ندوة في 2 فبراير/شباط 2019 بعنوان “التصرف غير القانوني بالأراضي والتعدي عليها تدمير للمستقبل”، حيث أعرب خلالها مديريّ مديريتين سابقين في عدن عن استيائهما من الانتهاكات المتكررة في هذه الحقوق. فمن جانبه، تطرق هاني اليزيدي، مدير عام مديرية البريقة سابقا، إلى العصابات المسلحة التي تتقاتل على قطع أراضي لا يحق لأي منها قانونا امتلاكها، قائلا إن 8 ملايين متر مربع (حوالي 2000 فدان / 800 هكتار) من الممتلكات العامة التابعة لوزارة الأوقاف في البريقة قد دُمرت على أيدي عصابات مسلحة. واتهم الهيئات المسؤولة عن أراضي الدولة في عدن بتعديل مخططات الأحياء الرسمية بشكل غير قانوني، وتحديدا المناطق المخصصة للطُرق والمنافذ، سعياً لتخصيص أراض جديدة للبيع. كما زعم اليزيدي أنه تم إنشاء جمعيات وهمية تستخدم أسماء الجنود القتلى أو جنود المقاومة للمطالبة بالأراضي في محاولة للتستر علي عمليات النهب.[70] أما خالد سيدو، مدير مديرية كريتر سابقا، فقد اشتكى من الصعوبة التي يواجهها المسؤولون المحليون في منع المصادرة غير القانونية للأراضي، وتحدث عن محاولة فاشلة للطعن في الحُكم الصادر من احدى المحاكم إبان عهد الرئيس صالح في عام 1995 بهدف المطالبة بالملكية الخاصة لمنتزه أبو دست (المعروف أيضا بـ متنفس أبو دست وهو منتزه عامّ تم انشاؤه بموافقة البلدية على طول الساحل، شرق قلعة صيرا)، قائلا: “حتى القضاء نفسه لم يقف معنا”.[71]

في ديسمبر/كانون الأول 2021، أصدر محافظ عدن، أحمد حامد لملس، قرارا بتشكيل وحدة برئاسة العقيد كمال الحالمي للتعامل مع قضايا ومشاكل الأراضي وفض النزاعات بشأنها، وتم تكليف الوحدة بوقف أي مشاريع انشائية لا تَمتلك تَصاريح من مكتب الإنشاءات التابع لوزارة الأشغال العامة والطرق، وبِإحالة ملفات النزاعات على الأراضي إلى المحاكم، ومنع نشاطات السمسرة غير القانونية بالأراضي، واتخاذ إجراءات قضائية ضد أي مخالفات.[72] سيساهم تنفيذ أي من هذه التدخلات في الحد من انتهاكات حقوق الأراضي في عدن بشكل كبير، إلا أن هذا يعتمد على تطبيقها بصورة مستمرة. ورغم نجاح “وحدة الأراضي” في منع المدنيين من تنفيذ مشاريع انشائية على الأراضي المتنازع عليها دون تصريح مباشر من هيئة الأراضي، إلا أنها لم تنظر بَعد في أي من القضايا الكبرى العالقة الخاصة بالأراضي المصادرة، لا سيما تلك التي صودرت على أيدي ضباط أمن.

اليوم، بات استخدام العنف والقوة في الاستيلاء على الأراضي أقل شيوعا لكن لا يزال سكان عدن يشهدون ممارسات غير قانونية، لا سيما الأراضي المملوكة للدولة التي تُباع لسياسيين وتجار متنفذين.[73] [74] ويبدو أن غياب الأمن وسيادة القانون، فضلا عن الحرب ضد جماعة الحوثيين التي باتت الشغل الشاغل للحكومة، قد شجع مسؤولين في الدولة على اساءة استخدام سلطتهم والتربح من هكذا ممارسات.

الخلاصة

تلوح فرص إحياء محادثات السلام في اليمن ومعها أهمية التعاطي مع التاريخ المعقد لانتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات في الجنوب. على نحو يبعث على القلق، تبرز حالات واضحة من الانتهاكات الممنهجة المرتكبة في سياق قضايا فردية وعشوائية، لا سيما تلك المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي العامة وإساءة استخدامها أو استهداف شرائح معينة من المجتمع المحلي في عدن وطردهم من أراضيهم. بات الوقوف على هذه الانتهاكات ومنع حدوثها مسألة صعبة ومعقدة نتيجة تورط أطراف متعددة عبر مراحل زمنية مختلفة ممن سعت إلى طمر الأدلة التي تثبت وقوع هذه الانتهاكات.

من هذا المنطلق، من المهم بمكان وضع آليات واضحة لمتابعة والإبلاغ عن الانتهاكات الممارسة في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات، خاصة تلك التي وقعت بعد عام 2015. انطوت الإجراءات الماضية الهادفة لتسوية النزاعات المتعلقة بالأراضي على ممارسات فساد، ومع الأسف عُلّقت المساعي الأخيرة التي بُذلت قبل اندلاع الصراع الجاري بسبب ظروف البلاد، الأمر الذي حال دون صياغة أو سن قوانين تُخضع مرتكبي الانتهاكات للمساءلة. ورغم قيام بعض اللجان (كالتي شُكلت في 1991 و2013 و2021) بالنظر في بعض هذه القضايا ومحاولتها تقديم تعويضات للمتضررين، لا يزال هناك غياب للقوانين التي تكفل معاقبة الكيانات السياسية وغير السياسية المتورطة في تلك الانتهاكات. ومع الافتقار لبروتوكولات واضحة لإنفاذ هكذا قوانين، قد تستمر دورة الانتهاكات في حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات مما يعني إدامة النزاعات المحلية وتقويض فرص التثبت من ملكيتها وحلّ القضايا العالقة. كما سيؤدي هذا التقاعس في نهاية المطاف إلى تعطيل جهود بناء السلام وإرساء العدالة الانتقالية في اليمن التي يجب أن تضع في صميمها التعامل مع المظالم المرتبطة بانتهاكات حقوق الإسكان والأراضي والممتلكات.

في المجمل، قد تُعزى معضلة الأراضي في عدن الى جملة من الأسباب المركبة، أهمها:

  • ضعف الحضور الفاعل لمؤسسات الدولة وجهات إنفاذ القانون لاسيما خلال فترات الصراع. وفي المقابل تغول الاجهزة التنفيذية العسكرية والمدنية في ادارة الشأن العام خلال فترات الاستقرار الهش دون وجود رقابة قانونية صارمة عليها.
  • إعادة تشكيل السلطات الحاكمة لنمط حقوق الملكية في عدن كإجراء سياسي أو كبرنامج عمل اقتصادي أيديولوجي. وفي المقابل عجز هذه السلطات المتعاقبة عن إطلاق مشاريع للتنمية الحضرية.
  • ضعف الدور التنموي لمجتمع المال والأعمال في قطاع التطوير العقاري، وفي المقابل بروز طبقة جديدة من “بارونات الأراضي” وهم سماسرة صغار تحولوا من خلال الدأب والعلاقات الواسعة الى مراكز نفوذ اقتصادي وباتوا يتحكمون بشكل واسع بقطاع الاراضي في عدن. وبالعادة يكون هؤلاء البارونات إما شخصيات قادرة على موازنة مصالحها الخاصة مع مصالح الاطراف الرسمية الحاكمة، او انها ذراع غير رسمي لطرف سياسي بعينه.
  • ضعف التشريعات الخاصة بالأراضي وملكيتها، إلى جانب ضعف الاجهزة القضائية وغياب فاعليتها في فض النزاعات، وهو ما يشجع المواطنين أكثر على الاحتكام إلى قوة السلاح او التحكيم غير الرسمي.

وبناء عليه، تقدم الورقة جملة من التوصيات في محاولة لمعالجة الأسباب الكامنة لمعضلة الأراضي وحقوق الملكية، وهي كالآتي:

  • اتخذت قيادة المجلس الرئاسي اليمني خلال العامين الماضين جملة من القرارات الهامة بشأن تفعيل أجهزة القضاء، وإعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء. واستكمالا لهذه الجهود، على المجلس الرئاسي أن يوجه الجهاز القضائي بسرعة الاستجابة لقضايا الأراضي في عدن باعتبارها أولوية قصوى.
  • دعم السلطة المحلية في عدن، ومنحها المزيد من الموارد والصلاحيات القانونية لتطوير التدابير المؤقتة التي اتخذتها للحد من ظاهرة السطو على الأراضي، بحيث تصبح هذه التدابير ذات طابع مؤسسي أكثر استدامة.
  • تشكيل لجنة مشتركة (حكومية / مدنية) مهمتها حصر الانتهاكات وتوثيقها (على غرار تجربة لجنة “باصرة -هلال”، على أن تستفيد هذه اللجنة من التراكم المعرفي والخبرة المستقاة من عمل اللجان السابقة والمعلومات والبيانات التي تضمنتها تقاريرها.
  • التأكيد على حق وسائل الإعلام وكذلك منظمات المجتمع المدني بالوصول الى المعلومة والوثائق المتعلقة بالأراضي وملكيتها (خصوصا أراضي الدولة) لِممارسة دور رقابي مستقل.
  • إدراج ملف الأراضي ضمن أجندة بناء السلام، وجهود المصالحة السياسية والعدالة الانتقالية، إذ أن عدن تمثل نموذج للانتهاكات الممارسة في محافظات أخرى باليمن (على سبيل المثال استيلاء الحوثيين على على أراضي عامة وخاصة في محافظات مثل صنعاء وإب).
  • لا بد من إدراج ملف الأراضي في أي ضمانات تأتي في إطار حلّ القضية الجنوبية في أي عملية سلام مستقبلاً، وكذلك في أعمال هيئة التشاور والمصالحة التابعة للحكومة (لاسيما لجنتها المختصة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي).
  • عقد مؤتمر واسع في عدن يُركز على التنمية الحضرية ويَجمع الأجهزة الحكومية المعنية، ومجتمع المال والأعمال، وكذلك الجهات الدولية المهتمة بالتنمية؛ ويكون هدفه النهائي الخروج بتصور عام لتطوير الاستثمار العقاري ورؤية مشتركة للتنمية الحضرية، وكذلك مقترحات لتطوير البيئة التشريعية والجهاز القضائي فيما يتعلق بالتعامل مع قضايا ملكية الأراضي.
  • دعم وتطوير عمل الجهات ذات العلاقة مثل الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، على أن يشمل ذلك تدريب وتأهيل العاملين فيها على استخدام نظم المعلومات الجغرافية والبرامج الحاسوبية التي تساعد على تنظيم قطاع الأراضي في عدن وتوثيق الممتلكات العامة والخاصة بشكل مُمنهج وحديث.

هذه المقالة هي جزء من سلسلة إصدارات يُنتجها مركز صنعاء بتمويل من الحكومة الهولندية. تستكشف السلسلة قضايا ذات أبعاد اقتصادية وسياسية وبيئية، بهدف إثراء النقاشات وصنع السياسات التي تعزز السلام المستدام في اليمن.

الهوامش
  1. روكساني إيليني مارغريتي. تجارة عدن والمحيط الهندي: 150 عاما في حياة ميناء عربي من العصور الوسطى. المجلد 6. مطبعة جامعة نورث كارولينا، 2007.
  2. “عدن”، الموسوعة البريطانية، 25 مارس/آذار 2023. https://www.britannica.com/place/Aden.
  3. سكوت سميتسون. “الطريق إلى النوايا الحسنة: بناء الأمة البريطانية في عدن”، مركز العمليات المعقدة، دراسة حالة رقم 10، سلسلة دراسات حالات أجراها مركز العمليات المعقدة، https://cco.ndu.edu/Portals/96/Documents/case-studies/10_the_road_to_good_intentions_teacher_edition.pdf
  4. زكي حنا كور، “تطور عدن والعلاقات البريطانية مع القبائل المجاورة 1839-1872″، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الآداب بجامعة لندن (1975)، ص. 97، https://eprints.soas.ac.uk/34037/1/11015838.pdf
  5. بلال غلام حسين. زوايا من تاريخ ولاية عدن- تاريخ وطن وحكاية انسان – 1839-1967، (جرافيك للطباعة والنشر، 2014).
  6. عائشة أحمد عبده دعقان “أوضاع عدن الاجتماعية والاقتصادية والثقافية 1937 ـ 1967″، أطروحة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الآداب ـ جامعة صنعاء ـ كجزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، إشراف: أ.د/ صالح علي عمر باصرة (2009)
  7. “حقوق الإسكان والأراضي”، الاستعراض الدوري الشامل، اليمن، 18 يونيو/حزيران 2013. https://www.upr-info.org/sites/default/files/documents/2014-03/js7_upr18_yem_e_main.pdf
  8. أجرت الباحثة سلسلة من المقابلات السرية في فبراير/شباط 2019 مع متخصصين قانونيين في مجال الإسكان والأراضي والممتلكات ونشطاء ومواطنين تعرضوا لانتهاكات حقوقهم في الفترة 2015-2019.
  9. استبيان خاص لمركز صنعاء، وُزع إلكترونيا عبر منصات التواصل الاجتماعي. نظرا لحساسية الموضوع، لم تتمكن الباحثة من إجراء مسح ميداني, بلغ عدد المستجيبين 94 شخص إجمالاً (82 ذكوراً و12 إناثاً، تتراوح أعمارهم بين 24 و55 سنة). تم النظر في القضايا المقدمة من 2015-2019 – المدعومة بسندات تثبت ملكية العقار – وثبت وقوع 37 انتهاكا في عدن و57 انتهاكات أخرى في باقي أنحاء اليمن.
  10. قانون الإصلاح الزراعي. رقم 3 لسنة 1986، مجلس الشعب الأعلى، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
  11. قانون الإصلاح الزراعي. رقم 27 لسنة 1970، مجلس الشعب الأعلى، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
  12. صالح وزان. “الإصلاح الزراعي: من التخلف إلى التطور الاشتراكي في القطاع الزراعي (1967)”. الموسوعة العربية. https://arab-ency.com.sy/ency/details/99/2
  13. بلال غلام حسين، “نص القانون رقم 32″، فيسبوك. 9 ديسمبر/ كانون الأول، 2014، https://www.facebook.com/bilal.hussein.967
  14. هيلين لاكنر ” التجربة الاشتراكية في اليمن علامة سياسية فارقة في تاريخ العالم العربي”. موقع جاكوبين، 8 أبريل/ نيسان 2022. https://jacobin.com/2022/08/socialism-arab-world-peoples-democratic-republic-of-yemen-history
  15. “نص قانون التأميم الاسود لـ “الجبهة القومية” ضد عدن ونهضتها الاقتصادية عام 1969″، https://www.shabwaah-press.info/news/62057
  16. فواز طرابلسي، “جنوب اليمن تحت الحكم اليساري”، مقتطف من شهادة شخصية صدرت في ديسمبر/كانون الأول 2015.
  17. هيلين لاكنر ” التجربة الاشتراكية في اليمن علامة سياسية فارقة في تاريخ العالم العربي”. موقع جاكوبين، 8 أبريل/ نيسان 2022. https://jacobin.com/2022/08/socialism-arab-world-peoples-democratic-republic-of-yemen-history
  18. هيلين لاكنر، “عندما رفرف العلم الأحمر في سماء اليمن”، أوريان 21، نوفمبر/تشرين الثاني 2017، https://orientxxi.info/magazine/article2157
  19. تشارلز دنبار، “توحيد اليمن: العملية والسياسة والآفاق”. مجلة الشرق الأوسط 46، العدد 3 (1992): الصفحات 76 -456. http://www.jstor.org/stable/4328466
  20. “اليمن: ماضي ومستقبل استرداد الاصول المسروقة”. المنتدى المدني لاسترداد الاصول، مايو/ أيار 2020، https://cifar.eu/wp-content/uploads/2020/05/Yemen-Assets-EN.pdf
  21. “قرار المجلس الرئاسي بشأن التوجه العام للمعالجة الشاملة لقضايا الإسكان”، محضر اجتماع المجلس الرئاسي، صنعاء، 12 سبتمبر/أيلول 1991.
  22. خالد عبد الواحد، رئيس لجنة المصالحة بين الملاك والمستأجرين وعضو اللجنة العليا للتعويضات في محافظة عدن، مقابلة شخصية أجرتها الباحثة – عدن، 2022.
  23. يحيى أحمد الشعيبي، “شكري في مربع الاحكام القضائية الاربعة”، صحيفة الأيام، 23 يونيو/حزيران 2007. https://www.alayyam.info/news/30CW3K00-FZJ36Z
  24. “هادي يصدر قراراً بصرف أراضٍ في عدن لأكثر من 11 ألف عسكري جرى الاستيلاء عليها بحرب 1994″، المصدر أونلاين، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، https://almasdaronline.com/article/51666
  25. نفس المرجع السابق.
  26. “اليمن: مشكلة الأرض وأبعادها السياسية والاقتصادية والديموغرافية”، الائتلاف الدولي للموئل – شبكة الإسكان وحقوق الأراضي، 28 فبراير/ شباط 2014، http://www.hic-mena.org/activitydetails.php?id=pGhlYw==#.XtjWgTozZPa
  27. مقابلة أجرتها الباحثة مع مصدر اطلع على تقرير “باصرة -هلال”، أغسطس/ آب 2023.
  28. اليمن: مشكلة الأرض وأبعادها السياسية والاقتصادية والديموغرافية”، الائتلاف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن، 28 فبراير/ شباط 2014، http://www.hic-mena.org/activitydetails.php?id=pGhlYw==#.XtjWgTozZPa / عبد الله محسن ” تفاصيل.. نهب واغتصاب وسرقة أراضي الجنوب (بالأسماء)”، اليمن العربي، 20 مايو/أيار 2017، https://www.elyamnelaraby.com/200325
  29. “التعويل على كفاءة العدالة: العواقب التي تواجه ضحايا انتهاكات حقوق الأرض ومشروع دعم العدالة الانتقالية وجبر الضرر في اليمن”، التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن، 2021، https://hlrn.org/img/documents/Yemen – Interactive.pdf
  30. نفس المرجع السابق.
  31. عائشة بارفين، “الصراع اليمني: الديناميات المحلية والإقليمية”. كتاب المرحلة الانتقالية في غرب آسيا – المجلد الثاني، 2019, ص. 130
  32. أحمد عمر بن فريد. “لجنة باصرة-هلال”، صحيفة الأيام، 1 أغسطس/آب 2007. https://www.alayyam.info/news/31WM9S00-JFS3A5
  33. تقرير: مشكلة الأراضي الخطيرة في عدن وأدلة على التحيز”، صحيفة الأيام، 27 سبتمبر/أيلول 2014.
  34. “باصرة يكشف تفاصيل «مهمة» عن تقرير (باصرة- هلال)”، يمن برس، 21 سبتمبر/أيلول 2012. https://yemen-press.net/news12634.html
  35. نفس المرجع السابق.
  36. نفس المرجع السابق / جوزيف شيشلا، “الربيع العربي والاستيلاء على الأراضي: وقائع الفساد في إدارة شؤون الدولة”، الائتلاف الدولي للموئل – شبكة حقوق الارض والسكن، مارس/آذار 2014، https://hlrn.org/img/documents/Fasad_asas_al-umran2.pdf
  37. حسام ردمان، “معالجة المسألة الجنوبية لتعزيز عملية السلام في اليمن”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020. https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/11719
  38. أندريا كاربوني ولوكا نيفولا وثانوس بيتوريس “تقرير عن لجنة شؤون الأراضي ولجنة شؤون المتقاعدين قسرا في جنوب اليمن”، المعهد الأوروبي للسلام، سبتمبر/أيلول 2021.
  39. “اليمن: حقوق الأراضي والممتلكات بعد الربيع العربي”، الائتلاف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن، 8 يوليو/تموز 2016، http://www.hic-mena.org/news.php?id=pnBqZA==#.ZEJFwuxBxpQ
  40. “اليمن: قرار رئاسي بإنشاء لجنة معالجة الأراضي الجنوبية”، الائتلاف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن، 8 يناير/ كانون الثاني 2013، http://www.hic-mena.org/arabic/news.php?id=pmhpaw==#.Xr57KcgzZPZ
  41. أندريا كاربوني ولوكا نيفولا وثانوس بيتوريس “تقرير عن لجنة شؤون الأراضي ولجنة شؤون المتقاعدين قسرا في جنوب اليمن”، المعهد الأوروبي للسلام، سبتمبر/أيلول 2021.
  42. “الحراك الجنوبي يقدم رؤيته لجذور القضية الجنوبية (نص الرؤية) مع المرفقات”، موقع يمني برس، 30 أبريل/ نيسان 2013، https://www.yemenipress.net/archives/6176
  43. “اليمن: القانون رقم 4 لسنة 1993 بشأن المناطق الحرة”، مجلة القانون العربي الفصلية – التقرير الربع السنوي العاشر، العدد 3 (1995): 267-77. https://doi.org/10.2307/3381362.
  44. “الحراك الجنوبي يقدم رؤيته لجذور القضية الجنوبية (نص الرؤية) مع المرفقات”، موقع يمني برس، 30 أبريل/ نيسان 2013، https://www.yemenipress.net/archives/6176، صفحات 2 – 3
  45. أندريا كاربوني ولوكا نيفولا وثانوس بيتوريس “تقرير عن لجنة شؤون الأراضي ولجنة شؤون المتقاعدين قسرا في جنوب اليمن”، المعهد الأوروبي للسلام، سبتمبر/أيلول 2021.، صفحة 18، 24.
  46. “قرار رئيس الجمهورية باعتماد توصيات لجنة نظر ومعالجة قضايا الأراضي في المحافظة الجنوبية”، المركز الوطني للمعلومات، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، https://yemen-nic.info/news/detail.php?ID=66854
  47. نفس المرجع السابق.
  48. أندريا كاربوني ولوكا نيفولا وثانوس بيتوريس “تقرير عن لجنة شؤون الأراضي ولجنة شؤون المتقاعدين قسرا في جنوب اليمن”، المعهد الأوروبي للسلام، سبتمبر/أيلول 2021، صفحة 33 – 39.
  49. نفس المرجع السابق، صفحة 40 – 41.
  50. نفس المرجع السابق، صفحة 33.
  51. ” شاهد: قائد امني يقر تحويل معسكر 20 الى اراضي سكنية لأسر الشهداء”، يمني سبورت، 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017. https://yemenisport.com/news/685712
  52. الرئيس هادي يوجه بوقف البناء واستقطاع أرضية المعسكر 20″ صحيفة الأيام، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2017. https://www.alayyam.info/news/76FKJGSV-PAHV35
  53. “محامية تتهم قائد عسكري بابتزاز أسرتها للاستيلاء على منزلهم الوحيد في “عدن””، الحرف، 11 أغسطس/آب 2018. http://alharf28.com/p-9919
  54. “امرأة عدنية صرخت واجنوباه: قصتها عدة مصادر” الضالع برس، 12 أغسطس/آب 2018. http://aldhlapres.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html
  55. “منظمة حقوقية بريطانية تتحدث عن جرائم قتل وتعذيب وهدم مساجد قام بها “النوبي” في معسكره بكريتر”، شبوة برس، 5 يونيو/حزيران 2019. https://shabwaah-press.info/news/58160
  56. “من هو إمام النوبي ومن هي الجهة التي تقف خلفه وكيف ساهمت ببناء إمبراطوريته العسكرية؟” عدن الغد نيوز، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2021. https://adengad.net/posts/571160
  57. مقابلة أجرتها الباحثة مع أحد ضحايا انتهاكات حقوق الملكية في عدن، سبتمبر/أيلول 2023.
  58. “كيف استخدم “الشوحطي” قوات الحزام الأمني لنهب الأراضي واعتقال المواطنين أصحاب العقود الرسمية؟”، موقع الأمناء نت، 3 أبريل/نيسان 2019، https://al-omana.net/m/details.php?id=86528
  59. “طوارئ أمن عدن تنهب أراضي المواطنين ببير فضل”، موقع الخبر اليمني، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، https://alkhabaralyemeni.net/2021/11/20/150847/
  60. تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رقم 91 بتاريخ 21 مايو 2018 بشأن نتائج المراجعة الوثائقية/ الفنية لإجراءات الأراضي من قبل مكتب الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني – عدن.
  61. نفس المرجع السابق.
  62. نفس المرجع السابق.
  63. بلال العبويني “قرار للحكومة اليمنية يشعل خلافا بين منشأتين في عدن”، موقع إرم نيوز، 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، https://www.eremnews.com/news/2352840
  64. نفس المرجع السابق.
  65. نفس المرجع السابق.
  66. “قرار حكومي بتحديد حرم ومساحة ميناء عدن يشعل الصراع بين المنطقة الحرة والميناء”، موقع الرصيف برس، 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، https://alraseefpress.net/?p=news_details&id=10260
  67. رعد الريمي، “أراضي الاستثمار في عدن: فساد يُهدد عالمية المدينة”، موقع ساوث 24، 22 مايو/أيار 2022، https://south24.net/news/news.php?nid=2702
  68. نفس المرجع السابق.
  69. خالد الليثي، “فساد مرفق بوثائق..بلاغ للنائب العام ضد رئيس المنطقة الحرة عدن”، موقع صوت العاصمة، 23 سبتمبر/ أيلول 2023، https://www.sawt-alasima.net/news/21045
  70. هاني اليزيدي، كلمة خلال ندوة “الاستخدام غير القانوني للأراضي والتعدي عليها، تدمير المستقبل” عدن، 2 فبراير/ شباط 2019.
  71. خالد سيدو، كلمة خلال ندوة “الاستخدام غير القانوني للأراضي والتعدي عليها، تدمير المستقبل”، عدن، 2 فبراير/ شباط 2019.
  72. “إرتياح واسع لقرارات محافظ عدن بشأن حماية الأراضي” عدن تايم نيوز، 17 ديسمبر/كانون الأول 2021. https://www.aden-tm.net/news/193061
  73. “منتسبو جامعة عدن يطالبون بحماية أراضيهم من النهب”، الحرف 28، 4 يناير/كانون الثاني 2023. https://alharf28.com/p-81825
  74. “الزبيدي يحسم الجدل بشأن المتورطين في نهب أراضي الدولة” المشهد اليمني، 17 يناير/ كانون الثاني 2023. https://www.sahafahh.com/show15353517.html
مشاركة