إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

الحرب بين إسرائيل وإيران – قراءة خبراء مركز صنعاء

Read this in English

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات عميقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على إيران. تمتد تداعيات هذه التطورات إلى ما هو أبعد من حدود الجمهورية الإسلامية، إذ تؤثر بشكل خاص على الوضع في اليمن، فقد برزت جماعة الحوثيين (أنصار الله) بوصفها آخر معاقل “محور المقاومة” الفعّالة، لا سيما بعد تراجع دور أركانه الآخرين، وفي مقدّمتهم حزب الله.
رغم أن الحوثيين سارعوا إلى إدانة الهجوم الإسرائيلي على إيران، إلا أن مدى قدرتهم على دعم حلفائهم بما يتجاوز الخطاب لا يزال غير واضح. أعلنت الجماعة إطلاق صواريخ باليستية على إسرائيل في 15 يونيو، وأكد المتحدث العسكري للجماعة، يحيى سريع، أن الهجمات نُفذت بالتنسيق مع إيران، لكن بعد أسبوع من هذا التصعيد، يبدو أن إيران تخوض المواجهة إلى حد كبير بمفردها، فيما ينصبّ خطاب الحوثيين، في الوقت الراهن، على الفلسطينيين في غزة.

قد تترك هذه الجولة من التصعيد تداعيات على جميع الأطراف اليمنية، وليس على الحوثيين وحدهم، بل على المعسكرالمناوئ لهم كذلك. إن نظامًا إيرانيًا منهكًا – وبالتالي حركة حوثية أضعف – قد يُشكّل فرصة استراتيجية لإعادة تشكيل ميزان القوى، لكن، وبعد أشهر من تبادل الهجمات بين إسرائيل والحوثيين، تثير المخاوف من أن ينزلق اليمن أكثر إلى أتون حرب إقليمية، ومن احتمال توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية داخل اليمن، قلقًا بالغًا بشأن التأثير المحتمل على شعب يعاني بالفعل من أوضاع إنسانية متردية.

في هذه الورقة، يقدّم خبراء مركز صنعاء – ماجد المذحجي، وعبدالغني الإرياني، وتوفيق الجند، وأسامة الروحاني – قراءاتهم للتطورات الأخيرة، ويطرحون رؤيتهم حول ما قد يعنيه هذا التصعيد الراهن بالنسبة لليمن.


“تبدو الفصائل الأخرى داخل المعسكر المناهض للحوثيين حريصة على اغتنام الفرصة، لكنها تظل مقيدة بتردد الرياض بشأن الانجرار إلى تصعيد عسكري يخدم أولويات إسرائيلية أو أمريكية.”

تحمل تداعيات التصعيد الحالي وزنًا هائلًا بالنسبة للحوثيين، لا سيما لقائدهم عبدالملك الحوثي، الذي جمع بين براغماتية ملحوظة في التكيّف مع المتغيرات، وإيمان راسخ بـ”الولاية الإلهية”، وثقة لا تتزعزع بحركته.
رغم أن هزيمة إيران أو إضعافها بشكل كبير سيمثل عبئًا استراتيجيًا ثقيلًا على عبدالملك، إلا أن ذلك قد يتيح له أيضًا فرصة استثنائية لإعادة تعريف موقعه، ليس فقط كوريث رمزي لحسن نصر الله، بل كبديل رمزي وعملي للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. قد يتحول عبدالملك إلى شخصية يلتف حولها أولئك الباحثون عن زعامة تقف في مواجهة النفوذ الغربي، لكن مثل هذا التحول الطموح يعتمد على قدرة الجماعة على النجاة من المواجهة القادمة دون أن تتعرض لانهيار كبير.

إن فقدان الإمدادات العسكرية الإيرانية، خصوصا الصواريخ والطائرات المسيّرة، سيمثل تحديًا خطيرًا للحوثيين، إذ تُشكّل هذه القدرات ركيزة تفوّقهم الاستراتيجي وأساس قوتهم الردعية في المنطقة. مع تراجع هذا الدعم، من المرجّح أن تصبح الجماعة أكثر حساسية تجاه قيود مواردها الذاتية، ما قد يدفعها إلى البحث عن شراكات بديلة، لاسيما مع الصين وروسيا.
كما قد يسعى الحوثيون إلى تعزيز علاقاتهم السياسية والأمنية مع جماعات دون الدولة وشبكات التهريب، خصوصًا على طول الساحل الشرقي لإفريقيا، من أجل تأمين مسارات نفوذ بديلة.

من المرجّح أيضًا أن تزداد مشاعر القلق لدى قيادة الجماعة من احتمال أن تكون الهدف التالي في في مسار تصعيد الصراع. يضع هذا الواقع الجماعة أمام خيارين: إما أن تبادر بشن هجوم استباقي ضد خصومها المحليين؛ أو أن تختار تقديم تنازلات والدخول في مفاوضات جديدة تُفضي إلى اتفاق سلام، وإن كان أقل سخاءً من ذلك الذي تتضمنه خارطة الطريق السعودية الحالية.

تبدو بعض الفصائل ضمن المعسكر المناهض للحوثيين متحمسة لاقتناص هذه اللحظة، لكنها تظل مقيّدة بتردّد الرياض في الانخراط في تصعيد عسكري يخدم أهدافًا إسرائيلية أو أمريكية. تُصرّ المملكة العربية السعودية على أن أي تحرك يجب أن ينسجم مع مصالحها الاستراتيجية، وليس مع مصالح حلفائها المحليين أو العواصم الغربية — وفي مقدمتها واشنطن. أما الإمارات فترى في هذا الوضع فرصة لتعزيز حضورها في السواحل، بينما تعمل مسقط على فتح قناة جديدة لخفض التصعيد بهدف حماية صنعاء والتوصّل إلى تسوية سياسية.

بالاقتران مع حالة الجمود الداخلي، من المرجّح أن تؤدي هذه التباينات الإقليمية إلى تعميق الانقسامات داخل معسكر مناهضي الحوثيين. سيزيد من حدّة هذا التوتر تصاعد مشاعر الإحباط تجاه الرياض، التي تواصل التحرّك وفق إيقاعها الخاص، دون إبداء اهتمام يُذكر بمصالح شركائها المحليين، أو بالضغوط الغربية المتزايدة.

إن استمرار التنافس والانقسامات داخل معسكر مناهضي الحوثيين يُضعف أي احتمال واقعي لمواجهة مباشرة مع الحوثيين ما لم يكن هناك دعم خارجي كبير. بالمقابل، يواجه الحوثيون قيودًا اقتصادية وأمنية متزايدة، تتفاقم بفعل الغارات الجوية، والعقوبات، والمؤشرات المتزايدة على بدء تنفيذ عمليات اغتيال موجهة. تفرض هذه العوامل مجتمعة ضغطًا هائلًا يعوق قدرتهم بشكل كبير، والنتيجة في اليمن هي حالة من الجمود الخطير: طرفان يتربصان ببعضهما البعض، دون أن يمتلك أيٌّ منهما القدرة على كسر حالة الاستعصاء.


“في نهاية المطاف، كلما تغيّرت السيناريوهات، كلما بقيت الأمور على حالها.”

تتصاعد وتيرة الصراع بين إيران وإسرائيل، مع ما يحمله ذلك من نتائج كارثية محتملة على منطقة الشرق الأوسط.
رغم صعوبة التنبؤ بمآلات الوضع على مستوى الإقليم ككل، فإن تأثيره على اليمن يبدو أكثر قابلية للتوقع، حيث يتمثل السيناريوهان الأرجح إما في نهاية تفاوضية للصراع بين إسرائيل وإيران، تُحقق الهدف الأمريكي المتمثل في منع طهران من امتلاك سلاح نووي، أو في هزيمة ساحقة لإيران تُوجّه ضربة قاتلة لشبكة “محور المقاومة” التابعة لها.

إذا خرجت إيران من هذا الصراع ضعيفة، ولكن غير منهارة بالكامل، فإن حلفاءها (الحوثيون) سيواصلون الاستفادة من الدعم الدبلوماسي الإيراني ومن المساعدات المادية السرّية، ولا سيما على شكل شحنات أسلحة.
داخليًا، سيبقى اختلال ميزان القوة العسكرية بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا، هو العقبة الأبرز أمام التوصّل إلى سلام متوازن ومستدام في اليمن. الحوثيون لا يتمتعون فقط بتفوق في عدد المقاتلين، بل استولوا أيضًا على الجزء الأكبر من ترسانة الجيش اليمني قبل الحرب، ويسيطرون على مؤسسات الدولة التي تتولى تحصيل الإيرادات العامة.
في ظل غياب تحسن جذري في إدارة وتركيبة الحكومة المعترف بها دوليًا، من المرجح أن يحتفظ الحوثيون بأفضلية واضحة في أية مفاوضات سلام قادمة.

من ناحية أخرى، إذا مُنيت إيران ووكلاؤها في “محور المقاومة” بضربة قاضية، فقد يخرج الحوثيون من هذا الصراع بخسائر محدودة نسبيًا، فالجماعة لا تعتمد اعتمادًا كاملًا على الدعم الإيراني، وعلى خلاف حزب الله في لبنان، يمتلك الحوثيون مصادر موثوقة للإيرادات المحلية. في هذا السيناريو، قد لا يخسر الحوثيون سوى جانب واحد جوهري: إذ من المرجح أن يُجبروا، لتجنّب المزيد من العقوبات أو الاستهداف، على التخلي عن برنامجهم الصاروخي ومخزونهم من الصواريخ. مثل هذه الخطوة ستُضعف قدرتهم على تهديد الملاحة في البحر الأحمر، واستهداف المصالح السعودية والإماراتية، لكن تفوّقهم العسكري على الحكومة اليمنية سيبقى دون تغيير يُذكر.

منذ السابع من أكتوبر 2023، أدركت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة أن هزيمة الحوثيين لا يمكن أن تتحقق من دون وجود قوات برية على الأرض، وقد بحثتا في إمكانية أن تتولى القوى اليمنية المناهضة للحوثيين هذا الدور، لكنّهما لم تقتنعا بإمكانية ذلك، ولم يتغير شيء في هذا الجانب، ولا يبدو أن ذلك سيتغير قريبًا. حتى الآن، لم تنجح الحكومة في إقامة قيادة موحّدة، والانقسامات بين المكونات المسلحة الموالية لها لا تزال عميقة، بينما لم تتراجع النزاعات الداخلية والفساد والضعف المؤسسي. من المرجح أن تواصل السعودية مساعيها لدفع الحوثيين نحو اتفاق ثنائي معها، حتى وإن جاء ذلك على حساب الحكومة ومكوّناتها المسلحة. في نهاية المطاف، مهما تغيّرت السيناريوهات، تظل الأمور على حالها.


“الغضب من إيران لا ينبع من تأييد لإسرائيل، بل من سخط عميق على بصمتها التخريبية في اليمن.”

“اللهم أهلك الظالمين بالظالمين.” هذه العبارة — وهي دعاء بهلاك المتصارعين جميعًا — تعبّر عن المزاج العام السائد في اليمن، وتعكس حالة عداء مشترك تجاه كل من إيران وإسرائيل، مع وجود استثناءات محدودة.

مع ذلك، من المنصف القول إن القناعة الراسخة في الوعي الجمعي اليمني — والتي طالما اعتبرت إسرائيل العدو النهائي — قد تآكلت جزئيًا، وإن لم تختفِ تمامًا. لا يزال من الصعب على خصوم الحوثيين التعبير عن تأييد علني لإسرائيل، حتى عندما تقصف طائراتها مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، أو حتى عند استهدافها لإيران نفسها، وقد سارع العديد من منتقدي الحوثيين إلى إدانة الهجمات على طهران، رغم أنها تُعد الخصم الرئيسي لهم منذ أكثر من عقد، بوصفها الداعم الأساسي للحوثيين. وتتجلى هذه الازدواجية بوضوح في أوساط الإسلاميين، الذين هلّلوا لهجمات الحوثيين على إسرائيل طالما أنها جاءت تحت راية القضية الفلسطينية ودعمًا لغزة.

يكشف النظر عن كثب في الخطاب العام — سواء من خلال الأحاديث المتداولة في الشارع أو عبر منشورات وسائل التواصل الاجتماعي — عن طيف واسع من المواقف المختلفة بحسب مناطق السيطرة. في المناطق الخاضعة للحوثيين، يمتنع كثيرون عن التعبير الصريح عن تأييدهم لإيران، لكنهم مع ذلك يتداولون أخبار ضرباتها ضد إسرائيل، ويذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، معبّرين عن تعاطف مع طهران، ومادحين قادتها و”نضالهم” — وغالبًا ما يكون هؤلاء من أشد الموالين للحوثيين. مع ذلك، يسود شعور بالشماتة لدى قطاعات أوسع من السكان، يتجلى في همسات عن ضعف إيران المتسارع وهشاشتها، على الرغم من صورتها الذاتية كقوة إقليمية كبرى. لكن التعبير العلني عن موقف مناهض لإيران لا يخلو من المخاطر، مما يجعل من الصعب التمييز بين ما يختلج في صدور الناس من مواقف خاصة، وما يُضطرون لإظهاره من مواقف علنية تتماشى مع الخطاب العام المفروض.

في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، تسود نظرة ناقدة بشدة تجاه طهران، غالبًا ما تكون ممزوجة بالسخرية والتشفّي من محنتها. يرافق ذلك في العادة تذكير بتدخل إيران في الشأن اليمني ودورها في تمكين العنف الحوثي. مع ذلك، نادرًا ما تُسجّل مواقف تُظهر انحيازًا صريحًا لتل أبيب، فالغضب من إيران لا ينبع من دعم لإسرائيل، بل من استياء عميق تجاه بصمتها التخريبية في اليمن، ولا يزال إعلان التأييد العلني لإسرائيل أمرًا محفوفًا بالمخاطر اجتماعيًا، خصوصًا في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر، إذ قد يعرّض صاحبه لردود فعل قاسية حتى داخل دوائره الاجتماعية الضيقة.

يتمتع اليمنيون المقيمون في الخارج بحرية أكبر في التعبير عن مواقفهم، والتي تميل في الغالب إلى معاداة إيران، بل إن بعض المحللين اليمنيين البارزين لا يترددون في إظهار قدر من التعاطف مع إسرائيل والولايات المتحدة. لا يُعدّ هذا التوجه مفاجئًا، نظرًا لكون كثير منهم غادروا اليمن هربًا من حكم الحوثيين، ويعتبرون طهران الجهة المسؤولة عن تهجيرهم. مع ذلك، شهدت الأيام الأولى عقب اندلاع الأعمال العدائية موجة من المنشورات عبر الإنترنت تسعى إلى تأطير الرأي العام ضمن منظومة القيم الإسلامية، وبالأخص وفق مبدأ “الولاء والبراء”. هذا التأطير الديني واجه اعتراضات من آخرين رأوا أن السياسة لا ينبغي أن تُربط بالأحكام الدينية، بل أن تنطلق من المزاج الشعبي والمصلحة الوطنية كما تُدرَك. لقد لجأ الحوثيون صراحة إلى استخدام التأطير الديني لتعزيز موقفهم الداعم لطهران والمعادي لإسرائيل، في حين لجأت بعض الشخصيات الدينية المحسوبة على معسكر الحكومة المعترف بها دوليًا إلى إصدار تبريرات دينية مماثلة لمواقفهم. لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه السجالات نابعة فعلاً من تفاعلات مجتمعية عضوية، أم أنها موجهة عمدًا للتأثير في الرأي العام.


“تمارس مسقط الآن ضغوطًا ملحوظة على الحوثيين، ولم تعد ذلك الحليف الإقليمي الصامت قليل المطالب وعديم التوقعات.”

رغم أن خطر اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران ظل مصدر قلق عالمي لفترة طويلة، إلا أن هذا الخطر أصبح اليوم واقعًا، فالأحداث تتسارع لرسم مستقبل جديد للمنطقة، وربما يكون اليمن من بين أكثر الدول تأثرًا بذلك بشكل مباشر.
يرتبط الصراع في اليمن، الذي بدأ مع سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014، ارتباطًا وثيقًا بإيران، التي مثّلت لسنوات الداعم الرئيسي والشريك الاستراتيجي للجماعة. ببساطة، فإن التدخل الإيراني كان العامل الحاسم في ما حققه الحوثيون من مكاسب وتمدد. مع ذلك، لا يعني هذا أن الحوثيين مجرد وكلاء لطهران؛ بل إن مصالح الطرفين باتت مترابطة على نحو دائم، وتحالفهما الذي ينعكس كاعتماد متبادل أحيانا، لا يزال قويًا ومتينًا.

إذا ما تعرّضت إيران لانتكاسة كبيرة أو هزيمة في هذا الصراع، فمن المرجح أن يفقد الحوثيون الدعم الذي اعتادوا تلقيه من طهران. في حال غياب الجمهورية الإسلامية، ستنحصر قائمة أصدقاء الحوثيين بشكل أساسي في سلطنة عُمان، التي تبقى حليفًا إقليميًا داعمًا بحذر. بالمقابل، لا تزال السعودية تبدي قلقًا متزايدًا من تصرفات الجماعة التي باتت أكثر تهورًا.

عقب الحملة الجوية الأمريكية، بدأ الحوثيون يشعرون بضغط متزايد من سلطنة عُمان، ما يُمثّل تحوّلًا عن موقفها الداعم للجماعة ضمنيا وبشكل غير معلن، لقرابة عقد من الزمن. عندما صعّد الحوثيون من هجماتهم على خطوط الملاحة في البحر الأحمر، وبدأ العُمانيون يعيدون النظر في تبعات ارتباطهم المُفترض بالجماعة، ووجدوا أنفسهم مضطرين إلى إعادة ضبط موقفهم، استجابة للمتغيرات الإقليمية والدولية. باتت مسقط تمارس الآن ضغوطًا ملموسة على الحوثيين، ولم تعد ذلك الحليف الإقليمي قليل المطالب وعديم التوقعات. لقد لعبت الجهود الدبلوماسية العُمانية دورًا رئيسيًا في تثبيت الهدنة بين الحوثيين والولايات المتحدة عقب عملية “الراكب الخشن”، وكذلك في الإفراج عن عدد كبير من المحتجزين لدى الجماعة هذا العام.

في الوقت ذاته، تتعرض إيران — الحليف الإقليمي الأبرز للحوثيين — لهجمات وإهانات متكررة، وفي ظل تضاؤل خياراتهم، يواصل الحوثيون التعبير عن دعمهم لطهران من خلال مهاجمة إسرائيل، إلا أن هذه التحركات ليست جديدة، ولا تُعد ذات أهمية استراتيجية تُذكر. في الواقع، يرزح الحوثيون اليوم تحت ضغط غير مسبوق، جزء منه يعود لتراجع قوة حليفهم الأساسي، والجزء الآخر لأنهم يدركون أنهم قد يكونون الهدف التالي. رغم أن الحوثيين قد يتجنبون، في الوقت الراهن، استهداف المصالح الأمريكية، فإن أي تدخل أمريكي مباشر إلى جانب إسرائيل قد يطيح بالهدنة الهشة القائمة مع واشنطن، ويفتح الباب أمام موجة جديدة من الضربات الانتقامية، ويزيد من عزلتهم إقليميًا ودوليًا.

إن تحييد الدعم الإيراني للحوثيين من شأنه أن يدفع الفاعلين الإقليميين إلى مواصلة دعم المعسكر المناهض للحوثيين، ويشجّع على تنسيق الجهود المحلية والإقليمية والدولية لإنهاء سيطرة الجماعة. إذا لم تُهزم إيران في هذا الصراع — أو إذا لم يتم تحييد دعمها للحوثيين ضمن تسوية أوسع — فمن المرجّح أن يبقى الوضع في اليمن على حاله في المستقبل المنظور.


هذه التحليلات ضمن سلسلة من الإصدارات التي يُعدّها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، بتمويل من حكومة مملكة هولندا. تتناول السلسلة قضايا ذات طابع اقتصادي وسياسي وبيئي، وتهدف إلى إثراء النقاش وصناعة السياسات المرتبطة باليمن، بما يعزّز فرص تحقيق سلام مستدام. الآراء الواردة في هذا النص لا تعبّر بالضرورة عن موقف مركز صنعاء أو حكومة هولندا.

مشاركة