*ملاحظة المحرر: الكاتب هو محلل سياسي يمني على دراية بالديناميكيات الداخلية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا. هو يكتب باسم مستعار خشية الانتقام ولكي يتمكن من التعبير بصراحة.
مقدمة
في 30 ديسمبر/كانون الأول، وبعد دقائق فقط من هبوط طائرة الخطوط الجوية اليمنية التي تقل على متنها وزراء الحكومة الجديدة في مطار عدن، سقطت ثلاثة صواريخ في أقل من دقيقة على مدرج المطار وصالة الاستقبال، وأسفرت عن مقتل 26 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 100 آخرين. لكن هذا الهجوم فشل في تحقيق هدفه بالقضاء على وزراء الحكومة الجديدة.
ومما لا شك فيه أن الموقع المستهدف وتوقيت الهجوم لهما دلالة كبيرة، إذ أن عدد الصواريخ التي أُطلقت خلال هذا الوقت القصير يشير إلى أن الفاعل لم يكن ينوي التخويف أو التهديد فحسب بل كان ينوي نسف كل شيء: الحكومة الجديدة، واتفاق الرياض الذي تمكّن من جمع الفصائل المتنافسة للتوصل إلى توافق وتشكيل حكومة الوحدة، والجهود الرامية للتوصل إلى عملية سلام شامل في اليمن. ولو لم يتأخر رئيس الحكومة والوزراء في النزول من الطائرة، لكانت محاولة الاغتيال قد نجحت على الأرجح، وكان اليمن في وضع مختلف جدًا اليوم.
لم تتشكل الحكومة الجديدة في بلد مستقر ومن حزب واحد أو من ائتلاف أحزاب متوافقة، بل تشكلت بعد مفاوضات طويلة وصعبة من أطراف متقاتلة تملك آلاف المقاتلين والألوية والأسلحة الثقيلة ولا تتفق مع بعضها على المبادئ والمسارات أو الغايات. بدأت عملية التشكيل هذه في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 عند توقيع اتفاق الرياض، الاتفاق الذي رعته السعودية لإنهاء النزاع بين الحكومة المعترف بها دوليًّا والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي؛ وتشكيل حكومة وحدة. تزامنت المفاوضات لتشكيل الحكومة مع استمرار القتال بشكل متقطع بين الطرفين خلال 2020، وتم الاتفاق على تشكيل حكومة تتألف من 24 وزيرًا في 18 ديسمبر/كانون الأول. عملت الحكومة اليمنية من المنفى لسنوات، بالتالي كان وصولها إلى عدن بمثابة احتفال بالعودة إلى الوطن غير أن الهجمات التي استهدفت المطار فور وصولها كادت أن تفرق شملها وتنهي هذا التوافق الذي طال انتظاره.
بات اليمن اليوم عند نقطة انعطاف فيما تواجه الحكومة التي شُكلت في ديسمبر/كانون الأول 2020 تحديات جمّة. ستحدد قدرة هذه الحكومة الجديدة على معالجة القضايا الهامة وجمع المشهد السياسي الممزق؛ نجاحها أو فشلها في كسب ثقة اليمنيين، والحكم بقدر عال من الشرعية، وبالتالي تحدد التوجه المستقبلي للبلاد. تحلل مذكرة السياسة هذه الأولويات الأساسية للحكومة والفرص المتاحة أمامها والتحديات والمخاطر التي تواجهها من قِبل أطراف فاعلة محلية ودولية؛ بهدف تقييم فرص الحكومة في تحقيق المزيد من الاستقرار، وتخفيف حدة العنف والتوترات السياسية، وتمهيد المسار أمام عملية سياسية لإنهاء الصراع. كما تشمل المذكرة توصيات حول كيف يمكن أن يساهم أصحاب المصلحة الدوليين نحو نجاح واستقرار الحكومة الجديدة.
حكومة ذات رمزية سياسية
على الأرجح، أن من شن الهجوم على مطار عدن كان يدرك جيدًا أن القضاء على الحكومة سيثير ردود فعل محلية ودولية قاسية، ولكنه مضى قدمًا بتنفيذ هذه الخطة المتهورة والمجازفة بغض النظر عن العواقب. هذا ليس فقط دليلًا دامغًا على أهمية هذه الحكومة ولكنه يعكس أيضًا حجم التهديدات والتحديات الجديّة التي تواجهها. تجدر الإشارة هنا إلى أن أهمية هذه الحكومة لا تكمن في شخوصها وخبرتهم الاستثنائية، فالعديد منهم لم يتولَ أي منصب حكومي رفيع من قبل، بل تكمن في الرمزية السياسية التي تمثلها.
بعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، كان كثير من اليمنيين يأملون أنها قد تحقق قدرًا أكبر من الاستقرار كونها وفرت مظلة تجمع أطياف واسعة من معظم الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد.[1] يُعد تشكيل هذه الجبهة الموحدة على المستوى الحكومي إنجازًا مهمًّا إذ أنه يُعد خطوة أساسية نحو التفاوض لاحقًا على سلام شامل لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد. كما جاء تشكيل الحكومة لتدارك القلق المتزايد محليًّا ودوليًّا من الانهيار الكامل للدولة اليمنية خلال العام الماضي وسط الانتكاسات العسكرية في مواجهة جماعة الحوثيين المسلحة، وترسيخ المليشيات والجهات الفاعلة غير الحكومية لنفوذها في المناطق الخاضعة اسميًّا لسيطرة الحكومة. هذا فضلًا عن الآمال المعلقة على الحكومة للعمل فورًا لوقف التدهور الاقتصادي في البلاد، وتحسين الوضع الإنساني، والتركيز على تأمين الخدمات الأساسية.
ولكن أحد النواحي السلبية هي فشل الأطراف الممثلة بالحكومة في ترشيح نساء لتولي مناصب داخل الحكومة. ظهر هذا الخطأ الفاضح عندما تسربت تشكيلة الوزراء النهائية للإعلام، ولكن لم تؤخذ أي خطوة لتعديل التشكيلة المتفق عليها. تُعد هذه الحكومة اليمنية الأولى التي لا تشمل أي نساء منذ 20 عامًا.
ومع هذا، تمثل هذه الحكومة، من عدة نواح، الفرصة الأخيرة نحو تحقيق المزيد من الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة فضلًا عن أنها خطوة محتملة نحو إحقاق سلام شامل في البلاد. هناك إدراك واسع أنه في حالة انهيار هذا التوافق وحل الحكومة، سيكون من شبه المستحيل جمع الأطراف التي وضعت خلافاتها جانبًا على مضض مجددًا. الرهان كله على الدولة، ومستقبل اليمن على المحك.
أولويات الحكومة
لدى الحكومة الجديدة قائمة مهام طويلة وملحة لا بد من إنجازها. معظم التحديات التي تواجهها ليست جديدة إذ أنها مهام فشلت الحكومات السابقة التي شابتها خلافات داخلية وعمل معظم أعضائها من خارج اليمن في إنجازها. كما أن التأخير في تشكيل الحكومة لمدة سنة أضاع وقتًا ثمينًا. وبحسب رئيس الوزراء معين عبدالملك، فإن أولويات الحكومة هي: “إصلاح الاقتصاد، ووقف تدهور قيمة الريال اليمني، ومحاربة الفساد“.
تشمل المهام الأخرى المتوقع من الحكومة الجديدة إنجازها:
- استكمال تنفيذ الشق الأمني والعسكري لاتفاق الرياض.
- التركيز على الملف الإنساني والإغاثي ورفع مستوى التنسيق الحكومي مع الجهات الدولية العاملة في هذا المجال.
- وقف انهيار الخدمات العامة (كهرباء ومياه وصحة وتعليم) وبالأخص في العاصمة المؤقتة عدن.
- استعادة ثقة المواطن بالحكومة، نظرًا لأن الحكومات السابقة لم تفِ بوعودها مرارًا وتكرارًا.
- تفعيل مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية، لا سيما في المناطق التي أضعف فيها النزاع المستمر التزام المواطنين بالقانون والنظام واحترام هيبة الدولة، ما أدى لشيوع الاستيلاء على ممتلكات الغير والبناء غير المنظم والانفلات الأمني.
- ضبط النفقات الحكومية ومحاربة الفساد وخصوصًا فيما يتعلق بالملفات التي تعد الأكثر كلفة على الخزينة العامة، مثل استيراد المنتجات النفطية لتوليد الكهرباء، وحذف الأسماء الوهمية على قوائم رواتب القطاعين العسكري والمدني.
- معالجة الاختلالات الاقتصادية في البلاد، ورفع حجم عائدات الدولة لا سيما من صادرات النفط والغاز في محافظتي مأرب وشبوة.
- زيادة العوائد من الضرائب والجمارك خصوصًا مع الفاعلين الاقتصاديين الرئيسيين الذين يتهربون من السداد، والتركيز على جباية فواتير الماء والكهرباء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة؛ إذ معظمها لم تُسدد بسبب غياب سلطة الدولة.
- إخضاع الجماعات المسلحة والقوات التابعة للأطراف المشاركة في الحكومة لسلطة الدولة المركزية والحكومة في عدن.
فرص النجاح
تواجه هذه الحكومة تحديات غير مسبوقة، ولكن الظروف السياسية السائدة توفر لها فرصًا استثنائية. فكما ذكرنا سابقًا، هناك شعور عام بالتفاؤل وثقة شعبية بهذه الحكومة في أوساط اليمنيين، ما يشجعها على العمل لتحقيق فرق ملموس. تحظى الحكومة الجديدة أيضًا بتأييد المجتمع الدولي، كما أن دعم السعودية والإمارات لرئيس الحكومة معين عبدالملك تحديدًا قد يسهّل على الحكومة تنفيذ أجندتها؛ نظرًا لتأثير الطرفين الرئيسيين في التحالف العربي على العديد من الأطراف اليمنية الفاعلة على الأرض.
تتسم الحكومة الجديدة بصغر حجمها وعدم وجود خصومة بين أعضائها، على عكس الحكومة السابقة التي كانت تتألف من 36 وزيرًا والعديد من نواب رئيس الوزراء، وغالبًا ما كانت جلساتها غير فعّالة إثر نشوب خلافات داخلية بين أعضائها. كان الخلاف الأكبر حينها بين رئيس الوزراء عبدالملك من جهة ونائبه وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل صالح الجبواني من جهة أخرى. احتفظ الأول بمنصبه كرئيس للوزراء في الحكومة الجديدة، على عكس الأخيرين.
يبلغ عدد الوزراء في الحكومة الجديدة 24 وزيرًا، ما يجعلها أصغر حكومة في تاريخ اليمن الحديث. كما أنه لم يعيّن أي نواب لرئيسها، وهذا لم يحصل سوى مع حكومة محمد باسندوة (ديسمبر/كانون الأول 2011 – سبتمبر/أيلول 2014). من شأن هذه العوامل الحد من التحديات التي تواجه سلطة رئيس الوزراء وتساعده على الدفع قُدمًا في عمل الحكومة بكل قوامها.
يُعد حرص الفصائل السياسية المشاركة في الحكومة على عدم اختيار أفرادها الأكثر تشددًا لتمثيلها مؤشرًا إيجابيًّا يصب في صالح الحكومة؛ إذ يُنظر إلى هؤلاء الممثلين على أنهم غير صداميين بشكل عام. على سبيل المثال، الوزراء المختارون لتمثيل حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي -الذي يُمثل لأول مرة في الحكومة منذ تأسيسه- ليس لديهم تاريخ عدائي ضد بعضهم. تعود هذه الجهود الرامية لتحقيق أكبر قدر من التناغم لرئيس الوزراء إذ تفادى أي تصادم جاد مع القوى السياسية الرئيسية خلال العامين المنصرمين، وحرص على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الأطراف المتنافسة من بينها الإصلاح والمجلس الانتقالي. جاءت الهجمات التي استهدفت المطار لتعزز القناعة أن الجميع مستهدف في هذه الحكومة، وبالتالي يتشارك أعضاؤها المصير نفسه.
وأخيرًا، يبدو أن اليمنيين الداعمين للحكومة والمجلس الانتقالي يميلون نحو التوافق، فمعظمهم، والعدنيين تحديدًا، لا يؤيدون تجدد القتال في العاصمة المؤقتة التي لطالما انتاب سكانها مخاوف من اندلاع أي معارك في الوقت الذي استمر القتال في محافظة أبين المجاورة خلال العام المنصرم. كما أن المقاتلين المنهكين، سواء التابعين للحكومة أو للمجلس، لا يروا مغزى لاستئناف القتال. أما بالنسبة للحكومة، فإن أولوية مسؤوليها هي مواجهة تهديد جماعة الحوثيين التي حققت انتصارات مهمّة في نهم والجوف ومأرب منذ أوائل عام 2020؛ مستغلة انشغال الحكومة بمواجهة المجلس الانتقالي. أما بالنسبة للموالين للمجلس، فيبدو أن هناك إدراك متزايد أن الانفصال غير مرجح في المدى القريب؛ خاصة بعد فشل المجلس في الإدارة الذاتية لعدن والمحافظات الجنوبية، وتحقيق أي تحسن يذكر على صعيد الحكم وتأمين الخدمات.
التهديدات والتحديات
التهديدات والتحديات التي قد تواجه الحكومة وتنعكس على نجاحها ومدى بقائها في السلطة تأتي من قوى محلية وأجنبية مختلفة تشمل: الحكومة نفسها، والرئيس عبدربه منصور هادي، ونائب الرئيس علي محسن الأحمر، وحزب الإصلاح، وحلفاء الرئيس هادي المتشددين، وجماعة الحوثيين المسلحة وإيران، والجماعات الجهادية، والقاعدة في جزيرة العرب والدولة الإسلامية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والمكونات المدعومة من الإمارات غير المجلس الانتقالي (مدير أمن عدن السابق شلال علي شايع، العميد طارق صالح، ألوية العمالقة)، الإمارات والسعودية.
الحكومة وأداؤها
أظهرت الحكومة حتى الآن انسجامًا بين أعضائها بعد عودتهم إلى عدن، ولكن ديمومة هذه الوحدة تمثّل أولى التحديات التي تواجهها. فالخلاف بين الحكومة والمجلس الانتقالي حول البنود التي لم تُطبق بعد من اتفاق الرياض ما يزال قائمًا. على سبيل المثال، ما يزال تسليم أمن عدن للمدير الجديد شكليًّا وما تزال قوات كلا الطرفين متمركزة في معظم المواقع التي كان عليها الانسحاب منها في عدن وأبين ولحج.
قد يؤدي احتمال ظهور خلافات مجددًا مع الوقت إلى تمترس كل طرف وراء ميليشياته المسلحة المنتشرة في عدن ومحيطها. وبالتالي قد يسفر هذا التوتر المتنامي عن انقسام الحكومة. تُعد الحكومة التي تتألف من تكتلات متضادة تعمل على إضعاف الخصوم بدلًا من التركيز على أجندتها الخطر الأكبر لاستمراريتها، كما تهدد بانهيارها من الداخل.
تجنّب رئيس الوزراء معين عبدالملك خلال ترؤسه الحكومة السابقة أي مواجهات مع الأطراف السياسية الرئيسية في اليمن. كان العمل لإرضاء هادي وأبنائه وعلي محسن وحزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي والسعودية والإمارات أمرًا صعبًا للغاية، غير أن هذه الاستراتيجية نجحت. ولكن الاستمرار على هذا النهج في الحكومة الجديدة قد يجعله رئيس وزراء ضعيف وعاجز؛ إذ سيتجنّب أن يمارس أي ضغوط، وأن يتخذ القرارات التي تصب في مصلحة البلاد بهدف البقاء في منصبه.
تشمل التحديات الأخرى الشق المالي؛ فخزينة البنك المركزي شبه فارغة. فضلًا عن أن الموارد الحكومية شحيحة بينما شارفت الوديعة السعودية على النفاد. وفي عدن تحديدًا، هناك سخط شعبي نتيجة تدهور مستوى الخدمات وانعدام الأمن السائد فيها. سيحلُّ فصل الصيف قريبًا، وحال استمر مستوى الخدمات بالتدهور، لا سيما الكهرباء، قد يتنامى تذمر المواطنين من الحكومة. وبالتالي، فإن فشل الحكومة في تحقيق أي نجاح حقيقي لتحسين الاقتصاد ومستوى الخدمات وتطبيع الحياة في المناطق التي تسيطر عليها، سيؤدي إلى انحسار التأييد الشعبي لها. يجب أن تنظر الحكومة إلى اقتحام متظاهرين قصر معاشيق الرئاسي في 16 مارس/آذار كتحذير حول مخاطر فشلها في معالجة هذه الملفات.
الرئيس عبدربه منصور هادي
لدى الرئيس هادي تاريخ طويل في عدم التزامه بالاتفاقيات التي تحد من احتكاره للسلطة. وكلما حاول طرفًا ما معارضة قرارته الأحادية، يلوّح هادي بسيف “الشرعية الدستورية” الممنوحة له بصفته رئيسًا منتخبًا للبلاد.
صعد هادي إلى الحكم عام 2012 بفضل مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي هدفت إلى إنهاء حالة عدم الاستقرار السياسي السائدة حينها. وبحسب المبادرة، كان على الرئيس أن يتشارك السلطة مع رئيس الحكومة آنذاك محمد سالم باسندوة، ممثل تكتل أحزاب اللقاء المشترك الذي يضم الأحزاب المعارضة الرئيسية في اليمن، إلا أن هادي سرعان ما بدد أوهام تقاسم السلطة واستفرد بكثير من القرارات إذ عَمِد مثلًا إلى تجاوز رئيس الحكومة وتغيير وزراء دون أي استشارات. أغضب هذا الأمر الأطراف الأخرى في الحكومة آنذاك، ولكنهم لم يستطيعوا فعل شيء.
وعام 2016، اتخذ هادي قرارًا أحاديًّا بإقالة نائبه ورئيس الوزراء خالد بحاح، ما أغضب الكثير من التيارات السياسية اليمنية والسعودية والإمارات اللتين تدخلتا في اليمن ضمن سياق الهدف المعلن بإعادة هادي إلى السلطة في صنعاء. ولكن حتى الرياض وأبو ظبي لم يكن بوسعهما فعل الكثير للتأثير على تصرفات الرئيس هادي بعد أن ذكرهم بشرعيته مجددًا، وأن تدخّل التحالف في اليمن يستند إلى هذه الشرعية. أخذ هادي خطوة مماثلة في أبريل/نيسان 2017 عندما أقال محافظ عدن عيدروس الزُبيدي المدعوم إماراتيًّا، وسرّعت هذه المحاولة إضعاف الخصوم من تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الزُبيدي. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، أقال هادي، ودون أي مؤشرات سابقة، رئيس الوزراء أحمد بن دغر وأحاله إلى التحقيق على خلفية “الإهمال الذي رافق أداء الحكومة”.
بات واضحًا أن هادي يستمد قوته من حقيقة أن جميع الأطراف تحتاج إلى الشرعية التي يؤمنها هو. وفي حالة حكومة عبد الملك الحالية، لا يزال الرئيس هادي يمثل تهديدًا نظرًا لأن صلاحياته الدستورية “وشرعيته” تمنحه سلطة أكبر من بنود اتفاق الرياض التي تقيّد حكومته. وبالتالي، هناك دائمًا احتمال بأن هادي قد يقدم في أي لحظة، ودون سابق إنذار وبناءً على حسابات لا تمت لعمل الحكومة بصلة، أن يطيح بالحكومة بجرة قلم.
نائب الرئيس علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح
يلعب الجنرال علي محسن وحزب الإصلاح دور المقاتل والمفاوض في غاية الذكاء. فهم مع موقف الحكومة الشرعية في المشاركة في الحوار والتوصل إلى توافق ولكنهم في نفس الوقت مستعدون للقتال مدعومين بقوات شديدة الولاء لهما على الأرض.
بعد سيطرة المجلس الانتقالي على عدن في أغسطس/آب 2019، وطرده الحكومة والقوات الموالية لهادي قبل التوجه شرقًا والسيطرة على أبين، كان حزب الإصلاح ونائب الرئيس علي محسن الأحمر يستعدون لمواجهة حاسمة في شبوة التي كانوا يعدونها آخر معاقل الحكومة في وجه تمدد الانتقالي للسيطرة على جميع المحافظات الجنوبية. وبعد أن هزمت القوات الحكومية المدعومة من علي محسن والإصلاح قوات الانتقالي في عتق، عاصمة شبوة، شنت هجومًا مضادًا من أبين وتقدمت نحو عدن بهدف إعادة الحكومة إلى السلطة وتقليص قوة الانتقالي بشكل حاسم. ولكن توقف هذا التقدم نحو العاصمة المؤقتة بعد أن قصفت المقاتلات الإماراتية القوات الحكومية على أبواب عدن، وأجبرت الأخيرة على التراجع إلى قواعد مؤقتة في شقرة بأبين. أدرك حينها حزب الإصلاح وعلي محسن أن التحالف لن يسمح بشن هجوم عسكري على عدن، ما اضطرهما إلى القبول بالمفاوضات التي ترعاها السعودية في جدة والتي أفضت في نهاية المطاف إلى توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر من العام نفسه. وبالرغم من تأييدهما الاتفاق على مضض علنًا، إلا أن قواتهم المرابضة على امتداد خطوط المواجهة في أبين استغلت كل فرصة خلال عام 2020 لإحراز أي تقدم عسكري وتجاوز اتفاق الرياض.
سيستمر حزب الإصلاح وعلي محسن بالانخراط في السياسة والعمل على تطبيع وجود الحكومة في عدن كون ذلك يمثل عودة نفوذهم إلى عدن، بعد سنين من جهود المجلس الانتقالي والإمارات لإضعافهم وحلفائهم في العاصمة المؤقتة. يشارك حزب الاصلاح السيطرة على عدن مع المجلس الانتقالي، بينما لا يشاركه الأخير في سيطرته على مأرب وشبوة وتعز وشمال حضرموت.
سيشكل كل من حزب الإصلاح وعلي محسن تهديدًا جسيمًا على التوافق الحالي للحكومة في حال رأيا أنها تعمل ضد مصالحهما وأهدافهما. ومن المرجح أنهما سيحاولان تأجيل تنفيذ بنود اتفاق الرياض المتعلقة بانسحاب القوات الموالية لهما من أبين وشبوة وتعيين بديل لمحافظ شبوة محمد بن عديو، العضو في حزب الإصلاح.
حلفاء هادي المتشددون
اعتمد الرئيس هادي في معاركه ضد المجلس الانتقالي والإمارات على شبكة موالية له من القيادات السياسية والعسكرية. أبرز الموالين على المستوى السياسي هم وزير الداخلية السابق أحمد الميسري ووزير النقل السابق صالح الجبواني، اللذان قادا الجهة الحكومية في المعركة الخاسرة ضد المجلس الانتقالي في عدن في أغسطس/آب 2019، ومحافظ شبوة الحالي محمد بن عديو. أما أبرز القادة العسكريين فهم قادة ألوية الحماية الرئاسية وقادة الجيش وقوات الأمن الخاصة في أبين وشبوة.[2] هذه الشبكة من المتشددين لا تمثل بالضرورة قناعات كامل القوات الحكومية، فليس كل أفراد القوات الحكومية ولا كل التشكيلات المنضوية تحت راية الحكومة تؤيد المواجهة العسكرية ضد المجلس الانتقالي والقوات المدعومة إماراتيًّا.[3]
حلفاء هادي المتشددون، الذين يُعرفون بشدة عدائهم للمجلس الانتقالي والإمارات، مقتنعون أن الحكومة الشرعية لن تفرض سيطرتها على المحافظات الجنوبية عبر تنفيذ اتفاق الرياض بل عبر سحق قوات المجلس الانتقالي عسكريًّا. دفعهم هذا العداء إلى التحالف مع الجنرال علي محسن والإصلاح لمقاتلة المجلس الانتقالي قبل توقيع اتفاق الرياض وبعده. لم يستسلموا إلا مؤخرًا بضغط من الرئيس هادي وبعد انسحاب القوات الموالية لعلي محسن من جبهات القتال في أبين.
ولكن أمام الرئيس هادي معضلة هنا؛ فاتفاق الرياض ينص على تغيير جميع القيادات المتورطة بمواجهات أغسطس/آب 2019.[4] كما يلح المجلس الانتقالي، بدعم من الإمارات على تغيير محافظ شبوة، بن عديو، والقيادات الأمنية والعسكرية في شبوة وأبين، أو انسحابه من اتفاق الرياض والحكومة. هذا الأمر يعني أن على الرئيس هادي أن يضحي ببعض أكثر حلفائه ولاءً.
وبالتالي، هؤلاء الموالون سيستمرون على الأرجح في العمل ضد تنفيذ المزيد من بنود اتفاق الرياض إلا إذا وجد هادي والسعودية طريقة ما لاحتوائهم وضمان مصالحهم. وحتى ذلك الحين سيمثلون تهديد مستمر لاستقرار حكومة الوحدة.
الحوثيون وإيران
تتهم الحكومة بشكل رسمي جماعة الحوثيين باستهداف مطار عدن بصواريخ دقيقة إيرانية الصنع. كما أشارت استخبارات المصادر المفتوحة وتحقيق للأمم المتحدة إلى أن الحوثيين هم على الأرجح من شن الهجوم، ما يعني تحولًا استراتيجيًّا في قائمة أهداف الحوثيين. استهدفت جماعة الحوثيين وزير الدفاع من قبل وبعض القادة العسكريين البارزين، ولكنها لم تستهدف قط الحكومة بأكملها. وبالتالي، إذا افترضنا أن الحوثيين هم المسؤولون عن الهجوم على مطار عدن، فإن ذلك يعني أنهم يمثلون تهديدًا مباشرًا ووجوديًّا على الحكومة الحالية.
تعتقد جماعة الحوثيين أن التوافق الذي تم التوصل إليه بموجب اتفاق الرياض؛ وأوقف الصراع بين الحكومة والمجلس الانتقالي وحّد الطرفين ضدها. كما أنها ترى أن عودة الحكومة إلى عدن من الرياض ونجاحها المحتمل في إعادة تفعيل قطاع الخدمات ووقف تدهور قيمة العملة سوف يقويها شعبيًّا، ليس فقط في المناطق المحررة بل أيضًا في مناطق سيطرة الحوثيين. من شأن هذه النتيجة المحتملة أن تهدد الدعم الشعبي الذي يحظون به وأن تضعف مزاعمهم بأنهم الممثلون الشرعيون لحكومة اليمن.
أما إيران، فإنها ترى على الأرجح أن أي تعزيز لقوة حلفاء السعودية في اليمن (تحديدًا حزب الإصلاح وبدرجة أقل، المجلس الانتقالي الجنوبي) سيأتي على حساب حليفتها، جماعة الحوثيين. تمثل هذه الحسابات تهديدًا للحكومة، ولكن من غير المرجح أن تتخذ إيران أي إجراء مباشر ضد الحكومة الحالية، وبالتالي ستترك الأمر للحوثيين.
القاعدة في جزيرة العرب والدولة الإسلامية
لا تُعد الجماعات الجهادية، القاعدة في جزيرة العرب والدولة الإسلامية، من الأطراف الرئيسية التي يُحتمل أن تفسد عمل الحكومة. فبالرغم من أنهما قادرتان على تنفيذ اغتيالات أو مهاجمة أهداف محددة، فإن قدراتهما قد تقلّصت إلى حد كبير منذ عامي 2015 و2016. لا يشكل تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية تحديًّا حقيقيًّا على استمرارية الحكومة لأنهما لا يسيطران على مناطق كبيرة أو مدن رئيسية. وما يبرهن هذا أكثر، إنه من النادر، إذا لم يكن على الإطلاق، أن تم التطرق إلى “التهديد” الذي تمثله الجماعات الجهادية خلال النقاشات اليومية على الأرض في اليمن.
المجلس الانتقالي الجنوبي
حقق المجلس الانتقالي الجنوبي عدة مكاسب من اتفاق الرياض، أهمها الحصول على الشرعية عبر المشاركة في الحكومة والحق على الشراكة في السلطة. يُعد هذا تقدمًا بارزًا من مكانته السابقة كجماعة انفصالية لديها تشكيل ميليشياوي مدعوم من جهة خارجية. المكسب الآخر هو أنه لم يتخلَ عن حقه في المطالبة بانفصال الجنوب في المستقبل -رغم شراكته في حكومة الوحدة- أو يقبل بأي شروط تفرض عليه التخلي عن قوته العسكرية. ولهذا فهو حاليًّا من أكثر الأطراف رضىً بالتوافق والشراكة.
ولكن المجلس تيار غير منضبط حديث النشأة نسبيًّا ومن السهل استفزازه، ويفتقر إلى خبرة سياسية عميقة أو شبكة متجذرة في الدولة والجغرافيا اليمنية، بعكس خصمه الرئيسي حزب الإصلاح. عُرفت قيادات المجلس خلال السنوات القليلة الماضية بسطحيتهم ونزوعهم للتهور في اتخاذ قرارات تصعيدية سرعان ما يتراجعون عنها، إذ أن إعلان الإدارة الذاتية في الجنوب ليس إلا مثالًا عن هذا. أضف إلى ذلك أنه ليس من المبالغة القول إن الكثير من قرارات المجلس مرهونة برغبات ومصالح حليفه الرئيسي، الإمارات العربية المتحدة.
حلفاء الإمارات (غير المجلس الانتقالي الجنوبي)
قوات شلال علي شايع، مدير أمن عدن السابق
في حين يتصرف حلفاء الرئيس هادي المتشددون والقوات الحكومية في أبين وشبوة كناقمين على الحكومة بسبب شعورهم أن تطبيق اتفاق الرياض يأتي على حساب نفوذهم، فإن شلال علي شايع، مدير أمن عدن السابق، وقواته يمثلون نفس التهديد على ضفة المجلس الانتقالي الجنوبي. على مدى السنوات الخمس الماضية، استطاع شلال، بفضل الدعم الإماراتي السخي، من تسليح وحشد أكثر من خمسة آلاف عنصر تابعين له تحت راية الحفاظ على الأمن في عدن ومكافحة الإرهاب. هذه القوات اليوم ليست على وفاق مع قوات عيدروس الزُبيدي أو باقي قوات المجلس الانتقالي.
وبالرغم من تعيين مدير أمن جديد لعدن لإعادة تنظيم القوات الأمنية وفقًا لبنود اتفاق الرياض، إلا أنه ليس واضحًا ما إذا كان سيتمكن من ممارسة سلطته بشكل كامل. ما يزال شايع شخصية مؤثرة للغاية في عدن، وقد رفض مؤخرًا منصب ملحق عسكري لسفارة اليمن في الإمارات، واختار البقاء في عدن. وبالتالي، يشكل شايع تهديدًا، وأي خطوة ضده تهدد بإشعال فتيل أزمة داخل الحكومة وتجدد النزاع في العاصمة المؤقتة.
قوات العميد طارق صالح
أما بالنسبة للعميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح وقائد القوات المشتركة المدعومة من التحالف على ساحل البحر الأحمر، فهو لم يُشمل في أي من مراحل التفاوض المتعلقة باتفاق الرياض أو عند توزيع الحقائب الوزارية، ولكنه ممثل بشكل غير مباشر في الحكومة عبر حصة المؤتمر الشعبي العام.
وعلى الأرجح، لن يمثل صالح أو قواته أي تهديد للحكومة الجديدة. أعلن صالح مرارًا التزامه الحياد في خصومة المجلس الانتقالي والحكومة، وأن قواته لن توجه سلاحها إلا نحو الحوثيين. كما أن توقف النزاع بين الحكومة والمجلس الانتقالي قد يسرّع انتقال القوات المشتركة على الساحل الغربي -حيث يتواجدون منذ ديسمبر/كانون الأول 2018 عندما وُقِع اتفاق ستوكهولم- نحو جبهات أخرى من بينها الضالع والبيضاء.
ألوية العمالقة
ألوية العمالقة هي قوة عسكرية ضاربة أشرفت الإمارات على تشكيلها وتسليحها. تمتد معسكراتها من الساحل الغربي إلى لحج وعدن، وبحلول نهاية 2020، انتشرت بعض تشكيلاتها على طول خطوط التماس في أبين لتفصل بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي. كانت ألوية العمالقة ذات القيادة السلفية عمومًا قد أعلنت حيادها النسبي تجاه الصراع بين الحكومة والمجلس، غير أن ولاء القادة منقسم فبعضهم يميل إلى الحكومة والآخر للمجلس الانتقالي. ولأن التأثير الأكبر عليها يأتي من طرفي التحالف الرئيسيين، أي السعودية والإمارات، فإنها على الأرجح لن تمثل تهديدًا مباشرًا على الحكومة الجديدة.
الإمارات العربية المتحدة
لعب موقف الإمارات الحاد من رئيس الوزراء السابق بن دغر وحكومته ولاحقًا من الوزيرين الميسري والجبواني دورًا بارزًا في إفشال استقرار الحكومة خلال مراحل سابقة في عدن. وكما هو معروف، لدى الإمارات عداوات مع مكونات فعّالة في الحكومة الجديدة، أهمها حزب الإصلاح الذي تعده الإمارات فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
ورغم إعلانها تأييدها للحكومة والترحيب بعودتها إلى عدن، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الإمارات ستواصل شن حربها على حزب الإصلاح وحلفاء هادي من خلال تمرير أجندتها تلك عبر وزراء المجلس الانتقالي وبقية حلفائها في الحكومة. هذه النتيجة المحتملة ستؤثر سلبًا على التوافق الحالي واستقرار الحكومة.
من جهة أخرى، قد ترى أبو ظبي أنه من المفيد السماح بهدنة مؤقتة لتيسير عمل الحكومة خصوصًا أن حليفها الأبرز، المجلس الانتقالي، صار اليوم أقوى من داخل الحكومة وله غطاء شرعي.
السعودية
السعودية هي المعني الأول والأخير بتنفيذ وإنجاح اتفاق الرياض. تحتاج الرياض إلى استمرار التوافق والتناغم بين الأطراف اليمنية التي ترعاها لتمضي نحو خروج آمن من اليمن؛ بعد أن أُنهكت عسكريًّا وسياسيًّا وماديًّا على مدى السنوات الست الماضية.
وبالنظر إلى طريقة إدارة السعودية للملف اليمني، بات جليًّا أنها فقدت السيطرة في أحيان كثيرة، وفوتت فرصًا عدة. ومؤخرًا، بعد تعيين أحمد حامد لملس محافظ لعدن -خطوة مثلت انفراجة مهمة في تنفيذ اتفاق الرياض- أرسلته السعودية من الرياض إلى عدن دون توفير أي دعم مادي لتغطية نفقات إصلاح الخدمات المتهالكة في عدن. كما أرسلت السعودية أعضاء الحكومة على متن طائرة واحدة دون توفير الحماية الأمنية اللازمة وتوفير الدعم المادي الضروري لضمان قدرة الحكومة على تدشين عملها.
يعتمد بقاء هذه الحكومة واستمرارها على السعودية بشكل عام، كما تُعد الأخيرة مسؤولة أمام العالم لنجاح أو فشل الحكومة. وبالتالي، ليس أمام الرياض إلا أن تضع كل ثقلها لضمان النجاح. بوسع السعودية أخذ خطوتين فورًا لتعزيز الحكومة: استكمال تطبيق الشقين العسكري والأمني من اتفاق الرياض ودعم البنك المركزي اليمني في عدن والحكومة ماديًّا.
ستكون السعودية الرابح الأكبر من تنفيذ اتفاق الرياض بنجاح، وتوافق الأطراف المتواجدة حاليًّا في عدن، ولكن سوء إدارة المملكة للملف اليمني في السابق وتلكؤها وبطء حركتها وعدم تأمين الدعم المادي والسياسي الضروري للحكومة يمثل تهديدًا لنجاح واستمرارية الأخيرة.
التوصيات
التوصيات لأصحاب المصلحة الدوليين فيما يتعلق بالحكومة اليمنية الجديدة:
- إعادة التأكيد على دعم الحكومة المعترف بها دوليًّا. تعتبر زيارة سفراء الاتحاد الأوروبي إلى عدن في شباط/فبراير بادرة إيجابية على مستوى إبداء الدعم للحكومة، ولكن يجب ممارسة المزيد من الضغط على الأطراف الممثلة في الحكومة لا سيما من قِبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة والدول الأوروبية لتعزيز الوحدة الحالية والالتزام بالحوار وإبقاء خطوط التواصل مفتوحة ووضع مصالح الحكومة قبل الاعتبارات الشخصية السياسية.
- دعوة جميع الأطراف لاستكمال تنفيذ الشقين العسكري والأمني من اتفاق الرياض، على اعتبار أن كل ما أُنجز منذ توقيع الاتفاق يمكن أن ينهار حال استئناف القتال بين الطرفين.
- الضغط على السعودية والإمارات، الطرفين الرئيسيين في التحالف العسكري، والرئيس عبدربه منصور هادي والقادة السياسيين اليمنيين لعزل المتشددين من جميع الجهات التي تعارض تطبيق اتفاق الرياض وتشكل خطرًا على استقرار الحكومة الجديدة. بوسع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بذل جهود إيجابية على هذا الصعيد. تُعد الولايات المتحدة اللاعب الأكثر قدرة على التأثير في سلوك الرياض وأبو ظبي. يجب أن يُنظر إلى تكثيف إدارة بايدن للمسار الدبلوماسي -المجسد في تعيين مبعوث خاص لليمن- كخطوة بناءة في قدرة واشنطن على التنسيق مع حلفائها الخليجيين، والضغط عليهم إن استلزم الأمر للتوصل إلى مخرجات سياسة إيجابية فيما يخص اليمن.
- دعم إجراءات الحكومة لمعالجة الأزمة الاقتصادية وتحسين الوضع الإنساني، وزيادة توفير الخدمات ومكافحة الفساد. يمكن أن تشمل الجهود الفورية التركيز على إنهاء الاحتكار في صفقات استيراد المشتقات النفطية، وتفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى للحكومة، والتدقيق بشفافية في نفقات الدولة المتعلقة في شراء الوقود لتوليد الكهرباء وصرف مرتبات موظفي القطاعين العسكري والأمني وموظفي القطاع العام.
- دعوة الرياض لدعم موازنة الحكومة اليمنية لعام 2021، وتجديد الوديعة في البنك المركزي اليمني لتمويل الاستيراد بهدف تثبيت العملة المحلية، وتجنب تفاقم الوضع الإنساني وانحداره نحو الأسوأ، وتمكين الحكومة من توفير الخدمات العامة بشكل أفضل في المحافظات المحررة لا سيما في العاصمة المؤقتة عدن.
- تشكلت الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب من معظم التيارات السياسية اليمنية الرئيسية باستثناء جماعة الحوثيين، وهم: المؤتمر الشعبي العام، حزب الإصلاح، المجلس الانتقالي الجنوبي، المقاومة الجنوبية، الحزب الاشتراكي، مؤتمر حضرموت الجامع، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، حزب الرشاد السلفي.
- قادة ألوية الحماية الرئاسية المتواجدة في شقرة بأبين حاليا هم العميد سند الرهوة والعميد لؤي الزامكي والعميد يسران المقطري والعميد عبدالله الصبيحي. قيادات الجيش في شبوة هم: العميد جحدل حنش وقائد محور عتق العميد عزيز العتيقي. قائد القوات الخاصة بشبوة هو العميد عبدربه لعكب وقائد القوات الخاصة بأبين هو العميد محمد العوبان.
- هناك عدد من القيادات و الالوية العسكرية الهامة والمحسوبة على القوات الحكومية في عدن ومحيطها بقيت على الحياد خلال معركة أغسطس/آب 2019 للسيطرة على المدينة. أعلن البعض الاخر انضمامهم للمجلس الانتقالي، مثل ثابت جواس، قائد قاعدة العند في لحج، وفضل حسن، قائد المنطقة العسكرية الرابعة، وفضل باعش، قائد القوات الخاصة بعدن.
- تم إستبدال بعض القادة مثل الميسري والجبواني إذ لم يعين أي منهما في الحكومة الجديدة. هناك مخاوف الان من ازاحة موالين اخرين، مثل محافظ شبوة محمد بن عديو، وقائد محور شبوة عزيز العتيقي، وقائد اللواء 21 ميكا العميد جحدل حنش.