إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

المجالس الرئاسية في اليمن: استكشاف المحاولات السابقة لتقاسم السلطة والإمكانيات من أجل المستقبل

Read this in English

المقدمة

خلال السنوات الست الماضية من الحرب، فشل الرئيس عبدربه منصور هادي في إدارة الوضع باليمن على المستويين العسكري والسياسي. لذا لا ينظر العديد من اليمنيين إلى هادي كرئيس شرعي كونه أمضى جزءًا كبيرًا من الصراع في منفاه بالرياض وصار مجرد غطاء لحرب السعودية في اليمن، فالتحالف بقيادة الأخيرة غالبًا ما يكرر أن تدخله يستند بالكامل إلى طلب هادي والحكومة المعترف بها دوليًّا. أدى هذا الغياب للشرعية ورأس السلطة لتعزيز حكم الميليشيات في اليمن، أبرزها جماعة الحوثيين المسلحة والجماعات التي يُفترض أنها متحالفة مع حكومة هادي.

ومع ذلك، ما يزال هناك من يجادل أنه لا غنى عن هادي رغم إخفاقاته؛ باعتباره الرمز الأخير لشرعية الدولة اليمنية. يستند أسلوب التفكير هذا إلى المنطق التالي: هادي تولّى الرئاسة وفق انتخابات رئاسية عام 2012 كان فيها المرشح الوحيد. أُجريت الانتخابات كجزء من مبادرة مجلس التعاون الخليجي لتسهيل نقل السلطة من الرئيس السابق علي عبدالله صالح في أعقاب انتفاضة 2011 باليمن. اعترف قرار مجلس الأمن 2216 (2015) بهادي كرئيس شرعي لليمن بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء. وبالتالي، وفقًا لهذه الحُجة، فإن الاستغناء عن رئاسة هادي سيلقي بالبلاد في أزمة دستورية ويفتح الباب أمام شرعنة الميليشيات التي تمكنت من فرض سلطتها بالقوة، وهو احتمال يهدد بإحداث مزيد من الانقسام والفوضى السياسية.

غير أن هذا المنطق يتجاهل بشكل أساسي العواقب المدمرة التي نتجت عن رئاسة هادي غير الخاضعة للمساءلة، فضلًا عن الحقيقة المهمة والمتمثلة في أن إنهاء الحرب يضر بالمصالح الشخصية لهادي الذي سيصبح الاستغناء عنه مرجحًا ما بعد الصراع. صار المكتب الرئاسي الذي يقوم بمهامه من المنفى منذ اندلاع الحرب مرتعًا للفساد. وفي هذه الأثناء، ساهمت جهود هادي لتهميش حلفائه الجنوبيين إلى صعود المجلس الجنوبي الانتقالي، ما خلق تصدعًا كبيرًا في صفوف التحالف المناهض للحوثيين.

يُعد الرئيس هادي حجر عثرة أمام السلام والحكم الرشيد، وصار من الضروري البحث عن بدائل لحكومة متعاونة وخاضعة للمساءلة، ووضعها على مسار سياسي أقوى. أحد الخيارات هو تشكيل مجلس رئاسي؛ بالنظر إلى وجود تجارب سابقة في تاريخ اليمن، كما نُوقش هذا الخيار من قِبل المفاوضين كحل محتمل لفترة حكم انتقالي ما بعد الصراع.

يُعد الآن وقتًا مناسبًا لإحياء النقاش حول المجلس الرئاسي لعدة أسباب، الأول هو أن المجلس يمثل بديلًا معقولًا للسلطة التنفيذية المتجذرة في تاريخ اليمن الحديث، ويجنّب اليمن أزمة سياسية وحالة عدم اليقين حول من سيخلف هادي في حال عجز بشكل مفاجئ عن الاستمرار في منصبه أو وفاته. السبب الثاني هو أن المجلس الرئاسي سيقدم نمطًا جماعيًّا لصنع القرار التنفيذي ويمنع اتخاذ القرارات من قِبل أفراد، خاصة التي تخدم المصالح الشخصية الضيقة على حساب المصلحة العامة للبلاد. أما الثالث فهو أن وجود إطار أكثر تنظيمًا لصنع القرار على المستوى التنفيذي سيعزز الشفافية ويوفر فرصًا لقدر أكبر من المساءلة.

هذه الورقة تهدف فقط لاستكشاف إمكانية تشكيل مجلس كهذا من قِبل الحكومة. وفي حال نجح هذا المجلس وحسّن الحكم في البلاد، فإن دمج الحوثيين فيه هو إحدى السبل الممكن أخذها بعين الاعتبار في محادثات السلام المستقبلية.

لاستكشاف فكرة المجلس الرئاسي بشكل أكبر، سيكون من المفيد النظر في المجالس التنفيذية السابقة في تاريخ اليمن لا سيما في تكوينها ونقاط قوتها وضعفها. تشمل تلك المجالس، مجالس الرئاسة في عهد أربعة رؤساء بالجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) خلال الفترة من 1962 إلى 1978، ومجلس رئاسي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) من 1969 إلى 1978، وأخيرًا مجلس رئاسي بعد الوحدة عام 1990. النظر في هذه المجالس وتفحصها مهم للغاية نظرًا لأن العديد من هذه الهيئات حُكم عليها في النهاية بأنها غير فعّالة أو أُطيح بها بالقوة، على أمل أن يساعد تحديد المشاكل السابقة المجلس التنفيذي المحتمل في المستقبل على تجنب مزالق مماثلة.

المجالس الرئاسية عبر تاريخ اليمن

فترة رئاسة عبدالله السلال (سبتمبر/أيلول 1962 – نوفمبر/تشرين الثاني 1967)

تشكل أول المجالس الرئاسية في تاريخ اليمن بعد الثورة الجمهورية التي أطاحت بالإمامة في شمال اليمن، وكان الهدف من هذه الهيئة الثورية أن تحل محل السلطة الدينية والسياسية والاجتماعية شبه المطلقة التي كانت بيد الإمام سابقًا، وتوفر التمثيل الجماعي لمختلف القوى السياسية والاجتماعية التي شاركت في الثورة.

شُكل مجلس قيادة الثورة في 27 سبتمبر/أيلول 1962 بعد يوم من خلع آخر إمام، الإمام محمد البدر. تكوّن المجلس بالكامل من مسؤولين عسكريين، وكان ثمانية من أعضائه العشرة من صنعاء وضواحيها في الشمال. ترأس المجلس الضابط في الجيش عبدالله السلال، أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية الجديدة. أُعلن في اليوم التالي إنشاء هيئة تنفيذية مدنيّة مكونة من خمسة أعضاء برئاسة محمد علي عثمان، وهو زعيم قبلي بارز من تعز، وكان عضوان آخران من صنعاء، أحدهما هاشمي، وسُميت تلك الهيئة بـ”مجلس السيادة”. كان الهدف من المجلس ممارسة السلطة التنفيذية، ولكن في الواقع أُنيطت السلطة بمجلس قيادة الثورة، وتحديدًا الفصيل الذي يقوده الرئيس السلال، ونائبه عبدالرحمن البيضاني، ربيب مصر، الداعم الرئيسي للجمهورية الجديدة¹.

حدث تحول بعد عزل البيضاني ونفيه إلى مصر في يناير/كانون الثاني 1963، وفي 17 أبريل/نيسان من نفس العام، شُكل مجلس تنفيذي جديد -المكتب السياسي- يتكون من 33 عضوًا برئاسة السلال. وُسع المجلس بسبب إدراج 13 زعيمًا قبليًّا، إلى جانب خمسة هاشميين². جاء هذا التوسع بعد بدء المصريين الاعتماد على القبائل الشمالية خلال الحرب الأهلية ضد الملكيين بشكل أكبر، كما عبّر عن إدراك حكومة الجمهورية الجديدة أهمية توسيع قاعدة الدعم القبلي.

في النهاية، أثبت المكتب السياسي أنه ليس أكثر من مجرد غطاء لمحاولة إظهار الحكومة للعامة بأنها تمثل الجميع؛ إذ أنه لم يعقد اجتماعات منتظمة، ولم ينص على واجبات محددة للأعضاء، ولم يكن له دور فعّال في صنع القرار. وفقًا لرسالة موقعة من محمد محمود الزبيري وعبدالرحمن الإرياني وأحمد نعمان -ثلاثة من أعضاء المجلس المدني المؤثرين المعروفين بتاريخهم في المعارضة السياسية للإمامة³– كان السلال يتخذ القرارات بمفرده وظل خاضعًا لنفوذ مصري كبير.4

أدى الانقسام المتزايد في صفوف الجمهوريين حول التدخل العسكري المصري في اليمن ومسار الحرب الأهلية إلى إنشاء مجلس أصغر مكوّن من تسعة أعضاء، في 8 يناير/كانون الثاني 1964، وظل اسمه المكتب السياسي. كان الفصيل الجمهوري بزعامة الإرياني ونعمان والزبيري الذي عارض الهيمنة المصرية في البلاد وتأثير القاهرة على السلال، القوة الدافعة وراء هذا التغيير. بقي السلال رئيسًا للمجلس الجديد الذي عُرف عنه بمحاولة وضع إجراءات لضمان مناقشة القرارات، ومع ذلك، لم يكن لهذه الإجراءات القدرة على تقييد السلال، إذ بقي الأخير صانع القرار الوحيد. ونتيجة فشل جهودهم، استقال الإرياني ونعمان والزبيري من المجلس في 4 ديسمبر/كانون الأول 1964 احتجاجًا على التفرد والطبيعة الاعتباطية في اتخاذ القرارات.5

وفي مايو/أيار 1965، صدر دستور مؤقت بعد انتهاء مؤتمر خمر للسلام6، ونص على تأسيس هيئة تنفيذية جديدة: المجلس الجمهوري. وكان المجلس مكونًا من ثلاثة أعضاء برئاسة السلال، في حين شغل المقعدين الآخرين الإرياني ونعمان بن قائد راجح، زعيم قبلي من إب. ومن ثم توسّع المجلس في سبتمبر/أيلول ليضم ثلاثة أعضاء آخرين: نعمان، ومسؤولين عسكريين من صنعاء.

ألغت مصر المجلس في سبتمبر/أيلول 1966 بدافع الإحباط من المستنقع الذي وجدت نفسها فيه بعد سنوات من الحرب الأهلية في شمال اليمن، كما اعتقلت شخصيات يمنية معارضة لسياساتها في القاهرة7. بعد أكثر من عام بقليل، تحديدًا في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، أي بعد انسحاب الجيش المصري من اليمن، أُطيح بالسلال من قِبل فصيل جمهوري منافس يضم المعتقلين السابقين في القاهرة والمعارضين للتدخل المصري القاسي في البلاد، الذين طالبوا بإنهاء الحرب عبر تفاوض اليمنيين على السلام.

عمومًا، كانت المجالس الرئاسية الأولى في اليمن تحت حكم السلال مجرد أدوات لإظهار الدعم الشعبي للنظام الجديد خلال الحرب الأهلية. لم تكن هناك معايير واضحة لعضويتها، ولم تكن هيئات حقيقية تشارك في صنع القرار. كان السلال يتمتع بالسلطة المطلقة، مع تأثير مصري واضح عليه من وراء الكواليس.

فترة رئاسة عبدالرحمن الإرياني (نوفمبر/تشرين الثاني 1967 – يونيو/حزيران 1974)

بعد الإطاحة بالسلال، شُكل مجلس رئاسي جديد سُمي أيضًا بالمجلس الجمهوري. وكما هو الحال مع المجالس السابقة، لم تكن هناك معايير واضحة لاختيار أعضاء هذا المجلس الذي تكون من ثلاثة: الرئيس الجديد عبدالرحمن الإرياني، وأحمد نعمان، ومحمد عثمان8. كان تشكيل هذا المجلس جديرًا بالملاحظة كونه من شخصيات مدنية، كما سعى بشكل واضح إلى إرساء صيغة جماعية في صنع القرار كرد على إخفاقات المجالس الرئاسية في عهد السلال. تغيرت تركيبة المجلس بعد استقالة نعمان في نوفمبر/تشرين الثاني 1968 احتجاجًا على استمرار الحرب الأهلية. عُيّن الجنرال حسن العمري مكان نعمان، وأُضيف لاحقًا رجل عسكري ثانٍ هو اللواء حمود الجايفي من صنعاء. وفي مارس/آذار 1970، توصل الجمهوريون والملكيون إلى اتفاق لإنهاء الحرب. انضم إلى المجلس أحمد الشامي، وهو هاشمي يمثل الملكيين، إلى جانب العائد أحمد نعمان.

في ديسمبر/كانون الأول 1970، اعتُمد أول دستور دائم في شمال اليمن، ونص على أن تُحكم البلاد من قِبل مجلس رئاسي مكوّن من ثلاثة إلى خمسة أعضاء. ولأول مرة، وُضِعت عملية واضحة للعضوية تستند على إجراء انتخابات لمجلس جديد وهو مجلس الشورى9 الذي يختار بدوره أعضاء المجلس الجمهوري. في أبريل/نيسان 1971، شُكل أول مجلس جمهوري مكلّف بموجب الدستور، وكان أعضاؤه الرئيس الإرياني ومحمد عثمان والجنرال حسن العمري. غادر العمري اليمن متوجهًا إلى مصر عام 1972 وانتُخب القاضي عبدالله الحجري ليحلّ محله. في العام التالي قُتل عثمان في خلاف شخصي وحل محله نعمان.10

اختلفت تجربة المجالس الرئاسية في عهد الإرياني عن بقية المجالس على مدى تاريخ اليمن لسببين رئيسيين: تشكله على أساس دستور دائم، وشمله مهام واضحة لتنظيم عمله. أخذ الإرياني -كرئيس- رأي أعضاء المجلس الآخرين بعين الاعتبار، ولم يتخذ القرارات بشكل منفرد. من المحتمل أن هذا الاتجاه نحو التوافق نابع من عدة عوامل منها شخصية الإرياني وخبرته العملية في مؤسسات الدولة خلال كل من الإمامة والجمهورية، وحقيقة أنه ينحدر من الطبقة الاجتماعية للقضاة (الأمر الذي ميّزه عن مسؤولي الجيش وزعماء القبائل الذين يمكن أن يستدعوا مؤيدين لهم يميلون إلى الطابع العسكري). كان الاستعداد للمواءمة ضروريًّا أيضًا ذلك الوقت للحفاظ على توازن القوى داخل صفوف الجمهوريين، ولتسهيل هدف الإرياني الأساسي المتمثل في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب الأهلية.

على الرغم من ذلك، استمرت الانقسامات والمكائد من وراء الكواليس في كونها سمة مميزة للسياسة في شمال اليمن، وفي 13 يونيو/حزيران 1974، أجبر انقلاب أبيض الرئيس المدني الأول والأخير في شمال اليمن على التنحي.

فترة رئاسة ابراهيم الحمدي (يونيو/حزيران 1974 – أكتوبر/تشرين الأول 1977)

تولّى المقدم إبراهيم الحمدي رئاسة الجمهورية عقب الانقلاب على الإرياني، وأعلن تعليق العمل بالدستور وشكّل مجلس القيادة العامة للقوات المسلحة من سبعة أعضاء لحكم البلاد. عزز مجلس القيادة (المجلس الرئاسي) دور الجيش في السياسة اليمنية؛ فجميع الرؤساء المستقبليين في شمال اليمن ثم اليمن الموحّد لاحقًا سيأتون من صفوف الجيش.

ضم مجلس القيادة العامة للقوات المسلحة عشرة أعضاء جميعهم من خلفيات عسكرية باستثناء محسن العيني المقرّب من الزعيم القبلي سنان أبو لحوم، والأخير أحد الشخصيات النافذة في الجيش وأحد المتآمرين الرئيسيين في إسقاط حكومة الإرياني11. أبعد الحمدي فيما بعد منافسيه المحتملين من المجلس، بما في ذلك بعض أنصاره الأوائل من قبيلة بكيل الممثلة بكثافة، وأبرزهم أبو لحوم الذي أُقيل من منصبه القيادي بالجيش. على الأرجح كانت عمليات الإزالة هذه محاولة لتوسيع سلطة الدولة ونفوذها وسلطة الحمدي نفسه على حساب القبائل.

في أبريل/نيسان 1975، عُيِّن مجلس جديد مكوّن من أربعة أشخاص، المقدم أحمد الغشمي من اتحاد قبائل حاشد، واللواء عبدالله عبدالعالم من تعز، وعبدالعزيز عبدالغني، وهو تكنوقراطي من تعز أيضًا، وترأسه الحمدي حتى اغتياله في ظروف غامضة في أكتوبر/تشرين الأول 1977.

في النهاية، فقدت المجالس الرئاسية في عهد الحمدي كامل أهميتها. لم تكن هذه المجالس شكلية لتبدي دعمًا لنظام الحكم الجديد كما كانت في عهد السلال ولم تكن بمثابة هيئة استشارية لصنع القرار كما كانت في عهد الإرياني. كان الحمدي قائدًا عسكريًّا يتمتع بشخصية كاريزمية ورجلًا قويًّا طامحًا على غرار الرئيس المصري جمال عبدالناصر. أبرز ما دعم الحمدي سياسيًّا قدرته على التواصل مع الجماهير، خاصة مع تزايد الشعور بتحسن الأوضاع الاقتصادية جراء الاستقرار الذي أعقب انتهاء الحرب الأهلية. ومع ذلك، اعتمد الحمدي -المنحدر من عائلة قضاة ولا يمتلك قاعدة دعم قبلية- اعتمادًا كليًّا للبقاء في السلطة على الجيش، الذي يتشكل من رجال القبائل الشمالية.

فترة رئاسة أحمد الغشمي (أكتوبر/تشرين الأول 1977 – يونيو/حزيران 1978)

في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1977، خلف أحمد الغشمي الحمدي رئيسًا للبلاد. استمر المجلس السابق حتى يناير/كانون الثاني 1978 عندما أُلغي بإعلان دستوري وأُلغيت معه أي أوهام بحكم جماعي وأصبحت السلطة التي كان يمتلكها المجلس بيد شخص واحد. لم تدم فترة حكم الغشمي طويلًا فقد كان غير محبوب واشتبه الكثير من الناس بضلوعه في قتل سلفه الحمدي. اُغتيل الغشمي نفسه في يونيو/حزيران 1978. كانت فترة ولايته كرئيس بارزة لكونه أول رئيس في شمال اليمن يحكم دون مجلس رئاسي.

شُكل آخر مجلس رئاسي في شمال اليمن لتسهيل انتقال السلطة بعد حادثة اغتيال الغشمي المفاجئة، وترأس المجلس القاضي عبدالكريم العرشي، وضم أعضاءه الآخرين رئيس الوزراء عبدالعزيز عبدالغني، والقائد العام للجيش علي الشيبة، وعلي عبدالله صالح قائد محور تعز العسكري. استمر المجلس أكثر من شهر بقليل قبل أن يصعد صالح إلى سدة الرئاسة في 17 يوليو/تموز 1978 عقب انتخابه من مجلس الشعب التأسيسي، ويحكم اليمن بعدها كرئيس لمدة 33 عامًا.

المجلس الرئاسي في جنوب اليمن (1969-1979)

شُكل المجلس الرئاسي الأول والوحيد في جنوب اليمن بعد إطاحة الماركسيين المتشددين بالرئيس قحطان الشعبي (من لحج) في 22 يونيو/حزيران 1969. وكان هدف المجلس الرئيسي هو إدارة الانقسامات السياسية داخل القيادة العامة للجبهة القومية (أصبحت الحزب الاشتراكي عام 1978) وتحقيق التوازن بين مختلف مناطق الجنوب.

ضم المجلس خمسة أعضاء هم: عبدالفتاح إسماعيل (من تعز شمال اليمن)، ومحمد علي هيثم (من أبين)، ومحمد صالح العولقي (من شبوة)، وعلي عنتر (من الضالع)، ورئيس المجلس سالم ربيع علي (من أبين). حدثت تغييرات في الأعضاء خلال العامين الأولين من عمر المجلس، بدءًا باستبدال محمد هيثم بعلي ناصر محمد (من أبين)، وبعد ذلك تنحية العولقي12. يبدو أن المنطقة التي ينحدر منها الأعضاء وتأثيرهم داخل الجبهة القومية هما المعياران الرئيسيان لاختيار الأعضاء. على عكس شمال اليمن، لم يكن التأثير داخل الجيش الاعتبار الرئيسي لاختيار أعضاء المجالس.

اختلف المجلس الرئاسي في جنوب اليمن عن المجالس بالشمال في أن الأعضاء يتمتعون بسلطة ونفوذ متساويين، ونتيجة لذلك، كان لجنوب اليمن ثلاثة رؤساء -سالم ربيع علي وعبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد- ظهروا معًا دائمًا في الخطب والاجتماعات. ومع ذلك فقد كان هناك صراع محتدم بين ربيع (المعروف أكثر باسم سالمين) وعبدالفتاح إسماعيل، حيث دافع الأول عن نموذج حكم ماوي مؤيد للصين وأراد الثاني تطبيق نموذج ماركسي روسي. في صراعهما على السلطة، كان سالمين مدعومًا بخلفيته الاجتماعية وقاعدة دعمه من أبين وشخصيته الكاريزمية وولاء الجيش له، أما عبدالفتاح فينحدر من منطقة الحجرية في تعز ويفتقر إلى قاعدة دعم اجتماعي في الجنوب؛ لذا اعتمد بشكل أساسي على دوره كالمُنظر الأساسي للاشتراكية وعلى ميليشيا شعبية أسسها كجيش مواز، أما علي ناصر فقد كان الوسيط بينهما.

وفي حين خلق توازن القوى في المجلس الرئاسي بين الأعضاء تجربة حقيقية لتقاسم السلطة، إلا أنه لم يكن قادرًا على منع الصراع الداخلي. قُتل الرئيس سالمين على يد زملائه عام 1978، وأصبح عبدالفتاح إسماعيل رئيسًا ثم حلّ محله علي ناصر محمد، الذي أُطيح به بعد حرب أهلية قصيرة ولكنها دموية عام 1986.

يمكن أن يُعزى الصراع المميت على السلطة داخل المجلس التنفيذي جزئيًّا إلى حقيقة أن المجلس لم يكن مقصودًا أن يكون ديمقراطيًّا، بل إن تقاسم السلطة داخل المجلس عكس حالة الانقسام الحزبي للجبهة القومية ذلك الوقت.

المجلس الرئاسي للوحدة (1990-1994)

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، اتفق شمال اليمن وجنوب اليمن على الوحدة في 22 مايو/أيار 1990. نصّت اتفاقية الوحدة على تشكيل مجلس رئاسي يتكون من خمسة أعضاء يُنتخبون خلال جلسة مشتركة لبرلماني الشمال والجنوب على أن ينتخب المجلس رئيسًا ونائبًا للرئيس في جلسته الأولى.

لم تكن العضوية في المجلس مبنيّة على أي معايير واضحة، رغم أنها التزمت بتوازن جغرافي تقريبي، حيث كان ثلاثة من أعضاء المجلس من شمال اليمن وهم الرئيس علي عبدالله صالح وعبدالعزيز عبدالغني وعبدالكريم العرشي، واثنان من جنوب اليمن الرئيس علي سالم البيض وسالم صالح محمد، وكان رئيس الوزراء جنوبيًّا أيضًا. أتى صالح من خلفية عسكرية، وكان عبدالغني تكنوقراطيًّا من تعز، والعرشي سياسيًّا وقاضيًّا من صنعاء. أما البيض، الذي كان أول وزير دفاع في جنوب اليمن، من حضرموت، بينما كان محمد من قبائل يافع في لحج13.

انتُخب صالح رئيسًا للمجلس والبيض نائبًاً له، وبقيت السلطة منقسمة بين الرجلين، وكان لكل منهما ميزانية متساوية ومستقلة وتمتعا بسلطة رئاسية في القرارات والتعيينات في مناطقهما (الشمال والجنوب). لاحقًا، دُمج برلمانا شمال وجنوب اليمن في مجلس واحد، ومُنح سلطة تشريعية لمراجعة ومصادقة قرارات رئاسية معينة. أُقر دستور دائم في استفتاء 22 مايو/أيار 1991 أعقبته انتخابات برلمانية في 27 أبريل/نيسان 1993.

ونظرًا للاختلالات بين شمال وجنوب البلاد من حيث عدد السكان، حصل الحزب الاشتراكي على ثالث أكبر عدد من المقاعد في أول برلمان منتخب بعد الوحدة، بعد حزبين شماليين في الغالب وهما المؤتمر الشعبي العام بقيادة صالح والتجمع اليمني للإصلاح، وهو حزب إسلامي مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين. ولعكس هذه النتائج في المجلس، استُبدل رجل الدين المتشدد عبدالمجيد الزنداني بالعرشي.

غيرت الانتخابات البرلمانية عام 1993 في نهاية المطاف ميزان القوى الذي تم تحديده في اتفاقية الوحدة على أساس الشراكة بين الحزبين الحاكمين في شمال وجنوب اليمن: المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي. نُظر إلى التعاون المتزايد بين الرئيس صالح والإصلاح والذي يمكن أن يستقطب عددًا كبيرًا من المؤيدين في المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان في شمال اليمن على أنه تصعيد واضح ضد الحزب الاشتراكي، المنافس لكلا الحزبين14.

أدى احتدام التوتر منذ الانتخابات البرلمانية عام 1993 والفشل في حل الأزمات السياسية المتصاعدة من خلال المفاوضات إلى اندلاع مواجهات عسكرية بين القوات الشمالية والجنوبية. في أبريل/نيسان 1994، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، وبعدها بشهر، أعلن البيض أن جنوب اليمن سينفصل. انتهت الحرب الأهلية القصيرة في يوليو/تموز 1994، وهزمت القوات الموالية لصالح، ومعها بعض الفصائل الجنوبية والاسلاميين، الانفصاليين. بعد الانتصار، امتلك صالح السلطة المنفردة على البلاد بأكملها15.

وفي حين أن المجلس الرئاسي للوحدة قد شهد بعض التقاسم الحقيقي للسلطة، بمعنى أن صالح لم يمارس السلطة المطلقة، إلا أنه عانى من الفوضى ولم يدم طويلًا. كما ساعد انقسام الجيش على خطوط الشمال والجنوب بموجب اتفاقية الوحدة في تمهيد الطريق أمام صالح والبيض للجوء إلى القوة العسكرية لتسوية خلافاتهما السياسية في نهاية المطاف.

لماذا فشلت المحاولات السابقة للحكم الجماعي في اليمن

معرفة القواسم المشتركة للمجالس الرئاسية السابقة ضروري لمعرفة أسباب الفشل، حيث لم يكن أي منها قادرًا على إنشاء هياكل وآليات دائمة لحكم ديمقراطي وتعاوني. كما توفّر هذه الإخفاقات رؤى يحتمل أن تكون بالغة الأهمية حول ما يمكن عمله بشكل مختلف لتحسين جدوى وفعالية المجلس التنفيذي المستقبلي.

عانت جميع المجالس الرئاسية السابقة تقريبًا من غياب لطبيعة المهام والصلاحيات. كانت المجالس الجمهورية التي ترأسها الرئيس عبدالرحمن الإرياني (1967-1974) الاستثناء من هذه المشكلة، حيث قُسمت المهام الإشرافية بين أعضاء المجلس، وعُززت شرعيته من خلال الدستور الذي وضّح كيفية اختيار المجلس، إلى جانب تشكيلته وصلاحياته المحددة.

الموضوع الثاني المشترك بين المجالس هو التأثير الساحق الممنوح للرئيس/رئيس المجلس. كان الحكم يميل إلى أن يستند إلى الشخصية الفردية للرئيس أو رئيس المجلس الذي يُنظر إليه على أنه قائد الدولة، وليس رئيسًا لمجلس يتشارك مختلف الأعضاء فيه ظاهريًّا بسلطة مشتركة. اُختير أعضاء المجالس بشكل عام من قِبل الرئيس دون معايير واضحة إلى جانب الاعتبارات الاجتماعية والتاريخية والقبلية والمناطقية ذلك الوقت، ما أعطى انطباعًا وهميًّا حول تعزيز الحكم الجماعي الذي كان في الغالب مجرد واجهة للحكم من قِبل فرد أو فصيل واحد.

أخيرًا، يمكن أن يُعزى فشل المجالس الرئاسية جزئيًّا إلى الافتقار للتجربة الديمقراطية في اليمن. بالنظر إلى أن معظم المجالس وقعت في صراع مدني أو داخلي في نهاية المطاف، لم يكن هناك سوى القليل من تراكم الخبرة أو السوابق التي تُنقل من مجلس إلى آخر. استُخدمت أشكال تقاسم السلطة في الغالب لتلائم الظروف السياسية الفريدة ذلك الوقت.

توصيات لمجلس رئاسي مقبل

بالعودة إلى الحاضر، من الواضح أن أي جهود لتشكيل مجلس رئاسي ستواجه مقاومة سياسية، وستأتي أكبر معارضة من داخل الحكومة الحالية، وحتمًا من الرئيس هادي وحلفائه، أبرزهم حزب الإصلاح، أحد أقوى الفصائل في معسكر الحكومة. ما يجمعهما الآن هو تحالف الضرورة. يحمي هادي الإصلاح من سياسة الإمارات العدائية تجاه الإخوان المسلمين ويغطي ميل الحزب إلى تعزيز سلطته في المناطق الواقعة تحت سيطرته. في الوقت نفسه، يفتقر هادي إلى قاعدة دعم حقيقية، نظرًا لتشرذم حزب المؤتمر الشعبي العام، لذلك يوفر الإصلاح له دعمًا شعبيًّا وقدرات إعلامية.

وبالتالي، فإن أي مبادرة لتشكيل مجلس رئاسي أكثر تعاونًا وخضوعًا للمساءلة ستتطلب ممارسة ضغوط على هادي. وفي حين يمكن أن تدفع الأمم المتحدة وأصحاب المصلحة الدوليين الآخرين نحو هذه النتيجة، إلا أن هذا قد يواجه إشكاليات حقيقية تتعلق بسيادة الدولة؛ لذلك، لا يوجد سوى طرف واحد قادر على التأثير في حسابات هادي وقرارته وهي المملكة العربية السعودية.

بصفتها الداعم السياسي والعسكري الرئيسي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، يمكن للسعودية إبلاغ هادي بأنه لن يتلقَ أي دعم إضافي حتى يوافق على التخلي عن بعض سلطاته لمجلس رئاسي. تُعد صياغة مثل هذه المبادرة أمر بالغ الأهمية لتهدئة كل من هادي وحلفائه. على سبيل المثال، سيحتاج حزب الإصلاح -نظرًا لآلته الإعلامية والدعائية الضخمة- إلى ضمانات بأنه سيظل شريكًا أساسيًّا في السلطة.

يمكن تقديم مبادرة لتشكيل مجلس رئاسي كخطوة أولى في عملية لإصلاح الحكم الشامل باليمن، وهي عملية تشتد الحاجة إليها. هناك بالفعل حاجة معترف بها لإعادة تفعيل المؤسسات في اليمن، بالنظر إلى أن السلطة التنفيذية هي الجزء الوحيد للحكومة الذي لا يزال فاعلًا. أصبح البرلمان معطلًا بشكل كبير، انتُخب النواب آخر مرة عام 2003 ولم تُعقد سوى جلسة برلمانية واحدة فقط للحكومة المعترف بها دوليًّا منذ بداية الصراع حيث التأم في مايو/أيار 2019 ولكن لم يكتمل النصاب. مرت البلاد بتحول سياسي جذري منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ما يعني أن المجلس التشريعي لم يعد يمثل الأطراف السياسية الرئيسية في البلاد، ولا احتياجات وطموحات الشعب اليمني بشكل عام.

وبالتالي، فإن الأهداف الأساسية لتشكيل مجلس رئاسي يجب أن تكون منع الاحتكار الفردي للسلطة، وإرساء مزيد من صنع القرار الجماعي في هيئة تمثل الكيانات الاجتماعية والسياسية الرئيسية في اليمن. من حيث العدد، يجب على المجلس أن يوازن بين الحاجة إلى تمثيل الأطراف الرئيسية في البلاد مع السعي أيضًا للحد من عدد المقاعد لتسهيل كفاءة عمله. كنقطة انطلاق يمكن أن يتكون المجلس من 12 إلى 15 عضوًا (للسماح بتمثيل الكيانات الاجتماعية والسياسية الرئيسية في البلاد)، وبالإضافة إلى الرئيس، يجب استكشاف فكرة تعيين نائبين للرئيس. سيبقى هادي رئيسًا للمجلس، لكن دوره سيقتصر على المصادقة على تشكيل المجلس ونقل صلاحياته إلى المجلس الجديد. لن يكون لدى هادي أي سلطات أخرى؛ فاتخاذ القرار في المجلس سيكون على أساس تصويت الغالبية.

تُعقد جلسة عامة لأهم الأحزاب السياسية والكيانات المجتمعية في البلاد للاتفاق على التمثيل والاختيار وفق معايير واضحة وشفافة. يجب أن تكون العضوية في المجلس الرئاسي واسعة بما يكفي لتشمل ممثلين من مختلف المناطق والجهات الفاعلة القوية لتجنب أي تهميش أو تركيز في السلطة، إضافة إلى ضمان تمثيل الكيانات السياسية والاجتماعية المختلفة (بما في ذلك الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية)، يجب أن يشمل المجلس أيضًا المرأة والشباب المستقلين وممثلي المجتمع المدني.

يجب أن يكون للمجلس الرئاسي صلاحيات واضحة تحددها لوائح المجالس، تشمل سلطة إجراء تعيينات معينة مثل رئيس الوزراء، والإشراف على المؤسسات الحكومية، ووضع الإطار العام للسياسات الخارجية وسياسات الدفاع. كما يجب منح المجلس وصولًا محدودًا إلى الميزانية المالية للدولة، بالنظر إلى أن مهمته الرئيسية هي الرقابة وليس التنفيذ، كما تحدد لوائح المجلس بوضوح وتيرة الاجتماعات وعملية التصويت وحقوق وواجبات كل عضو.

الأهم من ذلك هو أن هيكل حكم كهذا سيترك واجبات التنفيذ لمجلس الوزراء المكوّن من شخصيات تكنوقراطية يتم اختيارهم بناءً على مؤهلاتهم فقط، وليس بناء على الاعتبارات السياسية أو الاجتماعية. إن توسيع سلطة وصلاحيات المحافظين والمجالس المحلية سيكون أيضًا خطوة إيجابية نحو اللامركزية وتعزيز حكم محلي أكثر تمكينًا وخضوعًا للمساءلة.

يقر هذا المقترح أيضًا بصعوبة تحقيق مثل هذه الإصلاحات ضمن الإطار الدستوري الحالي لليمن. ومع ذلك، نظرًا لأن البرلمان اليمني الذي عفا عليه الزمن لا يمثل جميع الأطراف اليمنية وفشل في القيام بدوره حسبما ينص الدستور، فليس من الجيد أن يتخذ البرلمان زمام مثل هذه المبادرة. بدلًا من ذلك، يمكن لمجموعة من البرلمانيين وأعضاء الأحزاب السياسية الذين يناصرون مقترح مجلس رئاسي أن يعملوا على كسب تأييد واسع من أصحاب المصلحة المحليين والإقليميين المختلفين. بغطاء من القوى الإقليمية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة -وبالنظر إلى حقيقة أن اليمن يخضع للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة- فإن شرعية المجلس الرئاسي ستكون مماثلة لشرعية الحكومة المعترف بها دوليًّا التي يمثلها هادي، وهكذا تنتقل الشرعية التي اكتسبها هادي من القرار رقم 2216 إلى مجلس رئاسي. يمكن أن تكون هذه الآلية أيضًا بمثابة دليل محتمل حول كيفية دمج الأطراف الأخرى بالحكومة في سيناريو ما بعد الصراع، مثل جماعة الحوثيين المسلحة.

قد يقول المنتقدون إن مثل هذا المقترح قد يضعف الحكومة، ولكن المجلس الرئاسي ينسجم مع الواقع الجديد على الأرض، والمتمثل في انقسام السلطة وزيادة استقلالية المحافظات والكيانات والمجموعات المحلية. الأمر بالغ الأهمية هو أن هذا المقترح يوفر أيضًا خطة بديلة لتجنب أزمة سياسية في مرحلة ما بعد هادي، كما لا يجب أن يعتبر مثل هذا الترتيب سوى حل مؤقت للظروف الاستثنائية وليس كإطار دائم لحكم اليمن.

صحيح أن التغيير على المستوى التنفيذي للحكومة ليس حلًا سحريًّا لمشاكل اليمن إلا أن إعادة صياغة كيفية ممارسة السلطة الرئاسية هي خطوة حاسمة يمكن تنفيذها جنبًا إلى جنب مع إصلاحات أخرى لوضع الحكومة على أساس أكثر استقرارًا. النقاش والجدل الحقيقي حول كيفية ممارسة الحكومة اليمنية لسلطتها التنفيذية بشكل أفضل يُعد أمرًا ضروريًّا لإخراج البلاد من أزماتها العديدة. كما ينبغي أن تكون الأولوية في عملية الإصلاح هذه لضمان التمثيل العادل والشامل دون إضعاف أداء الحكومة.

ملاحظة المؤلفة: لم تكن هذه الورقة أن تخرج إلى النور دون مداخلات وتعليقات من مصطفى نعمان ولطفي نعمان وتوفيق الجند وعبدالغني الإرياني


مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، هو مركز أبحاث مستقل، يسعى إلى إحداث فارق عبر الإنتاج المعرفي، مع تركيز خاص على اليمن والإقليم المجاور. تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.

تم تمويل هذه الورقة من قبل الحكومة الفيدرالية الألمانية وحكومة كندا والاتحاد الأوروبي. إن الآراء والتحليلات والتوصيات الواردة في هذه الورقة تعبر عن مواقف الكاتب ولا يجب الاعتبار أنها تعكس بأي حال من الأحوال مواقف أو سياسات المانحين.


الحواشي والمراجع:

  1. “اليمن خلال قرن من الزمن”، صنعاء: وكالة سبأ للأنباء، ص. 124.
  2. عبدالرحمن الإرياني، “مذكرات القاضي الرئيس عبدالرحمن الإرياني (الجزء الثاني)”، القاهرة: دار الحياة المصرية العامة، 2013، ص. 79.
  3. كان الزبيري كاتبًا وشاعرًا، وكان الإرياني قاضيًّا، أما نعمان فقد عُرف بـ”الأستاذ” لدوره في بناء المدارس والتشجيع على التعليم.
  4. عبدالرحمن الإرياني، “مذكرات القاضي الرئيس عبدالرحمن الإرياني (الجزء الثاني)”، القاهرة: دار الحياة المصرية العامة، 2013، ص. 76-81.
  5. المصدر نفسه.
  6. عُقد مؤتمر السلام في منطقة خمر بمحافظة عمران، على بُعد 50 كيلومترًا شمال صنعاء، في 1 مايو/أيار عام 1965 وحضره جميع زعماء قبائل الشمال تقريبًا وذلك بهدف التوصل إلى اتفاقات سياسية لترسيخ النظام الجمهوري.
  7. عبدالرحمن الإرياني، “مذكرات القاضي الرئيس عبدالرحمن الإرياني (الجزء الثاني)”، القاهرة: دار الحياة المصرية العامة، 2013، ص. 319-320.
  8. المصدر نفسه، ص. 621.
  9. لم يتم اختيار أعضاء مجلس الشورى عن طريق الانتخابات المباشرة، بل اختارت كل قوة جهوية أو قبلية أعضاءً لتمثيلها في مجلس الشورى، والذي بدوره يختار أعضاء المجلس الجمهوري.
  10. لطفي نعمان، “سيرة أحمد محمد نعمان”، بيروت: دار رياض الريس، 2019.
  11. “اليمن خلال قرن من الزمن”، صنعاء: وكالة سبأ للأنباء، ص. 213-214.
  12. المصدر نفسه، ص. 194.
  13. المصدر نفسه، ص. 307.
  14. المصدر نفسه، ص. 194.
  15. “اليمن خلال قرن من الزمن”، صنعاء: وكالة سبأ للأنباء، ص. 319-321.
مشاركة