إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

تطييف حرب اليمن – ميساء شجاع الدين

عقد معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت ومركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ندوة عن “تطييف حرب اليمن” تحدثت فيها الباحثة اليمنية ميساء شجاع . أدناه محتوى الندوة مكتوباً.

16-12-2016

مقدمة :

فارع المسلمي: أول مقالة قرأتها لميساء شجاع الدين كانت في 2008 كانت تتحدث حول تاريخ يطارده التوريث, عبر الصراع بين أحمد علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر في اليمن بعنوان “الإبن في مواجهة العسكر” في مجلة وجهات نظر النخبوية الهامة الصادرة من القاهرة. وكانت المادة الثانية عن صعدة كحرب قادمة بلا نهايات ولا بدايات ولا أسباب. ومن حينها أتابع أوراقها وأبحاثها بشكل مكثف كاستشرافية نادرة لقضايا اليمن.

نتشرف حاليا في مركز صنعاء بها كزميلة غير مقيمة للمركز. أنهت شجاع الدين مؤخراً دراسة الماجستير برسالتها المعنونة بـ “سلفنة المذهب الزيدي في اليمن” بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. نمتن كثيرا لوجودها معنا اليوم في مركز عصام فارس للدراسات في الجامعة الأمريكية في بيروت .

سنحاول إجراء نقاش مختصر وكثيف في نفس الوقت حول فكرة مهمة جدا يتم تداولها اليوم وهى: دور الطائفية في الصراع المتواجد في اليمن والصراعات المتواجدة بشكل عام.

إلى أي درجة هذه الحروب طائفية، وهل هذه المقاربة التي تقدم بشكل أو بآخر محليا, إقليميا ودوليا يمكن فعلا أن تفسر الصراع اليمني؟

ولكن قبل هذا كله سيكون من المفيد لو تحدثتِ بشكل عام عن وضع اليمن اليوم بعد سنتين من حروب الحوثيين، وما يقارب 20 شهرا حتى اليوم منذ دخول السعودية المعركة, وشهرين من دخول الولايات المتحدة العرض في المعركة من خلال قصف رادارات الحديدة, هل نحن داخلون على النموذج السوري؟…… هلا أعطيتنا إسقاطا وإطلاله معينة على الوضع حاليا بالمعنى العسكري والسياسي والإنساني ؟

بخصوص المرحلة القادمة, من الواضح أننا دخلنا في مرحلة تقسيم على أرض الواقع، الآن هناك حكومة وبنك في عدن، التقسيم الواضح وهو يتعمق على مستوى شمال وجنوب، وعلى مستوى الشمال هناك تقسيم آخر، الوضع الذي تتصدره تعز ومأرب من جهة، والحوثيون وصالح من جهة أخرى في صنعاء، وفي حضرموت في الجنوب هناك وضع خاص مختلف أيضاً. من الواضح أن هناك خطوط تقسيم ترسم نفسها داخل اليمن .

اليمن ليست شبه لبنان.. وليست شبه سوريا. اليمن دائما هي اليمن، مختلفة وأضاعها صعبة ومواردها فقيرة. المجاعة هي نتيجة طبيعية لحرب طويلة, اليمن لا تحتمل الحروب الطويلة, بلد فقير أصلا فمن الطبيعي أن نصل لحالة الجوع الحالية. المشكلة هي في كوننا ارتبطنا بصراع إقليمي، ونحن الترس الضعيف فيه وغير المرئي . بمعنى ارتبطنا فيه بدون تكلفة، إيران تحارب في اليمن كي تكون شوكة ضد السعودية، في وقت هذا لا يكلفها الكثير لا ماديا ولا عسكريا ولا أي شيء .

السعودية الآن تحارب و تنفق ثلاثة مليار دولار في السنة على هذه الحرب تقريبا، وهذا لا يعني شيئا بالنسبة لها، مش مشكله المهم دمرت المصانع دمرت بنية تحتية بنيت بشق الأنفس في اليمن, فالوضع صعب .

هل يعني هذا أن البعد المناطقي/الجغرافي الذي تتحدثين عنه أخطر أو أهم من البعد الطائفي؟

هناك تداخل بين البعد الجغرافي والصراع الطائفي, طبعا اليمن (الأعلى) هو اليمن ( الزيدي) هذا الذي صار معروفا وهذا تقسيم موجود حتى قبل الإسلام. هي أراضي قبائل همدان التي هي حاشد وبكيل. اليمن الأعلى هو منطقة فقيرة الموارد إلى حد كبير مما يجعل طبيعة القبائل فيه أكثر ميلاً للقتال. المذهب الزيدي مذهب يشرعن القتال بحكم أنه يشرع -إمكانية التمرد على الحاكم- فهذا خلق له حاضنه جيدة داخل هذه المناطق. طبعا حصل صعود لهذه المنطقة سياسيا من القرن السابع عشر تقريبا لكونها واجهت العثمانيين، فهي طردتهم حينما دخلوا إلى هذه المنطقة من اليمن. حدث أيضاً تغير في خطوط الملاحة، وبالتالي أصبحت موانئ الجنوب غير مهمة، وفقدت الموانئ اليمنية من أهميتها بعد تغير خطوط الملاحة لصالح رأس الرجاء الصالح وتغيب احتكار تجارة البن. الإمامة مثلا قامت على احتكار تجارة البن عمليا وازدهرت في هذه المرحلة لأنها كانت تزرع في الشمال وتورد من المخازن في الشمال، فحصل صعود لهذه المنطقة بعدما كانت اليمن دولة رسولية في تعز ودولة صليحية في جبلة، فحصل صعود لمنطقة اليمن الأعلى. لكن حكمت الإمامة اليمن موحدا فقط تقريبا ًمئة سنة بعد فقدانها تجارة البن وبدأت تخسر سيطرتها وبالتالي عجزها عن شراء ولاء شيوخ القبائل ومع عدم قدرتها على شراء البدائل بدأت تفقد سطرتها على الجنوب, قبائل يافع تمردت عليها لأنها عندها التطلع للسلطة, قبائل يافع لاتزال مثلا ترسم سياسة الجنوب وتتطلع للسلطة، حاشد الجنوب هي يافع .

أهم من شبوه؟

أهم من شبوه وأبين، العصبية هناك مختلفة -كل منطقة لها إشكالياتها- شبوه وأبين هم المنطقة التي كانت مهمشة أيام الحزب الاشتراكي فبالتالي هم لهم حساباتهم المختلفة عن الحراك الجنوبي الذي هو مركز الضالع ويافع هذا أيضا يعمل اختلالات كبيرة في الصف الجنوبي.

هنا كنت أرغب في القول أيضا أنه حينما نتحدث عن الطائفية في اليمن عادة يتم الحديث عن شيء مستعار كامل من الخارج. لكن أحب أقول أن الطائفية مرتبطة كثيرا بالاستبداد بمعنى أن الاستبداد يحتاج عصبية، والعصبية دائما تكون متمركزة حول منطقة معينة قبيلة معينة، طائفة معينة. في اليمن في عهد الإمامة كان الجيش زيدي. في عشية ثورة سبتمبر كان الجيش كامل الزيدية. كان في طبيعة طائفية ومذهبية في حكم الملكية. ما حصل بعد الجمهوريين هو انفصال ما بين الزيدية كمنطقة والقبيلة وما بين الزيدية كمذهب والهاشميين. يعني تم تهميش الهاشميين باعتبارهم كانوا يشكلون تهديدا للثورة للجمهورية وقتها ولأن المذهب الزيدي هو أصلا مرتكز على فكرة الإمامة، فكان هناك تهميش للمذهب الزيدي كمذهب، ولكن ليس كجماعة، لأنه ظل الزيود كأبناء المنطقة الزيدية أبناء المحافظات الزيدية مسيطرين على النخبة السياسية والعسكرية في اليمن. وبالتالي كل رؤساء اليمن كانوا من المنطقة الزيدية، كلهم باستثناء القاضي الإرياني كان من الوسط، وجميعهم عسكريون، هذا جعل القرار في اليمن يظل عسكريا وضمن هذه المنطقة, فهذا سبب أنه كان في حساسيات لبعض المناطق في اليمن هي مدفونة وموجودة من زمان. في الأصل موجودة وانفجرت بهذه الحرب.

عدم نجاح ثورة سبتمبر في خلق مواطنة متساوية واحتكار الحكم ضمن منطقة ما خلق غضبا لدى بعض المناطق. تعز نموذج مهم لحالة الغضب من هذا التهميش لأنه بحكم انفتاحها على العالم بسبب ارتباطها بالجنوب (عدن) وكذلك دفع سكان تعز للضرائب خلق لديهم وعيا سياسيا مختلفا. تعز أكثر مدينة تدفع ضرائب والمقابل أن الدولة لا تبني أي بنية تحتية بل معظمها مشاريع شخصية من تجار مما فاقم حالة الغضب لدى أبناء المدينة.

وبالحديث عن القبيلة في اليمن، دائما يتم ربط القبيلة بالصراع وأقول إن القبيلة في هذا الصراع لا تبدو قوية، يعني يكاد يكون لا وجود لها. لا يمكن القول أن القبيلة بالكامل مع هذا الطرف أو ذاك الطرف. القبائل انقسمت هذه نتيجة طبيعة أعتقد في سياسة علي عبدالله صالح لما كان يؤسس شيوخ قبائل من خارج القبيلة, يعني كان يشتري شيخ من خارج القبيلة مثلا من قبيلة بكيل، كان مشائخها بيت (أبو لحوم) صار مشائخها (الشيخ الشائف)، يعني هذا من مشائخ القصر، يعني هم يتم تأسيسهم على أساس الفلوس والمناصب. فبالتالي شرعية الشيخ كانت مرتبطة بالسلطة في صنعاء وليست شرعيته من داخل القبيلة، إضافة إلى أن القبيلة بحكم التحديث وبحكم أن أبناءها خرجوا وبعضهم تعلم، حصلت فجوة بين أبناء المشائخ والمتعلمين والأغنياء أبناء شيخ القبيلة (حصلت فجوة كبيرة)، هذا كله جعل القبيلة ضعيفة .

هذا على فكرة نما كثيرا من الجانب الديني, بمعنى قوى من الجماعات الدينية لأن البديل في حال غياب الدولة لم يكن من القبيلة، فهو الدين إذاً، خصوصا مع غياب الأيدولوجيات في الحياة العامة، والآن لا توجد أحزاب، وهذا بالتالي قوى من الحالة الدينية، ومن جهة أخرى الجماعات الدينية تركز على إرث التكفير وهو موجود دائما في كل المذاهب على فكرة, مش بس مذهب واحد وتستخدم في الصراعات أيضا. مثلا عندما حاول الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم تكفير الشوافع واعتبرهم كفار تأويل .والآن يتم استخدام (دواعش, حوافيش, مجوس) وغيرها، هذا كله شكل من أشكال التكفير، إشارة إلى الأنصار، أنه تحرك اقتل. في النهاية حينما يتم تجريد المرء من ديانته، يتم تجريده من إنسانيته. وهذا يخلق فكرة أنه لا يوجد خط أحمر حتى في القبيلة لما يحاربوا يكون دائما في خطوط حمراء وإرث من الصراعات ولها عاداتها وتقاليدها وإرث من الاتفاقات والصلح، الآن هذا عقد من الأمور كثيرا، خاصة أن الداعم الإقليمي هو طرف وداعم طائفي، ويعتمد على الطائفية، يعني حدث أن كان هناك تدخل خارجي في اليمن من السعودية في الستينات، لكنه دعم لنظام ملكي ضد نظام جمهوري، الآن داعم سنة ضد شيعة، فبالتالي مثلا تدعم السعودية والإمارات ميلشيات سلفية بقيادة أبي العباس وليس فصيلا من الجيش بقيادة عدنان الحمادي رغم أنه أعلن ولاءه لعبدربه منصور هادي منذ بداية الحرب، ودعم جزء من الجيش وهو مؤسسة رسمية كان سيكون أفضل لتفادي سيناريو الفوضى وانتشار الأسلحة وتنامي الميلشيات.

طبعا إيران أيضا دخلت اليمن عن طريق الحوثيين، لا أريد المبالغة كثيرا في دور إيران، ولكن لا يمكن نسيان دورها, يعني إيران موجودة عن طريق حزب الله، تدريب، دعم مادي. لكن الفكرة هي أصلا الحوثيين يظل جزءا كبيرا منها فكرة يمنية أصيلة مرتبطة أكثر بإرث الإمامة. فبالتالي هو موجود عندنا، لكن إيران استطاعت أنها تدخل بالنفس الطويل بدعمها للحوثيين، رغم وجودها بالجنوب ورغم أن تدخلها طائفي. لكن فكرة تطييف المجتمع اليمني ليست مرتبطة بفكرة المذهب، ولكنها مرتبطة بالمنطقة، هي فكرة رسم خارطة سياسية قائمة على أساس الهوية, وتقسم اليمنيين, فواصل قاطعة بين اليمنيين مثل أن اليمنيين الذين ينتمون إلى هذه المنطقة مختلفون عن المنطقة الأخرى، فيبدأ تمثيل اليمني بتمثيل المنطقة.

فالمسألة حينها أنه التدخل الخارجي لما يريد –التدخل- يأتي من منطلق أنك أنت لست كتلة واحدة، يتعامل معك كمجموعة طوائف مجموعة قبائل، مجموعة مناطق. فهذا يعزز من فكرة الانقسام في اليمن ويعزز من فكرة الطائفية. هنا لا نستطيع نسيان بأن علي عبدالله صالح فشل في بناء دولة يمنية حديثة، وهذا رجعنا لهذا المفترق الغريب الذي أدى إلى انتكاسنا اليوم. عدم وجود دولة هذا عزز رجوع الناس للجوء إلى الهويات الصغيرة, أيضا السعودية إلى الآن تقدم نفسها انها تحارب (داعش والقاعدة) في كل اليمن. السعودية الآن تتكلم بأن الحوثي استهدف مكة (طبعا ما في إثبات بأن الحوثي استهدف مكة) لكن ذلك كان نوعا من التحشيد المذهبي الصريح.

عندما يتم استخدام جزء من الجنوبيين للتصدي للهجمات الحوثية في الحدود، هذا أيضا استخدام مذهبي، هذا دليل أن الهوية القومية تتراجع في وقت الجنوبي اليمني يحارب يمني آخر لأسباب مذهبية. أكيد هو لا يحارب من أجل أسباب أخرى، في الآخر الحوثي هو خرج من الأراضي الجنوبية. فهنا نقطة أخرى أيضا: مستقبل هذا الصراع إلى أين يتجه؟ طبعا مع غياب مشروع وطني شامل، مع حالة استشراء الفساد داخل النخبة اليمنية السياسية مع الارتكاز على العنف، بمعنى لو دخل الحوثي في انتخابات كم سيأخذ ؟ لا شيء !

يعني كم سيأخذ بالسلاح؟ سيأخذ بالسلاح نصف الحكومة؟ ممكن يفاوض على نصف الحكومة ويفاوض على أقل تقدير ثلثها، لكن فعلا لو دخل في الانتخابات كم سيأخذ؟ كرسيين وزارة؟ يعني لن يكون له ثقل. فمن الطبيعي ترجيح السلاح سيكون هو العامل الأساسي وستظل الفكرة أن الحوثي دائما سيدفع الجميع للتمثيل على أساس كوتا. كوتا لهذه المنطقة، وهذا الذي سيخلق صراعا بينه وبين علي عبدالله صالح ، ذلك أن علي عبدالله صالح يمثل المنطقة الزيدية إلى حد ما، حتى يمثل مصالح، وهناك في الأصل ناس يحبوه من خارج هذي المنطقة، له شعبية خارجيا، من الممكن أن تكون هذه الشعبية من مناطق ليست بالضرورة من المناطق الزيدية, فهذا يجعل الحوثي متوترا من علي عبدالله صالح ، غير إرث الثأر القديم من علي عبدالله صالح على حرب صعدة. لكنه متوتر من ناحيته, لأن الحوثيين يسعون إلى احتكار المنطقة وتعريفها بشكل مذهبي. كثير عنده هاجس أنه يقوم بهذا الذي يجعل من الصعب بأن يستوعب صنعاء كعاصمة تشمل جميع اليمنيين، يعني يطيفها، يخلي لونها لون واحد، يحاول أنه يعرف صنعاء على أساس أنها مركز الزيدية وأنها مركز المذهب الزيدي وليس كأنها عاصمة تشمل كل اليمنيين .

فهذه الفكرة مسيطرة على الحوثيين بشكل كبير جدا، لأن هذه الفكرة هي التي تعزز من وجودهم المستقبلي في الحياة السياسية اليمنية، فسيرغب وسيؤدي للاصطدام بعلي عبدالله صالح، ويرى بأن التخلص منه لا بد أن يحدث، وبوجود العدو المشترك الممثل بالسعودية، سيظل التحالف المتوتر الهامشي فيما بينهما.

من جهة أخرى بوجود مجموعة من الأطياف في المناطق والمذهب السني. الآن هي تعرف نفسها على أنها كمذهب سني مقابل الحوثيين، هذا نتيجة طبيعية. لا تزال المسألة تجاه الحوثيين ردة فعل، لم يتكون حتى الآن مقاومة حقيقة ضد الحوثيين التي اعتبر أنه من الضروري مقاومتها لأنها طالما صنعاء فقدناها كمركز للدولة اليمنية، لازم تظل ويتم استعادتها لتظل مركز الدولة اليمنية. ذلك أن عملية تقسيم اليمن ليس بالعملية السهلة.

الصراعات ممكن تزيد في كل منطقة. الصراعات المناطقية, مثلا الجنوب سيطالب بالانفصال، ليش لأ !! ممكن تعز تطالب بالانفصال في إطار الشمال، ممكن تحصل صراعات داخل عدن على أسس مناطقية، ممكن تحصل صراعات داخل صنعاء، يعني الصراعات على السلطة ستزداد. فبالتالي العالم ينظر لليمن على أنه بلد موارده فقيرة وعائد أي تدخل فيه ضعيف جدا، ليس هناك أي عائد عملي. ما في أي ربح، يعني إذا كانت أمريكا تحس أنها خسرت في العراق البلد الغني بالثروة البترولية فما بالك باليمن؟ . إيش فيها اليمن أصلا؟ . ما فيها أي عائد. يعني ممكن في الأخير العالم ممكن يؤمن الملاحة العالمية، ويترك اليمن تغرق لوحدها. يعني المشكلة للسعودية في تأمين حدودها هذا ما تريده لا أكثر ولا أقل. فبالتالي العالم ليس لديه مصلحة في التقسيم، ولا أنه يحل مشاكلنا، هنا تظل الفكرة.

كيف يتم كسر فكرة الجماعة المغلقة على نفسها؟ خطورة الجماعة المغلقة مثل الحوثيين هي جماعة مغلقة على نفسها وقائمة على الهوية والعصبية، كيف ممكن محاصرتها والخروج من عملية تمثيل المنطقة أو الطائفية لتمثيل وطني أكبر؟

فهنا لا يزال المشروع غائبا ولا يزال المشروع الإقليمي هو الطاغي على اليمن, الصراع الإقليمي بكل حساباته التي ليس له علاقة باليمنيين أنفسهم. أيضا السلاح سيقوم بتكريس هذه الحالة الطائفية.

واسمح لي أن لي أضيف أن اليمن مش ممكن تكون مثل لبنان. يعني لبنان كدولة تأسست على هذه الأساس، على هذه العلاقة الطائفية المتوازنة، لبنان لها موارد دخل كبيرة من الخارج. لكن اليمن عدد سكانه كبير وليس بإمكانه أن يلعب هذا الدور، ولا تمتلك موارد العراق، فبالتالي الوضع في اليمن أكثر صعوبة، وأتصور أن اليمنيين يدركون أن موارد اليمن فقيرة وأن نسبة الطبقة المتوسطة في اليمن مرتفعة فبالتالي يحتاجون كثيرا أنه يدفعوا في اتجاه العمل من الداخل وليس التعويل على الخارج.

البعد المناطقي للصراع كما قلتِ بأن البعد المناطقي هو الذي ما يزال يعرف اليمنيين في نهاية المطاف وليس البعد الطائفي ؟

ممكن وهناك تداخل في مناطق ممكن تعرف اليمني من المناطق العليا (زيدي) وفي مناطق لا تعرفها على هذا الشكل. فالعلاقة من أيام الإمامة هي العلاقة بين الرعية والحاكم, لأنه هو دائما كان العامل وهو الذي يأتي من طرف الإمام لجمع الجباية .

وكأنك – وبالرغم من كل ما أسهبتِ فيه بخصوص الطائفية واحتمالاتها – تقولين أن الصراع في النهاية هو مناطقي أكثر من كونه طائفيا؟

بكل تأكيد, إلى حد الآن، ولكن الدفع حاليا يقوم بتحشيد مذهبي واضح . يعني الآن ما تقدر تتكلم على أنه في مدارس سنية كلاسيكية كما كان في السابق، ومعروفة سابقا لم تعد موجودة باستثناء مدارس صوفية باستثناءات قليلة موجودة في حضرموت ولكنها لم تعد موجودة. عمليا الفكر الوهابي الذي كان متواجدا في دماج نموذج لهذه الحالة من التكفير (هم يكفِِرون بالدين) وهذا صحيح والحوثيون أيضا، بشكل ما هو تحريض. يعني حسين الحوثي في أدبياته في تحريض على المذهب السني وفيه تحريض, حتى من باب التعريف في الأدبيات هذي لتعريف نفسك كشيعي وهذا له علاقه مباشرة بتأثره بالثورة الإيرانية. يعني كنت ألاحظ من حديث حسين الحوثي، تعريفه كشيعي كان يمثل لهذا التعريف ( إحنا الشيعة، إحنا الشيعة، إحنا الزيود ) تعريفه هذا التعريف، حينما يتحدث بهذه الطريقة ما يقول إحنا اليمنيين هي لها علاقة بهذا التعريف فاعتقد هو موجود أيضا.

وهل لا يزال هذا التعريف أيضا ببعده المحلي أكثر من بعده الإقليمي ؟

اليمن تعقيداتها كثيرة وهي أصلا هشة. الخارج مش مضطر كثير أنه يتدخل في اليمن لكي يدمر. هي أصلا كثيرة الهشاشة. أي بناء في اليمن هش جدا. الآن إيران تتدخل في اليمن بكلفة صغيرة جدا.

ولكن إذا افترضنا أن إيران والسعودية اتفقا مؤخرا هل هذا يعني أن الحرب في اليمن ستتوقف؟ أو سينعكس بشكل إيجابي عليها أو أنها حرب لها دوافعها المحلية تموت أو تستمر بغض النظر عن الوضع الإقليمي؟

لا أكيد الحرب ستهدأ وتيرتها، ولكن ليس بالضرورة أن اليمنيين سيصلون إلى اتفاق أو استقرار. لو حصل أن اتفقوا سيتفقون على تقاسم السلطة, تقاسم الكعكة، تقاسم نفوذ، أو أن أحدهم سيهزم الآخر هذا شيء آخر. ولو تحدثنا على تقاسم نفوذ فهذا يعني تقسيم اليمن خصوصا بأن اليمن في تداخل. لا نستطيع القول أنه في تقسيم فعلي في اليمن أو قطعي. لا تستطيع القول بأن هناك تقسيم قطعي بحيث أنه سيرتاح الباقي خلاص، الجنوب هناك والشمال في الشق الآخر . أو زيود وشوافع وانتهينا، لا،, وخصوصا أنه قد حصل تغير جغرافي اجتماعي كبير جدا من بعد ثورة سبتمبر ( من قبل ثورة سبتمبر من غير ما يعرف اليمنيون كانت مدينة زيدية /عاصمة زيدية، يعني لا يسكنها غير الزيود) حصل تحول ديمغرافي جذري داخل اليمن ما بين المناطق المختلفة حتى الجنوبيين نفسهم انتقلوا للشمال وشماليين انتقلوا للجنوب, فلم يعد فصل اليمن مسألة واقعية كثيرا.

هل تعتقدين أن البعد الطائفي للاستقطابات الإقليمية النشطة في اليمن ستطبع الصراع في اليمن بهويتها على الرغم من “المناطقية” النشطة في تعريف الصراع حالياً، وذلك اعتماداً على طول فترة الصراع وعمق التدخل الخارجي فيه، وبالتالي إمكانية تغيير محركاته الداخلية تصبح ممكنة؟

هذا ممكن جدا، خاصة مع تأثير التلفزيون والإعلام الخارجي على اليمنيين مما يكرس أكثر من طبيعة الخطاب المذهبي و خاصة أن هناك تداخل بين البعد المناطقي والمذهبي باليمن.

ما الذي يمكن أن ينتهي إليه الأمر في نهاية المطاف؟ إذا أحد تكلم على أنه في تفتت أكثر من أنه وجود إمكانية للانفصال بين شمال وجنوب؟ هناك حرب داخل الحرب في الجنوب، في انفصال داخل الانفصال في الجنوب، في مشكلة في تعز مع صنعاء، أكثر من مشكلة تعز مع عدن على الإطلاق مثلا، ما هي المعادلة الجديدة التي تلوح في الأفق في اليمن؟ هل يمكن لهذه الجغرافيا أن تعود في مكان واحد كما كانت ؟

حاليا المطروح هي الفدرالية، ولكن لا أدري إلى أي مدى ما تزال الفكرة واقعية . الفدرالية تحتاج لها حكومة مركزية قوية، لأي درجة ممكن تكون صالحة في وضع اليمن؟. هنا السؤال يطرح نفسه. الآن لا يوجد جيش يمني ولملمة هذا الجيش والمليشيات وكيفية لملمة سلاحها، العملية صارت صعبة وكثيرة التعقيد .فهل مثلا الكونفيدرالية حلا؟ معظم المليشيات في الجنوب كان تحشيدها ديني كيف من الممكن أن تنخرط مع “الزيود” في جيش وطني؟ هل الكونفدرالية هي الحل مع الجنوب بحيث الجنوب يكون لدية جيش مستقل؟ هذه فكرة إضافية تطرح ، الفيدرالية هل من الممكن فصل دولتين؟ هذا هو السؤال ؟ ولكن فصل دولتين سيخلق مشاكلا لأنه في الوقت الحالي هناك تطلعات سلطوية داخل كل شخص, لا شيء سيعود كما كان، هذا المؤكد.

إذا نحن نتحدث عن مرحلة من الاستقرار في اللا استقرار في المرحلة من خمس إلى عشر سنوات في المرحلة القادمة؟

أتوقع هذا المرحلة الإقليمية تنتهي وممكن بعدها تهدأ الأمور لكن حتى لو وقفت الحرب في مسألة أن السعودية توقف حرب، يحصل تشكيل حكومة جديدة كثير هشة لا أعتقد بأن الحوثي سيسلم سلاحه، فسيستطيع التلاعب بسهولة في هذا الجانب – ممكن يقول بكل بساطة- أن سلاحه انضرب- مستحيل الحوثي يفرط بسلاحه لأن قوته في سلاحه, بالتالي أي تسوية ستكون هشة لحفظ ماء وجهها لتخرج من اليمن وترجع الحكومة الشرعية .

هل تعتقدي بأن هذا ممكن ؟

حتى هذا لا أتوقع أن يكون ممكنا على المدى القريب.

لماذا؟ ما الذي يقف في وجه السلام في اليمن في ظل هذا الوضع المعقد ؟

كل طرف بات يشكل اقتصاد حرب. بدأت الدول المنخرطة في حرب اليمن تشكل اقتصاد حرب. بدأ التقسيم يرسم ملامحه، بدأ يظهر المستفيدين في الجنوب والشمال. طبعا هناك مستفيدون من دائرة الحرب في اليمن. فبدأت تتشكل هذه المصالح فأصبح من الصعب جدا أن تتوقف حرب بعد هذه المدة كلها. بعد أن تتمحور هذه المصالح في حلقة ضيقة مع أصحاب هذه المصالح.

كما صار من الصعب جداً أن تتوقف حرب، حرب بعد تشكلها، تشكل دائرتها المغلقة دائماً على مجموعة بسيطة من أصحاب المصالح. إلا إذا حصل فارق إقليمي ودولي, أنه لا بد من سحب السعودية في هذا، مقابل مثلاً، روسيا تعمل شيئا في سوريا، مقابل تنازل ما في العراق. يعني مثلاً كان سقوط صنعاء، ومحاصرة الحوثيين لصنعاء كان ردا على إسقاط المالكي في العراق. يعني بشكل ما كان ردا على إسقاط المالكي في العراق الذي كان دمية إيران في العراق. فأحياناً تحصل أشياء إقليمية ودولية نكون نحن ترس فيها وترس ضعيف للأسف. يعني مثلاً صنعاء سقطت في اللاوقت، في اللازمان، كان تواطؤا واضحا من النخبة السياسية اليمنية بجميع أطرافها، كان كل واحد تخيل أنه ح سيستخدم الحوثي كأداة. يعني علي عبدالله صالح تخيل أنه سيستخدم الحوثي كأداة للانتقام من الإصلاح. هادي كان متخيل أنه سيستخدم الحوثي للتخلص من الإصلاح. الحراك الجنوبي تخيل أن الحوثي سيساعده ينفصل بسهولة أكثر. كل طرف تخيل أن الحوثي سيعمل له شيئا ما، وكأنه سينسحب بعد ما يعملها. كان في نوع من الانتهازية وضيق الأفق.

يعني يفكروا بخيارات ضيقة الأفق، حتى السعودية والإمارات وقتها تخيلوا كذه، تخيلوا كأنه في سيناريوهات, بس الحوثي تحرك بإرثة، يعني لم يتحرك بمصالح أحد.

هو يشوف أنه صنعاء هي إرثه، يعني صنعاء هذه مركز الزيدية، كيف يسيطر على المنطقة الزيدية إلا من صنعاء. فلهذا حتى بعدما أسقط صنعاء لم يذهب باللجان لمنطقة مثل المحويت، لكن ذهب للحديدة لأنها تخضع خارج المنطقة الزيدية، يخضعها بالقوة، بينما المنطقة الزيدية تسقط تلقائياً بمجرد سقوط صنعاء، خلاص. هذا هو إرث الإمامة هذا هو إرثه.

فهو هكذا يتصرف بهذا الإرث. بينما أعتقد حتى إيران لم تنصحه بهذا الشيْ، أتصور إيران كانت منتظرة الحوثي يلعب لعبة حزب الله في لبنان. يكون متحكم وليس حاكما، متحكم بالآخرين دون تحمل مسؤوليات الحكم لكن هو متحكم بالآخرين. لكن الحوثي جمح، كان جامح تماما وهم يتحركون بإرثهم، ومنغلقين من صعدة، ليس لديهم حتى فكرة عن حجم التغير الهائل الذي حصل داخل المجتمع اليمني.

ليس فقط داخل المجتمع اليمني بس داخل العالم!

نعم ، حتى الحوثيين جماعة ريفية وهذا كان واضح عليهم عندما دخلوا صنعاء، ظهرت عليهم ملامح الصدمة والذهول وأيضا طبيعة المجتمع وتنوعه كانت غريبة عليهم.

ماهي خيارات الخليج اليوم؟ كثير يطرح أن هذه الدول دفعت لهذه الحرب في اليمن، أو على الأقل هذا الطرح الخليجي متكرر أنه ما كان عندنا أي خيار بعد المناورة التي أقيمت على الحدود من قبل الحوثيين و بعد قصف هادي في عدن. لكن وبالرغم من هذه المسوغات، اللي واضح فعلا أنهم لم يستطيعوا إلى الآن يبنوا على هذا الأساس، لم ينجحوا أي نجاح سياسي حتى مع الداخل اليمني. ما الذي ممكن أن يفعله الآن؟ خاصة أن الخليج متوقف فعليا في اليمن؟ ما الحل يعني ؟ كيف ممكن تكون الصيغة أو المعادلة التي تخرج بحل؟ ما هي الخيارات المتاحة أمامه إذا كنا نتكلم عن الخليج كواحد أصلا؟

بالضبط طبعاً في مشكلة ثانية أن الخليج مش واحد. هنا الخليج يواجه مشكلة مصيرية أكيد في اليمن لأنه كان سقوط صنعاء بالتأكيد، سقوط صنعاء وجموح الحوثيين واستمرارهم بالتمدد كان أكيد يهدد السعودية هذا طبيعي أنها تشوف للتهديد. لأنه حالياً بحالة صراع مع إيران فسقوط دولة هي تعتبر امتدادا أساسيا لمجالها الحيوي. وتم التعامل معها كحديقة خلفية بهذا الشكل. بالطبع كان بالنسبة لها صدمة مخيفة وكان لازم تتفهم بشكل ما. يعني هو بالنهاية نتاج ما صنعته السعودية أصلاً, يعني أولاً السعودية غير أنها أضعفت الدولة اليمنية بتدخلاتها وبتقويتها للقبيلة وأشياء كثيرة من هذا القبيل، وهذا له علاقة حتى بطبيعة السعودية كدولة. السعودية كدولة هي أصلاً تكوين قبلي ديني. يعني هي في النهاية طبيعتها كدولة، هي دولة مش حديثة يعني مش بالمفهوم الحديث للدولة. يعني مثلاً دائماً لما تتدخل دولة تتدخل بتعريفها لنفسها. يعني إيران بتعرف نفسها كدولة تحمي المذهب الشيعي، حتى المذهب الشيعي بالنسبة لها بالدستور هو مذهب الدولة الإيرانية، بالرغم أنه في طوائف أخرى. كل دولة تتدخل بتعريفها لنفسها. مثلاً مصر لما تدخلت، هي دولة مؤسسية، فيها مؤسسات، في الستينات ، نلاحظ أنها دعمت بناء جيش مؤسسي، تدخلت في التعليم. فكل دولة لمن تتدخل برضه هي بتعريف نظرتها لنفسها هي تتدخل، يعني تتدخل بهذا المنظور. فهذا جانب لا نستطيع أن ننساه. السعودية حتى لمن تدخلت في اليمن تدخلت من زاوية دينية وقبلية، اللي هو أصلاً بيشكل السعودية كدولة.

تدخلت من مرآتها؟

مراية بالضبط، لكن في بلد كثير الموارد، السعودية تشكل فيها دولة ريعية، ممكن أنه أنت تبني دولة ريعية في السعودية، المواطن لا يسألك ماذا تعمل. في النهاية هو يستلم كل شيء من الدولة. لكن في اليمن هذه الفكرة مش واردة، مش موجودة. فالسعودية من 2001 بعد ما وقعت اتفاقية جدة مع علي عبد الله صالح باتفاق ترسيم الحدود. كان علي عبدالله صالح اشترط أنه السعودية توقف دعمها عن بعض الجنوبيين، القيادات الجنوبية، وتوقف دعمها للمشايخ. وتقلصت كثيرا قائمة اللجنة الخاصة، فهي فقدت جزءا من شبكة الموالاة لها داخل اليمن. طبعاً الجنوبيين التقطتهم ايران، والشيوخ القبائل صاروا مع علي عبدالله صالح ودخلوا في معركة صعدة وصارت مصدر استرزاق لبعض القبائل. بعدها، وفاة الأمير سلطان كانت ضربة قوية لأنه كان ماسك الملف اليمني من سنة 62 ولم يتولى الملف بعده شخص مهم.

فحصلت الصدمة؟

أيوة بالضبط – شخصية زي الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أيضاً له نفوذه القبلي الكبير برضه ضربة, ضربة كبيرة. فهذه كلها ضربات تعرضت لها السعودية دون أن تدرك. انتهى الأمر بأنها فجأة خسرت كل شيء، دعمت علي عبدالله صالح ثم دفعت ثمن دعمها له في 2011 بأنه انقلب عليها. ليست أول مرة ينقلب علي عبدالله صالح على السعودية. سنة 1990 أثناء حرب الخليج مع العراق اصطف مع العراق. لم تكن المرة الأولى يعني. لكن كان تمرد صغير وكبر في السعودية بعد فترة.

ما الذي تبقى من 2011؟ هل ممكن أن تلك الحالة السياسية التي نحن نتحدث عنها قادت إلى سياق سياسي معين، خلقت حرب بعد هذا السياق أو عبر هذا المدخل أو بسبب المساحة التي تركتها ما الذي تبقى، هل تبقى أي شيء من الثورة. هل يمكن إعادة انتاجها ؟

أعتقد صارت صعبة الآن، يعني حالياً، الحالة اللي إحنا فيها صارت صعبة. وعموماً كل دول الربيع العربي. يعني أنا عايشة بمصر، يعني بشوف الناس مهما عانوا قدهم مستحيل يرجعوا للشارع مرة ثانية. الناس تعقدت عملياً من فكرة الشارع. للأسف 2011 كان أهم شيء حصل فيه، غير أن الناس خرجت مؤمنة بقدرتها على التغيير، هو أنها أول مرة يحصل الناس تخرج للمجال العام بعدما تم احتكار المجال العام من نخبة ضيقة. هذا كان شيئا مهما، لكن أعتقد 2011، الساحة من لحظة ما احتكر الإصلاح قرار الميكرفون، قرار المنصة، صار احتكاره.. يعني هو أعاد فكرة تعريف احتكار المجال العام، زي ما تم احتكاره والناس كسرت هذا الاحتكار وهو رجع احتكره داخل الساحة، فكان هذا أول خطأ حصل داخل الساحة. فكانت أهميتها أنها كانت بتشمل جميع اليمنيين، هذا حقيقة. شيء الآن صعب تكراره لمن نجي نتكلم على قبائل من شبوة من مأرب من كل مكان في اليمن، طلاب، يعني كان شيئا غير عادي من التنوع، حتى الطبقات، على مستوى الطبقات كان حتى اليمنيين من الطبقة الوسطى، الطبقة الوسطى العليا، طبقات فقيرة، الكل كان مشارك بحلم ما. فهذا كان بحد ذاته تغير ما اعتقدش أنه سيتكرر، يعني حتى الآن في انقسام طبقي أحياناً، يعني نلاحظ مثلاً في تعز الطبقة اللي هي مرتبطة بمصالحها بصنعاء مصطفة لحد ما مع الحوثي. مثلاً يعني لأنه لها مصالح طبقية بشكل ما. يعني فممكن نلاقي له أنصار داخل تعز أكثر من عمران لأنه في بعد طبقي معين يعني. لأنه القبيلة ضاقت، يعني والقبيلة ضاقت وفكرة الإمام حتى داخل القبيلة ضاقت داخل اليمن، يعني إلى حد كبير ضاقت ضمن كل بعد.

هل غيرت الثورة أم الحرب من القبيلة ؟

هل في قبيلة أنت سمعتها قالت أنها، أنا مصطفة مع الحوثي أو مصطفة مع هذا الطرف؟ لا يوجد. اللي حصل أنه القبائل انقسمت ، بكيل منقسمة مثلا، انقسمت بشكل كبير- وهي انضربت. منقسمة هي أصلاً، يعني لأنه في كمان حتى مجموعة منهم لهم مصالح تجارية حتى مع الإمارات وكذه. هم لهم مصالحهم وبرضه انقسمت القبيلة عموماً، يعني حتى التسنن، التسنن اللي حصل، أيضاً المنطقة الزيدية لم تعد منطقة زيدية بالكامل. يعني في النهاية مناهج التعليم، معاهد السلفية، انتشرت حتى في هذه المناطق. أرحب مثلا كانت منطقة ملكية بالكامل في أثناء ثورة 26 سبتمبر ، الآن أرحب سلفية. يعني حصل تغيير في العديد من القبيلة نفسها، يعني في جزء من القبائل صار أبناؤها من حزب الإصلاح. يعني فبالتالي لم تعد القبيلة الزيدية مثل ما كانت زيدية ممكن تصطف وراء الإمامة. سواء لأن الإمامة كفكرة خرجوا عن هذا الإطار، صارت فكرتها ضعيفة. أو سواء لأنه الإمامة، أو سواء لأنه مذهبياً هي لم تعد زيدية. هذا غير أنه القبيلة نفسها كقبيلة ضعفت، هي ككيان ضعفت. يعني ضعُف كيان القبيلة من غير وجود الدولة، لم تستفيد الدولة من هذا الضعف، فجاءت الجماعات الدينية واستثمرته .

لشكل آخر، لصالح شكل آخر من أشكال القبيلة..؟ لهوية بدائية أُخرى

بالضبط

وهذا ينطبق على القبائل في الجنوب أيضاً؟

القبائل في الجنوب تم إحياؤها بعد الوحدة. وهو طبعاً حصلت مثل ردة دينية بعد حرب 86 في الجنوب. عادة الكثير يحاولو ربط هذه الردة بالوحدة لكن هي أكثر ارتباطا بحرب 86.

كيف؟

الردة الدينية في الجنوب، كثير من الجنوبيين بدأوا يميلون للتدين بعد 86 بعد الصدمة التي حصلت بحرب 86 أثناء الحزب الاشتراكي الناس كفرت بشكل طبيعي وأخذت النقيض لها، يعني تبنت النقيض لها، النقيض الأيديولوجي لحظتها. ولحظتها كان أصلاً صعود للجماعات الدينية، يعني حتى الآن ممكن نقول مثلاً أوروبا الشرقية التي كانت شيوعية الآن أكثر تدينا من أوروبا الغربية التي كانت مش شيوعية، فهذه نكسة طبيعية. أفغانستان مثلاً انتقلت من الشيوعية، من أقصى الشيوعية إلى أقصى التدين أيضاً. فيكون أحيانا هذا التطرف من هذا الاتجاه لهذا الاتجاه ردة فعل طبيعية.

وحضرموت؟

حضرموت دائما منفصلة وتحمل ملامح مستقلة عن الجنوب واليمن عموماً، تمتلك بعض ملامح الهوية المستقلة جغرافيا واجتماعياً وإلى حد ما سياسياً مما يعطيها خصوصية وهذه عوامل لا تمتلكها أي منطقة يمنية. لا توجد منطقة تمتلك مساحة جغرافية وخصوصية اجتماعية تسهل عملية الفصل عن جوارها. وهذا وضع مختلف عن مشكلة شبوه وأبين، شبوه وأبين مشكلتهما أنهما كانتا مقصيات في مرحلة الحزب الاشتراكي والحراك الجنوبي هو عملياً إرث دولة الحزب الاشتراكي. إرثه كان في الضالع التي كانت جزءا من الشمال حتى عام 1934 عندما صارت إحدى محميات الجنوب مما يدمر كل فرضيات التاريخ الجنوبي المشترك.

تحضر الكثير من المخاوف من حضرموت سواء في علاقتها باليمن كدولة واحدة، أو علاقتها بالجنوب، باعتبارها مكان ذو هويه متماسكة وفرصه للاستقلال أكثر من غيره، وهو أمر يضاف إليه أخبار قديمة عن رغبة سعودية بإلحاقها أو ما شابه ذلك، علاوة على بيانات ومناشدات أخيرة من رجال مال سعوديين من أصول حضرمية بإلحاقها بالمملكة؟ ما الذي تذهب إليه حضرموت إذاً؟

لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث بالضبط لكن احتمالية انفصال حضرموت عن الجنوب أو ضمه للسعودية تظل واردة خاصة أن الحراك الجنوبي ليس قوة سياسية متماسكة. ويعتمد كثيرا في خطابه على سرد طوباوي عن مرحلة الحزب الاشتراكي، وتصورات وهمية عن هوية جنوبية موحدة. في الواقع الجنوب لم يكن موحداً إلا أثناء مرحلة الحزب الاشتراكي وهي ثلاث وعشرين عاماً تخللها الكثير من الصراعات المناطقية. أما اتحاد الجنوب العربي فلم تكن حضرموت جزءاً منه. هذا كله في وقت الحراك الجنوبي لم يستطيع حتى الآن إفراز تنظيمات سياسية وقيادات ذات وعي بتعقيدات وضع الجنوب ومشاكله بعيدا عن فرضية أن الوحدة والشمال هما مصدر كل المشاكل.

سؤال من الجمهور: كنتِ قد ذكرتِ من قبل إلى فكرة هي الزيدية الشيعية أو الزيدية الهاشمية والزيدية عامةً ومعروف أنه الزيدية الهاشمية تمثل نسبة قليلة في اليمن، فكيف استطاعت الزيدية الهاشمية ان تسيطر على المناطق الشمالية بشكل عام؟

أعتقد مساعدة صالح لعبت دورا مهما وأساسيا في المسألة. هو الفراغ بدرجة أساسية، يعني هو الفراغ السياسي بدرجة كبيرة مع البعد الإقليمي، يعني أنه الآن كان في لحظة صعود لدور إيران في لحظة من اللحظات، فهو لعب بالجانب الأيديولوجي العقائدي مع الجانب المناطقي.أيضاً فكرة التنظيم، يعني أنت لمن تكون طرف منظم وبسيط حتى لو كنت صغير حجمك بتكون مقاوم وبتكون مؤثر. يعني من سيكون أكثر أنصار الحوثي أو انصار الحراك؟ ممكن أنصار الحراك أكثر، واحتمال أنصار الإصلاح حتما ممكن عددهم كبير. أحياناً التنظيم لمن يكون عنده.. هنالك جماعة منظمة جداً حتى لو هي صغيرة. وفي فكرة الشخص الواحد، هي فكرة يعني صح أنها مركزية، تتمركز على شخص واحد، لكنها بتكون أحياناً فعالة جداً أثناء الصراع، فتصور أنه ممكن هذا. والهاشميين تصرفوا بشكل منظم إلى حد كبير، يعني مش عايزة أعمم، جزء كبير منهم. طبعاً أنا ضد الهجوم عليهم حالياً الهاشميين هذا الصراع غلط أن احنا ندخل فيه لأنه في الأخير هم مواطنين يمنيين. لكن دخلنا بمفردات شوية صغيرة

سؤال من الجمهور: قلتِ في الأول أنه السعودية تصرف 3 مليار في السنة، أولا من أين المعلومة هذه؟ ثانياً أنتِ تشوفِي الوضع الاقتصادي يتدهور في السعودية، هل قد توقف الحرب بسبب الوضع الاقتصادي؟

ثلاثة مليار دولار كان دبلوماسي غربي قالها لي. هي ربع مليار قال لي في الشهر، اضربها في 12 شهر، ثلاثة مليار دولا، بس ممكن في صرفيات أخرى خارج النص. بس على أي حال هو طبعاً واضح أنه هناك تيارين داخل السعودية ميالين، واحد ضد الحرب وواحد مع استمرارها. قرأت مرة حوار لمحمد بن نايف الذي هو ولي العهد، كان بيتكلم عن ضرورة وقف الحرب باليمن بسرعة، يعني وبشكل فوري. فواضح أنه كان حاسس أنه لا، لنا أولوياتنا واقتصاد وما اقتصاد وكان يتكلم من هذه الزاوية. من جهة هو واضح أنه محمد بن سلمان له تياره وهو بيحاول أنه يكسب… يعني..الحرب أعتقد السعودية أيضاً تشكل اقتصادها، يعني مصر مثلاً ظلت مستمرة في الحرب في اليمن بالرغم من وضعها الاقتصادي أكثر سوءا بكثير. أحياناً الدول لما تدخل تتورط في الحرب تقامر بصورتها فلازم تدفع ثمن صورتها الذهنية. يعني مصر كم جلست داخل الحرب في اليمن في وقت انهار اقتصادها في مرحلة من المراحل وكان أحد الأسباب في حرب اليمن وبرغم كذه استمروا وكان في ضباط كانوا مستفيدين من الحرب في اليمن من الأسلحة، من صفقات الأسلحة، من بعض الصفقات بيعملوها في اليمن. كان في نوع من اقتصاد الحرب الفاسد داخل الحكومة المصرية، فشيء مشابه اتصور تشكل داخل السعودية، ومحيط محمد بن سلمان وحابب أنه تستمر الحرب وبيقدم أنه الحرب ضروري أنها تستمر لحماية السعودية من ايران. وهذا التوجه نلاقي في بعض الكتابات السعودية أنه مهما كلفتنا الحرب سنستمر وهذه الحرب مصيرية بالنسبة لنا. فبالتالي الوضع الاقتصادي بالتأكيد بيضعف عليهم لكن مش دائماً الأمور في الوطن العربي بتمشي بشكل منطقي.

هل هناك تصور ممكن أن تقترحيه للتسوية في هذا الصراع المؤقت، شكل مؤقت من التسوية الممكنة والمقبولة يحول دون تفاقم هذه الحرب الكارثية؟ خصوصاً وأن خيار سلام عادل يعاقب المسؤولين عن الكارثة وينتصف للضحايا يبدوا مستبعد حالياً؟

من الممكن الحديث عن تسوية يضمن وقف الحرب السعودية وينزع السلاح الثقيل من الحوثيين الذين لا يمكن التسوية معهم دون الانسحاب من صنعاء. كما وتشكيل حكومة شراكة مع تعيين الرئيس هادي لمجموعة نواب يمثلون الأطياف السياسية الأساسية وينقل لهم جزءا واسعا من صلاحياته حتى يتم انتخاب رئيس الجمهورية، بالتدريج ممكن بناء جيش وقوات أمن مركزية وسلطة مركزية بصنعاء. هذا سيأخذ وقتا خاصة إن الوضع السياسي سيظل معقد وستعمل كثير من القوى الميلشاوية على زيادة تمييع حالة الفوضى الأمنية المتوقعة بالعاصمة. لذا يفضل حتى ذلك الحين الاعتماد أكثر على المجالس المحلية للمحافظات وتقوية دورها بشكل متوازي مع العملية السياسية بالسلطة المتعلقة بترتيبات السلطة من حكومة شراكة وترتيبات لانتخابات مقبلة في العاصمة صنعاء.

سؤال من الجمهور: ما علاقة علي صالح والحوثيين في الوقت الحالي؟

طبعاً هناك احتكاكات ما بين الطرفين لأنه علي عبدالله صالح بيقدم طرف، هو أكثر بيقدم الطرف القبلي. وله وجود خارج المنطقة الزيدية، بس هو عملياً واضح أنه الحوثي عسكرياً صار أكثر قوة منه ومسلح وبشكل أفضل. واضح أنه أمنياً اتحكم بصنعاء، من الناحية الأمنية. فواضح حتى اقليمياً صار وضعهم أفضل لأنه الآن التقسيم الإقليمي صار تقسيما مذهبيا، فالحوثي الآن يناسبه هذا التقسيم أكثر من علي عبدالله صالح. الحوثي له مستقبل في البقاء أكثر من علي عبدالله صالح لكن علي عبدالله صالح لا يزال قادر يقلب عليهم الطاولة ويأثر. طبعاً في تنافس كبير بينهم على المناصب والفلوس، تنافس كبير ما بين الطرفين في الأخير، يعني تحالف قائم على أساس المصلحة المادية المباشرة للأطراف الكبيرة، الرؤوس الكبيرة داخل التحالف، وقائم على فكرة العدو المشترك. كان في البداية الإصلاح، ثم صار الآن السعودية و معاها الإصلاح، ومعها الأطراف الأخرى المختلفة التي متحالفة معاها السعودية. فطالما يوجد عدو مشترك أعتقد أن هذه العصبية ستظل متماسكة لحد ما، يعني طالما في قصف. عموماً القصف والحصار داخل أي دولة بيكرس أكثر الاستبداد أو بيكرس أكثر الوضع السيء داخل الدولة. بمعنى الحصار وقصف العراق لم يؤدي إلى أنه صدام حسين ضعف مثلاً، لم يؤد إلى أنه كوريا الشمالية ضعفت، النظام في كوريا الشمالية ما ضعف، الناس جاعت.. الشعب العراقي جاع، بس ما ضعف صدام حسين. بالعكس بيضعف حالة الدولة هذه وبيضعف المقاومة الداخلية أيضاً لهذا النظام.

سؤال من الجمهور: ما أسباب رفض الفيدرالية من قبل الحوثيين وصالح؟

الفيدرالية طبعاً كان في رفض لها بس الآن في تمسك بالحدود الشطرية، يعني اللي هو حدود الشمال وحدود الجنوب، بس ما يتجاوزها، والطرفان متمسكان فيها. يعني واضح أنه معركة تعز لهذا السبب، هي مسألة الاستماتة على الحدود الشطرية، من كلا الطرفين. بالمناسبة حتى طرف الرئيس هادي لا يميل لتحرير تعز، يعتبر تعز أنها لابد أن تظل هكذا. أعجبها الاستنزاف للحوثي من جهة ومن جهة أنها تظل ورقة ابتزاز، أن الحوثي بيحاصر تعز، شوفوا الحوثي ايش عامل في تعز، بحيث ما يكون التركيز فقط على ضحايا الضربات. في أيضاً اعتداء على تعز في الداخل، فيظل هذا فكرة العدوان الداخلي موجودة، هذا الحالة موجودة وقائمة هذا من جهة وهذا من جهة انه تعز ممكن تلخبط الأوراق، لأن تعز صعب تحسبها تماماً من الشمال لأنه في رغبة في تقديم أنه الجنوب بس اللي قاوم الحوثي والشمال ما قاوم الحوثي. فبالتالي اترك الشمال يحكمه الحوثي وهات لنا دولتنا وجيب لهم دولتهم ،وهذه هي الفكرة. لكن تعز لخبطت هذه الحسابات هي ومأرب، ومأرب تم التجهيز لها مبكراً من السعودية حتى من أيام الملك عبدالله، تجهيز لهذه الجبهة أنه تظل منيعة للحوثيين. أعتقد لأن السعودية اعتبرتها شوكة قبلية سنية ضد الحوثي وعلى الحدود، فشافتها أنه لازم تحافظ على هذه الجبهة، فهي من شكل مبكرا دعمت جبهة مأرب من أيام الملك عبدالله، أتذكر بشكل مبكر جداً. أول ما بدأ الحوثي يتوسع في المحافظة والسعودية بدأت تتعامل مع قبائل مأرب بشكل مباشر.

الفيدرالية باعتبارها أحد أسباب الحرب في اليمن، هل يمكن إعادة انتاجها مرة أخرى في مسار التسوية، والفكرة كيف يمكن لتصور سياسي أدى إلى تأجيج الصراع الداخلي اليمني أن يكون عنصراً في مسار السلام؟ وبالمقابل خاضت الكثير من الجماعات الحرب تحت عنوان الفيدرالية فكيف يتوقع تخليها عنه؟ لقد أنتجت فكرة الفيدرالية الكثير من التعقيدات فكيف سيكون مصيرها في أي سيناريوهات قادمة؟

الفيدرالية كانت احد الاسباب التي دفعت الحوثيين وصالح للتحالف والتوجه نحو الحرب لأنه تصوروا إن هذه الشكل السياسي الجديد للدولة سوف يقلل من سلطة وتأُثير المركز الذي يسيطر عليه نخبة من المنتفعين والفاسدين، وهذا صحيح نسبياً. من جهة أخرى، القرار اتخذ بشكل عشوائي ومتعجل دون مشاورات سياسية جادة بين الاطراف المختلفة. واتخذ بمنطق الخلاص من المركز المقدس وليس بمنطق إنه شكل سياسي جديد للدولة. على أي حال، الآن الدولة في اليمن صارت تقريبا في خبر كان وعملية بناء مؤسسات الدولة يفترض أن تكون أولوية قبل فتح باب هذا النقاش مجدداً. لكن بعض القوى السياسية خاصة الحراك تراها أولوية وتتحدث عن فيدرالية من إقليمين وهي بالواقع تتصور الوضع باليمن تجمد عند عام 1989 وكأنه بمجرد فك الارتباط أو الفيدرالية من إقليمين ستعود الأوضاع تلقائياً إلى ما كانت عليه. لكن في الواقع حالة التشظي الهوياتي مع ضعف القوى السياسية أصابت الجميع وبالتالي لن يعود الشمال أو الجنوب كما كانوا وهذا قد يفتح بوابة جديدة للصراعات. اتصور إن اعادة بناء مؤسسات الدولة مع توسيع صلاحيات المجالس المحلية هي الخطوة الأولى التي يفترض أن تحدث ثم يبدأ الحديث عن الفيدرالية بشكل واسع ودراسة كل المقترحات بشكل سياسي واقتصادي حتى يتم البت فيها ويظل هذا تصور مثالي ليس بالضرورة يتطابق مع الواقع الذي تفرضه القوى السياسية المسنودة إقليميا في اليمن.

الحوثيين في السياسة هم متحكمين وحاكمين او بس حاكمين؟

حاليا؟ حاليأ هم حاكمين .شوف انت لمن تحكم بالعنف، بالقوة، بقوة السلاح، انت حاكم ومتحكم، يعني في الاخير لانه ماحكمت بإرادة الناس الاخرين. فهي جزء منها انت حاكم ومتحكم.

في السياسة اكيد خبرتهم السياسية ضعيفة اذا احنا بنتكلم عن السياسة. هم لازالوا بيتعاملوا مع السلاح اكثر من ما يتعاملوا بالسياسة هم ممكن كانوا يتعاملوا مع السياسة من خلال السلاح لا السياسة.

هل يستفيدو فعلا من دعم من التحالفات الاخرى، دعمتهم سياسياً واقتصاديأً ؟

هو فشل الاخرين دعمهم سياسياً ، فشل هادي السياسي دعمهم سياسياً. يعني فشل الاخرين دعمهم سياسياً اكثر من نجاحهم السياسي، ماهو النجاح السياسي الي ممكن حققه الحوثي، ممكن لو قلنا نجاح سياسي واحد؟ لاشيء

قلتِ في كلامك بخصوص ايران والجنوب كان في استفادة من ورقة الجنوب، ممكن تطلي سريعا على علاقة إيران و الجنوب ؟

ايران هي اصلا يعني ملهاش نفوذ مذهبي داخل الجنوب، لكن احيانأ هي بتستخدم ورقة الصوفية، يعني الصوفية وال البيت هذه القصص والصوفية عادة مرتبطة بالتشيع احياناً كثيرة . فهي بتستخدم هذه الورقة بعض الاحيان يعني مثلاً حتى في مصر في دول مافيهاش تشيع كثير هي تستخدم هذه الورقة فيها. هي استخدمت ورقة الحراك الجنوبي ومولت كثير من قادة الحرك الجنوبي ابرزهم باعوم، من هم هنا لازالوا في بيروت يعني. فهم لازالوا ورقة ضغط، اعتقد انهم بحالة ــ حالياً لكن هذا ممكن معي اي صراع في الجنوب ممكن ايران تفتح هذه الجبهة، خصوصاً ايران بتتكلم على وجود منفذ لها في البحر الاحمر اخيراً، وانها صارت متحكمة في كذا. هذا جزء من استفزازاتها التي بتحب تستفيز فيها السعودية، تستثير بها اعصاب السعودية. فطبعاً ايران موجودة في الجنوب، لها حضورها بتمول اطراف في الجنوب، لكن بتمولهم على اساس.. الجنوبيين تلاحظ، اليمنيين عموماً عندهم كراهية للسعودية قديمة تاريخياً حتى تعريف الهوية اليمنية من البداية اخذ بعد معادي للسعودية بشكل مبكر حتى الناس الي الان متحالفين مع السعودية ممكن يقلبوا عليها بسهولة، والتحالفات باليمن هي عموماً هشة، فيها.. تتمرجح مع بين هذا الطرف وهذا الطرف ماهيش تحالفات مستقرة. واليمنيين تستاجرهم لكن لا يمكن ان تشترهم، هم تحالفات للايجار وليسو للشراء.

يعني الي يخلي مثلاً الجنوب متحمس للوحدة الان يخليه متحمس للانفصال. اليمن هكذا، اليمن هكذا بتتغير. يعني من يصدق، علي عبدالله صالح الي اليمنيين ثاروا ضده ب2011 ، الان بيخرجوا مظاهرات ضخمة لتأييده. الجماهير ذاكرتها بسيطة واحنا النخبة عندنا كثير بتقلب الناس.هي مش ذاكراتها بسيطة بس من كثر ماتحدث لها ، تنسى ما فات وتحاول تركز على القادم.



ميساء شجاع الدين هي زميل غير مقيم في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. شجاع الدين باحثة وكاتبة ومعلقة دائمة عن اليمن في العديد من وسائل الاعلام ، وقد نشرت كتاباتها في نشرة الاصلاح العربي، السفير، الحياة ،و العربي الجديد. تحمل شجاع الدين درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن راديكالية المذهب الزيدي في اليمن.

مشاركة