إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

مشاركة المرأة في الحياة العامة في اليمن بحلول عام 2030: منهجية بناء السيناريوهات المستقبلية

Read this in English

ملخص تنفيذي

كان للحرب طويلة الأمد عواقب وخيمة على المساواة بين الرجل والمرأة في اليمن، كما يتضح من تراجع البلاد في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين خلال الفترة من 2006 إلى 2021- من المرتبة 115 إلى المرتبة 155. أضف إلى ذلك التراجع الحاد الذي سجله اليمن عالمياً في المؤشر الفرعي “المشاركة والفرص الاقتصادية”، من المرتبة 114 إلى المرتبة 154، وهو ما يشير بوضوح إلى ما تواجهه النساء اليمنيات من تحديات في سوق العمل خلال فترة الصراع. من جهة أخرى، سجل اليمن كذلك تراجعاً مشابهاً في مؤشر التحصيل العلمي، من المرتبة 114 إلى المرتبة 152، وبالمثل، سجلت البلاد تراجعا في الترتيب العالمي لمؤشرات النسبة بين الجنسين، ومتوسط العمر المتوقع عند الولادة ومتوسط الحياة الصحية للفرد (وهي مؤشرات رئيسية في قطاع الصحة) من المرتبة 48 إلى المرتبة 95، في دلالة واضحة على اتساع الفوارق بين الجنسين في مجال الصحة. إلاّ أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التراجع الحاصل في مجال التمكين السياسي، حيث سجل اليمن تراجعاً من المرتبة 113 إلى المرتبة 154، وهو ما يعكس تهميشاً سياسياً للمرأة[1]. يُظهر هذا النمط المثير للقلق الحاجة الماسة إلى استراتيجيات تضع مبدأ المساواة بين الجنسين كأولوية في أي خارطة طريق لمستقبل اليمن ما بعد الصراع، فبدون تضافرٍ للجهود، سيكون اليمن معرضا لخطر استمرار الوضع القائم بعلاّته، أو المضيّ نحو الأسوأ. فَضمان عدم تهميش المرأة اليمنية ليس مجرد مسألة متعلقة بجزئية العدالة الجندرية فقط، بل خطوة أساسية لضمان سير اليمن في طريق التعافي والتنمية بشكل عام.

استجابةً لهذه الاتجاهات، نظّم مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في العاصمة الأردنية عمّان ورشة عمل مدتها ثلاثة أيام بعنوان: “مستقبل النساء اليمنيات في الفضاء العام”، وذلك خلال الفترة من 26 إلى 28 مايو/ أيار 2023. دُعي إلى الورشة مجموعة من 16 مشاركًا يمنياً، بمن فيهم أكاديميون وطلاب وفنانون وصحفيون ومعلمون وممثلون عن المجتمع المدني والمجموعات النسوية ورجال أعمال وباحثون. كان الهدف الأساسي لورشة العمل هو الخروج برؤى تفصيلية، ووضع استراتيجيات لمواجهة التحديات الحالية، إلى جانب استكشاف فرص تمكين النساء اليمنيات بعد الصراع.

أثناء الورشة، جرى تحفيز المشاركين على التنبؤ بجميع التحديات المتوقعة، وتحديد المجالات التي تستلزم التدخل، والاستراتيجيات التي تكفل تعزيز التمكين للنساء اليمنيات وصولاً إلى العام 2030. استخدمت ورشة العمل منهجية بناء السيناريوهات وإطار تحليل “بيستل” (PESTEL)، وهو تحليل يُعنى في منهجيته بتحليل البيئة المحيطة بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية والقانونية. تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات، ليشرعوا بالنقاشات المتعلقة بوضع السيناريوهات، وبتحديد التحديات المحتملة، وفرص المشاركة العامة للمرأة اليمنية في المستقبل وصولاً إلى 2030. وقد قدم المشاركون ثلاثة سيناريوهات واقعية:

سيناريو التمكين: وفق هذا السيناريو الذي يعدّ سيناريو الوضع الأمثل، يشهد اليمن تقدماً كبيراً في إعمال حقوق المرأة وتمكينها. ويقوم هذا السيناريو على افتراض التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، وتنفيذ إصلاحات مجتمعية جذرية، وتكوين إطار قانوني معزز، وهو ما يعني مستقبلاً يتصف بالتقدم والمشاركة الكاملة للمرأة اليمنية.

سيناريو التراجع : يقوم هذا السيناريو على افتراض التوصل إلى تسوية سياسية غير شاملة تقترن بحالة من الضبابية وعدم اليقين فيما يتعلق بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية. ويتوقع هذا السيناريو زيادة تهميش المرأة، وتقيّد صارم بالأدوار التقليدية المناطة بالجنسين، ونكسات اقتصادية، وتحديات في مجال التعليم، وغياب الدعم الدولي.

سيناريو تآكل الحقوق: وفق هذا السيناريو القاتم، يصبح اليمن دولة فاشلة تتصف بعدم الاستقرار السياسي، وبالتطرف الديني، وتراجع حقوق المرأة. ويتوقع هذا السيناريو غياب الإطار القانوني المتين، واستبعاد المرأة من الحياة السياسية، والانكماش الاقتصادي، وتدهور التعليم، وتراجع الدعم الدولي.

بناء على ما سبق، تم تقديم عدد من التوصيات التي تشمل إجراءات ملموسة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية والقانونية، بهدف تعزيز المشاركة العامة للمرأة بحلول عام 2030. تركز هذه التوصيات على أهمية المشاركة الشاملة والمستدامة، وتأخذ في الاعتبار جوهر أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة[2] وتأثير الحرب على كل من الهدف 5 (المساواة بين الجنسين)، والهدف 16 (السلام والعدل والمؤسسات القوية) الذي يشجع على خلق مجتمعات يسودها العدل والسلام والشمولية. ترد التوصيات كاملةً وُمفصلةً في نهاية هذا التقرير.

التوصيات الاقتصادية:

للسلطات المحلية والوطنية:

  • تعزيز وصول المرأة إلى الخدمات المالية
  • دعم ريادة الأعمال النسائية
  • دعم التمويل الأصغر وبرامج الإرشاد التجاري
  • إقرار نُظُم الادخار المجتمعية/غير الرسمية ومجموعات الإقراض
  • تعزيز المشاركة في مجال التكنولوجيا وخدمات تكنولوجيا المعلومات
  • تعزيز قطاع العمالة الرسمية النظامية، مع توفير الحماية للعاملات غير النظاميات

للأمم المتحدة والمجتمع الدولي:

  • تصميم مبادرات للتمكين الاقتصادي
  • إتاحة البيانات المصنفة حسب النوع الاجتماعي للجمهور
  • التركيز على تنمية المهارات، وعلى التدريب في تكنولوجيا المعلومات والمهارات الرقمية
  • تقديم الدعم القانوني وإدماج المرأة مالياً
  • تمكين المرأة من خلال تقديم الإرشاد ومن خلال التواصل والتشبيك
  • دعم المرأة العاملة في مختلف القطاعات
  • تعزيز الشراكات الاستراتيجية والتعاون

التوصيات السياسية والقانونية:

للسلطات المحلية والوطنية:

  • إصلاح السياسات التي تحول دون مشاركة المرأة في الحياة العامة
  • تعزيز الآليات القانونية لحماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي
  • تشجيع وتعزيز مشاركة المرأة في قطاع العمل الرسمي النظامي
  • تحديد الحد الأدنى لسن الزواج

للأمم المتحدة والمجتمع الدولي:

  • إشراك المرأة بشكل فعّال في الحقل السياسي
  • ربط مشاركة الأطراف بشروط تُعزّز تمثيل المرأة
  • تجنب اختزال أدوار المرأة في أطر محدودة في عملية بناء السلام
  • العمل نحو عملية سلام شاملة للجميع ومتعددة الجوانب

التوصيات الاجتماعية:

للسلطات المحلية والوطنية (بما في ذلك القيادات الدينية):

  • العمل بقوة على تعزيز تعليم الفتيات والنساء
  • تعزيز السياسات المراعية للاعتبارات الجندرية على نطاق واسع
  • إذكاء الوعي لدى المجتمعات بالعنف القائم على النوع الاجتماعي والحدّ منه
  • العمل جنبا إلى جنب مع القيادات الدينية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة

للأمم المتحدة والمجتمع الدولي:

  • تكثيف الدعم للبرامج التعليمية للفتيات والنساء
  • الاستفادة من الخبرات المتاحة في مواجهة الأعراف الاجتماعية المقيِّدة

توصيات بخصوص التكنولوجيا/الأمن السيبراني (الإلكتروني):

للسلطات المحلية والوطنية:

  • دعم وتحفيز الشركات الناشئة التي تقودها النساء في مجال التكنولوجيا
  • إتاحة مجال أوسع للنساء للاستفادة من التكنولوجيا

للأمم المتحدة والمجتمع الدولي:

  • الاستثمار في تدريب النساء على الأمن السيبراني
  • العمل على منع ممارسات التشهير (تشويه السمعة) عبر الإنترنت والاستجابة لآثار هذا السلوك
  • إعطاء الأولوية لعملية نقل التكنولوجيا للتخفيف من آثار تغير المناخ

توصيات بخصوص البيئة/المناخ:

للسلطات المحلية والوطنية:

  • وضع برامج تدريبية حول الممارسات المستدامة (الممارسات الصديقة للبيئة)
  • مناصرة أدوار المرأة في مشاريع الاستدامة البيئية

للأمم المتحدة والمجتمع الدولي:

  • دعم النساء العاملات في مجال الزراعة
  • توفير منصات للتعاون وتبادل الخبرات
  • الاستعانة بالمعرفة والخبرة المحلية لدى النساء عند تطوير الأدوات والمعدات الزراعية
الهوامش
  1. “التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2021″، المنتدى الاقتصادي العالمي، 2021، https://www.weforum.org/reports/global-gender-gap-report-2021/.
  2. تهدف أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، وهي 17 هدفاً عالمياً وضعتها الأمم المتحدة، إلى معالجة التحديات الرئيسية مثل الفقر وعدم المساواة والاستدامة البيئية بحلول عام 2030.
مشاركة