مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ومركز دراسات حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا
الملخص التنفيذي
تواجه اليمن أزمة بيئية حادة، أدت آثارها – إلى جانب الآثار الناجمة عن تغير المناخ والصراع المستمر لعقد من الزمن – إلى تقويض حق اليمنيين في الحياة الكريمة. لقد ارتفعت درجات الحرارة في اليمن بمقدار 1.8 درجة مئوية، على مدى السنوات الخمسين الماضية. كما أدى ارتفاع معدلات الأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير وغيرها من ضروب التدهور البيئي إلى عمليات نزوح واسعة النطاق وخسائر كبيرة في الأرواح وسبل العيش والأراضي والبنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك أدى ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر وعدم انتظام هطول الأمطار، إلى تفاقم نقص المياه في واحدة من أكثر البلدان ندرة في المياه على مستوى العالم، حيث يفتقر حوالي 14.5 مليون يمني إلى الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، ومن المتوقع أن تزداد حدة الصراعات المتعلقة بالمياه، مع تزايد ندرتها.
يوضح هذا التقرير – في هذا السياق – أن اتخاذ المعالجات البيئية اللازمة أمر بالغ الأهمية لاستقرار اليمن. وبعد عامين من البحث والتحليل والمقابلات المكثفة التي أجريت مع العديد من الخبراء اليمنيين والدوليين في مجالي البيئة والعدالة، يخلص التقرير إلى أن الصراع المسلح في اليمن والأزمات البيئية والمناخية مرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً، وأنه يجب على خطط العدالة الانتقالية في اليمن أن تأخذ في الاعتبار الأضرار البيئية والمناخية في الماضي والمستقبل. لمعالجة هذا الأمر، يقدم التقرير مقترح خارطة طريق العدالة الانتقالية الخضراء، والتي على الرغم من كونها جديدة، إلا أنها قد تثبت أنها خطوة أساسية وقابلة للتحقيق نحو السلام والعدالة المستدامين في اليمن.
يحدد التقرير أربعة مسوغات لدفع اليمن إلى دمج المخاوف البيئية في عملية العدالة الانتقالية: تأمين السلام المستدام، وتوفير فرص العدالة الحقيقية، وتعزيز العملية الانتقالية في البلاد، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
استناداً إلى الدروس المستفادة من سياقات أخرى مثل كولومبيا والسودان وتونس، يحاول التقرير إظهار جدوى معالجة القضايا البيئية في إطار العدالة الانتقالية. يمكن لليمن تطبيق هذه الدروس من خلال مجموعة متنوعة من التدابير. تشمل هذه التدابير إنشاء لجان الحقيقة والتي من شأنها أن توسع مفهوم الضحايا ليشمل أولئك المتأثرين من الأضرار البيئية، وصياغة الخطط الخاصة بمسائل جبر الضرر التي ستعمل على تعويض ضحايا تغير المناخ، واستخدام الفن لتخليد ذكرى الأضرار البيئية، ومحاسبة المسؤولين عنها، وتنفيذ الإصلاحات الدستورية التي تعالج حقوق اليمنيين في الحصول على بيئة صحية.
يهدف التقرير إلى إقناع أصحاب المصلحة بأن عمليات العدالة الانتقالية المستقبلية في اليمن قادرة، وينبغي لها العمل على معالجة الأضرار البيئية وتغير المناخ. ولتعزيز هذا الهدف، يقدم التقرير مجموعة من التوصيات العملية والقابلة للتطبيق لتنفيذ العدالة الانتقالية الخضراء في اليمن.
توصيات موجهة
- إلى جميع أصحاب المصلحة: يجب على أصحاب المصلحة إنشاء ودعم آليات “العدالة الانتقالية الخضراء” التي تعالج الأضرار البيئية وتأثيرات تغير المناخ، من أجل تعزيز السلام المستدام والعدالة الحقيقية والبيئة الصحية في اليمن.
- إلى منظمات المجتمع المدني: بناءً على إعلان اليمن للعدالة والمصالحة، يجب على قادة المجتمع المدني اليمني في مجال العدالة الانتقالية وضع المبادئ الأساسية وبنود وسمات التصميم لخارطة طريق العدالة الانتقالية في البلاد، يقودها المجتمع المحلي، والتي تتضمن الاعتبارات البيئية وتغير المناخ وتستند إلى الثقافة والتقاليد اليمنية.
- إلى الحكومة اليمنية: يجب الالتزام علناً بدعم تطوير وتنفيذ العدالة الانتقالية الخضراء في اليمن.
- إلى الجهات المانحة: يجب توفير التمويل لدعم تطوير وتنفيذ خارطة طريق العدالة الانتقالية الخضراء في اليمن، وتطوير نماذج تمويل تسمح للمنظمات اليمنية بالوصول إلى الموارد وتخصيصها بشكل قابل للتكيف، وخاصة فيما يتعلق بالتقييمات البيئية السريعة وتوثيق التدهور.
- إلى مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة: يجب إعطاء الأولوية لإدراج الاعتبارات البيئية والمناخية في مفاوضات السلام وعمليات العدالة الانتقالية في اليمن، والدعوة إلى اعتماد مبادئ العدالة الانتقالية الخضراء التي تعالج الأضرار البيئية وتأثيرات تغير المناخ.