إعداد: فريق مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية
ملخص تنفيذي
يعتبر الفساد، أو إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب خاصة، راسخاً بعمق في الاقتصاد السياسي اليمني. على مدى عقود، شهد اليمن عدة حالات استحواذ على مقدرات الدولة، حيث كان القادة السياسيون من أعلى المستويات ينتزعون عائدات مؤسسات الدولة لتستفيد منها قلة مختارة. وكان الفساد الإداري أيضاً شائعاً في اليمن: فالرشوة في المستويات الدنيا والمحسوبية أصبحا جزءاً من الحياة اليومية. ويمكن القول بوجود قبول ثقافي – بل وتوقع – للفساد في السياسة والأعمال، حيث أصبحت الشبكات غير الرسمية أكثر نفوذاً من المؤسسات الرسمية.
تعود أصول الاستحواذ على الدولة والفساد الإداري في اليمن إلى . ففي عهده قامت مجموعة من النخب ببناء نظام محسوبية على مدار الثمانينات والتسعينات قبل وبعد توحد شطري اليمن.[1] كان المستفيدون الرئيسيون من النظام الجديد هذا هم أسرة صالح والنخبة القبلية والعسكرية والتجارية المقربة منه، بما في ذلك منطقة صالح (سنحان)، والتي تم تعيين أبنائها في المستويات العليا من الهياكل العسكرية والأجهزة الأمنية في اليمن. كانت قواعد اللعبة بسيطة: هبات ترعاها الدولة مقابل الولاء للنظام. بعد اكتشاف النفط في اليمن منتصف ثمانينات القرن الماضي، أصبحت ريوع النفط والغاز تموّل توسعة وحماية شبكة محسوبية صالح.
بعد ضغوط المجتمع الدولي للتصدي للفساد المستشري في اليمن، تم استحداث موجة من الإصلاحات لمكافحة الفساد في منتصف العقد الأول من القرن الحالي. على الرغم من المديح الذي ناله في ذلك الوقت ما بدا أنه تقدم في معالجة الفساد، إلا أن كل تلك الإصلاحات أثبتت على المدى الطويل عدم فعاليتها. في غضون ذلك، انخفض إنتاج النفط اليمني بعد عام 2001، وأصبح نظام محسوبية صالح أقل قابلية للدوام بمرور الوقت.
أوائل العام 2011، اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء اليمن، ما دفع نحو تصارع قوى النخبة في صنعاء على السلطة. توحد المتظاهرون في ظل عدائهم المشترك لمنظومة فاسدة مقترنة بشكل وثيق بصالح وأتباعه. تنحَى صالح في فبراير / شباط 2012، ليخلفه الرئيس عبد ربه منصور هادي ، وتحدث هو والحكومة الانتقالية بشكل صارم عن الفساد. ومع ذلك فإن ما حدث هو فقط ازدياد الفساد في ظل الحكومة الجديدة: فقد تسارعت مدفوعات المحاسيب، وزاد استغلال دعم الوقود من قبل القطاع الخاص، وتسربت الأموال من المساعدات الإنسانية والإنمائية التي قدمها المجتمع الدولي. وفي سياق محاربة الفساد، حشد الحوثيون دعماً جماهيرياً. وبعد دخولهم صنعاء في سيبتمبر/أيلول من عام 2014 بدعم مفترض من الرئيس السابق صالح، أعلنوا عن نيتهم محاربة الفساد وقدموا أنفسهم كبديل جيد في ذلك الوضع. وتحت شعار مكافحة الفساد بدأوا بمحاولة إخراج هادي من السلطة عام 2015، وهي الخطوة التي استجلبت في النهاية التحالف الذي تقوده السعودية والداعم لحكومة هادي ما أدى إلى توسع هائل في نطاق النزاع.
على مدار النزاع الحالي، يشهد اليمن فساداً لا يتوقف وبحسب نفس القواعد التي كانت سائدة قبل الحرب وعلى المسبتوى نفسه. ومع تسبب النزاع بتشظي البلاد، أصبح الاستحواذ على الدولة اليمنية أكثر تعقيداً بكثير.
في اقتصاد الحرب، تظهر شبكات المحسوبية الآن بين شخصيات هامشية أو غير معروفة سابقاً. وقد ساهمت المشاركة المالية لكل دول التحالف السعودي في رعاية المصالح العابرة للحدود الوطنية، تاريخياً اعتاد اليمن على درجة من الموالاة للسعودية. يشير التواطؤ المزعوم بين المستوردين المحسوبين على الحوثيين والمسؤولين المتحالفين مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى شبكات المحسوبية التي قد تعبر الخطوط الأمامية للحرب نفسها. ومع تزايد وتنوع الجهات الفاعلة المتربحة من النشاط غير المشروع في اقتصاد الحرب، أصبحت المصالح الاقتصادية المستثمرة في تواصل النزاع أكثر فأكثر رسوخاً.
على أي شخص مهتم ببناء يمن مستقر بعد النزاع أن يأخذ على محمل الجد التحدي الذي يطرحه الفساد ضمن اقتصاد الحرب في اليمن. ومن هذا المنطلق، نقدم المبادئ والتوجيهات/التوصيات التالية:
مبادئ توجيهية/توصيات لصانعي السياسات بهدف معالجة الفساد في اليمن:
- المبدأ التوجيهي رقم 1: الاعتراف بالتعقيد.على أية محاولة للتصدي للفساد في اليمن أن تعترف بـ/وتهدف إلى فهم آليات الفساد المعقدة والمحددة بسياقاتها في قلب اقتصاد الحرب في اليمن، بالإضافة للجهات الفاعلة المعنية وأي مصالح سياسية واقتصادية متداخلة. سيسمح الفهم السياقي المتطور لمقرري السياسات بمقارنة الفوائد وتوقع المزالق المحتملة أثناء وضع استراتيجية لمكافحة الفساد.
- المبدأ التوجيهي رقم 2: التنفيذ التدريجي.بالنظر إلى ارتفاع مستويات الاستحواذ على مقدرات الدولة وانتشار الفساد الإداري في اليمن، سيكون من غير الواقعي وربما الضار بالنسبة لصناع السياسات تطبيق استراتيجية مكافحة فساد مفاجئة وهجومية، ويجب أن تتم استعادة مقدرات الدولة بشكل تدريجي، مع تنفيذ مرحلي لإصلاحات مكافحة الفساد بما يحد من التسبب بصدمة لمنظومة الفساد. إن أية محاولة لمحاربة الفساد بطريقة مستعجلة أو سطحية ستؤدي لأخطاء جسيمة في السياسات، تجعلها تقود إلى معاناة أكبر بين أفراد الشعب اليمني بدل تقييد تصرفات الأفراد الفاسدين.
- المبدأ التوجيهي رقم 3: إشراك أكبر عدد ممكن من الفاعلين.نظراً لانتشار الفساد في اليمن على أوسع نطاق، ينبغي ألا تستهدف جهود مكافحة الفساد بشكل انتقائي أي جهة فاعلة واحدة، بل أن تسعى بدلاً من ذلك إلى التأثير على النظام ككل. إذا كان هناك أي تقدم في تحقيق سلام قصير أو طويل المدى، فسوف يحتاج صانعو السياسة إلى كسب تأييد أكبر عدد ممكن من الفاعلين.
توصيات سياسات عامة ليمن ما بعد النزاع:
- الاعتماد على إطار مكافحة الفساد الحالي في اليمن من خلال تمويل مؤسسات مكافحة الفساد الحالية التي تديرها الدولة، وتشجيع المزيد من التنسيق وتبادل البيانات فيما بينها.
- تشجيع الشفافية والمساءلة من خلال المطالبة بمعايير أعلى من الإفصاح العام، ولا سيما بشأن المناقصات الحكومية ورواتب المسؤولين المعينين وكبار الموظفين الحكوميين.
- الحد من تضارب المصالح عبر إلزام موظفي الحكومة بالقانون والتخلي عن تحكمهم بأي أعمال تجارية خاصة، وإنشاء مراكز تعقب في شركات الطاقة التي تديرها الدولة، وتنفيذ اللوائح المتعلقة بتكافؤ فرص العمل داخل القطاع العام، وإصلاح الجهاز العسكري والأمني.
- تحسين إدارة الموارد المالية الحكومية من خلال بناء نظام صارم لمراقبة صرف الأموال الحكومية، بما يجعل البنك المركزي اليمنيمستقلاً تماماً. يتطلب ذلك الالتزام بتشريعات مكافحة الفساد لاستمرار الحصول على مساعدات الجهات المانحة الخارجية، ومراقبة المساعدات المالية المقدمة عن قرب لمشاريع إعادة الإعمار والتنمية المحلية في فترة ما بعد الحرب.
- نزع مركزية السلطة الاقتصادية من خلال تمكين السلطات المحلية من تقديم الخدمات العامة وتنفيذ مشاريع التنمية المحلية، والمساعدة في إنشاء وتوسيع الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) وتمكين وكالات مكافحة الفساد من مراقبة شركات استيراد الوقود.
مقدمة
في أحدث مؤشر لمدركات الفساد، صنفت منظمة مكافحة الفساد العالمية “الشفافية الدولية” اليمن في المرتبة 175 من أصل 180 دولة، وقد أعطت البلاد 16 درجة على مقياس من صفر إلى100 “حيث يمثل الصفر الأشد فساداً والمئة الأكثر نزاهة”.[2] ولم يسجل مؤشر اليمن مثل هذا الانحدار إلا في السنوات القليلة الماضية، مما يشير إلى وجود اتجاه عام نحو المزيد من الفساد.[3]
لا يعد الفساد، أو إساءة استخدام السلطة الموكلة بهدف الربح الخاص،[4] تطوراً جديداً في اليمن. فقد شهدت البلاد عقوداً من الاستحواذ على الدولة، حيث شوهت النخب السياسية الإطار القانوني الأساسي من أجل انتزاع الريع الحكومي.[5] وقد تلاعبت مجموعة ضيقة من الفاعلين بمؤسسات الدولة في اليمن، بحصد مكاسب موقفها المرتفع وفرض قواعد اللعبة. وأصبحت شبكات النخبة غير الرسمية في البلاد أكثر تأثيراً من مؤسسات الدولة الرسمية، وهي سمة أخرى من سمات الاستحواذ على الدولة.[6] وكان يتم دفع الاستحواذ على الدولة والفساد الاداري المتميز بالرشوة اليومية والمحاباة، من قبل المؤسسات غير الرسمية وبقبول ثقافي ضمني في المجتمع اليمني بأن إساءة استخدام السلطة في الاقتصاد والسياسة هو ببساطة “كيف تتم الأمور”[7]. وبالرغم من وجود إطار قانوني يحظر تقنياً مثل هذه الممارسات، لكن الغرامات التعسفية والرشاوى غير المتوقعة للسلطات أصبحت أمراً شائعاً.[8]
لم يغير النزاع الحالي من أساليب العمل الأساسية للاستحواذ على الدولة في اليمن: فلا تزال أقلية من نخب الجهات الفاعلة تسيء استغلال سلطتها لتحقيق مكاسب خاصة. وهي تعمل وفق “قواعد اللعبة” التي بقيت دون تغيير جوهري منذ ما قبل النزاع.
مع ذلك، وبينما ظلت أبرز آليات ومصادر الربح غير المشروع ثابتة إلى حد كبير طوال فترة النزاع، وطرأ تحول كبير على اللاعبين المشاركين، فقد شهد اقتصاد الحرب المزدهر في اليمن ظهور عناصر كانت مهمشة أو مجهولة من قبل. ومع احتدام المنافسة على السيطرة على الموارد الاقتصادية الرئيسية لليمن، أصبحت شبكات الفساد الآن تتخطى حدود النزاع. فهي تعبر الخطوط الأمامية بسلاسة، حيث يتعاون الخصوم المزعومون بإرادتهم من أجل تعظيم مكاسبهم الخاصة. الشبكات تمتد الآن خارج حدود اليمن. ومن شأن شبكات المحسوبية الجديدة هذه – والاقتصاد الحربي الذي يدعمها – أن تقوّض آفاق السلام وأية محاولة محتملة لمكافحة الفساد.
تعرض هذه الورقة تحليلاً مفصلاً لطبيعة ومدى وتاريخ الفساد في اليمن منذ رئاسة علي عبد الله صالح إلى يومنا هذا. وهي تبدأ بتحديد تعريفات الفساد والربط بين الأبحاث القائمة وحالة اليمن. بعد ذلك تتبّع تطور حالة الاستحواذ على الدولة وعمليات الفساد الإداري على مدى فترة ولاية صالح، راسمة خريطة لنظام المحسوبية الذي نشأ تحت إدارته. ويتناول القسم الثالث جهود الإصلاح الرسمية التي بدأت منتصف العقد الماضي، مفصّلاً ملامح فشل هذه الجهود في إحداث تغيير ذي معنى. ثم تتحول الورقة إلى تطور الفساد بعد تنحي صالح من منصبه كرئيس، لتقدم لمحة مفصلة عن “اقتصاد الحرب” الحالي في اليمن وأعمال الفساد التي سمح بها النزاع المستمر. تختتم الورقة بوضع مبادئ توجيهية لمقرري السياسات الراغبين بتقييم هذه المسألة، كما تقدم توصيات محددة لتقليص مستوى الاستحواذ على الدولة والفساد الإداري في اليمن.
إن التحكم بأدوات الدولة هو في كثير من النواحي أحد المحركات الدافعة نحو العنف والاضطراب اللذين يجتاحان البلاد حالياً. لا يمكن أن يبقى الفساد دون معالجة إذا أريد لليمن أن يتعافى من فترة النزاع هذه. وعلى الرغم من أن بعض التدابير قد تتطلب بالضرورة الانتظار حتى فترة ما بعد النزاع، إلا أن المسألة تبقى ملحة إلى أبعد الحدود.
الاستحواذ على الدولة في زمن صالح
يعطي هذا القسم لمحة عن نفوذ الراحل علي عبد الله صالح في الاقتصاد السياسي باليمن منذ الثمانينات وحتى الألفية الجديدة. فالفساد وهروب رأس المال الذي صاحب نفوذه كان مسألة تقلق المجتمع الدولي، وقد عرقلت أعمال المستثمرين الأجانب وأعاقت التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، على الرغم من النظر لصالح كواحد من كبار رؤوس منظومة الفساد، إلا أنه لم يكن الجاني الوحيد. فالمنظومة التي ترأسها كانت مفتوحة وشاملة وتفيد أشخاصاً غيره.
أصول نظام المحسوبيات لصالح
لطالما سيطر على اقتصاد الشمال اليمني نخبة قبلية من الشمال. طوال قرون ما قبل الثورة الجمهورية عام 1962، خضع شمال اليمن لحكم استبدادي ديني زيدي.[9] كان مصدر دخله الرئيسي هو الزراعة. وقتها كان رجال القبائل في المرتفعات الشمالية، متعايشين مع الأراضي القاحلة والجبلية عن طريق الرعي، وتجارة الماشية، والإغارة على المناطق الغنية بالزراعة المتواجدة في المناطق الوسطى والجنوبية من الشمال حيث تقيم المجتمعات الزراعية غير المرتبطة بثقافة حمل السلاح من الشوافع (السنة).[10]
تأسست الجمهورية العربية اليمنية المعروفة باليمن الشمالي عام 1962؛ وقد تبعتها حرب أهلية دامت ثماني سنوات بين الملكيين والجمهوريين الذين انتصروا في نهاية المطاف. بيد أن نقطة التحول الرئيسية لرجال القبائل الشماليين كانت صعود علي عبد الله صالح إلى رئاسة الجمهورية العربية اليمنية عام 1978. نظراً لاغتيال رئيسين قبل صالح، سعى صالح بمجرد مجيئه إلى السلطة إلى تحصين ظروف نجاته.[11] وقد شعر صالح بالحاجة إلى دمج النخبة القبلية الشمالية، وخاصة أفراد قبيلته سنحان، ضمن القوات المسلحة اليمنية الشمالية. وقام بتعيين أقاربه في مواقع قيادية عسكرية وأمنية، مع دمج رجال القبائل عموماً في صفوف ضباط الجيش.[12] ونتيجة لذلك، سرعان ما هيمنت النخبة القبلية الشمالية على المستويات العليا للقوات المسلحة، لتملك منذ ذلك الحين حصة أكبر في الاقتصاد السياسي بشكل عام.
“قبْيَلَة” القوات المسلحة وقوات الأمن في اليمن الشمالي مكنت صالح من تطوير شبكات محسوبية خاصة به. وقد توسعت هذه الشبكات بعد اكتشاف النفط في محافظة مأرب عام 1984. أصبح اقتصاد اليمن الشمالي أقل اعتماداً على الزراعة والتحويلات المالية وغيرها من أشكال المساعدات الخارجية، وأصبح بدلاً من ذلك يعتمد على صادرات الطاقة.[13] وقد استغل صالح الفرصة التي وفرها قطاع الطاقة الناشئ ليمركز سيطرته على عائدات الطاقة، والتي استخدمها لتمويل حماية وتوسيع شبكات محسوبية.[14]
توحد شمال اليمن مع جنوب اليمن عام 1990 ليشكلا معاً الجمهورية اليمنية، وليصبح صالح رئيس الدولة الوليدة يومها. بعد الوحدة، تصاعد الاستياء في جنوب اليمن إزاء ما اعتبره الجنوبيون تهميشاً اقتصادياً وسياسياً قادته النخبة الحاكمة في الشمال. وقد غذى هذا الاستياء محاولة فاشلة في مايو/ أيار 1994 لتشكيل دولة جنوبية مستقلة بإعادة فصل جنوب اليمن عن شماله خلال حرب عام 1994. ولم يقد الانتصار العسكري الحاسم لقوات صالح إلا إلى تعزيز هيمنة النخبة الشمالية داخل منظومة حكم صالح.
بعد الحرب، ظهرت أشكال جديدة من الفساد.[15] فقد اكتسبت النخب القبلية الشمالية والعسكرية بالتحالف مع بعض القوى في الجنوب والوسط موارد محسوبيات جديدة نتيجة استيلائها على بعض الأصول الجنوبية، بما في ذلك الأراضي والتجارة وموارد الطاقة.[16] كما حصدت مجموعة من المسؤولين الجنوبيين من أبين وشبوة ممن انحازوا إلى جانب صالح خلال حرب عام 1994 فوائد إعادة توزيع الأراضي. لقد شهدت الفترة التي أعقبت حرب عام 1994 والتي تزامنت مع وفرة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره عالميا وصول صالح إلى ذروة نفوذه.
أبرز المستفيدين من الاستحواذ على الدولة والفساد الإداري
بصرف النظر عن صالح نفسه، كان أبرز المستفيدين في منظومة محسوبياته هم عائلته المباشرة، وصف الضباط العسكريين، وزعامات القبائل الشمالية، وخاصة أبناء قبيلة صالح سنحان. وقد كان جميع هؤلاء مرتبطين بعضهم ببعض. وضع صالح أفراد عائلته، مثل ابنه وأبناء أخيه، في قيادة مختلف فروع النخبة العسكرية والأمنية التي تهيمن عليها قيادات شمالية بارزة. كما قام صالح بترقية أبناء النخب القبلية الشمالية في الجيش إلى مناصب عسكرية رفيعة.[17]
حافظت زبائنية صالح على تسلسل هرمي متوازن بدقة بين القبائل الشمالية. فأثناء تخصيص موارد الدولة أو التوظيف في الخدمة المدنية،[18] كان صالح يخصص منافع أكبر لقبائل حاشد (أقوى اتحاد قبلي في تاريخ اليمن الحديث) مما كان لقبائل بكيل أو مذحج. وخلال رئاسة صالح، أخذ اتحاد حاشد – ومن ضمنه قبيلة صالح سنحان – يسيطر على القوات المسلحة وقوات الأمن. كما دخل صالح في ترتيب ضمني لتقاسم السلطة مع الشيخ الراحل عبد الله الأحمر، والذي كان وقتذاك شيخ مشايخ حاشد بلا منازع.[19]
ولعقود من الزمن، استفاد كبار القادة العسكريين والأمنيين من برامج ترعاها الدولة رسمياً ويحصلون بموجبها على أموال ومعدات بحسب عدد الجنود الخاضعين لإمرتهم. ونتيجة الافتقار إلى الشفافية في الميزانية العسكرية – وهو بند مفرد يحتل سطراً واحداً في الميزانية الوطنية – كان القادة العسكريون والأمنيون يكسبون المزيد من الأموال عبر تضخيم أعداد الجنود الخاضعين لإمرتهم.[20] وقد كان لإدراج ما يسمى بـ”الجنود الوهميين” – أي الأفراد الذين لا يقومون بواجباتهم أو هم من نسج الخيال تماماً – أن سمح للقادة بجمع رواتب أو معدات إضافية تباع لاحقا في السوق السوداء[21].
ومن أشكال الفساد الممنهج الأخرى التي تورط فيها القادة العسكريون والأمنيون ما كان يجري عبر المؤسسة الاقتصادية اليمنية المملوكة للجيش.[22] ففي البداية منحت المؤسسة الاقتصادية المسؤولين العسكريين والأمنيين نفاذاً إلى السلع المدعومة. وفي وقت لاحق، أخذت تسيطر على عدة صناعات، بما في ذلك صناعات تتعامل مع ملكية الأراضي، بالإضافة لتجارة الأسلحة. ومع تحول تركيز المؤسسة الاقتصادية، استفاد المسؤولون العسكريون والأمنيون من غموض ملكية الأراضي المسجلة وأنظمة التسجيل.[23]
مع مرور الوقت، أدت هذه المعاملة التفضيلية إلى نشوء نخبة أعمال “طفيلية” جديدة.[24] فقد حقق شيوخ القبائل الذين حظوا بمحاباة المسؤولين أرباحاً ضخمة من منح عقود حكومية غامضة. شمل ذلك إصدار تراخيص استيراد محكمة التنظيم، حيث كانت نخبة رجال الأعمال “الطفيليين” تتربح من بيعها من حين لآخر لتجار ممارسين.[25] إن ظهور نخبة رجال الأعمال القبلية الجديدة ترك العائلات التجارية والتجار الممارسين في اليمن في وضع صعب، وقد كان معظم هؤلاء من غير القبليين في محافظتي إب وتعز. كان على هؤلاء إما قبول المعايير الجديدة التي يحددها نظام صالح أو المخاطرة بتجميد مصالحهم والخروج من اللعبة.[26] وكان من المحتمل أن يؤدي رفضهم للاقتصاد السياسي الذي يستند إليه حكم صالح – مثل رفض الرشاوى أو الإشارة إلى ممارسات الفساد – إلى تقويض قدرتهم على القيام بأية أعمال تجارية في اليمن. بل حتى قبول القواعد الجديدة للعبة لم يكن ليضمن الاستقرار المالي على المدى الطويل، فقد كان أصحاب السلطة يعتبرون أعضاء نخبة الأعمال التقليديين والتكنوقراط أشخاصاً يسهل التخلص منهم نسبياً.
الحفاظ على منظومة المحسوبيات
كانت منظومة الحكم الجديدة التي بناها صالح واسعة ومنفتحة لضم أعضاء جدد، وتعتمد بشكل أساسي على “المشاركة الواسعة وبالتالي التوزيع الواسع للمحسوبيات”. وعلى الرغم من أن المنظومة اعتمدت على قبول الآخرين، إلا أن نظام صالح كان يقرر في نهاية المطاف الجهات الفاعلة التي سيتم مكافأتها، وأي منافع ستحصل عليها، وإلى متى، ووفق أي شروط.
وبالفعل كان نظام صالح يضع شروطاً معينة على دخول المشاركين. فقد كان من المتوقع ألا يتجاوز المشاركون في شبكة المحسوبيات عدة “خطوط حمراء” – أي أعمال تهدد سلطة النظام. وكان نظام صالح يشرك أي “جهة قوية بمايكفي لتكون تهديداً للوضع الراهن” عبر المنافع السياسية والاقتصادية؛[27] وفي حال لم يقبل المستقطبون الجدد بذلك فقد يواجهون احتمال التهميش. وبالمثل، بالنسبة لأي من الفاعلين الذين حاول النظام استقطابهم، كان الخياران أمامهما هما الرفض أو الانتقام، وهذا الأخير قد يتضمن في الحالات القصوى استخدام القوة.[28] وكان لأي من الفاعلين ذوي السلطة ما يدفعه للانضمام لشبكة المحسوبيات بدلاً من معارضتها.
حزب المؤتمر الشعبي العام
ساعد نظام صالح على تأمين الصمت السياسي تأسيسه حزب المؤتمر الشعبي العام. تأسس المؤتمر عام 1982 وكان صالح قائداً له، وقد توسع بعد ذلك في جزء منه عن طريق استقطاب مجالس التنمية المحلية، وهي شبكة تعاون بين الجهود المجتمعية والدعم الحكومي لتنفيذ مشاريع تنموية وخدمية محلية سميت بـ”هيئات التطوير التعاوني” لها امتداد سياسي ونفوذ شعبي واسع ولعبت خلال السبعينات والثمانينات دوراً رئيسياً في مشاريع التنمية المحلية، ولا سيما في المناطق الريفية.[29] ومع توسع الحزب، أصبح أكثر تجذراً في نسيج الاقتصاد السياسي لليمن، وكان أداة مفيدة لنظام صالح في المحافظة على السلطة. في ذروة سلطة صالح إبان حرب عام 1994، أخذ المؤتمر الشعبي العام يسيطر على الساحة السياسية في اليمن.
أصبحت عضوية الحزب وتبوؤ منصب ضمن طبقاته العليا تطلعاً يمنياً عاماً. وأصبح تخصيص عضوية الحزب مصدر محسوبية بحد ذاته. كانت اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام درجة مهمة على سلم ضمان الحصول على منافع إضافية من صالح، غير أن التعبير النهائي للوضع الرفيع داخل الحزب كان الحصول على منصب في اللجنة العامة، وهي هيئة صنع القرار التنفيذية الأولى في حزب المؤتمر والجسم السياسي الصانع للقرارات التنفيذية للحزب.
عائدات النفط والغاز
كان مستوى الإخلاص لنظام صالح يتقرر إلى حد كبير وفق الحوافز التي تقدمها شبكات محسوبياته. فقد اعتمدت المنظومة بأكملها على قدرة النظام على مواصلة تمويل هذه الشبكات، وكان النظام معتمداً على ريوع النفط والغاز.
منذ اكتشاف النفط في عام 1984 وحتى الآن، تشكل عائدات الموارد الطبيعية أكبر نسبة من الناتج المحلي الإجمالي لليمن. ونتيجة لذلك، كانت إيرادات الطاقة أكبر مساهم في الميزانية الوطنية. تتمتع الميزانية الوطنية – ولا سيما بنودها المخصصة للجيش والقبائل – بمستوى محدود من الشفافية والرقابة والمساءلة. خلال عهد صالح كانت تصاغ ميزانيات تكميلية مع اقتراب نهاية كل سنة مالية؛ وكانت الطبيعة التقديرية لهذه الميزانيات تمنح الرئيس “قدرة أكبر على استخدام الميزانية لتحقيق مكاسب سياسية بدلاً من تحقيق تنمية فعلية”.[30]
مثل إصدار عقود النفط والغاز أهم مصادر الإيرادات، سواء بالنسبة لصالح شخصياً أو لأفراد شبكته. وكان صالح على ما ورد “يطالب بالمال مقابل منح الشركات حقوقاً حصرية للتنقيب عن الغاز والنفط في اليمن”.[31] تم توزيع أبرز عقود المناقصات والمزايدات في قطاع النفط ضمن شبكة المحسوبية نفسها، كما أوعز النظام للشركات الأجنبية إلى “استخدام الوسطاء المعتمدين لدى النظام لإبرام الصفقات وعقود مقاولي البناء والخدمات العائدة لمقربين من النظام”. وبالإضافة لتوفير النفاذ إلى منشآت النفط، كانت العقود تقدم تفاصيل أمنية لموظفي الشركات الأجنبية.
إحدى المزايا المربحة للغاية التي وفرتها شبكة المحسوبية لقلة من المحظيين هي النفاذ إلى واردات الديزل المدعومة. على الرغم من أن اليمن يصدر المواد الخام، إلا أنه كان مستورداً صافياً للديزل. وكان يمكن للفاعلين القادرين على تحصيل واردات الديزل المدعوم أن يتربحوا من بيعها لشركات أجنبية في اليمن أو في السوق الدولية – غالباً القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.[32] إلى جانب إثراء شبكة المحسوبية، كانت إعانات الوقود تحقق لصالح نفسه أموالاً طائلة.
شكلت الشبكات التي جمعها صالح العمود الفقري لحكمه الذي استمر 33 عاماً. يعتقد أن صالح نفسه حقق مليارات الدولارات من دوره كحلقة وصل لهذه المنظومة الواسعة الانتشار. كما قام صالح خلال حكمه أيضاً بتحويل الكثير من الأموال المختلسة من قطاع الطاقة والعقارات، والذهب، وسلع عديدة أخرى.[33]
تشريعات مكافحة الفساد عديمة الأثر
كان لليمن ولعقود دوافع قليلة للحد من الفساد. لم يكن هناك حوافز كثيرة لمعالجة هذه المشكلة، فقد كان ذلك يهدد منظومة المحسوبية ذات الدور التاريخي في تعزيز شرعية الحكومة.[34] ومع بداية منتصف العقد الماضي، أخذ اليمن يواجه ضغطاً كبيراً من المجتمع الدولي للتصدي للفساد. وقد نالت سلسلة الإصلاحات التي تلت هذه الضغوط ثناء واسعاً لما بدا أنه خطوات مهمة في التصدي للفساد.[35] ومع ذلك، أثبتت هذه الإصلاحات على المدى الطويل عدم فاعليتها، بل وخضوعها للفساد هي نفسها.
أوائل عام 2000 وجه كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تحذيراً للحكومة اليمنية مفاده أنهما سيوقفان العمل معها نتيجة فشلها في تحقيق أهداف التنمية وامتناعها المستمر عن الإصلاح.[36] وأوائل العام 2005، صادق البرلمان اليمني على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ودعا البرلمان الحكومة لإنشاء منظمة دائمة للقضاء على سوء السلوك المالي وإنفاذ قانون غسيل الأموال، كما أوصى بأن تقوم الحكومة بتطوير ميزانية الدولة ومنح سلطات أوسع للمجالس المحلية.[37]
في نوفمبر / تشرين الثاني 2005، علقت وكالة المساعدات الأمريكية المستقلة “مؤسسة تحدي الألفية” مساعداتها لليمن، مشيرة إلى تدهور سيادة القانون والحرية الاقتصادية فيه.[38] رداً على ذلك أخذت جهود الإصلاح في اليمن تكتسب زخماً. فقد أسس أعضاء في البرلمان اليمني مجموعة “برلمانيون يمنيون ضد الفساد” في ديسمبر / كانون الأول 2005، وصرح وزير التنمية والتعاون الدولي آنذاك أحمد صوفان بوضوح بأن الحكومة ملتزمة بمتابعة الإصلاحات.[39]
أطلقت الحكومة اليمنية مجموعة من إجراءات الإصلاح المسماة “الأجندة الوطنية للإصلاحات”. وكان من أبرز المكونات في البرنامج تطبيق اللامركزية في الخدمات العامة والأشغال العامة، ما يتطلب تحديث المناقصات العامة ورفع سوية اللوائح ذات الصلة إلى المعايير الدولية.[40] عمل اليمن مع البنك الدولي والمنظمات الدولية الأخرى على تنفيذ الإصلاحات في مجال إدارة الخدمة المدنية ووضع نظام شامل لإدارة الموارد البشرية.
بدأت الجهود التشريعية للأجندة الوطنية للإصلاحات مكافحة الفساد الوطني، بإصدار القانون رقم 39 لسنة 2006، والذي نتج عنه تأسيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد. وتم تكليف الهيئة بوقف حالات الفساد، والتوعية بقضايا الفساد، والتحقيق في قضايا الفساد.[41] إلا أنه وبتفحص أثر هيئة مكافحة الفساد بمرور الوقت، يتبين بوضوح أنها لم ترقَ إلى مستوى التوقعات. فنادراً ما كان يتم فرض عقوبات بعد إنشاء الهيئة. وعلى الرغم من أن قانون الخدمة المدنية دعا لفرض عقوبات إدارية في قضايا الفساد، إلا أن الوزارة المختصة (وزارة الخدمة المدنية) لم تتخذ أي إجراء إداري ضد 165 موظفا أدينوا جميعاً بجرائم فساد خلال الفترة بين عامي 2005 و2007.[42] ففي حين تم تقديم 2,400 شكوى فساد بين 2007 و2014، لم يتم الاستماع في المحكمة سوى لـ71 شكوى فقط.[43] حتى مع إنشاء هيئة مكافحة الفساد، ظل التنفيذ محدوداً بسبب الافتقار إلى الإرادة السياسية.
بعد إنشائها، تم تكليف هيئة مكافحة الفساد بتطبيق المكونات اللاحقة من الأجندة الوطنية للإصلاحات المالية والإدارية. وشملت هذه المكونات قانون الإفصاح المالي لعام 2007، حيث كان على المسؤولين الحكوميين تقديم إعلان عن الأصول الشخصية، وكذلك أصول أفراد العائلة، ومع ذلك، واعتباراً من عام 2017، تشير تقارير منظمة الشفافية الدولية إلى مستويات امتثال مفزعة، حيث تصل معدلات الإفصاح بين 51-75%.[44] كما شملت أيضاً قانون المناقصات والمزايدات الوطنية لعام 2007، الذي دعا “مسؤولي المناقصات لإظهار أرقى المعايير الأخلاقية من خلال الامتثال لمدونة قواعد السلوك”.[45] كما استفسرت الحكومة عن الانضمام إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، والتي صُممت في الأساس لتحسين شفافية إيرادات احتياطيات النفط. وقد انضم اليمن للمبادرة عام 2011 إلا أن عضويته علقت في شباط/ فبراير 2015 نظراً لعدم الاستقرار السياسي.[46]
كانت الحكومة فاعلة في شق طريقها من خلال هذه البرامج. غير أن كثيرا من المتشككين أشاروا إلى سجل الحكومة الطويل في عدم تنفيذ قوانينها الطموحة. كما أنه ما من أدلة كثيرة تشير لتخصيص الحكومة اليمنية موارد كافية لدعم السير الفعلي لبرامج الإصلاح هذه. بدلاً عن ذلك كان الاهتمام موجهاً إلى المجتمع الدولي الذي كان مطلوباً منه دفع وتوجيه جهود مكافحة الفساد. وعلى الرغم من بعض الخطوات، لم يعد يتم التعامل مع المبادرات بالإلحاح نفسه بعدما استعاد اليمن أهليته لدى مؤسسة تحدي الألفية عام 2007.
تعمّق الفساد بعد تنحي صالح
الاحتجاجات ضد صالح والمبادرة الخليجية
اعتمدت شبكات المحسوبية التي جمعها صالح في نهاية المطاف على قدرة النظام على توزيع الثروة النفطية. عندما بلغ إنتاج النفط في اليمن ذروته عام 2001، وصل نظام صالح إلى نقطة تحول بارزة. ومع انخفاض إنتاج النفط خلال العقد التالي، أصبح نظام المحسوبية الذي جمعه صالح أقل قدرة على البقاء. لم يعد بإمكان النظام أن يمنح المنافع التي كان يملكها في السابق؛ فأخذ يفقد قدرته على شراء الولاءات. سارع صالح وأتباعه إلى تحويل أموالهم إلى خارج اليمن، حيث كان الصمت السياسي الذي اشترته شبكة محسوبيات واسعة ومفتوحة مهدداً بالانهيار.
خلال هذا الوقت، كانت المعارضة اليمنية تتهم النظام بالتسبب بالفساد المتفشي، وتدعو إلى التغيير. وحين انطلق ما يسمى بـ “الربيع العربي” وأطلق موجة من الاضطرابات الاجتماعية في غرب آسيا وشمال أفريقيا أوائل 2011، لم يكن اليمن خارج المشهد. فقد خرجت الاحتجاجات المناهضة لصالح في جميع أنحاء البلاد، مع توترات عالية بشكل خاص في مدن تعز وصنعاء وعدن. أخذ عشرات الآلاف من سكان هذه المدن يخيمون في الأماكن العامة ويطالبون صالح بالتنحي.[47] وعلى الرغم من أن الاحتجاجات كان يقودها في المقام الأول شباب وناشطون، إلا أن خليطاً متنوعاً من مختلف الأطياف الاجتماعية والثقافية والسياسية في اليمن شارك وانخرط في الدعوة إلى رحيل صالح.[48]
شكل العداء المشترك لمنظومة الحكم الفاسدة التي بناها صالح إحدى أقوى العواطف التي حركت ووحدت المتظاهرين. كان النقاد يجادلون بأن منظومة محسوبيات صالح تعمل في نهاية المطاف على حساب بناء المؤسسات الحكومية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وقد أعرب المتظاهرون المناهضون لصالح عن رغبتهم المشتركة بشكل جديد من الحكم يعطي الأولوية لمشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة: أي ارتفاع مستويات التفاوت والبطالة والفقر التي فاقمها ضعف المؤسسات وتردّي الخدمات العامة وتأصل الفساد.
قوبلت مطالب المتظاهرين بتحقيق قطيعة مع الماضي باستخدام القوة من قبل نظام صالح، قبل أن تطغى على تلك التظاهرات نزاعات النخبة حول السلطة والتي أوشكت أن تضع البلاد على شفير حرب أهلية.[49] وقد دفع التهديد المستمر بالعنف بالمجتمع الدولي – وجيران اليمن على وجه الخصوص – إلى محاولة التوسط في الأزمة.
في نوفمبر / تشرين الثاني 2011، توسط مجلس التعاون الخليجي في صفقة عرفت باسم “المبادرة الخليجية”.[50] وفقاً لشروط الصفقة، وافق صالح على التنحي وتسليم الرئاسة إلى نائبه منذ فترة طويلة عبد ربه منصور هادي، وذلك مقابل تمتعه بالحصانة. شهد الاتفاق أيضاً إقامة حكومة انتقالية، حيث تم تقسيم المقاعد بالتساوي بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك التي كان يهيمن عليها حزب الإصلاح المحافظ.[51] رفض العديد من الشباب والناشطين المشاركين في المظاهرات المناهضة لصالح المبادرة الخليجية، معترضين على الحصانة الممنوحة لصالح، والتي رأوا فيها مجرد محاولة لإعادة توزيع النخب الفاسدة نفسها والمسؤولة معاً عن التخلف في اليمن.[52]
أحد أبرز مكونات عملية الانتقال السياسي التي وافقت الأحزاب عليها بعد توقيع المبادرة الخليجية كان “مؤتمر الحوار الوطني”، والذي استمر لمدة عشرة أشهر من مارس / آذار 2013 وحتى يناير / كانون الثاني 2014، ممثلاً المجتمع اليمني بشكل واسع.[53] كان الهدف من المؤتمر معالجة مختلف المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الكبرى في اليمن، بما في ذلك المظالم الطويلة الأمد التي يشعر بها كل من الحوثيين والجنوبيين.[54] حاول المشاركون بناء إجماع حول مجموعة من التوصيات أو “الخلاصات” للاسترشاد بها عند صياغة دستور جديد.[55] كانت قضايا الفساد وإساءة استخدام السلطة من أبرز الموضوعات التي حظيت بالمناقشة داخل مجموعات العمل الخاصة بالمؤتمر. فقد تحدث المشاركون عن أهمية الشفافية والمساءلة واستقلال القضاء وحرية المعلومات وحرية التعبير (بما في ذلك حرية انتقاد المسؤولين العموميين).[56] إلا أن الواقع الذي بدأ عام 2014 كان قد حطم الآمال المعلقة على مؤتمر الحوار الوطني: فقد ارتفعت مستويات العنف شمال صنعاء، وأدت أعمال التخريب المتكررة ضد البنية التحتية للطاقة في اليمن لإعاقة تقديم الخدمات العامة، وأصبحت حكومة هادي متهمة على نحو متزايد بسوء إدارة الاقتصاد اليمني.
الفساد في ظل حكومة هادي
حل عبد ربه منصور هادي محل الرئيس صالح في فبراير / شباط 2012 عقب انتخابات خاضها مرشح وحيد هو هادي.[57] بعد توليه الرئاسة، سعى هادي إلى النأي بنفسه عن صالح واتهامات الفساد المقدمة ضد نظامه. لكن تشير المؤشرات إلى أن مستوى الفساد في اليمن ارتفع بعد تنحي صالح. فعلى الرغم من تصنيف اليمن منذ فترة طويلة كبلد “شديد الفساد” على مؤشر مدركات الفساد الذي تنتجه منظمة الشفافية الدولية المناهضة للفساد، إلا أن الفساد في اليمن لم يتوقف عن النمو قط منذ وصول هادي إلى السلطة مطلع العام 2012.[58]
ووفقاً للعديد من المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم وزراء سابقون خدموا في الحكومة الانتقالية، أخذ الفساد يتعمّق أكثر بعد تنحي صالح مع تكاثر دفعات المحسوبيات.[59] وفي أعقاب رحيل صالح، وجد مختلف الفاعلين السياسيين داخل الحكومة الانتقالية أنفسهم يتنازعون على المناصب ويتنافسون لتعزيز قواعد داعميهم. ومن الطرق التي سلكوها لذلك دفع “الأجور، والفواتير، والنفقات العامة” التي يقال أنها “وصلت إلى مستويات قياسية مرات متتالية في 2012 و2013 و2014 على الرغم من الانخفاض المعترف به في فعالية الأداء الحكومي وتقديم الخدمات”.[60]
لم تتحلّ حكومة هادي بأي قدر من الشفافية فيما يتعلق بالمبالغ المالية الضخمة التي قدمتها البلدان المانحة للمساعدة في تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية والإنسانية للبلاد. فقد تعهدت السعودية بمبلغ 2 مليار دولار في يوليو / تموز 2014، حيث تم تخصيص ربع هذا المبلغ لتسهيل دفعات الرعاية الاجتماعية عبر صندوق الرعاية الاجتماعية.[61] ومع ذلك هناك من يزعم أن هذه الأموال لم تصل إلى المستفيدين المقصودين – أي أفقر مواطني اليمن – وما من طريقة لتعقب أين ذهبت الأموال.[62] في أواخر عام 2013، تعهدت قطر بتوزيع 350 مليون دولار على الجنوبيين الذين جرى إجبارهم خلال حرب عام 1994 على التقاعد القسري.[63] أودعت قطر 150 مليون دولار بعد وقت قصير من تعهدها؛ ومع ذلك، لم تصل الأموال إلى المستهدفين.[64]
حتى مع معاناة أشد أبناء اليمن فقراً، قرر هادي خفض دعم الوقود بنسبة 90% في أغسطس / آب 2014، وهو ما يتعارض مع نصائح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين دعيا إلى التخفيض التدريجي للإعانات.[65] في عام 2014، أنفقت حكومة هادي ما يقدر بـ12.2 مليار دولار؛ ومع ذلك، لا يبدو أن أياً منها صبّ في مشاريع التنمية المحلية، أو مدفوعات الرعاية الاجتماعية، أو إنشاء فرص عمل.[66]
خطاب مكافحة الفساد
ومع ذلك، حاول هادي تقديم نفسه كقوة لمكافحة الفساد. في أواخر عام 2012، ألغت حكومة هادي صفقة تعود لعام 2008 مع شركة موانئ دبي العالمية لإدارة ميناء عدن لمدة 25 سنة.[67] قامت حكومة هادي الانتقالية بتسويق مغادرتها الصفقة كنتيجة مباشرة لأجندتها الخاصة بمكافحة الفساد. ومع ذلك، حتى التحقيق الذي أجرته حكومة هادي فشل في العثور على أي دليل على وجود فساد في الصفقة المبرمة.[68] لقد كانت تلك الحركة أيضاً باهظة الثمن: فقد دفعت الحكومة غرامة كبيرة لشركة موانئ دبي العالمية لخرقها شروط العقد، وقدمت الشركة دعوى قضائية ضد المحامين الذين كانوا قد توسطوا في الصفقة.[69]
في منتصف عام 2013، ادعت حكومة هادي مكافحة الفساد عبر إعادة التفاوض على الاتفاقات المعقودة عام 2005 بين الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال وشركات الطاقة الأجنبية. فبموجب الاتفاقيات، كانت الشركة اليمنية تقدم الغاز الطبيعي المسال بسعر مخفض إلى شركتي الطاقة الكورية الجنوبية “كوريا للغاز” والفرنسية “توتال”. على الرغم من موافقة “كوريا للغاز” في فبراير / شباط 2014 على دفع المزيد للغاز اليمني المسال، إلا أنها وافقت بحسب الشروط التعاقدية للاتفاقية الأولية لعام 2005، والتي تنص على أنه يمكن إعادة التفاوض على سعر الغاز المسال عام 2014.[70]
في حالة شركة توتال، هناك انتقادات بأن هادي ربما كان في الواقع يتطلع إلى استبدال صالح وتعزيز نفسه وحلفائه كنقطة اتصال مفضلة.[71] ولم تتمكن حكومة هادي في النهاية من التوصل إلى اتفاق مع الشركة الفرنسية.[72] على الرغم من خطاب مكافحة الفساد، فإن التحقيقات التي صدرت في صفقات موانئ دبي العالمية و شركة الغاز يمكن القول إنها كانت تهدف فقط إلى “إبطال المصالح الاقتصادية لبعض اللاعبين الرئيسيين أثناء حشد الدعم العام للحكومة”، ونتج عن ذلك، استمرار ممارسات عهد صالح بدلا من انقطاعها.[73]
الحوثيون
إن صعود الحوثيين إلى صدارة المشهد اليمني، من جماعة إحيائية زيدية مهمشة بالكاد تقاتل من أجل البقاء على قيد الحياة ضد قوات الحكومة اليمنية خلال ست جولات نزاع جرت في معقلهم صعدة مطلع القرن إلى جماعة استولت لاحقاً على مساحات واسعة من أراضي اليمن، يعود إلى حد كبير لخبراتها وقدراتها العسكرية، وبالقدر نفسه لقدرتها على مخاطبة المشاعر الشعبوية.[74]
شارك الحوثيون في الاحتجاجات المناهضة لصالح عام 2011 ومؤتمر الحوار الوطني. لكن بينما كانوا منخرطين في العملية السياسية، أخذوا يعززون سيطرتهم على صعدة، قبل أن يتوسعوا بقوة السلاح في محافظات شمالية أخرى مثل الجوف وحجة وعمران.[75] وبعد دخول الحوثيين في المشهد السياسي السائد، قاموا بحملة دعائية ناجحة باستخدام ورقة مناهضة الحكومة ومناهضة الفساد. وكثيراً ما كانوا يستفردون بانتقاد هادي والحكومة الانتقالية على أساس اتهامات بالفساد وسوء تقديم الخدمات العامة.
في أغسطس / آب 2014، استفاد الحوثيون من قرار هادي بخفض الدعم عن الوقود: فخرجوا في صنعاء وما حولها مطالبين بإعادة الإعانات/الدعم.[76] في سبتمبر/أيلول 2014، وبمساعدة من خصمهم السابق صالح، فرضوا سيطرتهم الفعلية على صنعاء كأمر واقع، مما أجبر هادي على تقديم سلسلة من التنازلات السياسية.[77]
ويبدو أن شعارات مكافحة الفساد التي رفعها الحوثيون استهدفت مجموعة محددة من الجهات الفاعلة، أي أعضاء حزب الإصلاح والأفراد المرتبطين به، والذين نعتهم الحوثيون بالفاسدين. على سبيل المثال، تحرك الحوثيون بسرعة للاستيلاء على أصول حميد الأحمر وعلي محسن الأحمر وعائلته وتجميد حساباتهم المصرفية. (وفقاً لأحد الخبراء اليمنيين الذين عاشوا تلك الأحداث أثناء تواجدهم في صنعاء، كان حميد يتوقع ذلك وسبق له أن نقل الكثير من أمواله خارج اليمن).[78] أما الأفراد الآخرون، بما في ذلك صالح وأفراد عائلته ومقربيه، والذين كانوا يعتبرون فاسدين على نطاق واسع في عموم اليمن، فلم يكونوا هدفاً لحملة الحوثيين لمكافحة الفساد. كان ذلك بمثابة مفاجأة للكثيرين في اليمن في ذلك الوقت، وفتح المجال لاتهام الحوثيين بأن خطابهم المناهض للفساد، مثله مثل سابقه، مجرد أداة لتقديم مصالحهم الخاصة وتقويض مصالح خصومهم السياسيين والأيديولوجيين.
بعد سيطرتهم على صنعاء، استمر الحوثيون في الضغط على هادي والحكومة الانتقالية طوال ما تبقى من 2014 ويناير / كانون الثاني 2015. جزء من الضغط الذي مارسته الجماعة، والذي دفع هادي إلى الاستقالة قبل الفرار إلى عدن وعدوله بعد ذلك عن قرار استقالته، تمثل في مواصلة اتهام هادي وأتباعه بالتورط في الفساد.[79]
الفساد في اقتصاد الحرب اليمنية
مع تطور الحرب في اليمن منذ مارس / آذار 2015، ازدهر معها اقتصاد الحرب. وللوهلة الأولى، يتنازع الفاعلون الذين يعارضون بعضهم بعضاً سياسياً وعسكرياً على النفوذ على الأرض. لكن تحت السطح، يتبدى واقع أكثر غرابة، حيث تتخطى شبكات الفساد خطوط النزاع، وتعبر الخطوط الأمامية والحدود الإقليمية بسلاسة، ويتعاون الخصوم المزعومون من أجل تعظيم أرباحهم. لقد قاد هذا التعاون إلى حالة من الاعتماد المتبادل تحفز أولئك المستفيدين من النزاع على إحباط جهود السلام. كما أنها تشكل الأساس للمؤسسات غير الرسمية التي من شأنها، إذا أتيحت لها الفرصة، تعزيز ممارسات الفساد في سياق ما بعد الحرب وتقويض ممارسات الحكم الرشيد والتنمية والتي تعتبر حاسمة لما يسمى “عائد السلام” الذي يأمل منه صانعو السياسة منع العودة إلى النزاع.
تكون سيادة القانون ضعيفة غالباً في البلدان المنكوبة بالنزاع الداخلي. الخلاصة الحاسمة حول ما إذا كان يجب اعتبار أفعال أو ممارسات معينة غير قانونية أو فاسدة تبقى أمراً صعب المنال. ففي غياب الأمان والاستقرار والقانون والنظام، تكون الهوامش غير واضحة. على سبيل المثال، بالعودة إلى مسألة تهريب الأسلحة إلى اليمن، يعتبر الإتجار بالأسلحة نشاطاً غير مشروع تسهّله شبكات الأسلحة الإقليمية. وبموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، يمكن القول إنه عمل غير قانوني أكثر منه شكلاً فاضحاً من أشكال الفساد. ومع ذلك فإن قيام المسؤولين العسكريين من الجيش الوطني اليمني ببيع الأسلحة والمعدات العسكرية المخصصة للدولة لتحقيق مكاسب شخصية يعتبر إساءة استخدام للسلطة الممنوحة لهم من قبل الدولة، وهو بالتالي يمثل شكلاً من أشكال الفساد. والجنود الذين يشرفون على نقاط التفتيش ويطالبون برسوم خاصة للسماح بمرور سلع مشروعة وغير مشروعة دون عراقيل هم أيضاً متورطون بالفساد، لأن الجنود يسيئون استخدام سلطتهم لتحقيق مكاسب شخصية.
يتألف اقتصاد الحرب المزدهر في اليمن من مستويات مختلفة لمجموعة واسعة من الفاعلين والمصالح والأنشطة، من كبار صانعي القرار والقادة العسكريين؛ إلى رجال الأعمال الصاعدين والمتمكنين حديثاً؛ إلى مسؤولين أمنيين محليين يسيطرون على نقاط التفتيش؛ وصولاً إلى مصرفيين تجاريين وصرّافين وحتى سائقي الشاحنات والموظفين المدنيين، وغيرهم. الفساد ممنهج وغير مسيّس، حيث يشارك فاعلون من مختلف ألوان الطيف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في اليمن في جميع الأنشطة الفاسدة التي يقوم عليها اقتصاد الحرب في اليمن.
وبينما يثور قدر كبير من الجدل حول نوع ومقدار الأسلحة الإيرانية المصنعة التي يتم تهريبها إلى اليمن، وكيفية دخولها إلى البلاد، تشير المؤشرات إلى أن الأسلحة المتدفقة إلى الحوثيين تمر عبر مناطق تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.[80] ومن الجدير بالذكر أنه لم يحدث مسبقاً أي قبض على أسلحة قبالة السواحل اليمنية الغربية خلال عام 2017 بأكمله والنصف الأول من عام 2018. إن السهولة التي يتم بها نقل الأسلحة من المحافظات الجنوبية الشرقية في اليمن، ولا سيما المهرة وشبوة، إلى مناطق سيطرة الحوثيين عبر محافظتي البيضاء ومأرب، تمثل دليلاً على أن “سير العمل كالمعتاد” متواصل بالنسبة لتهريب الأسلحة. وطالما أن كل طرف على طول الطريق يحصل على حصته – من تجار السلاح إلى سائقي الشاحنات والأفراد المتمركزين على الطريق المؤدية إلى نقاط التفتيش – فإن مبيعات الأسلحة تجري بسلاسة، بغض النظر عن المكان التي تتوجه إليه تلك الأسلحة.
لا مفر من التداخل بين السياسة والاقتصاد والتناقضات التي يخلقها هذا التداخل، في اليمن أو أي بلد آخر. لتجنب اتهامات التحيز السياسي، ستمتنع هذه الورقة عن خص أفراد و/أو مجموعات محددين بالذكر، أو تفصيل مخططات الاستغلال الفردي والشبكات. يوضح تنوع العناصر الفاعلة المشاركة في أنشطة فاسدة أنه لا يوجد فرد واحد أو مجموعة واحدة هي فقط متورطة. بل الحقيقة القاسية أن ما قد يعتبره المحللون الخارجيون ممارسات غير مشروعة وفاسدة تقوض آفاق السلام والحكم الصالح في اليمن تعتبر على نطاق واسع مقبولة كمعاملات عادية بين مختلف سماسرة السلطة في البلاد: هذه هي قواعد اللعبة، وهذه هي ببساطة تكلفة القيام بالأعمال.
تشير الأحداث التي أعقبت مغادرة صالح الرئاسة عام 2012 إلى أنه لا يهم من هو المسؤول؛ كل من يملك مفاتيح السلطة في اليمن معرض للفساد بسبب ترسخ الفساد فعلياً وغياب الضوابط والتوازنات الفعالة.
المشهد السياسي والاقتصادي المتغير
في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يملك الحوثيون والمحسوبون عليهم وضع المهيمن الذي يملي شروطه، وذلك بسبب حجم السيطرة التي يمارسونها على مؤسسات رسمية تابعة للدولة وغير رسمية، ومن أبرز مصادر الدخل التي استغلها الحوثيون (والشركات التابعة لهم) والتي، إلى حد ما، جرى الاستيلاء عليها أثناء النزاع، العمليات المرتبطة باستيراد وتوزيع وبيع الوقود في مناطق سيطرة الحوثي (والتي سيتم تغطيتها بمزيد من التفاصيل أدناه)، والجمارك والضرائب، وقطاع الاتصالات، وواردات السيارات.[81] كما استخدم الحوثيون البنك المركزي اليمني وبنوك أخرى مملوكة للدولة اليمنية، بالإضافة لبنك التسليف التعاوني الزراعي في صنعاء كأدوات لتمكين الاقتصاد الحوثي من العمل.
تخدم أبرز مصادر الإيرادات التي تمول “اقتصاد الحوثي” وظيفتين. الأولى خدمة الجماعة، حيث تهدف الإيرادات إلى زيادة القدرة المالية للجماعة ككل، وبالتالي دعم قدرتها على مواصلة القتال. والثانية ذات أساس فردي، حيث يقوم بعض رجال الأعمال والشركات المرتبطة بالحوثيين بجني مبالغ طائلة من المال، وهم حريصون على مواصلة القيام بذلك.
أما في المناطق التي لا يسيطر عليها الحوثيون، فقد أصبح الوضع أكثر تعقيداً بسبب تنوع الجهات المتحكمة في مصادر الإيرادات المختلفة. تقع المناطق التي لا يسيطر عليها الحوثيون تحت سلطة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. طوال فترات طويلة من النزاع، عمل الرئيس هادي وأعضاء حكومته من مقرهم في العاصمة السعودية الرياض. لكن جهات فاعلة محلية وإقليمية أخرى قامت بملء الفراغ السياسي والأمني الذي خلفته الحكومة.
في المحافظات التي كانت تشكل بمجموعها ما يعرف باسم جنوب اليمن، تتولى القيادة جهات إماراتية أو مدعومة إماراتياً، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للانفصال، على الأقل من حيث التأثير على الأرض. بالإضافة لذلك فإن جزءاً كبيراً من الساحل اليمني الممتد من محافظة تعز الجنوبية الغربية إلى شرق محافظة المهرة – ويشمل الموانئ الموجودة في محافظات تعز وعدن وحضرموت وشبوة والمهرة – تراقبها وتشرف عليها دولة الإمارات، إما مباشرة أو من خلال الجهات السياسية والأمنية التي تدعمها. كما أن قوات الأمن المدعومة إماراتياً، مثل قوات النخبة الحضرمية والشبوانية، هي في وضع يتيح لها التأثير على التطورات في أهم منشآت الطاقة في كل من حضرموت وشبوة.[82]
وفي الوقت نفسه، تخضع مرافق الطاقة الرئيسية الأخرى في مأرب لسيطرة سلطات الحكومة المحلية التي يقودها المحافظ سلطان العرادة. ومع تكشف النزاع، حققت السلطات المحلية الحاكمة في كل من مأرب وحضرموت تقدمات خاصة على مستوى تحقيق المزيد من الحكم الذاتي الإقليمي؛ بما في ذلك تحصيل حصة متزايدة من الموارد الاقتصادية المتواجدة داخل أراضي محافظتيهما. ومع ذلك، وكما سيتضح في الأقسام التالية، فإن بعض أقرب المساعدين لهادي تمكنوا من ممارسة نفوذهم الخاص على الموارد والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية في اليمن. جماعياً، ساهم انخراط هؤلاء الفاعلين في أنشطتهم التجارية الخاصة في ارتفاع وتغير مستوى الاستحواذ على الدولة في اليمن عبر مجموعة من الجهات المحلية وبالتالي الإقليمية.
آليات فساد محددة يسهّلها النزاع
الفساد العسكري
لا تزال قضية “الجنود الأشباح” – أي تضخيم جداول الرواتب العسكرية لجنود غير موجودين – أحد أبرز مصادر المحسوبيات، وبالتالي الفساد، بالنسبة للفاعلين العاملين داخل الجهاز العسكري والأمني في اليمن. بعض الجناة الرئيسيين في النزاع الحالي قادة عسكريون كبار يعملون تحت لواء الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. لدى كبار الضباط هؤلاء حوافز قوية للمبالغة الصارخة في عدد الجنود الخاضعين لإمرتهم نتيجة المكافأة المالية التي يحصلون عليها جراء قبض رواتب زائدة، بالإضافة لمكافآت إضافية تعود على من يقودون قوات أكبر. يُعتقد أيضاً أن مسؤولين حكوميين متواطئون في هذا المخطط.[83]
ويحصل كبار القادة العسكريين على الأسلحة والذخائر والوقود والمركبات وغير ذلك من المعدات الضرورية، وذلك بحسب عدد الجنود (المبالغ به) الواقعين تحت إمرتهم. يملك القادة سلطة تحديد الكمية الموزعة على الجنود مقابل ما يحتفظون به لأنفسهم، حيث يمكن للقائد عبر مخصصات رواتب الجنود ومخصصات الأسلحة والذخيرة وغير ذلك من المعدات العسكرية لكل جندي أن يضاعف هوامش ربحه.
تأتي الأموال لذلك بشكل رئيسي من العضوين المهيمنين في التحالف الذي تقوده السعودية (أي السعودية والإمارات). إن وجود هذين الراعيين الثريين يزيد من حوافز مختلف القادة القبليين والعسكريين والأمنيين المناهضين للحوثي ممن تدعمهم كلا الدولتين في شمال وجنوب اليمن لاختلاق أعداد وهمية من الرجال المؤتمرين بإمرتهم، بهدف تحصيل أكبر قدر ممكن من المنافع (على سبيل المثال دفع الرواتب أو توفير معدات). وهكذا يبتلع قادة عسكريون يمنيون فعلياً ريوع موارد الطاقة الهائلة التي تمتلكها هاتان الدولتان.
بالنسبة للسعودية والإمارات، يمكن القول إن توفير العتاد يتجاوز مجرد تعزيز القدرة القتالية، فهو يعتبر في كثير من الحالات إجراءً سياسياً ومحاولة لشراء الولاءات والذمم. يمكن بسهولة النظر إلى ما يقدمه الإماراتيون و/أو السعوديون على أنه سعي نحو سلطة “صناعة الرئيس القادم”، بحيث تكون القيادة العسكرية بحد ذاتها وسيلة من وسائل الائتلاف الإماراتي/السعودي لإنشاء وإقامة تحالفات طويلة الأمد لبيئة ما بعد النزاع.[84] يخلق هذا النوع من الديناميكيات تنازعاً محلياً على الرعاية الخارجية، حيث يسعى كل قائد للمزيد والمزيد من الهبات السعودية أو الإماراتية.
يعمل مخطط “الجنود الأشباح” بسبب الطريقة التي يتقاضى بها الجنود رواتبهم: فبالإضافة إلى رواتبهم، يتقاضى كبار القادة العسكريين مرتبات جميع المدرجين تحت قيادتهم. كما يتم دفع رواتب زعماء القبائل الذين يقدمون قوات أمنية عبر آلية مماثلة. تزعم مصادر لديها معرفة مباشرة بتكوين القوات المناهضة للحوثيين المتمركزة في مأرب أن السعودية تدفع رواتب ما يقرب من 50 ألف مقاتل مناهض للحوثيين.[85] من شبه المؤكد أن هذا العدد مبالغ به، ويعتقد أنه يشمل الأموال المدفوعة لتأمين دعم القبائل المحلية.[86]
وبحسب بعض التقارير فإن كبار القادة العسكريين، يحققون أرباحاً طائلة من بيع الأسلحة والمعدات العسكرية. ثمة أيضاً الكثير من الحالات التي يقوم فيها جنود أفراد ببيع الأسلحة الثقيلة والمركبات العسكرية التي تقدمها إما الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أو التحالف الذي تقوده السعودية لكل من يقدم السعر المطلوب. وبحسب مزاعم العديد من المصادر المستقلة التي قابلها المؤلفون، يقوم كبار القادة ومرؤوسوهم ببيع الأسلحة للمشترين المهتمين إما مباشرة عبر وسطاء، أو في سوق السلاح المحلية.[87]
أما فيما يتعلق بتوزيع رواتب الجنود، فيبدو أن كبار القادة العسكريين المناهضين للحوثيين يتسترون بالأزمة الاقتصادية في اليمن والصعوبات التي تواجهها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في دفع مرتبات الموظفين المدنيين. وبحسب ما ورد فإن مخصصات أجور الجنود لا تصل في نهاية المطاف للموجودين فعلاً في ساحة المعركة، بما يشمل المجندين الجدد المرسلين إلى الخطوط الأمامية.[88]
وفي أسفل هرم القيادة يتم تسجيل الأفراد العسكريين والأمنيين المناهضين للحوثيين على أكثر من قائمة قيادة واحدة. هؤلاء المقاتلون هم “غمد مزدوج”: يأخذون راتبين منفصلين من مصدرين مختلفين. كمثال على ذلك، من المعروف أن ذلك يحدث في بعض المحافظات الجنوبية مثل عدن حيث تنتشر الجهات الأمنية المدعومة إماراتياً. فوفقاً لمصدر على اتصال جيد مع قوات الحزام الأمني، ثمة أفراد في الحزام الأمني يتقاضون رواتبهم من الراعي الرئيسي، أي دولة الإمارات، وهم أيضاً مسجلون على قائمة منفصلة خاصة بوزارة الداخلية اليمنية.[89]
وينبع التداخل من حقيقة أن الرئيس عبد ربه منصور هادي أمر بدمج الحزام الأمني رسمياً في وزارة الداخلية منذ مارس / آذار 2017.[90] وعلى الرغم من فشل الإعلان في تغيير النفوذ الإماراتي الواسع على الحزام الأمني، إلا أنه وفر لأعضاء الحزام الأمني فرصة للحصول على مصدر دخل إضافي. قد لا يكون أعضاء “الحزام الأمني” مسؤولين تماماً عن هذا الشكل الظاهر من الفساد الإداري. فسوء مسك الدفاتر داخلياً من وزارة الداخلية، والتي ورد أنها لم تسجل أسماء جميع ضباط الحزام الأمني، تسبب بعنصر الارتباك هذا. وقد قاد هذا إلى حالة تواجد بعض مجندي الحزام الأمني في قائمة ضباط كل من الإمارات ووزارة الداخلية اليمنية، في حين بقي مجندون آخرون مسجلين فقط في قائمة الإمارات وبالتالي لم يتمكنوا من الحصول على راتب وزارة الداخلية. وبالنتيجة واصلت الإمارات دفع رواتب جميع الأعضاء لتجنب أي استياء.
في الدول “الكليبتوقراطية” (أي القائمة على الفساد وإثراء النخب الحاكمة) يجري تعزيز منطق النهب ذاتياً، ما يعني أنه في مرحلة ما، يؤدي الفهم المتفق عليه للكسب غير المشروع إلى قيام الموظفين من جميع المستويات بإدامة منظومات الفساد وتطوير منظومات إدارية (مثل إدارة المخزون ومحاسبة الموظفين إلخ) تحديداً بغرض استخراج منافع فردية.[91] ولأن هذا السلوك ممول بشكل منهجي من قبل كل من السعودية والإمارات، فإنه من شبه المضمون أن يستمر الفاعلون المحليون في البحث عن هذه المنافع ما دامت الجهتان الأبرز في التحالف الذي تقوده السعودية مستعدتين لتقديم المال.
في الوقت نفسه، يُتهم الحوثيون بتحويل الأموال من البنك المركزي اليمني في صنعاء لدفع تكاليف حملتهم العسكرية.[92] كما يزُعم أن الأموال تستخدم لدفع رواتب قادة الحوثيين العسكريين والأمنيين ومقاتليهم. كما استُخدمت لدفع رواتب آلاف من موظفي الخدمة المدنية الذين عينتهم الجماعة في وزارة الداخلية في صنعاء (ووزارات أخرى يديرها الحوثيون) كجزء من استراتيجية أوسع سعت لاستبدال الموالين لصالح بأنصارهم طوال عامي 2016 و2017.[93]
في سلسلة محادثات جرت بين أكتوبر / تشرين الأول وديسمبر / كانون الأول 2017 مع موظف سابق في وزارة الداخلية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء، قال هذا الموظف السابق أن الحوثيين (الذين لا يدفعون مرتبات مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في مناطقهم) قاموا بتعيين الكثير من الأفراد الشباب عديمي الخبرة والتأهيل في المناصب العليا في الوزارة.[94] المصدر نفسه وصف كيف تكرر هذا النهج في أماكن أخرى كمحاولة لإضعاف قبضة صالح وحلفائه على الجهاز العسكري والأمني شمال اليمن، وقد كان الحرس الجمهوري أحد الأهداف الرئيسية لهذه الاستراتيجية.[95] كان هذا الجهد المبذول لملء المؤسسات المهمة بموظفين مؤيدين بمثابة محاولة لنقل السلطة وأيضاً لبناء منظومة محسوبية تقدم العمالة ورواتب حكومية مستقرة نسبياً لموالي جماعة الحوثي.
الوقود
كان استيراد الوقود أكثر فروع قطاع الطاقة اليمنية ربحية خلال النزاع. تطوران رئيسيان عام 2015 أعطيا لواردات الوقود أهمية متزايدة: (1) الانخفاض المفاجئ في إنتاج النفط والغاز، ووقف صادرات النفط والغاز بسبب التنازع على الأرض والذي أدى بدوره إلى مغادرة شركات الطاقة الأجنبية. و(2) قرار الحوثيين برفع الدعم عن الوقود في 27 يوليو / تموز 2015 (بعد عام على تنظيمهم حملة معارضة علنية ضد هادي في ضواحي صنعاء عندما فعل الأخير الشيء نفسه) وتخفيف القيود المفروضة على استيراد الوقود.[96]
بعد أن أصبحت مرافق النفط والغاز اليمنية خارج الخدمة، أصبحت البلاد معتمدة على الوقود المستورد. وقد أتاح هذا التحول فرصة كبيرة لدرّ الأموال بالنسبة للاعبين المكرّسين وأولئك المتطلعين إلى الاستفادة من احتياجات البلاد من الوقود. لقد كان لرفع الدعم الحكومي عن النفط، فضلاً عن تحرير وخصخصة سوق استيراد الوقود، أن وفر لمستوردي الوقود حافزاً إضافياً لملء الفراغ التي شغلته سابقاً شركة النفط اليمنية التي تديرها الدولة.
أحد التفسيرات المحتملة وراء قرار تحرير واردات الوقود ومبيعات الوقود المحلي في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون هو سعي الأخيرين إلى إزالة حاجز كان يحرمهم سابقاً، هم وآخرين، من أكبر مصادر الدخل في اليمن. وكما أشار أحد كبار محليي “الكليبتوقراطية” كلما قامت المؤسسات القائمة بخلق عقبات أمام المتلهفين لإنشاء كليبتوقراطيتهم الخاصة، ستقوم الجهات الفاعلة داخل النظام بإنشاء منظومات موازية أو بديلة تستبدل أو تتفوق على تلك الموجودة بالفعل.[97]
في البداية، كان لأزمة السيولة في اليمن أن وضعت مستوردي الوقود و/أو الوسطاء في موقع ممتاز، ولا سيما أولئك المتمتعين بموارد خارجية كبيرة وشبكات إقليمية راسخة. ومع ذلك، قام رجال أعمال جدد من الحوثيين بتسوية الملعب تدريجياً عبر التعلم – ومن ثم التخلص – من عدة لاعبين مكرسين[98]. يمكن تفسير ذلك جزئياً بسيطرتهم على ميناء الحديدة وبنك التسليف التعاوني الزراعي في صنعاء، والضغط الذي فرضوه على مستوردي الوقود الآخرين، والاستخدام الذكي لشبكات الحوالات المالية في اليمن للنفاذ إلى العملات الأجنبية.
مع ظهور ملامح الاستقرار النسبي في محافظات مأرب وحضرموت وشبوة، حيث تتواجد غالبية موارد الطاقة والبنية التحتية في اليمن، قام الكثير من الفاعلين المحليين على الأرض بموضعة أنفسهم للاستفادة من هذه الموارد في المستقبل بمجردة عودة مرافق الإنتاج والتصدير إلى العمل في نهاية المطاف. كما بدأت شركات الطاقة الأجنبية مثل الشركة النمساوية OMV بالعودة إلى اليمن لاستئناف عملياتها المتوقفة منذ 2015.
من المرجح أن يؤدي إحياء بنية الوقود التحتية في اليمن إلى خلق حوافز إضافية لمن يتطلعون إلى الاستفادة مالياً من مثل هذا التطور. كما ستطبق نفس القاعدة عندما تعود منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال اليمنية إلى العمل وتتصاعد صادرات الغاز الطبيعي المسال نحو مستويات ما قبل الحرب. الاستقرار في حد ذاته عملة، وفي هذه المناطق الغنية بالموارد الطبيعية يرجح استخدام الضمانات الأمنية ليس فقط لجذب الاستثمارات الدولية والعقود المربحة المحتملة لمقدمي الخدمات، ولكن أيضاً لتعزيز المواقع السياسية / المالية.
تراخيص استيراد الوقود قبل تأسيس آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش
أدى التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية عام 2015 إلى فرض حصار جوي وبحري، وبعد ذلك كان المستوردون التجاريون الراغبون في جلب البضائع إلى اليمن يطالبون بالحصول على تصريح من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتحالف الذي تقوده السعودية. بالنسبة للمستوردين التجاريين الراغبين في استيراد المواد – بما في ذلك الوقود – عن طريق الموانئ غير الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها، كان الإجراء الرسمي يتم عبر تقديم طلب لوزارة النقل الحكومية.[99]
مع ذلك، كان التحالف مستعداً فقط لقبول طلبات الاستيراد التجاري بالنسبة للموانئ التي كانت خاضعة لسيطرة تحالف الحوثي-صالح (قبل وفاة صالح في ديسمبر / كانون الأول 2017 وانفراط عقد ذلك التحالف) في حال نال الطلب ختم موافقة الرئيس هادي. قاد هذا لتمكين نجل هادي جلال عبد ربه منصور هادي (ليس له منصب حكومي رسمي)، ليصبح بين مارس / آذار 2015 وحتى إنشاء آلية التحقق التابعة للأمم المتحدة في اليمن في مايو / أيار 2016 حلقة الوصل والدفع الذي يتوجه إليه المستوردون للحصول على تصاريح استيراد الوقود اللازمة.[100]
وفقاً لعدد من المصادر التي قابلها المؤلفون، استغل جلال قدرته على تحصيل موافقة والده على بعض طلبات استيراد الوقود. ورغم أن من الصعب الحصول على وثائق رسمية، بحسب تقارير إعلامية مختلفة وأدلة روائية، يقال أنه استخدم وصوله المباشر إلى هادي للمطالبة بعمولة كبيرة من أي تاجر وقود يتطلع لاستيراد الوقود إلى اليمن.[101] ولم يطالب فقط بعمولات استيراد الوقود بحسب ما قيل، بل لجميع الواردات التي كانت تدخل الحديدة.
إذا كانت الرواية أعلاه دقيقة بالفعل، فإن تجار الوقود الراسخين كانوا بحاجة للتقرب من جلال، أو على الأقل إيجاد وسيط فعال على علاقة طيبة معه، لكي يطلبوا منه أن يطلب من هادي تقديم طلب لاستيراد الوقود بالنيابة عنهم. ومع ذلك يفترض أن جلال تعامل أساساً مع أحمد صالح العيسي أحد أبرز رجال الأعمال وأثراهم ولديه علاقات طويلة مع عائلة هادي.[102] وقد كانت العلاقة التجارية الوثيقة المزعومة بين الشخصين موضوع تكهنات إعلامية، بالإضافة الى العدد الكبير من دعاوى الفساد المروية ضدهم.
ستتحدث الورقة عن احتكار العيسي لعمليات توريد الوقود إلى عدن بمزيد من التفاصيل لاحقاً. مع ذلك تجدر الإشارة هنا إلى ادعاءين متكررتين. فالعيسي و جلال متهمان بمحاولة كسر المنافسة المحتملة لأحدهما في ميناء ومصفاة عدن، وكذلك في ميناء رأس عيسى للتصدير البحري الذي كان يسيطر علية العيسي واصبحا مؤخرا الحوثي مالعيسي في الحديدة. وينبع تأثير العيسي سابقا في رأس عيسى من اندماج حدث بين أملاكه و شركة البترول اليمنية YPC انبثق عنها مضاربة بين القطاع العام والخاص.[103] كما يُتهم الطرفان بالاستفادة من ترتيبات استيراد الوقود من السعودية إلى اليمن، وفي بعض الأحيان تصدير ذلك النفط إلى القرن الأفريقي بحسب مزاعم عديدة.[104]
احتكار واردات الوقود وتهميش المنافسين
منذ عام 2015، تقوم مجموعة صغيرة من رجال الأعمال بممارسة درجات متفاوتة من السيطرة على مناطق وجوانب مختلفة من صناعة الوقود في اليمن. يحلل هذا القسم الفرعي كيف حققوا ذلك. الحديدة تخضع إلى حد كبير لسيطرة مستوردي الوقود التابعين للحوثيين، والذين تمكنوا بعد اكتساب موطئ قدم مبدئي في سوق الوقود بالحديدة من تجاوز عدد كبير من اللاعبين المكرسين مثل CruGas ومجموعة الحثيلي.[109] أحمد العيسي هو اللاعب المهيمن في عدن مع مجموعة العيسي التي تحتكر شركة مصفاة عدن. عملياً ليس للعيسي احتكار على المصفاة وعقود المصفاة تتم بمناقصة، إلا أن العيسي هو الوحيد الممتلك لرأس المال الضروري والاستخدام الحر لمنشآت التخزين التابعة لشركة البترول اليمنية و مصفاة عدن.
في 5 مارس / آذار 2018 أصدر هادي مرسوماً بشأن “تحرير” واردات الوقود في المناطق الخاضعة للسيطرة الاسمية للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وحتى الآن لم تكن هناك تغييرات واضحة في عدن منذ إصدار المرسوم. يعتبر وضع العديد من مستوردي الوقود- منهم العيسي- في المكلا بمحافظة حضرموت أقل وضوحاً. القسم التالي يوضح كيفية حصول وسيطرة العيسي والحوثيين على أسهم سوق المحروقات المحلي في الحديدة وعدن.
عدن
يتمتع أحمد صالح العيسي باحتكار توريد الوقود – وتوزيعه افتراضاً – نتيجة نفوذه الفريد في شركة مصفاة عدن وهيمنته على سوق الوقود المحلي. مصفاة عدن هي الجهة الوحيدة المخولة باستيراد الوقود إلى عدن، بينما شركة النفط اليمنية هي الموزع المعتمد الوحيد. يعني ذلك أن احتكار العيسي لمصفاة عدن وامتلاكه سلطة توزيع الوقود للقوى المرتبطة بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتحالف الذي تقوده السعودية يمنحه أيضاً السيطرة على الوقود اللازم لتشغيل منشآت الكهرباء المحلية. وقد تبين الإحباط الخاص الذي تمثله هذه الأخيرة بالنسبة لسكان عدن، بما في ذلك رئيس مجلس المجلس الانتقالي الجنوبي ومحافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي. يرى الزبيدي وغيره من القادة والنشطاء الجنوبيين المؤيدين للانفصال أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ومسؤوليها هم المسؤولون المباشرون عن الانقطاع المتكرر للكهرباء نتيجة نقص الوقود.
تزعم مصادر ذات موقع جيد أن ما يساعد العيسي في هيمنته على هذا القطاع هو ملكيته لشركة النقل البحري الأكبر في اليمن، مجموعة العيسي. فعمليات المناقصات المتلاعب بها تقدم للعيسي عقود مشتريات رسمية لتوريد الوقود إلى عدن: يحتوي العقد على شروط تتضمن مهلة تسليم ضيقة لا يستطيع أي مقدم طلب آخر الوفاء بها.[110]
العلاقات الوثيقة بين العيسي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً – ولا سيما الرئيس هادي وابنه جلال والمدير العام لمصفاة عدن محمد عبد الله أبو بكر البكري – إلى جانب نفوذه في سوق الوقود المحلي في عدن يجعله خصماً مشؤوماً للموظفين العموميين الذين وجهوا له اتهامات بالفساد. وبالإضافة إلى ادعاءات الفساد الخاصة بعقود شراء الوقود المناقشة أعلاه، ثمة مزاعم أخرى تطال العيسي تشمل ما يلي: (1) يُزعم أن العيسي نال ترف تنازل الحكومة عن الرسوم المفروضة على استخدام خزانات الوقود والرسوم الجمركية التي تفرض عادة على واردات الوقود في عدن؛ (2) الديون المستحقة لشركة النفط اليمنية لا يكتفي العيسي برفض دفعها، بل هو يرد بتقديم رزمة مطالب خاصة به للحكومة وشركة النفط اليمنية، والتي يدّعي أنها مدينة له بالمال مقابل خسارة معدات له في محطة التصدير البحرية في رأس عيسى في الحديدة؛ (3) التمتع بنفوذ إقالة وتوظيف الأفراد في شركة مصفاة عدن.[111]
ووفقاً لما ذكره شخص على معرفة مباشرة بتحولات محطة رأس عيسى أثناء النزاع، فقد أغلق المبنى بناء على طلب من التحالف الذي تقوده السعودية بهدف حرمان موردي الوقود التابعين للحوثيين من أحد مصادر الدخل.[112] وعلى الرغم من توقف صادرات الوقود من محطة رأس عيسى بعد التدخل العسكري الذي تقوده قوات التحالف، إلا أن المحطة بقيت مستخدمة بعد ذلك لتلقي الواردات الموافق على دخولها إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون؛ حيث كان يتم تفريغ الوقود وتخزينه في خزانات شركة النفط اليمنية الموجودة في المحطة قبل نقلها إلى شاحنات نقل الوقود وتوزيعها على السوق المحلية. وقد أعلن الرئيس هادي في أغسطس / آب 2017 عن إغلاق محطة رأس عيسى “لأسباب أمنية”.[113]
وبحسب مصدرين مطلعين، أراد العيسي أن تكون عدن المنفذ التشغيلي الوحيد في كل اليمن.[114] أما ميناء رأس عيسى فهو ميناء أعمق من الحديدة ويمكنه استيعاب ناقلات نفط أكبر. وبما أن الناقلات الأكبر حجماً لديها سعة أكبر فهي قادرة على إيصال النفط بتكلفة أقل لكل شحنة. وبالتالي فقد جاء إغلاق رأس عيسى ليجبر حركة المرور المرتبطة بالحديدة على استخدام سفن صغيرة للإفادة من ميناء الحديدة الأقل عمقاً، ما أدى إلى زيادة التكلفة الإجمالية لكل شحنة. ومما يضاعف التكاليف المتزايدة أن غرامات التأخير – لعدم تفريغ شحنة ما في غضون الوقت المتفق عليه – في اليوم الواحد في أي من الموانئ هي نفسها للسفن الكبيرة والصغيرة، وتتراوح بين 15,000 و18,000 دولار في اليوم، وفقا لمستورد وقود تحدث مع المؤلفين. وذكر مستورد الوقود أن غرامة التأخير لكل طن من النفط المفرغ هي وسطياً أكبر بثلاث مرات في الحديدة منها في عدن.
كان لدى العيسي حافز إضافي للحيلولة دون قيام مستوردي الوقود باستخدام مرافق تخزين شركة النفط اليمنية في محطة رأس عيسى البحرية، وذلك لمواصلة الضغط على شركة النفط اليمنية التي يخوض معها نزاعاً مالياً متواصلاً.
الحديدة
كان صعود تجار الوقود التابعين للحوثيين – وكانوا غير معروفين في السابق لأعضاء مجتمع الأعمال اليمني، قبل أن يصبحوا الآن في طليعة مورّدي الوقود عبر ميناء الحديدة وموزّعي الوقود محلياً في الأجزاء الشمالية الغربية من البلاد الخاضعة لسيطرة الحوثيين – يعود في جزء منه لمجموعة من التقنيات المصممة لترجيح كفة السوق لصالحهم. تستند المعلومات التالية إلى رؤى عدد من المصادر، منها مستورد وقود في اليمن، ووسيط، وعدد من الخبراء الاقتصاديين المختصين باليمن والمتمتعين بجهات اتصال داخل قطاع الوقود باليمن.[115]
تقوم أولى هذه التقنيات على استيراد منتجات نفطية إيرانية منخفضة الجودة، مثل البنزين والديزل، عبر عمان، حيث يتم نقلها عبر دبي قبل وصولها إلى الحديدة وتوزيعها وبيعها في السوق اليمني المحلي بهامش ربح كبير. يضاف إلى سعر الوقود المزيد من الكلفة إذا تم – وهو ما يتم غالباً – بيع الوقود في السوق السوداء.[116] كانت سيطرة الحوثيين على عرض وطلب الوقود الموزّع في المناطق الخاضعة لسيطرتهم عاملاً أساسياً وراء ظهور كبار التجار المرتبطين بالحوثيين وارتفاع دخلهم. ونتيجة للتحكم في العرض، أصبح الحوثيون ورجال أعمالهم قادرين على فرض أسعار أعلى. يقف السكان المحليون بلا خيار آخر سوى دفع الثمن الذي يحدده الحوثيون.[117]
بحسب رؤية مصدر جيد الاطلاع، كانت هناك حالات يجري فيها الاتفاق على الترتيبات المتعلقة برسوم التفريغ الإضافية والنص عليها في الأوراق الرسمية في حال كان المصدّر والوسيط والمستورد جميعهم متحالفين مع الحوثيين (على الأقل في وقت إبرام الصفقة)،. ثم يعاد تحويل الأموال المخصصة للمصدّر في الأوراق الرسمية إلى الحوثيين.[118] وقد أبرز مصدر آخر الدور الهام الذي تلعبه شركات الصرافة في إعادة تحويل الأموال إلى الحوثيين. ويصف المصدر كيف يقوم مستورد الوقود أولاً بدفع المال المستحق تقنياً لمصدّر الوقود عن طريق صراف يتعامل مع اليمن، وبمجرد الانتهاء من الصفقة يرسل المصدّر الأموال من خلال أحد الصرافين العاملين في اليمن إلى شركة تابعة للحوثيين. وقد تتم كلا المعاملتين من خلال نفس الصراف أيضا.[119]
يواجه تجار الوقود غير المتوافقين مع الحوثيين مجموعة من الأساليب المصممة لثنيهم عن التنافس مع التجار المتحالفين مع الحوثيين. على الرغم من أنه سبق وأن عمل مع تجار الوقود المعتادين من أجل تعلم تجارة الوقود والاستفادة من خبرتهم وشبكاتهم، فقد أظهر الحوثيون استعداداً للضغط على منافسيهم السابقين خارج السوق.[120] يتمثل أحد الأساليب في استهداف أصول هؤلاء التجار، مثل شاحنات نقل الوقود ومحطات البنزين التي يملكها التاجر.[121]
هناك تقنية أخرى جرى استخدامها لتقوية الحوثيين، ويبدو أنها وضعت المنافسين غير الحوثيين في وضع أضعف، وهي إدخال تكاليف إضافية خفية لا تظهر في الأوراق الرسمية التي يتم إعدادها لدى الاتفاق المبدئي بين المصدر والوسيط والمستورد. يقال إن هذه التكاليف تشمل المرات التي يطلب فيها الحوثيون رسوماً هائلة في اللحظة الأخيرة لتفريغ الحمولة في ميناء الحديدة، حيث يتوجب على المستورد (غير الحوثي) أن يدفعها، وفي حال رفض ذلك سيبقى هو وشحنته عالقين، فضلاً عن مواجهة الاحتمال المرعب المتمثل في دفع غرامات التأخير الباهظة.
ومن التكاليف الإضافية الأخرى التي تفرض بعد تفريغ شحنة الوقود وتجهيزها للتوزيع والبيع في السوق المحلية رسوم موظفي الحوثيين في كل محافظة تسيطر عليها الجماعة، بالإضافة للقوات الحوثية التي تدير نقاط التفتيش التي لا بد لشاحنات النقل أن تمر بها خلال رحلتها من ميناء الحديدة وحتى وجهة الوصول.[122] ومن الجدير بالذكر أنه يعتبر الاضطرار إلى دفع توليفة من المسؤولين العسكريين والأمنيين والسياسيين لتيسير نقل البضائع التجارية والسلع الأساسية مشكلة في جميع المناطق وليست مقصورة على مناطق الحوثيين. وكما أشير عند مناقشة تدفقات الأسلحة في وقت سابق، فإن السهولة التي تشق بها السلع المشروعة وغير المشروعة طريقها عبر البلاد، بما في ذلك عبر جبهات المعارك النشطة، مؤشر على درجة التعاون بين مختلف الفاعلين. إذا حكمنا من خلال ما هو معروف عن التعرفات التي ينبغي دفعها لنقل المواد، يبدو أن هناك على الأقل قبولاً ضمنياً بأنه في حال دفع كل شخص مستحقاته فإن البضاعة ستمر دون مشاكل.[123]
كما تشير تقارير إلى أن الحوثيين يتلاعبون بمنظومة مصرفية تم إدخالها في أوائل 2017، بحيث يفترض أن يقوم مستوردو الوقود الذين يجلبون الوقود إلى اليمن عن طريق الحديدة بإيداع الريالات اليمنية المجنية من مبيعات الوقود المحلي في بنك التسليف الزراعي التعاوني (صنعاء) بدلاً من الذهاب مباشرة إلى الصرافين والحصول على عملات أجنبية بأي ثمن.[124] وقد أبلغ الحوثيون مستوردي الوقود بأن أموالهم سيُحتفظ بها في حسابات بنك التسليف الخاصة بهم لمدة تصل إلى عشرة أيام قبل أن تتاح للسحب. كما يزعم مراقبون أن الحوثيين يحتفظون في بعض الأحيان بأموال التجار غير الحوثيين لفترة أطول من عشرة أيام. إن الأثر السلبي لمنع وصول مستوردي الوقود إلى المال الذي أودعوه في الوقت المناسب يجعل من الصعب على المستورد أن يدفع لمورّديه. كما أنه يثير خطر انخفاض أرباحه نتيجة تقلبات السوق وانخفاض قيمة الريال. على سبيل المقارنة، ورد أن بعض التجار المتحالفين مع الحوثيين يرفضون إيداع أموالهم في بنك التسليف في صنعاء ويواصلون التعامل المباشر مع الصرافين.[125]
الغاز
كما أفاد مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في “اليمن في الأمم المتحدة – نشرة مارس / آذار 2018″، فإن حالات النقص في غاز الطبخ المنزلي في صنعاء التي بدأت منذ فبراير / شباط 2018 كانت وراءها محاولات السلطات الحوثية تحديد سعر ثابت لا يتجاوز 3,000 ريال يمني لكل اسطوانة غاز، ما أدى بدوره إلى زيادة في نشاط السوق السوداء التي شهدت ارتفاع أسعار غاز الطبخ في فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين.[126] وقد استمر بيع غاز الطبخ بأسعار مضخمة حتى أبريل / نيسان.[127]
ووفقاً لأحد المصادر المطلعة، فإن الحوثيين والمهربين ذوي الأرباح المنخفضة ممن يقومون بتهريب غاز الطبخ من مأرب إلى صنعاء هم الذين يستفيدون من هذا المخطط.[128] وأضاف المصدر نفسه أن الحوثيين لجأوا في الآونة الأخيرة إلى بيع أسطوانات الغاز بسعة 25 لتر نصف المملوءة بسعر 3,300 ريال، ما يعني أن على المستهلكين الراغبين في شراء 25 لتراً بالكامل شراء اسطوانتين بتكلفة 6,600 ريال.[129]
انعدام المساءلة على الإنفاق الحكومي
كان سوء استخدام وسرقة إيرادات الدولة موضوعاً متكرراً طوال النزاع، وهو اتهام واجهته العديد من الجهات الفاعلة المختلفة. على الرغم من أنها ليست المتهم الوحيد بمثل هذا اللعب الخبيث، إلا أن الحكومة المعترف بها دولياً وضعت مراراً تحت دائرة الضوء نظراً لانعدام الشفافية والمساءلة بشأن أماكن الشحنات وصرف العملات.[130] وفي عام 2016، أمر محافظ البنك المركزي آنذاك منصر القعيطي بطبع ما قيمته 400 مليار ريال من الأوراق النقدية، وكانت قيمتها وقتذاك 1.2 مليار دولار. عام 2017، كانت هناك عدة شحنات منفصلة من الريال اليمني المطبوع في روسيا، والتي يفترض أنها مرتبطة بأوامر القعيطي. وبدلاً من إيداعها مباشرة في البنك المركزي اليمني في عدن، ورد أن ملياري ريال انتقلت مباشرة إلى القصر الرئاسي في منطقة المعاشيق في مديرية كريتر في عدن.[131] وفقاً لمصدر مطلع في عدن، معظم هذه الأموال المطبوعة في روسيا تم صرفها عبر مكتب رئيس الوزراء أحمد عبيد بن داغر على شكل “نفقات تقديرية”.[132]
فإذا صح تحويل العملة اليمنية المذكور أعلاه، فهذا الإجراء عرضة للنقد القائل أن أزمة العملة تُصنع صنعاً؛ بما يتسبب بإثراء القلة مع الحد من قدرة المواطنين العاديين على شراء الطعام. مراقبة العملة، باعتبارها مسؤولية أساسية تقع على عاتق البنك المركزي، وتعد من الأرصدة المهمة للغاية في أيدي أي نظام كليبتوقراطي. النقطة الأساسية هنا، والتي يشير إليها المثال أعلاه، هي أنه بمجرد تجذر النظام الكليبتوقراطي تصبح جميع الوظائف الأساسية للدولة تخدم غرضاً واحداً فقط، وهو الإثراء الفردي وإنشاء آليات مكافأة تقرها الدولة وتنفع فقط أولئك المقربين بما فيه الكفاية من مراكز السلطة.[133]
ثمة تساؤلات حول عائدات النفط التي حققتها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً نتيجة للحصص التي تملكها في حقل المسيلة النفطي في حضرموت. يقال أن إجمالي الإيرادات التي حققتها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من صادرات النفط خلال النزاع في المنطقة تبلغ مليار دولار. وتدفع الحكومة لكل من اتحاد قبائل حضرموت وشركة النفط المحلية التي تدير البلوك 14 من نفط المسيلة لكي تحصل على نفاذ إلى الحقل.[134] كما أنها تدفع لقوات النخبة الحضرمية المدعومة من الإمارات من أجل النفاذ إلى مرافق تصدير النفط الموجودة في مدينة المكلا الساحلية.[135] يتم دفع هذه المبالغ نقداً، أو بالوقود المقدم إلى المكلا والذي تبيعه الحكومة المحلية في السوق.[136] الجزء الأكثر إثارة للريبة من هذا الترتيب هو ما كان يحدث لفترة من الزمن بعد تصدير النفط إلى شركة جلينكور Glencore، وهي شركة إنكليزية سويسرية متخصصة في تجارة السلع والمواد الخام مقرها في سويسرا. حتى مايو / أيار 2018 كان يتم نقل المبلغ المستلم من جلينكور مباشرة إلى حساب مصرفي خاص باسم هادي في البنك الأهلي السعودي.[137] أما الآن فتشير تقارير إلى أن إيداع الأموال يتم الآن في حساب البنك المركزي اليمني في السعودية.[138]
لا يقتصر القلق من انعدام الشفافية والمساءلة بشأن دخل وإنفاق السلطات الحاكمة في اليمن على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. فالمشكلة قائمة في كل مكان. كما أن فهم علاقة انعدام الشفافية والمساءلة بشأن الإيرادات والنفقات المحلية بمحاولات إخفاء الفساد المبطنة يزداد صعوبة بسبب تبعثر مراكز السلطة الإقليمية وتعدد الجهات الفاعلة المعنية. ففي مأرب، على سبيل المثال، يعمل فرع البنك المركزي اليمني بشكل مستقل عن البنك المركزي اليمني في عدن، وهو غير راغب في الكشف عن أرقام إيراداته ونفقاته المحلية.[139] ثمة مجالات أخرى من عدم اليقين تشمل إيرادات الجمارك القادمة من مختلف الموانئ في جميع أنحاء اليمن، ونقاط التفتيش الداخلية التي يسيطر عليها الحوثيون، ونقاط شحن والوديعة الحدودية البرية مع سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية.[140]
توصيات
المبدأ التوجيهي رقم 1: الاعتراف بالتعقيد
لا شك أن كل من يسعى إلى كبح الفساد في اليمن يواجه مهمة شاقة. الممارسات الفاسدة تعرّف اقتصاد الحرب في اليمن وتتخطى حدود البلاد، ممتدة إلى السعودية والإمارات وسلطنة عمان وإيران. يجب أن تتضمن أية محاولة لمعالجة إساءة استعمال السلطة في اليمن تحليلاً مفصلاً لآليات الفساد المعقدة والمحددة السياق في قلب اقتصاد الحرب في اليمن، والجهات الفاعلة المعنية، وأي مصالح سياسية واقتصادية متداخلة. كما أن المراقبة والتحليل المستمرين أمران أساسيان لمواكبة التطورات على الأرض.[141]
وبدلاً من التخاذل عن المهمة المستهلكة للوقت والمحبطة المتمثلة في فك خيوط العلاقات العريضة والمتطورة باستمرار بين الفاعلين المشاركين في أنشطة الفساد، على صانعي السياسات أن يستوعبوا الحاجة إلى فهم ذلك التعقيد. سيسمح الفهم السياقي المتطور لمقرري السياسات بتقدير الفوائد وتوقع المخاطر المحتملة عند وضع استراتيجية لمكافحة الفساد. لفهم ما يحدث حالياً في اليمن ولماذا يحدث ما يحدث، على المرء أيضاً أن يدرك السياق التاريخي ومحركات النزاع.
المبدأ التوجيهي رقم 2: التنفيذ التدريجي
بالنظر إلى ارتفاع مستويات الاستحواذ على الدولة والفساد الإداري في اليمن، سيكون من غير الواقعي وربما من الضار أن يقوم صناع السياسة بتطبيق استراتيجية مكافحة الفساد مفاجئة وهجومية. يجب أن تتم استعادة مقدرات الدولة بشكل تدريجي، مع تنفيذ مرحلي للإصلاحات ومكافحة الفساد بما يحد من التسبب بصدمة لمنظومة الفساد.
الموقف الهجومي المتعجل غير مستصوب لثلاثة أسباب رئيسية:
أولاً، قد يقاوم المستفيدون حالياً من اقتصاد الحرب أي تغييرات بالجملة قد تؤدي لاحقاً إلى خسارتهم مصادر قوتهم أو ثرواتهم. سيكون هناك حاجة لعقد توازن دقيق. فمعالجة الأشكال الحالية للفساد ستحتاج إلى تأييد فاعلين سبق لهم تحقيق مكاسب من خلال العنف وإساءة استخدام السلطة. في الوقت نفسه، لا يمكن لصانعي السياسة الإفراط في التعويض، فمن شأن ذلك أن يعطي إشارة للآخرين بأن الأساليب العنيفة والفاسدة ستستمر في تحقيق النتائج بل وستحمى عبر شكل من أشكال الاتفاق السياسي.
ثانياً، سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً للتراجع عن أشكال الفساد التي أصبحت مكرسة في اليمن. لقد شكل الفساد الاقتصاد السياسي لليمن وتغلغل في المجتمع اليمني على مدى عقود. التغيير ببساطة لا يحدث بين عشية وضحاها. ومع ذلك، إذا حصلت منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية المحلية ووسائل الإعلام المحلية على الدعم والمساحة التي تعمل من أجلها، بدون تهديد أو استخدام فعلي للعنف، بإمكانها المساعدة في الدفع نحو تغيير الذهنية: من الآن فصاعداً ليس الفساد هو “كيف تتم الأمور”.
ثالثاً، أية محاولة لمكافحة الفساد بطريقة مستعجلة أو سطحية ستؤدي إلى أخطاء جسيمة في السياسات، تقود إلى معاناة أكبر بين أفراد الشعب اليمني – الذي يعيش بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم – بدلا من أن تؤدي إلى تقييد تصرفات الأفراد الفاسدين. على سبيل المثال، من الخيارات المطروحة للحد من الممارسات غير المشروعة للحوثيين والمتمثلة في استيراد الوقود الرخيص لبيعه في السوق السوداء فرض حظر شامل على ميناء الحديدة. لكن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى رفض مرور أي وقود مستورد عبر موانئ لا يسيطرون عليها عبر نقاط التفتيش التابعة لهم. ستكون النتيجة أن شرائح سكانية عريضة في مناطق سيطرتهم، والتي تعد أكثر المناطق اليمنية اكتظاظاً بالسكان، ستحرم من إمدادات الوقود التي تحتاجها.
من الأمثلة الأخرى مخاطر التضييق الشديد على شبكات الصرافين / الحوالات المالية في اليمن بسبب مخاوف من استخدام الحوثيين لمكاتب الصرافة للوصول إلى العملات الأجنبية والدفع للمصدّرين. تعتبر معاملات تحويل الأموال شريان حياة حاسم للمواطنين المحاصرين من خارج الطبقة التجارية أو السياسية. ويعتمد المواطنون العاديون على تدفقات التحويلات – وهي العمود الفقري لنظام تبادل الأموال – لشراء السلع الأساسية، بما في ذلك الغذاء والماء. إن أي تعطل غير مدروس لهذه التدفقات النقدية قد يقطع أحد خطوط الحياة القليلة المتبقية لمجموعة واسعة من اليمنيين، الذين غالباً ما يتم تجاهل مصالحهم عند مناقشة إجراءات ردع الفساد.
المبدأ التوجيهي رقم 3: إشراك أكبر عدد ممكن من الفاعلين
إن الفساد في اليمن، تاريخياً وحتى يومنا هذا، هو حالة ممنهجة. لا يتحمل أي فرد أو مجموعة وحدها المسؤولية الكاملة عن ارتفاع مستويات الاستحواذ على الدولة والفساد الإداري. تمتد شبكات الفساد في جميع أنحاء اليمن، عبر الخطوط الأمامية لجبهات القتال، وخارج الحدود. وفي هذه الشبكات يتعاون خصوم مزعومون لتحقيق مكاسب خاصة.
ونظراً لانتشار الفساد في اليمن على نطاق واسع، ينبغي ألا تستهدف جهود مكافحة الفساد بشكل انتقائي جهة فاعلة دون غيرها، بل ينبغي أن تسعى إلى التأثير على المنظومة ككل. وبينما يتوجب بالتأكيد بذل جهود للحد من أنشطة العناصر الفاعلة المعروفة بتورطها في الفساد، إلا أنه لا ينبغي الاستفراد بهذه العناصر، فالفاعلون المستهدفون بشكل فردي سيفتح باب اتهامات التحيز السياسي على صانعي السياسة. في الواقع، هناك من هم في وضع أفضل من غيرهم لاستغلال الموارد الرئيسية لليمن. على سبيل المثال، يمكن لأعضاء السلطات الحاكمة التأثير على من يستورد ماذا وأين وبأي تكلفة؛ والقادة العسكريون والأمنيون الذين يقبضون رواتب من السعودية يحصلون على خدمات مصرفية مباشرة من القوى الإقليمية. في ضوء تاريخ اليمن، من المحتمل أن يكون هناك من يقف متفرجاً في انتظار تحسن موقعه والبدء بجني المنافع المالية بعد استبدال المسؤولين الحاليين.
إذا كان لأي تقدم في تحقيق سلام قصير المدى أو طويل الأجل أن يحصل في اليمن، سيحتاج صانعو السياسات إلى تأييد أكبر عدد ممكن من الفاعلين. فالفشل في الحصول على هذا التأييد سيترك الاقتصاد السياسي للحرب على ما هو عليه، ومن المحتمل أن يبقي ذلك على نمط ثابت من النزاع المتكرر.
سياسات ما بعد النزاع
البناء على إطار مكافحة الفساد الحالي في اليمن
- تقوية أجهزة مكافحة الفساد الحالية في اليمن، بما في ذلك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، والهيئة العامة للأراضي، ووحدة المعلومات المالية.
- تمويل وكالات مكافحة الفساد بالشكل الكافي لتوفير التدريب وبرامج بناء القدرات المؤسسية. ذلك سيساعد على خلق الشفافية في عملية إعادة الإعمار بعد الحرب. إذا لعبت وكالات مكافحة الفساد دوراً في منع الفساد خلال مرحلة إعادة الإعمار بعد الحرب، سيشكل ذلكسابقة إيجابية ويبني منظومة لمكافحة الفساد أكثر فعالية على المدى الطويل.
- تشجيع المزيد من التنسيق وتبادل البيانات بين وكالات مكافحة الفساد القائمة بالفعل. على سبيل المثال، يمكن للهيئة العامة للأراضي مشاركة المعلومات مع وحدة المعلومات المالية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إلخ.
- التأكد من أن جميع وكالات مكافحة الفساد تعمل بشكل مستقل عن المسؤولين الحكوميين. على سبيل المثال، ينظر إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة على أنه هيئة تعمل بشكل وثيق مع الرئيس اليمني. كذلك قامت وزارة المالية في الماضي بتقييد وصول الجهاز المركزي إلى الموارد وبالتالي منعته من العمل بفعالية.
تشجيع الشفافية والمساءلة
- إجراء مراجعة داخلية مستقلة ومتواترة لجميع الشركات المملوكة للدولة وتلك التي تديرها الدولة.
- إنشاء هيئة حكومية جديدة مكلفة بمعالجة طلبات حرية المعلومات المقدمة من أفراد المواطنين ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وفقاً للقانون رقم 13 لسنة 2012 بشأن الحق في الوصول إلى المعلومات.
- إنشاء وإنفاذ لائحة جديدة يقوم بموجبها المسؤولون المعينون بالإفصاح عن البيانات المالية الشخصية: مرة وقت تعيينهم، وسنوياً خلال فترة ولايتهم، ومرة أخرى لدى ترك المنصب.
- نشر تفاصيل جميع المناقصات الحكومية. أثناء عملية تقديم العطاءات، يجب الإعلان عن تفاصيل عرض كل شركة على حدة. وبمجرد التوصل إلى اتفاق نهائي، ينبغي نشر شروط واتفاقيات العقد.
- إتاحة جميع المعلومات للشركات العامة والخاصة: وثائق التسجيل، إثبات الملكية، عدد الموظفين، الإيرادات والنفقات.
- نشر تفاصيل رواتب ومكافآت جميع الموظفين الحكوميين الكبار.
- حظر العلاقات الشخصية بين المسؤول الحكومي المسؤول عن المناقصة والشركة الحاصلة على العقد.
- إنشاء نظام لإصدار أرقام هوية وطنية للمواطنين اليمنيين عند بلوغهم 16 سنة من العمر، وغير اليمنيين المقيمين البالغين 16 سنة فما فوق والحاصلين على تأشيرة الإقامة. ربط رقم التعريف الوطني بالمعلومات الشخصية والبيانات البيومترية المخزنة في قاعدة بيانات حكومية آمنة وسرية. يجب أن تتبع المنظومة المعاملات المالية للأفراد كالمدفوعات للخدمات العامة والخاصة (بما في ذلك فواتير الخدمات العامة أو استخدام الإنترنت)، وأن يتلقى جميع موظفي القطاع العام – بمن فيهم العسكريون وموظفو الأمن – رواتبهم على حسابهم الخاص في مكتب الهيئة العامة للبريد أو بنك تجاري تختاره الحكومة. من شأن منظومة كهذه أن تساعد في الحد من انتشار الجنود الأشباح و”الغمس المزدوج”، وبالتالي زيادة الشفافية في إيرادات الحكومة وميزانيات الدفاع.
الحد من تضارب المصالح
- الإلزام القانوني للأفراد الذين ستشغلهم الحكومة (مثلاً كأعضاء في الحكومة أو موظفي خدمة مدنية أو ضباط عسكريين) بالتخلي عن سيطرتهم أو على الأقل التنصل من أي أعمال تجارية خاصة خلال شغل المنصب.
- إنشاء نظام يتم بموجبه تداول المناصب المركزية للتحكم والإدارة في الهيئات الإيرادية (مثلاً مناصب شركات الطاقة التي تديرها الدولة مثل شركة النفط اليمنية أو شركة مصفاة عدن) على أساس إلزامي ودوري.
- تنفيذ لوائح جديدة بشأن تكافؤ فرص العمل داخل القطاع العام. بالنسبة للمناصب الحكومية، يجب أن تبدأ عملية التقدم المفتوحة بالإعلان العلني عن الوظيفة الشاغرة عبر وسائل الإعلام المحلية. ينبغي أن يستند اختيار القوة العاملة فقط على المهارات والجدارة؛ وألا تلعب العلاقات السياسية المباشرة أو العائلية أو القبلية أي دور في عملية الاختيار هذه. وإذا تبين أن موظفاً تم تعيينه خارج نطاق لوائح تكافؤ فرص العمل، يعتبر التعيين لاغياً وباطلاً، ويطرد الموظف فوراً وتتخذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين عن توظيفهم.
- حظر إصدار العقود التي تديرها الدولة لكبار القادة العسكريين.
- تسجيل ونشر جميع الأصول الحكومية رسمياً، بما في ذلك مخزونات الأسلحة.
- تفكيك نقاط التفتيش تدريجياً لتقليص حالات الرشوة.
- الإصلاح والتقليص التدريجي للأجهزة العسكرية والأمنية. إدارة المرحلة الانتقالية مع القادة العسكريين الذين قد يعارضون الإصلاح. جمع مختلف الجهات العسكرية والأمنية في إطار هيكل قيادة واحد، مع شفافية واضحة بشأن عدد مقاتلي كل فرقة/قوة أمن محلية، بالإضافة لمعلومات الرواتب. دمج الفاعلين من جميع الأطراف المتحاربة المختلفة في القوات المسلحة وقوات الأمن الوطنية اليمنية بإشراف وزارتي الداخلية والدفاع.
تحسين إدارة المالية الحكومية
- إنشاء نظام مؤتمت قوي لوضع الميزانية وجمع إيصالات الحكومة. إدخال إصلاحات ضريبية مصممة لمنع التهرب الضريبي. إنشاء نظام صارم للتحكم في صرف الأموال عبر الفروع المختلفة لمؤسسات الدولة. إن سهولة استغلال الفاعلين لمؤسسات الدولة ومواردها لصالح أنشطة فاسدة تتأتى جزئياً من سوء الإدارة المالية، وضعف مراقبة الميزانيات وعمليات المناقصة والمزايدة، وعدم فعالية نظام معلومات الإدارة المالية المتكامل – وكل ذلك ينتج عنه سوء استخدام الإنفاق العام وجمع الإيرادات.
- تنفيذ ميزانية وطنية جديدة. يجب أن تحتوي الميزانية على شرح واضح للتفاصيل المالية: الإيرادات، والنفقات، والديون، وما إلى ذلك، وأن تكون تفاصيل هذه الميزانية متاحة للتدقيق العام.
- ضمان وضع ضوابط صارمة على الميزانية والإشراف على الإيرادات والنفقات الحكومية. إلزام الحكومة قانونياً بإصدار بيانات مالية منتظمة وفقاً لمواعيد نهائية متفق عليها.
- جعل البنك المركزي اليمني مستقلاً تماماً. منحه صلاحية التحكم بالميزانية الوطنية، وبالتالي الإنفاق الحكومي. لا ينبغي تفويض رئيس الوزراء أو أي مسؤول حكومي آخر بإنفاق الأموال ما لم يتم تخصيصها بشكل مناسب في الميزانية.
- إيداع جميع الإيرادات المتأتية عن طريق السلطات الحاكمة المركزية في فرع البنك المركزي المحلي (على سبيل المثال في عدن، ومأرب، وحضرموت، وصنعاء، أو تعز) بدلاً من إعادة توجيهها إلى مكاتب المسؤولين الحكوميين.
- صياغة وتسليم ورصد تنفيذ حزمة المساعدات المالية طويلة الأجل. جعل استمرار تقديم المساعدة مشروطاً بدعم التشريعات الحالية لمكافحة الفساد ومواصلة الالتزام بها. تمرير التبرعات عبر المؤسسات الحكومية المحلية (مثل المجالس المحلية) أو المنظمات غير الحكومية المحلية أو المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة على الأراضي في اليمن.
- مراقبة المساعدات المالية المقدمة لإعادة الإعمار بعد الحرب ومشاريع التنمية المحلية عن كثب. جعل استمرار تقديم هذه المساعدة مشروطاً بالتقدم نحو النتائج المعلنة. في حال الكشف عن أي انحرافات أو أنشطة فاسدة، ينبغي تعليق التمويل مؤقتاً إلى أن يتم التحقيق في الوضع والوصول إلى حكم. إذا كان للفساد المتوطن في اليمن أن يتراجع، فعلى المانحين الدوليين أن يكونوا مستعدين لتقديم مستويات عالية من الالتزام والتمويل الطويل الأجل لمساعدة اليمن في الابتعاد عن الاقتصاد الريعي.
نزع مركزية القوة الاقتصادية
- نقل السلطة بعيداً عن الوزارات المركزية في الحكومة اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين غير المعترف بها دوليا، والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً باتجاه هيئات حكومية محلية تتعامل مع الموارد الاقتصادية الحيوية. تمكين السلطات المحلية، وتحديداً المجالس المحلية، من تقديم الخدمات العامة وتنفيذ مشاريع التنمية المحلية. يمكن للسلطة الموكلة أن تشتت القوة الاقتصادية للقلة المتحكمة التي بإمكانها فرض ضغوط كبيرة على كل من يتهمها بالفساد، كما هي الحال الآن.
- المساعدة في إنشاء وتوسيع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMEs) لتسهيل التنويع الاقتصادي والنمو الاقتصادي. قد يؤدي تنويع الاقتصاد اليمني إلى إزاحة الاهتمام عن أهم مصادر الثروة في اليمن، وبالتالي تقليل الفساد. كما أن خلق مساحة للشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني قد يساعد هذه الشركات على العمل معاً كمجموعة ضغط تبقي الجهات الفاعلة الكبرى الأخرى تحت المراقبة.
- تمكين وكالات مكافحة الفساد من مراقبة شركات استيراد الوقود، والتحقيق في التناقضات بين المالكين المسجلين والحقيقيين. يجب أن تكون نتائج التحقيقات، بالإضافة إلى تفاصيل الشركة الدقيقة، متاحة للعموم.
خلاصة
لقد أتاح العنف والتشرذم المتزايد في اليمن فرصة لعدد من الجهات الفاعلة لاستغلال مواقع السلطة التي تحوزها لتحقيق مكاسب خاصة. لا تزال المصادر الرئيسية للمحسوبية والسلطة – التحكم بمؤسسات الدولة والنفاذ إلى مصادر الإيرادات الرئيسية – على حالها الذي كانت عليه قبل الحرب. آليات الفساد التي تأسست في عهد صالح مستمرة في العمل، ولا تزال تدفقات الأسلحة، وعمليات المناقصة، وإعانات الوقود، وبيانات الرواتب العسكرية المزورة، تثري قلة على حساب الكثرة.
ومع ذلك، في حين أن الشكل الأساسي للفساد لم يتغير كثيراً منذ بدء الحرب، إلا أن اليمن شهد تحولاً في الأفراد المتورطين. فقد أصبحت شبكات المحسوبية أكثر تعقيداً بشكل ملحوظ، واضطرت القطاعات التي كانت تهيمن عليها تقليدياً نخبة ضاربة في القدم أن تفسح المجال لشخصيات جديدة كانت مهمشة أو غير معروفة في السابق، لتخترق الطرق التقليدية والمستجدة للربح غير المشروع.
لقد أدى تشظي البلاد إلى نشوء مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة، وظهور أشكال جديدة ومختلفة من الاستحواذ على الدولة. وقد غيّر دخول اثنين من الرعاة الإقليميين الأثرياء – السعودية والإمارات – من إجمالي حسابات الثروة، ويمثل التواطؤ الذي تتحدث عنه تقارير عدة بين المستوردين المرتبطين بالحوثيين وكبار المسؤولين المتحالفين مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في حال كان صحيحاً، مثالاً لتعاون الخصوم المتحاربين على أعلى المستويات لأغراض الكسب الخاص. تمتد شبكات المحسوبية في اليمن الآن نحو أجزاء اليمن المهمشة سابقاً، وتتخطى حدود اليمن الوطنية، وتعبر حتى الخطوط الأمامية للحرب.
لا يوجد حافز يذكر لبناء السلام بين المستفيدين من النزاع الجاري، هذه الجهات الفاعلة لها مصلحة اقتصادية في استمرار القتال وإبقاء الاضطراب. وقد يعمل هؤلاء لإفساد أية محاولة لتأمين تسوية سياسية للنزاع، بينما تتعمق الأزمات الإنسانية والاقتصادية في اليمن أكثر. على صانعي السياسة أن يبدؤوا من الآن النظر في كيفية بناء سلام دائم، على الرغم من الواقع المرير للفساد المستشري ضمن نزاع لا يبدو أنه موشك على الانحسار، فإذا كان الفساد من بين الدوافع الرئيسية للنزاع، ينبغي أن تتضمن جهود الإنعاش بعد انتهاء النزاع برنامجاً لمكافحة الفساد.
نظراً للطبيعة المعقدة واتساع نطاق الفساد في اليمن، على أي برنامج لمكافحة الفساد أن يسترشد بثلاثة مبادئ أساسية:
أولاً، على صانعي السياسات أن يعترفوا، وإلى أقصى حد ممكن، بتعقد تكوين شبكات المحسوبية في اليمن.
ثانياً، يجب تطبيق أجندة مكافحة الفساد تدريجياً.
ثالثاً، على صانعي السياسات البحث عن تأييد أوسع مجموعة ممكنة من اليمنيين.
بدون هذه اللبنات الأساسية، يرجح أن تتعثر أي تغييرات سياسية متعلقة بتشجيع الشفافية، أو الحد من تضارب المصالح، أو تحسين إدارة المالية الحكومية. لقد أصبح الفساد عميقاً وواسعاً في اليمن، ولذلك على أي أجندة مكافحة فساد في مرحلة ما بعد النزاع أن تكون ذات نطاق واسع ورؤية طويلة الأجل.
المراجع:
[1] كان اليمن مقسما إلى شطرين (جنوب اليمن وشمال اليمن)، حيث توحدت الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) في 22 مايو 1990 لتأسيس دولة جديدة باسم الجمهورية اليمنية.
[2] “Corruption Perceptions Index 2017,” Transparency International, last modified February 21, 2018, accessed June 25, 2018, https://www.transparency.org/news/feature/corruption_perceptions_index_2017.
[3] “Corruption Perceptions Index 2017 Shows High Corruption Burden in More than Two-thirds of Countries,” Transparency International, last modified February 21, 2018, accessed June 25, 2018, https://www.transparency.org/news/pressrelease/corruption_perceptions_index_2017_shows_high_corruption_burden_in_more_than.
[4] “What is Corruption?” Transparency International, accessed June 25, 2018, https://www.transparency.org/what-is-corruption.
[5] For an in-depth the definition of state capture see World Bank, Anticorruption in Transition: A Contribution to the Policy Debate (Washington, DC: World Bank, 2000), 1, accessed June 25, 2018, https://siteresources.worldbank.org/INTWBIGOVANTCOR/Resources/contribution.pdf.
[6] Glenn E. Robinson et al., Yemen Corruption Assessment (Burlington, VT: ARD, 2006) accessed June 25, 2018, https://photos.state.gov/libraries/yemen/231771/PDFs/yemen-corruption-assessment.pdf.
[7] Abdulwahab al-Kibsi has called this the “inevitability mindset” — Yemeni citizens have come to expect corruption to be so pervasive that they themselves are powerless against it. Abdulwahab Alkebsi and Christopher Boucek, “Corruption in Yemen: Screening of Destructive Beast,” Carnegie Endowment for International Peace, last modified September 30, 2010, accessed June 25, 2018, http://carnegieendowment.org/2010/09/30/corruption-in-yemen-screening-of-destructive-beast-event-3034.
[8] مقابلة قام بها باحث في أوكتوبر/تشرين الأول 2017.
[9] تعد الزيدية فرعاً معتدلاً من الإسلام الشيعي الذي يتواجد في اليمن فقط وأقرب إلى السنة منه إلى المذاهب الشيعية الإثنى عشرية الشائعة في إيران.
[10] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 2.
[11] Asher Orkaby, “Ali Abdullah Saleh’s Fatal Calculation,” Foreign Affairs, last modified December 6, 2017, accessed June 25, 2018, https://www.foreignaffairs.com/articles/yemen/2017-12-06/ali-abdullah-salehs-fatal-calculation.
[12] April Alley, “Shifting Light in the Qamariyya: The Reinvention of Patronage Networks in Contemporary Yemen” (PhD diss., Georgetown University, 2008), 52.
[13] Hill et al., Yemen, 19.
[14] Alley, “Shifting Light,” 55.
[15] Hill et al., Yemen, 19.
[16] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 3;
المظالم الجنوبية الطويلة الأمد تجاه الشمال والمتأصلة في شعورهم بأن الوحدة كانت أداة للاحتلال الشمالي لأراضي الجنوب موضحة بالتفصيل في نص تحليلي لأنتوني بيزويل بعنوان “حول الدعوات العابرة للانفصال: الجزء الثاني، اليمن”. يتحدث المقتطف التالي من ذلك النص عن الموضوع المثير للجدل بشأن الاستيلاء على الأراضي: “تحققت هيمنة الشمال على الجنوب ليس فقط عن طريق القمع النشط ولكن أيضاً نتيجة التفاوت في الثروة. كان ذلك واضحاً قبل تحقيق الوحدة نتيجة تقييد الظروف الاقتصادية في ظل “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”. وعلى الرغم من إعطاء دستور عام 1991 جميع المواطنين اليمنيين الحق في التملك، إلا أن الجنوبيين كانوا بشكل افتراضي في وضع غير مؤات. فقد شرع الكثير من الشماليين بشراء عقارات في الجنوب، بينما بدا نظراؤهم الجنوبيون غير قادرين على شراء أي شيء. من الناحية الجنوبية، مهد الدستور الطريق أمام استيلاء الشماليين على الأراضي، ومن ثم شرعنة الاحتلال الشمالي. بعد الحرب الأهلية عام 1994، أعاد صالح بعض الأراضي المتنازع عليها أثناء توزيعه أراضي مملوكة للدولة على رجال قبائل وسياسيين شماليين أقوياء، بالإضافة إلى حلفائه جنوبيين الذين حاربوا إلى جانب جيش الشمال ومعظمهم من أبين وشبوة:
Anthony Biswell “On the Casual Calls for Secession: Part II Yemen,“ The Dema Institute, last modified October 6, 2016, accessed June 25, 2018, http://drafts.delma.io/en/on-the-casual-calls-for-secession-part-ii-yemen.
[17] Hill et al., Yemen, 18-21; Zoltan Barany, The Challenges of Building a National Army in Yemen (Washington, DC: Center for Strategic and International Studies, 2016), 12-14 and 19-23, accessed June 25, 2018, https://csis-prod.s3.amazonaws.com/s3fs-public/publication/160718_Challenges_Yemen_National_Army.pdf.
[18] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 3.
[19] Hill et al., Yemen, 18-21.
[20] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 4; Barany, Challenges, 18-23.
[21] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 4.
[22] Paul Dresch, A History of Modern Yemen (Cambridge: Cambridge University Press, 2000), 208; Adam C. Seitz, “The Tribal-Military-Commercial Complex and Challenges to Security Sector Reform in Yemen,” in Addressing Security Sector Reform in Yemen: Challenges and Opportunities for Intervention During and Post-Conflict, ed. Marie-Christine Heinze (Bonn: Center for Applied Research in Partnership with the Orient, 2017), 17-19, accessed June 25, 2018, https://carpo-bonn.org/wp-content/uploads/2017/12/carpo_policy_report_04_2017.pdf.
[23] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 4.
[24] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 3.
[25] Alley, “Shifting Light,” 55.
[26] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 7.
[27] Peter Salisbury, “Corruption in Yemen: Maintaining the Status Quo?” in Rebuilding Yemen: Political, Economic, and Social Challengers, ed. Noel Brehony and Saud al-Sarhan (Berlin: Gerlach Press, 2015), 65.
[28] Salisbury, “Corruption in Yemen,” 66-68; Alley, “Shifting Light” 65-67.
[29] Sheila Carapico, Civil Society in Yemen: The Political Economy of Activism in Modern Arabia (Cambridge: Cambridge University Press, 2009), 38.
[30] Robinson et al., Yemen Corruption Assessment, 9.
[31] United Nations Security Council, Final Report, 2015, 44.
[32] Salisbury, “Corruption in Yemen;” Alley, “Shifting Light,” 56.
[33] Researcher interviews, October 2017-June 2018.
[34] Interview with Yemen expert, September 8, 2017.
[35] World Bank, Yemen – Governance and Anti-corruption Diagnostic Survey (Washington, DC: World Bank, 2010) accessed September 4, 2017, http://documents.worldbank.org/curated/en/452291468340467002/pdf/705830ESW0P1170usehold0Final-Report.pdf.
[36] “Yemen’s Eligibility for Assistance Reinstated by Millennium Challenge Corporation Board,” Millennium Challenge Corporation, last modified February 15, 2007, accessed June 25, 2018, https://www.mcc.gov/news-and-events/release/release-021407-yemenreinstated; Salisbury “Corruption in Yemen,” 68.
[37] “United Nations Convention against Corruption,” opened for signature October 31, 2003, United Nations Treaty Collection Chapter XVIII: 14, https://treaties.un.org/Pages/ViewDetails.aspx?src=IND&mtdsg_no=XVIII-14&chapter=18&clang=_en.
[38] “Yemen,” Center for Global Development, last modified, accessed June 25, 2018, https://www.cgdev.org/page/yemen.
[39] Sarah Phillips, “Evaluating Political Reform in Yemen,” Carnegie Endowment for International Peace, No. 80, February 2007, accessed September 12, 2018, http://carnegieendowment.org/files/cp_80_phillips_yemen_final.pdf.
[40] Organization for Economic Co-operation and Development, Progress in Public Management in the Middle East and North Africa: Case Studies on Policy Reform (Paris: Organization for Economic Co-operation and Development, 2010), accessed June 25, 2018, https://doi.org/10.1787/9789264082076-en.
[41] “Profiles: Yemen,” Anti-Corruption Authorities Portal, accessed August 2, 2017, https://www.acauthorities.org.
[42] World Bank, Yemen Accountability Enhancement Project.
[43] “Despite New Era, Anti-corruption Agenda Struggles in Yemen,” IRIN, last modified April 29, 2014, accessed June 25, 2018, http://www.irinnews.org/analysis/2014/04/29/despite-new-era-anti-corruption-agenda-struggles-yemen.
[44] Transparency International. Asset Declarations in Yemen: Illicit Enrichment and Conflicts on Interest of Public Officials (Berlin: Transparency International, 2016) accessed June 25, 2018, https://www.transparency.org/whatwedo/publication/asset_declarations_in_yemen_illicit_enrichment_and_conflicts_on_interest_of.
[45] “Anti-corruption Agenda Struggles,” IRIN.
[46] “Yemen,“ Extractive Industries Transparency Initiative, accessed September 12, 2018, https://eiti.org/yemen.
[47] Tom Finn, “Yemen Protests See Tens of Thousands of People Take to the Streets,” Guardian, last modified February 3, 2011, accessed June 25, 2018, https://www.theguardian.com/world/2011/feb/03/yemen-protests-sanaa-saleh.
[48] “Anti-Saleh Protests Sweep Yemen,” Al Jazeera, last modified March 2, 2011, accessed June 25, 2018, https://www.aljazeera.com/news/middleeast/2011/03/20113214474211863.html.
[49] من مايو / أيار 2011 حتى توقيع المبادرة الخليجية في نوفمبر / تشرين الثاني 2011، شهدت صنعاء عنفاً متقطعاً بين صالح وعائلته وقوات النخبة الخاضعة لإمرتهم، من جهة، والقوات القبلية والعسكرية التي جمعها آل الأحمر وعلي محسن الأحمر من جهة أخرى.
Tom Finn, “Yemen Violence Mounts in Bid to Remove President Saleh,” Guardian, last modified February 16, 2011, accessed September 28, 2017, https://www.theguardian.com/world/2011/feb/16/yemen-protests-against-president-saleh; Letta Taylor, “Yemen’s Friday of Indignity,” Huffington Post, last modified May 18, 2013, accessed June 25, 2018, https://www.huffingtonpost.com/letta-tayler/yemens-friday-of-indignit_b_2900325.html; Mohammed Al Qadhi, “30 More Die in Yemen as Snipers Target Protesters,” National, last modified September 20, 2011, accessed September 28, 2017, https://www.thenational.ae/world/mena/30-more-die-in-yemen-as-snipers-target-protesters-1.407552.
[50] “Gulf Cooperation Council Initiative,” Office of the Special Envoy of the Secretary-General for Yemen, November 1, 2011, accessed June 25, 2018, https://osesgy.unmissions.org/sites/default/files/6-gcc_initiative_yemen_english.pdf; “Agreement on the Implementation Mechanism for the Transition Process in Yemen in Accordance with the Initiative of the Gulf Cooperation Council (GCC),” United Nations Peacemaker, May 12, 2011, accessed June 25, 2018, https://peacemaker.un.org/sites/peacemaker.un.org/files/YE_111205_Agreement%20on%20the%20implementation%20mechanism%20for%20the%20transition.pdf.
[51] “Gulf Cooperation Council Initiative;” “Implementation Mechanism”.
[52] “Yemen’s Saleh Agrees to Transfer Power,” Al Jazeera, last modified November 24, 2011, accessed June 25, 2018, https://www.aljazeera.com/news/middleeast/2011/11/2011112355040101606.html.
[53] National Dialogue Conference, accessed June 25, 2018, http://www.ndc.ye/default.aspx.
[54] National Dialogue Conference.
[55] “Record of the Comprehensive National Dialogue Conference,” Office of the Special Envoy of the Secretary-General for Yemen, 2014, accessed June 25, 2018, https://osesgy.unmissions.org/sites/default/files/7-national_dialogue_conference.pdf; “2015 Draft Yemeni Constitution,” International Institute for Democracy and Electoral Assistance, January 15, 2015, accessed June 25, 2018, http://www.constitutionnet.org/sites/default/files/2017-07/2015%20-%20Draft%20constitution%20%28English%29.pdf.
[56] Final Communiqué.
[57] نتيجة لاستبدال صالح، أصبح هادي مكلفاً بالإشراف على المرحلة الانتقالية المقرر إجراؤها في اليمن والمحددة في المبادرة الخليجية. كان من المقرر أصلاً أن يؤدي الانتقال إلى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة. إلا أن هادي قام في نهاية المطاف بتمديد رئاسته دون إجراء أية انتخابات. مما يزعج الكثير من منتقدي هادي أنه ما يزال رئيساً حتى كتابة هذا التقرير، في الوقت الذي يمارس صلاحيته من منفاه في المملكة العربية السعودية.
Laura Kasinof, “Yemen Swears In New President to the Sound of Applause, and Violence,” New York Times, last modified February 25, 2012, accessed June 25, 2018, https://www.nytimes.com/2012/02/26/world/middleeast/abed-rabu-mansour-hadi-sworn-in-as-yemens-new-president.html.
[58] “High Corruption Burden,” Transparency International.
[59] Salisbury, “Corruption in Yemen,” 72-73.
[60] Salisbury, “Corruption in Yemen,” 72-73.
[61] Peter Salisbury, “Yemen’s Astonishing Financial Meltdown,” Foreign Policy, last modified December 11, 2014, accessed June 25, 2018, http://foreignpolicy.com/2014/12/11/yemens-astonishing-financial-meltdown.
[62] Salisbury, “Financial Meltdown”.
[63] “Qatar Pledges $350m to Yemen Fund for Sacked Civil War Workers,” Arabian Business, last modified September 11, 2013, accessed June 25, 2018, http://www.arabianbusiness.com/qatar-pledges-350m-yemen-fund-for-sacked-civil-war-workers-517633.html.
[64] Salisbury, “Financial Meltdown”.
[65] International Monetary Fund, IMF Country Report No. 10/300, September 2010, accessed June 25, 2018, https://www.imf.org/external/pubs/ft/scr/2010/cr10300.pdf; “Yemen Fuel Subsidy Cut Drives Poorest Deeper into Poverty,” Guardian, last modified August 26, 2014, accessed June 25, 2018, https://www.theguardian.com/global-development/2014/aug/26/yemen-fuel-subsidy-cut-drives-poorest-poverty.
[66] مقابلة مع أحد الباحثين في أيار/مايو.
[67] “DP World Quits Aden,” World Cargo News, last modified September 20, 2012, accessed June 25, 2018, https://www.worldcargonews.com/news/news/dp-world-quits-aden-29369.
[68] “Yemen’s Aden Port to Cancel DP World Deal – Official,” Reuters, last modified August 26, 2012, accessed June 25, 2018, https://www.reuters.com/article/yemen-port-dpworld/yemens-aden-port-to-cancel-dp-world-deal-official-idUSL5E8JQ2ZX20120826.
[69] Salisbury, “Corruption in Yemen,” 62-63, 68, and 70-72; Researcher interview, May 2018.
[70] Salisbury, “Corruption in Yemen,” 62-64 and 71-73.
[71] Salisbury, “Corruption in Yemen,” 62.
[72] Salisbury, “Corruption in Yemen,” 71.
[73] سالسبيري، “جرى تفسير إصلاحات القطاع الأمني التي أمر بها الرئيس هادي عبر المرسوم الرئاسي في ديسمبر / كانون الأول 2012 وأبريل / نيسان 2013 كحيلة مباشرة من هادي لإضعاف صالح. فقد اشتمل مرسوم ديسمبر / كانون الأول على إعادة هيكلة رسمية للقوات المسلحة اليمنية، في حين نتج عن مرسوم أبريل / نيسان إقالة أقارب صالح من مناصبهم البارزة في القوات المسلحة وقوات الأمن اليمنية”. لمزيد من التفاصيل، انظر:
Marwan Noman and David S. Sorenson, “Reforming the Yemen Security Sector” (working paper, Center on Democracy, Development, and the Rule of Law, Stanford University, 2013) accessed June 25, 2018, https://fsi-live.s3.us-west-1.amazonaws.com/s3fs-public/No_137_Yemen.pdf;
[74] International Crisis Group, “The Huthis: From Saada to Sanaa,” Middle East Report No. 154, June 10, 2014, accessed September 28, 2017, https://d2071andvip0wj.cloudfront.net/the-huthis-from-saada-to-sanaa.pdf; Barak A. Salmoni, Bryce Loidolt, and Madeleine Wells, Regime and Periphery in Northern Yemen (Arlington, VA: RAND Corporation, 2010) accessed June 25, 2018, https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2010/RAND_MG962.pdf.
[75] Salmoni, Loidolt, and Wells, Regime and Periphery.
[76] Mohammed Ghobari, “Tens of Thousands of Yemeni Houthis Protest against Govt in Capital,” Reuters, last modified August 22, 2014, accessed June 25, 2018, https://www.reuters.com/article/us-yemen-protests/tens-of-thousands-of-yemeni-houthis-protest-against-govt-in-capital-idUSKBN0GM12C20140822.
[77] Fares al-Jalal, “Yemen’s Year of Destruction: The Houthi Takeover of Sanaa,” New Arab, last modified September 21, 2015, accessed September 28, 2017, https://www.alaraby.co.uk/english/politics/2015/9/21/yemens-year-of-destruction-the-houthi-takeover-of-sanaa; Shuaib Almosawa and David D. Kirkpatrick, “Yemen Rebels Gain Concessions from Government after Assault on Capital,” New York Times, 21 September, 2014, https://www.nytimes.com/2014/09/22/world/middleeast/yemens-prime-minister-resigns-amid-chaos-and-another-cease-fire.html; “Peace and National Partnership Agreement,” conclusion date: September 21, 2014, European Parliament, http://www.europarl.europa.eu/meetdocs/2014_2019/documents/darp/dv/darp20141204_05_/darp20141204_05_en.pdf.
[78] قاد علي محسن هجوم القوات اليمنية ضد الحوثيين خلال “حروب صعدة الستة” بين عامي 2004 و 2010. ووفقاً لأحد الأشخاص الذين عاشوا تلك الأحداث في صنعاء تمت مقابلته، فإن حميد الأحمر قام بتوقع تلك الأحداث و تحويل أمواله إلى خارج البلاد.
Salisbury, “Corruption in Yemen,” 73-74.
[79] Mohammed Ghobari, “Houthis Block Yemen Army Chief, Accuse President of Corruption,” Reuters, last modified December 16, 2014, accessed June 25, 2018, https://www.reuters.com/article/us-yemen-houthis-hadi-idUSKBN0JU16V20141216?feedType=RSS&feedName=topNews; Mohammed Ghobari and Mohammed Mukhashaf, “Yemen’s Hadi Flees to Aden and Says He is Still President,” Reuters, last modified February 21, 2015, accessed June 25, 2018, https://www.reuters.com/article/us-yemen-security-idUSKBN0LP08F20150221.
بعد وصولها إلى عدن، حاصرت ميليشيات الحوثي وصالح هادي ودفعته إلى الفرار إلى الرياض وطلب الدعم العسكري الخارجي، والذي جاء على شكل التحالف الذي تقوده السعودية منذ 26 مارس / آذار 2015.
[80] Yara Bayoumy and Phil Stewart, “Exclusive: Iran Steps Up Weapons Supply to Yemen’s Houthis via Oman – Officials,” Reuters, last modified October 20, 2016, accessed June 15, 2018. https://www.reuters.com/article/us-yemen-security-iran/exclusive-iran-steps-up-weapons-supply-to-yemens-houthis-via-oman-officials-idUSKCN12K0CX; Joyce Karam“Mattis to Discuss Arms Smuggling into Yemen on Oman Trip,” National, last modified March 12, 2018, accessed June 15, 2018. https://www.thenational.ae/world/mena/mattis-to-discuss-arms-smuggling-into-yemen-on-oman-trip-1.712229
[81] بالإضافة إلى الرسوم الجمركية التي يفرضها الحوثيون في ميناء الحديدة، قاموا أيضاً بإنشاء عدد من نقاط التفتيش الداخلية. ثمة نقاط تفتيش جمركية أساسية في محافظة البيضاء، ومديرية أرحب في محافظة شمال صنعاء، ومحافظة ذمار. كما نصب الحوثيون نقاط تفتيش جمركية أخرى للسفر بين الوجهات التالية: مأرب – صنعاء تعز – إب، أبين – البيضاء، الضالع – ذمار. أثناء إجراء البحث لهذه الورقة، تحدثت عدة مصادر إلى المؤلفين عن “احتمالية” وجود أفراد (سواء من الحوثيين أو غير الحوثيين) يستغلون نظام الجمارك والضرائب الذي أنشأه الحوثيون لتحقيق مكاسب شخصية خاصة بهم. على الرغم من أن التحقيقات جارية حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم يسفر البحث عن معلومات مؤكدة كافية لتقدم في هذه الورقة.
[82] خلال النزاع ساهمت الإمارات في إنشاء قوات أمن محلية في جميع أنحاء جنوب وشرق اليمن، حيث زودتهم بالتدريب والأسلحة والمعدات والمال. ثمة قوات حزام أمني في عدن وأبين ولحج، بالإضافة لقوات النخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية.
[83] Peter Salisbury, “Yemen: National Chaos, Local Order,” Chatham House, last modified December 20, 2017, accessed May 23, 2018, 20. https://www.chathamhouse.org/publication/yemen-national-chaos-local-order.
[84] Saudi Arabia, more so than the UAE has a long history of trying to forge this kind of patron-client relationship in Yemen, particularly with northern tribesmen.
[85] مقابلة مع الباحث، القاهرة، فبراير / شباط ومارس / آذار 2018.
[86] المصدر السابق.
[87] مقابلة مع الباحث، القاهرة، فبراير / شباط وبيروت، أبريل / نيسان 2018.
[88] المرجع السابق.
[89] محادثة خاصة مع ناشط عدني في يونيو / حزيران 2018.
[90] جاء هذا الإعلان بعد الاشتباكات التي وقعت قبل شهر في مطار عدن الدولي وحوله بين القوات المدعومة إماراتياً، بما في ذلك الحزام الأمني، والقوات الموالية لهادي، وهي قوات الحرس الرئاسي بقيادة ابن هادي، ناصر عبد ربه منصور هادي.
[91] المرجع السابق.
[92] هذا الاتهام بالذات هو ما دفع هادي لإعلان تغيير مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن وإلى إقالة محمد بن همام محافظ البنك المركزي. انظر:
Hadeel al-Sayegh, “Yemen President Names New Central Bank Governor, Moves HQ to Aden,” Reuters. Last modified September 18, 2016. Accessed May 23, 2018. https://www.reuters.com/article/us-yemen-cenbank/yemen-president-names-new-central-bank-governor-moves-hq-to-aden-idUSKCN11O0WB?il=0.
[93] مقابلات أجراها الباحث في القاهرة، فبراير / شباط ومارس / آذار 2018؛ محادثة للباحث على واتسآب مع موظف في وزارة الداخلية التي يسيطر عليها الحوثي في صنعاء، في أكتوبر / تشرين الأول ونوفمبر / تشرين الثاني وديسمبر / كانون الأول 2017.
[94] المصدر السابق.
[95] المصدر السابق.
[96] Yemen Ministry of Planning and International Cooperation, “Oil Sector Recovery in Yemen Urgently Needed,” last modified May 2016, accessed June 15, 2018. https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/yseu14_english_final_1.pdf; Abubakr al-Shamahi, “Yemen Returns Full Circle as Houthis End Fuel Subsidies,” New Arab, last modified July 28, 2015, accessed June 15, 2018. https://www.alaraby.co.uk/english/news/2015/7/28/yemen-returns-full-circle-as-houthis-end-fuel-subsidies; “Houthis Cut Oil Subsidies Endangering Support,” Medialine, last modified August 3, 2015, accessed June 15, 2018. http://www.themedialine.org/news/houthis-cut-oil-subsidies-endangering-support.
[97] محادثة خاصة مع أحد كبار المحللين في موضوع الكليبتوقراطية يعمل حالياً على مشروع اقتصاد الحرب في اليمن، يونيو / حزيران 2018.
[98] Mohamed al-Absi, “What is the Truth about the Oil Company and the Black Market?” mohamedalabsi.blogspot.com (blog), June 7, 2016, accessed June 25, 2018, https://mohamedalabsi.blogspot.com/2016/06/blog-post_28.html.
[99] في ذلك الوقت كانت الموانئ التي لا تخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً هي: الحديدة ورأس عيسى والصليف في محافظة الحديدة وميناء المخا في محافظة تعز؛
“United Nations Verification and Inspection Mechanism (UNVIM),” United Nations Verification and Inspection Mechanism, accessed June 15, 2018. https://www.vimye.org/home;
[100] محادثة خاصة مع خبيرين اقتصاديين يمنيين لديهما معرفة وفهم مفصل لقطاع النفط والغاز اليمني في ديسمبر / كانون الأول 2017 ويناير / كانون الثاني 2018؛
“UNVIM”; “United Nations Verification and Inspection Mechanism for Yemen: Update May 2016,” United Nations Verification and Inspection Mechanism, last modified May 2016, accessed June 15, 2018. https://www.vimye.org/docs/UNVIM%20Update%20May%202016.pdf.
[101] Marwan Ghafouri, “The Saudis About Hadi: Thief and Dogs,” last modified March 27, 2016, accessed June 15, 2018. http://adenalgd.net/news/198655;
هذا الشخص متهم بطلب ما يصل إلى 50% على شكل عمولة في بعض الأحيان مقابل مبلغ غير معلوم من صفقات استيراد الوقود التي يساعد في تحصيل موافقة هادي والتحالف الذي تقوده السعودية عليها. مقابلة للباحث على سكايب، يناير / كانون الثاني 2018.
[102] بدأت علاقة رجل الأعمال العيسي مع هادي بعد حرب عام 1994، بينما كان هادي وزيرا للدفاع. وفي الآونة الأخيرة، عمل كمستشار اقتصادي للرئيس هادي وتولى مناصب أخرى بعدها.
[103] ليس من الواضح ما إن كان العيسي المالك لمصفاة رأس عيسى، أو أن المحطة تم تأجيرها له من قبل شركة النفط اليمنية
[104] Ibid; “Jalal Hadi and Ahmed al-Issa Sell Alliance Oil in East Africa,” Shabwa Press, last modified May 6, 2017, accessed June 15, 2018. http://shabwaah-press.info/news/43026;
وفقاً لمصدر يتمتع بسنوات من الخبرة في العمل بقطاع النفط اليمني، والذي قابله المؤلف في يناير / كانون الثاني 2018، فإنه من أواخر التسعينات حتى 2011 اعتاد رجل الأعمال على تهريب النفط إلى شرق إفريقيا عبر سقطرى. وقد كان ينفذ عمليات التهريب هذه بنقل كميات من النفط أعلى مما هو مطلوب بالفعل لتلبية الاحتياجات المحلية قبل إرسال الفائض إلى شرق إفريقيا من أجل الربح.
[105] مقابلة مع الباحث، يناير 2018.
[106] لدى شركة النفط اليمنية فرعان: فرع صنعاء وهو تحت سيطرة الحوثيين وفرع عدن تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
[107] Mohamed al-Absi, “Yemenis as Victims of Competition between Black Fuel Markets and their Brokers,” Mohamed al-Absi (blog), November 6, 2016, accessed June 25, 2018, https://mohamedalabsi.blogspot.com/2015/11/blog-post_36.html.
[108] مقابلة مع الباحث، يناير 2018.
[109] يدير عمار توفيق عبد الرحيم مطهر شركة كروغاز CruGas. وهو أيضاً نائب المدير العام لمجموعة توفيق عبد الرحيم مطهر (“تام”)، لكنه لم يكن على علاقة جيدة مع إخوانه الذين استلموا “تام” بعد وفاة والدهم توفيق عام 2013.
[110] محادثات خاصة مع تاجر وقود يمني، يناير / كانون الثاني-مارس / آذار 2018.
[111] المصدر السابق.
[112] مقابلات الباحث مع تاجر يمني وسمسار وقود يمني، يوليو 2018.
[113] المصدر السابق.
[114] المصدر السابق.
[115] أجرى المؤلف مقابلات مع هؤلاء الأفراد من يناير / كانون الثاني إلى مايو / أيار 2018.
[116] Mohamed al-Absi, “Since the Disaster of Flotation Fuel in the Stations with Official Pricing: More Black Market Scandals,” Mohamed al-Absi (blog), December 5 2016, accessed June 25, 2018, https://mohamedalabsi.blogspot.com/2015/11/blog-post_14.html; Mohamed al-Absi “Document: Mechanism for the Purchase of Oil Company 50% of Shipments Merchants Sold to the Citizen at the Official Price,” Mohamed al-Absi (blog), June 28, 2016, accessed June 25, 2018, https://mohamedalabsi.blogspot.com/2016/06/50.html.
[117] المصدر السابق.
[118] المصدر السابق
[119] المصدر السابق.
[120] مقابلات الباحث مع تاجر يمني و سمسار وقود يمني بين شباط/فبراير و أيار/مايو من عام 2018.
[121] مقابلات الباحث مع سمسار وقود يمني في كانون الثاني /يناير و شباط/ فبراير من عام 2018.
[122] محادثة مع خبراء اقتصاد يمنيين مطلعين بشكل مباشر على توزيع الوقود والسلع الأخرى بعد استيراده عبر ميناء الحديدة، يونيو / حزيران 2018.
[123] بالإضافة إلى نقاط الدخول الرسمية على طول الساحل اليمني ونقاط التفتيش الجمركية الداخلية، هناك العديد من الممرات الرئيسية التي يعرف أن معظم البضائع تمر عبرها وتديرها قوات قبلية محايدة. تقع هذه المقاطع في مديريات بيحان وجردان وعسيلان في محافظة شبوة الجنوبية ومناطق القبائل في جنوب محافظة مأرب التي تشترك في حدود مع شبوة. تجتمع هذه المديريات في محافظة البيضاء، التي تقع في وسط اليمن وتعتبر بوابة صنعاء. كما تشترك في الحدود مع العديد من المحافظات الأخرى، بما في ذلك شبوة ومأرب غرب وجنوب غرب البيضاء.
[124] مقابلة الباحث مع خبير اقتصادي يمني لديه سنوات من الخبرة في العمل في القطاع البنكي التجاري في اليمن، أبريل / نيسان 2018.
[125] استناداً إلى معلومات قدمتها عدة مصادر لديها معرفة و/أو خبرة عمل في الدوائر المصرفية التجارية والدولية، يعد بنك التسليف في صنعاء أحد المكونات الرئيسية التي تمكن الاقتصاد الحوثي من العمل. فأولاً يقوم بنك التسليف في صنعاء بتيسير تحويل الأموال التي يقدمها رجال الأعمال الحوثيون (على أساس فردي وليس جماعي) من خارج اليمن إلى حسابات في بنك الصين وبنك أبو ظبي الإسلامي. وثانياً يعتبر بنك التسليف جزءاً أساسياً من نظام مالي يعتمد أيضاً على شبكات الحوالة التي تتيح للمستوردين التجاريين الحوثيين وغير الحوثيين من الوصول إلى العملة الأجنبية.
[126] “Yemen at the UN – March 2018 Review,” Sana’a Center for Strategic Studies, last modified April 7, 2018, accessed June 15, 2018, https://sanaacenter.org/publications/yemen-at-the-un/5563.
[127] “Yemen at the UN – April 2018 Review,” Sana’a Center for Strategic Studies, last modified May 9, 2018, accessed June 15, 2018, https://sanaacenter.org/publications/yemen-at-the-un/5773.
[128] مقابلة مع الباحث، يونيو / حزيران2018.
[129] المصدر السابق.
[130] يُفترض أن الإمارات ازدادت إحباطاً من هادي وحكومته منذ عام 2015 بسبب غياب المساءلة حيال أموال المانحين والإنفاق الحكومي، إلى الحد الذي قررت فيه الإمارات وقف الدعم المالي المباشر الذي كانت تقدمه لهادي.
[131] مقابلة الباحث مع مصدر ذي علاقات وثيقة مع البنك المركزي اليمني في عدن، يونيو / حزيران 2018.
[132] المصدر السابق.
[133] محادثة خاصة مع أحد كبار المحللين في موضوع الكليبتوقراطية يعمل حالياً على مشروع اقتصاد الحرب في اليمن، يونيو / حزيران 2018.
[134] مقابلة الباحث مع الخبير في الشأن اليمني بيتر ساليسبري، 5 مارس / آذار 2018.
[135] المصدر السابق
[136] المصدر نفسه
[137] https://www.agsiw.org/wp-content/uploads/2018/02/Salisbury_Yemen-Cratered-Economy_ONLINE-1.pdf
[138] مقابلة الباحث مع مصدر ذي علاقات وثيقة مع البنك المركزي اليمني في عدن، يونيو / حزيران 2018.
[139] Ibid. توصلت محافظة مأرب، وهي إحدى المناطق المنتجة للنفط في اليمن، إلى اتفاق عام 2017 مع الحكومة المعترف بها دولياً يسمح للمحافظة بالاحتفاظ بحصة من عائدات النفط المنتج في مأرب. وحتى كتابة هذه السطور، تعني الخلافات المستمرة بين فرع البنك المركزي في مأرب وفرع عدن أنه بدلاً من تحويل 80% من عائدات النفط إلى فرع عدن يرفض فرع مأرب تحويل أي شيء.
[140] Peter Salisbury, Yemen’s Cratered Economy: Glimmers of Hope? (Washington, DC: Arab Gulf States Institute in Washington, 2018) accessed June 25, 2018, https://www.agsiw.org/wp-content/uploads/2018/02/Salisbury_Yemen-Cratered-Economy_ONLINE-1.pdf.
[141] تهدف هذه الورقة لتزويد صانعي السياسة بلمحة عامة عن آليات الفساد المستمرة في الوقت الذي يحتدم فيه النزاع. بحلول وقت النشر، من المحتمل أن تكون بعض هذه الآليات قد تطورت أكثر.
ملاحظة: نود التأكيد أن الآراء الـواردة في هـذه الوثيقـة تعكـس حصـراً الآراء الشـخصية للمؤلفين، وهـي لا تمثـل بالضـرورة آراء المشاركين في منتدى رواد التنمية أو أي أشـخاص أو منظمـات أخـرى ينتمـي إليهـا أي مـن المشـاركين، كما لا تمثل آراء أي من الشركاء المنفذين لمشروع “إعادة تصور اقتصاد اليمن”. لا يمكـن اعتبـار محتويـات هـذه الوثيقـة بـأي حـال مـن الأحـوال معبـرة عـن مواقـف الاتحـاد
الأوروبـي أو سـفارة مملكـة هولنـدا في اليمـن.