فرض النزاع الدائر في اليمن تكاليف جمة على اليمنيين، ملحقاً أضراراً في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية وانهياراً في اقتصاد البلاد الذي كان هشاً أصلاً قبل بداية النزاع. ومع ذلك فإن النزاع سينحسر عاجلاً أم آجلاً ومع ذلك فإن النزاع سينحسر عاجلاً أم آجلاً. وبالرغم من بدء تنفيذ بعض مشاريع إعادة الاعمار، إلا أنها بدأت بشكل عشوائي وليس كجزء من عملية شاملة ومنظمة، وعليه فإن على جهود إعادة الإعمار اللاحقة أن تتناول الاحتياجات والحقوق الأساسية للسكان اليمنيين وأن تضع البلاد على مسار السلام والتنمية المستدامين.
يتفحص هذا التقرير أدبيات إعادة إعمار ما بعد النزاع ويستخلص الدروس من تجارب إعادة الإعمار في أفغانستان والعراق ولبنان، بالإضافة إلى جهود إعادة الإعمار المتكررة بعد مختلف الأزمات السابقة التي مر بها اليمن.
لقد كانت الجهود الماضية في اليمن في أعقاب الكوارث والنزاعات ظرفية ومحكومة برد الفعل، وقد أظهرت الحكومة اليمنية محدودية في استيعاب المساعدات وضعفاً في تنفيذ المشاريع. إلا أن الجهات المانحة كانت جزءاً من هذه النتائج السيئة إلى حد ما، حيث دأبت على التحايل على الدولة وصرف المساعدات مباشرة، وبالتالي ضمنت عدم تطوير الدولة لأية سلطة أصيلة لإدارة إعادة الإعمار على المدى الطويل. وعلاوة على ذلك، كثيراً ما فشلت المخصصات المالية الفعلية من جانب المانحين في تلبية الالتزامات الأولى التي تعهدوا بها في بداية الأمر.
بالاستناد إلى الدروس المستخلصة من جهود التعمير السابقة، يقترح هذا التقرير هيكلاً مؤسسياً لهيئة إعادة إعمار مستقبلية في اليمن تتمتع بالديمومة والاستباقية. ذلك أن الحرب نالت من قدرة الحكومة على تقديم الخدمات وساهمت في تفاقم التفكك المناطقي والطائفي، ما يجعل من غير العملي الاعتماد فقط على الهيئة العامة لإعادة إعمار ما بعد النزاع في جميع أنحاء اليمن. لذلك ينبغي لليمن اتباع نهج مؤسسي مختلط ومتعدد المستويات لإعادة الإعمار مع التنسيق الوثيق بين جميع أصحاب المصلحة.
أهم التوصيات
- على اليمن أن يقوم استباقاً بإنشاء هيئة دائمة ومستقلة وعامة للتعمير بموجب مرسوم رئاسي.
- يجب أن تتمتع الهيئة العامة لإعادة الإعمار بولاية واضحة لتنسيق جهود إعادة إعمار ما بعد النزاع أو ما بعد الكوارث، بما في ذلك التخطيط الاستراتيجي وتصميم السياسات؛ وتنظيم التمويل وجمع الأموال؛ والتنسيق مع السلطات المركزية والمحلية، والمنظمات الدولية، والجهات المانحة، وأصحاب المصلحة المحليين (من خلال عملية تنافسية تسمح لوحدات القطاع العام وشركات القطاع الخاص بالتنافس في المناقصات)؛ وإجراء رقابة وتقييم مستمرين لمستوى الشفافية والمساءلة.
- يجب أن تكون لدى الهيئة العامة لإعادة الإعمار بروتوكولات خاصة بها للتوريد والتوظيف ودفع الرواتب.
- يجب أن تتمتع الهيئة العامة لإعادة الإعمار بالقدرة على إنشاء مكاتب إعادة اعمار محلية فور وقوع أية كارثة أو انتهاء أي نزاع.
- يتم تمكين مكاتب إعادة الاعمار المحلية بشكل كامل من إدارة مشاريع ذات نطاق معين ضمن مجالات اختصاصها، بما في ذلك التقييم والتخطيط والتمويل المحلي وجمع الأموال وتنفيذ المشاريع والمراقبة والإبلاغ والتنسيق.
- على هذه الهيئة أن تضع إطار عمل واضح للعمل مع جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك تنسيق المشاريع طويلة الأجل والاستراتيجية مع الحكومة اليمنية.
- على الهيئة العامة لإعادة الإعمار إنشاء صندوق جماعي لجميع المانحين، سواء أكان يدار من قبل الهيئة العامة لإعادة الإعمار نفسها أو تشترك في إدارته هيئة إعادة الإعمار ومصرف إنمائي دولي أو إقليمي يعمل كوصي على الصندوق.
- على هيئة إعادة الإعمار أن تنشئ وحدتها الخاصة للرقابة والتقييم جنبا إلى جنب مع الكيانات الحكومية اليمنية القائمة، وذلك باستخدام نظامها الداخلي للرقابة والتقييم.
- ينبغي أن يشمل مجلس إدارة الهيئة العامة لإعادة الإعمار ما يلي: ممثلين من مجتمع المانحين (من دول مجلس التعاون الخليجي والجهات المانحة الدولية الأخرى)، وممثلين عن مجلس الوزراء، مع تمثيل عن القطاع الخاص بالإضافة إلى مدير تنفيذي. وينبغي أن يرأس المجلس نائب رئيس الوزراء لضمان حصوله على أعلى مستوى من الدعم.
- يجب أن تكون مسؤوليات مجلس الإدارة منصوص عليها بوضوح في المرسوم المنشئ للمكتب. ينبغي أن تقتصر هذه المسؤوليات على التوجيه والإشراف على المستوى الاستراتيجي، بما يضمن امتلاك الإدارة التنفيذية لهيئة إعادة الإعمار المرونة المطلوبة لتنفيذ المشاريع بشكل فعال.
- يجب أن يتبع مجلس إدارة هيئة إعادة الإعمار عملية تنافسية وشفافة وقائمة على الجدارة لتعيين مديره التنفيذي ومديري مكاتب إعادة الاعمار المحلية وجميع الموظفين.
- على هيئة إعادة الإعمار أن تسعى إلى إشراك المهنيين والمواطنين اليمنيين في جميع القطاعات الاقتصادية على المستويات المركزية والمحلية لتسهيل الأعمال الفنية لإعادة الإعمار.