إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

اختتام فعاليات منتدى اليمن الدولي في مدينة لاهاي

Read this in English

لاهاي، هولندا – اختُتمت، الخميس 15 يونيو/ حزيران، فعاليات النسخة الثانية من منتدى اليمن الدولي، التي استمرت أربعة أيام شهدت خلالها جلسات حوار وورش عمل ضمّت عددًا من الجهات الفاعلة المحلية والدولية.

ويُعد المنتدى -الذي عُقد بتنظيم من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية -الأكبر من نوعه؛ إذ شارك فيه أكثر من 250 شخصًا ناقشوا العديد من القضايا المرتبطة بالصراع الدائر في اليمن وسُبل إرساء سلام شامل وعادل ومستدام.

وشمل اليوم الأخير جلسات تناولت مبادئ العدالة الانتقالية، والإصلاح الاقتصادي، والتحول السياسي، وأولويات المكونات الجنوبية، لتُتوّج بذلك برنامج عمل حافل وشامل ركّز على الحلول التحويلية للأزمات التي طال أمدها في البلاد.

وثمّن وليد الحريري، مدير منتدى اليمن الدولي، المساهمة القيمة للمشاركين في أعمال المنتدى، لا سيما وأن معظمهم تكبّد مشاق رحلة طويلة وصعبة لحضور المنتدى، مشيرًا إلى تنوع الملفات والتزام المنتدى بتمثيل الفئات المهمشة التي تفتقر عادة إلى مقعد على طاولات الحوار.

وقال “حرصنا أن يُصمم هذا المنتدى ويُحدد محتواه بناء على قيادة يمنية؛ فأهل البلاد أدرى بمشاكلها. فعلى الدوام، هذه المنصة هي لكم. لكل اليمنيين ولكل القوى المهمشة من الحوارات المعنية بمستقبل البلد”.

وأشار إلى أن عمل مركز صنعاء هو تسهيل حوار تقوده الأطراف اليمنية، وقال “لن نقف هنا؛ فالحوار الذي نصبو إلى تعزيزه يجب أن يظل عملية مستدامة وقابلة للتطوير والتجديد”.

من جانبها، تحدثت رنا غانم الأمين العام المساعد للتنظيم الناصري وعضو هيئة التشاور والمصالحة، عن الفرص التي أتاحها المنتدى للحوار، وقالت “ثمان سنوات من الحرب أكدت أن لا منتصر فيها، ولا سبيل لنا كيمنيين إلا بالعودة إلى طاولة الحوار التي يجب أن نجعلها مفتوحة على الدوام لحل مشاكلنا والوصول إلى تحقيق السلام العادل والمستدام”.

وأكدت على أن الدبلوماسية والتدخلات الإقليمية والدولية لتحقيق السلام والأمن في اليمن لن تنجح إذا لم تلبِ تطلعات الشعب اليمني في المستقبل المنشود.

وحثت المشاركين البناء على مخرجات المنتدى بالقول “إن تنفيذ ما اقتُرح من أفكار وحلول ورؤى في هذا المنتدى لتمهيد الطريق نحو المستقبل والتخطيط له، هي مسؤولية مشتركة بيننا جميعًا، كل من مكانه ومن موقع مسؤوليته، مؤسسات وأحزاب وأفراد، علنا نستطيع أن نُخرج بلادنا مما ألَّم بها من خراب و دمار و شتات، والاتجاه بها نحو السلام والأمان والازدهار الذي تستحقه”.

كما سلطت غانم الضوء -في كلمتها الختامية -على مشاركة أعضاء من المجلس الانتقالي الجنوبي في منتدى لاهاي باعتباره مؤشرًا على “الاستعداد للانخراط في حوارات جريئة تلامس جذور مشكلاتنا باليمن وفي مقدمتها القضية الجنوبية، وتضع التصورات والمقترحات والأفكار لمواجهة كافة التحديات والوصول إلى سلام شامل وعادل ومستدام للجميع”.

وأعربت عن أسفها لغياب أي ممثل عن جماعة الحوثيين (أنصار الله) “في مثل هذه الحوارات والمنصات التي تجمع اليمنيين للتفكير بصراحة وحرية في السلام الذي نسعى إليه لبلدنا، بدلًا من الاستمرار في التعنت والعزلة التي تبعدهم كل يوم عن مختلف الأطياف والمكونات اليمنية”.

واختتمت غانم كلمتها بنبرة مفعمة بالأمل، عكست الانطباع السائد لدى المشاركين بأن المنتدى يُمثل بداية حراك أكبر لليمنيين لصياغة سرديتهم وتحديد معايير أي تسوية مستقبلية، وقالت “أتمنى أن يأتي اليوم الذي يتحقق السلام في بلادي ونتحدث عنه كإحدى التجارب المُلهمه لشعوب العالم”.

وشهدت الجلسة الختامية الإفصاح عن إعلان مشترك للعدالة والمصالحة، وقعته أكثر من 40 منظمة غير حكومية يمنية وكُتاب ونشطاء مستقلين، والذي تم صياغته بعد مناقشات عديدة بين المنظمات المحلية بهدف وضع مبادئ مشتركة تعالج المظالم الجديدة والقائمة منذ فترة ووضع حدّ لدورات العنف في البلاد.

وكان ملف العدالة الانتقالية في صميم جدول أعمال منتدى هذا العام، حيث أكدت ميساء شجاع الدين، باحثة أولى في مركز صنعاء، أن المشاورات الأولية التي مهدت للمنتدى وفرت الخطوط العريضة لصياغة الإعلان.

وقالت “شددت المناقشات على أهمية اتباع نهج يركز على الضحايا، وهو ما يحتم علينا دعمهم وتصميم آلية لتطبيق العدالة الانتقالية تتمحور حول هذا النهج”.

ويشكل تطبيق العدالة الانتقالية تحديًا في بلد ما يزال يعاني من انقسام سياسي وعسكري، مع وجود أجيال من ضحايا الحرب الأهلية الراهنة المستمرة منذ ثمانِ سنوات وسلسلة الصراعات التي نشبت خلال العقود الأخيرة في البلاد.

وفي هذا السياق، شددت شجاع الدين على أهمية البت بهذه الجهود الآن، مع التركيز على ضمان الاستقرار والمصالحة في البلاد على المدى الطويل قائلة: “يجب الاهتمام بمسألة التوثيق، ليس فقط لضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات، بل لكونها مسألة أساسية في تخليد ذكرى الضحايا ودقة السرد التاريخي للأحداث”.

من جانبه، رحّب عمدة مدينة لاهاي جان فان زانين بالمشاركين في “مدينة السلام” -حسب وصف-حيث أشاد في كلمته الختامية بشمولية المحادثات التي جرت في إطار فعاليات المنتدى، وقال: “بُذلت جهود متجددة لتعزيز الثقة المتبادلة، باعتبارها دومًا (أي الثقة المتبادلة) أول خطوة لبناء المجتمع: للعمل والدراسة وتبادل الأفكار والعيش بسلام معًا”.

وأكّد فان زانين أن المدينة كان لها شرف استضافة هذا الحدث، وقال “لكُم كامل وعميق احترامي على جهودكم وكُلّي فخر باختياركم القيام بهذا في مدينتنا”.

هذا وكان عمدة مدينة لاهاي من ضمن المسؤولين الدوليين البارزين الذين خاطبوا المشاركين خلال أيام المنتدى الأربعة، إذ شملت القائمة كلًا من سعادة السيد بول هويجتس، الأمين العام لوزارة الخارجية الهولندية؛ وسعادة السيد ديفيد غريسلي، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن؛ وسعادة السفير بيتر ديريك هوف، السفير الهولندي لدى اليمن؛ وسعادة خوسي كورثالس، نائب مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الهولندية؛ وسعادة غابرييل مونويرا فينيالس، سفير الاتحاد الأوروبي في اليمن؛ وسعادة سرحان المنيخر سفير مجلس التعاون الخليجي لدى اليمن؛ وسعادة السيد هانس غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن؛ وسعادة فولفغانغ أماديوس برولهارت، المبعوث السويسري الخاص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وعُقد منتدى اليمن الدولي بتنظيم من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (مركز أبحاث مستقل) وبدعم من مملكة هولندا والاتحاد الأوروبي ومملكة النرويج ومؤسسة المجتمع المنفتح وأكاديمية فولك برنادوت.

والعام الماضي، استضافت ستوكهولم النسخة الأولى من المنتدى في يونيو/حزيران 2022، حيث حضر 200 شخص يمثلون مختلف الجهات الفاعلة اليمنية والدولية بغية النهوض بحوار السلام في اليمن.

مشاركة