لاهاي، هولندا – شهد اليوم الثالث لفعاليات منتدى اليمن الدولي نقاشات حول التحديات المتنامية التي تعيشها المرأة اليمنية، إلى جانب تحذير خبراء بيئيين من المخاطر المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ.
وشهد المنتدى حضور أكثر من 250 مشاركًا من داخل اليمن وخارجه في مدينة لاهاي الهولندية، بمن فيهم ممثلون عن الحكومة اليمنية وعن مختلف الأطراف السياسية الفاعلة ونشطاء وممثلون عن المجتمع المدني وأكاديميون ودبلوماسيون ووسطاء دوليون لمناقشة المشهد اليمني والقضايا الراهنة في ظل الصراع الدائر، مع التركيز بشكل خاص على التحديات والحلول السياسية والبيئية المحتملة وفرص تطبيق العدالة الانتقالية بما يكفل إرساء سلام عادل ومستدام في اليمن.
وفي معرض حديثها عن تراجع حريات المرأة وتقلّص الحيز المدني خلال فترة النزاع، أشارت الصحفية وداد البدوي خلال الجلسة العامة الأولى إلى” تعرض كرامة المرأة اليمنية للاعتداء المباشر”، في ظل فرض سياسة المَحْرَم التي تشترط مرافقة ولي الأمر للمرأة أثناء السفر فضلًا عن التحرش بالنساء العاملات في المجال العام.
وأشارت البدوي إلى أن المنتدى أتاح منصة فريدة لنقل التجارب اليومية للمرأة اليمنية ومناقشة القضايا الحرجة التي تمس حقوق المرأة مباشرة مع المجتمع الدولي، في ظل تقاعس “الأحزاب السياسية عن الاستماع إلينا”.
ودعا المشاركون في حلقة النقاش بالإجماع المجتمع الدولي إلى تبني نهج مغاير في انخراطهم باليمن، ولا سيما التركيز على التصدي بصورة شاملة للإجراءات القمعية التي فُرضت على المرأة والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
من جانبها، قالت سوسن الرفاعي، مستشارة إنمائية وخبيرة في السياسة العامة والمناصرة وقضايا الإنصاف، “أتفهم مدى صعوبة عمل وكالات الإغاثة والمجتمع الدولي في اليمن. لكن لو كان الأمر سهلًا لما احتجنا إلى وجود المجتمع الدولي. صعوبة الوضع ليست عذرًا لغياب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في البلاد”.
وركزت الجلسة العامة الثانية لفعاليات اليوم الثالث على آثار تغير المناخ ودوره في مفاقمة المشاكل الاقتصادية والمعاناة الإنسانية باليمن، حيث استكشف المشاركون إمكانيات الاستثمار الأخضر ودوره في تعزيز القدرة على الصمود والتنمية المستدامة، وخلق فرص اقتصادية جديدة.
وأشار أنور نعمان، مستشار في شؤون تغير المناخ بوزارة المياه والبيئة اليمنية، إلى أن البلاد شهدت تنامي الظواهر الجوية المتطرفة كالأعاصير والسيول التي أودت بحياة الكثيرين ودمرت الممتلكات وسبل كسب العيش، فضلًا عن جرف السيول للألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة إلى المناطق المأهولة بالسكان، مما قوّض جهود إزالة الألغام.
وأقر المتحدثون في الجلسة بالتحديات التي يواجهها اليمن في الوصول إلى الصناديق الدولية لتمويل جهود مكافحة تغير المناخ واستكشفوا سبل تخصيص هذه الأموال.
وفي هذا السياق، قالت ليوني نيمو، منسقة مشروع وزميلة أبحاث في مرصد النزاعات والبيئة أن “معظم التمويل المخصص للاستثمار الأخضر يُضخ على هيئة قروض عوضًا عن مِنح … وهناك تفضيل لمشاريع البنية التحتية الكبيرة، ما يشكل عائقًا أمام الدول المتأثرة بالنزاعات”.
واقترحت نيمو اتباع آلية تعتمد على جمع البيانات التي ترصد تأثير تغير المناخ في اليمن عن بُعد، إلى جانب البيانات الميدانية التي جُمعت من قِبل المجتمعات المحلية، والتشاور مع المانحين المحتملين بشأن “الأدلة المقبولة لديهم”.
وشهدت جلسة أخرى في فعاليات اليوم الثالث لمنتدى اليمن الدولي مشاركة شخصيات اجتماعية ونشطاء يمنيين بارزين ممن شرحوا تجاربهم في الوساطة المحلية التي نجحت في إطلاق سراح آلاف المعتقلين خلال فترة الصراع، وناقشوا كيف يمكن للمجتمع الدولي دعم هذه الجهود بشكل أفضل.
وفي حلقة نقاش أخرى ركزت على إصلاح القطاع الأمني، بحث خبراء يمنيون ودوليون إيجابيات وسلبيات السيطرة المحلية مقابل السيطرة المركزية على القوات المسلحة، وكيف يمكن إعادة إدماج المقاتلين في الحياة المدنية وإتاحة الفرص الاقتصادية لهم في بيئة ما بعد الصراع.
كما عُقدت جلسات لمجموعات عمل متخصصة ركزت على التحديات التي تواجه القطاع المصرفي وأولويات المكونات الجنوبية، إلى جانب عقد ورشة عمل لبناء السيناريوهات المستقبلية المحتملة في البلاد ركزت على إمكانات تطبيق العدالة الانتقالية في اليمن حيث تم تشجيع الجهات الفاعلة اليمنية والدولية على الانخراط في الحوار وتصور مستقبل مختلف للبلاد.
ومنتدى اليمن الدولي يُعقد بتنظيم من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (مركز أبحاث مستقل مع تركيز خاص على اليمن) وبدعم من مملكة هولندا والاتحاد الأوروبي ومملكة النرويج ومؤسسة المجتمع المنفتح وأكاديمية فولك برنادوت.
والعام الماضي، استضافت ستوكهولم النسخة الأولى من المنتدى في يونيو/حزيران 2022، حيث حضر 200 شخص يمثلون مختلف الجهات الفاعلة اليمنية والدولية بغية النهوض بحوار السلام في اليمن.