عبد الغني الإرياني هو باحث أول في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، حيث تتركز أبحاثه على عملية السلام وتحليل النزاع وتحولات الدولة اليمنية. يمتلك الإرياني خبرة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود كمستشار سياسي وتنموي.
دُعي عبد الغني الإرياني، الباحث الأول في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، في 28 أبريل/نيسان 2020 لتقديم إحاطة عن الأوضاع في اليمن للجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والإرهاب الدولي التابعة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي. أدناه نص مداخلة الارياني:
شكراً حضرة رئيس اللجنة دويتش، والعضو البارز ويلسون، وأعضاء اللجنة الفرعية على دعوتكم لي لأشارككم آرائي حول الوضع في اليمن، وكيف يمكن المساعدة في تخفيف معاناة الناس.
اسمي عبد الغني الإرياني، باحث أول في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث يمني. عملت في السنوات الخمس الماضية كاستشاري للمبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن حول الجوانب المختلفة لعملية السلام، وأمضيت معظم السنة الماضية في صنعاء والحديدة، حيث ساعدت برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم تنفيذ اتفاق ستوكهولم.
سافرت عبر الخطوط الأمامية في اليمن، وشهدت المعاناة التي سببتها الحرب، ورأيت بأم عيني كيف أمسى الملايين من اليمنيين أسرى انتهازية الأطراف المتحاربة وتآمر داعميهم الأجانب. تدير جماعة الحوثيين المسلحة، وبشكل متزايد، دولة بوليسية وحشية وثيوقراطية. كما قصف التحالف بقيادة السعودية، وبدعم من الولايات المتحدة وغيرها، المدنيين والبنى التحتية بشكل أخرق، وعرقل واردات اليمن. في نفس الوقت، بددت حكومة الرئيس هادي الشرعية عبر الفساد وعدم الكفاءة. ويعقّد التنازع الإقليمي على النفوذ – بين السعودية وإيران، وبين السعودية والإمارات بشكل متزايد – الوضع في اليمن أكثر.
كما يعاني اليمن من أسوأ أزمة إنسانية في العالم. 80% من سكان اليمن بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، 31 من أصل 41 من البرامج الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ستتوقف أو تخفض عملها بسبب نقص التمويل، والاستجابة إلى جائحة كورونا تكاد تكون شبه معدومة في البلاد، إذ يعاني الملايين من السكان من ضعف الجهاز المناعي بسبب سوء التغذية.
وبشكل عام، لقد خذل المجتمع الدولي اليمن. ومراعاةً للسعودية، تمسكت الولايات المتحدة وقوى أخرى بإطار عمل القرار 2216 الذي عفا عليه الزمن، مطالبين الحوثيين – الذين يسيطرون على العاصمة – التخلي عن كل شيء قبل بدء المفاوضات، ودعموا العقوبات التي لم تعاقب أحد سوى الشعب اليمني. كما تجاهل المجتمع الدولي الانقسامات الاجتماعية داخل اليمن والحاجة لإعطاء صوت لجميع الأطراف – بما فيها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أقدم مؤخراً على تحدي حكومة هادي بصراحة عبر إعلان الإدارة الذاتية في عدن، ما قد يشعل حرباً أهلية ضمن الحرب الأهلية.
لقد أدرك السعوديون أنهم لن يتمكنوا من تحقيق هدفهم المعلن المتمثل بإعادة هادي إلى صنعاء أو هدفهم الرئيسي غير المعلن المتمثل بالسيطرة على ممر عبر شرق اليمن إلى المحيط الهندي، والذي من شأنه أن يسمح لهم بالالتفاف على مضيق هرمز. وبالتالي، هم يبحثون عن مخرج يحفظ ماء الوجه، وهذا ما تشير إليه إعلاناتهم مؤخراً عن وقف إطلاق نار أحادي الجانب، والتي رفضها الحوثيون معتبرينها مبادرة غير حقيقية.
الحوثيون يعانون اقتصادياً، ولكنهم لا يزالون متمكنين عسكرياً، ويعلمون أن الوقت الأفضل لهم لإنهاء الحرب هو الآن. يعلم الحوثيون أن مصالحهم الطويلة الأجل تطلب علاقات جيدة مع السعودية إذ أنهم يأتون من الجزء اليمني الذي لطالما كان مرتبطاً اقتصادياً واجتماعياً بالسعودية.
السعوديون وحكومة هادي المعترف بها دولياً، والحوثيون جميعهم يريدون إنهاء هذه الحرب، ولكنهم لا يعلمون كيف يفعلون ذلك.
على الولايات المتحدة والقوى الأخرى دعم النهج الدبلوماسي – الذي يركز على توحيد البلاد ومؤسساته المركزية، ويعترف بأصوات اليمن المتعددة – واقتراح حكومة وحدة وطنية ذو طابع شديد اللامركزية.
تستطيع الولايات المتحدة مساعدة اليمن والسعودية في التوصل إلى تسوية معقولة تلبي طموحات السعودية الاستراتيجية المتمثلة بممر عبر الأراضي اليمنية، وبشكل لا ينتهك وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
يستطيع هذا الكونغرس أن يساعد على إنهاء الحرب، وإنهاء معاناة اليمن عبر وقف بيع السلاح لأطراف الصراع، واستئناف المساعدات الإنسانية للشعب اليمني والضغط على الأطراف لاستئناف مفاوضات السلام.
ستنجح الولايات المتحدة إذا ما قررت استثمار رأس المال الدبلوماسي لتأمين السلام في اليمن. إن انهيار الدولة في اليمن يقترب من نقطة اللاعودة. ولذلك أشد على أيديكم بالتحرك الآن.
شكراً لكم مرة أخرى على منحي فرصة التحدث معكم اليوم، وأتطلع إلى أي أسئلة قد تكون لديكم.