ملخص:
في خطبهم أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر / أيلول الماضي، أثار أكثر من عشرين رئيس دولة وممثلي شعوب موضوع المعاناة في اليمن والحاجة إلى إنهاء النزاع.
وفي جنيف ضمن لقاءات الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تم الاتفاق على قرار إنشاء فريق خبراء دولي للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن منذ بداية الحرب. يأتي ذلك بعد أكثر من عامين من الضغط الذي مارسته الأمم المتحدة والدول الأعضاء ومنظمات حقوق الإنسان من أجل إجراء تحقيق دولي في جرائم الحرب في اليمن.
في بلجيكا استضاف الاتحاد الأوروبي عشرات الزعماء القبليين اليمنيين في محادثات تشاورية بشأن سبل جديدة محتملة لتسوية النزاع وفتح مسارات أخرى للتفاوض.
أما في الولايات المتحدة فقد استمرت الجهود المشتركة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس لوقف المشاركة الأمريكية في النزاع اليمني، بما في ذلك وقف شحنات الأسلحة الموجهة بدقة المقدمة إلى التحالف السعودي، وإجبار الجيش الأمريكي على سحب عناصره واستثماراته العسكرية في البلاد. مع ذلك تبدو هذه الجهود مفتقرة إلى الأصوات الكافية لإقرارها كتشريع.
وأخيراً في اليمن أفادت منظمة الصحة العالمية أن وباء الكوليرا تجاوز 750,000 حالة مشتبه بإصابتها، في حين أفادت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتواصل الهجمات على المدنيين من قبل جميع الأطراف المتحاربة في النزاع.
ونظم الحوثيون في صنعاء حشدا ضخماً في الذكرى الثالثة لسيطرتهم على العاصمة، وقد جاء ذلك بعد إقصاء الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح من المناصب الحكومية.
التطورات الدبلوماسية
في الأمم المتحدة
خلال المحادثات العامة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر / أيلول أثار رؤساء الكثير من الدول وممثلي شعوب مسألة معاناة اليمنيين والحاجة إلى إنهاء النزاع. من هؤلاء قادة كل من (الجزائر والنمسا والبحرين وبليز وبوليفيا وبوركينا فاسو وجيبوتي وإستونيا وإثيوبيا والاتحاد الأوروبي وأيرلندا والأردن والكويت ولوكسمبرغ وموريتانيا ونيجيريا وقطر وروسيا وسانت فينسنت والغرينادين والسعودية وإسبانيا والفاتيكان وتونس وتركيا والإمارات).
وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران بتقديم شحنات أسلحة وصواريخ بعيدة المدى للمقاتلين الحوثيين والقوات المتحالفة مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح بهدف زعزعة استقرار المنطقة. كما امتدح هادي حكومته ومحاولتها إيجاد حلول للنزاع على أساس عملية سلام مدعومة أممياً، بالإضافة إلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومؤتمر الحوار الوطني المنبثق عنها. وانتقد هادي تحالف الحوثي-صالح لعدم التزامه بالسلام كما تفعل حكومته حد زعمه.
وخلال أسبوع الجمعية العامة في نيويورك قدم منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك، خلال فعالية جانبية، عرضاً إيجابياً عن مشاريع البنك الدولي الجديدة، والتي من شأنها تقديم المساعدات لليمن من خلال صندوق التنمية الاجتماعية بما يحافظ على الخدمات الصحية الأساسية في البلاد. وأشار ماكغولدريك إلى أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة اليمنية مشيداً بالاجتماع الأخير الذي عُقد في بروكسل وضم عدة مجموعات قبلية (انظر أدناه). وعندما أثيرت مسألة تركز وباء الكوليرا أساساً في مناطق المتمردين أجاب ماكغولدريك بأن ذلك التقدير ينطوي على سوء فهم.
وخلال تقديمه ذكر ماكغولدريك أن التقرير “الأطفال والنزاع المسلح” الأممي السنوي، سيعرض على مجلس الأمن في الأسبوع الأول أو الثاني من أكتوبر / تشرين الأول، وقد أضاف تقرير العام الماضي السعودية (في بداية الأمر) ضمن ما سمي بقائمة “قتلة الأطفال” التي تضم اللاعبين الحكوميين وغير الحكوميين الذين ينتهكون حقوق الطفل في النزاعات الجارية في مختلف أنحاء العالم؛ وذلك بسبب سلوك السعودية في النزاع وقيادتها للتدخل العسكري الداعم لحكومة هادي. إلا أن السعودية هددت بسحب مئات ملايين الدولارات من تمويل برامج الأمم المتحدة للفقر، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون إلى إزالة السعودية من القائمة. هذا وقد أظهرت مسودة لتقرير “الأطفال والنزاع المسلح” تم تسريبها إلى الصحافة في أغسطس / آب الماضي أن السعودية أدرجت مجدداً على قائمة “قتلة الأطفال”. للمزيد من المعلومات انظر اليمن في الأمم المتحدة – نشرة أغسطس / آب 2017.
لم تجرِ مناقشة الشأن اليمني في مجلس الأمن الشهر الماضي، فقد كان من المقرر أن يقدم المبعوث الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إحاطة لمجلس الأمن يوم الثلاثاء 26 سبتمبر / أيلول، إلا أنها تأجلت إلى أكتوبر / تشرين الأول.
في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
كانت الأزمة اليمنية أحد محاور الدورة السادسة والثلاثين للمجلس الأممي لحقوق الإنسان الذي عقد فى جنيف بين 11 و29 سبتمبر / أيلول. وللسنة الثالثة على التوالي كرر المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين دعوته لمجلس حقوق الإنسان لإنشاء هيئة دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وخروقات القانون الإنساني الدولي في اليمن. وقد لاقت هذه الدعوة صدى لدى 67 منظمة دولية ويمنية في رسالة مشتركة أرسلت إلى أعضاء المجلس والدول المراقبة قبل انعقاد الدورة.
وفي تناقض مع الأعراف السابقة، تمخض عن الجلسة قراران مختلفان بشأن اليمن. ففي متابعة لقرارات مماثلة أقرها المجلس خلال عامي 2015 و2016، قامت مصر بصياغة مشروع قرار آخر باسم المجموعة العربية دعت فيه إلى تقديم المساعدة التقنية وبناء القدرات للجنة الوطنية اليمنية، والتي كان الرئيس هادي قد أنشأها عام 2015 للتحقيق في دعاوى انتهاكات حقوق الإنسان.
في الوقت نفسه قدمت مجموعة دول أخرى (برئاسة هولندا وكندا، وانضمت إليها فيما بعد بلجيكا ولوكسمبورغ وأيرلندا) مشروع قرار طالبت فيه رئيس مجلس حقوق الإنسان السلفادوري خواكين ألكسندر مازا مارتيلي بتعيين لجنة تحقيق لمدة عام. جاء هذا الاقتراح رداً على الانتقادات الدولية المتكررة لكل من اللجنة الوطنية اليمنية والفريق المشترك لتقييم الحوادث السعودي (وهو آلية تحقيق تابعة للتحالف السعودي) والذي يعتبرهما كثيرون مفتقرين للفعالية والاستقلالية.
ذكر ممثلا هولندا وكندا أن القرارين يكملان بعضهما البعض، إلا أن المجموعة العربية اعتبرتهما متعارضين وقامت بمقاطعة المشاورات غير الرسمية حول مشروع القرار الآخر. تلت هذا الخلاف مفاوضات مكثفة بين المجموعات والدول الرئيسية في مجلس حقوق الإنسان (منها الولايات المتحدة). وفي 29 سبتمبر، آخر أيام اجتماعات لجنة حقوق الإنسان، تم التوصل إلى حل وسط تمثل في إقرار مشروع القرار المصري مع تعديلات أجريت على أساس الاقتراح الهولندي-الكندي.
طلب القرار المعتمد من المفوض السامي إنشاء “مجموعة من أبرز الخبراء الدوليين والإقليميين” قبل نهاية 2017 تعمل بالتوازي مع اللجنة الوطنية، مع تزويد الأخيرة بالمزيد من المساعدات التقنية وبناء القدرات. وتشمل صلاحيات مجموعة الخبراء، والتي ستمارس أعمالها لمدة عام، التحقيق في الإساءات وانتهاكات حقوق الإنسان وخروقات “القانون الدولي التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع منذ سبتمبر / أيلول 2014”. سيتم تقديم نتائج التحقيقات إلى المفوضية السامية بعد ذلك لتشكيل أساس الحوار التفاعلي خلال الدورة التاسعة والثلاثين للمجلس في سبتمبر / أيلول 2018.
وصفت منظمة العفو الدولية القرار بأنه “تقدم مفاجئ” و”تذكير واضح بأن الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، حين تستجيب لمسؤولياتها وتضع حقوق الإنسان قبل مصالحها السياسية، تستطيع تمهيد الطريق أمام محاسبة مرتكبي الجرائم”. مع ذلك ما يزال هذا الأمل معلق على استقلالية ومؤهلات الخبراء الذين سيتم تعيينهم، بالإضافة للموارد المخصصة لهم لإنجاز مهماتهم. وبينما يشجع القرار الذي أقرته جميع أطراف النزاع على منح فريق الخبراء “إمكانية الوصول والتعاون بشكل كامل وشفاف”، إلا أن من المتوقع أن تستمر الأطراف المعنية من فاعلين حكوميين وغير حكوميين في إعاقة أي تحقيقات من هذا النوع.
في الاتحاد الأوروبي
استضاف وفد الاتحاد الأوروبي إلى اليمن خلال الشهر الماضي مشاورات غير رسمية في مدينة جيمبي في بلجيكا ضمت أكثر من 30 زعيماً قبلياً من مختلف أنحاء اليمن. بقيت تفاصيل ما جرت مناقشته سرية، إلا أن فكرة الاجتماع كانت استكشاف سبل جديدة محتملة لتسوية النزاعات وإطلاق مسارات أخرى للتفاوض.
وأشار مراقبون إلى أن المحادثات التي يرعاها الاتحاد الأوروبي تشير فيما يبدو إلى استعداد بروكسل لإظهار المزيد من الحزم في اليمن، وإلى تمتعها بالمزيد من الحرية في ذلك بعد خروج بريطانيا الوشيك من الاتحاد الاوروبي؛ إذ كان من المرجح سابقا أن تعترض لندن (ثاني أكبر قوة عسكرية وسياسية غربية منخرطة في دعم التحالف السعودي عبر صفقات بيع الأسلحة) على أية مساهمة أوسع للاتحاد الأوروبي في المسألة اليمنية، إلا أنها اليوم أضعف تأثيراً من أن تقوم بذلك.
وبعد عامين من النسيان النسبي، ازداد حضور الملف اليمني على أجندة الحكومة الفرنسية بشكل ملحوظ، حيث أبدت الأخيرة رغبة اكبر في تولي قيادة المستجدات السياسية وما يلزم من جهود حل النزاع. وأرجع مسؤولون فرنسيون هذه القرارات إلى مكتب الرئيس ايمانويل ماكرون نفسه، مشيرين إلى إعراب الرئيس المنتخب حديثاً عن رغبته في اعتبار اليمن أولوية رئيسية.
في الولايات المتحدة
وفي الشهر الماضي ذكرت صحيفتا نيويورك تايمز والغارديان أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تقوم بتوسيع صلاحيات الجيش والسي آي إيه فيما يتعلق بشن غارات الطائرات بدون طيار في عدد من الدول. وأشارت هذه التقارير إلى ما تنطوي عليه مبادرة ترامب من تقويض إضافي لضمانات العهد الأوبامي والقيود التي فرضها على العمليات العسكرية خارج المناطق المعلنة رسمياً مناطق حرب. ومن المتوقع أن يكون اليمن من البلدان الأكثر تأثراً بهذا التغير في السياسات الأمريكية.
وبينما هيمنت القضايا الداخلية على جدول أعمال الكونغرس خلال سبتمبر / أيلول، كانت هناك أيضاً معارضة ملحوظة وعابرة للأحزاب الأمريكية للدور الأمريكي في اليمن. شمل ذلك النقاش والتعديلات المستمرة في مجلس الشيوخ فيما يتعلق بقانون إقرار الدفاع الوطني – وهو مشروع القانون السنوي الذي يحدد سياسة وزارة الدفاع ومخصصاتها المالية. كما شمل مقترح السناتور الجمهوري تود يونغ (من إنديانا) الذي يسعى للحد من شحنات الأسلحة الموجهة بدقة إلى السعودية إلى حين اتخاذ خطوات لحماية المدنيين اليمنيين؛ إلا أن هذا المقترح لم يصل إلى مرحلة التصويت عليه.
وفي نقاش آخر في مجلس الشيوخ حول احتمال إلغاء الإذن باستخدام القوة العسكرية، وهو القانون الذي صدر بعد فترة وجيزة من هجمات 11 سبتمبر / أيلول 2001 الإرهابية في نيويورك وواشنطن وأعطى الرئيس صلاحيات واسعة لتنفيذ العمليات العسكرية في جميع أنحاء العالم، أضاء السناتور الجمهوري راند بول (عن كنتاكي) الذي ألح بحاجة نقاش دور الولايات المتحدة في النزاع اليمني. وقال بول في خطابه أمام مجلس الشيوخ أن الدعم العسكري والسياسي الأمريكي للتحالف السعودي أدى إلى استقواء تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى وتفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً في البلاد، وبشكل عام كانت آثاره مناقضة للمصالح الأمريكية.
في 27 سبتمبر / أيلول في مجلس النواب الأمريكي، قدم أعضاء الكونغرس الديمقراطي رو خانا (عن كاليفورنيا) والجمهوري توماس ماسي (عن كنتاكي) والديمقراطي مارك بوكان (عن وايومنغ) والجمهوري والتر جونز (عن كارولاينا الشمالية) القرار المتزامن رقم 81 الذي طالبوا الرئيس من خلاله بإنهاء العمليات العسكرية التي لم يتم إقرارها حول اليمن. وفي حال تمرير هذا القرار سيتم سحب جميع الاستثمارات والشخصيات العسكرية الأمريكية من اليمن. وبما أنه قرار متميز فسيتم تمريره في اللجنة وعرضه للتصويت في مجلس النواب خلال 15 يوماً.
ومع أن التوقعات لا تشير إلى احتمال حصول هذا القرار على الأصوات المطلوبة لتمريره، إلا أنه يعكس تزايد المخاوف في الكونغرس حيال الدور الأمريكي في اليمن وحيال قدرة الرئيس على القيام بعمليات عسكرية من تلقاء نفسه. وقد كتب خانا وبوكان في رسالة إلى زملائهم حصلت عليها مجلة الفورين بوليسي: “نحن نسعى لاستعادة دور الكونغرس كجهة حكومية مكلفة دستورياً بإعلان الحرب والإشراف على عملياتها”. ومن المتوقع أن يتم التصويت على القرار رقم 81 في منتصف أكتوبر / تشرين الأول.
التطورات في اليمن
التوترات بين الحلفاء
في 9 سبتمبر / أيلول قام رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء وكبير مسؤولي الحوثيين صالح الصماد بعزل أحادي لموالين للرئيس السابق صالح من المناصب الرئيسية في الحكومة، حيث حل محلهم حوثيون. وفي محاولة لاحتواء المزيد من التداعيات بين الحليفين، عقد صالح وعبد الملك الحوثي اجتماعاً (عبر دائرة ألكترونية) في 13 سبتمبر / أيلول، إلا أن التوترات تواصلت فيما بعد.
وفي 21 سبتمبر / أيلول، وبمناسبة الذكرى الثالثة لسيطرتهم على صنعاء، نظم الحوثيون تجمعاً حاشداً في ساحة السبعين في ظل تواجد أمني كثيف وإغلاق لجميع الطرق المحيطة تقريباً. ضمت هذه المناسبة فئات من جميع المناطق التي يحتفظ فيها الحوثيون بالتواجد العسكري. كان استدعاء المشاركين إلى صنعاء إشارة لاستثمار واضح من جانب الحوثيين في نقل المؤيدين لهم بشكل منظم وممول. وقد حضر التجمع قياديون حوثيون رفيعو المستوى، منهم رئيس اللجنة الثورية العليا، والذي أفادت تقارير أنه جاء في مدرعة إماراتية تم الاستيلاء عليها سابقاً. قدم العديد من القياديين الحاضرين خطابات تدعو إلى المزيد من التعاون ضمن تحالف الحوثي-صالح.
جاءت هذه المناسبة بعد التجمع الحاشد الذي نظمه حزب المؤتمر الشعبي العام في أغسطس / آب الماضي، والذي نظمه (صالح) بحشد غير مسبوق لأنصاره في الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس الحزب. يمكن اعتبار تجمع أغسطس / آب محاولة من المؤتمر الشعبي العام لإظهار حجم قوته للحوثيين. ومن حيث حجم الحضور كان تجمع المؤتمر أضخم بكثير من ذلك الذي دعا إليه الحوثيون بعد شهر (21 سبتمبر).
من جهة أخرى كانت التوترات بين القوات الموالية ظاهرياً للحكومة واضحة أيضاً خلال الشهر الماضي، حيث شملت اشتباكات في تعز بين كتائب أبو العباس والقوات التابعة لحزب الإصلاح، ما يدل على استمرار التصدع بين الميليشيات السلفية والقوات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
تنظيم القاعدة في جزيرة العرب
خلال الشهر الماضي استمرت قوات “الحزام الأمني” المدعومة إماراتياً، وبتغطية من سلاح الجو السعودي، في حملتها العسكرية لتأمين أجزاء من محافظة أبين وانتزاعها من تنظيم القاعدة. ولتحقيق هذا الهدف نفذت عدة غارات على مكامنهم داخل المحافظة. وأشارت تقارير إلى أن اثنين من ذوي الرتب المتوسطة لقيا مصرعهما في مديريتَي مودية والوضيع. بعد فترة وجيزة تبنى التنظيم هجوماً بعبوات ناسفة على حاجز أمني في أبين.
وبينما استمرت الغارات الجوية الأمريكية ضد الأهداف المشتبه فيها لتنظيم القاعدة في سبتمبر / أيلول، بما في ذلك ثلاث غارات في مديرية الصومعة بمحافظة البيضاء وحدها. كما وردت تقارير متضاربة حول الخسائر في صفوف المدنيين، حيث ادعت القاعدة سقوط عدة مدنيين في غارات جوية في حين لم يتسنّ لوسائل الإعلام المحلية التحقق من صحة هذه الادعاءات.
وباء الكوليرا
وفي سبتمبر / أيلول، تزايدت الحالات التي يشتبه بإصابتها بالكوليرا جراء التفشي المستمر للوباء منذ خمسة أشهر. وبحلول 27 سبتمبر / أيلول كان هناك ما يزيد عن 753,000 حالة مبلغ عنها و 2,122 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا. وقد ظل متوسط معدل الوفاة حسب الحالة منخفضاً نسبياً (0.28%) في حين كانت النسبة في محافظة ريمة هي الأعلى (0.93%). حتى الآن باستثناء جزيرة سقطرى كانت جميع المحافظات اليمنية تعرضت للوباء، بالإضافة إلى 304 من أصل 333 مديرية. ومن حيث الأعداد المطلقة فقد كانت المحافظات الغربية الأكثر تعرضاً، ولا سيما تلك الواقعة تحت سيطرة تحالف الحوثي-صالح، كالحديدة وصنعاء وعمران وذمار. وقد تم توثيق أكبر عدد من الحالات في محافظة الحديدة (ما يقرب من 100 ألف حالة) في حين كان المعدل النسبي (عدد الحالات بالنسبة للتعداد السكاني) هو الأعلى في محافظة عمران. الجدير بالذكر أن محافظة صعدة شهدت ازدياد تواتر الإصابة حسب الأسبوع (بنسبة 53%) بين 28 أغسطس / آب و24 سبتمبر / أيلول.
حقوق الإنسان وجرائم الحرب
في بداية اجتماعات الدورة السادسة والثلاثين للجنة حقوق الإنسان في 11 سبتمبر / أيلول قام المفوض السامي لحقوق الإنسان بتبليغ المجلس آخر مستجدات انتهاكات حقوق الإنسان في 40 دولة، مشيراً إلى ارتفاع عدد الضحايا المبلغ عنهم في اليمن إلى 5,144 قتيلاً و8,749 جريحاً حتى 31 أغسطس / آب، معظمهم لقي مصرعه نتيجة الغارات الجوية التي يشنها التحالف السعودي.
وخلال سبتمبر / أيلول أيضاً استمرت الهجمات العشوائية التي يقوم بها كلا الطرفين. ففي 15 سبتمبر / أيلول قامت قوات الحوثي-صالح بقصف المناطق السكنية في شعب الضباء وسوق الصميل بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أطفال وإصابة سبعة آخرين وشخصين بالغين، وفقاً لشهود عيان. وفي اليوم التالي أفادت تقارير أن غارة جوية تابعة للتحالف السعودي أصابت سيارة مدنية في مديرية حريب القرامش، ما أسفر عن مقتل خمسة أطفال وأربع نساء وثلاثة رجال كانوا في طريقهم إلى منازلهم بعد رحلة علاج في صنعاء. في كلتا الحالتين، تم التحقق من الإصابات من طرف مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. وفي 29 سبتمبر / أيلول، بعد اعتماد قرار لجنة حقوق الإنسان بشأن اليمن بالإجماع، ضربت غارات التحالف محافظة صعدة وفقاً لمصادر إعلامية محلية، ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين (منهم طفل واحد) وإصابة 14 مدنياً في مديريتي سحار ورازح.
وبالإضافة إلى الهجمات العشوائية وغيرها من الهجمات غير القانونية، استمرت حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية في اليمن. وذكرت وكالة رويترز وموقع إنترناشيونال بزنس تايمز أن قوات الحوثي قامت، في 25 سبتمبر / أيلول، باختطاف واحتجاز مواطن أمريكي في العاصمة صنعاء كان يعمل في شركة صافر اليمنية للنفط والغاز. إلا أن وزارة الداخلية التابعة للحوثي-صالح نفت في اليوم التالي مسؤوليتها، مؤكدة أنها تلاحق الجناة و زاعمة أن مسلحين مجهولين اختطفوا المواطن الأمريكي (المصدر العربي الأصلي).
نبذة مختصرة:
- حتى 2 أكتوبر / تشرين الأول تلقى المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية 54.8% من أصل 2.3 مليار دولار كان قد دعا إلى جمعها لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية لليمن في عام 2017.
أعد هذا التقرير وليد الحريري، سبنسر أوسبرغ، زياد الارياني، آدم بارون، فيكتوريا سوير، نيكولاس أسك، ومايكل ماكول.
اليمن في الأمم المتحدة: نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لتحديد وتقييم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن. تهدف نشرة اليمن في الأمم المتحدة إلى تزويد القارئ بفهم للسياق السياسي الدولي الذي يرافق التطورات على أرض الواقع في اليمن.