ملخص:
خلال شهر أكتوبر / تشرين الأول، ذكر تقرير الأمم المتحدة السنوي عن الأطفال والصراعات المسلحة أن السعودية متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال في عملياتها العسكرية في اليمن، ما وضع السعودية على ما يسمى بقائمة “قتلة الأطفال”. ومن الأطراف الأخرى في النزاع اليمني التي أدرج اسمها في القائمة المقاتلون الحوثيون, والقوات المتحالفة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والقوات الحكومية اليمنية والميليشيات الموالية لها، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
من جهة أخرى حظي التشريع المقترح في مجلس النواب الأمريكي والرامي إلى وقف الدعم الأمريكي لتدخل التحالف العسكري السعودي في اليمن بدعم الحزب الجمهوري خلال شهر أكتوبر / تشرين الأول الماضي. إلا أن القادة الديمقراطيين والجمهوريين وافقوا بحلول نهاية الشهر على تجريد التشريع من فقرته الأساسية وتغيير نصه لدعوة “جميع الدول المسؤولة إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة والضرورية ضد الحكومة الإيرانية”.
وفقد الريال اليمني نحو 10% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي خلال شهر أكتوبر / تشرين الأول، وهو التدهور الثاني من نوعه خلال عام 2017، والذي أثار مخاوف بشأن المزيد من التدهور الحاد في قيمة العملة اليمنية خلال الفترة القادمة. وأكدت مصادر مركز صنعاء أن السلطات الحاكمة في صنعاء، في محاولتها لوقف انهيار الريال، تستعد لفرض سعر صرف ثابت في شمال البلاد، وهي سياسة نقدية تخالف تعميم سعر الصرف في الجنوب.
وبينما ادعت قوات الحوثي-صالح أنها نجحت في إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار وطائرة حربية سعودية في أكتوبر / تشرين الأول، لم تلبث التوترات السياسية بين الطرفين (الحوثي-صالح) أن تمخضت مراراً وتكراراً عن اتهامات علنية رفعت درجة الخلاف القائم بينهما.
وقد اقترح وزير الشباب والرياضة التابع لجماعة الحوثي حسن زيد الشهر الماضي تعليق المدارس وإرسال التلاميذ والمعلمين كتعزيزات عسكرية إلى جبهات القتال. كما تصدى لسيل من ردود الفعل الإعلامية والاجتماعية الغاضبة بالإشارة إلى إضراب المعلمين في الشمال والذي أخر بدء العام الدراسي: “لقد أغلق الناس المدارس بذريعة الإضراب، وعندما فكرنا في كيفية الاستفادة من الوضع اعتبروها جريمة”.
وقد شهدت مدينة عدن في الجنوب سلسلة من الاغتيالات ومحاولات الاغتيال والاحتجاجات العامة. وفي الوقت نفسه، بدا المجلس الانتقالي الجنوبي مستمراً في بناء المزيد من الزخم نحو هدفه المتمثل في انفصال جنوب اليمن عن شماله، معولاً على المظاهرات الجماهيرية وإعلانات الاستفتاء وافتتاح فروع جديدة له في مختلف المحافظات الجنوبية.
التطورات الدبلوماسية
في الأمم المتحدة
في 10 أكتوبر / تشرين الأول، قدم مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إحاطة مفتوحة في مجلس الأمن. وأعرب المبعوث الخاص عن قلقه إزاء الزيادة الحادة في الإصابات في صفوف المدنيين، داعياً جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي. وحول المساعدات النقدية الجديدة المقدمة من البنك الدولي واليونيسيف، أشار ولد الشيخ أحمد إلى أن مبلغ 400 مليون دولار الموعودة به الأسر الأكثر ضعفاً سيتم توزيعه بالكامل خلال “الأسابيع والأشهر المقبلة”.
كما ذكر المبعوث الخاص للمجلس أنه “حالياً بصدد مناقشة اقتراح يتضمن مبادرات إنسانية لإعادة بناء الثقة وخطوات لجلب كافة الأطراف إلى طاولة المفاوضات”. وكان ذلك تعليقاً على المقترح الذي تقوده الأمم المتحدة والمتعلق بميناء الحديدة، والذي كان ولد الشيخ أحمد يدعو إليه منذ أواخر مايو / أيار الماضي دون جدوى. كذلك ذكر المبعوث الخاص في بيانه “أن الشعب يزداد فقراً بينما الزعماء النافذون يزدادون ثراء، فهم غير مهتمين بإيجاد حلول لأن أية تسوية ستهدد قوتهم وسيطرتهم”.
وفي 12 أكتوبر / تشرين الأول، قدم الأمين العام أنطونيو غوتيريس إحاطة أخرى في مجلس الأمن بشأن البلدان المعرضة للمجاعة. وقد أشار إلى أن 700,000 شخص يمني مهدد بالمجاعة في محافظات صعدة وحجة والحديدة وتعز، والتي يصعب الوصول إليها بسبب العقبات البيروقراطية والضربات الجوية والقصف والاشتباكات الميدانية. وقد فرض الحوثيون والقوات المتحالفة للرئيس السابق علي عبد الله صالح وحكومة اليمن المعترف بها دولياً والتحالف العسكري السعودي قيوداً على حركة ونقل البضائع التجارية والعاملين في المجال الإنساني والمساعدات الإنسانية داخل اليمن. ويواصل التحالف السعودي أيضاً فرض تدابير فحص صارمة على جميع البضائع الداخلة إلى اليمن والتي يرى فيها كثيرون حالة حصار.
وفي النصف الأخير من أكتوبر / تشرين الأول سافر المبعوث الخاص إلى الرياض واجتمع مع مسؤولين يمنيين وسعوديين، من بينهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ومساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، فضلاً عن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني. ومع ذلك لم تشر التقارير إلى أي تقدم باتجاه استئناف مفاوضات السلام.
الأطفال والصراعات المسلحة
في 31 أكتوبر / تشرين الأول تلقى مجلس الأمن التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة عن الأطفال والنزاع المسلح. ويقوم التقرير السنوي بإدراج الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين ممن يرتكبون انتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال في مناطق النزاع ضمن ما يسمى قائمة “قتلة للأطفال”. وفي المرة الأولى التي ذكرت فيها السعودية ضمن القائمة في العام الماضي، قام الأمين العام آنذاك بان كي مون بحذف اسمها من القائمة بعد أن هددت الرياض بسحب مئات ملايين دولارات التي أودعتها لتمويل برامج المساعدات الأممية.
في تقرير هذا العام تم إضافة السعودية مرة أخرى إلى القائمة بسبب حملة القصف التي تقودها والتي أدت إلى “قتل وتشويه الأطفال والتسبب بمقتل 683 طفلا يمنيا”. إلا أن التقرير تضمن مراجعة للتمييز بين من لم يتخذوا خلال العام الماضي أي تدابير لتحسين حماية الأطفال وأولئك الذين اتخذوا تدابير من هذا النوع؛ وقد ضمت السعودية ضمن الفئة الأخيرة. يعود ذلك إلى قيام الجيش السعودي بمراجعة قواعد الاشتباك، وتشغيل فريق تقييم الحوادث المشتركة لاستعراض الضربات الجوية وإصدار توصيات لتحسين الاستهداف وإنشاء وحدة لحماية الطفل.
ورداً على إدراج الرياض في القائمة السوداء في تقرير الأطفال والصراعات المسلحة لعام 2017، تصدى المندوب السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي لدقة التقرير خلال مؤتمر صحفي عقد يوم 6 أكتوبر / تشرين الأول.
ومن بين الفاعلين الآخرين في النزاع اليمني الذين أدرجوا على قائمة قتلة للأطفال – والمدرجين جميعاً في قائمة العام الماضي – قوات الحوثي-صالح وقوات الحكومة اليمنية والميليشيات الموالية للحكومة وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
في الولايات المتحدة الأمريكية
في 27 أيلول / سبتمبر تم الإعلان عن القرار H. Con. Res. 81 في مجلس النواب الأمريكي من قبل مجموعة مشرعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بقيادة عضو الكونغرس الديمقراطي رو خانا (عن كاليفورنيا). يهدف القرار إلى وقف المساعدات العسكرية الأمريكية للتحالف السعودي في اليمن وسحب أية قوات أمريكية منخرطة في النزاع، مع استثناء تلك المشاركة في جهود مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة. وقد استند مشروع القانون إلى أحد أحكام “قرار قوى الحرب” لعام 1973 والذي يحدد صلاحيات وشروط نشر القوات الأمريكية وانخراطها في العمليات العدائية بالخارج. وباستحضار قانون قائم أخذ المشروع وضعية “قرار متميز”، ما يضمن له صوتاً كاملاً في المجلس خلال 15 يوماً من إصداره؛ ولولا ذلك لوقع مشروع القانون تحت رحمة قيادة لجنة الشؤون الخارجية أو لجنة القواعد في مجلس النواب.
وخلال الأسبوع الذي تلا 9 أکتوبر / تشرین الأول، احتل الیمن لفترة وجيزة موقعاً رئیسیاً في حملات المناصرین والمنظمات، وفي مقالات رئيسية في النوافذ الإخبارية، بالإضافة إلى ازدیاد نشاط وسائل التواصل الاجتماعي لدعم التشریع. وشهدت هذه الفترة حملة توعية بشأن اليمن هي الأنشط في الولايات المتحدة منذ بداية الحرب. من ذلك رسالة داعمة للقرارات نشرها موقع هافينغتون بوست في 9 تشرين الأول / أكتوبر، موقعة من شخصيات بارزة في المجتمع الأمريكي – بما في ذلك حائزين على جائزة نوبل للسلام، وأكاديميين معروفين، وموظفين عموميين سابقين وأعضاء كونغرس ذائعي الصيت وممثلين وموسيقيين.
في اليوم التالي نشر رو خانا مقالاً في صحيفة نيويورك تايمز لحشد التأييد الشعبي لمشروع القرار. وقد جاء في المقال “تخيل لو كان جميع سكان ولاية واشنطن – 7.3 مليون شخص – كانوا على شفا مجاعة، ولو وقعت مدينة سياتل الساحلية تحت حصار بحري وجوي … الآن أكثر من أي وقت مضى، على مجلس النواب أن يضع ثقله في سلطة تنفيذية لطالما أعاقت عمل الدستور”. وقد قارن عضو الكونغرس خانا الوضع الحالي بعام 1973، عندما ألغى الكونغرس حق النقض الذي استخدمه الرئيس ريتشارد نيكسون بهدف تنفيذ “قرار قوى الحرب” ومنع نيكسون من مواصلة الحملة العسكرية الأمريكية في فيتنام وكمبوديا ولاوس.
وقد شارك في مشروع القرار منذ البداية الجمهوري توماس ماسي (عن كنتاكي)، والديمقراطي مارك بوكان (عن وينسكونسن)، والجمهوري ألتر جونس (عن كارولينا الشمالية) لكن القرار بحلول نهاية أكتوبر / تشرين الأول حاز على دعم 40 راعياً إضافياً. إلا أن تقارير إعلامية ظهرت في 30 أكتوبر / تشرين الأول وأفادت أن عضو التجمع الديمقراطي في مجلس النواب ستيني هوير (عن ماريلاند)، وهو ثاني المشرعين الديمقراطيين في المجلس، بالإضافة إلى زعماء الحزب الجمهوري، يقومون من وراء الكواليس بالضغط على الأعضاء بهدف منع تمرير القرار. كما تبين في 2 تشرين الثاني / نوفمبر أن قادة كلا الحزبين في المجلس اتفقوا على تجريد القرار من الشرط الذي يقضي بانسحاب القوات العسكرية الأمريكية من الحرب، ما أدى إلى إلغاء مشروع القانون الأصلي.
التشريعات المعدلة الآن تدعو الولايات المتحدة إلى دعم “التزامات التحالف العربي الذي تقوده السعودية بالالتزام بقائمة أماكن يمنع قصفها وحصر قائمة الأماكن المستهدفة وتحسين قدرات الاستهداف”، كما تدعو “جميع الدول المسؤولة إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة والضرورية” ضد الحكومة الإيرانية، بما في ذلك حظر الأسلحة الإيرانية على الحوثيين”.
التطورات الدبلوماسية الأخرى
هذا وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن خلال مراسم تعيين السفراء الأجانب في موسكو يوم 3 أكتوبر / تشرين الأول ان حكومته مستعدة لتسهيل عملية سلام في اليمن، حيث قال إنه “على يقين من أن الطريق إلى السلام والاتفاق في اليمن تكمن في حوار وطني واسع يستوعب آراء جميع القوى السياسية”.
وفي 5 تشرين الأول / أكتوبر، أصبح الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أول عاهل سعودي يسافر إلى موسكو ويلتقي برئيس الاتحاد الروسي. وقد شدد الملك على ضرورة إنهاء حرب اليمن من خلال الاستناد إلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.
في وقت لاحق من الشهر ظهر الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في برنامج تلفزيوني على قناة اليمن اليوم وقال إنه خضع لعملية جراحية في عينه قام بها فريق من الأطباء الروس الذين توجهوا إلى صنعاء جواً في 11 أكتوبر / تشرين الأول. وقد مثل ذلك استثناء بارزاً للحصار الجوي الذي تفرضه قوات التحالف السعودي على شمال اليمن. ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر حكومي أمريكي رفيع المستوى قوله إن الولايات المتحدة سهلت دخول هؤلاء الأطباء. ويبدو أن المسؤولين الحكوميين الأمريكيين يريدون أن يكون صالح “في صحة جيدة” لتسهيل المفاوضات مع الحوثيين.
الجدير بالذكر أن روسيا هي الدولة الوحيدة العضو في مجلس الأمن التي حافظت على وجودها الدبلوماسي في صنعاء طوال فترة النزاع.
داخل اليمن
تدهور في قيمة الريال
وخلال شهر تشرين الأول / أكتوبر فقدت العملة اليمنية نحو 10% من قيمتها أمام الدولار في سوق الصرف، حيث ارتفع سعر الدولار من 375 إلى 412 ريال يمني. كان هذا التراجع في قيمة الريال معادلاً تقريباً لكل التراجعات التي جرت على مدى الأشهر الستة السابقة، كما كان التدهور السريع الثاني من نوعه خلال عام 2017.
نفذت السلطات في صنعاء وعدن تدابير مؤقتة لإبطاء تراجع قيمة الريال. إلا أن الاضطراب الاقتصادي الأخير سلط الضوء على التدهور المستمر للريال بعد أكثر من عامين ونصف العام من الحرب الأهلية والتدخل العسكري الإقليمي، كما أثار مخاوف واسعة النطاق من المزيد من الانخفاض الحاد في قيمة العملة اليمنية خلال المرحلة القادمة.
عملة واحدة بسياستين نقديتين؟
أكدت مصادر مركز صنعاء أن السلطات في صنعاء تحاول وقف تدهور الريال عبر فرض سعر صرف ثابت في مناطق شمال البلاد التي تسيطر عليها، في حين يستمر التعويم في الجنوب.
يتوقع مركز صنعاء صعوبات كبيرة في المحافظة على عملة واحدة مع سياسات نقدية متفاوتة بين صنعاء وعدن/الشمال والجنوب. ومن المرجح أن يؤدي تفاوت السياسات النقدية إلى تحول كبير في التحويلات المالية من صنعاء إلى عدن، مما يسهل عمليات تهريب نقدي واسعة النطاق بين المناطق، ويتسبب بتدفق كميات كبيرة من النقد خارج الاقتصاد الرسمي.
وقود صنعاء الوارد من دبي
هذا وقد أشارت مصادر مركز صنعاء في أكتوبر / تشرين الأول إلى أن حدوث معاملات “كبيرة جداً” بين شركات الاستيراد في صنعاء وتلك العاملة بين جدة ودبي. ومن أبرز المعاملات تلك التي قامت بها شركة الذهب الأسود، وهي شركة لاستيراد الوقود يملكها أحد زعماء الحوثيين في صنعاء وتعمل بالتعاون مع شركات في دبي. وتعتبر شركة الذهب الأسود من أكبر موزعي الوقود في مناطق سيطرة قوات الحوثي-صالح.
ونظرا لتحكم الشركات الخاصة في استيراد الوقود – بعدما كانت شركة النفط اليمنية التابعة للقطاع العام هي المستورد الوحيد – فقد زاد الضغط على قيمة العملة اليمنية لتزداد هبوطاً. وبالإضافة إلى ذلك تشير العلاقات بين السلطات السياسية وشركات الاستيراد وشركات دبي إلى الطبيعة المعقدة لاقتصاد الحرب في اليمن اليوم.
الاجتماعات المالية مع المؤسسات العالمية
في النصف الأول من أكتوبر / تشرين الأول عقد اجتماع في برلين بين ممثلي البنك المركزي اليمني والشركات اليمنية والمصارف اليمنية الخاصة وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة والبنك الدولي. وشملت المداولات التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن حالياً. ًووفقا لمصادر مركز صنعاء فقد تعهد محافظ البنك المركزي منصر القعيطي أمام البنوك الخاصة بأن البنك المركزي اليمني سيدفع الفائدة على الحسابات الجارية وسندات الخزينة التي يملكها القطاع الخاص لدى البنك المركزي اليمني.
وفي حال حدوث ذلك، فمن المرجح أن يساعد على تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي الذي يعاني من تقييدات شديدة في اليمن، وذلك عبر السماح للمصارف الخاصة بتزويد العملاء بقدر ضئيل من السيولة مقابل الحسابات المحتفظ بها لديها. وتفيد التقارير أن القطاع الخاص ما يزال يشك بشدة في قدرة القعيطي على الوفاء بتعهداته.
بكين تساهم في ديون اليمن
في 18 أكتوبر / تشرين الأول وقعت الحكومتان اليمنية والصينية مذكرة تفاهم تعهد فيها الصينيون بتسديد حوالي 111 مليون دولار من الديون اليمنية.
الاضطرابات في مناطق سيطرة الحكومة
شهدت مدينة عدن (العاصمة اليمنية المؤقتة) موجة اغتيالات ومحاولات اغتيال واحتجاجات جماهيرية الشهر الماضي. وخلال 10 أيام فقط (بين 18 و28 تشرين الأول / أكتوبر)، اغتيل الإمام السلفي ومدير مدرسة البنيان فهد محمد قاسم اليونسى في الصباح الباكر بمديرية المنصورة في عدن؛ كما تم العثور على قنبلة جرى تفكيكها تحت سيارة إمام مسجد الرحمن علي النشيري؛ وأطلق مسلحون النار على قافلة القيادي في كتائب الحزام الأمني _المدعومة إماراتياً_ نبيل المشوشي في مديرية بير أحمد (دون أن يتعرض المشوشي للإصابة). كما اغتيل الشيخ عادل الشهري إمام مسجد سعد بن وقاص في مدينة إنماء. وفي 30 أكتوبر / تشرين الأول قطع متظاهرون الطرقات في عدن بإطارات محترقة، وذلك احتجاجاً على استمرار حالات انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود، حيث حذرت مستشفيات المدينة من احتمالية الإغلاق نتيجة نقص الكهرباء.
في مناطق أخرى تسيطر عليها الحكومة اليمنية اسمياً، استقال محافظ تعز علي المعمري بسبب نقص التمويل الحكومي لعاملي القطاع العام في تعز؛ واستأنف المعمري عمله بمنصبه في وقت لاحق من الأسبوع نفسه بعد أن وعد الرئيس هادي بدفع الرواتب لموظفي تعز.
ويوم 1 أكتوبر / تشرين الأول، فتحت قوات الأمن الحكومية النار على المتظاهرين احتجاجاً على زيارة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن داغر لمدينة زنجبار بمحافظة أبين، ما تسبب بجرح ما لا يقل عن ثلاثة متظاهرين. وكان بن داغر يزور زنجبار للحديث في ذكرى ثورة سبتمبر 1962. ونظم المظاهرة تيار الحراك الجنوبي الذي يدعو بشكل متزايد إلى انفصال جنوب اليمن عن شماله.
في مأرب في 16 أكتوبر / تشرين الأول، أطلقت قوات الأمن الموالية لحزب الإصلاح النار على متظاهرين احتجوا على تعيين عبد الملك المداني مديراً لأمن مأرب، ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة خمسة آخرين. وفي اليوم التالي قتل متظاهران اثنان وشرطي قرب أحد المباني الحكومية في مأرب خلال مظاهرة لرجال القبائل طالبت بتحسين فرص العمل.
في الأثناء واصل تنظيم القاعدة تنفيذ هجمات صغيرة بشكل شبه يومي ضد قوات الأمن الحكومية المدعومة إماراتياً، في حين استمرت عمليات الحكومة وقوات التحالف السعودي ضد تنظيم القاعدة والفرع اليمني لتنظيم الدولة الإسلامية. الجدير بالذكر أن الجيش الأمريكي قال في 26 أكتوبر / تشرين الأول أنه قتل خلال الأيام العشرة السابقة 69 شخصاً يشتبه في أنهم من مقاتلي داعش؛ إلا أنه لم يتسن التأكد من هويات جميع القتلى حتى كتابة هذه السطور.
المجلس الجنوبى الانتقالي يحشد التأييد
في 14 تشرين الأول / أكتوبر، قام المجلس الانتقالي الجنوبي – الذي شكلته في وقت سابق من هذا العام شخصيات بارزة (موالية للإمارات) تسعى إلى الحكم الذاتي في جنوب اليمن – بتنظيم مظاهرات في عدن، أعلن خلالها رئيس المجلس عيدروس الزبيدي إنشاء مجلس وطني يضم 303 مقعداً لجنوب اليمن، كما أعلن عن استفتاء استقلال قادم دون أن يحدد موعد إجرائه.
وفي 17 أكتوبر / تشرين الأول التقى السفير الفرنسي كريستيان تيستوت ونائبه مع عبد الشهابي؛ وقد قيل أن المداولات ركزت على دور المجلس في مكافحة الإرهاب. وفي الفترة ما بين 24 و 28 تشرين الأول / أكتوبر، نظم المجلس الانتقالي الجنوبي مسيرات بمناسبة افتتاح فروع جديدة له في عزان بمحافظة شبوة والمكلا بمحافظة حضرموت والغيضة بمحافظة المهرة.
توترات ضمن تحالف الحوثي-صالح
ومنذ نهاية أيلول / سبتمبر وحتى تشرين الأول / أكتوبر استمرت التوترات والمنافسات السياسية بين حليفي صنعاء (الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق صالح). وفي 30 سبتمبر / أيلول، ذكرت تقارير إعلامية قيام مقاتلي الحوثي باقتحام وزارة الصحة في صنعاء لعزل الوزير محمد سالم بن حافظ، حليف المؤتمر الشعبي العام، تحت تهديد السلاح، محاولين استبداله بأحد مناصري الحوثي. وفي 7 أكتوبر / تشرين الأول منعت القوات الحوثية وزير الخارجية وموظفيه من دخول الوزارة، متذرعين بما وصفوه بأوامر مباشرة من رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصمد.
وفي 19 أكتوبر / تشرين الأول، تبادل قادة الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي الاتهامات بشكل علني، حيث اتهم المؤتمر الحوثيين بإجراء “حملة منظمة” ضد صالح، في حين رد الحوثيون بأن حزب المؤتمر يتلقى أموالاً من حكومة هادي.
إسقاط الطائرات
وفي 1 أكتوبر / تشرين الأول، ادعت قوات الحوثي-صالح إسقاط طائرة استطلاع أمريكية في منطقة جدر شمال صنعاء بصاروخ أرض جو، وقد تم بث لقطات للطائرة التي جرى إسقاطها على نشرة الأخبار المحلية. بعد أربعة أسابيع، في 27 أكتوبر / تشرين الأول، أعلن الحوثيون إسقاط طائرة حربية سعودية في صنعاء. لم يتم العثور على الطيار وما يزال النقاش مستمراً حول ما إذا كانت الطائرة قد أسقطت فعلاً أم أن المقاتلين الحوثيين عثروا عليها ببساطة.
هذا وقد استمرت الضربات الصاروخية التي وجهتها قوات الحوثي-صالح ضد السعودية دون هوادة خلال شهر أكتوبر / تشرين الأول. وقال العقيد تركي المالكي المتحدث باسم التحالف السعودي في 30 أكتوبر / تشرين الأول إن هناك 77 هجوماً من هذا النوع على السعودية منذ بدء النزاع في مارس / آذار 2015، مؤكداً أن إيران تقوم بتهريب هذه الصواريخ إلى الحوثيين عبر ميناء الحديدة.
الحوثيون يعالجون رواتب المعلمين
في 11 تشرين الأول / أكتوبر، أعلن المجلس السياسي الأعلى التابع لتحالف الحوثي-صالح أن المعلمين سيحصلون على نصف رواتبهم نقداً والنصف الآخر على شكل بطاقة سلعية. قبل أيام قليلة، قامت قوات الحوثي بفض إضراب للمعلمين في العاصمة صنعاء شمال اليمن. وكانت نقابة المعلمين (المهن التعليمية) الموالية لحزب المؤتمر الشعبي العام شمال اليمن قد نفذت إضراباً لمدة أسبوعين، ما أدى إلى تأخير بدء العام الدراسي حتى منتصف أكتوبر 2017. ووفقاً لليونيسيف فإن هناك حوالي 4.5 مليون طالب يذهبون إلى المدارس في شمال اليمن.
ويستمر وباء الكوليرا
ومنذ بداية التفشي الحالي لوباء الكوليرا نهاية نيسان / أبريل 2017 وحتى نهاية تشرين الأول / أكتوبر، سجلت منظمة الصحة العالمية ما مجموعه 884,000 حالة يشتبه في إصابتها بالمرض مع حوالي 2,200 حالة وفاة، ما يرقى إلى أكبر وأسرع انتشار لوباء الكوليرا في التاريخ المسجل. وبقي معدل الوفاة بالنسبة للإصابات منخفضاً بنسبة 0.25%، وقد سجلت أعلى نسبة وفيات في محافظة ريمة بنسبة 0.86%. وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الهجرة الدولية ومنظمة أنقذوا الأطفال أن عدد حالات الاشتباه بالإصابة بالكوليرا سيصل إلى مليون بحلول نهاية عام 2017، بما في ذلك ما لا يقل عن 600 ألف طفل متأثرين بشكل خاص بسبب الأزمة الإنسانية في اليمن.
الأمن الغذائي
وأفادت الأمم المتحدة بأنه اعتباراً من 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2017 سيكون هناك 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منهم 6.8 مليون يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي، وأن مناطق من البلاد على حافة المجاعة. وتعتبر هذه الأرقام متسقة نسبياً مع أرقام الشهر السابق.
وفي الوقت نفسه حصل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) حتى نهاية أكتوبر / تشرين الأول على 57% من مبلغ 2.3 مليار دولار الذي دعا إلى جمعه تنفيذاً لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2017.
حقوق الإنسان وجرائم الحرب
في 26 تشرين الأول / أكتوبر – وقبل إدراجها في قائمة الأمم المتحدة “قتلة الأطفال” (المشار إليها أعلاه) – أصبحت الحكومة اليمنية البلد السبعين الذي يوقع على إعلان المدارس الآمنة، وهو إعلان يلزم الحكومة المعترف بها دولياً بحماية الطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات من الاعتداءات العسكرية وبوقف عسكرة المرافق التعليمية في أوقات النزاع المسلح. ولا يزال اليمن قيد التجربة فيما يتعلق بترجمة التزامه المعلن إلى تنفيذ فعلي.
وعلى الرغم من هذه التطورات، استمرت جرائم الحرب الواضحة وانتهاكات حقوق الإنسان بصورة منتظمة خلال تشرين الأول / أكتوبر. وأسفرت الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف السعودي طوال الشهر الماضي عن مقتل 35 مدنياً على الأقل في محافظة صعدة، وإصابة ستة مدنيين في الجوف، وفقا لوسائل الإعلام المحلية. ففي 4 أكتوبر / تشرين الأول، على سبيل المثال، أصابت غارة جوية تابعة للتحالف السعودي أحد المنازل وأدت إلى قتل 12 مدنياً في مديرية باقم بمحافظة صعدة، وذلك وفقاً لإعلام الحوثي-صالح؛ وكان بين القتلى أربعة أطفال. وفي 17 أكتوبر / تشرين الأول، تعرض منزل آخر لغارة جوية أخرى للتحالف السعودي في مديرية برط العنان بمحافظة الجوف، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وتيتيم طفل واحد.
وقد استمر استخدام الأسلحة المحظورة دولياً طوال شهر تشرين الأول / أكتوبر. ووفقاً لإعلام الحوثي-صالح، ألقت قوات التحالف السعودي قنابل عنقودية في عدة مناسبات، ولا سيما في 20 أكتوبر / تشرين الأول في مديرية قحزة شمال مدينة صعدة، مما أسفر عن إصابة خمسة أطفال.
وبحسب هيومن رايتس ووتش يقوم عشرات المعتقلين بإضراب عن الطعام في مدينة عدن منذ 21 أكتوبر / تشرين الأول. وكان المعتقلون المحتجزين في معسكر بير أحمد العسكري، والذي تديره قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً، قد أضربوا عن الطعام احتجاجا على استمرار الانتهاكات لحقوق السجناء. وفي اليوم الأول، أصدرت عائلات المحتجزين بياناً قالت فيه إن الإضراب عن الطعام لن ينتهي حتى منح المعتقلين “الحقوق القانونية والإنسانية”. وقد دعمت هيومن رايتس ووتش هذه الدعوة، مطالبة أطراف النزاع المسلح “بمعاملة المحتجزين معاملة إنسانية، وبتحرير المعتقلين بشكل تعسفي، وضمان وصولهم إلى المحامين وتواصلهم مع أفراد أسرهم”. كما أفيد أن مدير السجن هدد بإحالة المحتجزين إلى معتقل غير رسمي آخر ما لم ينهوا الإضراب عن الطعام. وبحسب إفادة أقارب أحد المحتجزين تعرض أربعة معتقلين لفقدان الوعي بعد ثلاثة أيام من بدء الإضراب.
في الوقت نفسه، اقترح وزير الشباب والرياضة في حكومة صنعاء حسن زيد تعليق الفصول الدراسية لمدة عام لإرسال التلاميذ والمعلمين إلى جبهات القتال “لتعزيز الصفوف بمئات آلاف [المقاتلين] والفوز في المعركة”. وقد تعرض زيد لسيل من ردود الفعل الإعلامية والاجتماعية الغاضبة بالإشارة إلى إضراب المعلمين والذي أخر بدء العام الدراسي الجاري, ليرد على تلك الانتقادات بقوله: “لقد أغلق الناس المدارس بذريعة الإضراب، وعندما فكرنا في كيفية الاستفادة من الوضع اعتبروها جريمة”.
أعد هذا التقرير وليد الحريري، سبنسر أوسبرغ، زياد الإرياني، فيكتوريا سوير، أنتوني بيسويل، ومايكل ماكول.
اليمن في الأمم المتحدة نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لتحديد وتقييم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن، كما تهدف المتحدة إلى شرح السياق السياسي الدولي الذي يرافق التطورات على أرض الواقع في اليمن