نشرة يونيو 2016
شهدت جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى وقف النزاع في اليمن تقدما محدودا في شهر يونيو إذ اتسمت بشكل عام بالانتكاسات والخلافات. ومن غير المؤكد ما إذا كان سيتم تحقيق تقدم كبير على المدى القريب. و مع ذلك، تواصل الأمم المتحدة لعب أدور في عدد من القضايا ذات الصلة بالصراع مثل تبادل السجناء من بين الطرفين وتسهيل دخول الواردات التجارية وتدابير بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة.
في 30 يونيو رفع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد جلسات محادثات السلام في الكويت التي استمرت شهرين بين الأطراف الرئيسية المتحاربة في اليمن والمكونة من القوات الموالية لحكومة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المعترف بها دوليا من جانب، وقوات تابعة لجماعة الحوثيين المتمردة (أنصار الله) وحلفائها من حزب المؤتمر الشعبي العام الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح على الجانب الآخر.
فشلت الجولة الثالثة من محادثات السلام في الكويت في تحقيق اتفاق سلام شامل أو وضع حد للأعمال القتالية، في حين واصلت جميع الأطراف انتهاك اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي تم إقراره قبيل المحادثات. ووفقا للسيد ولد الشيخ أحمد، فقد طلب من الأطراف المشاركة في المحادثات العودة إلى الكويت في 15 يوليو/ تموز لمتابعة المحادثات. لكن لا تزال هناك شكوك حول التزام الأطراف بالعودة إلى طاولة المفاوضات، نظرا للجمود الشديد وانعدام الثقة السائد في أجواء مفاوضات السلام.
وعلى الرغم من هذه الثغرات، تم إحراز بعض التقدم في المشاورات. حيث نوهت الأطراف المشاركة إلى اتفاق مبدئي على خارطة طريق للسلام، لا سيما فيما يتعلق بالمبادئ التي يمكن من خلالها إنشاء مجالس إدارية جديدة في اليمن، وآليات لتسليم السلاح والأراضي المسيطر عليها للدولة، وسبل معالجة الأزمة الإنسانية و التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
ومع ذلك فإن أطراف النزاع لا تزال مختلفة حول الترتيب التنفيذي الذي تتكون منه إجراءات خارطة الطريق. فبينما طالبت الحكومة المتمردين الحوثيين بتسليم الأسلحة والأراضي التي تخضع لسيطرتهم قبل أن يتم الخوض في حكومة وحدة وطنية جديدة ، يصر الحوثيون على الاتفاق بشأن الحكومة الجديدة و تمثيلهم فيها قبل تسليمها الأسلحة والأراضي. وإلى جانب انعدام الثقة بين جميع الأطراف، يظل هذا الخلاف هو العقبة الرئيسية أمام اختراق الجمود الراهن باتفاق يفضي إلى السلام، وفقا لوسطاء أمميين.
في مؤتمر صحفي عقده يوم 30 يونيو، نوه السيد ولد الشيخ أحمد بالتقدم في مجالات أخرى، كالإفراج عن عدد من الأسرى والمعتقلين، وتعزيز وقف الأعمال القتالية، والتحسن في قدرة مختلف المنظمات الإنسانية على الوصول إلى المناطق التي صعب الوصول إليها سابقا. وبينما كانت هذه التطورات هامة في الواقع، فإنه يبالغ في الحديث عن تأثيرها و مدى تطبيقها على الأرض، بعد التعثر الأخير حول خارطة الطريق المقترحة، ويمكن تلخيص ما تم إنجازه وفقا لبيان المؤتمر الصحفي للسيد ولد الشيخ أحمد في:
- أدت مشاورات السلام في الكويت إلى إطلاق سراح أكثر من 700 سجين. بالرغم من صحة أرقام عدد المعتقلين الذين أطلق سراحهم خلال محادثات السلام، فإن التقارير القادمة من الميدان تشير إلى أن الآلية العملية التي أطلق عبرها سراح معظم الأسرى تمت خارج إطار عملية السلام للأمم المتحدة وبعيدا عن تأثيرها، وتحديدا عبر وساطات قبلية في كثير من الأحيان. على سبيل المثال حدثت عملية تبادل للأسرى في مدينة تعز عبر وساطات محلية إذ لعبت القبائل المحلية دور وساطة بين المقاتلين الموالين للحكومة و المتمردين الحوثيين فأطلق الحوثيون بناء عليها سراح 76 معتقل في حين أفرجت القوات الحكومية عن 118 معتقلا حوثيا. ومنذ بداية الصراع، كانت القبائل اليمنية أكثر فعالية بكثير من وسطاء دوليين في التفاوض بشأن الإفراج عن السجناء (لمزيد من الأمثلة يرجى الرجوع إلى هنا، هنا، هنا، وهنا).
- رافق محادثات السلام في الكويت هدوء نسبي في القتال، خصوصا على طول الحدود اليمنية-السعودية. ومع ذلك، كانت هناك انتهاكات كبيرة لاتفاق وقف الأعمال القتالية في مأرب والجوف وتعز. أدى عدد من هذه الحوادث إلى سقوط ضحايا من المدنيين، مثل هجوم 4 يونيو على سوق شعبي في مدينة تعز مما أدى إلى قتل أكثر من 18 مدنيا وجرح الكثير ( كما جاء عن السيد ولد الشيخ أحمد خلال الإحاطة التي قدمها إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة في 21 يونيو).
- أسهم التشغيل الرسمي لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش المخصصة لليمن – UN Verification and Inspection Mechanism for Yemen – في أوائل شهر مايو من هذا العام بتسريع نسبي لعبور البضائع التجارية إلى اليمن بعد عامين من القيود التي فرضتها قوات التحالف تحت قيادة السعودية. وكانت هذه القيود تأخر السفن الواردة إلى اليمن، وفي كثير من الحالات منعت تماما عبور البضائع التجارية، وقد دفعت المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة الرئيس هادي الثمن الأكبر لذلك. في شهر يونيو حصلت 37 شحنة من أصل 46 على تصريح دخول من آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش. لكن لا زال هناك بعض التحديات، كما أُبلغ مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. يكمن التحدي الرئيسي في عدم قدرة سفن الشحن على النزول وتفريغ البضائع بسبب الأضرار العديدة التي تعرضت لها الموانئ اليمنية جراء القتال الميداني والغارات الجوية.
ساهمت خلافات أوسع داخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الشهر الماضي أيضا في بطء وتيرة مفاوضات السلام اليمنية. ففي بداية شهر يونيو أصدر مكتب الأمين العام تقرير الأمين العام السنوي عن الأطفال والنزاع المسلح في جميع أنحاء العالم. وتضمن التقرير فصلا عن اليمن احتوى قائمة الأطراف التي تعتبر مسؤولة عن وضع الأطفال و أي أذى يتعرضون له خلال الحرب، وكان التحالف العربي الذي تقوده السعودية من بين المجموعات التي وردت أسماؤهم في قائمة المخالفين.
انتقد ممثلو المملكة العربية السعودية فورا إدراج التحالف العربي التي تقوده السعودية في القائمة، واجتمعوا مع أعضاء من مكتب الأمين العام. بعد ذلك بوقت قصير، أعلن الأمين العام إزالة قوات التحالف العربي من القائمة المرفقة للتقرير من المخالفين، مثيرا انزعاج الكثيرين في المجتمع الدولي، الذي رأى عملا كهذا “ضغطا غير لائق” من قبل المسؤولين السعوديين.
زار ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع محمد بن سلمان الأمم المتحدة، واجتمع مع الأمين العام في يوم 27 يونيو, خلال هذه الزيارة عبر كل منهما عن الدعم المتبادل والتقدير للطرف الآخر، مشيرين إلى أن النزاع حول تقرير الأمين العام قد انتهى.
توقعات الشهر القادم:
في شهر يوليو 2016، من المرجح أن هذه القضايا ستحتل أولوية في جهود الأمم المتحدة بخصوص اليمن:
- إعادة الأطراف المتحاورة الرئيسية إلى الكويت في 15 يوليو لمتابعة اجتماعاتها حول محادثات السلام، على النحو المتفق عليه قبل تعليق المشاورات وسيسعى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن لتحقيق ذلك.
- تسهيل إجراءات بناء الثقة بين الأطراف المتحاربة في اليمن من خلال (1) التوسط في إطلاق سراح الأشخاص المعتقلين بصورة غير قانونية والمعتقلين من الجانبين، (2) التقليل من حدة الأزمة الإنسانية، (3) تفعيل لجنة التهدئة والتواصل – التي تتألف من ممثلين عسكريين من الجانبين – والمكلفة بالإشراف على الالتزام بوقف الأعمال القتالية، وتحديد المخالفات وإيجاد سبل للتصدي لها.
- توسيع وتحسين قدرة مكتب المبعوث الخاص لليمن، بناء على طلب من مجلس الأمن الدولي في 25 نيسان للأمين العام للأمم المتحدة لتقديم خطة إلى المجلس تحدد كيف يمكن دعم مكتب المبعوث الخاص في المرحلة التالية من عملها مع الأطراف المتنازعة.
- جمع المزيد من الأموال لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، والذي تلقى حتى الآن 25٪ فقط من 1.8 مليار دولار تقول الأمم المتحدة أنها تحتاجها لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية لها لعام 2016 في اليمن.
- المساعدة في إيجاد حلول فورية للوضع الاقتصادي المتدهور بسرعة بالتنسيق مع الحكومة اليمنية والدول الأعضاء ذات الصلة، والبنك المركزي اليمني.
- رفع تقرير عن عمل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش المخصصة لليمن – UN Verification and Inspection Mechanism for Yemen – لشهر يوليو 2016.
اليمن في الأمم المتحدة: هي نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لتحديد وتقييم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن. تهدف “اليمن في الأمم المتحدة” إلى تزويد القارئ بفهم للسياق السياسي الدولي الذي يرافق التطورات على أرض الواقع في اليمن.