إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

اليمن في الأمم المتحدة – نشرة فبراير 2017

Read this in English

نشرة فبراير 2017


ملخص

في فبراير، قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن “اليمن يواجه أكبر أزمة أمن غذائي طارئة في العالم”، حيث أن الاحتياطي المحلي من القمح سينفذ تماما بحلول نهاية مارس 2017.

كما رفعت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقارير موثوقة عن جرائم الحرب التي تم ارتكابها من قبل كل الأطراف المتصارعة خلال معارك ساحل البحر الأحمر بميناء المخا. في هذه المعارك تمكنت القوات الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من استعادة المدينة من قبل جماعة الحوثيين وحليفها الرئيسي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.

الاقتتال الداخلي الذي اندلع في يناير بين المجموعات الموالية للرئيس هادي استمر خلال فبراير في مدن تعز وعدن، في حين تساعد ندرة الموارد والإيرادات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وصالح من رفع وتيرة التوتر سواء في صفوف حلفاء صالح من الحوثيين مع بعضهم، أو بينهم وبين المواطنين في تلك المناطق.

كما استمر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية باستغلال الفوضى في مناطق الصراع، والأزمة الإنسانية والانهيار الاقتصادي في البلاد لتحسين موقعه المحلي حيث صعد من هجماته خلال شهر فبراير ضد الطرفين المتحاربين.

وفي الوقت نفسه – خلال الشهر الثاني من تعيينه في منصبه – زار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس دول الخليج وبعد اجتماعاته مع الحكومات الإقليمية أعلن عن دعمه لمبعوث الأمم المتحدة الخاص في اليمن وجهوده للوصول لحل سلمي للحرب.

في أروقة الأمم المتحدة

تقارير عن جرائم حرب مستمرة

في 10 فبراير، أصدر مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان بيانا عن ما وصفه بـ “تقارير مقلقة للغاية” ذكر فيها أنه خلال الأسبوعين المنصرمين حدثت العديد من أعمال العنف التي انتهكت القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في المعارك التي دارت في مدينة/ميناء المخا. جاء ذلك في أعقاب تقديم فريق خبراء الأمم المتحدة تقريرا عن اليمن في 27 يناير كانون الثاني 2017، والذي قال أن هناك أدلة دامغة عن انتهاكات ممنهجة للقانون الدولي على نطاق واسع من قبل جميع أطراف النزاع.

وذكرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في بيان فبراير بأن الأطراف المتنازعة نشرت بلاغات متناقضة للمدنيين في مناطق مختلفة في مدينة المخا – حيث أصدرت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي أمرا للمدنيين بإجلاء مناطقهم بينما أصدر الحوثيين تعليمات بعدم المغادرة – وبناء على تقارير موثوقة، تم قنص عدد من المدنيين أثناء محاولتهم الهروب من المدينة من قبل قناصة حوثيين. كما قُتل مدنيون آخرون ظلوا في منازلهم عن طريق الضربات الجوية من قبل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية والذي يساند الرئيس هادي.

وفي بيانه، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (الأمير زيد بن رعد الحسين): “كان المدنيون محاصرين وتم استهدافهم خلال المعارك في المخا. هناك مخاوف حقيقية بأن يحصل السيناريو نفسه في ميناء الحديدة المتواجد على شمال مدينة المخا، حيث تتركز غارات جوية كثيفة حتى الآن في تلك المناطق. الأوضاع الإنسانية في البلاد كارثية بالفعل ومن الممكن أن تزداد سوءا في حال تم تدمير ميناء الحديدة والذي يعتبر المنفذ الرئيسي للواردات الغذائية إلى اليمن”.

نص بيان “زيد” على أن هناك “وتيرة مفزعة” في كمية الانتهاكات المحتملة وجرائم الحرب التي حدثت خلال العامين الماضيين من الصراع. ولكسر نموذج الإفلات من العقاب، كرر دعوته لإجراء تحقيق دولي مستقل – المقترح الذي وضع على مجلس حقوق الانسان مرات عدة خلال العامين الماضيين – والذي رُفص على الدوام من قبل السعودية وحلفائها في المجلس بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

وفي مؤتمر صحفي مختصر في 28 فبراير من قبل المتحدثة الرسمية باسم لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة (رافينا شامداساني) قالت بأن تحقيق الأمم المتحدة وجد تقريبا 1500 حالة لتجنيد الأطفال وأطفال مجندين منذ مارس 2015. وحثت جميع أطراف النزاع على التوقف عن هكذا ممارسات محظورة تماما بموجب القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان لحالات يتعرض لها الأطفال قبل بلوغهم سن 15عاما.

أضافت شامداساني “بأن العدد على الأغلب سيكون أعلى حيث أن معظم العائلات لا تستطيع الحديث عن تجنيد أطفالها خوفا من الانتقام” وقالت بأن معظم الحالات التي وثقت متعلقة بتجنيد الأطفال”.

المناورات الدبلوماسية

في 10 فبراير، قدم مسؤول حوثي رفيع المستوى رسالة للأمين العام الجديد في الأمم المتحدة غوتيريس طالبا في مضمونها عدم تجديد مدة عمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة ولد الشيخ أحمد الذي عين من قبل الأمين العام السابق بان كي مون في أبريل 2015. اتهمت الرسالة ولد الشيخ أحمد بعدم الحيادية و انحيازه للتحالف العربي بقيادة السعودية وحثت الأمم المتحدة على التحقيق في الغارة الجوية لقوات التحالف السعودي التي استهدفت مجلس العزاء في صنعاء في أكتوبر 2016 والتي أسفرت عن سقوط مئات الضحايا.

وفي رفض واضح لطلب الحوثيين، وبعد يومين من الرسالة قال الأمين العام متحدثا في مؤتمر صحفي عقده بالرياض (المملكة العربية السعودية): “إن مبعوثنا لديه الدعم الكامل مني وأؤمن أنه يقوم بعمله بطريقة محترفة ومستقلة عن ما قد يظنه البعض”.

وخلال ذات المؤتمر الصحفي أشار غوتيريس إلى أن السعودية “داعمة هامة للاستقرار في المنطقة”. كان الأمين العام في الرياض ضمن جولته الدولية الأولى منذ توليه منصبه الجديد، وهي الجولة التي زار فيها أيضا عمان وقطر ومصر.

وخلال مناقشة الأوضاع في ليبيا وسوريا مع قادة المنطقة، قال غوستيرس أن من أولويات هذه الجولة هو دعم ولد الشيخ أحمد في سعيه لاستئناف المفاوضات بخصوص اليمن. ومنذ ما يقارب العامين من توليه منصبه كمبعوث للأمين العام إلى اليمن، فشل ولد الشيخ وفريقه الصغير – مقارنة ببعثات أممية أخرى – في إنجاز أية تهدئة حقيقية للأعمال العدائية، أو حتى تحقيق توافق حول إطار عمل مشترك يمكن التوافق عليه للدفع بمفاوضات سلام جديدة. وتأكيداً لذلك، فقد رفض الرئيس هادي خارطة الطريق المقترحة للسلام من قبل المبعوث الخاص في ديسمبر 2016.

في 17 شباط / فبراير، سلم مندوب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى مجلس الأمن مطالبة بإدراج جماعة الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح المتحالف معهم كجماعة إرهابية مستدلاً بهجوم الحوثيين على سفينة سعودية قبالة البحر الاحمر في اليمن في يناير كانون الثاني المنصرم.

في الشهر الماضي أيضا، التقى وزراء خارجية كل من عمان و”الرباعية” (المبادرة الدبلوماسية المتعددة الأطراف التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحد والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة) مع المبعوث الأممي إلى اليمن في مدينة بون بألمانيا. لكن لم يصدر عن هذا الاجتماع بيان علني مهم.

من المهم التنويه إلى أنه خلال النصف الأخير من 2016، كان وزيرة الخارجية الأمريكية جون كيري يقود بقوة جهود الرباعية لدعم المبعوث الأممي الخاص لدفع الأطراف المتحاربة إلى الالتزام بعملية السلام. مازالت الإدارة الأمريكية الجديدة التي أتت في يناير كانون الثاني تحاول أن تستوضح وترسم سياستها حول ونحو اليمن – وقد قال العديد من الدبلوماسيين الغربيين أن واشنطن وضعت عملية السلام في اليمن “قيد الانتظار”، على الرغم من المؤشرات التي تدل على أن المسار القادم في البيت الأبيض سيكون أكثر تعاطفا مع المملكة العربية السعودية وأكثر عدوانية نحو إيران والحوثيين.

وفي الوقت نفسه، أكد ممثلون في الدول الأعضاء بمجلس الأمن لمركز صنعاء خلال الشهر الماضي أن عدم وجود دبلوماسي في اليمن – باستثناء تواجد سفارات لإيران وروسيا في البلاد – قد خلق صعوبة جدية فيما يتعلق بتحليل التطورات الديناميكية على الأرض. الأمر الذي أدى إلى خلق وضع الاعتماد الكثيف من قبل أعضاء المجلس على المعلومات المحدودة التي تأتي من وكالات الأمم المتحدة. وذهبت دعوات الرئيس هادي للأمم المتحدة والدول الأجنبية لإعادة فتح مكاتبها والسفارات في عدن أدراج الرياح، بسبب الفراغ الأمني القائم، وعدم التواجد الفعلي للحكومة اليمنية في المدينة.

على الأرض

القوات الموالية لهادي تسيطر على المخا، وتنظيم القاعدة يوسع من هجماته

اشتدت المعارك بين طرفي الحرب الرئيسيين على طول الجبهات القتال في مناطق متعددة من اليمن على مدى فبراير، كما قامت غارات التحالف بقيادة السعودية بقصف المناطق التي تسيطر عليها قوات الحوثي – صالح. وعلى الرغم من ادعاءات الطرفين المتحاربين في وسائل الإعلام الموالية لكل منهما عن انتصارات كبيرة، تشهد معظم المناطق جمود حربي نسبي. الاستثناء الرئيسي لهذا الجمود كان على طول خط ساحل البحر الأحمر في اليمن، حيث تلقت القوات الحليفة لهادي دعما كبيرا من القوة الجوية للتحالف والقوات البحرية وعملت منذ بداية عام 2017 على إحراز تقدم في المناطق الغربية من محافظة تعز.

وقد أسفرت معارك ضارية في النصف الثاني من يناير وعلى مدى فبراير عن إحكام سيطرة القوات الموالية لهادي على معظم أجزاء مدينة ميناء المخا والتخلص من قبضة قوات الحوثي-صالح عليها، ومن الواضح أنها ستستمر بالهدف للوصول شمالا إلى ميناء الحديدة، والذي يعتبر أهم ميناء لا يزال يسيطر عليه الحوثيون وصالح، وبعد فقدان المخا انسحب مقاتلو الحوثي نحو بلدة الخوخة شمال المخا، والمناطق المحيطة بها، وإلى معسكر خالد بن الوليد في الشرق.

في الـ 22 من فبراير، ناشدت حكومة هادي المجتمع الدولي للحصول على مساعدات دولية لعمليات إزالة الألغام، لا سيما حول المخا حيث زرع الحوثيون/صالح الألغام الأرضية و قد تركت أعمال القتال أعدادا لا تحصى من الذخائر غير المنفجرة. وفي نفس اليوم تم إطلاق الصواريخ من قبل قوات الحوثي/صالح والتي قتلت نائب رئيس هيئة الأركان العامة (أحمد سعيد أحمد اليافعي) في المخا، وهو أحد كبار قادة الرئيس هادي ومهندس الهجوم على ساحل البحر الأحمر. (لم يعلن عن بديل له حتى نهاية فبراير).

وفي وقت لاحق، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 25,000 شخص – الأغلبية العظمى من سكان المخا – فروا من المدينة بسبب القتال، حيث أن “المستشفى الرئيسي يعمل بالحد الأدنى من القدرة و هناك تقارير عن عشرات الجثث في الشارع”.

من بين العمليات العسكرية العديدة في أماكن أخرى في البلاد في فبراير، وخلال فترات متقطعة وقعت ضربات جوية من التحالف الذي تقوده السعودية على صنعاء. في وقت مبكر من الشهر استهدفت بعض من هذه الضربات مواقع عسكرية، ولكن في 15 فبراير كشف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن قصفات جوية استهدفت جنازة في مديرية أرحب وأدت إلى مقتل 6 نساء وطفل، وجرح 15 مدني على الأقل.

أماكن السيطرة في اليمن بتاريخ 28 فبراير 2017

وفي الوقت نفسه وطول شهر فبراير، صعد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هجماته ضد قوات هادي وقوات الحوثي/صالح. في الثلث الأول من شهر فبراير، استولى مقاتلو القاعدة على ثلاث بلدات في شمال أبين، ولوقت قصير احتل مقاتلو التنظيم العديد من الأحياء في مدينة لودر، وتم اغتيال اثنين من قادة الحوثي وصالح في محافظة إب، وبعد ذلك اشتبك التنظيم مع قوات الحوثي وصالح في محافظة إب بمنطقتي السياني و العدين أيضاً.

خلال منتصف فبراير كان يشتبه بأن القاعدة يقف خلف الهجمات التي تستهدف القوات الإماراتية في عاصمة حضرموت (المكلا) ومسؤوليتها عن اغتيال مسؤول محلي وثلاثة آخرين في مدينة عتق في محافظة شبوة.

في الأيام السبعة الأخيرة من الشهر الماضي نصبت القاعدة كمينا لقافلة حكومية في محافظة أبين (بمنطقة لودر) واستولت على معدات عسكرية. وهاجمت القاعدة قافلة لقوات الحوثي و صالح في محافظة البيضاء بعبوة ناسفة، ووضعت كمينا لوحدات تابعة لصالح في مدينة النبطية/الزغيب، ودمرت مجمع الشرطة في محافظة شبوة ونفذت هجوما انتحاريا بسيارة مفخخة على قاعدة نجدة العسكرية التي تسيطر عليها الحكومة في محافظة أبين. كما تم اغتيال قائد من الحراك الجنوبي (حسن حنشل العولقي) الذي اغتيل في عتق، فيما يشتبه أن تكون عملية للقاعدة.

الصراع الداخلي بين القوات المؤيدة لهادي

في الأسبوع الأخير من يناير، سيطرت الجماعات السلفية في تعز على المؤسسات الإدارية الحيوية في المدينة في مناطق خارج سيطرة الحوثي وصالح. أشعل ذلك فتيل معارك شوارع متقطعة بين السلفيين والجماعات الأخرى من حزب التجمع اليمني للإصلاح (حزب الإخوان المسلمين في اليمن). في غياب شبه كامل للمؤسسات الحكومية والشرطة في المدينة، شهدت المناطق التي تقع –نظريا– تحت سيطرة الحكومة انفلاتا أمنيا شديدا وارتفع تواجد العصابات الإجرامية. ومن أبرز الأحداث التي وقعت الشهر الماضي: القيام بمحاولة اغتيال قيادي في التجمع اليمني للإصلاح (13 فبراير). وفي هجوم آخر في 23 فبراير على سوق في منطقة حي القبة، أطلق مسلحون النار على المدنيين مما أسفر عن مقتل 4 مواطنين وإصابة 9 آخرين، فيما يقال أنه كان بسبب صراع بين متنافسين على جباية السوق المحلي.

في 25 فبراير، خرج العشرات من السكان إلى الشوارع للاحتجاج على انعدام الأمن، مع انخفاض نسبي للأحداث المتعلقة بالأمن في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة مع ملاحظة حدوث هجمات في نهاية الشهر تنسب إلى القاعدة، حيث أصبح يتم الاعتماد على المنتسبين إليها لممارسة دور الوسيط بين الجماعات المناهضة للحوثيين.

وفي الوقت نفسه، وفي عدن – المدينة التي تسيطر عليها الحكومة – أقفل جنود حماية مطار عدن (بقيادة صالح العمري) المطار (يوم 10 فبراير) احتجاجا على عدم دفع رواتبهم. في اليوم التالي أمر الرئيس هادي وحدات الحماية الرئاسية بالتدخل لتحل محل قوات العمري في المطار، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بالأسلحة النارية بين الطرفين ورفض العمري التنحي. ومع تصاعد الموقف وعندما حاولت وحدات من السلفيين في المنطقة الوقوف بصف العمري – يتلقى كلاهما دعما كبيرا من دولة الإمارات العربية المتحدة – أطلقت طائرة هيلوكوبتر حربية إماراتية النار على سيارة من وحدات الحرس الرئاسي، مما أسفر عن مقتل عدد من الجنود.

حدثت مفاوضات عقب تلك الأحداث، هدأت المعارك و أعيد فتح المطار في اليوم التالي مع استمرار سيطرة رجال العمري علي المطار ولا يزال تحت سيطرتهم حتى اليوم. على الرغم من ذلك إلا أن الخطوط الجوية اليمنية واصلت إلغاء أو تغيير مسار الرحلات من وإلى عدن. يؤشر هذا إلى التصدعات العميقة التي نشأت داخل القوات العسكرية التي تقاتل ضد تحالف الحوثي-صالح، وتحديدا بين القوات التي تحت إدارة الرئيس هادي ودولة الإمارات العربية المتحدة. بعد وقت قصير من وقوع الحادث كان هادي في الرياض لمناقشة معارك المطار مع ممثلين من الحكومتين السعودية والإماراتية.

التوتر بين صالح والحوثي

خلال فبراير أيضا استمرت التوترات داخل تحالف قوات الحوثي-صالح ما منع التوافق على تعيين بديل لعلي الجائفي قائد قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقا) الذي قتل في الغارة الجوية للتحالف العربي على مجلس العزاء في صنعاء في أكتوبر 2016.

في وقت لاحق من شهر فبراير نشأت توترات بين الحليفين (الحوثي-صالح) في محافظة إب عندما بدأ المنتمون لجماعة الحوثي بإصدار تصاريح للمباني المحلية، وهو ما يتناقض مباشرة/ويعتبر تجاوزا لسلطة الوزارة المعنية (بصنعاء) التي يديرها مسؤولون موالون للرئيس السابق صالح. ومن المهم أن نلاحظ هنا أنه كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية يصبح الدخل الرئيسي للعملة هو تكثيف التراخيص الرسمية، والتي قد أصبحت مصدرا هاما للنقد، على الرغم من شبكات صالح القائمة لفترة طويلة على المحسوبية والتي استحوذت على بيروقراطية الدولة والتي أصبح الحوثيون يتنافسون على إيراداتها هم أيضا.

في محافظة ذمار التي يسيطر عليها الحوثيون جنوب صنعاء، تصاعد الإحباط المحلي والاستياء ضد الحوثيين مما أدى إلى اشتباكات مسلحة في مديرية عتمة مع مقاتلي الحوثي و إلقاء القبض عليهم وقتلهم خلال اشتباكات شهدها النصف الأخير من فبراير. بعد قيام الحوثيين بخطف بعض السكان المحليين البارزين الذين برزت معارضتهم للحوثيين، نشبت بعض الاشتباكات مع المحليين خاصة بعد قيام الحوثيين بتفجير منازل معارضين لهم. توضح التقارير أيضاً بأن الحوثيين يقومون بتوظيف أساليب قمع مماثلة ضد السكان المحليين في مناطق مختلفة في محافظة تعز.

استمرار الأزمة الإنسانية
من جانب آخر أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في فبراير أن “اليمن يواجه أكبر أزمة طارئة في الأمن الغذائي في العالم“، وأن “التقديرات تشير إلى أن مخزون القمح الموجود في البلد سوف يستمر فقط حتى نهاية مارس 2017.” جاء ذلك في أعقاب إطلاق الأمم المتحدة نداء دوليا في 8 فبراير بقيمة 2.1 مليار دولار “لتقديم المساعدات الأساسية المنقذة للحياة إلى 12 مليون شخص في اليمن في العام 2017”. وهو أكبر نداء إنساني موجه لليمن من أي وقت مضى.

إعلان الاستغاثة من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ذكر أن الصراع قد خلف 18.8 مليون شخص – أكثر من ثلثي السكان – في حاجة إلى مساعدات إنسانية. و قرابة 10.3 مليون يمني تأثروا تماما من الحرب وهذا يتطلب “شكلا من أشكال المساعدة الإنسانية العاجلة لإنقاذهم والحفاظ على حياتهم”. وهذا يشمل الغذاء والرعاية الصحية والمياه النظيفة والحماية. حيث أن ما يقارب 3.3 مليون شخص (بما في ذلك 2.1 مليون طفل) يعانون من سوء التغذية الحاد.

وذكر تقرير للأمم المتحدة بتاريخ 21 فبراير أنه منذ بداية الصراع في 2015 تشرد/نزوح نحو 3 ملايين يمني، إلا أن ما يقارب مليون شخص عادوا إلى مناطقهم منذ ذلك الحين. وأضاف التقرير “إن ذلك دليل على مدى كارثية الوضع الذي أصبح في اليمن” وأشار إلى أن أولئك الذين شردوا بسبب النزاع يعودون الآن لمنازلهم لأن الحياة في المناطق التي كانوا قد فروا إليها لحماية أنفسهم كانت بالغة السوء كما هو الحال في المناطق التي هربوا منها”. وقال الممثل القطري للمفوضية لليمن، أيمن غرايبة “إن هؤلاء الذين يحاولون العودة يواجهون تحديات هائلة … وغالبا يعودون إلى منازلهم التي تضررت وفي المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية. هؤلاء لا يزالون بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وكثيرا ما يضطرون إلى الفرار من ديارهم مرة أخرى. نسبة العودة لا يمكن أن ينظر إليها على أنها مستدامة”. (ومن بين الذين نزحوا مؤخرا 44،000 شخص فروا من منازلهم بسبب موجة من القتال في محافظة تعز، بما في ذلك من المخا).

في يوم 26 فبراير، أصدرت وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن أرقاما تبين أنه منذ نهاية يناير 2017 كان هناك 1,610 حالة جديدة مبلغ عنها يشتبه بإصابتها بالكوليرا، بما في ذلك 4 حالات وفاة. وقال التقرير “يبدو أن هناك تراجع في معدل الحالات الجديدة في الأسبوع، إلى 80٪ وتتمركز هذه الحالات الجديدة في 13 منطقة في محافظات الحديدة والضالع وحجة وتعز”. وقال كريستوف المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة بأنه في كل 10 دقائق يموت طفل يمني تحت سن الخامسة بسبب أمراض يمكن الوقاية منها – مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة – نظرا إلى أن ما يقرب من نصف المرافق الطبية في البلاد خارجة عن الخدمة.

وتواجه الوكالات التي تحاول العمل في اليمن مخاطر وصعوبات جمة. وكمثالين بارزين فقد تم في١٤ فبراير اعتقال 6 عمال إغاثة يعملون للمجلس النرويجي للاجئين من قبل قوات الحوثي و صالح أثناء محاولتهم توزيع المساعدات في مدينة الحديدة. ثم تم الإفراج عنهم مرة أخرى بعد أسبوع “في حالة جيدة”، وفقا لتصريحات المجلس النرويجي للاجئين، بأنه كان هناك “سوء تفاهم”. وفي 28 فبراير، وبعد أن قدمت لستيفن أوبراين منسق العمليات الإغاثية الطارئة في الأمم المتحدة ضمانات تأمين العبور الآمن من جميع الأطراف – عاد موكبه بعد أن منع عند نقطة تفتيش للحوثيين و صالح من دخول المناطق المحاصرة في تعز. وفي تصريح أورده مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قال أن: “أوبراين يشعر بخيبة أمل للغاية بأن الجهود الإنسانية للوصول إلى المحتاجين تحبط مرة أخرى من قبل أطراف النزاع، خصوصا في الوقت الذي يوجد الملايين من اليمنيين بدون غذاء و يواجهون خطر المجاعة”.

تقلب أسعار العملات وفقدان احتياطي المواد الغذائية

كان تقلب أسعار العملات واضحا في الشهر الماضي، مع هبوط الريال اليمني بنسبة 20٪ في القيمة مقابل الدولار الأمريكي في تداولات السوق السوداء خلال النصف الأول من شهر فبراير -قبل التدخل في الأسواق من صنعاء وعدن- مما ساعد العملة المحلية لاستعادة استقرارها النسبي مرة أخرى. وشملت تدخلات السلطات الحوثي وصالح منع الوقود والمواد الغذائية المستوردة من شراء النقد الأجنبي من السوق لمدة 30 يوما، وتنفيذ إجراءات جديدة ضد المضاربة على العملات. في خطوة موازية لذلك، اجتمع مدير البنك المركزي اليمني في عدن مع شركات الصرافة والبنوك لبحث استقرار العملة، مؤكدا أن البنك المركزي في عدن قريبا سيتمكن من الحصول على دعم كبير من العملة الأجنبية.

إن استقرار العملة هو مسألة حساسة بالنسبة لليمن بالنظر إلى أنه حتى قبل الصراع في البلاد، كانت اليمن تستورد 90٪ من المواد الغذائية الأساسية. مما يبعث على القلق، مع ذلك وحتى شهر فبراير، عبر مستوردو القمح والأرز عن عدم قدرتهم على الحصول على ضمانات الاستيراد من البنك المركزي اليمني، وهو المحرك الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي في البلاد. في محاولة للمساعدة على تعويض خسارة هذه الواردات الغذائية التجارية ودرء المجاعة كان برنامج الغذاء العالمي مستأجرا سفينة شحن قادرة على الرسو في ميناء الحديدة في 1 مارس، حيث أنها تخطط لتفريغ 14,000 طن من القمح، قبل أن تتوجه إلى عدن لتفريغ 6,000 طن آخر.

تتقلص الواردات مع التحديات التي تواجه الموانئ اليمنية. كان ميناء الحديدة (على ساحل البحر الأحمر) في السابق أحد أكثر الموانئ ازدحاما في اليمن. قلصت الأضرار التي سببتها الضربات الجوية من قوات التحالف السعودي من فعاليته. على الرغم من كل هذا استمر ميناء الصليف الواقع في الشمال بفاعلية – رغم صغر حجمه – في استيراد معظم المواد الغذائية بالجملة في اليمن مثل القمح والأرز. كما اضطرت مرافق ميناء الحديدة لفترة وجيزة إلى وقف العمليات في الشهر الماضي من قبل قوات التحالف، التي طالبت سفن الشحن المتوجهة إلى ميناء الحديدة والموانئ الأخرى بالتوجه للتفريغ في عدن. انعدام الأمن في عدن الساحلية الجنوبية، والخدمات اللوجستية تمثل تحديات لنقل البضائع إلى جميع أنحاء اليمن من عدن، وهذا يجعلها ميناء غير جذاب للمستوردين .

في النصف الثاني من فبراير فرضت سلطات الحوثي وصالح رسوما جمركية (إضافية) على جميع الشاحنات التجارية التي تدخل المحافظات التي تسيطر عليها، وذلك بمضاعفة الرسوم الجمركية المدفوعة مسبقا من قبل التجار في الموانئ. على الفور تقريبا كانت هناك تقارير من صنعاء بأن أسعار العقاقير الدوائية العديدة قد ارتفعت. في بعض الحالات ارتفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 35٪، و في يوم 22 فبراير وجهت غرفة تجار أمانة العاصمة صنعاء رسالة احتجاج على فرض رسوم جديدة في صنعاء (من قبل الحوثيين) و هددت بتوجيه أعمالها إلى الأسواق في المناطق التي تسيطر عليها سلطات الرئيس هادي.

وفي الوقت نفسه، فإن الغالبية العظمى من العاملين في القطاع العام في اليمن – الذين يشكلون ثلث العاملين في اليمن ما قبل الصراع – واصلوا الذهاب إلى عملهم دون أجور في شهر فبراير، كما فعلوا منذ أغسطس 2016، مما يديم انهيار الخدمات العامة وازدياد شريحة الفقر المدقع لملايين الناس.

في إشارة إلى أنه قد يكون هناك بعض فرص الإغاثة الاقتصادية في الافق، أعلن الرئيس هادي في 20 فبراير شباط أن الحكومة السعودية وافقت على إيداع 2 بليون دولار كدعم لاستقرار سعر الريال في البنك المركزي اليمني في عدن، وعرض المزيد من المليارات كمساعدات اعادة الاعمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة .

حتى تاريخ 2 مارس 2017، كل هذا الدعم المالي النظري لم يتحقق بعد.

نبذة مختصرة:

  • في شهر فبراير، قامت آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش المخصصة لليمن – UN Verification and Inspection Mechanism for Yemen – بتلقي 38 طلب منح تصاريح دخول سفن الى اليمن. منحت الآلية 27 شهادات تصريح وكان متوسط الوقت لإصدار التصريح 34 ساعة، أي بمعدل ست ساعات أقل من شهر يناير. وعبرها تمت الموافقة على ما مجموع 413,343 طن (mt) من البضائع في فبراير، تتكون من 207،906 طن (mt) من الأغذية، 73,782 طن (mt) من الوقود و131,655 طن (mt) من البضائع العامة. يمثل هذا انخفاضا بما مجموعه 153,003 طن (mt) من البضائع عن شهر يناير.

اليمن في الأمم المتحدة: هي نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لتحديد وتقييم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن. تهدف “اليمن في الأمم المتحدة” إلى تزويد القارئ بفهم للسياق السياسي الدولي الذي يرافق التطورات على أرض الواقع في اليمن.

البرنامج / المشروع: تقرير اليمن
مشاركة