في 26 مارس/آذار، شنت السعودية عملية عاصفة الحزم التي كان من المفترض أن تقتصر على حملة جوية قصيرة الأمد – أخبر السعوديون الولايات المتحدة أنها ستستغرق ستة أسابيع[1] – لطرد الحوثيين من صنعاء وإعادة السلطة إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المعترف به دولياً. سيكون لاندفاع الرياض المتسرع نحو الحرب عواقب وخيمة على اليمن والسعودية والمنطقة، إذ أطلق العنان لسلسلة تعاقبية من الفعل وردود الفعل المستمرة مع النزاع حتى يومنا هذا، ومثلت سيطرة القاعدة على المكلا بعد أسبوع واحد من شن السعودية حملتها الجوية أولى تلك التداعيات الجوهرية.
سيطر مقاتلو القاعدة في جزيرة العرب في 2 أبريل/نيسان 2015 على مدينة المكلا، خامس أكبر مدن اليمن التي تقع على الساحل الجنوبي لمحافظة حضرموت، والبالغ عدد سكانها 500 ألف نسمة لمدة 387 يوماً، وجنت خلالها ملايين الدولارات من العائدات وجندت مئات المقاتلين تحت رايتها السوداء. كانت هذه ثاني محاولة للقاعدة في جزيرة العرب للاستيلاء والسيطرة على أراض في اليمن، فقد باءت محاولة التنظيم الأولى في مارس/آذار 2011 للسيطرة على أراض خلال فوضى الربيع العربي بالفشل، إذ أجبر على الانسحاب من المناطق التي كان يسيطر عليها وهي منطقة جعار في محافظة أبين ومنطقة عزان في محافظة شبوة، تاركاً وراءه سكاناً منهكين ويشعرون بخيبة الأمل. ولكن قائد التنظيم (حينها) ناصر الوحيشي، السكرتير الخاص السابق لأسامة بن لادن في أفغانستان، والذي تمعن في قرارات الأخير وحاكى تفكيره الاستراتيجي، كان يعتقد أنه تعلم بعض الدروس من محاولة القاعدة الأولى والفاشلة في الحكم وكان مستعداً للمحاولة مجدداً.
هذه قصة 387 يوم لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب سيطر فيها على المكلا، تم إعداد هذه الورقة استنادًا إلى عشرات المقابلات مع شهود عيان وصحفيين ونشطاء حقوقيين وموظفين حكوميين وشيوخ عشائر في المدينة والمنطقة المحيطة بها. بدأت القصة كما تبدأ معظم قصص القاعدة في اليمن، بهروب من السجن.
أتوا في الليل كالأشباح
سُمع صوت الرصاص في المدينة بعد منتصف الليل. في البداية، لم يبد أحد اهتماما بالأمر إذ كانت الاضطرابات أمراً معتاداً في المكلا خلال ذلك الوقت. كان التيار الكهرباء ينقطع باستمرار وأغرق المدينة بالظلام وزاد الطين بلة على أعتاب فصل الصيف الحر. وبغضون دقائق، اتضح للجميع في المكلا أن أزيز الرصاص لم يكن نتيجة إطلاق نار ابتهاجاً بمناسبة أو في اشتباكات محدودة كالمعتاد. لقد كان الأمر مختلفاً وإطلاق النار كان متواصلا وشمل استخدام أسلحة ثقيلة.
حوالي الساعة 12:50 بعد منتصف الليل، أجرت مراسلة محلية في محطة السعيدة لم يغلق لها جفن، اتصالاً بأحد مصادرها للاستفسار عن صوت الرصاص الذي بدا وكأنه آت من الجهة الغربية للمدينة. اتصلت بوكيل المحافظ عوض حاتم الذي يسكن في مدينة فوة، على الطرف الغربي لمدينة المكلا، ولكنه قال لها: “لا أسمع شيئاً”. بعدها، اتصلت بقائد حرس القصر الجمهوري، فأخبرها أنه مثلها يسمع صوت الرصاص مضيفا بقلق أنه ليس لديه فكرة عن مصدره. وقال لها: “سأعاود الاتصال بك “. وفعلاً، اتصل بها بعد دقائق ليخبرها أن القاعدة داخل المدينة.[2]
قبلها بحوالي ساعة، تجمع مقاتلو القاعدة بسيارات تويوتا (هايلوكس،ولاند كروزر) في ساحة العروض غرب المكلا. كانوا جميعاً مسلحين وبعضهم يرتدي أقنعة. سأل بعض السكان، بدافع الفضول أكثر منه بدافع الحذر، المقاتلين عن وجهتهم. أجاب المقاتلون أنهم هناك لاقتحام السجن المركزي، وقالوا أنهم سينهون مهمتهم بسرعة ويخرجون من المدينة.[3]
ولكن ما حدث لاحقاً كان مختلفاً، إذ طوقت القاعدة المدينة وفقاً لخطة نفذت بإحكام. انقسم مقاتلو القاعدة – الذين يقدر عددهم ما بين 100 إلى 400 مقاتل – إلى خمس مجموعات، ثلاث منها قطعت الطرق الرئيسية التي تؤدي إلى قلب المكلا – بالقرب من فرع البنك المركزي اليمني، وميناء المدينة القديم، والجهة الشمالية الشرقية لمقر المنطقة العسكرية الثانية أما المجموعة الرابعة فقد قطعت الطريق الساحلي جنوب غرب ساحة العروض. بينما قطعت المجموعة الخامسة الطريق الرئيسية من الشمال على الطريق نحو ند حصن الغويزي.
وتوجهت المجموعتان الرئيسيتان من مقاتلي القاعدة نحو أهداف التنظيم الرئيسية: السجن المركزي وفرع البنك المركزي في المدينة. أيقظ دوي انفجار رهيب قرب البنك المركزي في وسط مدينة المكلا ولدي سعيد البطاطي.[4] كان البطاطي، الصحفي في نيويورك تايمز، يسمع صوت الرصاص الذي كان يقترب من منزله أكثر فأكثر إلا أنه بدا وكأنه آت مباشرة من جانب المنزل. وبالفعل، كان مقاتلو القاعدة يتبادلون الرصاص مع حراس البنك على بعد بضع مئات من الأمتار، كما تم تفجير عربة مدرعة أمام مبنى البنك بقذيفة آر بي جي.
أجرى حراس البنك عدة اتصالات بالجهات المعنية وطلبوا إرسال تعزيزات من قوات الأمن المتمركزة شرق المدينة وقرب المرفأ، ولكن لم تصل أي من هذه القوات إلى البنك. نجح التنظيم في قطع الطرق ولم تحاول قوات الأمن المركزي التقدم مجدداً بعد أن أسفر الاشتباك مع عناصر التنظيم عن مقتل ضابطين.[5] وما لم يعلمه حراس البنك في هذه الأثناء هو أنهم كانوا بمفردهم في مواجهة القاعدة.
محتم في منزله، بدأ البطاطي بتلقي رسائل واتساب. كان الصحفيون المحليون يرسلون صور مسلحي التنظيم على متن سيارات الدفع الرباعي في المدينة. وقالت إحدى الرسائل النصية:”أخلى تنظيم القاعدة سراح السجناء من السجن المركزي.”[6]
تحرير باطرفي
كان زميل البطاطي محقاً. كان مقاتلو القاعدة يتجهون نحو السجن حيث يتواجد عدد من معتقلي التنظيم، أبرزهم، خالد باطرفي، القوي البنية ومطلق اللحية والبالغ من العمر حينها 36 عاماً، فقد أصبح حرا بعد الأعوام الأربعة التي قضاها في السجن.
سافر باطرفي، المولود في السعودية لعائلة حضرمية، إلى أفغانستان عام 1999 حيث أمضى ثمانية أشهر في معسكر الفاروق، معسكر تدريب لتنظيم القاعدة قرب قندهار.[7] ثم ذهب باطرفي مرة ثانية إلى أفغانستان قبل فترة وجيزة من تنفيذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، الهجمات التي شنتها القاعدة على نيويورك وواشنطن. وبعد القتال الذي اندلع عقب الهجوم الأمريكي على أفغانستان، تمكن من عبور الحدود إلى باكستان ومنها إلى إيران حيث اُعتقل وتم ترحيله إلى اليمن.
سُجن باطرفي في اليمن لمدة عامين وأخلي سبيله عام 2004، تزوج الرجل ورزق بطفلين، ولكن بحلول عام 2008 كان قد انضم إلى فرع القاعدة الناشئ في اليمن. ارتقى باطرفي في رتب القاعدة بسرعة وعُين عام 2010 أميراً لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب على أبين. ولكن بعد بضعة أشهر، في مارس/آذار 2011، بينما كان التنظيم يستعد لمحاولته الأولى لإدارة أراض معينة كسلطة، اعتقل باطرفي عند نقطة تفتيش خارج تعز بينما كان يحاول زيارة أسرته.[8] سجن باطرفي لأكثر من سنتين في سجن جهاز الأمن السياسي بصنعاء قبل أن يتم نقله إلى المكلا أواخر العام 2013.
بحلول أبريل/نيسان 2015، أمضى باطرفي 19 شهراً في سجن المكلا المركزي. ولكن كانت النهاية مع وصول مقاتلي التنظيم إلى قلب السجن لتحريره.
لم تستمر معركة الدخول إلى السجن لمدة طويلة، فقد استهدف البرج الرئيسي للحراسة، والذي يطل على بوابة السجن الرئيسية بقذيفة آر بي جي أصابت هدفها بدقة، وسقط السجن بقبضة التنظيم. أعطى التنظيم حراس السجن خيارين: تسليم السجن والمغادرة أو القتال حتى النهاية. سلم الحرس المفاتيح وغادروا السجن بلباس مدني ولم ينظروا وراءهم.[9] أشار سكان محليون لاحقاً إلى أن مدير السجن وقائد الحرس لم يكونا في السجن ليلة هجوم القاعدة.
معظم التقارير عن استيلاء القاعدة على المكلا تشير إلى تحرير 300 سجين في تلك الليلة، وهذا التكهن مبني على حقيقة أن سعة السجن الرسمية هي 300 نزيل، ولكن سجن المكلا كان في كثير من الأحيان مكتظاً بسجناء أكثر. بحسب دراسة لمعهد الولايات المتحدة للسلام عام 2014، كان هناك 483 سجين داخل السجن المركزي في المكلا.[10]
بعد تحريره من السجن، كانت واحدة من أول محطات باطرفي هي القصر الرئاسي الذي استولى عليه التنظيم للتو والواقع في جبل مطل على مديرية فوة، غرب المدينة، حيث التقطت له صور داخله. يظهر باطرفي في إحدى الصور جالساً على أريكة مزخرفة متكئاً على وسادة زهرية اللون وممسكاً بالهاتف بيد وببندقية باليد الأخرى. وفي صورة أخرى، يظهر باطرفي وهو يدوس على علم الجمهورية اليمنية.[11]
تأمين المدينة
انتقل مقاتلو القاعدة إلى القصر الجمهوري ومعسكر قوات الأمن المركزي بعد اقتحام السجن ومهاجمة البنك. استخدم التنظيم سيارة مفخخة لاقتحام مبنى القصر، ودخلوا عبر البوابات بعد انفجار السيارة حيث تبادلوا إطلاق النار مع الحراس داخل القصر. انتهت المعركة، وسلم القصر إلى المهاجمين بعد التوصل إلى اتفاق مع قائد الحرس، خالد الكازمي.[12]
في معسكر قوات الأمن المركزي في منطقة بويش، شرقي المدينة، أعطت القاعدة الجنود في الداخل هذه الخيارات: تسليم أسلحتهم ومغادرة المعسكر؛ القتال والموت؛ أو البقاء في المكلا والعمل مع التنظيم لتأمين المدينة وإدارتها مقابل 99 ألف ريال يمني في الشهر (حوالي 360$ آنذاك)، أي ثلاثة أضعاف رواتبهم[13] اختار البعض المغادرة ولكن باقي الجنود قرروا البقاء والعمل مع التنظيم. وسرعان ما أمن مسلحون تابعون للقاعدة المعسكر مسيطرين بذلك على مخازن السلاح التي تشمل محتوياتها عربات هامفي عسكرية أمريكية الصنع[14] كما استولى التنظيم على المحطة الإذاعية، ولاحقاً على معسكر اللواء 27 ميكا في الريان، شرق المكلا.
ومع بزوغ الشمس، بدا واضحاً أن القاعدة قد سيطرت على المدينة، إذ كان السجن المركزي خال وجنود الحكومة إما اختفوا أو انضموا إلى صفوف التنظيم. خرج البطاطي، الصحافي في نيويورك تايمز، من منزله نهار الخميس ليذهب إلى المسجد ولكن الشوارع كانت خالية وهادئة بشكل مخيف.[15]
ولكن في اليوم التالي، وخلال صلاة الجمعة، استمع البطاطي إلى سكان المدينة وهم يصفون المسلحين بأنهم “ودودين ومنفتحين بشكل مفاجئ إذ أنهم يختلفون عن عناصر القاعدة الذين سيطروا على محافظة أبين الجنوبية عام 2011 وفرضوا أحكامًا إسلامية بقسوة.”[16]
بدت القاعدة مصممة على تطبيق الدروس التي تعلمتها من محاولتها السابقة للسيطرة على أراض يمنية وإدارتها. قبلها بثلاث سنوات، عام 2012، كان ناصر الوحيشي، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، قد كتب رسائل إلى عبد المالك دروكدال، زعيم القاعدة في شمال أفريقيا، تناولت محاولة تنظيمه الأولى والفاشلة في الحكم. أوعز الوحيشي إلى دروكدال بضرورة تأمين الكهرباء والماء للناس، “حاول كسب الناس من خلال توفير سبل الحياة. هذا سيجعلهم يتعاطفون معنا وسيجعلهم يشعرون بأن مصيرهم مرتبط بنا”.[17]
في المكلا، طبق الوحيشي هذه النصيحة وأكثر. لم يرتد عناصر التنظيم الذين ينحدرون من حضرموت أي أقنعة لإخفاء وجوههم وتفاعلوا مع السكان مباشرة، بينما قامت العناصر الأخرى من خارج المحافظة بارتداء الأقنعة وحاولوا البقاء في الخلفية.، وعدم الاحتكاك المباشر بالمواطنين.
وفي المسجد، سمع البطاطي أحد الرجال المسلحين يقول لأحد السكان: “لم نأت إلى هنا للنهب أو للسماح للآخرين بفعل هذا. نحتاج لبضعة أيام لاسترداد النظام.”[18]
قبلها بثلاث سنوات أيضا، كان الوحيشي قد قال لدروكدال في رسالته: “حاول أن تتجنب فرض العقوبات الإسلامية قدر الإمكان، ولا تفرضها إلا إذا كنت مضطراً”.[19]
وفي المكلا، رأى البطاطي كيف طبقت القاعدة طريقتها الجديدة في إدارة المناطق. لم يوقفوا الناس، بمن فيهم النساء، من المشي في الشارع. لم يمنعوا الناس من مشاهدة مباريات كرة القدم أو الاستماع إلى الموسيقى، ولم ترفرف أعلامهم السوداء الشهيرة في المدينة.[20] “لعله شكلاً جديداً من تنظيم القاعدة”، تكهن البطاطي في مقاله في نيويورك تايمز، متعجبا: “لعلها ليست القاعدة على الإطلاق”.[21]
ولكنه كان تنظيم القاعدة بالفعل، و في أوائل أبريل/نيسان 2015، كان التنظيم الإرهابي قد سيطر على المكلا، عاصمة حضرموت.
أسئلة غير مريحة
لعل أكثر ما هو ملح ومحير حول استيلاء القاعدة على المكلا هو: لماذا استولى التنظيم على المدينة بهذه السهولة؟ كيف تمكن بضع مئات من الرجال في سيارات رباعية الدفع من الاستيلاء على هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف و يقع فيها مقر المنطقة العسكرية الثانية بغضون ساعات وعززوا سيطرتهم عليها بغضون أيام؟هل كان هناك مؤامرة، عدم كفاءة أم شيء آخر؟
جزء من الجواب هو أن المكلا كانت تملك واجهة قوية تتألف من معسكرات وقواعد عسكرية ولكن عندما دخل تنظيم القاعدة إلى المدينة استطاع التحرك بحرية وسرعان ما تمكن من فرض سيطرته. وحتى إن كانت الكاميرات الأمنية الخارجية في المدينة تعمل في الساعات الأولى من يوم الثاني أبريل/نيسان، فلم يستجب أحد لما كانت تنقله. وكغيرها من مدن حضرموت، كانت المكلا قد شكلت لجانا أهلية عبر المدينة تساعد السلطات في ضبط الأمن وتوفير الخدمات، ولكن لم توزع عليها أي أسلحة.
وفي نفس الوقت، كان التواجد العسكري قد تقلص في حضرموت. وفي أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015، كان الجيش اليمني مجزأ وممزقاً في خضم سلسلة من الإصلاحات التي لم تترسخ. وقبلها كانت معظم القيادات العسكرية من المحافظات الشمالية وموالية إما للرئيس السابق علي عبدالله صالح أو الجنرال علي محسن الأحمر، الحليف السابق لصالح والذي أنهى تحالفه معه في مارس/آذار 2011.
وفي أبريل/نيسان 2015، كانت المعسكرات المتواجدة داخل وحول المكلا هي:
- معسكر قوات الأمن المركزي بقيادة اللواء ركن عبدالوهاب سيف الوائلي.
- اللواء 27 ميكا المتمركز في الريان بقيادة توفيق الحربي، الموالي لعلي محسن الأحمر
- حرس القصر الرئاسي، الذين كانوا متمركزين في القصر بقيادة خالد الكازمي الذي ينحدر من أبين
- اللواء 190 دفاع جوي المتمركز في الريان بقيادة حسين عمران، الموالي لعلي محسن الأحمر
- مقر المنطقة العسكرية الثانية في خلف، بقيادة محسن ناصر
وبحسب مسؤول عسكري متقاعد، لم يصدر ناصر، قائد المنطقة الثانية، أي أوامر للرد على هجوم القاعدة.[22] كان من الممكن لأي رد عسكري منسق أن يثبت فاعليته إذ من المؤكد أن عدد العسكريين يفوق عدد عناصر التنظيم وفي حيازتهم أسلحة تفوق أسلحة التنظيم. تبنى التنظيم نهج التجزئة لغزو المدينة وحاصر كل قاعدة عسكرية على حدة وتفاوض مع قادتها بشكل فردي قبل أن ينتقل إلى الهدف التالي. وبالرغم من اختلاف تفاصيل هذه المفاوضات فقد كان لها جميعها نفس النتيجة: الاستسلام – فمثلاً سمحت القاعدة لجنود اللواء 190 دفاع جوي من المغادرة وأخذ رواتبهم وأسلحتهم الخاصة و120 طلقة –.[23]
أما القبائل المحلية – وهي الطرف الوحيد الآخر الذي يملك ما يكفي من الرجال والأسلحة لمنع القاعدة من الاستيلاء على المكلا – فلقد فشلت في أخذ أي إجراءات حاسمة. كانت معظم القبائل مدركة أن أماكن تواجدها تنتهي على أطراف المدينة، وبالتالي، لم تكن مستعدة للدخول إلى المكلا لمواجهة القاعدة، وقد حاولت قبيلة نوح كسر حصار التنظيم للواء 27 ميكا، شرق المدينة ولكنها فشلت.
إدارة المدينة: نحكم باسم الله
عام 2011، قدم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب نفسه باسم أنصار الشريعة حين سيطر على أجزاء من أبين وشبوة. كان خياراً محسوباً بعناية، فناصر الوحيشي، زعيم التنظيم، يدرك أن وسم القاعدة غير شعبي إذ أنه مرتبط بإراقة الدماء في العراق وغيرها، وكان يرغب ببداية جديدة في اليمن. وقد أوضح المسؤول الديني في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عادل العباب، في إحدى المقابلات: “إن اسم أنصار الشريعة هو ما نستخدمه لتقديم أنفسنا في المناطق التي نعمل بها لتعريف الناس بما نفعله وبأهدافنا.”[24]
أرادت القاعدة عام 2011 أن تركز على أمرين: التزامها بالشريعة الاسلامية وتوفير الخدمات مثل الكهرباء وشبكات الصرف الصحي. ولكن تفسير التنظيم وتطبيقه للشريعة، ولا سيما الحدود الشرعية التي يتم تنفيذها على مخالفي الشريعة الإسلامية، عتمت على كل شيء كان يحاول التنظيم فعله، وهو ما ندم عليه الوحيشي بحسب رسائله إلى دروكدال بعد عام.
وبعد عام على السيطرة على أبين وشبوة، اضطر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إلى التراجع. وعند التمعن بهذه التجربة، أدرك الوحيشي أن التنظيم أساء تقدير بعض الأمور، من بينها الاسم الذي اختاره لنفسه، فحاول التركيز على مؤهلاته الدينية ولكن هذا لم ينجح. فلقد كتب الوحيشي إلى دروكدال عام 2012: “لا يمكنك ضرب الناس لشربهم الكحول حين لا يعلمون حتى أركان الصلاة.”[25]
بعد ثلاث سنوات، حاول الوحيشي في المكلا اعتماد نهج مختلف، وهذه المرة، قدم مقاتلو القاعدة أنفسهم كأبناء حضرموت.[26] وبدلاً من التركيز على مؤهلاتهم الدينية، ركزوا على علاقتهم المحلية. أرادوا أن يظهروا للناس في المكلا أنهم أبناؤهم وإخوانهم وأخوالهم وأعمامهم وأقاربهم. ولهذا السبب، أوعز الوحيشي، الذي ينحدر من أبين، للمقاتلين من حضرموت بألا يغطوا وجوههم، بينما قام المقاتلون من مناطق أو دول أخرى بتغطية وجوههم، على الأقل في البداية. وحسب ما قال عبد الحكيم بن محفوظ للصحافي البطاطي بعد بضعة أشهر، كان المقاتلون من “عائلات حضرمية مشهورة”.[27]
كما أوعز الوحيشي لعناصر التنظيم بألا يرفعوا أعلام التنظيم السوداء الشهيرة[28] أو حتى الإعلان أنهم استولوا على المكلا، وسردوا القصة على أنهم لا “يسيطرون على المكلا بصفتهم عناصر القاعدة” ولكن “كأبناء حضرموت”.[29] هذه الدلالة اللفظية كانت بمثابة ورقة التين، لا أكثر، استخدمها الوحيشي لأنه كان يعتقد أن هذا سيساعد التنظيم على النجاح في المكلا عبر تجنب ما أدى إلى فشلهم في أبين. وقد تكون محاولة التنظيم تجنب استهدافه بالضربات الامريكية الجوية عاملا من عوامل إصراره على أن يُعرف عن نفسه حينها كـ “أبناء حضرموت”، حسبما أشارت مجموعة الأزمات الدولية.[30]
أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أو (أبناء حضرموت) حسبما ما سمى المقاتلون أنفسهم، أنه لم يتواجد في المكلا ليحكمها ولكن ليحميها من هجوم حوثي محتمل.[31] قبلها بأسابيع، تقدمت قوات الحوثيين، مدعومة بقوات يمنية موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، نحو عدن. وفي أوائل الربيع عام 2015، حين بدأت السعودية والإمارات العربية المتحدة التدخل العسكري الإقليمي المباشر في حرب اليمن، كان البعض في حضرموت قلق من تقدم الحوثيين شرقاً على طول الساحل من عدن باتجاه المكلا في محاولة للسيطرة على البلاد بأكملها.
أعلن التنظيم عبر مكبرات الصوت في المساجد في 3 أبريل/نيسان أنه دخل المدينة لهذا الهدف.[32] أي حماية المدينة من الحوثيين، ويقوم بهذه الحماية (أبناء حضرموت)، وليس قوات الحكومة الأمنية أو العسكرية.
المجلس الأهلي الحضرمي
بعد بضعة أيام من من إحكام سيطرته على المكلا، التقى تنظيم القاعدة بقادة محليين لمناقشة خططهم للمضي قدمًا.[33] ترأس الاجتماع خالد باطرفي، الذي صعد كقائد صوري للتنظيم في المكلا بعد تحريره من السجن.[34] شدد باطرفي على ما أعلنه التنظيم سابقاً عبر مكبرات الصوت في المساجد نهار الجمعة الماضي، وقال أنه لا رغبة للتنظيم بحكم المكلا إذ كل ما أراد فعله هو الدفاع عن المدينة ضد الحوثيين.[35]
أبلغ باطرفي القادة المحليين أن التنظيم جاهز للسماح لهم وللزعماء الدينيين باختيار مجلس يتألف من الحضارم لإدارة المؤسسات الحكومية.[36] وهذا فعلاً ما حدث في 13 أبريل/نيسان. قام القادة المحليون، تحت إشراف عمر بن شكل الجعيدي، وهو شخصية قبلية محسوبة على حزب الإصلاح، وعبد الحكيم محفوظ، رئيس جمعية الحكمة اليمانية الخيرية، جمعية خيرية دينية، بتشكيل مجلس لحكم وإدارة معظم شؤون المدينة بما فيها المؤسسات الحكومية وخدمات المياه والكهرباء والوقود.[37] (من المثير للاهتمام أن محافظ حضرموت عادل باحميد الذي عينه الرئيس هادي بقي في المكلا خلال الأيام الأولى من استيلاء القاعدة عليها وسُمح له لاحقاً بالمغادرة إلى الرياض).[38] ولكن باطرفي والتنظيم احتفظا بحق تشكيل المجالس العسكرية والإشراف على الدفاع عن المدينة.[39] شهد مجلس علماء أهل السنة والجماعة، الذي يتألف من الشخصيات الدينية في حضرموت، على الاتفاق ووافق عليه.[40]
سمح الاتفاق لتنظيم القاعدة بفعل أمرين. أولا، تجنب التنظيم تحمل المسؤولية وتلقي اللوم فيما يخص الحكم المحلي، إذ حمل مسؤولية هذا الأمر المجلس الأهلي الذي من المفترض أن يكون مستقلاً. بالنسبة للتنظيم، كان هذا يعني تجنب بعض الأمور الإدارية التي عرقلت جهوده في أبين عام 2011. أما إذا أراد التنظيم أن يأخذ الفضل لتقديمه خدمة عامة، مثل إصلاح المجاري أو توسيع شبكة الكهرباء، فهو بوسعه فعل ذلك محلياً وعبر البلاد من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. والأمر الثاني في نفس الوقت، أن المجلس لعب دور الوسيط ما بين التنظيم والأطراف الفاعلة في الخارج، مثل حكومة هادي الموجودة في المنفى والسعودية فضلاً عن شركات النفط التي هي على الأرجح من أهم هذه الأطراف. وكانت جميع هذه الأطراف قادرة على استخدام غطاء المجلس الأهلي، وتزعم أنها لا تتعامل مع القاعدة. وفعلاً، في أواخر أبريل/نيسان 2015، سافر وفد من المجلس بقيادة بن شكل إلى الرياض للقاء الرئيس هادي.[41]
ولكن على الأرض في المكلا، لم يكن هناك الكثير من الشك حول من هو المسؤول فعلاً عن المدينة. قال أحد السكان لمجموعة الأزمات الدولية في أبريل/نيسان 2015: “ينظر إلى المجلس كواجهة لشرعنة إمساك التنظيم بالسلطة”، وأضاف: “يرى السكان المحليون المجلس كطريقة مقبولة للتعامل مع العالم الخارجي”.[42]
مقتل الوحيشي وتغيير التنظيم لمساره
كانت الولايات المتحدة الأمريكية من الدول التي لم تر الأمر بهذا الشكل الذي أخرجه التنظيم. وفي 22 أبريل/نيسان، أي بعد أقل من ثلاثة أسابيع على دخول التنظيم إلى المكلا، شنت الولايات المتحدة هجمة بطائرة بدون طيار على المكلا أسفرت عن مقتل مهند غلاب، المتحدث باسم التنظيم.[43] وبعد بضعة أسابيع في 12 يونيو/حزيران، قتل ناصر الوحيشي، مهندس النهج الذي صور عناصر التنظيم ذوي القبضة الحديدية على شكل قفاز مخملي في المكلا، بضربة أمريكية أخرى بطائرة بدون طيار.[44]
خلف الوحيشي في منصبه القيادي البارز في التنظيم قاسم الريمي. ومثل الوحيشي، كان قد أمضى الريمي عدة سنوات في أفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وكان من بين عناصر القاعدة الذين فروا من السجن في فبراير/شباط 2006 – الفرار الذي سمح للتنظيم بإعادة تشكيل نفسه في اليمن. ولكن بعكس الوحيشي، لم يكن الريمي بالتحديد مفكرًا حاذقاً أو مبتكرًا. ففي أفغانستان، اختار بن لادن الوحيشي بنفسه ودربه أما الريمي فكان مدربًا في معسكر للقاعدة. أول منصب تسلمه الريمي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كان كقائد عسكري، ما تناسب ومهاراته كمقاتل شجاع ولكنه متعجرف وأيضاً متهور في كثير من الأحيان.
وبعد أسبوع من مقتل الوحيشي، أعدم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سعوديين اثنين من عناصر التنظيم بتهمة التجسس لصالح أمريكا والسعودية.[45] قيد الرجلان على ألواح خشبية وعلقا فوق جسر وسط المكلا.
مع تصاعد حدة الضربات بالطائرات بدون طيار – خسر التنظيم نصر بن علي العنسي ومأمون حاتم وإبراهيم الربيش وغيرهم[46] – تصاعد بطش التنظيم. في البداية وتماشيًا مع النهج الذي وضعه الوحيشي بناء على الدروس المستفادة، وضع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسارًا حذراً وتصالحيًا إذ أنه أصدر بيانًا في أبريل/نيسان لينفي الشائعات حول نيته “منع الحفلات الموسيقية أو منع الرجال من ارتداء السراويل القصيرة”.[47] وكان الوحيشي قد قال في آخر ظهور علني قبل مقتله في غارة بطائرة بدون طيار إنه في زمن الحرب يجوز الحد من ممارسة الحدود الشرعية.[48] ولكن هذا المسار لم يستمر بعد موته. كان مقاتلو القاعدة في جزيرة العرب يُقتلون، وبدأ التنظيم بممارسة إجراءات قمعية.
أنشأ التنظيم جهاز الحسبة، أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،[49] قام عناصر التنظيم الذين ينفذون أوامر جهاز الحسبة بالتجول في الشوارع في السيارات التي نهبوها خلال دخول التنظيم إلى المكلا، وحرصوا على عدم اختلاط الرجال والنساء إذا كانوا غير متزوجين أو من غير المحارم، كما نهبوا الممتلكات واتبعوا أسلوب الترهيب.[50] حجبت وجوه النساء في الإعلانات كما علقت يافطات عليها نصائح عن الصلاة على الجسور.[51] وبحلول أواخر عام 2015، كانت عقوبات الحدود الشرعية التي حذر الوحيشي مرة من تنفيذها تطبق بشكل روتيني. رجمت امرأة بالحجارة بتهمة الزنا، وقتلت نساء أخريات بتهمة ممارسة السحر، وجلد الرجال علنا، كما أقدم التنظيم على اعتقال أو قتل الصحفيين ومذيعي الراديو والمعارضين.[52]
القلوب والعقول: المال والكهرباء
اتخذت محاولة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لكسب ود سكان المكلا عبر الكفاءة والمال مساراً مشابهاً لما سبق: نجاح في الفترة الأولى تليه خيبة أمل عميقة. قام الفقهاء التابعين للقاعدة في جزيرة العرب بحل عدد من القضايا التي لم يبت بأمرها لسنوات في محاكم المكلا وبشكل سريع. كان هذا تغييرًا مرحبًا به بالنسبة للمواطنين الذين اعتادوا على نظام فاسد تعالج فيه الأمور ببطء و تبتليه المحسوبية والصفقات السرية.[53]
وكما حدث في أبين عام 2011، شملت أولويات التنظيم تأمين الخدمات. وبعد أيام من الاستيلاء على المدينة، طلب التنظيم من موظفي شركة الكهرباء العودة إلى العمل وتحضير قائمة يفصلون فيها ما يحتاجونه لتحسين إنتاج الكهرباء وتوفير التيار الكهربائي للسكان. أوكل الوحيشي مهمة الإشراف على الكهرباء إلى أبو أنس الصنعاني، المتخرج حديثاً حينها من كلية الهندسة في جامعة عدن. عدل الصنعاني نظام التسعير وألغى التعريفات التي غالباً ما أدت إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي إغضاب السكان. استخدم التنظيم المجلس الأهلي لضخ حوالي 2.79 مليون دولار لتحسين البنية التحتية للكهرباء في المكلا ولدفع الرواتب وشراء محولات جديدة واستبدال الشبكات.[54] كما هدد مقاتلو التنظيم المدراء في المنشأة إذا لم يلتزموا معايير الأداء، مما قلل بشكل كبير من الفساد وتغيب الموظفين عن العمل.[55] وبحسب محفوظ، أمين عام المجلس الأهلي الحضرمي، الذي تحدث مع الجزيرة في سبتمبر/أيلول 2015، تمكن التنظيم من إنجاز عمل جيد فيما يخص توسيع الشبكات الكهربائية في المكلا لدرجة أن المدينة أمست مستعدة لاستقبال “150 ألف نازح من عدن وغيرها من المناطق” والفارين من القتال بين الحوثيين والتحالف بقيادة السعودية.[56]
وكما فعل الحوثيون في صنعاء، لم يحاول التنظيم اجتثاث النظام بأكمله ولكنه عين عنصراً من عناصره داخل كل وزارة وشركة ليعمل ويشرف على عمل المدير.[57] كان هذا ترتيباً غريباً من نوعه لإنجاز الأعمال ولكنه كان مثمراً، على الأقل في البداية.
أصلح التنظيم بعض الطرقات وشبكات المجاري، وركز على أخذ الفضل عن هذه الإصلاحات عبر إنتاج فيديوهات محترفة وزعت محليا ونشرت على الإنترنت. كما سلم معدات ومستلزمات طبية إلى المستشفيات باسم أنصار الشريعة وأجرى مقابلات مع الإداريين في المستشفيات الذين شكروا القاعدة علناً لتوفير ما عجزت الحكومة عن تأمينه.[58] كما ألغى التنظيم الضرائب، ووعد السكان بإعادة أموال الضرائب التي دفعوها مستخدما بعض المال الذي حصل عليه عند نهبه البنك المركزي. وصفت إليزابيث كندال، الباحثة في الشأن اليمني بجامعة أوكسفورد، في تصريح لرويترز هذا النهج، بأسلوب “روبين هود”.[59]
كما مول التنظيم المجلس الأهلي الحضرمي الذي كان واجهته أمام العامة. وبحسب محفوظ، أمين عام المجلس، وزع التنظيم في البداية 3.7 مليون دولار،[60] أتى معظمها على ما يبدو من نهب فرع البنك المركزي في المكلا. ونقل تحقيق لرويترز عن مسؤولين أمنيين يمنيين طلبا عدم الكشف عن اسميهما قولهما أن القاعدة قد سرقت ما يقدر بمئة مليون دولار من البنك،[61] ولكن كما هو الحال مع أي أرقام ترتبط بالقاعدة، فإن التحقق من دقة هذا الأمر يكاد يكون مستحيلاً.
خلال فترة حكمه للمكلا، كان للقاعدة في جزيرة العرب ثلاثة مصادر رئيسية للإيرادات: المال الذي نهبه التنظيم من البنك المركزي؛ والأموال التي حصل عليها عبر ابتزاز شركات النفط والهاتف؛ والأموال التي حصل عليها من الرسوم الجمركية على البضائع والنفط المتدفق عبر ميناء المكلا.[62] ولكن أكبر مصدر للإيرادات من بينها كان مرتبطاً بالميناء، إذ قال مسؤول في وزارة النقل اليمنية لرويترز عام 2016 إنهم يقدرون إيرادات التنظيم في اليوم الواحد بنحو مليوني دولار.[63] هذا يعني أن أرباح التنظيم من الميناء وحده قد تبلغ حوالي 774 مليون دولار، وإذا أضفنا إليه مبلغ الـ 100 مليون دولار من البنك المركزي، وبضعة ملايين أخرى جناها التنظيم عبر الابتزاز، فإن المحصلة النهائية ستكون هائلة للغاية، حوالي 900 مليون دولار، مبلغ يعتبر بعيد الاحتمال. وقال مسؤول يمني لرويترز عام 2016، إن حتى 100 مليون دولار فقط تكفي لتمويل التنظيم لمدة عشر سنوات على الأقل.[64]
هذا الأمر يطرح سؤالين: كم جنى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فعلا خلال الـ387 يوم التي حكم فيها المكلا، وماذا فعل بذلك المال؟
جنى التنظيم أموالاً طائلة في المكلا وأنفق الكثير في المكلا. بلغت رواتب المقاتلين الجدد حوالي 200 دولار شهريًا لكل مقاتل مقارنة بـ 140-150 دولارًا شهريًا للجندي اليمني العادي.[65] أما الفنيين الماهرين، فلقد جنوا أكثر بكثير لقاء العمل مع التنظيم بينما وُعد بعض الصحفيين بالحصول على 900 دولار شهريًا للعمل في مواقع الكترونية تخدم التنظيم.[66] وحتى لو كانت التقديرات حول المال الذي جناه التنظيم خاطئة بمقدار 10 أضعاف، فإن التنظيم من المفترض أن يكون لا يزال بحوزته بعضاً من هذا المال المتبقي مما حازه خلال تواجده في المكلا. غير أن وضع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عام 2020 لا يبدو كتنظيم لديه فائض من الأموال. فالتنظيم يبدو في أضعف حالاته منذ تأسيسه عام 2009 إذ تمزقه الوشايات والغيرة التافهة التي بدأت بالظهور علناً.[67]
جزء من الإجابة على هذا اللغز المتعلق بماذا حل بالمال، قد يكون بأن القاعدة خسرت الكثير من هذه الأموال عند انسحابها من المكلا. فعلى سبيل المثال يُعتقد أن غارة جوية أمريكية عام 2015 أدت إلى احتراق 41 مليون دولار نقدًا.[68] ولكن لعل ما يفسر هذا اللغز أكثر هو بكل بساطة: الفساد.
عندما دخل التنظيم إلى المكلا عام 2015، غير بسرعة سياسة الشحن إلى الميناء، وهو ثالث أكبر مرفأ في اليمن، إذ خفض الرسوم لإغراء الشركات الحذرة من التعامل معه على تغيير موقفها. وعندما عرض القتال الذي كان جار في عدن دخول السفن للخطر الشديد، قدم التنظيم ميناء المكلا كبديل جذاب ورخيص.[69] كما تلقى مسؤولو التنظيم رشاوى من التجار المحليين مقابل منحهم امتيازات عند الاستيراد. وبدا أن الكثير من هذه الأموال كانت تنتهي في جيوب عناصر التنظيم وليس في خزانته، فعلى سبيل المثال، بدت على عائلة غالب القعيطي المعروف بكنيته (أبو هاجر)، الذي شغل منصب المتحدث باسم التنظيم وقتل بضربة أمريكية بطائرة بدون طيار وهو في المرفأ، علامات الثراء بشكل واضح خلال عامي 2015-2016، إذ اشتروا، على سبيل المثال، العقارات في حضرموت.[70]
مع ظهور أدلة متزايدة بشأن الفساد وزيادة تطبيق التنظيم لعقوبات الحدود الشرعية، طفح الكيل بسكان المكلا. وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول، تظاهر أكثر من 100 شخص ضد فساد التنظيم واستمراره بحكم المدينة.[71] وسار المتظاهرون في شوارع المكلا وهتفوا: “لا قاعدة بعد اليوم. اخرجوا.”[72]
بقي التنظيم في المكلا لستة أشهر أخرى، ولكن كان واضحاً بأن الوضع بالنسبة له سيتجه نحو الأسوأ.
وبعدها اختفوا
في 22 أبريل/نيسان 2016، عندما احتشد مسلحون مدعومون من السعودية والإمارات على الحافة الشرقية من المكلا، أصدر التنظيم بيانًا طالب فيه السكان المحليين بعدم الانضمام إلى قوات التحالف.[73] استند التنظيم في دعوته هذه إلى ما زعم أنه سجله في الحكم الجيد، وطلب من السكان الذين حكمهم خلال العام الماضي الاستمرار في الوقوف إلى جانبه وقت الحاجة. وكما قالت إليزابيث كندال، الباحثة في الشأن اليمني بجامعة أوكسفورد: “بدا البيان أشبه بمناشدة أكثر من تهديد”.[74]
علناً، زعم التنظيم أنه مستعد للقتال للدفاع عن المدينة التي كانت مصدر أموال طائلة له خلال العام الماضي. ولكن كان هناك شيء آخر يحدث خلف الكواليس. بحسب وكالة أسوشيتد برس، كان شيخ قبلي يتنقل بين قادة القاعدة في جزيرة العرب بالمكلا والمسؤولين الإماراتيين بعدن في محاولة لإبرام صفقة لحماية المكلا عبر السماح لمقاتلي التنظيم بالخروج من المدينة دون أن يصابوا بأذى.[75]
كان الجانبان يملكان الأوراق اللازمة للمساومة، وكلاهما كان لديه ما يريده الطرف الآخر، حيث كان التنظيم يسيطر على المدينة، وإذا أُجبر على القتال فبوسعه أن يأخذها كرهينة، ما سيستدعي عمليات قصف واسعة النطاق من المرجح أن تدمر المدينة التي أرادت الإمارات العربية المتحدة والسعودية الحفاظ عليها. لكن التنظيم لم يكن فعلاً يريد القتال من أجل المكلا، بل كان يفضل انسحابًا تفاوضيًا، على غرار ما حدث عام 2012 عندما انسحب من المدن التي كان يسيطر عليها في أبين.
أما الإمارات، فكانت أيضاً تفضل إبرام صفقة. ولكن كانت تجهز ببطء مقاتلين من القبائل في حضرموت ليكونوا مستعدين للقتال. وفي أواخر عام 2015، أنشأت الإمارات معسكراً تدريبياً في رماه، على بعد حوالي 600 كيلومتراً شرق المكلا، سمي المخيم بمخيم الخالدية نسبة إلى مضيفه القبلي الشيخ خالد المنهالي. وقامت الإمارات في غضون أشهر بتجنيد وتدريب وتجهيز 3 آلاف مقاتل سيشكلون النواة الأولية لما سيعرف لاحقاً بقوات النخبة الحضرمية.[76] في أوائل عام 2016، التقى عدد من شيوخ القبائل وقادة الميليشيات في منطقة شرورة على الحدود السعودية لوضع خطة عسكرية لطرد القاعدة في جزيرة العرب من المكلا[77] ولكن كالتنظيم، فضلت الإمارات انسحاباً تفاوضياً.
وفي النهاية، هذا ما حدث بالضبط. تم ضمان الخروج الآمن لمقاتلي التنظيم من المدينة وسمح لهم بالاحتفاظ بجميع الأسلحة والأموال التي حصلوا عليها خلال تواجدهم في المكلا.[78] وقال أحد زعماء القبائل، الذي لم يكن مطلعاً على معلومات حول الصفقة، لوكالة أسوشيتد برس: “لم تقصف طائرات التحالف الحربية والطائرات بدون طيار الأمريكية أي هدف. كنت أتساءل لماذا لم يقصفوهم”.[79]
بعد يومين، في 24 أبريل/نيسان، دخلت قوات النخبة الحضرمية إلى المكلا. زعمت وسائل الإعلام السعودية في البداية أن 800 مقاتل من التنظيم لقوا حتفهم خلال القتال.[80] ولكن تلك كانت كذبة، فقد أفادت صحيفة نيويورك تايمز أنه “بالكاد أطلق رصاصة واحدة”.[81] وهذا ما ردده صحفي محلي لوكالة أسوشيتد برس: “استيقظنا ذات يوم وكانت القاعدة قد اختفت من المدينة دون قتال”.[82] غادر عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في سيارات متجهين نحو غرب المدينة، عبر نفس الطريق الذي سلكوه قبل عام للدخول إليها.[83] وكما فعل في أبين عام 2012، حاول التنظيم أن يزعم أن قراره ناتج عن تفوقه الأخلاقي[84] وقال في بيان: “لم ننسحب إلا تفويتاً للفرصة على العدو، في نقل المعركة إلى بيوتكم وأسواقكم وطرقكم ومساجدكم”.[85] وبعد 387 يومًا، انتهت سيطرة القاعدة على مدينة المكلا.
أعد هذه الورقة مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع مجموعة أكسفورد للأبحاث، كجزء من برنامج اليمن: إعادة الهيكلة.
مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية هو مركز أبحاث مستقل يسعى إلى إحداث فارق عبر الإنتاج المعرفي، مع تركيز على اليمن والإقليم المجاور. تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.
مجموعة أكسفورد للأبحاث هي منظمة مستقلة يمتد تأثيرها لقرابة أربعة عقود باعتمادها مقاربة رائدة جديدة وأكثر استراتيجية للأمن وبناء السلام. تأسست عام 1982، وتواصل المجموعة متابعة آخر الأبحاث ودعوات المناصرة في المملكة المتحدة وخارجها، بينما تدير مشاريع مبتكرة لبناء السلام في العديد من بلدان الشرق الأوسط.
الهوامش:
- “الولايات المتحدة والسياسة والحرب في اليمن، معهد بروكنجز، ملاحظات مسجلة، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018، https://www.brookings.edu/events/u-s-policy-and-the-war-in-yemen/
- مقابلة مع مراسلة صحفية كانت في مدينة المكلا أثناء استيلاء التنظيم على المدينة، أغسطس/آب 2019.
- عدة مقابلات مع سكان منطقة فوة ومع صحفيين كانوا متواجدين أثناء حدوث هذه التطورات، يوليو/تموز 2019.
- سعيد البطاطي، “عندما اقتحم تنظيم القاعدة مدينتي”، نيويورك تايمز، 10 أبريل/نيسان 2015،https://www.nytimes.com/times-insider/2015/04/10/when-al-qaeda-stormed-my-city-reporters-notebook/
- مقابلات مع مواطنين شهدوا دخول القاعدة إلى المكلا، يوليو/تموز 2019؛ مرجع سابق.
- البطاطي، “عندما اقتحم تنظيم القاعدة مدينتي”، نيويورك تايمز، 10 أبريل/نيسان 2015،https://www.nytimes.com/times-insider/2015/04/10/when-al-qaeda-stormed-my-city-reporters-notebook/
- غريغوري د. جونسن، “خالد باطرفي ومستقبل القاعدة في جزيرة العرب”، لوفير، 22 مارس/آذار 2020، https://www.lawfareblog.com/khalid-batarfi-and-future-aqap
- “القبض على القيادي القاعدي خالد باطرفي”، 26 سبتمبر نت، 17 مارس/آذار 2011، https://www.26sep.net/nprint.php?lng=arabic&sid=72181
- مقابلة مع أحد سكان الديس، حيث يقع السجن المركزي في المكلا، رأى الحراس ينسحبون، يوليو/تموز 2019.
- فيونا مانغان وإيريكا غاستون، السجون في اليمن، معهد الولايات المتحدة للسلام، مارس/آذار 2015، ص. 51، الجدول A1، https://www.usip.org/sites/default/files/PW106-Prisons-in-Yemen.pdf
- انتشار صورة لخالد باطرفي أحد قيادات القاعدة وهو يدوس العلم اليمني بالقصر الرئاسي في المكلا، سي إن إن بالعربية، 4 ابريل/نيسان 2015، https://arabic.cnn.com/middleeast/2015/04/04/aqap-leader-inside-presidential-palace-southern-yemen
- “القاعدة تحرر 300 معتقل بهجوم على سجن المكلا”، الجزيرة.نت، 2 أبريل/نيسان 2015، https://www.aljazeera.net/news/arabic/2015/4/2/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D8%B1-300-%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84-%D8%A8%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D8%AC%D9%86.
- كان راتب الجندي الواحد منهم قرابة 33 ألف ريال يمني، بما يوازي تقريبا 120 دولار أمريكي حسب أسعار الصرف يومها، وضاعفته القاعدة ثلاث مرات، ما جذب الجنود الفقراء.
- سعيد البطاطي، كريم فهيم، “أحد فروع تنظيم القاعدة يستولي على مدينة يمنية كبرى ويطرد الجيش”، نيويورك تايمز. 3 أبريل/نيسان 2015،https://www.nytimes.com/2015/04/04/world/middleeast/al-qaeda-al-mukalla-yemen.html
- البطاطي، “عندما اقتحم تنظيم القاعدة مدينتي.
- البطاطي، “عندما اقتحم تنظيم القاعدة مدينتي.
- روكميني كاليماتشي، “زعيم الإرهاب في اليمن ترك مخططاً لشن الجهاد”، أسوشيتد برس، 13 أغسطس/آب 2013،https://www.pulitzer.org/files/2014/international-reporting/callimachi/08callimachi2014.pdf
- البطاطي، “عندما اقتحم تنظيم القاعدة مدينتي.
- روكميني كاليماتشي، “زعيم الإرهاب في اليمن ترك مخططاً لشن الجهاد”.
- البطاطي، “عندما اقتحم تنظيم القاعدة مدينتي.
- البطاطي، “عندما اقتحم تنظيم القاعدة مدينتي.
- مقابلة مع عسكري متقاعد في حضرموت، يوليو/تموز 2019.
- مقابلة مع شخصية قبلية حضرمية عايشت الحدث، يوليو/تموز 2019.
- مقتبس في آرون ي. زلن، “من هم أنصار الشريعة”، فورين بوليسي، 21 سبتمبر/أيلول 2012، https://foreignpolicy.com/2012/09/21/know-your-ansar-al-sharia/
- روكميني كاليماتشي، “زعيم الإرهاب في اليمن ترك مخططاً لشن الجهاد”.
- سعيد البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا، مقابلة مع عبد الحكيم بن محفوظ”، الجزيرة.نت، 16 سبتمبر/أيلول 2015، https://www.aljazeera.com/news/2015/09/yemen-truth-al-qaeda-takeover-mukalla-150914101527567.html
- البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا، مقابلة مع عبد الحكيم بن محفوظ”.
- “القاعدة في اليمن: توسيع قاعدتها”، مجموعة الأزمات الدولية، 2 فبراير/شباط 2017 https://d2071andvip0wj.cloudfront.net/174-yemen-s-al-qaeda-expanding-the-base.pdf ص. 11
- البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا، مقابلة مع عبد الحكيم بن محفوظ”.
- “القاعدة في اليمن: توسيع قاعدتها”، ص. 11
- مقابلة مع ناشط مدني من المكلا،2019.
- سند بايعشوت،”القيادي بالقاعدة باطرفي : مشينا خطوات كبيرة في عملية تسليم مدينة المكلا للمجلس الأهلي ولا خلاف مع بلعيدي”، حضارم نت، 4 سبتمبر/أيلول 2015، http://hadarem.com/m/index.php?ac=3&no=17096K
- جوانا كوك، “مصيرهم مرتبط بنا: تقييم حكم القاعدة في جزيرة العرب وتداعياتها الأمنية في اليمن”، المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، 2019، https://icsr.info/wp-content/uploads/2019/10/ICSR-Report-Their-Fate-is-Tied-to-Ours-Assessing-AQAP-Governance-and-Implications-for-Security-in-Yemen.pdf
- 34.سند بايعشوت،”القيادي بالقاعدة باطرفي : مشينا خطوات كبيرة..”، http://hadarem.com/m/index.php?ac=3&no=17096
- المرجع نفسه.
- البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا.” 37.البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا.”
- المرجع نفسه.
- المرجع نفسه.
- أسماء الغابري، “المجلس الأهلي الحضرمي يؤيد بقوة العمليات العسكرية لقوات التحالف”، الشرق الأوسط، 29 مايو/أيار 2015، https://aawsat.com/home/article/371421/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D9%85%D9%8A-%D9%8A%D8%A4%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81
- الغابري، “المجلس الأهلي الحضرمي يؤيد بقوة العمليات العسكرية لقوات التحالف”. انظر أيضا، البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا.”
- البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا.” انظر أيضا، كوك، “مصيرهم مرتبط بنا”، ص. 20
- “القاعدة في اليمن: توسيع القاعدة”، مجموعة الأزمات الدولية، ص. 11.
- عائشة عمرو، “كيف تحكم القاعدة في اليمن”، فورين أفيرز، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2015، https://www.foreignaffairs.com/articles/yemen/2015-10-28/how-al-qaeda-rules-yemen
- دانا باش، “مقتل زعيم للقاعدة في اليمن”، سي إن إن، 16 يونيو/حزيران 2015، https://edition.cnn.com/2015/06/15/middleeast/yemen-aqap-leader-killed/index.html
- محمد مخشف، “القاعدة تعدم سعوديين متهمين بالتجسس لصالح أمريكا: سكان”، رويترز، 17 يونيو/حزيران 2015، https://www.reuters.com/article/us-yemen-qaeda/al-qaeda-kills-two-saudis-accused-of-spying-for-america-residents-idUSKBN0OX11Q20150617?feedType=RSS&feedName=worldNews
- عمرو، “كيف تحكم القاعدة في اليمن”.
- عمرو، “كيف تحكم القاعدة في اليمن”.
- عمرو، “كيف تحكم القاعدة في اليمن”.
- الحسبة مصطلح ديني يمنح كل مسلم الحق في الاعتراض على أية سلوكيات فردية أو جمعية يرى أو ترى أنها مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي.
- مقابلة مع أخت المعتقل التي روت قصتها، وكيف كان الفصل بين الجنسين هدفا ملحا للجماعة، خاصة بعد تمكنها في المدينة، سبتمبر/أيلول 2019.
- عمرو، “كيف تحكم القاعدة في اليمن”.
- بل ترو: “المكلا: الحياة بعد القاعدة”، ذي إندبندنت، 17 أغسطس/آب 2018، https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/mukalla-yemen-al-qaeda-civil-war-before-after-jihadi-terro.-group-a8495636.html، عمرو، “كيف تحكم القاعدة في اليمن”؛ وكوك، “مصيرهم مرتبط بنا”، ص. 21.
- مقابلة مع ناشط حقوقي من المكلا كان على علاقة بمحامين تعاملوا مع تلك المحاكم، أغسطس/آب 2019.
- البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا.”
- مقابلة في المكلا مع صحفي محلي، سبتمبر/أيلول 2018.
- المرجع نفسه.
- مقابلة مع مصدر في شركة الكهرباء بالمكلا، يوليو/تموز 2019.
- يارا بيومي ونوح براونينج ومحمد الغباري، “تقرير خاص – القاعدة تخرج من حرب اليمن.. أقوى وأغنى”، رويترز، 8 ابريل/نيسان 2016،https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN0X5289
- المرجع نفسه.
- البطاطي، “اليمن: حقيقة استيلاء القاعدة على المكلا.”
- بيومي، براونينج و الغباري، “تقرير خاص – القاعدة تخرج من حرب اليمن.. أقوى وأغنى”.
- بيومي، براونينج و الغباري، “تقرير خاص – القاعدة تخرج من حرب اليمن.. أقوى وأغنى”.
- بيومي، براونينج و الغباري، “تقرير خاص – القاعدة تخرج من حرب اليمن.. أقوى وأغنى”، انظر أيضاً: حسام ردمان، “القاعدة في اليمن: الانسحاب الاستراتيجي”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 17 أبريل/نيسان 2019، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/7326
- بيومي، براونينج و الغباري، “تقرير خاص – القاعدة تخرج من حرب اليمن.. أقوى وأغنى”.
- “القاعدة في اليمن: توسيع القاعدة”، مجموعة الأزمات الدولية، ص. 17.
- مقابلة مع صحفي من مدينة الشحر التي كانت تحت سيطرة التنظيم، قال أنه رفض عرض التنظيم للعمل معه رغم الإغراء المالي. تم حجب التاريخ الذي اجريت فيه المقابلة بناء على طلب المصدر لأسباب أمنية.
- نهاد الجريري، “عناصر القاعدة في اليمن يطالبون الظواهري التدخل لحلّ خلافات داخلية”، أخبار الآن، 26 ابريل/نيسان 2020، https://www.akhbaralaan.net/news/arab-world/2020/04/26/
- “القاعدة في اليمن: توسيع القاعدة”، مجموعة الأزمات الدولية، ص. 17.
- قابلة مع محامي من أبناء المكلا، يوليو/تموز 2019، وتم تأكيد المعلومة من أكثر من مصدر من مهتمين ومتابعين لسياسات التنظيم بالمكلا.
- مقابلة مع مصدر من سكان المكلا على معرفة مباشرة بأسرة القعيطي، يوليو/تموز 2019.
- ترو: “المكلا: الحياة بعد القاعدة”، كوك، “مصيرهم مرتبط بنا”.
- عمرو، “كيف تحكم القاعدة في اليمن”.
- إليزابيث كندال، “كيف يمكن هزيمة القاعدة في جزيرة العرب؟” واشنطن بوست، 3 مايو/أيار 2016، https://www.washingtonpost.com/news/monkey-cage/wp/2016/05/03/how-can-al-qaeda-in-the-arabian-peninsula-be-defeated/
- المرجع نفسه.
- ماجي ميشيل، تريش ويلسون، لي كيث، “اليمن: حلفاء الولايات المتحدة يبرمون صفقات مع القاعدة في الحرب على المتمردين”، أسوشيتد برس، 6 أغسطس/آب 2018، https://pulitzercenter.org/reporting/yemen-us-allies-spin-deals-al-qaida-war-rebels
- مقابلة مع الشيخ خالد الكثيري، شخصية قبلية بارزة من حضرموت يوليو/تموز 2019.
- المرجع نفسه.
- ميشيل، ويلسون، كيث، “اليمن: حلفاء الولايات المتحدة يبرمون صفقات مع القاعدة في الحرب على المتمردين”.
- المرجع نفسه.
- “التحالف السعودي يزعم أنه قتل 800 من مقاتلي القاعدة في اليمن”، وكالة فرانس برس، 25 أبريل/نيسان 2016، https://www.telegraph.co.uk/news/2016/04/25/saudi-coalition-claims-it-killed-800-al-qaeda-fighters-in-yemen/، انظر أيضاً: “التحالف يفيد بالسيطرة على ميناء رئيسي ومقتل 800 من القاعدة في اليمن”، بي بي سي عربي، 25 أبريل/نيسان 2016، https://web.archive.org/web/20160810091415/http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2016/04/160425_yemen_mukalla_qaeda
- سعيد البطاطي، كريم فهيم، إريك شميت، “القوات اليمنية، المدعومة من الإمارات، تستعيد المدينة من القاعدة”، نيويورك تايمز، 24 أبريل/نيسان 2016، https://www.nytimes.com/2016/04/25/world/middleeast/yemeni-troops-backed-by-united-arab-emirates-take-city-from-al-qaeda.html?_r=0&auth=login-email&login=email&ref=middleeast
- ميشيل، ويلسون، كيث، “اليمن: حلفاء الولايات المتحدة يبرمون صفقات مع القاعدة في الحرب على المتمردين”.
- مقابلة مع صحفي من شبوة راقب إنسحاب مواكب التنظيم من المكلا ودخولها إلى شبوة، يوليو/تموز 2019. مقابلة مع شخصية قبلية بارزة من حضرموت، يوليو/تموز 2019.
- إليزابيث كندال، “كيف يمكن هزيمة القاعدة في جزيرة العرب؟”
- “الأحمر يعلن تطهير المكلا اليمنية من القاعدة.. والأخيرة تؤكد”، الخليج أون لاين، 30 أبريل/نيسان 2016، https://alkhaleejonline.net/سياسة/الأحمر-يعلن-تطهير-المكلا-اليمنية-من-القاعدة-والأخيرة-تؤكد