نظم مركز صنعاء في 9 أبريل/نيسان 2021 إحاطة إعلامية مع طارق صالح، قائد قوات المقاومة الوطنية ونجل شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح. سلط اللقاء الضوء على آخر المستجدات على الجبهة الغربية وساحل البحر الأحمر وتشكيل المكتب السياسي لقوات المقاومة الوطنية الذي أعلن عنه صالح في مارس/آذار 2021. يسر الجلسة ماجد المذحجي، المدير التنفيذي لمركز صنعاء.
حُررت هذه المقابلة مراعاة للوضوح. المقابلة كاملة موجودة هنا.
مركز صنعاء: ما هو المكتب السياسي لقوات المقاومة الوطنية؟ هل يمكن الحديث عنه باعتباره بديلًا لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يبدو أنه انقسم ولا يتمتع بالنفوذ السياسي الذي كان يتمتع به سابقًا؟
صالح: أُنشئ المكتب السياسي نتيجة الوضع السياسي الراهن في اليمن. نحن هنا على الساحل الغربي نحتاج إلى ذراع سياسي يمثلنا في أي مفاوضات (في المستقبل)، يمثّل صوتًا آخر لليمنيين بعيدًا عن أي تكتلات دينية. المؤتمر الشعبي العام هو بيتنا الكبير ولكن انقسم ما بين الداخل والخارج. (ونتيجة هذا الانقسام) لم يُعطَ الفرصة ليقوم بدوره على الساحة اليمنية (السياسية) سواءً بالتمثيل الخارجي أو الداخلي.
في داخل اليمن، الحزب تحت ضغط الحوثيين، وأصبح دوره السياسي مهمشًا للغاية. أما خارج البلاد، فانقسم إلى عدة تيارات. نحن نتمنى أن يقوم المؤتمر بدوره الكبير. لن ننتقص من دوره ولن نكون بديلًا له أو لأحد آخر. يمثل المكتب السياسي للمقاومة الوطنية القوات المشتركة هنا على الساحل الغربي كما يمثل الذراع السياسي لجميع هذه القوات هنا على الساحة اليمنية السياسية.
مركز صنعاء: تأسست قوات المقاومة الوطنية أواخر عام 2017 لخوض معركة ضد الحوثيين، وخاضت هذه المعركة ووصلت إلى أطراف مدينة الحديدة، وكانت أكثر القوات طموحًا ضد الحوثيين وحققت نتائج بسرعة. ولكن أتى اتفاق ستوكهولم. مضى عامان على توقيعه. ماذا تفعلون منذ ذلك الحين؟ ما الوضع على الجبهات الآن مع الحوثيين؟
صالح: كنّا نتمنى أن يحقق اتفاق ستوكهولم شيئًا لليمنيين. والسبب الرئيسي وراءه هو تخفيف المعاناة. ولكن لم يحقق شيئًا سوى أنه (أوقف) هذه المعركة لتحرير الحديدة من المليشيات التي تستخدم ميناء الحديدة للتهريب ولكسب المال ولأغراض عسكرية وتهريب الصواريخ والأسلحة. استمر الحوثيون في السيطرة على الميناء ولم يسحبوا قواتهم من مدينة الحديدة حسبما نص عليه الاتفاق.
أما بالنسبة للقوات المشتركة، فنحن التزمنا بالاتفاق لأنه اتفاق دولي ووقعت عليه الحكومة الشرعية ونحن ملتزمون بأي شيء توقعه الحكومة لأنها تمثل الشرعية الدستورية للدولة اليمنية وجميع اليمنيين…ولكن بالنسبة للجبهات، ليس هناك أي تغييرات حقيقية أو تقدم لأي طرف حاليًّا. اقترحنا في نوفمبر الماضي أن نشارك في الدفاع عن مأرب. عقدنا اجتماعًا ضمن إطار التحالف العربي وقالوا إن الحكومة الشرعية كانت تناقش الأمر. عرضنا المشاركة ولكن الحكومة قالت إنها لا تحتاج إلى قوات تأتي للمشاركة في الدفاع عن مأرب. ندعو لهم بالتوفيق والنصر.
مركز صنعاء: كان هناك حديث عن نقل قوات لك من الساحل الغربي إلى مأرب ولكن حتى الآن لم يأتِ رد بالموافقة أو الرفض، صحيح؟
صالح: نعم، عرضنا دعمنا بعد الموجة الأولى من الهجوم على مأرب عندما سيطر الحوثيون على معسكر ماس وتقدموا في صرواح وباتجاه الصحراء باتجاه معسكر العلم. وبعدها توقف هجومهم لشهرين أو لشهرين ونصف ثم بدأت الموجة الثانية. خلال هذه الفترة، قلنا إن لدينا قوات على جبهات لا تشهد قتالًا، بوسعنا أن نساهم في دعم الجيش الوطني في المعركة التي نعتبرها جزءًا من معركة جميع اليمنيين ضد الانقلاب الحوثي. عرضنا نشر بعض قواتنا في مأرب حيث بوسعنا المساعدة في بعض النشاطات ولكن الجواب لم يكن إيجابيًّا.
مركز صنعاء: لماذا لا تتحركون إلى جبهة أخرى غير مأرب؟
صالح: بنهاية الأمر. لست أنا من يأخذ القرار بالتحرك نحو الجبهات. القرار بيد الشرعية (بخصوص الاستراتيجية العسكرية).
مركز صنعاء: دعني أسألك عن علاقتك بالسلطة المحلية في محافظة تعز التي يتبعها ميناء المخا إداريًّا. كيف تبدو هذه العلاقة؟ هل هي معقدة؟ هل الهوية السياسية للطرف الذي يسيطر على تعز (حزب الإصلاح) ينعكس على علاقتكم مع السلطة المحلية؟
صالح: هناك من يحاول إثارة هذه القضية إعلاميًّا، وهذا لا يخدم قضيتنا كيمنيين في مواجهة الحوثي. علاقتنا مع المحافظ (نبيل شمسان) جيدة. هو من يصدر التعليمات وهو من يعيّن مدراء المديريات. ليس نحن. نحن نتعاون معهم، ونقدم لهم التسهيلات والخدمات. أما النفوذ على الأرض، نحن قلنا إنه بوسع المحافظ (أن يأتي إلى المخا) متى شاء. ليس لدينا مشكلة. نحن لا نرفض السلطة المحلية.
زار وكيل المحافظ المخا أكثر من مرة. ليس لدينا أي مشكلة بهذا. ولكن أن يريد بأن نصبح تابعين لطرف سياسي معين، هذا ليس من حقه. نحن الآن في خضم معركة تحرير وفي ظرف استثنائي. ولكننا لا ننكر السلطة المحلية ولا ننكر أنها لديها السلطة الحقيقية على الأرض. بالعكس، ونحن (نفعل ما بوسعنا لمساعدتهم).
مركز صنعاء: لماذا لم يطلق الحوثيون سراح شقيقك وابنك وأطلقوا سراح أولاد عمك؟
صالح: كانت هناك جهود من قِبل العمانيين والسلطان الراحل قابوس للتوسط مع الحوثيين. طلبت عائلتي هذه الوساطة، وتواصلت مع الحوثيين عبر القنوات التي تمتلكها عمان معهم. استمر الحوثيون بالمراوغة لفترة من الزمن. كما كان هناك (جهود وساطة) من قِبل شخصيات اجتماعية بارزة وأعضاء من حزب المؤتمر مثل (رئيس المؤتمر) الشيخ صادق أمين أبو راس وغيرهم. وبعد الأخذ والرد، كان هناك لقاء متلفز مع عبدالملك الحوثي حضره الكثير من الشخصيات القبلية. وقال لهم إنهم سيخلون سبيل اثنين ثم يخلون سبيل اثنين آخرين على مرحلة ثانية. وقال إنه عليه ضغوط من المتطرفين من داخل الجماعة.
قال إنهم سيخلون سراح محمد (شقيقي) ونجلي (عفاش) بعد شهرين. خرج الناس (من هذا اللقاء) على هذا الاتفاق، (ولم يعتقدوا) أنه قد يكذب علنًا أمام الناس خاصة أنه يعتبر نفسه سليل القرآن. بعد فترة، الزيارات مُنعت وحتى الاتصالات أيضًا. ولكن إن شاء الله الفرج قريب.
مركز صنعاء: متى اتصلت بهما آخر مرة؟
صالح: أنا؟ ديسمبر 2017، ولكن كان هناك اتصالات مع إخوتي أو مع أمي. كان آخر اتصال في فبراير (2019) قبل سنتين.
مركز صنعاء: بما أننا نتحدث عن الحوثيين وعنك، هناك سؤال يتردد دائمًا وهو كيف أفلت طارق من قبضة الحوثيين بعد أحداث ديسمبر 2017*؟
ملاحظة المحرر: في ديسمبر 2017، انهار التحالف بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح وقُتل الأخير من قِبل حلفائه السابقين.
صالح: الله سهلها. بعد أن أحكم الحوثيون قبضتهم على المدينة، وأصبحت دباباتهم على بُعد أمتار منّا، استطعنا الخروج مع مجموعات صغيرة، وتفرقنا. ثم انتقلت من (منزل) لآخر. كنت أسمع عن مداهمات واضطر للمغادرة. أمضيت عشرة أيام في صنعاء قبل أن أحاول الخروج من المدينة وبقيت في أربعة منازل مختلفة. كان هناك عرض لأخرج إلى مأرب ولكني فضلت الخروج إلى عدن. رتبت الأمر عبر أشخاص يعملون في التهريب. استخدمنا عدة سيارات منها شاحنة وتاكسي حتى وصلت إلى عدن بأمان. أهم جزء في الحركة كان في شاحنة بضائع.
مركز صنعاء: هناك سؤال من الغارديان. ما هي طبيعة علاقتك مع الإمارات العربية المتحدة؟
صالح: هي علاقة شراكة. نحن والإمارات وضعنا أسسًا لهذا التحالف، (تنص) على أن هذه قضيتنا وأنتم (الإمارات) جزء من هذا التحالف ونحن نحتاج إلى دعم لمواجهة الحوثيين. كان مرحبًا بهذا الدعم على أساس أن نكون شركاء لتحرير اليمن واستعادة الدولة. هذه الأهداف الرئيسية، استعادة الدولة وعودة المؤسسات والحكومة الشرعية. كان هذا جزء كبير من الأهداف المتفق عليها مع الإمارات وهي ملتزمة بها. لا توجد مصالح أو أجندات أخرى غير تحرير اليمن من الانقلاب.
مركز صنعاء: هناك سؤال من نائب السفير الهولندي. هو يسأل عن المكتب السياسي. هل يمثل المكتب السياسي ألوية العمالقة والقوات التهامية أم لا؟
صالح: أغلب (ألوية العمالقة) ملتزمون دينيًّا ولا ينخرطون في الأحزاب السياسية، ولكنهم قالوا إنهم يدعمون صوت المكتب السياسي ويعتبرونه ممثلًا لهم. أما بالنسبة للقيادة التهامية، فأغلب القادة التهاميين جزء من المكتب السياسي، وحضروا اجتماع الإشهار.
مركز صنعاء: كيف هي العلاقة على الساحل الغربي بين قواتك وألوية العمالقة والمقاومة التهامية؟ من يدير القرار؟
صالح: قبل انسحاب القوات الإماراتية، عملت على تشكيل القيادة المشتركة وغرفة عمليات مشتركة بين القوات الوطنية وألوية العمالقة. طبعًا التهاميون هم جزء من القوات الوطنية وألوية العمالقة. أنشأت الإمارات قيادة العمليات المشتركة، وهناك ممثلين عن ألوية العملاقة وعن المقاومة الوطنية وعن المقاومة التهامية. تؤخذ القرارات بالتشاور من خلال اللقاءات مع القيادة وممثلين عن جميع هذه الأطراف. يتخذون القرار الأنسب.
مركز صنعاء: أعود للجنوب. كيف هي علاقتك مع المجلس الانتقالي الجنوبي؟
صالح: لدينا هدف مشترك وهو استعادة صنعاء. تحدثنا عن هذا معهم، (وشرحنا) أن هذا هدفنا الأول. نقدم لهم الشكر لأنهم في البداية كانوا معنا وساعدونا على إنشاء النواة الأولى للمقاومة رغم الضغوط من عدة قوى التي قالت إنني أتيت لأحتل عدن. أنا ذهبت مع عشرة أشخاص، كيف لي أن أحتل عدن؟! كانوا يحاولون (إثارة المشاكل بيننا) ولكن المجلس وقف معنا، ولن ننسَ لهم هذا الجميل.
ظهرت هذه المقابلة في “عقد على الربيع العربي” – تقرير اليمن، مارس/أبريل 2021.