إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

أوزار الحرب على طُرق اليمن

Read this in English

الملخص التنفيذي

على مدى ثمانِ سنوات، خلفت الحرب أضرارًا جسيمة في البنى التحتية لشبكة الطرق المعبدة في اليمن (التي تُعد أساسًا محدودة)، لا سيما في المناطق المكتظة بالسكان الواقعة في الثلث الغربي من البلاد. فوفقًا لتقديرات سلطات الحوثيين في صنعاء والحكومة المعترف بها دوليًا في عدن، تسببت العمليات العسكرية بتدمير ما لا يقل عن 100 جسر وحوالي ثلث الطرق المعبدة في اليمن (بطول 5 آلاف إلى 6 آلاف كيلومتر). زيادة على ذلك، سُخرت الطُرق لخدمة أهداف عسكرية حيث شرعت الأطراف المتحاربة في إغلاق الطرق الرئيسية القريبة من الجبهات، إما بسبب الأضرار التي لحقت بها خلال الاشتباكات، أو بهدف منع خصومها من الوصول إلى مناطق استراتيجية. ظلت الطرق التي لم تُغلق لأسباب عسكرية دون صيانة منذ بداية الحرب، مما جعل الكثير منها غير صالحة للسفر والتنقل وبالتالي يُضطر سائقو السيارات إلى سلوك طرق بديلة غالبًا ما تكون غير معبدة ومعزولة وغير مواتية لاستيعاب حمولة الشاحنات الثقيلة أو حركة مرور مكثفة.

يتزايد معدل وقوع الحوادث أو حالات الطوارئ على هذه الطرق الثانوية المعزولة بسبب التغطية المحدودة لشبكة الهاتف المحمول وخدمة الإنترنت، ونقص الخدمات المتاحة على جوانب الطرق، وغياب فِرق الإنقاذ في حال وقوع حالات طوارئ تستدعي التدخل. كما أن الوقت الطويل الذي يستغرقه التنقل أو السفر برًا عبر هذه الطرق المعزولة والمتهالكة ساهم في ارتفاع تكاليف نقل البضائع وغيرها من السلع الأساسية، في ظل نقص إمدادات الوقود، وارتفاع أسعار البنزين، وتضارب السياسات الضريبية والجمركية وسياسات إصدار التراخيص التي تتبناها السلطات المتنافسة، ما أثقل كاهل عدد كبير من اليمنيين المتنقلين عبر البر.

فضلًا عن ذلك، أصبحت إجراءات التفتيش التعسفية والاحتجاز وفرض الرسوم غير القانونية وغيرها من أشكال الابتزاز الممارسة عند نقاط التفتيش الأمنية والعسكرية التي تديرها كل جماعة من الجماعات المسلحة سمات شائعة في زمن الحرب تؤثر على السفر والتنقل داخل اليمن. ورغم مساعي الهدنة، التي استمرت ستة أشهر وتوسطت فيها الأمم المتحدة (ودخلت حيز التنفيذ لأول مرة في أبريل/ نيسان 2022)، في حلحلة مشاكل الطرق في اليمن، لا سيما الطرق المؤدية إلى مدينة تعز المحاصرة، إلا أنها فشلت في تحقيق هذا الجانب ليكون بذلك العنصر الوحيد الذي لم يُنفذ من الاتفاق.

بحسب استطلاع الرأي الذي أُجري في إطار إعداد هذا الموجز السياساتي، ذكر الغالبية العظمى من اليمنيين المُستطلعة آراؤهم أن خيار السفر والتنقل لمسافات طويلة عبر البر لم يعد واردًا ما لم يكن لضرورة قصوى. من بين أبرز دوافع السفر الواردة في معرض الرد على استبيان عام جرى توزيعه على المشاركين: التزامات تخص العمل، وزيارة أقارب/ أفراد من الأسرة، والتماس العلاج الطبي في المستشفيات العاملة داخل اليمن، والوصول إلى المطارات للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج. ذكر غالبية المشاركين في الاستطلاع مسألة الأمن باعتبارها أولوية حتمية عند التخطيط للسفر أو التنقل عبر البر، مشيرين إلى اتخاذهم مجموعة من التدابير الاحتياطية كحذف أي معلومات حساسة من هواتفهم المحمولة وعدم الإفصاح عن وجهتهم الحقيقية للجنود المرابطين في نقاط التفتيش أو المنطقة التي قدموا منها، وعن انتماءاتهم السياسية والمناطقية أو طبيعة المهنة التي يزاولونها.

عادة ما يكون الصحفيون والنشطاء أو ذوو الانتماءات السياسية أو المناطقية المعينة أكثر عرضة للمضايقات والاستجواب والاحتجاز عند نقاط التفتيش. من جهة أخرى، تواجه النساء اليمنيات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون قيودًا مشددة على السفر والتنقل بسبب شرط وجود مَحْرَم. تنطوي سياسة المَحْرَم التي فُرضت منذ مارس/آذار 2022 على إجراءات معقدة (ومُكلفة) للحصول على موافقة/ إذن أحد الأقارب الذكور قبل السماح للمرأة من التنقل أو السفر، حيث يتعيّن التصديق على الموافقة من قِبل عدد من المسؤولين الحوثيين. أصبحت القواعد أكثر صرامة منذ ذلك الحين وغالبًا ما يُطلب حاليًا وجود المَحْرَم شخصيًا كمرافق أثناء سفر/ تنقل المرأة حتى إن كان بحوزتها الوثائق اللازمة التي تسمح لها بالسفر/ التنقل بمفردها. في بعض الحالات، قد تُحتجز النساء اللواتي يُعتبرن أنهن لم يستوفين هذه المتطلبات عند نقطة تفتيش إلى حين قدوم مَحْرَم لاصطحابهن. أما إن كانت المرأة ناشطة سياسية، أو موظفة في منظمة غير حكومية، أو تابعة لحزب سياسي معارض للحوثيين، فقد تُحتجز لعدة أيام، وتُجبر على دفع رشوة وتوقيع وثائق تتعهد فيها بالتقيُّد بتلك الشروط مستقبلًا. مع ترسخ هذا الواقع الجديد، بات واضحًا أكثر فأكثر أن سياسة المَحْرَم تهدف إلى تقويض مشاركة المرأة داخل المجتمع المدني.

التوصيات

للجهات الفاعلة الدولية:

  • اشتراط إلغاء جماعة الحوثيين لسياسة المَحْرَم كشرط مسبق للحصول على المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتها. تُعد العاملات في مجال الإغاثة من بين النساء المستهدفات بتلك القيود، الأمر الذي يعرقل عمليات تقديم المساعدات الإنسانية. لبحث أبعاد هذا الجانب، عقدت الجهات المسؤولة عن عمليات الإغاثة في اليمن والجهات المانحة، في شهر فبراير/شباط 2020، مؤتمرًا طارئًا في بروكسل تمخض عنه تشكيل المانحين المجموعة الفنية للمراقبة لرصد مدى التزام الحوثيين باستيفاء الشروط السبعة ذات الصلة بتحسين وصول المساعدات. نجحت المجموعة الفنية في إلغاء الضريبة التي فرضها الحوثيون على أنشطة الإغاثة (بنسبة 2%) وتخفيف غيرها من التدابير المُقيِّدة. من هذا المنطلق، يتعيّن على المجموعة الفنية للمراقبة اشتراط إلغاء سياسة المَحْرَم كشرط مسبق للحصول على مساعدات. من جهة أخرى، يتعيّن على المجتمع الدولي شجب (علنًا) القيود المفروضة من الحوثيين على حركة المرأة بُغية إذكاء الوعي بهذه السياسات في المحافل الدولية وحشد الرأي العام للضغط عليهم. ويمكن أيضًا رفد هذه الجهود بحملات واسعة النطاق تقودها المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية لتسليط الضوء على الممارسات الرجعية التي تشهدها النساء عند نقاط التفتيش سيئة الصيت.
  • دعم المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية -مثل منظمة نداء جنيف، ومركز المدنيين في الصراع (سيفيك)، واللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان -التي توفر برامج تدريبية وبرامج مصممة لبناء قدرات العناصر التابعة للجماعات المسلحة في اليمن بما يساعدهم على الالتزام بمعايير مهنية عند التعامل في نقاط التفتيش، مثلًا متى وكيف يُفتش المدنيون. العديد من العناصر التابعة للأطراف المسلحة غير مدربة على كيفية التعامل بصورة قانونية مع المدنيين عند نقاط التفتيش وغير مُلمين بآليات المساءلة التي تَحكُم سلوكهم.
  • الإشادة بجهود نقابات سائقي الشاحنات التجارية وغيرهم من النشطاء في مجال الدفاع عن حقوق سائقي النقل ممن ينظمون الاحتجاجات ويُذكون الوعي بهدف مكافحة ظاهرة الابتزاز والانتهاكات الممارسة عند نقاط التفتيش التي يديرها الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الحكومية وغيرها من الجماعات المسلحة. قد يساعد دعوة هؤلاء الأفراد للمشاركة في الفعاليات المدافعة عن حقوق الإنسان في فهم مختلف جوانب هذه القضايا وكيفية معالجتها.
  • إدراج مشاريع صيانة وإصلاح وتطوير شبكات الطرق ضمن برامج “النقد مقابل العمل” المموّلة من البنك الدولي والأمم المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة، من أجل سد الفراغ الذي خلّفه غياب دور السلطات اليمنية في هذا المجال.

للتحالف بقيادة السعودية في اليمن:

  • إظهار الالتزام تجاه القوانين اليمنية وسلامة سائقي السيارات المدنيين من خلال ردع الجماعات المسلحة (التي تعمل بالوكالة لحساب أطراف أخرى) من استغلال الطرق عبر نصب الحواجز وممارسة الابتزاز والاحتجاز التعسفي وغيرها من الأساليب القمعية. (لمزيد من التفاصيل، انظر: “وضع الطريق الرابط بين عدن وصنعاء“).
  • إيلاء أولوية لمشاريع صيانة وإصلاح وتطوير شبكات الطرق في البرامج المموّلة من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وصندوق أبو ظبي للتنمية.

للجهات المعنية على الصعيد الوطني:

  • تبسيط إجراءات التفتيش والسياسات الضريبية عند نقاط التفتيش في كل محافظة لتخفيف العبء المالي على القطاع الخاص وتوفير الحماية لسائقي المركبات. ورغم الجهود المتفرقة المبذولة للتعامل مع هذه المشكلة، يظل مستوى الامتثال لهذه الجهود متدنيًا. لكلفة النقل تأثير مباشر على أسعار السلع والمنتجات في السوق، وبالتالي إلغاء مثل هذه الأعباء المالية أمام حركة البضائع والأشخاص يمكن أن يساهم بشكل كبير في تخفيف وطأة الظروف الاقتصادية على المواطنين العاديين.

للسلطات المحلية:

  • الاقتداء بالجهود التي مُورست على الأرض وأثبتت نجاحها في التصدي للممارسات القمعية عند نقاط التفتيش. وفيما يلي بعض الأمثلة:
  • في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بدأ سائقو الشاحنات التجارية في أبين إضرابًا لمدة 25 يومًا احتجاجًا على الرسوم التعسفية التي فرضتها قوات الحزام الأمني في عدد من نقاط التفتيش بحوالي مليون ريال يمني على كل رحلة يقوم بها السائقون. نجح الإضراب في استقطاب انتباه الساسة بمن فيهم مسؤول كبير في المجلس الانتقالي الجنوبي وغيره من أصحاب النفوذ المحليين ممن كانوا حريصين على حل المشكلة بسبب التداعيات الاقتصادية الكبيرة التي ترتبت على الإضراب كتأخر تسليم شحنات البضائع. في نهاية المطاف، تم التوصل إلى اتفاق لفرض رسوم على الشُحنات التجارية بقيمة 200 ألف ريال يمني عند نقطة تفتيش محددة، بما يتماشى مع القوانين المعمول بها في المحافظات الأخرى الخاضعة اسميًا لسيطرة الحكومة.
  • نجحت بعض الحملات الأمنية التي نُفذت بشكل منسق في التصدي للممارسات العدوانية للعصابات الإجرامية أو القوات العسكرية والأمنية المارقة من ابتزاز السكان المتنقلين/ المسافرين عبر البر أو إساءة معاملتهم عند نقاط التفتيش. في نوفمبر/تشرين الثاني، أنشأ مسؤولون موالون للحكومة وتابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي وقيادات قوات الأمن والجيش في لحج غرفة عمليات مشتركة لتنسيق العمل بين نقاط التفتيش الأمنية في المحافظة والقبض على عصابات إجرامية كانت تعيق حركة السفر/ التنقل عبر البر وتنهب سائقي المركبات.

مقدمة

ينطوي السفر/ التنقل عبر البر في زمن الحرب باليمن على تحديات جمّة صعّبت على المدنيين مزاولة أعمالهم بشكل طبيعي، ووصولهم إلى الخدمات الأساسية أو الاستفادة من المساعدات الإنسانية التي باتت حاجة لا غنى عنها. إضافة الى ذلك، ألقت القيود المفروضة على السفر/ التنقل خلال الحرب، وتدمير البنية التحتية، وتعذّر صيانة وإصلاح الطرق (سواء المتضررة بسبب الحرب أو بسبب الكوارث الطبيعية) بظلالها على حركة التجارة وأعمال الإغاثة، مما فاقم من صعوبة تدفق السلع والمساعدات الإنسانية إلى وجهاتها المقصودة. كما تفاقمت القيود المفروضة على حركة السفر/ التنقل بشكل عام إلى جانب تعذّر الوصول إلى الأسواق نتيجة الارتفاع الحاد في تكاليف النقل العام (مع الارتفاع الكبير في أسعار البنزين وانخفاض القدرة الشرائية).[1] أما بالنسبة لأولئك الذين لم تمنعهم هذه التحديات من سلوك طرقات اليمن، فهم مضطرون للمرور بعدد من نقاط التفتيش الأمنية والعسكرية التي تديرها جماعات مسلحة تفرض جبايات ومطالب غير قانونية. تتأثر النساء بشكل خاص بالقيود البيروقراطية التي فرضها الحوثيون كوسيلة للتحكم بالأفراد وطُرق النقل التي يستخدمونها.

أُغلقت العديد من الطرق الرئيسية داخل المحافظات والطُرق الرابطة فيما بينها في وجه المدنيين جراء الانقسامات المناطقية بين الأطراف المتناحرة، مما أجبر السكان على سلوك طُرق ثانوية غالبًا ما تكون طرق جبلية وعرة لا تصلح لاستيعاب حركة مرور مكثفة أو حمولات الشاحنات الثقيلة.

أُدرجت الحالة المتردية للطرق في اليمن -لا سيما في محافظة تعز -كإحدى عناصر الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة على مدار ستة أشهر (وانتهى سريانها في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022)، لكنها ظلت العنصر الوحيد الذي لم يُنفذ من اتفاق الهدنة مع الفشل في إعادة فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز المحاصرة. في منتصف أغسطس/ آب، أدت المعارك القتالية بين القوات المناهضة للحوثيين الساعية للسيطرة على عاصمة محافظة شبوة “عتق” إلى إغلاق الطريق الدولي المؤدي إلى حضرموت بشكل مؤقت -كان يسمح بالوصول إلى ما تبقى من بضعة مطارات عاملة في اليمن فضلًا عن المنفذ البري الوحيد الرابط بين اليمن والسعودية -مما سلط الضوء على تحديات السفر/ التنقل عبر البر في المناطق البعيدة عن الجبهات.[2] أُعيد فتح الطريق الدولي المُشار إليه مجددًا، لكن مع عدد كبير من نقاط التفتيش العسكرية والأمنية المُستحدثة.

تؤثر العراقيل التي أوجدتها الحرب على حركة السفر/ التنقل برًا على الحياة اليومية للمواطنين اليمنيين بدرجة كبيرة. من هذا المنطلق، يتناول هذا الموجز السياساتي أشكال المخاطر التي يتعرض لها اليمنيون أثناء سفرهم/ تنقلهم عبر الطرق البرية، والتدابير التحوطية المضطرين اتخاذها لتفادي هذه المخاطر، إلى جانب الأسباب التي تدفعهم للسفر/ التنقل عبر البر. لا يقتصر تأثير هذه المخاطر على تقييد حركة الأفراد، سواء المتنقلين بالمركبات الخاصة أو بوسائل النقل العام، بل على حركة التجارة المعتمدة على نقل البضائع وعلى أعمال الإغاثة. بالتالي، يسلّط الموجز السياساتي الضوء على المناطق والطرق التي تُعد فيها هذه الآثار ملموسة.

المنهجية

تضمنت الدراسة إجراء مقابلات مع 44 يمنيًا في الفترة ما بين مارس/آذار 2021 ونوفمبر/تشرين الثاني 2022 (سبعة منهم بشكل شخصي في مصر والأردن و37 عبر الهاتف من اليمن). ثمانية ممن أُجريت معهم المقابلات هم سائقو حافلات أو سيارات أجرة أو شاحنات نقل البضائع التجارية، بينما يشغل اثنان وظائف إدارية في شركات النقل الخاصة. وشملت المقابلات مالك إحدى شركات نقل البضائع، ومسؤولين حكوميين -أحدهما في وزارة الأشغال العامة والطرق والآخر في وزارة النقل[3] -وناشطة يمنية في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، بينما شكّل الأفراد الذين خاضوا تجربة السفر/ التنقل عبر البر بقية العدد. إلى جانب هذه المقابلات، استُطلع آراء 94 مواطنًا يمنيًا (يمثلون 18 من أصل 22 محافظة) من خلال توزيع استبيان عام[4] خلال الفترة ما بين أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2021 عبر الاستعانة بمجموعات تطبيق المراسلة الفورية “واتساب” تضم يمنيين عاملين في مختلف المجالات. شكّل الرجال نسبة 59% من المستطلعة آراؤهم (المجيبين على الاستبيان العام) بينما شكلت النساء نسبة الـ 41% المتبقية. يقطن ما يقرب من 90% من المجيبين على الاستبيان في اليمن وأفادوا بأنهم يسافرون/ يتنقلون بانتظام عبر الطرق البرية. وباعتبارهم يمثلون عينة عشوائية، لا ينبغي اعتبارها كعيّنة تمثل سكان اليمن كُكل. فضلًا عن ذلك، صُمم استبيان إضافي خصيصًا للنساء ساعد على استطلاع رأي 24 امرأة إضافية، تتراوح أعمارهن بين 26 و55 عامًا ومن خلفيات مهنية مختلفة، بهدف تسليط الضوء على تجاربهن الخاصة والصعوبات التي يواجهنها كنساء عند السفر/ التنقل عبر الطرق البرية.[5] اعتمد الموجز السياساتي كذلك على استعراض بعض المنشورات والتقارير الإخبارية التي تناولت تحديات السفر/ التنقل عبر الطرق البرية في اليمن خلال فترة الحرب.

الحرب وتداعياتها على البنية التحتية لطُرق اليمن

يعيش أكثر من 70% من سكان اليمن -البالغ مساحته حوالي 555 ألف كيلومتر مربع -في المناطق الريفية المفتقرة عادة للخدمات الأساسية كالمرافق الصحية والتعليمية، ويعيش فقط ربع عدد الأسر القاطنة في المناطق الريفية على بُعد كيلومترين من الطرق المعبدة.[6] يقدر إجمالي طول شبكة الطرق البرية في اليمن بحوالي 58,200 كيلومتر، علمًا أن 70% منها (أي نحو 40,870 كيلومترًا) غير معبدة.[7] يربط الجزء الأكبر من إجمالي شبكة الطرق المعبدة في اليمن (يزيد طولها عن 17 ألف كيلومتر) بين المدن والمحافظات الرئيسية، علمًا أن الطرقات في مراكز المدن غالبًا ما تكون أيضًا معبدة. مع دخول البلاد في غياهب الحرب، باتت العمليات العسكرية تعتمد على حركة المركبات والمعدات الثقيلة ما ألحق أضرارًا بالطرقات على مستوى البلاد كونها لا تستوعب مثل هذه الحمولات. هذا بدوره فاقم من تهالك شبكات الطرق البرية المحدودة أساسًا في اليمن.[8]

فضلًا عن ذلك، لم تَسلَم الطرق البرية والجسور من الدمار الذي ألحقته الغارات الجوية العسكرية والألغام الأرضية والعبوات الناسفة. أشارت تقديرات وزارة التخطيط والتعاون الدولي التابعة للحكومة في يونيو/حزيران 2019 إلى تدمُّر أكثر من 6 آلاف كيلومتر من الطرق المعبدة في المناطق الحضرية والرابطة بين المحافظات إلى جانب أكثر من 100 جسر خلال فترة الصراع.[9] ألقى مسؤولون في صنعاء -استنادًا إلى تقديرات صدرت في وقت لاحق -باللائمة على الغارات الجوية للتحالف بقيادة السعودية التي ألحقت أضرارًا جسيمة بنحو 5 آلاف كيلومتر من شبكات الطرق المعبدة ودمّرت 101 جسر.[10]

امتد التأثير أيضًا لشبكات الطرق البعيدة عن العمليات أو المعارك؛ إذ تهالكت مع توقف جزء كبيرة من مشاريع بناء وصيانة الطرق إثر التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ بداية الحرب.[11] على سبيل المثال، ألحقت الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت محافظتي شبوة وأبين عام 2021 أضرارًا بجزء كبير من الطريق الرابط بين عدن وحضرموت.[12]

على هذا الأساس، لم يقتصر تأثير هذه المشاكل على تقييد حركة الأفراد فحسب؛ فإلى جانب تعطّل أنشطة الموانئ والمطارات في اليمن جراء الحرب، تراجع ترتيب البلاد في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية، وهو مقياس يعتمده البنك الدولي لقياس جودة وكفاءة البنية التحتية المرتبطة بمجالي التجارة والنقل. تراجع اليمن من المرتبة 63 (من أصل 155 دولة تم تقييمها في عام 2012) إلى المرتبة 140 (من أصل 160 دولة في عام 2018)، علمًا أنه لا تتوفر أي تحديثات لهذا المؤشر بعد هذا العام.[13]

التأقلم مع الواقع الجديد للسفر/ التنقل في زمن الحرب

السفر/ التنقل فقط لتلبية الاحتياجات الملحة

شهدت المناطق الواقعة في الثلث الغربي من اليمن -حيث تتركز جبهات القتال -إغلاق جزء كبير من الطرق الرئيسية، مما أجبر السكان المسافرين/ المتنقلين على سلوك طرق بديلة غير معبدة ومحفوفة بالمخاطر في أغلب الأحيان. عادة ما تُغلق الطرق المحاذية بشكل أساسي للجبهات الفاصلة بين المرتفعات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون والمناطق الخاضعة اسميًا لسيطرة الحكومة وغيرها من الجماعات المسلحة المناهضة للحوثيين. أصبحت هاتان المنطقتان الخاضعتان لسيطرة طرفي الصراع أشبه ببلدين مختلفين من نواحٍ عدة، حيث تتأثر حركة الأفراد والتجارة بتعقيدات الأجندات الاقتصادية والسياسية المتضاربة.

أشار الغالبية العظمى من الأفراد المسافرين/ المتنقلين عبر البر (ممن شملهم الاستطلاع) إلى تخوفهم من قطع مسافات طويلة داخل اليمن إلا إذا طرأت حاجة ملحة. من بين الدوافع الرئيسية للسفر/ التنقل عبر البر بين المحافظات الواقعة في دائرة النزاع: التزامات العمل (54%)، زيارة أقارب/ أفراد من الأسرة (42%)، والتماس العلاج الطبي بالمستشفيات الواقعة في مناطق أخرى من اليمن (21%). يتكبد سكان معظم المحافظات عناء السفر/ التنقل عبر رحلات برية شاقة لتلقي العلاج في المستشفيات والمراكز الطبية المتركزة عادة في المناطق الحضرية الواقعة في عدد محدود من المحافظات كصنعاء وعدن وتعز، حيث تُعرف بتقديمها خدمات أفضل. من جانب آخر، أشار 13% من المجيبين على الاستبيان إلى اضطرارهم للتنقل برًا للوصول إلى المطارات والمنافذ المفتوحة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، بينما كانت السياحة المحلية الدافع الرئيسي لـ 11% فقط من المجيبين.[14] صُنفت جميع الدوافع المذكورة بأنها أسباب طارئة وملحة، باستثناء السياحة.

في نفس السياق، أشار أكثر من 60% من المشاركين في الاستبيان إلى أن الأمن يأتي على رأس أولوياتهم عند التخطيط للسفر/ التنقل عبر البر، ولهذه المسألة الغلبة على أية جوانب أخرى كالتكلفة والراحة وخبرة السائق ومدى إلمامه بالطرق فضلًا عن الخصوصية. وذكر ما يقرب من 80% من المجيبين أنهم يفضلون التنقل خلال فترات النهار لما يعززه ذلك من شعور بالأمان، بينما اعتبر 15% أن السفر/ التنقل في أوقات الليل أكثر أمانًا. علّل أحد الأفراد من الفئة الأخيرة ذلك بأن أفراد نقاط التفتيش الليلية أقل يقظة، مما يعني فترات انتظار أقصر وفرص أقل للتعرض للاستجواب أو الاحتجاز.[15]

ومع شيوع ظاهرة المطالبات بدفع الرشاوى عند نقاط التفتيش، أصبح المرور عبرها مكلفًا للأفراد فضلًا عن المخاطر التي قد يتعرض لها المسافر، وتختلف باختلاف المهنة ونوع الجنس والانتماءات السياسية والدينية والمناطقية. ذكر ما يقرب من 40% من المشاركين في الاستبيان بأنهم مُنعوا (أو مُنع أفراد من أقاربهم أو أشخاص يستقلون نفس السيارة معهم) من المرور عبر نقاط التفتيش لأسباب كهذه.

وضع الطُرق في تعز

بات التنقل داخل أي محافظة مسألة شاقة في أغلب الأحيان، وتستغرق وقتًا أطول من المعتاد. تعد محافظة تعز خير مثال على ذلك، التي تقبع عاصمتها (تحمل ذات الاسم) تحت حصار خانق فرضته قوات جماعة الحوثيين منذ منتصف عام 2015، ما تسبب في إغلاق جميع الطرق الرئيسية الثلاثة المؤدية من وإلى المدينة، الواقعة في مداخلها الشمالية الغربية والشمالية والشرقية. تُعد الطرق الوعرة التي تتخلّل سلسلة جبال طلوق جنوب المدينة محفوفة بالمخاطر لا سيما عند التنقل بالسيارات، وأصبحت الرحلة التي كانت تستغرق أقل من 15 دقيقة (عبر طريق معبد يربط مركز المدينة الخاضع لسيطرة الحكومة إلى منطقة الحوبان الصناعية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين) تستغرق الآن من خمس إلى ست ساعات مع اضطرار الأفراد لاتخاذ طريق جبلي ضيق ومتعرج يمر عبر منطقة الأقروض بطول 60 كيلومترًا في الوديان السفلية لجبال طلوق.

بعد عدة محاولات فاشلة لإقناع الحوثيين بإعادة فتح الطرق المؤدية إلى تعز، اقترح المبعوث الأممي الخاص "هانس غروندبرغ" في يوليو/تموز الماضي حلًا وسطًا يكفل إعادة فتح أربعة طرق على مراحل: طريقين في الضالع، وطريق في صعدة، وطريق سوفيتيل في تعز (المؤدي إلى منطقة الحوبان)، [16] لكن المقترح لم يُفرز الزخم المطلوب لإقناع المفاوضين الحوثيين قبل انتهاء سريان الهدنة.

يضم الطريق الممتد من الحدود الجنوبية لمحافظة تعز إلى مدينة تعز حوالي 38 نقطة تفتيش عسكرية وأمنية رسمية تديرها قوات تابعة لمحور تعز العسكري الموالي لحزب الإصلاح. فضلًا عن ذلك، نصبت قوات عسكرية وأمنية مارقة وبعض العصابات الإجرامية نقاط تفتيش مؤقتة لتحصيل "رسوم" أو لنهب سائقي المركبات.

نقاط التفتيش الأمنية: أداة من أدوات اقتصاد الحرب

انبثقت مجموعة من الجماعات المسلحة المُعتنقة أيديولوجيات وأجندات متضاربة من رَحِم الدولة المنهارة، بعد أن فرض الواقع إعادة ترتيب مراكز السلطة خلال الحرب. تدير جميع الجماعات المسلحة الرئيسية نقاط تفتيش على جوانب الطرق الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، كوسيلة لمراقبة حركة الأفراد ذهابًا وإيابًا و/ أو التربّح من حركة التنقل عبر توظيف أدوات مختلفة. غالبًا ما تفتقر نقاط التفتيش هذه إلى إجراءات مُوحدة ومعايير مهنية تحكُم سلوك أفراد الأمن والجيش الذين يديرونها، مما يجعل السكان المسافرين/ المتنقلين عرضة للتفتيش التعسفي والاستجواب وحتى الاحتجاز.

يُعد الابتزاز ممارسة شائعة عند نقاط التفتيش، حيث يُجبر سائقو السيارات على دفع رسوم (كرشوة) أو تقديم أي شيء آخر ذي قيمة لتسهيل مرورهم عبر تلك النقاط. يتحمل ركاب سيارات الأجرة أو سائقوها دفع هذه الرسوم، وبالتالي باتت عدد من شركات سيارات الأجرة الناشئة خلال فترة الحرب -مثل شركة أرحب لتأجير السيارات ومقرها صنعاء -تطالب بأجرة نقل مبالغ بها نوعًا ما على ضوء تعزيز علاقاتها وتعاونها مع المسؤولين على نقاط التفتيش الأمنية القائم على التربّح المالي.[17] ينطوي هذا التعاون أيضًا على تزويد السلطات المسؤولة عن نقاط التفتيش بمعلومات عن ركاب سيارات الأجرة ودفع رسوم معينة، مقابل السماح لسياراتها بالمرور بوتيرة أسرع من السيارات الاخرى، إلا في حال توقيف راكب لأسباب معينة مثل نشاطه السياسي، أو انتمائه إلى حزب سياسي معارض، أو عدم استيفاء شروط وجود مَحْرَم في حالة النساء (في إطار سياسة المَحْرَم المفروضة من الحوثيين) (انظر أدناه: “سياسة المَحْرَم: عبء إضافي على كاهل النساء“). يُعد سائقو شاحنات نقل البضائع التجارية الأكثر عرضة للابتزاز باعتبارهم المصدر الأكثر إدرارًا للربح. يجد السائقون أنفسهم أمام خيارين: إما دفع رشاوى أو تأخر نقل حمولتهم الذي قد يكون مكلفًا. تستغرق رحلات الأفراد المسافرين/ المتنقلين بالحافلات وقتًا أطول عادة حيث تُفتش أمتعة كل راكب وفحص هويته من قِبل القوات المرابطة في نقاط التفتيش الرئيسية.[18]

الصحفيون والنشطاء: في مرمى نيران الابتزاز والتهديد بالاعتقال عند السفر/ التنقل برًا

من ضمن الممارسات الأخرى الشائعة عند نقاط التفتيش هي تفقد الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة للمسافرين/ المتنقلين، مما يزيد من مدة الانتظار لعبور تلك النقاط. غالبًا ما يُعثر على محتوى داخل الأجهزة الإلكترونية يُستغل لابتزاز الأفراد. في هذا السياق، ذكر أحد المُستطلعة آراؤهم لمركز صنعاء أنه لاحظ أثناء رحلته من صنعاء إلى تعز استفسار الجنود عند نقاط التفتيش الحوثية عن مهنة المسافرين وأرباب عملهم ومقر مكاتبهم. وأضاف بأن هواتف الصحفيين تكون الأكثر عرضة للتفتيش بدقة بحثًا عن محتوى يُسند إليه لتوجيه “أي تهمة، سواء كانت صورة أو اشتراك في أحد مواقع التواصل الاجتماعي (كفيسبوك أو واتساب)”. لتجنب هذه المواقف أثناء سفره/ تنقله داخل البلد، غير الشخص (وهو صحفي) مسمى المهنة في جواز سفره إلى “موظف”.

ذكر رجل آخر أن قوات الحوثيين صادرت أجهزته الإلكترونية عند نقطة تفتيش بمنطقة الحوبان في تعز بزعم أن عمله مع منظمة مجتمع مدني يساعد قوات المعارضة في تحديد المواقع العسكرية للحوثيين، مشيرًا إلى إطلاق سراحه بعد تفتيشه واستجوابه، لكن دون إعادة أجهزته إليه. في مجمل الأحوال، نوّه العديد من المستطلعة آراؤهم إلى تعرضهم لسوء المعاملة عند نقاط التفتيش، بما في ذلك احتجازهم بعد تفقد هواتفهم واكتشاف منشورات لهم على وسائل التواصل الاجتماعي تعكس انخراطهم في أنشطة سياسية وحقوقية. ذكر أحد المسافرين/ المتنقلين برًا لمركز صنعاء أنه تلقى اتصالًا من مجهولين يطالبونه بأموال، ويبتزونه بنشر محتوى حساس كان موجودًا داخل أجهزته التي صودرت عند نقطة تفتيش تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، إن لم يحوّل لهم المال.[19]

على صعيد آخر، أفاد 59% من المستطلعة آراؤهم أن أكبر مخاوفهم أثناء السفر/ التنقل عبر الطرق البرية هو الاحتجاز أو الاستجواب، مقارنة بـ 42% ممن أشاروا إلى مخاوف من اندلاع اشتباكات بين المقاتلين. من جهة أخرى، أعرب 40% من المجيبين على الاستبيان عن قلقهم من الحوادث الناجمة عن سوء حالة الطرق. معظم هذه المخاوف لها ما يبررها، وأفاد نحو 60% من المستطلعة آراؤهم بتعرضهم لعمليات تفتيش دقيقة في النقاط، وأكد نحو 30% تفتيش أجهزتهم الإلكترونية. كما ذكر نحو 45% الأحوال الجوية القاسية التي اضطروا للتنقل فيها كالعواصف والأمطار الغزيرة، ربع هذه الفئة أكدوا تعرضهم لحوادث على الطرق. فضلًا عن ذلك، شهد نحو ثلث المجيبين على الاستبيان حوادث إطلاق نار واشتباكات أثناء سفرهم عبر الطرق البرية.

التمييز على أساس مناطقي ودوره في سوء معاملة المسافرين/ المتنقلين برًا

بخلاف المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في بعض المحافظات الجنوبية، أصبح التمييز الممارس على أساس مناطقي ضد السكان الشماليين أمرًا معتادًا ويُستخدم كتبرير لإساءة معاملة المسافرين/ المتنقلين عند نقاط التفتيش. بدأ التمييز ضد السكان المنحدرين من المحافظات الشمالية في الأشهر الأولى من اندلاع الحرب (تحديدًا منتصف 2015) بعد طرد القوات الموالية للحوثيين وحليفهم آنذاك الرئيس السابق علي عبدالله صالح من العاصمة المؤقتة عدن على يد قوات تضمنت عناصر جنوبية دُربوا وزُودوا بالعتاد من قِبل الإمارات. على وجه التحديد، شُكلت قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات لحماية محيط مدينة عدن من أي هجمات جديدة، وانضوت هذه القوات شبه العسكرية لاحقًا تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا الذي أُسس في مايو/ أيار 2017 وأصبح الكتلة السياسية المهيمنة في عدن عقب طرد قوات الحكومة المعترف بها دوليًا من المدينة في أغسطس/ آب 2019. واصل المجلس الانتقالي وقواته الحليفة بسط نفوذه في المدن الرئيسية بالمحافظات المجاورة، بما في ذلك مدينة عتق بشبوة في أغسطس/آب 2022.

تشتهر قوات الحزام الأمني التي تدير ما يُعرف بنقطة تفتيش “مصنع الحديد” خارج عدن بمنع عبور السكان الشماليين ممن يحاولون دخول العاصمة المؤقتة.[20] وفي نفس السياق، أفاد بعض من المستطلعة آراؤهم المنتمين لمحافظة تعز الشمالية عن تعرضهم لسوء المعاملة في نقطتي تفتيش الرباط والعلم خارج عدن، الخاضعتين لإدارة قوات الحزام الأمني، بسبب هوياتهم المناطقية.

وضع الطُرق بين عدن وتعز

قبل اندلاع الحرب، كان الطريق الرئيسي الرابط بين عدن وتعز يمر شمالًا عبر منطقة العند في مديرية تُبن بمحافظة لحج. لكن بحلول أغسطس/آب 2015، أُغلق جزء كبير من الطريق (بين كرش والراهدة) عقب نشوب معارك قتالية على طول جبهة كرش في مديرية القبيطة شمالي لحج، وتسبُّب الغارات الجوية للتحالف بقيادة السعودية بتدمير عدد من الجسور هناك. باتت المنطقة ملغومة منذ ذلك الحين مع تعمُّد الحوثيين زرع الألغام بكثافة فيها، مما أجبر سائقي المركبات على سلوك طرق بديلة غير معبدة تقع باتجاه الغرب وتمر عبر صحراء مفتوحة وجبال وعرة. أما من عدن، فيمتد الطريق البديل صوب الجزء الشمالي الغربي عبر مديرية طور الباحة، وعلى ضوء هذا يضطر سائقو المركبات المتجهين إلى مدينة تعز للقيادة باتجاه الجزء الشمال الغربي والمرور عبر مديرية المقاطرة في شمال لحج قبل الوصول إلى مدينة التربة جنوب تعز. فضلًا عن ذلك، يُضطر المسافرون برًا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في تعز أو غيرها من المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة مثل إب أو ذمار أو صنعاء لسلوك طريق غير معبد يقع باتجاه الشمال في طور الباحة ويمر عبر درب جبلي محفوف بالمخاطر يقع في مديرية القبيطة بلحج ويتجه صوب مدينة الراهدة جنوب تعز. تنامى عدد حوادث المرور الواقعة على هذا الطريق منذ لجوء سائقي الشاحنات لاستخدامه للتنقل/ السفر برًا من وإلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بعد إغلاق طريق رئيسي في مديرية حيس جنوبي الحديدة عقب إعادة نشر القوات المشتركة المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية[21] في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 على طول المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر.

تدير قوات تابعة للحوثيين والإصلاح وألوية العمالقة والمجلس الانتقالي الجنوبي عددًا من نقاط التفتيش العسكرية والأمنية على طول الطرق الرابطة بين عدن وجنوب تعز (عبر لحج). إلى جانب نقاط التفتيش الرسمية هذه، تدير قوات عسكرية وأمنية مارقة وعصابات إجرامية ورجال القبائل المسلحون نقاط تفتيش مؤقتة تُفرض فيها رسوم إضافية على سائقي المركبات أو لنهبهم.

السفر برًا في الاتجاه المعاكس: وضع الطرق المؤدية من تعز إلى عدن

ينطوي السفر برًا في الاتجاه المعاكس، أي من تعز إلى عدن، على مخاطر متعددة تهدد سلامة المسافرين. تدير قوات أمنية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نقاط تفتيش "الرباط" و"العلم" و"مصنع الحديد" على مشارف العاصمة المؤقتة، وتمارس على الدوام أشكالًا من الابتزاز أو الاحتجاز أو سوء المعاملة ضد قاطني المناطق الشمالية.[22] ورغم تراجع هذه الممارسات نسبيًا بعد تشكُّل مجلس القيادة الرئاسي مباشرة في أبريل/نيسان 2022[23] -المجلس الذي كان يُؤمل بأن يساهم تأسيسه في تخفيف حدة الانقسامات بين الجماعات المناهضة للحوثيين -عاودت هذه الممارسات الظهور مجددًا.

كانت الرحلة من مدينة تعز إلى عدن تستغرق في العادة حوالي ساعتين ونصف، إلا أن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالجسور وبأجزاء من طريق كرش-الراهدة أدت إلى إغلاق هذا المسار في أغسطس/آب 2015.[24] حاليًا، تستغرق الرحلة من مدينة إلى أخرى مدة لا تقل عن ثمانِ ساعات بالسيارة عبر طريق بديل غير مُعبد غالبًا. أحد أخطر أجزاء هذا الطريق هو الجزء المارّ عبر هيجة العبد، الذي يتميز بسلسلة تعرجات شديدة الانحدار كثيرًا ما تتسبب في انقلاب الشاحنات. كما يوجد جزء آخر غير مُعبد من الطريق، يعرف بـ "سايلة المقاطرة"، يتسع لمرور سيارة واحدة فقط أيًا كان الاتجاه.[25]

وضع الطُرق بين عدن وصنعاء
قبل اندلاع الحرب، كانت الرحلة بين عدن وصنعاء تستغرق من ست إلى سبع ساعات بالسيارة باستخدام أقصر طريقين يربطان بين المدينتين وهما: الطريق الغربي من صنعاء، وكان يمر عبر ذمار وإب وتعز ولحج باتجاه عدن، والطريق الشرقي من صنعاء، وكان يمر عبر ذمار والضالع ولحج حتى عدن. في أغسطس/آب 2015، أُغلق مسار عبر الطريق الغربي يمتد بين الراهدة وتعز وكرش في لحج، في أعقاب توسّع رقعة الحرب وتنامي عدد الجبهات والدمار الذي لحق بعدة جسور هناك جراء الغارات الجوية للتحالف بقيادة السعودية. أدى ذلك إلى زيادة الاعتماد على الطريق الشرقي، مما عزز نفوذ القوات الناشئة المدعومة من الإمارات على حساب قوات الحكومة التابعة آنذاك للرئيس عبدربه منصور هادي، كون الطريق يمر عبر معاقل لقيادات -انضوت لاحقًا تحت مظلة المجلس الانتقالي الجنوبي بعد تأسيسه -في جنوب الضالع وشمال شرق لحج.[26] في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 وأبريل/نيسان 2019، أُغلق مساران في مديرية دمت شمال الضالع (عبر الطريق الشرقي) بسبب المعارك القتالية المحتدمة على الجبهات. على ضوء ذلك، اضطر المدنيون المسافرون برًا من صنعاء إلى عدن التوجه غربًا عبر طريق يمر بإب وتعز سبق أن أُغلق لفترة وجيزة من قِبل قوات الحوثيين في مارس/آذار 2015، لكن مدة الرحلة المستغرقة عبر هذا الطريق كانت أطول بكثير بسبب الإغلاقات المتكررة للمسارات المارّة عبر شمالي لحج منذ عام 2016 (انظر: "وضع الطرق الرابطة بين عدن وتعز"). وبما أن الطريق لم يكن مؤهلًا لاستيعاب الشاحنات الكبيرة، اضطُر السائقون إلى تغيير مسارهم إما عبر مدينة المخا على ساحل البحر الأحمر ومن ثم سلوك الطريق الساحلي المتجه إلى عدن، أو قيادة شاحناتهم عبر البيضاء إلى حدودها الجنوبية الغربية مع لحج، حيث غالبًا تُغلق الطرق غالبًا بسبب المعارك القتالية على الجبهات. في أغسطس/ آب 2019، أفاد أحد موظفي مركز صنعاء أنه اضطر للمرور عبر 62 نقطة تفتيش على الطريق المؤدي من عدن إلى صنعاء، [27] علمًا أن الوضع لم يشهد تحسنًا منذ ذلك الحين.

سياسة المَحْرَم: عبء إضافي على كاهل النساء

في زمن الحرب، ليس مستغربًا أن ينطوي السفر/ التنقل برًا داخل اليمن على تحديات جمّة طالت كافة شرائح المجتمع، إلا أن النساء يحظين بنصيب الأسد من هذه التحديات المتزايدة والفريدة من نوعها. وإضافة إلى المخاطر العامة والمنغصات والمصير المجهول الذي يواجه سائقي السيارات في شتى أنحاء البلاد، تجد النساء اليمنيات في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون أنفسهن أمام قيود تعيق حركتهن داخل المحافظات وفيما بينها.

ورغم أن العديد من الأسر اليمنية معتادة منذ زمن تكليف رجالها بمرافقة قريباتهم عند السفر/ التنقل برًا، بدأ الحوثيون بفرض سياسة المَحْرَم بصورة رسمية على جميع النساء والفتيات مع إحكام سطوتهم على صنعاء ومحيطها. تشير ليزا البدوي، منسقة شبكة التضامن النسائي في اليمن، [28] إلى أن سياسة المَحْرَم مدفوعة باعتبارات أيديولوجية. من الناحية الأيديولوجية، يؤمن الحوثيون بهيمنة المجتمع الذكوري الذي تتمتع فيه النساء عامة -بمن فيهن اللاتي يعتبرن من طبقة الهاشميين وفق نظام الحوثيين -بحقوق أدنى من الرجال. وبالتالي، يسعى الحوثيون إلى تقييد حركة المرأة وتقويض انخراطها في المجتمع المدني كأداة عملية تمكنهم من رصد تحركات النساء المنخرطات في أنشطة يُنظر إليها كتهديد للجماعة.[29]

في ديسمبر/كانون الأول 2017، شُدد تطبيق سياسة المَحْرَم بشكل ملحوظ في الفترة التي أعقبت مقتل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح على يد الحوثيين، لا سيما بعد نزول ناشطات سياسيات إلى الشوارع للمطالبة بإعادة جثمان صالح. في هذا السياق، نوّهت ليزا البدوي إلى أن الواقعة دقت ناقوس الخطر لدى سلطات الحوثيين بأن المرأة لها صوت مؤثر في المجتمع وبالتالي تشكل تهديدًا محتملًا لحُكم الجماعة. وكخطوة أولى لإقحام هذه الممارسة في القانون، أصدرت السلطات المحلية في مدينة حجة الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعميمًا في سبتمبر/أيلول 2021 “يقضي بمنع سفر النساء دون مَحْرَم” وحُددت غرامة بمبلغ 200 ألف ريال يمني (أي حوالي 330 دولارًا أمريكيًا بسعر الصرف السائد آنذاك) ورأس بقر على من تخالف هذه التوجيهات.[30]

ظلت النساء المسافرات برًا دون مَحْرَم عرضة لمضايقات عديدة عند نقاط التفتيش الواقعة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. شرعت الجماعة بتشديد سياسة المَحْرَم في مارس/آذار 2022 وتطبيقها بصورة أكثر صرامة.[31] بموجب التعميم الصادر، يُشترط حصول المرأة على موافقة خطية من مَحْرَمها قبل سفرها بمفردها، مُصدّقة من عاقل الحارة ومسؤولين حكوميين آخرين. في بعض الأحيان، يُرفض الإذن المكتوب ويُلزم المَحْرَم بمرافقة المرأة شخصيًا أثناء سفرها/ تنقلها، [32] مع ضرورة تقديم ما يُثبت صلة القرابة بمَحْرَمها عند نقاط التفتيش الحوثية. قد تتعرض المرأة المسافرة/ المتنقلة برًا دون مَحْرَم للاحتجاز لحين قدوم مَحْرَم لاصطحابها في حال خلص الجنود المرابطون في نقاط التفتيش إلى عدم وجود مستندات بحوزتها تثبت موافقة مَحْرَمها. قد يتأزم وضعها في حال كانت ناشطة سياسية، أو موظفة تعمل لدى منظمة غير حكومية محلية أو دولية، أو تنتمي لحزب معارض للحوثيين، حيث يُمكن احتجازها لعدة أيام. في بعض الأحيان، قد لا يشفع لها حضور المَحْرَم لاصطحابها حيث تضطر ومرافقها إلى دفع رشوة والتوقيع على تعهد بعدم تكرار ذلك.

تختلف شروط الحصول على هذه الموافقات على أرض الواقع، وكذلك العقوبات المفروضة على النساء اللاتي لا يلتزمن بهذه القواعد. ذكرت إحدى النساء تجربتها مع سياسة المَحْرَم لمركز صنعاء:

“تصيغ سكرتيرة قانونية معنية بالمسائل المتعلقة بالنساء في كل حارة محتوى الوثيقة، وبعد توقيع المَحْرَم وأخذ بصمات أصابعه وبطاقة هويته، تختمها. يُطلب من المرأة بعد ذلك كتابة تعهد توافق بموجبه على سياسة المَحْرَم، على أن يوقع عليه شاهدان. بعدها، تُوقع الوثيقة من قِبل السكرتيرة القانونية ثم مسؤول في المحكمة. عقب ذلك، يجب تصديق الوثيقة من وزارة العدل، وفي حال كانت المرأة مسافرة إلى خارج البلاد، يُلزم تصديقها من وزارة الخارجية أيضًا.”[33]

يلعب عاقل الحارة -المكلّف بالتنسيق مع سلطات الحوثيين -دورًا في إجراءات حصول المرأة على الموافقة، بحُكم معرفته الوثيقة بسكان منطقته وإلمامه بنوع صلة القرابة التي تربط هذا بتلك. فضلًا عن ذلك، يُسند دور لشركات النقل في هذه الإجراءات حيث يُطلب من النساء ملء استمارات تخص معلومات عن المَحْرَم (تُوزع على وكالات تأجير السيارات أو شركات خدمات سيارات الأجرة).[34] تُشارك هذه الاستمارات مع القوات المرابطة في نقاط التفتيش الأمنية والعسكرية الموجودة على طول الطريق الذي تتخذه النساء للسفر/ التنقل برًا، حيث تسمح المعلومات الواردة فيه لسلطات الحوثيين بإجراء تحريات عن النساء قبل وصولهن إلى نقاط التفتيش. بهذه الطريقة، استهدفت سياسة المَحْرَم الناشطات والعاملات في منظمات غير حكومية، اللائي يتطلب عملهن التنقل باستمرار. كل هذه السياسات الرامية إلى تقييد حركة المرأة فاقمت أيضًا معاناتها من الناحية الاقتصادية.

قالت إحدى النساء لمركز صنعاء إن التكاليف المترتبة للحصول على جميع التواقيع اللازمة لاستيفاء الشروط الخاصة بوثيقة موافقة المَحْرَم تبلغ 15 ألف ريال يمني، [35] وهذا بحد ذاته يشكل عبئًا ماليًا ثقيلًا على كاهل النساء، سواء المسافرات لغرض العمل، أو لتلقي العلاج الطبي، أو لمجرد زيارة الأقارب. أشارت امرأة أخرى تعمل لدى منظمة غير حكومية دولية إلى رفض القوات المرابطة في نقطة التفتيش السماح لها بالسفر بوثيقة موافقة مَحْرَمها فقط، مما أجبر زوجها على القدوم برًا من عدن إلى صنعاء -مكان وجودها -لاصطحابها إلى مطار عدن. تكبد الزوج مشاق السفر برًا فقط للسماح لزوجته بالوصول إلى المطار، حيث بلغت عدد ساعات رحلته ذهابًا وإيابًا 32 ساعة.[36]

من خلال التعامل مع سياسة المَحْرَم التي ينتهجها الحوثيون كوضع طبيعي جديد، باتت النساء في مناطق أخرى عرضة لمزيد من التحريض والعنف المحتمل في حال سافرن/ تنقلن بمفردهن. ورغم تأكيد معظم المُستطلعة آرائهن بأن سياسة المَحْرَم طُبقت عليهن في المناطق الشمالية (الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، لم تَسلم بعضهن من المضايقات عند نقاط تفتيش تديرها عناصر سلفية وغيرها من العناصر المتزمتة دينيًا في المحافظات الجنوبية. ذكرت العديد من المجيبات على الاستبيان المُعد للنساء فقط -ممن سافرن برًا دون مَحْرَم -أنهن تعرضن لألفاظ مسيئة عند نقاط التفتيش الأمنية على لسان جنود ينتمون إلى فصائل مسلحة مختلفة. ذكرت 54% من المستطلعة آرائهن أنهن تعرضن لمضايقات بشكل أو بآخر أثناء سفرهن لمجرد كونهن إناث، في حين ذكرت سبع نساء من أصل 12 -ممن أسهبن في ذكر أشكال المضايقات اللاتي تعرضن لها -أن سفرهن دون مَحْرَم كان السبب الرئيسي لتعرضهن لمثل تلك المضايقات. من الجوانب التي فاقمت من سوء الوضع هو غياب وجود شرطيات في معظم نقاط التفتيش الأمنية، حيث شعرت بعض النساء أنهن منتهكات حين فتش رجال الشرطة حقائبهن اليدوية وأمتعتهن، حسب إفادتهن.

وصفت امرأة يمنية، تعمل في منظمة غير حكومية، سياسة المَحْرَم أنها جزء من خطة لعزل النساء تدريجيًا “وإعادتنا إلى عصر الإمامة”. وأضافت أن “سلطات الحوثيين تخشى من تأثّر نسائهن أو حتى رجالهن بنساء (مثلي)”، مُبدية تشاؤمها بالقول “سنختفي قريبًا من الحيز الاجتماعي”.[37]

في مواجهة هذه التحديات، أفادت النساء باتخاذهن عددًا من التدابير التحوطية بما في ذلك ارتداء النقاب، وعدم السفر/ التنقل براً إلا برفقة مَحْرَم، أو السفر ضمن مجموعة، إلى جانب محو أي محتوى حساس من هواتفهن المحمولة، وحذف تطبيق الواتساب أو تطبيقات المراسلة الأخرى. كما يحرصن على الاتصال بأقاربهن أو معارفهن ممن سافروا برًا عبر طريق معين للاستفسار عن نوع الصعوبات التي قد يواجهنها في الدرب.

من مشقة السفر إلى مخاطره: قصور في الخدمات المتاحة على الطرق البديلة

الحوادث وتعطل المركبات ومستوى توافر الخدمات في حالات الطوارئ

يوجد عدد محدود للغاية من المستشفيات والعيادات خارج المدن الكبرى، ليفاقم من خطورة وقوع حالات طوارئ كحوادث المرور التي تستدعي التدخل العاجل. في كثير من الأحيان، لا يُبلغ عن حوادث الطرق في اليمن، لكن بحسب الاحصائيات المتاحة من فترة ما قبل الحرب (تحديدًا عام 2013)، بلغ عدد حوادث الطرق في جميع أنحاء البلاد حوالي 9 آلاف حادثة حصدت أرواح 2,494 شخصًا، وخلفت 12,622 مصابًا.[38] تراجعت قدرة السلطات على توثيق حوادث الطرق بين عامي 2018 و2019 مع تراجع عدد البلاغات المقدمة من الأفراد، لكن رغم ذلك بلغ عدد الحوادث المسجلة خلال هذه الفترة 11,405 حادثة، أودت بحياة 2,653 شخصًا وخلفت 16,403 مصاب.[39] ومع إغلاق الطرق المعبدة المصممة لاستيعاب حركة المرور المكثفة والمركبات الثقيلة، اضطر سائقو شاحنات نقل البضائع وحافلات الركاب والسيارات الأخرى لاستخدام طرق ثانوية غالبًا ما تكون غير معبدة وغير مصانة وغير مصممة لاستيعاب مثل هذه الأحمال، مما ساهم في زيادة عدد حوادث الطرق.[40] يصبح من الصعوبة بمكان طلب المساعدة عند وقوع مثل هذه الحوادث أو حالات الطوارئ لا سيما مع عدم وجود تغطية لشبكة الهاتف المحمول والإنترنت في مثل هذه المناطق وطبيعة الطرق النائية والوعرة التي تغيب فيها تقريبًا الخدمات أو فِرَق الإنقاذ. أشارت إحدى المُجيبات على الاستبيان المُعد للنساء فقط إلى تعرض ابنة أختها للإجهاض أثناء سفرها من صنعاء إلى عدن، وهو ما قد يكون بسبب سوء حالة الطرق. حتى قبل اندلاع الحرب، كان هناك عدد محدود من سيارات الإسعاف المتاحة لإنقاذ سائقي المركبات ممن وقعوا ضحايا لحوادث خطيرة على الطرق أو تعرضوا لحالات طوارئ صحية على الطريق، إلا أن السفر/ التنقل عبر طرق معبدة ومباشرة كان أكثر أمانًا على الأقل.

فضلًا عن ذلك، يوجد عدد قليل من ورش تصليح السيارات خارج المدن الكبرى، وهو ما يشكل تحديًا في حال تعطل السيارات في منتصف الطريق إذ يضطر المسافرون الانتظار ساعات إلى حين وصول المساعدة. ذكرت المرأة المُشار إليها آنفًا (إحدى المجيبات على الاستبيان المعد للنساء فقط وأفادت عن تعرض ابنة أختها للإجهاض) أنه لم تكن هناك وسيلة للاتصال بأي طرف للحصول على المساعدة حين تعطلت الحافلة التي استقلتها على طريق سايلة المقاطرة غير المُعبد جنوبي تعز. كما أن العواصف الممطرة تُغرق الطريق الوعر المليء بالحفر البالغ طوله 10 كيلومترات ويتسع لمرور مركبة واحدة فقط أيًا كان الاتجاه. أفاد أحد المجيبين أنه اضطر للانتظار مع زوجته وأطفاله ثلاث ساعات في وقت متأخر من الليل على طريق إب-صنعاء حتى وصول المساعدة بعد حدوث عطب صغير في سيارته. عزف الرجل عن ركوب أي سيارة مارة وجلب ما يحتاجه من معدات أو قطع غيار لإصلاح سيارته حرصًا على عدم ترك أسرته بمفردهم وسط الطريق المنعزل، وفضّل انتظار قدوم صديق له من مكان بعيد حاملًا معه قطعة الغيار والمعدات اللازمة. لا تتوفر في أغلب الأحيان شاحنات سحب السيارات خارج المدن، حتى إن كانت توفر خدماتها بأسعار معقولة.

وضع الطرق بين صنعاء ومأرب

قبل اندلاع الحرب، كان يوجد طريقان رئيسيان مُعبدان يربطان بين صنعاء ومدينة مأرب. كانت الرحلة على هذين الطريقين تستغرق أقل من ثلاث ساعات، ويصطف على طول جانبيهما محطات الوقود والأسواق والمطاعم، لكن مع احتدام القتال على الجبهات في غرب وشمال غرب مأرب، أُغلقت أجزاء من هذين الطريقين منتصف عام 2015 ومنتصف عام 2016، مما أجبر المسافرين/ المتنقلين برًا على سلوك طرق فرعية طويلة إما باتجاه الشمال عبر محافظة الجوف أو باتجاه الجنوب عبر محافظتي ذمار والبيضاء. ظل الطريق الجنوبي -الذي كان يمر حينها عبر مديريات ماهلية ورحبة والجوبة -مفتوحًا حتى أوائل سبتمبر/أيلول 2021 حين تقدمت قوات الحوثيين إلى جنوب مأرب وباتجاه محافظة شبوة المجاورة. كانت الرحلة على هذا الطريق المليء بالحفر ومطبات السرعة تستغرق ما يزيد عن 14 ساعة، إلى جانب عدم توفر محطات الوقود وورش تصليح السيارات أو تغطية لشبكة الهاتف المحمول.

في خضم المعارك التي أعقبت ذلك -وشهدت طرد قوات الحوثيين من شمال غرب شبوة ومناطق من جنوب مأرب على يد ألوية العمالقة المدعومة إماراتيًا -شرع الحوثيون في إغلاق مسار "المناقل" على هذا الطريق، الرابط بين شمال شرق البيضاء وجنوب مأرب، كان المسار يُعد أحد أهم الطرق المستخدمة بشكل رئيسي من قِبل السكان والتجار المسافرين/المتنقلين من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين إلى محافظة حضرموت شرق البلاد حيث يقع منفذ (الوديعة) -المنفذ البري الوحيد المفتوح بين اليمن والسعودية -ومطار سيئون، أحد المطارات القليلة العاملة في البلاد. حاليًا، يوجد طريقان بديلان يتكبد فيه المسافرون/ المتنقلون برًا تكاليف أعلى فضلًا عن ساعات أطول: يتجه الطريق الأول، افتُتح منذ سبتمبر/ أيلول 2021، صوب الطريق الشمالي الشرقي إلى مديرية بيحان في شبوة ثم شمالًا عبر منطقة صحراوية نائية إلى منشآت صافر النفطية شرق مدينة مأرب. تستغرق الرحلة عبر هذا الطريق زهاء 20 ساعة وعادة ما يُغلق عند اندلاع اشتباكات على جبهة بيحان، أما الطريق الثاني فيمر عبر منطقة صحراوية نائية في الجوف وشمال مأرب ويفتقر إلى أي نوع من أنواع الخدمات.

تجدر الإشارة الى أن نقاط التفتيش الواقعة على طول الطرق الرابطة بين صنعاء ومأرب تديرها قوات تابعة للحوثيين، إضافة إلى قوات موالية للحكومة وجنود قبليين.

الطرق الثانوية: رحلات أطول وافتقار لأماكن الاستراحة والمرافق العامة

يعاني جميع المسافرين برًا داخل اليمن من نقص كبير في الخدمات الأساسية على الطرق، كالمراحيض العمومية النظيفة أو الصالحة للاستخدام، ومحطات الوقود المفتوحة، ومحلات البقالة والمطاعم، علمًا أن مستوى وفرة وجودة هذه الخدمات يختلف بحسب الطريق المستخدم. توقفت العديد من محطات الوقود القديمة عن العمل بسبب النقص المتكرر في إمدادات الوقود وتحوّل مبيعاته إلى السوق السوداء. أشار 89% من المجيبين على الاستبيان العام -رجال ونساء -إلى سوء نظافة المراحيض العمومية. من جهة أخرى، نوّه 35% إلى قلة وتوزع الخدمات الأساسية والمرافق على طول الطرق الثانوية، بينما وصفها 57% بالمقبولة. اعتبر أقل من 8% أن الخدمات المتوفرة جيدة. وفيما يتعلق بمدى تلبية الخدمات الأساسية والمرافق المتاحة لاحتياجاتهم، فقد رأى 3% من المجيبين على الاستبيان أن الجودة منخفضة، واعتبرها 58% مقبولة ومتوسطة، بينما اعتبرها 3% جيدة.

في مجمل الأحوال، تتأثر النساء المسافرات/ المتنقلات برًا بشكل غير اعتيادي كونهن الفئة الأكثر احتياجًا إلى المراحيض والاستراحات والمطاعم ذات الركن المخصص للنساء والعوائل. من بين 24 امرأة شاركن في الاستبيان المُعد خصيصًا للنساء، اعتبرت 90% أن الخدمات والمرافق المتاحة سيئة. من جهة أخرى، ذكر ثلثا المجيبات أنهن لا يشعرن بالأمان عند استخدام هذه المرافق أو عند الاستعانة بالخدمات المتاحة، حيث اعتبر 91% منهن أن سفر/ تنقل النساء بين المحافظات أصبح شاقًا أكثر في ظل الحرب الدائرة.

الثمن الباهظ للحرب على قطاع النقل البري

يُعد قطاع النقل البري في اليمن من القطاعات الأكثر تضررًا جراء الحرب الجارية التي أسفرت عن انقسام مؤسسات الدولة الرئيسية بين صنعاء وعدن تحت سلطتين مركزيتين متنافستين. ومع توقف صرف رواتب موظفي الدولة وضعف الميزانيات المخصصة لتمويل صيانة الطرق ومشاريع التنمية، تعرّض القطاع لنزيف في اليد العاملة. من ناحية أخرى، وجدت الشركات الخاصة نفسها في خضم تحدي للتعامل مع ارتفاع أسعار الديزل والبنزين التي تفاقمت بسبب النقص المتكرر في إمدادات الوقود، والالتزام بالسياسات الضريبية والجمركية وسياسات منح التراخيص المتضاربة المفروضة من قِبل السلطات المركزية والسلطات المحلية، فضلًا عن دفع الرشاوى أو الرسوم التعسفية عند نقاط التفتيش التابعة للجماعات المسلحة.[41] كما تُعد الساعات الإضافية التي يستغرقها المسافرون/ المتنقلون المضطرين لسلوك طرق فرعية طويلة بين عدن وصنعاء والحديدة ومأرب والبيضاء وذمار عاملًا آخر يُسهم في ارتفاع تكاليف النقل. باتت بعض الرحلات المتجهة من المرافئ البحرية الرئيسية في البلاد إلى صنعاء تستغرق حاليًا أكثر من خمسة أيام، بعد أن كانت تستغرق يومًا أو يومين في فترة ما قبل الحرب. مثلًا في عام 2013، كان التاجر يستأجر شاحنة مع سائق لنقل حاوية بضائع بطول 40 قدمًا من عدن إلى صنعاء بتكلفة تبلغ نحو 350 ألف ريال يمني، يشمل هذا السعر تكلفة الوقود وجميع الرسوم المفروضة في النقاط الجمركية الرسمية ومحطات وزن الشاحنات أو حاويات البضائع، أما اليوم، أصبح التاجر يتكبد نحو 3-4 ملايين ريال يمني لنقل الحاوية على نفس المسافة بسبب ارتفاع تكاليف الوقود، وطول مسافة الطرق المفتوحة بين عدن وصنعاء، إلى جانب اضطرار السائقين دفع رسوم رسمية وغير رسمية إضافية عند نقاط التفتيش التابعة لعدد من الجماعات المسلحة على طول الطريق.[42]

أدى إغلاق العديد من المنافذ الجوية والبحرية والبرية إلى زيادة العبء على قطاع النقل البري. يوجد مطاران عاملان فقط في اليمن من أصل 19 مطارًا[43] (أحدهما في العاصمة المؤقتة عدن والآخر في سيئون بحضرموت) يُسيّر من خلالهما الرحلات المدنية. أُعيد فتح مطار صنعاء لعدد محدود من الرحلات الأسبوعية من وإلى عمّان والقاهرة كجزء من الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في أبريل/ نيسان 2022، علمًا أن الرحلات من وإلى القاهرة توقفت بعد تسيير أول رحلتين في 1 يونيو / حزيران.[44] ظل مطار صنعاء مفتوحًا للرحلات المدنية حتى بعد انتهاء سريان الهدنة أوائل أكتوبر/تشرين الأول، وإن كان يستوعب عددًا محدودًا من الرحلات والمسافرين فضلًا عن فرض قيود سفر مماثلة للتي يواجهها سائقو المركبات على الطرق البرية.

أُوقف العمل في معظم الموانئ البحرية في البلاد (البالغ عددها الإجمالي 17 ميناءً) سواء بشكل كُلي أو جزئي. الموانئ الرئيسية العاملة هي ميناء عدن، وميناء المكلا في حضرموت، وميناء نشطون في المهرة، وميناء الحديدة الذي تخضع الحركة فيه لرقابة وتفتيش الأمم المتحدة في إطار تنفيذ قرار حظر توريد الأسلحة المفروض من قِبل مجلس الأمن الدولي في أبريل/نيسان 2015.[45] أدت هذه القيود المفروضة على الحركة إلى تقويض أنشطة نقل البضائع مما ساهم في ارتفاع أسعار الوقود والسلع الغذائية.

أما بالنسبة للمنافذ البرية الستة التي تربط اليمن بدول مجاورة، [46] فلم يبقَ مفتوحًا منها سوى منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية ومنفذي شحن وصرفيت الحدوديين مع عُمان.

الخلاصة

تسببت التحديات والمخاطر المرتبطة بالسفر/ التنقل برًا داخل اليمن خلال فترة الحرب -لا سيما قرب الجبهات الواقعة في الثلث الغربي من البلاد -في وقوع خسائر فادحة حصدت معها أرواح عدد كبير من اليمنيين. يواجه السكان اليمنيون مخاطر عديدة عند السفر/ التنقل عبر شبكة الطرق المحدودة المفتوحة، بما في ذلك خطر الوقوع على خطوط نار المعارك القتالية وخطر انفجار الألغام الأرضية والعبوات الناسفة. تكثر الحوادث على الطرق البديلة المنعزلة وغير المعبدة التي يضطر المسافرون/المتنقلون لسلوكها نتيجة إغلاق الطرق الرئيسية، فضلًا عن خطر السيول والانهيارات الأرضية التي قد تودي بحياة الأفراد أو توقع إصابات تستدعي رعاية طبية عاجلة قد لا تكون متاحة في مثل تلك الأماكن. نصبت الجماعات المسلحة المتناحرة مئات من نقاط التفتيش على جوانب الطرق لمراقبة حركة السيارات والتربّح منها. وغالبًا ما يُستهدف الصحفيون والنشطاء والمنتمون لأحزاب سياسية معارضة إلى جانب القادمين من مناطق معينة عند نقاط التفتيش هذه حيث يُخضعون للتفتيش التعسفي والاستجواب وحتى الاحتجاز.

تواجه النساء قيودًا فريدة من نوعها ومشددة أثناء سفرهن/ تنقلهن عبر البر، حيث يتكبدن أعباءً مالية وعناء إجراءات بيروقراطية معقدة لاستيفاء شروط سياسة المَحْرَم التي يفرضها الحوثيون، منها الحصول على إذن يسمح لهن بالمرور عبر نقاط التفتيش الأمنية التابعة للحوثيين دون مرافقة ذكر. أفادت نساء في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن منعهن من عبور نقاط التفتيش رغم حصولهن على جميع التصاريح اللازمة للسفر بمفردهن، حيث اشترطت سلطات الحوثيين وجود مَحْرَم لمرافقتهن.

هناك صلة وثيقة بين الظروف الاقتصادية والإنسانية وحالة الطرق، من هذا المنطلق يمكن أن تساعد أي تحسينات تُجرى على الطرق في تخفيف معاناة السكان من الأعباء الاقتصادية والإنسانية التي تثقل كاهلهم، إلا أن تخفيف القيود المفروضة على حركة السفر/ التنقل عبر الطرق البرية قد لا يخلو من تداعيات عسكرية وسياسية كبيرة، مما قد يحفز رد فعل معاكس من الأطراف المتحاربة. في جميع الأحوال، من المهم استكشاف هذه الجوانب كوسيلة محتملة للدخول في مفاوضات، نظرًا للأهمية المحورية التي يشكلها رفع هذه القيود بالنسبة للعديد من أصحاب المصلحة المعنيين.

لم تُولِ الجهات الفاعلة المحلية والخارجية اهتمامًا كافيًا بمعظم التعقيدات والتحديات والمخاطر التي فرضتها الحرب على حركة السفر/ التنقل عبر البر، من عمد هذا الموجز السياساتي على تسليط الضوء عليها. يُعزى ذلك إلى ندرة البحوث المتناولة هذا الموضوع، حيث تعد المعلومات الواردة في العديد من المنشورات المتاحة قديمة وسطحية نوعًا ما ولا يتعاطى محتواها مع المسألة بالعمق الذي تستحقه. تُعتبر الجهود المبذولة في إطار الهدنة المنتهية صلاحيتها مؤخرًا لتخفيف المعاناة المرتبطة بإغلاق الطرق الرئيسية في العديد من المحافظات، أول محاولة من قِبل الجهات الفاعلة الدولية لإعطاء أولوية للمسألة بعد أكثر من ثمانِ سنوات من الحرب. رغم هذا، ظلت مسألة فتح الطرق العنصر الوحيد في اتفاق الهدنة الذي لم يُنفذ. من هذا المنطلق، يتعيّن تركيز الاهتمام الكافي وتسخير الموارد لمعالجة التحديات والتعقيدات المرتبطة بالسفر/التنقل عبر البر في زمن الحرب لما سيمثله ذلك من خطوة إيجابية يمكن أن تساهم في تخفيف المعاناة المستمرة التي تراكمت على كاهل مواطنين تحملوا أوزار الحرب على طرق اليمن.


أُعد هذا الموجز السياساتي في إطار المواضيع التي تناولها منتدى اليمن الدولي في نسخته الأولى لعام 2022، الذي نظمه مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع أكاديمية فولك برنادوت، وبدعم تمويلي من حكومة مملكة السويد.

الهوامش
  1. “الدراسة النقدية المشتركة بين الوكالات: وظائف السوق وتصورات المجتمع للمساعدة القائمة على النقد”، مبادرة ريتش، ديسمبر/ كانون الأول 2017، ص 35. https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/reach_yem_report_joint_cash_study_dec2017.pdf
  2. في منتصف أغسطس/آب 2022، ومع احتدام المعارك القتالية بين القوات العسكرية الموالية للإصلاح وقوات دفاع شبوة وألوية العمالقة المدعومة إماراتيًا للسيطرة على عتق، بعثت وزارة النقل التابعة للحكومة بمذكرة إلى شركات النقل الجماعي تطالبها بوقف نقل ركاب على طول طريق شبوة-حضرموت إلى أجل غير مسمى. وكانت السلطات قد عجلت بإغلاق الطريق نتيجة استهداف حافلة ركاب في هجوم اشتُبه بضلوع طائرة مسيّرة إماراتية فيه. انظر “شبوة.. مقتل سائق حافلة نقل جماعي وإصابة مرافقه بقصف شنته طائرة إماراتية”، موقع المهرة بوست، 16 أغسطس/ آب 2022، https://almahrahpost.com/news/32801#.Y1rsJezMIbk
  3. اضطلعت هاتان الوزارتان تقليديًا بإدارة شبكة الطرق والبنية التحتية للنقل في اليمن. “المعوقات الداخلية والخارجية لنقل السلع إلى اليمن: الأسباب والحلول”، المنتدى الاقتصادي اليمني -مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، 2022، ص 6، ورقة غير منشورة.
  4. عشرة من أصل 94 مجيبًا على الاستبيان العام لم يحددوا المحافظات التي ينتمون إليها. تعتبر صعدة وريمة والجوف وعمران المحافظات الأربع غير ممثلة في استطلاع الرأي.
  5. انحدرت المجيبات على الاستبيان من ثمانِ محافظات هي: أمانة العاصمة، صنعاء، إب، عدن، أبين، حضرموت، شبوة، البيضاء.
  6. “قطاع النقل في اليمن: مذكرة سياسة اليمن رقم 4 بشأن تقديم الخدمات الشاملة”، مجموعة البنك الدولي، أبريل/نيسان 2017، ص. 3، أبريل/نيسان 2017، https://documents1.worldbank.org/curated/en/387711508411653054/pdf/120532-REPLACEMENT-ARABIC-Yemen-Transport-Policy-Note-Input-to-PN-4-Final.pdf
  7. نبيل الطيري، ” قطاع النقل البرّي والطُّرق في اليمن القضايا الحرجة والسياسات ذات الأولوية”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية/ شركة ديب روت للاستشارات/ ومركز البحـوث التطبيقيـة بالشراكة مـع الشـرق (CARPO). ، ورقة بيضاء أُعدت في إطار مبادرة إعادة تصور اقتصاد اليمن، مارس/ آذار 2022، ص 9-11، https://devchampions.org/uploads/publications/files/Rethinking_Yemens_Economy_No11_Ar-1.pdf نبيل الطيري، ” قطاع النقل البرّي والطُّرق في اليمن القضايا الحرجة والسياسات ذات الأولوية”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية/ شركة ديب روت للاستشارات/ ومركز البحـوث التطبيقيـة بالشراكة مـع الشـرق (CARPO). ، ورقة بيضاء أُعدت في إطار مبادرة إعادة تصور اقتصاد اليمن، مارس/ آذار 2022، ص 9-11، https://devchampions.org/uploads/publications/files/Rethinking_Yemens_Economy_No11_Ar-1.pdf
  8. رغم أن القانون رقم 23 لعام 1994 يحدد المقاييس العامة لمركبات نقل البضائع في اليمن والحد الأقصى المسموح به لوزنها، لوحظ تجاهل أحكام القانون بدرجة كبيرة خلال فترة الحرب، يرجع ذلك جزئيًا إلى نقص عدد محطات وزن الشاحنات على مستوى البلاد وإغلاق العديد من الطرق القادرة على استيعاب الأحمال الثقيلة. المرجع السابق، الصفحتان 8 و 9.
  9. “خطــــــة أولــــويــــات إعــــادة الأعمـــار والتعافي الاقتصادي : الأولويات العاجلة”، وزارة التخطيط والتعاون الدولي، يونيو/ حزيران 2019، ص 54.http://www.yemenembassy.ca/doc/ARABIC Yemen DNA Phase 3-final (Informal Arabic Translation)-2.pdf
  10. مقابلة عبر الهاتف مع مهندس من صندوق صيانة الطرق في صنعاء، 4 يونيو/حزيران 2021. للاطلاع على تقرير استند إلى احصائيات من وزارة الأشغال العامة والطرق ، انظر: “3.3 مليار دولار خسائر الطرق في 6 سنوات من العدوان”، موقع 26 سبتمبر نت، 28 مارس/ آذار 2021، https://www.26sep.net/index.php/local/12557-3-3-6
  11. مقابلة مع مسؤول من وزارة الأشغال العامة والطرق، عدن، 4 يناير/كانون الثاني 2022.
  12. مقابلة هاتفية مع أحد المسافرين برًا، 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
  13. “بطاقة تقييم أداء الدول: اليمن، 2012″، موقع البنك الدولي، https://lpi.worldbank.org/international/scorecard/column/254/C/YEM/2012#chartarea – “بطاقة تقييم أداء الدول: اليمن، 2018″، موقع البنك الدولي، https://lpi.worldbank.org/international/scorecard/column/254/C/YEM/2018#chartarea
  14. أشار الأشخاص الذين أُجريت معهم المقابلات والمشاركون في استطلاع الرأي إلى تفضيلهم الوجهات السياحية داخل المناطق الخاضعة لسيطرة كل طرف من طرفي النزاع التي يعيشون فيها. على سبيل المثال، قال معظم الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إنهم يفضلون السفر برًا إلى محافظات الحديدة وإب وريمة والمحويت.
  15. مقابلة مع أحد المواطنين المسافرين عبر البر، 18 أغسطس/آب 2022.
  16. “اليمن: ينبغي للحوثيين فتح طرق تعز على وجه السرعة”، هيومن رايتس ووتش، 29 أغسطس/آب 2022. https://www.hrw.org/ar/news/2022/08/29/yemen-houthis-should-urgently-open-taizz-roads
  17. مقابلة مع أحد المواطنين المسافرين عبر البر، 18 أغسطس/آب 2022. للحصول على نسخة من الاستمارة التي يتعيّن على النساء تعبئتها في الوقت الراهن عند استئجار سيارة من شركة أرحب بغرض التنقل عبر البر، انظر “أول تعليق على قرار ضرورة تنقّل المرأة بمَحْرَم بين المحافظات”، موقع كريتر سكاي، 18 أبريل/ نيسان 2022، https://cratersky.net/posts/101592
  18. عائشة الوراق، “ملحمة السفر في اليمن: حركة مطارات غير متوقعة وطرق محفوفة بالمخاطر”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/8377
  19. مقابلة مع أحد المواطنين المسافرين عبر البر، 25 مايو/أيار 2021.
  20. “مشاهد من رحلات المواطنين إلى عدن.. صُنوف من امتهان الكرامة والإذلال”، موقع المهرة بوست، 5 يناير/ كانون الثاني 2018، https://almawqeapost.net/reports/26543
  21. تتألف القوات المشتركة من قوات المقاومة الوطنية وألوية العمالقة ومقاومة تهامة.
  22. تجادل هذه القوات بأن فرض المزيد من الإجراءات الأمنية يأتي كتدابير احتياطية ضرورية لمنع المسلحين الحوثيين من إنشاء خلايا نائمة داخل عدن، إلا أن الإجراءات تُعد أيضًا جزءًا من توجّه عام ينتهجه الانفصاليون المتشددون للتمييز ضد السكان الشماليين.
  23. مقابلة مع أحد المواطنين المسافرين عبر البر، 18 أغسطس/آب 2022.
  24. عبدالرب الفتاحي، “خط كرش: سبع سنوات من توقف الحياة!”، موقع حيروت، 29 أبريل/ نيسان 2022، https://hayrout.com/117119/
  25. مع هطول الأمطار الغزيرة، تصبح طريق سايلة المقاطرة مغمورة بالسيول وغير سالكة. انظر تقرير أسامة عادل، “سيول كارثية في تعز تغلق المنفذ الوحيد للمدينة”، تلفزيون بلقيس، 29 أغسطس/آب 2017. https://www.youtube.com/watch?v=4lKvjv9mzXE
  26. كلما برزت مشاكل مع الرئيس هادي، عمدت هذه القوات إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى مديريتي الضالع وردفان على وجه التحديد، وزادت من مضايقة السكان الشماليين المسافرين برًا إلى المحافظات الجنوبية. ورغم أن هذه الحوادث صُورت على أنها مرتكبة من قِبل جنوبيين يطالبون بالانفصال، كانت مدفوعة في الواقع بالتوترات بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي.
  27. عائشة الوراق، “ملحمة السفر في اليمن: حركة مطارات غير متوقعة وطرق محفوفة بالمخاطر”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 ، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/8377
  28. تنخرط شبكة التضامن النسوي -وهي مجموعة مدافعة عن حقوق المرأة تركز على حشد المجتمع الدولي لاتخاذ موقف ضد الانتهاكات التي تواجه المرأة اليمنية -في حملات مناصرة ضد سياسة المَحْرَم التي يفرضها الحوثيون.
  29. مقابلة مع الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة ليزا البدوي، 13 أغسطس/آب 2022.
  30. “ممارسات جماعة أنصار الله (الحوثيين) تقوّض حقوق وحريات النساء بشكل خطير”، مواطنة لحقوق الإسان، 8 مارس/ آذار 2022، https://mwatana.org/undermine-women/
  31. تكررت الإفادات الواردة من المجيبات على الاستبيان المعد خصيصًا للنساء عن تعرضهن للمضايقات عند نقاط التفتيش وتشديد متطلبات وجود المَحْرَم. انظر: “ممارسات جماعة أنصار الله (الحوثيين) تقوّض حقوق وحريات النساء بشكل خطير”، مواطنة لحقوق الإنسان، 8 مارس/ آذار 2022، https://mwatana.org/undermine-women/
  32. مقابلتان مع امرأتين تسعيان للحصول على إذن بالسفر دون مَحْرَم، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
  33. مقابلة مع امرأة تسعى للحصول على إذن بالسفر دون مَحْرَم، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
  34. للحصول على نسخة من الاستمارة التي يتعيّن على النساء تعبئتها في الوقت الراهن عند استئجار سيارة من شركة أرحب بغرض التنقل عبر البر، انظر “أول تعليق على قرار ضرورة تنقل المرأة بمَحْرَم بين المحافظات”، موقع كريتر سكاي، 18 أبريل/ نيسان 2022، https://cratersky.net/posts/101592
  35. مقابلة مع امرأة تسعى للحصول على إذن بالسفر دون مَحْرَم، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
  36. المرجع نفسه.
  37. المرجع نفسه.
  38. الجهاز المركزي للإحصاء، “كتاب الإحصاء السنوي 2013، الفصل 12: النقل والسفر، حوادث المركبات المسجلة حسب نوع الحادث وعدد الأشخاص المصابين والمتوفين فيها، والأضرار البشرية في محافظات الجمهورية خلال الفترة 2011-2013”، http://www.cso-yemen.com/publiction/yearbook2013/Transport_Travel.xls
  39. الجهاز المركزي للإحصاء، “كتاب الإحصاء السنوي 2019، الفصل 12: النقل والسفر، حوادث المركبات المسجلة حسب نوع الحادث وعدد الأشخاص المصابين والمتوفين فيها، والأضرار البشرية في محافظات الجمهورية خلال الفترة 2011-2013” ، (إحصائيات غير منشورة)
  40. انظر “البيضاء.. وفاة 8 أشخاص وإصابة آخرين في حادث مروري “مروع” على الخط الدولي”، المصدر أونلاين، 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، https://almasdaronline.com/articles/173817
  41. وفيق صالح ، “اقتصاد متعدد الأذرع.. تحقيق خاص لـ”المصدر أونلاين” يكشف حجم الإيرادات الهائلة التي تنهبها مليشيا الحوثي من اليمنيين”، المصدر أونلاين، 9 مارس/ آذار 2022، https://almasdaronline.com/articles/247870 نبيل الطيري، “قطاع النقل البرّي والطُّرق في اليمن القضايا الحرجة والسياسات ذات الأولوية”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية/ شركة ديب روت للاستشارات/ ومركـز البحـوث التطبيقيـة بالشـراكة مـع الشـرق (CARPO)، ورقة بيضاء أُعدت في إطار مبادرة إعادة تصور اقتصاد اليمن، مارس/ آذار 2022، ص 9-11، https://devchampions.org/uploads/publications/files/Rethinking_Yemens_Economy_No11_Ar-1.pdf وفيق صالح ، “اقتصاد متعدد الأذرع.. تحقيق خاص لـ”المصدر أونلاين” يكشف حجم الإيرادات الهائلة التي تنهبها مليشيا الحوثي من اليمنيين”، المصدر أونلاين، 9 مارس/ آذار 2022، https://almasdaronline.com/articles/247870 نبيل الطيري، “قطاع النقل البرّي والطُّرق في اليمن القضايا الحرجة والسياسات ذات الأولوية”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية/ شركة ديب روت للاستشارات/ ومركـز البحـوث التطبيقيـة بالشـراكة مـع الشـرق (CARPO)، ورقة بيضاء أُعدت في إطار مبادرة إعادة تصور اقتصاد اليمن، مارس/ آذار 2022، ص 9-11، https://devchampions.org/uploads/publications/files/Rethinking_Yemens_Economy_No11_Ar-1.pdf
  42. “المعوقات الداخلية والخارجية لنقل السلع إلى اليمن: الأسباب والحلول”، المنتدى الاقتصادي اليمني -مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، 2022، ص 6، ورقة غير منشورة.
  43. قائمة مطارات اليمن، موقع أرابيكا (الموسوعة العربية) https://3rabica.org/قائمة_مطارات_اليمن قائمة مطارات اليمن، موقع أرابيكا (الموسوعة العربية) https://3rabica.org/قائمة_مطارات_اليمن
  44. “مغادرة أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي إلى القاهرة”، موقع وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ، 1 يونيو/ حزيران 2022، https://www.saba.ye/ar/news3189140.htm – “وصول 145 راكبًا إلى مطار صنعاء الدولي من القاهرة”، موقع وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ، 1 يونيو/ حزيران 2022، https://www.saba.ye/ar/news3189211.htm
  45. عن آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن (UNVIM)، الموقع الرسمي لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن، تم دخول الموقع الإلكتروني في 25 أغسطس/ آب 2022، https://www.vimye.org/about
  46. توجد أربعة منافذ برية على طول الحدود السعودية: منفذ الوديعة في محافظة حضرموت، منفذ حَرَض في محافظة حجة، منفذا البقع وعلب في محافظة صعدة. كما يوجد منفذان حدوديان على الحدود مع عمان هما: منفذا شحن وصرفيت في محافظة المهرة.
مشاركة