الملخص التنفيذي
عانى نظام التعليم العالي في اليمن لعقودٍ من الزمن من عدم توافق مهارات الخريجين مع متطلبات سوق العمل المتغيرة. أظهر آخر مسحٍ للقوى العاملة في عام 2014 أن أقل من ثلث القوى العاملة اليمنية حصلوا على تعليم ثانوي أو جامعي، فضلا عن عدم توافق مؤهلات حوالي 83% من العاملين مع المؤهلات المطلوبة لأدوارهم في سوق العمل. ثمة عوامل متعددة تعوق مساعي اليمن لبناء قوة عاملة ماهرة، منها: عدم مرونة المناهج الدراسية، وطرق التدريس التقليدية التي عفا عليها الزمن، وعدم التكيف مع التقدم التكنولوجي في مجال التعليم، والافتقار إلى رؤية استراتيجية لقبول الطلاب وتطوير المناهج الدراسية. مما لا شك فيه أن الحرب المستمرة منذ نحو عشر سنوات ألقت بظلالها على نظام التعليم في البلاد، وفاقمت من المشكلة المتمثلة في غياب رؤية موحدة ومنسقة للتعليم العالي خلال الفترة الماضية.
في ظل هذه الظروف، صدر قرار جمهوري عام 2022، يقضي بإنشاء أول جامعة بمحافظة المهرة، في خطوة مهمة وملموسة بالنسبة للمحافظة الواقعة شرقي البلاد، كونها تحفز الشباب على السعي للحصول على شهادة جامعية من محافظتهم بدلاً من السفر إلى محافظات يمنية أخرى، لكن رغم الجهود الحميدة المبذولة في هذا الصدد، تواجه الجامعة – بعد أكثر من عامين على تأسيسها – عقبات تعكس أوجه خلل هيكلية تعاني منها العديد من الجامعات في اليمن.
من خلال استعراض شامل لمسار الجامعة، يتضح أن هناك عقبات تقليدية، منها المناهج التعليمية المتقادمة والتخصصات الأكاديمية النمطية، وأساليب التدريس التقليدية غير المواكبة للتطورات في مجالها، ونقص الكوادر وقلة الموارد، والافتقار إلى المباني والمرافق المجهزة بشكل كاف، وضعف فرص التعليم التطبيقي. الأهم من ذلك، أن الجامعة تعتمد في الغالب على نظام يحركه العرض وليس الطلب، في ظل ضعف العلاقة بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل، بما في ذلك داخل المحافظة.
باعتبارها مؤسسة حديثة العهد نسبيًا، تتمتع جامعة المهرة بفرصة فريدة للاستفادة من الأخطاء السابقة المتمثلة في عدم توافق مخرجاتها التعليمية مع متطلبات سوق العمل ومن تجارب الجامعات الأخرى، بالإضافة إلى الاستفادة من الدراسات والمبادرات العديدة التي تناولت أوجه ضعف نظام التعليم العالي في اليمن على مر السنين. يمكن أن يساعد ضبط مسار الجامعة في تخريج قوة عاملة ماهرة تستفيد منها منطقة غنية بالموارد، إذ تتمتع المحافظة بسواحل تمتد لمسافة 500 كيلومتر تقريباً، فضلا عن الموارد الزراعية والثروة السمكية والحيوانية الوفيرة.
نظرًا لموقعها الجغرافي، الذي يحدّ عُمان والسعودية، تعتبر المحافظة في وضع جيد يمكنها من المساهمة في سوق العمل المحلي والإقليمي (الخليج)، من خلال تزويده بخريجين يمنيين ذوي مهارة وكفاءة، إضافة إلى تمتع المهرة أيضًا بمناظر طبيعية ساحرة، مثل محمية حوف الطبيعية التي تجذب السياحة المحلية والإقليمية إلى محافظة نأت بنفسها إلى حد كبير عن تأثير حرب اليمن.
في إطار هذا السياق وبناءً على مناقشات أجريت مع أصحاب المصلحة المحليين والجهات الفاعلة المحلية والموظفين والطلاب من جامعة المهرة، واستنادًا إلى خبرة الكاتب التي تزيد عن 20 عامًا في قطاع التعليم، تقدم هذه الدراسة حلولًا وتوصيات لمعالجة التحديات والعقبات التي تواجه الجامعة، إلى جانب مقترحات كإجراء دراسات منتظمة تتعاون فيها الجامعة مع أصحاب العمل على مستوى المحافظة لتقييم متطلبات السوق المتغيرة.
بناءً على نتائج هذه الدراسة، يمكن النظر في إضافة تخصصات جديدة ومناهج دراسية متقدمة وفعالة، بحيث يتم تزويد الخريجين بالمهارات والمعرفة اللازمة لمواكبة متطلبات سوق العمل المعاصر. يمكن أن يشمل ذلك أقساما مخصصة لعلوم البحار والزراعة ومجال الضيافة والسياحة، إلى جانب تطبيق نهج مبتكرة لمعالجة مشكلة النقص في أعضاء هيئة التدريس، مع العمل على الاستفادة القصوى من الموارد المخصصة وتحسين الجودة العامة للتعليم.
تتناول الدراسة أيضًا قلة الموارد والقيود المالية المفروضة على الجامعة، وتدعو إلى شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والجهات المانحة والهيئات ذات الصلة على مستوى سلطة المحافظة والحكومة المركزية، كما أنها تشجع بناء علاقات محلية قائمة على المنفعة المتبادلة، لتوفير فرص التدريب والتوظيف للخريجين لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة. على الرغم من أن التوصيات المقترحة في هذا الموجز السياساتي تخص بالدرجة الأولى جامعة المهرة، إلا أن الأفكار المكتسبة يمكن تطبيقها على جامعات أخرى في مختلف أنحاء اليمن.
التوصيات[1]
إلى جامعة المهرة
- تحديد الاحتياجات الخاصة لسوق العمل في اليمن، وأن تحرص الجامعة على إجراء تحليلات منتظمة وشاملة لاتجاهات سوق العمل بالشراكة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، لضمان تطوير البرامج التعليمية وفقا لذلك. ينبغي إتاحة نتائج هذه الدراسات للطلاب لمساعدتهم في تحديد خياراتهم الأكاديمية والمهنية.
- الامتناع عن اعتماد برامج أكاديمية جديدة لحين إجراء تحليل شامل لسوق العمل. يُمكن للجامعة تركيز جهودها على تحسين جودة البرامج الأكاديمية الحالية من خلال إنشاء قاعدة بيانات شاملة للطلاب (تتضمن أيضا وضع المتخرجين في سوق العمل لاحقا)، واتخاذ القرارات بناءً على نتائج تحليل سوق العمل. في حال وجود برامج دراسية معينة غير متوافقة مع متطلبات سوق العمل الحالية، يجب على الجامعة النظر في تبسيط المقررات الدراسية أو تقليص عددها.
- بناء على النتائج المستخلصة من تحليل سوق العمل، يجب تحديث البرامج الأكاديمية للجامعة والتعاون بشكل وثيق مع أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، لضمان تسليح الخريجين بالمهارات العملية والمؤهلات التي تتيح لهم التنافس في سوق العمل. من جهتهم، سيتعين على الطلاب إثبات كفاءتهم في مهارات محددة كشرط أساسي للتخرج.
- إقامة شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص لتنويع مصادر التمويل، على أن تتماشى هذه الشراكات مع البرامج الأكاديمية للجامعة، وأن تشمل وضع مقترحات قوية ومقنعة للجهات المانحة المحتملة.
- توفير فرص التدريب العملي للطلاب بالتعاون مع المؤسسات العامة والخاصة داخل المحافظة. من خلال تضافر الجهود، ستؤدي هذه المبادرة إلى خلق فرص تدريب قيمة تمكّن الشباب من المشاركة بفعالية في التنمية المحلية. كما سيساهم هذا التعاون القائم على المسؤولية الاجتماعية المؤسسية في تحسين مهارات وخبرات الطلاب وتشجيع التنمية المجتمعية.
إلى الحكومة المعترف بها دوليًا
- تخصيص الموارد اللازمة لجامعة المهرة لضمان وجود هيئة تدريسية أكاديمية تعمل بصفة منتظمة وتتلقى رواتب مجزية. كما يجب تلبية احتياجات البنية التحتية للجامعة، مثل المباني والتجهيزات، أسوة بمؤسسات التعليم العالي الأخرى في اليمن.
مقدمة
غالبًا ما تُعد مؤسسات التعليم العالي، بتخصصاتها وكفاءة خريجيها، مؤشرات رئيسية على التطور المستقبلي لبلد ما، ومع تحول الاقتصادات العالمية بشكل متزايد إلى اقتصادات قائمة على المعرفة، بات يُنظر للتخصصات التي تقدمها هذه المؤسسات كمؤشر للتوجه العام للدولة، خاصةً توجهها الاقتصادي. في العقود الأخيرة، شهدت الجامعات اليمنية العديد من التحوّلات، بما في ذلك اعتماد برامج أكاديمية جديدة موجهة نحو التكنولوجيا مثل علوم الحاسوب والبرمجة وهندسة الميكاترونيكس (الهندسة الالكترونية والميكانيكية)، والتي أصبحت متاحة على نطاق واسع في الجامعات الكبرى في اليمن (جامعة صنعاء وجامعة عدن وجامعة تعز وجامعة حضرموت).[2] رغم هذه التحولات، فشل نظام التعليم العالي اليمني بصفة عامة في تلبية الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل، ولطالما برزت إشكالية ضعف التوافق بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل.
يرجع السبب الأساسي لذلك إلى فشل الهياكل التعليمية المعنية في التنبؤ بتغيرات سوق العمل بشكل استباقي، فالطرق التدريسية التقليدية غير مرنة وبطيئة في التكيف مع الظروف المتغيرة، كما يتضح من العديد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين التعليم العالي وسوق العمل في اليمن (والتي تم الاستشهاد بها في هذه الورقة)، إلاّ أن جامعة المهرة تحظى بفرصة فريدة للتغلب على هذه الاشكالية، كونها مؤسسة حديثة العهد نسبيًا حيث أُنشئت عام 2022. كشف العام الدراسي الأول للجامعة (2023/2024) عن وجود عقبات تُماثل التحديات التي تواجهها العديد من الجامعات الأخرى في مختلف أنحاء اليمن.
في هذا السياق، تستكشف هذه الورقة العلاقة بين جامعة المهرة وسوق العمل المحلي، وتقترح مسارات للمضي قدماً وتوصيات يمكنها تحسين التوافق بين مهارات الخريجين واحتياجات أصحاب العمل، ويمكن اعتماد المسارات المستقبلية المقترحة في الدراسة كأساس لإجراء أبحاث مستقبلية، أو تطبيقها في جامعات أخرى على مستوى البلاد.
المنهجية
تجمع منهجية هذه الدراسة بين البحث المكتبي والعمل الميداني، حيث أجرى الباحث مراجعة أدبية للدراسات الموجودة التي تتناول العلاقة بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل. كما أُجري تحليل شامل للوثائق الداخلية لجامعة المهرة التي حصل عليها الكاتب، وشمل ذلك معلومات عن البرامج الأكاديمية والمناهج الدراسية في الجامعة، والحوكمة، والنظام الإداري، وسياسات الموازنة، والإحصائيات المتعلقة بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس. فضلا عن ذلك، تمت دراسة البروتوكولات الخاصة بإنشاء أقسام وبرامج أكاديمية جديدة، والتي تتضمن بيانات جوهرية مبنية على دراسات الجدوى، وفرص سوق العمل، وتوافر الكوادر المؤهلة، ومعدل إقبال الطلاب، وتجارب الأقسام المماثلة في جامعات أخرى.
أُجريت أيضا مقابلات مستفيضة في الفترة بين شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2024، مع أكاديميين من جامعة المهرة ورواد أعمال من القطاعين العام والخاص، وكذلك مع عضوين من مجموعة التفكير الاستراتيجي بمحافظة المهرة لعبا دوراً رئيسياً في جهود المناصرة والدعوة لتأسيس الجامعة.[3] من زاوية أخرى، أُجريت حلقة نقاش بؤرية واحدة مع طلاب جامعة المهرة في يوليو/تموز 2024، تم من خلالها استقاء رؤى قيمة حول تصوراتهم للمناهج الأكاديمية وتطلعاتهم المهنية. تناولت المقابلات وحلقة النقاش البؤرية مواضيع متنوعة، مثل تصميم المناهج التعليمية، والتخصصات التي تقدمها الجامعة، ومتطلبات سوق العمل، والاستراتيجيات المقترحة لتعزيز التوافق بين مهارات الخريجين واحتياجات أصحاب العمل.
ردم الفجوة بين مستوى مهارات الخريجين ومتطلبات سوق العمل
لطالما نُظر إلى التعليم العالي في اليمن كمطلب اجتماعي أكثر من كونه وسيلة عملية لاكتساب مهارات وظيفية محددة. بدأ مسار التعليم العالي[4] في اليمن مطلع سبعينيات القرن الماضي، حين تأسست كلية التربية في صنعاء التي أرست حجر الأساس لإنشاء جامعة صنعاء، تماماً ككلية التربية في عدن التي شكلت أساس جامعة عدن، حيث أصبحت هاتان المؤسستان ركيزتين للتعليم العالي في اليمن بهدف تلبية الطلب المتزايد على معلمي المدارس حينها بدرجة أساسية. مع توحيد شطري اليمن عام 1990، توسّع نظام التعليم العالي في مختلف أنحاء البلاد، وأصبح اليمن يحتضن اليوم 18 جامعة حكومية، بعضها تأسس خلال فترة الصراع الجاري[5]، وباتت توجد حالياً جامعات في أغلب محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة. [6]
على الرغم من هذا التوسع السريع، عجز نظام التعليم العالي في اليمن عن مواكبة التغيرات في سوق العمل عالمياً أو التجاوب مع هذه التحوّلات، حيث مضت في سياسات التسجيل والقبول دون تعديلها، ولم تغير في التخصصات المتاحة بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغيرة إلا بشكل محدود. أجرت منظمة العمل الدولية آخر مسح للقوى العاملة في اليمن عام 2014، حيث أظهرت النتائج أن أقل من ثلث القوى العاملة حصلوا على تعليم ثانوي أو جامعي، فضلا عن عدم توافق مؤهلات حوالي 83% من العاملين مع المؤهلات المطلوبة لأدوارهم في سوق العمل .[7] في عام 2016، أشارت التقديرات إلى أن 25٪ فقط من الملتحقين الجُدد بسوق العمل في اليمن هم من خريجي مؤسسات التعليم العالي أو المهني، مما يبرز جدّية هذه المعضلة.[8]
بشكل عام، من بين التحديات الأكثر شيوعًا التي تواجه التعليم العالي في اليمن: الكفاءة المتدنية للخريجين، وعدم توافق مهارات الخريجين مع المتطلبات الوظيفية، وغياب التنسيق بين الجامعات وسوق العمل، والمناهج التعليمية المتقادمة التي لم تعد تساهم في التنمية الوطنية.[9] بقي الوضع كما هو عليه دون تغيير في ظل غياب دور أو تدخل حكومي فعّال أو انخراط فعلي من المجلس الأعلى للتعليم العالي والمجلس الأعلى لتخطيط التعليم.
علاوة على ذلك، ألقت الحرب الجارية منذ نحو عقد بظلالها على التعليم العالي في البلاد، مع تراجع التمويل المخصص للجامعات. ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، تراجعت القيمة الفعلية لمخصصات التعليم العالي بشكل كبير بسبب تقلبات سعر الصرف على مدار السنوات، حيث ظلت المبالغ المخصصة ثابتة من حيث القيمة الاسمية منذ عام 2014.[10] أما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد تم وقف تمويل ميزانية الجامعات تقريبًا، باستثناء بعض النفقات التشغيلية الضئيلة التي يتم تغطيتها على نحو غير منتظم. يتلقى أساتذة وموظفو الجامعة في هذه المناطق – كأغلب موظفي القطاع العام – نحو نصف رواتبهم فقط ثلاث أو أربع مرات في السنة، فضلا عن تراجع قيمة تلك الرواتب في مناطق الحكومة؛ فمثلا الأستاذ الجامعي الذي كان يتلقى راتب يعادل 1000 دولار أمريكي شهريًا في بداية الحرب أصبح راتبه اليوم يعادل 140 دولار أمريكي تقريباً.[11]
علاوة على ذلك، انخفضت معدلات التسجيل والالتحاق بالجامعات، خاصة في تخصصات العلوم الاجتماعية، [12] لعدة عوامل من بينها حملات التجنيد التي نجحت في استقطاب الشباب اليمني – لا سيما الذكور – المستعدين للذهاب إلى جبهات القتال نظير الرواتب المنتظمة المعروضة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. تبرز عراقيل إضافية أمام الطالبات الساعيات للحصول على فرص التعليم العالي في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، بسبب السياسات الجديدة التي تفرضها سلطات الأمر الواقع هناك والتي تعزز مبدأ الفصل بين الجنسين، حتى في الجامعات.[13] كما أن وجود سياسات مُنفّرة كَاعتماد مناهج جديدة تكرس لأيديولوجية الحوثيين، وممارسات إجبارية لحشد الطلاب لدورات شبه عسكرية، ومنح الطلاب الذين يشاركون في مناسبات وحشود الجماعة درجات إضافية تجعل تنافسية الطلاب المتميزين غير الراغبين في المشاركة بهذه الفعاليات صعبة وغير عادلة، إلى جانب مراقبة سلوكيات الطلاب والطالبات بشكل ينتهك الخصوصيات والحريات الشخصية، ساهمت جميعها في تثبيط الطلاب والطالبات عن الالتحاق بالجامعات.
فضلا عن ذلك، طرحت العديد من الجامعات برامج تعليمية موازية ودورات دراسية خاصة مدفوعة الأجر لرفد مصادر تمويلها، علماً بأن هذه البرامج صُممت للطلاب الحاصلين على درجات متدنية في المرحلة الثانوية لقاء دفع رسوم تتراوح بين 300 و6000 دولار أمريكي، [14] حسب طبيعة التخصص. في الوقت نفسه، تسعى الجامعات جاهدة لتوظيف الكوادر المتخصصة والذين قلّ عددهم بسبب هجرة الادمغة والكفاءات، حيث هاجر العديد من الأساتذة الجامعيين للعمل في الخارج نتيجة الحرب، بالإضافة إلى تعليق إجراءات تعيين أساتذة جدد في الجامعات على مدار العقد الماضي.
أدت الحرب بلا شك إلى تدهور نظام التعليم العالي في اليمن، لكن هناك تحديات ومشاكل هيكلية تعود إلى ما قبل نشوب الصراع. فَرغم إقرار الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي في اليمن (2006-2010)[15] بالحاجة إلى تسليح الطلاب اليمنيين بالمهارات المطلوبة لدخول سوق العمل من خلال التركيز على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية، والعمل على اكتساب الطلاب لتلك المهارات التقنية/ الفنية والمهنية، لم يكتمل تنفيذ الاستراتيجية في الواقع، وظل وضع التعليم العالي كما هو حتى يومنا هذا بغض النظر عن المحاولات التي بُذلت على مدار العقود الماضية لرأب الفجوة بين مستوى مهارات الخريجين ومتطلبات سوق العمل.[16]
عززت أوجه قصور نظام التعليم العالي في اليمن من الشعور بالخيبة والإحباط لدى العديد من الطلاب، حيث كشفت دراسة أجراها المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل عام 2009، أن 59٪ فقط من طلاب الجامعات كانوا يتوقعون الحصول على فرصة عمل بعد التخرج، في حين أبدى 40٪ تشاؤمهم مشيرين إلى عدم توافق سياسات ومخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل.[17] في فبراير/شباط 2024، استضافت جامعة عدن مؤتمرًا لاستكشاف سُبل تحسين جودة مهارات خريجيها ومساعدتهم على مواكبة وتلبية الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل. أوصى الحاضرون في المؤتمر بمجموعة من التدابير، منها إصلاح المناهج التعليمية، وإعداد أبحاث ودراسات عن سوق العمل، وإنشاء مركز استشاري لإعداد الطلاب بشكل أفضل للمهن التي سيمارسونها في المستقبل.[18]
على المستوى النظري، خلصت جميع المبادرات والدراسات السابقة إلى نفس التحديات تقريبا، وقدمت توصيات متقاربة، لكن في نهاية المطاف، يظل عدم التوافق بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل السبب الجوهري وراء تعثر نظام التعليم العالي في اليمن.[19]
جامعة المهرة: مؤسسة جديدة تواجه تحديات مألوفة
يًعد إنشاء جامعة المهرة نتاج حملة مناصرة مستمرة بدأت عام 2018، وتضمنت نشاطا مكثفا على وسائل التواصل الاجتماعي، وعقد لقاءات وورش عمل رفيعة المستوى (ساهمت فيها بقوة مجموعة التفكير الاستراتيجي بمحافظة المهرة بالشراكة مع مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية). كُللت هذه الجهود بإنشاء جامعة المهرة عام 2022، بعد صدور القرار الجمهوري رقم (23) لنفس السنة، لكن الجامعة لم تبدأ من الصفر بل اعتمدت على برامج أكاديمية قائمة في المهرة، من ذلك كلية التربية، وفرع كلية التعليم المفتوح، وكلية العلوم التطبيقية والإنسانية في الغيضة، التي كانت فروعًا تابعة سابقًا لجامعة حضرموت. أعادت الجامعة الجديدة هيكلة إطارها الأكاديمي ليشمل خمس كليات: كلية التربية، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وكلية العلوم الإدارية، وكلية العلوم التطبيقية والصحية، وكلية التعليم المفتوح. مثّل العام (2023-2024) العام الأكاديمي الرسمي الأول للجامعة، وبلغ إجمالي عدد الطلاب 1535 طالب/ة.
واجه العام الأكاديمي الأول العديد من العقبات والتحديات، وينعكس ذلك في إيقاف قسم العلوم الاجتماعية بسبب انخفاض معدل التحاق الطلاب[20] مما يوضح عدم التوافق بين البرامج التعليمية/ الأكاديمية واحتياجات سوق العمل، كما يعكس هذا التوجه نفس نمط وتوجه الجامعات الحكومية الأخرى في اليمن والتي واجهت صعوبات في التنبؤ بمتطلبات سوق العمل واضطرت إلى إغلاق أقسام وإلغاء برامج بسبب انخفاض عدد الطلاب المسجلين والملتحقين بها.
فضلا عن ذلك، تظل الاستدامة المالية لجامعة المهرة غير مضمونة، ذلك لأنها تعتمد بشكل كبير على تمويل السلطة المحلية بالمحافظة (بنسبة 70٪) مع مساهمة متواضعة من الحكومة المركزية (بنسبة 15٪)، رغم أن تمويل الجامعات الحكومية هي من مسؤوليات الحكومة المركزية، أما النسبة المتبقية من التمويل فيتم تغطيتها من رسوم التعليم عن بُعد .[21] وبما لا يدع مجالا للشك أن قرار إنشاء جامعة دون رصد ميزانية تشغيلية وبحثية كافية كان خاطئاً، خاصة بالنظر إلى القيود المالية التي تواجهها الحكومة، [22] ومن خلال الاستعراض الشامل لبرامج جامعة المهرة، يتضح وجود تحديات مألوفة تشمل المناهج التعليمية المتقادمة والتخصصات الأكاديمية النمطية، وأساليب التدريس التقليدية غير المواكبة للتطورات في المجال، ونقص الكوادر وقلة الموارد، والافتقار إلى المباني والمرافق المجهزة بشكل كاف، إلى جانب الفرص المحدودة للتعلّم التطبيقي. كما ترتكز الجامعة في الغالب على نظام يحركه العرض وليس الطلب، في ظل ضعف العلاقة بين التعليم العالي وخريجيه وسوق العمل، بما في ذلك داخل المحافظة.
يتناول القسم التالي من الورقة بالتفصيل الصعوبات والتحديات الرئيسية التي تواجه جامعة المهرة، ويقترح حلولًا وتوجهات مستقبلية بناءً على المشاورات والمناقشات التي أجريت مع الكادر الأكاديمي والطلاب في المهرة، واستناداً إلى خبرة الكاتب في قطاع التعليم باليمن.
العقبات النظامية التي تواجه التعليم العالي: جامعة المهرة كدراسة حالة
كليات وتخصصات تقليدية ونمطية
يُعد إنشاء جامعة المهرة، من وجهة نظر طلابها، خطوة مهمة حفزت الشباب في المحافظة وشجعتهم للحصول على شهادة جامعية. تمكنت الجامعة من استقطاب طلاب كانوا فيما سبق يعزفون عن الالتحاق بالتعليم العالي نظرًا للاضطرار للالتحاق بجامعات أخرى في اليمن بعيدة جغرافيا، أو الاغتراب للدراسة في الخارج وهو ما لم يحبذه معظمهم. من الجدير بالملاحظة أن محافظة المهرة غنية بالموارد الطبيعية، إذ تتمتع بسواحل تمتد لمسافة 500 كيلومتر تقريباً، فضلا عن الموارد الزراعية والثروة السمكية والحيوانية الوفيرة، ونظرًا لموقعها الجغرافي، الذي يحدّ عُمان والسعودية، تعتبر المحافظة في وضع جيد يمكنها من المساهمة في سوق العمل المحلي والإقليمي من خلال تزويده بخريجين يمنيين ذوي مهارة وكفاءة. إضافة لذلك، تتمتع المنطقة بمناظر طبيعية ساحرة، مثل محمية حوف الطبيعية التي تجذب السياحة المحلية والإقليمية إلى محافظة نأت بنفسها إلى حد كبير عن تأثير حرب اليمن.[23] مع هذا، فمن اللافت للنظر أن الجامعة لا تضم كليات أو أقسام مخصصة للعلوم البحرية أو كلية زراعة أو تخصص ضيافة وفندقة وخدمات سياحة.
عند التحاقهم بالجامعة، وجد العديد من الطلاب أن التخصصات التي يفضلونها غير متاحة، فَمن بين خمسة طلاب تمت مقابلتهم، تمكن طالب واحد فقط من الالتحاق بتخصص طب الأسنان الذي كان يفضله بعد تدشين هذا التخصص بالجامعة العام الماضي. اضطر الراغبون بدراسة الهندسة إلى الالتحاق بتخصص تكنولوجيا المعلومات، [24] وهكذا لم تتوافق مرحلة إطلاق الجامعة مع ديناميكيات الاقتصاد المحلي والبيئة واحتياجات سوق العمل في المحافظة. عوضاً عن ذلك، أبقت الجامعة إلى حد كبير على التخصصات والأقسام التي ورثتها من جامعة حضرموت، مع استثناءات قليلة مثل إعادة تسمية بعض الكليات أو إضافة تخصصات جديدة كالفيزياء وطب الأسنان والتسويق.
من خلال تحليل النطاق الجغرافي لسوق العمل المستهدف بصورة أشمل، يُمكن للجامعات اليمنية تصميم برامجها التعليمية بما يلبي الاحتياجات والتطلعات المحددة لأصحاب العمل. سيتطلب هذا اعتماد نهج ذو مستويين: (1) تحسين مستويات أداء البرامج التعليمية الحالية، مع غربلة وإلغاء الأقسام التي لم يعد عليها طلب، علماً أن هذه الخطوة ستستغرق ما لا يقل عن أربع سنوات. (2) تطوير برامج تعليمية جديدة بشكل استراتيجي بالتعاون مع أصحاب العمل من القطاعين العام والخاص ممن قد يوفرون دعم مالي أولي، على أن يكون ذلك مصحوبًا باتفاقيات لتدريب واستيعاب الخريجين والتركيز على القطاعات الواعدة والتي لا تحظى باهتمام كاف حاليًا مثل قطاع الأسماك والبيئة والسياحة. لتنفيذ هذه السياسة بفعالية، يجب وضع إطار تشريعي قوي يمكّن إدارة الجامعة من اتخاذ إجراءات حاسمة في هذا الصدد. تُمثل كل من وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للتعليم العالي الهيئتان الرئيسيتان المسؤولتان عن سياسات التعليم العالي، إلاّ أن الاستراتيجية الموجهة لقطاع التعليم العالي (2006-2010)، تحتاج إلى مراجعة وتنقيح وتحديث لمواكبة التطورات. غياب هذا العنصر يستدعي التعاون الوثيق مع السلطة المحلية والهيئات الحكومية المعنية.
لسد العجز المالي الكبير الذي تواجهه الجامعة، لابد من وضع خطة شاملة تحدد أهداف كل مبادرة مقترحة وأنشطتها وميزانيتها. يجب عرض هذه الخطط على السلطتين المحلية والمركزية من خلال لجان مشتركة تضم ممثلين عن الجامعة وأصحاب المصلحة في سوق العمل. كما يُمكن لمجموعة صغيرة ولكن مؤثرة من أصحاب المصلحة الاضطلاع بحملات مناصرة تدعو لمساعدة الجامعة من أجل الضغط على صانعي السياسات.
أساليب تدريس قديمة ومناهج تعليمية غير مواكبة للتطور
لا تزال معظم المناهج التعليمية في جامعة المهرة متأثرة بشكل كبير بالأطر السابقة للكليات التي كانت تابعة سابقاً لجامعة حضرموت، باستثناء كلية العلوم التطبيقية.[25] أنشأت جامعة المهرة ، منذ بداية تأسيسها، مركزًا لتصميم المناهج الدراسية مسترشدة ببرنامج طورته لجنة أكاديمية متخصصة، [26] كما تم تكليف لجان أكاديمية أخرى بصياغة وتوزيع المواد الدراسية على الكليات في صورة خطط تعليمية.[27] مع ذلك، لا يزال أسلوب التدريس السائد يعتمد بشكل كبير على التعليم النظري التلقيني، حيث يصر العديد من المدرسين على الالتزام بنص ما ورد في ملازمهم لضمان اجتياز الطلاب الامتحانات الجامعية.
يؤدي هذا التركيز المفرط على التلقين كمعيار للتعلم إلى عرقلة تنمية التفكير النقدي والإبداعي والقدرة على مواكبة التطورات السريعة في التكنولوجيا. من هذا المنطلق، تبرز أهمية تحسين أساليب التدريس، فعلى سبيل المثال، كشفت حلقة النقاش البؤري التي أجريت مع طلاب جامعة المهرة أن طلاب المحاسبة لا يزالون يستخدمون المحاسبة اليدوية (الدفترية) بدلاً من البرامج المحاسبية الحديثة التي أصبحت منتشرة في السوق.[28]
من الضروري تطوير المناهج الدراسية باستمرار باعتبارها عنصرًا ديناميكيًا يجب أن يتواءم مع احتياجات أصحاب المصلحة في السوق. كخطوة أولى، يجب أن تركز الجهود على جانبين رئيسيين: 1) مراجعة وتحديث المناهج الدراسية بانتظام كل أربع سنوات لضمان أن تبقى ملائمة وعملية ومواكبة للتطور؛ و 2) ضمان مرونة كافية في المناهج لاستيعاب التغييرات والتطورات المستمرة. من خلال مواءمة المنهج مع المتطلبات المتغيرة لسوق العمل وتحديد المهارات العملية التي يحتاج الطلاب إلى إتقانها بوضوح، يمكن إعداد وتأهيل الخريجين بشكل أفضل من أجل مستقبل مهني ناجح. لتسهيل ذلك، يجب على الجامعة توفير التجهيزات والمعامل الحديثة واعتماد أساليب تدريس مبتكرة ترتكز على التكنولوجيا.[29] علاوة على ذلك، يجب أن تملك الكليات أحدث الأدوات والتقنيات التعليمية لتقديم تعليم تفاعلي وعملي. مع مرور الوقت، يُمكن تطوير المناهج الدراسية من خلال شراكات استراتيجية بين الجامعة ومختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومة ومختلف القطاعات والمجتمع المدني، ويمكن لهذا النهج التعاوني أيضًا تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل المبادرات بمساعدة الجهات المانحة الدولية.
نقص الكوادر
تعاني جامعة المهرة من نقص كمي ونوعي في الكادر التعليمي، ويرجع ذلك إلى عدم قدرتها على تقديم رواتب تنافسية وبدلات انتقال وإقامة لجذب أعضاء هيئة تدريس من خارج المحافظة. يعمل جزء من الكادر التعليمي بالجامعة بنظام العقود المؤقتة بدلاً من التعيين الدائم، ويفتقر العديد من الأساتذة إلى الكفاءة اللازمة لإشراك الطلاب في تجارب تعليمية هادفة، وغالبًا ما يلجأون إلى الالتزام الصارم بالكتب ومواد المحاضرات.[30] وعلى الرغم من شكاوى الطلاب بشأن ضعف أساليب التدريس، لم تتمكن إدارة الجامعة من اتخاذ الإجراءات المناسبة بسبب الافتقار إلى كوادر بديلة ومؤهلة، [31] وتعذّر استقطاب مرشحين محتملين بسبب ضعف الرواتب. قد يوافق البعض، من القادمين من مناطق الصراع، على تقاضي هذه الرواتب الضعيفة بسبب قلة الخيارات المتاحة لهم، [32] وحتى في حال موافقة أحد المرشحين على الانضمام إلى المؤسسة التعليمية، سيؤثر الوضع المالي وضعف الراتب حتماً على قدرته على العطاء وأداء مهامه بفاعلية، وبما أن الراتب لا يغطي الاحتياجات المعيشية الأساسية، ينتهي الأمر بترك بعض أعضاء هيئة التدريس مهنتهم في الجامعة، خاصة أولئك القادمون من مناطق أخرى.
يُمكن للجامعة تطبيق استراتيجية متعددة الأوجه لمعالجة النقص الكمي في الكوادر، بدءًا من تدابير قصيرة الأجل. فعلى سبيل المثال، يمكن ضغط وتقليص البرنامج الزمني للمقررات للطلاب المتضررين، أو استكشاف فرص توفير التعليم عن بُعد.[33] علاوة على ذلك، يمكن بحث آليات التنسيق والتعاون مع الجامعات المجاورة، مثل جامعة حضرموت، لتبادل أعضاء هيئة التدريس وبالتالي معالجة نقص الكوادر في جامعة المهرة كجزء من تعاون أوسع بين الجامعات. كما يمكن للجامعة النظر في استقطاب مدرسين متطوعين من الشتات اليمني وهذا أمر له ميزة من حيث استقطاب خبرات متنوعة وواسعة. أما بالنسبة لسد العجز النوعي في الكوادر، فيتطلب الأمر جهدًا متضافرًا لتدريب وتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس الحاليين ورعاية المواهب الجديدة. يتمثل أحد الحلول المحتملة في تدشين برنامج دراسات عليا لإعداد الطلاب المتميزين لوظائف أكاديمية. في جميع الأحوال، من الأهمية بمكان تحديد هذه الاحتياجات بشكل واضح ضمن خطة تطويرية شاملة، مع تحديد المؤهلات المطلوبة والاحتياج من حيث عدد أعضاء هيئة التدريس، وستتطلب هذه السياسة تقييمًا استباقيًا لطبيعة ونوع ومقدار النقص الحاصل في الكادر التعليمي من قبل إدارة كل كلية وعلى مستوى الجامعة ككُل.
قلة الموارد والافتقار إلى مبانٍ ومرافق مجهزة بشكل كاف
يستوعب مختبر الحاسوب، الذي يضم فقط 25 جهازا (بعضها لا يعمل) ومدعوم ببطاريتين شمسيتين لا تغطيا حاجته الكهربائية للاستجابة لأكثر من 70 طالبًا في قسم علوم الحاسوب بجامعة المهرة، وبسبب نقص الطاقة الاستيعابية للمختبر، يُضطر الطلاب إلى الدخول إليه على دفعات، ناهيك عن التحديات التي تعيق فرص التطبيق العملي بالنسبة للطلاب بسبب إمدادات التيار الكهربائي الشحيحة من البطاريات الشمسية والتي تؤدي غالبًا إلى استنفاد احتياطيات الطاقة المطلوبة خلال الدورات اللاحقة[34]. يعكس هذا السيناريو مثالاً واضحًا على مشكلة النقص الشديد في الموارد، [35] وعليه، من المهم زيادة عدد المختبرات ومعدات التدريس، والقاعات الدراسية، وتحسين التجهيزات والمرافق، وزيادة عدد أجهزة الكمبيوتر المتاحة. يحتاج طلاب علوم الحاسوب، على وجه الخصوص، إلى أجهزة شخصية لتطبيق ما تعلموه في منازلهم في حال تعذر دخولهم المختبر لأحد الأسباب المشار إليها آنفا، هذا بخلاف الأجهزة والمعدات الأخرى التي يضطر الطلاب إلى توفيرها بأنفسهم.[36]
لم تستحدث الجامعة مبان جديدة، بل اعتمدت على مباني الكليات السابقة التابعة لجامعة حضرموت، ولا تزال إدارة الجامعة تدير شؤونها من مبان مستأجرة. فضلا عن ذلك، تواجه الجامعة عجزًا في الميزانية وتحتاج إلى مساعدة لتغطية حتى الرواتب التعاقدية. حالياً، تتحمل السلطة المحلية بالمهرة العبء المالي للجامعة، وقدمت تمويلًا كبيرًا لتغطية رواتب الكوادر المتعاقدة، وتجهيزات المباني، والحوافز، وتوفير السكن للكوادر القادمة من خارج المحافظة، ونظرًا لضعف إيرادات المحافظة، لا تستطيع السلطة المحلية الوفاء بكل احتياجات الجامعة، على الرغم من مساهمات كيانات وشركات مثل شركات نفطية قدمت تجهيزات لمرافق الجامعة مثل بطاريات الطاقة الشمسية وأنظمة الأمن والحراسة.[37]
لتأمين التمويل والموارد الكافية، تحتاج الجامعة إلى إثبات قدرتها على تأهيل خريجين متميزين يمكنهم المساهمة بشكل كبير في المجتمع. ومن خلال إظهار إنجازاتها، يمكن للجامعة الضغط للحصول على زيادة في التمويل من الحكومة المركزية والسلطة المحلية وأصحاب المصلحة الآخرين من القطاع الخاص أو المانحين الدوليين. من المهم بمكان أن توضح الجامعة احتياجاتها وآفاق نموها، سواء أكان ذلك من خلال الضغط من أجل تخصيص ميزانية مستقلة أو لإثبات جدارتها ونفعها للسلطة المحلية بما يرفع مستوى الدعم المقدم لها.
تُعدّ المبادرات الممولة دوليًا أو إقليميًا في اليمن فرصة واعدة لتأمين تمويل مؤقت يقوم على البرامج والمشاريع. علاوة على ذلك، تمثل إسهامات القطاع الخاص في المحافظة والإيرادات العامة، وخاصة الرسوم الجمركية التي يتم تحصيلها على الحدود اليمنية – العُمانية، خيارات مجدية وقابلة للتطبيق، وقد تشمل أحد المقترحات العملية تخصيص جزء من عائدات الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات الواردة عبر ميناء مُحدد لتمويل إنشاء قسم لدراسات البيئة في الجامعة، على أن يتم إيداع الأموال في حساب مخصص لفترة زمنية محددة. فضلا عن ذلك، يمكن لمصانع تعليب الأسماك تخصيص موارد محددة لتمويل قسم علوم البحار بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والسلطة المحلية. سيتعين على الجامعة إدراج مثل هذه المبادرات في خطة شاملة، تُحدد مشاريع شراكة مُفصلة وعمليّة وقابلة للتنفيذ وتخضع لسياسات شفافة وعادلة.
غياب فرص التعليم التطبيقي
تتطلب كل كلية تقريبًا تخصصات تحتاج إلى تطبيق عملي، سواء في القطاع العام، مثل التعليم، أو في القطاعين الخاص والعام، مثل المحاسبة وعلوم الكمبيوتر وطب الأسنان وتكنولوجيا المعلومات. وعلى الرغم من توفر فرص تدريبية محدودة في مؤسسات الدولة مثل بنك التسليف التعاوني والزراعي (كاك بنك)، وهو بنك يمني يضم فروعًا في جميع المحافظات بما في ذلك محافظة المهرة، [38] إلا أنها عادة ما تتضمن التعليم النظري عن العمليات المصرفية من دون تعليم تطبيقي مباشر. غالبًا ما يتم تسهيل الحصول على مثل هذه الفرص في نطاق مبادرات فردية بدلاً من برامج جامعية منظمة، فعلى سبيل المثال، يواجه طلاب المحاسبة تحديات في الحصول على فرص تدريبية في مكاتب الصرافة أو في البنوك القليلة بالمحافظة التي تستخدم برامج المحاسبة الحديثة، حيث تتردد هذه المكاتب أو البنوك في المخاطرة بتعريض أنظمتها المحاسبية للخلل لمجرد منح فرصة التطبيق العملي للطلاب الذين لم يتعاملوا مع مثل هذه البرامج من قبل.[39]
تُلزم كلية العلوم التطبيقية الطلاب بإجراء تطبيق عملي كعنصر أساسي في مناهجها الدراسية، ومع ذلك، غالبًا ما تفتقر المباني والمرافق إلى التجهيزات الكافية، مما يجبر الطلاب على الاعتماد على التعلم الذاتي والموارد عبر الإنترنت. قد توفر المشاريع التعاونية مع كيانات حكومية، مثل شركة الكهرباء، بعض التدريب العملي في هذا المجال، لكن رغم التركيز الكبير على المهارات العملية – كما يتضح من تخصيص ما يصل إلى 50٪ من الساعات المعتمدة في بعض المقررات للتعليم التطبيقي – فإن معدل النجاح الإجمالي للطلاب لا يزال يبلغ حوالي 70٪، [40] مما يشير إلى أن جودة وكمية الخبرات العملية داخل وخارج الكلية لا ترقى للمستوى المطلوب على الرغم من قدرة الطلاب على تلبية المتطلبات الدنيا لمعيار التطبيق العملي.
لتحسين وتعزيز فرص التدريب خارج الحرم الجامعي، يجب على إدارة الجامعة تسهيل التعاون مع القطاع الخاص بما يتماشى مع تخصصات الطلاب.[41] ومن خلال إقامة شراكات استراتيجية مع كيانات القطاع الخاص مثل شركات النفط وشركات الاتصالات والبنوك ومحطات الإذاعة والتلفزيون، وكذلك المستشفيات والمراكز الطبية لطلاب طب الأسنان، يمكن للجامعة بذلك تزويد الطلاب بخبرة تطبيقية وعملية قيّمة تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة.[42] يجب أن تنطوي هذه المبادرة على اضطلاع الكيانات ذات الصلة بفعالية في مسؤوليتها الاجتماعية المؤسسية، [43] ويمكن البدء في التدريبات القائمة على المحاكاة داخل الجامعة، مما يوفر للطلاب تجربة تطبيقية وعملية باستخدام برمجيات المحاسبة التقليدية في السوق (كإجراء مؤقت). سيساعد هذا التوجه في التعامل مع مخاوف الكيانات التجارية التي قد يكون لديها تحفظ من اطلاع الطلاب على بياناتها المالية الحساسة وإمكانية إساءة استخدام أنظمتها بسبب قلة المهارة أو نقص الخبرة.
الخاتمة
تتمتع محافظة المهرة، البالغ عدد سكانها حوالي 175,600 نسمة[44]، بسوق عمل فريد يتميز بصغر حجمه نسبيًا وإمكانات نمو كبيرة. أدى تدفق الأفراد النازحين إلى توفير فرص اقتصادية وزيادة الطلب على العمالة المهرة في مختلف القطاعات. لأن سوق العمل في طور النمو، هناك حاجة خاصة للمهنيين التقنيين والفنيين والإداريين والأطباء.[45]
مع ذلك، لا تزال الرؤية الاستراتيجية لجامعة المهرة غير واضحة بعد عامين من تأسيسها، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الهدف الأساسي للجامعة هو تلبية احتياجات سوق العمل المحلي في المحافظة أم سوق العمل الوطني على مستوى اليمن أم سوق العمل في الخليج. تحتضن الجامعة 30-40٪ من الطلاب من أبناء المحافظة و60-70٪ من خارجها، بسبب موجات النزوح الناجمة عن الحرب، [46] وهنا تبرز الحاجة إلى تصميم تخصصات الجامعة ومراجعة معدلات التسجيل بما يتجاوز تلبية احتياجات سوق العمل المحلي، خاصة بالنظر إلى الفرص المتزايدة للعمل عن بُعد.
عدم التوافق بين التخصصات التي تقدمها جامعة المهرة والمتطلبات في سوق العمل حالياً لا يخدم مصالح طلابها، كون تخصصات مثل الهندسة المدنية والكهرباء وعلوم الطب والمحاسبة والبرمجة وتكنولوجيا المعلومات، إما غير موجودة أو تفتقر لتسهيلات التعليم التطبيق العمليّ اللازم لتزويد الخريجين بالمهارات المطلوبة في السوق.[47] علاوة على ذلك، يتطلب الاقتصاد والقطاع المالي والبنوك مهارات محددة لا تتوفر حاليًا، [48] ناهيك عن الحاجة الماسة لطرح تخصصات في مجال الزراعة والطب البيطري وعلوم البيئة والسياحة واللغات[49] والصيد البحري العلوم البحرية نظراً لخصائص المحافظة الفريدة التي يمكن أن تستفيد من مهارات كهذه.[50] بالإضافة إلى ذلك، يحتاج قطاع التعليم العام إلى إعادة فتح أقسام للتاريخ والجغرافيا في كلية التربية (التي أُغلقت بسبب انخفاض نسبة الإقبال والتسجيل فيها) [51] ، لتلبية الاحتياجات الخاصة بالمنطقة من المعلمين، مع تقديم حوافز إضافية لجذب الطلاب.
يجب على الجامعات اعتماد نهج استراتيجي لمواءمة مهارات الخريجين مع متطلبات سوق العمل. يتضمن ذلك تحديد خصائص واحتياجات السوق المستهدفة بوضوح، وإجراء تحليل شامل لاحتياجاتها واتجاهاتها المستقبلية، ووضع سياسات تسترشد بهذا التحليل. سيتطلب التنفيذ الناجح لهذه السياسات التعاون مع أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص لضمان تماشي جميع جوانب البرنامج الأكاديمي، من تطوير المناهج التعليمية إلى توظيف الخريجين، مع متطلبات السوق.
من المهم إجراء دراسات عن سوق العمل بشكل مستمر، وأن تتم بالشراكة بين جهات فاعلة في السوق والجامعة والجهات المختصة على مستوى السلطتين المحلية والمركزية. أُجري آخر مسح للقوى العاملة في اليمن في عام 2014 بدعم من منظمة العمل الدولية، [52] ومع ذلك، يجب على الجامعات وضع إطار وطني مُوحّد وأكثر اتساقًا لتسهيل تبادل البيانات والمعلومات ونشر المؤشرات الرئيسية على منصة مخصصة أو دمجها في محتوى المواقع الإلكترونية للجامعات. ومن خلال إنشاء وحدة لأبحاث سوق العمل داخل كل جامعة، يمكن الاستفادة من نتائج الدراسات الدورية في تطوير وتحديث سياسات الجامعة على جميع المستويات، بما في ذلك إطلاق أو إلغاء برامج أكاديمية بناءً على الطلب في سوق العمل، ومراجعة وتحديث وتنقيح المناهج التعليمية والبرامج التدريبية.
استنادا إلى ما سبق، يجب بناء وتحديث قاعدة بيانات لتوجهات السوق وفرص العمل والتوظيف، والمهارات المطلوبة من أصحاب العمل، لتكون جزءا من الإرشادات التي يحصل عليها الطلاب بعد الثانوية أو خلال تقدمهم للجامعة كدليل إرشادي يتاح على شبكة الإنترنت، يجب أن تكون قاعدة البيانات هذه متاحة للطلاب الحاليين والمستقبليين، وكدليل إرشادي يمنحهم المعلومات التي يحتاجونها لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مسارات حياتهم الأكاديمية والمهنية. علاوة على ذلك، يجب على الجامعات اعتماد نظام قوي لجمع البيانات حول إنجازات طلاب الجامعة بعد تخرجهم. من خلال تحليل هذه البيانات، يمكن للجامعات تحديد مواطن ضعف الخريجين والمهارات التي تتطلب الدعم وإعادة تصميم برامجها وفقا لذلك، كما يمكن توجيه دعوة لخبراء من مختلف المجالات والتخصصات لإلقاء محاضرات مختلفة أمام الطلاب تعطيهم رؤى قيمة وتُعرّفهم بالمهارات والمعارف المطلوبة للنجاح في سوق العمل.
أخيراً، يعتمد وضع وتنفيذ هذه السياسات على وجود إطار تشريعي يمنح إدارة الجامعة صلاحية اتخاذ هكذا قرارات بالتنسيق مع السلطة المحلية ووزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للتعليم العالي. فضلا عن ذلك، تحتاج مثل هذه المبادرات إلى مناصرة وتدخلات من المجتمع المدني لتنسيق ومراقبة المبادرات وتشجيع الثقة بين أصحاب المصلحة، فَمن خلال دمج مفاهيم التنمية ومتطلبات سوق العمل وتحسين جودة التعليم في مشاريعها وأنشطتها، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تساهم بشكل كبير في هذه الجهود. هذا كله يقوم بدرجة أساسية على قدرة الجامعة على بناء الثقة وتعزيز شفافيتها، وخلق بيئة تشجع على الابتكار، والتنفيذ الفعال للسياسات المتفق عليها.
التوصيات الرئيسية[1]
إلى جامعة المهرة
- تحديد الاحتياجات الخاصة لسوق العمل في اليمن، وأن تحرص الجامعة على إجراء تحليلات منتظمة وشاملة لاتجاهات سوق العمل بالشراكة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، لضمان تطوير البرامج التعليمية وفقا لذلك. ينبغي إتاحة نتائج هذه الدراسات للطلاب لمساعدتهم في تحديد خياراتهم الأكاديمية والمهنية.
- الامتناع عن اعتماد برامج أكاديمية جديدة لحين إجراء تحليل شامل لسوق العمل. يُمكن للجامعة تركيز جهودها على تحسين جودة البرامج الأكاديمية الحالية، من خلال إنشاء قاعدة بيانات شاملة للطلاب واتخاذ القرارات بناءً على نتائج تحليل سوق العمل. في حال وجود برامج دراسية معينة غير متوافقة مع متطلبات سوق العمل الحالية، فيجب على الجامعة النظر في تبسيط المقررات الدراسية أو تقليص عددها.
- بناء على النتائج المستخلصة من تحليل سوق العمل، يجب تحديث البرامج الأكاديمية للجامعة والتعاون بشكل وثيق مع أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، لضمان تسليح الخريجين بالمهارات العملية والمؤهلات التي تتيح لهم التنافس في سوق العمل. من جهتهم، سيتعين على الطلاب إثبات كفاءتهم في مهارات محددة كشرط أساسي للتخرج.
- إقامة شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص لتنويع مصادر التمويل، على أن تتماشى هذه الشراكات مع البرامج الأكاديمية للجامعة، وأن تشمل وضع مقترحات قوية ومقنعة للجهات المانحة المحتملة.
- توفير فرص التدريب العملي للطلاب بالتعاون مع المؤسسات العامة والخاصة داخل المحافظة. من خلال تضافر الجهود، ستؤدي هذه المبادرة إلى خلق فرص تدريب قيمة تمكّن الشباب من المشاركة بفعالية في التنمية المحلية. كما سيساهم هذا التعاون القائم على المسؤولية الاجتماعية المؤسسية في تحسين مهارات وخبرات الطلاب وتشجيع التنمية المجتمعية.
إلى الحكومة المعترف بها دوليًا
- تخصيص الموارد اللازمة لجامعة المهرة لضمان وجود هيئة تدريسية أكاديمية تعمل بصفة منتظمة وتتلقى رواتب مجزية. كما يجب تلبية احتياجات البنية التحتية للجامعة، مثل المباني والتجهيزات، أسوة بمؤسسات التعليم العالي الأخرى في اليمن.
- وهي توصيات مبنية على التعاقب أو مرتبطة ببعضها تراتبياً (أي كل توصية مرتبطة بتحقيق الأخرى)
- تشهد الجامعات في اليمن أيضاً تراجعاً في التخصصات الإنسانية الشائعة، مثل علم النفس والتاريخ والجغرافيا.
- مجموعة التفكير الاستراتيجي هي فريق متنوع من سياسيين وقيادات مجتمعية ونشطاء شباب مع مشاركة نسوية فاعلة. تشكلت المجموعات في أربع محافظات يمنية (مأرب، حضرموت، شبوة، والمهرة)، في إطار مشروع “استكشاف منهجيات محلية بديلة للسلام في اليمن” الذي نفذه مركز صنعاء للدراسات بالشراكة مع منظمة سيفروورلد وبتمويل من وزارة الخارجية والتنمية البريطانية. ساهمت مجموعة التفكير الاستراتيجي في المهرة في تأسيس جامعة المهرة من خلال حملات المناصرة التي اضطلعت بها، من خلال اجتماعات متعددة عقدتها مع مسؤولين بالسلطة المحلية والهيئات الحكومية والأكاديمية والإدارية ذات الصلة في المحافظة. كما كانت المجموعة وراء حملة مناصرة عبر الإنترنت تحت وسم #استكمال_قرار_جامعه_المهره، وأفضت هذه الجهود إلى صدور القرار الجمهوري رقم 23 لسنة 2022 بإنشاء جامعة المهرة. تعد هذه الورقة واحدة من مقترحات الفرق لتسليط الضوء على واقع التعليم العالي بمحافظة المهرة.
- تشمل برامج التعليم العالي في اليمن: أ) برامج مدتها سنتان تؤدي إلى الحصول على دبلوم متوسط، ودبلوم فني، وشهادة فني، وشهادة معلم (معلم ما قبل المدرسة والتعليم الابتدائي)؛ ب) برامج مدتها ثلاث سنوات تقدمها كليات المجتمع وتؤدي إلى الحصول على درجة الزمالة؛ ج) برامج درجة البكالوريوس التي تستمر عادة أربع سنوات (خمس سنوات في حالة الهندسة؛ ست سنوات في حالة الطب) وعلى مستوى الدراسات العليا، هناك برامج مدتها عام واحد تؤدي إلى الحصول على دبلوم الدراسات العليا (دبلوم عالي أو متخصص أو دراسات عليا أو دبلوم تحضيري). تستغرق برامج الماجستير عمومًا عامين لإكمالها، بينما تستغرق برامج الدكتوراه من ثلاث إلى أربع سنوات على الأقل. كما يقدم قطاع التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن للطلاب برنامجين مدتهما ثلاث سنوات في القطاعات المهنية. ميشيل بروني وأندريا سالفيني ولارا أوهلينهوت، “الاتجاهات الديموغرافية وسوق العمل في اليمن”، منظمة العمل الدولية، 2014، https://www.ilo.org/sites/default/files/wcmsp5/groups/public/@arabstates/@ro-beirut/documents/publication/wcms_358144.pdf
- عادل الشرجبي، “اليمن: أوضاع التعليم العام في زمن الحرب”، مركز اليمن والخليج للدراسات، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، https://ygcs.center/ar/studies/article43.html
- كان آخر تعداد سنوي موحد للسكان في اليمن قبل الحرب للعام الدراسي 2013/2014، ووفقاً للكتاب الإحصائي السنوي الصادر في العام 2015، بلغ عدد الجامعات الحكومية 10 جامعات، يدرس فيها 227.174 طالباً وطالبة، منهم 34.5% إناث، وعدد الطلاب في الجامعات الخاصة، 27 جامعة آنذاك، بلغ 83.179 طالباً وطالبة، منهم 27.7% إناث.
- “مسح القوى العاملة في اليمن 2013-2014″، منظمة العمل الدولية، 2015، https://www.ilo.org/publications/yemen-labour-force-survey-2013-2014
- عبدالله الطوقي وعبدالله العاضي، “التوجهات في سوق العمالة اليمنية”، مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد العاشر، المجلد 13، أبريل/نيسان 2016، ص 96.
- ردفان عبد الحبيب عبد الله قاسم، “أثر مخرجات التعليم الجامعي على سوق العمل في الجمهورية اليمنية للفترة (1998-2012)”، جامعة عدن، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، يونيو/حزيران 2023، ص381.
- في عام 2014، كان الدولار الأمريكي يعادل 215 ريالاً يمنياً، ولكن بحلول أواخر عام 2024، ارتفع سعر الصرف إلى أكثر من 2000 ريال لكل دولار أمريكي.
- فهمي خالد، “نظام التعليم العالي في اليمن: حرب استنزاف”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 26 مارس/آذار 2024، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/22196
- في عام 2014، بلغ عدد الطلاب في قسم اللغة العربية بجامعة صنعاء 300 طالب وطالبة، وفي عام 2023، انخفض العدد إلى 26 طالب وطالبة في القسم. علاوة على ذلك، انخفض التحاق الطلاب في أقسام الفلسفة والتاريخ بشكل كبير، على الرغم من أنها كانت من الأقسام التي تحظى بشعبية كبيرة بين الطلاب. كان لكل قسم طالب واحد فقط في عام 2023. فهمي خالد، “نظام التعليم العالي في اليمن: حرب استنزاف”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 26 مارس/آذار 2024، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/22196
- إسماعيل الأغبري، “اتجاه مقلق في اليمن: الفصل بين الجنسين في جامعة صنعاء”، كارنيغي، 26 سبتمبر/أيلول 2023، https://carnegieendowment.org/sada/2023/09/gender-segregation-at-sanaa-university-a-worrying-trend-for-yemen?lang=ar
- عادل الشرجبي، “اليمن: أوضاع التعليم العام في زمن الحرب”، مركز اليمن والخليج للدراسات، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، https://ygcs.center/ar/studies/article43.html
- وثيقة الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي في الجمهورية اليمنية وخطة العمل المستقبلية 2006-2010، ص12.
- في عام 2008، أصدر مؤتمر بعنوان “مخرجات التعليم العالي وسوق العمل” توصيات لدمج مكونات التدريب العملي في جميع البرامج الأكاديمية، وتحديث المناهج الدراسية بانتظام كل خمس سنوات، وإنشاء برامج التوجيه المهني المبكر للطلاب. “مؤتمر التعليم العالي تحت شعار مخرجات التعليم العالي وسوق العمل”، وكالة سبأ، 13 مارس/آذار 2008، https://yemennic.net/archives/2145. وفي مارس/آذار 2021، عقدت جامعة العلوم والتكنولوجيا، أكبر وأهم جامعة خاصة في اليمن، مناقشة حول مواءمة خريجي الجامعات مع متطلبات سوق العمل.
- “41% من خريجي الجامعات اليمنية لا يتوقعون الحصول على فرص عمل”، المصدر أونلاين، 9 يونيو/حزيران 2010، https://almasdaronline.com/articles/52545
- “التوصيات الصادرة عن المؤتمر التشاوري للارتقاء بجودة مخرجات جامعة عدن بما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل”، جامعة عدن، 26 فبراير/شباط 2024م، https://www.ADEN-univ.net/oldnews/22181
- نعمان أحمد علي عبدالله فيروز، “مدى مواءمة مخرجات الجامعات اليمنية لاحتياجات سوق العمل: (جامعة إب نموذجاً)”، مجلة الباحث الجامعي للعلوم الإنسانية، العدد 32، مارس/آذار 2017م، ص241.
- يشير تقرير داخلي صادر عن مكتب شؤون الطلاب إلى أن برامج مثل الدراسات الإسلامية واللغة العربية والجغرافيا وعلم النفس تم إيقافها بسبب عدم وجود طلاب جدد يتقدمون بطلبات للالتحاق بهذه الأقسام.
- بناء على مذكرة حصل عليها الكاتب من مكتب الأمين العام لجامعة المهرة.
- يمكن القول إن قرار إنشاء جامعة يحتاج إلى دراسة أكثر شمولاً لضمان توفر الموارد اللازمة لتشغيل مؤسسة التعليم العالي بكفاءة.
- رغم الحرب المستمرة منذ عقد من الزمان، ظلت محافظة المهرة بمنأى نسبيا عن النزاع العسكري المباشر، وتعتبر وجهة آمنة لليمنيين والخليجيين.
- حلقة نقاش بؤري مع طلاب وطالبات جامعة المهرة، 9 يوليو/تموز 2024م.
- مقابلة مع د. ناجي بلحاف، نائب عميد كلية العلوم الإدارية 29 يوليو/تموز 2024.
- المرجع نفسه.
- مقابلة مع أكاديمية بكلية التربية جامعة المهرة 11 يوليو/تموز 2024.
- حلقة نقاش بؤري مع طلاب وطالبات جامعة المهرة 9 يوليو/تموز 2024.
- على الرغم من التحديات الواضحة في مجال التمويل، فإن مثل هذه المبادرات يمكن أن تكون فعّالة من حيث التكلفة إذا تم تمويلها من خلال جهود تعاونية مع شركاء مستثمرين. وسيتم دمج عملية تطوير المناهج الدراسية في خطة استراتيجية أوسع نطاقاً يتم تقديمها للشركاء.
- حلقة نقاش بؤري مع طلاب وطالبات جامعة المهرة 9 يوليو/تموز 2024.
- المرجع نفسه.
- مقابلة مع نائب عميد كلية العلوم التطبيقية بجامعة المهرة 16 يوليو/تموز 2024.
- إذا كان المقرر يتطلب عادة 18 ساعة على مدار فصل دراسي مدته ثلاثة أشهر، فيمكن التعاقد مع مدرس مؤقت لتدريس المقرر لمدة ثلاث ساعات يوميًا لمدة أسبوع واحد، وبالتالي تقليل التكاليف.
- حلقة نقاش بؤري مع طلاب وطالبات جامعة المهرة 9 يوليو/تموز 2024.
- مقابلة مع أكاديمية بكلية التربية جامعة المهرة، 11 يوليو/تموز 2024.
- حلقة نقاش بؤري مع طلاب وطالبات جامعة المهرة 9 يوليو/تموز 2024.
- مقابلة مع نائب عميد كلية العلوم التطبيقية بجامعة المهرة، 16 يوليو/تموز 2024.
- مقابلة مع د. عبد السميع الشامي ، مدير بنك كاك بمحافظة المهرة بتاريخ 23 يوليو/تموز 2024.
- نفس المصدر السابق.
- مقابلة مع نائب عميد كلية العلوم التطبيقية بجامعة المهرة، 16 يوليو/تموز 2024.
- يمكن الإشراف على هذه المبادرة من قبل لجنة مراقبة وتنسيق تنشئها الجامعة ودمجها في منهج التدريب العملي لطلاب التسويق. وبمجرد وضعها موضع التنفيذ، يجب توسيع اللجنة لتشمل ممثلين من الحكومة المحلية وغرفة التجارة والصناعة والمجتمع المدني. ويجب إضفاء الطابع الرسمي على هذه الحوافز ضمن الخطة الشاملة للجامعة من أجل نهج أكثر استدامة، وتحديد الشركاء والموارد المحددة لاستيعاب النمو المستقبلي. وعلاوة على ذلك، يجب أن يكون لكل كلية قسم تدريب متخصص ومسئول تدريب متخصص للإشراف على التدريب أثناء الدراسة.
- مقابلة مع نائب عميد كلية العلوم التطبيقية بجامعة المهرة، 16 يوليو/تموز 2024.
- لتشجيع المشاركة، يمكن تقديم مكافآت مادية وغير مادية للمنظمات المشاركة، مثل تسمية منشأة تدريبية أو فئة متخرجة باسمها تكريمًا لها.
- مرصد النزاع في اليمن، الملف الإقليمي لمحافظة المهرة، مشروع رصد بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة الأمريكي “ACLED”، 31 يناير/كانون الثاني 2024، https://acleddata.com/yemen-conflict-observatory/region-profiles/Al-Mahra/#:~:text=Although the second largest governorate,a population of about 175,600.
- مقابلة مع نائب عميد كلية العلوم التطبيقية بجامعة المهرة، 16 يوليو/تموز 2024.
- تقديرات تقريبية قدمها المشاركون في حلقات النقاش البؤري، وأكدها د. ناجي بلحاف نائب عميد كلية العلوم الإدارية.
- حلقة نقاش بؤري مع طلاب وطالبات جامعة المهرة 9 يوليو/تموز 2024.
- مقابلة مع د. عبد السميع الشامي ، مدير بنك كاك بمحافظة المهرة بتاريخ 23 يوليو/تموز 2024.
- مقابلة مع مدير شركة تجارة ومقاولات بالمهرة، 7 أغسطس/آب 2024.
- مقابلة مع د. ناجي بلحاف، نائب عميد كلية العلوم الإدارية، 29 يوليو/تموز 2024.
- مقابلة مع أكاديمية بكلية التربية، جامعة المهرة، 11 يوليو/تموز 2024.
- مسح القوى العاملة في اليمن للقترة 2013-2014، منظمة العمل الدولية، 2015، https://www.ilo.org/publications/yemen-labour-force-survey-2013-2014