إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

تقييم أثر المساعدات في اليمن

الملخص التنفيذي

في مجال العمل الإغاثي، غالبا ما تمنح عمليات الرصد والتقييم التقليدية الأولوية القصوى للمؤشرات الكمية والمخرجات قصيرة الأجل للمشاريع، وهي ممارسة تؤدي إلى الحصول على فهم سطحي فقط لأثر هذه المشاريع، بدلاً من فهم التغييرات التي تحدثها أو الفوائد الحقيقية وطويلة الأمد التي يحصل عليها المستفيدون ومجتمعاتهم. أضف إلى ذلك كون فهم عمليات الرصد والتقييم التقليدية للتأثيرات المعقدة على المجتمعات المحلية، لا يتجاوز كونه مجرد فهم محدود، لأن أطر الرصد والتقييم القياسية كثيراً ما تفتقر إلى مقاييس ذات معنى لقياس مشاركة أصحاب المصلحة.

يقترح هذا البحث مقياسًا جديدًا لتقييم الأثر – وهو مؤشر الأثر الحقيقي – لتقييم برامج المساعدات، وهو مقياس تجري تجربته من خلال منهجية دراسة الحالة. من خلال تقييمه لأثر المساعدات في محافظتي لحج ومأرب اليمنيتين، يدرس إطار عمل مؤشر الأثر الحقيقي تصورات الثروة المادية والرفاه الاجتماعي والتمكين، ويسلط الضوء على جوانب المساعدات التي تساهم في تحقيق أثر مستدام وحقيقي، ويحاول الإطار أن يأخذ في الاعتبار الصعوبات التي تواجه عملية قياس أثر المساعدات، من خلال تقديم رؤى مفصلة حول كيفية تأثير المساعدات على هذه العوامل الثلاثة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسة.

تقتصر دراسة الحالة التجريبية هذه جغرافياً على محافظتين تقعان ضمن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، ساعد فيها المسؤولون المحليون في الحصول على تصاريح الدخول والتصاريح اللازمة لإجراء البحث وجمع البيانات، وتغطي الدراسة ستة مشاريع أنجزت خلال فترة البحث، وتضمنت المشاريع قيد الدراسة تدخلات في المجموعات الأربع التالية: التغذية، والأمن الغذائي، والمياه والصرف الصحي والنظافة، والصحة. نظراً لأن النتائج خاصة بسياقات محددة، فقد يكون من الصعب تعميمها على مناطق أو أطر زمنية أو أنواع أخرى من مبادرات المساعدات.

تبنت الدراسة نهج الأساليب المختلطة – المسوح والمقابلات – وتم تحليل البيانات من خلال إطار عمل مؤشر الأثر الحقيقي، للوصول إلى نتائج الدراسة.

موجز النتائج:

  • في لحج، أفاد المجيبون عن حصولهم على فوائد صحية كبيرة، وقالوا إن التماسك المجتمعي قد تعزز من خلال الجهود المركزة في الصحة والصرف الصحي.
  • في مأرب، قال المجيبون إن المساعدات كانت في الغالب تمنحهم فترة راحة مؤقتة، لكنها لم تركز كثيراً على الاستدامة.
  • اختلفت التصورات عن المساعدات اختلافاً كبيراً عبر المحافظات والمجموعات المستفيدة، حيث اشتكى أفراد المجموعة المرجعية التي حصلت على مستويات أقل من المساعدات من عدم تلبية احتياجاتهم ووجود مشاكل في الحوكمة، في حين أن المجتمعات المحلية المستهدفة بالمساعدات في لحج قد أفادت عن مستوى رضا أكبر وفوائد طويلة الأمد.
  • يُنظر إلى مشاريع المساعدات في مأرب على أنها مفيدة، ولكنها في معظمها قصيرة الأجل، وربما يشير ذلك إلى الحاجة إلى تنسيق أكبر بين الإغاثة الفورية والأهداف الإنمائية طويلة الأجل، للتعامل مع الأعداد الكبيرة من النازحين[1].
  • أفاد المجيبون بانخفاض تكاليف الرعاية الصحية وتحسن الوصول إلى المياه في بعض المواقع، وأظهر تحليل الأبعاد أن المساعدات ساهمت في تخفيف الأعباء المالية عن كاهل المستفيدين.
  • لا تزال العديد من الأسر في لحج ومأرب تعتمد على المساعدات قصيرة الأجل، مما يؤكد الحاجة إلى مبادرات مدرة للدخل لتعزيز القدرة على الصمود والاستقرار المالي.
  • لا تزال المجتمعات المضيفة تحت الضغط، بسبب نزوح السكان إليها، مما يسلط الضوء على أهمية البنية التحتية الاجتماعية، وقد عُزز التضامن الاجتماعي من خلال تحسين فرص الحصول على الخدمات خصوصا في لحج، ويمكن أن يكون ذلك نموذجاً يحتذى به في مناطق أخرى.
  • تعززت الدعوات المحلية إلى مزيد من التوطين في عمليات التخطيط والتنفيذ، بسبب ما أبلغ عنه من مشاعر الاستياء والإقصاء، نتيجة غياب إجراءات شفافة وتشاركية.
  • كانت النساء أكثر تفاؤلاً بشأن الآثار المالية والاجتماعية والتمكينية للمساعدات، وخاصة تحسينات البنية التحتية مثل نقاط المياه، وعلى الرغم من أن النساء واجهن بعض العقبات، منها الفروق في مقدار الحصول على الخدمات، إلا أنهن أبلغن أيضاً عن نتائج أفضل في مجالي الصحة والنظافة.
  • كان احتمال توليد النساء لدخل ثابت من المساعدات النقدية الأولية أقل منه للرجال، مما يشير إلى مستوى أعلى من الاتكال المالي. لم تشعر النساء بأنهن مستبعدات من اللجان المحلية المشاركة في تخطيط المشاريع، إلا أنهن أبلغن أنهن لم يكن لهن سوى تأثير ضئيل في القرارات فيها.
  • أبلغ الرجال والنساء عن مستويات مماثلة من محدودية معارفهم حول إدارة المشاريع وتمويلها، خاصة عندما يتعلق الأمر بمبادرات المساعدات الدولية، كما أكدت المجيبات على فوائد برامج الصحة والمياه في تهدئة التوترات المجتمعية خاصة في سياقات النازحين.
  • كانت نظرة المستفيدين المستهدفين إلى المشاريع التي تضمنت أنشطة البنية التحتية والتمكين الاقتصادي، أنها أكثر فعالية في خلق الصمود المجتمعي من تلك التي لم تتضمن مثل هذه الأنشطة.
  • في الحالات التي كانت العمليات فيها وطنية أكثر، كانت هناك تصورات بأنها أحدثت أثراً أكبر لدى المستفيدين منها، الأمر الذي يشير إلى أن دمج الدعم المقدم لسبل العيش مع الجهود الرامية إلى تعزيز البنية التحتية وتعزيز ملكية المجتمع المحلي لمشاريع المساعدات، يمكن أن يعزز تصورات الاستدامة.

موجز التوصيات

للمنظمات الإنسانية والجهات المانحة:

  • التمكين الاقتصادي: التحول من المساعدات المباشرة إلى المساعدات النقدية، ودمج التدريب المهني والتمويل الصغير، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة لتعزيز القدرة على الصمود.
  • الخدمات الصحية والاجتماعية: الاستثمار في صحة الأم والطفل، وتعزيز الرعاية الصحية المحلية، وضمان استمرارية التعليم للأطفال النازحين.
  • البنية التحتية المستدامة: إعطاء الأولوية لمشاريع المياه والصرف الصحي والتخفيف من آثار الفيضانات، مع ضمان الصيانة المحلية والتأثير طويل الأجل.
  • الرصد والتقييم: تعزيز التقييمات اللاحقة للمشاريع، وتحديث إطار عمل النوع الاجتماعي والإدماج الاجتماعي.

للمنظمات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني:

  • إشراك المجتمع المحلي: إشراك الجهات الفاعلة المحلية في التخطيط والحوكمة لتعزيز الملكية والثقة.
  • التوطين والشفافية: تعزيز الشراكات وتحسين التواصل بشأن أولويات المساعدات وتعزيز إمكانية الوصول إليها.

للحكومة والسلطات المحلية:

  • القيادة النسائية: دعم دور المرأة في المبادرات المجتمعية، وتوفير التدريب على المهارات اللازمة لتحقيق أثر طويل الأمد.
  • الجوانب الواجب التركيز عليها للمناطق:
    • مأرب: إعطاء الأولوية للتمكين الاقتصادي وإشراك المجتمعات المضيفة، لتخفيف التوترات بين النازحين.
    • لحج: التركيز على البنية التحتية المستدامة، وتعزيز الشراكات مع الجهات الفاعلة المحلية.

يجري تجريب إطار عمل مؤشر الأثر الحقيقي في هذه الدراسة، والذي سيتعزز من خلال التقييمات اللاحقة، حيث يمكن أن يكون هذا الإطار مفيداً كدليل للتحول من المساعدات التي تركز على الإغاثة إلى التنمية طويلة الأجل، لبناء القدرات على الصمود، كما يوفر أداة إضافية لصانعي السياسات ومنظمات الإغاثة، يمكنهم استخدامها في اليمن وخارجه. يمكن معالجة ثنائية الاتكالية والصمود في المبادرات التي تقودها الجهات المانحة والمبادرات الدولية، من خلال إعادة تركيز الاهتمام على بيئة الإغاثة والعمل الإنساني. تهدف هذه الدراسة عموماً إلى تقديم تقييمات أكثر شمولاً ودقة من تلك التي تقدمها أساليب الرصد والتقييم التقليدية للآثار الاجتماعية والطويلة الأجل لتدخلات الإغاثة والتنمية.

تحميل الورقة كاملة

الهوامش
  1. مكتب مأرب الميداني، فبراير 2014، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 21 مارس 2024، الرابط: https://data.unhcr.org/en/documents/details/107496
مشاركة