نشرة ابريل 2017
ملخص
للمرة الثانية تركزت نقاشات السياسات الدولية حول اليمن، خلال شهر أبريل / نيسان، على الهجوم الذي يعتزمه التحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية على ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، والذي يسيطر عليه المتمردون، وعلى الكارثة الإنسانية المحتملة جراء هذا الهجوم. لكن بدا بحلول نهاية الشهر أن هناك معارضة واسعة للعملية، سواء ضمن الإدارة الأميركية أو في أروقة الأمم المتحدة أو بين جمهور العاملين الإنسانيين، وقد كان لذلك صدى لدى كل من التحالف السعودي وصناع القرار الأميركي – والذين كانوا يفكرون في دعم أميركي عسكري لذلك الهجوم. ويبدو أن الأخيرين أعادوا تقييم مخططات التحالف لهجوم وشرعوا بالبحث عن بدائل سياسية للهجوم العسكري.
على الأرض ازدادت التوترات بين الفصائل العسكرية والسياسية المساندة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وكانت أبرز حالات التوتر في محافظتي عدن وحضرموت. ففي عدن حدث تماس مسلح بين قوات «الحزام الأمني» المدعومة إماراتياً في والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، الأمر الذي انتهى بإقالة كل من قائد الحزام الأمني ومحافظ عدن. أما في حضرموت فقد أقام رجال سلطة محليون برعاية إماراتية ضمنية «مؤتمر حضرموت الجامع»، والذي طالب بالمزيد من الاستقلال عن الحكومة المركزية.
كما أعلن برنامج الأغذية العالمي عن توسيع نطاق عملياته في اليمن في محاولة للتصدي لأزمة الغذاء التي تعم البلاد، حيث يحتاج 17 مليون شخص إلى مساعدات غذائية في اليمن، منهم 7 ملايين في حالة طوارئ غذائية. غير أن مسؤولي البرنامج شددوا على أن نجاح هذه العمليات متوقف على توفير «الجهات المانحة لموارد فورية كافية». لحفز جهود التمويل، شاركت حكومتا السويد وسويسرا الأمم المتحدة في استضافة مؤتمر تعهدات رفيع المستوى للاستجابة الإنسانية في اليمن» وذلك في 25 أبريل / نيسان في جنيف، حيث وصلت التعهدات إلى 1.1 مليار دولار – أي أكثر من نصف ما كان قد دعا إليه نداء الأمم المتحدة الإنساني من أجل اليمن لعام 2017. وبينما اعتبر الحدث ناجحاً، أكد مسؤولو الأمم المتحدة أن على المانحين تحويل تعهداتهم إلى ودائع نقدية بسرعة لتفادي حدوث مجاعة هذا الصيف.
وبالرغم من زيادة الولايات المتحدة لجهود مكافحة الإرهاب وارتفاع وتيرة ضربات الطائرات بدون طيار في اليمن، ظل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نشيطاً خلال الشهر الماضي، حيث نفذ عمليات اغتيال وهجمات ضد كل من المتمردين الحوثيين والقوات المتحالفة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من جهة، والقوات الموالية للحكومة المدعومة إماراتياً من جهة أخرى. لكن على الخطوط الأمامية، وعلى الرغم من اشتداد النزاع في مختلف المناطق لم يحقق أي طرف مكاسب محورية كبيرة.
على صعيد التطورات الاقتصادية والمالية، تم ربط نظام التحويلات الدولية (سويفت) بالبنك المركزي اليمني الجديد في عدن، بعد ستة أشهر من الانقطاع عن المقر السابق في صنعاء. إلا أن الربط يبقى معطلاً إلى حين عودة موظفي البنك المركزي اليمني من مدينة دبي الإماراتية، حيث يتلقون تدريباً لتشغيل اتصال سويفت (الذي سوف يسمح للبنك المركزي باجراء عمليات مالية دولية). أما في صنعاء فقد أطلقت حكومة الحوثي وصالح نظام قسائم غذائية للموظفين العموميين، في محاولة للتعويض عن رواتب المليون عامل حكومي تقريباً الذين يعيشون في المناطق التابعة لصنعاء والذين لم يتلقوا راتباً منذ سبتمبر / أيلول 2016. في الوقت نفسه، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن أولويتها الرئيسية بالنسبة لحالات طوارئ 2017 هي حماية الماشية عبر اللقاحات والعلاجات، وذلك بالنظر لانخفاض أعداد المواشي لدى 1.5 مليون أسرة يمنية تعتمد على الزراعة .
هذا وتواصلت بالوتيرة نفسها تقارير انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة من قبل جميع الأطراف المتحاربة في الصراع اليمني، ومن ذلك ما ذكره المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الشهر الماضي، حيث أشار إلى أن الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي ينطوي «على انتهاكات جسيمة لأبسط قواعد حقوق الإنسان وقانون النزاعات المسلحة»؛ وفي الأثناء حكمت محكمة أمن تابعة لقوات الحوثي وصالح في صنعاء على الصحفي يحيى الجبيحي البالغ من العمر 62 عاماً بالإعدام بتهمة التخابر مع قوات التحالف، وذلك إثر جلسة محكمة واحدة ومغلقة لم يتمتع فيها الجبيحي بحق التواصل مع محاميه.
هجوم التحالف المحتمل على ميناء الحديدة
هيمنت احتمالات هجوم التحالف العربي بقيادة السعودية على مدينة الحديدة والتداعيات الإنسانية المحتملة على نقاشات السياسة الدولية المتعلقة باليمن للشهر الثاني على التوالي، حيث حذرت عشرات المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة ودبلوماسيون وسياسيون من مختلف البلدان ومن كلا الحزبين الأميركيين في الكونغرس من عواقب الهجوم الوخيمة على ملايين اليمنيين، الذين يعيشون أصلاً على حافة المجاعة.
يعتمد اليمن بشكل كبير على الواردات – ما يقارب إلى 90% من الطعام الذي يتناوله اليمنيون يتم استيراده من الخارج. ويمثل ميناء الحديدة نقطة عبور ما يصل إلى 70-80% من عمليات الإغاثة الإنسانية الحالية، فضلاً عن حصته من الواردات التجارية. وتوصف الحديدة بأنها الشريان الذي يغذي معظم سكان البلاد، والتي يعاني معظمها من انعدام الأمن الغذائي.
ومع بداية هذا العام أطلقت القوات التي تقاتل مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وبدعم من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، عملية الرمح الذهبي على الساحل الغربي للبلاد، في محاولة لطرد المتمردين الحوثيين والقوات المتحالفة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح من الاطلالة الجغرافية على البحر الأحمر. وبعد السيطرة على مدينة المخا الساحلية، أعلن التحالف عزمه على تشديد الضغط على الحديدة الواقعة على بعد أقل من 200 كيلومتر إلى الشمال. غير أن المقاومة العسكرية الصلبة والاستخدام المكثف من قبل قوات الحوثي وصالح للألغام الأرضية حالتا دون إحراز القوات البرية الحكومية أي تقدم يذكر إلى شمال المخا.
وبحثاً عن أفضلية عسكرية، قامت السعودية والإمارات –الشريك الكبير الثاني في التحالف– بالضغط على إدارة ترامب في واشنطن للحصول على مساعدة عسكرية مباشرة –كالقوات الخاصة– أثناء مهاجمة الحديدة. أعرب مسؤولون أميركيون عن تحفظاتهم بشأن نشر قوات على الأرض اليمنية للمشاركة في هجوم الحديدة بشكل مباشر،وركزت مناقشات الدعم المحتمل على الدعم الاستخباراتي واللوجستي.
وتزعم كل من الحكومة اليمنية والتحالف السعودي أن ميناء الحديدة مصدر رئيسي للإيرادات والأسلحة المهرّبة التي يستفيد منها الحوثي وصالح، وأن الاستيلاء على الحديدة سيجبر الأخيرين على العودة إلى محادثات السلام. وأوضح التحالف أن بالإمكان تغيير مسار المساعدات الإنسانية إلى ميناء عدن الجنوبي، الذي تسيطر عليه الحكومة المعترف بها دولياً، وكذلك إلى ميناء المخا الذي تم تجديده حديثاً، وغيرهما.
وعبر أعضاء وزارة الدفاع الأميركية وإدارة البيت الأبيض ومختلف أعضاء الكونجرس الأميركي عن تأييدهم لدعم الهجوم أميركياً. وقد بينت المؤشرات الأخيرة (كزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في آذار / مارس إلى البيت الأبيض، وزيارة وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس منتصف نيسان / أبريل إلى الرياض، وما قيل مطلع أيار / مايو عن صفقات أسلحة جديدة بين واشنطن والرياض بلغت عشرات المليارات، وأن أول زيارة رسمية للرئيس ترامب ستكون إلى المملكة العربية السعودية هذا الشهر) عمق العلاقات بين إدارة ترامب والأسرة المالكة السعودية .
معارضة الهجوم على الحديدة
في 18 نيسان / أبريل، أثناء اجتماع لجنة العقوبات الخاصة باليمن، اطلع أعضاء مجلس الأمن على الوضع في الحديدة عن طريق منسق الشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك ومنسق فريق الخبراء أحمد حميش والمدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي ستيفن أندرسون. ودارت المناقشات حول التأخيرات التي ازدادت مؤخراً بفعل فرض قوات التحالف تفتيشاً على الشحنات التي تمر عبر الميناء، وحول تراجع قدرة الحديدة على تفريغ حمولة البضائع بسبب الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف، والتي دمرت – فيما دمرته- الرافعات، فضلاً عن سوء الإدارة الذي يعاني منه الميناء عموماً. ورغم ذلك شدد أعضاء اللجنة على عدم وجود أي بديل فعلي لميناء الحديدة فيما يتعلق بدخول الواردات إلى اليمن وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من المراكز السكانية في البلاد.
وأعاد التأكيد على هذه النقطة في وقت لاحق من أبريل / نيسان جورج خوري، رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، حيث أشار إلى أنه حتى في ظل تراجع قدرته كميناء: «ما من بديل صالح يحل محل الحديدة، سواء من حيث الموقع أو البنية التحتية. وستكون لأي تبدل في الواردات التجارية والإنسانية القادمة عبر هذا الميناء عواقب وخيمة على البلاد، ولا سيما في وقت يواجه فيه السكان أزمة غذائية وصحية حادة… لا يمكن تصور توجيه الاستجابة الإنسانية بعيداً عن ميناء الحديدة ولو مؤقتاً، خاصة في بلد مزقته الحرب وتعيق فيه اعتبارات البنية التحتية والأمان معظم أشكال الحركة».
وكان حتى مجرد احتمال وقوع هجوم على الميناء ذو تأثير سلبي على الوضع الإنساني، سواء من جهة تثبيط حركة البضائع التجارية، أو تنفيذ قوات الحوثي وصالح تدابير أمنية متشددة تحسباً للهجوم. وأوردت تقارير من الحديدة الشهر الماضي أخباراً عن اعتقالات تعسفية واسعة النطاق شنها الحوثيين في المدينة. كما ارتفع اعتبار وكالات المساعدات خطراً أمنياً، حيث تواجه قيوداً على حريتها في نقل المساعدات وتوزيعها.
وفي اجتماع عقد في 13 نيسان / أبريل في مقر وزارة الخارجية الأميركية، ذكر مسؤولون في وزارة الدفاع والبنتاغون لوكالات المساعدات أن كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية ناقشوا الاعتبارات الإنسانية المتعلقة بعملية الحديدة. وفي محاولة لتهدئة المخاوف المتعلقة بالهجوم، قال مسؤول البنتاغون لمجموعات المساعدات إن العملية ستكون «نظيفة» وأنه يمكن تأمين الميناء في غضون أربعة إلى ستة أسابيع؛ لكن لم يتضح بعد على أي أساس افترض المسؤول أنها «أربعة إلى ستة أسابيع»، فقد أشار مسؤول آخر في البنتاغون إلى عدم واقعية ذلك التقدير وإلى احتمال أن تستغرق العملية العسكرية عدة أشهر. من الجدير بالذكر أنه، قبل الوصول إلى الحدیدة، یتعین علی القوات البریة الحكومية المرور عبر عدة مدن تتحصن فيها قوات الحوثي وصالح. إن عجز القوات الحكومیة عن التقدم شمال مدینة المخا ذو دلالة كافية على ما قد تنطوي عليه من تعقيدات محاولات التقدم أكثر نحو الساحل.
في العاشر من نيسان / أبريل، تم تداول رسالة ضمن الكونغرس الأميركي لعدة أسابيع حصلت على دعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث وقع 55 عضواً في مجلس الشيوخ لمطالبة الرئيس ترامب بطلب موافقة الكونغرس على أي تصعيد في التدخل العسكري الأميركي في حرب اليمن. وضعت الرسالة علامات استفهام على المصلحة القومية الأميركية من المشاركة في هجوم الحديدة، وأشارت إلى أمور عدة من بينها احتمالات المجاعة في اليمن و ما اسمته بالتحالف «بحكم الأمر الواقع» بين تنظيم القاعدة والقوات الموالية للحكومة.
وفي 27 أبريل / نيسان، أرسل عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين رسالة إلى السفير السعودي خالد بن سلمان دعوا فيها الرياض إلى الامتناع عن مهاجمة الحديدة، وإلى إصلاح آليات تفتيش السفن لتسهيل عبور الإمدادات الإنسانية والتجارية بشكل أسرع، وإلى السماح بنقل رافعات جديدة إلى الحديدة للتعويض عن ضعف قدرات الميناء على التفريغ.
وبعد أقل من أسبوع، في 2 مايو / أيار، أصدر أعضاء مجلس الشيوخ رسالة إلى وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس جاء فيها: «نحن ملتزمون باستخدام صلاحياتنا الدستورية لتأكيد الرقابة على مشاركة الولايات المتحدة في الصراع… والتي لم يأذن بها الكونغرس مطلقاً». هددت الرسالة بعد ذلك بتشريعات لحظر الدعم الأميركي للهجوم على الحديدة إذا لم يقم ماتيس بمشاورة الكونغرس حول تفاصيل الانخراط العسكري المحتمل للولايات المتحدة.
يمكن القول إنه اعتباراً من مطلع أيار / مايو، اكتسبت معارضة الهجوم بعض الزخم، حيث أشار المراقبون إلى أن التحالف السعودي بصدد البحث عن بدائل سياسية للهجوم العسكري على الحديدة؛ بينما لم تعلق الإدارة الأميركية بشكل علني على دورها المحتمل في الهجوم على الحديدة.
مستجدات ميدانية
توتر ضمن القوات الموالية لهادي في عدن
استمراراً للاتجاه الذي اتضح منذ بداية هذا العام، تواصلت التوترات بين الجماعات والفصائل التي تقاتل لصالح الحكومة المعترف بها دولياً طوال شهر نيسان / أبريل؛ ونشأ هذا الاحتكاك أساساً بين القوات التي تدعمها الإمارات العربية المتحدة والموالين للرئيس هادي.
ففي عدن، على سبيل المثال، كانت نقطة تفتيش العلم الاستراتيجية شرارة التوترات التي شهدها أبريل / نيسان، والعلم هو المنفذ الشرقي لعدن الذي يربط المدينة بمحافظة أبين وبالقاعدة الشعبية القبائلية الداعمة لهادي هناك. هذه النقطة هي المدخل الوحيد لعدن الذي لا تسيطر عليه قوات «الحزام الأمني» المدعومة إماراتياً، وهي قوات كان يقودها حتى نهاية نيسان / أبريل الزعيم السلفي البارز حليف الإمارات هاني بن بريك (للمزيد انظر أدناه). في فبراير / شباط، أرسل هادي الحرس الرئاسي لانتزاع نقطة تفتيش العلم من قوات الحزام الأمني، بعد مزاعم بأن القاعدة استخدمت هذا الحاجز لتهريب الأسلحة إلى عدن. ومنذ ذلك الحين ونقطة التفتيش هذه مصدر توتر بين المجموعتين. وأغلقت النقطة في 15 أبريل / نيسان إثر مواجهة مسلحة بين المجموعتين – الأزمة التي استمرت حتى نهاية أبريل / نيسان. في 17 نيسان / أبريل، تم تأسيس «مركز أمني مشترك» في محاولة لتسهيل التواصل والتنسيق بين مختلف قوات الأمن العاملة في عدن، علماً أنه لم يكن لهذا المركز المشترك حتى نهاية نيسان / أبريل أي أثر يذكر.
خلال الأسبوع الأخير من أبريل / نيسان، قامت القوات المتحالفة مع الإمارات، والتي تسيطر على مطار عدن، بمنع أحد قادة الحرس الرئاسي العميد المعين حديثاً مهران القباطي من العودة إلى البلاد، بعد عودته من رحلة إلى القاهرة؛ تم حل النزاع في نهاية الأمر عندما وافقت السعودية على نقل القباطي من مطار عدن إلى الرياض.
وفي ما يبدو انتقاماً لحادثة القباطي بعد يومين، في 28 أبريل / نيسان، أصدر الرئيس هادي مرسوماً يقضي بإقالة كل من هاني بن بريك (الذي كان وزيراً للدولة في الحكومة)، وعيدروس الزبيدي، محافظ عدن الحليف للإمارات. (يجدر التنويه إلى أنه، حتى صدور هذا القرار، كانت الإمارات تمارس سلطتها جنوب اليمن إلى حد كبير من خلال بن بريك والزبيدي، فضلاً عن قبائل يافع والمنظمات السلفية – معظم أعضاء الحزام الأمني ينحدرون من هذه القبائل أو من تلك المنظمات؛ الزبيدي هو أيضاً زعيم بارز في الحراك الجنوبي، هو من محافظة الضالع التي تحظى فيها الإمارات بشعبية كبيرة.)
حتى كتابة هذه السطور، تمثل الغضب الشعبي حيال مرسوم هادي باحتجاجات في شوارع عدن قادها الآلاف من أنصار الحراك الجنوبي. كما ردت الإمارات بتصريحات حادة وغير معتادة طالت الرئيس هادي وقراره. وفي ظل التوترات في عدن حتى بداية مايو / أيار، لم يقم هادي ولا رئيس وزرائه بالعودة، وكلاهما اختار البقاء في الرياض. في الثالث من أيار / مايو، عقد العاهل السعودي الملك سلمان اجتماعاً غير مقرر مع الرئيس هادي في ما يبدو محاولة لنزع فتيل التوتر.
مؤتمر حضرموت الجامع
وظهرت التوترات والمصالح المتباينة بين هادي والإمارات أيضاً في محافظة حضرموت الشرقية الشهر الماضي. في 23 نيسان /ابريل، تم عقد «مؤتمر حضرموت الجامع» في مدينة المكلا، حيث أكد المشاركون –وتكونوا من كبار الأطراف المؤثرة على القرار في حضرموت– على مركزية الهوية الحضرمية في الهوية اليمنية، وأدلوا ببيانات علنية بشأن حاجة المحافظة للتحكم بمؤسسات الأمن والحكومة داخلها، بالإضافة لمواردها الطبيعية مثل النفط والغاز. وأشار العديد من المتحدثين إلى «50 عاماً من الاضطهاد» – أي الفترة الممتدة منذ انضمام حضرموت إلى جنوب اليمن (1967) ثم ما بعد توحيد شمال وجنوب اليمن (1990). انطوى ذلك على رفض ضمني ليس فقط لحكم الحكومة المركزية في صنعاء ولمشروع الرئيس هادي في يمن موحد، بل أيضاً رفض لأهداف الحراك الجنوبي في جنوب يمن موحد ومستقل.
وقد دعمت الإمارات هذا المؤتمر بهدوء خلال الشهر الماضي، ولعبت دور الراعي للطموحات الحضرمية لتحقيق استقلال أكبر من خلال إنشاء وتدريب وتسليح قوات النخبة الحضرمية، والتي تصرفت باستقلال ذاتي متزايد عن حكومة هادي، فأكدت على دورها القيادي في العمليات ضد القاعدة وطالبت القوات الحكومية بأن تسيطر هي على نقاط التفتيش ضمن حضرموت.
لا بد من التنويه بأنه يمكن النظر إلى تحركات الإمارات لتدعيم نفوذها بين المجموعات المحلية جنوب اليمن كجزء من استراتيجية إماراتية أكبر لتأكيد السيطرة العسكرية وفرض القوة في جميع أنحاء إقليم القرن الأفريقي.
محافظة الضالع
وظهرت علامات توتر أخرى بين القوات الموالية ظاهرياً للحكومة في 17 أبريل / نيسان بعد استهداف عبوة ناسفة محلية الصنع موكباً للقيادي الموالي لهادي علي مقبل صالح في محافظة الضالع التي تسيطر عليها الحكومة. عندما هوجم الموكب، كان عائداً إلى عدن بعد رحلة إلى الشمال بهدف التوسط في إطلاق الشاحنات التي تحمل مدفوعات نقدية للعاملين في القطاع العام في مدينة تعز؛ إلا أن مقاتلي الحراك الجنوبي استولوا على الشاحنات عبر نقطة تفتيش على الطريق. وحتى بعد صدور أمر مباشر من الرئيس هادي بإطلاق الشاحنات، فشل علي مقبل صالح في تأمين الإفراج عن الشاحنات – ثم تعرض للهجوم أثناء عودته إلى عدن.
تطورات خط المواجهة
وشهد القتال العنيف في مناطق مختلفة من اليمن تغيرات مطردة في الخطوط الأمامية بين القوات المؤيدة للحكومة وقوات الحوثي وصالح. ففي 16 أبريل / نيسان في محافظة صعدة، على سبيل المثال، أعلنت القوات الحكومية التي يدعمها طيران التحالف أنها استولت على جبل الشعير في مديرية باقم في الشمال. وفي محافظة تعز، شرق المخا، جرت عمليات عسكرية عنيفة بمشاركة طيران التحالف أثناء سعي القوات الموالية للحكومة لطرد قوات الحوثي وصالح من المواقع الرئيسية التي كانوا يغيرون منها على خطوط الإمداد الحكومية، ولا سيما معسكر خالد بن الوليد العسكري في جبل النار؛ وبحلول نهاية نيسان / أبريل، أفيد بأن القاعدة العسكرية تخضع لحصار القوات الحكومية.
من بين الحوادث البارزة الأخرى التي وقعت في نيسان / أبريل إعلان الحكومة السودانية، في 10 نيسان / أبريل، أن خمسة من جنودها قتلوا وأصيب 22 آخرون في معارك حكومة اليمن؛ ويعتقد أن لدى السودان حوالي خمسة آلاف جندي مشتركين في إطار التحالف الذي تقوده السعودية. بعد ذلك بأسبوع، في 18 أبريل / نيسان، أسقطت مروحية سعودية في محافظة مأرب في حادثة «نيران صديقة» ارتكبتها نظم الدفاع الجوي التابعة للتحالف. أسفر الحادث عن مقتل 12 ضابطاً سعودياً.
نشاط المتعلق بتنظيم القاعدة
استمر نشاط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب طوال شهر نيسان / أبريل، حيث قام بعمليات اغتيال وهجمات ضد كل من قوات الحوثي وصالح والقوات الموالية للحكومة المدعومة إماراتياً.
من بين الحوادث التي ذكرتها التقارير المتعلقة بتنظيم القاعدة نصب كمين لقوات النخبة المحلية المدعومة إماراتياً في محافظة حضرموت في الأسبوع الأول من الشهر، تلاه في اليوم التالي تفجير عبوة ناسفة محلية الصنع أدت إلى مقتل ما يقرب من 12 مقاتلاً من الحوثيين في عزلة مذوقين بمحافظة البيضاء. وبين 14-16 أبريل / نيسان اغتالت القاعدة قائداً في قوات الحزام الأمني المدعوم إماراتياً في منطقة شقرة بمحافظة أبين؛ وقتلت سبعة مقاتلين الحوثيين عبر عبوة ناسفة في محافظة إب؛ واغتالت قيادياً حوثياً في مدينة إب. كما ادعت القاعدة في 23 نيسان / أبريل قيامها بهجوم في وادي دوعن وسط حضرموت أسفر عن مقتل جنديين حكوميين.
وكانت جماعات قبلية مختلفة في محافظة شبوة قد أعلنت في آذار / مارس من هذا العام تشكيل تحالف مناهض لتنظيم القاعدة. ويبدو أن هذه القوات القبلية هي وراء كمين نصب لقيادي في تنظيم القاعدة في منطقة الروضة الوسطى منتصف نيسان / أبريل. وفي 20 من الشهر نفسه أعلنت الإمارات عن نيتها توسيع نطاق تدريب وتسليح قوات النخبة الشبوانية، في مسعى لمواجهة تنظيم القاعدة في محافظة شبوة.
غير أن جهود مناهضة تنظيم القاعدة مرت بنكسة في 22 أبريل / نيسان، عندما قتلت طائرة أمريكية بدون طيار ثلاثة من عناصر الحراك الجنوبي الحليف للحكومة في مديرية الصعيد في محافظة شبوة. ومن بين النشاطات الأمريكية الأخرى لمكافحة الإرهاب في اليمن الشهر الماضي ادعاء البحرية الأميركية قتلها ثمانية من عملاء للقاعدة في شبوة يوم 23 أبريل، بينهم أبو أحمد العولقى الذي قالت الولايات المتحدة أنه كان قائد عمليات القاعدة في شبوة.
مستجدات إنسانية
أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن، حتى 2 مايو / أيار، هناك 17 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية، منهم 7 ملايين يمكن تصنيفهم كحالة طوارئ غذائية – وهو تصنيف المرحلة الرابعة على مؤشر التصنيف المتكامل لمراحل انعدام الأمن الغذائي، أي المرحلة الأخيرة قبل إعلان المجاعة والكارثة الإنسانية رسمياً. ويعاني نحو 2.2 مليون طفل من سوء تغذية حاد، حيث يموت طفل يمني دون الخامسة من العمر كل 10 دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها. كما تعاني أكثر من مليون امرأة حامل من سوء التغذية. وتعتبر كل المحافظات على الساحل في اليمن تقريباً تعاني من حالة طوارئ في مجال الأمن الغذائي، وهي محافظات صعدة وحجة والحديدة وتعز ولحج وأبين وشبوة – بين هؤلاء، الحديدة وتعز هما أقرب ما يمكن إلى المجاعة.
برنامج الأغذية العالمي يوسع عملياته
أعلن برنامج الأغذية العالمي عن توسيع نطاق عملياته الغذائية الطارئة في اليمن في محاولة للوصول إلى 9 ملايين شخص في اليمن خلال 2017. كان من بين أولويات البرنامج المليونان ونصف المليون شخص في المناطق الأكثر تضرراً، حيث أشار البرنامج إلى أنه يعتزم توزيع «حصص غذائية كاملة» – أي ما يكفي لتغطية 100% من الاحتياجات الغذائية لكل عائلة لمدة شهر– في محاولة لتفادي حصول المجاعة.
وذكر برنامج الأغذية العالمي أن هذه العمليات الموسعة الطارئة ستكلف ما يصل إلى 1.2 مليار دولار، وأن «نجاح هذه العمليات متوقف على توفير الجهات المانحة لموارد فورية كافية». في الواقع، أفاد البرنامج بأن توزيعه العام للأغذية في اليمن قد انخفض بين فبراير / شباط ومارس / آذار، حيث كان يصل إلى 5 ملايين شخص في فبراير / شباط، بالمقارنة مع 3.2 مليون شخص في الشهر التالي، ويرجع ذلك بجزء كبير إلى نقص الموارد المالية.
مؤتمر تعهدات مثمر
في وقت سابق من هذا العام، أعلنت الأمم المتحدة أن النداء الإنساني الدولي لليمن لعام 2017 كان يدعو لجمع 2.1 مليار دولار، وقد تحصل منه أقل من 15% حتى بداية نيسان / أبريل (وكان النداء الإنساني الدولي لليمن لعام 2016 قد دعا لجمع 1.8 مليار دولار وتحصل منه فقط 60% بحلول نهاية العام). وفي محاولة لسد فجوة التمويل هذا العام، تشاركت حكومتا السويد وسويسرا مع الأمم المتحدة في استضافة «مؤتمر تبرعات رفيع المستوى للاستجابة الإنسانية التي اليمن» في جنيف يوم 25 أبريل / نيسان. وذكر الأمين العام أنطونيو غوتيريس في ملاحظاته الافتتاحية بصراحة: «نحن نشهد عملية تجويع وشلّ لجيل بأكمله».
في نهاية المطاف، جمع هذا الحدث نحو 1.1 مليار دولار – بما يغطي أكثر من نصف النداء الإنساني الدولي لليمن لعام 2017. بين أكثر من 40 بلداً وجمعية التزمت بالتمويل، كانت أكبر الجهات المانحة هي المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية و الاتحاد الأوروبي ودولة الكويت والإمارات العربية المتحدة، الذين تعهد كل منهم بتقديم ما لا يقل عن 100 مليون دولار.
إلا أن رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أشار في الأسبوع التالي لحدث جمع التبرعات إلى أن هذا المبلغ الهائل من الأموال ما يزال في شكل تعهد فقط، وأن الأمر سيستغرق وقتاً لتحويل تلك التعهدات إلى نقد يمكن لمختلف المنظمات الإنسانية الإفادة منه.
وقال «إن المشكلة من جانبنا هى أننا بحاجة إلى المال الآن، ليس في أغسطس / آب أو سبتمبر / أيلول. وإذا لم يحصل برنامج الأغذية العالمي على المال الآن، فسيكون هناك انقطاع في سبل الطعام مع بداية يوليو / تموز. المتوقع إطعام 7 ملايين شخص شهرياً. في الشهر الماضي، وصل برنامج الأغذية إلى 3 ملايين بسبب نقص الموارد».
حقوق الإنسان وجرائم الحرب
الحصار «ينتهك قانون حقوق الإنسان»
في بيان صحفي صدر في 12 أبريل / نيسان، قال إدريس الجزائري، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والعقوبات الدولية، إن «الحصار الجوي والبحري الذي فرضته قوات التحالف على اليمن منذ مارس / آذار 2015 [هو] أحد الأسباب الرئيسية للكارثة الإنسانية».
ودعا بيان الجزائري لرفع الحصار من أجل وقف «كارثة ملايين يواجهون المجاعة». وأشار إلى أن الحصار «قيد وعرقل استيراد وتصدير الغذاء والوقود والإمدادات الطبية، فضلاً عن المساعدات الإنسانية… وينطوي الحصار على انتهاكات جسيمة لأبسط قواعد حقوق الإنسان وقانون النزاعات المسلحة».
وأشار الجزائري بشكل خاص إلى ميناء الحديدة، معرباً عن استيائه من الإجراءات الاحترازية المتشددة التي يفرضها التحالف والتي تعرقل تسليم الرافعات الجديدة التي يمكنها إعادة قدرة الميناء على تفريغ الحمولات؛ فالرافعات الجديدة المتجهة إلى الحديدة محتجزة حالياً في دبي.
حكم على صحفي بالإعدام
في 12 نيسان / أبريل، حكمت محكمة أمن الدولة في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين على الصحافي يحيى الجبيحي البالغ من العمر 62 عاماً بالإعدام بتهمة التخابر لصالح التحالف السعودي. هذه هي المرة الأولى التي يحكم فيها على صحفي في اليمن بعقوبة الإعدام، حيث جرت المحاكمة ضمن قاعة محكمة مغلقة، وتم منع المتهم من الوصول بانتظام إلى محام أثناء محاكمته. وقد أدانت منظمة مراسلون بلا حدود وجماعات حقوقية أخرى حكم الإعدام. الجدير بالذكر أنه حتى نهاية أبريل / نيسان، كانت سلطات الحوثي وصالح تحتجز أكثر من 12 صحفياً احتجازاً مطولاً وغير قانوني، بعضهم يعاني من حالة صحية سيئة للغاية ومحروم من حتى الزيارات العائلية.
قوات الحوثي وصالح تستخدم ألغاماً محظورة
في 20 أبريل / نيسان، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً يسلط الضوء على استخدام قوات الحوثي وصالح للألغام الأرضية المضادة للأفراد المحظورة، والتي قالت هيومن رايتس ووتش إنها تسببت في قتل وتشويه مئات المدنيين، وأعاقت عودة النازحين بسبب القتال، وستشكل تهديداً لحياة المدنيين حتى بعد انتهاء الصراع بوقت طويل. من حيث الحجم، قام المركز التنفيذي للعمليات المتعلقة بالألغام في اليمن بإزالة 360,000 لغم أرضي وغيره من الذخائر المتفجرة في جميع أنحاء اليمن منذ فبراير / شباط، وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن «من الضروري توسيع نطاق عمليات إزالة الألغام بسرعة، وخاصة في مناطق العودة لتوفير بيئة آمنة للنازحين من أجل الاستقرار».
وقالت هيومن رايتس ووتش «إن استخدام قوات الحوثي وصالح للألغام الأرضية المضادة للأفراد ينتهك قوانين الحرب، وإن الأفراد المتورطين يرتكبون جرائم حرب». وأضاف التقرير: «استخدمت قوات الحوثي وصالح أيضاً الألغام المضادة للمركبات بشكل عشوائي في انتهاك لقوانين الحرب، ولم تتخذ الاحتياطات الكافية لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين».
تطورات اقتصادية ومالية
إعادة الاتصال ب”سويفت”
في منتصف نيسان / أبريل، أعيد ربط البنك المركزي اليمني بنظام التحويلات الدولية المعروف بـ«سويفت»، ما أعاد من الناحية التقنية قدرة البنك المركزي على إرسال واستقبال التحويلات المالية الدولية. وكان نظام سويفت قد انقطع عن البنك المركزي اليمني ومركزه في صنعاء منذ 9 نوفمبر / تشرين الثاني 2016، حين قررت الحكومة اليمنية نقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن قبل ذلك بشهرين.
ربط البنك المركزي اليمني في عدن بشبكة نظام سويفت ينطوي على تعقيدات كبيرة، وفقاً لمصادر قريبة من العملية تواصل معها مركز صنعاء. ينبغي على عمليات الاتصال والإشراف بين شركة سويفت الأم في بلجيكا والبنك المركزي اليمني في عدن أن تلبي العديد من معايير الامتثال، وتوظيف مهندسين للعمل مع قسم تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن تركيب واختبار خوادم سويفت المتخصصة – كل ذلك في ظل تدهور الوضع الأمني في عدن. وأضافت المصادر أنه رغم الانتهاء من إعادة ربط البنك بشبكة سويفت بنجاح منتصف أبريل / نيسان، لم تتم أية معاملات مالية من خلالها، بسبب عدم قدرة موظفي البنك المركزي على تشغيل الاتصال بسويفت.
في النصف الأخير من شهر أبريل، تم إرسال فريق من تسعة موظفين من البنك المركزي اليمني في عدن إلى دبي للحصول على التدريب على الجوانب التشغيلية والتقنية لنظام التحويلات الدولية. من المرجح أن يستمر هذا التدريب حتى نهاية شهر مايو / أيار على الأقل، ما سيبقي على ربط البنك المركزي اليمني بنظام سويفت بلا فائدة إلى أن يعود الموظفون القادرون على تشغيله إلى عدن.
وكان الرئيس هادي قد أعلن في نهاية فبراير / شباط من هذا العام أن المملكة العربية السعودية التزمت بإيداع ملياري دولار في البنك المركزي اليمني للمساعدة على تجنب الخطر الوشيك لانخفاض حاد في قيمة الريال اليمني. لم تؤكد الرياض علناً هذا الدعم، لكن حتى لو كان سيأتي، فإن البنك المركزي في عدن لن يتمكن من تحصيل هذه الأموال بسبب تواصل عجزه عن تشغيل نظام سويفت.
إصدار قسائم غذائية
في 15 أبريل / نيسان، أعلنت ما تسمى بــ «حكومة الإنقاذ الوطني» في صنعاء –المكونة من الحوثيين ومسؤولين مرتبطين بحزب صالح– عن إطلاق نظام قسائم غذائية لموظفي القطاع العام والمختلط. يهدف النظام الجديد، الذي أعلنته وزارة الصناعة والتجارة في “حكومة الإنقاذ الوطني” إلى تعويض عجز الحكومة عن دفع رواتب ما يقرب من مليون عامل حكومي يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها قوات الحوثي وصالح، معظمهم بلا راتب منذ سبتمبر / أيلول 2016 إثر أزمة سيولة نقدية شديدة في القطاع العام. وستكون القسائم –التي ستغطي المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والأرز وزيوت الطبخ والحليب المجفف والدقيق– قابلة للسداد لدى مورّدين معيّنين ضمن السوق، وحسب مشروع القانون، سيطلب منهم بيع السلع بأسعار الجملة.
أحد الاقتصاديين اليمنيين البارزين المطلعين على تفاصيل نظام القسائم صرّح لمركز صنعاء بأن قيمة القسائم تبلغ حوالي ثلث راتب كل موظف، مع إيداع باقي أجورهم الشهرية في حساب لدى «البريد اليمني»، وهو الخدمة البريدية الوطنية. مع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أنه، بسبب أزمة السيولة المستمرة، لن يسمح للموظفين بسحب هذه الأموال المودعة. وبالنظر إلى عجز حكومة صنعاء عن تزويد التجار بالنقد إن حاولوا استرداد قيمة القسائم التي يجمعونها من المشترين، يتوقع الاقتصادي اليمنيين أن نظام القسائم سيكون فعالاً لمدة شهر أو شهرين فقط، وبعد ذلك ستنخفض القيمة الفعلية للقسائم وسيقدم التجار السلع بسعرين: سعر لمن يدفع نقداً وآخر لمن يدفع بالقسيمة.
تهديدات يواجهها التعليم العام
من بين الآثار المترتبة على عدم دفع أجور الموظفين المدنيين أن ثلاثة أرباع معلمي البلاد يعيشون بلا راتب منذ نصف سنة، ما يعني أن نحو 4.5 مليون طفل قد لا ينهون العام الدراسي، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).
وقال ممثل اليونيسف في اليمن مرتيكسيل ريلانو في مؤتمر صحفي عقد في العاصمة صنعاء الشهر الماضي: «لدينا حالياً أكثر من 166,000 معلم في البلاد لم يتلقوا رواتب منذ أكتوبر / تشرين الأول الماضي، وهؤلاء يمثلون 73% من إجمالي عدد المعلمين في البلاد». وأضاف: «هؤلاء الأطفال غير الملتحقين بالمدارس معرضون لخطر التجنيد (للخدمة العسكرية)، والطفلات منهم معرضات لخطر الزواج المبكر».
ووفقاً للیونیسف، ھناك 7.3 ملیون طفل في سن الدراسة في الیمن، منهم 2 ملیون طفل خارج المدرسة تماماً، و2.3 ملیون طفل بحاجة إلی دعم للحصول علی التعلیم، في حین خرجت حوالي 1,700 مدرسة في البلاد من الخدمة جراء تضررها أثناء الحرب، أو تحولها لملاجئ تؤوي نازحين أو معاقل لتمركز الجماعات المسلحة.
الأسر الزراعية تكافح
من جهة أخرى أفادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في الشهر الماضي أنه من بين حوالي 1.5 مليون أسرة يمنية تعيش على الزراعة (ما يعادل حوالي 60% من جميع الأسر في البلاد)، هناك أكثر من 800,000 غير قادرين على السيطرة على أمراض المحاصيل والمواشي. وبحسب تقييم الأمن الغذائي والتغذية في اليمن الذي صدر في وقت سابق من هذا العام، فإن نحو 40% من الأسر الزراعية تواجه انخفاضاً في إنتاج الحبوب عام 2016، وشهد نصفهم تقريباً انخفاضاً حاداً في أعداد المواشي بسبب إما المرض أو البيع المتعثر للممتلكات بهدف تغطية النفقات الغذائية والطبية وغيرها من النفقات الأسرية. وذكرت منظمة الفاو أن حماية الماشية، من خلال اللقاحات وغيرها من العلاجات، كانت أولوية رئيسية في الاستجابة لحالات الطوارئ لعام 2017.
الجدير بالذكر أن الزراعة هي أيضاً عمل نحو نصف القوى العاملة في اليمن، وبينما أشارت منظمة الفاو إلى معدل هطول أمطار أفضل من المعتاد خلال الأشهر القليلة الماضية، ذكرت في الشهر الماضي أن سبل العيش الزراعية ما تزال في خطر: «بسبب لاستمرار الصراع، جميع المحافظات تقريباً تشير إلى نقص في المستلزمات الزراعية وإلى ارتفاع أسعار هذه المستلزمات… وتعاني الأنشطة الزراعية، خاصة تلك المتعلقة بالمحاصيل المروية، من ارتفاع أسعار الوقود، ما يزيد الاعتماد على الزراعة البعلية. وتعتمد العديد من الأسر الريفية على فرص عمل غير رسمية كمصدر دخل. ومع ذلك، كما في معظم حالات الصراع، يستعاض عن العمالة الزراعية المستأجرة بالعمل ضمن العائلة لتوفير تكاليف الإنتاج».
نبذة مختصرة:
- حصل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية حتى يوم 5 مايو / أيار على 18% من أصل 2.1 مليار دولار تمت الدعوة لجمعها لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2017. في 25 أبريل، عقدت الأمم المتحدة حدثاً رفيع المستوى شاركت في استضافته حكومتا السويد وسويسرا في جنيف، حيث تعهد المانحون بتقديم 1.1 مليار دولار لمساعدة الأشخاص الذين هم في حاجة ماسة للمساعدة في اليمن. غير أن المسؤولين في الأمم المتحدة ما يزالون يحثون الجهات المانحة على تحويل تعهداتها بسرعة إلى ودائع نقدية لتفادي حدوث مجاعة في اليمن.
- في نيسان / أبريل، قدمت 35 باخرة طلب تصريح عبر لجنة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن؛ وتم التصريح لثلاثين طلب تصريح، وكان متوسط وقت إصدار التصريح الواحد 30 ساعة، أي أقل بساعتين من الشهر السابق. وتمت الموافقة على ما مجموعه 611,052 طن (mt) من البضائع خلال شهر نيسان / أبريل، تألفت من 272,666 طن أغذية، 244,575 طن وقود، 93,811 طن بضائع عامة. ومثل ذلك انخفاضاً بمقدار 25,758 طن عن بضائع مارس / آذار.
اليمن في الأمم المتحدة: نشرة شهرية يصدرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لتحديد وتقييم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن. تهدف “اليمن في الأمم المتحدة” إلى تزويد القارئ بفهم للسياق السياسي الدولي الذي يرافق التطورات على أرض الواقع في اليمن. صدرت نشرة “اليمن في الأمم المتحدة ” هذا الشهر بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت – مكتب اليمن.