إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

التقنيات الجديدة في طائرات الحوثيين بدون طيار

Read this in English

في 13 فبراير 2025، أعلنت قوات المقاومة الوطنية بقيادة عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، ومقرها ساحل البحر الأحمر في اليمن، عن اعتراض وضبط شحنة من المعدات العسكرية وهي في طريقها إلى جماعة الحوثيين (أنصار الله)، وتضمنت الشحنة أجهزة ومعدات تشير إلى أن الحوثيين يعملون على تعزيز قدرات طائراتهم المسيرة بدمج تقنيات جديدة لم تستخدم من قبل، أو على الأقل تقنيات لم تستخدم على نطاق واسع. تشمل هذه التقنيات تحديداً تقنية المحركات النفاثة وأنظمة الرؤية من منظور الشخص الأول (FPV)، وكلاهما يعني إمكانية تضخيم حجم التهديد المتوقع في أي تصعيد محلي أو إقليمي مستقبلا.

المحركات النفاثة

من بين المواد المضبوطة، عرضت قوات المقاومة الوطنية عدة محركات نفاثة وبناءً على أبعادها وخصائصها الخارجية، يُفترض أنها من طراز P500-PRO-S أو P550-PRO-S[1] التي تحمل العلامة التجارية JetCat، وعلى الرغم من أن اعتراض وضبط محركات الطائرات النفاثة الموجهة للحوثيين ليس أمراً جديداً، إلا أن مواصفات هذه الطرازات تختلف عن أي طرازات ضبطت سابقاً أو عُرف عن الحوثيين استخدامها. يقدم الجدول أدناه تحليلاً مقارناً لوزن وأبعاد وقوة دفع المحركات الجديدة مقارنة بتلك الطرازات[2].

تصنيف المحركات النفاثة

طراز المحرك

وزن المحرك (كجم)

قطر المحرك (مم)

طول المحرك (مم)

قوة الدفع (نيوتن)

المحركات النفاثة المضبوطة في الشحنة الأخيرة.

P500-PRO-S

5.4

175

419

492

P500-PRO-S

5.4

175

419

550

المحركات النفاثة التي تم ضبطها سابقًا أو توثيق استخدامها من قبل جماعة الحوثيين.

PBS-TJ100

تُستخدم في طرازات متعددة من الصواريخ المجنحة المعروفة باسم “قدس” وتُستبدل أحيانًا بنسخ إيرانية معدلة هندسيًا لها بأبعاد وقدرات مماثلة.

17

272

636

1250

TRI-60-2

تُستخدم في الصاروخ المجنح المعروف باسم “مندب 1”

49

330

749

3700

AMT-TITAN

تُستخدم في صاروخ صقر 1 أو صاروخ الدفاع الجوي 358

3.7

147

385

392

كانت المحركات المضبوطة في الشحنة الأخيرة أصغر حجماً وأقل قوة بكثير من تلك المستخدمة عادةً في صواريخ كروز، وفي الحقيقة تجعلها أبعادها غير مناسبة لهذا الاستخدام، ولكن هذه المحركات تتفوق في الحجم والقوة على تلك المستخدمة عادةً في صواريخ أرض جو، وإن لم يكن بدرجة كافية لضمان تطوير طراز جديد[3]. لذلك، من المنطقي الاستنتاج أن المحركات يمكن دمجها في الطائرات بدون طيار التي تستخدمها الجماعة، ووفقًا لتقارير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، فإن جميع الطائرات بدون طيار المعروفة التابعة للحوثيين تعتمد حصريًا على المحركات المترددة للدفع (محركات مكبسية).

يتوافق هذا التحول المحتمل مع المؤشرات التي تشير إلى أن طهران وحلفاءها يوجهون اهتمامهم المتزايد إلى هذه التقنية، وجدير بالذكر أن هناك تقارير تشير إلى أن روسيا تعتزم الاعتماد بشكل أكبر على الطائرات بدون طيار الإيرانية المزودة بمحركات نفاثة في أوكرانيا[4]. مع ذلك، فإن الطائرات بدون طيار التي تم نشرها هناك تستخدم محركات مختلفة عن تلك التي تم اكتشافها في الشحنة التي ضبطت مؤخرًا.

الطائرات بدون طيار التي تعمل بمحركات نفاثة أسرع بأربع مرات من تلك التي تعمل بمحركات مكبسية، وهذا يعزز قدرتها على تجنب أنظمة الدفاع الجوي والوصول إلى أهدافها، سواء خلال العمليات التكتيكية في ساحة المعركة أو الهجمات الجماعية على أهداف استراتيجية. في حين أن الطائرات بدون طيار التي تعمل بمحركات نفاثة تُقارن أحيانًا بصواريخ كروز وقد لا تتمتع بالضرورة بمعدل نجاح أعلى، إلا أنها توفر ميزة مماثلة بسبب تكلفتها المنخفضة[5]. تتيح أسعارها المعقولة شن عدد أكبر من الهجمات، مما يزيد من احتمالية تجاوز أنظمة الدفاع الجوي بنجاح والوصول إلى الأهداف المقصودة.

تقنية الرؤية من منظور الشخص الأول

تُعرف الطائرات بدون طيار ذات الرؤية من منظور الشخص الأول (FPV)، بأنها مركبات جوية بدون طيار توفر لمشغليها إمكانية الوصول إلى بث فيديو في الوقت الفعلي لمسار طيران الطائرة بدون طيار والبيئة المحيطة بها، ويشير المصطلح على وجه التحديد إلى فئة من الطائرات بدون طيار تتميز بتصميمها البسيط وتكلفتها المنخفضة، والتي كانت تستخدم في المقام الأول للأغراض المدنية قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، ومن بعده برزت ظاهرة متنامية تتضمن تعديل واستخدام هذه الطائرات بدون طيار في تطبيقات عسكرية، لا سيما لشن ضربات تكتيكية على مواقع العدو ومركباته وأفراده على طول خطوط القتال.

من بين المضبوطات، عرضت قوات المقاومة الوطنية مجموعة من طائرات بدون طيار من طراز (DJI MAVIC3) المصنفة على أنها طائرات بدون طيار ذات الرؤية من منظور الشخص الأول، وتستخدم على نطاق واسع في الحرب في أوكرانيا، كما عرضت قوات المقاومة الوطنية أنظمة تحكم (TARANIS X9D) التي تُستخدم لتشغيل طائرات بدون طيار ذات الرؤية من منظور الشخص الأول، بالإضافة إلى العديد من أنظمة المراقبة والتتبع ذات الصلة.

تشير الأدلة المتاحة إلى أن الحوثيين يهدفون إلى استخدام طائرات بدون طيار ذات الرؤية من منظور الشخص الأول على نطاق واسع، ويستعدون لمواجهة الاستخدام المحتمل لنفس التكنولوجيا من قبل أعدائهم. على الرغم من أن الحوثيين يتمتعون بالفعل بميزة واضحة على خصومهم المحليين من حيث قدرات الطائرات بدون طيار، فإن استخدام الجماعة المكثف لهذه التكنولوجيا في الأعمال العدائية المستقبلية قد يؤدي إلى تحول غير مسبوق في ميزان القوى. قد يتفاقم هذا التحول الآن بعد أن توقفت القوات الموالية للحكومة عن تلقي الدعم الجوي من التحالف بقيادة السعودية، وأصبحت تفتقر إلى أنظمة دفاع كافية ضد الطائرات بدون طيار.

الآثار المترتبة

في هذا السياق، قد يكون لتقدم الحوثيين في مجال الطائرات بدون طيار تداعيات خطيرة في أي تصعيد مستقبلي، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي. قد يدفع جماعة الحوثيين نجاحها في تطوير قدراتها العسكرية، إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة في المفاوضات أو القيام بأعمال تصعيدية متطرفة. تشكل هذه التطورات تهديدًا كبيرًا لآفاق تحقيق السلام في اليمن، وستؤدي حتمًا إلى تفاقم معاناة الشعب اليمني، وستستمر في تعريض الأمن الإقليمي والملاحة البحرية للخطر.

تفيد تقارير بتحليق طائرات نفاثة تقليدية تابعة للحوثيين فوق المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًا، لكن الطائرات النفاثة التقليدية ليس لها سوى دور رمزي غالباً، ومن المرجح أن يستمر الوضع كذلك نظراً للتحديات اللوجستية التي ينطوي عليها تشغيلها وصيانتها، والقيود التقنية التي تعوق نشرها الفعال في ساحة المعركة. تستحق التطورات الأخيرة في تقنية الطائرات بدون طيار اهتماماً أكبر من هذه الادعاءات، حيث لعبت الطائرات بدون طيار دوراً هاماً ومؤثراً في القدرات العسكرية للحوثيين، وستستمر في ذلك.


هذا التحليل جزء من سلسلة من المنشورات الصادرة عن مركز صنعاء، بتمويل من حكومة مملكة هولندا، وتستكشف هذه السلسلة قضايا متعددة في الاقتصاد والسياسة والبيئة، بهدف إثراء مناقشات وصياغة السياسات التي تعزز السلام المستدام في اليمن، ولا يجب أن تُفسر أية آراء معبر عنها في هذه المنشورات على أنها تمثل مركز صنعاء أو الحكومة الهولندية.

الهوامش
  1. عدم اليقين بشأن طرازات المحركات المضبوطة يأتي نتيجة أن هذين الطرازين متطابقان تقريبًا من حيث الشكل والأبعاد، والاختلاف الوحيد بينهما هو قوة الدفع، ويتضح ذلك بوضوح من الصور والمعلومات المتاحة على موقع الشركة المصنعة: P500-PRO-S وP550-PRO-S.
  2. حددت أنواع المحركات النفاثة التي يستخدمها الحوثيون والتي تم اعتراضها في طريقها إليهم، استنادًا إلى التقارير السنوية لفريق الخبراء المعني باليمن في مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة.
  3. قد يبدو من غير العملي تطوير طراز جديد من صواريخ الدفاع الجوي باستخدام المحرك الجديد، نظرًا لأن قدراته مقاربه إلى حد كبير للمحركات المستخدمة لتشغيل طراز سابق معروف باسم صقر 1 أو 358. يتضح ذلك في النهج الذي اتبعته إيران عند تطوير طراز جديد ضمن نفس السلسلة. فقد اختارت إيران محركًا أكبر بكثير (محرك يمتلك أكثر من ضعف قوة الدفع) للطراز الجديد المسمى “359” بهدف تمكينه من أداء مجموعة أوسع من المهام مقارنة بالصاروخ السابق “358”. انظر: “حصري: إيران تكشف الستار عن طائرة بدون طيار من طراز “359” قادرة على استهداف طائرات الإنذار المبكر والتزويد بالوقود على ارتفاعات عالية“، مجموعة Army Recognition Group، 16 يناير 2025، https://armyrecognition.com/focus-analysis-conflicts/army/defence-security-industry-technology/exclusive-iran-unveils-359-loitering-drone-capable-of-targeting-awacs-and-refueling-tankers-at-high-altitude
  4. روسيا تبدأ إنتاج طائرات بدون طيار من طراز شاهد-238 مزودة بمحركات مروحية نفاثة، موقع (BULGARIANMILITARY-News)، 18 فبراير 2025، https://bulgarianmilitary.com/2025/02/18/russia-begins-producing-turbofan-powered-shahed-238-drones/
  5. تبلغ تكلفة المحرك المستخدم في صاروخ “قدس” وهو صاروخ كروز 69,500 دولار أمريكي بينما تبلغ تكلفة المحرك الذي تم ضبطه في الشحنة الأخيرة 7,890 دولار أمريكي.
مشاركة