اهتمت التقارير الأخيرة في الإعلام الإسرائيلي ومراكز الدراسات العبرية بالهدنة بين الأطراف المتحاربة في اليمن، متمثلة في وقف إطلاق النار لمدة شهرين، والخطوة التي اتخذها الرئيس اليمني السابق بتفويض مجلس قيادي رئاسي للتوصل إلى تسوية شاملة للتفاوض مع الحوثيين لإنهاء الحرب.
وتناول التقرير آراء بعض الباحثين والمحللين حول مستقبل هذه الهدنة ومدى صمودها والأسباب التي دفعت إليها في هذا التوقيت.
ويترجم مركز صنعاء بشكل دوري ومستمر أبرز التقارير والمقالات التحليلية بوصفها جزءًا من اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.
بداية النهاية
قال تسفي برئيل [1] في صحيفة هاآرتس إن تسليم عبدربه منصور هادي صلاحياته الكاملة للمجلس الرئاسي، يراها البعض خطوة لبداية نهاية الحرب المأساوية التي استمرت منذ عام 2014، والتي تسببت بوفاة ومقتل حوالي 400 ألف شخص.
من الأفضل توخي الحذر من روح التفاؤل، لأن إنهاء الحرب لا يعتمد فقط على تشكيل الحكومة في الجزء الجنوبي من اليمن؛ بل يتطلب أيضًا موافقة الحوثيين الذين يسيطرون على شمال ووسط اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء.
لا يزال الحوثيون ينظرون إلى التغيير على أنه ممارسة سياسية لا تضمن لهم تلبية مطالبهم. ومع ذلك، عندما يأتي تغيير الحكومة مع وقف إطلاق النار الذي ما يزال ساريًا، وعندما تكون السعودية والإمارات وصيفتي هذا الانقلاب، فإن التفاؤل لا أساس له من الصحة على الإطلاق.
لم تكشف الدولتان بشكل كامل عن تفاصيل الصفقة، وخلف كواليس المفاوضات كما هو معروف، كانت هناك حملة ضغط من السعودية، وبحسب بعض التقارير تضمنت “خطف” وسجن نجلي هادي في قصر محمد بن سلمان، لاستغلالهما كرهائن حتى يوقع والدهما الاتفاقية ويعلن اعتزاله.
هادي نفسه رهن الإقامة الجبرية منذ سنوات في الرياض، ومعه بعض وزراء حكومته، بحجة الحفاظ على سلامتهم. وعزله أصبح مطلوبًا الآن، لأن الحوثيين غير مستعدين للتفاوض معه، وينتظر رسميًا حكم الإعدام الصادر التي أصدرته محكمة الحوثيين ضده، ويعتبر نائبه علي محسن الأحمر -الذي انشق عن الجيش اليمني عام 2011 للانضمام إلى المتمردين ضد صالح -مقربًا من حزب الإصلاح، أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين.
وينقسم أعضاء المجلس الرئاسي بحيث يرتبط أربعة منهم بالإمارات، واثنان بالسعودية. قد يضمن هذا التشكيل أن أي قرار توافق عليه الرياض وأبو ظبي سينفذه مجلس الرئاسة.
في الوقت نفسه، أجرت السعودية مفاوضات سرية مع ممثلي الحوثيين العام الماضي، بهدف الوصول إلى اتفاقيات سياسية لتشكيل حكومة يمنية موحدة، والتي ستضمن لهم تمثيلًا كبيرًا، وستتلقى مساعدات مالية سخية من دول الخليج. لقد تعهدت السعودية والإمارات بالفعل بمنح المجلس الرئاسي 2- 3 مليارات دولار في شكل مساعدات، وتقارير غير مؤكدة تتحدث عن مساعدات للحوثيين تقدر بعشرات المليارات من الدولارات في حال توصلوا لاتفاق مع المجلس.
نشأ هذا التحول السياسي على خلفية الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون على أهداف في السعودية والإمارات، وفي المقابل تجري السعودية وإيران محادثات بشأن استئناف العلاقات بينهما. في الوقت نفسه، هناك ضغط متزايد على الرئيس الأمريكي جو بايدن لإدراج الحوثيين في قائمة المنظمات الإرهابية مرة أخرى. إلا أن بايدن ومستشاريه يخشون أن مثل هذه الخطوة قد تضر باستعداد الحوثيين للتوصل إلى حل وسط، ومنع الدول الغربية من التفاوض على إعادة إعمار اليمن إذا تولى الحوثيون مناصب في الحكومة التي ستُشكل كجزء من الاتفاقية.
سؤال آخر يتعلق بموقف إيران وتأثيره على السلوك المتوقع للحوثيين. حتى الآن، هناك اعتقاد سائد أن إيران وراء هجمات الحوثيين على دول الخليج، وأن لديها القدرة على إملاء كيفية التفاوض مع السعودية والحكومة اليمنية. لكن في ظل الهجمات الأخيرة، التي لا تتوافق مع مصالح إيران في إعادة بناء علاقاتها مع دول الخليج، يبدو أن الحوثيين يطبقون أجندتهم الخاصة التي لا تخضع بالضرورة للإملاءات الإيرانية وذلك بخلاف حزب الله. وفي وقت مبكر من الحرب أوضح قادة الحوثيين أن الاتصال بإيران لم يكن أيديولوجيًا أو دينيًا، بل نشأ بسبب الحاجة إلى الحصول على الأسلحة والتمويل.
إنهاء الحرب هو أيضًا مصلحة سعودية وإماراتية حيوية. الحرب التي بدأها ابن سلمان عام 2015 سُجلت في سيرته على أنها واحدة من إخفاقاته المدوية: لقد فشل جيشه المجهز بأفضل الأسلحة الأمريكية في التوصل إلى حسم عسكري لمدة سبع سنوات. كما أن تفكك التحالف المناهض للحوثيين الذي شكله أيضًا قبل نحو عامين ونصف وانسحاب الإمارات وسحب معظم قواتها من اليمن، دفعه ذلك للتوصل إلى استنتاج مفاده أن الوقت قد حان لتقليص الخسائر.
الرئيس اليمني يتنحى وجهود إنهاء الحرب تكتسب زخمًا
تناول موقع إسرائيل اليوم تنحي الرئيس اليمني، ونقله صلاحياته إلى مجلس رئاسي في الوقت التي تكتسب الجهود الدولية والإقليمية زخمًا لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة في البلاد وذلك من خلال هدنة استمرت شهرين.
وقال الموقع إن السعودية والإمارات، اللاعبين الرئيسيين في الحرب، يبدو أن كان لهما دور في القرار الذي اتخذه عبدربه منصور هادي، وسرعان ما رحبت به متعهدة بتقديم 3 مليارات دولار في شكل مساعدات.
وتساءل الموقع عن دور هذه المساعدات، وهل سيكون بالفعل لها تأثير على التنمية في ظل الصراع الطاحن في اليمن!
هذا التطور يمكن أن يوحد المعسكر المناهض للحوثيين بعد سنوات من الاقتتال الداخلي والخلافات، وجرى تنسيقه بشكل شبه مؤكد في الرياض؛ حيث اجتمعت الفصائل اليمنية الموالية للحكومة والموالية للسعودية لمناقشة الجهود المبذولة لإنهاء الحرب.
وكان نفي هادي أبعده عن الأحداث على الأرض، حيث منعه داعموه السعوديون من العودة إلى اليمن ومدينة عدن الساحلية الجنوبية -المقر الجديد للحكومة المنفية -بزعم قضايا تتعلق بالسلامة. كما قوّض نفوذ الإمارات حكم هادي في المناطق الخاضعة شكليًا لسيطرته؛ حيث دربت أبوظبي وموّلت وسلحت ميليشيات في اليمن وأقامت السجون.
أخيرًا: أصبح لليمن مدعاة للأمل
قال نيفيل تيلر [2] في موقع جيروزاليم بوست إن الهدنة التي دامت شهرين بين الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية اليمنية، بوساطة الأمم المتحدة في 2 أبريل، سرعان ما أعقبها عمل محسوب لتحقيق نهاية دائمة للأعمال العدائية، وحتى بدء برنامج إعادة الإعمار.
وفيما يتعلق بالرئيس “هادي” قال تيلر إنه لم يرتقِ إلى مستوى التحدي المتمثل في كونه زعيمًا في زمن الحرب. لقد كان رئيسًا صامتًا تحدث إلى شعبه أمام الكاميرا بضع مرات فقط. عندما تولى هادي الرئاسة عام 2012، كان من المفترض أن يظل في السلطة لمدة عامين، ويكون بمثابة انتقال إلى ديمقراطية يمنية كاملة وشاملة. لقد أثبت خيبة أمل حزينة، ولم ينعَ كثير من اليمنيين نهاية فترته في السلطة.
أما المجلس القيادة الرئاسي الجديد، فإن بذور الشقاق قد زُرعت بالفعل داخله. أحد الأعضاء الثمانية هو عيدروس الزُبيدي، الذي يدعم استقلال جنوب اليمن ويصف نفسه رئيسًا له.
يتعيّن على المجلس الجديد، حتى تتكلل جهوده بالنجاح، تنحية خلافاته جانبًا، والتضافر من أجل مصالح اليمن ككل. من الواضح أنه حاز على ثقة السعودية والإمارات، ومن المرجح أن مهمة إنفاق 3 مليارات دولار لتحقيق أفضل تأثير ستشغل قدرًا كبيرًا من وقته واهتمامه.
وقال تيلر إن ما يحتاجه اليمن هو انتخابات، وحكومة شاملة وهيكلة جديدة للدولة. يهدف قرار الأمم المتحدة رقم 2216 إلى إرساء الديمقراطية في يمن موحد اتحاديًا. يجب منح الحوثيين الفرصة للاختيار.
لكن هل يرغب الحوثيون في البقاء ميليشيا خارجة عن القانون بشكل دائم أو حزبًا سياسيًا شرعيًا قادرًا على خوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمشاركة في الحكومة؟ سيكون الثمن هو المشاركة الجادة في مفاوضات تهدف إلى انتقال سلمي وحل سياسي ليمن موحد.
كيف يخدم وقف إطلاق النار في اليمن السعودية وإيران
قال شاحر كلايمان [3] في صحيفة إسرائيل هيوم إن الهدنة في اليمن فتحت نافذة من الفرص في الرياض لاستئناف الحوار مع طهران بعد تأجيل الجولة الخامسة المقرر إجراؤها في مارس، إثر إعدام جماعي لـ 81 شخصًا بينهم عشرات الشيعة.
وأضاف أن الرياض سعت للانتقام من استمرار هجمات الحوثيين على منشآتها النفطية، لكن هذه الوحشية لم تردع أحدًا، وبعدها تعرضت خزانات في جدة ومصفاة في الرياض للهجوم. الآن، يسمح الهدوء للطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
سارعت السعودية إلى الاستفادة من الهدنة؛ لإجراء تبديل للشخصيات في المعسكر الموالي لها في اليمن.
لكن وقف إطلاق النار يمكن أن ينهار في أي لحظة. قبل حوالي أسبوع، ألقى أطراف الحرب باللوم على بعضهم في تقدم القوات في محافظة مأرب. في العام الماضي، حاول الحوثيون السيطرة على المحافظة الغنية بالنفط والغاز، لكن التحالف السعودي كبح جماحهم. ومن المفارقات، أن شهيتهم بالتحديد هي التي يمكن أن تقوّض مصالح إيران للوصول إلى تفاهمات بشأن الأقلية الشيعية في السعودية، والتحرك نحو اتفاق نووي جديد.
منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي، رعت إيران الحوثيين عسكريًا، وماديًا، ومعنويًا. الآن يبدو أن الأحوال تبدلت.
فرصة إنهاء الحرب اليمنية
قالت عنبال نسيم لوفطون [4] ويوئيل جوزانسكي في موقع نيوز وان إن سلسلة من التطورات العسكرية والسياسية أفسحت المجال ظاهريًا لاتفاق يمكن أن ينهي الحرب في اليمن.
تنذر الهدنة، حتى لو كانت هشة، بهدوء مؤقت بعد تصعيد القتال في اليمن وما ورائه -في السعودية والإمارات -وحظيت بدعم إيران، حليف الحوثيين.
تاريخ جهود المصالحة والهدن، بوساطة محلية ودولية منذ بداية الحرب، يظهر أن فرص نجاح الخطوة الحالية ليست كبيرة. إضافة إلى ذلك، يبدو أن إجراءات بناء الثقة بين الطرفين واقتراحات التسوية، بما في ذلك تخفيف الحصار وتبادل الأسرى، لم تختلف عما كانت عليه في الماضي. ويمكن أن نلمس ذلك في العرض الذي اقترحته السعودية على الحوثيين قبل نحو عام، وفي “اتفاقية ستوكهولم” لعام 2018، والتي تشير إلى أن الطريق إلى وقف إطلاق النار في اليمن ممهد باتفاقات وتفاهمات لم تتحقق.
والأسباب التي دفعت الأطراف الآن إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار في ظل الظروف الحالية:
- الانتقاد الدولي لمساهمة السعودية في الكارثة الإنسانية في اليمن كان له تأثير حاسم على رغبتها في إنهاء الحرب.
- زيادة هجمات الحوثيين على أهداف استراتيجية في السعودية.
- صعوبة إقامة نظام دفاع فعال ضد الصواريخ والطائرات المسيرة، وعدم القدرة على الحسم العسكري بشأن الحرب.
- الاتصالات الدائرة بين طهران والرياض.
- خسائر الحوثيين التي ألحقتها القوات الموالية للإمارات في منطقة مأرب.
- من المحتمل أن يكون ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أعقاب الحرب في أوكرانيا، والذي أضر بالسكان الخاضعين لسيطرة الحوثيين، قد أجبرهم على الموافقة على وقف إطلاق النار.
إن استقالة هادي، ووقف هجمات التحالف بقيادة السعودية، إلى جانب التسهيل والوعد بتقديم 3 مليارات دولار كمساعدات للخليج، تدل على الدافع السعودي لإنهاء القتال. هذه التطورات، ولا سيما إنشاء مجلس يوحد معظم عناصر القوة في اليمن، قد تعيد الحوثيين إلى طاولة المفاوضات.
لكن ليس من المستبعد أن يستغل الحوثيون وقف إطلاق النار لزيادة قوتهم، وفي نهاية الأمر استئناف هجومهم على مأرب الغنية بالنفط، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي لتوزيع موارد الدولة. في حالة انهيار وقف إطلاق النار، سيُطلب من أعضاء المجلس الرئاسي العمل كائتلاف حربي.
السعودية تأمل أن يمنحها اتحاد القوى السياسية ولأول مرة ميزة في المفاوضات مع الحوثيين، وفي حال انهيار المحادثات سيساعد الاتحاد في الجهود القتالية ضد الحوثيين. وقدرة المجلس الموحد على العمل بالتعاون بين مكوناته يشكل تحديًا في حد ذاته، لأن أعضاءه يمثلون قوى مختلفة قاتلت بعضها في الماضي ولكل منها رؤية مختلفة لمستقبل اليمن.
نفوذ إيران على الحوثيين محدود بالنسبة لتأثيرها على حزب الله، على سبيل المثال، ولكن بمساعدتها أصبحوا لاعبًا مهمًا خارج اليمن مع تحسين قدراتهم العسكرية؛ إذ سمحت لهم بمواجهة قوتين إقليميتين -السعودية والإمارات. كما هدد الحوثيون بإلحاق الأذى بإسرائيل التي يزعمون أنها تعمل ضدهم. ورغم ترحيب إيران باتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه قد يقوض فرص التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب؛ إذ ترى أن مساعدة الحوثيين هي وسيلة ضغط فعالة على جيرانها المنافسين، وفي الوقت نفسه تنخرط معهم في حوار: فهو يسمح لها بتهديد الممرات المائية الهامة، ورموز الدولة، والمرافق الاستراتيجية الخاصة بهم. في الوقت نفسه، تستعين إيران بالحوثيين، حتى تتمكن من الضغط على الغرب الذي يسعى للتوصل إلى اتفاق نووي معها، وفي الوقت نفسه إنهاء الحرب في اليمن.
وفقًا لتقديرات دول الخليج، فإن تجديد الاتفاق النووي سيحسن قوة إيران ومواردها، في حين يزيد من تدهور وضعها الأمني. وبالتالي، فإن التسوية طويلة الأمد في اليمن مع الحوثيين، والتي لديها القدرة على دق إسفين بينهم وإيران، هي مصلحة سعودية واضحة. من ناحية أخرى، ستجد إيران صعوبة في التوقف التام عن دعمها للحوثيين، حتى لو توصلوا إلى اتفاق، بينما سيجد الحوثيون من جانبهم صعوبة في التخلي عن الاتصال بهذا الحليف المهم، بالتأكيد في مواجهة الكثير من التأثير السعودي على السياسة اليمنية.
ماذا يحدث في اليمن؟
تناول موقع نتسيف الإخباري العبري تقريرًا حول مجريات الأحداث في اليمن وأشار إلى أنه ربما قد لا نسمع أخبارًا عن هجمات جديدة للحوثيين على البنية التحتية المدنية في السعودية، لكن هذا لا يعني أن المنطقة هادئة، واليمن نعم بالاستقرار والسلم احتفاءً بشهر رمضان.
يستمر الحوثيون، من جهتهم، في سلوكهم المعتاد، الذي يتمثل في:
- مواصلة قتل اليمنيين الذين يقبعون تحت حكمهم، وبالطبع يتوقف إطلاق النار أينما ومتى يناسب هذا الحوثيين والإيرانيين.
- استمرار جني الأموال متى كان ذلك ممكنًا، ودخول 18 ناقلة نفط إلى ميناء الحديدة سوف يُربح مليشيات الحوثي مليارات الريالات اليمنية.
- بيع الأدوية التي أدخلتها منظمات الإغاثة والأمم المتحدة مؤخرًا إلى اليمن، تحت رعاية وقف إطلاق النار، بدلًا من الوصول إلى مستحقيها على أنها تبرعات لمساعدة اليمني المحتاج.
- الاستمرار في ابتزاز أصحاب المحلات في مناطق سيطرة الحوثيين، وعلى سبيل المثال، يقومون بحملة ابتزاز منظمة في محافظة “إب”. [5]
- جني الأرواح وليس المال فقط، على سبيل المثال، يستمر الحوثيون بمهاجمة محافظة تعز بنيران القناصة، كما يستمرون في الهجوم على مواقع الجيش اليمني في محافظات مأرب، وصعدة، والجوف، والحديدة.
بسطت مليشيا الحوثي سيطرتها على مركز لدراسة وحفظ القرآن في ريمة، وهي محافظة صغيرة، ونهبت المكان. ثم أشعلت النار فيه، بما في ذلك مركز الدراسة، والمكتبة الصغيرة، والمسجد، وحدث ذلك في منتصف شهر رمضان، وإذا تساءلت عن السبب، فالجواب بسيط جدًا: ينتمي المكان إلى التيار السلفي، وهو غير مناسب حقًا للحوثيين.
هل تريد مزيدًا من النماذج على الحياة السلمية لبلد مفكك تحت رعاية التدخل الإيراني؟
- تسلمت عائلة يمنية جثة ابنها الذي اختطفته المليشيات في مدينة حجة قبل يومين من بداية شهر رمضان، ولا يعرف أحد سبب اختطافه؟ أو في أي سجن احتُجز وبأي ذنب؟ وبالتالي فإن عائلة القتيل ليس لديها إجابات.
- دخل مسلح منزل أحد الصحفيين وهدد بقتل أفراد الأسرة في مدينة عدن.
- سرق شخص مسلح مسجدًا في حضرموت، نعم سرقة مسجد في شهر رمضان!
وأخيرًا كلمتين عن الأخبار السارة التي تظهر فقط مدى سوء الوضع في اليمن.
الكلمة الأولى:
أعلنت منظمة الصحة العالمية، بدء الاهتمام بسوء التغذية الذى يعاني منه 18 ألف طفل يمني. وعلى الرغم من أنه خبر جيد إلا أنه يحمل في طياته سوء الوضع في اليمن لأن الحوثيين تسببوا في مجاعة جماعية لما يقرب من نصف السكان، وتشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف يعانون من سوء التغذية، ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة هناك 17 مليون يمني في حالة مجاعة، ويعتمد تقريبًا مليون شخص على المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء.
لذلك منظمة الصحة العالمية، بمساعدة الحكومة السعودية وبرعاية الملك سلمان، بدأت في تدريب فرق في ثمانية مستشفيات في اليمن، ووفرت الأدوية والمعدات الحيوية لإنقاذ المصابين بسوء التغذية الحادة، ويقدر عددهم ب 18 ألف دون سن الخامسة، وقد يتلقون العلاج.
ولكن هناك عشرات الآلاف غيرهم ممن لا يتلقون العلاج، ومنهم أطفال دون سن الخامسة وما فوقها، فضلًا عن البالغين.
لكن الأهم أن الأمم المتحدة حصلت على فرصة لالتقاط صور تبدو جميلة، وأعتقد أن هذه الصور سنشاهدها في مقالات في وسائل الإعلام في العالم المستنير، والتي ستستمر في تجاهل الفظائع التي ارتكبها الحوثيون وأدت إلى تدهور اليمن.
والعالم المستنير سوف يبدي انزعاجه بمنظر رضيع يمني يحتضر بسبب الجوع، وسيستمر في تجاهل كل الشرور التي يرتكبها الحوثيون في اليمن، لأنه اليمن، البعيد، ومن يهتم؟!
الكلمة الثانية:
بالأمس، خاطبت تسع منظمات حقوقية المبعوث الخاص إلى اليمن بدعوة حماسية، طالبت فيها هانز غروندبرغ بالضغط على الحوثيين لتسليم خرائط حقول الألغام التي زرعها الحوثيون في جميع أنحاء اليمن.
وقالت المنظمات المهتمة بحياة اليمنيين في رسالة إلى المبعوث إنها ترى في تسليم خرائط حقول الألغام “بوابة مركزية للسلام” في اليمن، وهو أمر يضمن الأمن والاستقرار الحقيقي للجميع.
جدير بالذكر أن الحوثيين حولوا اليمن إلى حقل ألغام واحد ضخم، وخلال سنوات الحرب، قُتل بالفعل ألوف بسبب الألغام والمتفجرات. تشير التقديرات المنخفضة إلى مقتل حوالي 4 آلاف شخص، وجرح حوالي 6 آلاف آخرين.
وسوف أشير إلى أن حقول الألغام تمنع زراعة الحقول الزراعية في العديد من الأماكن، وفي اليمن يوجد مئات الآلاف من القرويين لا يستطيعون زراعة حقولهم، وبطبيعة الحال سأذكر أن مثل هذا الشيء يؤدي إلى تفاقم النقص الحاد في الغذاء باليمن.
لذلك ربما يكون في خطاب المنظمات اللطيفة قليلًا من الضجيج (ربما!)، وسيستمر الحوثيون في سلوكهم المعتاد، وربما يقدمون خريطة جزئية، ومن ناحية أخرى سيستمرون في زرع الألغام.
والعالم المستنير سوف يعبر عن عدم إعجابه مرة أخرى، لأن الألغام ليست لطيفة، وسيواصل عمله المعتاد، لأنها اليمن، ومن يهتم!
لذلك إذا سأل أي شخص عن صمود هدنة وقف إطلاق النار، فإن الإجابة هي لا، وسأشير إلى أن هذا هو أول وقف لإطلاق النار منذ عام 2016، وهذا ليس بسبب أنه لم تكن هناك محاولات لإحضار الأطراف إلى وقف إطلاق النار.
وإذا سألتم هل سنشهد انهيار وقف إطلاق النار واستمرار القتال؟ أقول أنه من المحتمل أن هذا ما سنراه في المستقبل القريب.
واشنطن تعلن تشكيل قوة مهام في البحر الأحمر
ذكر موقع معاريف أن البحرية الأمريكية أعلنت أنها ستنشئ قوة مهام جديدة مع حلفائها لتسيير دوريات في البحر الأحمر. هذا القرار اتُخذ بعد سلسلة من الهجمات المنسوبة إلى الحوثيين في الممر المائي الأكثر حيوية للتجارة العالمية، في حين رفض قائد الأسطول الخامس لسلاح البحرية الأمريكية “براد كوبر” التعليق على أن القوة تشكلت في أعقاب أعمال منظمة إرهابية شيعية- زيدية تدعمها إيران.
حتى الآن، لم تعلن إسرائيل عن خطط للانضمام إلى فرقة العمل الجديدة، على الرغم من إجراء تدريبات مع الأسطول الأمريكي، والإمارات، والبحرين في نوفمبر الماضي.
ورفض كوبر الإفصاح عما إذا كانت إسرائيل قد أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى القيادة المشتركة.
وكان الحوثيون قد استولوا في يناير الماضي على السفينة روابي، التي ترفع العلم الإماراتي في البحر الأحمر قبالة اليمن. زعم التحالف الذي تقوده السعودية أن السفينة كانت تحمل معدات طبية من مستشفى ميداني سعودي. نشر الحوثيون، من جانبهم، مقطع فيديو يظهر قوارب مطاطية ذات طراز عسكري، وشاحنات، ومركبات أخرى على متن السفينة، إضافة إلى البنادق.
وفي السياق ذاته، تناول موقع إسرائيل هيوم انتقاد الحوثيين فرقة العمل الجديدة بقيادة الولايات المتحدة، وقال محمد عبدالسلام كبير المفاوضين والمتحدثين باسم الحوثيين، إن التحرك الأمريكي في البحر الأحمر، الذي يتزامن مع وقف لإطلاق النار في الحرب الأهلية التي تمر البلاد، يتناقض مع ادعاء واشنطن بدعم الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة.
هل الشرق الأوسط بصدد حلف ناتو جديد؟
قال هنريك زيمرمان [6] في miryaminstitute إن هجمات الحوثيين على دول الخليج كانت بمثابة إنذارًا أخيرًا، وتمثل بذور ترتيب دفاعي إقليمي جديد، على غرار حلف الناتو، يمكن أن يتبلور في السنوات المقبلة. يمكن أن يبدأ الاتفاق بين إسرائيل والعديد من الدول بجهد مشترك لمواجهة الطائرات دون طيار الانتحارية.
وأضاف أن الحوار الجاري بين إسرائيل، والإمارات، السعودية، ودول أخرى يمكن أن يؤدي إلى وضع يمكن أن تنبه فيه كل دولة ترصد خطر هجوم الطائرات دون طيار على دولة أخرى وتساعد في منع الهجوم. ويمكن تمديد نفس التعاون للتعامل بشكل جماعي مع تهديدات الصواريخ الباليستية.
وفيما يتعلق بالحوثيين قال زيمرمان إنهم انضموا الآن إلى خريطة التهديدات لإسرائيل من الجنوب البعيد. وتساءل، هل يمكنهم استهداف إيلات، وهل تهديداتهم بضرب إسرائيل ذات مصداقية؟ هل تواجه إسرائيل الآن “حزب الله الجنوبي” الجديد؟
إسرائيل تعتاد على هذا الاحتمال، وبدأت في جمع معلومات استخباراتية عن الحوثيين، على الرغم من عدم وجود صلة لها باليمن في الماضي.
الحوثيون لم يهاجموا إسرائيل بعد، التي تبعد عنهم بحوالي 2000 كيلومتر، لأنها في ذيل قائمة أولوياتهم، ويفضلون الاعتماد على الخطاب العدائي بدلًا من ذلك. لكن هجومهم من شرق اليمن على الإمارات -التي تبعد 1600 كيلومتر -بأسلحة دقيقة، هو مؤشر على مدى نمو القدرة الهجومية للحوثيين.
وفي سياق متصل قال يوني بن مناحيم [7] في المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة إن مصادر أمنية في إسرائيل ذكرت أنه يجري حاليًا إنشاء تحالف إقليمي جديد يضم الولايات المتحدة، وإسرائيل، وعدة دول خليجية، وأخرى عربية لإنشاء نظام إنذار لتعقب واعتراض الطائرات المسيّرة التي يستخدمها وكلاء إيران في الشرق الأوسط.
وقال بن مناحيم إن حقيقة وضع الحوثيين دولة الإمارات إلى دائرة التهديد ومهاجمتها بطائرات مسيّرة انتحارية يساهم في تسريع هذه العملية، وأن عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية تسهل إنشاء هذا التحالف الدفاعي الجديد.
التجويع كسلاح حرب
استعرض شموئيل لدرمان [8] في منتدى التفكير الإقليمي ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرًا حول الحرب في اليمن، لافتًا إلى أن المشاهدين والقراء سيجدون صعوبة في التعلم من الرواية بأن السعودية هي الجاني الرئيسي للعدد الهائل من الضحايا في اليمن.
في بداية الحرب، بعد أن أدركت السعودية أنها لن تتمكن من هزيمة الحوثيين في القتال، لجأ التحالف بقيادتها إلى استراتيجية تجويع جماعي من خلال فرض حظر على ميناء الحديدة، الذي يمر من خلاله أغلب المواد الغذائية والواردات إلى اليمن، فضلًا عن القصف المتكرر على المزارع.
وقال لدرمان إن عدة تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، وخبراء في الشأن اليمن وثقت استراتيجية التجويع المتعمدة. التقرير الأكثر تفصيلًا حول هذا الموضوع صدر في سبتمبر الماضي عن منظمة مواطنة، إحدى أهم منظمات حقوق الإنسان في اليمن، الذي خلص إلى أن “أعضاء التحالف… يعتزمون استخدام التجويع كأسلوب حرب”.
وقال لدرمان إن النتيجة المحتومة لهذه الاستراتيجية هي الموت الجماعي في اليمن بسبب الجوع والأمراض التي يمكن الوقاية منها. يمكن وصف ما فعلته السعودية في اليمن في السنوات الأخيرة بأنه إبادة جماعية للشعب اليمني، ولكن سيكون من الصعب تعلم ذلك في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
لا شك أن إدانة الحوثيين تتسم بقدر كبير من العدل. كما يستخدم الحوثيون التجويع كسلاح في الحرب والعديد من الوسائل الإجرامية الأخرى، مثل: تجنيد الأطفال في الحرب، وقتل الأبرياء، وزرع ألوف الألغام في جميع أنحاء اليمن وأكثر من ذلك.
وقدم روعي كايس سردًا مثيرًا للاهتمام حول أسباب الحرب والكارثة الإنسانية. وقال إن الحوثيين مجرد وكلاء إيرانيين في اليمن، كما أنهم “يضغطون على الزناد” فقط عندما تمسك إيران بالسلاح، والحرب هي في الواقع بين السعوديين والإيرانيين. مشيرًا إلى العدد المذهل للضحايا في اليمن، والمجاعة الجماعية التي لا تزال تنتشر هناك.
ويعرّج كايس على طموحات الحوثيين المزعومة لاحتلال -ليس فقط السعودية -الأردن وإسرائيل في الوقت الذي تحاول فيه دول الخليج “تهدئة الوضع بالوسائل الدبلوماسية”.
وبطريقة أبعد قليلًا، أوضح تسفي يحزقيلي [9] أن الحرب الوحشية في اليمن مستمرة منذ 15 عامًا وأن الحوثيين سيطروا على اليمن بمساعدة إيران لأنهم شيعة رغم أن معظم اليمنيين من السنة. العدد الهائل من الضحايا، جاء نتيجة استخدام إيران نموذجها المعتاد في اليمن لتدمير البلاد.
كما تبرز رواية مماثلة للمعلّق بن درور يميني [10] مؤخرًا في صحيفة يديعوت أحرونوت حول الحوثيين، وكلاء إيران، الذين يزرعون الدمار والخراب في اليمن.
- محلل شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة “هاأرتس”، عمل سابقًا كمبعوث للصحيفة في واشنطن. ويحاضر “برئيل” في كلية “سابير”، وجامعة “بن غوريون”، ويبحث في سياسة وثقافة الشرق الأوسط. نال عام 2009 جائزة “سوكولوف” على إنجازاته.
- ولد في لندن، وتلقى تعليمه في جامعة أوكسفورد، يعلق على المشهد السياسي في الشرق الأوسط منذ 35 عامًا، ونشر خمسة كتب حول هذا الملف.
- شاحر كلايمان: صحفي ومحرر في موقع “إسرائيل هيوم”، وهو باحث ماجستير في دراسات الشرق الأوسط في جامعة “بار إيلان”.
- حصلت على ماجستير في الدراسات الشرق أوسطية وأفريقيا بجامعة تل أبيب. عملت محاضرة في قسم التاريخ والفلسفة والدراسات اليهودية في الجامعة المفتوحة عام 2007، كما عملت في قسم التدريس والتعليم الأكاديمي في نفس الجامعة. وتتركز أبحاث “عنبال نسيم” في منتدى التفكير الإقليمي حول اليمن الحديث، والعلاقات القبلية، والنظام في اليمن، والنساء في الشرق الأوسط.
- تعرف محافظة إب عند يهود اليمن باسم محافظة بعدان، ومنها جاء اللقب “بعداني” الذي اشتُهر به بعض مهاجري يهود اليمن.
- صحفي تظهر كتاباته بانتظام في المنشورات الإعلامية في أوروبا، والولايات المتحدة، وأمريكا اللاتينية، وإسرائيل. يحاضر بخمس لغات. غطى هنريكي الشؤون الجارية في الشرق الأوسط لأكثر من 30 عامًا.
- إعلامي اسرائيلي. ولد في القدس في عام 1957. والتحق بسلاح المخابرات في الجيش الإسرائيلي. درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل مراسلًا في صوت إسرائيل بالعربية عام 1983، واعتمد مراسلًا لشؤون الضفة الغربية في القناة الأولى.
- زميل باحث في منتدى التفكير الإقليمي. يُدرِّس في قسم التاريخ والفلسفة، والدراسات اليهودية في الجامعة المفتوحة، وفي البرنامج الدولي لدراسات الهولوكوست في جامعة حيفا.
- معلق مختص بالشؤون العربية في القناة 13 العبرية. من مواليد 1970، حاصل على درجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط والإسلام من الجامعة العبرية. عمل مراسلًا في إذاعة “جالي تساهل” التابعة للجيش الإسرائيلي عام 1997، ثم عمل لفترة قصيرة في القناة الأولى الإسرائيلية.
- صحفي إسرائيلي من مواليد 1954 من أصول يمنية، يعمل حاليًا في صحيفة معاريف اليومية.