اهتم الإعلام ومراكز الدراسات العبرية بالتقارير التي تحدثت عن نشر الحوثيين قواعد صاروخية ومنصات لإطلاق طائرات مسيّرة استعدادًا للهجوم من البحر على المناطق الساحلية الغربية لليمن واستهداف ممرات الملاحة الدولية.
كما تناولت الاستثمارات التي توقعها الشركات الإماراتية مع الحكومة اليمنية وخاصة في مجالي الطاقة الشمسية والموانئ، إضافة إلى رصده معاناة المرأة اليمنية على جميع الأصعدة خلال الحرب، وفي ظل القيود التي يفرضها الحوثيون.
ويترجم مركز صنعاء بشكل دوري ومستمر أبرز التقارير والمقالات التحليلية العبرية بوصفها جزءًا من اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.
آمال اليمن في مستقبل سلمي تتلاشى بعيدًا
تناول نيفيل تيلر [1] في موقع جيروزاليم بوست صورًا عرضتها جمعيات خيرية لأطفال يمنيين ورضع بأجساد نحيلة وعينين شاحبتين، حرفيًا، كانوا يموتون من الجوع، وذلك بالتزامن مع عيد رأس السنة “الكريسماس”.
وقال إن اليمن ماتزال واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. بعد مرور ثمانِ سنوات من الصراع، يحتاج حوالي 23.4 مليون شخص إلى المساعدة، من بينهم حوالي 13 مليون طفل. بحلول أواخر عام 2022، كانت أزمة الجوع الشديدة بالفعل في اليمن تتأرجح على شفا كارثة حقيقية. يعاني حوالي 2.2 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية، أكثر من 500 ألف منهم بسبب سوء التغذية الوخيم.
بزغ أمل حقيقي في إنهاء الصراع من أبريل/ نيسان حتى أكتوبر/ تشرين الأول؛ حين أبرم المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز غروندبرغ هدنة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها بشق الأنفس. مُددت الهدنة مرتين، ما أدى إلى أطول فترة استقرار في اليمن منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2014. في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، خفت هذا الاحتمال، حين رفض الحوثيون تجديدها.
لطالما كانت الهدنة بمثابة تسوية هشة، وعند انتهاء التمديد الحالي، أصبح الوضع غير مستقر للغاية بحيث لا يمكن استمراره. ازدادت انتهاكات وقف إطلاق النار، وتوقفت المحادثات الرامية إلى إعادة فتح الطرق المحلية، ولم يكن هناك اتفاق حول كيفية استيفاء رواتب موظفي القطاع العام، الذين لم يُعوض الكثير منهم كما ينبغي لسنوات.
في الساعات التي سبقت الموعد النهائي، هدد المتحدث العسكري للحوثيين، يحيى سريع، شركات النفط الخاصة التي ما تزال تعمل في البلاد بالاستيلاء على منشآتها إذا لم تغادر، وغر|ّد لاحقًا أن النفط والغاز ملك للشعب اليمني ويمكن استخدامه لدفع رواتب الموظفين الحكوميين.
كيف تبدو التسوية السلمية في اليمن؟
قال تيلر إن التسوية السلمية الدائمة في اليمن تواجهها عقبتان رئيسيتان: يشعر الحوثيون، المدعومون بأسلحة إيرانية متطورة، بقوتهم بشكل متزايد، بينما التحالف الذي يقاتلهم ممزق بسبب الصراع الداخلي.
في المرحلة المبكرة من الهدنة، نقل الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي صلاحياته إلى مجلس القيادة الرئاسي المؤلف من ثمانية أعضاء، والأخير أدى اليمين في 17 أبريل/ نيسان. يرأس المجلس، رشاد العليمي -الذي مُنح صلاحيات واسعة النطاق -وشمل في عضويته عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي.
هذه التسوية تضم التحالف المناهض للحوثيين، لكنها في الوقت نفسه تعزز الانقسام داخله. تسعى المحافظات اليمنية الجنوبية للحصول على حكم ذاتي، أو حتى انفصال تام، عن الحكومة اليمنية المعترف بها. في أغسطس/ آب استولت الجماعات المسلحة، بدعم من الإمارات، على حقول النفط والغاز الحيوية الجنوبية التي يسيطر عليها حلفاء مفترضون داخل التحالف الذي تقوده السعودية. وأسفرت الاشتباكات بينهم وقوى أخرى من داخل التحالف عن مقتل العشرات.
في 13 أكتوبر، مع انتهاء وقف إطلاق النار، قدم غروندبرغ تقريرًا إلى مجلس الأمن الدولي. أوضح أنه منذ انتهاء الهدنة واصل “جهوده الحثيثة لإشراك الأطراف، وكذلك الشركاء الإقليميين والدوليين، بشأن خيارات تجديد الهدنة. قال “أنا شخصيًا أعتقد أنه لا تزال هناك إمكانية للأطراف للتوصل إلى اتفاق”.
ولفت تيلر إلى أن هذا الاحتمال يبدو مستبعدًا في ظل الظروف الحالية؛ لقد انغمس اليمن في حالة جديدة من عدم اليقين وتزايد خطر نشوب حرب. في 21 أكتوبر/ تشرين الأول، قالت الحكومة اليمنية إن قواتها اعترضت طائرات مسيّرة إيرانية مسلحة أطلقتها جماعة الحوثيين على ناقلة النفط نيسوس أثناء استعدادها للرسو في ميناء الضبة النفطي. كان من المقرر أن تحمل مليوني برميل من النفط الخام. في هذه الحالة، جرى اعتراض الطائرات دون طيار أثناء تحليقها، ولم تتضرر المحطة أو الناقلة.
وصفت جماعة الحوثيين، التي تسيطر على قطاع كبير من غرب اليمن، الهجوم بأنه تحذير لمنع السفينة من “تهريب” النفط الخام من الميناء، وحذرت كافة شركات النفط من “الامتثال الكامل لقرارات السلطات في صنعاء، وتجنب المساهمة في نهب الثروات اليمنية”. صنعاء هي عاصمة اليمن، استولى عليها الحوثيون عام 2014 وسيطروا عليها منذ ذلك الحين.
يبدو أن الأشهر الستة من الهدنة، من أبريل إلى أكتوبر 2022، كانت فترة وجيزة للتنفس في خضم صراع لا ينتهي، ضحاياه الرئيسيون هم الشعب اليمني البائس. في الوقت الذي تواصل إيران تزويدها بالأسلحة المتطورة باستمرار، يعتقد الحوثيون أن لديهم فرصة للإطاحة بالحكومة والسيطرة على كل اليمن، ويبدو أن مناشدة الجماعة للتفاوض على هدنة جديدة محكوم عليها بأنها لن تلقَ آذانًا صاغية. في غضون ذلك، فآمال اليمن في مستقبل سلمي تتلاشى بعيدًا.
جماعة الحوثيين تنشر قواعد صاروخية ومنصات لإطلاق طائرات مسيّرة في شمال اليمن
تناول موقع نتسيف نت تهديد جماعة الحوثيين بشن هجوم من البحر على المناطق الساحلية الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
ونقل عن موقع “الساحل الغربي” اليمني، ما أورده نقلًا عن مصادر عسكرية إن جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، نشرت قواعد صاروخية ومنصات لإطلاق طائرات مسيّرة في المناطق الخاضعة لسيطرتها بمحافظة الحديدة، بالتزامن مع تدفق تعزيزات عسكرية لها، وتنظيمها حملة تجنيد جديدة للمقاتلين الجدد لزيادة قواتها على جبهات القتال هناك.
ورأت المصادر في هذه الاستعدادات تصعيدًا يهدف إلى تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وسبيلًا للتهرب من تحقيق السلام، وإفشال المساعي الدولية لتجديد الهدنة.
جماعات حقوق الإنسان تحث الحوثيين على إطلاق سراح نشطاء على شبكات التواصل
تناولت ديبي مونبلات في موقع جيروزاليم بوست ما أوردته صحيفة أراب نيوز بأن أكثر من 100 منظمة حقوقية ومنظمات مجتمع مدني في اليمن وقعت على عريضة مشتركة تحث الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على المطالبة بالإفراج عن أربعة نشطاء مؤثرين يمنيين على موقع يوتيوب جرى اعتقالهم بعد انتقادهم جماعة الحوثيين. وفي حين أنه من غير المحتمل أن تحقق هذه الجهود هدفها المتمثل في إطلاق سراح المؤثرين، يُعتقد أن اعتقالهم قد يأتي بنتائج عكسية.
كان أحمد حجر، أحد النشطاء على موقع يوتيوب من صنعاء، أول من اختُطف من هؤلاء المؤثرين أواخر ديسمبر/ كانون الأول، بعد أن نشر مقطع فيديو على قناته على يوتيوب ينتقد الجماعة؛ لفشلها في تخفيف وطأة الفقر، ورفعها الضرائب، والسماح بالفساد بين صفوفها.
وبعد أيام قليلة، اختُطف أيضًا ثلاثة مؤثرين آخرين هم: مصطفى المومري، وحمود المصباحي، وأحمد علاو بعد أن نشروا جميعًا مقاطع فيديو تدعم حجر وتدين اعتقاله. المومري لديه أكثر من مليوني مشترك على يوتيوب.
معاناة المرأة اليمنية في ظل القيود الحوثية
قال جاك بمبرتون الصحفي في موقع i24news إن تشديد القيود التي يفرضها الحوثيون على النساء في اليمن تحاكي الأنظمة الدينية في إيران وأفغانستان وتبدد آمال من يحلم بمواصلة حياته في أماكن أخرى.
وكان سكان ونشطاء قالوا إن الحوثيين فرضوا بشكل متزايد قيودًا على سفر النساء خلال الأشهر الثمانية الماضية. القيود المفروضة على حريات المرأة، هي قرارات مماثلة لما أصدرته حركة طالبان الأصولية في أفغانستان، وليست جزءًا من القانون اليمني، ويفرضها الحوثيون تعسفيًا من خلال توجيهات.
وقالت رضية المتوكل، الشريكة المؤسسة لمنظمة مواطنة اليمنية الحقوقية: “هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها قرار من جهة رسمية يقيّد حرية حركة المرأة”. وقد شكلت قيود السفر سابقة “خطيرة للغاية”. وتؤثر بشكل غير متناسب على النساء الموظفات.
رغم أن المجتمع اليمني محافظ للغاية إلا أنه سمح تقليديًا بمساحة للحريات الفردية. لكن هذا يتغير في ظل حكم جماعة الحوثيين التي تأسست بهدف الضغط لإقامة نظام ثيوقراطي.
فرضت جماعة الحوثيين، مؤخرًا، إجراءات صارمة على النساء اللواتي يسافرن دون “مَحرَم” -قريب ذكر -حتى داخل البلاد. وتُحرم النساء في معقل الحوثيين بمحافظة صعدة من وسائل منع الحمل إذا لم يكن لديهن وصفة طبية ولم يكن أزواجهن حاضرين، ولا يمكنهن التنقل بمفردهن بعد حلول الليل حيث تقوم قوة شرطة مكونة من النساء بفرض الانضباط.
ومع ذلك، فإن النساء في المدن الكبرى يقاومن. كانت الطالبة اليمنية عبير المقطري، من مدينة تعز جنوب غرب البلاد، تحلم بالدراسة في الخارج في مصر، لكنها مُنعت من مغادرة مطار صنعاء دون ولي أمرها. قالت: “حصلت على منحة دراسية في القاهرة، لكن الحوثيين لم يسمحوا لي بالسفر. اعتقدت أنه يمكنني محاولة السفر عبر مطار عدن (تسيطر عليها الحكومة)، لكن الحوثيين منعوني أيضًا من الوصول إليه”.
“بصفتي امرأة يمنية، أشعر أن جميع حقوقي وحريتي تُسرق مني”.
المرأة تدفع ثمن الحرب في اليمن
ذكر موقع هاآرتس أن اليمن، وفقًا للتراث الإسلامي، هو المكان الذي تأسست فيه مملكة غنية ومزدهرة منذ آلاف السنين تحت قيادة الملكة بلقيس (سبأ). من الصعب حاليًا، في ظل التدهور الخطير في وضع المرأة في اليمن بسبب الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ عام 2015، عدم الإشارة إلى هذه الحقيقة التاريخية.
منذ سنوات عديدة، اكتسبت المرأة في اليمن مكانة مرموقة، بينما تدنت حاليًا مكانتها أكثر من أي وقت مضى. أدى استيلاء قوات الحوثي على أجزاء كبيرة من اليمن في السنوات الأخيرة إلى فرض قيود صارمة على النساء لم تشهدها من قبل.
لفهم هذا التدهور، يجب على المرء أولًا معرفة خلفية الحرب والأطراف المتحاربة. الحوثيون جماعة سياسية وعسكرية سُميت على اسم زعيمها حسين بدر الدين الحوثي، وتمثل الزيديين، أحد فروع الإسلام الشيعي الذي يشكل أتباعه زهاء 30٪ من تعداد السكان في اليمن. منذ أكثر من عقدين، دار صراع محتدم بين الحوثيين ونظام علي عبدالله صالح، رئيس اليمن السابق الذي حكم البلاد لمدة 33 عامًا. أدى “الربيع العربي” عام 2011 إلى اعتزال صالح، وقتله الحوثيون عام 2017 في العاصمة صنعاء.
ترتبط خلفية الصراع وجولات القتال التي قادها صالح في مواجهة الحوثيين بأحداث وقعت في اليمن منذ فترة طويلة. أنهت الثورة التي اندلعت في شمال اليمن عام 1962 حكم الأئمة الزيديين المستمر منذ ألف عام، الذين يزعمون أنهم من نسل النبي محمد. اندلعت في أعقاب الثورة حرب أهلية في اليمن استمرت ثمانِ سنوات (1962-1970) وانتهت بانتصار القوى المناهضة للملكية، والتي كان صالح من بينها، وتأسست جمهورية في شمال اليمن. فرضت الحكومة المركزية الجديدة تمييزًا ضد الزيديين لأسباب دينية، وهمشتهم، وأهملت منطقة صعدة حيث تقع قاعدة نفوذهم، مما أدى إلى اضطرابات وتآزر الزيديين حول فكرة معارضة صالح والحكومة المركزية.
لا يمكن النظر إلى الأحداث في اليمن بمعزل عن التطورات الإقليمية، وفي مقدمتها الصراع طويل الأمد بين السعودية وإيران. بسبب الأهمية الجغرافية لليمن، وكونها “الفناء الخلفي” للسعودية، حرصت إيران، على مدى عقود، على ترسيخ نفوذها هناك، واستثمرت الكثير من الموارد لاكتساب ولاء القبائل المهمة. كان الصراع الذي اندلع بين الحوثيين والحكومة المركزية في “الربيع العربي” بمثابة فرصة لها لمزيد من التدخل في الصراع ومؤازرة الحوثيين. اعتبرت السعودية سيطرة الحوثيين في السنوات المنصرمة على مناطق شاسعة خطرًا ملموسًا، ولهذا شنت عملية عسكرية واسعة النطاق “عاصفة الحزم” في اليمن عام 2015، وهدفها المعلن هو تعزيز شرعية السلطة المركزية والقبائل الموالية لها ودحر الحوثيين. هذه الحرب مستمرة حتى يومنا هذا دون حسم. لقد تسبب في خسائر فادحة في الأرواح، كما أسفرت عن كارثة اقتصادية واجتماعية لليمن، وكانت النساء أحد ضحاياها الرئيسيين.
بعد “الربيع العربي”
على غرار الاضطرابات السياسية، شهد وضع المرأة في اليمن أيضًا اضطرابات عاصفة على مر السنين. الجمهورية التي نشأت في جنوب البلاد عام 1967 ومقرها مدينة عدن كانت ذات طابع ماركسي تقدمي. كان من الطبيعي أن يسن هذا النظام قوانين تضمن مشاركة المرأة في المجتمع، والاقتصاد، والسياسة. في الواقع، كانت قوانين الأسرة في جنوب اليمن هي الأكثر تقدمًا في الدول العربية، وتحسن وضع المرأة بشكل لا نظير له. من ناحية أخرى، كانت أوضاع النساء في الشمال سيئة، وعاشوا في ظل قيود صارمة -بعضها متأصل في التقاليد القبلية وتأثير القادة الدينيين المتطرفين، ويتمثل الآخر في قوانين النظام الشمالي.
شنت قوات صالح، في 1994، هجومًا على الجنوب -تحت تأثير حركة “الإخوان المسلمين” -وسيطرت عليها. أدى رحيل النظام في الجنوب إلى تراجع كل الإنجازات التي حققتها المرأة.
المحطة التالية في التسلسل التاريخي كانت بالفعل “الربيع العربي”. هناك مقالان نشرهما مؤخرًا موقع “درج” يصفان التدهور المستمر في أوضاع وحقوق المرأة في اليمن بعد عام 2011. المؤلفان صحفي وصحفية يمنية يعتقدان أن الحوثيين -بعد تثبيت سيطرتهم في صنعاء وغيرها من المحافظات -يحاولون إملاء أنماط سلوكية على النساء مماثلة لما في إيران.
أوضحت أفراح ناصر في مقالها أنه على الرغم من أن اليمن لم يشهد في أي وقت من تاريخه ولاية ذكورية تمنع المرأة من التنقل دون محرم، لكن الحوثيين أصدروا تعليمات لشركات النقل والميناء قبل بضعة أشهر بمطار صنعاء بعدم السماح لأي امرأة بالسفر دون محرم سواء داخل اليمن أم حال السفر للخارج. تضيف ناصر أن تقريرًا لمنظمة العفو الدولية، منذ حوالي ثلاثة أشهر، أفاد أن الحوثيين “يطبقون شرط المحرم من خلال توجيهات شفوية، رغم أن هذا الشرط لا يرد في القانون اليمني، وأن “نظام الحوثيين أصر، منذ أبريل/ نيسان، على اتباع شرط المحرم لتقييد حركة النساء في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال اليمن، بما في ذلك محافظات صعدة، وذمار، والحديدة، وحجة، وصنعاء.
مؤخرًا، التقت عبر الإنترنت مجموعة من نشطاء حقوق المرأة في اليمن وفي المهجر للحديث عن تجاربهم والمعاملة البشعة الذي حدثت في الأشهر الأخيرة. تحدثت النساء اللواتي يعشن في اليمن عن المعاملة البشعة والمهينة التي يتعرضن لها عند نقاط تفتيش الحوثيين. قالت إحداهن إنه لا يُسمح للنساء بالسير في الشوارع دون مرافقة محرم. طُلب من النساء في مدينة حجة، في بعض الحالات، الذهاب إلى المستشفى برفقة محرم. تحدثت محامية في الاجتماع عن قضية احتجز فيها الحوثيون امرأة لمدة ثلاثة أيام؛ لأنها حاولت السفر بدون محرم. قال فريق من الأمم المتحدة إن النساء اللائي يعبرن عن معارضتهن لحكم الحوثيين يتم إسكاتهن بكل الوسائل، بما في ذلك العنف الجنسي.
يؤيد الصحفي محمد علي محروس ما قالته أفراح ناصر في مقالته، ويوضح أنه قبل تولي الحوثيين زمام الأمور كان بإمكان النساء السفر بسلام بعد ملء استمارة تسمى “الموافقة وتصريح السفر”، والتي تتطلب من المرأة الحصول على موافقة محارم أسرتها بغض النظر عن أعمارهم. أما الآن، يلزم أصحاب شركات النقل، وفقا لتعليمات جديدة، أي سيدة تريد السفر أن تكون برفقة محرم. جرى هذا التغيير من خلال توجيه هاتفي، دون استخراج أي وثيقة رسمية خشية تسريبه إلى الإعلام.
وبحسب محروس، لا يقتصر التغيير فقط على تقييد الحركة. إنه في الواقع سلسلة من القيود التي فرضها الحوثيون منذ عام 2017 وتشمل أيضًا منع الوصول إلى الخدمات الصحية والطبية، وحظر العمل في العديد من المناطق، وفرض الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة. وخير مثال على ذلك هو إغلاق نادي نسائي في العاصمة صنعاء دون أي تفسير في آب/ أغسطس.
باءت كل المحاولات لإقناع السلطات بإعادة فتحه بالفشل، وتم التوضيح للوسطاء أن هناك تعليمات عليا بخصوص جميع المراكز والنوادي النسائية. حدث شيء مشابه أيضًا في حديقة مائية في صنعاء، حيث اعتاد النساء والرجال التنزه بشكل منفصل، عندما علموا بإلغاء الفترات الزمنية المخصصة للنساء. وذكر المقال أنهم يقدمون أنفسهم على أنهم حراس للفضيلة، ونقل عن شابة اسمها هناء التي وصفت ما يحدث بأنه محاولة لفرض النموذج الإيراني على العاصمة اليمنية، ومن ثم على جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين. ودعت هناء القيادة الحوثيين إلى تعلم الدرس من التطورات في إيران منذ مقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في سبتمبر 2022 لعدم ارتدائها غطاء الرأس.
في الوقت الذي يوجه فيه محروس وناصر نصف الانتقادات بشكل أساسي إلى الحوثيين، من المهم التأكيد على أن العنف ضد المرأة في اليمن منتشر على الصعيد الوطني ويشارك فيه معظم القوى السياسية والدينية. وبحسب تقرير نشرته منظمة “سام للحقوق والحريات” في آذار/ مارس، فإن كلا من القوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وقوات لا تخضع لسيطرتها ترتكب انتهاكات بحق المرأة. بعبارة أخرى، لا يقتصر انتهاك حقوق المرأة على الحوثيين فحسب، بل يرتكبه خصومهم أيضًا. يضاف إلى ذلك عوامل أخرى: موّلت السعودية، على سبيل المثال، المنظمات الإسلامية المتطرفة وأنشأت العديد من المساجد والمدارس الدينية في جميع أنحاء اليمن من أجل نشر الفكر الوهابي، الذي يعارض بشدة منح حقوق متساوية للمرأة. من بين رجال الدين البارزين في اليمن الذين لعبوا دورًا مهمًا في هذا المجال هو عبدالمجيد الزنداني، وهو رجل كان على اتصال بأسامة بن لادن، وجنّد العديد من اليمنيين للقتال في أفغانستان. كما يوجد تمييز ضد المرأة بين الأعداء اللدودين للحوثيين -القاعدة والسلفيين.
أوضاع وحقوق المرأة في اليمن
نشر موقع yoair دراسة حول أوضاع وحقوق المرأة في اليمن، وقال إذا قرأت عن نجود علي (أول طفلة مطلّقة في اليمن وهي في سن العاشرة عام 2008)، ربما تفهم ما يعنيه أن تولد فتاة في اليمن. في كل لحظة تعيش المرأة وتتنفس، تتحمل عبئًا ثقيلًا.
كانت المرأة في اليمن، بسبب جنسها، في وضع غير مؤاتٍ في مجتمع ذكوري للغاية. على الرغم من بذل الحكومة اليمنية جهودًا لتحسين حقوق المرأة في البلاد، إلا أن هناك العديد من العوامل التي تعيق هذا التقدم. وقد حُرمت المرأة اليمنية من الحقوق المتساوية مع الرجل؛ بسبب عدد لا يحصى من الأعراف الدينية والثقافية، إضافة إلى ضعف الحكومة اليمنية على تطبيق القوانين.
في الوقت الذي ما تزال المرأة تكافح فيه حاليًا، لعبت النساء أدوارًا رئيسية في المجتمع اليمني. حظيت بعض النساء في عصور ما قبل الإسلام وبداية الإسلام في اليمن بمكانة نخبوية المجتمع. على سبيل المثال، تظل ملكة سبأ مصدر فخر للبلاد، على الرغم من تشكيك بعض المؤرخين في وجودها. كما تعد شخصية الملكة أروى، حاكمة اليمن، من الشخصيات البارزة. حكمت الملكة أروى في البداية باعتبارها حاكمًا مشتركًا لأول اثنين من أزواجها، ثم انفردت بالحكم، من عام 1067 حتى وفاتها عام 1138. واشتهرت باهتمامها ومساهمتها في البنية التحتية التي أدت إلى ازدهار موثق في عهدها.
إذا نظرنا إلى الوراء بضع سنوات، يتضح أن المرأة في اليمن لم تحظَ بكثير من الحقوق الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية. على الرغم من أن المرأة حصلت على حق التصويت في عام 1967، ومنحت الحماية القانونية والدستورية في السنوات الأولى من وحدة اليمن (بين 1990-1994)، إلا أنها ما تزال تكافح لنيل حقوقها السياسية والمدنية الكاملة.
جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) وحقوق المرأة (1967-1990)
بعدما طردت القوات الاستعمارية البريطانية من اليمن في نوفمبر 1967، شكلت قيادة الجبهة القومية للتحرير الثوري في اليمن (National Liberation Front – NLF) حكومة ماركسية تقدمية مقرها عدن، التي كانت أيضًا مستعمرة سابقة للقوة الاستعمارية في جنوب اليمن. أدركت قيادة الجبهة القومية للتحرير، بعد حقبة ما بعد الاستعمار، أن الحرمان القائم على النوع الاجتماعي والواسع النطاق يمثل عقبة خطيرة في درب التنمية والتقدم في مجتمع قائم على المساواة. جرت محاولات لمعالجة الوضع الصعب، ومنها مواد دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لعام 1970 التي تعهدت بمشاركة واسعة للمرأة اليمنية في الدوائر الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية. سيضمن ذلك رفع قدراتهن التعليمية، والثقافية، والمهنية، والتقنية. حصلت النساء على حقوق التصويت بعد طرد القوى الاستعمارية من البلاد عام 1967.
ومع ذلك، ظلت النظرية شيئًا والممارسة شيئًا آخر. في الوقت الذي توقف فيه الدستور منح المرأة حقوقًا متساوية، استمرت النساء في التمثيل المزمن في حكومة جنوب اليمن. اتضح لقيادة الحكومة الثورية، وخاصة عبدالفتاح إسماعيل (الزعيم الماركسي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بين عامي 1969 و1980) أن التشريع وحده لم يكن كافيًا لإعلاء مكانة المرأة اليمنية.
أدى هذا الاعتراف والتنمية إلى خطوة مذهلة نحو حياة أفضل للنساء اللائي يعشن في جنوب اليمن. توسعت حقوقهم وترسخت في القطاع الخاص، لا سيما في شؤون الزواج. على سبيل المثال، في عام 1974 تم اقتراح قانون الأسرة الذي نص على أن الزواج هو عقد بين الرجل والمرأة، مبني على المساواة في الحقوق، والمسؤوليات، والتفاهم، والاحترام المتبادل.
يشير الباحثون إلى أنه إلى جانب قانون الأسرة التونسي، كان قانون الأسرة في اليمن هو القانون الأكثر تقدمًا بين الدول العربية. على الرغم من وجود تناقض واضح بين عدن والقرية الأكثر محافظة في اليمن والتي فرضت وتيرة التغيير، إلا أن القوانين، مثل القانون المذكور أعلاه، وفرت البنية التحتية القانونية. ومن الضروري تعزيز إعادة هيكلة ثورية للمجتمع حيث تكون المبادئ الأساسية هي المساواة الاجتماعية والجندرية. علاوة على ذلك، حاولت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أن تضع المرأة اليمنية في المناطق الريفية في الطليعة من خلال إنشاء الاتحاد العام للمرأة اليمنية. كان الاتحاد مسؤولًا عن حماية وتعزيز مصالح المرأة. وقدم الاتحاد دورات محو الأمية، والتدريب المهني، حتى يكون مثالًا أوسع للمجتمع على أنه يمكن وينبغي تشجيع النساء على المشاركة بشكل عادل ومتساوٍ في المجتمع.
الوصول إلى العدالة
وفقًا للمادتين 40 و41 من دستور الاتحاد اليمني لعام 1990، فإن جميع المواطنين سواسية أمام القانون. وينص على أن لكل مواطن الحق في الإسهام بالحياة الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية للبلد. ومع ذلك، ينتشر التمييز بين الجنسين في اليمن رغم القوانين.
تنشأ تعقيدات إضافية عند النظر في المادة 31 من الدستور. تتعارض المادة 31 مع المادة 40 التي تنص على أن: “النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجيه الشريعة وينص عليه القانون”. يبدو أن هذا يلغي المساواة التي يمنحها الدستور؛ لأن الشريعة بمثابة أساس. عندما تُقرأ الشريعة وتفسرها بشكل غير صحيح على وجه التحديد، فإنها تحد من الحقوق الأساسية للمرأة. اليوم، تؤكد العديد من الناشطات في اليمن أن للشريعة تفسيرًا آخر يمكن أن يشمل المرأة في الحياة السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية للبلد.
كما تحد بعض القوانين التمييزية من حقوق المرأة الأسرية. في اليمن، لا يمكن للمرأة أن تتزوج من أجنبي إذا لم تحصل على إذن من أهلها ومن الدولة. علاوة على ذلك، وفقًا لقانون الجنسية لعام 1990، لا يمكن للمرأة اليمنية نقل جنسيتها إلى أطفالها إلا إذا تطلقت أو توفى عنها زوجها، أو أصيب بالجنون. في مثل هذه الحالات، يحصل الأطفال على الجنسية بعد بلوغهم سن التاسعة عشرة. من ناحية أخرى، يحابي القانون الرجال اليمنيين. يمكن للرجل اليمني المتزوج من أجنبية نقل جنسيته إلى الأبناء. علاوة على ذلك، عند الطلاق، لا يتساوى الطلاق وشهادة المرأة مع الرجل اليمني. يحق للرجال في اليمن تطليق زوجاتهم في أي وقت دون إبداء أي مبرر.
في الوقت نفسه، يجب أن تمر المرأة بعملية تقاضي طويلة عندما يتعين عليها تقديم سبب لفسخ عقد زواجها. ترى المحكمة أن المرأة نصف شخص فقط، أي يتطلب شهادة امرأتين حتى تتساوى مع شهادة رجل واحد. بالإضافة إلى ذلك، تحظر المادة 45 (21) من قانون الإثبات لعام 1992 على النساء الإدلاء بشهادتهن في قضايا السرقة، أو التشهير، أو اللواط، أو الزنا.
هناك قوانين أخرى تميز ضد المرأة، مثل: قانون الأحوال الشخصية لعام 1992، وقانون العقوبات لعام 1994. ووفقًا لقانون الأحوال الشخصية، فإن المرأة مطالبة بمعاشرة زوجها، حتى لو كان ذلك ضد رغبتها، وبالتالي فهو يعد اغتصابًا إلا أنه قانوني في الزواج. هذا مخالف لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). كما أن العديد من أحكام قانون العقوبات تجعل النساء أكثر عرضة للعنف. ووفقًا للمادة 232 من قانون العقوبات، يُعاقب الرجال بعقوبات مخففة عند إدانتهم بارتكاب “جرائم القتل بدافع الشرف”. ينص القانون اليمني على أن القتل جريمة يعاقب عليها بالإعدام، لكنه يصبح مزحة عندما يفرض قانون العقوبات عقوبة السجن لمدة أقصاها سنة واحدة فقط في حالة جرائم القتل بدافع الشرف.
العنف القائم على النوع الاجتماعي
يتخذ العنف ضد المرأة في اليمن عدة أشكال، منها الزواج القسري، والاعتداء الجسدي والنفسي على أفراد الأسرة، والتحرش، والاعتداء الجنسي، والاغتصاب، والحمل القسري، وتعدد الزوجات، والحرمان من الخدمات الصحية والطبية، وتشويه الأعضاء التناسلية أو بتر الأعضاء التناسلية. نظرًا لأن الزواج القسري وختان الإناث جزءًا من الثقافة والتقاليد اليمنية، فلا يعدان من أشكال العنف. تظهر السجلات أن 94٪ من ختان الإناث لا يشرف عليه أطباء مؤهلون. وذلك لأن ختان الإناث ممنوع بأمر وزاري صادر عن وزير الصحة في المراكز الرسمية. لهذا السبب، يستمر الختان في المنازل في ظروف خطرة.
يفضل المجتمع اليمني بشكل كبير إنجاب الأطفال الذكور. هناك تسامح ملحوظ مع السلوك العنيف ضد الإناث. بخلاف إشكالات الأطفال الذكور، يتم تأديب ومعاقبة الفتيات بانتظام إذا حاولن تحدي السلوك الأبوي أو حتى الدفاع عن أنفسهن. هذه الإجراءات “التأديبية” ليست جزءًا من الثقافة اليومية في المنزل فحسب، بل أيضًا في المدارس، وأماكن العمل، والمؤسسات الاجتماعية. غالبًا ما تذكر وسائل الإعلام الوطنية والمحلية هذه الأحداث بطريقة تشجع على مثل هذا السلوك، مما يعزز الميل لمواصلة هذه الأعمال التمييزية والسلوك العنيف.
ولعل أكثر فئات النساء عرضة لهذا العنف في اليمن هن النساء الفقيرات، والريفيات، والمهمشات. إن ظروف الفقر المدقع لا تساعد على الإطلاق بل يعزز أشكال العنف التي تتعرض لها هؤلاء النساء، إضافة إلى اضطرارهم إلى القيام بمعظم الأعمال الجسدية والزراعية.
قوانين تمييزية
إن سن قوانين تمييزية يؤدي إلى تفاقم وضع المرأة في اليمن. وطبقاً للمادة 42 من قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 (1994)، فإن دية المرأة نصف دية الرجل، مما يؤدي تلقائيًا إلى تقليص حياة المرأة. في الأحداث التي تدور حول القتل الخطأ، يطالب القانون بتعويض مليون ريال يمني، أما لو قتلت أنثى فإن القانون ينص على أنه يجب دفع نصف ما يُدفع للرجل فقط.
في أواخر التسعينيات، أدت التعديلات التي أُدخلت على قوانين أخرى إلى التقليل من مكانة المرأة في اليمن. ومن الأمثلة على ذلك نسخة 1990 و1992 من قانون الأحوال الشخصية. وفقًا لنسخة عام 1998، كان الحد الأدنى لسن الزواج هو عام 1992. ولكن التعديل من عمر 15 هو استبدال الصياغة بشروط عامة، وبالتالي أضفى الشرعية على زواج القاصرات. تعترف المادة 1998 من قانون الأحوال الشخصية الحالي بصحة عقد زواج “الفتاة الصغيرة”، إلا إذا كانت الطفلة غير مستعدة للعلاقات الجنسية، أي حتى لو كانت الفتاة أقل من 15 عامًا، فقد تُجبر على الزواج إذا اعتُبرت جاهزة للعلاقات الجنسية. يتجاهل القانون تمامًا حقيقة أنه حتى لو كانت الفتاة تتمتع بالقدرة الجسدية والنفسية على ممارسة الجنس، فإن الاختيار يكون شخصيًا. ببساطة، تُجبر الفتاة على ممارسة الجنس، وبعبارة أبسط، تعتبر مستعدة للاغتصاب أثناء الزواج. قانون الأحوال الشخصية يحقق أيضًا العنف الأسري. على سبيل المثال، فإن المادة 15 من تعديل عام 1998 تطالب المرأة بطاعة زوجها. لذلك، وفقًا للقانون، لا يمكن للمرأة مغادرة منزلها دون إذن زوجها، وعليها ممارسة الجنس مع زوجها متى شاء.
الحقوق السياسية
كان للمرأة في اليمن، سواء في الماضي أو الحاضر، مشاركة محدودة في المجتمع. الرجال هم صانعو القرار الرئيسيين، سواء في منازلهم أم خارجها. لذلك كان تمثيل المرأة دائمًا محدودًا في السياسة. ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع النساء من محاولة إسماع أصواتهن من خلال المشاركة في الاحتجاجات والإضرابات السلمية. منذ عام 2011، كان هناك بعض التقدم لأن الانتفاضة زعزعت قاعدة مشاركة المرأة المحدودة في الشؤون السياسية. شكلت النساء قلب الاحتجاج وطالبن بحياة سياسية أفضل.
في عام 2014، مثلت النساء أكثر من ربع المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني. وبذلك، توصلت المرأة اليمنية إلى العديد من الاتفاقيات المهمة، مثل حصة 30٪ للمشاركة السياسية للمرأة، كما أن مؤتمر الحوار الوطني لم يكن خاليًا من العيوب أيضًا حيث تعرضت العديد من النائبات للتهديد العلني لمشاركتهن، كما تعرضن للاعتداء الجسدي في الشوارع.
اجتمعت العديد من نشطاء ومنظمات حقوق المرأة، مثل: منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، لتقديم الدعم للنساء وحركاتهن. لقد ضاعفوا جهودهم، وشجعوا النساء على المشاركة والنضال من أجل القضايا التي كانوا متحمسين لها. ومع ذلك، فإن التقدم الذي أحرزه مؤتمر الحوار الوطني قد أُلغي جراء تعليق المشاركة السياسية للمرأة إثر الصراع الدائر في اليمن.
الحقوق الاجتماعية والثقافية
تتمتع المرأة في اليمن بمكانة متدنية للغاية سواء على مستوى الأسرة والمجتمعات. في الوقت الذي يتاح فيه للرجل أن يختار الزواج حتى أربع مرات إذا كانت لديه الإمكانيات المالية، لا يمكن للمرأة أن تتزوج إلا إذا حصلت على إذن وموافقة ولي أمرها. إذا تطلق الزوجان، تخاطر الأم بفقدان حضانة أطفالها أثناء غياب الأب. وفقًا للمادة 145 من قانون الأحوال الشخصية، يمكن للأب أن يسلب حق زيارة الأم بينما لا تستطيع الزوجة القيام بذلك.
الأمور ليست سهلة على النساء في اليمن فيما يتعلق بحقوقهن الصحية والإنجابية. لا يوجد تشريع يحمي حرية المرأة في اتخاذ قراراتها بنفسها بشأن هذه القضايا. لذلك، فإن المرأة تخضع لزوجها إذا كانت متزوجة أو عائلتها. علاوة على ذلك، على الرغم من الحظر المفروض على تشويه أعضاء الإناث التناسلية، إلا أنه لا يزال متفشيًا في حالات خطيرة للغاية.
كما يسرت سياسة الدولة أيضًا الزواج القسري وإنجاب النساء. تتحكم الأسرة من خلال هذه السياسة تحديد ما إذا كانت الفتاة ستتزوج أو متى ستتزوج. أدى الصراع الحالي إلى زيادة هذه الممارسة. تستخدم العديد من العائلات هذه السياسة كآلية لحل النزاعات للوصول إلى مدفوعات المهور. قانون القبائل اليمني ينص على أن معظم الفتيات يتزوجن قبل سن البلوغ. رفض اليمنيون، بمن فيهم النساء، القوانين المقترحة التي حاولت رفع سن الزواج إلى 17.
حقوق التعليم
لا تحظى المرأة في اليمن بنفس حقوق الرجل في التعليم. على الرغم من المادة 54 من الدستور التي تنص على أن لجميع المواطنين الحق في التعليم، لا يزال الطريق طويلاً أمام البلاد لتحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم. تظهر الدراسات التي أجرتها اليونيسف أنه من غير المرجح أن تكمل الفتيات التعليم الأساسي وما بعد الابتدائي. تظهر دراسات أخرى أن عدد الفتيات الراسبات أكبر من عدد الفتيان. بحسب هيومن رايتس ووتش، يعد زواج الأطفال القسري أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى رسوب الفتيات من المدرسة. تظهر دراسات أخرى أن أكثر من 70٪ من المدارس خالية من المعلمات. هذا ليس مفاجئًا نظرًا لأن الفتيات لا يكملن تعليمهن.
الحقوق الاقتصادية
على الرغم من أن النساء في اليمن لديهن حقوق قانونية في امتلاك واستخدام الممتلكات، إلا أن العديد من النساء يعطين حقوقهن الإدارية لأفراد الأسرة، وذلك ببساطة لأنهن لا يدركن حتى حقوقهن. والسبب في ذلك انتشار الأمية والسلوك الأبوي.
إن ضعف الاقتصاد اليمني واعتماده على الدول المتقدمة يمنع التغيير الاجتماعي. تتفاقم القضايا الاقتصادية بسبب الصراع المستمر وارتفاع معدلات البطالة. يعيش ما يقرب من نصف السكان تحت خط الفقر، ومعظمهم من النساء. ويضاف إلى ذلك الافتقار إلى التعليم، وانتشار التمييز غير القانوني ضد المرأة في القوى العاملة. على الرغم من أن المرأة اليمنية ليست ممنوعة من العمل، إلا أن عوامل عديدة تحد من دورها. من بين العوامل المذكورة أعلاه، ينص قانون الأحوال الشخصية على أنها لا تستطيع مغادرة منزلها دون إذن زوجها. ومن الناحية الثقافية، من المتوقع أن تكون المرأة في المنزل وتعتني بالأطفال والمنزل.
ملخص
هناك قوانين تعمل على حماية حقوق المرأة في اليمن، ولكن في الوقت نفسه، هناك قوانين أكثر تسلب هذه الحقوق. تعيش المرأة في اليمن المعاصر في مجتمع يعكس إلى حد كبير التقاليد القبلية، والزراعية، والذكورية. عندما يقترن هذا بالقضايا الاقتصادية والأمية، ينتهي الأمر بحرمان المرأة من حقوقها الأساسية كمواطنة يمنية.
أدى الصراع الدائر في البلاد إلى تدمير الاقتصاد، والبنية التحتية، وبالتالي خلق أزمة إنسانية. أسفرت هذه الأحداث الوحشية عن عواقب وخيمة على جميع المواطنين، وخاصة للنساء والفتيات. تتعرض النساء والفتيات للعنف، والإيذاء الجسدي والنفسي، والاستغلال. أدت المجاعة وارتفاع عدد القتلى والجائحة المستمرة إلى تحويل الانتباه عن العنف القائم على النوع الاجتماعي وعدم المساواة في اليمن.
من الواضح أن أمام اليمن طريق طويل. تشكل النساء نصف المجتمع، ولو أُسكت النصف وجرى اضطهاده، فلا يمكن لبلد أن يزدهر. وكما قالت روث بادر جينسبيرغ، “المرأة تنتمي إلى جميع الأماكن التي تتخذ فيها القرارات…لا ينبغي أن تكون المرأة هي الاستثناء”.
عمان بحاجة لإيران وإسرائيل تدفع الثمن
قال شاحر كلايمان [2] في موقع يسرائيل هيوم إن سلطنة عمان بذلت جهودًا مكثفة، في الأسابيع الأخيرة، للحفاظ على موقعها كوسيط محايد في المنطقة، وبالتالي استعادة الاستقرار في اليمن، ولكن إسرائيل، على ما يبدو، هي من تدفع الثمن. أجرى ممثلو السلطنة محادثات مكثفة، قبل نحو أسبوعين، لتجديد الهدوء في حرب اليمن بين مليشيا الحوثي والتحالف السعودي. وقد انتهت الهدنة بين الطرفين في أكتوبر.
وصل وفد عماني إلى صنعاء، الشهر الماضي، لمناقشة الأزمة ونقل رسائل من الجانب السعودي وأطراف دولية. أكد رئيس فريق مفاوضي الحوثيين، محمد عبدالسلام، أن أي تقدم يتعلق بالملف الإنساني -لابد أن يشمل، قبل كل شيء، رفع الحصار عن الموانئ والمطارات، والتخوف من أن يستغل الحوثيون إعادة فتحها لتعزيز قوتها بالأسلحة والذخائر الإيرانية.
وبحسب مصادر عربية، فإن أعضاء الوفد أجروا مفاوضات صعبة مع عبدالسلام، لكن يبدو أن الجهود نجحت فقط في منع تفاقم الحصار الاقتصادي. وعادت الرياض إلى الإعلان، في الأيام الأخيرة، عن هجمات للتحالف السعودي في جميع أنحاء اليمن.
وعلى الرغم من ذلك، لم تيأس عمان، بل وحرصت على لقاء عبدالسلام مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في مسقط. هذا الأخير كان مع السلطان هيثم بن طارق. قدر مسؤولون عرب أن عمان بحاجة إلى إيران التي تتمتع بنفوذ على مليشيا الحوثي التي تمولها وتسلحها.
في هذه الأجواء، يبدو أن مسقط تحاول أن تنقل لطهران رسالة مفادها أنها ليست جزءًا من التحالف السري أو العلني بين تل أبيب ودول الخليج. كان النقاش حول توسيع قانون المقاطعة ضد إسرائيل في مجلس الشورى في عمان إشارة واضحة على ذلك.
جرى التوصل، في الصيف الماضي، إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية. في ضوء بند في اتفاق السلام، وافقت إسرائيل على إعطاء الضوء الأخضر لمصر لنقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية. وفي مقابل ذلك فتحت المملكة مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الإسرائيلية.
كان التوقع هو أن تتبع عمان مسار جارتها من الغرب وتمهد الطريق لرحلات أقصر إلى الشرق الأقصى، وهو تطور مهم يمكن أن يخفض تكاليف الوقود وحتى تذاكر الطيران.
ومع ذلك، فإن الآمال تختلف عن الواقع. ويهدف النقاش حول توسيع قانون المقاطعة إلى إيصال رسالة مفادها أن التطبيع مع عمان لا يزال بعيدًا. علاوة على ذلك، ربما نشهد صفقة أبرمها الإيرانيون على حساب إسرائيل: تدخل لتحقيق الهدوء في اليمن مقابل قطع المجال الجوي للرحلات الجوية. في هذا السياق، يجب أن نتذكر أن فتح المجال الجوي العماني، القريب نسبيًا من إيران، قد تستخدمه إسرائيل لأغراض غير مدنية بحتة.
شركة إماراتية تستثمر 100 مليون دولار في إنشاء ميناء بحري جديد في اليمن
ذكر موقع port2port أن الحكومة اليمنية وافقت على عقد مع دولة الإمارات لإنشاء ميناء بحري جديد في منطقة رأس شيروين، في محافظة المهرة شرقي البلاد، باستثمارات تقدر بـ 100 مليون دولار. أفادت تقارير، أن الميناء الجديد سيركز على صناعة التعدين والمعادن.
وقال مسؤول حكومي إن العقد جرى توقيعه مع شركة “أجهام” الإماراتية، التي ستبني الميناء باستخدام أسلوب نظام التشييد والتشغيل ونقل الملكية (BOT)، ويشمل إنشاء ميناء وكاسر أمواج بطول 1000 متر ورصيف بطول 300 متر لرسو السفن، وغاطس يصل إلى 14 مترًا في مرحلته الأولى.
جرى الإعلان عن المشروع بعد أيام من توقيع الحكومتين اليمنية والإماراتية اتفاقية لإنشاء محطة للطاقة الشمسية في عدن بطاقة 120 ميجاوات.
- ولد في لندن، وتلقى تعليمه في جامعة اوكسفورد، يعلق على المشهد السياسي في الشرق الأوسط منذ 35 عامًا، ونشر خمسة كتب حول هذا الموضوع. منها: “ترامب والأرض المقدسة” عام 2016-2020، و “إسرائيل رجل واحد”، و “عام واحد في تاريخ إسرائيل وفلسطين”، و “الفوضى في الشرق الأوسط” عام 2014- 2016.
- شاحر كلايمان: صحفي ومحرر في موقع “إسرائيل هيوم”، وهو باحث ماجستير في دراسات الشرق الأوسط في جامعة “بار إيلان”.