إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية معركة البحر الأحمر قد تستمر حتى إن توقفت الحرب في غزة

تنويه: حُررت هذه الترجمة مراعاة للوضوح، والآراء الُمعرَب عنها فيها لا تعكس آراء مركز صنعاء للدراسات، كما لا يُعد المركز مسؤولًا عن صحة البيانات والمعلومات الواردة أيضًا.


يقول تقرير في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، إن جماعة الحوثيين لديها اعتبارات خاصة في هجماتها التي تستهدف سفن الشحن وخطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ولا توجد ضمانات بأن الجماعة قد توقف عملياتها في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار بقطاع غزة.

ووفق التقرير، فإنه خلافًا للتقييم الذي يفيد بأن حزب الله سيتوقف عن القتال بعد وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الحوثيين قد يستمرون في عملياتهم، كما أنهم القوة الوحيدة التي تسعى إلى إلحاق أضرار بأهداف إسرائيلية وغربية.

ويقدّر تقرير آخر بأن استمرار الهجمات في البحر الأحمر يعني فشل المجتمع الدولي بالوفاء في التزاماته، وقال إن الحوثيين كانوا سيُواجهون بردة فعل قوية في ظل نظام دولي قائم على القواعد، مضيفًا أن استمرار الهجمات يؤدي إلى تآكل الثقة في قدرة الولايات المتحدة ودول أخرى على تأمين ممرات الشحن.

وبينما أعلن الحوثيون إطلاق أول صاروخ متطور على إسرائيل بالتنسيق مع حلفائهم في المنطقة -وصفه موقع إسرائيلي بأنه قادر على اجتياز منظومة الرادار الدفاعية -إلا أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نفى ذلك.

واهتم تقرير آخر بالجهود الحثيثة والمستمرة لجماعة الحوثيين في تجنيد الأطفال عبر المخيمات الصيفية وتعديل المناهج الدراسية، وقال إن الجماعة تركز بوجه خاص على تطرف النشء في اليمن.


ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وهي جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.



عدوان الحوثيين المدعومين من إيران مستمر بلا هوادة

هاجمت جماعة الحوثيين، مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية وسفينتين مدنيتين. إن هذه الأعمال العدوانية التي ترتكبها القوة الإسلامية الشيعية المدعومة من إيران -والتي تسيطر على معظم ساحل اليمن والعاصمة صنعاء-هي الأحدث في حملة بدأت خلال نوفمبر الماضي. وقد نجحت في تعطيل الشحن إلى حد كبير في ممر خليج عدن والبحر الأحمر، وهو ممر مائي عالمي حيوي.

نجحت الجهود التي بذلتها القوات الأمريكية والقوات المتحالفة، حتى الآن، في اعتراض كثير من الهجمات. ووفقًا لوثيقة صادرة عن وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية، انخفض شحن الحاويات في البحر الأحمر بنحو 90% منذ ديسمبر 2023. وتفضّل الشركات تحويل مسارها نظرًا لعجز القوات البحرية الغربية الواضح -التي تسيّر دوريات في المنطقة -في حماية الشحن التجاري.

الحوثيون ينجحون في إحداث الخراب والدمار

إنه دليل على نجاح الحوثيين الراهن. فهو يضيف تكاليف هائلة إلى النقل البحري للبضائع، وهو ما يسفر عن تداعيات وخيمة على الاقتصاد العالمي.

ويشير تقرير وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية إلى أن استخدام طريق بديل -الإبحار عبر رأس الرجاء الصالح، حول أفريقيا -يضيف “حوالي 11 ألف ميل بحري، وأسبوع إلى أسبوعين من وقت العبور، وزهاء مليون دولار من تكاليف وقود كل رحلة”.

ويضيف أن “الشحن عبر البحر الأحمر يمثل عادةً ما يقرب من 10-15% من التجارة البحرية الدولية، في حين ارتفعت أقساط التأمين على عبور البحر الأحمر إلى “0.7 -1.0% من القيمة الإجمالية للسفينة، مقارنة بأقل من 0.1% قبل ديسمبر 2023”.

ويشير تقرير لموقع أكسيوس -يقتبس من وثيقة وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية -إلى أن البحرية الأمريكية أنفقت حتى الآن مليار دولار على الذخائر في إطار مواجهتها لحملة الحوثيين العدوانية في البحر الأحمر.

وفي تلك الأثناء، أغلق ميناء إيلات الجنوبي فعليًا منذ نوفمبر. يكفل كلٌ من ميناء أشدود وحيفا تدفق التجارة الدولية إلى إسرائيل. لكن إغلاق ميناء إيلات كان له تأثير كبير على اقتصاد المدينة. كما استهدف الحوثيون المدينة بالصواريخ الباليستية في إطار الحملة نفسها.

وفيما يتعلق بأشدود وحيفا، فحليف آخر لإيران -حزب الله -يملك صواريخ متقدمة مضادة للسفن حصل عليها من إيران. إذا انزلقت الجبهة الإسرائيلية اللبنانية إلى صراع مفتوح، كما هو مُرجح، فمن المحتمل أن يكون لهذا شق بحري، إضافة إلى الشق البري، وهو ما قد يفضي إلى تداعيات على التجارة في موانئ إسرائيل على البحر الأبيض المتوسط.

تشترك ساحة خليج عدن والبحر الأحمر في عنصر إضافي مع الجبهة الإسرائيلية اللبنانية: الجانب الموالي لإيران، في الحالتين، هو الذي أخذ زمام المبادرة، وبدأ جولة الصراع الحالية.

تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها في البحر الأحمر، وإسرائيل في مواجهة لبنان، إلى الدفاع لصد العدوان. ونظرًا لقدراتهم التقليدية الكبيرة، فقد حققوا نجاحات تكتيكية كبيرة.

ولكن في الحالتين، لم تترجم هذه الجهود إلى ما يشبه الإنجاز الاستراتيجي. بل ظلت المبادرة الاستراتيجية في قبضة العنصر الموالي لإيران. وفي السياق اللبناني الإسرائيلي، نجح حزب الله في فرض إخلاء المستوطنات الحدودية الإسرائيلية.

وفي منطقة البحر الأحمر، اختطف الحوثيون شريانًا رئيسيًا للتجارة البحرية العالمية ولم يظهروا أي مؤشرات تدل على التخلي عن السيطرة عليه. أشار كليفورد ماي، رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في مقابلة أُجريت معه مؤخرًا إلى أن الديناميكية الرئيسية والإشكالية تتمثل في اتباع الولايات المتحدة استراتيجية دفاعية.

ولهذا الأمر تكاليف باهظة، ولم يقنع الخصم بالكف عما يفعله. كما أنه يعكس مدى الضعف وانعدام الإرادة.

ما الدافع وراء هذا الموقف الإشكالي؟ التغطية الإعلامية العالمية مستمرة في التركيز على قتال إسرائيل مع حماس، والتعامل مع حرب غزة باعتبارها صراعًا على جبهة واحدة. وفي هذا السياق تعد جبهة البحر الأحمر والساحات الأخرى مجرد عوامل ثانوية، سوف تنتهي (كما يوضح الحوثيون وحزب الله) بعد انتهاء حرب غزة.

وقد قَبِل الغرب هذه الرؤية. ولذا، فإنه يبذل جهدًا لاحتواء العدوان على مختلف الجبهات الأخرى.

ومع ذلك، فإن قبول هذا التأطير للصراع يعني التنازل عن التفوق للمعسكر الموالي لإيران. الصراع الحالي هو أول ظهور للتحالف الذي انشغلت طهران بتشكيله في المنطقة منذ أوائل الثمانينيات، ولقوة متجددة على مدى العقد الماضي. وتنخرط حاليًا، بطريقة جزئية ولكن ذات أهمية بالغة، على ثلاث جبهات، إضافة إلى غزة: البحر الأحمر، ولبنان، وسوريا العراق.

تنطوي الجبهة اللبنانية على مواجهة مع إسرائيل. وفي الوقت ذاته، يشمل البحر الأحمر وسوريا العراق عميلًا إيرانيًا (الحوثيون والميليشيات الشيعية في العراق) يستهدف إسرائيل، ولكنه يضرب أيضًا أهدافًا غربية.

ولذا، فإن القضية التي هي قيد الاختبار حاليًا لا تقتصر على قدرة إسرائيل على الرد بفعالية على هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حماس.

وبدلًا عن ذلك، فإن الاختبار الأوسع يتمثل في ما إذا كان تحالف إيران قادرًا على فرض إرادته على المنطقة والغرب في الزمان والمكان الذي يحدده، أو ما إذا كان الغرب وحلفاؤه قادرين على كبح مثل هذه المحاولات.

في الوقت الحالي، كما اتضح في خليج عدن والبحر الأحمر، يمكن أن يُفعِّل الإيرانيون وكلاءهم بأقل أو دون تكلفة، وتحقيق اضطراب شديد له تداعيات على الاقتصاد العالمي، وإجبار الولايات المتحدة على إنفاق مليار دولار على العتاد، وفي المقابل لا تتكبد إيران أو وكلاؤها أي تكلفة كبيرة.


أسلحة الحوثيين الجديدة: “دعمًا لغزة”

يواصل الحوثيون، وكلاء إيران في اليمن، مهاجمة السفن في البحر الأحمر وبحر العرب من ثمانية أشهر، منذ اندلاع حرب السيوف الحديدية. وتشير تصريحاتهم الأخيرة، إلى أن الهجمات “الأمريكية البريطانية” المضادة لن تردعهم عن استمرار التصعيد. وفي الأشهر الأخيرة لم يوقف الحوثيون هجماتهم التي تستهدف السفن التجارية، وأدرجوا مؤخرًا البحر الأبيض المتوسط ضمن نطاق هجماتهم “الإرهابية” في إطار الإعلان عن تصعيد آخر.

ووفقًا للحوثيين، سوف تستمر الهجمات طالما تواصلت الحرب في قطاع غزة، كما أن تصعيدهم في الصراع الحالي هو في “المرحلة الرابعة”، ويقولون إن التصعيد ما يزال قائمًا؛ إذ أعلنوا مؤخرًا أنهم بدأوا مهاجمة السفن المملوكة لشركات تنتهك “حظر الإبحار إلى الموانئ الإسرائيلية”، بغض النظر عن وجهة السفن. يظهر نهج الحوثيين مؤخرًا أنهم يشكلون تهديدًا مستمرًا، وعلى الرغم من الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة، قبل عدة أشهر، على المواقع الاستراتيجية للجماعة “الإرهابية” في مناطق مختلفة من اليمن، يواصل الحوثيون إغلاق ممرات الشحن الرئيسية ويدخلون -باستمرار -مزيدًا من الأسلحة.

على سبيل المثال، أغرق الحوثيون السفينة توتور الأسبوع الماضي باستخدام “قارب انتحاري”. ونشرت الجماعة، لأول مرة، تفاصيل حول الزورق الهجومي الموجّه “طوفان 1” الذي استخدموه في الهجوم على السفينة. ويرتبط اسم “طوفان” بالاسم الفلسطيني الذي أُطلق على معركة 7 أكتوبر: “طوفان الأقصى”.

ووفقًا للحوثيين، هو زورق يحتوي على رأس حربي يزن 150 كيلوغرامًا، مصنوع محليًا. وكما اتضح في عدة وقائع سابقة، يستخدم الحوثيون في هجماتهم -أيضًا -الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيّرة، التي يستخدمونها كذلك في الهجمات التي يزعمون أنهم شنوها على أهداف في إسرائيل، وخاصة في إيلات.

يلقي عبدالملك الحوثي، زعيم الحوثيين في اليمن، كل خميس كلمة يدعو فيها مناصريه إلى الخروج في مظاهرات دعمًا لغزة في كل جمعة. في خطابه الأخير، زعم أنهم هاجموا منذ بداية الحرب 153 سفينة إسرائيلية وأمريكية وبريطانية. وبحسب قوله، نفذوا 10 عمليات، الأسبوع الماضي فقط، باستخدام 26 سلاحًا مختلفًا، من بينها صواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيّرة، وهاجموا 8 سفن. كما تفاخر في خطابه بهجوم آخر على حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور”. وفي الوقت ذاته، ووفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”، سجل البنتاغون ما يربو على 190 هجومًا للحوثيين على السفن منذ بداية الحرب.

ووفقًا للتقارير، يواصل الحوثيون التسلّح، ويتلقون في الوقت ذاته توجيهات من إيران. إنهم ينتجون ويطورون أسلحتهم باستقلالية، ووفقًا لعدد الهجمات على السفن يبدو أن الولايات المتحدة تجد صعوبة في كبحها وحماية المجال البحري. وبالتالي فإن التهديد الأمني يؤثر على حركة السفن في البحر الأحمر، حيث انخفض حجم حركة المرور عبر قناة السويس ومضيق باب المندب بحلول نهاية مارس. وقال المتحدث باسم البنتاغون، باتريك رايدر، الأسبوع الماضي، إن الحوثيين “يفهمون أن ثمة ثمن يجب دفعه” على الأضرار التي لحقت بالتجارة البحرية في المنطقة.

نشر البنتاغون سفنًا حربية في المنطقة لإحباط تهديد الجماعة “الإرهابية” وذلك لإسقاط الطائرات المسيّرة، وضرب الصواريخ ومواقع الرادار في اليمن. أفادت تقارير أن حاملة الطائرات “أيزنهاور” -التي كانت في منطقة الصراع مع الحوثيين في البحر الأحمر -تتحرك نحو شرق البحر الأبيض المتوسط، وسوف تتمركز حاملة الطائرات “روزفلت” في البحر الأحمر بدلًا عنها. كما تطرق المتحدث العسكري للحوثيين، يحيى سريع، إلى رحيل أيزنهاور، وادعى أن نشاطاتهم “الإرهابية” هي التي “أجبرت حاملة الطائرات على الانسحاب من البحر الأحمر”.

نشر الحوثيون أربعة بيانات بشأن مسؤوليتهم عن عدة هجمات: أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن عمليتين مشتركتين مع “المقاومة الإسلامية في العراق” -وهي مجموعة من الجماعات الموالية للميليشيات الإيرانية العاملة في العراق وسوريا. ووفقًا للحوثيين هاجموا في إطار العملية المشتركة الأولى أربع سفن في ميناء حيفا، بينما استهدفوا في العملية الثانية، سفينة في البحر الأبيض المتوسط كانت في طريقها إلى الميناء نفسه.

يشكل التعاون مع “المقاومة الإسلامية في العراق” فصلًا جديدًا من مراحل تصعيد أنشطة الحوثيين الإرهابية. وفي الوقت ذاته، يقاتل الجيش الأمريكي تنظيم الميليشيات على الأراضي العراقية. وفي الأشهر الأولى من الحرب، هاجمت الميليشيات الموالية لإيران باستمرار القواعد الأمريكية في سوريا والعراق. لكن الهجمات على القواعد الأمريكية توقفت حاليًا، غير أن الميليشيات تعمل باستمرار على إخراج التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من العراق، وتهدد باستئناف هجماتها.


الحرب في البحر الأحمر اندلعت نصرة لغزة لكنها قد تستمر دون التقيّد بها

غرقت ناقلة البضائع السائبة “توتور” المملوكة لليونان في أعماق البحر الأحمر، بعد مرور أسبوع من إصابتها جرَّاء هجوم شنه الحوثيون بزورق مسيّر محمل بالمواد المتفجرة. إنها السفينة الثانية التي يغرقها المتمردون المدعومون من إيران، ويبدو أنهم لا يعتزمون التوقف. وأعلن زعيمهم عبدالملك الحوثي في مايو، بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح في قطاع غزة، أن رجاله “يحضّرون الآن للمرحلتين الخامسة والسادسة من الحرب. لدينا عدة خيارات استراتيجية مهمة ومؤثرة على العدو. وليس لدينا خطوطًا حمراء يمكن أن تعوقنا، ولا اعتبارات سياسية تجبرنا على تغيير موقفنا”. كما دعا الحوثي قادة الدول العربية إلى إمداده بأسلحتهم “التي تصدأ في المستودعات” لاستخدامها في حربه.

لم يتضح بعد ما الذي يخطط له الحوثيون، أو كيفية تقسيم مراحل الحرب التي تسببت فعلًا بأضرار اقتصادية فادحة على الصعيد العالمي بعد تحويل طريق النقل من البحر الأحمر وقناة السويس، وأدى إلى ارتفاع أسعار التأمين في صناعة النقل البحري. ولكن خلافًا للتقييم، الذي أصبح افتراضًا فعالًا، والذي يفيد بأن حزب الله سيتوقف عن القتال بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الحوثيين لديهم اعتبارات خاصة. لقد بدأوا الهجمات في البحر الأحمر يوم 19 أكتوبر، ونظرًا لأنهم جزء من نسيج “وحدة الساحات”، فهم القوة الوحيدة التي تسعى إلى إلحاق أضرار بأهداف إسرائيلية وغربية. ويقدر مسؤولو المخابرات الأمريكية أنه ليس ثمة ما يضمن وقف أنشطتهم في حالة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

سُئلت مديرة الاستخبارات الأمريكية، أفريل هاينز، في شهادتها أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الشهر الماضي، عن تقييمها لتهديد الحوثيين. قدمت هاينز، التي شغلت سابقًا منصب رئيس وكالة المخابرات المركزية، إجابة غامضة ورفضت ربط أنشطة الحوثيين بالحرب في غزة. إنها ترى أن ساحة البحر الأحمر تخدم المصالح السياسية لزعيم الحوثيين، الذي يسعى إلى تعزيز مكانته في المنطقة والعالم، والذي يعتمد على القدرة الإنتاجية المحلية من الصواريخ، والطائرات المسيّرة، والأسلحة الأخرى. وأضافت هاينز: “لا نعتقد أن هذا سيتغيّر قريبًا، ولا يعني أن الهجمات التي تشنها الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الناشط في البحر الأحمر غير مؤثرة. ولكنها ليست كافية حتى الآن لوقف الحوثيين”.

إنها حرب استنزاف ما تزال تعتمد على الاستراتيجية التي وضعتها الولايات المتحدة في بداية الحرب، وهي منع الهجمات، والإضرار بقدرات الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014، ويسيطرون حاليًا على حوالي نصف اليمن، وتجنّب شن حرب شاملة ضدهم. تعتمد هذه الاستراتيجية، من بين أمور أخرى، على مخاوف إذكاء ساحات أخرى، وتحديدًا استئناف إطلاق النار على السعودية. منذ أبريل 2022، جرى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة والحوثيين[3]. وكما هو الحال في لبنان، فإن الولايات المتحدة تخشى من تطورات قد تجرها إلى تدخل هائل في الشرق الأوسط، وحتى في مواجهة مباشرة مع إيران.

وفي حين أن حزب الله ينسّق بشكل وطيد مع طهران -وتلتزم الميليشيات الشيعية في العراق بتنفيذ تعليماتها إلى حد كبير -إلا أنه يصعب تقدير مدى تأثر أنشطة الحوثيين إذا أمرتهم طهران بوقف إطلاق النار. وعلى غرار التنظيم الشيعي في لبنان، يستفيد الحوثيون أيضًا من حربهم لتعزيز وضعهم الداخلي في اليمن. ويستغلونها لتجنيد أبناء القبائل “من أجل الوطن”، وفرض الضرائب والرسوم لتمويل الحرب “الوطنية” -وخاصة حكمهم -فضلًا عن استغلال حالة الطوارئ التي فرضوها لتحييد المعارضين السياسيين. يعتقلون خصومهم في السجون، ويسحقون مكانة خصومهم -زعماء القبائل المتنافسين -السياسية بإعادة توزيع مناطق السيطرة التقليدية، مما يخلق تجمعات سكانية جديدة يشكل فيها الحوثيون أغلبية.

إلى جانب تعزيز هيمنتهم على المناطق الخاضعة لسيطرتهم، يستعد الحوثيون للتفاوض مع الحكومة اليمنية الرسمية. ولم يُحدد بعد موعد بدء المحادثات، لكن اتفاقًا جرى في ديسمبر الماضي حول خارطة طريق في إطار محادثات رعتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والسعودية. ستموّل الرياض، بموجب هذا الاتفاق، الحكومة اليمنية حتى تتمكن من دفع رواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرة الحوثيين -الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ عام 2016. كما جرى الاتفاق على استئناف تصدير النفط، ورفع بعض القيود المفروضة على إغلاق ميناء الحديدة الخاضعة لسيطرتهم. وإضافة إلى هذه البنود، من المفترض أن يتفاوض الحوثيون والحكومة اليمنية على تشكيل حكومة مشتركة ثم إجراء انتخابات لتشكيل حكومة دائمة.

تجمّد تنفيذ اتفاق خارطة الطريق بعد مشاركة الحوثيين في الحرب المتعددة المجالات في غزة. وهي الخطوة التي أضرت أيضًا بتصدير النفط من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية الرسمية[4]. وفي الوقت ذاته، اضطربت العلاقة بين الولايات المتحدة والحوثيين بعد قرار الرئيس جو بايدن في يناير بتصنيف الجماعة بـ”كيان إرهابي عالمي ذو تصنيف خاص”، وهو تصنيف لا يعيدهم إلى قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية العالمية، التي كانوا مدرجين فيها حتى فبراير 2021، والتي قرر بايدن شطبهم منها في العام ذاته لدفع عملية السلام باليمن. وهذا التصنيف الحالي يمنح حكومته مرونة أكبر في فرض عقوبات على الحوثيين، ويوفر مجالًا أكبر للتفاوض معهم.

خلال الشهر الماضي، أفادت تقارير أن الولايات المتحدة شجعت السعودية على “استئناف خارطة الطريق”، على الرغم من استمرار هجمات الحوثيين. وهي خطوة قد تسمح لواشنطن بإنهاء مشاركة الحوثيين في الحرب، والتركيز على إنشاء تحالف دفاعي إقليمي مع السعودية وحتى تشكيل تحالف إقليمي لمواجهة إيران، لكن هذه الخطوة تعثرت حاليًا ليس بسبب معارضة الحكومة اليمنية فحسب -التي تخشى أن تؤدي أي مصالحة مع الحوثيين إلى تآكل عميق لمكانتها -بل أيضًا من “المجلس الانتقالي الجنوبي”. وهي هيئة سياسية تأسست في عام 2017، ويقودها عيدروس الزُبيدي، الذي يسعى إلى إعادة تأسيس دولة جنوب اليمن.

يستغل زعيم الحوثيين جيدًا منظومة الضغوط والمصالح، لأنه يرى أن استمرار الحرب في البحر الأحمر وتفاقمها وسيلة ضغط استراتيجية أساسية. وهو أمر قد يمنحه امتيازات سياسية من الحكومة اليمنية والولايات المتحدة والسعودية، وفي الوقت ذاته، يحميه من هجوم شامل قد تشنه قوات التحالف بقيادة واشنطن على المناطق الخاضعة لسيطرته. لذلك، حتى لو جرى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فمن المتوقع أن يظل البحر الأحمر ساحة قتال مشتعلة. ويبقى أن نرى متى وكيف ستقرر الولايات المتحدة “إعادة معايرة” سياستها تجاه الحوثيين. هذا في حين أنها مضطرة إلى مراعاة السيناريو الذي تضطر فيه إلى التدخل في الحرب في لبنان وربما أبعد من ذلك.


غرق السفن في البحر الأحمر: فشل المجتمع الدولي

يشير نجاح الهجمات التي شنها الحوثيون، المدعومون من إيران، على سفينتين في البحر الأحمر إلى فشل المجتمع الدولي تمامًا في الوفاء بالتزاماته.

قررت إيران تفعيل الحوثيين بعد هجوم حماس على إسرائيل. إن المجتمع الدولي ذاته الذي كان ينبغي أن يمنع حماس من السيطرة على غزة في المقام الأول كان يتطلع إلى إيران التي كانت تشن حروبًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ليس ثمة مكان آخر في العالم يشهد هذا النوع من الفوضى التي يتعرض لها الشرق الأوسط، حيث تدعم دول ميليشيات وجماعات إرهابية تسيطر على الدول ثم تهاجم السفن أو تطلق آلاف الصواريخ. توجد جماعات إرهابية في مناطق أخرى من العالم، مثل بوكو حرام في نيجيريا، لكن الشرق الأوسط فريد في قوة هذه الجماعات.

على سبيل المثال، شيدت حماس مئات الكيلومترات من الأنفاق وخزنت أسلحة يفوق عددها معظم الدول. كما أطلقت آلاف الصواريخ على إسرائيل. ثم انضم حزب الله إلى الحرب في 8 أكتوبر وأطلق آلاف الصواريخ، والقذائف المضادة للدبابات، والطائرات المسيّرة على إسرائيل. ولم تشجب الأمم المتحدة أو غيرها هذه الهجمات اللامتناهية. أما إيران، التي تشجعت من خلال دفع حماس وحزب الله إلى حرب أثرت على الملايين في غزة وإسرائيل ولبنان، فقد دفعت الحوثيين في اليمن إلى البدء بمهاجمة السفن.

بدأ هذا في أكتوبر ونوفمبر. لقد كان مؤشر “نجاح” الحوثيين في استهداف السفن يتأرجح صعودًا وهبوطًا. تعاونت الولايات المتحدة مع المملكة المتحدة ودول أخرى في محاولة لحماية الشحن. ولكن اتضح أن الولايات المتحدة اكتفت حاليًا باتباع نفس الأسلوب الذي استقرت عليه إسرائيل مع حزب الله. نفذت القيادة المركزية الأمريكية والقوات الحليفة عدة هجمات على الحوثيين. ومع ذلك، يواصل الحوثيون هجماتهم. وذلك لأن الرد محدود للغاية ومتناسب بحيث لا يضر بقدرات الحوثيين.

زادت الهجمات الأخيرة من الخطر الذي يتعرض له الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، ولم يضع المجتمع الدولي حلولًا لوقفه؛ وهذا يوضح مدى عجزه عن حماية الشحن. كما أنه ليس تطورًا إيجابيًا وسط التوترات بين إسرائيل وحزب الله.

إن المخاوف الأخيرة التي أبدتها عدة دول ومنظمات دولية حول احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله توضح عدم وجود محاولة حقيقية لوقف هجمات حزب الله. لقد أخذت إيران على عاتقها أمرًا جديدًا في المنطقة وهو نشر الهجمات من لبنان إلى اليمن، على مدى آلاف الكيلومترات، حيث تشغّل وكلاء لإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل ومهاجمة السفن.

لو كان حزب الله والحوثيون في عالم يعمل فيه نظام دولي قائم على القواعد فإنهم سيواجهون ردة فعل قوية. يفعل وكلاء إيران حاليًا ما يحلو لهم في المقام الأول، وتعاني إسرائيل وطواقم السفن التجارية. في حين يشكّل الهجوم الأخير على سفينتين ضربة قاصمة للشحن وسيؤدي إلى تآكل الثقة في قدرة الولايات المتحدة ودول أخرى على تأمين ممرات الشحن.


هاجمنا حيفا: الحوثيون يعرضون أول صاروخ باليستي “فلسطين” قادر على التهرب من الرادار

أعلن الحوثيون في اليمن، لأول مرة، عن شن هجوم على إسرائيل بالتنسيق مع حلفائهم في العراق، تنظيم “المقاومة الإسلامية في العراق” -وهو تنظيم جامع للجماعات الشيعية شبه العسكرية التابعة لإيران.

قال زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي “إن قواتنا بدأت، فجر اليوم، عمليات منسقة مع المقاومة الإسلامية في العراق ونفذت عملية مهمة على ميناء حيفا”. مع ذلك، نفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد دانييل هاغاري على الفور وقوع أي أضرار في ميناء حيفا في الشمال، وقال: “إن هذا الأمر غير صحيح”.

قد يكون ضرب حيفا إنجازًا كبيرًا على المدى الطويل، ولكن لا يوجد حتى الآن أي دليل على ذلك.

حاول مسلحون عراقيون تابعون لطهران، منذ 7 أكتوبر، تنفيذ عدة عمليات لإطلاق طائرات مسيّرة أو صواريخ على إسرائيل، لكن عادة ما تُعترض هذه الصواريخ عند اقترابها من المجال الجوي الإسرائيلي. كما أفادت التقارير أن الحوثيين أطلقوا صواريخ على جنوب إسرائيل، ولكنها تسقط في الصحراء أو تعترضها أنظمة الدفاع الجوي.

تدّعي جماعة الحوثيين أنها نفذت خلال الشهر الماضي فقط، العمليات التالية في البحر الأحمر وبحر العرب والبحر الأبيض المتوسط:

  • أطلقت 91 صاروخًا باليستيًا.
  • نفذت 38 عملية على السفن.
  • أطلقوا صاروخًا باليستيًا بعيد المدى قادر على التهرب من الرادارات.

وفيما يتعلق بالصاروخ الجديد، أفاد الحوثيون أنهم أطلقوا بالفعل صاروخ “فلسطين” على ميناء إيلات جنوبي خليج العقبة. ويعمل الصاروخ الجديد بالوقود الصلب ويشبه الصاروخ الذي عرضته إيران سابقًا والذي، وفقًا لطهران، يحلّق بسرعة تفوق سرعة الصوت.

أظهر مقطع فيديو نشره الحوثيون، الصاروخ “فلسطين” أثناء تثبيته على منصة إطلاق متنقلة وينطلق بسرعة في الهواء وينبعث من محركه سحب من الدخان الأبيض، وهذا الدخان الأبيض شائع في الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب.

وهناك شكوك كبيرة حول حصول الحوثيين على التكنولوجيا أو حتى الصاروخ نفسه ومكوناته من إيران.

إذا كانت ثمة هجمات ناجحة على المواقع الإسرائيلية باستخدام صاروخ “فلسطين”، فمن المرجح ألا تعلن إسرائيل عن ذلك حتى لا تمنح الحوثيين انتصارًا دعائيًا.


إصابة ما لا يقل عن 77 سفينة شحن جراء هجمات الحوثيين

يطلق المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، كل يوم تقريبًا صواريخ وطائرات مسيّرة وأسلحة أخرى على السفن التجارية والسفن الحربية. وعلى الرغم من إسقاط معظم الصواريخ والطائرات المسيّرة، فقد تضررت ما لا يقل عن 77 سفينة شحن، وغرقت سفينة واحدة مملوكة لشركة بريطانية كانت تحمل على متنها 20 ألف طن من الأسمدة.

وقعت إحدى الهجمات في 9 يناير على السفينة الحربية الأمريكية USS LABOON. ولاحظ مشغلو الرادار على متن المدمرة في البحر الأحمر وجود سهم صغير على الشاشات. حلق صاروخ نحوهم بسرعة تفوق سرعة الصوت بخمسة أضعاف.

لم يكن أمام طاقم السفينة الحربية التي تحمل على متنها 300 بحار إلا بضع ثوانٍ فقط لاعتراض الصاروخ، ودمروا الصاروخ بنجاح.

إن هجوم 9 يناير أحد أكبر المعارك البحرية التي واجهتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أطلق المتمردون الحوثيون في اليمن في ذلك اليوم 18 طائرة مسيّرة وصواريخ كروز إلى جانب الصاروخ الباليستي على السفينة وثلاث مدمرات أمريكية أخرى، وهي حاملة طائرات وسفينة حربية بريطانية في هجوم استمر زهاء 12 ساعة.

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الهجمات لم تكن ناجعة إلى حد كبير، ومع ذلك نجح الحوثيون في تعطيل الشحن، وإحباط الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها لفتح الممرات البحرية الحيوية في المنطقة.

الهجمات هي نتيجة مباشرة للموقع الجغرافي. للإبحار عن طريق البحر الأحمر والوصول إلى قناة السويس، وهي إحدى أهم طرق الشحن في العالم، يجب أن تمر سفن الشحن عبر مضيق باب المندب الذي يحيط بسواحل اليمن، ويقع في نطاق ترسانة الحوثيين من الصواريخ والطائرات المسيّرة.

أنفقت البحرية الأمريكية زهاء مليار دولار على الأسلحة للذود عن البحر الأحمر، وشنت ما يزيد عن 450 هجومًا، واعترضت منذ نوفمبر ما يربو على 200 طائرة مسيّرة وصاروخ.

يخشى مسؤولون أمريكيون أن تكون الصناعة الدفاعية الأمريكية ليست على ما يرام، بسبب الطلب على الأسلحة من أوكرانيا وإسرائيل.

قالت إميلي هاردينج من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “إن إمداداتهم من الأسلحة الإيرانية رخيصة، بخلاف أسلحتنا المكلفة”. “نحن نخوض مباراة قصيرة الأجل، بينما هم يلعبون مباراة طويلة الأمد.


الحوثيون يحصنون نظامهم باستهداف القُصَّر في اليمن

يميل أعضاء “محور المقاومة” المدعوم من إيران، عند الإشارة إلى أنفسهم وتحركاتهم إلى أنها أمور طبيعية. لسنوات، وصفت حماس موجات القتل والهجمات الصاروخية بأنها الرد الطبيعي نظرًا لما تتعرض له من مواقف. بالمثل، وصف الحوثيون في اليمن وحلفاؤهم تنظيمهم بأنه “مشروع“، وأنشطتهم الخبيثة بأنها “استجابة مشروعية وطبيعية“. ويرمي هذا الخطاب إلى توجيه رسالة إلى الشعوب الغربية مفادها: “إذا نظرت إلى الأمور من منظورنا، سوف تقف إلى صفنا”.

مثل هذه الادعاءات تتعارض بوضوح مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هذه المنظمات لتشريب أفكارها للسكان الخاضعين تحت سيطرتها. إذا كان الحوثيون “استجابة طبيعية” في الأماكن المحيطة بهم، فهل سيحتاجون إلى السيطرة على الأوساط الإعلامية بقبضة من حديد، وغسل أدمغة الأطفال في المدارس، والبرامج الصيفية، ثم ابتزاز العائلات لإيفاد أطفالهم إلى الخطوط الأمامية؟ من المفترض ألا يكون هذا ضروريًا على الإطلاق إذا شعر كافة أو معظم أبناء جلدتهم في اليمن بإحساس طبيعي بالوفاق معهم. وهنا نحدد بالفعل مشكلة كامنة في بعض التعليقات الغربية على الحوثيين، التي تخلط بين الجماعة واليمن نفسه، رغم أن ملايين اليمنيين ما يزالون يعيشون تحت رعاية الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًا. عندما يسلك الحوثيون نهجًا، فلا يعني أنه يمثل اليمن؛ إنها ميليشيا غير شرعية صادفت أنها تسيطر على جزء من اليمن.

بعد نحو عام من استيلائهم على العاصمة صنعاء عام 2014، سيطر الحوثيون على البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية، ووسائل الإعلام لتعزيز رؤيتهم المتطرفة لليمن مع قمع الأيديولوجيات المنافسة. وفقًا لـ Citizen Lab، استخدموا أدوات المراقبة والرقابة التي سلبوها من النظام السابق لزيادة متابعة وتنظيم نشاط اليمنيين عبر الإنترنت -التحكم في كل ما يمكن للمواطنين مشاركته والمعلومات التي يمكنهم الوصول إليها. لكن لا يقتصر الحوثيون في أنشطتهم على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات؛ فبعد أن استقطبوا، أو أجبروا كل صحفي في منطقة نفوذهم على السكوت، انتقلوا الآن إلى ضمان عدم تمكّن المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي من فضح أوجه الحيف وشظف العيش في ظل حكم الحوثيين. هدفهم هو السيطرة على الفضاء المعلوماتي في اليمن؛ لضمان ولاء الجمهور العام على الرغم من سوء إدارة أسرة الحوثي وأعوانه.

وفي حين تسعى الجماعة إلى الهيمنة على المعلومات في اليمن بوجه عام، فمن الواضح أن الجماعة تركز بوجه خاص على الجهود الرامية إلى تطرف النشء في اليمن. مما لا شك فيه أن أكثر العوامل التي تبعث على القلق في الحرب الأهلية اليمنية -الصراع الحافل بالكثير من المأساة والوحشية -هو موالاة بعض الجيل القادم لنظام لا يولي أي اعتبار لحياة الإنسان، ناهيك عن الطفولة. أشارت إحدى الدراسات إلى النظام التعليمي المعدّل للحوثيين، إذ “استغلت الكتب المدرسية صور الأسلحة والأطفال الذين قُتلوا وإراقة الدماء وعسكرة الروايات بأسلوب تكراري في كافة الصفوف من الأول إلى التاسع؛ لشرعنة الأسلحة والعنف”.

إضافة إلى تغيير المناهج المدرسية لتعزيز خطاب الحوثيين خلال العام الدراسي، دفع الحوثيون أيضًا ببرامج صيفية ذات طراز عسكري للأطفال، يشار إليها باسم “المراكز الصيفية“. هذا هو المكان الذي يتشرب فيه مئات الآلاف من الأطفال، من بينهم دون سن 14 عامًا، عقيدة الحوثيين ويشاركون في تدريبات بالذخيرة الحيّة. وتشير التقارير الإعلامية الأخيرة من اليمن إلى أن النظام أطلق حملة علاقات عامة ضخمة لإقناع أولياء الأمور بإرسال أطفالهم إلى هذه المخيمات. ولم يتضح حجم الالتحاق لبرامج الحوثيين الصيفية في جميع أنحاء اليمن، ولكن يبدو أنهم نجحوا في بعض الحالات -على الأقل -في أداء مهمتهم المتمثلة في التلقين: في إحدى الوقائع، أُفيد بأن رجل مناهض للحوثيين قتله أولاده بتوجيهات النظام لأنه يحاول منعهم من المشاركة.

من المؤسف أن مخططات الحوثيين لليمن أسوأ من مجرد تلقين الأطفال عقيدة معينة، لأن النظام يرسلهم أيضًا للموت نيابة عنه. وفقًا لمنتدى سلام اليمن، جند الحوثيون ما يربو على عشرة آلاف جندي طفل حتى الآن، وفي الفترة 2020-2021 وحدها، يسود اعتقاد بشأن مقتل زهاء ألفي طفل من الأطفال المجندين لدى الحوثيين أثناء قتالهم لصالحهم. وعلى الرغم من توقيع الحوثيين على خطة عمل مع الأمم المتحدة “لإنهاء ومنع تجنيد واستخدام الأطفال في النزاعات المسلحة” عام 2022، إلا أن هذه المشكلة تفاقمت منذ 7 أكتوبر 2023، بعدما سعى الحوثيون إلى حمل لواء القضية الفلسطينية بالهجوم على إسرائيل والشحن الدولي في البحر الأحمر.

لا يكفي التلقين وحده لتفسير سبب قتال وموت الأطفال في سبيل جماعة الحوثيين. ففي ظل سيطرة الحوثيين على سكان يعانون من الفقر وشح الموارد، فإنهم يستغلون هيمنتهم على المساعدات الإنسانية الدولية لابتزاز الأسر المحتاجة لإرسال أطفالها إلى الجبهات. وتتوافق هذه الأساليب إلى حد كبير مع تجنيد الحوثيين للمقاتلين، في بعض الحالات من خلفيات غير زيدية، عبر الدوافع المالية؛ كما أنها تتوافق -للأسف -مع الممارسة المروّعة والمتمثلة في تزويج القاصرات، اللاتي لم يبلغ بعضهن سن البلوغ، لرجال مسنين لتحقيق مكاسب مالية لأسرهن.

توجد كثير من الآثار الواضحة لهذه الانتهاكات المروّعة للقاصرين. ولن يُمنح الأطفال المجندون أو الفتيات القاصرات المتزوجات فرصة التعليم أو تطوير إمكاناتهم الكاملة على اعتبار أنهم مواطنون. يعاني اقتصاد اليمن -في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية والخاضعة لسيطرة الحوثيين -من الفقر بسبب عدم المساواة بين الجنسين والاستخدام المدمّر للقات كمخدر. من الصعب التنبؤ بكيفية ازدهار اليمن في ضوء جرائم الحوثيين المتفاقمة.

إذا استمرت برامج الحوثيين في التلقين والتجنيد، فإن اليمن سيظل مكانًا بائسًا يسيطر عليه المتطرفون المسلحون في المستقبل المنظور، ولنكن واثقين من أن الحوثيين يهدفون إلى جر بقية المنطقة إلى اليمن. سمع فيتون براون إبان فترة عمله سفيرًا للمملكة المتحدة في اليمن قادة الحوثيين أنفسهم يشيرون إلى أنهم “يتميزون” على الحكومات الغربية بأنهم لا يكترثون بعدد من يجب أن يموت من اليمنيين في سبيل تحقيق رؤيتهم الكارثية.

كما يتضح من الموارد الهائلة والجهد المستثمر في إجبار اليمنيين على قبول أيديولوجية الحوثي ومن ثم التضحية بالنفس من أجل النظام، لا يوجد شيء “طبيعي” في هذه المنظمة المتطرفة المدعومة من إيران وأنشطتها. وفي الوقت نفسه، من الواضح أنه في حال لم يتوقف نظام الحوثيين وآلة تلقينهم العقائدية قريبًا، فإنهم سوف يعيدون تشكيل اليمن بطريقة قد تستغرق أجيالًا للتخلص منها. وفي حين أن أول ضحايا التطرف الحوثي وعسكرتهم هم اليمنيون المحكوم عليهم بالعيش تحت حكمهم، فإن المنطقة والاقتصاد العالمي سوف يعانيان أيضًا من عواقب التقاعس في مواجهة التهديد الحوثي المتزايد والمتنامي.


إيران تضاعف دعمها للحوثيين وتزودهم بالصواريخ

ذكرت وكالة تسنيم للأنباء الإيرانية، التابعة للحرس الثوري الإسلامي، أن النظام الإيراني لا يفوّت شاردة ولا واردة في دعمه للحوثيين في اليمن وغيرهم من الجماعات “الإرهابية” في المنطقة.

يكتنف الغموض طريقة نقل إيران الصواريخ إلى الحوثيين، أو كيفية إطلاقها، لأنه لا يتوفر لديهم عدد كبير من السفن الضخمة في قواتهم البحرية.

يعد الادعاء الإيراني جزءًا من محاولة واسعة النطاق لإظهار أن طهران لن تكف عن دعم وكلائها، الذين يشنون حربًا متعددة الجبهات، كما تسعى طهران إلى تصعيد وتنسيق الهجمات في جميع أنحاء المنطقة. وتشمل استراتيجيتها تكثيف الهجمات على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلًا عن السعي إلى إسقاط الطائرات المسيّرة، وتعبئة الميليشيات في العراق، وتنسيق الاستراتيجية مع حزب الله والجماعات الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة لمواجهة إسرائيل.


كاميرا أخبار قناة 12 في اليمن: “نخرج لنصرة إخواننا في فلسطين”

توثيق خاص من الداخل: إلقاء تحية من قلب دولة عربية معادية يعد حدثًا استثنائيًا. لكن عندما يتعلق الأمر بتشويش الصوت حفاظًا على حياته، ويتحدث إلينا، نحن الإسرائيليين، من منطقة نقشت على علمها شعار تدمير إسرائيل -فإن الأمر مثير للاهتمام بالفعل. “نحن الآن في باب اليمن بصنعاء عاصمة اليمن”. قال الشخص الذي يتحدث إلى كاميرا أخبار 12 من اليمن “تحياتنا لصديقي أوهاد حمو، ومشاهدي القناة 12 وشعب إسرائيل”.

إنه مواطن يمني يعيش في قلب منطقة سيطرة الحوثيين ويعارض النظام ويعمل بمفرده. مسلحًا بكاميرا، ويخاطر بحياته ويتغلغل في أعماق مظاهرات الحوثيين، محاطًا بمسلحين يهتفون بشعار واحد “الموت لإسرائيل” -ويعمل على توثيق كل شيء. وقال “مساء الخير على متابعي قناة 12 الأعزاء، ها نحن ننطلق في مسيّرة ضخمة من منطقة كحلان الشرف، منطقة عزام، لنصرة الأهالي والمقاتلين في فلسطين”.

وسجل قبل ذلك من نفس المديرية مظاهرة حاشدة أخرى: “لمشاهدي القناة 12، نحن نتواجد حاليًا في مظاهرة في مديرية كحلان الشرف. لقد نظمنا مظاهرات لدعم إخواننا الفلسطينيين”. وفي خلفية الصورة لا تتوقف صيحات الجماهير “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”.

في بداية الحرب، شاهد الجمهور الإسرائيلي هذه الصور -على بُعد حوالي 2000 كيلومتر من إسرائيل، في أقصى جنوب شبه الجزيرة العربية وأفقرها. يتدرب جنود ومتطوعون على قتال إسرائيل. وبعدها مباشرة شقت الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة مسارًا يربو على 1600 كيلومتر إزاء إسرائيل، وأعلنوا أن الحوثيين دخلوا الحرب. تضم منطقة شمال اليمن ملايين الأشخاص، وكلهم متفقون على أمر واحد، وهو معاداة إسرائيل. إنهم يؤيدون قصف الحوثيين ودخولهم في معركة مباشرة لمواجهة إسرائيل.

يعيش 33 مليون شخص في اليمن، المنقسم -بحكم الأمر الواقع -إلى (دولتين): الحوثيون، الذين أسسوا حكمًا ذاتيًا مستقلًا في شمالي غرب اليمن، والحكومة اليمنية خصمهم الذي يسيطر على بقية البلاد. في عام 2014، اندلعت الحرب الأهلية في اليمن بعدما سيطر المتمردون الحوثيون على العاصمة صنعاء. وبعد عام، شنت السعودية والإمارات حربًا على الحوثيين لدحرهم، ولكنهم فشلوا في تحقيق ذلك. واستمرت الحرب 7 سنوات، أسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 300 ألف حوثي.

تناول باحث بارز في معهد دراسات الأمن القومي، يوفال إيلون، قدرات المتمردين الحوثيين قائلًا: “لا أعرف عدد جيوش العالم التي يمكنها إطلاق وابل كالذي أطلقه الحوثيون على إسرائيل من مسافة آلاف الكيلومترات. إنها صواريخ وطائرات مسيّرة، وجرى التخطيط لتنفيذ ذلك في فترة قصيرة جدًا”. وبحسب قوله، إنها قدرات الجيوش المتقدمة: “بالتأكيد، اكتسب الحوثيون القدرات، والمعرفة، والوسائل، التي يصل أغلبها من إيران بالطبع، لكن بعضهم مستقلين”.

يقول المواطن -المعارض للحوثيين -وهو يسجّل لكاميرا القناة 12: “أهلا عزيزي أوهاد وكل متابعي القناة 12. نحن نصوّر من العاصمة اليمنية صنعاء، الوضع الاقتصادي متردٍ للغاية، وهناك مخاوف من اندلاع شغب واضطرابات في الشوارع بسبب الوضع الاقتصادي. الوضع أرهق المواطنين وهم بالفعل يعارضون الحروب، الناس محبطون لأن اليمن قد يدخل في حرب أخرى مع أمريكا وإسرائيل بعد انتهاء الحرب مع السعودية”. وأضاف: “يتعلق الأمر بعامة الشعب الذين يعارضون الحوثيين، لكن أنصار الحوثيين مهتمون بالحرب، حتى لو أدى ذلك إلى قتل الشعب بأكمله وتدمير كل شيء”.

ولو طُلب منه تصوير ما يدل على المشاعر المعادية لإسرائيل في شوارع صنعاء، سوف يرسل في لحظة شواهد لا حصر لها. وتظهر لافتات أثناء التصوير بالقرب من جامعة صنعاء مكتوب عليها: “قاطعوا المنتجات الأمريكية والإسرائيلية”. وتظهر صورة أخرى علم الحوثيين الذي كتب عليه: “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود”. ووفقًا له “إنه منتشر في كل مكان”.

تمكّن المتمردون الحوثيون بنجاح من مواجهة التحالف، المدعوم بالذخيرة والاستخبارات الأمريكية. لقد تعززت العلاقة بين الحوثيين والإيرانيين قبل حوالي عقد ونصف: نظامان شيعيان يتشاركان في نظرتهما للعالم. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت فعّالة بالفعل، وتحول الحوثيون إلى ما يشبه وكيل إيراني يدعمه آيات الله في طهران ماليًا وعسكريًا.


المعارضة الإيرانية: تصفية جنرال بارز في الحرس الثوري وعناصر من حزب الله في الهجوم الأمريكي باليمن

تداولت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية وفاة الجنرال الإيراني وجيه الله مرادي، إلا أنها حاولت إخفاء سبب الوفاة، قائلة إنه توفي إثر وعكة صحية، في حين أفادت تقارير إعلامية مؤكدة أنه قُتل جراء غارة جوية أمريكية بريطانية على العاصمة اليمنية صنعاء.

في ظل ساحة المعركة اليمنية الحالية، سنحاول عرض مسيرة الجنرال الإيراني الراحل وجيه مرادي الذي دخل اليمن بطريقة غير شرعية، ويشكّل اغتياله ضربة قاصمة لجماعة الحوثيين، لأن مرادي أحد كبار قادة فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الذين دربوا وقدموا المشورة للحوثيين في حربهم على الحكومة اليمنية الرسمية التي أُجبرت على نقل العاصمة من صنعاء إلى مدينة عدن الساحلية.

كان مرادي مساعدًا مقربًا من قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الذي اُغتيل عام 2020)، ويزعم البعض أنه أحد أقاربه.

شغل مرادي عدة مناصب مهمة، منها نائب قائد وحدة القوات الخاصة التي تحمل اسم الإمام علي، وساعد الحوثيين على إنشاء وحدات عسكرية، التي حملت نفس الاسم، ووحدات الحسين. ودرس في مدينة الشيعة المقدسة -قم، تحت إشراف الكهنة الدينيين الشيعة.

وفقًا لمصادر محلية، قُتل مرادي، الذي كان يجيد اللغة العربية، مع 31 خبيرًا عسكريًا تابعين للحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله جراء الضربات الأمريكية البريطانية.

من جانبها، حاولت وسائل إعلام إيرانية التقليل من أهمية مقتل الجنرال وجيه الله مرادي، وقالت بعد تأبينه إنَّ سبب وفاته هي وعكة صحية مفاجئة أضرت بصحته، إلا أن وسائل إعلام إيرانية معارضة أكدت أنه قُتل جراء الغارات الجوية الأمريكية على العاصمة اليمنية صنعاء.

أكد رفاقه، الذين كانوا على اتصال به أثناء إقامته في اليمن، حقيقة اغتياله.


المعارضة الإيرانية تكشف طرق وأساليب توريد الأسلحة الإيرانية للحوثيين في اليمن

يوضح تقرير نشرته شبكة فوكس نيوز، طريقة تزويد آيات الله في إيران الأسلحة والتدريب للحوثيين، الأمر الذي ساعد الأخيرين على تحسين قدراتهم العسكرية وزاد من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن.

وقدمت فوكس نيوز الأدلة التي كشفتها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، والتي تزعم أنها تظهر طريقة دعم إيران للجماعة “الإرهابية” المتمركزة في شمال اليمن. ورصدت المنظمة عددًا من الأساليب والمواقع التي يستخدمها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لنقل مجموعة متنوعة من الأسلحة إلى الحوثيين، من بينها الطائرات دون طيار، وصواريخ كروز، والصواريخ الباليستية، والألغام المضادة للسفن، ومعدات رادار، وأنظمة اتصالات.

وذكر (التقرير) أن بعض الصواريخ التي بحوزة الحوثيين تصنعها منظمة صناعة الطيران الإيرانية التي فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليها.

ويصف تقرير، صادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية في فبراير 2024، دعم إيران للحوثيين من خلال مقارنته أنظمة الطائرات دون طيار والصواريخ الحوثية بالتي تصنعها إيران. من بين الصواريخ الباليستية التي يمتلكها الطرفان، صاروخ شهاب 3 الإيراني الذي يطلق عليه الحوثيون اسم “طوفان”.

يستخدم فيلق القدس الميناء الواقع شرق مدينة جاسك (الإيرانية) لإرسال معدات عسكرية إلى الحوثيين في اليمن.

كما يشتمل مخزون أسلحة الحوثيين على صواريخ إيرانية استُخدمت في الهجوم على إسرائيل. ويظهر تقرير وكالة الاستخبارات الدفاعية أيضًا بقايا ما يعتقدون أنه صاروخ كروز أطلق عليه الحوثيون اسم “قدس 4”.

قدمت منظمة مجاهدي خلق في تقريرها إلى شبكة فوكس نيوز ديجيتال، وصفًا شاملًا للآليات التي يستخدمها فيلق القدس لنقل القطع العسكرية إلى اليمن، وقالت إن الحرس الثوري “يضغط على بعض أصحاب القوارب المحليين” لنقل أسلحة إلى زوارق الحوثيين “على بعد 10 أميال قبالة سواحل اليمن”.

ذكرت منظمة مجاهدي خلق في أوقات أخرى أن إيران قد ترسل مواد إلى اليمن بعد “إحضارها مسبقًا إلى الأراضي الأفريقية”.

ويشير التقرير إلى أن إيران تخفي أحيانًا الأسلحة داخل المصدات، وهي “ممتص صدمات كبيرة تحُول دون اصطدام السفن بالأرصفة وغيرها من العوائق”.

ذكرت منظمة مجاهدي خلق، أنهم يثبتون المصدات تحت الماء في مكان محدد مسبقًا، “وتلتقطها سفينة أخرى مزودة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) المدمج”.

وفي أحيان أخرى، تربط المصدات بقوارب إيرانية. في 13 أغسطس 2019، قالت منظمة مجاهدي خلق إن مصدات يصل طولها إلى ستة أمتار ربطت بسفينة في رصيف بوشهر قبل يومين من المغادرة.

وأضافت المنظمة: “تُخبأ هذه الأسلحة والمعدات العسكرية داخل هذه المصدات”، لكن لا تعرف الجماعة الوجهة النهائية للشحنة.

في 27 مايو 2020، قالت منظمة مجاهدي خلق إن اليمنيين جهزوا سفينة “محملة بأسلحة خفيفة” من موقع على بعد ميلين من مدينة جاسك الساحلية.

كما أشارت إلى أن أرصفة بهمن، وهي مجموعة تضم “نحو 80 أو 90” مرسى سريًا، بُنيت على طول ساحل الخليج وبحر عمان بأوامر من الخميني عام 1982، لا تزال “خارج سيطرة إيران”. وتقول مجاهدي خلق إن أرصفة بهمن تُستغل أيضًا لتهريب النفط والبتروكيماويات وإرسال الأسلحة إلى قوات وكلائها، ومن بينهم الحوثيون.

إضافة إلى تزويد الحوثيين بالأسلحة، أوضحت منظمة مجاهدي خلق أن إيران تدرّب الحوثيين على استخدام الأسلحة المتقدمة، و”تساعد الحوثيين على التطور من قوة ميليشيا إلى قوة عسكرية تقليدية” من خلال تدريب أفراد عسكريين حوثيين.

أكد نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية براد كوبر في مقابلة أُجريت معه في فبراير مع شبكة سي بي إس، أن أفراد من الحرس الثوري الإيراني يخدمون إلى جانب الحوثيين داخل اليمن، “ويقدمون لهم المشورة ويزودونهم بمعلومات حول الأهداف”.

ويشارك كبار أعضاء القيادة الإيرانية مباشرة في الحفاظ على العلاقات بين إيران والحوثيين.

ووفقًا لمنظمة مجاهدي خلق فإن اللواء عبدالرضا شهلاي، المعروف أيضًا باسم “الحاج يوسف”، هو المسؤول عن الإشراف على التنسيق مع الحوثيين، وساعده قائد قوة القدس الإيرانية إسماعيل قاآني والجنرال محمد رضا فلاح زاده، المعروف أيضًا باسم “أبو باقر” وأبو فاطمة.

كما تكشف منظمة مجاهدي خلق أن مقره في وزارة الخارجية الإيرانية “لاستعراض وتحليل تداعيات هجمات الحوثيين”، فيما يتولى اللواء في الحرس الثوري غلام علي رشيد قائد مقر قيادة خاتم الأنبياء “المسؤولية الأساسية المتعلقة بالشؤون العسكرية في اليمن”.

تقول فوكس نيوز: إن منظمة مجاهدي خلق تدعي أيضًا أن مجلس الأمن القومي الإيراني يضع المبادئ التوجيهية للتدخل والتصعيد في اليمن، وأن المرشد الأعلى علي خامنئي هو المسؤول في نهاية المطاف عن رفض وإقرار القرارات المتعلقة بالشؤون السياسية والعسكرية في اليمن.

فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على خامنئي وشهلاي وقآني وفلاح زاده ورشيد. وعرضت وزارة العدل مكافأة قدرها 15 مليون دولار لمن يقدم معلومات عن شهلاي، وعن دوره في التخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، والتخطيط لهجوم في العراق أسفر عن مقتل خمسة أميركيين وإصابة ثلاثة آخرين.

وحث علي صفوي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيراني، ومقره باريس، المجتمع الدولي على “محاسبة فيلق القدس الإيراني على استغلال الحوثيين لزعزعة استقرار المنطقة”.

كما أضاف صفوي أن “هذا سيبعث برسالة قوية للشعب الإيراني مفادها أن القوة الرئيسة المسؤولة عن قمع انتفاضاته مصنفة دوليًا بأنها كيان إرهابي، وهو ما يضفي شرعية على مقاومتها”.


النظام الإيراني المضاد للطائرات صقر 358 يسقط خامس طائرة أمريكية بدون طيار

أسقط صاروخ من بطارية “صقر 358” إيرانية الصنع طائرة أمريكية دون طيار “ريبر” من طراز MQ-9B، وهي طائرة استطلاع يمكن تزويدها بصواريخ، في محافظة مأرب.

فقدت الولايات المتحدة طائرة أخرى بدون طيار من طراز MQ-9B Reaper التي تبلغ قيمتها 30 مليون دولار، بعد أن أسقطها المسلحون الحوثيون في اليمن.

لقد أسقط صاروخ مضاد للطائرات من بطارية “صقر 358” هذه الطائرة الأمريكية MQ-9B، التي تُستخدم أساسًا لجمع المعلومات الاستخبارية، والمراقبة والاستطلاع ويمكن تزويدها بصواريخ موجهة.

في الحادث الأخير، جرى اعتراض الطائرة دون طيار من طراز ريبر بنجاح على طول محافظة مأرب.

أظهرت صور نشرتها مليشيا الحوثي، شظايا الطائرة المسيّرة في موقع سقوطها. إنها الطائرة الأمريكية الخامسة بدون طيار من طراز MQ-9B Reaper التي تسقط في الشرق الأوسط والرابعة التي يسقطها الحوثيون منذ بداية الصراع بين إسرائيل وغزة.

وأُسقطت أول طائرة من طراز MQ-9 Reaper في نوفمبر الماضي، وأخرى في فبراير، والرابعة في أواخر أبريل بالقرب من محافظة الحديدة الساحلية شمالي غرب اليمن، وحتى الآن، لم تصدر وزارة الدفاع الأمريكية أي بيان بشأن مزاعم الحوثيين بإسقاط طائرة بدون طيار أخرى من طراز MQ-9B.

يستخدم الجيش الأمريكي الطائرة المسيّرة MQ-9 Reaper، التي طورتها شركة جنرال أتوميكس لأنظمة الطيران لتأمين الساحل الغربي لليمن للنقل التجاري، ويمكن للطائرة المتطورة الطيران لمدة 27 ساعة على ارتفاعات تصل إلى 50 ألف قدم، وتحمل حمولات تربو على 1.7 طن، ومن بينها أجهزة استشعار حساسة وأنظمة إلكترونية.

تُستخدم MQ-9 Reaper في المقام الأول لتنفيذ مهام جمع المعلومات الاستخبارية، والمراقبة والاستطلاع، ويمكن أيضًا تجهيزها بصواريخ هيلفاير، وGBU-12 Paveway II وذخائر الهجوم المشترك المباشر GBU-38 (JDAM) لأغراض الهجوم.

اعتبارًا من عام 2021، شغلت القوات الجوية الأمريكية أكثر من 300 طائرة بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper، ودخلت الخدمة في الجيش الأمريكي عام 2007 ومن المتوقع أن تخرج عن الخدمة في عام 2035.

ووفقًا للتقديرات، استخدم المسلحون الحوثيون صاروخًا موجهًا ثنائي الوضع من طراز صقر 358، يجمع بين قدرات طائرة انتحارية بدون طيار وصاروخ مضاد للطائرات، لاعتراض الطائرات المسيّرة التي تنشط في مناطق الصراع بالشرق الأوسط على وجه الخصوص.

هذا الصاروخ المتقدم، الذي طورته إيران، تستخدمه الجماعات الوكيلة المدعومة منها في صراعات مختلفة بجميع أنحاء المنطقة، ومن بينهم الحوثيون في اليمن والجماعات المسلحة الأخرى في العراق، والآن لدى حزب الله في جنوب لبنان.

منذ عام 2020، نشر الحوثيون صورًا تظهر استخدام صاروخ “صقر 358” باعتباره صاروخًا مضادًا للطائرات لتدمير الطائرات المقاتلة، والمروحيات، والطائرات دون طيار. ويحمل الصاروخ رأسًا حربيًا انشطاريًا وزنه 10 كيلوغرامات، ولا يتطلب نظام إطلاق متطور مما يسهل حركته.

الهوامش
  1. كاتب، ومحلل، وصحفي يركز على الشؤون الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي. هو زميل باحث في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية، وزميل في منتدى الشرق الأوسط، ومحلل أمني مستقل، ومراسل في IHS Janes.
  2. محلل شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة هاآرتس، عمل في السابق مبعوثًا للصحيفة في واشنطن. ويحاضر “برئيل” في كلية سابير، وجامعة بن غوريون، ويبحث في سياسة وثقافة الشرق الأوسط. حاز، عام 2009، على جائزة سوكولوف على إنجازاته.
  3. ما جرى كان هدنة وليس اتفاقا لوقف إطلاق النار، وجرت بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمدعومة من السعودية وجماعة الحوثيين حلفاء إيران، ولم تكن بشكل مباشر بين الرياض والحوثيين. المحرر.
  4. توقف تصدير النفط في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا كان قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة ولم يكن له علاقة بها، بل حدث عقب قصف بالصواريخ شنته جماعة الحوثيين على مينائي النشيمة والضبة في شبوة. المحرر.
  5. محلل في شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة جيروزاليم بوست. لقد غطى الحرب ضد تنظيم داعش، وحروب غزة الثلاثة، والصراع في أوكرانيا، وأزمة اللاجئين في أوروبا الشرقية، كما كتب تقارير عن العراق، وتركيا، والأردن، ومصر، والسنغال، والإمارات، وروسيا. حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة العبرية في القدس عام 2010. عمل في السابق باحثًا مشاركًا في مركز روبين للأبحاث والشؤون الدولية، ومحاضرًا في الدراسات الأمريكية في جامعة القدس. ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل.
  6. زميل غير مقيم في مشروع مكافحة التطرف، نشر تقارير حول بنية الحوثيين المالية، وإساءة استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية، واستهدافهم للأقليات الدينية، واضطهاد النساء والصحفيين، عمل أيضًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS). تتركز أبحاثه حول سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. والاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بإيران والحرب الأهلية في اليمن.
  7. مستشار بارز في مشروع مكافحة التطرف، والسفير السابق للمملكة المتحدة في اليمن، والمنسق السابق لفريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة الخاص بتنظيم داعش والقاعدة وطالبان.
  8. معلق الشؤون الفلسطينية في “القناة 12” الإسرائيلية، عمل سابقًا في القناة العبرية الأولى. يحمل درجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من الجامعة العبرية.
مشاركة