إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية الحوثيون لم يواجهوا مقاومة في البحر الأحمر ومخاوف من مدّ نفوذهم إلى المتوسط وتسليح روسيا لهم

تنويه: حُررت هذه الترجمة مراعاة للوضوح، والآراء الُمعرَب عنها فيها لا تعكس آراء مركز صنعاء للدراسات، كما لا يُعد المركز مسؤولًا عن صحة البيانات والمعلومات الواردة أيضًا.


“أجادت إسرائيل في اتخاذها قرار الرد على إطلاق الحوثيين طائرة مسيّرة نحو تل أبيب، لكن قدراتها وحدها لا تكفي لهزيمة الجماعة”، كان هذا الاقتباس مقدمة لتقرير في صحيفة هآرتس الإسرائيلية.

وقال التقرير إن من المهم عزل الحوثيين عن إيران من خلال فرض حصار بحري مُحكم وإنشاء حكومة بديلة من أجل هزيمتهم، مشيرًا إلى أن ذلك لن يأتي بالضرورة من الساحة السياسية المفككة في اليمن، كما أن تحقيق ذلك يتطلب تحالفًا دوليًا واسعًا يشمل إسرائيل والدول العربية. وهذا الأمر لن يحدث طالما استمر القتال في غزة.

وبحسب تقرير آخر، فإنه من غير المتوقع أن يتراجع الحوثيون خطوة إلى الوراء عقب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت ميناء مدينة الحديدة.

ووصفت الصحافة الإسرائيلية الضربة التي شنتها تل أبيب بـ “الهجوم المؤلم”، إلا أنه لن يردع الحوثيين أو يقضي على قدراتهم العسكرية، مشيرة إلى أنهم “وكيل” إيراني آخر لا يخشى تلقي الضربات من إسرائيل في سبيل حرب الاستنزاف متعددة الساحات وتنفيذ المهام لصالح طهران، كما يفعل حزب الله تمامًا.

ويقدّر تقرير آخر أن الضربات الأمريكية والبريطانية لم تحقق الهدف المنشود، إذ لم تتعرض القيادة العليا للحوثيين للأذى على الإطلاق، كما أن الغرب -وبالتأكيد في الولايات المتحدة -ليس في عجلة من أمره لإرسال قوات إلى المنطقة لدعم الحكومة الموالية للسعودية في جنوب اليمن.

ويقول معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إن تهديدات عبدالملك الحوثي للسعودية جرت بالتوازي مع تهديدات موازية من الأذرع الإيرانية في العراق، وهي تذكير بطموح وقوة المحور الإيراني في تهديد المملكة وتثبيطها عن التقدم نحو التطبيع مع إسرائيل والتوصل إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة.

ووفق المعهد، فإن الحوثيين سيواصلون هجماتهم على إسرائيل، لأنها تعزز مكانتهم بين محور المقاومة وتعيد طرح قضية التسوية في اليمن على الأجندة الإقليمية والدولية بغض النظر عن وقف إطلاق النار في غزة أو مسألة الرد الإسرائيلي. وقال إن الإشكالية العسكرية في مجابهة التحدي الحوثي تشير إلى عدم وجود حلول عسكرية، ولكنها قد تؤدي إلى أن السعودية وإسرائيل قد تواجهان نفس المصير، مما ينعكس على توطيد العلاقات بينهما.

ووصف تقرير آخر “حلقة النار” التي شكلتها إيران مع الحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان، بأنها قد تعجل من التحالف الدفاعي بين السعودية والولايات المتحدة إلى حد كبير، على عكس طموح إيران في إحباطه.

ويشير أحد التقارير إلى أن الإدارة الأمريكية تبذل جهودًا دبلوماسية عبر دولة ثالثة لإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم مشاركة إيران في تعزيز وتسليح جماعة الحوثيين.

ويقول تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن نوايا وقدرات الحوثيين لاستهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر آخذة في الازدياد بدلًا عن الانخفاض، لافتًا إلى أن الجماعة لم تواجه قدرًا كبيرًا من المقاومة، في الوقت الذي ما يزال فيه تهديد الحوثيين أولوية منخفضة نسبيًا لتل أبيب.

ووفق تفاصيل حصرية نقلتها قناة i24NEWS الإسرائيلية، فإن أجهزة الاستخبارات ينتابها قلق متزايد خشية ظهور جبهة جديدة محتملة ضد إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط . وتكشف المعلومات أن جماعة الحوثيين توسّع نفوذها في شمال إفريقيا، والسودان ومصر والمغرب وتخطط لنقل مقاتلين من اليمن إلى تلك البلدان لترسيخ وجودها فيها، في الوقت الذي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين في تحديد ساحة جديدة للمعركة، حيث تطمح طهران إلى تطوير أذرعها في البحر المتوسط، والتأكيد على ضرورة تأمين العمق الاستراتيجي الإيراني هناك.

وحرص تقرير صحفي على تذكير الحوثيين بأن إسرائيل أسقطت قبل 60 عامًا، معدات عسكرية في جبال صعدة، معقل الجماعة الحالي، وأخذها أجدادهم. وقال “من المشكوك فيه أن يتذكر حوثيو اليوم هذا الحدث، أو أنهم لا يرغبون في تذكره على الإطلاق”.


ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وهي جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.


جدول المحتويات إظهار

هزيمة الحوثيين تتمثل في إبعادهم عن إيران وهي ليست مهمة إسرائيل بمفردها

استهدف الهجوم الإسرائيلي في الحديدة بُنىً تحتية مهمة تخدم الحوثيين: وهي مستودعات النفط والأسلحة ومخازن الذخيرة. في مارس 2022، أي قبل حوالي عامين، قصف التحالف السعودي المدينة الساحلية الاستراتيجية ردًا على هجوم شنه الأخيرون على مدينة جدة. استهدف هجوم الحوثيين حينها البنية التحتية النفطية وقلب الاقتصاد السعودي، لكن الرياض أدركت وقتها أنها لن تحقق هدفها الرئيسي المتمثل في الإطاحة بنظام الحوثيين الذي يسيطر على أجزاء من اليمن، حتى تتمكن القوى الأكثر اعتدالًا من استعادة السيطرة على أفقر دولة في العالم العربي.

ومنذ عام 2015 حتى نهاية 2022، حارب التحالف الذي تقوده السعودية المتمردين الذين كانوا على الأرجح أضعف بكثير منه. حينذاك، وجه العالم اتهامات للرياض وحلفائها بانتهاكات حقوق الإنسان، والتسبب في مجاعة جماعية عندما حاولوا إغلاق ميناء الحديدة، ووقف شحنات الأسلحة القادمة من طهران. ادعى السعوديون أنهم كانوا يقاتلون وأيديهم مغلولة، في حين انتقدهم البعض بأنهم انتهجوا استراتيجية فاشلة مع الافتقار إلى الحزم.

لم يبدِ معظم العالم اهتمامًا كبيرًا بهذه الحرب، ولم يعرفوا كثيرًا عن تفاصيلها. كما لم يُعرب معظم الإسرائيليين أيضًا عن اهتمام كبير بها حتى وقت قريب. لكن البعض في المنطقة أدرك الإمكانات التدميرية للجماعة المتطرفة المتمركزة عند مفترق طرق استراتيجي في البحر الأحمر؛ وبُذلت جهود لكبح جماح الحوثيين والإطاحة بنظامهم، ولكنها باءت بالفشل. هناك تشابه معين بين الوضع في اليمن والوضع في غزة والذي ظل يتدهور منذ أن استولت حماس على السلطة في القطاع عام 2007.

مع أن اليمن دولة ذات سيادة منذ عام 1962، وغزة هي جزء من الحكم الذاتي الفلسطيني وما تزال تناضل من أجل استقلالها؛ إلا أن القاسم المشترك بينهما هو سيطرة المنظمات الأصولية التي تدافع عن أجندة دينية متطرفة وتتلقى الدعم من دولة ترعى المنظمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، وهي إيران.

حاول العالم العربي على مدى 17 عامًا تحقيق المصالحة بين حماس وفتح، لكن دون جدوى. حاولت إسرائيل طيلة 17 عامًا التخلص من حماس (على الأقل رسميًا) بشتى الطرق -من الحصار إلى العمليات العسكرية. حاولت السعودية طوال 7 سنوات تفكيك نظام الحوثيين في اليمن (وتلقت مساعدات عربية وأمريكية)، لكنها لم تحقق نجاحًا. كما أن الأمم المتحدة لم تعزز أهدافها المتمثلة في تحقيق السلام ووقف مستدام لإطلاق النار في غزة أو اليمن.

يبدو أن العالم غير قادر على التعامل مع الجهات الفاعلة “المارقة” مثل حماس أو حزب الله أو الحوثيين، الذين يسيطرون على أجزاء من بلدان أو دول فاشلة. وبسبب الشلل العملي في الأمم المتحدة، لا توجد أي قدرة تقريبًا على اتخاذ قرارات جريئة ضرورية لاستعادة السيطرة على هذه المناطق من هذه الجهات “الخبيثة” -كما كان الحال، على سبيل المثال، في كمبوديا في أوائل التسعينيات.

إن اليمن مثال كلاسيكي للدولة الفاشلة. تشتعل فيها الحرب الأهلية منذ سنوات عديدة، تقريبًا منذ إعلان استقلالها. وحتى قبل اعتلاء الحوثيين السلطة، سيطر تنظيم القاعدة والمنظمات الجهادية الأخرى على أجزاء كبيرة منها. ولعب هذا أيضًا دورًا في دفع الحوثيين الشيعة إلى حمل السلاح والدفاع عن أنفسهم من صعود الإسلام السني المتطرف.

لقد عانت إسرائيل من مضايقات الحوثيين منذ ما يقرب من عشرة أشهر، وقد أجادت إسرائيل في اتخاذها قرار الرد على إطلاق الطائرة المسيّرة نحو تل أبيب. لكن قدرات إسرائيل وحدها لا تكفي لهزيمة الحوثيين. إنه نظام إرهابي مدعوم من طهران، ويحكم مواطنين ضعفاء وجوعى يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية. لا يمتلك اليمن بنى تحتية كثيرة كالتي قُصفت يوم السبت، وحتى لو تدمر ميناء الحديدة بأكمله -ومن المؤكد أن المجتمع الدولي سيدلي بدلوه في هذا الشأن، كما فعل في مواجهة قصف التحالف السعودي -فمن المشكوك فيه أن تعطل هذه الخطوة أنشطة الحوثيين لفترة طويلة.

ولهزيمة جماعة الحوثيين “الإرهابية”، لا ينبغي لنا أن نهزمها عسكريًا فحسب، بل يتحتم علينا أيضًا أن نعزلها عن إيران ـمن خلال فرض حصار بحري مُحكم، وإنشاء حكومة بديلة. ولن يأتي ذلك بالضرورة من الساحة السياسية المفككة في اليمن، على غرار الوضع في كمبوديا قبل 30 عامًا. عندها فقط سوف يتوفر الأمن للمدن السعودية والإسرائيلية، وتأمين الممرات الملاحية الدولية في البحر الأحمر.

يتطلب تحقيق ذلك تحالفًا دوليًا واسعًا يشمل إسرائيل والدول العربية. ومن الواضح أن هذا لن يحدث طالما استمر القتال في غزة. الحل في قطاع غزة لن يكون بالضرورة محليًا، بل دوليًا وإقليميًا أيضًا.

على من يسعى إلى تحقيق “النصر المطلق” في كافة الساحات أن يركز على الاصطفاف مع اللاعبين الإقليميين والدوليين البارزين لبلورة بنية إقليمية جديدة ومستقرة. وبهذه الطريقة سيكون من الممكن التغلب على اللاعبين “المارقين” وعلى إيران راعيتهم الكبرى.


المؤسسة الأمنية الأميركية تحذر: روسيا تعتزم تسليح الحوثيين

حذرت وكالات الاستخبارات الأمريكية من أن روسيا قد تسلّح الحوثيين في اليمن بصواريخ متطورة مضادة للسفن انتقامًا من تأييد إدارة بايدن مساعدة أوكرانيا بالأسلحة الأمريكية.

وحذر قائد الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط مؤخرًا، وزير الدفاع لويد أوستن، في رسالة من أن التدابير التي ينفذها الجيش الأمريكي لمواجهة الحوثيين في اليمن لا تردعهم، كما أنها لا تمنعهم من مواصلة الهجوم على السفن في البحر الأحمر.

نتيجة لذلك، يسعى البيت الأبيض إلى منع موسكو من إرسال الصواريخ والطائرات المسيّرة إلى الحوثيين المدعومين من إيران، الذين يهاجمون السفن في البحر الأحمر منذ أكثر من ثمانية أشهر. تبذل الإدارة الأمريكية جهودًا دبلوماسية عبر دولة ثالثة لإقناع الرئيس الروسي بوتين بعدم مشاركة إيران في تعزيز وتسليح جماعة الحوثيين “الإرهابية”.

وقال مسؤول في إدارة بايدن إنه طُلب من القيادة المركزية إعداد قائمة موسعة للأهداف المحتملة، من بينها مسلحين محددين، لشن هجمات محتملة على الحوثيين. ومع ذلك، يزعم بعض المسؤولين الأمريكيين أنه كان من الممكن اتخاذ مزيد من التدابير منذ فترة طويلة لحماية الشحن التجاري، من بينها استهداف أكبر لمنشآت تخزين الأسلحة، والتركيز على قادة الحوثيين، واختيار أهداف تخلف أكبر عدد من الضحايا المحتملين.


ليست إسرائيل والولايات المتحدة: هذه الدولة التي يخطط الحوثيون لمهاجمتها

علق البروفيسور عوزي رابي[2]، رئيس مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، على عدم رد السعودية والإمارات على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مدينة الحديدة اليمنية. وقال في مقابلة مع راديو 103FM: “إنني على يقين بأن الدولتين المتاخمتين لليمن، السعودية والإمارات، قد انتابهما شعور بالارتياح بعد رؤية الرد الإسرائيلي. في النهاية، نحن بحاجة إلى منصة أوسع. آمل حقًا أن تدير إسرائيل الأمور بشكل صحيح في غزة، وأن تبني منصة لمساعدة إسرائيل. لقد واجهت السعودية صعوبة وهي تحارب جماعة “إرهابية” تعيش بين السكان المحليين”.


إسرائيل تخشى اندلاع جبهة جديدة في البحر الأبيض المتوسط

أشارت تفاصيل حصرية سمحت الرقابة الإسرائيلية بنشرها أنَّ وكالات الاستخبارات الإسرائيلية ينتابها قلق متزايد خشية ظهور جبهة جديدة محتملة لمجابهة إسرائيل، هذه المرة في البحر الأبيض المتوسط.

تكشف المعلومات التي حصلت عليها المخابرات الإسرائيلية أنَّ المتمردين الحوثيين في اليمن يبسطون نفوذهم في شمال إفريقيا، والسودان، ومصر، والمغرب لاستهداف إسرائيل من هذه المناطق.

كما ورد أنَّ الحوثيين يخططون لنقل مقاتلين من اليمن إلى هذه البلدان لترسيخ وجودهم فيها، مما يشكل تهديدًا مباشرًا على المصالح الإسرائيلية في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وتشير مصادر استخباراتية إلى أنَّ جهود نقل الأسلحة إلى هذه المناطق المستهدفة حديثًا لا تزال مستمرة.

وقال مصدر مطلع على مجريات الأحداث لـ i24NEWS إنَّ “السيناريو المرعب يتمثل في سقوط صاروخ في البحر الأبيض المتوسط، إنها ستكون كارثة”. “التهديد لا يقتصر على إيلات والبحر الأحمر، إنه هنا، قبالة الساحل الإسرائيلي”.

كما تدل آخر المستجدات إلى مشاركة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مع الحوثيين والميليشيات الشيعية في العراق، مما يشير إلى تنسيق الجهود بينهم لتوسيع النفوذ. وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية، يسعى الحوثيون إلى ترسيخ وجودهم، إلى حد كبير، حتى يتسنى لهم تهديد نقاط استراتيجية مثل مضيق جبل طارق من الأراضي المغربية.

كما سلط التقرير الضوء على أنَّ “إيران تعمل بدأب لبسط نفوذها عبر وكلائها في الأردن، واليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان، والسودان، وتركز الآن على القرن الأفريقي”، مما يؤكد على استراتيجية إيران الإقليمية المتنامية.


هل تواجه إسرائيل ساحة بحرية جديدة؟

بعد تعرضها لهجوم من لبنان، وغزة، والعراق، واليمن، وإيران، هل تواجه إسرائيل ساحة جديدة في البحر الأبيض المتوسط؟ لقد أُفيد، مؤخرًا، أنَّ جماعة الحوثيين “الإرهابية” في اليمن -وكلاء النظام الإيراني -تهدد باستهداف إسرائيل في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ونشر المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة في شهر مايو الماضي، أنَّ مسؤولين بارزين في طهران حددوا بالفعل ساحة المعركة الجديدة -البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لتحليل تقارير مختلفة على الشبكات الإيرانية.

ينشر محلل إيران في مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة، أفراهام. م، أنَّ قائد الحرس الثوري الجنرال سلمي قال -أثناء مراسم إحياء ذكرى مرور 40 يومًا على اغتيال محمد رضا زاهدي، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا: “إنَّ الفلسفة وراء استشهاد زاهدي تكمن في استمرارية رؤية الثورة الإسلامية في إيران… وهي إعادة إحياء قوة الإسلام في العصر الجديد (أي: تصدير الثورة)… إذا نجح العدو في اختراق أي دولة إسلامية فلن يتوانَ عن تصعيد هذا الاختراق، ومن ثم يجب التصدي له… سنقطع طريق العدو في شرق البحر الكبير (البحر المتوسط) وسنوسع الجبهة حتى ينهار. يجب أن تتحول جميع الدول الإسلامية إلى ساحة للجهاد لمواجهة الأعداء… ومهمة فيلق القدس هي إغلاق الطرق التي يتسلل منها العدو إلى العالم الإسلامي (أي: العمل في جميع أنحاء العالم).

إنها ليست المرة الأولى التي تتطرق فيها إيران إلى مسألة النشاط البحري في حوض البحر الأبيض المتوسط لتصعيد هجومها على إسرائيل. قال القائد السابق للحرس الثوري الإيراني ومستشار خامنئي، الجنرال رحيم صفوي، خطابًا مشابهًا أمام طلاب عسكريين تابعين الحرس الثوري الإيراني، قبل حوالي ستة أشهر:

“لا خيار لنا سوى تعميق أمننا. عمقنا الاستراتيجي (حاليًا) هو البحر الأبيض المتوسط، ولكن يجب علينا توسيعه حتى 5 آلاف كيلومتر. إنَّ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر منطقتان استراتيجيتان، ولذا يجب على الذراع البحري والجوي والفضائي التابعين للحرس الثوري الإيراني التركيز على هذه النقاط”.

قال الجنرال محمد رضا نقدي، منسق عمليات الحرس الثوري الإيراني، في 23 ديسمبر 2023: “إذا استمرت جرائم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، فيجب عليهما انتظار صعود قوى مقاومة جديدة، وإغلاق المعابر البحرية الأخرى أمامهما”. بالأمس كان الخليج العربي ومضيق هرمز هو الذي أصبح كابوسًا لهم، واليوم في باب المندب والبحر الأحمر، وإذا واصلوا جرائمهم، فسوف يغلق قريبًا جبل طارق، والبحر الأبيض المتوسط، والمعابر البحرية الأخرى”.

المخاوف: هجوم من منطقة شمال أفريقيا

قبل أكثر من عقد من الزمن، كشف المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة، أن جماعة بولساريو “الإرهابية” في المنطقة الحدودية بين المغرب والجزائر، تحافظ على علاقات وثيقة مع إيران. وبعد عدة سنوات، دفعت هذه التقارير إلى قطع المغرب علاقاته مع إيران.

أفاد الصحفي لونزو كوك، المحرر السابق لشبكة CNN، قبل نحو عام، أنَّ إيران تبدي اهتمامًا بالغًا بأنشطتها ونفوذها المتنامي في منطقة أفريقيا، وخاصة منطقة الساحل والمغرب العربي. في دول مثل: السنغال، وجمهورية أفريقيا الوسطى، ونيجيريا. إنَّ النشاط الإيراني يشبه، إلى حد كبير، العمليات التي تقوم بها طهران في الشرق الأوسط من خلال تسليح، وتدريب الجماعات الشيعية المتمردة.

هدف إيران هو الحصول على موطئ قدم في منطقة استراتيجية غنية بالموارد ومتاخمة لطرق الشحن الغربية الحيوية في المحيط الأطلسي.

وتكملة للتقرير المنشور على موقع “The Post Defense”، أفيد أنَّ المغرب قلق من أن تسعى إيران إلى تزويد بولساريو بطائرات مسيّرة هجومية، وأكد سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، مرارًا على عمليات نقل الطائرات المسيّرة عبر الجزائر، وحذر من أن المغرب سيرد “بشكل مناسب”. وفي الوقت ذاته، تتجه إيران إلى المواطنين الشيعة في البلاد لتجنيدهم وحثها على التطرف في مواجهة العائلة الملكية.

وتحتفظ إيران بعلاقات اقتصادية وعسكرية مع الجزائر التي ترعى البوليساريو. وأفيد أن إيران زودت الجزائر بطائرات عسكرية مسيّرة، وهو ما أكده وزير داخلية البوليساريو السابق عمر منصور، الذي تفاخر بوصول أولى الشحنات وهدد بتوجيهها ضد المغرب.


الهجوم الإسرائيلي على اليمن لن يردع الحوثيين: العكس هو الصحيح

قبل 60 عامًا، أسقطت إسرائيل في جبال صعدة، معقل الحوثيين، معدات عسكرية وأخذها أجدادهم. ثم خاضوا حربًا ضد الجيش المصري، الذي قدِم لإنقاذ النظام الجمهوري الذي انبثق في اليمن نتيجة الانقلاب العسكري على الإمام (المحرر: يعني الكاتب هنا ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أقامت النظام الجمهوري في اليمن). ومن المشكوك فيه أن يتذكر حوثيو اليوم هذا الحدث، أو أنهم لا يرغبون في تذكره على الإطلاق.

إن تبادل الضربات الأخيرة بين إسرائيل والحوثيين يعد حلقة أخرى في سلسلة طويلة من الحروب التي يخوضها الأخيرون بشكل متزامن على عدة ساحات منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. خاض الحوثيون ست جولات قتالية صعبة في مواجهة الجيش اليمني النظامي، ومع أنهم لم يحققوا مكاسب إقليمية، إلا أنهم نجحوا في حماية أنفسهم من الهزيمة. ومع اندلاع “الربيع العربي” عام 2011، استغل الحوثيون الاضطرابات التي شهدتها البلاد للاستيلاء على مناطق إضافية، وفي عام 2014 استولوا بالفعل على العاصمة صنعاء. ثم اشتبكوا مع قوات الرئيس (المخلوع)، علي عبدالله صالح، الذي تحالف معهم بعد فترة قصيرة وانتهى الأمر بقتله.

في وقت لاحق، واجه الحوثيون لمدة ثماني سنوات تقريبًا هجمات جوية واسعة النطاق شنتها القوات الجوية السعودية وتدخلت القوات البرية الإماراتية (بمشاركة وحدات أرسلتها من السودان). فشلت السعودية، التي تلقت التوجيه والمساعدة من الولايات المتحدة، بشكل مخزٍ في محاولة طرد الحوثيين، وتعرضوا (السعوديون) لهجمات صاروخية في عمق أراضيهم، بما في ذلك العاصمة الرياض، وتوصلوا في العامين الماضيين إلى تفاهم بشأن هدنة هشة لا تزال سارية حتى الآن. هدد الحوثيون مؤخرًا باستئناف إطلاق طائرات مسيّرة، وصواريخ كروز، وصواريخ باليستية على أهداف حساسة في السعودية إذا تعاونت مع إسرائيل والولايات المتحدة، ولهذا سارع المتحدث العسكري السعودي إلى نفي أي علاقة لبلاده بالعملية التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي في ميناء الحديدة.

لا يهاجم الحوثيون السفن في مضيق باب المندب “بوابة الدموع” فحسب، ولكن أيضًا يهاجمون البحر الأحمر وحتى شمال ميناء جدة، وكذلك في خليج عدن، وبحر العرب بالقرب من جزيرة سقطرى، وسواحل عمان. وقد تضررت -حتى الآن -أكثر من 80 سفينة. انخفض حجم البضائع المنقولة من وإلى قناة السويس بنسبة تزيد على 50%، وتخسر مصر أموالًا طائلة. وضاعفت القوات الأميركية المتمركزة في المجال البحري، التي انضمت إليها الآن حاملة الطائرات روزفلت، معدل الغارات الجوية على أهداف الحوثيين الشهر الماضي -26 غارة في يونيو -لكنها تحرص على الحفاظ على نمط الدفاع النشط وضرب أهداف عسكرية محددة دون مرافق البنية التحتية، كما ضربت إسرائيل ميناء الحديدة، الميناء الذي يعد بوابة دخول شحنات الأسلحة القادمة من إيران. ويهدد الحوثيون باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية، وثمة مخاوف جدية في واشنطن من أن يزودهم الروس بالصواريخ الساحلية المناسبة.

ويجب ألا ننسى أنه في خضم هذه الحروب المتشابكة، يخوض الحوثيون قتالًا متواصلًا مع قوات منافسة داخل اليمن، حول مدينتي تعز ومأرب، وعلى الخطوط الأمامية في مواجهة القوات اليمنية الجنوبية التي تتمتع برعاية الإمارات.

تواجه إسرائيل جبهة مع عدو بعيد، ولكنه عنيد، يعلن عن استعداده لمحاربة أمريكا في الساحة البحرية، وجارته السعودية، وخصومه اليمنيين المحليين وإسرائيل في الوقت ذاته. والهدف الذي يسعى الحوثيون لتحقيقه هو إضافة دعامة أخرى إلى جانب الحصار البحري الذي تمكنوا من فرضه على إيلات: عرقلة الملاحة إلى إسرائيل على طرق شرق البحر الأبيض المتوسط. وينشرون بيانات حول تعاونهم مع الميليشيات الإيرانية في العراق للهجوم على حيفا والسفن المبحرة إليها. ولم يتسن التحقق عمليًا من صحة هذه التصريحات حتى الآن، لكن الطائرة المسيّرة التي انطلقت إلى تل أبيب وكانت تستهدف محيط سفارة الولايات المتحدة في شارع يراكون، تدل على القدرة التي طورها الحوثيون لمحاولة مضايقة إسرائيل أيضًا في قطاع البحر الأبيض المتوسط.

ومع أن الأضرار التي لحقت بمحطة توليد الكهرباء، وخزانات النفط الكبيرة في ميناء الحديدة جسيمة، إلا أنه من غير المتوقع في هذه المرحلة أن يتراجع الحوثيون خطوة إلى الوراء. بل على العكس من ذلك، لقد سارع المتحدث العسكري، يحيى سريع، إلى الإعلان عن استعدادهم لخوض حرب طويلة وعمليات انتقامية مركزة.


التصعيد في مواجهة الحوثيين: ما الخطوة التالية التي ينبغي لإسرائيل اتخاذها؟

تقول المؤسسة الأمنية إن الجيش الإسرائيلي لديه كثير من الأهداف في مناطق سيطرة الحوثيين، وسوف يهاجمها إذا استمرت عمليات الإطلاق، وخاصة لو حدثت هجمات مميتة.

شاركت عشرات الطائرات في الهجوم بعيد المدى، من بينها طائرات F-35I، و F-15، ورافقتها أيضًا طائرات التزود بالوقود من طراز “رام”، التي تخدم في سلاح الجو الإسرائيلي منذ 60 عامًا. وزودت طائرات “شافيت” و”عيطام” المهاجمين بغطاء استخباراتي وتحكم جوي، كما تواجدت في مكان ما مروحيات على أهبة الاستعداد، وتمنى الجميع عدم تشغيلها، وكان دورها إنقاذ طيار هارب في حال تضررت إحدى الطائرات.

لقد قدم سلاح الجو أداءً دقيقًا، حيث حلَّق لمسافة 1700 كيلومتر في كل اتجاه وكان عليه التنسيق بين عشرات الطائرات. إنها رحلة طويلة فوق البحر، هذه الغارات الجوية تدرب عليها طيارو سلاح الجو الإسرائيلي منذ سنوات وتنفيذها ليس معقدًا للغاية. لكن ثمة من يؤكد في القوات الجوية أن المقارنات التي أجريت بالفعل مع الهجوم على إيران في غير محلها، وعلى عكس اليمن، فإن الرحلة إلى إيران تمر أيضًا عبر أجواء دول أقل ودية، ولها أنظمة قوية مضادة للطائرات، وهو ما ينطبق أيضًا على إيران نفسها. ولذا فإن التهديد والمخاطرة قائمة في كلا اتجاهي الرحلة ذهابًا وإيابًا.

مع أن الحوثيين تعرضوا لهجوم مؤلم، إلا أنه لن يردعهم أو يقضي على قدراتهم العسكرية. وفي النهاية، إنه “وكيل” إيراني آخر، لا يخشى تلقي الضربات من إسرائيل في سبيل أن جزءًا من حرب الاستنزاف متعددة الساحات وتنفيذ المهام لصالح طهران، كما يفعل حزب الله تمامًا. وفي هذا السياق قال رئيس الأركان هرتسي هاليفي: “كل الأحداث مترابطة، ولها علاقة بإيران. وأضاف: “في النهاية، يوجد أخطبوط، له أذرع، أنتم تقاتلون هنا ذراعا واحدة، وتقاتلون في أماكن أخرى أذرع مختلفة، ينبغي فهم هذا الأمر”.

ويواصل هاليفي القول إنه طالما أن إسرائيل تتجنب مواجهة إيران التي تعد الطرف المباشر الذي يهددها ويدير هذه الحرب برمتها ضدها، فإن هجمات أذرع الأخطبوط سوف تزداد. وباستثناء حالات قليلة للغاية، مثل عملية الاغتيال بالقرب من المبنى الإيراني في دمشق، فإن طهران تدير حرب استنزاف من خلال جميع القوات الوكيلة التي بنتها حول إسرائيل دون تلقي أي ردود فعل من إسرائيل، ناهيك عن التدابير الاستباقية.

في الأشهر الأخيرة، وصل عدد من الضباط وعناصر في الحرس الثوري إلى مراكز قيادة حزب الله والحوثيين والميليشيات الأخرى، لتنسيق استمرار الهجمات على إسرائيل ومواصلة تدفق إمدادات الأسلحة. وترى إسرائيل كل هذه التحركات الإيرانية تقريبًا، لكنها تخشى اتخاذ إجراءات مباشرة، لأنها قد تؤدي إلى رد فعل أقوى بكثير من الهجوم الصاروخي الإيراني التي اعترضته إسرائيل في أبريل الماضي.


هجوم الحوثيين بطائرات مسيّرة: الرد الأمريكي المحتمل وفرص إسرائيل

تهاجم الولايات المتحدة وبريطانيا من حين لآخر أهدافًا تكتيكية في اليمن، خاصة في منطقة مدينة الحديدة الساحلية. ويتركز قصف الطائرات الحربية على منصات إطلاق الصواريخ والمستودعات، ولكنه لم يحقق الهدف المنشود حتى الآن. لم تتعرض القيادة العليا للحوثيين للأذى على الإطلاق، والغرب -وبالتأكيد في الولايات المتحدة -ليسوا في عجلة من أمرهم لإرسال قوات إلى المنطقة لدعم الحكومة الموالية للسعودية في جنوب اليمن.

ويمكن التقدير أن أمريكا وبريطانيا سوف يردون بهجوم ما في اليمن لإرضاء الجانب الإسرائيلي وإبقائه خارج المعادلة. ومهما كانت قوة هذا الهجوم، فإنه لن يوقف تهديد الحوثيين التي ازدادت ثقتهم بأنفسهم منذ أكتوبر الماضي.

وإلى جانب الإخفاق الذي انتهى بقتل مدني، لدى إسرائيل فرصة لتحقيق تغيير شامل في سياستها السلبية تجاه الحوثيين. ويمكن لإسرائيل أيضًا استغلال هذه الفرصة لتعزيز علاقاتها مع حكومات الخليج -مع التركيز على السعودية والإمارات وحتى الحكومة الموالية للسعودية في عدن. إن الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية. وهي خطوة لم يُصدِّق عليها الكنيست حتى الآن، على الرغم من إطلاق صواريخ كثيرة على إسرائيل.


هجوم الحوثيين على تل أبيب: وسيلة لتعزيز الميليشيا اليمنية في المحور الإيراني

وقع هجوم الطائرة المسيّرة الحوثية، الذي ألحق أضرارًا بمبنى في تل أبيب وأسفر عن مقتل مدني، في إطار توسيع نطاق معركة الجماعة “الإرهابية” اليمنية في مواجهة إسرائيل. سعى الحوثيون، إلى جانب المليشيات الشيعية في العراق، مؤخرًا لتوسيع دائرة النار تجاه إسرائيل لإرغامها على إنهاء الحرب الدائرة في غزة. على الرغم من الجهود العسكرية التي تبذلها القوات الأمريكية في الخليج، والتي حاولت خلال الأشهر الأخيرة الإضرار بقدرة الحوثيين على استهداف إسرائيل ومضيق باب المندب.

بالتوازي مع إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، تتعرض الهدنة الهشة بين المتمردين الحوثيين والسعودية، التي استمرت لأكثر من عامين، لخطر داهم بعد أن هدد الحوثيون باستئناف هجماتهم على السعوديين بدعوى محاولة خنقهم اقتصاديًا. وقد يؤثر التدهور في هذه الساحة بشكل غير مباشر على استقرار دول الخليج، والمنطقة، وحتى على فرص التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وخاصة على قدرة إسرائيل في حشد تحالف إقليمي لمواجهة التهديد الحوثي.

قد يكون للتصعيد في الساحة السعودية -اليمنية أصداء واسعة: سوف يهدد اتفاق المصالحة السعودي -الإيراني الذي جرى توقيعه العام الماضي، وقد يجر أيضًا الإمارات، التي تدعم القوات المناهضة للحوثيين في اليمن. كما زاد الحوثيون تعاونهم ضمن المحور الإيراني مع الميليشيات الشيعية في العراق في العام الماضي، ونسقوا معهم هجمات مشتركة بطائرات مسيّرة على إسرائيل. بالتوازي مع آخر تهديد لزعيم الحوثيين على السعودية، أصدرت الميليشيا العراقية “كتائب حزب الله” تهديدًا مماثلًا بمهاجمة السعودية واتهمت الرياض بمساعدة إسرائيل في حربها على الفلسطينيين.

هذه التهديدات الموازية من الأذرع الإيرانية في اليمن والعراق، ما هي إلا تذكير بطموح وقوة المحور الإيراني في تهديد السعودية، وتثبيطها عن التقدم نحو التطبيع مع إسرائيل والتوصل إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة.

في السياق الإسرائيلي، سيواصل الحوثيون هجماتهم على إسرائيل، لأنها تعزز مكانتهم بين محور المقاومة وتعيد طرح قضية التسوية في اليمن على الأجندة الإقليمية والدولية بغض النظر عن وقف إطلاق النار في غزة أو مسألة الرد الإسرائيلي. تدل هذه الحقيقة والإشكالية العسكرية في مجابهة التحدي الحوثي إلى عدم وجود حلول عسكرية سحرية لقضية الحوثيين، ولكن قد تؤدي حقيقة مواجهة السعودية وإسرائيل نفس المصير إلى توطيد العلاقات بينهما.


انفجار طائرة مسيّرة في قلب تل أبيب، ومقتل شخص وإصابة 10 آخرين بجروح طفيفة

يخرج من اتجاه البحر، على ارتفاع منخفض -ويستهدف مباشرة مبنى في تل أبيب: توثيق مأساوي جديد يظهر لحظة اصطدام الطائرة المسيّرة من طراز صماد 3 التي أطلقها الحوثيون، وطورتها إيران. لقد أسفرت عن مقتل يفجيني باردر، 50 عامًا، من تل أبيب -لديه أخت وابنة أخ يعيشان في إسرائيل.

ووفقًا لمراكز أبحاث غربية، فإن حزب الله هو الوحيد، بين القوات التي تعمل بالوكالة لإيران، الذي يمتلك طائرات مسيّرة أكثر من الحوثيين. في سبتمبر 2019، أزاح الحوثيون الستار عن طراز جديد من الطائرات المسيّرة وهي صماد -صماد 1 ومخصصة لعمليات الاستطلاع، صماد 2 للهجمات متوسطة المدى، وصماد 3، الطراز الذي ضرب تل أبيب وهو مخصص لـ “الهجمات النوعية”. كما تضم ترسانة الحوثيين أيضًا طائرة صماد 4 المسيّرة، القادرة على التحليق على مسافة ألفي كيلومتر، وتحمل صواريخ جو-أرض، قادرة على مهاجمة المواقع البرية المحصنة.

في بداية الحرب، دار نقاش في إسرائيل حول ما إذا كان يجب الرد على الحوثيين. نادى البعض بضرورة تلقينهم درسًا من أجل الردع، لكن تقرر في النهاية ترك الأمر للأميركيين، في إطار من التحالف. إلى جانب ذلك، تداولت انتقادات تفيد بأن عدم الرد الإسرائيلي سوف يشجعهم في إطلاق المزيد من الهجمات، كما طُرحت مقترحات حول مهاجمة أصول الحوثيين، مثل الموانئ.

وقال رونان ليفي ماعوز، المدير العام السابق لوزارة الخارجية، وهو حاليًا باحث في معهد مسجاف للأمن القومي والاستراتيجية، لموقع يديعوت أحرونوت: “إن المشكلة الأساسية هي إيران، إنها المكان الذي يجب علينا أن نركز عليه. لقد حان الوقت لكي يكلفها العالم وإسرائيل ثمنًا باهظًا بسبب أنشطتها بالوكالة وإطلاق الطائرات المسيّرة. يمتلك الحوثيون أيضًا أصولًا، وعلينا أن نبدأ في تدميرها. ويجب أن ينعكس التغيير المنشود في التصور السياسي والعسكري لإسرائيل في ساحات أخرى أيضًا. ويجب على كل من يلحق بنا الأذى أن يدفع الثمن، إنها قواعد اللعبة في الشرق الأوسط”.


الحوثيون يتسببون بمشاكل لكل الدول

تواصل جماعة الحوثيين شن هجمات في نقطة اختناق بحرية دولية دون أن تواجه قدرًا كبيرًا من المقاومة. كما أثبتت، على مدى الشهر الماضي، أنَّ نواياهم وقدراتهم لاستهداف حركة البحر الأحمر آخذة في الازدياد بدلًا عن الانخفاض. تتمثل العواقب المباشرة لهجمات الحوثي والفشل العالمي في إيقافها بارتفاع تكاليف الشحن في البحر الأحمر (بسبب ارتفاع تكاليف التأمين)، والاختناقات والتأخير في سلسلة التوريد العالمية، والأضرار التي لحقت بكابلات الإنترنت تحت سطح البحر، والأضرار البيئية.

وبالنظر إلى الماضي، لقد رُدعت الفئة الوحيدة التي تعهدت بهزيمة الحوثيين عن تحقيق هدفها. كان الائتلاف المناهض للحوثي بقيادة السعودية مقتنعًا، إما من خلال التكلفة المباشرة المتمثلة في العمل كرأس حربة لمواجهة الحوثيين، أو من خلال الضغط الدبلوماسي الأمريكي، بأولوية التوصل إلى تسوية مع الحوثيين من خلال التفاوض على اتفاق دبلوماسي -مالي. الآن مع بحث الولايات المتحدة عن شركاء للتعاون مع تعزيز الضغط على نظام حوثي أكثر خطورة وعدوانية، يبدو أن السعودية والإمارات ليستا على استعداد للمخاطرة بالجهود المبذولة لخفض التصعيد في اليمن من أجل سياسة الولايات المتحدة المتصلبة في الشرق الأوسط. ومع أن إسرائيل قد يكون لها مصلحة قوية في دحر الحوثيين، بالنظر إلى المعارك الدائرة على طول حدود إسرائيل مع حزب الله اللبناني وحماس في غزة، إلا أن تهديد الحوثيين لا يزال أولوية منخفضة نسبيًا.

طالما أنَّ الحوثيين لا يشعرون أنهم أخطأوا في تقديرهم على نحو يُعرِّض مصالحهم الحيوية للخطر، فإنهم سوف يواصلون التصعيد في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها.

وفي الواقع، يتعلم الحوثيون ورعاتهم في إيران وحزب الله قدرًا كبيرًا من الخبرة العملياتية المهمة لهذه المشاركة المنخفضة المخاطر على ما يبدو. في حين أنَّ العواقب الاقتصادية لهذه الهجمات محدودة مقارنة بما كان متوقعًا في البداية، إلا أنَّ ما يدعو للقلق هو أن التهديد الاستراتيجي طويل المدى الذي يفرضه الحوثيون قد “يدار” من خلال استجابة دولية ضعيفة حتى يخرج عن نطاق السيطرة.


تداعيات هجمات الحوثيين على التجارة الخارجية الإسرائيلية

بعد أشهر من بداية هجمات الحوثيين على السفن المرتبطة بإسرائيل واندلاع حرب السيوف الحديدية، يمكننا تقييم التداعيات الاقتصادية للحصار الجزئي المفروض على مضيق باب المندب. لا تمتلك إسرائيل أسطولًا تجاريًا ضخمًا، وتركن في التجارة الدولية على الشحن العالمي. ويبدو أنَّ جزءًا كبيرًا من الشحن العالمي (في حدود 50-90 %، وفقًا لنوع السفينة) يتحاشى المرور عبر المضيق ويفضِّل مسار الإبحار حول إفريقيا، مما يخلق حالة طبيعية جديدة من إطالة خطوط الإبحار وزيادة رسوم النقل. وحتى الآن، يبدو أنَّ جهود الولايات المتحدة وحلفائها للحد من هجمات الحوثيين لم تؤتِ ثمارها. كما أن حالة عدم اليقين بشأن هوية السفن التي يهاجمها الحوثيون وأخطاءهم في تحديد الهوية يعني أن الحالة الطبيعية الجديدة قد تستمر عدة أشهر أخرى، أو يزيد.

تشير تقديرات التكلفة المباشرة للتجارة الخارجية الإسرائيلية وفقًا لما كانت عليه في نهاية مارس 2024 إلى زيادة رسوم النقل في حدود 350 إلى 400 مليون دولار في الحساب السنوي للتجارة الإسرائيلية (الواردات والصادرات)، والتي مرت عادة عبر المضيق. وتتكون معظم هذه التجارة من الحاويات والسيارات والفوسفات. ويشمل التقدير تكلفة نقل التجارة الخارجية فقط ولا يشمل التكلفة الاقتصادية الثقيلة الأخرى مثل تغيير الموردين، ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتأخير أو منع الاستثمارات وقائمة طويلة من التداعيات الأخرى غير المباشرة وطويلة المدى التي يصعب للغاية قياسها أو تقييمها. هناك حاجة ملحة إلى بحث نوعي شامل، يتضمن لقاءات مع رجال الأعمال، لتقييم الآثار الاقتصادية العامة التي خلفتها هجمات الحوثيين.

ومع أنه مبلغ كبير، كما اتضح بعد ستة أشهر من بداية الحرب، فإن الاقتصاد الإسرائيلي قادر على تحمل هذه التكلفة. ولم تسجل اضطرابات كبيرة في الواردات ولم ترد تقارير في وسائل الإعلام عن نقص المنتجات على المستوى الوطني. ومع ذلك، تضطر بعض الشركات أحيانًا إلى مواجهة صعوبات جمة، إلى حد يعرض وجودها للخطر. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى ميناء إيلات والنشاط التجاري الذي يقوم به هذا الميناء مثل تصدير الفوسفات، واستيراد السيارات، والماشية الحية.

ومن منظور أوسع، تنتهك هجمات الحوثيين مبدأ حرية الملاحة ومرور الشحن العالمي، وقد لقي هذا الانتهاك استجابة علنية على المستوى الدولي من خلال إدانة مجلس الأمن، وتشكيل قوة دولية غربية بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، التي هاجمت قواعد الحوثيين. يمكن الافتراض أنه بالنسبة للشحن العالمي، فإن حرية المرور هي مصلحة عالمية لا تتعلق مباشرة بإسرائيل، وبالتأكيد في بيئة عمل تستخدم أعلام الملاحة على نطاق واسع.
إنَّ إسرائيل، باعتبارها دولة صغيرة ومنفتحة اقتصاديًا، تستفيد كثيرًا من اندماجها في النظام العالمي، ويمكن أن يُعزى هذا الانفتاح الاقتصادي إلى جزء كبير من الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إسرائيل، وهو مرتفع أيضًا مقارنة بالدول الغربية. لذلك، فإنَّ الإضرار بالعلاقات التجارية ووسم إسرائيل بأنها “إشكالية” في العلاقات الدولية -مثل عدم اليقين في عمليات تصدير واستيراد البضائع من وإلى إسرائيل- قد يضر بالاقتصاد على المدى الطويل، وهذا يمثل تحديًا دبلوماسيًا واقتصاديًا على المستوى الوطني. ولحماية سمعة إسرائيل التجارية، في نظام دولي واقعي، يجب عليها تطوير أسطول تجاري مستقل يبحر تحت العلم الإسرائيلي أو يخضع للسيطرة الإسرائيلية. إن تطوير مثل هذا الأسطول التجاري ليس حلًا لمنع الشحن الإسرائيلي في مناطق معينة من العالم، لكن تشير هجمات الحوثيين (وكذلك تهديد حزب الله في الشمال) إلى أن خصوم إسرائيل يرون أن الحصار الاقتصادي سلاح مشروع لمواجهة إسرائيل، وبناء أسطول تجاري إسرائيلي يمكن أن يساعد في منع تعطيل تدفق التجارة الإسرائيلية في حالات أخرى، مثل تجنب الشحن الدولي من الوصول إلى موانئ إسرائيل.


تهديد الحوثيين للسعودية يعقّد “حلقة النار” الإيرانية حول إسرائيل

لقد فقد عبدالملك الحوثي رباطة جأشه. هدد زعيم الحوثيين في اليمن للمرة الأولى خلال العامين الماضيين، في خطاب متلفز، بمهاجمة الموانئ البحرية والمطارات والبنوك في السعودية -إذا “امتثلت” الرياض لتوجيهات الولايات المتحدة التي ترمي، وفقًا له، إلى تدمير الاقتصاد اليمني. ونشر الموقع الإخباري الرسمي الذي يديره الحوثيون، “المسيرة”، بعد خطاب الزعيم صورًا جوية لبعض المطارات والموانئ السعودية مكتوبًا عليها “فقط جربونا”.

غضب الحوثي موجه إلى قرار الحكومة اليمنية الرسمية -التي تتلقى دعمًا سعوديًا وتمارس عملها من مدينة عدن -التي أصدرت أمرًا للبنوك في العاصمة صنعاء التي سيطر عليها الحوثيون عام 2014 لإنهاء أنشطتها هناك ونقلها إلى عدن. ويرمي هذا الأمر إلى تجفيف تدفق الأموال إلى البنوك التي يسيطر عليها الحوثيون. ويرى الحوثي أن “حرب البنوك” جزءً لا يتجزأ من الحملة العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة وتحالفها المحدود في البحر الأحمر على شعبه، وهي حملة لم تتمكن -حتى الآن -من وقف هجماتها على السفن، وإعادة فتح الطريق البحري العالمي الرئيسي، الذي تمر عبره زهاء 15% من شحنات البضائع العالمية.

الرياض في مرمى النيران مرة أخرى

يتهم الحوثيون السعودية بالخنوع لضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل، ويطالبون الرياض بالضغط على الحكومة اليمنية الرسمية لإلغاء تعليمات البنك المركزي التي قد تعزل صنعاء والحوثيين عن النظام المصرفي الوطني والعالمي، وتتحدى أيضًا علاقات إيران الجديدة مع السعودية التي استُؤنفت في مارس من العام الماضي، بوساطة الصين، في أعقاب الهدنة في اليمن وبدء محادثات المصالحة بين الرياض والحوثيين.

أرسى التقارب بين الرياض وطهران الافتراض بأن السعودية تحررت من دائرة التهديد الإيرانية والحوثية. لذلك، يُنظر إلى مشاركة الحوثيين في “وحدة الساحات” على أنها حملة منفصلة ولا يتوقع منها تهديد الرياض.

بخلاف حزب الله -الذي ينسّق عن كثب مع إيران، ولا يعد وكيلًا عسكريًا فحسب، بل مرساة سياسية حيوية تجمع بين مصالح طهران في المنطقة وخارجها مع الحملة المحلية -إلا أنَّ الحوثيين لديهم مصالح مستقلة. ويبدو أنها لا تتواءم دائمًا مع مصالح إيران.

إنَّ تهديد السعودية، ناهيك عن تنفيذه، يعرِّض طموح إيران الاستراتيجي بالانضمام إلى الدول العربية في الشرق الأوسط للخطر. وتسعى طهران، حاليًا، بعد استئناف علاقاتها مع الإمارات والسعودية إلى استئناف العلاقات مع مصر أيضًا.

تهدد “حلقة النار” التي شكلتها إيران مع الحوثيين، والميليشيات الشيعية في العراق، وحزب الله، الآن بإحراق مفهوم إيران الاستراتيجي -حيث لا يمكنها ضمان امتثال الحوثيين لتعليماتها بالكامل ورفع التهديد الجديد عن السعودية. وهذا التهديد يعجل من التحالف الدفاعي بين السعودية والولايات المتحدة إلى حد كبير، على عكس طموح إيران في إحباطه.

في الوقت ذاته، تواجه واشنطن نفسها أيضًا معضلة عويصة وهي أن التحالف الدفاعي -الذي كان يرمي أساسًا إلى إنشاء جدار وقائي إقليمي لمواجهة إيران -قد يورطها في حرب “هامشية” لمواجهة الحوثيين، لحماية السعودية إذا نفذوا تهديدهم. وهذا الأمر يؤدي إلى سبر مدى استعداد الولايات المتحدة للوفاء بدورها في التحالف الدفاعي المستقبلي.

لن يرتهن مثل هذا التطور، إذا تحقق، بالحرب في غزة أو “وحدة الساحات”. ستكون ساحة جديدة ومستقلة قد تعيد إحياء الحرب في اليمن وتثبيط التحرك الدبلوماسي الذي يستهدف إنهاءها تمامًا.


يهود اليمن في القاهرة يسعون للهجرة إلى إسرائيل

ذكر موقع زمان إسرائيل أنَّ عشرات من اليهود الذي جرى إخراجهم من اليمن، قبل ثلاث سنوات، ويعيشون منذ ذلك الحين في مجمع مغلق بالقاهرة يسعون إلى الهجرة إلى إسرائيل.

أدرك اليهود أنه لا مجال للحصول على الجنسية الأمريكية بعد أن طالبوا بها كثيرًا، ولذلك يسعى بعضهم حاليًا للهجرة إلى إسرائيل والاستقرار فيها.

ويترأس “يوسف ليفي” طائفة يهود اليمن في القاهرة، ومعظمهم من عائلة مرحبى وحمادي. زار مصر، قبل أسبوعين، إسرائيلي على صلة قرابة بعدد من اليهود، وأبلغه حوالي 15 شخصًا من الطائفة بتخليهم عن الحلم الأمريكي.

ولا يزال الباقون يرفضون الهجرة إلى إسرائيل، ويجربون حظهم. وتكمن المشكلة الرئيسة التي تواجههم في الطلب الأمريكي بالتخلي عن جوازات السفر “جنسيتهم” اليمنية إذا سعوا بالفعل للحصول على وضع اللاجئ. كما توجد عدة إشكاليات إجرائية تتعلق بالهجرة.

قال يجال بن شالوم، المدير العام السابق لوزارة الرفاه الاجتماعية، ويشغل حاليًا منصب رئيس جمعية تنمية المجتمع والثقافة وتراث يهود اليمن، لموقع زمان إسرائيل إنَّ “إسرائيل هي الوطن الذي تاق وصلى من أجله يهود اليمن، ولذا يجب على يهود اليمن الذين يقيمون في القاهرة الهجرة إلى إسرائيل”. ويحاول بن شالوم الترويج لهذه الرعاية اليوم عبر الوكالة اليهودية وصندوق الصداقة.

لا يمثل اليهود اليمنيون الذين يعيشون اليوم في المجمع المغلق بالقاهرة عبئًا على السلطات المصرية. إنهم يعملون في صياغة الذهب، ويكدون لكسب لقمة العيش، وقد أصبحت منتجاتهم الفنية مطلوبة في المدينة. كما أنَّ وضعهم المادي على ما يرام، وقد قابلهم قريبهم الإسرائيلي الذي سافر إلى مصر قبل أسبوعين أثناء قضاء إجازة في شرم الشيخ.

ويقتنع بن شالوم بأن اليهود سيسافرون في نهاية المطاف إلى إسرائيل “التاريخ يعيد نفسه: حتى أثناء هجرة يهود اليمن قبل قيام دولة إسرائيل، انتقل بعض ممن غادروا اليمن إلى مصر، وبقوا هناك عدة سنوات إلى أن هاجروا إلى إسرائيل. لقد صلوا دائمًا وتاقوا إلى صهيون وأنشدوا ترانيم الخلاص التي كتبها الشاعر العظيم شالوم شبازي”.

إسرائيل الرسمية لا تتطرق إلى هذه القضية. ولم يصل أي رد من مكتب رئيس الوزراء ولا من الجهات الحكومية التي تتعامل مع اليهود في الدول المنكوبة.


الحوثيون يمنعون الموسيقى والغناء في الأعراس

تشن قوات ميليشيا الحوثي في محافظة عمران حملة ترهيب كبرى تستهدف الفنانين والفنانات لمنعهم من أداء الفنون الاستعراضية أو الغناء في قاعات الزفاف والاحتفالات.

أظهرت مقاطع فيديو تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع القليلة الماضية، اقتحامات عنيفة لمسلحين حوثيين لقاعات الزفاف والمناسبات، واعتقال الرجال وإنهاء الاحتفالات بشكل مفاجئ.

ووفقًا للتقارير الواردة من اليمن، اختطفت القوات ما يربو على 15 من ملاك قاعات الأعراس حتى الآن. ويُزعم أنَّ هؤلاء الأشخاص محتجزون في مراكز الحبس الاحتياطي منذ أكثر من شهرين -بتهمة عدم الالتزام والسماح للفنانين بتقديم عروضهم في قاعاتهم. وزعمت تقارير أخرى أنَّ سلطات الحوثيين اختطفت زهاء 40 مدنيًا، من بينهم امرأتان -جميعهم إمَّا فنانين أو مُلَّاك قاعة الأعراس.

كما أفادت التقارير وتحديدًا منذ تعيين مدير أمن جديد في محافظة عمران، يُدعى “نايف أبو خرفشة”، فإن الميليشيا -المدعومة من إيران -سجنت كثيرًا من الفنانين مع معداتهم الموسيقية والصوتية.

لقد تكررت مثل هذه الاعتقالات بمناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، ومنعوا، في مايو، حفل زفاف جماعي لـ 160 عريسًا وعروسًا في مدينة حبابة بمحافظة عمران، بسبب وجود فنان.

كما أفادت التقارير أنَّ الحوثيين اقتحموا منشآت سياحية في مدينة إب، وتسببوا في إغلاق كثير من الفنادق والمطاعم. وزعمت منظمات حقوق الإنسان المحلية اختطاف ما يقرب من 600 مواطن وأنهم محتجزون دون محاكمة في مراكز في جميع أنحاء محافظتي صنعاء وصعدة.

“وسيلة للسيطرة على السكان”

أوضحت عنبال نسيم لوفطون[11]، أنَّ هذا المنع صدر في إطار جهد مستمر تنفذه حكومة الحوثيين (غير المعترف بها دوليًا -المترجم) لتطبيق ما تراه “السلوك المناسب” من وجهة نظر دينية وأخلاقية، وتحكم قبضتها على السكان المدنيين، بل وتجني أرباحًا اقتصادية.

وذكَّرت نسيم لوفطون قائلة: “مع اندلاع الحرب الأهلية في اليمن عام 2014، سيطر الحوثيون على مختلف وسائل الإعلام في اليمن، ووجهوها لتلبية احتياجاتهم، كخطوة أولى، قاموا بتأميم القنوات الإعلامية الرسمية، وسيطروا على المؤسسات الإعلامية، ووسعوا أنشطتها تدريجيًا”.

ووفقًا لها، فإن المنع الحالي المفروض على الغناء والاستعراضات، والذي يتضمن أيضًا قيودًا على المحلات التجارية التي تبيع الأفلام والموسيقى، ليس جديدًا على الإطلاق.

“إنها واحدة من مجموعة تدابير اتخذها الحوثيون لفرض تفسيرهم للقوانين الدينية والأخلاقية على الآخرين. إنَّ إغلاق المقاهي، والمطاعم وغيرها من أماكن الترفيه العامة، واحتجاز واعتقال الفنانين، وإلغاء الفعاليات الثقافية والأنشطة الفنية ممارسات لا تختلف في الأساس عمَّا حاول مسلحو القاعدة تطبيقها مسبقًا في اليمن.

استطردت نسيم لوفطون: “لقد عارض مقاتلو القاعدة (ويطلق عليهم: “أبناء حضرموت”) مضغ القات، وهي ممارسة شائعة ومقبولة في اليمن”.

أوضحت نسيم لوفطون أن الحوثيين يحاولون، بين الفينة والفينة، تعميق سيطرتهم من خلال فرض قناعاتهم الدينية على الآخرين عبر قيود مختلفة. وأضافت: “ربما هي أيضًا محاولة لصرف الانتباه عن عجزهم في إدارة دولة الحوثيين التي أنشأوها أو حماية مواطنيها”.

ومع ذلك، أكدت نسيم لوفطون أنَّ هذا الحظر قد لا ينطبق على الأرجح على الحوثيين ذاتهم، وقالت إن قوات الحوثيين تشجع مُلَّاك المتاجر على الترويج للموسيقى التي تمجد الحوثيين، والحرب التي يشنوها منذ ما يقرب من عقد من الزمن من خلال خطاب معيّن -وهو نوع يسمى الزوامل. إنه نوع من أشكال الشعر القبلي يستعمل كوسيلة للدعاية للترويج لقوة الحوثيين بين الشباب، وتجنيد المقاتلين والمؤيدين، وتشكيل الرأي العام في أراضيهم. كما أنهم يجمعون الإتاوات، ويحتكرون التوريد للمتاجر، وبالتالي توسيع شبكتهم الاقتصادية المستقلة، التي تشمل ضرائب باهظة وشاملة.

وأكدت نسيم لوفطون بأنَّ ثمة جانب مروع آخر لما يُنظر إليه أحيانًا على أن الحوثيين يتبعون خطى “نموذج دولة طالبان”، الذي يتضمن قيودًا مختلفة على حرية حركة المرأة، وفرض وصاية الرجال على النساء “مِحْرم”، وتفعيل وحدة الشرطة النسائية. وتعمل هذه الفرق منذ عام 2017 في مناطق مختلفة، ويطلق عليها اسم “الزينبيات”.

الهوامش
  1. المديرة التنفيذية لجمعية ROPES للتعاون الإقليمي، وزميلة أبحاث في المجلس الأطلسي، وعضوة سابقة في الكنيست.
  2. رئيس مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، وباحث أول في مركز الدراسات الإيرانية وكلاهما في جامعة تل أبيب. شغل سابقًا منصب رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب. يركز بحثه على التاريخ الحديث وتطور الدول والمجتمعات في الشرق الأوسط، والعلاقات الإيرانية العربية، والنفط والسياسة في الشرق الأوسط، وأشرف في هذا الإطار على رسائل عدد كبير من مرشحي الدكتوراه. ألف كتاب: “اليمن: تشريح دولة فاشلة”.
  3. مراسل مختص بالشؤون السياسية في قناة i24NEWS ويعمل بها منذ عام 2017، وعمل قبل انتقاله إليها محررًا ومراسلًا في شبكة CNN، ومنتجًا في محطة تليفزيون ألمانية، وكان مستشارًا للوفد الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في جنيف.
  4. صحفي إسرائيلي ولد سنة 1945، متخصص في قضايا الشرق الأوسط. أجرى مقابلات مع عدد من الشخصيات المهمة، من بينهم، ياسر عرفات، وحسين بن طلال، وحسني مبارك، وعدد من رؤساء الوزراء الإسرائيليين. ويعمل حاليًا في القناة الثانية الإسرائيلية، كما يقوم بإلقاء محاضرات حول العالم.
  5. شاحر كلايمان، صحفي ومحرر في موقع “إسرائيل هيوم”، وهو باحث ماجستير في دراسات الشرق الأوسط في جامعة “بار إيلان”.
  6. خدم الرائد (احتياط) داني “دانيس” سيترينوفيتش 25 عامًا في عدة وظائف قيادية في وحدات جمع المعلومات والبحث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. حصل “داني” على الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة العبرية، وهو مهتم جدًا بالتطورات الاستراتيجية في الشرق الأوسط مع التركيز على الحرب ضد إيران.
  7. زميل باحث أول في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب، تتركز أبحاثه حول سياسات الخليج والأمن. كان زميلًا زائرًا في معهد هوفر ستانفورد. خدم في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في مكتب رئيس الوزراء، ونسق العمل بشأن إيران والخليج تحت إشراف أربعة مستشارين للأمن القومي وثلاثة رؤساء وزراء. وهو حاليًا مستشارًا لعدة وزارات.
  8. باحث في معهد السياسة والاستراتيجية البحرية، وطالب دكتوراه في قسم الدراسات الآسيوية في جامعة حيفا. تتمحور أبحاثه حول الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، اقتصاد الشحن والموانئ، ومبادرة الحزام والطريق الصينية. عمل في وزارة الاقتصاد والصناعة نحو 20 عامًا، كما شغل منصب الملحق التجاري في السفارة الإسرائيلية في سنغافورة بين عامي 2000 -2004، وفي أستراليا بين عامي 2008 -2012، وكان أيضًا كبير الاقتصاديين في إدارة التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد.
  9. زميل غير مقيم في مشروع مكافحة التطرف، نشر تقارير حول بنية الحوثيين المالية، وإساءة استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية، واستهدافهم للأقليات الدينية، واضطهاد النساء والصحفيين، عمل أيضًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS). تتركز أبحاثه حول سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، والاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بإيران والحرب الأهلية في اليمن.
  10. مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة جيروزاليم بوست. عمل في السابق ملحقًا صحفيًا وإعلاميًا في السفارة الإسرائيلية بالأردن. تخرج في كلية شاليم في القدس حيث تخصص في الإسلام ودراسات الشرق الأوسط، وحصل على الماجستير في الحكومة والدبلوماسية ودراسات النزاع من جامعة رايخمان.
  11. حصلت على ماجستير في الدراسات الشرق أوسطية وأفريقيا بجامعة تل أبيب. كم عملت محاضرة في قسم التاريخ والفلسفة والدراسات اليهودية في الجامعة المفتوحة عام 2007، وفي قسم التدريس والتعليم الأكاديمي بالجامعة ذاتها. وتتركز أبحاثها في منتدى التفكير الإقليمي حول اليمن الحديث، والعلاقات القبلية، والنظام في اليمن، والنساء في الشرق الأوسط.
مشاركة