إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية انحسار هجمات الحوثيين بعد قصف ميناء الحديدة: ردع إسرائيلي أم هدوء ما قبل العاصفة؟

تنويه: حُررت هذه الترجمة مراعاة للوضوح، والآراء الُمعرَب عنها فيها لا تعكس آراء مركز صنعاء للدراسات، كما لا يُعد المركز مسؤولًا عن صحة البيانات والمعلومات الواردة أيضًا.


يقول موقع ماكو العبري إن الحوثيين لم يحاولوا مهاجمة مدينة إيلات مؤخرًا، كما أن الهجمات التي يشنونها على السفن في البحر الأحمر تراجعت بشكل كبير، عقب الضربات الإسرائيلية على ميناء مدينة الحديدة، في مؤشر بأن الرد الإسرائيلي كان فاعلًا.

وأوضح في تقرير آخر أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر يجب أن تعيد تل أبيب لصياغة طريقة تعاملها مع الصراعات الجيوسياسية والجيواقتصادية. وقال إن الحرب غير المتكافئة التي يخوضها الحوثيون في مناطق متعددة مثل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وخليج عدن وبحر العرب من الجنوب، تمنحهم قوة كبيرة.

كما اهتمت صحيفة معاريف الإسرائيلية بتقرير نشرته صحيفة الجريدة الكويتية، ونقلت الأخيرة فيه عن مصدر في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قوله إن خلافًا محتدمًا حدث بين قيادة الحرس وممثلين لما يُسمى بـ “محور المقاومة” بشأن الرد على اغتيال إسماعيل هنية والهجمات الإسرائيلية على إيران وحلفائها. وأوضح المصدر أن الحوثيين دعموا موقف حزب الله، الذي يرى أن السبيل الوحيد للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وتهدئة المنطقة بأسرها هو فرضه بالقوة، من خلال فتح كافة الجبهات لإجبار إسرائيل على الإذعان.

ووصف تقرير آخر الخسارة الناجمة عن استهداف الحوثيين لتل أبيب بالمأساوية، غير أنه قال إن الهجوم لا يدل على قفزة تكنولوجية هائلة تُمكِّن الجماعة من شن ضربات أخرى مماثلة وناجحة. وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية الدولية الهائلة المكرّسة لمساعدة اليمنيين هي مصدر الحوثيين في تطوير ترسانتهم العسكرية. وحث الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية بالتزام قدر أكبر من الشفافية فيما يتعلق بتحويل مسار المساعدات التي من المفترض أن تُقدم من أموال دافعي الضرائب لليمنيين المحتاجين، والتأكد من أنها لا تدعم في النهاية برنامج أسلحة الحوثيين المتنامي الخطورة.

وسلّط تقرير لمركز بحثي الضوء على التعاون بين جماعة الحوثيين والميليشيات الشيعية في العراق، وقال إن الحوثيين بدأوا ترسيخ وجودهم في العراق عام 2011 بإنشاء مكتب تمثيلي لهم. ولزيادة أنشطتهم بدأوا بتعزيز العلاقات مع المجتمع المحلي والمؤسسات المجتمعية البارزة مثل مؤسسة “محمديون” في البصرة، التي تنشر محتوى ثقافي وديني بالتنسيق مع ميليشيا كتائب حزب الله. ونقل التقرير معلومات تفيد بوصول مئات الحوثيين إلى العراق، في الأسابيع الماضية، لتلقي تدريبات على أيدي مسؤولين إيرانيين وخبراء إنتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ في ثكنات خاصة في ضواحي مدينة بغداد ومحافظات عراقية أخرى.

ويجادل تقرير آخر بأنه كان من الضروري توجيه ضربة إسرائيلية لجماعة الحوثيين، حيث أظهرت تل أبيب لجميع أعدائها مدى قدراتها، غير أنه لا يعتقد أن تلك الضربة تمثل نقطة تحول.


يترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وهي جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.



معضلة الحوثيين والدرس الذي يجب استخلاصه من الفشل السعودي

يبدو أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، التي بدأت في نوفمبر الماضي، تعيد صياغة طريقة تعاملنا مع الصراعات الجيوسياسية، وخاصة تلك المتعلقة بالجيواقتصادية. إن الحرب غير المتكافئة التي يخوضها الحوثيون في مناطق متعددة مثل البحر الأحمر، والبحر الأبيض المتوسط من الشمال، وخليج عدن وبحر العرب من الجنوب، تمنحهم قوة كبيرة.

يستفيد الحوثيون بشكل جيد من المزايا الجغرافية للمنطقة التي سيطروا عليها بعد انقلاب أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015، وخاصة سيطرتهم على جزء من الشريط الساحلي الغربي لليمن، الذي يضم معظم محافظة الحديدة ومدنها الساحلية المهمة. لكن العلاقة بين المنطقة والقوة اتخذت بُعدًا جيو-اقتصاديًا آخر، وهو ما ساعد الحوثيين على مدى العقد الماضي على الأقل، سواء داخل اليمن أو خارجه. فعلى سبيل المثال، استغلوا فرض الضرائب بنسبة تصل إلى 100% على البضائع المستوردة القادمة إلى اليمن من ميناء عدن والمارة عبر المناطق الجنوبية التي لا تخضع لسيطرتهم، وكذلك تخصيص المساعدات الإنسانية بشكل انتقائي، والتهديد بفرض ضرائب على حزم المساعدات الغذائية، واستمرار تأخير رواتب موظفي الخدمة المدنية.

تاريخ المقاومة: التهديد الحوثي لإسرائيل

على الصعيد البحري، عرّضت هجمات الحوثيين سكان اليمن للخطر عدة مرات. على سبيل المثال، في فبراير الماضي، استهدفوا سفينة تحمل الأسمدة والوقود أو سفنًا محملة بالمنتجات الغذائية المتجهة إلى موانئ الحديدة وعدن. وعلى الرغم من المخاوف من تسرب المواد الخطرة إلى البحر والأضرار الكبيرة التي قد تلحق بصناعة صيد الأسماك المحلية أو خطر المجاعة الذي يلاحق اليمن منذ بداية الحرب الأهلية، فإن الحوثيين لم يترددوا في استغلال سيطرتهم على المنطقة الساحلية لتلبية احتياجاتهم. وبينما منحتهم مثل هذه العمليات قوة داخلية، فإن انتهاكهم للأمن الملاحي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وسَّع نفوذهم إقليميًا ودوليًا، مما أظهر مدى قوتهم العسكرية، نظرًا لقدرتهم على تعطيل حركة الملاحة في المناطق الساحلية البعيدة عن سيطرتهم، مثل الشريط الساحلي الجنوبي ومضيق باب المندب الواقعين تحت سيطرة التحالف المناهض للحوثيين، وخاصة الحركة الانفصالية الجنوبية.

منذ بداية الحرب، كانت المواجهة مع الحوثيين حرب سرديات أيضًا. سعت إسرائيل إلى تصوير انتهاكات الحوثيين للأمن الملاحي في البحر الأحمر كقضية دولية تتجاوز الاقتصاد وحده، لكنها واجهت صعوبة في حشد الدعم الدولي، حتى بعد دعوات من الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وقد ركز الحوثيون على تأطير مشاركتهم في الحرب بين إسرائيل وغزة في سياق مثلث القوة: الحوثيين، إسرائيل، والفلسطينيين. قدموا أنفسهم كحماة للقضية الفلسطينية، وأبدوا استعدادهم لممارسة أي ضغط على إسرائيل -سواء بشكل مباشر أو غير مباشر -لوقف عملياتها في غزة. ومع توسيعهم لهجماتهم تدريجيًا، أعادوا تعريف التصنيف الإسرائيلي في مثلث القوة، ليشمل السفن المرتبطة بإسرائيل بشكل غير مباشر، أو تلك التي تسعى للرسو في الموانئ الإسرائيلية، أو تلك التي تدعم إسرائيل عسكريًا، بما في ذلك قوات التحالف البحرية التي تتصدى للحوثيين. هذا النهج يعكس موقفهم المناهض لأميركا وإسرائيل، ويعزز تمسكهم بالقضية الفلسطينية ومحور المقاومة بقيادة إيران، مما أكسبهم تعاطفًا داخل اليمن وفي العالمين العربي والإسلامي.

بسبب أن الحوثيين جهة فاعلة غير حكومية، صغيرة نسبيًا وغير ملتزمة بالمعاهدات الدولية والإجراءات الملزمة للجيوش الرسمية، فقد نجحوا في التحول من قوة هامشية في اليمن إلى تهديد دولي في حوالي عقدين من الزمن. تطورت أساليب الحرب غير المتكافئة وتكتيكات حرب العصابات التي اتبعوها، مما ساعدهم على مدى العقدين الماضيين على بسط السيطرة على أجزاء من اليمن، تحت مظلة الدعم الإيراني بشكل أساسي. ولا تزال هذه الأساليب فاعلة ومؤثرة. استخدم الحوثيون أسلحة تكنولوجية منخفضة التكلفة نسبيًا لتدمير السفن أو إغراقها أحيانًا، مما أسفر عن خسائر بشرية. وتمكنوا من السيطرة على ممر بحري دولي مهم ومضيق باب المندب، لفرض عقوبات اقتصادية على سفن معينة وفقًا لتصنيفهم الخاص بشأن علاقتها بإسرائيل أو الإسرائيليين. هذه السياسات الانتقائية لها عواقب وخيمة ومؤثرة على نطاق واسع، مما يصعب تشكيل جبهة موحدة وواسعة للتصدي لهم، خاصةً أن الكثير من المجتمع الدولي لم يعارضهم بشدة، وهناك أطراف تستفيد من الوضع الحالي ولا تخضع للعقوبات البحرية، على الأقل في الوقت الراهن.

وكان من المفترض أن يكون لصالح إسرائيل والتحالف البحري في مواجهة الحوثيين أن مصدر قوتهم يكمن في سيطرتهم على الحديدة، وبالأخص ميناء الحديدة، الذي يمثل أيضًا نقطة ضعف، ليس فقط للحوثيين بل لليمن ككل. وهنا يتضح بعد آخر، وحشي بشكل خاص، يتمثل في عدم التوازن في المواجهة مع الحوثيين: إن استهداف شريان الحياة الرئيسي لليمن، الخاضع لسيطرة الحوثيين، يعني الإضرار بالشعب اليمني. التجارب السابقة التي خاضها التحالف الذي أسسته السعودية لمواجهة الحوثيين في مطلع عام 2015، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والمنظمات الدولية، أظهرت أن الهجمات العسكرية في منطقة الميناء، وفرض الحصار البحري (والجوي أيضًا) بشكل متناوب، أو فرض عقوبات أو تهديدات بمنع دخول السلع والمنتجات، وحتى آلية تفتيش الأمم المتحدة للبضائع وتسليمها للإشراف السعودي -كل هذه الإجراءات أدخلت الشعب اليمني في دوامات من الكوارث الإنسانية (من الأسوأ في العالم لعدة سنوات) وهددت بتفاقمها أو إشعالها من جديد، ولهذا كانت هذه الإجراءات مؤقتة ولم تؤثر بشكل كبير على ميزان القوى بين الحوثيين ومعارضيهم.

نظرًا للانتقادات الدولية لعمليات إسرائيل في غزة، من المناسب لإسرائيل أن تعيد النظر في جدوى الهجمات المباشرة في اليمن، وخاصة في الحديدة، مع الأخذ في الاعتبار عواقبها وكيفية تفسير المجتمع الدولي لها.


صمت مطبق: هل الهجوم على اليمن ردع الحوثيين حقًا؟

لم تنتهِ المعركة مع الحوثيين بعد، حيث لا تزال التهديدات القادمة من اليمن ضد إسرائيل مستمرة، كما أن طريق الشحن الجنوبي المؤدي إلى إسرائيل لا يزال مغلقًا فعليًا. ولكن، يبدو أن هناك تغييرًا قد حدث في هذه المرحلة، بعد مرور نحو شهر على هجوم القوات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة.

لم يحاول الحوثيون مؤخرًا مهاجمة إيلات، كما أن عدد الهجمات التي يشنونها على السفن في البحر الأحمر قد انخفض بشكل كبير. ومع ذلك، لا تزال الأجهزة الأمنية تتوقع أن ينضم الحوثيون إلى الرد الإيراني متعدد الجبهات إذا قررت طهران تنفيذه. لذا، من المحتمل أن تكون هذه الفترة هي الهدوء الذي يسبق العاصفة.

لقد مر قرابة شهر منذ أن شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية هجومها على ميناء الحديدة في 20 يوليو. وقد تركزت الأضرار الرئيسية على الرافعات ومجمع الوقود الموجود بالميناء والمناطق المحيطة به. ولا يزال إنتاج الميناء في هذه المجالات منخفضًا للغاية، باستثناء السفن التي تفرغ حمولتها باستخدام الرافعات المتحركة أو تلك الموجودة على متنها. وبالتالي، فإن الأضرار التي لحقت باقتصاد الحوثيين وعمليات تهريب الأسلحة لا تزال كبيرة وملموسة. ومع ذلك، لم يتضح بعد إلى أي مدى يمكن اعتبار هذا الهجوم عاملًا رئيسيًا في التراجع الكبير لنشاطهم.

عمليًا، يجب الإشارة إلى أن آخر إنذار سمعه سكان إيلات كان في 21 يوليو. لكن هذا لا يعني عدم وجود محاولات من الحوثيين. ووفقًا للبيانات الرسمية للقيادة المركزية الأمريكية، على مدار 24 الساعة جرى اعتراض طائرة مسيّرة واحدة على الأقل وصاروخ كروز من قبل الحوثيين، وتستهدف بعض هذه الطائرات المسيّرة والصواريخ مدينة إيلات وأهدافًا أخرى في إسرائيل، ولكن يتم اعتراضها من قبل الأمريكيين على مسافة كبيرة تصل إلى مئات الكيلومترات من إسرائيل.

وفقًا لتصريحات الجيش الأمريكي، استأنف الحوثيون تنفيذ هجماتهم بعد حوالي أسبوعين فقط من الهجوم الإسرائيلي. هذا الهجوم (على الحديدة)، كما كان متوقعًا، لم يوقف أنشطتهم الإرهابية أو تهديداتهم.

إضافة إلى عزمهم على مساعدة الإيرانيين في حالة شنهم هجومًا لتحدي نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي متعدد الطبقات، لا يزال الحوثيون قادرين على تعطيل طريق الشحن إلى إيلات. وهذا يُعتبر واحدًا من أكبر الإخفاقات التي تواجهها إسرائيل، التي خاضت حروبًا في الماضي بسبب تهديدات مماثلة.

تحاول إسرائيل تصوير هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بأنه إرهاب بحري وتهديد عالمي لحرية الملاحة والاقتصاد العالمي ومجالات أخرى.

وفي المقابل، يعرض الحوثيون أنشطتهم على أنها دعم للفلسطينيين في غزة وكذلك للبنانيين. وتواجه إسرائيل صعوبة كبيرة في كسب دعم دولي واسع حول هذه القضية، باستثناء الأمريكيين وعدد قليل من الدول الأعضاء في التحالف البحري لمواجهة تدخلات الحوثيين في البحر الأحمر.

إسرائيل غير راضية عن الوضع في ميناء إيلات، الذي بقي فارغًا تمامًا منذ عدة أشهر بسبب تهديد الحوثيين لخطوط الشحن، مما تسبب بأضرار اقتصادية مباشرة وغير مباشرة بمليارات الدولارات. وليس من الواضح كيف تعتزم إسرائيل التعامل مع هذا الوضع والتهديد الحوثي.

تدعي إسرائيل أنه في حال انضمام الحوثيين إلى الهجمات وإطلاقهم الصواريخ والطائرات المسيّرة ضمن إطار هجوم إيراني متعدد الجبهات، فإن الرد عليهم سيكون أشد مما رأيناه في 20 يوليو. وكما تم الإبلاغ مؤخرًا، فإنهم يهددون أيضًا باغتيال مسؤولين حوثيين.


بعد الهجوم على ميناء الحديدة: أهداف إسرائيل القادمة في اليمن

نشرت المدونة الاستخباراتية “Intelli Times” صورًا حديثة عبر الأقمار الصناعية لثلاثة أهداف رئيسية حددتها إسرائيل كأهداف أساسية للهجوم على الحوثيين. هذه الأهداف ساهمت في تعزيز القدرات العسكرية للجماعة “الإرهابية”، وذلك في سياق الهجوم على ميناء الحديدة الاستراتيجي غربي اليمن في يوليو الماضي.

ووفقًا للتقرير، فإن الأهداف التي حددتها إسرائيل تشمل: مطار العاصمة صنعاء، وميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة، وميناء الصليف الواقع شمال غرب ميناء الحديدة. ويهدف نشر إحداثيات هذه الصور من قبل المدونة إلى التأكيد للحوثيين على جدية التحذير.

مصدر أمني قال لصحيفة “Intelli Times“: “يمكن استخدام تلك البنى التحتية كأهداف لمواصلة الحملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران، واستهدافها سيؤدي إلى إضعاف سيطرة الحوثيين وقدرتهم على التمويل”. وأضاف المصدر أن “إصلاح الأضرار التي قد تصيب هذه المواقع قد يستغرق عدة أشهر، وربما يتوقف بشكل كامل”. وتُقدر الأضرار المالية الناجمة عن استهداف هذه الأهداف بعشرات إلى مئات الملايين من الدولارات.

قام التحالف الدفاعي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا بمهاجمة هذه الأهداف في الأشهر الأخيرة، ولكن بطريقة مركزة لتفادي تعريض نشاط الموانئ والمطار للخطر. وعلى الرغم من محاولة الحوثيين استئناف نشاطهم المعتاد بعد الهجوم الإسرائيلي على الميناء، إلا أن هذا النشاط شهد انخفاضًا كبيرًا.

وعليه: فإن تداعيات الهجوم على الأهداف الثلاثة التي حددتها المدونة الاستخباراتية قد تكون مشابهة في حال نفذ الحوثيون تهديدهم بالرد على الهجوم الإسرائيلي على الحديدة، والذي لا يزالون يهددون بتنفيذه.


معسكرات الحوثيين الصيفية تُعَلِّم الأطفال الجهاد في سبيل الله وكراهية الغرب

منذ تسعينيات القرن العشرين، تنظم جماعة الحوثيين في اليمن معسكرات صيفية سنوية للأطفال والفتيات في سن المدرسة. وتُولي قيادة الحوثيين أهمية كبيرة لهذه المعسكرات التي تحمل شعار “المعرفة والجهاد”، حيث تُعد وسيلة لغرس قيمها الدينية والسياسية في نفوس الشباب، بهدف تجنيدهم لاحقًا للقتال ضد أعدائها من العرب والغرب.

وفقًا لمحمد المؤيدي، وزير الشباب والرياضة في حكومة الحوثيين، شارك في معسكرات الصيف لهذا العام 1.1 مليون طفل. وقد تعرض المشاركون لأيديولوجيات متطرفة ومعادية للغرب، تعكس روح الثورة الإيرانية والشعار الحوثي: “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام!”، وهو الشعار الذي ظهر بشكل بارز في اللافتات والزي الرسمي للمشاركين. بالإضافة إلى ذلك، تلقى الأطفال دروسًا في القرآن الكريم ومفاهيم الجهاد والشهادة، كما تدربوا على استخدام الأسلحة وحمل البنادق خلال المسيرات والعروض.

وأكد عبدالملك الحوثي، زعيم الحركة، الذي شارك في مراسم افتتاح واختتام العديد من المعسكرات الصيفية (المحرر: عبدالملك الحوثي لا يظهر مباشرة ولا يشارك في أي مناسبة، وإنما يلقي خطابات عبر دوائر تلفزيونية مغلقة)، على أهمية “الجهاد في سبيل الله”. وذكر أن اليمن تقود “مشروع التحرير من أعداء الأمة”، الذين يشملون الولايات المتحدة، وبريطانيا، وإسرائيل، والسعودية، والإمارات.

وقد صرح الحوثي بأن هدف المعسكرات الصيفية هو بناء “حضارة إسلامية وجهادية”، وأنها جزء من “مشروع التحرر” من أعداء الأمة. وقد أقيمت المعسكرات هذا العام من 20 أبريل إلى 9 يونيو.
وتشير تقارير متعددة إلى أن الحوثيين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة في اليمن لتشجيع الآباء على إرسال أطفالهم إلى هذه المعسكرات، عبر تقديم حصص غذائية، ووعدهم بمنح أجهزة “التابلت” للطلاب المتميزين، بالإضافة إلى تنظيم رحلات خاصة وتقديم مكافآت أخرى.


خلاف بين إيران ومحور المقاومة: الكشف عن تلاسن بين حزب الله والحوثيين وحماس

في حين تتوقع إسرائيل هجومًا إيرانيًا واسعًا خلال الأيام المقبلة، وفقًا لأحدث التقديرات الاستخباراتية، كشف مصدر مطلع في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لصحيفة الجريدة الكويتية، أن طهران شهدت اجتماعًا محتدمًا بين ممثلي الفصائل وإيران.

أثناء اجتماع قيادة الحرس الثوري، نشأ تباينًا حادًا بين الطرفين تطور إلى تلاسن، وانتهى بانسحاب بعض الحضور من الاجتماع غاضبين. وأوضح المصدر أن ممثلين عن التنظيمات “الإرهابية” حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، والأحزاب والفصائل المسلحة العراقية والسورية والحوثيين اليمنيين شاركوا في الاجتماع؛ للتنسيق بشأن الهجمات الإسرائيلية على إيران وحلفائها، والرد على اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران.

وأكد المصدر أن ممثلي الحرس الثوري أبلغوا حلفاءهم بالتريث في الرد على الأقل حتى انتهاء المفاوضات المقررة غدًا بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما يطلبه الوسطاء في واشنطن والقاهرة والدوحة. في المقابل، رأى ممثلو حزب الله وحماس أن السبيل الوحيد للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وتهدئة المنطقة بأسرها هو فرضه بالقوة على إسرائيل، وفتح كافة الجبهات لإجبار إسرائيل على الإذعان. كما أشار إلى أن حلفاء إيران يعتقدون أن الوقت قد حان لفتح كافة الجبهات ومهاجمة إسرائيل بالقوة، والتصدي لكل من يرغب في الدفاع عنها، بما في ذلك القوات الأمريكية أو أي دولة عربية تساعدها في دعم إسرائيل، وأنه مع رفع التكلفة إلى هذا الحد تصبح التسوية الشاملة أقرب إلى المنال.

قال أيضا، إن الجانب الإيراني كان واضحًا في أن المضي بهذا السيناريو مغامرة كبيرة ستصب في نهاية المطاف في مصلحة إسرائيل، وليس الفلسطينيين. وأوضح أيضًا أن رؤية حلفاء طهران تنطوي على تنفيذ عمليات واسعة طويلة المدى، تستهدف البنية التحتية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، وحتى المناطق المدنية، وهو ما يجعل جميع الإسرائيليين يعيشون في الملاجئ مدة طويلة. وشدد على أن حزب الله مُصِرّ على أنه بعد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، يجب استهداف حيفا وتل أبيب، وبلورة معادلة حيفا وتل أبيب مقابل بيروت والضاحية الجنوبية بأي ثمن، وأنه يجب على الحزب توسيع بنك الأهداف إلى مدن إسرائيلية أخرى، حتى لو أدى ذلك إلى إصابة المدنيين، لتثبيت معادلة استهداف مدنيين إسرائيليين مقابل استهداف مدنيين اللبنانيين. وأشار إلى أن الإيرانيين اقترحوا التعامل مع إسرائيل “الند بالند”، ولو قتلوا شخصيات فلسطينية ولبنانية فيجب الرد عليها باغتيال شخصيات إسرائيلية.

وأشار المصدر إلى أن ممثل حماس في الاجتماع تناول هذا الاقتراح وقال: إذا كانت إيران مستعدة لتحمل عواقب اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقابل اغتيال هنية، فإن حماس تؤيد هذه السياسة، أما إذا كان هدف إيران هو اغتيال شخصيات أقل مستوى، فإن الحركة غير موافقة، وترى أن نتنياهو لن يتأثر باغتيال شخصيات سياسية إسرائيلية أو عسكرية أو علمية طالما أنه باقٍ في السلطة. وذكر أن هذا الاقتراح واجه انتقادات حادة من حلفاء إيران الذين قالوا إنه يمكن القبول به في إطار هجوم شامل وواسع، لا أن يكون هو الرد.

وأضاف أن ممثلي حزب الله في الاجتماع حذروا من أن مرحلة العض على الأنامل لم تعد مناسبة، وهناك تخوف من قيادة الحزب من أن يتسبب ذلك في خروج البعض عن السيطرة وتنفيذ هجمات فردية. وأوضح أن الحوثيين دعموا موقف حزب الله، وتحول الأمر إلى جدل كبير، مما دفع قادة الحرس الثوري الإيراني إلى الإيحاء بأن القرار ليس بيديهم، مما أثار غضب حلفائهم بشدة، إذ اعتبروا أنهم يتكبدون الهجمات في حين تقرر القيادة الإيرانية وهي في مأمن. وأشار إلى أن الأمر انتهى بخروج عدد من ممثلي حزب الله وحماس والحوثيين من الاجتماع على أساس أنهم جاءوا إلى طهران للتنسيق بشأن الهجوم الشامل، لا التنسيق بشأن تأجيله.

وختم المصدر بأن هناك تخوفًا بين قيادة الحرس الثوري من أن يفتح بعض هؤلاء جبهات عدة دون التنسيق مع طهران ووضعها أمام الأمر الواقع، كما فعلت حماس في 7 أكتوبر، ولكن على جبهات أكثر بكثير.


هجوم الحوثيين الأخير على إسرائيل

إنَّ هجوم الحوثيين الدموي على تل أبيب، في 19 يوليو 2024، باستخدام طائرات مسيّرة حدث غير مسبوق. حتى هذه اللحظة، لقد ضربت الجماعة “الإرهابية” اليمنية إسرائيل مرة واحدة، عندما استهدفت منطقة مفتوحة بالقرب من مدينة إيلات في أقصى جنوب إسرائيل، وهو نجاح طفيف للغاية بعد أكثر من 200 محاولة. ومع أن الطائرة الحوثية المسيّرة بعيدة المدى ضربت تل أبيب، وتسببت في مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، إلا أنه لم تطلق أي صفارات إنذار على الرغم من تحليقها مسافة طويلة فوق المجال الجوي الإسرائيلي. هل تعد هجمات الحوثيين على إسرائيل بداية مرحلة جديدة ؟

إذا لم يكتشف الجيش الإسرائيلي هذه الطائرة المسيّرة نظرًا لقدراتها الجديدة في التخفي، فإنه سبب يبعث على مزيد من القلق. ولكن وفقًا لتصريحات الجيش الإسرائيلي، فإن التعديلات التي تزودت بها طائرة “صماد 3” المسيّرة والتي حالت دون اكتشافها، طفيفة، وهدفها زيادة مدى طيرانها. تمكن الحوثيون عبر رسم مسار طيران جديد وأكثر التفافًا من إخفاء الطائرة المسيّرة والتنكر على أنها حميدة واخترقت الدفاعات الإسرائيلية.

مع أن الخسارة الناجمة عن الضربة مأساوية، إلا أن الهجوم لا يدل على قفزة تكنولوجية هائلة تُمكِّن الحوثيين من شن ضربات أخرى ناجحة على تل أبيب. وقد يحاولون تطوير مسارات جديدة لمفاجأة إسرائيل، لكن هذه المفاجأة بالذات ينبغي اعتبارها استثنائية.

تمتلك الجماعات المسلحة والإرهابية في جميع أنحاء العالم أسلحة صغيرة، ومتفجرات بدائية الصنع، وصواريخ غير موجهة قصيرة المدى، ولكن تكمُن خطورة الجماعات الإرهابية -المدعومة من إيران -في جميع أنحاء الشرق الأوسط بشكل استثنائي في ترساناتها المتقدمة. لقد قدمت طهران للحوثيين وغيرهم من الجماعات الإرهابية الشيعية المتطرفة مثل حزب الله مخزونات من الذخائر بعيدة المدى، بعضها موجه بدقة أو يمكنه حمل قنابل متفجرة يربو وزنها على 500 كيلوغرام. هذه الفئة من الأسلحة كانت حكرًا في السابق على عدد قليل من الدول القومية.

في حين يزعم الحوثيون امتلاك هذه المنصات وربما لديهم قاعدة صناعية عسكرية محلية متنامية بفضل دعم وتوجيه طهران وحزب الله اللبناني، فمن الواضح أيضًا أن أنظمة الأسلحة هي نسخ طبق الأصل من المنصات الإيرانية، ولا يزال يعتمد الحوثيون على إيران في الحصول على بعض مكوناتها الأكثر تعقيدًا.

ميزانية الحوثيين العسكرية والمساعدات الإنسانية

هذا يثير تساؤلًا، كيف تستطيع جماعة مثل الحوثيين -تحكم أكثر من 20 مليون يمني يقل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عن 500 دولار -شراء أسلحة متقدمة طويلة المدى يمكن أن تكلف ملايين الدولارات لكل وحدة؟

إنَّ جهود المساعدات الإنسانية الدولية الهائلة المكرسة لمساعدة اليمنيين هي أحد المصادر الرئيسة لإيرادات الحوثيين، الذين يولون أهمية لآلتهم الحربية على رفاهية الشعب الخاضع لحكمهم. قد تمثل المساعدات الدولية لليمن -حوالي 2 مليار دولار سنويًا -أكثر من 10٪ من إجمالي الناتج المحلي السنوي لليمن البالغ 17 مليار دولار (في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا اعتبارًا من عام 2024). ويُوجَه نحو ثلاثة أرباع هذا المبلغ إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بما يتناسب مع نسبة السكان اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرتهم.

ومع ذلك، فإن افتقار منظمات الإغاثة الإنسانية إلى الشفافية والرقابة الكافية يعني أن هناك حد أدنى من المعلومات الموثوقة، إن وجدت، تشير إلى أن المساعدات تصل إلى الأشخاص الأكثر احتياجًا في اليمن. وفي الوقت نفسه، تبذل جماعة الحوثيين قصارى جهدها لمراقبة مشاريع المساعدات والسيطرة عليها وتعطيلها وتحويلها إلى جيوب مسؤوليها وتمويل عملياتها الخاصة. على الرغم من فرض عقوبات على عدد قليل من كبار المسؤولين الحوثيين بتهمة ترويع عمال الإغاثة وابتزاز منظمات الإغاثة الإنسانية، فإن المشكلة الأساسية المتمثلة في إيصال المساعدات في اليمن -الافتقار إلى الشفافية والرقابة -لا تزال دون معالجة.

في الواقع، تدعم بعض الأموال التي تجمعها المنظمات الإنسانية عمليًا هجمات الحوثيين على الدول المانحة. على سبيل المثال، تنفق الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات سنويًا لدعم أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية. ومع ذلك، تقلّل بعض هذه المنظمات ذاتها، في تقاريرها السنوية ومراجعة الحسابات، من حقيقة أن آلياتها المتمثلة في تقييم ورصد إيصال المساعدات في اليمن غير فعالة إلى حد كبير. ما يعني عمليًا أن معظم (إن لم يكن كل) المنظمات الإنسانية الناشطة في اليمن لا يمكنها تقديم تقديرات حول حجم المساعدات التي حوّلت جماعة الحوثيين “الإرهابية” مسارها. لقد وثقنا في أحدث تقرير لمشروع مكافحة التطرف، أن وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة لم تتمكن من خفض تحويل برنامج المساعدات الذي تبلغ قيمته ربع مليار دولار إلى هدفه المعلن وهو 20٪، بينما وصل معدل تحويل مساعدات برنامج الأغذية العالمي في محافظة صعدة إلى 80٪.

في حين قد يجادل البعض بأنه سيكون من الصعب إعادة استخدام المساعدات لتمويل جماعة الحوثيين، فمن المهم ملاحظة أن أغلب المساعدات التي تُقدم إلى اليمن تأخذ شكل تحويلات غير مشروطة للموارد. تهدف تحويلات الموارد إلى توفير النقد أو المستلزمات الضرورية لليمنيين الذين هم على شفا الكارثة، ولكنها أيضًا معرضة لخطر كبير من إعادة توجيه مسارها نحو أهداف الحوثيين، حيث يمكن استخدام النقد مباشرة وبيع المستلزمات الضرورية بسهولة لتوفير التدفق النقدي. وتمثل هذه الأصول القابلة للاستبدال غالبية المساعدات المقدمة إلى اليمن.

كيف يمكننا إذن التأكد من أن أموال دافعي الضرائب -من المواطنين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والألمان -لا تدعم في النهاية برنامج أسلحة الحوثيين المتنامي الخطورة؟ الجواب هو التزام الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية بقدر أكبر من الشفافية فيما يتعلق بمشكلة تحويل مسار المساعدات في اليمن. إذا لم تتمكن المنظمات الإنسانية من تقديم المعلومات ذات الصلة أو لم ترغب في ذلك، فيجب على الدول المانحة إعادة النظر فيما إذا كان ضرر أموالها أكثر من نفعها عندما تتدفق بعيدًا عن الأنظار إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.


التعاون بين الميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن

توطد التعاون بين الميليشيات الموالية لإيران في العراق والحوثيين في الأسابيع الأخيرة، وقد انعكس ذلك في تصريحات حول هجمات مشتركة على إسرائيل باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ كروز، إسنادًا للفلسطينيين، وردًا على “المجازر” التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.

منذ 6 يونيو 2024 وحتى الآن (4 أغسطس 2024)، أعلنت الميليشيات العراقية والحوثيون أنهم نفذوا 12 هجومًا مشتركًا على إسرائيل، أغلبها بإطلاق طائرات مسيّرة وبعضها بصواريخ كروز. واستهدفت الهجمات حيفا، وأشدود، وإيلات، والسفن في البحر الأبيض المتوسط. ولا توجد تأكيدات بشأن هذه التصريحات التي تحملوا مسؤوليتها فيما عدا واقعة واحدة أكد فيها الجيش الإسرائيلي أنه اعترض طائرة مسيّرة.

حسب تقديرنا، من المتوقع تنامي التعاون بين الحوثيين والميليشيات العراقية الذي قد يؤدي إلى تصعيد في محاولاتهم المشتركة لضرب أهداف إسرائيلية وخاصة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على مدينة الحديدة الساحلية -الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن -ردًا على استمرار هجمات الحوثيين على إسرائيل وإطلاق الطائرة المسيّرة التي انفجرت في تل أبيب. ومن المتوقع أن ينعكس التعاون أيضًا في رد “محور المقاومة” على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المنسوب إلى إسرائيل في طهران، وكذلك على اغتيال إسرائيل القائد العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر في بيروت.

تُجرى الهجمات المشتركة للحوثيين والمليشيات العراقية بتنسيق من اليمن والعراق (أو من شرق سوريا بالقرب من الحدود مع العراق). وينفذون عمليات الإطلاق في وقت واحد على الهدف نفسه أو إلى مناطق مختلفة لتشتيت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية ومن ثم زيادة فرص الإصابة.

بدأ الحوثيون ترسيخ وجودهم في العراق عام 2011 بإنشاء مكتب تمثيلي لهم. عام 2014، وبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، بدأ وزير الخارجية العراقي آنذاك، إبراهيم الجعفري، بتمهيد الطريق أمام اعتراف الحكومة العراقية بحركة الحوثيين للعمل بحرية في العراق.

لزيادة أنشطة الحوثيين في العراق، بدأوا في تعزيز العلاقات مع المجتمع المحلي. ومن المؤسسات المجتمعية البارزة مؤسسة “محمديون” في البصرة، التي تنشر محتوى ثقافيًا ودينيًا عن الحوثيين بالتنسيق مع ميليشيا كتائب حزب الله. وتعمل مؤسسات حوثية مماثلة في النجف، وديالى وكركوك، وتجري الآن محاولة لتوسيع نطاق نشاطها ليشمل المنطقة الكردية.

حظيت العلاقات بين الميليشيات والحوثيين باهتمام إعلامي في يناير 2022، عندما أعلن المتحدث باسم كتائب حزب الله، أبو علي العسكري، عن حملة لجمع تبرعات للحوثيين. وفي وقت لاحق، بدأت الميليشيات العراقية الأخرى -حركة النجباء، وسيد الشهداء، وعصائب أهل الحق، ومنظمة بدر -في التعبير باستمرار عن دعمها العلني للحوثيين.

توطد التنسيق بين الحوثيين والميليشيات العراقية منذ بداية حرب “السيوف الحديدية”. وقال خبير عسكري مقرب من وزارة الدفاع اليمنية، إن الحوثيين لديهم مكتب تنسيق خاص في العراق، وإن التنسيق بين الحوثيين والمقاومة العراقية “على أعلى مستوى منذ عدة أشهر والاتصالات تجري يوميًا”.

في 8 يوليو 2024، وفي إطار توثيق العلاقات بين حركة الحوثي والميليشيات العراقية، افتتح ممثل الحوثيين في العراق أبو إدريس الشرفي مقرًا له في حي الجادرية ببغداد بالقرب من “المنطقة الخضراء”، وأشار مستشار رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، إلى أنه ليس مكتبًا رسميًا أو مكتبًا تمثيليًا، بل مقرًا لعناصر حركة الحوثي، بعد أن اضطروا في السابق للإقامة في أحد فنادق بغداد.

يعد الشرفي، ممثل الحوثيين في العراق منذ العام 2023، من أبرز المسؤولين نفوذا في حركة الحوثي. وفي إطار نشاطه ممثلًا للحركة في العراق، ينسق العمل العسكري المشترك مع المقاومة الإسلامية في العراق، كما أنه يعقد لقاءات رسمية مع ممثلي الميليشيات وكبار المسؤولين في الحكومة العراقية وممثلين عن حركات أخرى في “جبهة المقاومة” مثل حماس. ويلتقي بزعماء قبليين ومسؤولين محليين في المجتمع العراقي، ويشارك في المناسبات السياسية والدينية، ويجمع الدعم والتبرعات للحركة. يحرص الشرفي على توثيق نشاطاته على وسائل التواصل الاجتماعي.

يؤدي فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني دورًا مهمًا باعتباره وسيطًا وممولًا، ويسلح ويوجه الحوثيين والميليشيات العراقية.

في 29 أكتوبر 2023، أفادت التقارير أنه تقرر في إيران -في إطار تحقيق مفهوم “وحدة الساحات” -إنشاء غرفة عمليات مشتركة مهمتها التنسيق والتخطيط العسكري واللوجستي والاستخباراتي بين حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين -غزة، وحزب الله في لبنان، والمليشيات الموالية لإيران في سوريا، والمليشيات الموالية لإيران في العراق والحوثيين في اليمن. وهذا تحت إشراف إيراني حتى يسمح بتعزيز العلاقات بين الحوثيين والميليشيات العراقية.

أفادت تقارير، في 2 يونيو 2024، بأن تنظيم الحشد الشعبي والحوثيين عقدوا دورة تدريبية بمشاركة نشطاء وقيادات التنظيم. وقالت “مصادر يمنية” إن أكثر من ثمانين ناشطًا حوثيًا انتقلوا إلى العراق لتدريبهم في منطقة جرف الصخر جنوبي بغداد، وأن ممثل الحوثي في الحشد الشعبي نسق زيارات لقيادات الحوثيين إلى طهران.

في 24 يوليو 2024، أفادت تقارير أخرى، عن وصول مئات الحوثيين إلى العراق، في الأسابيع الماضية، لتلقي تدريبات على أيدي مسؤولين إيرانيين وخبراء إنتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ في ثكنات خاصة في ضواحي مدينة بغداد ومحافظات عراقية أخرى. كما أفادت التقارير أن الحكومة العراقية، بتوجيه مباشر من الميليشيات الموالية لإيران، خصصت أموالًا للحوثيين وعائلاتهم.

على الرغم من التدخل الإيراني، فإن تنامي التعاون بين الميليشيات العراقية والحوثيين يعكس إلى حد كبير المصالح التي تسعى هذه الأطراف إلى تعزيزها، مثل ترسيخ مكانتها بين “محور المقاومة”. تريد الميليشيات العراقية أن تكون في طليعة المعركة التي تستهدف إسرائيل بالإضافة إلى أنشطتها للقضاء على الوجود الأمريكي في العراق وسوريا، بينما يسعى الحوثيون إلى زيادة نفوذهم الإقليمي، من بين أمور أخرى، في مواجهة السعودية. من الممكن أن يستغل الطرفان التعاون بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة في أنشطة تستهدف السعودية والولايات المتحدة.


الهجوم على اليمن استهدف الجمهور الإسرائيلي والولايات المتحدة والغرب

كان قرار مهاجمة ميناء الحديدة في اليمن مبررًا كرد فعل ملائم على عدوان الحوثيين منذ بدء الحرب على غزة. ومع ذلك، يجب تجنب الإفراط في التفاؤل والاعتقاد بأن إسرائيل تعيد بذلك بناء قوة الردع لديها. لقد أثبت سلاح الجو الإسرائيلي، منذ حرب 1967 (المعروفة في إسرائيل بحرب الأيام الستة)، أنه قادر على تنفيذ عمليات على مسافات بعيدة عن إسرائيل.

شارك عدد كبير من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في الهجوم على الحديدة، التي تبعد نحو 3400 كيلومتر ذهابًا وإيابًا، مقارنةً بالعمليات بعيدة المدى السابقة. وانضمت إلى هذا الهجوم طائرة الشبح F-35، وهي الأفضل من نوعها في العالم، وتزودت بالوقود جوًا أثناء الهجوم. وتتباهى إسرائيل في هذه الهجمات بأن “اليد الطويلة” (وهو الاسم الرسمي للهجوم في اليمن) يمكنها الوصول إلى أي مكان في الشرق الأوسط وردع أعداء إسرائيل.

مع ذلك، لا تُظهر هذه الهجمات أنها تردع أعداء إسرائيل، فهم سريعو التعافي، ويستخلصون الدروس، ويطورون قدراتهم الدفاعية وردود أفعالهم. ومن المحتمل أن يستمر الحوثيون في محاولة إطلاق الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيّرة على إسرائيل. فقد أطلقوا صواريخ بعد أقل من عشر ساعات من الهجوم على الحديدة، وقد اعترضتها أنظمة الدفاع الأمريكية والنظام الإسرائيلي “حيتس 3”.

قال وزير الدفاع يوآف جالانت عن هجوم الحديدة، الذي أشعل النيران في خزانات النفط ومحطة توليد الكهرباء والمستودعات والصواريخ، إن “النيران في اليمن يمكن رؤيتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط”. لكن إيران وحزب الله في لبنان أو سوريا لا يحتاجان إلى تذكير بقدرات سلاح الجو الإسرائيلي الاستخباراتية والعملياتية وتفوقه، فقد جربوا ذلك مرارًا من خلال التجارب مع رجالهم وبنيتهم التحتية.

يدرك حزب الله أن إسرائيل إذا غزت لبنان، ستدمر محطات الكهرباء والمطارات والموانئ البحرية، وستعيد لبنان، كما يُقال في إسرائيل، إلى “العصر الحجري”. ووفقًا لتقارير أجنبية، هاجمت طائرات القوات الجوية الإسرائيلية الموانئ الجوية والبحرية وقواعد الصواريخ ومعاهد البحث العلمي في سوريا، وحتى أن طائرات F-35 قامت بمهام استخباراتية في جميع أنحاء إيران.

من المرجح أن الهجوم الكبير في اليمن كان يستهدف جمهورين. الأول هو الجمهور الإسرائيلي، الذي يشعر منذ عشرة أشهر بالإهانة والغضب وعدم الأمان والخوف من المستقبل. مثل هذا الهجوم قد يحسن المزاج الوطني قليلاً، ويمنح الحكومة المتعثرة تقييمًا أفضل، ويعيد بعض الثقة للجيش الإسرائيلي بشكل عام وللقوات الجوية بشكل خاص بعد فشلهم الكبير في 7 أكتوبر.

أما الفئة الأخرى المستهدفة فهي الولايات المتحدة والدول الغربية. فقد كانت الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا -بدعم من دول الناتو الأخرى -على أهداف عسكرية للحوثيين حتى الآن محسوبة بدقة. ومن خلال عملية اليمن، أرادت إسرائيل أن ترسل رسالة إلى الولايات المتحدة والغرب تدعوهم إلى التصرف بحزم كما تفعل هي، والرد بقوة على هجمات الحوثيين التي تستهدف السفن التجارية المبحرة في الممرات البحرية الدولية في المحيط الهندي والمتجهة إلى قناة السويس.

ومع ذلك، من غير المحتمل أن تنفذ مصر عمليات عسكرية تستهدف الحوثيين، ومن المشكوك فيه جدًا أن يستجيب الغرب في هذا الوقت للرسالة الإسرائيلية. كل هذا لتجنب الانزلاق في حرب أخرى لا نهاية لها مع عدو ضعيف لكنه مصمم ومشحون بالدوافع الدينية. وتركز الولايات المتحدة الآن على الشؤون الداخلية والانتخابات، بينما فقدت أوروبا، المنقسمة بين اليمين واليسار والخائفة من الهجرة الأجنبية، منذ فترة طويلة الرغبة في التدخل في النزاعات خارج حدودها.


اليمن مجرد عَرَض

نفذت إسرائيل عملية عسكرية قوية واستثنائية بعيدة عن حدودها وأطلقت عليها “الذراع الطويلة”. هاجمت طائرات القوات الجوية المقاتلة منطقة ميناء الحديدة في اليمن ردًا على إطلاق المتمردين الحوثيين 220 صاروخًا وطائرة مسيّرة نحو إسرائيل في الأشهر التسعة الماضية.

كيف لم يسمع الإسرائيليون عن الحوثيين حتى الحرب الحالية؟

قال يوسي منشروف[6] “ربما لم يعرف مواطنو إسرائيل عن الحوثيين، لكن الباحثين في الشأن الإيراني الذين هم على دراية بدوافع إيران لبسط نفوذها في المنطقة عرفوا الحوثيين جيدًا عند مفترق طرق تاريخي عام 2015. ففي ذلك العام، زادت إيران كثيرًا من المساعدات العسكرية والمالية التي توفرها للحوثيين، بهدف إلحاق الضرر بالسعودية في إطار الصراع الإيراني -السعودي على الهيمنة في المنطقة. أدركت إيران أن بإمكانها تطوير وحش إرهابي جنوب السعودية للهيمنة على البحر الأحمر، نظرًا لموقع الحوثيين الاستراتيجي. ومنذ ذلك الحين، بدأت إيران في تهريب الأسلحة وأنظمة مختلفة، وأموال كثيرة إلى الحوثيين”.

هل قصف الميناء له قيمة استراتيجية؟

أوضح منشروف أن “الأمر يستغرق وقتًا لسبر مدى نجاح الهجوم أو إضعاف قدرات الحوثيين إلى حد كبير. ولكن حتى الآن يبدو أن الهجوم كان على الأرجح مؤثرًا في عدة جوانب، أهمها أنه يعكس العزم الإسرائيلي والانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم. “خلافًا لتصريحات نصر الله وخامنئي التي يبثونها لجمهورهما المستهدف بأن إسرائيل ضعيفة، فقد شاهدوا استعراض القوة الإسرائيلية، والتعاون مع المساعدات الأمريكية التي ظهرت في التعاون الاستخباراتي والعسكري. لقد أدركوا أن إيران قد تكون الهدف القادم، وهو أمر خطير بالنسبة لهم. بالطبع لن يعلنوا عن خوفهم علنًا، لكن يمكن الافتراض أنهم حاليًا خائفون للغاية.

هل تعتقد أن إيران فهمت الرسالة؟

وقع الهجوم في اليمن على بُعد حوالي 2000 كيلومتر من حدود إسرائيل. والمدى الذي تتطلبه طائرات سلاح الجو الإسرائيلي لاستهداف إيران بين 1500 إلى 1800 كيلومتر، وفقًا لمسار الرحلة، لذا فمن الواضح أن طهران قد استوعبت الرسالة. أنا متأكد نظرًا لمعرفتي للشخصيات الفاعلة في إيران أن هذا الهجوم أثار المخاوف في طهران من هجوم مماثل محتمل. وأعتقد أنهم يبذلون جهودًا لدراسة ما يمكن القيام به لمنع زيادة الهجمات الإسرائيلية. إن الهجوم على اليمن -على بعد 2000 كيلومتر من الحدود الإسرائيلية، هو ثاني أطول هجوم في تاريخ القوات الجوية الإسرائيلية بعد الهجوم على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس عام 1985، حيث وقع الهجوم على بُعد 2300 كم. ولم ينفذ منذ ذلك الحين هجوم على هذه المسافة الكبيرة. من المؤكد أن إيران ستعمل من الآن فصاعدًا على تعزيز الحوثيين في مجال الدفاع الجوي أيضًا.

خطير، ولكنه متوقع

إلى جانب إظهار إسرائيل للقوة والعزم في الهجوم على الحوثيين، يشير منشروف إلى أن إسرائيل أظهرت قدرات استخباراتية مثيرة للإعجاب: “حددت إسرائيل المكان المستهدف وألحقت أضرارًا بالشريان الاقتصادي والعسكري للحوثيين. كما أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة من حيث القدرات الهجومية والاستخباراتية تعد ثاني أهم كابوس لقادة النظام الإيراني. وعندما يرون أن هذا الكابوس يتحقق وتتضافر إسرائيل والولايات المتحدة، فإن لهذا تأثير كبير على نصر الله، وليس على إيران فحسب”.

يرى منشروف أن الهجوم الإسرائيلي بمثابة إشارة حاسمة لدول أخرى في المنطقة أيضًا، مثل مصر والأردن والإمارات والبحرين. كما استعرضت إسرائيل القوة لشركائها السنة، الذين يتابعون عن كثب الصراع بين إسرائيل وإيران ووكلائها. لذلك كان من المهم أن تظهر إسرائيل لهؤلاء الشركاء أنه لا يزال هناك من يمكنه مواجهة إيران بقوة”.

وقال إن “أمريكا تتجنب باستمرار المواجهة المباشرة مع إيران، بل على العكس من ذلك، فهم يمنعون إسرائيل من شن حرب شاملة في الشمال خوفًا من تدخل إيران، لأنهم سيضطرون إلى التورط في حرب إقليمية”. “استعراض القوة الإسرائيلية في اليمن هي أقصى ما يسمح به الأمريكيون لإسرائيل أن تفعله. والتعليمات هي: اضرب الوكيل ولا تضرب إيران، وهنا نواجه مشكلة خطيرة”.

“إن السياسة التي تنتهجها إسرائيل حاليًا تشبه محاولة إفراغ البحر بدلو. نحن نهاجم الوكيل. يمكننا أيضًا القضاء على قدرة حزب الله المتمثلة في الطائرات المسيّرة من خلال هجمات حازمة ومتسلسلة، ولكن سترسل إيران في اليوم التالي تعزيزات وإمدادات. ومن ثم فإن الإنجاز الإسرائيلي سيكون عمليًا محدودًا للغاية. ولهذا السبب يجب على إسرائيل إعادة النظر في خطواتها لتتناسب مع واقع ما بعد السابع من أكتوبر”.

أنت تقول إن مواجهة إسرائيل مع وكلاء إيران لن تحل المشكلة من جذورها، ويجب التوجه مباشرة إلى إيران.

“بالفعل، ويجب أن يحدث ذلك من خلال بناء أكبر قدر ممكن من القوة. إسرائيل تحتاج إلى المزيد من الطائرات، والمزيد من القدرات الاستخباراتية والتعاون مع الدول السنية. التعاون الذي يخدم مصالح الجميع. في النهاية، نرى أن جميع الأسلحة التي تمتلكها إيران تقريبًا سوف تصل في النهاية إلى حزب الله أو حماس أو الحوثيين، ولذا، على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار أن عملاء إيران لديهم أيضًا مثل هذه القدرات، ومن ثم يجب أن تضرب هذا السلاح بالفعل على الأراضي الإيرانية، قبل أن يصل إلى الوكيل. يجب أن نكون أكثر نشاطًا وأن نتبنى عقيدة أمنية أكثر تكيفا مع الواقع الإقليمي الحالي”.

يشير العميد بحري احتياط إيال بينكو[7]، إلى أنه لا ينبغي الاستهانة بالتهديد الحوثي “بعد حرب أهلية دامية، سيطر الحوثيون على أجزاء من اليمن وتمكنوا من إقامة حكم ذاتي في البلاد شمال اليمن. ويسيطر الحوثيون على نحو ثلث مساحة اليمن، ويمتلكون جيشًا جرارًا، تتراوح تقديراته بين 150 إلى 250 ألف مقاتل. توجد تقديرات مختلفة، لكن لا أحد يعرف العدد الدقيق”.

يقدر بينكو أن الأضرار التي لحقت بالحوثيين عقب الهجوم الإسرائيلي فادحة للغاية: “إنه هجوم هائل وكبير. ميناء الحديدة هو ميناء الحوثيين الرئيسي. ويصل إليه النفط والبضائع والمواد الغذائية و80% من الأسلحة الإيرانية، إنه ميناء كبير يحتوي على خزانات كثيرة لتخزين النفط. كما أنه ميناء عميق يمكن أن ترسو فيه السفن الكبيرة، لذا فإن الأضرار التي لحقت به كبيرة، كما أن للنيران والانفجارات تأثير على الوعي. كما أنه ألحق أضرارًا بخطوط الإمداد الإيرانية.

هل يحمل مثل هذا الهجوم رسالة لإيران؟

“إنها إشارة إلى أنه يمكننا الوصول إلى حيث نريد وتنفيذ هجمات، بما في ذلك هجمات واسعة على أماكن مركزية واستراتيجية”.

فيما يتعلق بالرسالة الموجهة إلى إيران وحزب الله، أشار بينكو إلى ازدواجية موقف إسرائيل تجاه الأضرار التي تلحق بأراضيها: “ثمة شيء ما إشكالي هنا، لأننا من ناحية نسمح لإيران وحزب الله بإحراق الجليل وإلحاق أضرار ودمار كبير، لكن استهداف ضعيف بطائرة مسيّرة في تل أبيب يسفر عن مثل هذا الهجوم الدراماتيكي. هناك رسالة إشكالية للغاية للإيرانيين وحزب الله مفادها أن ثمة مناطق في إسرائيل لها قيمة أكبر من مناطق أخرى. الرسالة هنا هي رسالة مزدوجة للإيرانيين ولحزب الله».

هل ترى إسرائيل أنها نقطة تحول في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم؟

“حتى الآن، انتهجت إسرائيل موقفًا دفاعيًا سلبيًا في مواجهة الحوثيين، سعيًا لعدم إثارة أو التسبب في مزيد من ردود الفعل الجانبية. وفضلت إسرائيل إبقاء هذه الساحة هادئة قدر الإمكان. هذه الساحة نشطة منذ تسعة أشهر، من خلال مهاجمة السفن، ومهاجمة السفن الإسرائيلية، وإغلاق باب المندب، وإطلاق الصواريخ أيضًا على إيلات والجنوب، لذلك هذه الساحة نشطة للغاية، لكن إسرائيل فضلت أن يقوم الأمريكيون والبريطانيون بهذا النشاط، وأن يحمي سلاح الجو و البحرية الأجواء الإسرائيلية وألا تنخرط في حملة أعنف حتى يتسنى لها التركيز على غزة.

أعتقد أنه كان من الضروري توجيه هذه الضربة للحوثيين، لأنها تظهر مدى قدراتنا، وترسل رسالة إلى جميع أعدائنا. أفترض أن الحوثيين سيشنون هجومًا آخر. ومن جانبهم، سيحاولون إظهار أنهم ليسوا مضطرين لذلك. وأضاف: “في الشرق الأوسط، يمكن أن يشتعل كل شيء في غضون ساعات، لذلك سنرى إلى أين ينتهي بنا المطاف”، ويختتم: “لا أعتقد أنها نقطة تحول. إسرائيل لا تزال ترغب في الحفاظ على الهدوء في الساحة الحوثية، وعدم الانخراط في المعركة في هذه الساحة، ولذا، لا يوجد ما يمكن توقعه هنا في تغيير المسار، بل هو أقرب إلى رفع راية تحذير مفادها: احذروا، لا تستفزونا، نحن مجانين، لا تعبثوا معنا. كيف ستتطور هذه الأمور؟ سنعرف ذلك في الأيام والأسابيع المقبلة”.


الرد الإسرائيلي على هجوم الحوثيين

سلطت الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط الضوء على أن المنطقة أشبه بلعبة متعددة الأطراف تضم الكثير من الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين. إنه المكان الذي تتجلى فيه الدراما. إنها ليست مواجهة فردية بسيطة. كل إجراء يثير ردود فعل من كل الأطراف المعنية.

إن الهجوم الإسرائيلي على الحوثيين بالغ الأهمية سواءً من الناحية الاستراتيجية أو من حيث العملية ذاتها. يراقب ويقيِّم الفاعلون مواقعهم والمخاطر التي قد يتحملوها في ضوء هذا الهجوم. يراقب فاعلون مثل حماس، وحزب الله، والميليشيات الشيعية العراقية والسورية الأحداث عن كثب. وتدريجيًا، يعاد بناء قوة الردع الإسرائيلية للتصدي للفاعلين الإقليميين.

تتمسك إيران بموقفها في هذا السيناريو المعقد بأنها ليست متورطة بشكل مباشر. ومع ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من مشاركة إيران يشمل مواصلة إمداد الحوثيين وغيرهم من الوكلاء بالأسلحة والذخيرة دون التورط تمامًا في الصراع. ويتضح للجميع أن إيران تسيطر على وكلائها، لكنها تحرص على تجنب أن تصبح طرفًا مباشرًا في الصراع.

كان تكثيف نشاط حزب الله على إسرائيل، مؤخرًا، ردًا على الضربات الإسرائيلية في لبنان. ولا يوجد رد فعل واضح من حزب الله بشأن الوضع في اليمن أو تصاعد الأحداث في غزة.

في الواقع، إن أحد الأهداف الرئيسة لإسرائيل في الهجوم على الحوثيين هو الساحة اللبنانية. وكان الهدف الأساسي هو تشكيل الرأي العام اللبناني، الذي قد يقارن نفسه بالمسرح اليمني. ومع تزايد هذا الوعي، تتزايد الضغوط على حزب الله لحمله على الحد من هجماته العملياتية على إسرائيل، خشية احتمال تنفيذ هجمات مماثلة في لبنان.

خلال الأيام المقبلة، ومع تهديد الحوثيين بالرد على إسرائيل، ستحدد المنطقة ما إذا كانت تتجه نحو التصعيد أم أنها ستفضّل ردًا محدودًا، يمكّن الطرفين من مواصلة صراعهما المنضبط.


الهجوم على اليمن انتصار كبير لإسرائيل

بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على أهداف للحوثيين، قال مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي: “لم نشارك في الهجوم الإسرائيلي اليوم على اليمن ولم نساعد إسرائيل”.

إنها أخبار رائعة. تظهر للإيرانيين والدول العربية وغيرهم أن إسرائيل فاعل مستقل وليست “تابعة” لأمريكا. كما تظهر هذه الخطوة أيضًا أن إسرائيل مستعدة للتحرك بمفردها دون استشارة أو رغبة الأمريكيين.

إن الولايات المتحدة تثبت للدول العربية السنية أن إسرائيل شريك يمكن الاعتماد عليه في مواجهة النظام الإيراني، لأن إسرائيل ستبذل كل ما في وسعها للدفاع عن نفسها وكبح إيران ووكلائها. وكما يقول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، في كثير من الأحيان: حتى لو لم يكن لدى الدول السنية غوريلا يبلغ وزنها 800 كيلوجرام (الولايات المتحدة) تحميهم من العدوان الإيراني، فقد أثبتت الغوريلا (إسرائيل) التي يبلغ وزنها 250 كيلوغرام أنها بديل يمكن الاعتماد عليه.

ما الذي يمكن أيضًا تعلمه من الهجوم الإسرائيلي على الحوثيين (الشيعة)؟ أولًا، المسافة بين إيران والهدف الإسرائيلي في الحديدة باليمن (حوالي 2000 كيلومتر) تتجاوز نطاق تحليق الطائرة المقاتلة من طراز F-35. مما يعني أن إسرائيل اضطرت إلى التزود بالوقود أثناء الرحلة. ونظرًا لأن أمريكا لم تساعدهم، لقد وجد الإسرائيليون طريقة للقيام بذلك بأنفسهم أو أن دولة أخرى (ربما السعودية؟) سمحت لهم بالتزود بالوقود داخل أو من فوق سمائها أو في أي مكان آخر. وهذه أخبار مفجعة للإيرانيين.

مسافة التحليق بين إسرائيل والحديدة تعادل مسافة الطيران بين إسرائيل ومعظم إيران. تبتعد طهران، على سبيل المثال، عن إسرائيل بحوالي 1200 كيلومتر فقط. ولذا، فإن الهجوم يمثل تحذيرًا خطير للنظام.

لقد شجعت الغارة الإسرائيلية والأضرار التي ألحقتها بالحوثيين الشيعة اليمنيين السنة، الذين يشكلون غالبية سكان البلاد وكانوا يديرون الحكومة في السابق، على التمرد. وفجأة، انتشرت مقاطع فيديو كثيرة على X تظهر تمرد السنة على الحوثيين وإيران.

هل ينجح السنة في إسقاط السيطرة الحوثية -الإيرانية عن اليمن؟ إذا لم يكن الآن، فإنه بالتأكيد في المستقبل. وفي الشرق الأوسط، عندما يشعر الناس أن عدوهم ضعيف (كما أظهرت إسرائيل في هجومها)، فسرعان ما يتبع ذلك العنف.

ولكن من المؤسف أن ما قاله كيربي يشعر شعوب الشرق الأوسط بالضعف. إنهم يحتقرون الضعف. إن الهجوم الإسرائيلي الناجح على إيران والحوثيين في اليمن يُظهر القوة. إنه انتصار كبير لإسرائيل، ولكن ليس على الإطلاق لإدارة بايدن. ولا شك أن شعوب الشرق الأوسط سوف يستخلصون الاستنتاجات المناسبة. لقد نالت إسرائيل احترامًا جديدًا بسبب جاهزيتها لتدمير أعدائها.


ما السلاح الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي في الهجوم على اليمن؟

لا يزال الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة الاستراتيجي الخاضع لسيطرة المتمردين الحوثيين يثير ردود أفعال عالمية كبيرة، حيث يحاولون معرفة المزيد عن الهجوم الجوي الإسرائيلي الذي تقدر مسافته حوالي 1800 كيلومتر.

تتبع موقع War Zone الوثائق الرسمية التي نشرها الجيش الإسرائيلي في محاولة لمعرفة الصواريخ التي استخدمتها إسرائيل في هجومها على الحوثيين، ووفقًا لتقدير الموقع، إنها قنابل مُثَبَّت عليها أنظمة “برد” (SPICE) التي صنعتها شركة “رافائيل”، أو صواريخ “دليلة” التي طورتها الصناعات العسكرية الإسرائيلية.

تتضمن سلسلة “برد” أنظمة توجيه لصواريخ جو-أرض، والتي يمكنها أن تحول القنبلة العادية إلى قنبلة ذكية يمكن توجيهها من خلال أجهزة الاستشعار الكهروضوئية. تدمج في أنظمة “برد” قدرات ذكاء اصطناعي مستقلة بها قدرات متقدمة لمقارنة الصور لتحديد الأهداف. يستخدم سلاح الجو الإسرائيلي نظام “برد” منذ عام 2003، ومنذ ذلك الحين استخدمتها بلدان أخرى.

الخيار الثاني، كما ذكرنا، هو صاروخ دليلة، وهو صاروخ كروز مصنوع في المصانع العسكرية الإسرائيلية. وهو صاروخ كروز متميز في السوق العالمية، لأنه لو اتضح قبل إطلاق الصاروخ مباشرة أن الهدف قد تحرك أو تحتم إلغاء الهجوم، على سبيل المثال، لمنع إلحاق الضرر بالأبرياء، فبإمكان الطيار إلغاء المهمة وسيخرج الصاروخ عن المسار – ويعود إلى التجول. وهذا مفيد إما على حياة الإنسان أو إهدار التكاليف غير الضرورية.


الهجمات لها تداعيات: إسرائيل ترد على اليمن

تناول هذا التقرير الدروس المستفادة من الهجوم الإسرائيلي على اليمن، وأشار إلى أن الدرس الأول يتمثل في أن غياب الردع يفضي حتمًا إلى التصعيد. ومن أول التدابير التي اتخذها الرئيس جو بايدن عند توليه منصبه هي إزالة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، على الرغم من هجماتهم المتواصلة على منشآت النفط السعودية والبنية التحتية المدنية.

لقد صعد الحوثيون هجماتهم على مدى السنوات الثلاث والنصف الماضية؛ بسبب عدم خشيتهم من الهجوم أمريكي أو السعودي. باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ طويلة المدى، جعلوا البحر الأحمر غير قابل للعبور، وتسببوا في خفض حركة المرور في قناة السويس بنسبة 66 % منذ عام 2023.

في يناير، لقي جنديان أمريكيان حتفهما في البحر الأحمر في غارة تهدف إلى مصادرة أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين. وبدلًا من معاقبتهم، أو دفع ضريبة ما اقترفوه، أو بث الخوف، حاولت الولايات المتحدة وسفن الحلفاء في البحر الأحمر -في المقام الأول -إسقاط الطائرات المسيّرة والصواريخ. في حالات نادرة، حاولت الولايات المتحدة تدمير منصات الإطلاق، وفي الأسبوع الماضي فقط استهدفت رادارات الحوثيين.

بمعنى آخر، لا يوجد سبب يدعو الحوثيين إلى التوقف.

أما الدرس الثاني فيتمثل في أن إسرائيل حددت، بحكمة، معايير عملها. إذا أراد الحوثيون حربًا مع إسرائيل، فمن الأفضل أن يفكروا مليًا في العواقب. دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية (بحد أدنى) جزءًا كبيرًا من ميناء الحديدة، الذي هو نقطة دخول الأسلحة الإيرانية وموقع إطلاق تلك الأسلحة.

حددت إسرائيل معاييرها الخاصة لمواجهة جيش الحوثيين ويبدو أنها ألحقت أضرارًا كبيرة في مناطق سيطرة الحوثيين. من غير المرجح أن ينسحب الحوثيون، وسوف يعيدون الكرة ويهاجمون إسرائيل والولايات المتحدة. ولا ينبغي لإسرائيل أن تقوم بهذه المهمة بمفردها.

الهوامش
  1. حصلت على ماجستير في الدراسات الشرق أوسطية وأفريقيا بجامعة تل أبيب. عملت محاضًرا في قسم التاريخ والفلسفة والدراسات اليهودية في الجامعة المفتوحة عام 2007م، كما عملت في قسم التدريس والتعليم الأكاديمي في الجامعة ذاتها. وتتركز أبحاثها في منتدى التفكير الإقليمي حول اليمن الحديث، والعلاقات القبلية، والنظام في اليمن، والنساء في الشرق الأوسط.
  2. المراسل العسكري لموقع ماكو العبري
  3. مراسل الشؤون العربية في موقع “كان” العبري، وعمل مسبقًا في صحيفة يديعوت أحرونوت، حاصل على ماجستير في تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا من جامعة تل أبيب.
  4. زميل غير مقيم في مشروع مكافحة التطرف، نشر تقارير حول بنية الحوثيين المالية، وإساءة استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية، واستهدافهم للأقليات الدينية، واضطهاد النساء والصحفيين، عمل أيضًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS). تتركز أبحاثه حول سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. والاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بإيران والحرب الأهلية في اليمن.
  5. محلل الشؤون الأمنية والإستخباراتية في صحيفة “هاآرتس”، و”معاريف”، و”جيروزاليم بوست”. نال جائزة “سكولوف” للصحافة.
  6. باحث في شؤون إيران والإسلام في معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية. كما عمل باحثًا في مركز عزري للدراسات الإيرانية والخليج العربي، ومعهد ميمري. وهو باحث يهتم بالشأن الإيراني، والمليشيات الشيعية.
  7. خدم حوالي 30 سنة في الجيش الإسرائيلي، وفي مناصب رفيعة عملياتية واستخباراتية بالأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي. وأدار مشاريع تطوير تكنولوجيا معقدة. وهو باحث ومحاضر في مجال الاستراتيجية العسكرية والاستخبارات والحرب الإلكترونية. وتناولت أطروحته للدكتوراه الحرب العسكرية غير المتكافئة، والاستراتيجية العسكرية. كما يعمل باحث ومحاضر في عدة مراكز بحثية استراتيجية حول العالم.
  8. القائم بأعمال مدير المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، عقيد (احتياط) في الجيش الإسرائيلي ويتمتع بخبرة عملياتية وبحثية وأكاديمية في مكافحة الإرهاب على الساحتين الإقليمية والدولية. حصل إيتان عزاني على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية والجغرافيا من جامعة بار إيلان في إسرائيل، ودرجة الماجستير (مع مرتبة الشرف) في برنامج الدراسات الأمنية والاستراتيجية في جامعة تل أبيب.
  9. نال درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي، ويعمل حاليًا زميل بارز في معهد غيتستون.
  10. متخصصة في السياسة الدفاعية الأمريكية وشؤون الشرق الأوسط، عملت مسبقًا مديرًا تنفيذيًا للمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي (JINSA). عملت مع معهد الدراسات الاستراتيجية التابع للكلية الحربية في الجيش الأمريكي، ومعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، كما ألقت محاضرات في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن NDU.
مشاركة