تنويه: حُرِّر هذا التقرير -الذي يستند إلى ترجمةٍ لمواد وتحليلات منشورة في وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإسرائيلية حول اليمن- بما يراعي وضوح العرض واختصاره. والآراءُ المُعبَّرُ عنها فيه لا تعكس مواقف مركز صنعاء للدراسات، كما لا يتحمّل المركز مسؤولية دقّة البيانات والمعلومات الواردة فيه.
التحولات في الجنوب وسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت، وإعادة تموضع السعودية وحلفائها في البحر الأحمر واحتمالات استئناف الحرب، وموقع الحوثيين في الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة إزاء إيران ومحور المقاومة، ملفات حظيت باهتمام إسرائيلي لافت.
أشارت صحيفة جيروزاليم بوست إلى أن سيطرة المجلس الانتقالي على حضرموت يُعد تحوّلًا كبيرًا في موازين القوى؛ وقد يُؤدي إلى تداعيات إقليمية أوسع، من بينها تقليص النفوذ السعودي في اليمن. غير أن هذه التطورات لن يكون لها تأثير مباشر على إسرائيل؛ لأن الحوثيين لن يتأثروا بها.
ويرى محللون إسرائيليون أن الحوثيين سيستأنفون قريبًا هجماتهم ضد السعوديين؛ نظرًا للظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشونها لا سيما بعد أن ألحقت إسرائيل ضررًا بالغًا بمصادر دخلهم. ووفقًا للتقديرات، فإن الجيش السعودي أجرى مناورة عسكرية كبرى على الأراضي الأمريكية، تدرب فيها على الخطوط العريضة لاستئناف قتال الحوثيين على الحدود الجنوبية للمملكة.
في السياق ذاته، قال تقرير آخر إن السعودية تتجه نحو إعادة تأكيد سيطرتها البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وبدأت تحضيرات لنشر قواتها في الممر المائي، تزامنًا مع قرار جديد لمجلس الأمن الدولي يُشدد العقوبات على اليمن.
وأشار موقع “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن تركيز طهران المتزايد على دعم الحوثيين يُمثّل تحولًا استراتيجيًا يتطلب تحركًا إسرائيليًا استباقيًا؛ لمنع تحول الحوثيين إلى “حزب الله جديد”. كما شدد الموقع على ضرورة إيلاء تحديث الأسطول البحري الإسرائيلي أولويةً قصوى، واستثمار الاعتراف بأرض الصومال وإدماجها في اتفاقيات إبراهام، للاستفادة من موقعها الحيوي على خليج عدن بالقرب من مضيق باب المندب.
كما أوصى بضرورة دعم المجلس الانتقالي الجنوبي، واستغلال تعاون إسرائيل مع الإمارات للوصول إلى جزيرة زقر لتنفيذ مهام الاستطلاع وضرب الحوثيين.
ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وهي جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.
القوات المدعومة من الإمارات تسيطر على حزام النفط في الجنوب ما يُعيد تشكيل الحرب وميزان القوى في الخليج
قال جيمس جين[1] على موقع جيروزاليم بوست، في 10 ديسمبر 2025، إن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، شنّ هجومًا عسكريًا في جنوب اليمن، وسيطر على محافظة حضرموت الغنية بالنفط والموارد.
وذكر أن هذا التحول الكبير في موازين القوى داخل اليمن قد يُؤدي إلى تداعيات إقليمية واسعة النطاق. كما قال إن سيطرة المجلس ستؤدي إلى تقليص النفوذ السعودي في اليمن. حتى الآن، لم تظهر أي توترات بين السعودية والإمارات على خلفية هذه التطورات. ويسعى المجلس الانتقالي إلى تخفيف المخاطر الناجمة عن ذلك لاسترضاء السعوديين.
وأشار جين إلى أن العلاقات بين الدولتين السنيّتين الأكثر نفوذًا في المنطقة تبدو مستقرة، على الأقل في المدى القريب، إلا أن تراجع النفوذ السعودي في جنوب اليمن قد يُؤدي إلى توترات مستقبلية.
من غير المرجح أن يسهم صعود المجلس الانتقالي وإنشاء جنوب يمني مستقل في إضعاف الحوثيين.
وفيما يتعلق بموقف الحوثيين من هذه التطورات، قال إنهم لم يتأثروا عسكريًا بهذا التغيير إلى حد كبير، وبالنسبة لهم لا يوجد اختلاف يذكر في الحرب الأهلية الدائرة سواء قاتلوا قوات مدعومة من السعودية أو من الإمارات، أو عناصر قبلية أو جهادية أخرى موجودة في جنوب اليمن.
ولفت إلى أن الغارات الجوية السعودية على بنية الحوثيين الأساسية، ولا سيما في عاصمتهم صنعاء، كانت من أهم عوامل ردع وإضعاف قدراتهم العسكرية. وقد يؤدي تراجع النفوذ والدافع السعودي في الجنوب إلى خفض أولوياتها فيما يتعلق بمهاجمة الحوثيين.
كما أن الحوثيين ليسوا هدفًا سهلًا لاجتياح عسكري تقليدي، نظرًا لأن مواقعهم محصّنة بسلاسل جبلية شاهقة، لا يمكن اجتيازها في الغالب إلا عبر طريق واحد. وهذا يمنحهم مواقع دفاعية سهلة في مواجهة أي توغل محتمل للمجلس الانتقالي نحو الشمال.
وفيما يتعلق بتداعيات ذلك على إسرائيل، قال جين “من غير المتوقع أن يكون لهذه التطورات تأثير مباشر على إسرائيل فيما يتعلق بإرهاب الحوثيين، بما في ذلك إطلاق الصواريخ الباليستية واستهداف السفن في البحر الأحمر، إذ لا تزال الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران، تحافظ على المستوى نفسه من النفوذ السابق”.
السباق نحو حضرموت: الاستقلال وجميع الخيارات مطروحة على الطاولة
نقلت صحيفة “إسرائيل هيوم“، في 8 ديسمبر 2025، ما قاله مصدر في المجلس الانتقالي الجنوبي حول احتمالية إعلان استقلال جنوب اليمن مجددًا، وقال إن “جميع الخيارات مطروحة، وسوف نلتزم بمطالب شعبنا”. في حين لم يستبعد المصدر إمكانية الحوار مع الحكومة المنفية من صنعاء.
وأضاف أن: “ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة، شرقي اليمن، هو إعادة انتشار للقوات في ساحة العمليات العسكرية، بعد اكتشاف عدة خلايا إرهابية تابعة للحوثيين والقاعدة وداعش”.
وقال صحفي من جنوب اليمن للصحيفة، “إن ما حدث في جنوب اليمن أمر طبيعي. هناك قوات المنطقة العسكرية الأولى، وهي قوات رسمية تابعة لليمن، يُفترض أن تواجه ميليشيا الحوثي. لكنها فعلت النقيض”.
في سياق متصل، ذكر موقع يديعوت أحرونوت، في 8 ديسمبر 2025، أن الحوثيين يراقبون ما يجري في الجنوب، ويزعمون أن السعودية والإمارات “تتقاسمان النفوذ والثروة فيما بينهما تحت رعاية أمريكية وبريطانية، بينما يواجه الشعب اليمني واقعًا مأساويًا من الانهيار وتدهور الخدمات”.
إسرائيل تتأهب لهجوم بري من الحوثيين
ذكر موقع سيروجيم العبري، في 27 نوفمبر 2025، أن وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، كشف أن إسرائيل ليست على مسار السلام مع سوريا، نظرًا لوجود قوى داخل حدودها تدرس شن هجوم بري على مستوطنات الجولان. ووفقًا لتقرير استعرضه برنامج “هذا الصباح” على قناة “كان ريشيت بيت” التابعة لهيئة البث الإسرائيلية، فقد صرح كاتس بذلك في نقاش سري للجنة الشؤون الخارجية والدفاع.
ووفقًا لتصريحات الوزير في ذلك النقاش، فإن الحوثيين من بين القوى الناشطة في سوريا ويُنظر إليهم على أنهم يمثلون خطرًا بشن هجوم بري على شمال إسرائيل. وأضاف كاتس أن إسرائيل تأخذ هذا السيناريو بعين الاعتبار عند اتخاذها قرارات للدفاع عن حدودها الشمالية.
في هذا السياق، قال يوسي منشروف[2]، على منصة x، في 27 نوفمبر 2025، إن هذا الكشف يعد علامة فارقة في المواجهة المستمرة بين إسرائيل والحوثيين.
وأشار إلى أن تقارير كثيرة قد نشرت، أثناء حرب غزة، بشأن خطط طهران لتشجيع شن هجوم بري للحوثيين من سوريا (قبل إزاحة الأسد من منصبه في ديسمبر 2024)، إضافة إلى جهود مماثلة تشمل ميليشيات أخرى تعمل من الأردن. ومع أن هذه الخطط لم تتحقق، يبدو الآن أن محور المقاومة بقيادة إيران يستغل ضعف سيطرة النظام السوري الجديد لإعادة ترسيخ وجوده في سوريا. وبمجرد أن تتهيأ الظروف، من المنطقي تمامًا أن يسعوا مجددًا لشن هجوم بري على إسرائيل من الأراضي السورية.
واستعرض موقع القناة 14 الإسرائيلية، في 3 ديسمبر 2025، لقطات فيديو مصوّرة يتدرب فيها الحوثيون على هجوم بري على إسرائيل.
وأشار الموقع إلى أن ذلك حدث استثنائي يستند أساسًا إلى تصريحات الحوثيين أنفسهم. كما أنه يذكّر كثيرًا بمقاطع فيديو لحركة حماس قبل 7 أكتوبر.
وذكر الموقع أن إسرائيل تأخذ هذا التهديد على محمل الجد، وتدرك أن خيار العمل البري على إسرائيل ليس مستبعدًا من وجهة نظر الحوثيين. كما أكد مسؤول أمني رفيع المستوى أن إسرائيل ترصد هذه التحركات وتوليها اهتمامًا. لقد ولى زمن الاعتقاد بأن هذا مجرد تهديد وأن لا سبيل للوصول إلينا.
دعم الحوثيين لا يقتصر على الخبراء الإيرانيين
قال دورون بيسكين[3]، على قناته على تليجرام، في 5 ديسمبر 2025، إن قوات الأمن في مطار عدن ألقت القبض مؤخرًا على ثلاثة “خبراء” كولومبيين حاولوا مغادرة اليمن، بعد أن دخلوا من مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين. ووفقًا لمصادر أمنية، فإنهم على صلة بشركة “فيغا سوفت” التي يديرها عادل المؤيد، أحد مهندسي صفقات التوريد للجماعة.
وأفادت التقارير أن الشركة والفريق الأجنبي ساعدا في جلب معدات اتصالات بتقنيات عسكرية متطورة -أنظمة رسم خرائط وتوجيه الصواريخ وطائرات مسيّرة -كما دربا عناصر أمن واستخبارات حوثيين على طريقة تشغيلها. وتُقدم عملية الاعتقال في عدن على أنها “ضربة استخباراتية” للشبكات الخارجية، التي تغذي آلة الحوثيين العسكرية، وتدل على أن دعم الجماعة لا يأتي فقط من طهران، بل أيضًا من شركات وخبراء أجانب يتقاضون رواتبهم في الخارج.
الولايات المتحدة تُجهّز الجيش السعودي تحسبًا لهجمات الحوثيين
نقل موقع نتسيف نت، في 29 نوفمبر 2025، تقديرات محللين إسرائيليين يرون أن الحوثيين سيستأنفون قريبًا هجماتهم ضد السعوديين؛ نظرًا للظروف الاقتصادية المتردية، ولا سيما بعد أن ألحقت إسرائيل ضررًا بالغًا بمصادر دخل الجماعة الرئيسية، ما أدّى في الوقت الراهن إلى توقُّف صرف رواتب المقاتلين في الميدان، الذين ينفد صبرهم تدريجيًا وتضعف رغبتهم في الامتثال لأوامر كبار المسؤولين الفاسدين، هؤلاء الذين لا تزال رواتبهم تُدفَع من المال العام، في وقتٍ تُركت فيه خزينة الدولة شبه خالية من العملات الأجنبية.
ونظرًا لإدراك السعودية والولايات المتحدة احتمال استئناف الأعمال العدائية قريبًا، وانطلاقًا من الوعي التام بفشل الجيش السعودي فشلًا ذريعًا في مواجهة الحوثيين، مع أنه يمتلك أحدث الأسلحة التي تزوده بها الولايات المتحدة بكميات غير محدودة، فقد تقرر على أعلى المستويات إجراء مناورة عسكرية كبرى، على الأراضي الأمريكية، تُجرى فيها تدريبات على الخطوط العريضة لاستئناف قتال الحوثيين على الحدود الجنوبية للمملكة.
وتشير التقديرات إلى أن الجيش السعودي أرسل قوات مدرعة إلى الولايات المتحدة، في حين ركزت المناورات على رفع مستوى الجاهزية العملياتية، وتبادل الخبرات، وتكامل العمليات المشتركة في بيئات قتالية مختلفة. بناءً على طبيعة التدريبات، يبدو أن السعودية “اشترت” خدمات استشارية من الولايات المتحدة لإدارة الحرب ضد الحوثيين حال اندلاعها.
السعودية تدرس العودة مجددًا إلى قتال الحوثيين
قال شمعون شيرمان[4]، على موقع Jewish News Syndicate، في 25 نوفمبر 2025، إن السعودية تتجه نحو إعادة تأكيد سيطرتها البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب بعد فترة من الهدوء الذي يشوبه التوتر. لقد بدأت الرياض، في 15 نوفمبر، تحضيرات لنشر قواتها في الممر المائي، تزامنًا مع قرار جديد لمجلس الأمن الدولي يُشدد العقوبات على اليمن.
ووفقًا لمسؤولين عسكريين في البحرية التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، المتمركزة في عدن، أصدرت السعودية تعليماتٍ للوحدات البحرية المتحالفة معها للاستعداد لمهام تفتيش مشتركة للسفن المتجهة إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون. بدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تُحوّل هذه العمليات إجراءات التفتيش من جيبوتي إلى أعالي البحار، مما يزيد من المخاطر العملياتية ويضع ضغطًا مباشرًا على الحوثيين.
تتوافق الخطوات السعودية مع عقوبات الأمم المتحدة الجديدة التي تُجيز صراحةً الصعود إلى السفن وتفتيشها في المياه الدولية. يُمثل الجمع بين الغطاء القانوني وتنسيق التحالف والتحضير العسكري السعودي ضغطًا استراتيجيًا لتشديد الخناق على عمليات الحوثيين البحرية.
في الوقت نفسه، كثفت السعودية حملتها الإعلامية. ووفقًا لمعهد الشرق الأوسط (IIMES)، خصصت الرياض “ملايين الدولارات” للضغط على منصات التكنولوجيا لتفكيك الشبكات الموالية للحوثيين.
صرح الخبير في الشؤون الإيرانية في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، الرائد (احتياط)، ألكسندر غرينبرغ، لـ JNS أن التصعيد السعودي يشير إلى جاهزية لتحدي المحور الإيراني الحوثي بصورة مباشرة: “وفقًا لهذه التقارير، يعتزم السعوديون شن عملية واسعة النطاق على الحوثيين. إذا نفذوا ذلك، فسيكون مؤشرًا واضحًا على عدم اكتراثهم باتفاقهم مع إيران”.
وقال غرينبرغ إن المشهد الإقليمي قد تغير جذريًا منذ رئاسة ترامب وتفكيك إسرائيل للوكلاء الإيرانيين. وأضاف: “يدرك الجميع أن إيران ضعيفة، لأنها فقدت كل أحجارها على رقعة الشطرنج. لقد فقدت محور المقاومة وردعها”.
من الحوثيين إلى الجهاديين: ما الذي يدفع السعودية نحو تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة؟
تناول موقع يسرائيل هيوم، في 18 نوفمبر 2025، لقاء محمد بن سلمان بترامب في البيت الأبيض، وأشار إلى أن السعودية قلقة إزاء عدم الاستقرار الإقليمي، وتسعى إلى إبرام تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة، بهدف إجبار الأمريكيين، المعروفين بتقلباتهم، على مساعدة المملكة إذا تعرضت لهجوم. يرى بن سلمان أن المحور الإيراني، رغم تكبده هزائم وضربات موجعة من إسرائيل في العامين الماضيين، لا يزال موجودًا.
اتهم الحوثيون السعودية أخيرًا بالسماح (على ما يبدو) للموساد، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، بتشغيل قيادة لتنفيذ عمليات في مناطق سيطرتها. وزعم بيان صادر عن وزارة الداخلية في الجماعة “الإرهابية”، أن هذه القيادة استُخدمت لتدريب، وإرشاد، وتوجيه خلايا تجسس في جميع أنحاء اليمن. يبدو أن الإيرانيين يقفون وراء هذه الأحداث، حيث أفادت تقارير أجنبية أنهم أعادوا قائد فيلق القدس، عبد الرضا شهلاي، إلى اليمن.
على هذا الأساس، تسعى السعودية جاهدةً إلى إقامة تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة -تحالف مستقل عن الكونغرس وغير مرتبط بأي عملية تطبيع.
لماذا توقف الحوثيون عن إطلاق النار حتى الآن؟
قال أري هيستين [5]، على موقع يديعوت أحرونوت، في 27 نوفمبر 2025، إن ردع الحوثيين لم يكن بالأمر الهيّن. وأشار إلى أن هذا التحدي كان مبالغًا فيه أحيانًا لدرجة أنه دفع البعض إلى استنتاج أن الجماعة محصنة من الضغوط. ولكن اليوم، ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الجماعة المتطرفة، التي سيطرت على صنعاء قبل أكثر من عقد من الزمان، قد ردعت إلى حد ما على الأقل.
قال هيستين إن قرار وقف الهجمات لم يكن بسبب أي التزام رسمي، إذ لم يكن الحوثيون ملزمين بوقف إطلاق النار. على العكس، أتاح وقف إطلاق النار فرصة استراتيجية ثمينة لوقف حملة الحوثيين طويلة الأمد على إسرائيل، والحد من المخاطر المتزايدة على بقاء الجماعة.
ومع أن جماعة الحوثيين تتبنى التزامًا أيديولوجيًا راسخًا بتدمير إسرائيل، إلا أنها براغماتية. ورغم تبنيها أهدافًا وافتراضات أساسية تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك التي يتبناها المراقبون الغربيون، فقد أظهرت الجماعة سلوكًا عقلانيًا متسقًا. وكان هذا أمرًا ضروريًا لبقائها وتوسعها طوال العقدين الماضيين.
إلى جانب ضغوط أخرى، ومنها تشديد العقوبات الأمريكية، استهدفت الضربات الإسرائيلية، ردًا على هجمات الحوثيين، البنية التحتية الرئيسة للحوثيين، وسرعت من وتيرة تدهور اقتصادي قد يتطور إلى أزمة شاملة في شمال اليمن. أما العامل الثانوي، وإن كان مهمًا، فهو تأثير الضربات الإسرائيلية التي قضت على كبار قادة الحوثيين؛ فمن المرجح أن هذه الخسائر عطّلت النشاط العملياتي، ودحضت الاعتقاد بأن الحوثيين يصعب استهدافهم بفعالية، وأنهم محصنون إلى حد كبير من هذه الضربات. أدى كل هذا إلى استعادة الردع الإسرائيلي في مواجهة الحوثيين، الذي انهار مع اقتحام مقاتلي حماس حدودها صباح السابع من أكتوبر.
كما تُفسر الضغوط الاقتصادية المتنامية التي تتعرض لها الجماعة تحولها السريع نحو “الدبلوماسية” مع السعودية. يحاول الحوثيون الآن استغلال خطر تجدد الهجمات لضمان إبرام صفقة تتضمن تنازلات مالية كبيرة من جارتهم الشمالية الأكثر ثراءً. لقد واجهوا مشكلة اقتصادية خطيرة قبل أكتوبر 2023 بوقت طويل، ووفرت هجماتهم على إسرائيل حيلة مؤقتة لصرف الانتباه عن هذه الضغوط الداخلية. لكن أدت الضربات الإسرائيلية على الشرايين التجارية الرئيسية التي يديرها الحوثيون في النهاية إلى تفاقم الأزمة الأساسية. تُهدد هذه الضربات استقرار الاقتصاد الذي يسيطر عليه الحوثيون، وتُقوض قدرة الجماعة على تمويل آلتها الحربية.
قال هيستين إن الاستنتاج الذي توصل إليه بعض المعلقين بأن الحوثيين لا يمكن ردعهم يتجاهل حقيقة أن الجماعة تتخذ قرارات مدروسة متأثرة بالظروف الخارجية. كان إصرارهم -على استهداف إسرائيل -مدفوعًا بأيديولوجية راديكالية تُمجّد التضحية، ورغبة في تجنّب الخسائر التي قد تُلحق بسمعتهم نتيجةً للتظاهر بالاستسلام. قد يسفر هذا التراجع عن عواقب وخيمة داخل اليمن: إذ سيستغلّ المنافسون أي ضعف ملموس، وسيُصاب المؤيدون بخيبة أمل.
وذكر أن جميع الأنظمة تقريبًا، نظرًا لتركيزها الأساسي على بقائها، قابلة للردع. والحوثيون ليسوا استثناءً. وبالنسبة للجماعات ذات الدوافع الأيديولوجية، غالبًا ما يتخذ الردع شكل قرار استراتيجي يفيد بأنّ تأجيل القتال إلى موعد لاحق هو الأنسب.
يشير هذا التحليل إلى أن الحوثيين لم يتخلوا عن هدفهم المتمثل في تدمير إسرائيل، ولا يزالون يحتفظون بالقدرة على مواصلة شنّ هجمات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة. بل إنّ التكاليف الباهظة التي تكبّدوها والمكاسب المحدودة التي حققوها دفعتهم إلى تأجيل الصراع، حيث وفّر وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس مخرجًا مُلائمًا.
رغم أيديولوجيتهم المتطرفة، وأسلحتهم المتطورة، وخسائرهم المحدودة، اتضح ضعف الحوثيين أمام الضغوط التي هددت مصالحهم الحيوية، وهو الردع بالعقاب، وقدرتهم المحدودة على إلحاق ضرر كبير، وهو الردع بالإنكار. لو كانت هجماتهم أكثر نجاحًا وكان الرد عليها أقل حدة، لكان من المعقول، بل ومن المرجح، أن تستمر هجمات الحوثيين على إسرائيل حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
ولكن ما دامت جماعة الحوثيين في السلطة، فإن خطر تجدد الهجمات قائم، وقد يتحقق إذا سنحت الفرصة. قد تكتفي الجماعة، في الوقت الراهن، بالتركيز على تعزيز قدراتها استعدادًا للجولة القادمة، كما زعم عبد الملك، أو قد تسعى إلى طرق بديلة لاستهداف إسرائيل أو اليهود يصعب عزوها لهم والرد عليها.
إن قرار صنعاء بالانسحاب من الصراع مع إسرائيل، مع أن هذه القضية محورية في أيديولوجيتها، يستحق دراسةً متأنية. إن فهم حسابات الجماعة قد يعزز جهودها لردع الهجمات المستقبلية، ويحدد المؤشرات المبكرة التي تشير إلى تآكل الردع.
بعد وقف إطلاق النار في غزة: هل سيهاجم الحوثيون السعودية؟
قال أري هيستين على موقع يديعوت أحرونوت، في 5 نوفمبر 2025، إن الحوثيين يواجهون لحظةً مفصلية، وإن أبرز تحد يواجههم يتمثل في انكماش الاقتصاد إلى حد كبير بسبب الضربات الإسرائيلية على شرايين الحياة الاقتصادية الرئيسة، وتشديد العقوبات الأمريكية، وتراجع المساعدات الإنسانية، ووجود سكان يرزحون بالفعل منذ سنوات تحت أعباء ضريبية باهظة.
أما التحدي الثاني، فإنه يتمثل في رسم مسار استراتيجي بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، فقد أوقف الصراع المحوري الذي اعتمد عليه الحوثيون في العامين الماضيين حشد الدعم السياسي المحلي.
ثالثًا، بعد سنوات من استغلال المزايا التي تتمتع بها من التحالف الذي تقوده السعودية، تواجه الجماعة الآن خصمًا عنيدًا وبارعًا وجّه إليها في الأشهر الأخيرة عددًا من أشد الضربات في تاريخها، ويعتمد بقاء الجماعة على كيفية تعاملها مع هذه الأزمات المتداخلة.
هذه التحديات الثلاثة، الاقتصادية والسياسية والعسكرية، متباينة ولكنها متداخلة. على سبيل المثال، لو كان الحوثيون قادرين على إدارة شؤونهم بكفاءة، ربما تحسنت أوضاعهم الاقتصادية، مما قد يعزز شعبيتهم ويقلّل الحاجة إلى التعبئة الدائمة، لكن الجماعة دمرت المؤسسات اللازمة لاستقرار النشاط التجاري، ومكّنت نفسها وشركائها من التحكم الكامل في كل قطاع اقتصادي رئيسي. إن إخفاقات الحكم متأصلة في جماعة الحوثيين نفسها، لأنها تسخّر موارد الدولة لخدمة مشروعها الأيديولوجي المتطرف.
لا يزال الحوثيون يتبنون موقفًا أيديولوجيًا معارضًا للولايات المتحدة وإسرائيل، لكنهم يدركون أن التصعيد المستمر لن يخفف من نقاط ضعفهم الهيكلية.
رغم إعلان الحوثيين صراحة أن الخيارات المطروحة تنحصر في: إما اتفاق أو حرب مع السعودية، إلا أن الاحتمالين مستبعدان؛ فبينما يستمد الحوثيون نفوذًا كبيرًا من التهديد بصراعٍ مُدمر مع مملكةٍ تتفوق عليها كثيرًا من حيث الموارد، فإن أي هجومٍ فعلي على السعودية قد يُشعل حربًا تُقوّض موقف الحوثيين الهشّ أساسًا. مواجهة السعودية قد تُوفر للحوثيين شعورًا بالرضا الأيديولوجي، وتمنحهم ذريعة لتبرير الأوضاع الاقتصادية المُزرية في شمال اليمن، لكنها لا تُدرّ عليهم أي عوائد مالية، بل تثقل كاهلهم بكلفة عالية.
مع أن الحوثيين قد يرغبون في تكرار نجاحاتهم التي أحرزوها سلفًا في مواجهة السعودية، إلا أنه كما يُقال، الأشياء لا تبقى على حالها. هذه المرة، تراجع التعاطف العالمي مع الجماعة بدرجة كبيرة، ولن تتدفق عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الإنسانية إلى شمال اليمن، وقد تقتصر مساهمة إيران وحزب الله على تقديم دعم محدود للغاية، وأية مبادرات دبلوماسية جديدة ستواجه تدقيقًا أكبر من اتفاق ستوكهولم الفاشل لعام 2018. مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن الحرب بالنسبة للحوثيين تبدو خيارًا أكثر خطورة بكثير مما كانت عليه في السابق. علاوة على ذلك، فإن استئناف هجمات الحوثيين قد يثبت للسعودية أن العدوان جزء من استراتيجية متعمدة للإكراه والابتزاز الدائمين، مما يُضعف حافز المملكة لدفع المال لمن يهددون بمهاجمتها.
لماذا لا يكون هناك اتفاق إذن؟
أولًا، التحول في ميزان القوى سيُجبر الحوثيين على قبول شروط أقل بكثير من التي كانت متاحة لهم عام 2023، وهو خيار مستبعد لجماعة معروفة بتصعيد مطالبها باستمرار.
ثانيًا، إذا ارتأت السعودية أن الحرب مستبعدة، وأنها قادرة على إدارة صراع محدود بدعم من حلفائها، فلن يكون لديها حافز كبير للانخراط في اتفاق من شأنه أن يُخفف فعليًا من وطأة التهديد على حدودها.
لتعزيز ردعها، ينبغي على السعودية أن تبعث رسالة واضحة مفادها أن أي هجوم على أراضيها السيادية سيستدعي ردًا مؤلمًا بدعم دولي واسع، وينبغي أن يُفاقِم الردُّ العسكري التحديات الداخلية التي تواجهها الجماعة. بالتوازي مع ذلك، ينبغي على الرياض توضيح أنها لن تُجبر على قبول اتفاق يجازف بتمكين الحوثيين من توسيع نطاق تهديدهم.
في الوضع الراهن، من المرجح أن يظل الحوثيون عالقين بين المواجهة والتسوية مع السعودية. إن قدرة الجماعة على تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الثلاثة المذكورة أعلاه، ستُشكل استقرارها على المدى المتوسط. جماعة الحوثيين هشة ومتهالكة إلى حد كبير على الرغم من استعراضها لأسلحة جديدة وأكثر تطورًا بصورة دورية، ومن المرجح أن تواصل الجماعة استفزازاتها المحدودة للخصوم الخارجيين دون مستوى الصراع الشامل، سعيًا لتجنب مخاطر حرب مكلفة مع الحفاظ على الروح المعنوية المحلية وردع أعدائها.
قد تتطور استراتيجيتها الأوسع لتشبه استراتيجية كوريا الشمالية: تعزيز السيطرة المطلقة على أراضيها مع تنويع مصادر الدخل في الخارج عبر بيع السلع والخدمات لمن يدفع أكثر، ومن بينها الشبكات الإجرامية والإرهابية. في الوقت نفسه، فإن شهية الجماعة الواضحة للمخاطرة، وسيطرتها المركزية للغاية من قبل كادر صغير من القادة، وسجلها الحافل بالمفاجآت الاستراتيجية يجعلها غير قابلة للتنبؤ.
قرار إيراني واحد كشف مخطط الحوثيين
قال داني سيترونوفيتش[6]، على موقع يسرائيل هيوم، في 26 نوفمبر 2025، إنه في أعقاب اغتيال رئيس أركان حزب الله في بيروت، أبو علي طباطبائي، برزت مخاوف من احتمال أن يسعى الحوثيون للانتقام من إسرائيل لاغتياله، وعزا ذلك إلى الدعم الكبير الذي قدمته إيران للجماعة “الإرهابية” اليمنية عقب إرساله إلى اليمن عام 2016.
وأشار سيترونوفيتش إلى أن طرح احتمال رد من اليمن يدل على أن نهاية قصة الحوثيين لا تبدو وشيكة. ويضيف أن إسرائيل فشلت في بناء معادلة ردع مع الحوثيين تثنيهم عن مواصلة قصف إسرائيل أو استهداف المصالح الإسرائيلية في منطقة البحر الأحمر، وفي مقدمتها السفن المتجهة إلى ميناء إيلات وتمر عبر مضيق باب المندب على الرغم من هجماتها في اليمن العام الماضي، التي أسفرت عن اغتيال معظم الوزراء ورئيس الأركان.
علاوة على ذلك، إذا رأت إسرائيل إمكانية شن هجوم من اليمن، ردًا على اغتيال مسؤول كبير في حزب الله، فمن الواضح أن التقديرات تشير إلى أن الحوثيين قد يوسعون إلى حد كبير حدود الصراع مع إسرائيل، وسوف يستعدون للمخاطرة بالتصعيد مع إسرائيل، بغض النظر عن الصراع في غزة. تجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى علاقاتهم الوثيقة مع طباطبائي، فقد هدد كبار قادة الحوثيين سلفًا بأنهم لن يترددوا في مهاجمة إسرائيل إذا وسّعت هجماتها على حزب الله، وذلك استنادًا إلى رؤيتهم “الشاملة” بأنهم حماة لمحور المقاومة.
قال سيترونوفيتش إن الحوثيين توقفوا عن إطلاق النار على إسرائيل وعلى السفن المارة عبر مضيق “باب المندب” عقب وقف إطلاق النار في غزة، وليس ردًا على العمليات الإسرائيلية التي استهدفتهم وكبدتهم خسائر اقتصادية وأمنية باهظة، إلا أنها جعلتهم “رواد المحور” وقوةً مؤثرة لا يمكن تجاهلها. في ضوء ذلك، يُفترض أنه في حال تجدد الاشتباكات بين إسرائيل وأحد أطراف المحور، قد تشهد “الجبهة اليمنية” تصعيدًا أكبر.
إن سعي إيران أخيرًا لإعادة عبد الرضا شهلائي، قائد اللواء اليمني التابع لفيلق القدس الإيراني، يُشير إلى إدراكها لأهمية الحوثيين ومدى قدرتهم على خدمة مصالحها في مواجهة إسرائيل، ولهذا الغرض، تسعى إلى إرسال خبراء من الحرس الثوري إلى الحوثيين، لاستغلال الفترة الحالية لتطوير قدراتهم الاستراتيجية.
قد يُشير وقف إطلاق النار من جهة، والحضور الإيراني القوي في العاصمة اليمنية من جهة أخرى، إلى أن الحوثيين غير راضين عن منجزاتهم، ويسعون أيضًا إلى الاستعداد للمواجهة القادمة ضد إسرائيل، وخوضها بقوات محدثة وقدرات أكبر لإلحاق ضرر كبير بإسرائيل.
في ضوء احتمال تنامي قوة الحوثيين، وخاصةً الدعم المعنوي الذي تحظى به قيادتهم بسبب عجز الولايات المتحدة أو إسرائيل عن هزيمتهم، يجب على إسرائيل أن تفترض أنه في أي سيناريو تتفاقم فيه المعركة، ستجد نفسها في مواجهة العدو الحوثي عاجلًا أم آجلًا.
كما يجب عليها، في ظل صعوبة ضرب مراكز ثقل جماعة الحوثي، تطبيق استراتيجية متكاملة تتضمن توسيع “بنك الأهداف” (بما في ذلك الأصول الاستراتيجية)، إلى جانب التحركات الدبلوماسية مع جنوب اليمن والعمل المشترك مع دول الخليج، لتحسين قدرتها على مجابهة الحوثيين، وهو أمرٌ مرجح، كما بيّننا، عاجلًا أم آجلًا.
وقبل كل شيء، يجب على إسرائيل أن تحاول إقناع الإدارة الأمريكية، التي يبدو أنها تفتقر حاليًا إلى أي دافع للتصدي لهذا التهديد بعد نتائج الحملة السابقة ضد الحوثيين، بأن الحوثيين لا يزالون يمثلون تهديدًا كبيرًا لحرية الملاحة في منطقة المضيق، ولذا، ليس أمامها خيار سوى بناء حملة متكاملة ضدهم، لا سيما أنهم يهددون أيضًا النظام السعودي الحالي (الذي يحرص كل الحرص على عدم منح الحوثيين ذريعةً لاستئناف حملتهم ضده).
الخلاصة: الهدوء السائد في الساحة اليمنية خادع. الحوثيون موجودون، ويترقبون “الفرصة الملائمة” لمهاجمة إسرائيل إذا جرى تصعيد آخر بين إسرائيل وإيران أو أيًا من قوى المحور الأخرى.
شراكة أرض الصومال قد تُحدث تغييرًا جذريًا في مواجهة إسرائيل للحوثيين
أصدر معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، في 18 نوفمبر 2025، تقريرًا مطولًا بشأن صوماليلاند وتناول أهميتها في مجابهة الحوثيين، وأشار إلى أن المسافة بين مياه صوماليلاند وأراضيها ومناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، كميناء الحديدة على سبيل المثال، تبلغ ما بين 300 و500 كيلومتر تقريبًا. إن حقيقة أن دول الخليج والولايات المتحدة وإسرائيل -كلٌّ على حدة -حاربت الحوثيين في السنوات الأخيرة دون تحقيق نصر واضح للمعركة، الأمر الذي يمنح موقع صوماليلاند وقدرتها المحتملة على تنفيذ مهام من أراضيها أهمية عالمية كبيرة وعاملًا حاسمًا محتملًا.
وذكر التقرير أن أراضي صوماليلاند لديها مقومات تؤهلها لأن تكون قاعدة أمامية لمجموعة متنوعة من المهام: مراقبة الحوثيين استخباراتيًا، ورصد مساعيهم لتعزيز مواقعهم؛ وتوفير الدعم اللوجستي للحكومة اليمنية الشرعية في حربها عليهم؛ وقاعدة للنشاط العملياتي المباشر ضدهم -هجوميًا وإحباط هجمات الحوثيين في البحر أو باستخدام الطائرات المسيرة. ويمكن ملاحظة التشابه الواضح مع تحالف إسرائيل القوي مع أذربيجان، الذي عزز إلى حد كبير قدرة إسرائيل الاستراتيجية والعملياتية في مجابهة التهديد الإيراني. قد تكون صوماليلاند بمثابة حجر الزاوية لإسرائيل في مواجهة التهديد الحوثي.
وأشار معهد دراسات الأمن القومي إلى أن إسرائيل بحاجة إلى حلفاء في منطقة البحر الأحمر، من بين أمور أخرى، للتحضير للحملة القادمة ضد الحوثيين. تُعدّ أرض الصومال مرشحًا مثاليًا لهذا التعاون، إذ قد تُتيح لإسرائيل بيئة عمل مناسبة للتعاون بالقرب من مسرح العمليات. ولكن إلى جانب التعاون الأمني، تتمتع العلاقات مع صوماليلاند بإمكانيات اقتصادية وأيديولوجية مهمة للأمن القومي الإسرائيلي، نظرًا للمعادن الموجودة في أراضيها، ورغبتها في إقامة علاقات مع السكان المسلمين في المنطقة. لذلك، ينبغي على إسرائيل العمل على توسيع نطاق التعاون مع هذا الكيان، ويفضل أن يكون ذلك على نحو مثالي بالتعاون مع الإمارات والولايات المتحدة.
كما ذكر أن صوماليلاند قد تشكل نقطة تحول في معركة إسرائيل ضد الحوثيين.
أدميرال أميركي يحث إسرائيل على الاستعداد لمواجهة مقبلة مع إيران
كتب دين شموئيل ألما[7]، على موقع جلوبس، في 14 نوفمبر 2025، إن البحر -الذي ينظر إليه كثير من الإسرائيليين باعتباره مكانًا للسلام والهدوء -أصبح أثناء حرب السيوف الحديدية جبهة عالمية للصراعات والمصالح والمخاطر الاقتصادية. لقد كشفت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هشاشة حركة التجارة العالمية، وإلى أي مدى أصبحت الساحة البحرية ساحة للقوة الإيرانية من أوكرانيا إلى تايوان.
وفي التقرير، قال الأدميرال (المتقاعد) غاري روغهيد، القائد السابق للبحرية الأمريكية، إن الولايات المتحدة ودولًا أخرى واجهت صعوبة في صد هجمات الحوثيين البحرية. “وعلى الرغم من نجاح إسرائيل في اعتراض الصواريخ من مسارات مختلفة، ومن بينها اليمن، وهو أمر إيجابي، إلا أن الحوثيين أظهروا قدرات فاقت توقعات الكثيرين. وكانت كلفة الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة وآخرون غير متوازنة للغاية”.
ويرى روغهيد أن ثمة درسين أساسيين يجب تعلمهما. الأول، عدم الاستهانة بالقدرات البحرية لوكلاء إيران، واعتماد مقاربة أكثر واقعية لما هو مطلوب للدفاع والهزيمة. ووفقًا له، فإن التحديات التي واجهتها الولايات المتحدة في منطقة البحر الأحمر متوقعة أيضًا في مناطق مختلفة من العالم.
وأضاف “ينبغي للدول التي تعتمد على التجارة البحرية الاستثمار في أنظمة قادرة على الحماية من التهديدات المماثلة لتهديد الحوثيين. هذه التهديدات لن تختفي، بل ستتطور، في ضوء ما راكمه الإيرانيون والحوثيون من خبرات”.
إعادة تركيز إيران على الحوثيين يستلزم تحركًا إسرائيليًا
ذكر موقع تايمز أوف يسرائيل، في 14 نوفمبر 2025، أن وكلاء إيران في سوريا ولبنان وغزة في حالة ضعف. يواصل الجيش الإسرائيلي قصف غزة وجنوب لبنان، بينما يعترض أسلحة من سوريا، ويعطّل جهود إعادة تسليح حزب الله، ويعاقب حماس على انتهاكات وقف إطلاق النار. والآن، مع تزايد تركيز الحرس الثوري الإسلامي على الحوثيين في اليمن، يجب على إسرائيل شن هجوم قبل أن يتحوّل الحوثيون إلى حزب الله جديد.
وأشار الموقع إلى تحول استراتيجي في تركيز طهران على وكلائها في اليمن، حيث اعترض المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، أواخر أكتوبر سفينة إيرانية من بندر عباس كانت تنقل أسلحة إلى الحوثيين، من بينها قاذفات روسية مضادة للدبابات من طراز كونكورس. وضبطت قوات المقاومة الوطنية اليمنية سفينة تحتوي على 24 برميلًا من الفينول والفورمالديهايد من الحرس الثوري الإيراني مخصصة لإنتاج الصواريخ، والطائرات المسيّرة، والطلاء المقاوم للرادار. والتقى أيضًا مسؤول حوثي كبير نائب وزير الخارجية الإيراني في مسقط لتنسيق العمليات.
فيما يتعلق بمواجهة الحوثيين، لفت الموقع إلى ضرورة إعطاء إسرائيل الأولوية لتحديث أسطولها البحري. وذكر أن البحرية الإسرائيلية، التي تضم طرادات وغواصات وقوارب صواريخ، غير قادرة بما يكفي على إظهار قوتها عبر البحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية. قد يعزز رفع مستوى القدرات، الذي يتضمن زيادة عدد الأفراد، والمدمرات، وحاملات الطائرات، مدى إسرائيل ويقلّل مشقة التحليق لمسافة 1200 ميل التي يتكبدها سلاح الجو الإسرائيلي عند استهداف الحوثيين في اليمن.
وقال الموقع إن الاعتراف بأرض الصومال وضمها إلى اتفاقيات إبراهام أمر بالغ الأهمية أيضًا، نظرًا لموقعها الاستراتيجي على خليج عدن بالقرب من مضيق باب المندب. إنشاء قاعدة جوية وبحرية إسرائيلية في بربرة قد يوفر موطئ قدم متقدمًا للعمليات لمراقبة نشاط الحوثيين، واعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية، وتحسين جمع المعلومات الاستخبارية. مثل هذه القاعدة قد تدعم هجمات الكوماندوز التي تستهدف كبار قادة الحوثيين الذين دربهم الحرس الثوري الإيراني، ومن بينهم عبد الملك الحوثي.
وأوصى الموقع بتقديم الدعم والأسلحة الأساسية للمجلس الانتقالي الجنوبي مثل الطائرات المسيّرة العسكرية؛ لأنه سيعزز فاعلية الحملة ضد الحوثيين من خلال تمركزه البري القوي. إضافة إلى استغلال علاقة إسرائيل مع الإمارات للوصول إلى مهبط الطائرات المبني حديثًا في جزيرة زقر في البحر الأحمر، الواقعة على بُعد نحو 55 ميلًا جنوب شرق مدينة الحديدة الساحلية، لتنفيذ مهام استطلاعية وضربات ضد الحوثيين.
إن القضاء سرًا على مسؤولي الحرس الثوري الإيراني الذين دربوا مقاتلي الحوثيين في اليمن، ومن بينهم العميد عبد الرضا شهلائي، والعقيد رضا باسيني، والقائد علي الرجبي، واللواء محمد نيازي، سيُضعف التنسيق والتدريب بين الحرس الثوري الإيراني والحوثيين، ويحول دون امتلاك الجماعة خبرة وقوة تُضاهي خبرة حزب الله.
إضعاف القدرات البحرية الإيرانية عبر العمليات السرية، ومن بينها الموانئ والسفن التي تُيَسِّر وصول الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية إلى الحوثيين، مسألة بالغة الأهمية أيضًا، لأنها ستقطع شريان الحياة اللوجستي الرئيسي للجماعة. إضافة إلى ذلك، ينبغي أن يكون استهداف القواعد العسكرية الإيرانية، مثل قاعدة كاشان، وأكاديميات التدريب البحري النخبوية، التي تُدرّب مقاتلي الحوثيين وتُزوّدهم بتدريبات على الطائرات المسيّرة، أحد ركائز هذه الحملة.
على إسرائيل أيضًا استهداف البنية الأساسية الحيوية، ومخابئ الأسلحة الحوثية، لتعطيل القيادة والسيطرة. وينبغي أن تشمل الأهداف ذات الأولوية ما أُعلن عنه من صواريخ بعيدة المدى، وطائرات مسيّرة متفجرة، وصواريخ قدس-5 والمندب التي زوّدتها إيران للحوثيين، إلى جانب منشآت الإنتاج والتخزين المشيّدة تحت الأرض. وكما فكّكت إسرائيل شبكات أنفاق حماس وحزب الله، يجب عليها استهداف أنفاق الحوثيين التي تُستغل لإخفاء المقاتلين، ونقل الأسلحة، وشن هجمات من المناطق المدنية.
إن استهداف المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، التي تستضيف جماعات مدعومة من إيران، مثل ألوية الأشتر الشيعية البحرينية، ستقوّض الحوثيين من تحويل اليمن إلى مركز تدريب رئيسي جديد للإرهاب.
الوقت عنصر حاسم. بينما يدعم نظام آيات الله الحوثيين في حملتهم لإحياء شبكة وكلائهم، لا يمكن لإسرائيل أن تكتفي بما حققته. إن اعتماد استراتيجية هجوميةٍ متكاملة، تجمع بين العمل الاستخباراتي والضربات الدقيقة والتوسّع البحري والشراكات الإقليمية، سيحول دون تمكّن الحوثيين من التحوّل إلى نموذجٍ أشدّ قوةً من حزب الله. ستسهم هذه الإجراءات، على المدى القصير، في منع وكلاء إيران من العودة مجددًا، وتأمين حدود إسرائيل الجنوبية، وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها على المدى الطويل.
اليمن على مفترق طرق بعد تحذير نتنياهو من التهديد الحوثي
تناول موقع i24news، في 5 نوفمبر 2025، تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل عازمة على إزالة التهديد الحوثي. يشير هذا التصريح إلى أن المشهد الأمني في البحر الأحمر قد يشهد تحولًا محتملًا، حيث تتقاطع الديناميات المحلية مع الاستراتيجيات الإقليمية والدولية.
أشار الموقع إلى أن كثير من اليمنيين يلاحظون تراجعًا نسبيًا في التوتر الإقليمي عقب التطورات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة، معتقدين أن خطر اندلاع المواجهة الشاملة قد تراجع.
لفت الموقع الانتباه إلى أن رسالة إسرائيل تمثل فرصةً وغموضًا في آنٍ واحد للقوات المناهضة للحوثيين، ومن بينها المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات الحكومية، والمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح. تشترك هذه القوى في معارضتها لسيطرة الحوثيين، لكنها مختلفة في الرؤى الاستراتيجية المتعلقة بمستقبل اليمن السياسي.
قد تُعيد المواجهة التي تشمل إسرائيل تشكيل الأولويات الداخلية، وتؤثر على التحالفات الإقليمية، وتضغط على الفصائل المناوئة للحوثيين لتوضيح مواقفها. قد يرى البعض أن الضغط الخارجي على الحوثيين يُعزز موقفهم؛ بينما يخشى آخرون من أن الديناميات العسكرية الجديدة قد تعقّد الترتيبات السياسية الجارية وتُقوّض التوازنات المحلية الناشئة.
يمثّل تحذير نتنياهو بالنسبة للحوثيين أداة دعائية فعّالة، وقد أطَّرت وسائل إعلامهم البيان بالفعل على أنه تأكيدٌ لدورهم في مواجهة إسرائيل باعتبارهم جزءًا من “محور المقاومة”. تكثّفت الخطابات في صنعاء، التي تستحضر فلسطين وتصوّر الحوثيين على أنهم مدافعين في الصفوف الأمامية للمواجهة.
يبدو أن الجماعة تستغل هذه السردية؛ لتبرير تعزيز تسليحها بشكل أكبر، وتشديد الرقابة الداخلية، وحشد الدعم الشعبي. رغم تفاوت تأثير هذه الرسالة في مختلف أنحاء اليمن، إلا أنها لاقت رواجًا كبيرًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث يهيمن الإعلام والرسائل الأيديولوجية بقوة.
الحسابات الإقليمية والدولية
حسب الموقع، ستتعامل السعودية -التي تسعى إلى تهدئة طويلة المدى والتركيز على أولوياتها الاقتصادية -مع أي تصعيد بحذر، بينما تواصل الإمارات، التي لها مصالح استراتيجية على طول الساحل الجنوبي لليمن، التركيز على الأمن البحري. بالنسبة للدولتين الخليجيتين، يُنذر أي صراع مفاجئ باضطرابات تجارية وتحديات في مجال أمن الطاقة. وتواجه واشنطن توازنًا معقدًا، إذ لا ترغب في أن يبقى البحر الأحمر مهددًا، لكنها أيضًا حذرة من التورط في مواجهة طويلة الأمد في ساحة إقليمية أخرى.
كيف يستعد الحوثيون للمواجهة القادمة مع إسرائيل؟
ذكر موقع هيدابروت العبري، في 5 نوفمبر 2025، أن الحوثيين يستعدون بهدوء وحذر للمواجهة القادمة مع إسرائيل. يواصل الحوثيون تعزيز بنيتهم التحتية العسكرية، وتكثيف تعاونهم مع إيران، وتطبيق إجراءات أمنية مشددة، وفقًا لسلسلة من التقارير الاستخباراتية والإعلامية التي نُشرت مؤخرًا.
وفقًا للتقارير، كثّفت الجماعة “الإرهابية” الموالية لإيران مؤخرًا جهودها لإنشاء منظومة دفاعية محصنة في منشآتها العسكرية الرئيسة؛ وتبني أيضًا مخابئ تحت الأرض وتحصّن مداخل المنشآت، عبر إضافة طبقات من التربة والصخور والإسمنت، لتفادي تعرضها لضربات جوية مستقبلية، وفي الوقت نفسه، تنقل الأسلحة والذخائر والأصول الحيوية إلى مخابئ “أكثر أمانًا”. على سبيل المثال، نُقلت ورش الإنتاج والصيانة إلى مواقع نائية في المناطق الجبلية بمحافظة صعدة شمالي اليمن. وفقًا لموقع “ديفانس لاين” الإخباري اليمني المستقل، فإنها “خطة إعادة تموضع للقدرات العسكرية”.
يأتي هذا التحصين أيضًا انعكاسًا لتنامي مخاوف قادة الجماعة من خروقات المراقبة والأمن الناجمة -كما يقولون -عن أنشطة وكالات الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية. في إطار ذلك، جرى تغيير فرق الأمن في المقرات والمنشآت الحساسة، وفُرضت إجراءات أمنية صارمة، من بينها الحظر الكامل على استخدام الأجهزة الإلكترونية. كما أفادت التقارير بأن الحوثيين يُجرون عمليات تفتيش شاملة للمصانع والعمال، وورش إنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة، وقد فصلوا العمال المشتبه في ولائهم، بينما يخضع آخرون للمراقبة المستمرة.
إيران تواصل بناء قوتها في الشرق الأوسط
أشار موقع القناة 14 الإسرائيلية، في 5 نوفمبر 2025، إلى أن طهران تعزز جهودها لتطوير وكلائها -وأن العراق، ولبنان، واليمن، والسودان، والضفة الغربية في قلب هذه الخطة.
وفيما يتعلق باليمن، أشار الموقع إلى أن اليمن لا تزال ساحة مهمة، حيث تواصل إيران تسليح الحوثيين بحرًا وجوًا، كما توجد قيادة عليا للحرس الثوري في اليمن تُسهم في تأسيس صناعة أسلحة محلية تشمل الصواريخ والطائرات المُسيّرة. في الوقت نفسه، يتصرف الحوثيون الآن بشكل أكثر استقلالية، ويتخذون أحيانًا قرارات لا تتوافق على الإطلاق مع توجهات طهران.
المواجهة بين الحوثيين وإسرائيل في ضوء وقف إطلاق النار في قطاع غزة
ذكر مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب، في 26 أكتوبر 2025، أن زعيم جماعة الحوثيين أمر، عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، بتعليق الهجمات المباشرة على إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر وخليج عدن، على غرار وقف إطلاق النار السابق مطلع العام 2025.
ويقدّر المركز أن الحوثيين لن يستأنفوا هجماتهم، وسيلتزمون باتفاقية وقف إطلاق النار ما دام الاتفاق ساريًا. مع ذلك، فإن استئناف إسرائيل للقتال، إما بشكل استباقي أو ردًا على انتهاكات حماس، قد يدفع الحوثيين إلى استئناف هجماتهم على إسرائيل كليًا أو جزئيًا. إضافة إلى ذلك، فإن احتدام النزاع في ساحة أخرى، مثل لبنان أو الضفة الغربية، قد يوفر ذريعة للحوثيين لاستئناف الهجمات من أجل ترسيخ مكانتهم كقوة رائدة في “محور المقاومة”، كما أن من المتوقع أن يواصل الحوثيون جهودهم لتهريب الأسلحة من إيران؛ لتعزيز قدراتهم العسكرية.
الهجمات الإسرائيلية ليست وحدها ما يثير قلق الحوثيين
ذكر موقع القناة 14 الإسرائيلية، في 22 أكتوبر 2025، أن الهجمات الإسرائيلية ليست السبب الوحيد لقلق الحوثيين، فخلف الكواليس، يُدبّر خصومهم في اليمن المؤامرات. تسيطر جماعة طارق صالح، المناوئة للحوثيين، على مساحة شاسعة في غربي اليمن، بالإضافة إلى عدة جزر صغيرة قبالة سواحل البلاد، ومن بينها جزيرة زقر، التي أصبحت الآن محط الأنظار.
نُشرت هذا الأسبوع صورٌ التقطتها الأقمار الصناعية لمدرجٍ جديدٍ بُني على جزيرة زقر، ويُفترض أنه سيُستخدم لشنّ غاراتٍ جوية -ربما حتى من إسرائيل -على جماعة الحوثيين “الإرهابية” في اليمن. حتى الآن، لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن بناء الميناء، ولكن وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، رست سفينةٌ مُسجّلة في دبي أخيرًا بالقرب من الميناء الجديد قبل نحو أسبوع، وهو ما قد يُعد دليلًا آخر على هوية الضالعين في هذا الشأن.
جماعة طارق صالح، التي تُسيطر، كما ذُكر، على الجزيرة التي بُني عليها المطار، هي في الواقع وكيل للإمارات، ولهذا نراها مُزوّدةً بالكثير من المعدات العسكرية والأسلحة الثقيلة. تستثمر الإمارات إلى حد كبيرٍ في الحياة المدنية في اليمن، وتُنشئ بنية أساسية مدنية في الأراضي التي يُسيطر عليها طارق صالح.
الحوثيون، كما هو معروف، وكلاءٌ لإيران، التي تستخدمهم لتهديد الإمارات، ومن هنا ينبع العداء، والآن، بعد أن ضعف المحور الشيعي، يبدو أن خصوم إيران يُشحذون سكاكينهم.
في سياق متصل، أشار موقع ماكو العبري، في 20 أكتوبر 2025، إلى أن الإمارات شاركت بالفعل في بناء مسارات جوية أخرى في المنطقة. لقد نسب إليها أيضًا تشييد مدرج يسمح بهبوط الطائرات الكبيرة بصفة خاصة في مدينة المخا.
توجد مشاريع مماثلة أيضًا في ذباب، جزيرة ميون في مضيق باب المندب، وجزيرة عبد الكوري في المحيط الهندي. تقع هذه المناطق تحت سيطرة الحكومة المناهضة للحوثيين والمعترف بها دوليًا.
من جانبه، أشار موقع emess، في 20 أكتوبر 2025، إلى أن قاعدة زقر الجديدة قد تُعزز قدرة التحالف على مراقبة حركة السفن، وكبح أنشطة الحوثيين التي تُهدد هذا الطريق التجاري الحيوي، وتُقدر مصادر أمنية أن هذه الخطوة تعكس مساعي الإمارات لتعزيز نفوذها البحري في المنطقة، مع الحد من النفوذ الإيراني.
هل كان جهاز اللاسلكي الخاص برئيس أركان الحوثيين وكبار القادة سبب اغتيالهم؟
أفادت مدونة IntelliTimes الاستخبارية، في 22 أكتوبر 2025، أنه بعد الإعلان عن اغتيال محمد الغماري، رئيس أركان الحوثيين، نُشرت وثائق تُظهر أنه استخدم -على غرار قائد فيلق القدس الإيراني وقادة قوة الرضوان التابعة لحزب الله -جهاز اتصال لاسلكي تكتيكي.
يكشف تحقيق أجرته مدونة الاستخبارات IntelliTimes أن هذا الجهاز، وبشكل مفاجئ، من طراز موتورولا، المطابق تمامًا لما تصنعه إسرائيل. تُوزّع أجهزة موتورولا TlR7 أحيانًا من خلال مُسوّقين في الصين بعلامات تجارية مختلفة معظمها أصلية، ولكن في هذا المجال من الممكن أيضًا العثور على أجهزة مُقلّدة.
بمجرد عرض الجهاز على قناة تابعة للحوثيين يثير احتمال أن تكون إسرائيل قد تمكنت من تحديد الجهاز، وتتبعت الأهداف، كما حدث في العمليات السابقة.
كشفت IntelliTimes، عبر استخبارات المصادر المفتوحة، عام 2018، أي قبل عامين من اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، عن أجهزة اتصال لاسلكية صينية استخدمها سليماني وقادة الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق، ومطلع يونيو 2022، أي قبل عامين تقريبًا من عملية “البيجر” في لبنان، نشرت المدونة على تويتر صورة تُظهر أن عناصر “قوات الرضوان” التابعة لحزب الله يعلقون أجهزة “آيكوم” على صدورهم.
استنادًا لما سبق، ليس من المستبعد أن تكون أجهزة اللاسلكي التي كان يحملها رئيس أركان الحوثيين، ومسؤولون آخرون في القيادة العسكرية قد ساعدت إسرائيل مجددًا في تحديد مكان الشخص الذي تعرض لمحاولتي اغتيال، إحداهما أثناء الحملة على إيران، عندما هاجمت إسرائيل مبنى في العاصمة صنعاء كانت تعقد فيه جلسة لمضغ القات؛ والثانية في أواخر أغسطس، عندما هاجم سلاح الجو اجتماعًا حكوميًا للحوثيين كان يحضره رئيس الأركان الغماري، وهو الهجوم الذي لم ينجُ منه، بخلاف الأول.
لا رواتب لا دولة: أزمة عدن تكشف عن مستقبل اليمن المتعثر
تناول موقع i24news، في 24 نوفمبر 2025، الوضع في مدينة عدن، التي تواجه حاليًا انهيارًا اقتصاديًا بطيئًا ومدمرًا، وتشهد أزمة صامتة وحساسة ومدمرة في المنازل والأسواق والدوائر الحكومية. وقال إن كثيرًا من العائلات تعتمد حاليًا على الاقتراض أو بيع الممتلكات الشخصية أو التقليل من وجبات الطعام.
لا تزال عائدات النفط، التي كانت تمثل سلفًا العمود الفقري للنظام المالي الحكومي، مُجمّدة. أدت هجمات الطائرات المُسيّرة الحوثية على موانئ التصدير في شبوة وحضرموت إلى توقف شحنات النفط الخام، مما أدى إلى تجفيف أهم مصدر موثوق للعملة الصعبة.
تصف الشركات المحلية، من متاجر البقالة الصغيرة إلى شركات الاستيراد، الوضع بأنه لا يطاق. انقطاع الكهرباء يُؤدي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل. يسعى المستوردون بشق الأنفس لتأمين الدولار بأسعار مُستقرة.
تستمر الاحتجاجات في جميع أنحاء عدن، حيث ينزل موظفو القطاع العام والمتقاعدون والعائلات إلى الشوارع مطالبين بصرف رواتبهم المتأخرة منذ فترة طويلة. ويقول المتظاهرون إنه لا خيار أمامهم سوى الاحتجاج بعد أشهر من صمت السلطات.
- جيمس جين: محرر أخبار عاجلة في صحيفة جيروزاليم بوست. ترعرع بالقرب من لندن لعائلة من أصول إيرلندية وبريطانية وإسرائيلية. انتقل إلى إسرائيل عام 2014، وقضى فترة في وحدة التعاون الدولي في الجيش الإسرائيلي قبل أن يتخصص في تحليل الاستخبارات مفتوحة المصدر.
- الدكتور يوسي منشروف: باحث في شؤون إيران والإسلام في معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية. يتحدث الفارسية والعربية. عمل باحثًا في مركز عزري للدراسات الإيرانية والخليج الفارسي، ومعهد ميمري. وتتركز دراساته حول الشأن الإيراني، والمليشيات الشيعية.
- دورون بيسكين: خبير في شؤون الشرق الأوسط، ومتخصص في الاقتصاديات الإقليمية. يكتب عمودًا يتناول فيه قضايا الشرق الأوسط في موقعي يديعوت أحرونوت، وكالكاليست.
- شمعون شيرمان: كاتب عمود يُغطي شؤون الأمن العالمي، وشؤون الشرق الأوسط، والتطورات الجيوسياسية. تُقدم تقاريره تحليلات مُعمّقة لمواضيع مثل عودة داعش، وطموحات إيران النووية، مع تركيزه على الصحافة الاستقصائية ومقابلات الخبراء، يُقدّم عمله رؤىً ثاقبة حول القضايا الأكثر إلحاحًا التي تُشكّل العلاقات الدولية والأمن.
- أري هيستين: زميل غير مقيم في مشروع مكافحة التطرف، نشر تقارير تتناول بنية الحوثيين المالية، وإساءة استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية، واستهدافهم للأقليات الدينية، واضطهاد النساء والصحفيين، وعمل أيضًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS). تتركز أبحاثه على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، والاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بإيران والحرب الأهلية في اليمن.
- الرائد (احتياط) داني سيترينوفيتش: باحث زميل في برنامج إيران بمعهد أبحاث الأمن القومي، خدم الرائد (احتياط) داني “دانيس” سيترينوفيتش 25 عامًا في عدة وظائف قيادية في وحدات جمع المعلومات والبحث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. حصل على الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة العبرية، وتتركز اهتماماته على التطورات الاستراتيجية في الشرق الأوسط مع التركيز على الحرب على إيران.
- دين شموئيل ألماس: بدأ مسيرته المهنية في الإعلام الرياضي، حتى انضم عام 2018 إلى مكتب أخبار “يسرائيل هيوم”. عمل محرر أخبار في الصحيفة ومراسل صحفي مختص في شؤون الشرق الأوسط والشؤون التركية. أرسلته الصحيفة إلى كاراباخ في أذربيجان والحدود الإيرانية. انضم في أواخر 2021 إلى موقع جلوبس محررًا في مكتب أخبار الصحيفة ومراسلًا للشؤون التركية.