ملخص تنفيذي
تُعدّ فئة المهمشين واحدة من أكثر الفئات ضعفاً في اليمن وأكثرها عرضة للقمع والظلم المُمنهج الذي تفاقمت أشكاله نتيجة الحرب. تتزايد محنة النساء والفتيات المنتميات لهذه الفئة – ويُطلق عليهن وصف “المهمشات” – غالبا بسبب طبيعة عملهن في الأماكن العامة كبائعات متجولات، أو في كنس الشوارع أو حتى التسول، مما يعرضهن لخطر الاستغلال بما في ذلك العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. تتزايد التقارير عن تعرض المهمشات للمضايقة وسوء المعاملة والتحرش الجنسي وإفلات المسؤولين عن تلك الأفعال من العقاب، في وقت أخلّت فيه أهوال الحرب بالقدرة على إنفاذ القانون والحفاظ على الأعراف الاجتماعية، وفقدان العديد من أرباب الأسر من الرجال المهمشين مصادر رزقهم، أو انضمامهم لجبهات القتال وهو ما اضطر عدد كبير من النساء في هذه الفئة للعمل من أجل إعالة أسرهن.
تستكشف هذه الورقة ظاهرة تصاعد العنف الممارس ضد المهمشات، استجابة لدعوات نشطاء مهتمين بالدفاع عن حقوق المهمشين، وبتسليط الضوء على محنتهم ومعاناتهم. تستند الورقة إلى مقابلات أجريت مع نشطاء محليين وباحثين ومحامين ومسؤولين أمنيين ومسؤولين في السلك القضائي، وزعماء قبليين وأفراد من فئة المهمشين من محافظات تعز وأبين وعدن والضالع.
تُلقي الورقة الضوء أيضا على زيادة حالات الاعتداء الجنسي المبلغ عنها، والمرتكبة على أيدي رجال قبليين وعناصر مسلحين تابعين لأطراف النزاع، وتسعى لردم الفجوة في البيانات التي تتناول هذه المسألة بسبب حساسية الموضوع والوضع الأمني غير المستقر في البلاد.
لتعزيز فهم أفضل للسياق الثقافي الذي ساهم في تنامي المضايقات ضد فئة المهمشين ، تستكشف الورقة أولا اضمحلال مبدأ الحماية في العُرف القبلي الذي كان يُوفر حماية لفئة المهمشين في الماضي، والتحوّلات التي طرأت على العلاقة بين القبائل وفئة المهمشين منذ اندلاع الحرب. تتناول الورقة بعد ذلك فشل سلطات إنفاذ القانون بشكل عام في حماية حقوق المهمشين وتستعرض قصصاً مؤلمة لشابات وقعن ضحايا للاعتداء الجنسي، وأفلت المعتدون عليهن من العقاب والملاحقة القضائية، بل وتعرضت أسرهن للابتزاز والمضايقة. كما تسلط الورقة الضوء على العنصرية وأشكال التمييز الاجتماعي المتجذرين في النظامين الأمني والقضائي في اليمن، رغم نص الدستور والقانون اليمني على المساواة بين جميع فئات وطبقات المجتمع.
تختم الورقة بمجموعة من التوصيات المُستقاة من المناقشات المكثفة التي أجريت مع أفراد من مجتمع المهمشين وقادة مجتمعيين وضباط أمن وأعضاء في السلك القضائي.
توصيات محددة
إلى مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن:
- الضغط على أطراف النزاع لضمان إشراك المهمشين في صنع القرار وعملية السلام في اليمن.
إلى وكالات الأمم المتحدة المعنية بتوفير الدعم للفئات المستضعفة:
- بناء وتعزيز قدرات الناشطين والباحثين والصحفيين من فئة المهمشين، ودعم المنظمات المحلية والدولية المدافعة عن حقوق الأقليات والهادفة إلى تمكينهم.
إلى اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان:
- رصد وتوثيق التحديات التي تواجهها الفئات المهمشة، والتركيز على تحسين آلية جمع البيانات والإحصاءات التي ترصد حالات الاعتداء الجنسي على المهمشات، ودعم المبادرات البحثية التي تُحدد أفضل الممارسات والتدخلات الفعالة لدعم الضحايا.
إلى الحكومة اليمنية:
- تفعيل التشريعات التي تُجرّم العنصرية ضد المهمشين وإعلاء القيم التي ينص عليها الدستور اليمني، والتي تساوي بين شرائح المجتمع اليمني، وتنبذ مفهوم تفوّق شريحة على أخرى.
إلى منظمات المجتمع المدني المحلية:
- العمل على إشراك المهمشين وإدماجهم بشكل عادل في المجتمع، وتمكينهم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، لإعمال حقوقهم التي يكفلها الدستور والقوانين اليمنية. كما يجب إيلاء اهتمام خاص لتمكين الشابات والفتيات من فئة المهمشين وحمايتهن من مخاطر الاستغلال وسوء المعاملة.
مقدمة
المهمشون هم فئة من المجتمع يُنظر إليهم على نطاق واسع باعتبارهم من الطبقة الاجتماعية الدُنيا في اليمن.[1] تم اعتماد مصطلح المهمشين في السنوات الأخيرة ليحلّ محلّ مصطلح “الأخدام” والذي كان يُعتبر وصفاً ازدرائياً ومهيناً. لطالما كانت أصول المهمشين موضع نقاش حيث يُرجع البعض أصول هذه الفئة المقصية إلى فترة سقوط سلالة بني نجاح أو (النجاحيون) – من جذور أفريقية – التي حكمت من مدينة زبيد باليمن بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي، [2] بينما يجادل آخرون أنهم من نسل الأحباش الذين غزوا اليمن في القرن السادس الميلادي. بالرغم من تلك التكهنات السائدة المشككة في هويتهم اليمنية، [3] يظل الجدل المستمر حول أصولهم العرقية مبني على أسباب عنصرية بحتة.[4]
لا يُعرف بدقة العدد الإجمالي لفئة المهمشين، لكن التقديرات تشير إلى وجود ما بين 500,000 إلى 3.5 مليون نسمة، [5] يواجه معظمهم أشكال متعددة من التمييز والحرمان من التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، ويضطر الكثير منهم للعيش في الأحياء الفقيرة والعشوائيات، مما يجعلهم دوماً عرضة للنزوح القسري.
رغم أن القوانين المحلية تكفل حقوقهم رسمياً وفق مبدأ المواطنة المتساوية، لا يزال دور المهمشين في المجتمع محدوداً، وغالبا ما يقتصر على وظائف دنيا ينظر إليها كأشغال وضيعة مثل جمع القمامة وتنظيف الشوارع، وغيرها من الأعمال التي لا تُقدر حق قدرها في نظر المجتمع.[6] تستمر هذه النظرة الدونية تجاه هذه الفئة حتى في فترة النزاع، حيث يتم استغلال الرجال من مجتمع المهمشين على الجبهات العسكرية من قبل أطراف الصراع.
تؤكد الناشطة هدى سيف أن أنظمة الحُكم التقليدية التي تعاقبت في اليمن، وزّعت النفوذ والسلطة على مدار عقود بطريقة قوّضت قيمة الدور الثقافي والمجتمعي لفئة المهمشين، مما أدى إلى إقصائهم وتهميشهم داخل المجتمع وجعلهم عرضة للاستغلال الاقتصادي والتمييز العنصري المُمنهج.[7] كما لعبت الأعراف الثقافية القديمة دوراً في إدامة الفجوة الكبيرة بين طبقات المجتمع اليمني، وانعكس ذلك على فئة المهمشين الذين لا يزالون يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الفرص الاقتصادية بشكل عادل ومنصف، أو في تجنب استغلالهم اقتصادياً[8] وحلقة العنف المستمرة ضدهم.[9]
يمكن القول بأن الافتقار إلى الحماية يؤدي إلى تفاقم ضعف المجتمع، فإنكار المجتمع بوجه عام للأصل اليمني للمهمشين يعني بقاءهم خارج البنية القبلية في اليمن، بعيدًا عن نطاق الحماية التي يكفلها المجتمع لأعضاء القبيلة وغيرهم ممن يضمهم تحت جناحه.[10] وكما ستستكشف هذه الورقة، لطالما اتسمت العلاقة بين المهمشين والقبائل، وكذلك بين المهمشين والدولة، بالتقلبات عبر التاريخ، وتتغير وفقًا للتحولات السياسية في البلاد. في الماضي، تمتع المهمشون بدرجة من حماية القبائل لهم، وإن كانت محدودة، وكان هذا الأمر فريدًا من نوعه في النظام القبلي اليمني، حيث جاء في صيغة أحكام محددة تحمي المهمشين الذين يعملون لصالح القبيلة.
أدت السنوات العشر الأخيرة من الصراع إلى تحولات كبيرة أثرت على مجتمع المهمشين، فقد انضم بعض الشباب إلى جماعات عسكرية أو مسلحة وحملوا السلاح، وهو ما ينافي شروط زعماء القبائل الذين عادة ما كانوا يرفضون حمل المهمشين للسلاح. بالإضافة إلى ذلك، أدى انهيار المنظومة القضائية والتقاليد التي تحكم القبائل[11] إلى تراجع الحماية المقدمة للمهمشين والتي كانت ضعيفة من الأساس.
من هذا المنطلق، تواجه النساء والفتيات من مجتمع المهمشين (سيشار إليهن فيما بعد بالمهمشات) هشاشة مضاعفة، حيث يتعرضن للعنف الذي تبرره النظرة المقولبة النمطية تجاه المهمشين وتحديداً النساء في هذه الفئة (المهمشات)، [12] اللواتي يُعتبر أنهن يفتقرن إلى القيم الإسلامية مقارنة بالنساء اليمنيات الأخريات، وهو ما يفاقم من حوادث التحرش والانتهاكات التي تمارس ضدهن.[13]
تقتضي طبيعة عمل المهمشات، عادة كبائعات متجولات أو كنس الشوارع أو التسول، تواجدهن في الأماكن العامة وهو ما يزيد من خطر تعرضهن للتحرش والاعتداء، مثل العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.[14] أفاد ناشطون معنيون بالدفاع عن حقوق المهمشين وحمايتهم بوقوع انتهاكات ضد النساء والفتيات المهمشات، حتى تحت تهديد السلاح، وأن بعض هذه الانتهاكات ارتكبها رجال قبائل أو عناصر مسلحة تتبع لأطراف النزاع – حسبما ذكروا.[15] تظل البيانات والإحصاءات المنهجية حول عدد هذه الحوادث شحيحة، لكن يقال بأن الانتهاكات ضد المهمشات قد ازدادت منذ عام 2015، [16] ويشمل ذلك مناطق مثل عدن وتعز والحديدة التي تأثرت بشكل مباشر بالصراع.[17]
المنهجية
أُعدّ هذا التقرير استناداً إلى 22 مقابلة أجريت في محافظات تعز وأبين وعدن والضالع، مع أفراد من مجتمع المهمشين ومسؤولين أمنيين وقضائيين وزعماء قبليين وناشطين وباحثين ومحامين. كما أجريت مقابلات مع أسر من ضحايا العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي من أبين وتعز.
ركزت المقابلات، التي أجريت في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ومارس/آذار 2022، على تأثير الصراع ودوره في تعزيز الانتهاكات ضد المهمشات، وتطرقت إلى تراجع نظام الحماية الذي كانت توفره القبائل اليمنية للمهمشين، وكيف تغير هذا الوضع خلال النزاع الدائر، وكيف بدأ بعض الشباب في حمل السلاح، بهدف التعمّق وفهم طبيعة العنف الذي يتعرض له المهمشون. كما بحثت المقابلات تأثير انهيار سيادة القانون وتواطؤ وفساد بعض الجهات الأمنية جنبًا إلى جنب مع الجماعات القبلية المسلحة والانتهاكات الناتجة عن ذلك ضد المهمشات.
نظراً لحساسية الموضوع والوضع الأمني السائد في البلاد، طلب معظم النشطاء والافراد المعنيين ممن أجريت معهم مقابلات عدم الكشف عن هوياتهم. كما اقتصرت المقابلات على عدد محدود من الأفراد بسبب التحديات في جمع المعلومات، حيث أبدت بعض النساء اللاتي أُجريت معهن المقابلات تحفظات في الإفصاح عن معلوماتهن، إلى جانب صعوبات في إجراء مقابلات مع ضحايا الاعتداء الجنسي من الإناث، حيث خشيت الضحايا من وصمهن من قبل المجتمع، واحتمال تعرضهن للانتقام من جانب الجناة. هذا وأجريت بضع مقابلات مع أقارب الضحايا ونشطاء من فئة المهمشين، إلاّ أن تعذر قدرة الباحث على استقاء معلومات من أفراد من الجماعات القبلية المسلحة للتحقق من الانتهاكات التي يُزعم ارتكابها ضد المهمشات ا، يقيد الإطار التحليلي لهذا التقرير.
نظرًا لحساسية الموضوع، لم تُجر أي مقابلات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بسبب المخاطر الكبيرة المترتبة على ذلك، علماً بأن المؤشرات تعزز الاعتقاد بأن الانتهاكات ضد المهمشات منتشرة على نطاق واسع في البلاد. في أغسطس 2024، عُثر في صنعاء على جثة فتاة صغيرة من فئة المهمشين، دون أن تعرض السلطات أي تفاصيل عن الظروف الغامضة التي لقيت فيها مصرعها.[18]
تراجع الحماية القبلية: تزايد هشاشة ومواطن ضعف المهمشين
“ المجتمع اليمني يخاف من توحد المهمشين وانهم سيقومون بالانتقام للعقود التي واجهوا فيها التمييز العنصري والاضطهاد “[19]
أحد المشايخ القبليين من محافظة الضالع
خلال فترة حكم الرئيس سالم رُبيّع لجنوب اليمن بين عامي 1969 و1978، تم تجريم استخدام مصطلح “الخادم”، حيث سعت حكومة رُبيّع لتحقيق وتعزيز المساواة من أجل بناء قاعدة سياسية للحزب الاشتراكي اليمني.[20] رغم انتشار ثقافة إقصاء فئة المهمشين من قبل الوحدة ، بُذلت محاولات لدمجهم في المجتمع بدرجات متفاوتة في بعض المناطق، مثل عدن، والحديدة ، حيث كانت العنصرية ضد هذه الفئة أقل شيوعاً مقارنة بمناطق أخرى.[21]
كان المهمشون يتمتعون بقدر من الحماية من القبائل – وإن كانت محدودة – حيث استندت في المقام الأول إلى المصالح المشتركة، لكنها تراجعت مع التوسع الحضري المدفوع جزئياً بالهجرة إلى المدن هرباً من النظام الطبقي الاجتماعي الخانق في المناطق الريفية.[22] عزز الرئيس السابق علي عبدالله صالح الدور القبلي في الدولة[23] وهو ما أحدث العديد من التغييرات في بنية ونفوذ القبائل، لكن منذ اندلاع الصراع عام 2015، أصبحت الأعراف والتقاليد القبلية أكثر هشاشة، مما أدى إلى التفكك الاجتماعي.[24]
لطالما كان للقبائل في اليمن دور بارز في حلحلة التوترات الاجتماعية، وامتد ذلك في بعض الأحيان إلى فئة المهمشين. أوضح شيخ قبلي من الضالع أنه إذا هاجم فرد من أفراد قبيلة معينة أحد من المهمشين يعمل في أرض زراعية تابعة لزعيم قبيلة أخرى، فإن ذلك يعتبر انتهاكا ضد ذلك الزعيم القبلي ويخوله المطالبة بإنصاف الضحية.[25] علاوة على ذلك، كانت الهبات تُقدم للمهمشين في بعض الأحيان مقابل خدماتهم، ومن ثم، استندت العلاقة في المقام الأول على المنافع المتبادلة.[26] يشير أحد أفراد مجتمع المهمشين، إلى أنه على الرغم من عدم السماح مطلقًا للمهمشين بامتلاك الأراضي الزراعية، عادة ما كان “الأخدام” يحرسون منازل ومزارع شيوخ القبائل، بالإضافة مساعدة الشيوخ في إحضار الأشخاص المطلوبين في حال نشأ نزاع بين أفراد القبيلة، وبالتالي كانت القبائل توفر لهم الحماية مقابل ما يؤدونه من خدمات.[27]
يؤكد أحد المشايخ القبليين من تعز، وجود عادات قبلية تحمي الخادم (مفرد الأخدام)، واصفًا العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة “تبادل منافع”، [28] حيث تمتع الأخدام الذين يعملون لدى الشيخ بالحماية من أي اعتداءات قد يتعرضون لها في أماكن عملهم.[29] بالنسبة للنساء المنتميات إلى مجتمع المهمشين، نجد أن القبائل كانت تكفل لهن قدرًا من الحماية إذا عمل أحد أقاربهن لصالح القبيلة، وذلك فقط لغرض الحفاظ على هيبة وسمعة القبيلة، لكنها ظلت دون مستوى الحماية الممنوحة للنساء القبليات.[30]
يشير زعيم قبلي آخر من محافظة أبين إلى تراجع دور القبائل نسبياً في توفير الحماية بعد الوحدة اليمنية عام 1990، مع ترسخ هيكل الدولة، قائلاً: “لم يعد للقبائل دور فعال في حماية الفئات الأخرى، باستثناء بعض المناطق”.[31] يتفق مع هذا الرأي شيخ قبلي آخر من أبين بقوله: “إن أشكال الحماية التي كفلتها الأعراف القبلية والقانونية أصبحت هشة مع اندلاع الحرب. الوضع الأمني والنزاع عمل على تقييد الأعراف الاجتماعية والقانون القضائي، حيث أصبحا يعملان لصالح الجماعات المسلحة، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالنساء المهمشات “، [32] معرباً عن أسفه على الوضع الجديد: ” كان هناك قانون عرفي تحكمه الأخلاق والمبادئ حيث أن القبيلة لا تتعدى على الإنسان الضعيف، وهذا كان موجود عندما كانت القبيلة مسيطرة.”[33]
انضم بعض الشباب من فئة المهمشين إلى القتال منذ العام 2015، مما خلق توترات بين مجتمع المهمشين والقبائل. على حد تعبير الشيخ فيصل عبدالرقيب الفضلي من محافظة تعز: “إن خروجهم عن طوع القبيلة وانخراطهم في السلك العسكري، أحدث فجوة […] وأثار المخاوف بينهم [زعماء القبائل] ما جعل القبيلة تشعر بفقدان السيطرة وأصبحت تتوجس خطر انتقامهم من المجتمع مما أضعف الدور القبلي في تقديم الحماية لهم “.[34]
قال شيخ قبلي من محافظة أبين: “قبل الحرب كانت القبيلة هي من تحمل السلاح ولا يمكن للمهمشين أن يحملوا السلاح, وبعد الحرب أصبح المهمشون حاملين السلاح وشكلوا ندا قويا ضد القبائل، الوضع الذي أدى الى إعادة تشكيل العلاقة بين المهمشين والقبيلة”.[35] وأضاف أن الجماعات المسلحة تجد من الأسهل استغلال المهمشين الذين يفتقرون إلى حماية دولة فاعلة والمحرومين من حقوقهم. في المقابل، لا يزال أبناء القبائل يستفيدون من ميثاق شرف تحكمه الأعراف والتقاليد المتبعة في قبيلتهم، وفي هذا الصدد، يقول ياسين الوجيه – شيخ قبلي من الضالع: ” لقد تخلت القبائل عن فئة المهمشين بسبب تمردهم على الأعراف والتقاليد القبلية حيث لا ينصاع المهمشون لشيوخ القبائل وعادات أجدادهم”، ويرى أن استمرار التمييز العنصري ضد المهمشين هو لغرض ضمان بقائهم تحت سيطرة القبائل التي تنتفع بهم وتستغلهم، وخوفاً من انتقامهم.[36]
من المرجح أن تلعب العوامل المذكورة أعلاه دوراً في زيادة التحريض والانتهاكات ضد المهمشين.[37] رغم إدراك الشباب من هذه الفئة عواقب حمل السلاح، أشاروا إلى أنه يظل أهون الشرين، حيث قال أحد الشباب من فئة المهمشين المنخرطين في الجيش، “إذا لم ينخرط الشباب في السلك العسكري سيصبحون قطاع طرق، لذلك الأفضل أنهم ينخرطوا في السلك العسكري كونه مصدر رزق لهم في ظل هذه الأوضاع الراهنة، على الرغم من ذلك قد يؤثر على وضعنا في المستقبل إلا أنه البديل الوحيد ومصدر الرزق الوحيد”.[38]
تفاقم الانتهاكات ضد المهمشات واستغلالهن
منذ اندلاع الصراع عام 2015، تأثرت اليمنيات بدرجات متفاوتة بتداعيات الحرب، لكن العبء كان أثقل على الفئات الأكثر ضعفاً.[39] أشارت الباحثة البارزة شيلا كارابيكو، في سياق دارساتها حول أوجه اللامساواة بين الجنسين في اليمن، إلى التهميش والإقصاء الذي تتعرض له النساء المنتميات لفئة المهمشين، وحصرهن في الطبقة الاجتماعية الدنيا في اليمن.
يتمثل مصدر الرزق الوحيد المتاح لهن (المهمشات) في عملهن الذي يقلل المجتمع من قيمته بسبب الصورة النمطية السائدة ضدهن.[40] ورغم أن الحرب أتاحت لبعض النساء فرصًا لاقتحام سوق العمل – بما في ذلك الانخراط في قطاعات غير تقليدية – ظلت فرص العمل محدودة وغير مستقرة غالباً بالنسبة للنساء غير المتعلمات والأميات أو بأجور متدنية إن وُجدت.[41]
تؤكد ناشطة من أبين هذا الأمر، مشيرة إلى أنه في ظل فقدان العديد من الرجال من فئة المهمشين لوظائفهم أو انضمامهم إلى جبهات القتال، أصبح لزامًا على نسائهم – اللاتي تُركن بمفردهن – رعاية أسرهن، وغالبًا ما اضطررن إلى التسول في الأسواق والقرى أو العمل في مجال الصرف الصحي، وأن بعضهن يعملن كخادمات لتأمين دخل لأسرهن، غير أن هذه المهن تجعل الكثيرات منهن عرضة للاغتصاب والتحرش الجنسي.[42] كما يزداد خطر تعرضهن للتحرش مع تواجدهن في الأماكن العامة لمزاولة أعمال ينظر لها على أنها متدنية المستوى، مثل كنس الشوارع الذي غالبًا ما يقمن به في أوقات المساء.[43]
تتعرض المهمشات أيضاً لأشكال أخرى من التمييز، حيث أن ارتفاع أعدادهن في مخيمات النازحين داخلياً يجعلهن أكثر عرضة للخطر ويهدد سلامتهن. يشير تقرير صادر عن المجموعة الدولية لحقوق الأقليات إلى أن بعض النازحات من المهمشات فضلن العودة إلى ديارهن حتى لو كانت في مناطق الحرب المستعرة، “لأنهن شعرن بأن المعاملة وظروف المعيشة في المناطق المضيفة والمخيمات كانت مهينة للغاية لدرجة أنهن فضلن التعرض لخطر القنابل”.[44] نظرًا لعدم امتلاك المهمشات في الغالب لأوراق ثبوتية، يتعرضن للتمييز أيضاً من جانبالشيوخ القبليين أو القادة المجتمعيين، المسؤولين عن توزيع المساعدات. الأسوأ من ذلك كله تعرضهن بشكل متزايد لخطر العنف الجنسي، كونهن نساء ينتمين إلى أقلية. في هذا الصدد، تطرقت ناشطة نسوية من محافظة تعز، لمسألة تصاعد العنف الجنسي ضد المهمشات، مستشهدة بتعرض فتاة صغيرة من هذه الفئة للاعتداء في 2023، على يد أحد المدنيين تحت حماية رجال الأمن، بعد أن استدرجها لجلب الماء.[45]
يقول عادل فرج، ناشط حقوقي من عدن، بأن أحد أبرز أسباب العنف الممارس ضد مجتمع المهمشين – وخصوصًا النساء – يرجع إلى “النظرة الدونية الاجتماعية تجاههم”، إذ يُحمّل المجتمع هذه الفئة مسؤولية الظروف التي تعيش فيها، وغالبًا ما يتهمهم بالافتقار “إلى الوازع الديني أو المبادئ الأخلاقية”، [46] إلى الحد الذي يتم فيه إنكار انتسابهم للإسلام: “تعتبر النساء المهمشات الحلقة الأضعف بسبب تواجدهن بشكل كبير في الشوارع وأحيانا لأوقات متأخرة، وهذه يعتبر “عيب” في مجتمع محافظ كالمجتمع اليمني”، مضيفًا أن العديد منهن يلجأن إلى التسول من أجل توفير لقمة العيش والبقاء على قيد الحياة.
في كثير من الحالات، يتم تزويج الفتيات الصغيرات في عُمر مُبكر لحمايتهن من مهانة التسول في الشوارع، لكن الزواج المبكر – كما يقول فرج – لم يحدّ من نسبة الانتهاكات الممارسة ضد الفتيات المهمشات، حيث يتعين عليهن على أي حال المساهمة في تلبية احتياجات الأسرة وتغطية النفقات منذ سن مبكرة جدًا، وغالبًا لا يملكن الوقت لتربية أطفالهن، وكل هذه التحديات فاقمت من الضغوط النفسية التي تعيش تحت وطأتها المهمشات، حسب فرج.
تقول ناشطة من فئة المهمشين من محافظة أبين، إن “العديد من الفتيات المهمشات خلال فترة الحرب تعرضن وما يزلن يتعرضن للانتهاكات والتحرش من بعض رجال القبائل ومجموعات مسلحة في أجزاء مختلفة من البلاد”، وأن العديد من هذه الحوادث تم الإبلاغ عنها في محافظتي تعز وأبين، حيث ” ارتفعت حالات الاغتصاب في المحافظتين منذ اندلاع الحرب الحالية في اليمن “.[47] كما أن العنف ضد المهمشات لا يُمارس فقط من قبل أفراد من خارج تلك الفئة، بل يُمارس أيضًا من قبل أفراد من المهمشين أنفسهم.
وفقًا لما ذكرته سمرة قائد، محامية من فئة المهمشين، “المشكلة أن أبناء المجتمع المهمش والمجتمع الآخر كلاهما شركاء في تعنيف النساء المهمشات. لا نستطيع توجيه اللوم على المجتمع (اليمني) فقط في تعنيف النساء السمراوات لأن هناك من يمارس العنف من أبناء المجتمع نفسه، ولكن الانتهاكات وحالات الاغتصابات التي تتعرض لها النساء المهمشات هي من المجتمع الآخر”.[48]
غياب الأمن والعدالة
“لأننا مجتمع ضعيف لا نمتلك قوة الدفاع أو الوجاهة القبلية أو السلطة فإن المجتمع صادر حقوقنا. اغتصبت “رسائل” من قبل مجموعة من الشباب، وتم مهاجمة منازلنا بالسلاح من قبل مرتكبي الجريمة وتم سجني في إدارة الأمن قرابة ثلاثة أشهر”
هيثم محمد سيف، عمّ إحدى ضحايا الاغتصاب من فئة المهمشات.[49]
رغم الواقع المرير الذي تعيشه المهمشات، يؤكد منتمون للسلطات الأمنية والقضائية أجريت معهم مقابلات في محافظة أبين، بأن جميع المدنيين متساوون أمام القانون. ذكر عضو في النيابة في أبين، أنه لم يتلق أي بلاغ بشأن أي حالة اغتصاب لامرأة أو فتاة من فئة المهمشين، أو بلاغ بتعرضهن لأشكال أخرى من الانتهاكات، سواء من قبل كيانات قانونية أو أفراد.[50] قد يرجع ذلك إلى حقيقة أن المهمشين أقل ميلا إلى رفع قضايا أمام السلطات المعنية.
في هذا السياق، أشار شخص عمل سابقاً في النيابة العامة بمحافظة أبين، إلى أن مجتمع المهمشين عانى طويلاً من الإقصاء، لكن مستوى الوعي بالجوانب القانونية يُعد أعلى في المحافظات الجنوبية، وبالتالي يمكن للمهمشين الذين تعرضوا للانتهاك أو القمع من قبل أي جهة تقديم شكوى، وسيتم التعامل معهم شأنهم شأن المدنيين الآخرين في المجتمعات المحلية، مضيفاً ” تُعالج القضايا أولا بأول إن لم يتم التدخل فيها من جهات نافذة طبعاً”.[51]
وأضاف أن حالات الاغتصاب ليست منتشرة على نطاق واسع “في مجتمعاتنا”، ولكن هناك استثناءات؛ وهذه الظروف هي استثنائية، إذ أن هذه الحوادث أكثر عرضة للوقوع في مخيمات النازحين – حسب قوله، مشيراً إلى تعامله مع حالات اغتصاب وتحرش في فترة عمله في مجال الأمن في مخيمات النازحين للاجئين الصوماليين في أبين.[52]
رغم أن المهمشات أكثر عرضة للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وخاصة عندما يكون أزواجهن غائبين في العمل أو على جبهات القتال، [53] فإن العدالة لا تخدمهن بشكل كاف. تقول نبيلة الجبوبي، محامية تعمل في اتحاد نساء اليمن بتعز، [54] “هناك تجاوب من السلطات الأمنية والنيابة إلا أننا نصل إلى مرحلة التقاضي في الجلسات للقضايا الجنائية، وهناك تماطل في القضايا. إذ أنه إلى الآن لم تصدر أية أحكام لأي قضية من التي وصلت إليهم”.[55] كما ترى أن هناك فرق في التعامل مع قضايا المهمشات مقارنة بالنساء من المجتمعات الأخرى، وإن لم يكن ذلك ملموساً من قبل الجهات الأمنية والقضائية.[56] ضربت مثال قضية فتاة صغيرة تعرضت للاغتصاب على يد عناصر تابعين لاحدى الجماعات المسلحة المسيطرة في تعز، مشيرة إلى أن القضية لم يحدد لها أي جلسات أمام المحكمة.
يزعم ناشطون جرت مقابلتهم تزايد عدد الانتهاكات ضد المهمشات منذ عام 2015، وهو ما يمكن رصده في حالات الاغتصاب، ومن ذلك حالات الاغتصاب الجماعي لفتيات من مجتمع المهمشين. عادة ما يتم إرغام أسر المهمشات على التخلي عن مطالبهم بإنفاذ العدالة من خلال التهديد باستخدام القوة، كما حدث في حالة فتاة قاصر من مجتمع المهمشين تدعى “رسائل” ، حين وقعت ضحية اغتصاب من قبل مجموعة من الشباب ينتمون لقبيلة نافذة في تعز، وهو ما دفع نشطاء محليين إلى إطلاق حملة شعبية بعد أن حصدت القضية تفاعلاً واسعاً. تم تهديد أسرتها بالقتل إذا أقدمت على المطالبة بإنفاذ العدالة ضد المعتدين عليها، وفيما بعد تم إطلاق النار على أقارب لها، بل وهاجمت أسر المغتصبين قريباتها الإناث. لاحقًا، أطلقت السلطات الأمنية سراح المعتدين عليها بل واعتقلت أحد أقارب الفتاة، مما أجبر أسرتها على التنازل عن القضية. [57]
يرى أفراد فئة المهمشين أن المجتمع يمارس التمييز ضدهم بسبب التمييز المتجذر داخل أجهزة الأمن والقضاء في اليمن. في هذا الصدد، قالت المحامية نبيلة الجبوبي: ” قضية الطفلة رسائل[58] لها ما يتجاوز أكثر من عامين منذ أن اغتصبت لا تزال على طاولة القضاء”، [59] مشيرة إلى أن أربع جلسات عُقدت في المحكمة، أدلى فيها الشهود بأقوالهم، رغم أنه كان من المفترض أن يصدر الحكم بعد جلستين أو ثلاث جلسات – وفق قولها، في وضع شبيه بقضية الاغتصاب المشار إليها آنفاً لفتاة صغيرة من مجتمع المهمشين: “يجب تفعيل عملية جهاز غرفة الرقابة والتفتيش في إدارات الأمن في المحافظة كون وهناك انتهاكات تحصل من قبل ضباط في إدارة الأمن”. أضافت الجبوبي، أنه بعد أسبوع واحد فقط من حضور فتيات من فئة المهمشين جلسات توعوية حول التحرش والاغتصاب (كأهمية إبلاغ السلطات الأمنية عن مثل هذه الاعتداءات)، كانت هناك حالات تحرش بفتيات من قبل ضباط في إدارة الأمن، حيث أن إحدى الفتيات اللاتي حضرن الجلسة التوعوية تعرضت للتحرش في إحدى الحافلات، وعندما حاولت تقديم بلاغ عند وصول الحافلة إلى نقطة تفتيش، أنزل الجنود القائمون على النقطة الرجل من الحافلة واقتادوه إلى أحد أقسام الشرطة، حيث قام بعض الضباط بابتزازه مالياً ليتجنب الحبس. روت نبيلة حادثة أخرى تتعلق بفتاة ذهبت لتقديم بلاغ في مديرية الأمن ضد رجل تحرش بها، لتجد نفسها عرضة للتحرش من مدير الأمن نفسه في مكتبه.[60]
سلطت إحدى العاملات بمنظمة حقوقية محلية الضوء على غياب الحماية القانونية حاليًا للمهمشات، وللنساء بشكل عام في مثل هذه القضايا، وذلك بسبب الانقسامات الحاصلة في البلاد وسيطرة الجماعات المسلحة على مناطق ، بالإضافة إلى العوامل السياسية التي قيدت حقوق الإنسان وآليات توفير الحماية. تقول المشاركة التي وافقت على إجراء مقابلة شرط عدم الكشف عن هويتها: “إلا أننا نعمل قدر الاستطاعة في تقديم الحماية“.[61] كما أن الحماية الأمنية والقانونية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقبيلة، ولا تخلو السلطة من النظام القبلي […] وقد ساعدت الحرب على ترسيخ الثقافة القبلية بشكلها السلبي والتمييز البنيوي بين الطبقات الاجتماعية، مما زاد من ضعف السلطات الأمنية والقضائية، مؤديا لعواقب وخيمة ترتبت على النساء المهمشات وحرمانهن من الحصول على العدالة سواء من خلال الانتهاكات البدنية أو البلاغات الكاذبة التي تتهمهن بالسرقة.[62]
أدى عَقد من الحرب والاضطرابات في اليمن إلى نبذ الأعراف الاجتماعية التي كانت توفر قدرًا من الحماية للفئات المهمشة، ومن ذلك مجتمع المهمشين، وتفاقم الوضع بسبب انهيار نظام العدالة وأجهزة إنفاذ القانون في اليمن بسبب الحرب. مع تدهور هياكل الحماية هذه، أصبحت المهمشات، كباقي النساء عامة والفئات الأخرى المهمشة، أكثر الضحايا المستضعفين في حرب اليمن، الأمر الذي يتطلب جهودًا متضافرة من المنظمات المحلية والدولية لتلبية احتياجاتهم ولفت الانتباه إلى محنتهم.
التوصيات
تم الخروج بهذه التوصيات بعد مناقشات مستفيضة مع أفراد من مجتمع المهمشين وشخصيات اجتماعية ورجال أمن ومسؤولين قضائيين في محافظات عدّة، وهي موجهة إلى المجتمع الدولي ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بتوفير الدعم للفئات المستضعفة كاليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، واللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، والحكومة اليمنية، ومنظمات المجتمع المدني المحلية.
إلى مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن:
- الضغط على أطراف النزاع لضمان إشراك المهمشين في صنع القرار وعملية السلام في اليمن.
إلى اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان:
- رصد وتوثيق التحديات التي تواجهها الفئات المهمشة، والتركيز على تحسين آلية جمع البيانات والإحصاءات التي ترصد حالات الاعتداء الجنسي على المهمشات، ودعم المبادرات البحثية التي تُحدد أفضل الممارسات والتدخلات الفعالة لدعم الضحايا.
- دعم أصوات الشباب من فئة المهمشين ممن يسعون إلى إحداث تغيير حقيقي في أوساط مجتمعهم، جنبًا إلى جنب مع الأصوات التي تسعى لتوثيق تأثير النزاع على المهمشين والإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد الأقليات في اليمن.
إلى وكالات الأمم المتحدة المعنية بتوفير الدعم للفئات المستضعفة:
- بناء وتعزيز قدرات الناشطين والباحثين والصحفيين من فئة المهمشين، ودعم المنظمات المحلية والدولية المدافعة عن حقوق الأقليات والهادفة إلى تمكينهم.
- تسليط الضوء على قضايا المهمشين على نطاق واسع، وضرورة توفير الحماية القانونية لهم، وممارسة الضغط على صناع القرار لحماية أفراد الأقليات في اليمن، الذين هم أكثر عرضة للتحرش الجسدي والاعتداء وسوء المعاملة.
إلى الحكومة اليمنية:
- تفعيل التشريعات التي تُجرّم العنصرية ضد المهمشين، وإعلاء القيم التي ينص عليها الدستور اليمني والتي تساوي بين شرائح المجتمع اليمني و تنبذ مفهوم تفوّق شريحة عن أخرى.
- الالتزام بالحياد في المحاكم اليمنية عند التعامل مع القضايا المتعلقة بالمهمشين.
- توفير الحماية القانونية والأمن لفئة المهمشين، والالتزام بالمبادئ الدستورية التي تعزز مبدأ المواطنة المتساوية بغض النظر عن العرق واللون والمُعتقد الديني.
إلى منظمات المجتمع المدني المحلية:
- إشراك المجتمعات المحلية في البرامج الرامية إلى تعزيز التماسك الاجتماعي ، والتركيز على التعايش السلمي لتحسين صورة أفراد مجتمع المهمشين، وإرساء أسس المصالحة المجتمعية.
- العمل على إشراك المهمشين وإدماجهم بشكل عادل في المجتمع، وتمكينهم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، لإعمال حقوقهم التي يكفلها الدستور والقوانين اليمنية. كما يجب إيلاء اهتمام خاص لتمكين الشابات والفتيات من فئة المهمشين وحمايتهن من مخاطر الاستغلال وسوء المعاملة.
- تنظيم برامج تدريبية تراعي الاعتبارات الثقافية، وذلك للمسؤولين في المديريات المحلية ووكالات إنفاذ القانون، لإذكاء الوعي بالعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وتحديد علامات سوء المعاملة على الضحايا، والاستجابة لذلك بشكل مناسب. بالتوازي مع ذلك، يُوصى بتوفير خدمات الدعم لضحايا الاعتداء أو سوء المعاملة بصورة تتيح لهن التماس الاستشارة النفسية والرعاية الطبية والمساعدة القانونية في بيئة مُستترة وآمنة تحافظ على خصوصياتهن.
- الدعوة إلى إصلاحات داخل الأجهزة الأمنية والقضائية، والضغط من أجل إعادة هيكلة هذه الأجهزة لخدمة المجتمع بعدالة وإنصاف ودون تمييز.
هذه الورقة هي أحد إصدارات منتدى سلام اليمن – مبادرة تفاعلية بتيسير من مركز صنعاء تسعى إلى الاستثمار في بناء وتمكين الجيل القادم من الشباب والجهات الفاعلة في المجتمع المدني اليمني وإشراكهم في القضايا الوطنية الحرجة.
- يتأثر التقسيم الاجتماعي في اليمن بنظام طبقي، يتربع على قمته السادة (الذين يزعمون نسبهم إلى النبي محمد) ويقع في أسفله فئة المهمشون.
- عائشة الوراق، “التهميش التاريخي والممنهج لمجتمع المهمشين في اليمن”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 10 يونيو/حزيران 2019. https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/7532
- هناك فهم سائد بين العديد من اليمنيين بأن المهمشين أصلهم غير يمني في الأساس، وهو ما يقوض شعورهم بهويتهم الوطنية.
- هيلين لاكنر، “فهم الأزمة اليمنية: تغيّر الأدوار القبلية في العقود الأخيرة”، ورقة عمل ضمن منشورات جامعة دورهام التي تتناول قضايا الشرق الأوسط. برنامج زمالة السير ويليام لوس ، جامعة دورهام ، 16 أغسطس/آب 2016 ، https://dro.dur.ac.uk/19545/1/19545.pdf
- جان نيكولا بوز، ” في اليمن، “المهمشون” يعانون من الجوع ومشقة النزوح”، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 4 فبراير/شباط 2021. https://www.unhcr.org/ar/601d5a394
- على عكس الفئات الأخرى من الطبقة الاجتماعية الدنيا في اليمن مثل المزاينة (كالجزارين والحلاقين وغيرهم) ممن تمكن بعض من أفرادها من تسلق السلم الاجتماعي ليصبحوا وزراء وأكاديميين وسياسيين، لا يزال من الصعب تحديداً على المهمشين تجاوز الصورة النمطية والوصمة الاجتماعية تجاههم. ويعزى ذلك بشكل كبير إلى التمييز العنصري الممارس ضدهم بما في ذلك على لون بشرتهم. ولا يزال أفراد من فئة المهمشين من المتعلمين أو الحاصلين على شهادات جامعية عرضة للتمييز.
- هدى سيف، “الأقلية المشؤومة: الاضطهاد العرقي والثقافي للأخدام في الجمهورية اليمنية: مشروع للتوثيق والمناصرة”، مجلة العالم الإسلامي لحقوق الإنسان (2): 1-40، ، ص 4، https://philpapers.org/rec/SEITAM.
- نفس المرجع السابق.
- رانيا الراجي، “تمييز حتى في الحرب: أقليات اليمن المنفيون في ديارهم”، إحاطة، المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، يناير/كانون الثاني 2016، https://minorityrights.org/app/uploads/2024/01/mrg-brief-yemen-jan16.pdf
- نفس المرجع السابق.
- ندوى الدوسري، “بناء السلام في زمن الحرب: آليات وقف إطلاق النار وخفض التصعيد القبلية في اليمن، ” معهد الشرق الأوسط، أبريل/نيسان 2021، https://www.mei.edu/sites/default/files/2021-04/Peacebuilding in the Time of War.pdf
- نفس المرجع السابق.
- نجوى عدرا، “تحليل الإقصاء الاجتماعي – اليمن”، وزارة التنمية الدولية البريطانية والبنك الدولي، يناير/كانون الثاني 2006. http://www.najwaadra.net/yemense.pdf
- مارتا كولبورن وفاطمة صالح ومحمد الحربي وسمية سليم، “إيصال أصوات المهمشين”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 10 سبتمبر/أيلول 2021، https://sanaacenter.org/files/Bringing_Forth_the_Voices_of_Muhammasheen_ar.pdf
- وثق الكاتب عشر حالات اعتداء على فتيات من قبل رجال القبائل في محافظتي تعز وأبين، أكدتها مشاورات مع عدد من الناشطين خلال مقابلات أجريت معهم شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية.
- نفس المصدر السابق.
- رانيا الراجي، “تمييز حتى في الحرب: الأقليات في اليمن، منفية في وطنها”، إحاطة، المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، يناير/كانون الثاني 2016، https://minorityrights.org/app/uploads/2024/01/mrg-brief-yemen-jan16.pdf
- “العثور على جثمان فتاة في صنعاء وسلطة الميليشيا لم تورد أي تفاصيل رغم مرور أيام على الجريمة”، المصدر أونلاين، 17 أغسطس/آب 2024، https://almasdaronline.com/articles/300501
- مقابلة أجراها الكاتب مع الشيخ القبلي ياسين الوجيه من محافظة الضالع، بتاريخ 15 أبريل/نيسان 2022.
- مارتا كولبورن وفاطمة صالح ومحمد الحربي وسمية سليم، “إيصال أصوات المهمشين”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 10 سبتمبر/أيلول 2021، https://sanaacenter.org/files/Bringing_Forth_the_Voices_of_Muhammasheen_ar.pdf؛ نجوى عدرا، “تحليل الإقصاء الاجتماعي – اليمن”، وزارة التنمية الدولية البريطانية والبنك الدولي، يناير/كانون الثاني 2006. http://www.najwaadra.net/yemense.pdf
- كانت هناك عوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية ساهمت على تقليل العنصرية في هاتين المحافظين. فالحديدة كانت دائما مركزا للتجارة والتبادل الثقافي باعتبارها مدينة ساحلية ، مما جعل سكانها أكث قبولا للتنوع العرقي والثقافي، بما في ذلك المهمشين ممن كانوا يعملون في الميناء أو لدى جهات منخرطة في الأعمال التجارية البحرية. من جهة أخرى، كانت مدينة عدن تحت حُكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) التي تبنت سياسات اشتراكية تهدف إلى تقليل الفوارق الطبقية والتمييز. هذا شمل تحسين أوضاع فئات كالمهمشين ومنحهم حقوقا اجتماعية واقتصادية أفضل مقارنة بشمال اليمن. إضافة إلى ذلك، تم دمج المهمشين في المجتمع بشكل أفضل من خلال سياسات التعليم، والتوظيف، وتوفير الخدمات الاجتماعية، وهذا ساهم في تقليل العنصرية ضدهم مقارنة بالمناطق الشمالية التي ظلت تحت نظام قبلي أكثر تقليدية ، وربما أكثر تمييزاً.
- مارتا كولبورن وفاطمة صالح ومحمد الحربي وسمية سليم، “إيصال أصوات المهمشين”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 10 سبتمبر/أيلول 2021، https://sanaacenter.org/files/Bringing_Forth_the_Voices_of_Muhammasheen_ar.pdf
- اعتمد نظام المحسوبية في فترة حُكم الرئيس صالح على الاستفادة من الولاءات القبلية بشكل استراتيجي لتعزيز نفوذ وسلطة النظام الحاكم.
- ريم مجاهد، “القبائل والدولة في اليمن”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، يناير/كانون الثاني 2022، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/16370
- مقابلة شخصية أجراها الكاتب مع شيخ قبلي من محافظة الضالع بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2022.
- نفس المصدر السابق.
- مقابلة أجراها الكاتب مع أحد أفراد مجتمع المهمشين، بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2022.
- مقابلة أجراها الكاتب مع شيخ قبلي من تعز بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2022.
- وأسهب الشيخ في حديثه قائلاً إن الحماية ممتدة إلى المهمشين، ولكن بدرجة معينة. فإذا قُتِل أحد من فئة “الأخدام” على سبيل المثال، لا يجوز القصاص برجل قبيلة أخرى من أجل أحد المهمشين.
- نفس المصدر السابق.
- مقابلة أجراها الكاتب مع سالم بابصيلي، شيخ قبلي من أبين، بتاريخ 3 فبراير/شباط 2022م.
- مقابلة أجراها الكاتب مع شيخ قبلي من أبين بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني 2022.
- نفس المصدر السابق.
- مقابلة أجراها الكاتب مع فيصل عبدالرقيب الفضلي، شيخ قبلي من تعز بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2022م.
- مقابلة أجراها الكاتب مع شيخ قبلي من أبين، بتاريخ 15 فبراير/شباط 2022.
- مقابلة أجراها الكاتب مع الشيخ القبلي ياسين الوجيه من محافظة الضالع، بتاريخ 15 أبريل/نيسان 2022.
- بيان حول تزايد الإنتهاكات والتحريض ضد المهمشين، مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات، 25 أغسطس/آب 2019. https://insaf-ye.org/ar/archives/326
- مقابلة أجراها الكاتب مع أحد أعضاء مجتمع المهمشين، بتاريخ 5 أبريل/نيسان 2022.
- رانيا الراجي، “تمييز حتى في الحرب: أقليات اليمن المنفيون في ديارهم”، إحاطة، المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، يناير/كانون الثاني 2016، https://minorityrights.org/app/uploads/2024/01/mrg-brief-yemen-jan16.pdf
- شيلا كارابيكو، 1996. “عدم المساواة بين الجنسين والمكانة في اليمن: الشرف والاقتصاد والسياسة”. في كتاب “النظام الأبوي والتنمية: مواقف المرأة في نهاية القرن العشرين”، بقلم/ فالنتين إم. مقدم، ص 80-98. أكسفورد: مطبعة كلارندون.
- فوزية العمار، وهانا باتشيت، وشمس شمسان، “البُعد الجَندري للأزمة اليمنية: فهم التجارب المُعاشة خلال الحرب”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 16 ديسمبر/كانون الأول 2019، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/19178
- مقابلة أجراها الكاتب مع ناشطة من تعز، بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني 2022.
- “كل يوم يجلب معه سبل عيش جديدة: التمكين الاقتصادي للمرأة في اليمن”، بقلم عدة مؤلفين، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 31 يوليو/تموز 2024، https://sanaacenter.org/publications/main-publications/23122
- رانيا الراجي، “تمييز حتى في الحرب: أقليات اليمن المنفيون في ديارهم”، إحاطة، المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، يناير/كانون الثاني 2016، https://minorityrights.org/app/uploads/2024/01/mrg-brief-yemen-jan16.pdf
- مقابلة أجراها الكاتب مع ناشطة من تعز، بتاريخ 20 مايو/آيار 2022.
- مقابلة أجراها الكاتب مع عادل فرج، ناشط حقوقي من عدن، بتاريخ 11 مايو/آيار 2022.
- مقابلة أجراها الكاتب مع ناشطة من مجتمع المهمشين، بتاريخ 10 أبريل/نيسان 2022.
- مقابلة مع المحامية سمره قائد، بتاريخ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022..
- مقابلة أجراها الكاتب مع هيثم محمد سيف، عمّ الضحية، بتاريخ 10 فبراير/شباط 2022.
- مقابلة أجراها الكاتب مع عضو في النيابة في أبين، بتاريخ 10 مارس/آذار 2022.
- مقابلة أجراها الكاتب مع شخص عمل سابقاً في النيابة العامة بأبين، بتاريخ 16 مارس/آذار 2022.
- نفس المصدر السابق.
- مارتا كولبورن وفاطمة صالح ومحمد الحربي وسمية سليم، “إيصال أصوات المهمشين”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 10 سبتمبر/أيلول 2021، https://sanaacenter.org/files/Bringing_Forth_the_Voices_of_Muhammasheen_ar.pdf
- مقابلة أجراها الكاتب مع نبيلة الجبوبي، محامية تعمل مع اتحاد نساء اليمن بتعز، بتاريخ 28 أبريل/نيسان 2022.
- نفس المصدر السابق.
- نفس المصدر السابق.
- “انتصارا لمظلومية الطفلة “رسائل”..اتحاد المهمشين يدعو أهالي تعز للتظاهر يوم الثلاثاء القادم”، موقع تعز اليوم، 24 يناير/ كانون الثاني 2021. https://www.vice.com/ar/article/عن-استغلال-السوداوات-والمهمشات-جنسيً/
- “تفاصيل مؤلمة لاغتصاب فتاة من فئة المهمشين بتعز …والنيابة تفرج عن الجاني بطريقة غير قانونية !!” ، موقع عدن الغد ، 14 مايو/ أيار 2020 ، https://www.adngd.net/news/463699
- مقابلة أجراها الكاتب مع نبيلة الجبوبي، محامية تعمل مع اتحاد نساء اليمن بتعز، بتاريخ 28 أبريل/نيسان 2022.
- نفس المرجع السابق.
- مقابلة أجراها الكاتب مع إحدى العاملات بمنظمة حقوقية محلية، بتاريخ 9 فبراير/شباط 2022.
- نفس المصدر السابق.