ارتفعت قيمة الريال اليمني بشكل كبير، 7 أبريل/ نيسان، بعد الإعلان عن دعم سعودي وإماراتي جديد للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي. ومع ذلك، هناك إشارات قوية بالفعل من سوق المال على أن هذا الانتعاش سيكون مؤقتًا.
تمخضت المشاورات المنعقدة في الرياض بين الأطراف اليمنية في التحالف المناهض للحوثيين ودول مجلس التعاون الخليجي عن نتائج كبيرة خلال الـ 24 ساعة الماضية، حيث استُبدل الرئيس عبدربه منصور هادي بمجلس رئاسي وأُعفي نائبه علي محسن الأحمر. وتعهدت كل من السعودية والإمارات بأن تقدم كل منهما مليار دولار أمريكي كدعم جديد للبنك المركزي اليمني التابع للحكومة في عدن، في حين تعهدت السعودية بتقديم مليار دولار أمريكي إضافية لدعم مشتريات المشتقات النفطية ومشاريع التنمية.
يمكن أن يُعزى الارتفاع السريع في قيمة الريال إلى انفعالات السوق الإيجابية في أعقاب الهزة السياسية التي طرأت بين عشية وضحاها في قمة هرم الحكومة اليمنية وكذلك الدعم المالي السعودي والإماراتي المعلن عنه حديثًا. ففي منتصف الخميس، جرى تداول الأوراق النقدية الجديدة من الريال اليمني بارتفاع بلغ 40٪ تقريبا مقابل الدولار الأمريكي، و16٪ تقريباً للأوراق النقدية القديمة. ورغم تراجع قيمة الريال اليمني بحلول المساء، إلا أن الأوراق النقدية الجديدة ظلت مرتفعة بنسبة 23٪ مقابل 11٪ للأوراق النقدية القديمة من الريال اليمني.
شكل دخول شهر رمضان المبارك كالعادة ضغطًا تصاعديًا على قيمة الريال اليمني. فخلال الشهر الفضيل، تزداد التحويلات التي يرسلها مئات الآلاف من اليمنيين العاملين في الخارج إلى ذويهم، والذين يقومون بدورهم باستبدال العملة الأجنبية بالريال اليمني لإنفاقه داخل البلاد، الأمر الذي يزيد الطلب على الريال ويفرض ضغوطًا تصاعدية على قيمته. إلا أن هذا الدعم مؤقت وينتهي بمجرد انتهاء شهر رمضان وعودة الحوالات إلى مستوياتها الاعتيادية.
كان البنك المركزي اليمني، قبل اندلاع الصراع الدائر، قادرًا على الحد من المضاربات وتنظيم المعروض النقدي من العملة الأجنبية والمحلية في السوق، وبالتالي الحفاظ على استقرار سعر الصرف. إلا أنه ومنذ انقسامه عام 2016، تضررت هاتين القدرتين بشدة مما منح المضاربين مساحة كبيرة للتلاعب بالسوق والاستفادة من التقلبات الكبيرة في قيمة العملة. ومنذ يناير/ كانون الثاني 2020، أصبح لدى البلاد فعليًا عملتان محليتان بأسعار صرف مختلفة: “الأوراق النقدية الجديدة من الريال” والتي يصدرها البنك المركزي اليمني في عدن منذ عام 2017 ويتم تداولها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، مقابل “الأوراق النقدية القديمة من الريال” التي صدرت قبل عام 2017 ويتم تداولها في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة.
أدى إعلان اليوم عن الدعم المالي الجديد بشكل أساسي إلى تعزيز التقلبات المتوقعة عادة خلال شهر رمضان في أسعار الصرف. ستساعد عمليات الضخ الجديدة للعملة الأجنبية في تحسن قيمة الريال، وخاصة الأوراق النقدية الجديدة منه، إلى مستويات أعلى من القيم التي شهدناها العام الماضي، لكن من شبه المؤكد أن الكثير من مكاسب اليوم ستكون عابرة.
من اللافت للنظر أن هناك تفاوتًا كبيرًا في أسعار “الشراء” و”البيع” التي تقدمها شركات الصرافة. فخلال النهار، كان سعر شراء الدولار الأمريكي في صنعاء 490 ريالًا في حين بلغ سعر بيعه 567 ريالًا؛ وفي عدن، كان سعر شراء الدولار 678 ريالًا، وبيعه 754 ريالًا. بحلول المساء، كان سعر شراء الدولار في صنعاء 520 ريالًا وسعر البيع 570 ريالًا؛ أما في عدن، بلغ سعر شراء الدولار 870 ريالًا، وسعر البيع 1120 ريالًا، مما يشير إلى ارتفاع معدل التذبذب في قيمة الأوراق النقدية الجديدة من الريال.
الجدير بالذكر أن هذه الأسعار كانت في بعض الحالات افتراضية: فعند زيارة شركات الصرافة في صنعاء، قيل للوحدة الاقتصادية التابعة لمركز صنعاء إنه في حين أن الريال معروض للبيع، لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للدولار الأمريكي والريال السعودي. وهذا يشير إلى أن شركات الصرافة تحاول تكديس العملات الأجنبية تحسبًا لانخفاض قيمة الريال اليمني مرة أخرى، لكي تتمكن من الاستفادة من مراجحة العملات.
يُلاحظ أيضًا من تقلبات أسعار الصرف المكاسب الضخمة التي حققتها الأوراق النقدية الجديدة من الريال مقارنة بالأوراق النقدية القديمة، مما أدى إلى تقليص الفارق في سعر الصرف بينهما بشكل كبير. كان يُنظر إلى هذا التفاوت كداعم كبير يضفي مصداقية على السياسات النقدية للسلطات الحوثية، التي وظفت هذا التفاوت كدليل على تفوقها في إدارة الشؤون الاقتصادية والنقدية مقارنة بالحكومة اليمنية. لذا، من شبه المؤكد أن تشعر سلطات الحوثيين بالضغوط لإعادة تقييم الأوراق النقدية القديمة من الريال في المناطق الخاضعة لسيطرتها بغرض إعادة إرساء التفاوت في سعر الصرف.