إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

تعزيز دور بنوك التمويل الأصغر لتحقيق أثر مستدام في اليمن

Read this in English

ملخص تنفيذي

  • يشهد قطاع التمويل الأصغر في اليمن تحولاً جذرياً؛ فعلى الرغم من النجاح المبدئي في تمكين الشركات الصغيرة، كشف الصراع المستمر عن نقاط ضعف هيكلية في هذه المنظومة. ورغم أن التنافس بين البنكين المركزيين المنقسمين (في عدن وصنعاء) أدى إلى زيادة منح تراخيص لبنوك التمويل الأصغر مما يَعِد بتوسيع نطاق الشمول المالي وتعميم الخدمات المالية، لا تزال هناك شواغل جدية بشأن الاستدامة المالية والاستقرار المالي على المدى الطويل.
  • هناك العديد من العوامل الأخرى التي تدفع شركات الصرافة القائمة إلى التحوّل إلى بنوك للتمويل الأصغر، وتشمل هذه العوامل: تراجع الثقة في النظام المصرفي التقليدي، ونمو القطاع المالي غير الرسمي، ومراوغات شركات الصرافة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، فإن متطلبات أو اشتراطات الدخول في قطاع التمويل الأصغر الأقل تعقيداً مقارنة بالقطاع المصرفي التقليدي تجعل التحوّل إلى بنوك تمويل أصغر خيارًا جذابًا لمثل هذه الشركات.
  • لنموّ عدد البنوك العاملة في قطاع التمويل الأصغر تحدياته الخاصة، حيث أدى الانقسام الحاصل في البنك المركزي اليمني إلى خلق ساحة تنافس غير متكافئة، مما يعيق الجهود الرامية الى تحقيق الشمول المالي. فإصدار التراخيص بسرعة خلال إطار زمني قصير دون تخطيط سليم يهدد الاستقرار المالي، هذا إلى جانب البُعد الجغرافي والبنية التحتية الضعيفة التي تجعل من وصول سكان الريف لهذه الخدمات أمراً صعباً ومكلفاً. كما أدى عدم الإلمام بالمسائل المالية وعدم اعتياد سكان بعض المناطق على أخذ القروض إلى زيادة تعقيد عملية اكتساب العملاء.
  • استقطاب موظفين غير متمرسين في بنوك التمويل الأصغر المنشأة حديثاً يثير القلق بشأن وجود خبرات في مجال التمويل الأصغر وممارسات الإقراض المتسمة بالمسؤولية. ومن ثم تلوح في الأفق فكرة “الانحراف عن المهمة” التي أنشئت من أجلها، حيث تولي بنوك التمويل الأصغر أولوية للعملاء الذين يسهل الوصول إليهم في المدن الرئيسية على حساب سكان الريف المحرومين من الخدمات المصرفية. ويمكن أن تؤدي المنافسة المحتدمة إلى وجود ممارسات غير مستدامة، مثل الإقراض المفرط، مما يعرض العملاء أنفسهم المستهدفين بخدمات هذه المؤسسات للخطر.
  • بالرغم من تلك التحديات، تمتلك بنوك التمويل الأصغر إمكانات هائلة حيث تستطيع سد الفجوة القائمة في الشمول المالي وتمكين رواد الأعمال من سكان الريف المحرومين عادة من الخدمات المصرفية. وعلى عكس مؤسسات التمويل الأصغر التقليدية التي تعتمد على الجهات المانحة، تعتمد بنوك التمويل الأصغر نموذجاً للتمويل المستدام عبر الاستفادة من مدخرات العملاء. كما يُتيح الإطار التنظيمي لبنوك التمويل الأصغر في اليمن تقديم خدمات مالية أوسع مقارنة بالدول العربية الأخرى.
  • هناك حاجة إلى بذل جهد تعاوني من جانب البنك المركزي اليمني وبنوك التمويل الأصغر والجهات المانحة الدولية على حد سواء، من أجل ضمان مستقبل مستدام لهذا القطاع. يتعيّن على البنك المركزي اليمني تعليق إصدار التراخيص لبنوك التمويل الأصغر المنشأة حديثاً بصفة مؤقتة لحين إجراء تقييم شامل للوضع الحالي؛ ولابد من تعزيز الإطار التنظيمي لبنوك التمويل الأصغر، مع التركيز على تهيئة بيئة للتنافس العادل، وإدارة المخاطر، وحماية مصالح العملاء.
  • قد يؤدي دمج بنوك التمويل الأصغر وتوسيع نطاق الأنشطة المصرفية لتشمل الفئات الفقيرة أو ذات الدخل المحدود إلى نشوء مؤسسات أقوى وقطاع مالي أكثر كفاءة. على بنوك التمويل الأصغر نفسها أن تعمل على تطوير نماذج مستدامة لأعمالها وتطوير قدراتها من خلال تنفيذ برامج التدريب واعتماد الوسائل التقنية. كما أن التعاون في وضع استراتيجيات تواصل مع العملاء في المناطق الريفية عامل بالغ الأهمية، حيث قد يعزز الاستفادة من حلول التكنولوجيا المالية (FinTech). فضلا عن ذلك، من المهم وضع أطر فعالة لإدارة المخاطر ونظام وطني للمعلومات الائتمانية باعتبار ذلك عنصرًا جوهريًا لمنع الإفراط في الاستدانة. وأخيرا، يعد تبادل المعرفة ورصد الأثر ضروريين لتحقيق تحسن مستمر وتوجيه عملية صنع القرارات المبنية على البيانات المتوفرة.
  • تطرح بنوك التمويل الأصغر فرصًا وتحديات في القطاع المالي باليمن، لكن بإمكانها أن تصبح محركًا قويًا للشمول المالي والنمو الاقتصادي والحد من الفقر في البلاد من خلال معالجة المعوقات القائمة وتنفيذ استراتيجية شاملة تعزز من قطاع التمويل الأصغر.

مقدمة

برغم التحديات المستمرة، شهد قطاع التمويل الأصغر في اليمن تقدماً ملحوظاً منذ ظهور مفهومه في البلاد عام 1997، حيث تم دعمه من قبل الجهات المانحة الدولية باعتباره أداة هامة لمكافحة الفقر والحد من البطالة. برز الصندوق الاجتماعي للتنمية كقوة دافعة في هذا المجال، من خلال إنشاء وحدة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر لقيادة زمام هذه المبادرة وتعزيز الاقتصاد الوطني عبر توسيع نطاق الخدمات المالية لتشمل أصحاب المشاريع/ المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر.

يواجه قطاع المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر في اليمن شبكة معقدة من التحديات، حيث يُعدّ ضعف الإدارة ونقص الموظفين ذوي الخبرة من ضمن أوجه الضعف والتحديات الداخلية. من جهة أخرى، تضم التحديات الخارجية المفاهيم السلبية السائدة بشأن إقراض الشرائح الفقيرة من السكان، والبنية التحتية غير المتطورة، وانخفاض معدلات الادخار، وهو ما يعوق نمو القطاع. تفاقمت التحديات في ظل المواقف الدينية المتشددة التي تحظر التعاملات الربوية (أسعار الفائدة) وتحد من قدرة النساء على الانخراط في الأعمال التجارية؛ فضلا عن التضخم وعدم استقرار العملة اللذين صعّبا حصول أصحاب المشاريع/ المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر على تمويل وزادا من معدل تخلف المقترضين عن السداد[1].

تُركز وحدة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر(التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية) على تمكين مؤسسات التمويل الأصغر كي تصبح منتجة وتنافسية ومرنة وقادرة على تقديم خدمات التمويل الأصغر لأصحاب المشاريع/ المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر، ولا سيما في المناطق الريفية. تُنفذ الوحدة برامج لبناء القدرات والتمويل الميسر لمؤسسات التمويل الأصغر وتشجع انخراط القطاع الخاص في أنشطة التمويل الأصغر، بما في ذلك تشجيع تحوّل برامج التمويل الأصغر إلى مؤسسات تمويل أصغر ذات هيكل رسمي، وتوسيع نطاق خدمات البنوك التجارية لتلبية احتياجات أصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، والأهم تحوّل شركات الصرافة إلى بنوك للتمويل الأصغر. وبالفعل، حققت هذه الاستراتيجية نتائج مدهشة ومؤثرة[2].

وخلافاً لمعظم بلدان العالم العربي، يسمح النظام في كل من اليمن والسودان (من خلال بنوك التمويل الأصغر) وفي سوريا (من خلال المؤسسات المالية غير المصرفية) لمؤسسات التمويل الأصغر بتقديم مجموعة واسعة من الخدمات المالية، بما في ذلك تعبئة أو استقبال الودائع، وهو ما يساهم في تمكين مؤسسات التمويل الأصغر من توفير خدمات أوسع تتجاوز مجرد تقديم القروض عبر تلبية الاحتياجات الشاملة للعملاء واستهداف قاعدة أوسع من المستفيدين.

في المقابل، تقتصر خدمات مؤسسات التمويل الأصغر في بلدان مثل تونس والأردن وفلسطين على تقديم القروض، الأمر الذي يعيق قدرة هذه المؤسسات على النمو.[3] يجسد بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي نموذجاً لنجاح هذا النهج المتبع في اليمن، حيث تحوّل من شركة صرافة إلى مؤسسة مالية متكاملة. وعلى نحو مماثل، يُعدّ مصرف الأول للتمويل الأصغر (FMFB) في سوريا نموذجاً آخر يعكس نجاح هذا التوجّه، فَمن خلال الاستفادة من اللوائح التنظيمية المواتية في سوريا، استطاع المصرف التحرّر من قيود المنظمات غير الحكومية وبرز كمؤسسة مالية غير مصرفية (NBFI) لتعبئة وتجميع الودائع.[4]

أشارت تقارير مرتبطة بقطاع التمويل الأصغر في اليمن إلى نمو عدد المقترضين النشطين بنسبة 17% سنويًا، حيث ارتفع عددهم من حوالي 66400 في عام 2010 إلى 121000 في عام 2014. يدير الصندوق الاجتماعي للتنمية 13 مؤسسة للتمويل الأصغر تُمثل 53% من هذا النمو، بينما تستحوذ مؤسسات التمويل الأصغر الأخرى على النسبة المتبقية[5]. إلاّ أن اندلاع الصراع في عام 2015 أدى إلى تعطيل التقدم المحرز في هذا القطاع بشكل حاد؛ ففي ذلك العام وحده، انخفض عدد المقترضين النشطين بنسبة 23% ليصل إلى 93,118 مقترض. تراجع العدد إلى 78,686 مقترض بحلول نهاية عام 2023، الأمر الذي يعكس تقلصاً تراكميًا في قاعدة العملاء بنسبة 15.5% منذ عام 2015. طوال تلك الفترة، أظهرت البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر تكافؤًا ملحوظًا في إجمالي عدد المقترضين، حيث استحوذت على حصص متساوية تقريبًا في السوق بلغت 53% و47% على التوالي[6]. من جهة أخرى، تقلصت محفظة القروض من حوالي 12.2 مليار ريال يمني (57 مليون دولار أمريكي) في عام 2014 إلى ما دون 7 مليارات ريال يمني في عام 2015، [7] إلاّ أنها أظهرت نموًا مطردًا في السنوات اللاحقة، حيث بلغت قيمتها 44 مليار ريال يمني بحلول نهاية عام 2023. والجدير بالذكر أن بنوك التمويل الأصغر تستأثر بنصيب الأسد من هذه المحفظة بنسبة تصل ما يقارب 69%.[8]

ورغم التأثير السلبي للصراع على الإقراض في إطار التمويل الأصغر، اختار المودعون بشكل متزايد بنوك التمويل الأصغر – مثل بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي – للاحتفاظ بودائعهم مع تآكل ثقتهم في القطاع المصرفي التقليدي. وبالرغم من أنها أصغر فئة في القطاع المصرفي (حيث امتلكت فقط 8% من إجمالي الأصول في هذا القطاع خلال عام 2020)، شهدت بنوك التمويل الأصغر ارتفاعًا في عدد المودعين في السنوات التي تلت عام 2015؛ وكذلك نموًا كبيراً في عدد المدخرين النشطين بنسبة 28% سنويا، ليصل عددهم إلى 3.3 مليون مُدخر في عام 2023. وينعكس هذا النمو في استحواذ بنوك التمويل الأصغر على حصة مهيمنة تبلغ 96% في سوق الودائع، مقارنة بالحصة الضئيلة (أي الـ 4% المتبقية) التي احتفظت بها مؤسسات التمويل الأصغر التقليدية بين عامي 2016 و 2023. هذا ومثّل بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي غالبية هذا النمو (بنسبة 91%)، مستفيداً من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البنوك التجارية[9].

تنحصر أنشطة قطاع التمويل الأصغر في اليمن في مجالين مختلفين: القطاع الرسمي (بنوك التمويل الأصغر) الخاضع لضوابط البنك المركزي اليمني بموجب قانون بنوك التمويل الأصغر لسنة 2009، والقطاع غير الرسمي (مؤسسات التمويل الأصغر) الخاضع لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية (رقم 1 لسنة 2001). تُعد مؤسسات التمويل الأصغر كيانات غير مصرفية، وتشمل بعض البرامج التي لا تمتلك صفة قانونية كمؤسسات مالية، بل عبارة عن شبكات مالية غير رسمية – مثل شركات ومكاتب الصرافة غير الرسمية (وكلاء الحوالات المالية) – مسجلة لدى الحكومة وتدفع الضرائب ولكنها تعتبر غير رسمية في السياق اليمني. وعلى النقيض من بنوك التمويل الأصغر (التي يمكنها الاستفادة من المدخرات العامة لتقديم القروض)، تعتمد مؤسسات التمويل الأصغر بشكل كبير على المساعدات المقدمة من الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي يشرف أيضًا على عملياتها[10].

جاءت نقطة التحول في قطاع التمويل الأصغر مع اعتماد نظام لإصدار تراخيص لبنوك التمويل الأصغر بإشراف البنك المركزي اليمني في عام 2007 وصدور قانون بنوك التمويل الأصغر (رقم 15 لسنة 2009). إلى جانب تقنين الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال لبنوك التمويل الأصغر (البالغ 500 مليون ريال يمني)، سعى القانون إلى تعزيز الشمول المالي، والحد من الفقر، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي من خلال تقديم القروض الصغيرة والخدمات المصرفية للشركات/ المنشآت الصغيرة. بحلول أواخر عام 2020، كانت ثلاثة من بنوك التمويل الأصغر – ومنها بنك الأمل للتمويل الأصغر الرائد في هذا المجال والذي تأسس عام 2008 – عاملة في القطاع. كما شكّل الدعم الذي قدمه الصندوق الاجتماعي للتنمية لتحوّل شركة الكريمي للصرافة إلى بنك تمويل أصغر في عام 2010 نموذجاً ناجحاً لشركات الصرافة الأخرى، وعزّز من أهمية بنوك التمويل الأصغر.

كان للصراع المندلع عام 2015 تأثير شديد على كل من مؤسسات التمويل الأصغر وبنوك التمويل الأصغر، حيث أدت الحرب إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان، وساهم في تعثر العديد من المقترضين في سداد قروضهم. تأثرت فئة العملاء النازحين تحديداً، حيث تخلفوا عن سداد القروض بوتيرة أكبر واضطروا إلى سحب ودائعهم للتعامل مع الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الصراع. وبالتالي، أصبحت الاستدامة المالية لمؤسسات التمويل الأصغر وبنوك التمويل الأصغر في خطر نتيجة ارتفاع معدلات التخلف عن السداد وسحب الودائع.

إضافة إلى ذلك، أدى الصراع إلى خلق بيئة ظهر معها مُقرضون غير خاضعين للتنظيم والرقابة، مثل تجار التجزئة والصرافين ممن يعتمدون شروطا أكثر مرونة للإقراض، الأمر الذي أجبر مؤسسات التمويل الأصغر وبنوك التمويل الأصغر على تكييف استراتيجياتها من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية، وشمل ذلك: تقديم حزم قروض أكثر مرونة، أو تعديل أسعار الفائدة، أو توسيع نطاق التواصل للحفاظ على عملائها أو استقطاب عُملاء جُدد. كما تضمنت التدابير: زيادة عمليات شطب القروض أو إعادة جدولتها، واعتماد إجراءات لخفض التكاليف (مثل إغلاق الفروع، وتقليص عدد الموظفين)، وتعليق صرف القروض وتعليق الخطط التوسعية[11].

منذ العام 2021، أُنشئت عدد من بنوك التمويل الأصغر الجديدة في مناطق السيطرة المنقسمة في اليمن. ورُغم أن دخول جهات فاعلة من القطاع الخاص (بما لديها من موارد مالية) في قطاع التمويل الأصغر يتيح فرصاً للتوسع والشمول المالي، لا تزال هناك تحديات كبيرة قائمة حيث يعاني القطاع المصرفي في اليمن من ضعف البنية التحتية، وغياب التاريخ الائتماني، وجهل السكان المستهدفين بالمسائل المالية، مما يٌعقد من انتشار هذه الخدمات.

فرضت الحرب مستوى آخر من التحديات يتمثل في انقسام البنك المركزي اليمني، والذي أدى إلى تضارب السياسات واللوائح المالية ونشوء سعري صرف متباينين في مناطق السيطرة المنقسمة، الأمر الذي يعيق أنشطة وعمليات بنوك التمويل الأصغر. من جهة أخرى، تفتقر العديد من بنوك التمويل الأصغر المنشأة حديثاً إلى الخبرة في مجال التمويل الأصغر وقد تعطي الأولوية للربح على حساب خدمة الفئات غير القادرة على الوصول إلى الخدمات المصرفية. وقد يؤدي تزايد عدد بنوك التمويل الأصغر إلى اعتماد ممارسات غير مستدامة ونشوئها كفقاعة في نهاية المطاف.

لمواجهة هذه التحديات، هناك حاجة إلى التعاون بين بنوك التمويل الأصغر، والبنك المركزي اليمني (بفرعيه المنقسمين)، والهيئات التنظيمية، والمنظمات الدولية. وعلى ضوئه، يُقدم هذا الموجز السياساتي توصيات للنهوض بقطاع التمويل الأصغر الرسمي الخاضع للتنظيم، بهدف المساهمة في مستقبل يصبح فيه التمويل الأصغر أداة قوية لتعزيز الشمول المالي والتنمية الاقتصادية في اليمن.

التوجهات الأخيرة لترخيص بنوك التمويل الأصغر

برز توجه ملحوظ في القطاع المالي المنقسم نتيجة الحرب في اليمن، ألا وهو زيادة إصدار التراخيص لبنوك التمويل الأصغر. إلا أن هذه الظاهرة لم تكن مدفوعة بخطة استراتيجية لتعزيز الشمول المالي، بل بالمنافسة المحتدمة بين البنكين المركزيين في صنعاء وعدن. استقطبت آلية إصدار الترخيص شركات الصرافة الساعية إلى التحايل على اللوائح والقوانين وتوسيع نطاق خدماتها المالية، لا سيما وأن قانون أعمال الصرافة اليمني يحصر أنشطة محلات الصرافة في صرف العملات وإنجاز التحويلات المالية، ويحظر عليها الاحتفاظ بالودائع أو منح القروض. بالتالي، توجد منافع جمة لاستصدار ترخيص للعمل كأحد بنوك التمويل الأصغر، حيث يتيح ذلك وصول هذه الشركات (أي شركات الصرافة) إلى المدخرات العامة والودائع، مما يمكّنها من تقديم مجموعة واسعة من الخدمات المالية، بما في ذلك منح القروض الصغيرة وإنجاز التحويلات الدولية بنظام سويفت.

أدت هذه المنافسة التنظيمية والحاجة إلى تعزيز الشمول المالي إلى نمو متسارع في عدد بنوك التمويل الأصغر، وأصدر البنك المركزي اليمني في عدن بالفعل تراخيص لما يزيد عن عشرة بنوك جديدة للتمويل الأصغر[12] مع تهيؤ بنوك إضافية للدخول في هذا القطاع.

اتخذت سلطة صنعاء نفس المسار، حيث منح البنك المركزي اليمني في صنعاء تراخيص لمؤسستين جديدتين وينظر في عشرات الطلبات الأخرى الواردة. ومع تنامي هذا التوجّه نحو إصدار مزيد من التراخيص، يُمكن أن يتجاوز عدد بنوك التمويل الأصغر العدد الإجمالي للبنوك اليمنية العاملة في البلاد منذ ما قبل اندلاع الصراع.[13] إلاّ ان التوزّع الجغرافي لبنوك التمويل الأصغر المنشأة حديثاً يُظهر توجهاً يدعو للقلق: فبدلاً من الاستهداف الاستراتيجي للسكان المحرومين من الخدمات المصرفية من أجل تحقيق الشمول المالي، باتت هذه المؤسسات تسير على نهج شركات الصرافة التي نشأت منها.

على سبيل المثال، يركز كل من بنك البسيري للتمويل الأصغر وبنك بن دول للتمويل الأصغر الإسلامي تواجدهما في حضرموت، التي كانت تحتضن شركات الصرافة الأم التي أُنشئا منها.[14] من جهة أخرى، حصل بنك القاسمي للتمويل الأصغر الإسلامي على تراخيص من كلا البنكين المركزيين، وهو ما يعكس التعقيدات في النظام المالي المنقسم.

تختلف دوافع الأطراف المتحاربة وراء إصدار التراخيص لبنوك التمويل الأصغر: فَبالنسبة للبنك المركزي اليمني في صنعاء، تتسق هذه الخطوة مع رؤيته (الوطنية)[15] المتمثلة في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أجل تحقيق التعافي الاقتصادي. في المقابل، أطلق البنك المركزي اليمني في عدن – بالتعاون مع الجهات الفاعلة الدولية مثل صندوق النقد الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)- حزمة شاملة من التدابير لتعزيز قدرة البنوك القائمة، وزيادة الشفافية، وتشجيع إنشاء مؤسسات جديدة معتمدة.

بالإضافة إلى ذلك، قضى قرار مجلس إدارة البنك المركزي في عدن (رقم 11/2/2022) بالفصل الواضح بين نشاط التمويل الأصغر ونشاط الصرافة بهدف منع تضارب المصالح وحماية الاستقرار المالي[16]، وأقرّ رفع الحد الأدنى لرأس المال المطلوب لكل من البنوك التقليدية (45 مليار ريال يمني) وبنوك التمويل الأصغر (5 مليار ريال يمني). تم مجدداً رفع الحد الأدنى لرأس المال المطلوب لبنوك التمويل الأصغر بنسبة 300٪ بموجب قرار جديد (رقم 3/11/2023) صادر في ديسمبر/كانون الأول 2023[17]. هذا ويشجع البنك المركزي اليمني في عدن بنوك التمويل الأصغر إما على التخصص في مجال التمويل المتناهي الصغر أو التحوّل إلى بنوك تجارية تقدم مجموعة متكاملة من الخدمات (وهي عملية أكثر تعقيداً تتطلب التحوّل إلى شركة عامة محدودة. وبالفعل أظهر البنك المركزي اليمني في عدن دعمه لمثل هذه التحوّلات، حيث يسعى بنك القطيبي الإسلامي للتمويل الأصغر إلى أن يصبح بنكًا إسلاميًا متكاملاً، بينما يدرس بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي هذه الخطوة.[18]

رُغم هذه الخطوات الإيجابية، لا تزال هناك تحديات عديدة تُهدد مستقبل بنوك التمويل الأصغر، إذ يتجاهل بعض من أصحاب بنوك التمويل الأصغر اللوائح التنظيمية ويواصلون الجمع بين خدمات التمويل الأصغر ونشاط الصرافة. كما أن انقسام البنك المركزي اليمني يخلق ساحة تنافس غير متكافئة، حيث أعرب عدد كبير من المؤسسات الجديدة عن مخاوف بشأن قدرتها على الاستمرار على المدى الطويل.

الدوافع وراء التحوّل إلى بنوك للتمويل الأصغر

يتمثل الدافع وراء تنامي عدد بنوك التمويل الأصغر في مجموعة من العوامل، منها: تآكل الثقة في البنوك التقليدية والإسلامية، ونمو القطاع المالي غير الرسمي، والمناورة الاستراتيجية من جانب شركات الصرافة. أدى تصاعد حدة الصراع في عام 2015 إلى إضعاف النظام المصرفي الرسمي في اليمن بصورة كبيرة، وفقدت البنوك التجارية والإسلامية قاعدة عملائها وجزء كبير من تدفقاتها النقدية في اقتصاد يعتمد بشكل كبير على النقد. كما فاقم انقسام البنك المركزي اليمني إلى فرعين متنافسين في صنعاء وعدن أواخر عام 2016 من حدة الأزمة، وأسفر هذا الاضطراب عن تآكل ثقة الجمهور في الخدمات المصرفية الرسمية، وإلى هجرة جماعية للأموال نحو شبكات صرافة غير خاضعة للتنظيم.[19] استغلت تلك الشبكات النشطة في مناطق السيطرة المنقسمة، أوجه الضعف القائمة بسهولة لتوسيع نطاق عملياتها وأنشطتها، وظهرت المئات من منافذ الصرافة الجديدة التي اعتبرت حلاّ لكثيرين ممن تزعزعت ثقتهم بالنظام المصرفي الرسمي. وبسبب الربحية المغرية لهذا المجال، سعت العديد من الشركات (وخاصة شركات الصرافة المملوكة لعائلات) إلى إضفاء الطابع الرسمي على أنشطتها من خلال التحوّل إلى بنوك للتمويل الأصغر، حيث أتاح هذا المسار بوابة لها للتحوّل إلى قطاع خاضع للتنظيم، مع احتفاظ العائلات بالسيطرة على تلك الشركات المربحة.

تسببت أزمة السيولة عام 2016 بحالة من الشلل في البنوك الرسمية؛ ومع تجميد الأصول وتعليق مدفوعات الدين العام، وجدت هذه البنوك صعوبة في تلبية احتياجات العملاء. استغلت شركات الصرافة هذا الفراغ بشكل كبير، حيث تحولت إلى بنوك ظل أو ما يُعرف بنظام الظل المصرفي، وبدأت في تقديم خدمات تتجاوز صرف العملات وتحويل الأموال: مثل فتح الحسابات، وقبول الودائع، وتقديم القروض للأفراد والشركات، ومحاكاة المهام أو الأنشطة المصرفية. واجه البنك المركزي اليمني المنقسم – الساعي إلى الاحتفاظ بالسيطرة على الدورة النقدية – زيادة في كمية العملة المتداولة خارج النظام المصرفي – من 811 مليار ريال يمني في عام 2014 إلى 2.453 تريليون ريال يمني بحلول عام 2018.[20]

رغم المساعي لسد فجوة الشمول المالي، جلب نمو القطاع غير الرسمي مخاطر جديدة، مثل غسيل الأموال والتلاعب بالعملة.[21] وقد أدت محاولات البنك المركزي اليمني لتنظيم عمل شركات الصرافة (من خلال تحديد نوع ونطاق عملياتها وأنشطتها) إلى نتائج عكسية، واختارت العديد من الشركات التحوّل إلى بنوك للتمويل الأصغر من أجل التعامل مع خسارة أرصدتها النقدية الهائلة، علماً أن أوجه القصور والثغرات الملحوظة في نُظُم وخطط تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ساهمت في تعزيز هذا التوجّه.

لعبت سهولة متطلبات الدخول إلى قطاع بنوك التمويل الأصغر دوراً في سرعة إصدار التراخيص بحيث أصبح إنشاء بنك تمويل أصغر عملية أقل تعقيدا بكثير، مقارنة بالمعايير الصارمة المفروضة للحصول على ترخيص لإنشاء بنك تقليدي، حيث لا يتطلب إنشاء بنوك التمويل الأصغر أكثر من ثلاثة أفراد (من نفس الأسرة) كمؤسسين، وفقط ثلث الحد الأدنى من رأس المال المطلوب لإنشاء بنك تقليدي.[22] ورُغم أن المبررات التقليدية للتحوّل إلى بنوك للتمويل الأصغر ــ كتقديم نطاق أوسع من الخدمات وسهولة الوصول رؤوس الأموال ــ تظل مشروعة، يثير الوضع القائم في اليمن مخاوف حيث أن النمو السريع في عدد بنوك التمويل الأصغر (نتيجة استغلال الأزمة عوضاً عن التخطيط الاستراتيجي طويل الأجل) يمكن أن يهدد الاستقرار المالي في بلد منقسم ويعاني من الهشاشة كَاليمن.

يعكس هذا النمو في عدد بنوك التمويل الأصغر في اليمن صورة معقدة، فَرُغم أنها توفر فرصة للفئات التي لا تتعامل مع البنوك وغير القادرة على الاستفادة من الخدمات المصرفية، يتوجب التمحيص في دوافع إنشائها والتداعيات المحتملة لذلك، لا سيما في ظل استمرار الصراع الذي يفرض أهمية استكشاف هذا القطاع المالي الجديد ودوره في مستقبل البلاد.

التهديدات التي تحيق بنمو بنوك التمويل الأصغر

يشهد الوضع المالي في اليمن تحولاً جذرياً مع ظهور بنوك التمويل الأصغر، إلاّ أن تنامي عددها قد يخلق العديد من التحديات التي تهدد بتقويض إمكانات القطاع وقدرته على تحقيق الشمول المالي والنمو الاقتصادي. وعلى وجه الخصوص، يُشكل انقسام البنك المركزي اليمني، بفرعيه المتنافسين في صنعاء وعدن، تحدياً حاسماً، إذ تؤدي اللوائح التنظيمية المتضاربة – بدءاً من التداول النقدي إلى إدارة السيولة – إلى خلق بيئة عمل غير مترابطة لبنوك التمويل الأصغر.

إن إصدار التراخيص في مناطق السيطرة المختلفة يؤدي إلى مزيد من الانقسام والتصدع في النظام المالي، حيث تواجه بنوك التمويل الأصغر المرخصة من أحد فرعي البنك المركزي اليمني قيودًا في العمل داخل المناطق التي يسيطر عليها الفرع الآخر، وهذا يعيق التواصل ويقوض الجهود الرامية إلى تعزيز الشمول المالي. وحتى في حال مُنح البنك ترخيص من كلا الفرعين، سَتفرض السياسات المالية المزدوجة والمتضاربة و “حرب العملة”[23] المستمرة تعقيدات تشغيلية. فَقد أدى انقسام العملة إلى عرقلة الجهود الرامية لإنشاء نظام مالي موحد، ووضع أنظمة دفع حديثة وهياكل ائتمانية، وكلها عوامل ضرورية لتعزيز الشمول المالي. كما أدت ازدواجية أو “حرب” العملة إلى رفع تكلفة المعاملات المالية، وخاصة فيما بين مناطق الصراع المنقسمة، وانعكس ذلك في فرض رسوم ضخمة (بأكثر من 200%)[24] على التحويلات المالية من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وهو ما يخنق النشاط الاقتصادي وقد يعيق وصول بنوك التمويل الأصغر إلى المستفيدين.

علاوة على ذلك، فاقم التصعيد الخطير مؤخراً في الحرب الاقتصادية بين البنكين المركزيين المتنافسين من تعقيد الوضع الهش أساسا بالنسبة لبنوك التمويل الأصغر. في أوائل عام 2024 ، احتدم التنافس بين البنكين المركزيين للسيطرة على التحويلات المالية وشبكات صرف العملات وأدت الإجراءات التصعيدية المتبادلة بين الجانبين (بما في ذلك سك الحوثيين لعملة معدنية جديدة، ومطالبة البنك المركزي اليمني في عدن جميع البنوك بنقل مراكزها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة)[25]، إلى خلق بيئة فوضوية.

يمكن أن تؤدي الإجراءات التصعيدية المتكررة بين البنكين المركزيين إلى زيادة عزلة الأنظمة المالية، وتقويض قدرة بنوك التمويل الأصغر على العمل بشكل فعال في مناطق السيطرة المنقسمة. يزداد الوضع تعقيداً في ظل نظام العملة المزدوجة، والذي قد يقلص من قاعدة عملاء بنوك التمويل الأصغر ويعيق المعاملات المالية.

قد تسفر عملية إعادة توحيد العملة عن انفراجة طويلة الأمد، إلاّ أن استمرار الأعمال العدائية والمعركة التصعيدية من أجل السيطرة على المؤسسات المالية تفرض تحديات مباشرة. حتى في فترة ما قبل اندلاع الصراع عام 2015، اتسمت مهمة تقديم الخدمات المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في اليمن بالتعقيد؛ نظرًا لأن “ما يقرب من 74٪ اليمنيين يقيمون في مناطق ريفية بعيدة – وجبلية في كثير من الأحيان – مما يفرض صعوبة بالغة في وصول الخدمات الاجتماعية الأساسية ، بما في ذلك خدمات التمويل الأصغر”[26].

يؤدي هذا التشتت الجغرافي، إلى جانب الافتقار شبه الكامل للبنية التحتية الأساسية في هذه المناطق إلى زيادة عبء التكاليف التشغيلية على بنوك التمويل الأصغر، فضلا عن ارتفاع تكاليف المعاملات المالية وضعف شبكات النقل التي تحد من الانتشار الجغرافي لبنوك التمويل الأصغر وقدرتها على تقديم خدمات للفئات المحرومة من الخدمات المصرفية؛ وهذا يخلق منطقة واسعة معزولة مالياً. ومما يزيد الأمر تعقيدا غياب ثقافة إقراض الفقراء والتاريخ الائتماني الأمر الذي خلف فجوة في المعلومات؛ وعلى ضوء هذا، سيكون من الصعب تقييم الجدارة الائتمانية للبنوك وسلوكها المالي. علاوة على ذلك، عادة ما يتضاءل حجم القروض الصغيرة التي تُطالب بها هذه الفئات السكانية أمام التكاليف المرتفعة المرتبطة بتقديم الخدمات لهم، ويزداد العبء بسبب عوامل أخرى منها التحديات في جمع معلومات دقيقة، وعمل البنوك في مناطق ذات بنية تحتية ضعيفة، وعدم وجود عناوين إقامة دائمة للمستفيدين.[27] كما أن عدم إلمام الفقراء من سكان الريف بالمسائل المالية وعدم تقبل ثقافة بعض المناطق للقروض القائمة على الفائدة الربوية يخلقان عقبات أمام اكتساب العملاء وجهود تعزيز الشمول المالي.[28]

من جانب آخر، تواجه العديد من بنوك التمويل الأصغر المنشأة حديثاً صعوبات بسبب توظيف موظفين عديمي الخبرة أو غير متمرسين في هذا المجال، والممارسات التي هي محل تساؤل، والافتقار إلى ضوابط داخلية. تنبع نقاط الضعف المذكورة غالبًا من نشأتها الأولى كشركات صرافة، وبالتالي نقص الخبرة في مجال التمويل الأصغر. رُغم أن شركات الصرافة لها خبرة قيمة في إدارة التدفقات النقدية وخدمة العملاء، غالبا ما تفتقر إلى المعرفة والخبرة المتخصصة بالهيكل المؤسسي للتمويل الأصغر، وإدارة القروض، والامتثال للوائح التنظيمية.

بالتالي، أدى ظهور بنوك التمويل الأصغر الجديدة إلى تداعيات أخرى غير مقصودة، حيث يتم استقطاب الموظفين المتمرسين من البنوك التقليدية القائمة، وهو ما يُضعف قدرة هذه البنوك الراسخة. وقد يواجه هؤلاء الموظفون المنتقلون إلى هذا المجال صعوبة في التكيف، لا سيما وأن الممارسات المصرفية التقليدية تعطي الأولوية للضمانات والعلاقات طويلة الأمد مع العملاء، وبالتالي غير مناسبة لعملاء التمويل الأصغر.

يمكن لهذه الفجوة المعرفية أن تعيق قدرة بنوك التمويل الأصغر على تقييم الجدارة الائتمانية بشكل فعال، وتصميم حزم وخدمات مناسبة للتمويل الأصغر، وتعزيز الثقافة المالية لدى عملائها المستهدفين، وبالتالي تهدد قدرتها على الاستمرار على المدى الطويل. من هذا المنطلق، لا بد من توفر بيئة مستقرة من أجل بناء المعرفة الأساسية بأدوات التمويل الأصغر ومبادئه وتطوير الخدمات، وهي بيئة غائبة حاليًا في اليمن الذي مزقته الحرب.

علاوة على ذلك، هناك مخاوف بشأن التزام أصحاب شركات الصرافة بمجال التمويل الأصغر على المدى الطويل، حيث أدى تنامي عدد بنوك التمويل الأصغر الجديدة إلى احتدام المنافسة، مما أثار مخاوف بشأن احتمال “الانحراف عن المهمة” التي أنشئت من أجلها. وقد تعطي هذه المؤسسات الأولوية للعملاء الذين يسهل الوصول إليهم في المناطق الحضرية حيث تنخفض المخاطر، مع إهمال سكان الريف المحرومين من الخدمات الذين يهدف التمويل الأصغر عادةً إلى دعمهم. كما يُمكن أن تشجع المنافسة الضارية الممارسات غير المستدامة، مثل الإقراض المفرط بأسعار فائدة باهظة وأساليب تسويق مضللة. كما أن تبادل المعلومات الائتمانية بطريقة غير خاضعة للرقابة والتنظيم يمكن أن يفاقم من حدة هذه المشكلة، وقد يدفع العملاء نحو الإفراط في الاستدانة عن طريق الاقتراض من بنوك متعددة للتمويل الأصغر.

المزايا الاستثنائية التي يقدمها البنك المركزي اليمني في عدن حاليًا لتشجيع إضفاء الصبغة الرسمية على بنوك التمويل الأصغر، قد تكون مؤقتة مما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على تحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل. كما يبرز تحدي آخر يتمثل في تغير أولويات أصحاب شركات الصرافة الذين أنشأوا تلك البنوك، ممن قد يجدون أن قطاع التمويل الأصغر أقل ربحية مما كان متوقعًا، وربما يسعون للحصول على تراخيص لإنشاء بنوك تقليدية والانسحاب من قطاع التمويل الأصغر.

هناك ما يبرر مخاوف البنك المركزي اليمني في عدن بشأن عقلية “التبعية” السائدة بين شركات الصرافة والتي تؤدي إلى تنامي عدد بنوك التمويل الأصغر ولكن بصورة قد لا تكون مستدامة. فَسهولة إنشاء بنوك التمويل الأصغر، إلى جانب متطلبات رأس المال المنخفضة مقارنة بالبنوك التجارية، قد تؤدي إلى سباق نحو الهاوية.[29] للتخفيف من ذلك نسبياً، اقترح البنك المركزي اليمني في عدن حلاً يتمثل في السماح لبنوك التمويل الأصغر بالتخصص في هذا المجال أو التحوّل إلى بنوك ذات خدمات متكاملة، لكنه في نفس الوقت يعكس المخاوف بشأن احتمال حدوث فقاعة في القطاع ويُبرز الافتقار لخطة استراتيجية طويلة الأجل للقطاع المصرفي في اليمن. فَتنامي عدد بنوك التمويل الأصغر – المدفوع بعوامل وتوجّهات مؤقتة نتيجة الصراع – يُمكن أن يخلق منافسة غير ضرورية تعقبها مرحلة شرسة لاعادة هيكلة هذه البنوك ودمجها – على نحو يحاكي تجربة القطاع المصرفي في العراق في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003.[30] وبالتالي، ينطوي التحوّل غير المدروس إلى هذا القطاع على مخاطر أعلى وتكاليف، وهو ما يستدعي الحاجة إلى وضع رؤية استراتيجية طويلة المدى ونهج تحوطي من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تدرس كيفية إضفاء الطابع المؤسسي على البنوك اليمنية لتحقيق الاستقرار المالي وخدمة أهداف التنمية.

تجدر الإشارة إلى أن هذه التحديات ليست حكراً على اليمن؛ حيث تواجه بنوك التمويل الأصغر في البلدان النامية حول العالم مشاكل مماثلة، منها محدودية الانتشار، وارتفاع تكاليف التشغيل، والحاجة إلى الخبرات المتمرسة والمتخصصة. بالرغم من التحديات، تمتلك بنوك التمويل الأصغر إمكانات هائلة لتحويل القطاع المالي في اليمن؛ ومن خلال الاستفادة من تجارب بلدان أخرى ومعالجة المشاكل الموضحة أعلاه (عن طريق وضع إطار موحد للبنك المركزي اليمني والتخفيف من تأثير نظام العملة المزدوجة، والاستثمار في تطوير البنية التحتية، وبناء قدرات مؤسسية قوية) – يمكن لبنوك التمويل الأصغر أن تصبح محركًا قويًا للشمول المالي، والنمو الاقتصادي، والحد من الفقر في اليمن.

سيتطلب ذلك جهدًا تعاونيًا من بنوك التمويل الأصغر والبنك المركزي اليمني والهيئات التنظيمية والمنظمات الدولية للتغلب على تعقيدات الوضع الحالي وضمان مستقبل مستدام لقطاع التمويل الأصغر في اليمن.

آفاق ومزايا التحوّل إلى بنوك للتمويل الأصغر

برز التمويل الأصغر كعنصر هام لتحقيق التنمية المستدامة في الاقتصادات النامية، وخاصة في دول العالم الإسلامي مثل اليمن، حيث قد تكون الخدمات المصرفية التقليدية محدودة. مع ذلك، يُعد قطاع التمويل الأصغر في اليمن غير متطوّر، مما يترك الملايين من الأشخاص دون إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية الهامة. لهذا تداعيات سلبية بشكل خاص نظراً لهيمنة المؤسسات/ المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تضم أكثر من 97٪ من الشركات وتُعد محركًا للنمو الاقتصادي بشكل عام، وتوظف جزءًا كبيرًا من القوى العاملة.[31]

تجدر الإشارة إلى أن البنوك التقليدية فشلت إلى حد كبير في دعم هذه المؤسسات/ المنشآت، كونها تعطي الأولوية للاستثمارات التي تعزف عن المخاطرة مثل الاستثمار في أدوات الدين الحكومية كأذون الخزانة. تنظر البنوك التقليدية إلى الفقراء كَعملاء غير مرغوب فيهم بسبب عوامل مثل الدخل المحدود، والعمالة غير المستقرة، وعدم وجود ضمانات ــ وهو المطلب الذي تتمسك به البنوك على الرغم من محدوديتها.[32] وأدى إهمال هذه الشريحة من السكان إلى معدل أو مؤشر منخفض للشمول المالي بأقل من 10% في عام 2014[33]، مما يعكس إقصاء هائل لـ 90% من السكان، وخاصة الذين يعيشون في المناطق الريفية.

على الرغم من أن غالبية سكان اليمن يعيشون في الريف، تفضل جميع بنوك/مؤسسات التمويل الأصغر العشرة العمل في المناطق الحضرية، والتي يشكل عدد العملاء فيها نسبة 93% من إجمالي عملاء التمويل الأصغر[34] . تمثل هذه الفجوة الهائلة فرصة كبيرة لمؤسسات التمويل الأصغر لتوسيع نطاق وصول خدماتها إلى تلك المناطق المحرومة من الخدمات المالية.

بفضل انتشارها الواسع مقارنة بالبنوك التقليدية، تتمتع بنوك التمويل الأصغر بوضع مثالي يسمح لها بسد هذه الفجوة. ويمكن تكييف بنيتها التحتية وخبراتها الحالية بسهولة لتقديم القروض الصغيرة وغيرها من الخدمات المالية إلى الفئات التي لا تتعامل مع البنوك أو يصعب عليها الوصول إلى الخدمات المالية. بتحقيق الشمول المالي، يُمكن فتح باب الفرص الاقتصادية وتمكين رواد الأعمال، ودعم نمو وانتشار المؤسسات/ المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد اليمني. وخلافاً لمؤسسات التمويل الأصغر التقليدية التي تعتمد بشكل كبير على تمويل الجهات المانحة[35]، تستفيد بنوك التمويل الأصغر المنشأة حديثاً من نموذج تمويلي مستدام، إذ يمكنها الاستفادة من مدخرات العملاء لتطوير حزم خدمات بطريقة استراتيجية وتتمتع بمرونة أكبر للمشاركة في برامج المانحين وبما يتواءم مع توجهاتها الاستراتيجية.

ينطوي التوجه الأخير للبنكين المركزيين بإصدار تراخيص جديدة لوكلاء وشركات الصرافة تسمح للأخيرة بإنشاء بنوك تمويل أصغر على تغيير هام: حيث يجب على وكلاء وشركات الصرافة التحوّل من أنشطة صرف العملات إلى ممارسة عمليات التمويل الأصغر المتكاملة، وتقديم مجموعة أوسع من الحزم والخدمات المالية، بما في ذلك قبول الودائع بل وحتى إمكانية الوصول إلى الشبكات الدولية لتحويل الأموال كنظام “سويفت”، وهو ما يمكّنهم من تقديم خدمات مالية أكثر فعالية واتساقًا مقارنة بنظرائهم في القطاع غير الرسمي.

يُعد قطاع التمويل الأصغر في اليمن قطاعا فريدا وواعدا مقارنة بالبلدان العربية الأخرى، إذ يوفر بيئة خصبة مدرة للربح وفرصًا لا مثيل لها لمؤسسات التمويل الأصغر وشركات الصرافة للتحرّر من قيودها والتحول إلى بنوك تمويل أصغر متكاملة. تنبع هذه الميزة مباشرة من الإطار التنظيمي التقدمي في اليمن، على خلاف البيئات القانونية المُقيّدة التي تعاني منها العديد من الدول العربية. من هذا المنطلق، يمكن للتمويل الأصغر، الذي توفره شركات الصرافة المتحولة إلى بنوك، أن يلعب دورًا حيويًا في تمكين رواد الأعمال اليمنيين وتعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد.

التوصيات

يُمثل انتشار بنوك التمويل الأصغر في اليمن فرصة فريدة لتعزيز الشمول المالي؛ ومع ذلك، فإن استدامتها وتأثيرها المحتمل يتوقفان على مدى القدرة على اجتياز التحديات العديدة القائمة ووجود استراتيجية شاملة. يتطلب وضع مثل هذه الاستراتيجية جهدًا تعاونيًا من البنك المركزي اليمني وبنوك التمويل الأصغر نفسها والجهات المانحة الدولية. على ضوئه، تطرح هذه الورقة توصيات على مرحلتين، الأولى تتعاطى مع تحديات المرحلة الراهنة من الصراع في ظل استمرار الانقسام في البنك المركزي اليمني، بينما تركز المرحلة الثانية على إعادة توحيد البنك المركزي اليمني (أو على الأقل إنشاء آلية تنسيق بين البنكين المركزيين) وإعادة تفعيل دور المؤسسات التشريعية في المستقبل.

خلق بيئة مواتية ومستدامة للتمويل الأصغر

  • المرحلة 1 (أثناء الصراع)
    • تعليق إصدار تراخيص جديدة لبنوك التمويل الأصغر ومراجعة الأُطُر المعمول بها حالياً بشكل استراتيجي.
    • إجراء تقييم لبيئة التمويل الأصغر لتحديد الثغرات وتقييم تجربة تحوّل شركات الصرافة إلى هذا المجال.
    • مراجعة الأطر التنظيمية وتحديد أفضل السبل لتبسيط عملية إصدار التراخيص وإدارة المخاطر وحماية مصالح العملاء ووصول الخدمات إلى المناطق الريفية. ولتعزيز الأطر التنظيمية والقانونية التي تُنظم عمل بنوك التمويل الأصغر، يُعد التعاون بين البنوك المركزية في عدن وصنعاء أمرا ضرورياً، على أن يشمل هذا التنسيق وضع معايير واضحة لمنع تضارب المصالح بين الأنشطة المصرفية وأنشطة الصرافة.
    • تعزيز الرقابة والإشراف على عمليات بنوك التمويل الأصغر لضمان التزامها الصارم بالقوانين واللوائح المعمول بها ومنع الممارسات المشبوهة مثل غسيل الأموال والتلاعب بالعملة.
    • النظر في كيفية تحسين وصول المقرضين إلى بيانات الجدارة الائتمانية.
  • المرحلة 2 (بنك مركزي يمني مُوحد)
    • تعزيز واستكمال تقييم بيئة عمل لتمويل الأصغر.
    • وضع أطر تنظيمية محدثة لبنوك التمويل الأصغر والاستفادة من مكاتب الائتمان النشطة.
    • تعزيز بنوك التمويل الأصغر من خلال تشجيع عمليات الاندماج والاستحواذ.
    • توسيع نطاق الدمج ليشمل مؤسسات التمويل الأصغر من أجل إنشاء جيل جديد من مؤسسات التمويل الأصغر المعتمدة.
    • التعاون مع شركات الصرافة لتشجيع الاستثمارات الاستراتيجية في البنوك القائمة.
    • دراسة إمكانية التوسيع الاستراتيجي لنطاق الأنشطة المصرفية والاعتماد بصورة أقل على البنوك التقليدية لصالح تعزيز دور وكلاء شبكات تقديم الخدمات المالية/ بنوك التمويل الاصغر.

بناء قدرات بنوك التمويل الأصغر

  • نماذج الأعمال المستدامة والخبرة الفنية
    • تطوير نماذج أعمال طويلة الأجل (لـ 5 سنوات فأكثر) بدعم من الجهات المانحة الدولية.
    • توفير التدريب لموظفي بنوك التمويل الأصغر حول مبادئ وممارسات التمويل الأصغر، والإقراض المسؤول، والتكنولوجيا المالية (FinTech)، وإدارة المخاطر.
    • تقديم الخبرة الفنية فيما يخص تطوير الخدمات والتواصل مع العملاء من سكان الريف.
  • الوصول للعملاء وتعزيز الشمول المالي
    • وضع استراتيجيات للوصول إلى السكان الذين لا يملكون حسابات مصرفية/أو المحرومين من الخدمات المالية، وخاصة في المناطق الريفية.
    • الاستفادة من التكنولوجيا المالية، بما في ذلك الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول والخدمات المالية الرقمية، لتقديم الخدمات بكفاءة.
    • الدخول في شراكة مع مؤسسات التمويل الأصغر القائمة لتبادل أفضل الممارسات فيما يتعلق بالوصول إلى المناطق الريفية.
  • إدارة المخاطر وحماية مصالح العملاء
    • وضع أطر لإدارة المخاطر المرتبطة بإقراض سكان المناطق الريفية.
    • تدريب موظفي بنوك التمويل الأصغر على تقييم المخاطر، وتصنيف درجة الائتمان، وإدارة محفظة القروض.
    • تطوير خدمة تنبيه لتتبع الإفراط في الاستدانة على المستوى الوطني كجزء من نظام مكتب الائتمان.
  • تبادل المعرفة ورصد الأثر
    • تسهيل تبادل المعرفة بين بنوك التمويل الأصغر اليمنية وممارسي أنشطة التمويل الأصغر على المستوى الدولي.
    • تنفيذ أنظمة لإدارة الأداء الاجتماعي من أجل تتبع تأثير بنوك التمويل الأصغر بما يتجاوز جانب تحقيق الربحية.
    • وضع نظام لرصد تأثير بنوك التمويل الأصغر على جهود تعزيز الشمول المالي والحد من الفقر وتحقيق التنمية في الريف.

تهدف مبادرة إعادة تصور اقتصاد اليمن – ومنتدى رواد التنمية المرتبطة بها – إلى رفد الجهود الرامية لتحقيق السلام والتنمية الشاملة والمستدامة، وذلك عبر النهوض بالمحاور التالية: أ) تمكين المشاركة الشاملة لليمنيين في بناء السلام الاقتصادي، ب) تعزيز فهم المجالات السياساتية الجوهرية المرتبطة ببناء السلام الاقتصادي والتنمية في اليمن. تُنفذ مبادرة “إعادة تصور اقتصاد اليمن” بالشراكة بين شركة ديب روت للاستشارات ومركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ومركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق (كاربو)، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وسفارة مملكة هولندا لدى اليمن.

الهوامش
  1. عادل منصور، “تنمية الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر في اليمن والآفاق المستقبلية”، الصندوق الاجتماعي للتنمية، 2011، https://smed.sfd-yemen.org/images/2022/10/23/Official_English_SMED_Book_pdf-20120714.pdf. (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  2. نفس المرجع السابق.
  3. اليكس سيلفا، ومحمد خالد، وكارين بشاي “تحويل مؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي: الفرص والتحديات ومواءمة المصالح”، مجموعة البنك الدولي، مايو/ أيار 2018؛https://documents1.worldbank.org/curated/en/174101532542008689/pdf/128854-WP-MNA-Transforming-Microfinance-22-5-2018-PUBLIC.pdf ، (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  4. نفس المرجع السابق.
  5. الأرشيف السنوي لمحفظة القروض/ التقارير الشهرية لمؤشرات محفظة التمويلات، 2009-2023″، الصندوق الاجتماعي للتنمية، https://smed.sfd-yemen.org/index.php/ar/pointers/annualy ، (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  6. نفس المرجع السابق.
  7. التقرير الوطني للجمهورية اليمنية، مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالإسكان والتنمية الحضرية المستدامة – الموئل الثالث، 2016، https://habitat3.org/wp-https://habitat3.org/wp-content/uploads/Yemen-National-Report-September-2016.pdf ، (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  8. الأرشيف السنوي لمحفظة القروض/ التقارير الشهرية لمؤشرات محفظة التمويلات، 2009-2023″، الصندوق الاجتماعي للتنمية، https://smed.sfd-yemen.org/index.php/ar/pointers/annualy ، (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  9. في عام 2020، هيمنت البنوك التقليدية على القطاع المصرفي في اليمن حيث استحوذت على حصة 31% من إجمالي الأصول، تليها البنوك الحكومية (حصة 29%)، ثم البنوك الإسلامية (حصة 23%)، والبنوك الأجنبية (حصة 10%). من جهة أخرى، امتلكت بنوك التمويل الأصغر، رغم كونها أصغر فئة، حصة جيدة بلغت 8% من إجمالي الأصول. انظر “ربط القطاع الخاص اليمني بالعالم”، https://documents1.worldbank.org/curated/en/099032024141011489/pdf/P1776311a051090081932015ff13ddb5ec9.pdf?_gl=1*je95td*_gcl_au*MTQzMTAwMzM2My4xNzI1NDc0MzE2، (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024) ؛ الأرشيف السنوي لمحفظة القروض/ التقارير الشهرية لمؤشرات محفظة التمويلات، 2009-2023″، الصندوق الاجتماعي للتنمية، https://smed.sfd-yemen.org/index.php/ar/pointers/annualy ، (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  10. منيف الشيباني “التمويل الأصغر في اليمن: نظرة عامة على التحديات والفرص”، الموجز السياساتي رقم (6) في إطار مبادرة إعادة تصور إقتصاد اليمن، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية وشركة ديب روت للاستشارات ومركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق (كاربو)، 30 أبريل/نيسان 2020، https://devchampions.org/ar/publications/white_papers/microfinance_in_yemen/ (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  11. “التمويل الأصغر في اليمن – الآمال مقابل الواقع”، شبكة اليمن للتمويل الأصغر، 2015، https://www.findevgateway.org/sites/default/files/publications/files/microfinance_in_yemen_-_impact_of_war_ymn_july_2015.pdf، (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  12. خلال الفترة 2021-2022، منح البنك المركزي اليمني في عدن العديد من التراخيص لشركات صرافة بارزة في السوق للعمل كبنوك تمويل أصغر. ويشمل ذلك بنك القطيبي الإسلامي للتمويل الأصغر وبنك عدن الإسلامي للتمويل الأصغر الواقعة مقراتهما في العاصمة المؤقتة عدن؛ وبنك البسيري للتمويل الأصغر وبنك بن دول للتمويل الأصغر الإسلامي (المكلا)؛ وبنك الشرق اليمني للتمويل الأصغر الإسلامي الواقع مقره في مأرب.
  13. بالنظر إلى عدد التراخيص قيد الاجراء حالياً، من المتوقع أن يتجاوز عدد بنوك التمويل الأصغر العدد الاجمالي للبنوك العاملة في البلاد. قبل اندلاع النزاع، كان هناك 18 بنوكًا فقط عاملة في اليمن: 11 بنك تجاري، و4 بنوك إسلامية، و3 بنوك للتمويل الأصغر. بنوك التمويل الأصغر الثلاثة كانت كالتالي: بنك الأمل للتمويل الأصغر، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، والتضامن للتمويل الأصغر، وجميعها كانت تخضع لرقابة البنك المركزي اليمني.
  14. على سبيل المثال، تحولت شركة البسيري للصرافة (التي تأسست عام 1992) ويقع مقرها الرئيسي في المكلا بحضرموت إلى بنك البسيري للتمويل الأصغر. وبالمثل، تحوّلت شركة بن دول للصرافة (التابعة لمجموعة بن دول التجارية، التي تأسست في المكلا عام 2015) إلى بنك بن دول للتمويل الأصغر الإسلامي، وكذلك تأسس بنك القاسمي للتمويل الأصغر الإسلامي (المرخص من جانب البنكين المركزيين اليمنيين في صنعاء وعدن) كامتداد لشركة القاسمي للصرافة والتحويلات التي يمتد عمرها لمدة 22 عاماً ويقع مقرها الرئيسي في صنعاء.
  15. “الرؤية الوطنية للدولة اليمنية الحديثة”، المجلس السياسي الأعلى (صنعاء) 26 مارس/آذار 2019، https://nwm.unescwa.org/sites/default/files/2023-06/National Vision For The Modern Yemeni State (EN).pdf (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  16. بموجب هذا القرار، تتمتع البنوك بفترة سماح مدتها خمس سنوات للامتثال للزيادة في متطلبات رأس المال، مع خيار استخدام الاحتياطيات بعد موافقة البنك المركزي. ويحظر القرار إنشاء بنوك التمويل الأصغر من قبل مساهمين يمتلكون شركات صرافة، إلا في حالة تحوّل شركات الصرافة القائمة إلى بنوك. علاوة على ذلك، يتعين على المؤسسين الحاصلين على تراخيص معتمدة مسبقًا لإنشاء بنوك للتمويل الأصغر (والذين يمتلكون أيضًا شركات صرافة)، التخارج بالكامل من أعمال الصرافة الخاصة بهم في غضون عام واحد. وهذا وتواجه المؤسسات غير الممتثلة خطر إلغاء تراخيصها، كما تشدد الإصلاحات على ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز الثقة في النظام المصرفي اليمني. للاطلاع على “قرار مجلس إدارة البنك المركزي اليمني رقم 2/11/2022 بتعديل بعض مواد القرار رقم (12) لسنة 2010 بشأن اللائحة التنفيذية لقانون بنوك التمويل الأصغر رقم 15 لسنة 2009″، البنك المركزي اليمني في عدن (2022)، https://cby-ye.com/files/623ad771a78d7.pdf (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  17. قرار رقم (3/11/2023) بشأن رفع متطلبات رؤوس أموال بنوك التمويل الأصغر ، البنك المركزي اليمني في عدن (2023)، https://cby-ye.com/files/659aa2ee5852b.pdf (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  18. مقابلة أجريت مع أحد كبار المصرفيين اليمنيين في عدن، أبريل/نيسان 2024.
  19. فارع المسلمي، “إعادة تفعيل القطاع المصرفي في اليمن: خطوة ضرورية لاستئناف الدورة المالية الرسمية وتحقيق أسس الاستقرار الاقتصادي”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 21 فبراير/شباط 2019، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/7086 (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  20. “تقرير المرصد الاقتصادي لليمن”، البنك الدولي، 19 مارس/آذار 2019، https://documents1.worldbank.org/curated/en/161721552490437049/pdf/135266-YemEconDevBrief-Winter-2019-English-12-Mar-19.pdf (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  21. “رأب الانقسام المالي: التخفيف من الانعكاسات السلبية لانقسام البنك المركزي على القطاع المصرفي اليمني” مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، 9 مارس/آذار 2023، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/19668 (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  22. مقابلة أجريت مع أحد كبار المصرفيين اليمنيين في عدن، أبريل/نيسان 2024.
  23. اشتدت حرب العملة في أوائل عام 2020 حين بدأت سلطة الحوثيين رسميًا بحظر تداول الطبعة الجديدة للريال اليمني (التي أصدرها البنك المركزي اليمني في عدن) في المناطق الخاضعة لسيطرتها. تعمّق الانقسام في السياسات النقدية في مارس/آذار 2024 حين طرح البنك المركزي اليمني في صنعاء عملة معدنية جديدة ، وأدى هذا إلى تصاعد حدة المعركة الشرسة بين فرعي البنك المركزي اليمني للسيطرة على النظام المصرفي.
  24. نتيجة نظام العملة المزدوجة السائد، أصبحت قيمة الأوراق النقدية للريال الصادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن (المطبوعة بعد عام 2016) تعادل ثلث قيمة الأوراق النقدية القديمة المتداولة في مناطق سيطرة الحوثيين (المطبوعة قبل عام 2016) . ينبع هذا التفاوت في القيمة من الانقسام الذي حدث للبنك المركزي اليمني خلال فترة الحرب، وعلى ضوئه، يتعين على الطرف المرسل من عدن تحويل أكثر من 300 ألف ريال يمني بالعملة الجديدة لكي يتسلم الطرف المتلقي في صنعاء 100 ألف ريال يمني بالعملة القديمة (والفارق هنا يتجاوز 200% من المبلغ الذي سيتم استلامه).
  25. “جزء التطورات الاقتصادية – تقرير اليمن الفصلي يناير/ كانون الثاني – مارس/ آذار 2024” ، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 3 مايو/ أيار 2024، https://sanaacenter.org/ar/the-yemen-review/jan-mar-2024/22530 (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  26. دينا برجورجي وماري جينينغز، “دراسة في البُعد الجندري للتمويل الأصغر: دراسة سوق تتناول رائدات الأعمال في اليمن”، الصندوق الاجتماعي للتنمية، يونيو/حزيران 2008، https://smed.sfd-yemen.org/media/attachments/2019/08/06/microfinance-gender-study-en.pdf (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  27. علي صالح الشبامي والدكتور في. رينجاراجان، “مؤسسات التمويل الأصغر في اليمن، العقبات والمعالجات”، المجلة الدولية للعمل الاجتماعي، 2017، المجلد 4، العدد 1؛ تم الاطلاع عليه بتاريخ في 1 أبريل/نيسان 2024: من خلال الرابط: https://www.findevgateway.org/sites/default/files/publications/files/5th_paper_published.pdf
  28. نفس المرجع السابق.
  29. مقابلة أجريت أحد كبار المصرفيين اليمنيين في عدن، أبريل/نيسان 2024.
  30. نفس المصدر السابق.
  31. نبيلة عساف، “تحفيز الأعمال والتوظيف في اليمن”، سلسلة الملاحظات السريعة للتعلم والمعرفة الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم 91)، البنك الدولي، أبريل/نيسان 2013، https://documents1.worldbank.org/curated/en/990001468339586248/text/768120BRI0QN910Box374389B00PUBLIC0.txt (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  32. علي صالح الشبامي والدكتور في. رينجاراجان، “مؤسسات التمويل الأصغر في اليمن، العقبات والمعالجات”، المجلة الدولية للعمل الاجتماعي، 2017، المجلد 4، العدد 1؛ تم الاطلاع عليه بتاريخ في 1 أبريل/نيسان 2024: من خلال الرابط: https://www.findevgateway.org/sites/default/files/publications/files/5th_paper_published.pdf
  33. منيف الشيباني “التمويل الأصغر في اليمن: نظرة عامة على التحديات والفرص”، الموجز السياساتي رقم (6) في إطار مبادرة إعادة تصور إقتصاد اليمن، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية وشركة ديب روت للاستشارات ومركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق (كاربو)، 30 أبريل/نيسان 2020، https://devchampions.org/ar/publications/white_papers/microfinance_in_yemen/ (تم الاطلاع عليه في 1 سبتمبر/ أيلول 2024).
  34. نفس المرجع السابق.
  35. نفس المرجع السابق.
مشاركة