إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية هل يصل الحوثيون إلى مستوى طالبان من التفاوض المباشر مع واشنطن؟

احتلت اليمن خلال السنوات الأخيرة مكانًا في وسائل الإعلام ومراكز البحوث الإسرائيلية، وكجزء من اهتمامات مركز صنعاء للدراسات، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها، يترجم المركز بشكل دوري ومستمر أبرز التقارير والمقالات التحليلية.

وتركزت التقارير الأخيرة حول هجوم الحوثيون باستخدام الطائرات المسيّرة على ميناء رأس تنورة وتداعياته، كما اهتمت بالتقارير التي تتناول المساعدات الإيرانية للحوثيين، وتهديد الحوثيين المنطقة وكيف يمكن استخدامهم كوسيلة ضغط في المحادثات المستقبلية.



الحوثيون يهددون بمهاجمة “أرامكو” على نطاق أوسع من هجوم 2019

نشر سيث جي فرانتزمان[1] مقالًا في صحيفة جيروزاليم بوست تطرق فيه إلى التحذيرات التي أطلقتها جماعة الحوثيين المسلحة –المدعومة من إيران – ضد السعودية جرَّاء تصعيد التوتر في الجبهتين الغربية والشمالية لليمن.

وبحسب تقارير عديدة صادرة عن وسائل إعلام إيرانية وتابعة للحوثيين، فإن هجمات الحوثيين المستقبلية ستذهب إلى ما هو أبعد من الأهداف المعلنة.

وبعد أن شن الحوثيون هجومًا بالطائرات المسيرة على ميناء رأس تنورة ذكر فرانتزمان أن الهجمات تهز منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تُعد تهديدًا إقليميًا من إيران، وهذا واضح في تعقيدها؛ حيث لم يكن لدى الحوثيين تكنولوجيا طائرات دون طيار وصواريخ باليستية قبل أن تسعى إيران إلى دعمهم. كما هو الحال مع حركة حماس وحزب الله التي زادت قوتهما بفضل الدعم الإيراني والمعرفة التقنية.

وتابع أن الأدلة تشير إلى أن بعض الهجمات على السعودية التي زعم الحوثيون تنفيذها جاءت بالفعل من العراق.

ولفت إلى أن الرسالة العامة للهجمات هي أن الحوثيين يمكنهم تصعيد هذا الصراع كما فعلت إيران في سبتمبر 2019. إيران تشعر أن السعودية معزولة، وتعلم أن الولايات المتحدة تحاول صياغة اتفاقية سلام في أفغانستان، وربما تعمل مع إيران والهند وباكستان وتركيا للقيام بذلك، كما تعلم أنها تضغط على الولايات المتحدة في العراق وربما تفعل ذلك في سوريا.

ومن ناحية أخرى تواصل إيران سعيها في الخليج لاستهداف السفن بالألغام، كما تعلم أن الولايات المتحدة لم ترد على هجوم صواريخ عيار 122 ملم على قاعدة الأسد في وقت سابق من هذا الشهر. وتتساءل إيران لماذا عليها تتوقف الآن؟

وقال فرانتزمان إن الرياض مترددة في التصعيد في أي مكان آخر وتريد أن تنحصر الحرب على اليمن. تظهر الهجمات الموسعة على السعودية أنه على الرغم من تحسين الرياض دفاعاتها الجوية، إلا أن الحوثيين على ما يبدو بإمكانهم الاستمرار في استهداف مناطق من البلاد متى شاءوا.

هل يصل الحوثيون إلى مستوى طالبان من التفاوض المباشر مع واشنطن؟

قبل عدة سنوات، لو لم يسمع أحد عن الحوثيين فلن تكون هذه مفاجأة كبيرة، وفكرة أن الولايات المتحدة قد ترسل فريقًا للتفاوض معهم ذات يوم تبدو سخيفة، وكان من المفترض أن يؤدي التدخل بقيادة السعودية عام 2015 إلى صد “شرذمة من مقاتلين غير منظمين باستخدام أفضل المعدات العسكرية الغربية”.

اليوم تغير كل هذا؛ حيث يمطر الحوثيون الصواريخ الباليستية وطائرات كاميكازي السعودية كل يوم تقريبًا بفضل التكنولوجيا والدعم الإيراني كما يقول فرانتزمان.

إيران اعتادت على تحويل مجموعات مثل: الحوثيين، وحزب الله، ووحدات الحشد الشعبي في العراق إلى جيوش “إرهابية”، ويبدو أنها نالت من معظم أنحاء البلاد من حولها. حزب الله الآن لديه دولة مرتبطة به تسمى لبنان. والحوثيون لديهم دولة أصغر مرتبطة بهم تسمى اليمن. وفي العراق، يبدو أن أمثال هادي العامري ومنظمة بدر نالوا كثيرًا مما يُعرف باسم العراق، الذي تعده إيران على نحو متزايد خارج البلاد القريب.

شطبت إدارة بايدن الحوثيين من قائمة الإرهاب، تلقى الأخيرون هذه الرسالة باعتبارها دليل على أنهم يجذبون انتباه واشنطن. وفسروا ذلك بالضغط أكثر على السعودية، وقد ينطلقوا ليكونوا إحدى القوى المهمة في المنطقة.

يمكن رؤية سعي الحوثيين لتحقيق السلطة الإقليمية في كيفية تعزيز وسائل الإعلام الإيرانية لهم. وقال محمد عبدالسلام المتحدث باسم الحوثيين “لماذا لا يرسل الأمريكيون رسائل السلام الميدانية العملية بدلًا عن التهديد (ضد الشعب اليمني)؟

في الواقع، قد يكون عبد السلام هو النسخة الحوثية للمفاوضين الفيتناميين الذين خدعوا وتفوقوا على الأمريكيين خلال محادثات السلام في السبعينيات.

الإعلام الإيراني ونظامه بارعون في قراءة النيّات الأمريكية. وكذلك الحوثيون، الذين يستفيدون على ما يبدو من سنوات عمل الاستخبارات الدبلوماسية الطويلة في إيران. وتعتقد إيران أن الولايات المتحدة تلتزم ضبط النفس كثيرًا هذه الأيام. ولا مزيد من الضربات المشابهة لاغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في عام 2020.

وأردف أن القلق من تآكل حلفاء الرياض في الغرب وتهديدات الحوثيين أدى إلى ظهور مواكب من الزيارات إلى عاصمة المملكة. ذهب ملك الأردن وولي عهد البحرين إلى السعودية هذا الأسبوع. كما حضر رئيس وزراء ماليزيا أيضًا. ربما تعمل الرياض على تعزيز العلاقات مع قطر وتركيا. يبدو أن قطر كانت شديدة الانتقاد لهجمات الحوثيين مؤخرًا.

السعودية توصل رسالة مفادها أنها القائد الرئيسي في المنطقة والعالم الإسلامي. بينما ترسل إيران رسالة عبر الحوثيين مفادها أن بإمكانها مواصلة ضرب السعودية. طهران تستغل تلك الهجمات لجلب الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات لمزيد من المحادثات حول صفقة إيران. كما تريد إيران موطئ قدم في اليمن لتهديد إسرائيل.

أشارت التقارير سابقًا إلى وجود طائرات دون طيار متمركزة في اليمن ويبلغ مداها 2000 كيلومتر. هذا النطاق يمكن أن يصل إلى الدولة اليهودية. إيران تريد أن تظهر قدرتها على الوصول إلى جميع أنحاء اليمن لتوجيه تهديدات أكبر. ربما تكون قد خسرت استخدام السودان ومناطق أخرى لتهريب الأسلحة، لكنها لا تزال قوية في بعض المناطق.

وقال فرانتزمان إن القصة الأوسع هي كيف تمكن الحوثيون من تهديد المنطقة وكيف يمكن استخدامهم كوسيلة ضغط في المحادثات المستقبلية. إنهم يشيرون إلى أنهم يريدون محادثات مباشرة وعلنية مع واشنطن.

ليس لدى الحوثيين نماذج مشابه كثيرة سوى حركة طالبان التي كانت مستضعفة وعلى وشك الهزيمة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفي السنوات الأخيرة عقدت اجتماعات مع الولايات المتحدة وتتطلع إلى ذاتها كقوة متساوية في أفغانستان. وتتمكن من ذلك بفضل إيران وقطر وروسيا وعلاقات أخرى.

قد يعتقد الحوثيون أنهم سيصلون في فترة زمنية معينة إلى مستوى الاحترام التي وصلت إليه طالبان. لم يتخيل أحد أن يحدث مثل هذا الشيء مع طالبان منذ سنوات، أو الحوثيين اليوم.

بايدن يغوص في جحيم اليمن في حين الطريق إلى الحل يمر عبر السعودية وإيران

نشر تسفي برئيل[2] تقريرًا في صحيفة هاآرتس أشار فيه إلى معاناة حوالي 400 ألف شاب من سوء التغذية الحاد، وحوالي 16 مليون شخص يعيشون على حافة الجوع أو انعدام الأمن الغذائي في اليمن. احتياطي الوقود خالي تقريبًا، والمستشفيات دون كهرباء.

وأشار برئيل إلى منع السعودية مرور السفن بدعوى أن الحوثيين يفرضون ضرائب على الوقود بملايين الدولارات لتمويل حربهم عليها. وتؤيد الأمم المتحدة هذا الادعاء، لكنها تشير إلى ضرورة فتح الميناء أمام ناقلات الوقود، وإلا سيتم إغلاق المستشفيات بالكامل.

اليمن من بين دول الشرق الأوسط المحتاجة إلى مساعدات دولية، في أسوأ حالاتها، والحرب مستمرة فيها بكامل قوتها.

عيّن الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرًا تيم ليندركينج مبعوثًا خاصًا إلى اليمن كجزء من سياسة عودة أمريكا التي أعلنها في أوائل فبراير؛ خلافًا لسياسات سلفه دونالد ترامب الذي سعى إلى فك الارتباط عن الشرق الأوسط وسحب القوات الأمريكية وترك الدول العربية للتعامل مع أزمتها.

وقال برئيل إن بايدن لديه نيّات طيبة وسياسة منظمة تجاه اليمن، حتى خلال أيام حملته الانتخابية. لقد أدان بايدن بشدة صفقات الأسلحة الأمريكية مع السعودية، والتي استخدمت معظمها في حربها في اليمن. كما جمَّد عند دخوله البيت الأبيض هذه الصفقات لإعادة النظر فيها. وأصدر تعليمات إلى ليندركينج بإجراء محادثات مع ممثلي الحوثيين، بعد قرار شطبهم من قائمة التنظيمات الإرهابية. وأجريت محادثات بالفعل في مسقط عاصمة عمان، ولكنها لم تثمر بأية نتائج حقيقية.

ولفت برئيل إلى قرار شطب جماعة الحوثيين من قائمة الإرهاب، يبدو أن هذا القرار لم يهدف فقط إلى دعم المحادثات مع الحوثيين، ولكن أيضًا لإرسال رسالة إلى إيران التي تساعدهم، على اعتبار أنها خطوة لبناء الثقة نحو التفاوض على الاتفاق النووي. قوبلت الرسالة برفض إيراني لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة حتى ترفع العقوبات عنها.

تحرص إيران على عدم إشراك قضايا أخرى في المفاوضات النووية، لا الحرب في اليمن ولا برنامج الصواريخ الباليستية، ولا تدخلها في دول أخرى.

بايدن وسياسة “لي الذراع” بين الزُبيدي والحكومة اليمنية

أدت حكومة يمنية جديدة في ديسمبر اليمين الدستورية، وكان من المفترض لهذه الحكومة أن تنهي الصراع العميق بين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي.

أعطى زعيم المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي الذي يعيش في الإمارات مباركته للحكومة ووافق على انضمام ممثليه كوزراء في الحكومة الجديدة. لكن ما بدا أنها مصالحة تاريخية ونهاية ناجحة للصراع الذي كان يمكن أن يمزق اليمن إلى ثلاثة أجزاء -الجنوب، تحت سيطرة الانفصاليين، الوسط، تحت سيطرة الحكومة الرسمية، والوسط الشمالي الذي يسيطر عليه الحوثيون- تبيّن أنها بعيدة من تحقيق آمال الجميع.

قال الزُبيدي في مقابلة مع صحيفة الغارديان هذا الشهر، إنه “إذا أراد بايدن إنهاء حرب استمرت نحو ست سنوات، فعليه أن يدعم إجراء استفتاء على استقلال المنطقة الجنوبية. وأضاف إن تأييدنا الشعبي في جميع أنحاء الجنوب ساحق، وإذا نظمت الأمم المتحدة استفتاء فنحن واثقون من أننا سنفوز بتأييد يتجاوز 90% من سكان الجنوب”.

بدأ الزُبيدي في تحقيق حلمه باستقلال الجنوب في أبريل 2020، عندما أعلن عن إنشاء منطقة حكم ذاتي في عدن والمناطق المحيطة بها. انتهى هذا المشروع بعد اشتباكات عنيفة، وضغط من الإمارات التي كانت تزوّد الزُبيدي برعاية عسكرية ومالية.

ويطالب الزُبيدي -زعيم الانفصاليين- الآن بأن يكون ممثلوه جزءًا من أي تحركات دبلوماسية تهدف إلى إنهاء الأزمة اليمنية. وهو غير راضٍ عن حقيقة أن أعضاء المجلس الذي يرأسه هم أعضاء في الحكومة الجديدة، ويهتم بتمثيل مستقل، ولكن لا تخطط الأمم المتحدة ومشاركون آخرون في المساعي الدبلوماسية لمنحه ذلك في الوقت الحالي خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تفكيك الحكومة والإضرار بجهود الوساطة.

وأوضح الزُبيدي أن المنطق من وراء طلبه هذا، أن الحوثيين إذا احتلوا محافظة مأرب فإنهم بذلك يستكملون سيطرتهم على شمال ووسط البلاد، وهذا يخلق وضعًا تسيطر فيه على اليمن مجموعتان: الحوثيون في معظم مناطق الشمال وقوات الزُبيدي في الجنوب.

وقال “في هذه الحالة، سيكون من المنطقي إجراء محادثات مباشرة بين الأطراف المسيطرة”. بمعنى آخر، وبحسب خطته، فإن الحكومة اليمنية الرسمية لن يكون لها حتى مكان في المفاوضات السياسية. ومن غير المحتمل أن يتم الاستجابة لخطة الزبيدي، لكن لديه أيضًا القوة لإفشال أي مفاوضات لو شعر أن تطلعاته السياسية لم تؤخذ بالحسبان.

وقال برئيل على خلفية سياسة “لي الأذرع”، إن بايدن عليه أن يقرّر ما إذا كان قادرًا حتى على فصل الأزمة في اليمن عن بقية الصراعات في الشرق الأوسط، وخاصة حول رغبته في إجراء مفاوضات مع إيران.

كما ذكر أن الولايات المتحدة تعاملت بشكل تقليدي مع اليمن باعتبارها فرع للسعودية، وسمحت لها بالتعامل مع اليمن بالشكل الذي تراه مناسبًا. أيد الرئيس السابق باراك أوباما إقامة تحالف عربي ضد الحوثيين، كما وافق على بيع أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار للرياض. وفي وقت لاحق فقط، وربما بعد فوات الأوان، فرض قيودًا على أنواع الأسلحة، بعد أن اتضح مدى الضرر الهائل الذي يلحق بالمدنيين.

لكن إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد سيتم تفسيره على أنه استسلام سعودي، وصفعة على وجه الولايات المتحدة، في الوقت الذي يبذل فيه بايدن جهودًا كبيرة لإثبات أنّ أفعاله تجاه إيران لن تأتِ على حساب حلفائها.

الجهود الإيرانية للإضرار بصناعة النفط السعودية

قال بن مناحم إن الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن التطورات في اليمن والهجمات على السعودية، وصحح البيت الأبيض وجهة نظره رسميًّا بأن السعودية تواجه “تهديدًا حقيقيًّا” قادمًا من اليمن.

وقال “بن مناحم” إن مفتاح تحقيق وقف إطلاق النار، والتسوية السياسية في اليمن ليس في صنعاء أو الرياض، بل في طهران، ولا يمكن فصل التصعيد في اليمن عن الخلاف بين إدارة بايدن وإيران بشأن الاتفاق النووي، ولن يوافق الإيرانيون على أي شيء قبل أن ترفع إدارة بايدن العقوبات.

حتى الآن يفسر الإيرانيون نوايا بايدن الحسنة بشأن إنهاء الحرب في اليمن باعتبارها ضعف، ويزيدون هجماتهم فقط للإضرار بصناعة النفط السعودية، والموانئ التي تصدر النفط لزعزعة ثقة العالم في هذه الصناعة، وإلحاق الضرر بالاقتصاد السعودي، وهو تصعيد خطير.

تداعيات الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية

نشر الدكتور مردخاي كيدار[3] مقالًا في مركز بيجين – السادات للدراسات الاستراتيجية حول تداعيات الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية مشيرًا إلى أن الأسابيع الماضية شهدت تصعيدًا في حدة القتال بين السعودية والحوثيين في اليمن، بعد أن نجحوا في السيطرة على مناطق واسعة من مدينة مأرب من حوزة القوات الحكومية اليمنية. وردًا على ذلك، هاجم سلاح الجو السعودي العديد من الأهداف في اليمن، مما أدى إلى سقوط ضحايا وإحداث دمار.

وأشار كيدار إلى أن رأس تنورة تبعد عن اليمن بحوالي ألف كيلومتر، وهو الأمر الذي يزيد من زمن بقاء الصواريخ والطائرات بدون طيار في الجو، كما يزيد من خيارات الكشف والاعتراض من خلال أنظمة الدفاع الجوي السعودية. ولفت إلى أن المهاجم يحاول تقصير المدى لتقصير زمن الرحلة وبالتالي تقليص فرص الاعتراض. لذلك يبدو أن هذه الأدوات أطلقت هذه المرة أيضًا من العراق، وربما حتى بشكل مباشر من إيران.

كما رجَّح احتمالية دراية أجهزة المخابرات في جميع أنحاء العالم بمصدر إطلاق الأدوات، لكنها تفضل الصمت حتى لا تكشف حقيقة أنها تعرف التفاصيل التي يحاول الإيرانيون إخفاءها، وألا تحرق مصادر المعلومات، وكذلك حتى لا تحرج الإدارة الأمريكية الساعية لإعادة التفاوض مع إيران، وأن تخفف عنها عبء العقوبات.

وطرح كيدار تساؤلًا مهمًا حول سبب تحمل الحوثيين مسؤولية إلحاق أضرار لم ينفذوها ضد السعودية (إذا كان هذا هو الحال بالفعل)، وأجاب بأن هذا السؤال له عدة إجابات. إحداها، أن إيران تتوقع وربما تطلب منهم تحمل المسؤولية حتى ترفع عنها احتمالية العقوبات التي ستتحملها بسبب الهجوم. والجواب الثاني، أن الحوثيين يتحملون المسؤولية للتباهي أمام العامة، وزيادة دعمهم لهم في اليمن، وبث الرعب في نفوس خصومهم داخل وخارج اليمن.

وذكر أن السعودية تحاول من جانبها التقليل من أهمية الضرر في إعلان مقتضب من وزارة الطاقة عن الأضرار التي لحقت بمنشأة رأس تنورة من طائرة قادمة من البحر. وقال إن هذا الإعلان يشتمل على ثلاثة تفاصيل مهمة: الأولى، أن وزارة الطاقة هي من أصدرت الإعلان وليست وزارة الدفاع، أي أن هذه مشكلة صناعة الطاقة وليست مشكلة أمنية. والثانية، أن السفن أتت من اتجاه البحر، أي من إيران الواقعة وراء الخليج، أو من السفن التي تبحر في الخليج. والثالثة، أن السعودية غير مقتنعة بتحمل الحوثيين المسؤولية لأنهم تبعد ألف كيلومتر جنوب -غرب رأس تنورة بينما يقع البحر في الشرق.

كما رجَّح كيدار أن أجهزة المخابرات السعودية ربما تعرف جيدًا من ضربها، ومصدر إطلاق تلك الأدوات ولكن لم تفصح عن هذه المعلومة لسببين رئيسيين: أحدهما، حتى لا تجبر على الرد. والآخر ربما وصلت المعلومة من منظمة استخبارات أجنبية لنظيرتها السعودية بشرط عدم نشر المعلومات، وألا تنقل لعنصر ثالث دون موافقة المصدر.

حقيقة أن السعودية لا تؤذي إيران ردًا على الإصابات المستمرة للأهداف الاستراتيجية السعودية تنبع من ميزان القوى بين البلدين. تعد السعودية من الناحية العسكرية أضعف بكثير من إيران. حتى أن موقفها السياسي الذي يعد أفضل بكثير من موقف إيران لم يدفع دول العالم -ولا حتى الولايات المتحدة خلال فترة ترامب- إلى مساعدتها بشكل فعّال. فالعالم مستعد لتزويد السعودية بأنظمة دفاع صاروخية وطائرات لكنه لا يرسل قوات جوية، أو بحرية أو برية لإنقاذها.

تتفهم السعودية ميزان القوى في مواجهة إيران، وتواصل استيعاب الضربات بهدوء. إنهم يعرفون جيدًا التكلفة الهائلة للحرب المباشرة ضد إيران، وبالتالي، حتى الآن، لم يحملوا إيران صراحة مسؤولية هجومهم.

ويوصي كيدار إسرائيل بضرورة أن تأخذ الهجوم على السعودية على محمل الجد، لأن من يهاجم مواقع استراتيجية في السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة قد يهاجمون أيضًا المنشآت الاستراتيجية الإسرائيلية، وفي غياب المسؤولية سيصعب على إسرائيل الرد.

وأشار إلى أن آخر ما تريده إدارة بايدن هو حرب مفتوحة بين إيران وأي دولة، لأنه مع استمرار هذه الحرب، فلن تكون الإدارة قادرة على الجلوس مع الإيرانيين للتفاوض على العودة إلى الاتفاق النووي، وبرنامج الصواريخ الإيراني، وتدخّل إيران في أمن الدول الأخرى. ومن المفترض أن نهج إدارة بايدن قد يحد -أو بالأحرى يجمد- أي خطة إسرائيلية للتعامل العنيف والمباشر مع المشروع النووي الإيراني. من المحتمل ألا تقبل الإدارة أي تعامل سري، خاصة إذا كان ينطوي على اغتيال هذه العالم أو غيره.

لكن الخلاصة المهمة التي يجب على إسرائيل استخلاصها مما يحدث في منشآت النفط السعودية هي أن الرياض غير قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل فعّال، وهذه الحقيقة يجب أن تكون أساس أي تقدم سياسي مع المملكة. مع كل الاحترام لمكانة السعودية الرفيعة والمشرفة في الساحتين العربية والدولية، فإن الاعتماد الاستراتيجي عليها يجب أن يكون حذرًا ومدروسًا، مع مراعاة حقيقة أن هذه المملكة يصعب عليها الدفاع عن نفسها.

تمثل العلاقات السعودية مع إسرائيل في الوضع الحالي مصلحة سعودية أكثر بكثير منها مصلحة إسرائيلية، ولذا لا يوجد سبب يدفع إسرائيل للتضحية بمصالحها الحيوية -على سبيل المثال: السيادة على الوطن- على مذبح العلاقات مع المملكة، التي تخشى حتى ذكر اسم عدوها الذي يلحق بها الضرر مرة بعد أخرى. وإذا تم الإعلان في يوم من الأيام عن إقامة العلاقات بين إسرائيل والسعودية فسأكون سعيدًا بمعرفة ما إذا كان هناك “ملحق سري” لهذا الإعلان، وما هو مكتوب فيه للتأكد من أن إسرائيل لم تتعهد بأي شكل من الأشكال بحماية السعودية من أي عدو في البحر.

درور مانور: اليمن واحدة من أكثر الأماكن إشكالية في الشرق الأوسط

نشر “درور مانور” البروفيسور الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية مقالًا في موقع actualic أشار فيه إلى أن الحرب حولت اليمن إلى بلد مدمر بالكامل؛ حيث أصبح بمثابة ساحة ملعب في الصراع العنيف بين السعودية وإيران، كما يعاني من أزمة إنسانية خطيرة للغاية.

يزعم كثيرون بأن الأزمة في اليمن تعد أخطر أزمة إنسانية في العالم، ولذلك، عقد ممثلو الأمم المتحدة الأسبوع الماضي مؤتمرًا لخبراء بارزين لمناقشة الوضع الصعب في اليمن. لقد أعدت سويسرا والسويد هذا المؤتمر المهم، وركز خلاله الخبراء على وضع المواطنين اليمنيين المريع، والسعي لإيجاد طرق مبتكرة لتشجيع المنظمات الدولية، ودول كثيرة بقدر الإمكان لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس في الدولة العربية الفقيرة، وكذلك لتحسين الوضع المزري للأطفال اليمنيين. ونأمل أن تثمر فعاليات هذا المؤتمر المهم، وأن تكون قادرة على الإسهام في إنقاذ الشعب اليمني اليائس.

لا شك أن المجتمع الدولي يجب عليه اتخاذ الإجراءات اللازمة، واستخدام جميع الهيئات والمنظمات ذات الصلة من أجل تقديم المساعدة السريعة للشعب اليمني الذي يعاني. إذا لم يتم تقديم المساعدة في الوقت المناسب، فسيكون الوضع أسوأ بكثير؛ حيث يوجد العديد من الأطفال الذين يعانون من ضائقة شديدة للغاية. يتعيّن على دول العالم، وخاصة الولايات المتحدة أن تضغط على حليفتها السعودية؛ لاتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الصعب في اليمن، بما في ذلك المساعدة في مكافحة انتشار فيروس كورونا القاتل.

الأمر الخطير هو أنه حتى الآن لا يوجد وقف لإطلاق النار في الأفق في اليمن. يجب على المنظمات الإنسانية والطبية الدولية بذل قصارى جهدها لتقديم مساعدة طبية مكثفة لجميع سكان اليمن، والعمل من أجل مساعدة سكان البلاد لمكافحة وباء كورونا من خلال النظافة، وارتداء الأقنعة، والحفاظ على المسافة التباعدية، على الرغم من أن هذا يكاد يكون مستحيلًا في ظل حقيقة أن السكان قبليون وبدائيون إلى حد كبير.

إسرائيل تزود السعودية بأنظمة القبة الحديدية

قال “رامي يتسهار”[4] في موقع “عنيان مركزي” الإخباري الإسرائيلي إن إسرائيل زودت السعودية بأنظمة دفاع متطورة من طراز “القبة الحديدية”. يعد هذا النظام المتخصص في الدفاع عن مناطق محددة صغيرة نسبيًا ومحددة مسبقًا.

وأشار إلى النظام ضروري للسعوديين لمواجهة الهجمات الصاروخية والقذائف قصيرة المدى التي يستخدمها المتمردون الحوثيون في اليمن.


الهوامش:

  1. محلل في شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة “جيروزاليم بوست”. لقد غطى الحرب ضد تنظيم داعش، وحروب غزة الثلاثة، والصراع في أوكرانيا، وأزمة اللاجئين في أوروبا الشرقية، كما قدم تقاريرًا عن العراق، وتركيا، والأردن، ومصر، والسنغال، والإمارات، وروسيا. حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة العبرية في القدس عام 2010. عمل مسبقًا باحثًا مشاركًا في مركز “روبين” للأبحاث والشؤون الدولية، ومحاضرًا في الدراسات الأمريكية في جامعة القدس. ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل.
  2. محلل شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة “هاأرتس”، عمل مسبقًا مبعوثًا للصحيفة في واشنطن. ويحاضر “برئيل” في كلية “سابير”، وجامعة “بن جوريون”، ويبحث في سياسة وثقافة الشرق الأوسط. نال عام 2009م على جائزة “سوكولوف” على إنجازاته.
  3. وُلد في 25 سبتمبر 1952 لأبوين من أصول بولندية هاجروا إلى فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي. لقد خدم لمدة 25 عامًا في المخابرات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي حيث تخصص في الجماعات الإسلامية، والخطاب السياسي للدول العربية، والصحافة العربية ووسائل الإعلام، والساحة المحلية السورية. عمل المستشرق “مردخاي كيدار” محاضرًا في قسم اللغة العربية في جامعة بار- إيلان، وزميلًا باحثًا في مركز بيجين – السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار – إيلان، وتركزت أبحاثه حول نظام حافظ الأسد في سوريا.
  4. صحفي ومذيع إسرائيلي، عمل محررًا ومقدم برامج في إذاعة “كول يسرائيل”، وإذاعة “جالي تساهل”. كما يعمل محررًا في موقع “عنيان مركزي” منذ عام 1999، حصل على ماجستير في الإعلام. كان ضابطًا في الجيش الإسرائيلي وخدم في وحدة التحقيق في الشرطة العسكرية.
مشاركة