إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية فيلق القدس وتحقيق الرؤية الإيرانية في اليمن

برزت الأزمة اليمنية في وسائل الإعلام ومراكز البحوث الإسرائيلية، ويترجم مركز صنعاء للدراسات بشكل دوري ومستمر أبرز التقارير والمقالات التحليلية بوصفها جزءًا من اهتماماته والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.

تركزت التقارير الأخيرة في إسرائيل حول دور فيلق القدس في تحقيق الرؤية الإيرانية بالسيطرة على اليمن والتصدي لخصومها، واستخدام جماعة الحوثيين المسلحة كأداة للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل. وتناولت تباهي إيران بقدرتها على توحيد ما يُسمى بـ”محور المقاومة” المتمثل في حزب الله اللبناني، والمليشيات السورية والعراقية، وجماعة الحوثيين في اليمن، وحركة حماس، حال تعرضت لهجوم على إثر التوتر الأخير مع المجتمع الدولي وعدم التوصل إلى اتفاق حول برنامجها النووي.


فيلق القدس وتحقيق الرؤية الإيرانية في اليمن

تناول موقع نتسيف الإخباري الإسرائيلي تسليح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني جماعة الحوثيين ودعمها اقتصاديًّا، لتكون ساحة تصدٍ إضافية للدول التي تشكل تهديدًا استراتيجيًّا لسيطرة إيران على شبه الجزيرة العربية.

وقال الموقع في تقرير له إن فيلق القدس زوّد على مدى سنوات الحوثيين بأسلحة إيرانية متطورة، مثل الطائرات دون طيار، والصواريخ الباليستية والمضادة للدبابات والطائرات، والتدريبات العسكرية، إضافة إلى المساعدة في المعركة البرية الدائرة على الحدود السعودية.

يترأس “عبدالرضا شهلاي” -وهو إيراني يبلغ من العمر 64 عامًا، ومسؤول في الوحدة 400- وحدة العمليات الخاصة في فيلق القدس ويعمل على ترسيخ الوجود الإيراني في اليمن.

خبرة “شهلاي” العملياتية الواسعة في إنشاء وتسليح الميليشيات الشيعية في العراق على مدى العقد الماضي، وقربه من قائد فيلق القدس السابق “قاسم سليماني”، وقائد الحوثيين في اليمن “عبدالملك الحوثي”، مكّنت فيلق القدس من تحقيق الرؤية الإيرانية التي تُترجم إلى استراتيجية لامركزية لجهود فيلق القدس، تتضمن تسليح التنظيمات الجهادية الفلسطينية في قطاع غزة – حماس والجهاد الإسلامي، حتى على حساب تقويض نطاق الأسلحة التي بحوزة الحوثيين.

كيف يُدار طريق التهريب الإيراني عبر اليمن إلى قطاع غزة؟

تُنقل الأسلحة الموجهة إلى قطاع غزة، ومنها الصواريخ قصيرة المدى، وصواريخ كورنت، عبر اليمن، التي كانت جزءًا رئيسيًّا من طرق الملاحة الإيرانية لتهريب الأسلحة بين إيران والسودان ومن هناك إلى مصر.

تُنقل الأسلحة في اليمن من مسؤولية فيلق القدس وحزب الله اللبناني، الذي يعمل أيضًا في البلاد، إلى مسؤولية الفصائل الفلسطينية ووكلائها في البلاد، وبمساعدة عملاء محليين يخزنون الأسلحة بشكل مؤقت داخل اليمن مثل: أبو إبراهيم الهادي، وربيع جرمان.

في السنوات الأخيرة فشلت الفصائل في غزة بنقل أسلحة إيرانية نوعية من خارج اليمن على الرغم من الجهود المستمرة لفيلق القدس؛ ويرجع ذلك إلى تقويض نشاط “عبدالمجيد الحرازي” الملقب بـ”أبو عبدالله”، مسؤول الاتصال بين حماس وفيلق القدس في اليمن، وتورط عناصر يمنية تختلف مصالحها عن مصالح الفصائل الفلسطينية.

تهريب أسلحة إيرانية من اليمن إلى الصومال

في سياق متصل، نقل موقع جيروزاليم بوست عن مركز أبحاث مقره جنيف قوله إن الأسلحة التي قدمتها إيران إلى حلفائها الحوثيين في اليمن هُربت عبر خليج عدن إلى الصومال. وقالت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية إن أكثر من 400 قطعة سلاح موثقة في 13 موقعًا و13 مركبًا شراعيًّا اعترضتها سفن بحرية خلال الأشهر الماضية.

وتعد هذه أول دراسة معلنة توضح حجم تهريب الأسلحة غير المشروعة من اليمن إلى الدولة الواقعة في القرن الأفريقي. مشيرة إلى أن “الأسلحة التي مصدرها تجارة الأسلحة الإيرانية اليمنية هُربت إلى الصومال“.

وصادرت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية قاربًا يحوي نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وبه أماكن مخزنة في إيران وجنوب اليمن والصومال، ومنها، مرسى صغير بالقرب من ميناء جاسك، الذي يستضيف قاعدة بحرية إيرانية، وميناء المكلا اليمني، وهو مركز معروف لتهريب الأسلحة.

ولفت الموقع إلى نفي إيران مرارًا وتكرارًا أي تورط لها في تهريب أسلحة للحوثيين على الرغم من كثرة الأدلة التي تشير إلى تورطها.

تعزيز العلاقات العسكرية بين حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن

تناول موقع تيك دبكا الاستخباراتي الإسرائيلي إعلان وزارة الخارجية الأمريكية جائزة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات قد تساعد في العثور على مكان وجود قائد القوات الخاصة في حزب الله “هيثم علي طبطبائي”.

وأفاد البيان الأمريكي أيضًا أن نشاط “طبطبائي” في اليمن وسوريا يعد جزءًا من جهود حزب الله المكثفة لتوفير التدريب، والمعدات، والقوى البشرية؛ لدعم عمليات تقوض الاستقرار الإقليمي.

ونقل موقع تيك دبكا عن مصادر عسكرية قولها إن “طبطبائي” عمل أيضًا في اليمن لإنشاء نظام دفاع شخصي حول زعيم الحوثيين “عبدالملك الحوثي” في الوقت الذي يظهر ضباط من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله يتجولون وهم يرتدون زيهم العسكري علانية في مناطق سيطرة الحوثيين.


الوجود الإيراني في المنطقة عبر الطائرات المسيّرة

قال المقدم احتياط “ميكي سيجال”،[1] إن تكثيف الحوثيين هجماتهم باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية ضد أهداف في اليمن والسعودية، يكشف عن وجود إيراني قوي في اليمن.

وعدد سيجال الهجمات الحوثية مؤخرًا، وقال إنَّ تقليص البطاريات الدفاعية في السعودية، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، وفي خضم أزمة المحادثات النووية في فيينا، يزيد من مخاوف دول الخليج من إيران، ويضع علامات استفهام حول مدى الاستعداد الأمريكي لمساندة دول الخليج حال حدوث هجوم إيراني.

وعلى الرغم من تصريحات المتحدث باسم البنتاغون “جون كرابي” التي تؤكد على أن التزام الولايات المتحدة بحلفائها في الشرق الأوسط “عميق وواسع” فإن ذلك لم يقلل من مخاوف دول الخليج، بينما زعمت إيران والحوثيون بأن أنظمة الدفاع الأمريكية في السعودية غير فعَّالة في اعتراض الطائرات دون طيار والصواريخ الباليستية.

تجهيز الحوثيين بمجموعة واسعة من الأسلحة والمعرفة لإنتاجها

قال سيجال إن إيران تواصل تجهيز ومساعدة الحوثيين في بناء سلاح جوي يجمع بين صواريخ باليستية، وصواريخ كروز، وقذائف، وطائرات مسيّرة مهاجمة إلى جانب دعم إنتاج أسلحة إضافية. معظم الأنظمة التي يمتلكها الحوثيون مصدرها إيران. في الوقت نفسه، تعمل إيران جاهدة لمساعدة الحوثيين على إنشاء نظام إنتاج مستقل قائم على المعرفة الإيرانية حتى لا يعتمد على الأنظمة الإيرانية التي تمكنت إيران من تهريبها إلى اليمن.

أدخل الحوثيون مجموعة واسعة من الأسلحة، ومنها طائرات دون طيار، والمروحيات متعددة المحركات، وصواريخ، وقذائف بمختلف أنواعها، ومدافع هاون، وبنادق قنص، وألغام بحرية، وقنابل حشوة متفجرة مشكلة ومقولبة لتركيز طاقة الانفجار على مكان محدد (توضع على القوارب المتفجرة المسيرة) في مارس 2021.

تمكنت إيران، من خلال هذه السياسة، من إنشاء قوة عسكرية فعالة ورادعة في اليمن ضد السعودية، خصمها اللدود، وحتى ضد دول الخليج الأخرى. كما أطلق الحوثيون طائرات مسيرة وصواريخ على الإمارات. لقد هاجمت طائرة دون طيار من طراز “صمد -3” مطار دبي عام 2018، وأُطلق صاروخ عام 2017 على محطة بركة للطاقة النووية في أبوظبي.

حولت إيران اليمن إلى حقل تجارب وأكبر “مركز معرفة” واختبار تشغيلي من خلال الهجمات الحوثية المتكررة على أهداف في عمق السعودية واستهداف نطاقات البنية التحتية الاستراتيجية السعودية، والمطارات، والمنشآت النفطية، والمؤسسات الحكومية، وغيرها. تزوّد إيران الحوثيين بمعرفة واسعة وخبرة عملية في تشغيل أسلحة مختلفة خلال المعارك في مناطق مختلفة، وفي بعض الحالات، يشارك عناصر من الذراع الصاروخية للحرس الثوري، وكذلك عناصر من حزب الله اللبناني، في تشغيل أنظمة الحوثيين وتدريبهم.

تراقب إيران عن كثب تشغيل أنظمة الدفاع الجوي السعودية، وخاصة بطاريات باتريوت وأنظمة ثاد التي تعترض الصواريخ الباليستية على ارتفاعات أعلى من باتريوت.

في وسط الجهود المبذولة لتطوير القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة لعناصر ما يسمى بـ”محور المقاومة”، توجد وحدة 340 في فيلق القدس التي يتمثل جهدها الرئيسي في توسيع نطاق العمل، وتحسين الدقة، وزيادة القدرة على التدمير في المنطقة المستهدفة. يقوم بأنشطة هذه الوحدة مُدرِبون في مناطق مختلفة، وتزور عناصر حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني إيران لدراسة التكنولوجيا، ووسائل الإنتاج، وتنسيق تهريب المكونات الخاصة بصناعة الصواريخ الثقيلة والصواريخ وغيرها من الأسلحة (صواريخ مضادة للدبابات، وبنادق قنص، وقذائف هاون) في مناطق النزاع، بما في ذلك قطاع غزة.

ينجح الحوثيون والمنظمات الجهادية في إنتاج صواريخ أثقل وأطول مدى، لا تعتمد في بعض الأحيان على الصواريخ/ القذائف الإيرانية الموجودة، ولكنها إنتاج ذاتي قائم على المعرفة التكنولوجية الإيرانية.

تكتسب إيران الكثير من الخبرة من تشغيل أنظمة أسلحة مختلفة في مختلف ساحات “محور المقاومة” مثل: سوريا، ولبنان، والعراق وتحاول بشكل تدريجي استخدام هذه القدرات في جولات التصعيد بين التنظيمات الفلسطينية في غزة وضد القوات الأمريكية في العراق. تعمل إيران باستمرار على تجهيز كافة فصائل “محور المقاومة” بقدرات غير متكافئة قادرة على ضرب أعماق الأراضي الإسرائيلية، وأراضي منافسيها الإقليميين، خاصة في الخليج والعراق. في السنوات الأخيرة، حاولت إيران زيادة التنسيق بين مختلف تلك الفصائل، وتحسين القدرة العسكرية العملياتية لعناصرها. حسب رأيها، فإن “محور المقاومة” سيكون في نهاية المطاف أكبر من مجموع عناصره ويمكن، تحت قيادتها، العمل سويًّا أثناء المواجهة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة أو عندما ترى إيران ذلك مناسبًا، خاصة إذا تعرضت للهجوم من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي تحالف عربي.

قد تنعكس الخبرة التي اكتسبتها تلك العناصر في تشغيل منظومات الأسلحة، مع استخلاص الدروس والتعلم المتبادل من خلال إيران وحزب الله، في المجال الجوي والبحري (الهجوم على منصات الغاز والسفن) والقتال البري. خلال فترة “حارس الأسوار”، عملت غرف حرب مشتركة بين تنظيم حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني مع حزب الله.

لم تدفع إيران حتى الآن ثمن النشاطات التي يقوم بها وكلاؤها. كما أنها لم تدفع ثمن ما تقوم به بنفسها، مثل الاستيلاء على السفن المدنية وإلحاق الضرر بها في الخليج العربي. وبسبب تآكل القدرة على ردعها، زادت جرأتها. تؤكد الحكومة الجديدة في إيران على اتباع سياسة إقليمية ودولية أكثر تحديًّا من حيث تشجيع وكلائها للعمل ضد منافسيها.

ويقول سيجال إن إسرائيل قد تحتاج إلى جانب الدول العربية التي وقعت معها اتفاقية سلام، والسعودية، لرؤية في إدارة المعركة ليس فقط ضد إيران، ولكن أيضًا ضد “محور المقاومة” كافة، ولا تنتظر المزيد من المفاجآت.


مناورة بحرية لكبح الوجود الإيراني في سوريا واليمن والعراق

قال الصحفي الإسرائيلي “إيتسك وولف” في موقع news1 الإخباري إن المناورة البحرية التي جرت في الأيام الأخيرة في البحر الأحمر بمشاركة البحرية الإسرائيلية، والأمريكية والإماراتية، ينبغي أن تكون بمثابة إشارة لإيران لكبح عدوانها البحري.

وفي السياق ذاته نقل موقع “كان” الإخباري عن ضابط بحري إسرائيلي رفيع قوله، إن “المناورة تهدف إلى الاستعداد لمواجهة تهديد الترسيخ الإيراني في المنطقة برمتها -اليمن، والعراق، وشرق سوريا”. وقال إن التهديدات الإيرانية الرئيسية تكمن في الطائرات دون طيار. وأضاف أن “إيران أكثر استقلالية في البحر، ولا تعتمد على دول أخرى، وبالتالي يجب اتخاذ إجراءات ضد تعزيز مكانتها في البحر، وانتهاك حرية الملاحة والإرهاب البحري”.

وقال الضابط الرفيع “هذه هي المرة الأولى التي ينعقد فيها اجتماع في البحر؛ لتبادل المعرفة بيننا وبين الإمارات والبحرين حول تقنيات العمليات، وهذه بداية التعاون، وتتيح لنا زيادة نطاق عمليات الذراع البحرية؛ للحفاظ على حرية الملاحة في المنطقة ومنع الارهاب البحري”.

اعتمدت العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين منذ بدئها بشكل رئيسي على السياحة والتجارة. وتعد التدريبات العسكرية المشتركة للبلدين رسالة لإيران التي تجري تدريبات عسكرية كبيرة.

قال وولف إن هذه المناورات أكبر تدريب جوي في إسرائيل، ويضم تحالفًا من عدة دول. أرسلت كل دولة ست طائرات مقاتلة، وطائرات نقل، وطواقم أرضية كاملة، ووصل عدد المشاركين إلى أكثر من 1500 جندي. وبالتزامن مع التدريب، عُقد في إسرائيل اجتماعًا لـ 11 دولة تقوم بتشغيل طائرات F35. ودُعي لحضوره قائد القوات الجوية الإماراتية، التي من المتوقع أن تستقبل بلاده الطائرات المتطورة بعد توقيع “اتفاقيات إبراهام”.

وتناول المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة المناورة البحرية الإيرانية، وقال إن إيران أدخلت خلال المناورات الحربية طائرة ذو الفقار 1400 وهي سلسلة من طائرات “أرش” المسيرة الانتحارية التابعة للجيش الإيراني والمعنية بضرب أهداف بعيدة المدى. وشاركت في المناورات الإيرانية قوات مشاة، ووحدات مدرعة، وكتائب ميكانيكية، وقوات بحرية وجوية ودفاع جوي.


الرياض تواجه أجندة إقليمية من التهديدات الإيرانية

قال فرانتزمان[2] إن الحوثيين يصورون أنفسهم بشكل متزايد على أنهم جزء من نظام التحالف الإيراني في المنطقة إلى جانب حزب الله والميليشيات العراقية. وزعم الحوثيون أنهم يقاتلون ضد “المعتدين والمحتلين ومرتزقة واشنطن وتل أبيب”. من الواضح أنهم يعتقدون أن معركتهم ضد السعودية هي جزء من حربهم الشاملة على إسرائيل والولايات المتحدة. ومأرب ما هي إلا نقطة انطلاق.

قال فرانتزمان إن إيران تريد الضغط على السعودية في مأرب ربما كجزء من حيلة أكبر بكثير لضرب السعودية من اليمن حيث تحاول الرياض الضغط على حزب الله في لبنان. وهذا يعني أن الرياض تواجه أجندة إقليمية من التهديدات الإيرانية تمتد آلاف الكيلومترات من اليمن عبر خليج عمان إلى الكويت وعبر العراق والبوكمال ثم عبر سوريا إلى لبنان. ترى إسرائيل أيضًا في هذه التهديدات مصدر قلق خطير.


هل تنجح المبادرة الروسية بوقف الحرب في اليمن؟

قال جيمس م. دورسي[3] في موقع تايمز أوف إسرائيل إن روسيا تأمل في بث روح جديدة في مقترح لبنية أمنية متعددة الأطراف في الخليج، بموافقة ضمنية من إدارة “جو بايدن”.

وأضاف أن هذه المبادرة ستساعد في حال نجاحها في استقرار المنطقة، وتعزيز الجهود الإقليمية للحد من التوترات، وقد تمنع اليمن الذي مزقته الحرب من أن تكون مثل أفغانستان على الحدود الجنوبية السعودية، وخليج عدن، وعند مصب البحر الأحمر.

وبحسب مجلة نيوزويك، يقوم فيتالي نومكين، الذي يُعتقد أنه مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتي، والباحث البارز والمستشار الأكاديمي لوزارتي الخارجية والعدل، ورئيس معهد الدراسات الشرقية في الأكاديمية الروسية للعلوم بسبر أغوار هذا الأمر. إذ دعا المسؤولين والعلماء والصحفيين السابقين من دول الشرق الأوسط إلى اجتماع مغلق في موسكو؛ لمناقشة النزاعات والصراعات المتعددة في المنطقة، وسبل منعها من الخروج عن السيطرة.

يبدو أن روسيا قد حددت توقيتًا زمنيًّا لإحياء اقتراحها لبدء إنشاء إطار عمل للتعامل مع الحوثيين، الذين تغلبوا، على ما يبدو، على السعودية في حرب اليمن، فالأخيرون على وشك السيطرة على محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز، ما يمهد الطريق لسيطرتهم على محافظة شبوة المجاورة، ما يؤدي إلى سيطرتهم على شمال اليمن بأكمله.

قد يعزز التقدم العسكري بشكل كبير الموقف التفاوضي للحوثيين في محادثات إنهاء الحرب. كما أنها تثير شبح تقسيم اليمن إلى شمال يسيطر عليه الحوثيون، وجنوب مرهون للسعودية والإمارات. قد يتشابه شمال اليمن مع أفغانستان؛ حيث سيحكمه جماعة إسلامية قومية تترأس واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وتكافح من أجل الحصول على اعتراف دولي، واستعادة الخدمات العامة، وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الذي مزقته الحرب بينما يعمل فرع القاعدة في الجنوب.

كما يبدو أن هدف المبادرة الروسية هو الاستفادة من جهود المنافسين في الشرق الأوسط، السعودية والإمارات وقطر وتركيا وإيران؛ لتقليل التوترات الإقليمية، والسيطرة على خلافاتهم، وضمان عدم خروجها عن السيطرة. تستغل موسكو ما يصفه البعض بالمحادثات المتوقفة مؤقتًا، أو المحادثات التي انتهت إلى طريق مسدود بين السعودية وإيران بوساطة العراق.

اقترح نومكين أن المبادرة الروسية توفر فرصة لاستثناء الشرق الأوسط من منطقة التعاون، وكذلك التنافس مع الولايات المتحدة على عكس جنوب شرق أوروبا وأوكرانيا، حيث يتصاعد التوتر الأمريكي الروسي. وقال لدى روسيا والولايات المتحدة “تهديد واحد مشترك في الشرق الأوسط، وهو التهديد بالحرب، ولا تهتم الولايات المتحدة أو روسيا بخوض هذه الحرب”.

لم يستبعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس هذا التعاون، وقال: “نظل على استعداد للتعاون مع روسيا في المجالات التي يكون للجانبين فيها مصالح مشتركة بينما نعارض السياسات الروسية التي تتعارض مع المصالح الأمريكية”.

يدعو الاقتراح الروسي إلى دمج مظلة الدفاع الأمريكية في الخليج في هيكل أمني جماعي يشمل روسيا، والصين، وأوروبا، والهند إلى جانب الولايات المتحدة. سيتضمن الهيكل إيران ولن يستبعدها، وينبغي أن يمتد إلى إسرائيل وتركيا. إن مساعي الإمارات لإعادة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الساحة العربية، إن لم يكن لحظيرة المجتمع الدولي، وإن لم تكن مدفوعة بالمبادرة الروسية، من شأنها أن تسهل ذلك إذا تساوت كل الأمور الأخرى.

ترى روسيا أن الهيكلة تتيح إنشاء “تحالف لمكافحة الإرهاب (من) جميع الأطراف المعنية” يكون المحرك لحل النزاعات في جميع أنحاء المنطقة، وتعزيز الضمانات الأمنية المشتركة. كما ستشمل الخطة إزالة “الانتشار الدائم لقوات دول من خارج المنطقة في أراضي دول الخليج”، في إشارة إلى القوات والقواعد الأمريكية والبريطانية والفرنسية في مختلف دول الخليج، وأماكن أخرى في الشرق الأوسط. وهو يدعو إلى نظام أمني “عالمي وشامل” يأخذ في الاعتبار “مصالح جميع الأطراف الإقليمية وغيرها من الأطراف المعنية، في جميع مجالات الأمن، بما في ذلك أبعادها العسكرية والاقتصادية والمتعلقة بالطاقة.”

في قراءة نومكين، فإن المنافسين في الشرق الأوسط “ضاقوا ذرعًا مما يحدث”، و “خائفون من حرب محتملة”. والمفاوضات هي الخيار الوحيد المتبقي لهم. يبدو أن هذا يدفع رجالًا مثل ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، ونظيره السعودي محمد بن سلمان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والزعيم الإيراني إبراهيم رئيسي، للتواصل مع بعضهم في موجة من النشاط في الآونة الأخيرة.

وفي المقابل، حذرت مجلة The Economistمن أن “هذه محادثات بين مستبدين حريصين على حماية قبضتهم على السلطة وتعزيز اقتصاداتهم”.


الهوامش

  1. باحث أول في المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة. متخصص في القضايا الاستراتيجية، مع التركيز على إيران، والإرهاب، والشرق الأوسط. خدم في الجيش الإسرائيلي في وحدة الأبحاث الإيرانية بفرع الاستخبارات، وفلسطين، ومكافحة الانتشار. كما أنه رئيس الاستخبارات في شركة Acumen Risk لأبحاث المخاطر والتهديدات.
  2. محلل في شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة “جيروزاليم بوست”. لقد غطى الحرب ضد تنظيم داعش، وحروب غزة الثلاثة، والصراع في أوكرانيا، وأزمة اللاجئين في أوروبا الشرقية، كما كتب تقاريرًا عن العراق، وتركيا، والأردن، ومصر، والسنغال، والإمارات، وروسيا. حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة العبرية في القدس عام 2010. عمل مسبقًا باحثًا مشاركًا في مركز “روبين” للأبحاث والشؤون الدولية، ومحاضرًا في الدراسات الأمريكية في جامعة القدس. ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل.
  3. باحث وصحفي حائز على جوائز، وزميل أول في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية.
مشاركة