إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية القصف الأمريكي لن يردع الحوثيين دون الضغط على إيران

تنويه: حُررت هذه الترجمة مراعاة للوضوح، والآراء الُمعرَب عنها فيها لا تعكس آراء مركز صنعاء للدراسات، كما لا يُعد المركز مسؤولًا عن صحة البيانات والمعلومات الواردة أيضًا.


يقول تقرير في موقع مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية واليهودية إن حملة القصف الأمريكية الأوسع على الحوثيين تتميز عن مختلف العمليات السابقة الفاشلة التي استهدفت الجماعة بما في ذلك الضربات الإسرائيلية، غير أنه أشار إلى أن الحملة قد تكون مثمرة إذا ما عززتها تدابير أخرى، مثل عمليات برية تنفذها قوات محلية ضد الحوثيين في اليمن، وفرض حظر صارم على شحنات الأسلحة والمكونات الإيرانية.

وبحسب التقرير فإن المخاوف تتعلق من أن تؤدي الحملة المطوّلة إلى استنزاف ترسانة الولايات المتحدة من بعض الذخائر التي قد تحتاجها عند حالة الطوارئ في المحيط الهادئ، مثل أزمة تايوان.

ويشير تقرير آخر إلى أن علاقة الحوثيين المتنامية مع روسيا من الجوانب المثيرة للاهتمام، والأقل تداولًا في الوقت نفسه.

في السياق ذاته، تقدّر مصادر أمنية إسرائيلية أن موقف الحوثيين لم يتأثر بعد ضربات إسرائيل البالغة التي ألحقتها بحزب الله في لبنان، وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، مشيرة إلى أنهم الآن أقوى ذراع لإيران في الشرق الأوسط، ويعتزمون تحدي إسرائيل، وإدارة دونالد ترامب الجديدة، مع توقعات باستئناف الحرب الأهلية في اليمن في ظل الانسداد السياسي، وفشل جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق.

ووفق تقرير آخر فإن هدف الحوثيين ليس تدمير إسرائيل لأنها فكرة وهمية، إن طموحهم أكثر براغماتية وهو ضمان بقائهم والحصول على مقعد على طاولة المفاوضات، وإذا حالفهم الحظ يحظون باعتراف دولي وشرعية، في الوقت الذي تبدو خيارات الحوثيين أسوأ بكثير مما كانت عليه في أكتوبر 2023، لأنهم خسروا اتفاق سلام كان من شأنه أن يمهد لمزيد من الاعتراف الدولي وبسط سيطرتهم على بقية اليمن.


ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وذلك جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.


جدول المحتويات إظهار

وقاحة الحوثيين لن تصمد أمام قوة إسرائيل والولايات المتحدة

قال أليكس ونستون محرر الأخبار في موقع جيروزاليم بوست، 21 مارس 2025، إن سكان القدس وكثيرين في أنحاء إسرائيل هرعوا للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة، إلى الملاجئ مع دوي صوت صاروخ حوثي أُطلق من اليمن باتجاه إسرائيل.

وقال إن تهديد الحوثيين لا يُضاهى مقارنةً بالحرس الثوري الإسلامي الإيراني أو حماس وحزب الله، وهذا لا يعني مطلقًا التقليل من خطر الحوثيين. إنهم لا يزالون أعداءً، وكل شيء وارد. ومع أن سلاح الجو الإسرائيلي أدى دورًا رائعًا في اعتراض الصواريخ قبل اختراقها المجال الجوي الإسرائيلي، فإن الإسرائيليين حكماء في اتخاذ الحيطة والحفاظ على سلامتهم دائمًا.

ومع ذلك، فإن الحوثيين ليسوا ندًا حقيقيًا للقوة العسكرية الإسرائيلية، أو للولايات المتحدة الأمريكية -أعدائهم الجدد في القتال. وعليهم أن يدركوا أنهم في الجانب الخاسر، ولا سبيل لهم للفوز. “لقد حان الوقت لمجابهتهم بنفس الطريقة التي واجهنا بها حماس وحزب الله، قبل أن تتجه الأنظار إلى إيران وآيات الله، لقد حان الوقت لإبعاد الحوثيين عن اللعبة السياسية وإحلال السلام في اليمن”، طبقًا لونستون.


بنصيحة من إيران: الحوثيون يخفون الصواريخ في مخابئ تحت الأرض

قال سيث جي فرانتزمان[1] في موقع جيروزاليم بوست، 27 مارس 2025، إن الحوثيين أطلقوا صاروخين بعيدي المدى على إسرائيل لإثبات قدرتهم على إطلاق صواريخ متعددة في وضح النهار، حتى مع استمرار الغارات الجوية الأمريكية في استهدافهم.

ورجح فرانتزمان إخفاء الحوثيين هذه الصواريخ في مخابئ تحت الأرض، وقال إنها مناطق يصعب اكتشافها وضربها. على سبيل المثال، يمكن إخفاء الصواريخ الباليستية في شاحنات مسطحة وحملها داخل حاويات شحن كما يفعل الإيرانيون، وقد يكون هذا النوع من التمويه قد وصل إلى اليمن.

وأشار إلى صعوبة العثور على منصات إطلاق الصواريخ. وقال إن الولايات المتحدة حاولت، أثناء حرب الخليج عام 1991، وقف هجمات صواريخ سكود على إسرائيل -التي شنها نظام صدام حسين من محافظة الأنبار غرب العراق. لقد باءت بالفشل محاولات عملية اكتشاف صواريخ سكود، وقد أظهرت أن الجيوش الحديثة تواجه صعوبة أيضًا في العثور على صواريخ سكود في الصحراء.

اليمن مليئة بالتضاريس الجبلية التي ترتفع على ما يربو ألفي متر فوق مستوى سطح البحر. وتشتمل على منحدرات جبلية وطرق وعرة، مما يزيد من صعوبة العثور على الصواريخ التي يمكن توزيعها في مجمعات الكهوف أو مخابئ الصواريخ تحت الأرض.

أتقن الإيرانيون إنشاء ما يُسمى “مدن الصواريخ” تحت الأرض. وفي الواقع، عرضت إيران “مدينة صواريخ” جديدة هذا الأسبوع. من الواضح أن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني هو من نصح الحوثيين ببناء هذا النوع من مجمعات المخابئ بعد عام 2015 عندما تدخلت السعودية في اليمن وقصفتهم، ولديهم الآن خبرة 10 سنوات في إخفاء الصواريخ عن الطائرات الحربية الأمريكية الحديثة.

وقال فرانتزمان إن الغارات الجوية الإسرائيلية على الحوثيين عام 2024 لم تردعهم، ولم تثنيهم أيضًا الغارات الجوية الأمريكية. أعلن الحوثيون أنهم لن يوقفوا هجماتهم وهو ما ترك الجبهة الداخلية الإسرائيلية تحت تهديدات غير مسبوقة على مدار الأشهر الـ 17 الماضية. ولفت إلى أنه لم يسبق في تاريخ إسرائيل أن اضطر ملايين الأشخاص للهرب إلى الملاجئ كل هذه المدة. لقد أنشأ الحوثيون وغيرهم -من الجماعات المدعومة من إيران -ترسانات تمثل تهديدًا للشرق الأوسط والعالم.

ولا شك أن هذا يوضح ضرورة إيقاف الحوثيين وتدمير ترسانتهم. وطريقة تحقيق ذلك لا تزال تعكر صفو الولايات المتحدة وإسرائيل.


غضب في إسرائيل بسبب تسريب معلومات استخباراتية جرى مشاركتها مع الولايات المتحدة

تناول موقع جيروزاليم بوست، 29 مارس 2025، ما أفادته قناة CBS أن مسؤولين إسرائيليين غاضبون من تسريب محادثات سيجنال التي كشفت معلومات استخباراتية حساسة شاركتها إسرائيل مع الولايات المتحدة من مصدر بشري في اليمن.

ووفقًا لمسؤول استخبارات أمريكي بارز ومصدر مطّلع على استياء إسرائيل، فإنه على الرغم من حذر الصحيفة في نشر المعلومات، فقد كشف عن مصدر بشري قدم معلومات استخباراتية لإسرائيل، والتي شاركتها بدورها مع الولايات المتحدة للاستهداف.

في مطلع الشهر الحالي، وُضعت خطة لاستخدام طائرات عسكرية أمريكية ومسيّرات لضرب أهداف في اليمن. وكان من المفترض أن تحمي هذه العمليات طرق الشحن، وتستهدف “الإرهابيين” الحوثيين الذين يشكلون تهديدًا لإسرائيل.

قدّمت إسرائيل معلومات تساعد في استهداف الحوثيين المدعومين من إيران، لكن المحادثة التي أنشأها والتز ونُشرت عن طريق الخطأ، عرضت المعلومات للخطر. أضاف والتز بدون قصد، رئيس تحرير مجلة “ذا أتلانتيك”، جيفري غولدبرغ، إلى المحادثة الجماعية.

وفيما يتعلق بالتنسيق الإسرائيلي مع الولايات المتحدة، ذكر موقع يديعوت أحرونوت، 16 مارس 2025، أن التنسيق مع إسرائيل ضروري؛ لأن أي هجوم أمريكي على عشرات الأهداف العسكرية في اليمن قد يحفز الحوثيين على إطلاق صواريخ باليستية، وطائرات مسيّرة متفجرة على إسرائيل وهو ما يتطلب أن تكون تل أبيب على أهبة الاستعداد. جدير بالذكر أن مساهمة إسرائيل في مجال الاستخبارات ضئيلة للغاية -هذا إن وجدت أساسًا. ولم تُشكل بعد قدرات جمع المعلومات التي يمكن أن تساعد القيادة المركزية للجيش الأميركي، التي تقود الهجمات.

وأشار الموقع إلى أن مساهمة إسرائيل تمثلت في تشجيع إدارة ترامب على صياغة السياسة العدوانية الجديدة على اليمن. ليس لأن الحوثيين عادوا لتهديد إسرائيل فحسب، بل حتى لا يتسنى لهم تهديد الملاحة في باب المندب، وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وتهديد سفن التحالف الغربي في البحر الأحمر.

ولفت الموقع أن المساهمة الرئيسة في مجال الاستخبارات هي من السعودية، ولكن معظم المعلومات يجمعها الأميركيون بأنفسهم.

وكشف موقع يديعوت أحرونوت، 2 أبريل 2025، بعد 5 أيام من بداية العملية الأمريكية أن مسؤولين إسرائيليين بارزين قالوا إن واشنطن طلبت من تل أبيب عدم الرد على إطلاق الحوثيين للصواريخ، و”ترك الأمر لهم” لمعالجته.

ورجح الموقع التزام إسرائيل بالطلب الأميركي بالإحجام عن الرد بعملية انتقامية، كما فعل سلاح الجو سلفًا. إن الهجمات التي نفذها سلاح الجو معقدة للغاية بسبب البعد الشاسع بين إسرائيل واليمن، والحاجة للتزود بالوقود جوًا. ومع أن هذه العمليات كانت استعراضًا لقدرات الجيش الإسرائيلي وذراعه الطويلة، إلا أنه من الأسهل على الأميركيين، الذين شنوا العملية الخاصة على الحوثيين، أن يهاجموا بالطائرات المتوفرة بأعداد أكبر على حاملات الطائرات.


بينيت وغانتس ينتقدان الحكومة الإسرائيلية بشأن سياستها إزاء الحوثيين

تناول موقع تايمز أوف إسرائيل، 30 مارس 2025، هجوم كل من رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت وزعيم حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس الحكومة الإسرائيلية بسبب سياستها تجاه إطلاق الحوثيين -المدعومين من إيران -صواريخهم من اليمن، قائلين بضرورة أن تدفع طهران الثمن.

كتب بينيت على موقع X: “عندما يطلق الحوثيون، ذراع إيران الإرهابي، النار على إسرائيل، يجب على إسرائيل الرد في طهران”. وأضاف: “إيران هي التي تموّل الحوثيين وتسلّحهم وتدربهم وتدير نشاطاتهم. إيران لديها الكثير لتخسره بخلاف الحوثيين”.

كتب بينيت: “لذلك، يجب على إسرائيل أن تنتزع الثمن من إيران. لن تفهم إيران إلا عن هذه الطريقة أنه لا ينبغي لها إطلاق النار على الدولة اليهودية”.

أرسل غانتس رسالة مماثلة عندما أعاد تغريد تصريحه الصادر في ديسمبر والذي قال فيه: “الحل في اليمن يكمن في إيران. يجب ألا نكتفي بالتدابير الانتقامية ضد الحوثيين -لقد حان الوقت لمعالجة الرأس المدبر”.


تقديرات بعد الهجمات الأميركية والإسرائيلية: مخزون صواريخ الحوثيين قليل للغاية

قال المراسل العسكري في موقع ماكو العبري نيتصان شابيرا، 31 مارس 2025، إن الحوثيين استأنفوا، منذ انتهاء وقف إطلاق النار في غزة، إطلاق الصواريخ على إسرائيل وبشكل يومي تقريبًا. لكن القيود الحقيقية تمنعهم من القصف على نطاق أوسع. وتقدر الأجهزة الأمنية أن الجماعة “الإرهابية” لا تمتلك سوى بضع عشرات من الصواريخ الباليستية.

وقال شابيرا إنها صواريخ ضخمة قد يصل وزن كل صاروخ إلى مئات الكيلوجرامات، ويتراوح طوله بين خمسة إلى عشرة أمتار. وينتج الحوثيون بضعة صواريخ جديدة شهريًا، وتشير التقديرات إلى أنهم يمتلكون بضع عشرات من منصات الإطلاق فقط، وهو عدد قليل للغاية مما يرغبون في تشغيله. في حين تعرضت كثير من منصات الإطلاق لهجمات أميركية وإسرائيلية أيضًا.

ثمة مشكلة أخرى وهي أن مناطق إطلاق هذه الصواريخ داخل اليمن محدودة للغاية، وفي الواقع يُعترض معظمها، ويسقط بعضها في السعودية والأردن. ومع ذلك فإنهم ينجحون في تعطيل وتيرة حياة ملايين الإسرائيليين اليومية.

منذ انتهاء وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، أطلق الحوثيون 11 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل. وتشير التقديرات إلى أن الحوثيين لن يتوقفوا وسيواصلون قصف إسرائيل -على الرغم من محدودية المخزون -لطالما استمر القتال في غزة.


روسيا بدلًا عن إيران.. الحوثيون يبحثون عن حلول بديلة

ذكر موقع جلوبس، 4 أبريل 2025، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية زعمت أخيرًا أن الحوثيين لم يبقَ لهم سوى “بضع عشرات” من منصات الإطلاق والصواريخ الباليستية القادرة على الوصول إلى إسرائيل. لكن المعطيات تشير إلى أن معدل القصف لم ينخفض في الوقت الراهن. ويحذر الخبراء من أن الحوثيين صامدون، ويتمتعون ببراعة لا يستهان بها، ومن الصعب ردعهم عبر الهجمات الأميركية. علاوة على ذلك، فإنهم يظهرون استقلالهم عن إيران، وثمة دلائل تشير إلى أنهم يبحثون عن راعٍ جديد وهي روسيا.

وتقول عنبال نسيم لوفطون[2] “إن الحوثيين عززوا قوتهم في فترة طويلة جدًا”. يقولون إن لديهم بضع عشرات من الصواريخ فقط، لكن من الصعب الجزم بصحة ذلك. يتمتعون بمنحى تعلّم ممتاز، فقد نجحوا في إنجاز أشياء لم يتوقعها أحد. فحيثما توفرت الرغبة والدافع والمال والأيديولوجية، وُجدت القدرة أيضًا.

وأشارت إلى أن الحوثيين “يعرفون طرق تهريب بحرًا وبرًا، ومن بينها عبر عُمان المجاورة. ويتلقون أسلحة ودعمًا ماليًا ومساعدات استخباراتية من إيران وحزب الله، منذ العام 2009 على الأقل، ولم يُعالج هذا الأمر جديًا. لذلك، من الصعب تقييم ما لديهم بالفعل، وقد أظهروا قدرة مبهرة على الصمود على مدى فترة من الزمن”.

وتضيف، أنه مع الفقر وانعدام التنمية في اليمن، لا ينبغي الاستهانة بقدراتهم العسكرية: “تصل الصواريخ الباليستية متفرقة، وتُجمّع في اليمن. لكنهم قادرون أيضًا على إنتاج مكونات معينة داخل اليمن، كما يستوردون الأسمدة والمتفجرات من خلال مشاريع تشجيع الزراعة”.

كما حذّر الدكتور يوئيل جوزانسكي [3] من أن قدرات الاستخبارات الإسرائيلية بشأن اليمن لا تزال محدودة للغاية: “استخباراتنا لا تملك معلومات جيدة عن اليمن. إنها ساحة بعيدة، ومواردنا مُستثمرة في أماكن أخرى”.

ويضيف، “الأمريكيون يحسنون صنعًا، لكن هذا لا يثنيهم. هل يمكن القول إن الهجمات الأمريكية سوف تقضي على المشكلة؟ بالطبع لا. للأسف، سوف يُشكلون مشكلة أمنية لسنوات كثيرة مقبلة”. ومن بين الأسباب التي جعلت المؤسسة الدفاعية تقدّر أن الحوثيين يعانون من نقص في الذخيرة هو الغارات الجوية التي يشنها الجيش الإسرائيلي، بل وأكثر منها الهجمات الأميركية المستمرة كل ليلة في الأسابيع الأخيرة.

لكن وفقًا للبروفيسور عوزي رابي[4] ، فإن “القوات الجوية غير قادرة على هزيمة هذه الظواهر على الإطلاق. الحوثيون أشبه بحماس في غزة: فهم كيان لا يملك “ضاحية” يمكن قصفها. هناك لامركزية كبيرة، وهم منخرطون إلى حد كبير بين السكان. إن التعايش بين السكان المدنيين والحوثيين هائل، وهو أمر مرن ومتغير. ولا يمكن إنهاؤه في بضعة أيام”.

“النفوذ الإيراني محدود”

ويذكر البروفيسور رابي أن “ترامب خلق معادلة قاتلة، مفادها أن أي هجوم من الحوثيين سيقابله هجوم على إيران”، لكن الدكتور جوزانسكي يقول إن “نفوذ إيران على الحوثيين ليس مطلقًا”. حاولت إيران إقناعهم بوقف إطلاق النار أو إبطاءه، لكن محاولتهم باءت بالفشل. إنهم فاعلون ومستقلون إلى حد كبير. لقد حصلوا على الموارد من إيران وحزب الله، لكن لديهم أجندة يمنية داخلية.

ويضيف البروفيسور رابي: “ثمة قادة كتائب وألوية لا ينصاعون بالضرورة إلى قيادة الحوثيين. إنه ليس جيشًا نظاميًا، بل جيش قبلي مبني على مجتمعات قبلية، ولكل منها سياستها الخاصة. الأمر يعتمد على مبدأ تبادل المنافع بين الأطراف، وإذا تعرضت قبيلة للحرمان أو لم تحصل على ما يكفيها، فلن تنصاع لهم بالضرورة”.

وبحسب الدكتور جوزانسكي، “تتباين الاعتبارات المتعلقة بإيران، فهناك مفاوضات أوسع بشأن الطاقة النووية، على سبيل المثال. إنها قضية معقدة، ولن تُحل سريعًا. حتى لو تمكنوا من تصفية عبد الملك الحوثي والإطاحة بكل القيادة، فستخلفها قيادة مختلفة”.

وفي الوقت نفسه، ثمة دلائل على أن الحوثيين يظهرون استقلاليتهم ويبدأون في البحث عن رعاة آخرين، إلى جانب إيران، وتقول لوفطون: “يمكن أن نتعلم الكثير بشأن ارتباطهم بروسيا من تصنيف الولايات المتحدة لهم كمنظمة إرهابية أجنبية”. فرض الأمريكيون عقوبات على كبار المسؤولين الحوثيين، ونظم بعضهم وفودًا إلى روسيا لنقل شحنات وإجراء اتصالات دبلوماسية. وأجرى رجال أعمال تحويلات مالية. هناك بصمة روسية واضحة للغاية. يبدو من وجهة نظر الحوثيين أن الحل إذا لم يكن في إيران فهو في روسيا.

وبالفعل اتهمت الإدارة الأميركية الحوثيين بالحصول على أسلحة من إيران وروسيا وحتى الصين. ويبدو أن المساعدات متبادلة، نقل الحوثيون مواطنين يمنيين إلى روسيا تحت ذريعة أنهم عمال أجانب، وجرى تجنيدهم (بعضهم قسرًا) في الجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا.

فما هو الحل؟ يرى البروفيسور رابي أنه “نظرًا لأن الولايات المتحدة لن تدخل اليمن برًا، بسبب تجاربها المؤلمة في العراق وأفغانستان، فإن ترامب بحاجة إلى استخدام وسائل غير تقليدية إذا أراد هزيمة الحوثيين”. وبحسب قوله، فإن الحل يكمن في “حصار بحري وجوي شامل. وهذا مهم، لأن اليمن أصبح اختبارًا حقيقيًا لسياسة ترامب بوجه عام. لأنه لا يريد أن يظهر وكأنه نمر من ورق”.


كم كلّف الولايات المتحدة اعتراض الصاروخ الذي أُطلق من اليمن إلى إسرائيل؟

ذكر موقع جيروزاليم بوست، 1 أبريل 2025، أن الصاروخين الباليستيين اللذين أُطلقا من اليمن، واللذين دفعا مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ، اعترضهما صاروخ “حيتس” إسرائيلي وصاروخ “ثاد” أمريكي في آن واحد، وهو ما يتضح من الحطام الذي عُثر عليه بعد الاعتراض في الخليل.

وصلت بطارية “ثاد” إلى إسرائيل، في أكتوبر الماضي، ونقلتها إدارة بايدن لتعزيز نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي في أعقاب إطلاق وابل الصواريخ الإيرانية.

إن نظام “ثاد” هو النظير الأمريكي لنظام “حيتس” الإسرائيلي، ولكنه يختلف اختلافًا كبيرًا في التصميم والتشغيل. كلا النظامين طُورا بعد حرب الخليج عام 1991 بعد فشل نظام “باتريوت” في اعتراض صواريخ “سكود” العراقية.

ومع أن النظامين مصممان للتصدي لأهداف متشابهة، إلا أنهما يختلفان اختلافًا كبيرًا في طريقة تشغيلهما وتكلفتهما.

يتميز النظام الأمريكي بخفة وزنه، مما يسمح بنقله بواسطة طائرات الشحن إلى مواقع القتال. أما صاروخ “حيتس” فهو أثقل، إذ صُمم لحماية إسرائيل عبر القواعد الثابتة أو أثناء سحبه بالشاحنات إلى مواقع جديدة. وللدفاع عن الأراضي الأمريكية نفسها، طُوّرت صواريخ اعتراضية أخرى أكبر حجمًا وأكثر تكلفة للتصدي للصواريخ العابرة للقارات من روسيا وكوريا الشمالية.

يتمثل الفارق الكبير بين النظامين في التكلفة: إذ تبلغ تكلفة كل صاروخ اعتراضي من طراز حيتس ما بين 2 و3 ملايين دولار، مقارنةً بصاروخ اعتراضي من طراز ثاد يكلف حوالي 12-15 مليون دولار. وهذا أحد أسباب اقتصار شراء نظام ثاد حتى الآن على الإمارات والسعودية، اللتين تستطيعان تحمل تكلفته. أما ألمانيا، التي قارنت بين ثاد وحيتس 3، فاختارت النظام الإسرائيلي.


إنجازات هائلة لكنها غير مرضية: الحملة الأمريكية على الحوثيين

تطرق داني سيترينوفيتش[5] في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، 3 أبريل 2025، إلى عدد من الإنجازات المهمة التي حققها الجيش الأميركي في حملته على الحوثيين. وقال إن هذه الهجمات التي قادتها حاملة الطائرات ترومان واستهدفت أساسًا العاصمة صنعاء ومنطقة صعدة، أدت ولأول مرة إلى أضرار جسيمة في قيادة الحوثيين، ويبدو أن الولايات المتحدة نجحت في تصفية عدد من كبار القادة، وأهمهم رئيس الفرقة البحرية في الجماعة، وقائد الجناح البري، ورئيس جهاز الأمن القومي، وقائد التشكيل الصاروخي، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، وقائد الحرس الجمهوري، وغيرهم. ويبدو أيضًا أن ثمة ضررًا لحق بقدرات الحوثيين الإنتاجية وفي إطلاق الصواريخ.

وأشار سيترينوفيتش إلى أنه مع هذه الإنجازات المهمة، يبدو أن الضرر الذي لحق بقدرات الحوثيين لم يؤثر على رغبتهم في مواصلة معركتهم التي تستهدف الوجود الأميركي في الخليج وقصف إسرائيل. ولا يزالوا متحمسين لاستئنافها. ومن الواضح أن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، مع التركيز على استمرارية الهجمات وخلق شعور بالاضطهاد لدى قيادة الحوثيين، تصعّب على الحوثيين تنفيذ خططهم العسكرية، ومع أنهم تمكنوا من إطلاق الصواريخ هنا وهناك، إلا أن الضغوط بدأت تلقي ظلالها.

والخلاصة هي أن الجيش الأميركي حقق حتى الآن عددًا من الإنجازات المهمة في معركتهم التي تستهدف الحوثيين، لكن هذه الإنجازات لم تؤثر حتى الآن على رغبة الحوثيين في مواصلة المعركة. وفي ضوء ذلك، لم يعد أمام الإدارة خيار سوى مواصلة ضرب الحوثيين ليلة تلو الأخرى حتى ينهاروا ويوقفوا هجماتهم. وفي الوقت الراهن، يبدو أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال، ولذا فمن المرجح أن تستمر الحملة في اليمن لأسابيع عديدة.

وفي سياق متصل ذكر موقع ماكو العبري، 5 أبريل 2025، أن العملية الأمريكية حققت نتائج محدودة وتكاليفها باهظة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز نقلًا عن مصادر في البنتاغون، إن الولايات المتحدة فشلت في إلحاق أضرار كبيرة بترسانة الأسلحة التي تمتلكها الجماعة المدعومة من إيران، ومن المتوقع أن تتجاوز التكلفة المالية للعملية المليار دولار.

وزعم التقرير أن مسؤولي البنتاغون قدموا خلال الإحاطات المغلقة أمام الكونجرس وحلفائه أخيرًا صورة مختلفة عن تلك المقدمة للجمهور. وبحسب التحديثات، نجحت الهجمات في ضرب عدة مواقع، لكن معظم ترسانة الحوثيين التي تضم صواريخ، وطائرات مسيّرة، وراجمات صواريخ، ظلت دون أضرار تذكر.

أعربت المؤسسة الدفاعية الأميركية عن قلقها إزاء ارتفاع معدل استخدام الذخائر الدقيقة، وخاصة بعيدة المدى، وهو ما قد يؤدي إلى استنزاف الاحتياطيات الاستراتيجية للبحرية الأميركية. وتكمن المخاوف من الإضرار بالقدرة على التعامل مع الصراعات المستقبلية، بما في ذلك الصراع المحتمل بين الصين وتايوان.


الحوثيون يتمددون إلى أفريقيا ويقتربون من إسرائيل

قالت ليئور بن أري، مراسلة شؤون العالم العربي في صحيفة يديعوت أحرونوت، 5 أبريل 2025، إن الحوثيين انتشروا في السنوات الأخيرة في منطقة القرن الأفريقي التي تشمل جيبوتي، والصومال (وكذلك صوماليلاند وبونتلاند) وإريتريا، وإثيوبيا.

وأشارت إلى أن سيطرتهم على هذه المناطق تدريجيًا أصبحت ذات أهمية، لترسيخ وجودهم والاقتراب أكثر من إسرائيل. وتتمتع أيضًا منطقة القرن الأفريقي والسودان بأهمية استراتيجية: لأن جزءًا منها يشكّل الطرف الآخر لخليج عدن، مقابل اليمن، ويمتد الجزء الآخر على طول سواحل البحر الأحمر. إن النفوذ هناك -إلى جانب النفوذ في اليمن -يخدم غرض فرض الحصار على إسرائيل، ويمكن أن يساعد أيضًا في تقديم المساعدات لحماس في غزة.

على سبيل المثال، وسع الحوثيون الشيعة تعاونهم في الصومال مع منظمة الشباب الإرهابية السنية، التي تعد ذراع تنظيم القاعدة في شرق أفريقيا -وكذلك مع تنظيم داعش. وتشير التقارير إلى أن الحوثيين دربوا حركة الشباب، وأمدوهم بمختلف الأسلحة -من أسلحة ومتفجرات إلى طائرات مسيّرة -وصلت عبر موانئ في جنوب الصومال. وتوصف العلاقة بين هاتين الجماعتين بأنها علاقة انتهازية وليست أيديولوجية؛ والمقلق هو أن هذه العلاقات ليست سوى جزء من نمط أوسع من نشاط الحوثيين خارج اليمن.

وقالت الصحيفة بشأن جيبوتي إن السيطرة عليها ييسر من عملية إغلاق ممرات الشحن المتجهة نحو إسرائيل.

وفي هذا السياق، قال داني سيترينوفيتش إنه من الناحية الاستراتيجية ينصب التركيز على القرن الأفريقي، لكن الحوثيين هددوا سلفًا بمهاجمة إسرائيل في منطقة رأس الرجاء الصالح (في جنوب غرب أفريقيا، نقطة التقاء المحيط الأطلسي بالمحيط الهندي). ووردت تقارير عن رغبتهم في التمركز أيضًا في شمال أفريقيا. لديهم صلة طبيعية بالتاريخ الأفريقي، أكثر بكثير من الإيرانيين، ولذلك فهم رأس الحربة في هذه الخطوة. يجب أن نقلق إزاء عزمهم إنشاء قدرات للتحرك في تلك البلدان”.

هل هي مبادرة حوثية مستقلة أو إيرانية؟

الحوثيون هم أكثر الوكلاء استقلاليةً على الإطلاق. هذا لا يعني عدم وجود تنسيق بينهم والإيرانيين في الشأن الأفريقي، ولا يعني أن الإيرانيين لا ينقلون الأسلحة -ولكن لا شك أن الحوثيين يتمتعون باستقلالية تامة في عملية صنع القرار، وقدرة إيران على التأثير عليهم محدودة. ولذلك فإن الاعتقاد بأن وقف هجمات الحوثيين يستلزم مهاجمة إيران هو اعتقاد خاطئ ولن يجدي نفعًا.

“إن هذه التدابير تخضع لسيطرة الحوثيين و تخدم فقط المصلحة العامة الإيرانية”.

يؤكد سيترينوفيتش أن “التهديد الحوثي ليس ما نشهده حاليًا في الشرق الأوسط فحسب، في مضيق باب المندب وفي تهديدات الهجوم على إسرائيل، بل هو أيضًا تهديد محتمل أكبر للمصالح الإسرائيلية والغربية. لا ينبغي أن تقتصر الحملة التي تستهدف الحوثيين على اليمن فحسب، بل ينبغي أيضًا النظر إلى مشكلة الحوثيين من منظور أفريقي”.

وبحسب سيترينوفيتش فإن أي إنجاز تحققه حركة الشباب في المنطقة سيكون مأساويًا إذ سيفتح للحوثيين مناطق سيطرة جديدة. وفي هذه الحالة لن تشكل الاختلافات الأيديولوجية بين السنة والشيعة أي فرق على الإطلاق. وفي نهاية المطاف، فإن الأمر يتعلق بمصالح استراتيجية عميقة تخدم الجانبين.

والقصة مماثلة في السودان -طريق التهريب الاستراتيجي، حيث تهيمن إيران إلى حد كبير، وتساعد كثيرًا الحاكم العسكري عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن الأسبوع الماضي من القصر الرئاسي أن “الخرطوم حرة”. ويقول سيترينوفيتش إنه بما أن الحوثيين يتصرفون بالنيابة عن إيران في أفريقيا، فمن المرجح أن يكون لهم حضور كبير في السودان -وينطبق الأمر نفسه على إريتريا.


الغارات العسكرية وحدها لن تردع الحوثيين دون ضغط مباشر على إيران

قال عوفيد لوبل[6] محلّل السياسات في موقع مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية واليهودية AIJAC))، 20 مارس 2025، إن حملة القصف الأمريكية المتجددة والأوسع على الحوثيين تتميز عن مختلف العمليات السابقة الفاشلة التي استهدفت الجماعة -بما في ذلك بوسيدون آرتشر، وتحالف حارس الازدهار، وعملية أسبيدس، والضربات الإسرائيلية المتعددة على مناطق سيطرة الحوثيين في العام الماضي -كونها قد تكون مثمرة إذا ما عززتها تدابير أخرى، وكان الخطاب الذي يكتنفها مدعومًا بإجراءات ملموسة.

وأشار لوبل إلى أن هذه الحملة القسرية الحالية لا تهدف إلى إضعاف قدرات الحوثيين أو حماية السفن التجارية والبحرية الأجنبية من طائراتهم المسيّرة وصواريخهم فحسب، بل توجيه ضربات موجعة للجماعة -وأهمها استهداف قادتها، زعمت الولايات المتحدة أنها قتلت كثير منهم -حتى تتوقف الأخيرة عن إطلاق النار. وهذا يتناقض مع العمليات السابقة التي اعتمدت أساسًا على الدفاع، وكان هدفها هو تقليل الخسائر والحد من مخاطر التصعيد.

ومع ذلك، لم يرجّح لوبل فعالية أي حملة تقتصر على استهداف الحوثيين بالغارات العسكرية -مهما بلغت حدتها أو “شدتها” -في وقف هجماتهم، ومن ثم إعادة فتح البحر الأحمر وقناة السويس بالكامل أمام حركة الملاحة البحرية المدنية. وقال إن تهديد إدارة ترامب الجديدة للنظام الإيراني، الداعم لهجمات الحوثيين “الإرهابية” البحرية، هو أكثر أهمية من نطاق أو شدة الضربات في اليمن.

ويضيف أن الفرصة الآن سانحة لشن حملة قوية مماثلة ضد إيران. لقد تغيرت المنطقة جذريًا منذ أواخر 2024 بسبب الانهيار الوشيك لما يُسمى بـ”محور المقاومة”، ولا سيما انهيار نظام الأسد في سوريا، وتصفية قيادة حزب الله وترسانته في لبنان. تفيد التقارير أيضًا أن الضربة الانتقامية التي شنّتها إسرائيل العام الماضي دمّرت جزءًا كبيرًا من قدرات الدفاع الجوي الإيراني. لم تتعرض حماس أيضًا لتدهور شديد فحسب، بل تتعرض حاليًا لهجوم إسرائيلي متجدد، ومن ثم هي منشغلة بذلك.

وأشار لوبل إلى أن التهديدات الموجهة لإيران قد تنجح في نهاية المطاف، إذا واكبتها إجراءات عملية ودبلوماسية واقتصادية مستمرة على النظام الإيراني، بالإضافة إلى عمليات برية تنفذها قوات محلية ضد الحوثيين في اليمن، وفرض حظر صارم على شحنات الأسلحة والمكونات الإيرانية. على سبيل المثال، قد يؤدي استخدام وكلاء محليين لدول الخليج في اليمن باعتبارهم عنصرًا بريًا في هذه الحملة إلى دحر مواقع الحوثيين بسهولة في مناطق رئيسية معينة، كما نجحت الإمارات والسعودية في ذلك أواخر عام 2021 وحتى أوائل عام 2022.

ومع ذلك، قال لوبل إن تحقيق هذا السيناريو المتفائل غير مرجّح، إلا إذا توسّع نطاق الحملة كما هو موضح أعلاه، وإذا لم يتجاوز الخطاب الحالي الوسائل والعزيمة. ويبدو أن وزارة الدفاع الأمريكية تُخفّض سقف التوقعات بالفعل، حيث صرّح المتحدث باسمها، شون بارنيل، للصحفيين بأن العملية تهدف إلى “إضعاف قدرات الحوثيين”، وهو ما بدا وكأنها مجرد استمرار لعملية “بوسيدون آرتشر”.

يبدو أن تركيز إدارة ترامب، استنادًا إلى خطاب الرئيس وكبار مسؤوليه، بالإضافة إلى سوابق من ولاية ترامب الأولى، ينصبّ أيضًا على حث الحوثيين على عدم إطلاق النار على السفن والأصول الأمريكية، مع أنها تتشدق بالولاء لحرية الملاحة.

علاوة على ذلك، لطالما أوضح ترامب أنه يريد اتفاقًا نوويًا جديدًا مع النظام الإيراني، ولم يُثنِه عن السعي لتحقيق ذلك إلا عزوف الأخير عن المشاركة. قد نرى الحرس الثوري الإيراني يوافق على وقف هجمات الحوثيين مؤقتًا في البحر الأحمر باعتباره تنازلًا بسيطًا لإغراء الولايات المتحدة بالتركيز على التفاوض على اتفاق نووي جديد، أو أن يوقف الرئيس ترامب نفسه حملة القصف لمحاولة تحفيز المفاوضات، بل قد تكون التهديدات الصارخة على إيران خلال حملة القصف على الحوثيين بمثابة “النار والغضب” القادمة لترامب، على غرار الخطاب القوي المماثل الذي شنه على كوريا الشمالية خلال ولايته الأولى، الذي لم يفضِ إلى أي إجراء ملموس، بل وإقامة علاقة شخصية وثيقة مع كيم جونغ أون.

ترامب غير مهتم بالتورط في صراع خارجي خطر. إن شاغل الإدارة الرئيس هو خفض عدد القوات الأمريكية عالميًا والانسحاب العام من الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق وسوريا، بالإضافة إلى الأصول في الخليج، وهو أمر أراده ترامب لكنه فشل في تحقيقه خلال ولايته الأولى.

وربما ينفد صبر الرئيس ببساطة تجاه الحملة ويتواصل مع الحوثيين مباشرةً للتوصل إلى اتفاق لمحاولة وقف الهجمات على السفن الأمريكية، ثم يدّعي النصر. قد يكون هذا تكرارًا للصفقة الكارثية الأولى لإدارة ترامب في أفغانستان مع طالبان بعد فشل حملة جوية مكثفة استهدفت الجماعة.

من العوامل المقلقة أيضًا تورط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يبدو أن ترامب يثق به ثقةً ضمنية. فقد شاركت روسيا في محادثات بوساطة إيرانية لتزويد الحوثيين بصواريخ مضادة للسفن ومواد أخرى، وقدّمت بيانات استهداف لتعزيز الحملة التي تستهدف الشحن الدولي في البحر الأحمر. يُزعم أن هذا يشمل ضباطًا من المخابرات العسكرية الروسية موجودين في اليمن. قد يحاول بوتين إما إقناع ترامب بوقف القصف من خلال عرض “وساطة”، أو ضمانات روسية، أو تشجيعه ضمنيًا على التورط أكثر في مستنقع اليمن.

وأخيرًا، هناك أيضًا خطر من أن تؤدي الحملة المطوّلة إلى استنزاف ترسانة الولايات المتحدة من بعض الذخائر التي قد تحتاجها عند حالة الطوارئ في المحيط الهادئ، مثل أزمة تايوان. وقد كان هذا مصدر قلق طويل الأمد، ويرتبط جزئيًا بالدفاع عن السفن من هجمات الحوثيين العام الماضي.

ونظرًا لأن القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية في حالة احتضار حاليًا، سيتعيّن في النهاية اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت حملة القصف هذه لا تزال تستحق التكلفة -ليس فقط من الناحية المالية، ولكن أيضًا من حيث استخدامها للذخائر النادرة والموارد العسكرية والاستخباراتية الأخرى التي تتطلبها.

ومع ذلك، إذا لم يكن خطاب الإدارة الأمريكية مجرد ثرثرة، ويعكس عزمها في استعادة حرية الملاحة عبر البحر الأحمر -عبر توجيه ضربات مباشرة على الأصول الإيرانية، وحملة حظر صارمة، وتنظيم مكوّن بري -فإن هناك أسباب تدعونا إلى الأمل في نجاح هذه العملية في اليمن حيث فشلت العمليات السابقة.


الولايات المتحدة تغض الطرف عن صلة روسيا بالحوثيين

قال يوناثان سباير[7] في موقع جيروزاليم بوست، 21 مارس 2025، إن علاقة الحوثيين المتنامية مع روسيا من الجوانب المثيرة للاهتمام، والأقل تداولًا.

ولفت إلى أن علاقة روسيا مع الحوثيين لها منطقٌ واضح. تُطوّر موسكو علاقةً استراتيجيةً وثيقةً مع إيران. بوصفها في حالة حربٍ مع الغرب في أوكرانيا، وانخرطت في جهدٍ استراتيجيٍّ شامل لتقليص وإضعاف الولايات المتحدة وحلفائها، ارتأت روسيا بوضوح أن نجاح جهود الحوثيين في تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر يُمثّل عقدةً للضغط المضادّ، حرصت على دعمها.

وقال سباير إن هذا الموقف الروسي دليل على رؤيةٍ استراتيجيةٍ مُتطوّرةٍ وشاملة. ومع انخراطها في صراعٍ طويلٍ لتقويض وتقليص النفوذ الأمريكي والغربي، فإن موسكو تُحدّد حلفاءها المُحتملين ونقاط الضغط، وتجد طريقها لمساعدتهم. ويُطبّق هذا النهج باستمرار.

ونتيجةً لذلك، يُمكن الآن تحديد ملامح محورٍ عالمي مُعادٍ للغرب، يضمّ روسيا، والصين، وإيران ومختلف عملائها ووكلائها، وكوريا الشمالية. يمكن الآن تحديده على خطوط عملية للتعاون على جبهات تمتدّ من كورسك إلى مضيق باب المندب.


الولايات المتحدة تستهدف عشرات الأهداف في عملية شاملة ضد الحوثيين

ذكر موقع ماكو N12 في 15 مارس 2025، أن الولايات المتحدة شنّت موجةً واسعة من الهجمات العسكرية استهدفت عشرات الأهداف في اليمن، وركزت الهجمات على منشآت تسيطر عليها جماعة الحوثي المدعومة من إيران. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإن الأهداف هي:

  • ضرب منصات إطلاق الصواريخ المتمركزة صوب الممرات الملاحية.
  • استهداف قيادة الحوثيين التي تحاول التواري حاليًا.
  • إيصال رسالة إلى إيران بأنها قد تكون التالية.

أشار الموقع، وفقًا لمسؤولين أمريكيين بارزين، إلى أن هذه الغارات الجوية التي تستهدف ترسانة أسلحة الحوثيين -معظمها مُخبأ تحت الأرض -قد تستمر لأيام، وقد تتفاقم بناءً على رد فعل الجماعة. واجهت أجهزة الاستخبارات الأمريكية سلفًا صعوبة في تحديد مواقع أنظمة أسلحة الحوثيين، التي تُصنَّع في مصانع تحت الأرض وتُهرَّب من إيران.

في سياق متصل، قال مصدر إسرائيلي لموقع ماكو N12، في 16 مارس 2025، إن إسرائيل تبحث إمكانية تحديد اللحظة المناسبة لمهاجمة اليمن، لكن حتى الآن تغطي الولايات المتحدة مجموعة كبيرة من الأهداف. من المهم الإشارة إلى أن موقع كيبا العبري ذكر، في 16 مارس 2025، أن سلاح الجو الإسرائيلي يمتلك سلاحا فتاكا قد يصل إلى اليمن ويغيّر من قواعد اللعبة. وقال إن قاعدة نيفيتيم الجوية استقبلت ثلاثة طائرات مقاتلة متطورة من طراز F -35i من إنتاج شركة لوكهيد مارتن.

وذكر موقع جلوبس، في 16 مارس 2025، أن ياكي ديان، القنصل الإسرائيلي السابق في لوس أنجلوس، قال إن التعامل مع الحوثيين كان أحد أبرز نقاط ضعف إدارة بايدن، وقد تمكن الحوثيون من الإخلال بالنظام بسبب سياستها المتراخية، التي تعتمد على فيض من الدفاع وغيض من الهجوم. ولكن بعد إعلان عودة الحوثيين إلى حصار السفن، رأينا هجومًا أمريكيًا شاملًا وأوسع مما كان عليه الحال. وأضاف أن سبب الهجوم الذي قاده ترامب على أهداف مختلفة للحوثيين لم يكن بسبب بتصريحاتهم فحسب، بل أيضًا لأن شركات الشحن العملاقة أصرت على عدم العودة للإبحار في البحر الأحمر حتى ترى تغييرًا جذريًا في الوضع الأمني في المنطقة.

يؤكد ديان أن “ترامب يلوح بالهراوة ويدرك أنه إذا لم يستخدمها الآن، فسوف يؤدي ذلك إلى تآكل الردع”. إنها رسالةٌ تُشير إلى تباين مبادئ ترامب، وتحمل طابعًا هجوميًا لمعالجة مشكلة الحوثيين، وهي أيضًا رسالةٌ للإيرانيين مفادها: “نحن لا نُهدد فحسب، بل نُنفّذ أيضًا”.

وقال مصدر حكومي معارض للحوثيين في حديث لموقع إسرائيل اليوم: “طالبنا سلفًا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بمهاجمة ميليشيا الحوثي الإرهابية، ودعم القوات المسلحة الجنوبية وتزويدها بالأسلحة المتطورة”. “إنهم القادرون على سحق الإرهاب في المنطقة وكانوا أول من هزمه”.

كما صرّح المصدر في جنوب اليمن بأن موجة الهجمات الأمريكية الحالية تختلف من حيث القوة ورغبة إدارة ترامب في القضاء على أذرع الحوثيين وإيران. لكنه أوضح قائلًا: “من الحقائق العسكرية المعروفة أن الضربات الجوية وحدها، دون تدخل بري، لا تحسم أي معركة. ولهذا نقول إن دعم القوات الجنوبية، المحنكة في محاربة التنظيمات الإرهابية ولا سيما مليشيا الحوثي الإرهابية، هو الحل الأمثل والقرار الأصح”.


صواريخ مضادة للطائرات المسيّرة توفر ملايين الدولارات للولايات المتحدة

قال المراسل العسكري في موقع ماكو العبري شاي ليفي، في 3 فبراير 2025، إن سلاح الجو الأمريكي كشف عن استخدام سلاح جديد في عمليات اعتراض الطائرات المسيّرة التي يطلقها الحوثيون وبتكلفة أقل. وفقًا لبيان رسمي، استخدمت طائرات F -16 التابعة لسلاح الجو الأميركي صواريخ موجهة بالليزر بقطر 70 ملم لإسقاط طائرات الحوثيين المسيّرة أثناء عملياتها في البحر الأحمر العام الماضي.

أعلن سلاح الجوي الأمريكي -لأول مرة -أنه أظهر قدرة تشغيلية على استخدام صواريخ نظام الأسلحة القاتلة الدقيقة المتقدمة (APKWS II)، التي تتطور أساسًا لمهاجمة أهداف أرضية، كسلاح جو -جو بتكلفة أقل.

على مدى 15 شهرًا من قتال الحوثيين، أطلق الأميركيون زهاء 400 صاروخ وقذيفة من مختلف الطرازات لاعتراض التهديدات. يتضمن الرقم إطلاق 120 صاروخًا بحر -جو من طراز SM -2، و80 صاروخًا متطورًا من طراز SM -6، وأسلحة أخرى بتكلفة تبلغ عشرات الملايين من الدولارات.

جدير بالذكر أن البحرية الأمريكية نشرت، في 2 فبراير 2025، نظامًا متطورًا للإنذار المبكر وتحليل التهديدات في البحر الأحمر، لرصد الهجمات المحتملة التي يشنها الحوثيون على السفن الأميركية.

وقال نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، الأدميرال براد كوبر، إن النظام يلتقط البيانات من مصادر وأجهزة استشعار متعددة داخل لوحة عرض واحدة للحصول على صورة للتهديدات في أي لحظة من مناطق نشاط الحوثيين. تستخدم الولايات المتحدة الذكاء الاصطناعي الذي يسرّع إلى حد كبير من عملية تحليل الصور الناتجة.


غواصة تابعة للبحرية الإسرائيلية ترسو في خليج إيلات

تناول موقع جيروزاليم بوست، في 22 فبراير 2025، ما أفاد به مسؤولان أمريكيان لرويترز بأن الحوثيين أطلقوا صواريخ أرض -جو على مقاتلة أمريكية وطائرة مسيّرة من طراز MQ -9 ريبر ذلك الأسبوع، لكنها لم تصب أيًا منهما.

لم يحدد المسؤولان ما إذا كانت الهجمات وقعت فوق البحر الأحمر أو فوق اليمن ذاتها. وقال أحدهما إن الحوادث قد تشير إلى أن الحوثيين كانوا يطورون قدراتهم على الاستهداف.

في سياق متصل، ذكر موقع reganews، في 16 فبراير 2025، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة الحوثيين، حيث أدى التهديد المتزايد من اليمن إلى إعادة نشر قوات الدفاع والهجوم الإسرائيلية. لقد رست غواصة تابعة للبحرية الإسرائيلية في خليج إيلات، وذلك بعد رحلة طويلة مرت عبر رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا. وهي خطوة غير مسبوقة منذ بدء قتال حماس وهجمات الحوثيين على ممرات الملاحة في البحر الأحمر.

وفقًا لمصادر أمنية فإن الهدف من إدخال الغواصة إلى الساحة الجنوبية هو توجيه رسالة رادعة في ظل هجمات الحوثيين والتهديد باستهداف السفن الإسرائيلية.


ما استراتيجية الحوثيين تجاه إسرائيل والولايات المتحدة؟

تناول المركز المقدسي للأمن والشؤون الخارجية، في 26 يناير 2025، استراتيجية الحوثيين تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، وأشار إلى أن هجماتهم على إسرائيل تبدو للوهلة الأولى عملًا حماسيًا مسلحًا، وبادرةً تعبر عن الولاء لرعاتهم في إيران، ولكن، إذا تفحصنا الأمر، سنجد لعبة مثيرة للاهتمام إلى حد كبير، ويمكن القول بأسلوب مكيافيلي -إنها محاولة للنجاة في وقت ترنح النظام الإيراني.

لفهم استراتيجية الحوثيين الغريبة، يجب الولوج إلى متاهة السياسة القبلية التي تهيمن على معظم اليمن وفي الواقع على المنطقة بأسرها. في مثل هذه الجماعات، لا تنطوي القوة على الأسلحة فقط؛ إن استعراض القوة، مهما كان متهورًا، هو جزء من عرض أكبر -مقدمة للمفاوضات. إنهم لا يدعون، كما يخشى البعض، إلى حرب شاملة، بل هي رقصة محسوبة على حافة الكارثة، ومناورة لتأمين مكان على الطاولة. يثبت الحوثيون عند مهاجمة أعداء بعيدين جغرافيًا، مثل إسرائيل والولايات المتحدة، مدى تأثيرهم، وفي الوقت ذاته يتهربون من الرد الفوري جراء هجومهم على قوى إقليمية أقرب مثل السعودية أو الإمارات.

لفت التقرير إلى أن النظام الإيراني لم يعد كسابق عهده، حيث تتداعى قدرة طهران في الحفاظ على وكلائها في ضوء العقوبات الهائلة، والاضطرابات الداخلية، والحملات المتواصلة من العزلة الدولية. هذا التطور بالنسبة للحوثيين مزعج للغاية، وفقدان الرعاية الإيرانية سيجعلهم مثل الأسد الذي يفقد أسنانه: قد يبقى الزئير، ولكنه لا يقوى على الافتراس.

يستغل الحوثيون استهداف إسرائيل وتهديد الولايات المتحدة، لاستعراض عضلاتهم بطريقة يدوي صداها بين جمهورهم المحلي والإقليمي. إنها خطوة تعزز من سمعتهم كمقاتلين مع تجنب التهديد الوجودي المباشر الذي يشكله عدو أقرب.

بالنسبة للحوثيين، فإن إسرائيل والولايات المتحدة خصمين مثاليين: أقوياء ولكن بعيدين، واستهدافهم يُمَكِّنهم من استعراض القوة دون التعرض لعملية انتقام مدمرة قد تأتي بعد الهجوم على السعودية.

إذن، ما غرض الحوثيين النهائي؟ بالتأكيد ليس تدمير إسرائيل، لأنها فكرة وهمية، حتى في خطابهم المبالغ فيه. ليس ولاءً أعمى لطهران، التي قد تتعرض مكانتها قريبًا للزعزعة. إن طموح الحوثيين أكثر براغماتية: وهو ضمان بقائهم، وإذا حالفهم الحظ يحظون بالاعتراف الدولي والشرعية.

بهذا المنطق، عندما يستهدف الحوثيون إسرائيل والولايات المتحدة، فإنهم لا يبحثون عن صراع؛ بل يمهدون السبل للحصول على مقعد على طاولة المفاوضات.

بطبيعة الحال، حتى الرهانات الجريئة تحمل بين جنباتها مخاطر. إسرائيل، كما أثبت التاريخ، لا تتساهل مع التهديدات. إن هجماتها على سوريا دليل على استعدادها للتصرف بحزم ودون تردد. إذا بالغ الحوثيون في ردة أفعالهم، فقد يجدون أنفسهم أمام ردود عسكرية ليسوا على استعداد لمواجهتها.


هل ارتكب الحوثيون خطأً استراتيجيًا؟

قال أري هايستاين[8] على موقع nationalinterest، في 15 يناير 2025، إن خيارات الحوثيين الاستراتيجية -بعد أقل من عام ونصف من انخراطهم الملموس على الساحة الدولية، تبدو أسوأ بكثير مما كانت عليه في أكتوبر 2023، حيث كانوا في أوجهم، وواجهوا في تلك الفترة قرارًا محوريًا: إما قبول عرض سلام سخي من السعودية أو ممارسة الضغوط لانتزاع مزيد من التنازلات من المملكة. كان من الممكن أن يمهد الاتفاق الطريق لمزيد من الاعتراف الدولي يمكنهم من بسط سيطرتهم على بقية اليمن، إما بالهيمنة على اتفاق تقاسم السلطة مع الحكومة المعترف بها دوليًا أو استخدام القوة مع ردع التدخل الخارجي.

بعد عام وثلاثة أشهر على السابع من أكتوبر 2023، تدهور حاليًا موقف الحوثيين إلى حد كبير. تشير التقارير إلى أن السعودية غير موافقة على الاتفاق، ربما تخطط لإعادة التفاوض بموجب شروط مواتية. لقد تطلع الحوثيون إلى أن الاتفاق مع السعودية قد يدر عليهم مليارات الدولارات، التي يحتاجها نظامهم على وجه السرعة في ضوء تراجع قدرته على انتزاع الضرائب و”التبرعات” من السكان إلى جانب تدهور الاقتصاد المحلي.

أشار هايستاين، إلى أن الحوثيين قد يفكرون في تصعيد التوتر مع السعودية، ربما باستهداف البنية التحتية الحيوية أو المجتمعات الحدودية، للضغط عليهم لتعزيز الاتفاق، ولكن قد ينطوي على مثل هذه الإجراءات مخاطر جسيمة، ولا سيما في ضوء الدعم المتوقع لمحمد بن سلمان من الرئيس ترامب. قد يؤدي هذا النهج العدواني بنتائج عكسية، مما يعرض للخطر احتمالات التوصل إلى اتفاق قريبًا، وربما يدفع السعوديين إلى اتخاذ موقف في التحالف المناهض للحوثيين.

اكتسبت القوات المناهضة للحوثيين في اليمن زخمًا جديدًا. في حين بدا قبل بضع سنوات فقط أن الاتفاق السعودي -الحوثي يمثل بداية لخطوة قد تضعف القوات المناهضة للحوثيين كثيرًا أو حتى زوالها في اليمن، أما اليوم، فإن المخاطر التي يفرضها وجود الحوثيين في شبه الجزيرة العربية أصبحت واضحة للجميع.

لذا، من المرجح أن تتلقى القوات اليمنية التي تقاتل الحوثيين مزيدًا من الاستثمار، والأسلحة، والتدريب الذي سعت إليه لفترة طويلة دون جدوى.

في حين قد يفكر الحوثيون في التحوّل إلى مسرح مختلف لتسخير الزخم الناتج عن نجاحاتهم غير المتوقعة على جبهتي البحر الأحمر وإسرائيل، فإنهم يبدو الآن راسخين في مسارهم الحالي دون بديل واضح. مع أنهم ليسوا في أمس الحاجة إلى بديل، فإن المسار الحالي المتمثل في مهاجمة إسرائيل والشحن في البحر الأحمر من غير المرجح أن يعزز مصالحهم الأساسية طويلة الأجل، بما في ذلك تأمين مصادر دخل موثوقة، وضمان استقرار سيطرتهم، وتوفير الدعم الشعبي.

في الوقت نفسه، تتسبب الردود الأمريكية والإسرائيلية على الهجمات الحوثية، وأبرزها استهداف احتياطياتها النفطية وغيرها من الأصول القيمة، في أضرار للجماعة تقدر بمئات الملايين.

قد يقضي الحوثيون الأشهر القليلة المقبلة في اختبار خيارات مختلفة. قد يستمرون في هجماتهم على إسرائيل وحركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر. قد يصعّدون الضغوط على السعودية والقوات المناهضة للحوثيين في اليمن لسبر مدى قوة رد فعلهم. مع ذلك، يبدو من المرجح أنهم سيواجهون مقاومة كبيرة على جميع الجبهات، مما يضطرهم إلى الاختيار بين أفضل وأسوأ الخيارات إذا أرادوا الحفاظ على الاحتكاك اللازم لتبرير سيطرتهم.

هذا لا يعني أن التعامل مع مشكلة الحوثيين سيكون بسيطًا أو رخيصًا أو سريعًا.


ما الذي ينتظرنا في 2025؟

طرح هايستاين في مجلة موزايك، 27 يناير 2025، تساؤلًا بشأن ما الذي ينتظرنا في عام 2025، بالنظر إلى فشل الحملات العسكرية الحالية في كبح جماح شهية الحوثيين للتصعيد، وعدم وجود ما يضمن إنهاء هجماتهم، حتى لو صمد وقف إطلاق النار في غزة؟

إن الحوثيين -على الأرجح -حسب قوله، قد يواصلون احتكاكهم بالأعداء الخارجيين لتعزيز موقفهم على اعتبار أنهم يدافعون عن اليمن، وقد يتضمن هذا استمرار التصعيد على المسار الحالي -استهداف إسرائيل، والشحن الدولي، أو استئناف الأعمال العدائية على السعودية للضغط عليها للتوقيع على اتفاق من شأنه أن يضخ مليارات الدولارات من المجتمع الدولي، ودول الخليج خصوصًا، لإعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

أشار هايستاين أيضًا، إلى أن الحوثيين قد يفضّلون التصعيد محليًا لتصفية أي مقاومة محتملة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، أو محاولة السيطرة على ما تبقى من اليمن، الخاضع حاليًا لحكم التحالف المناهض لهم، وقال إن جماعة الحوثيين قد تواجه صعوبات هائلة في عام 2025، مقارنة بالسنوات السابقة بسبب أربعة عوامل رئيسية:

  • تعرُّض محور المقاومة لانتكاسات عسكرية مدمرة في العام الماضي.
  • زيادة وعي المجتمع الدولي بالمخاطر التي يشكلها توسع الحوثيين.
  • كان من المتوقع أن يوفر الاتفاق بين السعودية والحوثيين مكاسب مالية ضرورية للأخيرة في صنعاء، لكن الأمر يبدو الآن بعيد المنال. تفاوضت السعودية سلفًا تحت ضغط عسكري صارم من الحوثيين، لكن انعكست هذه الديناميكية لأن الحوثيين حاليًا هم الذين يتعرضون للهجوم. على أقل تقدير، قد يسعى السعوديون إلى إعادة التفاوض للتوصل إلى شروط أكثر ملاءمة، وقد يعزفون تمامًا عن المفاوضات مع هذه الجماعة “الإرهابية” في المستقبل المنظور.
  • قلق طهران من احتمال إعادة فرض حملة عقوبات “الضغط الأقصى” الرامية إلى شل الاقتصاد الإيراني. قد تحاول إيران الحفاظ على مواردها وخفض التمويل لوكلائها، بينما تسعى في الوقت نفسه إلى كبح جماح أنشطتهم الخبيثة لتجنب إثارة غضب ترامب.

أشار هايستاين أيضًا إلى أن كل هذه الوقائع تفسّر ضرورة اغتنام الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية المعارضة للتوسع الإيراني، هذه الفرصة لتشكيل تحالف مخصص لممارسة مزيد من الضغوط لإسقاط جماعة الحوثيين. إن أي استراتيجية تهدف إلى الضغط على جماعة الحوثيين ودفعها إلى الانهيار يجب أن تقلّل من الانخراط الدبلوماسي مع الجماعة أو وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام المقيم في سلطنة عمان، لأنهم يستغلون المفاوضات لانتزاع تنازلات أولية، أو إرساء وقف مؤقت لإطلاق النار لخدمة أهدافهم على المدى الطويل، حسب قوله.

ينبغي أن تركز الاستراتيجية أيضًا على تفكيك المكونات الرئيسة لجماعة الحوثيين التي لا يمكن استبدالها بسهولة، ويجب تضمين المكونات الثلاثة التالية في استراتيجية أوسع لتقويض سيطرة الحوثيين على اليمن:

  • نبغي للولايات المتحدة وحلفائها تحديد وتصفية شخصيات مهمة في الجماعة وفقًا لأدوارهم ومدى علاقاتهم مع عبد الملك الحوثي، ونفوذهم.
  • ينبغي للتحالف أيضًا أن يستهدف شرايين الحياة المالية الرئيسية للجماعة.
  • يجب أن تكون آلة الدعاية التابعة لجماعة الحوثيين هدفًا أساسيًا. إن إضعاف شبكة الدعاية قد تؤدي إلى تآكل قبضتهم الحديدية على عقول الجمهور اليمني.

استهداف عبدالملك الحوثي ليس كافيًا لهزيمة الحوثيين

أشار أري هايستاين على موقع warontherocks، في فبراير 2025، إلى أن بعض المحللين اقترحوا أن اغتيال عبد الملك الحوثي سيفضي إلى انهيار تنظيمي، ومن ثم القضاء على التهديد. في حين يقول إن جماعة الحوثيين أصبحت في الواقع ذات طابع مؤسسي، وهو ما يجعلها أكثر مرونة تنظيميًا، ولم تتزعزع كثيرًا من جراء اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى سلفًا. مع أن تصفية زعيم الحوثيين ستكون خطوة جديرة بالترحيب، إلا أنها لن توفر على الأرجح -في حد ذاتها -حلًا شاملًا لإنهاء التهديدات التي تشكلها الجماعة.

لتأطير هذا التحليل ذكر هايستاين مجموعة التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثيين، وأشار إلى صعوبة القضاء عليها بضربة واحدة بطائرة، وهي:

  • لدى الجماعة القدرة والإرادة على مهاجمة الأصول والحلفاء الأميركيين ضمن نطاق 2500 كيلومتر من ترسانتها من الصواريخ الباليستية.
  • أثبتت قدرتها على تعطيل الشحن الدولي، وإغلاق حركة الملاحة في البحر الأحمر تقريبًا، وإجبار التجارة البحرية على تغيير مسارها.
  • أثبت الحوثيون عبر إرسالهم مرتزقة إلى أوكرانيا للقتال لصالح روسيا، أن الجماعة على استعداد لبيع السلع والخدمات للجهات الفاعلة المارقة في جميع أنحاء العالم بغية الحصول على الأموال التي هي في أمس الحاجة إليها.

أكد هايستاين أيضا، أن اغتيال عبد الملك الحوثي مبرر لأسباب أخلاقية، وقانونية، وأمنية، وطنية؛ لأنه تسبب في انخراط اليمن إلى عقود من حرب لا داعي لها أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من اليمنيين، وفرض سيطرته على 20 مليون يمني بوحشية ضارية تشمل القتل، والاغتصاب، والسرقة، وأدت هجمات جماعة الحوثيين على جيرانها الإقليميين وكذلك التجارة البحرية الدولية، إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط.

استعرض هايستاين مجموعة من المحللين الذين يدعمون فكرة أن اغتيال قادة الجماعة تفضي إلى انهيار التنظيم، وأرجع ما لا يقل عن أربعة أسباب إلى أن نتائج قتل زعيم جماعة الحوثيين مخيبة للآمال لمن يبالغون في توقعاتهم:

  • من المهم الاعتراف بحقيقة أن الحوثيين تطوروا أساسًا من جماعة متمردة إلى شبه دولة. لقد أضفى عليهم الطابع المؤسسي جزئيًا بعد استيلائهم على أجهزة الدولة اليمنية القائمة في عام 2014، وبالإضافة إلى سيطرتها على البيروقراطية الرسمية، أنشأت جماعة الحوثي أيضًا هياكل قيادية سرية موازية مستوحاة من حزب الله مثل مجلس الجهاد. لذا، لم يعد الحوثيون مجرد ميليشيا غير منظمة، بل أصبح لديهم الآن أيضًا آلية هرمية وبيروقراطية خاضعة لسيطرة عبد الملك.
  • أصبح لدى الحوثيين وداعميهم في بيروت وطهران الوقت الكافي للتعامل مع محاولات اغتيال عبد الملك الحوثي. من المرجح أنهم يتخذون تدابير لمنع نجاح مثل هذه الضربات فضلًا عن إعداد آلية “لليوم التالي”، وربما تتضمن هذه الخطوات عزله عن جميع الاتصالات الإلكترونية، وإبقائه في مخابئ آمنة وسرية، ومنع كبار القادة من التجمع، وتحديد النمط الذي يجب أن تبدو عليه الخلافة في حالة وفاته.
  • ثمة نماذج تاريخية ذات صلة فشلت فيها الاغتيالات الناجحة لقادة الإرهاب في التأثير سلبًا على أداء ساحة المعركة، بل إنها حتى مهدت الطريق لقادة أكثر كفاءة لتولي زمام الأمور. أخيرًا، في قطاع غزة، فشل القضاء على زعيم حماس يحيى السنوار في التأثير بفعالية على قدرة الجماعة العسكرية في إلحاق خسائر بإسرائيل. مع أن الحملة الإسرائيلية الشاملة دمرت قدرات حماس العسكرية إلا أن وفاة السنوار لم تكن علامة فارقة في هذا المضمار. لقد مهّد اغتيال إسرائيل لرئيس حزب الله عباس الموسوي في عام 1992، الطريق أمام حسن نصر الله الأكثر كفاءة للسيطرة على المنظمة.

إن اليمن ذاته يوجد به أمثلة على هذه الظاهرة المزعجة كما قال هايستاين. لم يتولَ عبد الملك زمام أمور جماعة الحوثيين إلا بعد اغتيال الحكومة اليمنية عام 2004، شقيقه حسين. منذ ذلك الحين، عزز الجماعة بالأسلحة الصغيرة وحولها إلى جهاز يشبه الدولة بترسانة خطرة من الصواريخ الباليستية. استشهد أيضًا بأن التحالف المناهض للحوثيين اغتال حوثيين بارزين، من بينهم: طه المداني، الذي اغتيل عام 2016، وكان أحد كبار قادة الحوثيين في ساحة المعركة؛ وصالح الصماد، الذي اغتيل عام 2018، وإبراهيم الحوثي، شقيق عبد الملك الذي وصف نفسه بأنه “زعيم بارز” وذلك قبل مقتله في عام 2019. لقد استبدلت الجماعة كل هؤلاء الأفراد، ولم تسفر وفاتهم عن فوضى تنظيمية.

أخيرًا، قال هايستاين إن تعليق الاستراتيجية المناهضة للحوثيين على عملية تستغرق وقتًا للاستعداد لها، ولا يوجد ما يضمن القضاء على الهدف بنجاح، فضلًا عن انهيار الجماعة، مقامرة محفوفة بالمخاطر بلا داع، مشيرًا إلى وجود أنشطة قيمة أخرى يمكن وينبغي تنفيذها لتقويض البنية التحتية الاقتصادية والقمعية والعسكرية والإعلامية والتنظيمية للجماعة.

إن الحملة الناجحة التي شنتها إسرائيل لإضعاف وإخضاع حزب الله اللبناني تشير إلى أن محاولات هزيمة “دول الإرهاب” ذات الطابع المؤسسي يجب أن تعتمد على ما هو أبعد من أي فرد واحد، حسب قوله. بينما اغتالت إسرائيل نصر الله، فإنها قضت أيضًا على طبقات متعددة من القيادة العليا والمتوسطة عبر حملات الغارات الجوية والتخريب. استهدفت ضرباتها البنية التحتية المالية لحزب الله، وترسانته العسكرية، وعملياته الإعلامية. استكملت إسرائيل أنشطتها العسكرية بحملة دبلوماسية لعزل حزب الله وتمكين مراكز القوة البديلة داخل لبنان. يوفر هذا النهج متعدد الأبعاد للتحالف المناهض للحوثيين نموذجًا أكثر فعالية وشمولًا لإضعاف وكيل إيران في اليمن.

ذكر هايستاين أن الجهود المبذولة لاغتيال عبد الملك مبررة لإضعاف جماعة الحوثيين، ومن المرجح أن تسفر عن مكاسب كبيرة، لكنها لن تكون بالضرورة كافية لهزيمة الجماعة أو تحييد التهديدات التي تفرضها. إن البحث عن حلول سهلة لحل المشاكل الاستراتيجية بضربة واحدة أمر مغرٍ، لكن هذا النهج قد يؤدي حتمًا إلى استراتيجيات غير مستنيرة ونتائج مخيبة للآمال، ولهزيمة جماعة الحوثيين بشكل ساحق، يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل ومن يتطلع إلى الاستقرار في المنطقة تدمير البنية التحتية التي تمكن الجماعة من العمل وهي: اقتصادها، وآلتها الدعائية، وأدوات القمع، والقدرات العسكرية، والقيادات متعددة المستويات.


لماذا لم تستغل إسرائيل مراسم تشييع نصر الله لمحاسبة خصومها؟

قال آفي أشكنازي[9] على موقع معاريف، في 24 فبراير 2025، إن سلاح الجو الإسرائيلي حلَّق في أجواء بيروت أثناء مراسم تشييع زعيم تنظيم حزب الله “حسن نصر الله”، الذي قُتل أثناء قصف كثيف شنه سلاح الجو على المخبأ الذي توارى فيه.

وفقًا للتقارير، فقد حضر المراسم ممثلون عن ما لا يقل عن 63 دولة، أبرزهم وفد من طهران، وآخر يمني يضم قيادات من جماعة الحوثيين. حضرت أيضًا حركة حماس وممثلون عن ميليشيات عراقية وغيرها.

فضلت إسرائيل إرسال أربع طائرات، اثنتين من طراز F15 المعروفة في سلاح الجو باسم “الرعد”، واثنتين من طراز F35 المعروفة باسم “أدير”. الطائرات لم تتجاوز سرعة الصوت، بل حلّقت على ارتفاع منخفض، أذلت حزب الله، وأكملت طريقها.

السؤال المهم هنا، لماذا لم تستغل إسرائيل وحلفاؤها، الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الخليج، هذا الحدث لمحاسبة عدد كبير من أهداف إسرائيل والولايات المتحدة والمنطقة؟ من الواضح أنه من غير المنطقي مهاجمة استاد يعج بعشرات الآلاف، بعضهم مدنيين لا تربطهم أي صلة مباشرة بالإرهاب، ويصنفون على أنهم أبرياء. لكن أثبتت إسرائيل أنها تمتلك استخبارات جيدة.

قال أشكنازي إن بعض الوفود مثل ممثلي الحرس الثوري والحوثيين وصلوا وعادوا بالطائرات، وانتقلوا من المطار إلى الاستاد وعادوا إلى المطار عبر مواكب من السيارات. لم يتضح سبب عدم استهداف إسرائيل أو الدول المعنية هذه القوافل. لماذا لم يعترض سلاح الجو، الذي يتمتع بحرية كاملة في أجواء الشرق الأوسط، الطائرات أو على الأقل إجبارها على الهبوط لتحديد المشتبه بهم بالإرهاب؟

إن السؤال الذي يجب أن يثير القلق -حسب أشكنازي -هو: لماذا لم تغتنم إسرائيل الفرصة، وذلك في ضوء أن إسرائيل لديها حساب مفتوح مع الحوثيين، بسبب إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة، والإدراك أن طهران تواصل تعزيزها للجماعة اليمنية، حتى تصبح تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل.

جدير بالذكر أن موقع القناة السابعة الإسرائيلية، تناول في 20 فبراير 2025، الطلب الذي وجهه معمر الإرياني، وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، للحكومة اللبنانية عبر موقع x (تويتر سابقًا) باعتقال مجموعة من قادة جماعة الحوثيين وتسليمهم إلى الحكومة اليمنية.


مواقف الحوثيين مستقلة لكن إيران تشجعهم على استئناف الهجمات على إسرائيل

تناول يوني بن مناحيم[10] على موقع arabexpert، في 2 مارس 2025، ما قالته مصادر أمنية إن مواقف الحوثيين مستقلة، لكن إيران تشجعهم على استئناف الهجمات على إسرائيل بعد الزيارة الأخيرة لوفود من حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى طهران.

حسب بن مناحيم، فإن موقف إدارة ترامب من استئناف هجمات الحوثيين على إسرائيل لا يزال مبهمًا، ولكن إذا استأنفت إسرائيل القتال في قطاع غزة، بموافقة ودعم إدارة ترامب و”فتحت أبواب الجحيم على حماس”، فإن مسؤولين أمنيين يقدرون أن إدارة ترامب ستدعم إسرائيل أيضا في قتال الحوثيين.

بدوره، ذكر موقع ماكو العبري، في 3 مارس 2025، أن إسرائيل لا تتجاهل التهديد الذي يفرضه الحوثيون، وتدرك أن استئناف القتال في غزة سيؤدي إلى استهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة، وربما بأعداد أكبر. تقول المؤسسة الدفاعية إن أنظمة الدفاع الجوي مستعدة لمجابهة التهديد اليمني، وأوضحت أنها لن تكتفي بالدفاع وحده، وأنها ستقوم بشن هجمات أيضًا.

إذا استأنف الحوثيون إطلاق النار، فإنهم يخاطرون بتعرضهم لغارات جوية أعنف من التي تعرضوا لها في سلفًا. أوضحت إسرائيل بعد آخر استهدف من الحوثيين أن المؤسسات الحكومية من بين بنوك الأهداف، وأن كبار قادة الحوثيين لن يكونوا بمنأى عن الاستهداف. تقول إسرائيل أيضًا، إنه في حال استأنف الحوثيون الهجمات، فإنها سوف تحظى بدعم كبير من الولايات المتحدة، التي ستزيد على الأرجح من هجماتها هناك.


سلاح الجو الإسرائيلي يرفع حالة التأهب القصوى

أعلن عبدالملك الحوثي، في 7 مارس 2025، استئناف العمليات البحرية على السفن الإسرائيلية إذا لم تدخل المساعدات إلى قطاع غزة خلال 4 أيام.

بعد انتهاء المهلة، قال داني سيترينوفيتش في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إن سلوك الحوثيين يدل على أن الجماعة اليمنية بعيدة كل البعد عن الانهيار، حتى مع جهود إسرائيل والتحالف الدولي، ويستحسن هذه المرة التفكير في تبني استراتيجية مختلفة لمجابهة هذا التهديد.

لفت داني، إلى أن التحركات التي اتخذتها إسرائيل والتحالف الدولي لمواجهة الجماعة العام الماضي قد فشلت في خلق توازن يردع الحوثيين ويجبرهم على وقف عملياتهم الهجومية في مضيق باب المندب وعلى إسرائيل، ولكن يبدو أن هذه التدابير لم تردع الحوثيين بطريقة أو بأخرى، بل تعززت قواهم بعد المواجهة الأخيرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويبدو أنهم ينظرون إلى أنفسهم على أنهم “قادة محور المقاومة”، لذا يرون أنفسهم مُلزمين بنصرة حماس في غزة، وربما تقديم المساعدة لأي طرف آخر في محور المقاومة يجد نفسه في صراع مباشر مع إسرائيل مستقبلًا.

قال سيترينوفيتش، إن هذه الحقيقة تتطلب من إسرائيل والولايات المتحدة إعادة التفكير في استراتيجيتهما لمواجهة الحوثيين. مع أن إدارة ترامب اتخذت في الأسابيع الأخيرة عدة إجراءات اقتصادية مهمة ضد الجماعة، أهمها إعادة إدراجها إلى قائمة الكيانات الإرهابية، ولكن مثلما اتضح مؤخرًا، من المشكوك فيه للغاية أن يكون لهذه الخطوات المهمة أي تأثير فعلي. يجب أن ينعكس التغيير في الاستراتيجية بشكل عمليات هجومية على الجماعة نفسها، مع التركيز على استمرارية الحملة (لا مزيد من الهجمات المتفرقة على مواقع البنية التحتية)، والتركيز على القيادة وقدرات الإطلاق، والتخطيط لحملة طويلة الأمد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بالجماعة نفسه. من المهم أيضًا أن تمارس واشنطن الضغط على السعودية، حتى تنضم إلى التحالف الدولي وتساعده، على الأقل خلف الكواليس.

في هذا السياق، أشار مراسل الشؤون العسكرية في هيئة البث الإسرائيلي (كان) إيتي بلومنتال[11]، في 11 مارس 2025، إلى أن سلاح الجو عزز من منظومته الدفاعية وذلك بدفع طائرات قتالية في مهام لحماية أجواء إسرائيل، وقال مصدر أمني للمراسل العسكري والمختص بالشؤون السياسية في القناة العبرية i24news، ثمة استعدادات لتجديد الهجمات على الحوثيين إذا نفذوا تهديداتهم، وعادوا إلى قصف إسرائيل أو ضربوا أهدافًا إسرائيلية.

قال أمير بوحبوط[12]، المراسل العسكري لموقع والا العبري، في 11 مارس 2025، إن مصادر في المؤسسة الدفاعية أفادت أيضًا بأن فرع الاستخبارات زاد كثيرًا من مهامه التي تستهدف جمع المعلومات الاستخبارية عن الحوثيين، وكذلك من بنك الأهداف، وأعد أهدافًا لن تقتصر على استهداف البنية التحتية الوطنية.

عُمان: الدولة التي تدعمها الولايات المتحدة وتساعد الحوثيين

قال يسرائيل شماي، مراسل موقع ماكور ريشون، في 11 مارس 2025، إنه منذ بداية حرب 7 أكتوبر 2023، انتفضت صحوة في إسرائيل والعالم بشأن أكبر ممولي الإرهاب في العالم، قطر وإيران، ولكن ثمة دولة تمكنت من التوراي والابتعاد عن الأضواء مع أنها تدعم الحوثيين وهي عُمان، وأشار إلى أنه بالتوازي مع علاقة عُمان بالغرب فإنها تؤدي دورًا مزدوجًا.

منذ عام 2015، وفرت سلطنة عُمان للحوثيين مسارًا لتهريب الأسلحة والوصول إلى النظام المالي الدولي. نُقل إلى الحوثيين، بين عامي 2017 -2018، عبر السلطنة صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة من طراز “بركان 2″، وفي عام 2023، ضُبطت معدات عسكرية متطورة على الحدود العمانية اليمنية، بما في ذلك أنظمة دعم للطائرات المسيّرة، وأجهزة تشويش للرادار، وهي أسلحة يعتقد أنها مخصصة لمهاجمة السفن في البحر الأحمر.

على الصعيد الاقتصادي، يحول كبار قادة الحوثيين الأموال، بما في ذلك الدولار الأمريكي، عبر البنوك في سلطنة عُمان، القادرة على الوصول إلى النظام المالي الدولي.

توفر سلطنة عمان أيضًا ملاذًا آمنًا لشخصيات حوثية بارزة، بما في ذلك المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام. يمارس هؤلاء المسؤولون الكبار أنشطتهم من السلطنة علانية ودون أي تدخل، وأشاد مفتي عُمان أحمد الخليلي بالحوثيين، ووصف الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في أبريل من العام الماضي، بأنه “جريء” و”أمر يسر الخاطر”، وأعرب عن دعمه لعمليات حماس التي تستهدف إسرائيل.

إن العلاقات بين سلطنة عمان وإيران تمثل مشكلة أخرى، حيث يزور ممثلون رسميون لنظام آية الله سلطنة عمان بانتظام للقاء ممثلي الحوثيين، وتشير التقديرات إلى أنه يجري في هذه اللقاءات التنسيق العملياتي بين الأخطبوط الإيراني وأحد أذرعه الرئيسة، بما في ذلك نقل المعلومات الاستخباراتية والأهداف وما إلى ذلك.

قال شماي إن البيت الأبيض، على مدى سنوات، كان متساهلًا مع سلطنة عُمان، وقبل سرديتها بأنها تستضيف زعماء الحوثيين لتعزيز حل ينهي الحرب الأهلية في اليمن.

تسمح عُمان أيضًا لناقلات النفط الروسية بتفريغ النفط في موانئها لبيعه بأسعار زهيدة في الهند، على الرغم من العقوبات الأميركية على الروس بعد غزو أوكرانيا.

ربما يثير موقف إدارة ترامب بإدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الآمال في اتباع خط أكثر عدوانية تجاه عُمان وطرد قادتهم من أراضيها، ولكن يجب أن نتذكر أن الحوثيين جرى تصنيفهم أيضًا على هذا النحو خلال فترة ولايته الأولى، واستمر التعاون الأمني مع عُمان كالمعتاد. علاوة على ذلك، أبرم الرئيس الأمريكي، في 2022، صفقة عقارية مع سلطنة عمان بقيمة حوالي 4 مليارات دولار.

الهوامش
  1. محلل في شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة “جيروزاليم بوست”. حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة العبرية في القدس عام 2010. عمل باحثًا مشاركًا في مركز “روبين” للأبحاث والشؤون الدولية، ومحاضرًا في الدراسات الأمريكية في جامعة القدس. ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل.
  2. حصلت على ماجيستير في الدراسات الشرق أوسطية وأفريقيا بجامعة تل أبيب. عملت محاضًرا في قسم التاريخ والفلسفة والدراسات اليهودية في الجامعة المفتوحة عام 2007م، كما عملت في قسم التدريس والتعليم الأكاديمي في الجامعة ذاتها. وتتركز أبحاثها في منتدى التفكير الإقليمي حول اليمن الحديث، والعلاقات القبلية، والنظام في اليمن، والنساء في الشرق الأوسط.
  3. زميل باحث أول في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب، تتركز أبحاثه على سياسات الخليج والأمن. كان زميلًا زائرًا في معهد هوفر ستانفورد. خدم في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بمكتب رئيس الوزراء، ونسق العمل بشأن إيران والخليج تحت إشراف أربعة مستشارين للأمن القومي وثلاثة رؤساء وزراء. وهو حاليًا مستشارًا لعدة وزارات.
  4. رئيس مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، وباحث أول في مركز الدراسات الإيرانية وكلاهما في جامعة تل أبيب. شغل سابقًا منصب رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب. تتركز أبحاثه على التاريخ الحديث وتطور الدول والمجتمعات في الشرق الأوسط، والعلاقات الإيرانية العربية، والنفط والسياسة في الشرق الأوسط. ألف كتاب: “اليمن: تشريح دولة فاشلة.
  5. باحث زميل في برنامج إيران بمعهد أبحاث الأمن القومي، خدم الرائد (احتياط) داني “دانيس” سيترينوفيتش 25 عامًا في عدة وظائف قيادية في وحدات جمع المعلومات والبحث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. حصل على الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة العبرية، وتتركز اهتماماته بالتطورات الاستراتيجية في الشرق الأوسط مع التركيز على الحرب على إيران.
  6. محلل سياسات في مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية واليهودية AIJAC))، يركز على التفاعل الجيوستراتيجي بين إيران وروسيا وإسرائيل وتركيا في الشرق الأوسط. وتنشر تحليلاته على نطاق واسع في الصحف والمجلات، بما في ذلك صحيفة جيروزاليم بوست، وهآرتس، وذا أستراليان، وكاب إكس، ومعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية، فضلًا عن مجلة “أستراليا/إسرائيل ريفيو” الشهرية التابعة لمجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية واليهودية.
  7. كاتب، ومحلل، وصحفي يركز على الشؤون الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي. وهو زميل باحث في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية، وزميل في منتدى الشرق الأوسط، ومحلل أمني مستقل، ومراسل فيIHS Janes.
  8. زميل غير مقيم في مشروع مكافحة التطرف، نشر تقارير تتناول بنية الحوثيين المالية، وإساءة استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية، واستهدافهم للأقليات الدينية، واضطهاد النساء والصحفيين، عمل أيضًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS). تتركز أبحاثه على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. والاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بإيران والحرب الأهلية في اليمن.
  9. مراسل عسكري بدأ مسيرته المهنية الصحفية في التسعينيات بصحيفة معاريف، عمل مراسلًا لوكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس. عمل أيضًا في موقع “والا” بين الأعوام 2014 -2019، مراسلًا لشؤون الشرطة والشؤون الجنائية. نال اشكنازي درجة الماجستير في الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب.
  10. إعلامي إسرائيلي. ولد في القدس عام 1957. التحق بسلاح المخابرات في الجيش الإسرائيلي. درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل مراسلًا لصوت إسرائيل بالعربية عام 1983، واعتمد مراسلًا لشؤون الضفة الغربية في القناة الأولى.
  11. عمل مراسلًا عسكريًا في موقع يديعوت أحرونوت بين الأعوام 2014 -2021، حصل على بكالوريوس في الاتصالات من كلية الإدارة في ريشون لتسيون. ضابط في سلاح المدرعات (الفرقة السابعة) برتبة نقيب، ويخدم في الاحتياط.
  12. بدأ “بوحبوط” العمل عام 2011، محللًا وكاتبًا للشؤون العسكرية في موقع “والا” الإخباري. استهل مشواره الصحفي في مجلة “مكومون” المحلية، وعمل بين عامي 1996 و2011، في صحيفة “معاريف”، وغطى فيها عددا كبيرا من القضايا. تخرج “بوحبوط” في كلية الإعلام، جامعة سبير، وحصل على الماجستير في الإعلام من جامعة بن جوريون. كما حصل على ماجستير في العلوم السياسية بجامعة “بار إيلان”.
مشاركة