تنويه: حُررت هذه الترجمة مراعاة للوضوح، والآراء الُمعرَب عنها فيها لا تعكس آراء مركز صنعاء للدراسات، كما لا يُعد المركز مسؤولًا عن صحة البيانات والمعلومات الواردة أيضًا.
- تصدّر اسم اليمن وجماعة الحوثيين وسائل الإعلام الإسرائيلية -كما هو متوقع -عقب سقوط صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على مطار بن غوريون، ورصد تحليل عسكري إسرائيلي أسبابًا محتملة لفشل اعتراضه، من بينها مشاكل تتعلق باكتشاف الإطلاق أو مشاكل هندسية وفنية تتعلق بخلل في الرأس الحربي للصاروخ الاعتراضي، أو مشاكل في اتخاذ القرار.
- عزا تحليل آخر قدرات الحوثيين الصاروخية إلى أنظمة إطلاقها المتحركة من مواقع مختلفة، وصعوبة الوصول للمعلومات الاستخباراتية ورصد نشاط عمليات الإطلاق، في الوقت الذي يتجنب الحوثيون إطلاق الصواريخ في الليل مما يصعّب على المقاتلات الأمريكية ملاحظة وميض الإطلاق وضربه.
- حث تقرير على ضرورة عدم قبول إسرائيل التهديد المتزايد من اليمن، وعدم اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة وحدها في تحمل العبء. وقال إن الخط الرفيع الفاصل بين ضبط النفس والاحتواء والردع والوقاية يتطلب قرارًا إسرائيليًا فوريًا.
- تشير تقارير إلى أن الضربات الجوية التي تشنها واشنطن على جماعة الحوثيين لم تنجح حتى الآن في ردع الجماعة عن مواصلة هجماتها على السفن في البحر الأحمر أو إطلاقها للصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل. في الوقت الذي نقلت عن مصادر دبلوماسية حديثها عن خطة لشن عملية برية بقيادة قوات يمنية وخليجية، بدعم أميركي، بهدف استعادة السيطرة على مدينتي الحديدة وصنعاء، دون مشاركة برية مباشرة من القوات الأميركية باستثناء وحدات خاصة.
- تطرق تحليل إلى ثلاثة خيارات عسكرية محتملة لإغلاق ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، أبرزها فرض حصار بحري، أو إعلان الميناء منطقة محظورة واحتجاز أي سفينة تحاول دخوله دون إذن أو تفتيش أو إبعادها عنوة، أو استهداف الميناء عسكريًا، مع التحذير من أن أي خطوة غير محسوبة قد تؤدي إلى كارثة إنسانية.
- تدعو أصوات بحثية إسرائيلية إلى استهداف الأصول الإيرانية في اليمن، والاعتماد على وسائل ضغط غير مباشرة ضد طهران، باعتبارها الداعم الرئيس للحوثيين، في حين أن زيادة القوات الأمريكية في محيط إيران سواء في الجو أو البحر قد تؤدي إلى الحد من مشكلة جماعة الحوثيين، لكن ذلك لا يعني حل المشكلة ما لم تهزم القوات الموالية للحكومة اليمنية الحوثيين على الأرض.
- يُبرز باحثون أهمية الدور الذي تلعبه منظومات الاستشعار والرادارات الإسرائيلية والأميركية في رصد إطلاق الصواريخ من اليمن بدقة متناهية، تشمل هذه المنظومة الرادار الأميركي الضخم على جبل كيرين في النقب، وأنظمة إيجيس (Aegis) على المدمرات الأميركية التي تبحر في البحر الأحمر والخليج العربي، وأجهزة الرادار التي يديرها حلفاء إسرائيل، ووسائل كشف إسرائيلية متقدمة.
وفق خبير عسكري تستغرق عملية معالجة المعلومات وتقييم المسار والتهديد نحو دقيقة، والهدف هو تحديد الإطلاق في أسرع وقت ممكن لاعتراضه خارج حدود إسرائيل. بإمكان الصواريخ الباليستية منذ لحظة إطلاقها من اليمن الوصول إلى إسرائيل في غضون نحو 15 دقيقة، بسرعة تصل إلى نحو 6 آلاف كيلومتر في الساعة.
- تشير تقارير إلى نجاح الضربات الأميركية في إضعاف قدرات الجماعة، وقتل قيادات مقربة من زعيمها، وفي 2 أبريل، شنت القوات الجوية الأميركية هجومًا على جنوب صنعاء، وقتلت يحيى محمد قاسم الصوفي، المساعد الشخصي لزعيم الحوثيين، وقادة آخرين. بعد يوم واحد، أفادت التقارير بانسحاب معظم القوات الإيرانية في اليمن.
- بحسب أحد التقارير، فإن جماعة الحوثيين ما تزال تحتفظ بمقر دبلوماسي لها في العاصمة العمانية مسقط يُوظف فيه أكثر من 100 شخص، وكان بمنزلة مركز لتهريب الأسلحة والمكاسب غير المشروعة إلى اليمن.
- نقل تقرير صحفي ما قاله مصدر أمني إسرائيلي، إن الأميركيين يقومون بعمل رائع ضد الحوثيين في اليمن، وأن الهجمات الأميركية اليومية على مدى شهر ونصف تبلغ نحو 10 أضعاف ما يمكن لإسرائيل أن تفعله خلال عام.
ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وذلك جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.
لأول مرة: صاروخ من اليمن يضرب مطار بن غوريون -إسرائيل تهدد بالرد
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية (كان)، في 4 مايو 2025، أن مطار بن غوريون تعرّض للاستهداف بصاروخ أرض -أرض أُطلق من اليمن. فشلت أنظمة الدفاع الجوي، ومن بينها “حيتس” الإسرائيلية و”ثاد” الأميركية، في اعتراض الصاروخ الذي خلَّف حفرة يبلغ عمقها نحو 15 مترًا. أسفر الحادث عن إصابة ثمانية أشخاص بجروح طفيفة. وأعلنت عدة شركات طيران عن تعليق أو إلغاء رحلاتها إلى إسرائيل.
وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، رد على الحادثة قائلًا: “من يضربنا سنضربه 7 أضعاف”. قالت مصادر أمنية، إنه “إسرائيل سترد بقوة”. يضيف مصدر: “من وجهة نظرنا، لا تحكمنا أية قيود بعد الهجوم على المطار”.
وقال رئيس معسكر اليمين بيني غانتس في تغريدة على منصة x: إنها ليست اليمن، بل إيران من تطلق الصواريخ الباليستية على إسرائيل، وعليها تحمّل المسؤولية. يجب أن يؤدي ذلك إلى ردّ فعل عنيف في طهران.
حتى الآن، أحجمت إسرائيل عن مهاجمة اليمن بسبب مطالبة الولايات المتحدة لها بأنها من ستتولى عملية عسكرية ضد الحوثيين. لكن في ضوء التصعيد في الهجمات خلال نهاية الأسبوع الماضي، والتي شملت 4 صواريخ باليستية وطائرتين مسيّرتين، وفي أعقاب الهجوم على مطار بن غوريون، يبدو أن إسرائيل تدرس تغيير سياستها.
قال جيش الدفاع الإسرائيلي إن “سلاح الجو يعمل على مدار الساعة لاعتراض التهديدات من جميع الجبهات، ومنذ العودة إلى القتال، اعترضت مقاتلات الدفاع الجوي نحو 20 صاروخًا من اليمن”. تشير مصادر عسكرية إلى أنه “لا يوجد اعتراض بنسبة 100%”، لكن نسبة الاعتراض الإجمالية تبلغ نحو 95%.
في سياق متصل، قال موقع معاريف، في 4 أبريل 2025، إن الحوثيين تجاوزوا الخط الأحمر، ويدرس المسؤولون في إسرائيل تغيير سياسة ضبط النفس المتبعة حتى الآن تجاه الحوثيين، والرد المباشر على إطلاق الصواريخ.
وذكر تقرير آخر في موقع معاريف، في 4 مايو 2025، أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تقدر أن سلسلة عمليات إطلاق ثلاثة صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة من الحوثيين إلى إسرائيل أخيرًا هي رد على الضغوط الشديدة التي يمارسها الجيش الأمريكي على الحوثيين. يُقدّرون أيضًا أن بعض الهجمات كانت موجهة نحو خليج حيفا؛ لإحداث دمار كبير وصدى واسع.
أضافت المصادر الإسرائيلية أن شن هجمات إسرائيلية في اليمن ليس منطقيًا في الوقت الراهن…”عند تنفيذ الهجوم يجب التحليق لمسافة ألفي كيلومتر، وما الأهداف التي سنهاجمها هناك؟! كل هجوم تنفذه إسرائيل هو أقل فعالية بـ100 مرة من الأميركيين الذين يهاجمون عشرات الأهداف في اليمن يوميًا”.
وذكر القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية العميد احتياط ران كوخاف في إذاعة 103fm، فيما يتعلق بالهجوم على مطار بن غوريون، “من الواضح أنه فشل، ولم تكن مشكلة اعتراض. مضيفًا أن المطار محمي بعدة طبقات دفاعية: القبة الحديدية، والعصا السحرية، وحيتس 2، وثاد، وحيتس 3. وفي هذه الحادثة، جرى استخدام أكثر من نظام”.
قال كوخاف أنه لا يوجد دفاع محكم، ولا حتى أنظمة دفاع جوية. كنتُ في لندن لحضور مؤتمر متخصص في الدفاع الجوي، حيث قال رجل من سلاح الجو البريطاني: “لو يوجد مكان في العالم يعد نموذجًا يُحتذى به لأوروبا، فهو إسرائيل”.
اقترح كوخاف التعامل بواقعية: “حتى لا نفرط في تقديرنا، إنه فشل في الاعتراض، وسوف يُحقق فيه بدقة -لفهم ما إذا كان فشلًا في الاتصال، أو فشلًا فنيًا، أو هندسيًا، أو تشغيليًا”.
منذ انهيار وقف إطلاق النار، تم تسجيل 33 عملية إطلاق صاروخ وطائرة مسيّرة من اليمن على إسرائيل. منذ بداية الحرب، أطلق الحوثيون أكثر من 70 صاروخًا على إسرائيل، وبلغت نسبة النجاح أكثر من 90%. وهذه هي المرة الثالثة منذ بداية الحرب التي تفشل فيها محاولة اعتراض من اليمن. وفي المرتين السابقتين سقطت الصواريخ في يافا ورامات إفعال.
في سياق متصل ذكر ران كوخاف لموقع ماكو N12، في 4 مايو 2025، الأسباب المحتملة لفشل اعتراض الصاروخ، وهي:
- مشاكل في اكتشاف الإطلاق -لم يحدث هذا الصباح لأن التحذيرات كانت مفعّلة.
- مشاكل هندسية -الصاروخ الذي جرى إطلاقه لم يستخدم المسار المتوقع أو لم ينفجر في التوقيت الذي قدرته إسرائيل.
- مشاكل فنية -خلل في الرأس الحربي للصاروخ الاعتراضي.
- خطأ بشري في عملية الاعتراض.
- مشاكل في اتخاذ القرار.
قال كوخاف إنه لا يوجد دفاع مثالي. من الأسهل على أنظمة الدفاع الجوي اكتشاف عمليات الإطلاق ليلًا نظرًا لطبيعة نشاط بعض الأقمار الصناعية والرادارات. يرى كوخاف أن “هذا ربما هو السبب الذي دفع الحوثيين إلى إطلاق الصواريخ نهارًا”.
ذكر الموقع أنها المرة الثالثة منذ بداية الحرب التي تفشل فيها محاولة اعتراض صواريخ من اليمن. لقد سقطت الصواريخ في المرتين السابقتين في يافا ورمات إفعال.
كيف يتمكن الحوثيون من مواصلة إطلاق الصواريخ؟
أرجع المحلل العسكري لموقع يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي[1]، في 4 مايو 2025، السبب وراء قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ إلى أن:
- أنظمة إطلاقها -حيث ينقل بعضها إلى عناصر قبلية -متحركة وتطلق في كل مرة من موقع مختلف عبر الأراضي اليمنية الشاسعة، مما يعقد من اكتشافها وتدميرها.
- تعمل جماعة الحوثيين بطريقة لا مركزية، وتعتمد -إلى حد كبير -على عناصر قبلية متفرقة وبعيدة عن بعضها.
- اليمن نفسها دولة ليست متطورة، ذات بنية تحتية ضعيفة في مجال الحاسوب والاتصالات -ما يعقّد للغاية من جمع المعلومات الاستخباراتية، ورصد نشاط عمليات الإطلاق.
ونتيجة لذلك، لم ينته التهديد الذي يواجه الممرات البحرية في مضيق باب المندب وإسرائيل رغم مرور أكثر من شهر ونصف الشهر على الهجمات الأمريكية.
أشار بن يشاي إلى أن إسرائيل لو كانت تسعى لاستهداف اليمن فإنها تواجه معضلة معقدة: أولًا، ما الأهداف، وهل يمكن تحقيقها؟ ثانيًا، ما نوع التحرك الذي تريده إسرائيل ويمكنها تنفيذه عمليًا؟
الهدف الأساسي والمحوري لأي عملية إسرائيلية محتملة في اليمن هو إلحاق أضرار مادية هائلة بقدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ الباليستية، ومهاجمة الطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل. وإضافة إلى ذلك، قد تشمل هذه العملية ضربات صاروخية أو غارات بحرية؛ للحد من التهديد الذي تواجهه حركة الملاحة في مضيق باب المندب.
الهدف الثاني هو أن تدفع جماعة الحوثيين ثمن عملياتها -لثنيها عن مواصلة القصف. إن توجيه ضربة مباشرة للأراضي اليمنية قد يجعل الحوثيين يفكرون مرتين قبل إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل. وإذا قرروا إطلاق الصواريخ، فيجب عليهم أن يفهموا أن أي ضربة غير دقيقة أو شديدة للغاية سوف تؤدي إلى رد فعل إسرائيلي حاد ـ-وهو ما قد يهدد استقرار الجماعة ذاتها. يتضح من خلال الخبرة التي اكتسبتها إسرائيل والولايات المتحدة أن التهديد الأكثر فعالية للأنظمة في المحور الشيعي هو التهديد المباشر لبقاء النظام في طهران.
الهدف الثالث هو الإضرار برموز النظام والبنية الأساسية المدنية، على أمل إثارة الغضب العام والتسبب في اضطرابات مدنية داخلية.
إذا لم تتمكن إسرائيل من تحقيق هدف واحد على الأقل من الأهداف الثلاثة، فمن الصعب تبرير العمل الحركي على بُعد ألفي كيلومتر من الحدود. إن مثل هذه العملية، سواء كانت بحرية أو جوية، معقّدة للغاية من الناحية العملياتية ومكلفة ماديًا للغاية. ومع أن الجيش الإسرائيلي مستعد وله خبرة حصيفة في تنفيذ مثل هذه العمليات، فإن قدرته على التسبب في أضرار أكبر من الهجمات الأميركية الحالية في اليمن غير مؤكدة.
أشار بن يشاي أيضًا إلى أن أي عملية جوية أو بحرية تنفذها إسرائيل في اليمن لن تتطلب التنسيق الوثيق مع القيادة المركزية الأمريكية فحسب، بل ستحتاج أيضًا إلى الضوء الأخضر من البيت الأبيض. وقد يتطلب هذا التنسيق من الأميركيين تقليص عملياتهم في المنطقة مؤقتًا -حتى لا تتعرض للخطر طائراتهم أو سفنهم. علاوة على ذلك، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يصعب التنبؤ بقراراته، قد يفسر التحرك الإسرائيلي المستقل في المنطقة التي تنفذ فيها الولايات المتحدة عملياتها بكثافة على أنه تعبير عن عدم الثقة أو التعرض لمكانة أمريكا وكرامتها. قد تتزايد هذه المشاعر خصوصًا في ضوء الشكوك التي أعرب عنها مسؤولون بارزون في إدارته، ومنهم نائب الرئيس جيه. دي. فانس، بأن إسرائيل تحاول جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران أو وكلائها.
ويضيف أنه من الصعب ردع عدو مدفوع في المقام الأول بدوافع أيديولوجية متطرفة، وكراهية عميقة لليهود وإسرائيل، واعتبارات بقاء جماعة تقمع مواطنيها بوحشية. وفي مثل هذه المعادلة، قد لا يغيّر هذا الثمن المؤلم من أنماط عمل القيادة الحوثية.
حتى لو ضربت إسرائيل مجددًا البنية التحتية الحكومية المدنية في اليمن -مثل مطار صنعاء أو ميناء الحديدة -فإن احتمال تحقيق ردع كبير يظل منخفضًا. قد تأتي الضربة الحادة بنتائج عكسية على الساحة الدولية، كما حدث للسعودية التي تورطت في ردود فعل عالمية قاسية خلال حربها مع الحوثيين منذ عام 2015.
الأهم من ذلك -أن هذا لن يردع المتعصبين الحوثيين. وكما هو الحال مع باقي المنظمات الجهادية، فإنهم أيضًا لا يستسلمون للضغوط المفروضة على سكانهم المدنيين. وعلى العكس: عندما يؤثر التهديد في حكمهم، فإنهم يستخدمون وسائل قمعية أكثر قسوة.
لردع الحوثيين وأعداء إسرائيل، يجب على الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية البحث عن طرق جديدة ومبتكرة تهدد مباشرة بقاء الأنظمة التي تهاجمنا.
ممثلة المجلس الانتقالي الجنوبي في الأمم المتحدة تدين استهداف مطار بن غوريون
قالت سمر أحمد، ممثلة الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي في جنوب اليمن لدى الأمم المتحدة، لصحيفة جيروزالم بوست، في 4 مايو 2025: “إن استهداف المطارات المدنية عمل إرهابي سافر. الهجوم على مطار بن غوريون جزء من نمط أوسع من العدوان الحوثي، المدعوم من إيران، الذي حوّل شمال اليمن الخاضع لسيطرته إلى منصة انطلاق لزعزعة الاستقرار الإقليمي”.
وفي أول مقابلة من نوعها لمندوب عن المجلس الانتقالي الجنوبي مع صحيفة إسرائيلية، نددت أحمد بالهجمات الحوثية على البنية التحتية الإسرائيلية ودعت إلى التعاون بناءً على مبادرة السلام العربية.
وتابعت: “استخدم الحوثيون أيضًا صواريخ وطائرات مسيّرة إيرانية لمهاجمة المطارات والبنية التحتية المدنية في جنوب اليمن والسعودية والإمارات… من الجدير أن يثير هذا قلق المجتمع الدولي إلى حد كبير. الحل الناجع يجب أن يجمع بين الضغط السياسي، والعقوبات، ودعم القوى المحلية التي تقاوم التوسع الحوثي، وخاصة في الجنوب”.
عندما سُئلت عن التحديات الحالية التي تواجه الجنوب، أوضحت: “عسكريًا، تدافع القوات الجنوبية عن منطقتنا لمجابهة توسع الحوثيين وتهديدات القاعدة، بدعم دولي محدود. لا تزال الاحتياجات الإنسانية ضرورية بسبب سنوات الحرب والانهيار الاقتصادي”.
على الصعيد الاقتصادي، وصفت الجنوب بأنه يعاني من “بنية تحتية مدمرة من جراء الحرب، وانخفاض قيمة العملة نتيجة قصف الحوثيين لموانئ النفط الجنوبية في شبوة وحضرموت، مما أدى إلى توقف صادرات النفط، وحرم الحكومة في نهاية المطاف من الإيرادات”.
فيما يتعلق بآفاق التعاون بين إسرائيل والمجلس الانتقالي الجنوبي، أكدت أن المجلس الانتقالي الجنوبي يشاطر رؤية جيرانه للسلام في المنطقة، ويدعم مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية. وأضافت: “الحرب هي نقيض الحوار والتعاون. ندعم السلام والحوار، ولا شك أن ثمة مجالًا للحوار والتعاون الواقعي حيثما تتوافق المصالح المشتركة، لا سيما في تحقيق السلام والأمن، ومكافحة الإرهاب، والاستقرار البحري في البحر الأحمر وخليج عدن”.
دوافع تصاعد وتيرة قصف الحوثيين وإطلاق الصواريخ على إسرائيل صباحًا
ذكر موقع يديعوت أحرونوت، في 3 مايو 2025، أن استمرار القصف الجوي والبحري الأمريكي على الحوثيين، الذي انضمت إليه بريطانيا أخيرًا، لم يمنع الجماعة “الإرهابية” من تنفيذ 4 هجمات مختلفة على إسرائيل في يوم واحد. ولا يزال الحصار في البحر الأحمر والأضرار الاقتصادية الجسيمة على مصر وإسرائيل مستمرة. وصل القصف الحوثي، في الأسابيع الأخيرة، إلى كل منطقة في إسرائيل تقريبًا، وزاد وكلاء إيران في اليمن من وتيرتها مؤخرًا.
في سياق متصل، قال المحلل العسكري لموقع يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، إن التقديرات في إسرائيل ترجع زيادة معدل إطلاق الحوثيين للصواريخ إلى سببين:
الأول هو أن الولايات المتحدة طوّرت -إلى حد كبير -جودة معلوماتها الاستخباراتية في الشهر والنصف الذي هاجمت فيه طائراتها اليمن، وطوّرت أيضًا الأساليب العملياتية التي تقصف بها الحوثيين وتفاجئهم. يقولون في إسرائيل، حاليًا، إن الولايات المتحدة لم تضرب مستودعات أسلحتهم فحسب، بل إنها تنجح أيضًا في ضرب منصات الإطلاق، ومستودعات الصواريخ والطائرات المسيّرة في غرب ووسط اليمن بكفاءة أكبر.
السبب الثاني هو أن الولايات المتحدة تمكنت بفعالية من إحباط تهريب الطائرات المسيّرة والصواريخ من إيران إلى اليمن، مما أدى إلى استنزاف إمدادات الحوثيين إلى حد كبير. ونتيجة لهذين السببين، يتصرف الحوثيون مثل حماس في قطاع غزة عندما تخشى انكشاف الصواريخ، إذ يسارعون إلى إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة قبل أن تتعرض للهجوم. يطلقونها أثناء النهار، والشمس مشرقة؛ لأن إطلاقها ليلًا يسهل على الولايات المتحدة ملاحظة وميض الإطلاق ولهبه، ثم ضربه بدقة عالية.
الخط الرفيع بين ضبط النفس و الردع والوقاية
قال العميد في الاحتياط تسفيكا حايموفيتش، القائد السابق للدفاع الجوي في الجيش الإسرائيلي، في موقع يسرائيل هيوم، في 3 مايو 2025، إن الحوثيين أطلقوا على إسرائيل في الأشهر السبعة عشر الأولى من الحرب نحو 40 صاروخًا أرضيًا بعيد المدى، لكن في الأسابيع الخمسة الأخيرة فقط أطلقوا ما يقرب من نصف هذا العدد. واليوم بلغ إجمالي الصواريخ التي أُطلقت على إسرائيل ما يربو على 60 صاروخًا، وهو رقم غير مسبوق من حيث النطاق والوتيرة، ولا سيما في ظل الوجود الأميركي الكبير في المنطقة والهجوم الجوي المستمر على الحوثيين.
ويضيف “أنه لا يجب أن نتفاجأ -باعتبارنا من المطّلعين على طبيعة الحرب على الجماعات الإرهابية، حتى شبه الحكومية منها -نحن على دراية أن مفهوم الانتصار الذي يتحقق بضربة واحدة سريعة وساحقة أو التدمير الكامل للقدرات غير قائم. عند دراسة سلوك الحوثيين خلال الحرب التي استمرت سبع سنوات ضد السعودية يظهر نمط عملياتهم: لقد أطلقوا نحو 430 صاروخًا في ذلك الوقت (مدى يصل إلى 1200 كيلومتر)، أي حوالي 60 صاروخًا في السنة، وهي كما بدت وتيرة مماثلة أيضًا ضد إسرائيل”.
من الخطأ أن نتصور ونحصر الحوثيين في أنهم جماعة يرتدون النعال. إنها جماعة (دولة) لديها قدرات إنتاج مستقلة للصواريخ أرض-أرض والطائرات المسيّرة، تعتمد على المعرفة والتقنيات المستوردة من إيران والصين. خلال العقد الماضي، أدى احتكاكها العملياتي والعسكري إلى تطوير صناعتها وقدرتها الإنتاجية المتقدمة والمتطورة، ومنها البنية التحتية تحت الأرض الصامدة (جزئيا على الأقل) أمام الضربات الجوية، طبقًا لحايموفيتش.
إسرائيل -حاليًا -أمام معضلة استراتيجية في مواجهة تحدي الحوثيين وثمة حاجة ملّحة لتوفير استجابة جادة للأمن الوطني، لأن الدفاع السلبي وحده لا يكفي، وخمس هجمات خلال عام ونصف لم تسفر أيضًا عن النتيجة المرجوة.
لا يجب على إسرائيل ولا ينبغي لها أن تتقبل التهديد المتزايد من اليمن. لا ينبغي لنا أن نقع في فخ القدرات الدفاعية الممتازة التي تعترض معظم التهديدات. في هذه الحالة، لا بد من أخذ القدرة التدميرية في الاعتبار (رأس حربي يزن ما لا يقل عن 300 كيلوغرام من المتفجرات) والهدف، وليس فقط النتيجة. لا ينبغي أن نعتمد على الولايات المتحدة وحدها في تحمل العبء. إن الخط الرفيع الفاصل بين ضبط النفس والاحتواء والردع والوقاية يتطلب قرارًا إسرائيليًا فوريًا.
مصدر أمني إسرائيلي: التهديد الحوثي أشبه بذبابة مزعجة
قال المحلل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إيتمار آيخنر، في 27 أبريل 2025، إن إسرائيل تمتنع عن الرد على الحوثيين استجابة لطلب الولايات المتحدة التي شنت عملية عسكرية مكثفة في المنطقة قبل شهر ونصف. وكان آخر هجوم شنته إسرائيل على اليمن قبل ثلاثة أشهر.
يقول مصدر أمني إسرائيلي إن “قصف الحوثيين لا يعني شيئًا… العملية الأمريكية فعّالة للغاية. لا يزال الحوثيون قادرين على إطلاق الصواريخ، لكنهم لا يستطيعون إطلاق أعداد كثيرة. تُعترض معظم الصواريخ التي يطلقونها أو تُسقط في الطريق -وترى إسرائيل أن التهديد الحوثي أشبه بذبابة مزعجة”.
يضيف المصدر إنه من الصعب تحديد موعد انتهاء التهديد القادم من اليمن، لكن في كل الأحوال “يجب أن نتحلى بالصبر”. وفي ظل اختيار إسرائيل عدم الرد، زعم المصدر أن “الأميركيين يبذلون جهدًا رائعًا هناك، ولا يمكننا المساهمة بأي شيء في الهجوم، وأن الهجمات الأميركية اليومية على مدى شهر ونصف تبلغ نحو 10 أضعاف ما يمكننا فعله في اليمن خلال عام”.
التصعيد أم الإقرار بالهزيمة؟ الولايات المتحدة تواجه معضلةً بشأن الحوثيين في اليمن
قال يوناثان سباير[2] في موقع جيروزاليم بوست، في 25 أبريل 2025، إن الحملة الجوية الأمريكية وجهت ضربةً قاسيةً للحوثيين. ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا حول ما إذا كان حجم الضرر -حتى الآن -كافيًا لإقناعهم بوقف هجماتها على السفن الغربية وعلى إسرائيل.
يضيف سباير أن الولايات المتحدة تواجه معضلةً مماثلةً لما تواجهه إسرائيل مع حماس في غزة. في الحالتين، لا يكترث العدو -إلى حد كبير -بمقتل المواطنين (في مناطق سيطرتهما)، ومن غير المرجح أن يميل حتى إلى تغيير مساره بسبب خسائر في صفوفه أو معداته.
في هذه المرحلة، تواجه الولايات المتحدة خيارات بشأن الحوثيين مماثلةً لما واجهتها إسرائيل في غزة -أي التصعيد أو الاستسلام الفعلي. إما اتخاذ قرارٍ بتدمير العدو أو إضعافه بشدة، أو التسليم بأنه لا يمكن حاليًا هزيمتهم.
انطلاقًا من هذه الخلفية، ينبغي فهم التقارير الحديثة عن الهجوم البري المحتمل من الحكومة اليمنية والقوات المتحالفة معها لاستهداف الحوثيين.
من المرجح أن يستهدف هذا الهجوم، في حال وقوعه، المنطقة الساحلية الغربية لليمن. ويُعَدّ ميناء الحديدة والمنطقة المحيطة به موقعًا حيويًا لاستقبال واردات الحوثيين. كما يُعدّ الساحل ضروريًا لمواصلة حملة الحوثيين على الملاحة البحرية. وسوف يكون الدعم الجوي الأمريكي حيويًا لأي حملة من هذا القبيل.
ربما لاحظت القوات المرتبطة بالحكومة اليمنية الرسمية النجاح السريع لهيئة تحرير الشام في سوريا، الذي نتج بشكل كبير من جراء إضعاف إسرائيل لمنظمة حزب الله اللبناني. لولا ذلك، لكان حزب الله قد تدخل لإنقاذ نظام الأسد، وربما أوقف تقدم هيئة تحرير الشام قبل حمص أو حماة.
ومع ذلك، سواء أضعفهم القصف الأمريكي أم لا، فإن الحوثيين قوة مختلفة تمامًا عن جيش نظام الأسد الأجوف. إن مثل هذا الهجوم سيكون مقامرة.
الخيار الآن بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها المحليين في اليمن، إما زيادة الرهانات، أو الانسحاب.
لماذا فشلت الولايات المتحدة في قتال الحوثيين؟
قال رامي يتسهار[3] في موقع عنيان مركزي، في 24 أبريل 2025، إن الجيش الأميركي يعاني من فشل ذريع في التصدي لجماعة “إرهابية” صغيرة لكنها عنيدة، ومع أنها لا تمتلك جيشًا حقيقيًا على الإطلاق، إلا أنها تُعطل التجارة العالمية منذ عامين تقريبًا، ولم يتمكن أحد من هزيمة هذه العصابة.
أشار يتسهار إلى أن الولايات المتحدة تشن حملة جوية ضخمة على الحوثيين منذ بداية عام 2024 وعلى مدى عام 2025، ولكنها فشلت في كسر شوكتهم، مضيفًا “إن الفشل يبدو جليًا؛ إذ يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ الباليستية، ومهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، بل وحتى توسيع نطاق القتال باتجاه إسرائيل. ومع التفوق التكنولوجي للجيش الأميركي، إلا أن الحوثيين يثبتون مرارًا قدرتهم على التعافي، وإعادة إعمار البنية التحتية، والحفاظ على قوتهم الرادعة”.
أرجع فشل الولايات المتحدة إلى عدة أمور، أهمها:
- عدو غير تقليدي: ينتهج الحوثيون أساليب حرب العصابات الكلاسيكية التي تتمثل في الاختباء في المناطق الجبلية، واستخدام المدنيين دروعًا بشرية، ونشر أصولهم العسكرية داخل المناطق المدنية المكتظة بالسكان، ولا يمتلكون قواعد تقليدية يسهل تدميرها.
- دعم إيراني مستمر: تواصل إيران تزويد الحوثيين بالتقنيات المتقدمة -الصواريخ، والطائرات المسيّرة، وأنظمة الاتصالات والأسلحة على الرغم من العقوبات والمراقبة.
- محدودية القوة الأميركية: ترفض الولايات المتحدة إرسال قوات برية إلى اليمن، مما يجعل الحملة تعتمد فقط على الجو والبحر، والضربات الجوية غير كافية لتحييد جماعة حرب عصابات أيديولوجية مستعدة لتكبد الخسائر ثم مواصلة هجماتها.
- الشرعية الدولية: تصاعدت الانتقادات الدولية بعد توسيع هجمات الولايات المتحدة وتزايد أعداد الضحايا المدنيين. يقدم الحوثيون أنفسهم على أنهم ضحايا “العدوان الغربي”، وهو ما يعزز موقفهم في الساحة الدعائية.
- سوء فهم عقلية الحوثيين: يفشل الأميركيون مرارًا في فهم مدى عمق الالتزام الديني والأيديولوجي لجماعة مثل الحوثيين. إنهم عدو على استعداد لمواصلة القتال لعقود بغض النظر عن التكلفة الاقتصادية أو البشرية.
قال يتسهار إن حقيقة صمود الحوثيين وحتى مقاومتهم تشوه صورة الردع الأميركي في الشرق الأوسط من عدة أوجه:
- تزعزع ثقة دول المنطقة بشأن قدرة واشنطن في الدفاع عن حلفائها.
- تؤدي إلى تعاظم قوة إيران بسبب نجاح وكلائها.
- استغلال روسيا والصين هذا الوضع لتعزيز نفوذهما على الساحة العالمية.
ذكر يتسهار أن الحملة الأميركية على الحوثيين تثبت مجددًا أن القوة العسكرية التقليدية تواجه صعوبة في مجابهة الجماعات “الإرهابية”، والعصابات ذات الدوافع الإيديولوجية. وإذا لم يتخذ أي تغيير استراتيجي جوهري – دبلوماسي أو عسكري – سوف يستمر الحوثيون في إزعاج الغرب، مما يسبب أضرارًا اقتصادية وأمنية عالمية.
في سياق متصل، ذكر موقع معاريف، في 25 أبريل 2025، أن الولايات المتحدة تعترف -لأول مرة -بفشلها في مواجهة الحوثيين، وبحسب مسؤولون مطلعون لشبكة CNN، نجحت الجماعة في إسقاط ما لا يقل عن 7 طائرات مسيّرة أمريكية من طراز MQ9 Reaper تبلغ قيمتها ملايين الدولارات مما يعقد الانتقال إلى المرحلة الثانية من العملية.
وأضافوا أن الحوثيين أطلقوا على مدى الأسابيع الستة الماضية 77 طائرة مسيّرة هجومية، و 30 صاروخ كروز، و 24 صاروخًا باليستيًا متوسط المدى، و 23 صاروخ أرض -جو على قوات أمريكية أو البحر الأحمر، أو إسرائيل.
هل الهجوم البري على الحوثيين أمرٌ حتمي؟
قال أري هايستاين[4] في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، في 22 أبريل 2025، إن النقاش حول شنّ الحكومة اليمنية هجومًا بريًا على الحوثيين قد تصاعد. ومع ذلك، فإن مثل هذه العملية أكثر تعقيدًا مما قد تبدو عليه للوهلة الأولى، وذلك لثلاثة عوامل رئيسة:
أولًا، يقود الحكومة اليمنية مجلس القيادة الرئاسي، الذي يتألف من ثلاثة فصائل رئيسة مناهضة للحوثيين، ولكنه أيضًا على خلاف أيديولوجي. إن تنسيق حملة عسكرية مشتركة بين هذه الفصائل التي تتباين أهدافها سيكون، في أحسن الأحوال، تحديًا معقدًا. حتى لو نجحوا في انتزاع مناطق محورية من الحوثيين، فمن المرجح أن تتفاقم الخصومات الداخلية بعد ذلك وهم يتنافسون على المكتسبات.
ثانيًا، تدعم القوى الخليجية الأساسية شركاء محليين مختلفين في اليمن: تحظى الإمارات بعلاقات قوية مع المقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بينما تُفضل السعودية حزب الإصلاح. قد يتخذ داعمو هذه الفصائل تدابير بدون التنسيق بينهم لدفع شركائهم المحليين إلى تعزيز مصلحة داعميهم الوطنية. ولو أسفرت هذه الحملة البرية المنسقة إلى هجمات انتقامية من الحوثيين على الأراضي السعودية أو الإماراتية، فقد تضغط الرياض وأبو ظبي على شركائها اليمنيين لتهدئة حدة التصعيد.
ثالثًا، إن شبكة التحالفات الفريدة والمرنة في اليمن تجعل الدعم الخارجي للقوات المناهضة للحوثيين مناورة مهمة ولكنها حساسة. ومن أمثلة العناصر المناهضة للحوثيين غير المتحالفة مع واشنطن أو تل أبيب، حميد الأحمر من حزب الإصلاح، الذي فُرضت عليه عقوبات أخيرًا من جراء دعم حماس ماديًا. ويتحالف مقاتلون آخرين، مثل طارق صالح، من المقاومة الوطنية، حاليًا ضد الحوثيين، لكنهم تحالفوا سلفًا مع الجماعة “الإرهابية” المدعومة من إيران.
هذا لا يعني حرمان هذه الفصائل من الدعم الدولي في معركتهم ضد التهديد الحوثي المزعزع بشكل استثنائي للاستقرار؛ بل التأكيد على ضرورة الرقابة الصارمة واتخاذ تدابير وقائية فعّالة لضمان توجيه المساعدات بفعالية ومسؤولية.
مع ذلك، لا يعد الهجوم البري الوشيك للحكومة اليمنية لاستعادة الأراضي من الحوثيين شرطًا أساسيًا لنجاح الاستراتيجية الأمريكية. ومن أهم مزايا الحملة الحالية أن الوقت يصب في مصلحة واشنطن ويضر بالحوثيين. تعمل الضربات المستمرة على تفكيك البنية التحتية التي تحافظ على تماسك جماعة الحوثي وتُمكّنها من التنسيق الداخلي. ومع ذلك، يبدو أن الجماعة عاجزة عن الرد. ما دامت القوى المناهضة للحوثيين داخل اليمن قادرة على الحفاظ على مواقعها ومواصلة الضغط، فإن الجمع بين العمل العسكري الأمريكي وتصاعد الأزمات الداخلية قد يُؤدي في نهاية المطاف إلى تفكك نظام عبد الملك الحوثي من الداخل.
أمريكا تغيّر مهام هجماتها في اليمن
ذكر موقع نتسيف نت، في 20 أبريل 2025، أن من يتابع نوعية الضربات الجوية الأميركية على مواقع الحوثيين العسكرية في اليمن مؤخرًا، يمكنه ملاحظة تغيير واضح في التوجهات، التي تخفي وراءها نوايا عملياتية متطورة.
يبدو أن الولايات المتحدة ركزت جهودها العسكرية المكثفة أخيرًا على تدمير أنظمة الاتصالات العسكرية الخاصة بالحوثيين، لتعطيل منظومة الاتصالات السلكية والبصرية في جميع مناطق سيطرتهم؛ لإجبارهم على البدء في استخدام أنظمة اتصالات لاسلكية يمكن لأقمار التجسس الأمريكية أو أنظمة جمع المعلومات الإلكترونية المثبتة على السفن الحربية الأمريكية العاملة في المنطقة من التنصت المباشر عليها.
يأتي هذا التحول في أعقاب استمرار الحوثيين إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل والتهديد باستئناف الهجوم على صناعة النفط السعودية.
لقد وعد الأميركيون بوقف القصف على إسرائيل لمنعها من مهاجمة اليمن مباشرة، ولكنهم فشلوا في مهمتهم، بينما نجح اليمنيون مرارًا في إطلاق النيران دون أن يتمكن الأميركيون من اكتشاف نواياهم وإحباطها.
أرجع الموقع فشل الأميركيين إلى ضعف جودة الاستخبارات التكتيكية، أو بعبارة أخرى، فشل الأميركيين في الحصول على معلومات الإنذار المبكر لإحباط إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل، واعتمادهم على أنظمة جمع المعلومات الاستخباراتية الجوية (الأقمار الصناعية، ورحلات الاستطلاع، والسفن المزودة بأنظمة تنصت) التي لم تحقق مهمتها. لذلك، قررت القيادة المركزية للجيش الأميركي تغيير طبيعة الأهداف التي تستهدفها، والتركيز بقوة حاليًا على تدمير أنظمة الاتصالات السلكية الآمنة.
جدير بالذكر أن إيران هي المسؤولة عن إنشاء أنظمة الاتصالات السلكية والبصرية لجيش الحوثي، كما فعل حزب الله في لبنان أثناء الصراع الطويل مع إسرائيل، وكما هو معروف، فقد بذلت إسرائيل جهودًا استخباراتية واسعة على مدى سنوات عديدة من أجل “اختراق” أنظمة الاتصالات الآمنة لحزب الله، ومن ثم حققت نجاحات استخباراتية استراتيجية مكنتها من هزيمة حزب الله في وقت قصير.
في المقابل، لم يهتم الأميركيون بنشاط مماثل في اليمن، ولذلك فهم يتصرفون حاليًا كالأعمى في الصحراء تقريبًا، عندما يتعلق الأمر بالحصول على معلومات استخباراتية تحذر من إطلاق صواريخ باليستية أو إطلاق طائرات مسيّرة انتحارية باتجاه إسرائيل قبل تنفيذها، ويعمل الأميركيون حاليًا على تحسين نوعية المعلومات الاستخباراتية التي يحصلون عليها. هل ينجحون في مهمتهم؟ ما هي إلا بضعة أيام ونعرف ذلك.
تقارب يبعث على القلق بين السعودية وإيران
قال يوني بن مناحيم[5]، في موقع arabexpert، في 20 أبريل 2025، إن زيارة الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، الرسمية إلى العاصمة الإيرانية طهران أجريت في وقت حساس، إذ تشهد المنطقة تصعيدًا كبيرًا بدأته إيران، بالتوازي مع المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني.
تقول مصادر أمنية رفيعة المستوى إن زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران تشكل تحولًا كبيرًا في العلاقات الإقليمية، وتأتي على خلفية توجه استراتيجي نحو التقارب بين الرياض وطهران، على خلفية التصعيد الأميركي الأخير في اليمن، والمخاوف السعودية من تداعيات هجوم إسرائيلي أميركي على المواقع النووية الإيرانية. يخشى السعوديون من أن ترد إيران، في مثل هذا السيناريو، بهجوم على القواعد الأميركية في دول الخليج ومنشآتها النفطية، كما حدث في الهجوم على منشآت أرامكو النفطية في السعودية في 14 سبتمبر 2019.
تتفهم السعودية ضرورة خفض التوترات مع إيران، ولا سيما في ظل الغموض الذي يعتري موقف واشنطن من الأمن الإقليمي، وخاصة بعد سلسلة الهجمات التي نفذها الجيش الأميركي على مواقع الحوثيين في صنعاء، والحديدة، وصعدة، التي كادت أن تشعل جولة جديدة من التصعيد.
قال بن مناحيم إن هذه الزيارة تعكس رغبة السعودية في تجنب الانجرار إلى صراع مباشر مع الحوثيين، لأنه قد يؤدي إلى استهداف منشآت حيوية على أراضيها، أو حتى فتح جبهة ضد إيران.
يفسر التقارب بين السعودية وإيران، المدعوم بتفاهمات أمنية واقتصادية، أيضًا على أنه محاولة لتحييد جبهات مشتعلة مثل اليمن، والانتقال إلى توازن جديد يرتكز على الشراكة بدلًا من المواجهة. أي تصعيد عسكري في اليمن لن ينفصل عن اعتبارات الصراع الإقليمي الشامل.
بحسب مصادر أمنية، فإن إدارة ترامب لا تعارض هذا التقارب، بل تراه مخرجًا سياسيًا قد يخفف من عبء التدخل المباشر في الصراعات الإقليمية، خاصة في ظل التركيز على الحرب في أوكرانيا والتوترات مع الصين.
أشار بن مناحيم إلى أن كبار الشخصيات السياسية في إسرائيل لا يحبذون، على أقل تقدير، هذا التقارب بين السعودية وإيران. ترى إسرائيل أن هذه الخطوة السعودية مداهنة لاسترضاء إيران على حساب الابتعاد عن إسرائيل.
انخفاض كبير في ظاهرة تسجيل الأطفال في المخيمات الصيفية الحوثية
قال موقع نتسيف نت، في 18 أبريل 2025، إنه على الرغم من تبجح وغطرسة المتحدثين باسم الحوثيين، فإن الهجمات الأمريكية لها تأثير كبير على سلوك القيادة الحوثية، وقدرتهم على التأثير في اليمنيين الذين يقبعون تحت الحكم الاستبدادي الفاسد والوحشي في مناطق سيطرتهم، وهو ما يتسبب في زيادة انتقادات اليمنيين.
لا يقتصر الأمر على ترك كثير من قادة الحوثيين منازلهم ومقارهم المعتادة، وانتقالهم للعيش و/أو إدارة شؤون جماعة الحوثيين من مخابئ تحت الأرض والجبال، أو منازل عائلية في المناطق القبلية الجبلية، والمدارس، والجامعات، أو داخل المستشفيات، أو شقق مجاورة للمستشفيات.
لم يقتصر الأمر أيضًا على أن قيادات حوثية بارزة قد غيرت طريقة تحركها، حيث يتنقل بعضهم بالدراجات النارية بدلًا من السيارات الفارهة أو سيارات الدفع الرباعي، بل تجلت أيضًا الانقسامات بين قيادة الحوثيين والصراعات بين القبائل الزيدية المتنافسة، التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من التحالفات القبلية التي تتألف منها جماعة الحوثيين.
من تداعيات القصف الأمريكي أيضًا التي تزعج وتؤلم قيادة الحوثيين وكأنها غصة في حلقهم، تفاقم ظاهرة انخفاض تسجيل الأطفال في المخيمات/المعسكرات الصيفية الحوثية، مع أنهم يبذلون جهودًا لتشجيع التسجيل في المخيمات. عندما أدرك الحوثيون أن اليمنيين يرفضون تسجيل أبنائهم في المعسكرات، غيروا سلوكهم وأرسلوا قيادات ميدانية كثيرة للترويج للمعسكرات وتنظيمها، تحاشيًا لظهور كبار القادة والقيادات في المؤتمرات التي تهدف إلى تشجيع التسجيل.
يشير الموقع إلى أن قيادة الحوثيين ترى أن تزايد ظاهرة رفض الأسر إرسال أبنائها إلى المخيمات الصيفية، رغم جهود الإقناع والتهديد، ومطالبات مسؤولي السلطة المحلية في مختلف المحافظات، يشكل تهديدًا لقدرتهم على تهيئة الأطفال وفق أهوائهم، وتهديدًا لحكمهم، ولكن هذا العام، وعلى عكس العام الماضي، فإنهم لا يحاولون حتى إخفاء الظاهرة. (يبدو أن الانشغال بالحماية الشخصية، بعد الهجمات الأميركية، يضر بالموارد التي يخصصها الحوثيون لتدمير حياة اليمنيين…)
ذكر الموقع أيضًا، أن الحوثيين يعلقون أهمية كبيرة على نظام التعليم، وأن نظام التعليم الحوثي، منذ عقد من الزمان، من المدارس الابتدائية إلى الجامعات؛ يهدف إلى غرس الإيمان والآراء “الصحيحة” وفقًا لنظرة الحوثيين للعالم وطريقتهم، وغرس الكراهية لكل من يعارض الحوثيين و/أو يُعتبر عدوًا للإسلام، وغسل أدمغة الطلاب وتمجيد الشهداء وتشجيعهم على التضحية بأنفسهم، مع طاعة عمياء للقيادة الحوثية.
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان سمح لطالبان بتهريب الأسلحة الأمريكية إلى الحوثيين
ذكر موقع جيروزاليم بوست، في 18 أبريل 2025، أن القوات الأمريكية بعد أن انسحبت من كابول في خطوة متسرعة، تحت إدارة بايدن عام 2021، تركت مجموعة من الأسلحة الأمريكية. ذكرت مصادر لبي بي سي، أن جماعات إرهابية في جميع أنحاء المنطقة، ومن بينهم الحوثيون قد اشتروا كثيرا من الأسلحة التي استحوذت عليها طالبان.
أفاد مسؤول أفغاني سابق بأن الولايات المتحدة تركت لطالبان حوالي مليون قطعة سلاح وقطع من المعدات العسكرية، ويقال حاليًا إن نصف مليون قطعة سلاح فُقدت أو بِيعت أو هُرّبت منذ ذلك الحين. زعمت المصادر أن مسؤولي طالبان اعترفوا أثناء اجتماع لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي في الدوحة العام الماضي، بأن نصف الأسلحة التي تركتها الولايات المتحدة مفقودة.
وفقًا لتقرير أصدرته الأمم المتحدة في فبراير، نُقلت هذه الأسلحة إلى حركة طالبان الباكستانية، والحركة الإسلامية في أوزبكستان، وحركة تركستان الشرقية الإسلامية، والحوثيين في اليمن.
مسؤول يمني مناهض للحوثيين: “فرصة لن تتكرر للقضاء على الانقلابيين”
نقلت قناة “كان 11″، في 16 أبريل 2025، عن مصدر في جنوب اليمن مقرب من القيادة المناهضة للحوثيين قوله “إن الهجمات الأمريكية تستنزف الحوثيين وتمهد الطريق لتحرك أكبر”. مضيفًا: “ثمة فرصة لن تتكرر للقضاء على جماعة الحوثيين عبر عملية برية تشنها قوات محلية، والبداية تتمثل في السيطرة على مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن، لأنها شريان حياتهم”.
لفت الموقع إلى أن هذه التصريحات تأتي على خلفية عدة تقارير في الصحافة الأميركية عن اتصالات بين قوى يمنية معارضة للحوثيين والولايات المتحدة ودول عربية، بشأن شن هجوم بري محتمل لطرد الحوثيين من منطقة ساحل البحر الأحمر.
بالتزامن، التقى قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل إريك كوريلا، رئيس الأركان السعودي ورئيس أركان الحكومة اليمنية، وقال مصدر في العائلة المالكة السعودية لقناة كان الإخبارية “ينبغي للولايات المتحدة التعاون مع قوات الحكومة اليمنية الشرعية لتنسيق عملية برية -إنه الحل الأمثل”، مضيفًا: “نحن نراقب الآن. ننتظر أن يقترف الحوثيون خطأً نحونا”.
ذكرت القناة 14 الإسرائيلية، في 17 أبريل 2025، أن مناهضي الحوثيين يعيشون في مناطق سيطرة متعددة، بعضها مدعوم من السعودية، وأخرى تدعمها الإمارات، وبينهما صراعات داخلية. على أية حال، عندما نتحدث عن شن هجوم محتمل على الحوثيين، فإن طارق عفاش هو الرجل الذي يكون في طليعة الحرب. هذا الرجل ليس هاويًا، فقد درب قوات تربو على 80 ألف جندي، ولديه مدرعات، وقدرات جوية، ويحظى الآن بدعم أمريكي أكثر من ذي قبل.
ويوضح يوئيل جوزانسكي[6] على موقع جلوبس، في 19 أبريل 2025، إن الهجوم البري المدعوم من الولايات المتحدة له أهمية بالغة، لأن الإمارات والقوات التي تقيم علاقات معها وصلت أثناء الحرب الأهلية إلى أبواب الحديدة. من ناحية أخرى، يؤكد أنه غير متيقن من موافقة إدارة ترامب على فكرة استئناف الحرب الأهلية في اليمن، ولا سيما أثناء المحادثات النووية مع إيران.
مسؤول إسرائيلي سابق: لدى الحوثيين ما يكفي من الصواريخ لمواصلة عملياتهم
نقل موقع معاريف، في 14 أبريل 2025، ما قاله العميد (احتياط) دورون جاڨيش، القائد السابق للدفاع الجوي الإسرائيلي على إذاعة 103FM عن صفارات الإنذار التي دوت في كل أنحاء إسرائيل اليوم السابق، وقال إن “لدى الحوثيين ما يكفي من الصواريخ لمواصلة إطلاقها بهذه الطريقة على إسرائيل. نلاحظ أن معدلات إطلاقها تتراجع، نظرًا لتعرضها لهجمات كبيرة. هذا جانب من الأمر، ولكنه ليس السبب في عدم محاولتهم. من جهة أخرى، ربما يجدر بنا أن نؤكد مجددًا أن أنظمة الدفاع الإسرائيلية ونتائج اعتراضها استثنائية للغاية، وعلينا أن نواصل على هذا المنوال”.
أشار العميد إلى الهجمات الأمريكية، التي زعم أنها تسببت في انخفاض معدل إطلاق الحوثيين للصواريخ: “إذا تطرقنا إلى ما يحدث في منطقة الحوثيين، فإننا نشهد هجمات أمريكية منذ أسابيع، وهذا له تأثير -أيضًا على قدرتهم على إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وعلى معدلاتها وأحيانًا على فعاليتها، وهذا ما لاحظناه أخيرًا”.
بحسب قوله، فإن للنشاط الأمريكي في اليمن أهمية استراتيجية إقليمية: “لا تستهدف الهجمات الأمريكية الحوثيين فحسب، بل هي أيضًا إشارة لدول المنطقة، مثل السعودية ومصر وغيرهما، التي لم تشهد هجومًا أمريكيًا منذ فترة طويلة. لقد كانوا شركاء في التحركات الدفاعية، وبشكل أقل في الهجوم.”
آلة الدعاية الحوثية تصطدم بالواقع
في 14 أبريل 2025، كتب كل من السفير البريطاني السابق لدى اليمن إيدموند فيتون براون وأري هايستاين في موقع counterextremism، تقريرًا أشارا فيه إلى أن الحوثيين عززوا، على مدى ما يقرب من عقد من الزمان، قبضتهم على الاقتصاد اليمني، وبنوا جهازًا أمنيًا فعّالًا وغاشمًا، وحصلوا على أسلحة متطورة ونشروها، وغرسوا أفكارهم في أذهان نحو 20 مليون شخص يعيشون تحت سيطرتهم. أثناء هذه الفترة، ادعى كثير من صانعي السياسات والخبراء الإقليميين أن “التدخل المسلح سيدفع الحوثيين إلى مزيد من التفوق فيما يجيدونه: وهو القتال”. مع ذلك، وبعد سبع سنوات من الترسيخ والتوسع (2018-2025)، يواجه مشروع الحوثيين “الإرهابي” اليوم تحديًا عسكريًا مستمرًا وقويًا.
منذ منتصف مارس، شنت الولايات المتحدة غارات جوية منتظمة على ما يقرب من نصف المحافظات الـ 14 الخاضعة كليا أو جزئيًا لسيطرة الحوثيين، وكان رد فعل الجماعة ضعيفًا بشكل ملحوظ.
يفسر التقرير الفجوة بين صورة الحوثيين القوية وردّهم الضعيف على الضربات الموجعة، بأن الجماعة تركز إلى حد كبير على العمليات الإعلامية. الهدف من هذا الجهد واضح: إقناع كلٍّ من الشعب اليمني والمجتمع الدولي بأنّ مقاومة طموحات الجماعة المتطرفة غير مجد، ولتحقيق هذه الغاية، تمكن الحوثيون عبر هيمنتهم التامة على الفضاء الإعلامي في اليمن من رصد ومراقبة كلٍّ من السرديات المحلية والمواد المنقولة من الخارج.
ورد في تقرير مشروع مكافحة التطرف (CEP) حول اتصالات الحوثيين، إن إحدى أولى خطوات الجماعة بعد سيطرتها على صنعاء عام 2014، هي السيطرة على وسائل الإعلام اليمنية والبنية التحتية المستخدمة لبث المعلومات (مقدمي خدمات الإنترنت، ومشغلي شبكات الهاتف المحمول). ثم وضع الحوثيون الصحفيين والإعلاميين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم أمام خيار صعب: إما الترويج لسردية الجماعة أو التزام الصمت. لقد حاكموا من تجرأ على انتقادهم بتهمة ارتكاب جرائم تستهدف الأمن القومي، ويُحكم عليه بالسجن لفترات طويلة، ويتعرض لتعذيب وحشي.
بحسب التقرير، فإن العمليات العسكرية دُمجت بعناية في استراتيجية الحوثيين الإعلامية لخلق هالة بأنهم قوة لا تقهر. كما عزز تكثيف الضربات على الرياض ودبي التصور بأن الحملة التي تقودها السعودية لم تفشل في هزيمة الحوثيين فحسب، بل زادت من قوتهم بمرور الوقت. بالنظر إلى هذه الرواية عن المحارب الحوثي الذي لا يقهر، لماذا تُخاطر أي دولة أخرى بالتورط في مستنقع البلاد؟
في الوقت نفسه، حرص الحوثيون على تصوير أنفسهم باعتبارهم محاور عقلاني يسعى إلى السلام.
مع ذلك، أثبت الانطباع الخاطئ بأن الحوثيين لا يقهرون ومعنيين بالسلام فعالية كبيرة، وحقق لهم مكاسب سياسية ودبلوماسية هائلة:
أولًا، ساهم هذا الانطباع، للأسف، في تشكيل نهج الإدارة الأمريكية السابقة غير الفعال إلى حد كبير تجاه هذه الجماعة “الإرهابية”. إذا أراد الحوثيون السلام حقًا، كما قال البيت الأبيض السابق، فيجب الضغط على السعودية مع تحفيز الحوثيين. ألغى الرئيس بايدن، في بداية ولايته، تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية وقلّص الدعم العسكري للسعودية. منح هذا الحوثيين فرصة لالتقاط الأنفاس وتكثيف هجماتهم على المملكة، والاستيلاء على مزيد من الأراضي اليمنية، ثم محاولة ابتزاز السعودية فيما يشبه استسلامًا تفاوضيًا.
ثانيًا، إن التقدير بأن التعامل مع الحوثيين قد يُسفر عن نتائج مثمرة مكّن الجماعة من الحفاظ على “منشأتها الدبلوماسية” في مسقط، عُمان. وورد أن هذه المنشأة كانت توظف أكثر من 100 موظف، وكانت بمنزلة مركز لتهريب الأسلحة والمكاسب غير المشروعة إلى اليمن. لم تبرم اتفاقات كثيرة مع الحوثيين، وما اتفق عليه لم تنفذه الجماعة. على الرغم من هذه الانتكاسات، استمر هذا التقدير بأن حل الصراع يجب أن يكون سياسيًا لا عسكريًا، والذي غذته الحملات الإعلامية للجماعة نفسها، إلى حد كبير، ولم يُمارس الضغط العسكري إلا بعد يناير 2024، في أعقاب محاولات الحوثيين المستمرة لإغلاق الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر.
لفت التقرير إلى أن الحملة الإعلامية التي شنتها الجماعة ساهمت بفعالية في تشكيل آراء كثير من كبار صناع القرار الغربيين، إلا أن الصورة التي رسمتها في وسائل الإعلام لن تصمد على الأرجح أمام هذا الاصطدام الأخير بالواقع. الآن، يتعيّن على واشنطن حشد ائتلاف، وممارسة ضغط عسكري، واقتصادي، ودبلوماسي مستمر لدفع الحوثيين إلى حافة الانهيار.
كم يستغرق وقت إنهاء قضية الحوثيين؟
قال يوفال إيلون[7] في موقع والا العبري، في 14 إبريل 2025، إن الحوثيين ليسوا جماعة “إرهابية” بل جيش “إرهابي” حقيقة، أو بالأحرى جماعة هجينة لا تمتلك قدرات عسكرية فحسب، بل وتتمركز جيدًا في شمال اليمن، وأن الحوثيين أدركوا أنه من أجل التصدي لمحاولات الهجوم المضاد، المعتمدة كثيرًا على استخدام مختلف أنواع القنابل، التي تطلق من الجو أو البحر. لذا كان من الضروري التأكد من توزيع مراكز ثقل هذه القدرات في جميع أنحاء المنطقة التي يسيطرون عليها، ولا سيما تحت الأرض بشكل رئيسي. لديهم بنية تحتية تسمح لهم بتخزين مخزون الأسلحة المتوفرة لديهم.
يضيف يوفال: “إن الإضرار بقدرة الحوثيين على مواصلة جمع الموارد التي تساعدهم على الاستمرار في ممارسة السيطرة على السكان المحليين من جهة، وتقليص قدرتهم على تجديد مخزونهم من الأسلحة من جهة أخرى، ومنها المواد الخام لإنتاج أسلحة جديدة، أمر فعال بلا شك ويستحسن استمراره، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار أنها عملية تستغرق أحيانًا وقتًا طويلًا، وتأثيرها ليس فوريًا، وبالطبع ليست محكمة.
إن الأنباء التي تفيد بأن السعودية والإمارات بدأتا في اتخاذ خطوات لدعم بناء وإعداد قوة عسكرية برية يمكن دمجها في الجهود التي تستهدف الحوثيين، تبشر ببدء التحركات الرامية إلى التعامل مع التهديد على الأرض نفسها عبر القوات البرية. ولكن يجب أن نتذكر أن جيش الحوثي “الإرهابي” هو محصلة صراع طويل الأمد بين مختلف الفصائل في شبه الجزيرة العربية. كما نعلم، فإن التعامل مع الجيوش “الإرهابية” داخل حدودنا هو صراع طويل الأمد يتطلب موارد كثيرة، بما في ذلك الوقت والقوات البرية.
من الممكن أن يضطر الحوثيون بعد الضربات التي تلقوها في الشهرين الماضيين، إلى وقف أو تقليص هجماتهم التي تستهدف السفن في البحر الأحمر (وهو ما قد يشكل معضلة لأولئك الذين يبذلون جهودًا حاليًا لمنع هذا الضرر إذا انتهى تهديد حرية الملاحة، في حين لم ينته التهديد الذي يواجه دول المنطقة، ومن بينها إسرائيل). مع ذلك، وفقًا لما تعلمناه من مناطق أخرى في المنطقة، فإن قصة الحوثيين لا تزال بعيدة عن فصلها الأخير.
ما الذي تؤول إليه الهجمات الأميركية في اليمن؟
قال يوني بن مناحيم في 7 أبريل 2025، على موقع arabexpert إن الهجمات الأميركية التي تشنها إدارة ترامب على أهداف للحوثيين قوية عسكريًا، إلا أنها فشلت حتى الآن في ردع الجماعة التي تواصل هجماتها على السفن في البحر الأحمر، وتطلق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل.
تشير تقديرات مصادر أمنية في إسرائيل إلى أن إدارة ترامب عازمة حاليًا على مواصلة صراع طويل الأمد حتى القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية والموالية لإيران، وتقول مصادر أمنية إن ما يميز الهجمات الأمريكية هو محاولة استهداف وحدات الحوثيين العسكرية، وتصفية قيادة الحوثيين.
أشار “بن مناحيم” إلى أن تعقيدات الهجوم على الحوثيين تتمثل في عدة أمور، أهمها:
· لدى الحوثيين بنية تنظيمية معقدة، حيث توجد “قيادة ظل” تدير الجماعة سياسيًا وعسكريًا، إلى جانب قيادة علنية.
· يستغل الحوثيون الميزة الجغرافية لليمن لمقاومة الهجمات الأميركية، ومنها التضاريس الجبلية لحفر الخنادق، والأنفاق، ومخازن الأسلحة في المناطق الجبلية، خاصة في محافظة صعدة شمال اليمن. يعتمد الحوثيون أيضًا على استراتيجية المعسكرات ومستودعات الأسلحة المتنقلة غير الثابتة، وأنشأوا شبكة من المقاتلين ينتشرون على هيئة مجموعات صغيرة، مما يصعب من الهجمات الموجهة، ويزيد من تكاليف الهجمات. يخوض الحوثيون أيضًا حرب استنزاف طويلة.
· التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وإيران، في إطار المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، باعتباره خطوة لبناء الثقة أو بادرة متبادلة. هذا لو اكتملت مثل هذه المفاوضات فعليًا.
في مثل هذا السيناريو، ستوقف الولايات المتحدة هجماتها على اليمن، مقابل وقف الحوثيين هجماتهم. ترجح مصادر أمنية هذا السيناريو، إذ ينسجم مع مصالح إيران التي تحاول الحفاظ على علاقات وثيقة مع الحوثيين على اعتبار أنهم شريك مهم في المنطقة، ووسيلة ضغط أيضًا في المفاوضات مع الغرب بشأن الاتفاق النووي. بعد أن تعرض حزب الله لأضرار بالغة وانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، أصبح الحوثيون خط الدفاع الأساسي لإيران. لذلك، قد تستغل إيران توقيع اتفاق وقف إطلاق النار للحفاظ على الحوثيين كشريك أساسي، ومنع أي تهديد يعرض الجماعة للخطر.
من المحتمل أن هذا السيناريو، المتمثل في التوصل إلى اتفاق يتضمن وقف الهجمات الأميركية، هو الأنسب للحوثيين؛ لأنه سيمكنهم من استغلال الاتفاق لتقديمه على أنه إنجاز في دعايتهم و”هزيمة لأميركا وإسرائيل”، مما يحفز على التعبئة للحرب في مواجهة قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
الهجمات الأمريكية لن تفكّك جماعة الحوثيين
قال الكاتب والمحلل الإسرائيلي كوبي ميخائيل[8] في مقابلة أجراها مع القناة 14 الإسرائيلية، 9 أبريل 2025، إن الأميركيين حازمون للغاية بكل ما يتعلق بالحوثيين. لكنه نفى أن تؤدي هذه الهجمات إلى تفكيك جماعة الحوثيين، مشيرًا إلى أن الأمر ليس بسيطًا بسبب الجغرافيا والديموغرافيا والإثنوغرافيا وكل جوانبهم الثقافية والدينية. لا شك أنهم يتعرضون لمصاعب جمّة بسبب الهجمات الأمريكية، واستمرارها سوف يؤدي إلى إضعافهم كثيرًا. يجب أن نتذكر أنهم أسسوا قدرات مستقلة تمكنهم من إدارة ومواصلة نشاطهم حتى من دون الدعم الإيراني.
وأشار موقع كيكار هشبات، 6 أبريل 2025، إلى أن الحوثيين لم ينسحبوا مع أن واشنطن نشرت تقارير بشأن نجاحاتها في تصفية قادة حوثيين بارزين، وإلحاق أضرار دقيقة بالبنية التحتية وقدراتهم الإنتاجية وتهريب السلاح، و”رغم الضربات التي تكبدتها الجماعة فإن كبار القادة الحوثيين لا يزالون في مناصبهم دون تغيير، ولا تزال كثير من قدراتهم موجودة. يعتمد الحوثيون على شبكة تهريب متطورة، تشمل أجزاء الصواريخ والمحركات الصغيرة -التي تسمح لهم بإنتاج طائرات مسيّرة طويلة المدى”.
ذكر الموقع أيضًا، أن الحوثيين، تاريخيًا، يتميزون بقدرتهم على التكيّف مع الضغوط العسكرية. على مدى العقد الماضي، تعرّضوا لعشرات الآلاف من القنابل التي أطلقتها السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا ولم يستسلموا. يحذر الخبراء من أن التهديد الحقيقي الذي يدفعهم إلى التفاوض هو فقدان الأراضي والسيطرة والوصول إلى البحر.
وفقًا لمصادر دبلوماسية، تُدرس إمكانية شن عملية برية تضم قوات من اليمن والسعودية والإمارات، بدعم جوي وبحري أميركي. الهدف النهائي: استعادة الحديدة وصنعاء. في هذه المرحلة، من غير المتوقع أن تشارك القوات البرية الأميركية بشكل مباشر، باستثناء القوات الخاصة.
نُشرت قاذفات أميركية من طراز B-2 وطائرات للتزود بالوقود مؤخرًا، في جزيرة دييغو غارسيا -ما يشير إلى نية التصعيد أو الردع على أقل تقدير. تحذر مصادر إقليمية: إذا لم يُبرم قرار فإن الحوثيين قد يجرون الولايات المتحدة إلى صراع طويل الأمد قد يمتد إلى مناطق أخرى.
في سياق متصل، ذكر المراسل العسكري في قناة “كان” الإسرائيلية إيتاي بلومنتال، 6 أبريل 2025، أن الأميركيين أحضروا، في الأسابيع الأخيرة، نظام ثاد آخر إلى إسرائيل -وصلت المكونات الرئيسية للبطارية الثانية، لتنضم إلى البطارية التي تؤدي مهامها بالفعل في إسرائيل منذ الهجوم الإيراني قبل ستة أشهر. تعمل الأنظمة الأميركية جنبًا إلى جنب مع أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية.[9]
أُرجع ذلك إلى تصاعد الضغوط الأميركية على إيران بشأن القضية النووية، وتحديد الرئيس ترامب موعدًا نهائيًا لها، ونشر قاذفات أميركية في المحيط الهندي، وجلب عشرات الطائرات المقاتلة إلى المنطقة. تستعد إسرائيل حتى لا ترتكب إيران “خطأ” وتشن هجومًا على إسرائيل بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة “إن الإستعدادات في المنطقة تتجه الآن نحو إيران واليمن”.
موقع والا العبري، أشار في 9 أبريل 2025، إلى أن الولايات المتحدة تحمل على عاتقها مهمة معالجة ذراع أخرى للأخطبوط الإيراني على أمل إلحاق أضرار كبيرة، كما حدث مع ذراع أخرى، وهي منظمة حزب الله -ولكن في اليمن هناك أيضًا فرصة لاستبدال جماعة الحوثيين بعناصر تنشط بالفعل في اليمن ويدعمها الغرب. لذلك، يتعيّن على الولايات المتحدة والغرب أيضًا دعم هذه العناصر في مواجهة برية شاملة ضد الحوثيين، لأن الضربات الجوية، مهما بلغت قوتها، لن تقضي تمامًا على التهديد الحوثي -وتشهد على ذلك السعودية والشعب اليمني، الذي عانى من الحوثيين لعدة سنوات.
كيف تصعّد الولايات المتحدة ضغطها على الحوثيين؟
قال رئيس تحرير مجلة epoch، إيال ليفنتر، في 7 أبريل 2025، إن الولايات المتحدة إذا قررت تصعيد ضغطها على الحوثيين، فيمكنها دراسة خيارين رئيسيين:
الخيار الأول هو إغلاق ميناء الحديدة. بحسب مصادر مفتوحة وتقارير عناصر استخباراتية، فإن معظم إمدادات أسلحة ومعدات الحوثيين تمر عبر البحر من إيران إلى البحر الأحمر إلى ميناء الحديدة، الذي يمثل نقطة الاستقبال المركزية لهذه الشحنات.
تجري أيضًا -إلى جانب هذا الطريق الرئيسي للتهريب -عمليات تهريب على نطاق أصغر إلى الموانئ أو مراسي الصيد على طول الساحل الجنوبي الغربي لليمن، وأحيانًا أيضًا عبر خليج عدن، وفي بعض الحالات، تُجرى عملية التفريغ في البحر، ثم تُنقل الأسلحة إلى قوارب صغيرة، للتهرب من القوات الدولية وأنشطة المراقبة البحرية في المنطقة.
يمكن إغلاق ميناء الحديدة عبر ثلاث طرق رئيسية:
· الحصار البحري الناعم -تمركز السفن أو القوات في منطقة مضيق باب المندب، وهو الطريق الأساسي الذي تدخل من خلاله السفن إلى البحر الأحمر وميناء الحديدة، شريطة أن ترسو أي سفينة أولًا في جيبوتي للتفتيش. وتعمل حاليًا آلية تفتيش تابعة للأمم المتحدة (UNVIM) في جيبوتي لتفتيش السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة، ولكن هذه آلية طوعية: إذ يتعيّن على السفن الإبلاغ عن وجهتها من تلقاء نفسها والموافقة على التفتيش.
· إعلانه “منطقة محظورة” -إغلاق ميناء الحديدة رسميًا، والإعلان عن احتجاز أي سفينة تحاول دخوله دون إذن أو تفتيش أو إبعادها عنوة. تتطلب هذه الخطوة إنشاء “حلقة تفتيش” حول الميناء، مع وجود بحري دائم للمدمرات، والقدرة على توفير غطاء جوي لمجابهة تهديدات الصواريخ والطائرات المسيّرة التي يطلقها الحوثيون. من المهم الإشارة إلى أن ميناء الحديدة لا يستخدم للتهريب فحسب، بل لاستقبال البضائع والأغذية أيضًا، ولذا، فإن أي ضرر يلحق بأنشطته قد يفاقم الوضع الإنساني في اليمن.
· استهداف الميناء بعمل عسكري مباشر -مهاجمة أجزاء معينة من البنية التحتية للميناء، كما فعلت إسرائيل سلفًا، أو بدلًا عن ذلك -السيطرة الفعلية عليه.
الخيار الثاني الذي يتعيّن على الولايات المتحدة دراسته إذا سعت إلى زيادة الضغط على الحوثيين، هو مهاجمة الأصول الإيرانية في اليمن أو محيطها. قد تشمل هذه الإجراءات مهاجمة السفن الإيرانية المشتبه بتهريبها الأسلحة إلى الحوثيين، أو إلحاق الضرر بـ”المستشارين” الإيرانيين العاملين في محيط اليمن.
فيما يتعلق بالحلول الممكنة للتصدي للحوثيين قال يجيل هينكين، الباحث العسكري في معهد القدس للشؤون الاستراتيجية، في موقع ماكور ريشون، 7 أبريل 2025، إن طريقة التعامل مع الحوثيين تتمثل في إلحاق الضرر براعيتها -إيران، وألّا يكون ذلك عبر الهجمات المباشرة فحسب، بل بكل الوسائل غير المباشرة: الاقتصادية والعسكرية وغيرها.
مع ذلك، فإن زيادة القوات الأمريكية في البحر والجو في محيط إيران قد تؤدي إلى الحد من مشكلة الحوثي -مع عدم ترجيح حلها ما لم تهزمهم الحكومة اليمنية ميدانيًا، ربما بمساعدة جوية من الغرب. حتى ذلك الحين، من المشكوك فيه أن يؤدي هذا التطور إلى استقرار في اليمن.
عبر هينكين عن أمله في انشغال إيران عن دعم الحوثيين إذا قصفتها الولايات المتحدة. لو توصلت الولايات المتحدة وإيران إلى ترتيب لحل البرنامج النووي فنأمل أن يكون توقف دعم الحوثيين جزءًا منه، إلا أن مثل هذا الأمل يبدو وكأنه أُمنية يخالطها التفاؤل وتتجاهل الأيديولوجية الإيرانية. هذا الترتيب لن يكون ناجعًا إلا إذا كان مصحوبًا بهراوة كبيرة لإنفاذه -وألا يكون وعودًا وآمالًا.
يضيف، أنه من بين الحلول الممكنة أيضًا الاعتراف بصوماليلاند -القريبة من اليمن -وإنشاء قاعدة فيها. لقد وقعت صوماليلاند مع إثيوبيا في يناير 2025، اتفاقًا لإنشاء ميناء عسكري على أرضها، لأن إثيوبيا فقدت منفذها على البحر منذ انفصالها عن إريتريا عام 1993، وأشار زعيم صوماليلاند علانية إلى أن الاتفاق يمكن أن يساعد في الأمن ضد القراصنة والحوثيين.
قال هينكين أيضًا، إن مثل هذه القاعدة -ناهيك عن قاعدة أمريكية، وربما وفقًا لتقارير أجنبية تشير إلى وجود إسرائيلي، يمكنها مساعدة صوماليلاند ماليًا والمنطقة أمنيًا -سوف تحد كثيرًا من زمن الاستجابة، وتسمح بإلحاق أضرار سريعة وأكثر كفاءة بالحوثيين، إلى جانب ممارسة الضغط عليهم من عدة اتجاهات في آن واحد. هذا الضغط قد يساعد قوات الحكومة اليمنية، على الأقل، في إلهاء الحوثيين والحد من قدرة عملياتهم -إن لم يكن على المدى القصير بالطبع.
كما أشار إلى الحملة العسكرية الأمريكية بأنها لن تسقط الحوثيين؛ لأن الحرب لا يمكن الفوز بها أبدًا من الجو. لقد تعرض الحوثيون للقصف ونجوا بالفعل، واستهداف موانئهم سوف يضرهم للغاية ولكنه لن يركعهم. هذا صحيح عندما تتوفر لهم واردات أخرى عبر الطرق البرية والضرائب، ولا يعرف عن حكومتهم أنها معنية برفاهية رعاياها، ومن جانبهم، يبدو أنهم مستعدون للصعوبات المستقبلية.
في سياق متصل، قال مصدر في جنوب اليمن لصحيفة إسرائيل هيوم، 9 أبريل 2025، إنه “لا تتوفر معلومات حتى الآن عن أية اتصالات مع الأميركيين بشأن تقديم مساعدات عسكرية للحكومة الموالية للسعودية في اليمن، لكن المؤكد هو فشل أي عملية عسكرية (جوية) ما لم ترافقها عملية برية”. بحسب المصدر المعارض للحوثيين فإن “الهجمات أضعفتهم نوعًا ما، ولكن ليس بالمستوى المطلوب”. في هذا السياق تساءل عن الدور الإسرائيلي في هذه المرحلة.
لماذا تفشل الصواريخ القادمة من اليمن في الوصول إلى إسرائيل؟
أشار موقع ماكو N12 العبري، في 8 أبريل 2025، إلى أن الحوثيين أطلقوا منذ بداية الحرب مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة تجاه إسرائيل التي تبعد آلاف الكيلومترات، ورغم المسافة الهائلة، نجحت إسرائيل والولايات المتحدة في إنشاء نظام دفاعي عابر للحدود، يكتشف عمليات الإطلاق على الفور تقريبًا ويعترض معظمها بنجاح.
استعرض الموقع خلال محادثة مع القائد السابق لنظام الدفاع الجوي في الجيش الإسرائيلي “تسفيكا حايموفيتش” طرق اكتشاف الصواريخ أثناء تحليقها، ومن تقع على كاهله مسؤولية اتخاذ قرار إطلاق الصواريخ الاعتراضية من المدمرة الأمريكية أو من البطارية في إسرائيل.
قال حايموفيتش لدى سؤاله عن شبكة الكشف التي تحدد الصواريخ التي تطلق من اليمن، إنها مجموعة معقدة من أجهزة الاستشعار المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة وتديرها إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاء آخرون. “توجد كثير من أجهزة الاستشعار هنا -جوية، وأقمار صناعية، ومحمولة جوًا، وأرضية”.
تشمل هذه المنظومة الرادار الأميركي الضخم على جبل كيرين في النقب، وأنظمة إيجيس (Aegis) على المدمرات الأميركية التي تبحر في البحر الأحمر والخليج العربي، وأجهزة الرادار التي يديرها حلفاء إسرائيل، ووسائل كشف إسرائيلية متقدمة. تخضع المعلومات المستمدة منهم لعملية “دمج” تظهر من خلالها صورة دقيقة عن التهديد ومساره، وكما هو الحال مع الحوثيين، سيكون الأمر مماثلًا في الحملة التي تستهدف إيران.
أشار أيضا إلى المدة المستغرقة من لحظة الإطلاق واكتشافه، وقال إنها فورية تقريبًا، خلال ثوانٍ من الإطلاق، ويؤكد حايموفيتش قائلًا: “لا تحذير دون الاكتشاف، ولا اعتراض دون الاكتشاف”. تستغرق عملية معالجة المعلومات وتقييم المسار والتهديد نحو دقيقة، والهدف هو تحديد الإطلاق في أسرع وقت ممكن لاعتراضه خارج حدود إسرائيل. بإمكان الصواريخ الباليستية منذ لحظة إطلاقها من اليمن الوصول إلى إسرائيل في غضون نحو 15 دقيقة، بسرعة تصل إلى نحو 6 آلاف كيلومتر في الساعة.
بشأن المسؤول عن قرار تحديد النظام الذي يعترض الصاروخ قال حايموفيتش: “تدار كل عملية التحكم وهذه المعركة الجوية مركزيًا، ويوجهها مركز التحكم في القوات الجوية…لقائد القوات الجوية في مركز التحكم أو ممثله السلطة في تحديد ما يجب إطلاقه والتوقيت”. عمليًا، يترجم القرار إلى عملية في مركز الاعتراض، حيث يجلس الضباط الإسرائيليون والأميركيون معًا. يقول حايموفيتش: “قائد وحدة “حيتس” هو الذي ينسّق كل قدرات الطبقة العليا من الدفاع متعدد الطبقات…ويجلس معه أيضًا الممثلون الأمريكيون، وينسقون في نهاية الأمر على الشاشة: “أنت تعترض هذا، وأنا ذاك”. “تستغرق العملية برمتها من بضع إلى عشرات الثواني”.
فيما يتعلق بأنظمة الاعتراض المستخدمة للتصدي للصواريخ القادمة من اليمن، قال إن إسرائيل والولايات المتحدة لديهما عدة طبقات دفاعية لمواجهة الصواريخ الباليستية، أهمها:
- منظومة “حيتس 3” الإسرائيلية -تعترض على مسافة مئات الكيلومترات خارج الغلاف الجوي.
- منظومة “حيتس 2” الإسرائيلية -اعتراض بالقرب من حدود الغلاف الجوي.
- نظام ثاد الأمريكي -وهو نظام أمريكي لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى.
- نظام إيجيس (Aegis) على المدمرات الأمريكية -المجهزة بصواريخ SM-3A2 التي تعترض الصواريخ على مسافات تصل إلى مئات الكيلومترات.
يوضح حايموفيتش دور المدمرات الأميركية في البحر الأحمر قائلًا: “لدى الأميركيين قدرة على اعتراض صواريخ أرض-أرض من البحر، باستخدام السفن التي تسمى “إيجيس”. “إنهم ينسقون أيضًا مع الممثلين الأمريكيين الذين يتولون مركز عمليات الاعتراض. إنهم جزء من هيكلية الدفاع عن إسرائيل”. تستخدم المدمرات إما للكشف أو الاعتراض. وأخيرًا، عززت الولايات المتحدة وجودها البحري في المنطقة عبر نشر مجموعات هجومية من حاملة الطائرات “هاري ترومان” و”كارل فينسن”، بالإضافة إلى المدمرة “توماس هودنر”، المجهزة بنظام القتال المتقدم “Aegis Baseline 9”.
ذكر موقع ماكو أنه جرى تسجيل عدة محاولات لإطلاق صواريخ باليستية من اليمن بداية الشهر الجاري، إلا أنها باءت بالفشل ولم تجتز الحدود الإسرائيلية. في أول أبريل، فشلت عملية إطلاق من الأراضي اليمنية، وفي 5 أبريل، فشلت عمليتا إطلاق أُخْرَيَيْن. في الوقت نفسه، تتزايد التقارير بشأن الأضرار التي لحقت بقدرات الحوثيين، وفي 2 أبريل، شنت القوات الجوية الأميركية هجومًا على جنوب صنعاء، وقتلت يحيى محمد قاسم الصوفي، المساعد الشخصي لزعيم الحوثيين، وقادة آخرين. بعد يوم واحد، أفادت التقارير بانسحاب معظم القوات الإيرانية في اليمن، وزعم مسؤول بارز في النظام الإيراني أن “نهاية الحوثيين ستكون خلال أيام إلى أشهر”.
في سياق متصل، قال آفي أشكنازي[10] في موقع معاريف، 13 أبريل 2025، إن الأجهزة الأمنية في إسرائيل تشيد بالعمليات العسكرية الأمريكية التي تستهدف الحوثيين. إن الضغط العسكري يؤثر في قدراتهم التكتيكية، ويشير سلاح الجو إلى أن الحوثيين يستخدمون مؤخرًا، طرقًا مختلفة عند إطلاق الطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، والتقدير هو أن الضغط العسكري الأمريكي يعقّد من حرية الحوثيين في تنفيذ نشاطهم كما كان سلفًا، حيث قدَّر مصدر عسكري أن الحوثيين يواجهون صعوبة في إطلاق الصواريخ الباليستية على إسرائيل بسبب أنشطة الجيش الأمريكي، ولذا، فإنهم يحاولون باستمرار الهجوم على إسرائيل عبر إطلاق الطائرات المسيّرة.
وفي تقرير آخر بموقع معاريف، 4 أبريل 2025، يقول أشكنازي إن الحوثيين مستمرون في تحدي منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية. تمكنت مروحية قتالية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، من اعتراض طائرة مسيّرة كانت في طريقها من اليمن إلى إسرائيل، لكن الحوثيين اختاروا هذه المرة مسار طيران مختلف ولم يحلّقوا بالطائرة في مسارهم المعتاد.
ويطلق الحوثيون عادة الطائرات المسيّرة في منطقة أفريقيا، ثم تحلّق منها إلى منطقة سيناء، وتعبر باتجاه البحر الأبيض المتوسط، ومن هناك تتجه شمالًا نحو إسرائيل. لكن الحوثيين فضّلوا هذه المرة إطلاقها من مسار مختلف، حيث تعبر الخليج العربي، وتتجه شمالًا فوق السعودية والأردن، وحاولت دخول إسرائيل من منطقة البحر الميت، وهي منطقة منخفضة ولديها القدرة على الاختفاء من أنظمة الكشف.
ويقول سلاح الجو إن الحوثيين لم يستخدموا هذا المسار في الماضي إلا مرة واحدة، وإن الحوثيين يحاولون تحدي منظومة الكشف والدفاع الجوي وإيجاد مسارات حتى يتعذر الكشف والاعتراض.
- صحفي إسرائيلي ولد في القدس عام 1943، درس في الجامعة العبرية بالقدس، ويعمل حاليًا معلقًا عسكريًا في صحيفة يديعوت أحرونوت.
- كاتب، ومحلل، وصحفي يركز على الشؤون الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي. وهو زميل باحث في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية، وزميل في منتدى الشرق الأوسط، ومحلل أمني مستقل، ومراسل فيIHS Janes.
- صحفي ومذيع إسرائيلي، عمل محررًا ومقدم برامج في إذاعة “كول يسرائيل”، وإذاعة “جالي تساهل”. ويعمل محررًا في موقع “عنيان مركزي” منذ عام 1999، حصل على ماجستير في الإعلام. كان ضابطًا في الجيش الإسرائيلي وخدم في وحدة التحقيق في الشرطة العسكرية.
- زميل غير مقيم في مشروع مكافحة التطرف، نشر تقارير تتناول بنية الحوثيين المالية، وإساءة استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية، واستهدافهم للأقليات الدينية، واضطهاد النساء والصحفيين، عمل أيضًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS). تتركز أبحاثه على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. والاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بإيران والحرب الأهلية في اليمن.
- إعلامي إسرائيلي. ولد في القدس عام 1957. التحق بسلاح المخابرات في الجيش الإسرائيلي. درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل مراسلًا لصوت إسرائيل بالعربية عام 1983، واعتمد مراسلًا لشؤون الضفة الغربية في القناة الأولى.
- زميل باحث أول في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب، تتركز أبحاثه على سياسات الخليج والأمن. كان زميلًا زائرًا في معهد هوفر ستانفورد. خدم في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بمكتب رئيس الوزراء، ونسق العمل بشأن إيران والخليج تحت إشراف أربعة مستشارين للأمن القومي وثلاثة رؤساء وزراء. وهو حاليًا مستشارًا لعدة وزارات.
- باحث بارز في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في مجال الاستراتيجية البحرية. خدم في سلاح البحرية الإسرائيلي لمدة ثلاثين عامًا تولى فيها مناصب قيادية عديدة. عين في ديسمبر 2019 رئيسًا لشعبة الاستخبارات البحرية.
- كوبي ميخائيل، باحث مختص فى الشؤون الأمنية والاستراتيجية، وزميل باحث أول في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في تل أبيب، وبروفيسور في المركز الدولي للشرطة والأمن في جامعة جنوب ويلز في بريطانيا. شغل منصب نائب المدير العام ورئيس القسم الفلسطيني في وزارة الشؤون الإستراتيجية. نشر 20 كتابًا ودراسة وأكثر من 100 مقالة وفصول في عدة كتب.
- جدير بالذكر أن قائد منظومة الدفاع الجوي السابق، العميد تسفيكا حايموفيتش، أشار عند وصول البطارية الأولى إلى إسرائيل، في أكتوبر الماضي، إلى أن “هذا النظام يُعادل نظام “حيتس” الإسرائيلي، ولا يهدف إلى إضافة طبقة دفاعية جديدة، أو استبدال نظام موجود. إن هدفه زيادة القوة النارية، وفي النهاية، كل بطارية من هذا الطراز مزودة بعشرات الصواريخ، مما يُضيف قوة نيران هائلة. هذه الإضافة تُتيح فرصًا أكبر وتزيد من القدرة الدفاعية في مواجهة سيناريوهات إيران القوية”.
- مراسل عسكري بدأ مسيرته المهنية الصحفية في التسعينيات بصحيفة معاريف، عمل مراسلًا لوكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس. عمل أيضًا في موقع “والا” بين الأعوام 2014 -2019، مراسلًا لشؤون الشرطة والشؤون الجنائية. نال أشكنازي درجة الماجستير في الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب.