إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

اليمن في مراكز الأبحاث والصحافة الإسرائيلية إسرائيل أوهمت قادة الحوثيين بغياب معلومات استخباراتية عن مواقعهم

تنويه: حُرر هذا التقرير -الذي يمثل ترجمة واستعراض لتحليلات ورؤى متعددة داخل وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإسرائيلية -مراعاة للوضوح، والآراء الُمعرَب عنها فيه لا تعكس آراء مركز صنعاء، كما لا يُعد المركز مسؤولًا عن صحة البيانات والمعلومات الواردة أيضًا.


حذر تقرير نشره موقع القناة السابعة الإسرائيلية من خطورة نوايا الحوثيين تجاه إسرائيل. وقال إن لديهم طموحات كبيرة، وحث بعدم تجاهل خطورة هذا التهديد. في حين، بدا إجماع لمراكز الأبحاث الإسرائيلية والصحافة العبرية حول أن جماعة الحوثيين تحولت إلى فاعل إقليمي يهدد الداخل الإسرائيلي ويقوّض أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، خصوصًا بعد إطلاقها للمرة الأولى صاروخًا برأس حربي انشطاري على إسرائيل.

وحول الهجمات الإسرائيلية على صنعاء، نقل موقع جيروزاليم بوست عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها إن إسرائيل استخدمت أسلوب الخداع قبل الهجوم على صنعاء، حيث أوهمت قادة الحوثيين بالأمان الزائف، حتى ينخدعوا بأنها تفتقر إلى معلومات استخباراتية موثوقة عن مواقعهم.

وأورد موقع والا العبري أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية اكتشفت منذ بداية مواجهة الحوثيين ثغرات استخباراتية عميقة، وأن الضربات الجوية المتكررة لم تمنع استمرار الصواريخ من اليمن. وأشار الموقع إلى أن أي معالجة جذرية للتهديد تستلزم بناء تحالف إقليمي ضد الحوثيين، وهو ما لم يتحقق حتى الآن بسبب تردد دول عربية في الانخراط المباشر.

أما صحيفة يسرائيل هيوم فقد ركّزت على البعد التكنولوجي، مشيرةً إلى أن التحقيقات لمعرفة ما إذا كانت الصواريخ الحوثية تحمل رؤوسًا حربية انشطارية على غرار الهجمات الإيرانية السابقة، يفرض إعادة تقييم سياسة الاعتراض الدفاعي، ويدفع وزارة الدفاع إلى تسريع تطوير أنظمة الليزر ضمن برامج “ماجن أور”.

وفي تحليل على موقع جلوبس، اعتبر أن دخول البحرية الإسرائيلية على خط المواجهة من خلال ضرب البنية التحتية للطاقة في اليمن بواسطة سفن “ساعر 6″، محاولة لزيادة الضغط على الحوثيين. لكن الكاتب خلص إلى أن إسرائيل تدفع “الثمن الباهظ” لجهلها باليمن، وأن خياراتها تظل محدودة بين وقف إطلاق نار هش، أو مواجهة مباشرة مع إيران.

وأشار معهد مسجاف للأمن القومي إلى أن الحوثيين باتوا يتمتعون بدعم إيراني وروسي وصيني، وأن إسرائيل بحاجة إلى استراتيجية شاملة تشمل الضغط السياسي على واشنطن، وتكثيف الهجمات الاستباقية، وتعزيز القوة البحرية لتأمين الملاحة.

كما كشف تقرير نشرته شبكة NTD عن بروز دور صيني متصاعد في دعم الحوثيين، عبر تزويدهم بقدرات أقمار صناعية ومكوّنات عسكرية متقدمة، الأمر الذي ينذر بتحوّل اليمن إلى ساحة احتكاك بين بكين وواشنطن، ويعقّد أكثر أي محاولة إسرائيلية لحسم المواجهة.

وتذهب بعض التحليلات في جيروزاليم بوست إلى أن السعودية، بجيشها الكبير وإمكاناتها المالية، هي القوة الوحيدة القادرة على حسم المعركة ميدانيًا ضد الحوثيين، ما يجعل أي تقارب سعودي–إسرائيلي في إطار اتفاقيات أبراهام مدخلًا لتشكيل تحالف إقليمي جديد يعيد رسم موازين القوى.


ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وذلك جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.


جدول المحتويات إظهار

كيف تمكّن الحوثيون من ضرب مطار رامون، ولماذا لم تُطلق صفارات الإنذار؟

أشار موقع جلوبس، في 7 سبتمبر 2025، إلى أن الحوثيين تمكّنوا من استهداف مطار في إسرائيل للمرة الثانية في أربعة أشهر، ولم تُطلق صفارات الإنذار. هذه المرة كان الهدف مطار رامون.

وذكر موقع جلوبس إلى أن صفارات الإنذار تُفعَّل سواءً كان السبب تهديد صاروخي أو طائرات مسيّرة، لكن الهجوم على المطار كان سببه عدم اكتشافه من قبل.

قبل ساعة تقريبًا من الضربة، رُصدت ثلاث طائرات مسيّرة في طريقها إلى إسرائيل عبر سيناء، وجرى اعتراضها -ولا يُستبعد أن يكون هدفها تشتيت نظام الاعتراض. عمومًا، يتبع الصاروخ مسارًا محددًا، ولذا التصدي له أسهل من الطائرات المسيّرة، لأنها مناوِرة، وأصغر حجمًا، وتحلّق على ارتفاع منخفض، وفي مسار متغيّر. في الوقت نفسه، تتميز الطائرات المسيّرة بانخفاض التوقيع الراداري (SAR)، أي أن انعكاسها الراداري منخفض، وكل هذه العوامل مجتمعة تصعّب من اكتشافها.

أما بشأن عدد محاولات الحوثيين التي أسفرت عن أضرار لإسرائيل، أشار الموقع إلى أن أول وآخر هجوم حوثي حتى الآن أودى بحياة إنسان كان في يوليو 2024، عندما ضربت طائرة مسيّرة من طراز “صماد 3” مبنى في تل أبيب، مما أسفر عن مقتل يفغيني فريدر، البالغ من العمر 50 عامًا. وصلت تلك الطائرة المسيّرة من البحر، دون أن تكتشفها إسرائيل. الهجوم على رامون هو الغارة السادسة في إسرائيل إجمالًا، والثانية التي ينجح فيها الحوثيون في ضرب مطار في إسرائيل -بعد الصاروخ الباليستي الذي أصاب مطار بن غوريون في مايو.

هل تمتلك إسرائيل القدرة على اعتراض الطائرات المسيّرة؟

نعم، لقد أثبت نظام القبة الحديدية، سواءً كان بريًا أو بحريًا، قدرته على التصدي للطائرات. ومع ذلك، صُممت هذه الأنظمة أساسًا لمواجهة تهديدات الصواريخ على مدى يصل إلى 40 كيلومترًا. ويرجع سبب أهميتها في بعض حالات تهديدات الطائرات المسيّرة إلى أن القبة الحديدية والقبة البحرية ليستا نظامي اعتراض ” Hit to Kill”، أي أنهما لا يصيبان الهدف لإسقاطه، بل ينفجران بجواره.

إلى جانب ذلك، يستخدم سلاح الجو طائرات، وطائرات مسيّرة، ومروحيات لاعتراض هذه التهديدات. تبلغ تكلفة كل وحدة منها حوالي 30 ألف دولار، لكن المشكلة تكمن في أن تكلفة تشغيل الطائرة المسيّرة -دون احتساب الأسلحة -تكاد تساوي تكلفة التهديد.

لذلك، تستخدم المنظومة الأمنية أيضًا وسائل أرخص بكثير، ومن بينها تقنيات الطيف المتطورة، التي تُشكل طبقة حماية إضافية لمواجهة الطائرات المسيّرة -فهي تعتمد على استخدام وسائل تكنولوجية متقدمة لتحديد التهديدات الجوية وتحييدها في الوقت المناسب. ينسّق قسم الدفاع السيبراني وتكنولوجيا المعلومات في الجيش الإسرائيلي جهودهما في مجال الطيف الترددي. وتعمل منظومة الحرب الإلكترونية على حجب وتشويش شبكات الاتصالات المختلفة، ومن بينها الترددات اللاسلكية والخلوية.


الحوثيون يُشكلون تحديًا استراتيجيًا لإسرائيل

في سياق متصل، قال العميد احتياط تسفيكا حايموفيتش -قائد منظومة الدفاع الجوي السابق والمستشار الاستراتيجي حاليًا، على موقع يسرائيل هيوم، في 7 سبتمبر 2025، إن الحوثيين انخرطوا في قتال إسرائيل بعد اكتسابهم خبرة عملياتية كبيرة خلال حرب استمرت سبع سنوات في مواجهة السعودية. ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب: على الرغم من أنهم اعتمدوا في بداية مسيرتهم على قدرات وأدوات نُقلت أو هُرّبت من إيران، إلا أنهم صنعوا في السنوات الأخيرة صواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة على الأراضي اليمنية. إنهم أبعد ما يكونوا عن جماعة “إرهابية” من “ماضغي القات وساكني الكهوف”، كما وصفهم البعض خطأً في بداية الحرب.

وقال حايموفيتش إن الطائرة المسيّرة التي ضربت مطار رامون هي من طراز “صماد 3″، وهي طائرة حوثية الصنع تعتمد على خبرة إيرانية، قادرة على التحليق لمسافة تبلغ نحو 2000 كيلومتر وتحمل حوالي 30 كيلوغرامًا من المتفجرات، مع قدرات ملاحة وتوجيه. وقد لمسنا النتيجة جيدًا. إنه تهديد سبق للجيش الإسرائيلي وسلاح الجو مجابهته عشرات المرات، بمعدلات نجاح مرتفعة جدًا حتى الآن.

يتعلم الحوثيون ويصقلون عملياتهم. في عملية اليوم، شاهدنا تحليق أربع طائرات مسيّرة بشكل منسق، على المسار الغربي. اعترض سلاح الجو ثلاثًا منها وأسقطها، بينما انطلقت الرابعة، في وقت لاحق وعلى مسار مماثل، شرقًا وضربت مطار رامون.

وقال إن مهارة الحوثيين تنعكس في أسلوب تنفيذ التهديدات، واختيار المسارات، وتوقيت العمليات، وأهداف الهجوم، ونطاقات العمليات. في كل بُعد من هذه الأبعاد، يمكن ملاحظة التغيير ومحاولتهم سبر نظام الجيش الإسرائيلي وتحديه.

حتى في اليوم الذي تنتهي فيه حرب غزة ويتوقف الحوثيون عن استخدام أسلحتهم، فإن هذا لا يعني زوال التهديد، ولا ينبغي لإسرائيل التعامل بهذه الطريقة. سيظل التحدي القادم من اليمن يلاحقنا ويؤثر على تصور إسرائيل الأمني، وكيفية تعاملها مع تهديد كبير من جماعة أو دولة تبعد 2000 كيلومتر عن حدودنا.

يشكّل الحوثيون تهديدًا تكتيكيًا. إنهم ليسوا من بين أكثر التهديدات تطورًا في الساحة، لكنهم استهدفونا مجددًا -كانت الحادثة الأولى هي فشل اعتراض الصاروخ الذي سقط بالقرب من مطار بن غوريون -دليلًا على أن التهديد التكتيكي قد يتحول إلى مشكلة وتحدٍ استراتيجي. إن احتمالية الضرر المباشر وغير المباشر من إصابة هدف استراتيجي هائلة.

وأوصى حايموفيتش بضرورة شن حملة على الحوثيين بصورة متواصلة، وعدوانية وبالتزامن، عبر تصفية القادة، وتدمير سلسلة إنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتدمير قدرات إطلاقها وبنيتها الأساسية. لا مناص من صقل القدرة الهجومية، التي يجب أن تقترن بممارسات سياسية للضغط وتحقيق نتائج فعّالة في مواجهة الحوثيين.


منظومة صواريخ الحوثيين لا تزال تشكل تحديًا رغم تعزيز القدرات الاستخباراتية

ذكر موقع ماكو العبري، في 5 سبتمبر 2025، أن الحوثيين زادوا من إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل بعد أن هاجم سلاح الجو الإسرائيلي تجمع لكبار المسؤولين ومقتل رئيس وزرائهم ومعظم الوزراء. بدلًا من إطلاق صاروخ كل بضعة أيام أو أكثر، أصبحوا يطلقون عدة صواريخ يوميًا. معظم هذه الصواريخ سقطت في الطريق؛ بسبب أعطال أو اعترضتها أنظمة الدفاع الجوي.

يقول مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إن هدف الحوثيين الأساسي في هذه المرحلة هو إرساء حالة من الإرهاب الصاروخي، وتعطيل حياة المدنيين الإسرائيليين، إضافة إلى التسبب بأضرار اقتصادية. تدرك المؤسسة الدفاعية أنهم مهتمون بالانتقام إلى حد كبير، ويبدو أن هذه مرحلة بينية في طريقهم إلى ذلك. كما يعترف الجيش الإسرائيلي بأنه على الرغم من زيادة القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية في اليمن، فإن منظومة صواريخ الحوثيين لا تزال “تشكل تحديًا”، كما وصفها ضابط استخبارات، الذي، بسبب ضغط النظام، يقلل من أهمية الفشل الإسرائيلي في هذا الصدد.

وأوضح مصدر في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن الحوثيين شهدوا تحولًا عالميًا، و”تحولوا من قبيلة محلية إلى فاعل على الساحة الإقليمية”. وكشف أن جهاز الاستخبارات والمؤسسة الأمنية كانا على علم بمساعدة الإيرانيين لليمن عبر قائد فيلق القدس منذ عام 2014. وأضاف: “لم ننظر إليها على أنها تهديد لنا، وأشارت التقييمات القليلة التي أُجريت في هذا السياق إلى أن هذا التهديد موجه إلى السعودية ودول الخليج”.

فيما يتعلق بترسانة الحوثيين، قال المصدر الاستخباراتي إنها “تتطور وتتحسن بوتيرة سريعة وخطيرة. لقد وسّعوا مدى الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، وأنظمة أخرى. يعود ذلك غالبًا إلى تقليل وزن الرأس الحربي، أو استبداله برأس حربي إنشطاري بقدرة تسليحية أصغر”. وتابع: “هذا قلل من احتمالية الضرر الذي يمكن أن تُسببه الصواريخ والطائرات المسيّرة”، مضيفًا أنه “منحهم أسلحة يمكنها الوصول إلى إسرائيل بكميات كبيرة”.

وذكر موقع ماكو أن مشكلة إسرائيل الرئيسة، كانت ولا تزال، هي قلة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة عن اليمن. كانت التغطية شبه معدومة، واعتمدت إلى حد كبير على ما تُسميه الاستخبارات العسكرية “شركاء”، أي معلومات استخباراتية من دول أجنبية. سرعان ما ضاقت الفجوة، مما سمح بالقضاء الناجح على رئيس الوزراء الحوثي ومعظم وزرائه. إضافة إلى ذلك، كانت إسرائيل تُفكر في تكبيد الحوثيين خسائر اقتصادية، لكن هذا لم يُجدِ نفعًا حتى الآن.

وعزا الموقع صعوبة تصدي الاستخبارات الإسرائيلية لمنظومة صواريخ الحوثيين في اليمن إلى عدة أسباب، مثل جغرافية اليمن، وسهولة تنقل منصات الإطلاق، وأسباب ثقافية تتعلق بالتركيبة القبلية وكيفية توزيع الصواريخ ومنصات الإطلاق.

اليمن بلدٌ جبليٌّ شاسع، يضم عددًا هائلًا من الأنفاق والمخابئ الطبيعية. يستغل الحوثيون التضاريس لإخفاء منصات الإطلاق وصواريخهم بها، وهناك، كما هو الحال في لبنان وغزة، يختبئون أيضًا داخل القرى النائية الكثيرة، بين المدنيين الذين يستخدمونهم كدروع بشرية. إن هذه التضاريس، وكثرة القرى، وسهولة تنقّل منصات الإطلاق التي تخرج قبل وقت قليل من الإطلاق، تُعوق قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية المتنوعة، ومن بينها أحدث التقنيات.

ومن المشاكل الرئيسة الأخرى طريقة تشغيل منظومة الصواريخ في اليمن، التي تختلف تمامًا عن التي واجهتها إسرائيل في إيران ولبنان. على عكس المنظومة الإيرانية ومنظومة حزب الله، التي جرى تشكيلها كالقوة العسكرية النظامية، من حيث المقرات، وأنظمة الاتصالات، والوحدات وغيرها، فإن الحوثيين يمارسون نشاطهم بين القبائل والعائلات، وهو ما يشكل صعوبة في اختراق القبيلة والعائلة.

كما أن هيكل القيادة الذي يُصدر أوامر الإطلاق ووجهته يعمل وفقًا للمناخ القبلي، كما في العصور الوسطى. والقيادة أيضًا مصطلح له دلالة كبيرة في وصف هذه المنظومة. وأوضح مصدر استخباراتي في الجيش الإسرائيلي: “لا توجد فرق أو فصائل. لقد كلفوا مجموعة من أفراد قبيلة أو عائلة مسؤولية عدد من منصات الإطلاق”. وأضاف: “من العسير للغاية تقديم تحذيرات استخباراتية بشأن عمليات الإطلاق من اليمن”. نحن نتغلب على هذه المشكلة بالتكنولوجيا التي تمكننا من رصد عمليات الإطلاق بعد ثوانٍ فقط من تنفيذها”.


الحوثيون يتدربون لاجتياح إسرائيل بريًا

حذر يوسي منشروف[1]، على موقع القناة السابعة الإسرائيلية، في 2 سبتمبر 2025، من خطورة نوايا الحوثيين لغزو إسرائيل. وقال إن أي شخص مطلع على وسائل إعلام الحوثيين يدرك أنهم يتدربون بالفعل لشن غزو بري لإسرائيل، ويعلنون نيتهم القيام بمثل هذه الخطوة العسكرية. “لقد أعلنوا ذلك جهرًا منذ فترة طويلة، ويتدربون على اجتياح إسرائيل، مع التركيز على ديمونا. لديهم طموحات كبيرة، وأعتقد أنه لا ينبغي بعد 7 أكتوبر، أن يتجاهل أي مسؤول أمني إسرائيلي خطورة هذا التهديد”.

أشار منشروف إلى أنها جماعة منظمة ومتماسكة، مدعومة من إيران والحرس الثوري وفيلق القدس، ويجب قطع هذا الذراع التابع للأخطبوط الإيراني، كما أحرزت إسرائيل نجاحًا باهرًا في مواجهة حزب الله، وقائد فرع فيلق القدس اللبناني، ونائبه وقائد شبكة التهريب التابعة للقوة، وقائد فرع فلسطين.

فيما يتعلق بطريقة إضعاف قدرات الحوثيين، قال إنه لا مناص من مجابهة رعاتهم، النظام الإيراني، مصدر المشاكل.

وبشأن الطريقة التي يُعبِّر بها الإعلام عن رغبة الحوثيين في غزو إسرائيل، يقول منشروف “تظهر في هذه الوسائل صورٌ لتدريباتٍ على اجتياح إسرائيل بالسلاح، تشبه تمامًا تدريبات حماس التي رأيناها قبل 7 أكتوبر. كما توجد تقارير نشرها مركز الاستخبارات والإرهاب، الذي استقصى الأمر وقدّم توثيقًا فوتوغرافيًا لهذه التدريبات. من المهم أيضًا الاستماع إلى تصريحاتهم وفهم هل وراءها مضمونًا حقيقيًا ونيةً حقيقيةً لدخول حدود إسرائيل، سواءً عبر الأردن أو سوريا”.

في هذا السياق، يذكر منشروف أن الإيرانيين حاولوا بالفعل الترويج لعمليةٍ إرهابيةٍ نقلوا فيها عشرات الحوثيين إلى الحدود الإسرائيلية. “لم تُنفَّذ العملية، لكن الإيرانيين حاولوا الترويج لغزو الميليشيات الشيعية للأردن. يبدو أن الإيرانيين يعدون المجال الأردني بيئة ملائمة للعمليات، إما لضعف النظام الأردني أو لعدم وجود سياج حدودي منظم بين إسرائيل والأردن، وهذا يُغري إيران.

وفيما يتعلق بحجم الخلية المحتملة، يقول منشروف: “لا أعتقد أنها ستكون خلية صغيرة بالضرورة. يقدر عدد الحوثيون بعشرات الآلاف، ومن الممكن تخيّل سيناريو يحاولون فيه تسلل بضع مئات إلى إسرائيل. إنهم طموحون للغاية، ويساعدهم الملف الفلسطيني على تعزيز مصداقيتهم في الشرق الأوسط، ويُصوّرون أنفسهم على أنهم الجماعة الوحيدة التي تساند حماس في غزة بعد هزيمة حزب الله، وسقوط النظام السوري، وعجز الميليشيات في العراق عن التحرك الآن. لهذا السبب، الحوثيون موجودون على الخريطة، والجانب الفلسطيني يسمح لهم بقمع شعبهم في اليمن بذريعة أن كل من لا يدعمهم يخون المثل العليا الفلسطينية والأمة الإسلامية”.

وعندما سُئل عما إذا كانت عملية الاغتيال المستهدفة المذهلة في اليمن قبل أيام قليلة تُشكّل ردعًا، قال منشروف: “لقد تأخرنا في الاستعداد للتهديد اليمني، ولكن مع مرور الوقت، يتشكل انطباع بأن إسرائيل تسد ثغرات قدراتها الاستخباراتية في الساحة اليمنية، الأمر الذي يتطلب أيضًا موارد وتنظيمًا. لذلك، تُمثّل عملية الاغتيال المستهدفة إنجازًا مهمًا، ولكن ثمة حاجة لتكثيف العمل لردع الحوثيين”. لديّ انطباع بأن إسرائيل بحاجة إلى جمع معلومات استخباراتية عن منصات إطلاق الصواريخ، وهي قادرة على ذلك. إن تعقب منصات الإطلاق بفعالية يمكن أن يمنعها من الإطلاق، وفي الوقت نفسه، يُعدّ اغتيال كبار المسؤولين أمرًا بالغ الأهمية؛ لأنه يجبر العناصر الخفية على اتخاذ موقف دفاعي والاختباء. مع مرور الوقت، سيتعين على إسرائيل التفكير في تعاون إقليمي برعاية أمريكية وبريطانية. الحوثيون ليسوا مجرد مصدر إزعاج لإسرائيل، بل إنهم يُلحقون الضرر بحرية الملاحة، وإيذائهم ليس مصلحة إسرائيلية فحسب.


نسخة يمنية من “طوفان الأقصى”

جدير بالذكر أن موقع نيوز وان العبري أشار، في 25 يوليو 2025، إلى أن جماعة الحوثيين في اليمن تواصل تحالفها مع محور المقاومة حول غزة، وهذه المرة بتهديد مُباشر لإسرائيل. وبحسب تقرير نشره موقع “إسرائيل اليوم“، فإنهم يُدربون الدفعة الثالثة من مُقاتليهم في قوة النخبة تحت اسم “طوفان الأقصى”، وهو مصطلحٌ مرتبط في الذاكرة الإسرائيلية باللقب الذي أطلقته حماس على هجوم 7 أكتوبر.

إن اختيار الحوثيين اسم الدورة الجديدة ليس صدفة، بل هو رسالة واضحة تُؤكد استمرار ارتباطهم بحماس والصراع في غزة. إنها أيضًا محاولة رمزية للحفاظ على الدوافع الأيديولوجية لهذا المحور، مع تركيز الاهتمام على إسرائيل -على الرغم من الفجوة الجغرافية الكبيرة.

عمليًا، تبلغ المسافة بين معسكرات التدريب في اليمن وحدود إسرائيل نحو ألفي كيلومتر، كما أن مقاتلي النخبة الذين ظهروا في عدة مقاطع يوتيوب -بأسلوب إيراني دقيق -سوف يواجهون صعوبة في اجتياز هذه المسافة برًا أو بحرًا دون اكتشاف أمرهم من عناصر استخباراتية أو قوات الجيش الإسرائيلي.

مع ذلك، يقول الصحفي يوآف ليمور بأن اختيار عرض الدورة باسم -“طوفان الأقصى” -ينبغي أن يُدق ناقوس الخطر، ليس لقوة التهديد المباشر، بل بسبب النوايا المستقبلية.

خطة غزو الحوثيين لا تزال مطروحة -على الأقل على مستوى الوعي. غير مدرجة ضمن الأولويات. حاليًا هي على نطاق ضيق وتكاد تكون سخيفة، لكن إسرائيل أدركت بالفعل أن التصريحات التي بدت مستحيلة في السابق قد تُصبح واقعًا خطيرًا.


إسرائيل خدعت قادة الحوثيين بأنها تفتقر إلى معلومات استخباراتية عن مواقعهم

أشار موقع يديعوت أحرونوت، في 29 أغسطس 2025، إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن ظهيرة (الجمعة) أن هجوم أمس على جنوب صنعاء كان يستهدف كل قادة الحوثيين، ومن بينهم رئيس الأركان محمد عبد الكريم الغماري ووزراء يمنيون كانوا في طريقهم إلى الاجتماع. وأكد الجيش أنه على أهبة الاستعداد لردٍّ انتقامي من اليمن، ولكن ليس بناءً على تحذير استخباراتي، بل تقييم للوضع.

بحسب مصادر عسكرية، نُفذ الهجوم بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة بشأن اجتماع قادة حوثيين بارزين، كان من المفترض أن يحضره رئيس أركانهم أيضًا، إلى جانب وزراء آخرين. وقالوا “انتهزنا فرصة استخباراتية مواتية لتنفيذ عملية دقيقة”.

شنت إسرائيل الهجوم، بعد ساعات من اعتراض طائرتين مسيرتين أطلقهما الحوثيون اتجاهها، وبالتزامن مع خطاب زعيمهم، عبد الملك الحوثي. وصف اليمنيون الهجوم بأنه “زلزال”. وقال أحد سكان صنعاء لموقع يديعوت أحرونوت إن “الانفجار كان هائلًا، وكأنه منبثق من جوف الأرض”. وبحسب قوله، أطلق الجيش الإسرائيلي عشرة صواريخ في أقل من خمس دقائق.

وذكر موقع جيروزاليم بوست، في 29 أغسطس 2025، أن مصادر في الجيش الإسرائيلي قالت إن إسرائيل استخدمت أسلوب الخداع قبل الغارة التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على صنعاء، اليمن، يوم الخميس. لقد أوهمت إسرائيل قادة الحوثيين بالأمان الزائف، حتى ينخدعوا بأنها تفتقر إلى معلومات استخباراتية موثوقة عن مواقعهم.

من المتوقع أن يزداد نطاق أهداف الجيش الإسرائيلي في استهداف الحوثيين مع مرور الوقت، كما حدث تمامًا ضد حزب الله وإيران.


خطوة مهمة للغاية

قال مصدر حكومي في جنوب اليمن لموقع يسرائيل هيوم، في 29 أغسطس 2025، إن “استهداف قيادة الجماعة “الإرهابية” خطوة مهمة للغاية”. وأكد “أهمية مواصلة الهجوم، والتركيز على باقي المسؤولين العسكريين والأمنيين، وعلى رأسهم “الإرهابي” عبد الملك الحوثي. ووفقًا له، كان محمد الغماري، رئيس أركان الحوثيين، “إرهابي خطير للغاية”.

كما وجه رسالة إلى إسرائيل: “يجب مواصلة الهجمات الجوية إلى جانب دعم القوات المسلحة الجنوبية لتنفيذ عملية برية حتى تتكلل الحملة على الحوثيين بالنجاح”.

بينما كتب يمني -مؤيد للحكومة الشرعية ومناهض للحوثيين -عمودًا خاصًا وباسم مستعار على موقع يديعوت أحرونوت، في 30 أغسطس 2025، وقال إن اليمن شهدت أخيرًا هجمات عسكرية، وُصفت بأنها الأنجح منذ سنوات، استهدفت شخصيات بارزة في صفوف الحوثيين. لم تكن هذه العملية مجرد ضربة تكتيكية، بل حملت أبعادًا استراتيجية تجاوزت الساحة اليمنية.

لسنوات، اعتاد اليمنيون على الهجمات والعمليات العسكرية، التي اتسم معظمها بالعشوائية، وأضرت بالمدنيين والبنية الأساسية أكثر من قادة الجماعة. وكانت النتيجة واحدة: غضب شعبي، وتعزيز سردية الحوثيين بأنهم ضحايا. أما اليوم، فقد تبدل الوضع. لقد ساد المجتمع اليمني ارتياح كبير بعد الضربة المباشرة للقادة العسكريين، لأنه أدرك أن هذه الهجمات قد تكون وسيلة لتغيير المعادلة، وليست فصلًا آخر في دائرة العنف.

يتجاوز تأثير ونتائج هذه العملية كل الضربات السابقة، ومن بينها الضربات الأمريكية التي استهدفت قادة “الإرهاب” في اليمن على مدى العقدين الماضيين. في حين اقتصرت الضربات الأمريكية، في كثير من الأحيان، على قتل عدد محدود من الأشخاص دون إحداث تغيير سياسي أو اجتماعي، فإن هذه الضربة الأخيرة استهدفت هيكل القيادة الحوثية نفسه، حيث نجحت في ضرب مركز صنع القرار، وأربكت القيادات العليا في الجماعة.

على المستوى العملياتي، لم تعد المسألة تقتصر على الضربات الجوية. إن المعلومات الاستخباراتية المتاحة اليوم دقيقة وكافية لتجفيف منابع قوة الحوثيين، إما بقطع طرق الإمداد أو ضرب مراكز تمويلهم وتسليحهم، مما يضع الجماعة في موقف دفاعي خانق. والأهم من ذلك، أن هناك قدرة حقيقية على مواجهة الحوثيين عسكريًا وبريًا متى تقرر ذلك، أي أن الخيارات متعددة ولا تقتصر على المجال الجوي فقط.

تكمن الأهمية الكبرى فيما يترتب عليه بعد الهجوم. إن اليمن ليس مجرد ساحة قتال. إنه مفترق طرق جيوسياسي يقع على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم. لقد أدت جماعات إسلامية متطرفة، وعلى رأسها الحوثيين، دورًا رئيسيًا على المنطقة على مدى العقد الماضي. ومع ذلك، أثبتت التجربة أن الاعتماد على القوى الإسلامية -سواء في اليمن أو سوريا أو العراق -لا يجلب الاستقرار، بل تفشي التطرف بمختلف صوره.

من جهة أخرى، ثمة خيار آخر يتمثل في القوى الليبرالية والمدنية في اليمن. هذه القوى، التي تضم نخبًا سياسية وثقافية وشابة، تمثل شريحة واسعة من المجتمع تسعى إلى دولة حديثة ومدنية، خالية من الخطاب الديني المتطرف، وذات نطاق اجتماعي قادر على استقطاب مختلف الفئات. يمكن لهذه القوى أن تصبح شريكًا حقيقيًا في رسم مستقبل مستقر لليمن، إذا ما حظيت بالدعم اللازم.

يفتح نجاح الهجوم الأخير نافذة استراتيجية: المجتمع اليمني يكون أكثر استجابة عندما تكون الضربات دقيقة وموجهة إزاء القيادة العسكرية والسياسية الحوثية. يوفر هذا الرد الشعبي بيئة مثالية للتحالف مع القوى الليبرالية التي تسعى إلى فرصة لترسيخ وجودها في الساحة السياسية. الدروس المستفادة من سوريا والعراق واضحة: القوى الدينية تتحول إلى عبء استراتيجي مع مرور الوقت. في اليمن، لا تزال هناك فرصة لتجنب تكرار هذه الأخطاء عبر الاستثمار في القوى المدنية الليبرالية وإتاحة المساحة اللازمة حتى تكون بديلًا سياسيًا واجتماعيًا.

باتت المعركة حتمية، ولم يعد هناك متسع للحياد أو التسويف. المطلوب الآن هو التركيز على جمع المعلومات والاستخبارات أكثر من الهجمات العشوائية. المعلومات الدقيقة هي التي تُحدث الفارق وتساعد على تنفيذ هجمات حاسمة تُغير المعادلة. على إسرائيل أن تُدرك أن دورها الفعال يكمن في دعم هذا الجانب، فالمعركة في اليمن لم تعد معركة محلية، بل جزء من الصراع الإقليمي والدولي على طرق التجارة والأمن البحري.

يقف اليمن حاليًا عند مفترق طرق: إما أن تُواصل دورة القوى الأيديولوجية التي تجرّ البلاد إلى مزيد من العنف والتبعية للقوى الأجنبية، أو أن تستثمر في خيار آخر يفتح الباب أمام استقرار طويل الأمد. لم يكن الهجوم الأخير نجاحًا عسكريًا فحسب، بل إشارة سياسية إلى أن الوقت قد حان لتغيير الاستراتيجية: من جهة، استهداف القيادة، وتجفيف موارد الحوثيين ومواجهتهم ميدانيًا عند الضرورة، ومن جهة أخرى، دعم بديل ليبرالي ومدني.


إنجاز تاريخي لإسرائيل في اليمن

أشار موقع جلوبس، في 30 أغسطس 2025، إلى إعلان الحوثيون مقتل رئيس الوزراء و”عدد آخر من الوزراء” في الهجوم الإسرائيلي. وعدَّد ثلاثة أسباب تجعل هذا الهجوم ونتائجه إنجازًا هائلًا: التاريخ، والاستخبارات، وبُعد المسافة.

يُظهر التاريخ أن الحوثيين جماعة “إرهابية” تتصرف بلا حدود. لم يتمكن الأمريكيون، ولا السعوديون، ولا حتى يومنا هذا من كبح جماحهم.

على المستوى الاستخباراتي، لم تكرس إسرائيل حتى 7 أكتوبر جهدًا استخباراتيًا كبيرًا للساحة الحوثية. مع أننا شهدنا نجاحات استخباراتية كبيرة في الساحة الشمالية وفي إيران، إلا أنه يمكن القول بشأن الحوثيين في اليمن، إن إسرائيل كانت شبه عمياء. لدرجة أن الجيش الإسرائيلي اضطر إلى تجنيد متحدثين يمنيين بسرعة في صفوفه لجمع المعلومات الاستخبارية ذات الصلة. في ضوء هذه النقطة، من الملفت أن إسرائيل نجحت في جمع معلومات استخباراتية دقيقة عن أماكن اجتماعات قيادة الحوثيين في فترة زمنية قصيرة نسبيًا، مما أدى إلى القضاء عليهم إلى حد كبير.

ويتمثل السبب الثالث في بُعد المسافة – حيث يتطلب كل هجوم في اليمن تحليقًا في المجال الجوي لمسافة لا تقل عن 2000 كيلومتر عن إسرائيل، ونحو أربع ساعات طيران (ذهابًا وإيابًا)، والتزود بالوقود. بمعنى آخر، إنها خطوة تتطلب مزيجًا من القدرات الاستخباراتية والقدرات العسكرية والجوية الاستثنائية.

في سياق متصل، ذكر موقع معاريف، في 31 أغسطس 2025، أنها ليست أول مرة تهاجم فيها إسرائيل اليمن، ولكن بعد الهجوم ووضوح أهدافه تبين أنه إنجاز استخباراتي وتشغيلي مهم يفوق حتى عملية “البيجر” في لبنان.

رغم بُعد المسافة عن إسرائيل -أكثر من ألفي كيلومتر -حلق عدد كبير من طائرات سلاح الجو، المُجهزة بأطنان من القنابل في انتظار الضوء الأخضر لمهاجمة اجتماع حكومة الحوثيين في مبنى سري بصنعاء. لقد انتظرت الطائرات لأن رئيس أركان الحوثيين، الذي حاولت إسرائيل تصفيته قبل أشهر في عملية “عام كلافي”، كان من المفترض أن يصل إلى الاجتماع لكن لم يتضح ما إذا كان قد وصل بالفعل.

بينما قال قائد القيادة الجنوبية السابق، العميد المتقاعد هارئيل كنافو، على القناة 14 الإسرائيلية، في 31 أغسطس 2025، بشأن تصفية قيادة الحوثيين: “لقد هزمناهم هزيمة نكراء. حققنا ما عجز عنه الأمريكيون والسعوديون. يتمنى الحوثيون إنهاء حرب غزة، ليبرروا وقف الحرب على إسرائيل.

في حين قال البروفيسور عوزي رابي[2] على إذاعة 103FM الإسرائيلية، في 13 أغسطس 2025: “الحوثيون في نهاية المطاف دولة داخل دولة. لقد قُتل رئيس وزراء وعدد من الوزراء. إنها قوة بالغة الأهمية من حيث الرؤساء التنفيذيين للدولة وإدارتها. عندما ننظر إلى قصة الحوثيين برمتها، يجب أن نضع نصب أعيننا أمر واحد، وهو قدرتهم على المواءمة”.


ما الذي ينتظر اليمن لاحقًا؟

قال موشيه كاسيف، مستشرق وعضو استخباراتي سابق، على موقع bizportal، في 31 أغسطس 2025، إن تصفية قادة الحوثيين قد يؤدي إلى خسارة آخر وكيل لإيران في المنطقة. ومع ذلك، أثبتت التجربة أنه في بلد شهد كثير من الاشتباكات، والمعارك، والقتل، والمواجهات، قد تظهر قيادة أخرى تُواصل نهج سلفها وتهاجم إسرائيل.

وقال إن تصفية قيادة الحوثيين قد يُساعد حكومة جنوب اليمن، الشرعية والمعترف بها دوليًا، على السيطرة على كامل اليمن. ومع ذلك، من غير المؤكد أن يتحقق هذا الهدف في بلد مُنقسم، يُديره في الغالب زعماء قبائل وزعماء محليون. بالإضافة إلى ذلك، يوجد في شمال اليمن، على ما يبدو، عناصر من الحرس الثوري لا يزالون يُقدمون الدعم للحوثيين. لا يُمكن تعزيز الحكومة الشرعية في اليمن دون طرد الإيرانيين تمامًا من اليمن. لكن إسرائيل، للأسف، غير قادرة على تحقيق ذلك بمفردها.

وفيما يتعلق بقصف إسرائيل، قال كاسيف إن تصفية قيادة الحوثيين لا يعني بالضرورة توقف إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ من اليمن إلى إسرائيل. من المهم أن نفهم أن استمرار اليمنيين في مضايقة إسرائيل هو الأهم من وجهة نظر الإيرانيين.

من وجهة نظر الإيرانيين، إن الحوثيين، شأنهم شأن حزب الله في لبنان، بيدق في لعبة الشطرنج بينهم وبين الغرب. سيوافق الإيرانيون على التخلي عنهم مقابل الحصول على مساعدة من الغرب، أو رفع العقوبات.

بما أن اليمن يخضع بالفعل لسيطرة ضعيفة نسبيًا من الحكومة اليمنية، فقد تُشكل حكومة جديدة قريبًا، وقيادة عسكرية جديدة أيضًا. ففي النهاية، إنه جيش ظل إلى حد كبير، وليس بالضرورة جيشًا يتمتع بآليات قيادة وسيطرة منظمة. لذلك، ينبغي على إسرائيل الاستعداد لاحتمال استئناف الحوثيين قصف إسرائيل في وقت قريب، بقيادة عسكرية وسياسية جديدة. في مثل هذه الحالة، سيتطلب الأمر اتخاذ إجراءات إضافية من حين لآخر. ومع ذلك، يبدو أن إسرائيل قد طورت قدراتها الاستخباراتية في اليمن، مما يسمح بتنفيذ مثل هذه العملية بسلاسة أكبر في وقت قصير نسبيًا من لحظة اتخاذ القرار.

بطريقة أو بأخرى، سواء استمر إطلاق النار من اليمن أم لا، بل وأكثر من ذلك إن لم يُستأنف، فإن العملية الإسرائيلية الناجحة في اليمن قد رسّخت مكانة إسرائيل باعتبارها قوة عسكرية رائدة في المنطقة.


كيف اكتشفت إسرائيل مكان اجتماع سري لكبار قادة الحوثيين

قال إيتي بلومنتال ، [3]على موقع هيئة البث الإسرائيلية، في 2 سبتمبر 2025، إن مصادر أمنية إسرائيلية قالت لوكالة رويترز -في اليوم التالي لتشييع كبار مسؤولي الحكومة الحوثية في العاصمة صنعاء -أكدت وجود وزير الدفاع العاطفي ورئيس الأركان الغماري في الفيلا التي تعرضت للهجوم في قلب العاصمة صنعاء، ولا ينبغي أخذ التصريحات الصادرة من اليمن بأنهما نجيا على محمل الجد. وتفيد مصادر في إسرائيل أن الحوثيين، على ما يبدو، يتعمدون إخفاء مقتل قياداتهم الأمنية، ويخجلون من الهجوم على كبار القادة. وتقول إسرائيل بوضوح إن زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، هدفٌ للتصفية نظرًا لأهميته لجماعة الحوثي “الإرهابية”.

في مطلع شهر يوليو، عندما انتقل القتال في قطاع غزة إلى مرحلة جديدة، نوقشت فيها مسألة ما إذا كان ينبغي لإسرائيل التوصل إلى اتفاق أو توسيع نطاق القتال، كلف رئيس الأركان زامير ورئيس المخابرات العسكرية، شلومي بيندر، قسم الأبحاث في المخابرات بإنشاء وحدة جديدة في الساحة اليمنية. جاء ذلك انطلاقًا من قناعة راسخة بضرورة تكثيف إسرائيل جهودها في ضوء إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من اليمن. تجمع نحو 200 جندي وضابط من مختلف وحدات الاستخبارات العسكرية -8200 و9900 و504 -في غرفة مراقبة سرية وسط البلاد، وبدأوا جمع معلومات استخباراتية دقيقة عن الحوثيين. شارك ممثلون عن القيادة المركزية الأمريكية في هذه الوحدة.

مع اقتراب موعد الهجوم في اليمن، عرفت شعبة الأبحاث في إدارة الاستخبارات العسكرية أن كبار مسؤولي حكومة الحوثيين كانوا يستعدون لعقد نقاش أمني، واجتماع وزاري، ونقاش مع كبار المسؤولين العسكريين. اتصلت المقدم “أ” من شعبة الأبحاث في إدارة الاستخبارات العسكرية على الفور بالعميد “م”، رئيس قسم العمليات في إدارة الاستخبارات العسكرية، وأبلغته بشأن انعقاد النقاش في صنعاء، واستعداد جميع كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين للحضور.

بعد التأكد من مكان الاجتماع، وموافقة سريعة من رئيس الأركان على الخطط وتلقي “الضوء الأخضر” من القيادة السياسية، شن سلاح الجو الهجوم باستخدام طائرات مقاتلة. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 20 مسؤولًا حوثيًا رفيع المستوى كانوا موجودين داخل المبنى الذي تعرض للهجوم، بالإضافة إلى الطاقم الذي رافق كبار المسؤولين الحكوميين من السائقين، وحراس الأمن، والنُدُل.

قالت المؤسسة الدفاعية إن حقيقة تجمع الحوثيين في فيلا، وهي شقة واسعة في حي سكني، وليس في مبنى حكومي رسمي، دليل على محاولتهم إخفاء الاجتماع واختيارهم أكثر الأماكن سرية. كما أن تجمع كبار المسؤولين العسكريين ووزير الدفاع ورئيس الأركان، إلى جانب الوزراء ورئيس الوزراء، سمح بتنفيذ الهجوم وفقًا لقواعد القانون الدولي.

بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، إن مكانة زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، جعلته هدفًا للاغتيال، ليس فقط في إسرائيل، بل أيضًا لدى جميع أجهزة الاستخبارات في الغرب. هذا هو سبب بقاء الحوثي مختبئًا لسنوات، وخطبه مسجلة، وقد تبنى سلوكًا يشبه نصر الله في أواخر حياته. على سبيل المثال، كل دولة حاربت الحوثيين سلفًا، تحدثت عن ثقله الرمزي، وأن القضاء عليه سيضعف بنية الجماعة اليمنية.

تعتزم إسرائيل مواصلة هجماتها على اليمن، ردًا على استمرار إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاهها، وتعد “مفاجآت” حتى يتضح للحوثيين أن هجوم على إسرائيل له ثمن باهظ.


حرب الاستنزاف الحوثية: التحالف الإقليمي الذي تحتاجه إسرائيل وخطوة الجيش الإسرائيلي التالية

قال المراسل العسكري أمير بوحبوط[4]، على موقع والا العبري، في 25 أغسطس 2025، إن إسرائيل اكتشفت في بداية الحملة على الحوثيين ثغرة استخباراتية. بعد فترة، وبتعاون وثيق مع القيادة المركزية الأمريكية، ردّ الجيش الإسرائيلي بشن سلسلة من الضربات، وكانت المؤسسة الدفاعية تأمل في كل هجوم أن يكون هو الأخير، ويحدث تغييرًا في ميزان القوى مع اليمنيين، لكن تبيّن أن هذه التقديرات دون المستوى.

بمرور الوقت وتكثيف عمليات إطلاق الصواريخ، أدرك الجيش الإسرائيلي ضرورة إيجاد حلول بديلة. انخرطت الولايات المتحدة في عملية لاستهداف الحوثيين، ولكن عندما أدرك البيت الأبيض أن التكلفة والأضرار تفوق المكاسب، لجأت القوة العظمى الأولى في العالم إلى المفاوضات، التي أسفرت في النهاية عن اتفاق لوقف إطلاق النار، وبقيت إسرائيل وحيدة في مجابهة الحوثيين -باستثناء مسألة الدفاع الصاروخي.

باءت محاولات الجيش الإسرائيلي لضرب سلسلة إمداد الحوثيين في اليمن بالفشل، واستطاع الحوثيون إيجاد طرقًا بديلة لنقل المواد الخام، ووسائل الإنتاج والتقنيات إلى اليمن. حتى جهود قصف الموانئ لم تقلل من عزيمتهم على مواصلة إنتاج الصواريخ.

وقال بوحبوط إن دولًا مثل مصر، والأردن، والسعودية، ودول الخليج لم تتدخل، ويزعم مسؤولون سياسيون وأمنيون أن توجيه ضربة فعّالة، يستلزم تعزيز بناء تحالف مناهض للحوثيين. في هذه المرحلة، المنطقة لا تريد المجازفة بالتورط في مجابهة الحوثيين، الذين يُهددون الجبهة الداخلية الإسرائيلية حاليًا، لكنهم قادرون مستقبلًا على مهاجمة أي دولة في الشرق الأوسط دون تردد. حتى ذلك الحين، اتضح للجميع أن التوصل إلى تفاهم مع الحوثيين يتطلب تدخلًا أمريكيًا.

في ضوء القلق من الانتقام الإيراني واستمرار أسلوب الاستنزاف، وبما أن قادة المؤسسة الدفاعية لا يعلقون آمالًا كبيرة على الجولة الحالية، ترى مصادر ضرورة دراسة أهداف جديدة في اليمن، وابتكار أساليب لم تُستخدم من قبل. ويبدو أن الحوثيين لم ينزعجوا كثيرًا من هجمات الجيش الإسرائيلي، وتشير التقديرات إلى أن إطلاق النار سيزداد إذا توغل الجيش الإسرائيلي في قلب مدينة غزة.


سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم اليمن بعد إطلاق الحوثيين صاورخًا عنقوديًا

ذكر موقع يديعوت أحرونوت، في 24 أغسطس 2025، أن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم أهدافًا مختلفة في العاصمة اليمنية صنعاء، من بينها القصر الرئاسي المهجور، ومستودع وقود، ومحطات كهرباء. بدأت الهجمات بعد وقت قصير من نشر الجيش الإسرائيلي نتائج تحقيقه الأولي بشأن الصاروخ الذي أُطلق من اليمن، مؤكدًا ما كشفه موقع يديعوت أحرونوت بأن الصاروخ كان يحمل رأسًا حربيًا انشطاريًا -وهي المرة الأولى التي يطلق فيها الحوثيون صاروخًا من هذا النوع على إسرائيل.

وأشار الموقع إلى أن أكثر من عشر طائرات مقاتلة شاركت في الهجوم، واستُخدمت نحو 35 ذخيرة. إن أبعد هدف قصفته إسرائيل بلغ مسافة تربو على ألفي كيلومتر، أي نحو خمس ساعات ونصف من الطيران. وأثناء الهجوم نفذت الطائرات المقاتلة عدة عمليات للتزود بالوقود جوًا.

أفادت مصادر أمنية أن الهجوم استهدف مستودع وقود، ومحطات كهرباء، والقصر الرئاسي -الذي وصفته بأنه رمز لحكومة الحوثيين. سبق أن هاجمت السعودية القصر الرئاسي عام 2021، ومنذ ذلك الحين، يحاول الحوثيون ترميمه، واستخدامه خصيصًا لأغراض عسكرية، وهو سبب آخر لقصفه. وقالوا: “تضمنت العملية استخدام عشرات الذخائر، وأحد أهدافها هو تعطيل إمدادات الكهرباء عن العاصمة”.

ذكر موقع يديعوت أحرونوت أنه علم، حتى قبل نشر نتائج التحقيق، أن الجيش الإسرائيلي قد تحقق بالفعل مما إذا كان الصاروخ الذي أُطلق من اليمن يحمل مكونات عنقودية -مشابهة للصواريخ التي أطلقتها إيران أثناء حرب الاثني عشر يومًا.

وزعم مصدر أمني يمني مقرب من الحكومة اليمنية في مدينة عدن -التي تقاتل الحوثيين والمعترف بها دوليًا بأنها (الحكومة الشرعية) -في حديث مع يديعوت أحرونوت، أن الصاروخ كان يحمل رأسًا حربيًا انشطاريًا، وقال: “نعم، الصاروخ المزوّد برؤوس حربية متعددة حقيقي، وقد أطلقه الحوثيون من محافظة صعدة في اليمن”.


أهداف الهجوم

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية مئير مصري، في برنامج “هذا المساء” على قناة i24NEWS، في 24 أغسطس 2025، إن فلسفة الهجوم الإسرائيلي على اليمن هو أن تكون “العربدة” الحوثية لها تكلفة معينة.

وأشار إلى أن مسألة تغيير نظام الحكم في المناطق الخارجة عن الأطر الشرعية في اليمن ليست مهمة إسرائيل، بل هي مهمة عربية، وربما أمريكية، أو دولية بحكم ممرات الملاحة، وإسرائيل لن تضحي بأبنائها، ولن تبذل جهدًا خارقًا وأموالًا طائلة في قضية ليست قضيتها في الأساس.

فيما يتعلق بفشل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي في اعتراض الصواريخ الحوثية، قال مئير إن هذا لا يعني تهديد وجودي على إسرائيل يبرر غزو بري لليمن، وتموقع عسكري إسرائيلي لفترة طويلة بالقرب من الموانئ اليمنية لأن اليمن بعيدة للغاية عن إسرائيل.

ويضيف “أعتقد أن كل عمل عسكري إسرائيلي كبير في اليمن يتطلب حد أقصى من التنسيق والمشاركة مع قوى دولية عديدة بحكم الموقع الجغرافي لليمن، ومصالح دول كثيرة في هذه الممرات وأولها الصين، لأنها متضررة أكثر من الولايات المتحدة والغرب. ولا يمكن أن نعوّل على تكثيف العمل العسكري الإسرائيلي في اليمن بالشكل الذي يهدف إلى إسقاط الحوثيين أو سلطتهم في المناطق الخارجة عن الشرعية، وإنما ستكون “الهجمات” بنفس الوتيرة، أي، عمل عسكري في مناطق محددة يهدف إلى أن تكون التكلفة عالية حتى يفكر الحوثي أكثر من مرة قبل أن يطلق صواريخه على إسرائيل”.

كما ذكر موقع نيوز وان العبري، في 24 أغسطس 2025، أن مصدرًا أمنيًا إسرائيليًا قال “لم يدرج ضمن هذه العملية أي اغتيالات مستهدفة -إن هدف الهجوم على المجمع الرئاسي هو توجيه رسالة واضحة وحاسمة -وهي أن رموز سلطتهم ليسوا في مأمن”. كما أُشير إلى عدم توفر معلومات بشأن وجود أي مسؤول حوثي بارز في المجمع الرئاسي أثناء الهجوم.

وأشار موقع معاريف، في 24 أغسطس 2024، إلى أن إسرائيل وجهت بشكل عام رسالة للحوثيين وإيران بأنها قادرة على تنفيذ هجمات في عمق الأراضي اليمنية، وضرب أهداف استراتيجية، ورموز للنظام تخضع لحماية مشددة من منظومة دفاع جوي. كما قُصف موقع لتخزين الوقود يُستخدم في العمليات العسكرية التي تشنها جماعة الحوثيين “الإرهابية”.

فيما يتعلق بتأثير الهجمات الإسرائيلية، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية “كان”، في 24 أغسطس 2025، أن مصدرًا يمنيًا مناهضًا للحوثيين قال للصحفي الإسرائيلي روعي كايس، “إن الهجمات الإسرائيلية على أهداف الحوثيين لها تأثير ولكنه محدود. سوف ينعكس تأثيرها بصورة أساسية على إمدادات الكهرباء؛ بسبب الأضرار التي لحقت بمحطة الطاقة وخزانات النفط، ولكنها لن تؤثر على قواعد اللعبة”. ويضيف المصدر أن ما يغير قواعد اللعبة هو “استهداف القيادة العليا في جماعة الحوثيين”.

كما أوضح مصدر يمني معارض لموقع ماكو N12، في 25 أغسطس 2025، أن الهجمات الإسرائيلية لن تحدث فرقًا ما دامت لا تستهدف قادة الحوثيين. ويضيف “إذا لم تستهدف الهجمات قادة الحوثيين -فهي بلا جدوي، وتأثيرها محدود. الحوثيون ليسوا سوى ذيول لإيران. ولا يكترثون بالشعب اليمني، وبنيته التحتية، واقتصاده”. وقال: “يجب التعامل مع الحوثيون وسائر أذناب إيران كما جرى التعامل مع حسن نصر الله وحزب الله، هذه هي الطريقة الوحيدة”.

واستعرض موقع والا العبري، في 25 أغسطس 2025، ما صرح به مصدر إسرائيلي لقناة الحدث “السعودية” بأن إسرائيل أنشأت بنك أهداف استخباراتي، وستكثف هجماتها على الحوثيين إذا واصلوا إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وبحسب قوله، سيستمر الحصار البحري والجوي، وقد تسببت الهجمات بالفعل في أضرار اقتصادية جسيمة.

جدير بالذكر أن العميد الاحتياطي ران كوخاف، القائد السابق لمديرية الدفاع الجوي، قال على إذاعة radio103fm، في 25 أغسطس 2025، تعليقًا على هجمات الحوثيين الأخيرة على إسرائيل “مع أنني لم أشارك في إجراءات التحقيق، إلا أنني لا أعتقد أنه صاروخ انشطاري أو حتى صاروخ متطور”. ويضيف بشأن استمرار هذه الهجمات على إسرائيل “إن هذا الواقع اليومي بات غير محتمل ويجب وقفه”.

بينما قال آفي أشكنازي[5]، على إذاعة radio103fm، في 25 أغسطس 2025، “إن هذه الصواريخ التي تطلق علينا هي صواريخ إيرانية تحت تصرف الحوثيين، والتوقيت هو توقيت إيراني بكل معنى الكلمة، لذا فإن الحرب هنا يجب أن تكون موجهة أكثر نحو إيران، التي تواصل تشغيل وكلاء لها في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.


الجيش الإسرائيلي يبحث في سبب تفكك الصاروخ اليمني

ذكر موقع يسرائيل هيوم، في 23 أغسطس 2025، أن أول مرة جابه فيها الجيش الإسرائيلي صاروخًا برأس حربي انشطاري كان أثناء الهجوم الإيراني، وذكر الجيش الإسرائيلي آنذاك أنه لم يسبق له مواجهة أمر مماثل ميدانيًا.

في مثل هذا النوع من الحوادث، لا يسقط الصاروخ، بل يتشظى رأسه وتنبعث منه “قنابل” صغيرة. أثناء الهجوم الإيراني على إسرائيل، تناثرت القنابل الصغيرة في نطاق 8 كيلومترات. كل قنبلة من هذا النوع أصغر حجمًا من الصاروخ نفسه، إذ يتراوح وزنها بين 2.5 و2.7 كيلوجرام مع آلية التفجير بالاصطدام. أي أن القنبلة تنفجر عند ملامستها للأرض. ومن أشهر صواريخ هذا الطراز هو صاروخ خرمشهر-4 الإيراني، الذي كُشف عنه في مايو 2023.

كما أشار موقع معاريف، في 23 أغسطس 2025، إلى أن الجيش الإسرائيلي يحاول فهم سبب تفكك الصاروخ اليمني حتى قبل اعتراضه بصاروخ “حيتس”. وفي الوقت نفسه، يجرى التحقيق بشأن نوع الرأس الحربي -هل هو رأس حربي يزن عشرات إلى مئات الكيلوجرامات من المتفجرات، أم رأس حربي انشطاري، كالتي أطلقته إيران في عدة هجمات على إسرائيل في عملية “عام كلافي” قبل نحو شهرين.

يُؤكد سلاح الجو الإسرائيلي أن الصاروخ المجهز برأس حربي انشطاري أقل ضررًا على إسرائيل، لأنها لو أخفقت في اعتراضه فإن رؤوسه الحربية لا تخترق وسائل الدفاع.

وبحسب تقديرات إسرائيلية، ذكر موقع والا العبري، في 23 أغسطس 2025، أنه لو ثبت عمليًا استخدام رأس حربي انشطاري، فيجب إعادة النظر في سياسة الاعتراض.


البحرية الإسرائيلية هاجمت البنية التحتية للطاقة الخاضعة للحوثيين

قال دين شموئيل ألماس[6]، على موقع جلوبس، في 17 أغسطس 2025، إن البحرية الإسرائيلية هاجمت فجر الأحد البنية التحتية للطاقة التي تستخدمها جماعة الحوثيين في اليمن، على بُعد حوالي ألفي كيلومتر من سواحل إسرائيل. نُفذت الهجمات في منطقة صنعاء، في محاولة لزيادة الضغط على وكلاء إيران في اليمن لثنيهم عن إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على إسرائيل. كيف نفذت البحرية الهجوم؟ هل هو هجوم غير مسبوق؟ وماذا تتضمن ترسانة إسرائيل البحرية؟

فيما يتعلق بطريقة تنفيذ الهجوم البحري في اليمن، ذكر الموقع أن سفينة متمركزة في البحر الأحمر، بقيادة ساعر 6، هي التي نفذت الهجوم. بوجه عام، تُشغّل البحرية الإسرائيلية 15 زورق صواريخ ضمن غواصات “شايطت 3″، من الطرازين 4.5 و5، والأهم من ذلك -ساعر 6 الجديدة. إن الهدف الأساسي من سلسلة ساعر 6 هو حماية منصات الغاز.

أشار الموقع إلى أن السفن مجهزة برادارات متطورة، وأنظمة دفاع نوعية، وفي الوقت نفسه، تحمل قبة دفاع بحرية تعتمد على نظام القبة الحديدية، الذي يعد جزء لا يتجزأ من نظام الدفاع الجوي الشامل.

في ديسمبر 2023، اكتملت عملية بناء السفينة الرابعة والأخيرة من سلسلة ساعر 6، التي استمرت لأكثر من عامين. على النقيض من مهمة ساعر 6 الأصلية، ظاهريًا، أرسلت إسرائيل في ذلك الوقت رسالة إلى طهران والميليشيات الموالية لها، وجماعة الحوثيين، مفادها أنها نشرت شايطت 3 في منطقة البحر الأحمر، للتصدي للعدو من الجنوب والشرق -مع 1000 مقاتل في البحر.

لفت الموقع إلى أنها ليست المرة الأولى التي تُستخدم فيها ساعر 6 لأغراض هجومية، بل استُخدمت في لبنان واليمن.

بشأن الوسائل العملياتية الأخرى التي تمتلكها إسرائيل في البحر، ذكر الموقع أن إسرائيل لديها تحت البحر غواصات من طراز “دولفين AIP”، وتشغلها شايطت 7. يمكن أن يصل مداها عند الغوص إلى اليمن، ويتضاعف مداها فوق سطح البحر. أي، إنها ليست قادرة على شن هجمات في اليمن فقط، بل أيضًا في المنطقة الإيرانية.


إسرائيل تدفع الثمن باهظًا

في سياق متصل، تطرق ألماس إلى تصريحات وزير الدفاع يسرائيل كاتس، في 17 أغسطس 2025، التي توعد فيها الحوثيين قائلًا: “سيدفع الحوثيون الثمن مضاعفًا مقابل أي محاولة لقصف إسرائيل. نفرض عليهم حصارًا جويًا وبحريًا مؤلمًا للغاية، وقد هاجمنا هذا الصباح أهدافًا للبنية التحتية والطاقة. إنها مجرد البداية”.

وغرد في 19 ديسمبر، عن مبعوثي إيران في اليمن، قائلًا: “من يضربنا سيُضرب سبعة أضعاف”.

قال ألماس فيما يتعلق بمسألة “دفع الثمن مضاعفًا” وحتى “السبعة أضعاف”: إن إسرائيل هاجمت اليمن، منذ بداية حرب “السيوف الحديدية”، 14 مرة. أي 14 هجومًا في 680 يومًا، أي بمعدل هجوم كل 48 يومًا. هذا بالمقارنة مع إطلاق 70 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل في 152 يومًا، أي صاروخًا باليستيًا كل يومين. هذا لا يشمل حتى الطائرات المسيّرة. وأشار إلى أن مواطني إسرائيل هم من يدفعون هذه الأثمان الباهظة. وعلى إسرائيل أن تدرك أنها التي تدفع “الثمن باهظًا” لجهلها باليمن.

وذكر أن وزير الدفاع يمكنه الإدعاء أن إسرائيل تفرض حصارًا جويًا وبحريًا على الحوثيين، لكن يتضح جليًا أن الهجمات الإسرائيلية في اليمن لا تزال نابعة من جهل استخباراتي وتصور غربي خاطئ. ولماذا؟ قبل نحو أسبوع، أفادت قناة سكاي نيوز بالعربية أن “المقاومة الوطنية اليمنية”، المناهضة للحوثيين، ضبطت 750 طنًا من الأسلحة، ومن بينها أسلحة كيميائية، أرسلها الحرس الثوري إلى صنعاء عبر طرق مختلفة -عبر آسيا وأفريقيا.

وقال ألماس إن إسرائيل لديها ثلاثة خيارات فقط مطروحة على الطاولة؛ لحل مشكلة الحوثيين:

  1. العملية البرية – لا يمكن تطبيقها حاليًا، لأن القتال في غزة لا يزال في أوجه، وتنشر قوات برية في القطاع، ومن الواضح أنه لا يمكن إرسال قوات كبيرة على بُعد ألفي كيلومتر.
  2. وقف إطلاق النار -وهو الحل الذي تتجلى أهم ثماره في عودة رهائننا، ولكنه سيمنح الحوثيين أيضًا فرصة إثبات “قلنا لن نتوقف إلا إذا توقفت الحرب في غزة، وقد فعلنا”.
  3. توجيه ضربة قاضية لإيران.

خيارات إسرائيل لمجابهة تهديد الحوثيين

قالت نوعا لازيمي[7]، على صفحة معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية في موقع x، في 20 أغسطس 2025، إن الحوثيين نجحوا في ترسيخ مكانتهم باعتبارهم فاعل إقليمي مؤثر مع أنهم كانوا في البداية تهديدًا محليًا. وإذا لم تُكبح جماحهم، فقد يتحولون إلى معضلة استراتيجيًا كبيرة لإسرائيل.

وأشارت لازيمي إلى أن الحوثيين تمكنوا -بفضل أيديولوجية متطرفة وقدرة على المناورة في النسيج القبلي والسياسي اليمني -من اكتساب الشرعية داخليًا وخارجيًا، وتنويع مصادر أسلحتهم -بما في ذلك من روسيا والصين.

لمجابهة تهديد الحوثيين، يجب على إسرائيل التحرك على أكثر من صعيد بالتوازي:

  • الاستعداد المستقل –يجب تطوير قدرات عسكرية واستخباراتية؛ لشن حملة طويلة الأمد لاستهداف الحوثيين دون الاتكال على الدعم الخارجي.
  • هجمات استباقية -مهاجمة الموانئ والبنية التحتية والشخصيات البارزة بشكل منهجي، وتعطيل المساعدات الإيرانية، بما في ذلك إلحاق الأضرار بالسفن والأصول.
  • الضغط السياسي -إقناع الولايات المتحدة أن الحوثيين جزءًا من الحملة التي تستهدف إيران، وتشجيع التدخل الأمريكي المباشر.
  • تعزيز القوة البحرية -تحويلها إلى قوة هجومية إقليمية بسفن كبيرة، وقدرة تشغيلية بعيدة المدى.
  • قدرات متقدمة -تطوير وتجهيز صواريخ باليستية دقيقة متوسطة وبعيدة المدى.

الجيش السعودي قادر على هزيمة الحوثيين وإعادة استقرار الملاحة البحرية

تناول موقع جيروزاليم بوست مقالًا، في 31 يوليو 2025، أشار فيه إلى وجود جيش شرق أوسطي قادر على سحق “الإرهابيين” الحوثيين في اليمن، ووقف هجماتهم الفتاكة على ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر، وضرباتهم الصاروخية على إسرائيل.

أشار المقال إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية ليست سوى مرحلة أولى، وأن ثمة حاجة إلى قوات برية، حيث يمكن لجيش كبير ومجهز تجهيزًا جيدًا ومستعد للتحرك أن يحل هذه المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد. يضم هذا الجيش 480 ألف جندي في الخدمة الفعلية، و325 ألف جندي احتياطي، وتبلغ ميزانيته السنوية نحو 70 مليار دولار، ويمتلك أسطولًا ضخمًا من طائرات الهجوم المتطورة، وما يقرب من ألف دبابة، وآلاف ناقلات الجند المدرعة. إنها إسرائيل، أليس كذلك؟ لا، إنها السعودية المجاورة لليمن.

يبلغ عدد سكان السعودية نحو أربعة أضعاف عدد سكان إسرائيل، وميزانية دفاعها زهاء ثلاثة أضعاف ميزانية الدفاع الإسرائيلية، وجيشها ثلاثة أضعاف عدد جنود الجيش النظامي، ونفس عدد جنود الاحتياط تقريبًا. هذا لا يعني أن جيشها أفضل من إسرائيل، ولكنه أكبر؛ كبير بما يكفي لتنفيذ المهام الموكلة إليه.

عادةً ما نسمع عن الجيش السعودي فقط عندما تعلن الولايات المتحدة عن أحدث صفقة أسلحة بمليارات الدولارات مع المملكة، وتظهر إسرائيل وداعموها رد فعل قوي وصاخب. في النهاية، كل تلك المعدات العسكرية المتقدمة متوفرة وعلى أهبة الأستعداد إذا كان لدى السعودية الدافع لاستخدامها. لقد حاربت السعودية الحوثيين بالفعل مرة واحدة. اندلعت اشتباكات عبر الحدود عام 2009، واستمرت على فترات متقطعة لعقد من الزمان.

أطلق الحوثيون صواريخ على السعودية، أصاب أحدها المطار الرئيسي، وأرسل السعوديون قوات إلى اليمن للقضاء على “الإرهابيين” المدعومين من إيران. انسحب السعوديون، وهم يجرون أذيال الخيبة، بعد اتفاق وقف إطلاق النار عام 2018. لم تكن الهزيمة بسبب نقص القوة النارية، بل لعدم الجدية.

ما الذي تغير إذن؟ ما الذي قد يدفع السعوديين إلى المحاولة مجددًا والمضي قدمًا هذه المرة؟ لقد ضعفت إيران، عدو السعودية اللدود، إلى حد كبير في حروبها مع إسرائيل، حيث فقدت وكلاءها في لبنان وغزة، وتكبدت هزيمة مذلة جراء الغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية. بالتوازي مع ذلك، يتشكل محور جديد في الشرق الأوسط، مما يُعقّد الصورة القديمة للمسلمين السنة بقيادة السعودية ضد الشيعة بقيادة إيران: تركيا تلعب دور القوة الإقليمية إلى جانب إيران. تركيا كانت دولة سنية علمانية، قادها رئيسها القوي، رجب طيب أردوغان، إلى الإسلام المتطرف. هذا يشكل خطرًا وفرصة في آنٍ واحد للسعودية وقائدها المُتطلع للمستقبل، محمد بن سلمان.

دعم إيران المُستمر للجماعات الإرهابية

تُواصل إيران تسليح الحوثيين، بينما يُمثل المحور التركي الإيراني تهديدًا لجبهة السعودية من جهة، ومن جهة أخرى، تُمثل هذه فرصةً لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لتأكيد ريادة السعودية في المنطقة باعتبارها قوة مُضادة للمحور الجديد. لماذا يفعل ذلك؟ لماذا لا يترك الأمور كما هي ويراقب التهديدات المُحتملة التي قد يكون لها أثر عليه أو لا؟ ولأنه قادر على ذلك، يُريد محمد بن سلمان إحداث تأثير. هنا يأتي دور إسرائيل.

لكي تتخذ السعودية موقفًا إقليميًا إيجابيًا، يجب على ابن سلمان، الموافقة على الانضمام إلى اتفاقيات إبراهام التاريخية، وهي اتفاقيات سلام بين إسرائيل وكثير من الدول العربية المُجاورة للسعودية. قد يؤدي ذلك إلى تشكيل تحالف باعتباره قائد بارز في المنطقة، ولكي يتحقق ذلك، يجب أن تنتهي الحرب في غزة. إذا أخذنا في الاعتبار الفوائد المحتملة التي قد تعود على إسرائيل من قوة عربية معتدلة بقيادة السعودية لتحل محل جبهة الإرهاب الإيرانية، فإن إنهاء الحرب ينبغي أن يكون الأولوية القصوى لإسرائيل بدلًا عن “النصر الكامل” الذي يتعذر تحقيقه، و”المفاوضات” التي لا نهاية لها وغير المثمرة مع حماس، التي لا ترى مصلحتها في السماح للإسرائيليين بالخروج من الانهيار الدولي الذي تسببوا فيه.

إحدى فوائد التدخل السعودي هي توفير “أفق سياسي” للفلسطينيين، أي إشارة إلى قيام دولة فلسطينية. لن توافق القيادة الإسرائيلية الحالية على ذلك أبدًا، مع أن الفلسطينيين أثبتوا مرارًا أنهم لا يريدون دولة تعيش بسلام مع إسرائيل، بل يريدون دولة تعيش بسلام بدون إسرائيل. لذا، فإن هذا الأفق بعيد المنال لدرجة أن تلسكوب هابل الفضائي لم يستطع رصده.

يمكن لتحالف معتدل بقيادة السعودية أن يتولى إعادة إعمار غزة والسيطرة على “الإرهابيين”. قد يؤدي ذلك حتى إلى حل دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، يفرضه التحالف، ونأمل أن يتحقق ذلك بالتعاون مع إسرائيل. الخطوة الأولى في هذه العملية هي القضاء على تهديد الحوثيين، وإعادة توحيد اليمن تحت الحماية السعودية. إنها خطوة جيدة مبدئيًا.


الهند وحدها قادرة على كبح جماح الحوثيين

تناول موقع زمان يسرائيل، في 22 يوليو 2025، مقالًا بشأن هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، وذكر أن أساليبهم الحربية أصبحت أكثر وحشية من تلك التي ألفها العالم منذ نوفمبر 2023. الآن، أصبح البحارة أنفسهم أهدافًا مباشرة، ومعظم الضحايا من مواطني الدول الغربية.

قد تشير هذه الحقيقة إلى فرصة -وخاصةً لدولة غير غربية -للتدخل ومحاولة كبح جماح هذه الوحشية. هل الهند قادرة على سد هذه الثغرة الناشئة؟ هل تُمثل تكتيكات الحوثيين القتالية الجديدة فرصة جيوسياسية لها؟

أشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة حاولت كبح جماح هجمات الحوثيين عبر اعتراض الصواريخ، وشن غارات جوية على أهداف حوثية، كما تتعامل بريطانيا، ودول أوروبية أخرى، شركاء في التحالف الأمريكي، بنفس الطريقة.

تواصل الأساطيل الأوروبية وعملية “أسبيدس” التابعة للاتحاد الأوروبي، حماية السفن التجارية في البحر الأحمر -ليس لأن السفن الأوروبية لا تزال تستخدم هذا الطريق (معظمها قد تحول بالفعل إلى الطريق الطويل) -ولكن لأنه الخيار الأمثل، لكن كل هذه الجهود لم تردع الحوثيين، ولأنهم يسعون إلى جذب الانتباه العالمي، سيواصلون مهاجمة السفن -بل وإلحاق أذى جسدى بالطاقم. ينبغي أن يكون هذا الأمر مصدر قلق خاص للهند -ثالث أكبر مورد للبحارة في العالم (بعد الفلبين وروسيا).

بالإضافة إلى ذلك، لدى الهند أسطول بحري ضخم، أثار إعجاب المجتمع الدولي أخيرًا عندما أنقذ بشجاعة بحارة أسرهم قراصنة صوماليون. الهند أيضًا، بالطبع، قوة سياسية متنامية.

يمكن للهند أن تلعب دورًا مهمًا في الفوضى الدموية المستعرة حاليًا في البحر الأحمر. معظم السفن التجارية الآن فيها ما لا يقل عن بحار هندي واحد. مع أن الهند، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، إلا أنها لم تحذُ حذو الفلبين في منع السفن التي يقودها الهنود من دخول البحر الأحمر، فإن مثل هذه الخطوة لها رسالة قوية.

بدلًا من ذلك، يُمكن للهند، بأسطولها الذي يضم نحو 130 سفينة، أن تختار التحرك عسكريًا. يُمكنها الانضمام إلى عملية أسبيدس وإرسال سفنها الخاصة إلى المنطقة، ومن المؤكد أن العملية الأوروبية، التي اقترحت أخيرًا توسيع التعاون مع البحرية الهندية في مكافحة القرصنة، سترحب بمثل هذه المبادرة.

إذا بدأت البحرية الهندية في مرافقة السفن عبر البحر الأحمر بانتظام، وحمايتها من هجمات الحوثيين، لكان من الأصعب على الحوثيين الادعاء بأنهم يقاتلون الغرب فقط. في ضوء حقيقة أن البحرية الهندية تعمل بالفعل على مقربة نسبية، قبالة سواحل الصومال، فإن انتشارها في البحر الأحمر سيكون خطوة متوقعة.

لن تضطر الهند حتى إلى تشكيل تحالف رسمي مع الاتحاد الأوروبي أو أية هيئة جيوسياسية أخرى، ففي ذروة أزمة القرصنة أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تعاونت دول عديدة -من بريطانيا إلى الصين -لحماية الملاحة قبالة سواحل الصومال، حتى بدون قيادة مشتركة أو تحالف سياسي ملزم. إنه نموذج يمكن تطبيقه الآن.

في الواقع، قد تكون العملية في البحر الأحمر فرصة للهند لإظهار قوة أسطولها البحري العميق، وإثبات قدرتها على معالجة القضايا الدولية الملحة. في هذه الحالة، يمكن لنيودلهي أن تأخذ زمام المبادرة في معالجة أزمة فشلت أعتى قوة في العالم من كبحها.

إن مرافقة البحرية الهندية وحدها قد لا تجعل البحر الأحمر بأكمله منطقة آمنة، لكنها كفيلةٌ بجعل خليج عدن آمنًا بما يكفي، بحيث لا يضطر البحارة إلى الخوف على حياتهم في كل مرة يعبرون فيها. لو اختار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، هذه الخطوة، فإن دولًا وكثير من شركات الشحن والبحارة سوف يدينون له بذلك.


الحوثيون: الذراع البحرية غير الرسمية لأردوغان

قال شاي جال[8]، على موقع يسرائيل هيوم، في 11 أغسطس 2025، إن الرئيس التركي أردوغان، دأب في العقد الأخير، على تبني مسار مزدوج: الترويج لـ”الممر الأوسط” -وهو شريان بري يربط آسيا بأوروبا بدلًا عن طرق التجارة التي تمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس -وفي الوقت نفسه تخريب الأمن الملاحي في مضيق باب المندب، لتقليل جاذبية الممرات البحرية، معتمدًا على الحوثيين في اليمن.

تبلورت هذه العلاقة عام 2024، عندما حال أردوغان دون استكمال تحقيقات حساسة تتعلق بشبكات إيرانية تعمل في تركيا، وسمح لفيلق القدس بإنشاء شركات وهمية وفتح قنوات تمويل ومشتريات -وهي بنية تحتية جرى توظيفها لاحقًا للتعاون غير المباشر مع الحوثيين.

صنفت وزارة الخزانة الأمريكية شبكة “Al Aman” في إسطنبول -وهي حلقة وصل مركزية في مجموعة سعيد الجمل -عام 2022، باعتبارها محور تمويل للحوثيين.

كشفت تقارير الأمم المتحدة عن سلسلة مشتريات: نقلت شركات وموانئ تركية أجهزة استشعار ألمانية إلى مصانع إنتاج في إيران. ومن هناك، هُرّبت إلى اليمن، وعُثر عليها في بقايا صواريخ الحوثيين التي استُخدمت في هجوم سبتمبر 2019، على منشآت النفط في بقيق بالسعودية، وفي الهجمات على الإمارات، وفي القصف على إسرائيل.

حسب الموقع، تستفيد تركيا على ثلاثة مستويات:

  • الأمن -إضعاف الملاحة وزيادة تكاليف التأمين.
  • السياسة -مساعدة وكيل إيراني يضر بإسرائيل ويضعف السعودية والإمارات ومصر، بينما يعزز قطر.
  • الاقتصاد -تعزيز الممر البري من الصين عبر آسيا الوسطى، وبحر قزوين، وأذربيجان، الذي سيُضاف إليه ممر زانجيزور في اتفاقية السلام بين أذربيجان وأرمينيا، وقد أطلق عليه ترامب اسم “ممر السلام”، ويربط أذربيجان بجيبها ناخچيوان، المتاخمة لتركيا، عبر أرمينيا، التي تفصل بينهما.

كما تمتلك تركيا قاعدة في الصومال على شواطئ خليج عدن، وتحاول استئجار ميناء سواكن في السودان، وهي خطوات تضعها على أبواب البحر الأحمر للحد من حركة الشحن.

إن التحالف بين أردوغان والحوثيين -الذي كشفته أجهزة الاستخبارات في إسرائيل والغرب وشبه الجزيرة العربية -ليس تحالفًا مبنيًا على المصلحة المشتركة، إنما على مبدأ “أزمة تحت السيطرة”: السيطرة على باب المندب لتحويل تركيا إلى محور تجاري رئيسي، بحيث يؤدي الحوثيون دور الذراع البحري غير الرسمي لها، لدفع حركة الملاحة إلى الممر البري، مع الحفاظ على التوتر دون مستوى الصراع المباشر.

إن دعم تركيا للحوثيين، المباشر وغير المباشر، ينتهك قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي يحظر تزويدهم بالأسلحة ومساعدتهم، واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، واتفاقية الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب (1999). تُشكل هذه الانتهاكات أساسًا لفرض عقوبات، وقيود تجارية، وتعليق التحالفات.


نظام الليزر الإسرائيلي يدخل مرحلةً دراماتيكية

قال أمير بوحبوط، على موقع والا العبري، في 15 أغسطس 2025، إن المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، اللواء أمير برعام، وجه مؤخرًا بالإسراع في برامج البنية التحتية لتطوير وإنتاج أنظمة الدفاع الجوي، ومن بينها “حيتس 3” و”حيتس 4″، والقبة الحديدية، و”العصا السحرية”، ونظام الليزر الأرضي، ومختلف أنواع الرادارات، وغيرها من التقنيات السرية.

وأشار بوحبوط إلى أن توجيه المدير العام “برعام” يأتي على خلفية التهديدات الإيرانية بالرد على عملية “عام كلافي”، واستمرار إطلاق الحوثيين للصواريخ من اليمن، ونتائج التحقيقات المختلفة التي أجراها الجيش الإسرائيلي، ومنظومة الدفاع الجوي، وإدارة أبحاث وتطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية.

قال بوحبوط أيضًا، إن المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية يُولي أهمية بالغة للتعاون مع القيادة المركزية الأمريكية، والجيوش الأجنبية العاملة في الشرق الأوسط، لتعزيز القدرة على بناء “صورة جوية” أدق، وتطوير أنظمة الإنذار المضادة للصواريخ والطائرات. صرّح مصدر أمني لموقع والا: “لقد أُحرز تقدم ملموس في هذا الشأن. أدرك الجميع أهمية تبادل المعلومات والعمليات بعد رؤية أداء الجيش الإسرائيلي”.

جدير بالذكر أن آفي أشكنازي قال، على موقع معاريف، في 10 أغسطس 2025، إن رئيس شركة رافائيل، يوفال شتاينتز، أزاح الستار عن كشفٍ مذهل: سوف يدخل نظام الليزر المركزي “ماجن أور” حيز التشغيل الفعلي في فترة زمنية تقدر بين أربع إلى خمس سنوات، وسيكون قادرًا على اعتراض الصواريخ بعيدة المدى التي تطلق من إيران واليمن، كما ستتمكن أنظمة الليزر الإسرائيلية من اعتراض أي تهديد جوي -صواريخ أو طائرات.

قال شتاينتز، “أثناء الحرب، شغّلنا جهاز ليزر واحد اعترض عشرات الطائرات المسيّرة”. سمحت الرقابة الإسرائيلية أخيرًا بالكشف عن تفعيل نظام الليزر “ماجن أور”، المخصص للحماية من التهديدات الجوية، أثناء حرب “السيوف الحديدية” في منطقة الحدود الشمالية، وقد باشر النظام عمله أثناء القتال، ونجح في اعتراض عشرات الأهداف الجوية.

أفاد تقريرٌ صادرٌ عن معهد ألما للأبحاث أن المناطق الحدودية مع غزة، ولبنان، وسوريا تُعدّ أهدافًا مثاليةً لنظام الليزر، الذي ظل قيد التطوير نحو 20 عامًا.[9]

وقال أشكنازي إن نظام الليزر وفقًا للتقرير الذي كتبه الباحث يعقوب لابين سيدمج مع بطاريات القبة الحديدية، التي تُصنّعها أيضًا شركة رافائيل. تعتمد آلية عمله على تحديد خوارزميات نظام القيادة والتحكم في القبة الحديدية توقيت تفعيل الليزر ولحظة إطلاق الصواريخ الاعتراضية الحركية للقبة الحديدية. بعض الصواريخ الاعتراضية مُجهزة بكاميرات خاصة، بينما يُوجَّه البعض الآخر بالرادار.

يُمكن لنظام الليزر -شأنه شأن القبة الحديدية -اعتراض الصواريخ، وقذائف الهاون، والطائرات المُسيَّرة، والصواريخ. مع ذلك، جرى تصميم نظام الليزر ليكون نظامًا مُكمِّلًا للقبة الحديدية، وليس بديلًا عنها. مع أن القبة الحديدية تُمكِّنت من اعتراض كثير من التهديدات، إلا أن نظام الليزر يتمتع بعدد من المزايا النسبية، أهمها أن تكلفة تشغيله لا تتجاوز بضعة دولارات مقارنةً بمتوسط تكلفة صاروخ اعتراضي من طراز “تامير” التي تبلغ 50 ألف دولار. تُنفق الجماعة “الجهادية” في غزة، وحماس، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، ما بين 500 و1000 دولار على كل صاروخ تُصنِّعه، وفقًا لمداه وحجمه، مما منحها ميزة اقتصادية.


“التنين الصيني في رمال جنوب شبه الجزيرة العربية” -دور بكين في دعم الحوثيين في اليمن

قال سيرجي كونياشين، نائب القنصل العام الروسي السابق في صنعاء، للفترة (2010-2013)، على موقع شبكة NTD) New Tang Dynasty)، في 9 أغسطس 2025، إن الفضيحة المستمرة منذ أبريل 2025، والمتعلقة بشركة الأقمار الصناعية الصينية CGSTL تُثير عدة تساؤلاتٍ بشأن تورط الصين في حرب البحر الأحمر. تدعي واشنطن أن الشركة زودت الحوثيين بصور أقمار صناعية ساعدتهم في توجيه هجمات صاروخية وطائرات مُسيّرة على السفن الأمريكية وحلفائها. في الواقع، يتزايد قلق كثير من المحللين من تحوّل بكين تدريجيًا إلى راعٍ رئيسي للمتمردين اليمنيين.

إن ثمة اعتقاد سائد بأن إيران هي المصدر الأساسي لدعم الحوثيين، وتليها روسيا بدرجة أقل، لذلك، قد يكون إدراج الصين إلى قائمة الدعم تطورًا مفاجئًا للكثيرين. في الواقع، فضلت بكين، لفترة طويلة، عدم الانخراط المباشر في الصراع اليمني، مُعلنةً الحياد والمطالبة بحل سلمي فقط. ولكن بدأت الصين، في السنوات الأخيرة، في تقديم دعم كبير للحوثيين، مما عزز قدراتهم العسكرية إلى حد كبير، ومن هنا باتت الصين فعليًا على سماط واحد مع إيران وروسيا في دعم المتمردين اليمنيين. تكمن أسباب هذا التغيير أساسًا في مصالح بكين واستراتيجياتها في المنطقة، ومواجهتها العالمية مع الولايات المتحدة.

رسميًا، تعترف الصين بالحكومة اليمنية، وتصوّت دائمًا لصالح قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الداعمة لوحدة أراضي البلاد، لكن خلف الكواليس، يرتبط الصينيون بعلاقات وثيقة مع قادة “الإرهاب” اليمني.

أرجع كونياشين تفسير ذلك إلى أن الصين تتبع أساسًا النهج البراغماتي، وقال إن الصين تسعى -باعتبارها قوة تستورد كميات كبيرة من النفط من الشرق الأوسط -إلى ضمان سلامة سفنها التجارية المارة عبر البحر الأحمر. وفقًا لتقرير صادر عن المجلس الأطلسي، أجرت قيادة الحوثيين عام 2023، اتصالات مباشرة مع مسؤولين صينيين في عُمان، واتُفق بعدها على ترتيبات أمنية للسفن التي ترفع العلم الصيني. في الواقع، منذ نهاية العام 2023، عندما بدأ الحوثيون مهاجمة السفن الأجنبية على نطاق واسع، مطالبين إنهاء الحرب في غزة، عبرت جميع السفن الصينية وأطقمها “الممر المائي الخطير دون أي معوقات تذكر”.

نتيجةً لذلك، ارتفعت حصة الصين بينما انخفض عدد السفن التجارية العابرة للبحر الأحمر بأكثر من 70%. لاحظ كثير من المراقبين الدوليين على الفور أن هذا التطور يبدو انتقائيًا للغاية، على نحو لا يمكن اعتباره مصادفة.

مع ذلك، لا تقتصر علاقات الصين مع الحوثيين على الاتفاق البحري. ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن بكين تسعى جاهدة لزيادة مساعداتها العسكرية والتكنولوجية للمتمردين اليمنيين، ومن بينها الأسلحة، والإلكترونيات، والبرمجيات، وحتى تبادل المعلومات الاستخباراتية.

في أبريل 2025، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على الشركة الصينية Chang Guang Satellite Technologie Co (CGSTL)، التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، لمساعدتها جماعة الحوثيين اليمنيين سرًا. وفقًا لواشنطن، زوّدت الشركة الحوثيين بصور أقمار صناعية مكنتهم من تنفيذ هجمات دقيقة على السفن الأمريكية وحلفائها في البحر الأحمر. صرحت وزارة الخارجية الأمريكية صراحةً بأن “شركة CGSTL تدعم بشكل مباشر هجمات الحوثيين، الموالين لإيران، على المصالح الأمريكية”، وأعربت عن احتجاجها لدى بكين لعدم وقف أنشطة “شريكها” في الشرق الأوسط. كما هو متوقع، أنكرت الصين جميع الاتهامات، مدعية عدم ارتباطها بعلاقات وثيقة مع الحوثيين.

في الوقت نفسه، تزعم المخابرات الأمريكية امتلاكها أدلة دامغة على وجود شبكات كاملة من الشركات الصينية التي تزوّد الحوثيين بمعدات عسكرية حيوية. على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة، في أكتوبر 2024، عقوبات على مصنعين صينيين آخرين: شركة Shenzhen Rion Technology وشركة Shenzhen Jinghon Electronics، اللتين ثبت تورطهما في تزويد الحوثيين بمئات المكونات المخصصة لأنظمة توجيه الصواريخ والطائرات المسيّرة. في يونيو 2024، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية عددًا من الشركات الصينية والعمانية في القائمة السوداء، لأنها ساعدت الحوثيين في شراء منتجات ومعدات عسكرية لإنتاج الأسلحة.

من بين الشركات الصينية المصنفة في هذه القضية شركة Guangzhou Tasneem Trading Company، التي جرى من خلالها شراء الأسلحة ونقلها إلى اليمن. وورَّدت شركة .Ningbo Beilun Saige Machine Co، مواد للطائرات المسيّرة وأسلحة أخرى؛ كما زودت شركة .Dongguan Yuze Machining Tools Co، جماعة الحوثيين آلات وأدوات لازمة لإنتاج الأسلحة محليًا.

تؤكد التحقيقات المستقلة تنامي “البصمة الصينية” في أسلحة الحوثيين. عام 2023، ذكر مركز أبحاث تسليح الصراعات أنه عُثر في شظايا طائرات مسيّرة حوثية استُخدمت في هجمات بالبحر الأحمر، على أجزاء خلايا وقود هيدروجينية صينية الصنع. وفي 25 مارس 2025، جرى اعتراض حوالي 800 مروحة طائرة مسيّرة عليها رموز صينية على الحدود اليمنية العمانية. تجدر الإشارة إلى أنها كانت مطابقة تمامًا للتي يستخدمها الحوثيون، والميليشيات الموالية لإيران في العراق، وحتى القوات الروسية في أوكرانيا.

تشير مصادر رسمية غربية ويمنية (أي من الحكومة اليمنية المعترف بها رسميًا، التي تقاتل الحوثيين) منذ بداية العام 2025، إلى أن الحوثيين يمتلكون كميات كبيرة من الأسلحة الصينية الصنع أكثر من أي وقت مضى. لقد اعتمدوا سلفًا بشكل أساسي على الطرازات الإيرانية والسوفيتية (الروسية) القديمة. كما تحسنت دقة ضربات الحوثيين إلى حد كبير، ومن الواضح أن الأقمار الصناعية الصينية ومعدات رسم الخرائط ساعدتهم في توجيه صواريخهم وطائراتهم المسيّرة بدقة أكبر. يدّعي ممثلو وزارة الخارجية الأمريكية علنًا أن بكين، تحت ستار التصريحات المحايدة، تُزوّد الحوثيين في الواقع بمجموعة كاملة من الأدوات لشن الحرب.

لماذا تدعم الصين باستمرار إحدى أكثر الجهات الفاعلة عزلةً وخطورةً في العالم؟ حسب الكاتب، هناك سببان رئيسيان لذلك:

  • إلحاق الضرر بنفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط. يُقدّم الحوثيون أنفسهم علنًا على أنهم مناهضين للهيمنة الأمريكية، وتُصوّر الدعاية الصينية نجاحاتهم بأنها دليل على تراجع النفوذ الأمريكي عالميًا. هكذا، تُلحق بكين، بدعمها للحوثيين، الضرر بهيبة واشنطن دون الانخراط في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يُسفر عن تكاليف جيوسياسية باهظة.
  • تعزيز التحالف مع إيران. بعبارة أخرى، مصلحة جيوسياسية في تعزيز التحالف مع إيران، وهو ما اقتربت منه الصين إلى حد كبير في السنوات الأخيرة. في 27 مارس 2021، وُقّعت اتفاقية شراكة استراتيجية في طهران بين البلدين لمدة 25 عامًا. لذلك، تُعزز الصين أيضًا بدعمها للمنظمات التابعة لإيران -وفي مقدمتهم الحوثيون -بشكل غير مباشر إيران نفسها، أقرب شريك جيوسياسي.

في ضوء الاتجاهات الحالية، يبدو أن الصين تنوي التدخل بفاعلية أكثر في الشؤون اليمنية لصالح الحوثيين، دون الإعلان رسميًا عن ذلك. إذا استمر تفاقم المواجهة بين الصين والغرب بقيادة الولايات المتحدة، فمن المرجح أن تصبح اليمن إحدى أكثر نقاط الاحتكاك سخونة في هذا الصراع. في هذه الحالة، يمكن للصين زيادة إمداد الحوثيين بالتقنيات ذات الاستخدام المزدوج، ومساعدتهم في صنع طائرات مسيّرة، أو أنظمة دفاع جوي أكثر تطورًا تحت غطاء السلع التجارية، وما شابه ذلك.

مع ذلك، نظرًا للتردد العام للدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لا يستبعد اتخاذ بكين خطوات أكثر جرأة -على سبيل المثال، استعدادها للتوسط في المحادثات بين السعودية والحوثيين. من الواضح أن مثل هذه الخطوة ستعزز إلى حد كبير صورة الصين باعتبارها صانعة سلام في الشرق الأوسط بأكمله، لا سيما في ضوء النجاح المماثل الذي تحقق مؤخرًا في تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران في مارس 2023.

على أية حال، يبدو أن بكين عازمة على ترسيخ مكانتها في جنوب شبه الجزيرة العربية، حتى لو تطلب ذلك إقامة علاقات مع الحوثيين. علاوة على ذلك، فإن التطور المحتمل للعلاقات الصينية الحوثية يتوافق بشكل طبيعي مع مفهوم النظام العالمي البديل الناشئ، على الأقل كما يُنظر إليه في بكين أو طهران أو موسكو.

بالنسبة لليمن نفسها، يُعد النفوذ المتنامي للجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية، مثل الصين، مؤشرًا سيئًا للغاية. من ناحية، سيتمكن الحوثيون عبر الدعم الإيراني والروسي، والآن أيضًا من الصين، من مقاومة منافسيهم الكُثر بكفاءة أعلى، وضمان استمرار سيطرتهم على الأراضي الخاضعة لهم، ومن ناحية أخرى، مثل هذه العلاقات الخارجية سوف تعقد للغاية من المصالحة بينهم وبين فاعلين آخرين، وسيكون لدى الفاعلين مبررات كثيرة للغاية للشك في أن الحوثيين لا يتصرفون باستقلالية، وأن طهران أو موسكو أو بكين، بأهدافها وطموحاتها الإمبريالية وغيرها، هي القوة المحركة لهم. هذا يعني استمرار الحرب التي لا نهاية لها في الشرق الأوسط.


الفلسطينيون مجرد ذريعة: الهدف الحقيقي وراء تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر

قالت نوعا لازيمي، على موقع معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، في 4 أغسطس 2025، إن تحذير جماعة الحوثي أخيرًا -بأن أي سفينة مملوكة لشركة لها علاقات تجارية مع إسرائيل، بصرف النظر عن جنسيتها أو وجهتها النهائية، قد تكون هدفًا للهجوم، يعد تصعيدًا في تهديدات الجماعة اليمنية.

قالت لازيمي إن توقيت التصعيد الحالي ليس عشوائيًا، إنما هو تعبير عن العواقب الوخيمة الناجمة عن ضعف المجتمع الدولي في مواجهة الجماعات الإرهابية. تُكافئ الدول الأوروبية حماس وينشرون شعارات حملة التجويع الزائفة على كل منصة ممكنة، بينما تتجاهل تمامًا المجاعة الوحيدة الحاصلة فعليًا -وهي تجويع المخطوفين، ويتزايد دعم الإرهاب عبر إعلان الاعتراف بدولة فلسطينية -وإن كان رمزيًا فحسب -إذ لا تملك الجمعية العامة صلاحية إقامة دولة -وهو ما يمنح حماس قوة إضافية لتعزيز موقفها، ورفض أية تنازلات في المفاوضات مع إسرائيل.

هذه الرسائل لا تقتصر على غزة فحسب، بل يتردد صداها بقوة في صنعاء أيضًا. يرى الحوثيون، الذين ينشطون بدعم إيراني، في الأجواء المعادية لإسرائيل أرضًا خصبة لتعزيز مكانتهم المحلية والإقليمية، ويرون في الموقف الدولي الداعم لحماس وانتقاد إسرائيل حافزًا لتكثيف أنشطتهم، بدعوى التضامن مع الشعب الفلسطيني. لهذا السبب، ورغم وقف إطلاق النار الذي عقدوه مع ترامب في مايو، وانتهكوه أخيرًا بإغراق سفينتين يونانيتين، فإنهم يمثلون مجددًا تهديدًا حقيقيًا لحرية الملاحة الدولية.

بغض النظر عن الدوافع الأيديولوجية والدينية، فإن ارتباط الحوثيين بالفلسطينيين (وإيران) يُساعدهم على تحقيق أهدافهم داخليًا وخارجيًا. داخليًا، يسعى الحوثيون إلى تقديم أنفسهم على أنهم في طليعة الصراع الفلسطيني الذي يستهدف إسرائيل، بهدف درء الانتقادات الموجهة إليهم بسبب استمرار الأزمة اليمنية، وتحسين صورتهم السلبية. لتحقيق هذه الغاية، يوظفون آليات دعائية، مثل بثّ مسيرات حاشدة في ذكرى أحداث 7 أكتوبر عبر قناة “المسيرة” الحوثية.

على الصعيد الإقليمي، يُسهم انخراطهم في حرب السيوف الحديدية (طوفان الأقصى)، سواءً بتعطيل حرية الملاحة في البحر الأحمر أو شن هجمات مباشرة على إسرائيل، في ترسيخ مكانتهم باعتبارهم فاعلًا مؤثرًا يجب أخذ رأيه بعين الاعتبار. لذلك، يحرص الحوثيون في كل منعطف مهم، بدءًا من وقف إطلاق النار في لبنان، إلى الحرب مع إيران، وخاصةً التطورات المتعلقة بغزة، إلى إيصال صوتهم، وفي بعض الحالات أصوات ضجيج صواريخهم، تأكيدًا على جديتهم. تعزز هجمات الحوثيين أيضًا من قوة الردع تجاه السعودية والإمارات، ومن ثم ضمان ألا تتخذ الرياض وأبو ظبي تدابير يترتب عليها تحركات ضد الجماعة، تُضعف سيطرتها على اليمن.

سيواصل الحوثيون ركوب موجة دعم حماس، وتوظيف القضية الفلسطينية لأغراض دعائية، واكتساب شرعية داخلية، ونفوذ إقليمي، وما دام المجتمع الدولي مستمر في غض الطرف عن الممارسات الفلسطينية، فإن ذلك لا يُقوض جهود إسرائيل لهزيمة حماس وإعادة الرهائن فحسب، بل يُعزز الحوثيين أيضًا، ويحفزهم على تكثيف هجماتهم.

خلاصة القول، لا تقتصر تداعيات التراجع أمام حماس على حدود غزة، بل تؤدي إلى تصعيد في بؤر صراع أخرى بالمنطقة. ينبغي للغرب أن يعي خطر تهديد الحوثيين، ويدرس بعناية اتخاذ رد فعل صارم -كما ألمح السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، بشأن إمكانية استخدام قاذفات بي-2 في اليمن.

في سياق متصل، قال المراسل العسكري للقناة «14»، هيليل بيتون روزين، في 5 أغسطس 2025، إن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى الاستعداد لعمل عسكري يستهدف جماعة الحوثي، ولكن هذه المرة ستكون الهجمات قوية حتى تثنيهم عن إزعاج إسرائيل، وقال مسؤول أمني إن إسرائيل سوف تكبد الحوثيين خسائر فادحة بغض النظر عن غزة أو أي جهة أخرى، وأن الحوثيين حاليًا لديهم قدرات لتصنيع وتطوير صواريخ باليستية. كما تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن جماعة الحوثي لم يتبقَّ لديها سوى عشرات الصواريخ الباليستية، وهذا يضعهم في موقف حرج.


كيف تقضي إسرائيل على تهديد الحوثيين وتؤمّن مستقبلها؟

قال الباحث والمحلل الجيوسياسي هابتوم مهاري[10] بصفحته على موقع x، في 2 أغسطس 2025، إن الجيش الإسرائيلي اعترض صاروخًا حوثيًا، هو السابع والستين منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس. يواصل الحوثيون تصعيد عدوانهم على إسرائيل، حيث أطلقوا زهاء 900 صاروخ، وطائرة مسيّرة على إسرائيل.

أسفرت هجماتهم عن مقتل مدنيين في تل أبيب، وإلحاق أضرار بمطار بن غوريون، وإلغاء رحلات جوية، وإطلاق صفارات الإنذار مرات كثيرة، مما أجبر ملايين الإسرائيليين على الاختباء في الملاجئ. حاصر الحوثيون البحر الأحمر وأُغلقوا ميناء إيلات، ولا تُسبّب الهجمات المتكررة معاناة إنسانية فحسب، بل تكاليف مالية باهظة أيضًا.

أشار مهاري أيضًا، إلى أن إسرائيل تكبدت خسائر بمليارات الدولارات؛ بسبب الحاجة المستمرة إلى صواريخ اعتراضية باهظة الثمن، وتنفيذ عمليات جوية بعيدة المدى من مسافة تربو على ألفي كيلومتر، وحصار البحر الأحمر، وإغلاق ميناء إيلات -الذي يعد مركزًا حيويًا للتجارة بين إسرائيل وآسيا، ويمثل نحو 42% من واردات إسرائيل. إنها ليست مشكلة عسكرية فحسب؛ بل كارثة اقتصادية واستراتيجية.

مع ذلك، يتنامى خطر الحوثيين، وتُكافأ جرأتهم بديناميكيات إقليمية وعالمية، من بينها تنازلات سعودية، وصفقات أمريكية وبريطانية، و”مدفوعات الحماية” من دول مثل الصين، وروسيا وغيرها من الدول التي تسعى إلى المرور الآمن عبر البحر الأحمر. تزداد شعبية الحوثيين في اليمن والعالم العربي، ويُنظر إليهم على أنهم خط الدفاع الأساسي في مواجهة إسرائيل.

حسب مهاري، فإن نموذج الحوثيين في الحرب غير المتكافئة والابتزاز البحري إذا لم ينته فسوف تُطبّقه القوى الجهادية والإسلامية في السودان، والصومال، وعبر البحر الأحمر، وشبه الجزيرة العربية، مما يُشكّل تهديدًا متعدد الجبهات لإسرائيل. لقد اعتلى الحوثيون السلطة بدعم من الديكتاتور الإريتري وإيران، وهم الآن يُعيدون إنتاج النموذج نفسه في السودان بدعم من تحالف البرهان الإسلامي.

إن توفر التكنولوجيا وسهولة الوصول إليها حوَّل الجماعات الإسلامية القبلية المتمركزة في مناطق استراتيجية إلى قوات فتاكة، يمكنها إطلاق الصواريخ، والطائرات المسيّرة، وقطع طرق التجارة دون جيش نظامي.

قال مهاري إن الضربات الجوية والبحرية وحدها فشلت في ردع الحوثيين، كما اتضح من الحملة السعودية “الفاشلة” التي كلفت مليارات الدولارات، والعمليات الأمريكية المكثفة التي كلفت مليارات أيضًا، والجهود الإسرائيلية المستمرة. والخيار الوحيد الفعال هو شن هجوم بري مشترك من شركاء إقليميين ذوي قوة عسكرية، ومصالح استراتيجية، وموقع جغرافي مناسب.

يجب على إسرائيل تشكيل تحالف إقليمي مع شعب التيجراي، السكان الأصليين، والأغلبية العظمى في إريتريا. إنهم يمتلكون قوات برية، وموقعًا استراتيجيًا يطل على البحر الأحمر، والدافع لهزيمة الحوثيين واستعادة الأمن الإقليمي، إلا أن هذا قد لا يحدث في ظل الديكتاتور الإريتري الوحشي، المعادي لإسرائيل والموالي لإيران. لذا تجب الإطاحة به.

شعب تيجراي هو القوة الإقليمية الوحيدة القادرة على تشكيل جيش وطني كبير وموحد وذو كفاءة عالية، قوامه يربو على 100 ألف جندي، بالتعاون مع القوات اليمنية الموالية، لقيادة هجوم بري متعدد الجبهات لتدمير الحوثيين وتحييدهم.

قال مهاري إن هزيمة الحوثيين لا تكفي؛ بل ينبغي نشر 30 ألف جندي إريتري من النخبة بشكل دائم في اليمن لتحقيق الاستقرار في البلاد، وحماية الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وأن بوسع الشركاء الاستراتيجيين -السعودية وأوروبا والولايات المتحدة -تمويل العملية، التي يمكن لإسرائيل تنسيقها.

لفت مهاري إلى أن الغارات الجوية الأمريكية فشلت عام 2006، في تدمير حركة الشباب، وهي جماعة إرهابية إسلامية في الصومال يدعمها الديكتاتور الإريتري -وكانت الولايات المتحدة محقة في فرض عقوبات عليها. لم يتحقق الاستقرار إلا بعد أن نشر رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل مليس زيناوي، الجيش الإثيوبي، ودخل الصومال، ودمر حركة الشباب، وأعاد النظام. نجحت هذه المهمة حيث فشلت الغارات الجوية.

إن سابقة الصومال تدل على أن الهجوم البري المنسق بالاستعانة بقوات برية هو الحل الوحيد القادر على تفكيك الحوثيين، وعودة الحكومة الشرعية. أثبتت قدرات إريتريا العسكرية جدارتها، كما أن موقعها الجغرافي وشعب تيجراي يُشكلان حدودًا طبيعية للدفاع، والاستقرار الداخلي، والوحدة الوطنية، دون أي تهديدات داخلية أو خارجية.

عام 1995، استولت القوات الإريترية بسرعة على جزر زقر-حنيش من اليمن في غضون ساعات، وقتلت العشرات، واعتقلت مئات الجنود اليمنيين، مع أن اليمن كان يمتلك جيشًا وطنيًا فعالًا آنذاك.

يجب على إسرائيل أن تتحرك الآن. التغيير في إريتريا أمر لا مفر منه. ينبغي لإسرائيل أن تشكل تحالفًا استراتيجيًا مع شعب تيجراي، وأن تدعم التغيير القانوني والسلمي للنظام، وتدمير التهديد الحوثي، الذي لا يهدد أمن إسرائيل واقتصادها فحسب، بل وجودها ذاته.


إحدى آخر يهوديات اليمن تهاجر إلى إسرائيل

قالت ليؤور بن أري -مراسلة العالم العربي بصحيفة يديعوت أحرونوت -في 29 يوليو 2025، إن مصدرًا يمنيًا أكد للصحيفة إن زوجة يحيى بن يوسف، الذي توفى في يونيو 2024، غادرت اليمن وهي الآن في إسرائيل، وأفاد أن الزوجين لم ينجبا.

وفقًا للتقارير الواردة من اليمن، لم يتبقَّ في اليمن سوى أربعة يهود -بعضهم يخضعون لسلطة الحوثيين -أحدهم محتجز منذ أواخر العام 2015، لأنه شارك في تهريب مخطوطة توراة إلى إسرائيل.

دفن ابن يوسف، الذي رفض مغادرة وطنه، جيرانه المسلمون، لأن عائلته موجودة في إسرائيل، وكُتب في النعي أنه توفي “في قرية مدار شمال صنعاء في اليمن”، ودُفن هناك.


جنرال في القوات اليمنية المناهضة للحوثيين: محور إيران “يمكن إيقافه هنا”

أجرى يوناثان سباير[11] ووفد من صحيفة جيروزاليم بوست، في 26 يوليو 2025، حوارًا بعدن مع قيادات في جنوب اليمن، ومن بينهم اللواء صلاح الحسن، وعمرو بن حبريش، نائب محافظ حضرموت وقالا: “كل ما نحتاجه هو الضوء الأخضر، وسنطرد الحوثيين”.

كما التقى بالجنرال محسن الداعري، وزير الدفاع اليمني في مكتبه بعدن، الذي قال إنه والحكومة “مصدومين” من قرار الولايات المتحدة بإبرام وقف إطلاق النار مع الحوثيين في مايو.

قال سباير إن وزير الدفاع أعرب عن أسفه لعدم شن عملية برية للاستفادة من العملية الجوية الأمريكية. لكن من ناحية أخرى، شعر بالارتياح؛ “لأن الولايات المتحدة كانت ستتخلى عنا. عندما قرر الأمريكيون بدء تلك العمليات على الحوثيين، لم ينسقوا معنا ولم يُبلغونا، وعندما قرروا التوقف، لم ينسقوا معنا ولم يُخطرونا أيضًا”.

“لقد وضعنا خطة استراتيجية مع زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، وكان من المفترض أن تشمل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والإمارات، والسعودية جهدًا منسقًا لإسقاط الحوثيين”.

قال سباير إن كلمات الداعري تستحق الملاحظة، بالنظر إلى تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” في ذلك الوقت (أبريل)، الذي أشار إلى أن العملية البرية كانت قيد التحضير.

إن عملية كهذه للتوغل شمالًا في محافظة الحديدة، والاستيلاء على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى النفطي، من شأنها أن تحرم الحوثيين بضربة واحدة جزءًا كبيرًا من إيراداتهم، وقدرتهم على جلب الأسلحة والبضائع، ومعظم البنية التحتية المستخدمة في الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر، لكن ذلك لم يحدث.

المسألة، جزئيًا على الأقل، مسألة إرادة. عام 2018، منع اتفاق أُبرم في ستوكهولم، هجومًا عسكريًا من الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي على ميناء الحديدة الحيوي الذي يسيطر عليه الحوثيون. والآن في العام 2025، يتردد أعداء الحوثيين مرة أخرى.

هناك عوامل أخرى معقدة. تقدر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن عدد القوات المناهضة للحوثيين يبلغ حوالى 300 ألف مقاتل، وهو أقل بقليل من العدد الذي يقوده أعداؤهم (الحوثيون)، كما أن المعسكر المناهض للحوثيين يشهد انقسامًا حادًا. تسعى الحكومة المعترف بها دوليًا، التي ينتمي إليها وزير الدفاع الداعري، إلى إعادة توحيد البلاد بعد دحر الحوثيين.

ما هو المجلس الانتقالي الجنوبي؟ وما هدفه؟

يؤيد المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي إعادة تأسيس دولة مستقلة في جنوب اليمن، عاصمتها عدن، وقد شكّلت هذه القضية محورًا رئيسيًا في محادثاتنا مع مسؤولي المجلس.

نشأ المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، عقب دفاع ناجح عن المحافظات الجنوبية ضد الحوثيين، واشتباكات مع القوات المرتبطة بالسعودية.

بقيادة الزبيدي، حظي المجلس بدعم الإمارات منذ البداية. اليوم، يُشكل -على الأرجح -القوة العسكرية المهيمنة في جنوب اليمن، حيث تسيطر المليشيات المرتبطة به على الجبهات الرئيسية التي تستهدف الحوثيين في الضالع وأبين وشبوة ولحج.

انضم المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل حاسم إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بعد بدء الهجمات على الملاحة الدولية في نوفمبر 2023. في مقابلات صحفية، أشار الزبيدي إلى أن العمل الجوي لاستهداف الحوثيين لن يكون كافيًا، وقال آنذاك: “ما نحتاجه هو المعدات العسكرية، وبناء القدرات، وتدريب القوات البرية، بالإضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية”.

أشار سباير إلى أن مقاتلي وقادة المجلس الانتقالي كرروا هذه المطالب عندما زار الوفد الصحفي جبهتي الضالع وشبوة. لقد وصف أحد قادة الضالع الوضع على جبهات القتال بأنه: “لا حرب ولا سلام”، هناك تبادل شبه يومي لإطلاق النيران بالأسلحة الخفيفة، وقذائف الهاون، ومحاولات متكررة من الحوثيين للتوغل. جبهة الضالع هي الأنشط”.

من أعلى جبلٍ يطل على خطوط الحوثيين في الضالع، استعرض اللواء عبدالله، قائد محلي في المجلس الانتقالي الجنوبي، الوضع التكتيكي الذي تواجهه قواته قرب مدينة “الفاخر”: “ما يحدث هو مناوشات، وأحيانًا نيران قناصة، وطائرات مُسيّرة. أحيانًا يحاول العدو التسلل خلف خطوطنا؛ لكن هذه المحاولات تبوء بالفشل”.

أضاف عبدالله: “نحن والولايات المتحدة في مواجهة واحدة، ضد إيران، والحوثيون ذراعٌ لإيران. نجح المشروع الإيراني في لبنان وسورية والعراق؛ ولكن يُمكن ردعه هنا، في هذه المنطقة، إذا أردتم ضمان الأمن البحري في باب المندب والبحر الأحمر، فعليكم دعمنا”.

يبدو أن المشكلة الأساسية التي تواجه كلًا من المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات الأخرى المتحالفة مع الحكومة المعترف بها دوليًا، تتمثل في النقص المزمن في المعدات. تتضمن قائمة احتياجاتهم، كما وردتنا من عدن، ما يلي: طائرات استطلاع مسيّرة (يبدو أنهم يفتقرون إلى أي قدرات في هذا الاختصاص)، ومعدات رؤية ليلية، ورشاشات خفيفة وثقيلة، ومدفعية متوسطة المدى.

لا يفتقر جنوب اليمن إلى الإرادة السياسية والعسكرية والقوى البشرية؛ لكن يبدو أن رعاة المجلس الانتقالي الجنوبي الإقليميين، وحلفاءهم الغربيين، لا يرون حاليًا أي سبب لتعزيز قوة حلفائهم في ساحة الميدان باليمن، بحيث تشكل تحديًا حقيقيًا للحوثيين.

النتيجة هي أن الجماعة المدعومة من إيران تبدو، في الوقت الحالي، عازمة على مواصلة ارتكاب أعمال القرصنة والقتل على طريق خليج عدن -البحر الأحمر وقتما تشاء، وسوف يواصل خصومها الصمود في وجهها بالموارد الشحيحة المتوفرة لديهم.

لكن لن يتحقق التغيير الحقيقي -على الأرجح -إلا عندما يقرر أعداء الحوثيين، الغربيون والإقليميون، أن الوضع لا يُطاق، ويشرعون في تشكيل وإعداد قوة قادرة، بدعم جوي خارجي، على دحر الجماعة المدعومة من إيران عن الساحل، ونأمل أن يتحقق ذلك قريبًا.


كاتس: نحن على مقربة من تحقيق أهداف الحرب، قد تندلع مواجهة أخرى ضد إيران

ذكر موقع يسرائيل هيوم أن وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، أجرى في 22 يوليو 2025، تقييمًا للوضع متعدد الجبهات مع كبار المسؤولين الأمنيين، بمن فيهم رئيس الأركان الفريق إيال زامير، وممثلون عن الموساد، والشاباك (جهاز الأمن العام)، وكبار مسؤولي هيئة الأركان العامة. أكد كاتس في الاجتماع أن إسرائيل “في أقرب نقطة لتحقيق أهداف الحرب: بقي لدينا جبهتان مفتوحتان -غزة واليمن -وعلينا تحقيق الحسم الكامل فيهما.

عزز كاتس مواقف الجيش الإسرائيلي وفقًا للسياسة التي قادها، وفي مقدمتها إعادة جميع الرهائن واستسلام حماس. كما حذّر من إمكانية استئناف الحملة على إيران، ودعا إلى بلورة خطة فعالة لمنع إعادة بناء مشاريعها النووية والصاروخية.

فيما يتعلق بمختلف ساحات الشرق الأوسط، أشار كاتس إلى ضرورة اتباع سياسة هجومية تجاه اليمن وغزة “كما أنجزنا بالفعل في لبنان وسوريا وإيران”.


الحوثيون يواصلون إطلاق الصواريخ لكنهم يعانون من الفقر المدقع

قال إيال بينكو[12] في صفحته على موقع لينكد إن، إن الحوثيين يمتلكون صواريخًا، لكنهم يعانون من نقص في السيولة النقدية، لذلك، أعلن نظام الحوثيين في صنعاء طرح ورقة نقدية جديدة من فئة 200 ريال يمني تقريبًا للتداول. هذه الأوراق النقدية طُبعت قبل انقسام البنك المركزي بين عدن وصنعاء، ولكنها لم تُستخدم سابقًا. تعارض الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ومقرها عدن، هذه الخطوة بشدة، مدّعيةً أن هذه الأوراق النقدية مزورة، وتضر بالاقتصاد الوطني، وتؤدي إلى تفاقم التضخم.

يحذر الاقتصاديون من أن طرح أوراق نقدية إضافية دون دعم حقيقي قد يُسرّع من تآكل قيمة الريال، ويفاقم أزمة الثقة، ويزيد من صعوبة الوضع على المواطنين الذين يعانون أصلًا من فقر مدقع.

تجدر الإشارة إلى أن طرح ورقة نقدية جديدة للتداول يتطلب، من بين أمور أخرى، تفويضًا قانونيًا وميزانية من البنك المركزي؛ والتحكم في كمية الطباعة لمنع التضخم؛ والتكامل مع الأنظمة المصرفية والتجارية؛ والتنسيق مع القطاعين العام والخاص؛ وبناء الثقة في موثوقية الورقة النقدية، بما في ذلك إجراءات الأمن والتحقق. نظرًا لأن الحوثيين ليسوا سوى منظمة “إرهابية/إجرامية”، لم تُتخذ أيٌّ من الخطوات المذكورة أعلاه بشأن هذه الورقة النقدية.

الهوامش
  1. يوسي منشروف: باحث في شؤون إيران والإسلام في معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية. يتحدث الفارسية والعربية. عمل باحثًا في مركز عزري للدراسات الإيرانية والخليج الفارسي، ومعهد ميمري. وتتركز دراساته حول الشأن الإيراني، والمليشيات الشيعية.
  2. البروفيسور عوزي رابي: رئيس مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، وباحث أول في مركز الدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب. شغل سلفًا منصب رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب. تتركز أبحاثه على التاريخ الحديث وتطور الدول والمجتمعات في الشرق الأوسط، والعلاقات الإيرانية العربية، والنفط والسياسة في الشرق الأوسط. ألف كتاب: “اليمن: تشريح دولة فاشلة.
  3. إيتي بلومنتال: عمل مراسلًا عسكريًا في موقع يديعوت أحرونوت بين الأعوام 2014 -2021، حصل على بكالوريوس في الاتصالات من كلية الإدارة في ريشون لتسيون. ضابط في سلاح المدرعات (الفرقة السابعة) برتبة نقيب، ويخدم في الاحتياط.
  4. أمير بوحبوط: محلل وكاتب للشؤون العسكرية في موقع “والا” الإخباري. تخرج “بوحبوط” في كلية الإعلام، جامعة سبير، وحصل على الماجيستير في الإعلام من جامعة بن جوريون. كما حصل على ماجيستير في العلوم السياسية بجامعة “بار إيلان”.
  5. آفي أشكنازي: مراسل عسكري بدأ مسيرته المهنية الصحفية في التسعينيات بصحيفة معاريف، عمل مراسلًا لوكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس. عمل أيضًا في موقع “والا” بين الأعوام 2014 -2019، مراسلًا لشؤون الشرطة والشؤون الجنائية. نال أشكنازي درجة الماجستير في الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب.
  6. دين شموئيل ألماس: بدأ مسيرته المهنية في الإعلام الرياضي، حتى انضم عام 2018 إلى مكتب أخبار “يسرائيل هيوم”. عمل محرر أخبار في الصحيفة ومراسل صحفي مختص في شؤون الشرق الأوسط والشؤون التركية. أرسلته الصحيفة إلى كاراباخ في أذربيجان والحدود الإيرانية. انضم في أواخر 2021 إلى موقع جلوبس محررًا في مكتب أخبار الصحيفة ومراسلًا للشؤون التركية.
  7. نوعا لازيمي: باحثة في معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية.
  8. شاي جال: خبير في السياسة الدولية وإدارة الأزمات والاتصال الاستراتيجي، مع التركيز على الاستراتيجية الجيوسياسية والدبلوماسية العامة.
  9. يعقوب لابين: باحث مشارك في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، ومراسل الشؤون العسكرية والاستراتيجية في المركز، وموقع “Jewish News Syndicate، والمجلة الأسبوعية Jane’s Defence Weekly، ومحلل معهد مريام.
  10. هابتوم مهاري: محلل جيوسياسي متخصص في علم الاجتماع، وإريتريا، والقرن الأفريقي، واليمن، والبحر الأحمر، وإرائيل وإيران. باحثٌ مركز منيرفا لحقوق الإنسان في الجامعة العبرية. كما إنه ناشط إريتري يعمل على دعم حقوق اللاجئين في إسرائيل، ويكتب تقارير عن وضع اللاجئين الإريتريين في إسرائيل.
  11. يوناثان سباير: كاتب، ومحلل، وصحفي يركز على الشؤون الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي. وهو زميل باحث في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية، وزميل في منتدى الشرق الأوسط، ومحلل أمني مستقل، ومراسل فيIHS Janes . ألف كتاب: “أيام السقوط: رحلة المراسل في حربي سوريا والعراق” (2017)، وهو وصف لتقاريره الميدانية في سوريا والعراق. وكتاب: “النار المتغيرة: صعود الصراع الإسرائيلي الإسلامي” (2010).
  12. إيال بينكو: عميد بحري “احتياط”، خدم حوالي 30 سنة في الجيش الإسرائيلي، وفي مناصب رفيعة عملياتية واستخباراتية بالأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي. وهو باحث ومحاضر في مجال الاستراتيجية العسكرية والاستخبارات والحرب الإلكترونية. تناولت أطروحته للدكتوراه الحرب العسكرية غير المتكافئة، والاستراتيجية العسكرية. كما يعمل باحثًا ومحاضرًا في عدة مراكز بحثية استراتيجية حول العالم.
مشاركة