كان لمقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، بغارة جوية لطائرة أمريكية مسيرة على أفغانستان في يوليو/تموز الماضي، تأثير محدود على أفرع التنظيم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واليمن والصومال. قد يعزى ذلك جزئيا إلى التماسك الداخلي الذي نسجته السياسات التنظيمية للقاعدة منذ العام 2011 والتي منحت الفروع الإقليمية قدرا كبيرا من الاستقلالية. إلا أن الأثر السلبي المحدود لمقتل الظواهري يعكس أيضا تراجع أهميته القيادية في السنوات الأخيرة، حيث انحصرت زعامته في قالب سلطة رمزية باعتباره خلفا لأسامة بن لادن حصل على مبايعة مجلس شورى تنظيم القاعدة.
أحد الأسباب الرئيسية وراء تسرب القيادة من يد الظواهري في جميع المحاور الرئيسية: الأمنية والتنظيمية والمالية يعود إلى احتدام المنافسة بينه وبين الرجل الثاني في التنظيم، محمد صلاح الدين زيدان، المكنى سيف العدل. فقد استطاع سيف العدل – من محل إقامته في إيران – إدارة العمليات التي تنفذها فروع التنظيم في سوريا واليمن والصومال بفعالية، ويراهن الجهادي المصري المخضرم حالياً على تعديل ميزان القوى الداخلي في التنظيم لصالحه من خلال الهيمنة على فرع التنظيم في اليمن – المعروف باسم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب – وانتزاع زعامة التنظيم الأم – الذي لا يزال شاغرا- رسميا. وعلى الرغم من أن التنظيم لم يُقر بعد بوفاة الظواهري، [1] خلص تقرير للأمم المتحدة صادر في فبراير/شباط الجاري إلى أن سيف العدل هو حاليا الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة، وهو نفس استنتاج وزارة الخارجية الأمريكية، بينما نفى مسؤولون إيرانيون مجددا وجود سيف العدل في إيران.[2]
ستتناول هذه الورقة ثلاثة محاور رئيسية: أولاً طبيعة العلاقة التاريخية بين مركز القاعدة في أفغانستان وفرعها النشط في اليمن خلال عهدي بن لادن والظواهري؛ ثانيا: استكشاف التفاصيل المحيطة بالدور الخفي الذي لعبه سيف العدل في اليمن، وكيف تمكن من بناء نفوذه تدريجيا إلى أن وصل ذروته مع تزعم خالد باطرفي فرع القاعدة في اليمن عام 2020. وأخيرا، ستحلل الورقة التداعيات المترتبة على تنامي نفوذ سيف العادل، وانعكاس ذلك على تنظيم القاعدة في اليمن، وفرصه في خلافة الظواهري رسميا.
تستند الورقة إلى تحليل معلومات ووثائق وبيانات تم جمعها من ثلاثة مصادر: المواد البحثية والصحفية المنشورة حول تنظيم القاعدة؛ منشورات القاعدة، بما في ذلك وثائق أبوت آباد؛ و معلومات تم جمعها من مصادر داخل تنظيم القاعدة، بما في ذلك أعضاء حاليين و منعزلين عنه داخل اليمن وخارجه. كما تعتمد الورقة على إفادات مصادر يمنية مُلمة بنشاط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ممن أكدت العديد من النقاط الواردة في سياق الورقة وقدمت مزيد من المعلومات ساعدت على استكمال الصورة العامة، من بينهم مسؤولين وشخصيات قبلية.
المحور الأول: طبيعة العلاقة بين القيادة المركزية للتنظيم والفرع اليمني
الوحيشي وبن لادن: علاقة الأب والابن (2006-2011)
منتصف تسعينيات القرن الماضي، قرر أسامة بن لادن العودة إلى أفغانستان لتولي زعامة الجهاد ضد الغرب، وهناك اختار مساعده الخاص أحد الشباب اليمنيين “ناصر الوحيشي” الذي كنَّاه “أبو بصير”. أثبت الوحيشي إخلاصا شديدا في خدمة قائده وظل يرافقه كظله حتى اضطر للهرب إلى إيران بعد أن تأكد من تأمين بن لادن في مخبئه الحصين بسلسلة جبال “تورا بورا”، متسللا إلى المناطق السنية في إيران حيث تخفى إلى أن ألقي القبض عليه نهاية المطاف من قبل أجهزة الأمن الإيرانية.[3] سلّمه الإيرانيون لاحقا، في عام 2003، للحكومة اليمنية التي أودعته سجنا يديره جهاز الأمن السياسي – أهم مؤسسة استخباراتية في البلاد آنذاك – في صنعاء. تمكن الوحيشي خلال فترة سجنه من تنظيم رفاقه وكسب مبايعتهم كأمير في عام 2004. و بعدها بعامين، هرب الوحيشي ليدشن المرحلة الذهبية للحركة الجهادية في اليمن.[4]
وبعد اتصالات مع القيادة العامة للتنظيم في أفغانستان، أعلن الوحيشي عام 2007، ولادة ما أطلق عليه (تنظيم القاعدة في جنوب الجزيرة العربية). أيّد بن لادن رسميا خطوة الوحيشي، ووافق عام 2009 على خطة دمج الفرعين السعودي واليمني للقاعدة في هيكل تنظيمي مُوحد تحت قيادة الوحيشي، أطلق عليه (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب).[5] حظي فرع اليمن منذ البداية بمكانة خاصة لدى بن لادن، حسبما تُظهر المراسلات التي عُثر عليها في مقر إقامته في أبوت آباد. وفقا لنظرية التنظيم القائمة على الجهاد ضد “العدو البعيد”، كان بن لادن حريصا على إحاطة الوحيشي بتفاصيل رؤيته الاستراتيجية المتمثلة في التركيز على “العدو الأكبر الخارجي قبل الداخلي” – أي الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى قبل الحكام المسلمين – وتشجيع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على الاضطلاع بدور محوري في تلك العمليات.[6]
و استنادا إلى تجربته الخاصة في اليمن، أوصى بن لادن بتركيز نشاط التنظيم في المحافظات اليمنية الجنوبية وتحديدا محافظتي أبين وشبوة نظراً لموقعهما الاستراتيجي كمحافظات تطل على البحر وتضم مناطق ريفية نائية، إلى جانب استثمار حالة الغضب الشعبي في جنوب اليمن ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح والتحرك لقطع الطريق أمام صعود الحراك الجنوبي الانفصالي، حيث اعتبره بن لادن امتدادا للحركات اليسارية التي هيمنت على الجنوب منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1967، وانخرط بقوة في محاربتها من خلال توجيه مقاتليه في اليمن ومدهم بالأموال خلال الحرب اليمنية خلال عام 1994. أما في شمال اليمن، فقد شدد بن لادن على أهمية احتواء القبائل اليمنية والاستفادة من دعمها قدر الإمكان. كان بن لادن مقتنعاً في البداية بضرورة تجنب أي صدام عسكري مباشر مع نظام الحُكم في صنعاء إلا أنه وافق لاحقا على فتح جبهات عسكرية محدودة بين العامين 2010 – 2011 في محافظتي أبين ومأرب بناء على إلحاح الوحيشي شريطة أن تظل قنوات التواصل مفتوحة بين التنظيم والحكومة لإتاحة خيار الهدنة في حال رغب بها الطرفان.[7]
في عام 2010، ومع تنامي نشاط الحراك الجنوبي في اليمن، أوصى بن لادن بتعيين أحد الجهاديين المتحدرين من جنوب اليمن ضمن القيادة المحلية للتنظيم، وعليه قام الوحيشي بترشيح رجل الدين الكاريزمي اليمني-الأمريكي أنور العولقي، واقترح مبايعة الأخير كزعيم لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، إلاّ أن بن لادن رفض المقترح مطالباً الوحيشي بالبقاء في منصبه لأنه الأجدر بمنصب الأمير، وطلب مزيداً من التقارير التفصيلية عن أنور العولقي وسبب اعتباره جديرا بتولي منصب قيادي، [8] ليلمح بن لادن للوحيشي لاحقا بضرورة توخي الحذر لأن وسائل الإعلام الغربية باتت تتناول العولقي وتصفه كزعيم لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، مبديا شكوكه من احتمال تجسس الولايات المتحدة على اتصالات العولقي.[9]
كان بن لادن حريصا على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لسبب وجيه – ففي وقت قياسي كان قادرا على ترسيخ موطئ قدم لدرجة تصنيف المخابرات الأمريكية لهذا الفرع باعتباره الأخطر من بين جميع أفرع القاعدة عام 2010.[10] وقبل أشهر من مقتل أسامة بن لادن على أيدي القوات الأمريكية في مايو/أيار 2011، بدأت قيادة فرع التنظيم في اليمن بانتهاج أسلوب أكثر مرونة وتوسعا بهدف الاستفادة من الفراغ الأمني الناجم عن انتفاضة الربيع العربي. حاولت قيادة التنظيم خلال هذه الفترة ركوب موجة الاحتجاجات الشعبية ضد نظام صالح والاستفادة من بزوغ نجم الإسلاميين في جميع أنحاء المنطقة لتحقيق هدفين: أولا بناء تحالفات سياسية مع حكومة جديدة في اليمن بقيادة حزب الإصلاح الإسلامي، تكون أقل عداء تجاه النشاط الجهادي؛ وثانيا استثمار حالة انهيار مؤسسات الدولة لإنشاء ملاذات آمنة للقاعدة في المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية.[11]
الظواهري والوحيشي: علاقة الأمير والنائب (2011-2015)
بعد مقتل بن لادن، لعب فرع اليمن دورا حاسما في ترتيبات انتقال الزعامة إلى الظواهري. وفي يوليو/ تموز 2011، كان الوحيشي أول زعيم جهادي يعلن مبايعته للظواهري، مما عزز علاقة الثقة بين الرجلين، [12] ومن هذا المنطلق، منح الظواهري قيادة التنظيم في اليمن مباركته لتوسيع نفوذها إلى مدن في أبين ومناطق ريفية في شبوة، والبيضاء ومأرب وحضرموت عبر أذرع محلية تعرف على الصعيد التنظيمي بـ (أنصار الشريعة)، وشن عمليات عسكرية واسعة ضد القوات النظامية اليمنية. وعند سيطرة الحوثيين على صنعاء في عام 2014، ترك الظواهري لقيادة التنظيم في اليمن تقدير إمكانية التعاون مع التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، فضلا عن التمدد إلى المدن الرئيسية مثل عدن والمكلا وتعز، في خضم الفراغ الأمني الذي برز بداية الصراع.[13]
استطاع الوحيشي الصعود بسرعة في هيكل القيادة العامة لتنظيم القاعدة في أفغانستان لسببين: أولا علاقته الشخصية الوطيدة مع الظواهري التي تعود إلى أيام مرافقتهما لبن لادن في أفغانستان؛ ثانيا، تمكنه من ملء الفراغ القيادي الذي أعقب مقتل بن لادن، لا سيما بعد تصفية المنسق العام للتنظيم جمال المصراتي المكنى (عطية الله الليبي)، واعتقال المنسق العام للفروع الإقليمية يونس الموريتاني في 2011، ووضع سيف العدل قيد الإقامة الجبرية في إيران.[14] على هذا الأساس، عين الظواهري الوحيشي نائبا أول لقيادة التنظيم وبدأ ترتيبات تأهيله كخلف له.
وتحقيقا لهذه الغاية، أسند الظواهري ثلاث مهام إقليمية للوحيشي تتجاوز حدود مسؤولياته في شبه الجزيرة العربية (نجح الوحيشي في اثنتين وأخفق في الثالثة). تمثلت المهمة الأولى – التي أسندت له عام 2011 – في تحويل اليمن إلى قاعدة إمداد توفر المقاتلين والتمويل والأسلحة للحركة الجهادية في سوريا مع بدء انحدار البلاد إلى هوة حرب أهلية؛ أما المهمة الثانية – التي أوكلت إليه عام 2012- فقد تمثلت في إدارة وتوجيه فرع القاعدة في الصومال (حركة الشباب المجاهدين)، وضمان حصوله على الدعم المالي.[15]
أثبتت المهمة الثالثة – أوكلت إلى الوحيشي عام 2014 – بأنها الأصعب، حيث كُلف بصفته نائبا أول لتنظيم القاعدة التدخل والتوسط لحل الخلافات المتنامية بين الجماعات الجهادية، وتحديدا الخلاف بين تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق من جهة وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا من جهة أخرى. وقد رحل الوحيشي العام التالي، دون أن يحرز أي تقدم في هذا الملف.
شكل مقتل الوحيشي – بغارة أمريكية لطائرة مسيرة في يونيو/ حزيران 2015 – ضربة لتنظيم القاعدة بعد فترة طويلة من التوسع الناجح في مختلف أنحاء العالم، وكان وقعه أشد على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعد صعود قاسم الريمي، إذ أصبح الفرع اليمني للقاعدة أكثر انكفاءً على مشاكله الداخلية وتراجع دوره الريادي في تنفيذ الأجندة الجهادية للتنظيم عالميا. والأهم من ذلك هو أن مقتل الوحيشي أسهم أيضا بتعزيز العلاقات بين تنظيم القاعدة في اليمن والقيادات الجهادية المقيمة في إيران.
المحور الثاني: نفوذ سيف العدل في اليمن
سيف العدل: العمل من إيران
برز اسم الضابط السابق في الجيش المصري وخبير المتفجرات (محمد صلاح الدين زيدان)، كأحد من يعرفون بـ (الأفغان العرب) ممن قاتلوا ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان. كان زيدان (المكنى سيف العدل) مساعداً لبن لادن في مرحلة مبكرة من صعود الأخير، ونما دوره القيادي في منتصف تسعينات القرن الماضي حين أصبح رئيس اللجنة الأمنية لتنظيم القاعدة وأحد المشرفين على عمليات التنظيم الخارجية. كما كان ضمن الدائرة الضيقة التي اطلعت على مخطط هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن عام 2001، رغم أن الحكومة الأمريكية تعتقد أنه كان من بين كبار القياديين الذين عارضوا تنفيذ الهجمات.[16]
ظل سيف العدل يتنقل بين أفغانستان وإيران في أواخر التسعينات، ما مكنه من نسج علاقات مع المسؤولين الأمنيين في طهران. وبعد الاجتياح الأمريكي لأفغانستان، تولى سيف العدل مسؤولية استقبال القيادات الجهادية في إيران وترتيب إقامتها هناك. تطور هذا في 2002 إلى اتفاق رسمي مع الحرس الثوري الإيراني يتيح توفير ملاذ آمن للقيادات الجهادية داخل الأراضي الإيرانية، مقابل تنسيق الجهود لاستهداف الولايات المتحدة بعد غزوها العراق في مارس/ آذار 2003.[17] لكن سرعان ما تراجع الجانب الإيراني عن الاتفاق – بعد ضغوط أمريكية وسعودية كبيرة – واعتقل عددا كبيرا من القيادات الجهادية الرفيعة، بمن فيهم الوحيشي، الذي سُلم إلى اليمن، وسيف العادل، الذي حظي بمعاملة خاصة ووضع قيد الإقامة الجبرية.
من هناك، تمكن سيف العدل من إدارة عدد من العمليات الخارجية أبرزها تفجيرات الرياض في مايو/ أيار 2003، [18] لكن بقاءه محاصرا في إيران حد من فرصه في الارتقاء في هيكل التنظيم مع صعود شخصيات شابة من اليمن وشمال إفريقيا وتوليها أدوار قيادية. خلال العام 2008، بدأ سيف العدل بتقديم بعض المشورة لقيادة القاعدة في اليمن خصوصا فيما يتعلق بالعمليات الخارجية. وقد استشاره الوحيشي في عمليات شنها فرع التنظيم باليمن، كمحاولة اغتيال نائب وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف عام 2009، وعملية التفجير الفاشلة لطائرة ركاب أمريكية في وقت لاحق من نفس العام، لعدم اشتعال المتفجرات التي كان يخفيها الجهادي النيجيري عمر فاروق عبد المطلب في ملابسه الداخلية.[19]
في ذلك الوقت، تشاطر الوحيشي وبن لادن تقييما مشتركا بأن سيف العدل لم يكن مرشحا مناسبا للعب دور كبير في القيادة العامة للتنظيم، رغم مهارته في تنظيم الهجمات. وقد يعزى ذلك إلى تواجد سيف العدل في إيران وكونه قريبا أكثر مما ينبغي من قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، إلى جانب عصيانه توجيهات بن لادن أكثر من مرة فيما مضى.[20] وفي العموم، كان بن لادن يمهد الطريق لنقل السلطة إلى الجيل الثاني من الجهاديين؛ وقد مال إلى ترفيع “ناصر الوحيشي” على حساب أفراد من الحرس القديم ممن قاتلوا بجانبه في فترة القتال ضد السوفييت، وفي مقدمتهم سيف العدل.[21]
سيف العدل يقرر البقاء في إيران رغم صفقة الإفراج عنه
بين عامي 2010 و 2011، سمحت إيران لأسرة بن لادن التي كانت عالقة أيضا في إيران بالمغادرة إلى أفغانستان، ضمن صيغة تفاوضية قضت بتسليم القاعدة للدبلوماسي الإيراني، حشمت الله زادة (الذي اختطف في شمال باكستان شتاء 2008)، مقابل الإفراج عن رجال “القاعدة” لدى إيران، ومن بينهم حمزة، نجل بن لادن المفضل لدى أبيه، وأُمُّه “خيرية صابر”، بالإضافة إلى اثنين من أبناء بن لادن – عثمان ومحمد اللذين أُطلق سراحهما لاحقًا.[22] كانت إيران تأمل بتحييد الخطر الجهادي السني وإعادة توجيهه نحو المصالح الغربية بعد العنف الطائفي المرير الذي عصف بالعراق خلال السنوات الأولى من الاحتلال الأمريكي، وتنامي مؤشرات حدوث انتفاضة ضد حليفها السوري عام 2011. لكن سرعان ما أدى مقتل بن لادن – الذي دعم هذه الاستراتيجية – إلى تجدد التوتر بين إيران والجماعات الجهادية السنية، وعليه بدأ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب البحث عن أدوات ضغط جديدة على طهران لإجبارها على الإفراج عن قياداته المعتقلة لديها.
اقترح الوحيشي اختطاف الملحق الثقافي الإيراني في صنعاء، نور أحمد نكباخت، وبموافقة الظواهري تم تنفيذ العملية عام 2013. تفاوض الطرفان على مدى عامين إلى أن تم التوصل لصفقة تبادل أسرى في مارس/ آذار 2015؛ وافقت إيران بموجبها على إطلاق خمسة من كبار قيادات تنظيم القاعدة، بمن فيهم سيف العدل، مقابل تسليم الدبلوماسي الإيراني.[23] لكن ما إن وصل القادة الجهاديون المناطق الحدودية مع أفغانستان، حتى فاجأهم سيف العدل برغبته في البقاء داخل إيران وحصوله على دعم الإيرانيين لمواصلة تنظيم عمليات ضد المصالح الغربية.[24] شمل ذلك منحه حرية الحركة التي تسمح له بترتيب لقاءات سرية مع قيادات الفروع – سواء لقاءات شخصية أو عبر معدات اتصال آمنة تم تزويده بها، وحمايته من ضربات الطائرات الأمريكية المسيرة. كانت شكوى سيف العدل الوحيدة هي غياب الثقة بين جهاديي القاعدة والنظام الإيراني الذي كان يراقب أنشطته عن كثب، لكنه كان يعتمد على علاقته الشخصية الوثيقة مع قاسم سليماني – قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي قتل في هجوم صاروخي أمريكي استهدفه داخل العراق مطلع 2020 – في تحسين العلاقات مع مضيفيه.
في النصف الأول من العام 2015، إبان سيطرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على ساحل حضرموت في جنوبي اليمن، تمكنت شخصيات يمنية من التنقل عبر طرق بحرية من ميناء المكلا لعقد لقاءات مع سيف العدل في إيران وبحث خطط تنفيذ عمليات جديدة.[25] كان سيف العدل يسعى إلى إيجاد سُبل لبناء شبكة نفوذ خاصة به في اليمن إلا أن معارضة الوحيشي المتمتع بولاء مرؤوسيه المطلق[26] كانت دوماً له بالمرصاد. وحتى مقتل الوحيشي في يونيو/ حزيران 2015، اكتفى سيف العدل بتقديم المشورة للقيادي اليمني حول كيفية توجيه الدعم المالي والبشري إلى سوريا وأماكن أخرى.
سيف العدل يتلقى الأموال في إيران، ويرسل ابنه إلى اليمن
أربعة أشهر فقط فصلت بين الإفراج عن سيف العدل في إيران والغارة الأمريكية التي استهدفت الوحيشي في المكلا بطائرة مسيرة. كان مقتل أبو بصير أكبر ضربة يتعرض لها تنظيم القاعدة منذ مقتل أسامة بن لادن، لكنه جاء أيضا بمثابة هدية لسيف العدل.[27] تولى قاسم الريمي زعامة التنظيم في اليمن خلال مرحلة عاصفة من الأزمات الداخلية والتهديدات الخارجية، إلا أن تشابه الخبرة التاريخية بينه وبين سيف العدل ساهمت في التقارب بين الرجلين بصورة كبيرة، فكل منهما كان مسؤولا عسكريا في التنظيم، وتولى تنسيق العمليات الخارجية والمهام الأمنية.
كان الوحيشي قد استوعب إلى حد كبير التغيير الاستراتيجي الذي تبناه الظواهري في العام 2011، والذي ركز على تعزيز الأنشطة الداخلية لتوسيع رقعة السيطرة على الأرض، والموازنة بين ذلك وبين الأنشطة الخارجية التي كان ينظر إليها على أنها سبب وجود التنظيم. إلا أن الريمي كان يميل أكثر نحو تغليب العدو الخارجي على أية أولوية أخرى، وهو السبب الرئيسي لعدم توانيه عن سحب قوات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من المكلا عام 2016، ومن مناطق أخرى وقعت بيد التحالف الذي تقوده السعودية أو الحوثيين خلال فترة الصراع. ورغم أن الريمي ظل مخلصا للظواهري، ومعجبا برؤيته الأيديولوجية وأبدى احتراما لمكانته كصديق مقرب من بن لادن وخليفة له، إلا أنه أظهر ميلاً أكبر نحو سياسة سيف العدل المُركزة على تصفية تنظيم القاعدة من الداخل لمنع أية اختراقات، فضلا عن إعجاب الريمي بوجهة نظر سيف العدل التي تعتبر المواجهة مع الغرب هي الأولوية وليست المواجهة مع إيران وشبكة وكلائها في المنطقة العربية.
بدأ أول اتصال مباشر بين الرجلين مطلع عام 2016، حين أوفد الريمي أحد أخلص رجاله “رشيد الصنعاني” وبحوزته مبالغ نقدية كبيرة نهبت من المكلا إلى منطقة نائية على احدى السواحل الإيرانية. التقى رشيد الصنعاني وأربعة من مرافقيه بسيف العدل هناك بحضور ضباط من الحرس الثوري الإيراني.[28]
قام رشيد الصنعاني، وهو أحد المخططين الرئيسيين لمحاولة اغتيال الأمير السعودي محمد بن نايف، بتسليم المبالغ المالية لسيف العدل، وتلقى توجيهات بتسليم دعم مالي مشابه لفروع القاعدة في الصومال وسوريا. خلال اللقاء، وصف سيف العدل نفسه بالقائد الفعلي لتنظيم القاعدة في سوريا، والأهم من ذلك أنه أمر باصطحاب نجله إلى اليمن مكلفا الصنعاني بهذه المهمة. وحتى الآن، لم يعرف على وجه الدقة اسم نجله الحقيقي لكنه حظي بعدة ألقاب منها “محمد الحضرمي” و “ابن المدني”. وقد توطد دور نجل سيف العدل في اليمن بشكل مطرد حيث أصبح أحد حلقات الوصل الرئيسية بين فرع التنظيم اليمني و والده في إيران، لا سيما بعد مقتل قاسم الريمي عام 2020، وتصفية المسؤول العسكري للتنظيم في اليمن عمار الصنعاني (لا يمت لرشيد بصلة قرابة) عام 2022.[29]
اعتمد سيف العدل على الدعم المقدم له من الفرع اليمني لتعزيز نفوذه المباشر في سوريا. فحين أبصرت جماعة “حراس الدين” النور لأول مرة عام 2018، كفرع جديد لتنظيم القاعدة في سوريا وإحدى بنات أفكار سيف العدل، قام الأخير بفتح قناة بين عمار الصنعاني المقيم في اليمن وأبو بلال الصنعاني (لا يمت لعمار أو لرشيد بصلة قرابة)، زعيم حراس الدين المقيم في سوريا[30] من أجل تحويل الأموال ونقل المقاتلين من اليمن إلى سوريا. استمر التنسيق عبر هذه القناة حتى العام 2020، عندما قتل أبو بلال الصنعاني بغارة جوية في سوريا، بعد ذلك قام سيف العدل بفتح القناة بين عمار الصنعاني وبين القيادي الجهادي في حراس الدين أبو حمزة اليمني، واستمر تواصل الجانبين حتى مقتل عمار الصنعاني في غارة أمريكية بطائرة مسيرة في مارس/ آذار 2022. وبحسب ما أعلن الجيش الأمريكي فإن أبو حمزة اليمني لقي نفس المصير بعد ثلاثة أشهر.[31]
سيف العدل يوجه الريمي بتنفيذ عمليات في الداخل الأمريكي دون علم الظواهري
خلال عامي 2017 و2018، عمل سيف العدل على توسيع نفوذه في اليمن عبر الانخراط قدر الإمكان في الترتيبات الداخلية للتنظيم. نصح الريمي بإسناد مهمة تطهير التنظيم من الجواسيس إلى الجهادي المخضرم إبراهيم أبو صالح، أحد أفراد الزمرة المصرية الذين لعبوا دورا في تشكيل النواة الأولى لتنظيم القاعدة في اليمن أواخر التسعينات، مع الظواهري وسيف العدل. يشغل أبو صالح حاليا منصب المسؤول الأمني للتنظيم.[32]
أما عسكريا، فقد اجتهد سيف العدل لتصعيد كادر قيادي موال له على الصعيد الشخصي، بما في ذلك عمار الصنعاني، الذي أصبح نائب المسؤول العسكري في التنظيم ولاحقا المسؤول العسكري الأول. فضل سيف العدل تزكية الأفراد المتسمين بتوجه أكثر عنفا لتقلد مناصب قيادية داخل التنظيم في ضوء عملية إعادة الهيكلة الشاملة التي شرع بها قاسم الريمي منذ العام 2017.[33]
بدأ سيف العدل بإظهار مزيد من الاستقلالية عن توجيهات القيادة العامة في أفغانستان، والمزيد من السيطرة المباشرة على الريمي عام 2019، . في ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، قام مواطن سعودي يدعى محمد الشهراني بتنفيذ عملية ذئاب منفردة ضد مجندين أمريكيين في قاعدة بينساكولا الجوية التابعة للبحرية الأمريكية في ولاية فلوريدا. كانت قيادات فرع التنظيم اليمني تتوقع إعلان تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن العملية، لكنهم فوجئوا بإعلان الريمي مسؤولية تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عن العملية عبر مقطع مسجل بالصوت والصورة بُث له بعد أيام فقط من مقتله في 29 يناير/ كانون الثاني.[34]
لم يثر هذا الإعلان غضب أعضاء التنظيم في اليمن فحسب، بل جاء صادماً أيضا للقيادة العامة في أفغانستان التي اعترضت على عدم التنسيق معها بشأن عملية بهذا الحجم نفذت داخل أراضٍ أمريكية. اتضح لاحقاً أن سيف العدل هو من رتب للعملية دون العودة إلى الظواهري، ولم يكن لفرع التنظيم في اليمن أي علاقة بها عملياً سوى تبنيها باسم الفرع.[35]
صعود باطرفي وتنامي هيمنة سيف العدل
اتسمت علاقة سيف العدل مع خالد باطرفي بطابع مختلف، بعد صعود الأخير كأمير لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب خلفاً للريمي، حيث كانت بعيدة عن الندية وعن وجهة النظر المشتركة التي حكمت العلاقة بين الريمي وسيف العدل. لعب سيف العدل دورا محوريا في تصعيد المواطن السعودي باطرفي خلفا للريمي على حساب منافس باطرفي اليمني الشاب في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سعد العولقي. كما كان باطرفي محاطا بشبكة مُحكمة من القيادات الجهادية ذات الولاء الشخصي لسيف العدل، وأهمهم نجل الأخير وكذلك إبراهيم أبو صالح وعمار الصنعاني الذي لقي حتفه في 2022.[36]
كان باطرفي يعاني من ضعف قيادي من وجهة نظر عناصر التنظيم، نظراً لافتقاره إلى الكاريزما الشخصية والخبرة التاريخية التي تمتع بها الوحيشي والريمي، وهو ما جعله أكثر ميلا إلى قبول توجّه سيف العدل، لأسباب ليس أقلها حالة التخبط التي شهدها التنظيم بعد الخسائر التي مُني بها في شبوة والبيضاء وأبين. يصف أحد قياديي القاعدة باطرفي بأنه “رجل متمرس في المسائل السياسية والدينية لكنه يتردد كثيرا في إصدار القرارات”. دعم سيف العدل باطرفي كزعيم جديد لفرع التنظيم بسبب إدراكه نقاط الضعف هذه، على أمل فصل القيادة اليمنية عن القيادة العامة في أفغانستان، والتمهيد لتأسيس مرحلة جديدة من العمل الجهادي في اليمن تكون فيها الأولوية للعمليات الخارجية ضد المصالح الغربية.[37]
سيف العدل يخطط لعملية كبرى في المهرة
استطاع سيف العدل منذ 2020، إقناع باطرفي بنهجه الاستراتيجي، الذي يركز على مواجهة الدول الغربية وحلفائها في اليمن (أي التحالف الذي تقوده السعودية، والحكومة التي تتخذ من عدن مقرا لها، والإمارات وحلفاؤها)، بدلاً عن مواجهة جماعة الحوثيين المدعومة من إيران. تحمس باطرفي لهذا الطرح، معتبرا أن استهداف المصالح الغربية بعملية نوعية مخطط لها جيدا هو الطريق الأقصر لاستعادة الدور الريادي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي أكسبه مصداقية في أوساط الحركة الجهادية فيما مضى. كما أن عملية كهذه من شأنها أن ترسخ شرعية باطرفي كقائد وتعينه على تجاوز الأزمة الداخلية التي يواجهها.
في مايو/أيار 2020، تداولت تقارير إعلامية استهداف سفينة بريطانية قبالة سواحل حضرموت.[38] لم تعلن أية جهة رسميا مسؤوليتها عن الحادثة، إلاّ أن قياديا رفيعا في قاعدة اليمن أكد وقوف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وراء العملية، بهدف استدراج المزيد من القوات الأجنبية إلى المهرة وحضرموت وفتح جبهة حرب استنزافية ضدها.
عقب عملية حضرموت، بدأ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بتجهيز مجموعة مدربة من الخلايا السرية داخل محافظة المهرة لتنفيذ عملية يشارك فيها أكثر من 15 انتحاريا. وبناء على توجيهات سيف العدل، كلف باطرفي أكفأ القيادات الميدانية في اليمن بقيادة العملية وهما: صالح الحديدي وخلاد القصيمي.[39]
بداية أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كان الحديدي والقصيمي يستكملان التحضير للعملية المزمع تنفيذها في الذكرى السنوية الأولى لمقتل الريمي، حين شنت قوات الأمن المحلية وقوات التحالف الذي تقوده السعودية حملة أمنية مباغتة داهمت فيها ثلاثة منازل يقيم فيها عناصر جهادية. أسفرت الحملة عن اشتباكات نجم عنها سقوط عدد من مقاتلي القاعدة وأسر آخرون. تكرر السيناريو نفسه في ديسمبر/ كانون الأول 2020 في مديرية الشحر بساحل حضرموت، حيث تمكنت قوات أمنية من القبض على خلية تابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب كانت ترصد خطوط (ممرات) الملاحة الدولية.[40]
أدى هذا الفشل الذريع الى تنامي حالة الغضب داخليا من قرارات باطرفي ومن تدخلات سيف العدل المتزايدة، لا سيما بعد تواصل عدد من القيادات الرفيعة المعارضة لتلك العمليات مع القيادة العامة في أفغانستان والتي أكدت بدورها تصرف باطرفي من تلقاء نفسه دون أخذ موافقة من القيادة العليا.[41] علاوة على ذلك، ووفقا لقيادي مقرب من الظواهري، فإن القيادة العامة في أفغانستان كانت “ترفض مطلقا فكرة استهداف المصالح الغربية داخل الساحة اليمنية في ظل الوضع القائم، لما لذلك من تداعيات سلبية كبيرة على التنظيم في اليمن وعلى أهل السنة لأن ذلك سيصب في مصلحة الحوثيين”.[42]
ورغم تنامي الانتقادات الداخلية، لم يوقف باطرفي دعمه القوي لسيف العدل. ففي عام 2021، أمر باطرفي القيادي “يونس الحضرمي”، مسؤول الإعلام بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بالتوجه رفقة شخصين آخرين إلى الحدود العمانية ومن ثم إلى إيران لإيصال مبلغ 10 ملايين ريال سعودي لسيف العدل. تمكنت السلطات الأمنية في عُمان من القاء القبض عليهم ومصادرة تلك الأموال.[43]
المحور الثالث: تداعيات تنامي نفوذ سيف العدل
نفوذ سيف العدل يذكي الانقسامات داخل التنظيم
شهد تنظيم القاعدة في اليمن خلال فترة زعامة الريمي أزمة داخلية عميقة، لذا قرر عدد كبير من قياداتها “الانعزال” – أي الابتعاد عن الاضطلاع بدور فاعل- [44] اعتراضا على سياسات التنظيم، فيما استمر آخرون بالتعبير عن اعتراضهم دون ترك مواقعهم. تمحورت الخلافات حول مسألتين: أولا تبني الريمي سياسة العنف، كاعتقال وتعذيب وإعدام العناصر المشكوك بهم كجواسيس، لحل الخلافات الداخلية واتهام العناصر بالخيانة دون التثبت الكافي حسب اقتناع البعض؛ وثانياً تنامي دور سيف العدل، المقيم في إيران، بنفس الوقت الذي يخوض فيه فرع التنظيم اليمني حربا ضد حلفاء إيران الحوثيين في اليمن.[45]
انتهج الريمي سياسة تهدئة الأجواء المشحونة مع منتقديه من داخل التنظيم ومن قرروا الانعزال عبر محاولة إقناعهم بأن ما يربط التنظيم بسيف العدل لا يتجاوز العمليات الخارجية ولا شأن له بأنشطتهم داخل اليمن. وفي كثير من الأحيان، عمد الريمي إلى إرسال رشيد الصنعاني وعمار الصنعاني إلى المشككين بطبيعة هذه العلاقة في محاولة لشرح وجهة نظر القيادة بأنه لا ينبغي اعتبار سيف العدل عميلا للإيرانيين، وأنه يعمل من مقر إقامته الجبري بما يخدم هدف الجهاد. أيضا شدد القياديان على أن العدو المشترك الذي يجمع التنظيم مع إيران هو الولايات المتحدة، وأن ذلك لا يؤثر على موقف التنظيم من جماعة الحوثيين.[46]
ورغم ظهور أصوات قليلة من القيادات المنعزلة تدعو إلى التحقيق داخلياً مع الريمي، إلا أن الغالبية العظمى من القيادات الجهادية في اليمن ظلت موالية له وإن أبدت بعض الاعتراض على عدد من قراراته. لكن هذا الوضع تغير كثيرا مع صعود باطرفي الذي ظل يعاني من ضعف في شرعية زعامته (بخلاف الريمي) وفي القدرة على التحكم بجميع العناصر. ومن هذا المنطلق، تنامت الأصوات الجهادية من قيادات الصف الثاني المطالبة بإقالة الأمير الجديد لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
أما بالنسبة لقيادات الصف الأول بتنظيم القاعدة في اليمن، فقد تنوعت مواقفهم إزاء تدخلات سيف العدل، واللافت أن جميع القيادات الجهادية لم تشكك أبدا في كفاءة سيف العدل أو في إخلاصه لتنظيم القاعدة، بل عبرت فقط عن معارضتها له لأسباب استراتيجية أو تكتيكية؛ فثمة من رأى أن نهجه المُركز على العمليات الخارجية لم يتناسب مع ظروف الفرع اليمني في ذلك الوقت، وثمة من عارض (أي من قيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتواجدة في اليمن) التعامل معه عن كثب طالما بقي في إيران. كان خبيب السوداني من أبرز القيادات المعترضة على تدخل سيف العدل في تحديد السياسات الداخلية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لكنه لم يمانع من حيث المبدأ بقاء دوره في العمليات الخارجية وبالشكل “المعقول”.[47]
أما القيادي الشاب في فرع التنظيم باليمن سعد العولقي، فيرى أحقية الجيل الأول من الجهاديين – بمن فيهم سيف العدل – في الاستمرار بإدارة شؤون تنظيم القاعدة وفروعه المختلفة، وقد سعى إلى التقريب مراراً بين باطرفي والظواهري من جهة، ورأب الصدع بين الظواهري وسيف العدل من جهة أخرى، لكن مبادراته لم تنجح في تخفيف حدة هذه الانقسامات. وبرغم احترام العولقي الكبير لسيف العدل، إلا أنه يرى ضرورة احتفاظ الفرع اليمني بالاستقلالية التي اكتسبها خلال عهد الوحيشي، فضلا عن أهمية الحفاظ على موقف التنظيم في محاربة جماعة الحوثيين. بالتالي، لا يرى مانع من استشارة سيف العدل بشأن العمليات الخارجية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وفي رسم سياسات التنظيم الداخلية، على أن لا ينفرد هو بالقرار مع باطرفي دون الرجوع للقيادة العامة في افغانستان او مجلس شورى فرع التنظيم في اليمن.[48]
من جانب آخر، تجنب إبراهيم أبو صالح الرجل الأمني الأول في التنظيم وأحد المقربين من باطرفي، الخوض علناً في الخلاف الدائر حول سيف العدل. وبرر ذلك بنطاق صلاحياته التنظيمية التي تقتصر على الشق الأمني الداخلي، بينما الفصل في الشؤون الاستراتيجية والعمليات الخارجية هو من صلاحيات أمير التنظيم في اليمن. لكن حياد أبو صالح يصب في مصلحة سيف العدل، فمن خلف الأبواب يلعب أبو صالح دورا أساسيا في التأثير على قرارات باطرفي والتي باتت جميعها تصب في إطار توجيهات سيف العدل. [49]
ما بعد الظواهري
نجح سيف العدل في إحكام قبضته على خيوط اللعبة داخل تنظيم القاعدة على ثلاث مراحل:
- تعزيز نفوذه الشخصي على القيادات الإقليمية في اليمن والصومال وسوريا.
- ربط علاقات متينة بين الرجال الموالين له داخل قيادات الأفرع المختلفة.
- إضعاف العلاقة بين الفروع الإقليمية وبين القيادة المركزية في أفغانستان، ومن ثم قطعها تماما.
اعتقد سيف العدل أنه بمجرد رحيل الظواهري، سيكون طريقه سالكا إلى زعامة تنظيم القاعدة، لكن إقامته في إيران – وبقدر ما حمته من محاولات الاغتيال الأمريكية – مثلت مشكلة مستعصية تحول دون تحقيق طموحه لزعامة التنظيم.
وقد حاول سيف العدل مرارا إقناع الإيرانيين بضرورة انتقاله إلى اليمن، وفي العام 2020، قام سيف العدل بتنسيق عملياته مع الإيرانيين في المهرة وحضرموت، سعياً منه لإظهار فائدة تواجده هناك بشكل دائم لشن العمليات النوعية ضد خصومهم المشتركين. لكن مقترحه قوبل برفض قاطع من قبل مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، خشية أن ينتزع سيف العدل استقلاله الذاتي بمجرد خروجه من تحت ايديهم.[50]
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فقد أفصح سيف العدل لعدد كبير من قيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عن نيته نقل مركز القيادة العامة للتنظيم إلى اليمن، سواء استطاع هو الانتقال الى هناك بشكل شخصي، أو بقي في إيران كقائد في الظل. كما وعد سيف العدل بإرسال قيادات من الخارج ليكونوا بجانب باطرفي في إدارة فرع التنظيم.[51]
وإلى حين تحقق ذلك فإن مستقبل زعامة تنظيم القاعدة بعد رحيل الظواهري يتراوح حاليا بين ثلاثة سيناريوهات:
- تعيين أمير جديد منافس لسيف العدل مع بقاء الأخير كقائد فعلي بحكم الأمر الواقع، لاسيما فيما يتعلق بالعمليات الخارجية والإشراف العام على فروع التنظيم في سوريا واليمن والصومال. لكن حتى الآن لا تظهر أسماء قيادية ثقيلة قادرة على منافسة سيف العدل، والاسم الوحيد المرشح باعتباره من رجال الرعيل الأول من الجهاديين هو “عبدالرحمن المغربي” صهر الظواهري ومسؤول الاتصالات الخارجية والمشرف على مؤسسة السحاب الإعلامية، وهو مقيم أيضا في ايران.[52]
- سيناريو مركب، إما تعيين أمير جديد موالٍ لسيف العدل ونقل مركز القيادة العامة إلى خارج أفغانستان (غالبا إلى اليمن). وهنا يبرز اسم باطرفي كمرشح محتمل. بيد أن ما يعانيه باطرفي من انقسامات داخلية، وما يشهده فرع التنظيم في اليمن من خسائر متتالية في السنوات الأخيرة سوف يقوض فرصه في انتزاع الزعامة ويقلص إمكانية خلق ملاذ آمن يسمح بنقل القيادة العامة للقاعدة إلى اليمن.
أو تعيين شخصية من فرع القاعدة في الصومال. وقد جرى مؤخرا تداول اسم “أبو عبيدة أحمد عمر”، زعيم حركة الشباب، كمرشح قوي من منظور العناصر في الداخل. حاليا، تعد حركة الشباب الأقوى من بين بقية الفروع حيث تضع يدها على موارد مالية كبيرة ولديها سيطرة ميدانية واسعة تسمح لها بتأسيس ملاذات آمنة لقيادات القاعدة. وقد لقي اسم أبو عبيدة قبولا حتى عند قيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ويتمتع بعلاقات وثيقة مع سيف العدل من جهة، ومع قيادات الصف الأول في اليمن ومنهم باطرفي من جهة أخرى. - تعيين سيف العدل أميراً جديداً للتنظيم بشكل رسمي. وفي حال اختياره ومبايعته من قبل مختلف الفروع أثناء بقائه في إيران، فإن ذلك يعني تحول التنسيق الضمني بين القاعدة وطهران إلى تنسيق صريح لا لبس فيه، يرقى إلى تحالف استراتيجي على غرار ما هو قائم بين إيران وجماعات إسلامية سنية مسلحة مثل الجهاد الإسلامي أو حركة حماس في غزة. وعلى الأرجح فإن تنصيب سيف العدل أميراً للقاعدة سوف يستلزم خروجه من إيران، إما إلى اليمن أو الصومال أو أفغانستان. وإلى حين تحقق ذلك، سيستفيد سيف العدل من استمرار حالة الفراغ القيادي كي يعزز سلطته الفعلية في التنظيم معتمداً أسلوب القيادة في الظل إلى أن تصبح الظروف مواتية لإعلان نفسه كزعيم رسمي لتنظيم القاعدة.
سيف العدل ومستقبل تنظيم القاعدة في اليمن
في ظل الوضع السياسي والعسكري الراهن في الساحة اليمنية، ومع انتقال مركز القيادة الجهادية عمليا من أفغانستان إلى إيران؛ فمن المتوقع أن يتغير سلوك تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على المدى القريب والمتوسط ليتخذ سمتين أساسيتين:
- احتمال زيادة التركيز على ضرب المصالح الغربية وقوات التحالف الذي تقوده السعودية المتواجدة في جنوب وشرق اليمن، وحلفائهم المحليين في المعسكر المناهض للحوثيين. عملت الأذرع الإعلامية لتنظيم القاعدة، طيلة العام 2022، على تكريس خطاب رسمي جديد يرى في مجلس القيادة الرئاسي (الذي شُكل بدعم سعودي وإماراتي في أبريل/ نيسان 2022 ليحل محل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي) عدوا رئيسيا. كما أن التنظيم ركز في بياناته الرسمية على ضرورة “تحرير جنوب اليمن المحتل” من أيدي الكفار الأجانب، وعلى محاربة القوات العسكرية والأمنية المحلية لاسيما تلك التابعة للملجس الانتقالي الجنوبي، [53] دون التطرق الى خطورة تنامي سيطرة جماعة الحوثيين في معظم مناطق شمال اليمن.
- تنامي الخلافات الداخلية بين قيادات الصف الأول حول أسلوب الإدارة التنظيمية، والتوجه الاستراتيجي الذي يفترض أن ينتهجه التنظيم في اليمن. ومن المتوقع أن تزداد موجات الانعزال بين قيادات الصف الثاني في تنظيم القاعدة نظرا لضعف قيادة باطرفي وتنامي نفوذ سيف العدل وتراجع سيطرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على الأرض. وسوف يزداد الوضع تعقيدا مع غياب زعيم مخضرم كالظواهري الذي كان يتمتع بهيبة مكنته من تهدئة الكثير من الصراعات الداخلية في السابق.
ستنتج اختلالات جوهرية في ميزان القوى الحالي، لو انتهج تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سياسة استهداف المصالح الغربية والسعودية والإماراتية في اليمن، وسيمثل عنصر تهديد حقيقي لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى هدنة تخفض التصعيد وتحافظ على الاستقرار الهش الصامد رغم انقضاء الهدنة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا. من ناحية أخرى، يمكن للأزمة الداخلية التي يعيشها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أن تدفع قيادتها الحالية (بزعامة باطرفي) إلى محاولة رفع فاعلية التنظيم والحفاظ على تماسكه عبر تنسيق هجوم كبير – سواء ضد الحكومة، أو التحالف بقيادة السعودية أو المصالح الغربية – ومن شأن ذلك أن يربك المشهد السياسي والأمني الدقيق في البلاد.
خلال يناير/ كانون الثاني الماضي، التقى باطرفي بعدد من القيادات الميدانية، ومنهم “أبو الهيجاء الحديدي، وأبو علي الديسي وأبو أسامة الدياني وأبو محمد اللحجي”، وطالبهم بتجهيز عناصر للقيام بعمليات انتحارية بسيارات مفخخة، في محافظات شبوة وأبين وحضرموت وعدن. وقام باطرفي بتشكيل لجنة حشد للمقاتلين برئاسة القيادي “أبو علي الديسي” المسؤول الديني والأيديولوجي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. كما وجه الحديدي، الأمير المحلي للتنظيم في محافظتي شبوة وأبين، بحشد المزيد من العناصر للقيام بالعمليات ضد القوات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي. ورغم أن باطرفي حاول في آخر ظهور إعلامي له تبني موقف معاد ضد إيران والحوثيين، على وقع الانتقادات الموجهة ضده داخل التنظيم، إلا أنه في اجتماعاته الأخيرة وجه القيادات الميدانية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعدم شن أي هجمات نهائيا في مناطق سيطرة الحوثيين.[54]
ومن المتوقع أن يؤدي نمو عمليات القاعدة في المعسكر المناهض للحوثيين إلى نسف فرص السلام الضعيفة أصلا في البلاد؛ فهو من جهة سوف يغير محور الاهتمام الدولي من ملف السلام إلى ملف مكافحة الإرهاب، خصوصا في حال نجح فرع القاعدة اليمني في تنفيذ عمليات نوعية تستهدف قوات أجنبية في اليمن أو قام بترتيب عمليات خارج اليمن ضد مصالح إقليمية أو غربية، الأمر الذي سيجعل محاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أولوية دولية جديدة وملحة. من جهة ثانية، فإن ضرب مراكز القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية في معسكر الحكومة الشرعية سوف يعزز من اختلال ميزان القوى وإضعاف قدرتها على مواجهة الحوثيين ـ وبطبيعة الحال فإن عمليات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سوف تغذي أيضا الخلافات الداخلية في المعسكر المناهض للحوثيين خصوصا بين حزب الإصلاح و المجلس الانتقالي الجنوبي كلاعبين رئيسيين.
لقد كان انخراط القاعدة الملحوظ في المعارك ضد الحوثيين خلال العامين 2015 و 2016، عاملا أساسيا في تخوف المجتمع الدولي من استفادة التنظيم من حالة الحرب، وممارستهم لضغوط كبيرة على دولتي التحالف (السعودية والإمارات) وقيادة الشرعية اليمنية لتجنب سيناريو الحسم العسكري. واليوم، فإن تقاطع حسابات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وعملياتها الميدانية مع مصالح الحوثيين وحساباتهم السياسية، سيفرض ممارسة ضغوط أكبر على طهران وحليفها في اليمن لإضعاف تنسيقهم المتنامي مع التنظيم ومنعه من التطور. وهذا بدوره سيتطلب تخلي المجتمع الدولي عن المقاربات قصيرة النظر والتي قد ترى في الحوثيين أداة مساعدة في مكافحة الإرهاب.[55]
في المحصلة، لم يقد تنامي نفوذ سيف العدل إلى تغير المسار العملياتي لتنظيم القاعدة في اليمن وحسب، بل أثر بقوة على عقيدته الأيديولوجية وتوجهه الاستراتيجي، بما يجعله أكثر اتساقا مع المصالح الإيرانية في اليمن والمنطقة. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن إيران لا تكتفي بإمداد الحوثيين وحدهم بالأسلحة، فشبكات التهريب الإيرانية تعتبر أهم مزود بالسلاح لأذرع القاعدة في الصومال عن طريق حلفائها الحوثيين في اليمن.[56]
وعلى المدى البعيد سيستفيد الحوثيون من تنامي النشاط الجهادي السني في اليمن كغطاء لتبرير تمددهم العسكري تحت شعار مكافحة الإرهاب. في الوقت الراهن، يستغل الحوثيون نشاط القاعدة في المناطق الواقعة خارج سيطرتهم كغطاء لتمرير الأعمال المارقة التي يقومون بها وتصويرها كأعمال نفذها جهاديون: مثل عمليات التصفية الجسدية للمعارضين[57] أو استهداف المصالح الدولية. ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2020[58] بدأت تُشن عمليات نوعية في المهرة وحضرموت ضد الناقلات والسفن التجارية باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ – يشتبه بوقوف الحوثيين وراءها. تطورت هذه العمليات في الشهور الأخيرة لتشمل موانئ تصدير النفط وهو ما ألحق أضرار جسيمة بإيرادات الحكومة. وقد تشجعت إيران وحلفاؤها على انتهاج هذه الاستراتيجية الجديدة بعد أشهر فقط من مبادرة القاعدة إلى التخطيط لعمليات من هذا النوع في هذه المحافظات، كإحدى بنات أفكار سيف العدل في إيران.[59]
- “المواطن المصري المقيم في إيران سيف العدل هو الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة، حسب تقدير الولايات المتحدة”، وكالة الانباء الفرنسية، 16 فبراير/شباط 2023، https://www.france24.com/en/middle-east/20230216-us-says-iran-based-egyptian-saif-al-adel-is-new-al-qaeda-chief
- “إيران تنفي المزاعم الامريكية التي تربط بين طهران و زعيم القاعدة – على لسان وزير الخارجية” رويترز، 16 فبراير/شباط 2023. https://www.reuters.com/world/middle-east/iran-denies-us-claims-linking-tehran-al-qaedas-leader-foreign-minister-2023-02-16/
- عبدالباري عطوان، “ما بعد بن لادن: القاعدة، الجيل الثاني” (نيويورك، ذا نيو برس، 2012)، ص 80 – 105
- بشير البكر، “قيادات “القاعدة” في اليمن والسعودية: الوحيشي رأس التنظيم”، العربي الجديد، 5 مايو/ أيار 2014، https://www.alaraby.co.uk/قيادات-“القاعدة”-في-اليمن-والسعودية-الوحيشي-رأس-التنظيم1-3
- عطوان، “ما بعد بن لادن” ص 80 – 105 – عبدالاله حيدر “مسيرة تنظيم القاعدة في اليمن”، مأرب برس، 14 سبتمبر/ أيلول 2009، https://marebpress.net/articles.php?id=5804
- رسالة من بن لادن الى الوحيشي تعود غالبا لعام 2009 – 2010 في كتاب “وثائق ابوت اباد”، صادر عن نخبة الفكر احدى المنصات الجهادية التابعة للقاعدة، يناير/ كانون الثاني 2015، صفحة 108 – 116 (تحديداً الصفحة 110)، www.noor-book.com/كتاب-وثائق-ابوت-اباد-كامله-في-ملف-واحد-pdf. يستند الكتاب الى الوثائق الاصلية التي نشرها لأول مرة مركز مكافحة الإرهاب لدى أكاديمية “ويست بوينت” العسكرية الأمريكية. يمكن العثور على الوثائق في الموقع الالكتروني التابع لمكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية بعنوان ” Bin Laden’s Bookshelf”: https://www.dni.gov/index.php/features/bin-laden-s-bookshelf?start=10a
- المرجع نفسه، الصفحات 111، 163، 208-209.
- المرجع نفسه، الصفحة 5.
- نفس المصدر، صفحة 270. ثبت أن بن لادن كان على صواب عندما تبين أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية كانت تراقب اتصالات أنور العولقي. انظر: “جاسوس دنماركي يكشف أسرار العمل داخل “قاعدة اليمن” وعملية اغتيال أنور العولقي”، المصدر أونلاين، 14 يناير/كانون الثاني 2013، https://almasdaronline.com/articles/84931
- لورا سميث سبارك، “من هي القاعدة في جزيرة العرب؟” سي إن إن، 14 يناير/ كانون الثاني 2015، http://edition.cnn.com/2015/01/14/middleeast/yemen-al-qaeda-arabian-peninsula/
- “القاعدة في اليمن: توسيع القاعدة” ؛ مجموعة الازمات الدولية، 2 فبراير/ شباط 2017، https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/yemen/174-yemen-s-al-qaeda-expanding-base
- عطوان، “ما بعد بن لادن” ص 80 – 105.
- عبدالرزاق الجمل، “تراجع القاعدة في اليمن: هجر الأيديولوجيا وسط أزمة القيادة”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/15175
- كايل أورتون، “قيادة القاعدة: الوفيات والتداعيات”، عين أوروبية على التطرف، 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، https://eeradicalization.com/ar/قيادة-القاعدة-الوفيات-والتداعيات/
- مصدر جهادي رفيع في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، فبراير/ شباط 2022.
- “سيف العدل، ضابط الكوماندوز المصري الذي يرجح توليه زعامة القاعدة”، بي بي سي عربي، 4 أغسطس / آب 2022، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-62427982. أنظر أيضا: تقرير لجنة 11 سبتمبر/ أيلول (اللجنة الوطنية الأمريكية للتحقيق في الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة، أغسطس/ آب 2004)، ص. 251، https://www.9-11commission.gov/report/911Report.pdf
- كايل أورتن، “قيادة القاعدة: الوفيات والتداعيات”، منصة عين أوروبية على التطرف، 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، https://eeradicalization.com/ar/قيادة-القاعدة-الوفيات-والتداعيات/
- أورتون، “قيادة القاعدة: الوفيات والتداعيات”.
- مصدر جهادي في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، فبراير/ شباط 2022. وهي معلومة أكدها قيادي كان قريبا من القيادة العامة للتنظيم في أفغانستان، مارس/ آذار 2022.
- كشفت رسالة خاصة بعث بها سيف العدل إلى خالد شيخ محمد عقب التدخل الأمريكي في أفغانستان أنهما كانا في مرحلة ما يصدران أوامر متضاربة إلى عناصر القاعدة. انظر “مرافق احتجاز أم غرفة عمليات؟ – هل أدار سيف العدل القاعدة من سجون إيران؟”، موقع الحرة، 19 اكتوبر/ تشرين الأول 2022، https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2022/10/19/مرافق-احتجاز-أم-غرف-عمليات-أدار-سيف-العدل-القاعدة-سجون-إيران؟
- المرجع السابق. انظر أيضا حسام ردمان “رحيل الظواهري وفناء إرث بن لادن”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 22 أغسطس/ آب 2022، https://sanaacenter.org/ar/the-yemen-review/july-2022/18546
- هدى الصالح، “هذه قصة هروب ابنة أسامة بن لادن من طهران”، العربية، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، https://www.alarabiya.net/iran/2017/11/20/هذه-قصة-هروب-ابنة-أسامة-بن-لادن-من-طهران-
- معلومة من قيادي جهادي في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، فبراير/ شباط 2022. انظر أيضا “القاعدة في اليمن: كيف خرج معتقلو التنظيم من سجون الحوثيين؟”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 22 ديسمبر/ كانون الاول 2021، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/16098
- وفقا لتصريح قيادي جهادي كان عضواً من المجموعة التي استقبلت القادة المفرج عنهم على الحدود الإيرانية -الأفغانية وكان مقربا من الظواهري. مارس/ آذار 2022. وللمزيد انظر : “لماذا رفض سيف العدل مغادرة إيران؟ حسن أبو هنية يكشف التفاصيل” وثائقيات أخبار الآن، 13 أغسطس/ آب 2022، https://www.youtube.com/watch?v=AOa1sZe5jKc&t=197s وفقا لتصريح قيادي جهادي كان عضواً من المجموعة التي استقبلت القادة المفرج عنهم على الحدود الإيرانية -الأفغانية وكان مقربا من الظواهري. مارس/ آذار 2022. وللمزيد انظر : “لماذا رفض سيف العدل مغادرة إيران؟ حسن أبو هنية يكشف التفاصيل” وثائقيات أخبار الآن، 13 أغسطس/ آب 2022، https://www.youtube.com/watch?v=AOa1sZe5jKc&t=197s
- معلومة من قيادي جهادي في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، فبراير/ شباط 2022.
- نفس المصدر السابق.
- بعض القيادات الجهادية ممن انعزلت عن التنظيم (أو ابتعدت عن الاضطلاع بدور فاعل فيه) والتي تعارض بشدة سياسات سيف العدل تتهمه صراحة بالتورط في تصفية الوحيشي، على ضوء الاتهامات الموجهة لسيف العدل سابقاً بالتورط في تصفية الكثير من القادة غير المقبولين من طرفه.
- معلومة من قيادي جهادي في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، فبراير/ شباط 2022.
- نفس المصدر السابق.
- نفس المصدر السابق، وهي معلومة اكدها مصدر امني يمني. وللمزيد حول علاقة سيف العدل و تنظيم حراس الدين في سوريا انظر عبدالغني مزوز، “تنظيم حراس الدين: إشكاليات النشأة والتفكيك”، المعهد المصري للدراسات، 10 سبتمبر/ أيلول 2022، https://eipss-eg.org/تنظيم-حراس-الدين-إشكاليات-النشأة-والتفكيك/#_ftnref26
- أمين العاصي، “حراس الدين في دائرة الاستهداف الأمريكي”، العربي الجديد، 29 يونيو/حزيران 2022، https://www.alaraby.co.uk/politics/”حراس-الدين”-في-دائرة-الاستهداف-الأميركي
- مؤيد باجس، “قاعدة اليمن تنشر السيرة الذاتية لأبرز قادتها الحاليين”، عربي 21، 9 ديسمبر / كانون الأول 2015: https://arabi21.com/story/877603/قاعدة-اليمن-تنشر-السيرة-الذاتية-لأبرز-قادتها-الحاليين
- معلومة من قيادي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حُصل عليها في فبراير/ شباط 2022، وأكدها جهادي منعزل عن التنظيم في يوليو/ تموز 2022.
- معلومة من قيادي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حُصل عليها في فبراير/ شباط 2022. انظر أيضا سامي مجدي، “القاعدة في اليمن تتبنى حادث إطلاق النار في قاعدة تابعة للبحرية الأمريكية في فلوريدا”، أسوشيتد برس، 2 فبراير/ شباط 2022، https://apnews.com/article/middle-east-shootings-yemen-ap-top-news-pensacola-69a7bfc8d72823a1d055c73bbb349177
- معلومة من قيادي جهادي مقرب من الظواهري مارس/ آذار 2022، وأكدها قيادي جهادي آخر في اليمن فبراير/ شباط 2022.
- معلومة من قيادي جهادي منعزل حالياً عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يوليو/ تموز 2022.
- نفس المصدر السابق.
- “استهداف سفينة بريطانية قبالة سواحل حضرموت”، الخبر اليمني، 17 مايو/ ايار 2020، https://sa24.co/show13346662.html
- معلومة من قيادي يمني في تنظيم القاعدة، فبراير/ شباط 2022. وأكدتها مصادر امنية يمنية.
- نفس المصدر السابق.
- معلومة من قيادي جهادي منعزل عن التنظيم منذ عام، يوليو/ تموز 2022. وأكدها قيادي حالي في فرع تنظيم القاعدة في اليمن.
- معلومة من قيادي جهادي غير يمني كان قريب من الظواهري، مارس/ آذار 2022. وتجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تزامنت فعلا مع تقدم الحوثيين بقوة في المحافظات اليمنية الشرقية باتجاه مأرب وشبوة.
- معلومة من قيادي جهادي منعزل، يوليو/ تموز 2022. وأكدها قيادي غير يمني قريب من القيادة العامة للقاعدة في أفغانستان.
- يُستخدم هذا المصطلح للدلالة على خيار وسيط بين الانشقاق الكامل عن التنظيم وتبني موقف معارض صريح داخله. إذ يقرر عضو التنظيم التخلي عن المهام الموكلة إليه والعودة إلى منزله، دون نبذ التنظيم أو أهدافه. ويجوز لهم العودة كأعضاء فاعلين إذا تم حل مسألة الخلاف. أولى الجماعات المنعزلة بهذه الطريقة كانت الجماعة الموالية لأبو عمر النهدي – الأمير السابق للتنظيم في المكلا، ومنذاك أصبحت هذه الممارسة شائعة جدا.
- معلومة مع قيادي جهادي منعزل عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ عام 2021. تاريخ المعلومة يوليو/ تموز 2022.
- نفس المصدر السابق.
- أفاد بذلك مصدران الأول قيادي رفيع في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، في فبراير/ شباط 2022. والثاني قيادي رفيع منعزل في يوليو/ تموز 2022.
- نفس المصدر السابق.
- نفس المصدر السابق.
- معلومة من قيادي بارز في مجلس شورى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أغسطس/ آب 2022.
- نفس المصدر السابق.
- عبدالرحمن المغربي: نبذة موجزة، موقع مكافآت من أجل العدالة، rewardsforjustice.net/ar/rewards/عبد-الرحمن-المغربي-abd-al-rahman-al-maghrebi/
- عاصم طه الصبري، “تنظيم القاعدة يعيد ترتيب أولوياته في اليمن.. وتفاصيل حصرية عن القيادي في التنظيم “أبو علي الحضرمي”، موقع أخبار الآن، 28أغسطس/ آب 2022، https://www.akhbaralaan.net/news/arab-world/2022/08/28/تنظيم-القاعدة-يعيد-ترتيب-أولوياته-في-اليمن-وتفاصيل-حصرية-عن-القيادي-في-التنظيم-أبو-علي-الحضرمي
- عاصم طه الصبري، “خطة استباقية لزعيم القاعدة في اليمن لضرب المحافظات المحررة بالمفخخات”، موقع أخبار الأن، 28 يناير/ كانون الثاني 2023، https://www.akhbaralaan.net/news/special-reports/2023/01/28/خطة-استباقية-لزعيم-القاعدة-في-اليمن-لضرب-المحافظات-المحررة-بالمفخخات
- كان صعود الحركة الحوثية عاملا مهما في تحفيز الظروف اللازمة لانتشار التطرف لأنها أسهمت في تغذية الاستقطاب الطائفي وإضعاف مؤسسات الدولة. واليوم بعد أن أضعف تنظيم القاعدة الى حد كبير في المناطق التابعة للشرعية، يقوم الحوثي بإتاحة هامش حرية أكبر يسمح بالإبقاء على فاعلية تنظيم القاعدة وذلك بهدف ضرب أعدائهم المشتركين.
- “ضبط شحنة أسلحة مهربة من اليمن للصومال” موقع عدن الغد، 4 يوليو/ تموز 2022، https://adengad.net/public/posts/625367؛ جاي بهادور، “بصمة إيرانية؟ تعقب بنادق هجومية من طراز 56-1 في الصومال”، المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، https://globalinitiative.net/wp-content/uploads/2021/11/GITOC-An-Iranian-Fingerprint-Tracing-Type-56-1-assault-rifles-in-Somalia.pdf؛ مايكل سيغال، ” الحرس الثوري الإيراني يساعد في تهريب الأسلحة إلى حركة الشباب في الصومال”، مركز القدس للشؤون العامة، 6 يوليو/ تموز 2022، http://www.jcpa.org.il/article/חיל-הים-של-משמרות-המהפכה-מסייעים-בהבר/
- على سبيل المثال، تم في العام 2021 الإعلان عن اغتيال قائد مقاومة البيضاء موسى المشدلي شمال محافظة عدن وذلك قبل أيام فقط من سيطرة الحوثيين على محافظة البيضاء. وفي نفس العام فشلت محاولة اغتيال استهدفت محافظ عدن حامد لملس، وفي العام 2022، تم اغتيال القائد العسكري الجنوبي ثابت جواس الذي يُعتقد أنه من قام بتصفية مؤسس جماعة الحوثيين حسين الحوثي في حروب صعدة مطلع العقد الأول من القرن الحالي. وبحسب تحقيقات الحكومة، فإن الحوثيون هم من يقفون وراء هذه العمليات. لكن تنامي نشاط القاعدة جعل الرأي العام المحلي والدولي اميل الى تصديق رواية مسؤولية القاعدة.
- “عودة استهداف الناقلات.. أبرز الهجمات في البحر الأحمر والخليج وبحري العرب وعُمان”، الجزيرة نت، 14 ديسمبر/كانون الأول 2020، https://www.aljazeera.net/politics/2020/12/14/عودة-استهداف-الناقلات-أبرز-الهجمات-في
- أول عملية بطائرة مسيرة كانت في ديسمبر/ كانون الأول 2020 عندما تم استهداف سفينة بريطانية في المهرة بعد أشهر من عملية مماثلة قام بها تنظيم القاعدة في حضرموت، وظل هذا النمط من العمليات يتوالى وينمو تدريجيا إلى أن بلغ ذروته في العام 2022 وبات الحوثيون يتبنوه صراحة كورقة تفاوضية في حربهم الاقتصادية مع الحكومة المعترف بها دولياً. بعبارة اخرى فان الحوثي يستغل القاعدة اليوم في مسارين: أما لتغطية بصماته عن أي عملية امنية، او كوسيلة لاختبار ردود فعل خصومه قبل ان يتبنى نمط جديد من العمليات التي غيرت طبيعة الصراع في الوقت الراهن.