إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية جزيرة ميون تعيد لأبو ظبي والرياض وتل أبيب السيطرة على البحر الأحمر

لم تكن التطورات الأخيرة في جزيرة ميون اليمنية الواقعة على مضيق المندب، نقطة الاختناق المائية الأهم في العالم، بعيدة عن اهتمامات وسائل الإعلام في إسرائيل رغم التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية والتوتر في مدينة القدس.

ووفق الإعلام الإسرائيلي فإن الجزيرة تتصل بالأمن القومي للدولة اليهودية، وتتيح السيطرة عليها نفوذًا على البحر الأحمر وبحر العرب والقرن الأفريقي.

وكجزء من اهتمامات مركز صنعاء للدراسات، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها، يترجم المركز بشكل دوري ومستمر أبرز التقارير والمقالات التحليلية التي تنشرها وسائل إعلام ومراكز دراسات عبرية.



قاعدة جوية في جزيرة ميون تمنح أبو ظبي والرياض وتل أبيب السيطرة على البحر الأحمر

نقل موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي عن مصادر عسكرية قولها إن قرار استكمال بناء القاعدة الجوية في الجزيرة ستكون مهبط للطائرات العمودية التي تعود إلى حاكم الإمارات الشيخ محمد بن زايد.

ووفق الموقع فإن وضع أسراب مروحيات هجومية في الجزيرة سيتيح للإمارات السيطرة على دخول السفن وناقلات النفط التي تبحر عبر مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر ومن هناك إلى قناة السويس والعودة مرة أخرى. كما ستسمح هذه القاعدة بنشر قوات التدخل السريع للإمارات في غرب ووسط اليمن.

وذكر موقع ديبكا أن السفن الإماراتية وصلت، في أوائل شهر مايو، إلى الجزيرة محملة بمعدات هندسية ثقيلة، ومواد بناء، وقوات عسكرية. وتعد هذه المسألة من وجهة نظر القانون الدولي احتلال للجزيرة من جيش الإماراتي وضمها للإمارات النفطية. وسيشكل إنشاء قاعدة طائرات الهليكوبتر الهجومية تغييرًا جذريًّا في ميزان القوى في المنطقة.

جدير بالذكر أن إسرائيل هاجمت في البحر الأحمر، سفينة “إم في سافيز” الإيرانية، وتعرضت للضرر. وأفادت مصادر عسكرية أن هذا الهجوم الإسرائيلي جاء بعد أن طلبت الرياض وأبو ظبي من إسرائيل التحرك ضد السفينة الإيرانية التي سمحت لطهران بالسيطرة العسكرية والاستخباراتية على ما يجري في البحر الأحمر.

ووفق الموقع فإن تحييد سفينة سافيز التي كانت بمثابة قاعدة عسكرية عائمة والقاعدة الجوية في جزيرة ميون سيعيد لأبو ظبي والرياض وتل أبيب السيطرة على البحر الأحمر.

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريرًا نشرته وكالة أسوشيتد برس، وقالت إنه يجري بناء قاعدة جوية غامضة في جزيرة ميون البركانية قبالة الساحل اليمني، وهي جزيرة تقع في مضيق باب المندب وتهيمن على أحد أهم طرق النفط والتجارة البحرية المهمة في العالم. ولم تعلن أي دولة حتى الآن مسؤوليتها عن إنشاء القاعدة، لكن المشتبه به الرئيسي هو الإمارات العربية المتحدة.

قيل سابقًا إن الإمارات تعمل على إنشاء قاعدة عسكرية في ميون، وهي جزيرة يبلغ طولها 5.6 ​​كيلومترًا، وتدعي الحكومة اليمنية الضعيفة وغير القادرة على فرض النظام أن الإمارات مسؤولة عن إجراءات البناء الحالية. نشرت الإمارات، قبل بضع سنوات، قوات في الجزيرة في إطار عملية عسكرية لمساعدة السعودية في محاربة جماعة الحوثيين المسلحة، لكنها أعلنت عام 2019 انسحاب القوات من هناك.

يتيح مدرج هبوط الطائرات في جزيرة ميون لمن يتحكم به بسط سيطرته على مضيق باب المندب والشروع بسهولة في تفجيرات عميقة في اليمن.

يقول المسؤولون العسكريون في الحكومة اليمنية إن سفنًا إماراتية نقلت في الأسابيع الأخيرة أسلحة ومعدات عسكرية وجنودًا إلى جزيرة ميون. وأشاروا إلى أن التوتر الأخير بين الإمارات والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي نابع من مطالبة أبو ظبي بتوقيع حكومة هادي على اتفاق تؤجر بموجبه الجزيرة للإمارات لمدة 20 عامًا.


إسرائيل واجهت حربًا متعددة الجبهات خلال الصراع الأخير في غزة

قال سيث جي فرانتزمان[1] في صحيفة جيروزاليم بوست إنَّ إسرائيل واجهت صراعًا متعدد الجبهات خلال المعارك الأخيرة في غزة، إذ وجهت إيران رسائل إلى “حزب الله” في لبنان، وحماس في غزة خلال الفترة التي سبقت الصراع؛ لتنسيق رسائل الانضباط ليوم القدس قبل أن تشن حماس هجومها في 10 مايو/ أيار.

وذكر فرانتزمان أنه لا يُعرف الكثير عما فعل الحوثيون، لكن المعروف علنًا هو أنَّ تلفزيون “برس” الإيراني وجَّه الحوثيين للادعاء بأن “السُيَّاح الإسرائيليين يُنقلون إلى جزيرة سقطرى”.

وقال إنَّ إيران غذَّت قصصًا معادية لإسرائيل حول سقطرى من قبل، ويبدو أن شخصًا ما، ربما على صلة بإيران، كان لديه أيضًا أجندة لدفع تفاصيل حول قاعدة “غامضة” أخرى في جزيرة ميون. هذا ليس مرتبطًا بحرب غزة، لكنه جزء من الأجندة الإيرانية الأوسع في المنطقة.

ووفقًا لتقارير فقد يكون الحوثيون يعتمدون على طائرات إيرانية بدون طيار يمكنها ضرب إسرائيل. إضافة إلى ذلك، كشفت تقارير أنَّ الحوثيين “طلبوا من حماس إحداثيات أهداف إسرائيلية” خلال النزاع. كما طلبوا المشاركة وأشاروا إلى استعدادهم لدعم حماس. وأشارت حماس إلى أنها لا تحتاج إلى دعمها في الوقت الحالي، وبالتالي لم يتم تلبية طلب الحوثيين.

في سياق متصل، تناول المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة ما قاله اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري في إيران، إن اليمن وفلسطين يشتركان في المعتقدات الدينية ذاتها على الرغم من بعدهما الجغرافي، وإن “مقاومة الشعب اليمني إلى جانب الفلسطينيين تدل على مدى ارتباطهم بالقضية الفلسطينية”.

وقال فرانتزمان إن هذه التقارير هي الدلائل الأولى على أن الحرب متعددة الجبهات لم تكن فقط في مرحلتي التخطيط والتنسيق، ولكن ربما استخدمت إيران هذا الصراع باعتباره تجربة عملية لمستقبل العمليات متعددة الجبهات.


روسيا تلعب بدهاء مع الفاعلين في اليمن

نشر عوفيد لوبل[2] تقريرًا في موقع مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية ذكر فيه أنَّ النتيجة الحتمية لسياسة إدارة “بايدن” بشأن اليمن، مع هدفها الشامل المتمثل في إنهاء التدخل السعودي، هو تولي روسيا مرة أخرى دور الحَكَم الأعلى، كما فعلت في العديد من النزاعات والأزمات في جميع أنحاء المنطقة.

وقال إن أحد مفاتيح نجاح روسيا في هذا الصدد هو قدرتها في الحفاظ على علاقات ودية مع كل طرف فاعل حكومي وغير حكومي متورط في نزاع معين، مع الإبقاء بطريقة ما بهالة من الحياد العملي والموثوقية.

وأشار “لوبل” إلى أن أول ما فعله الحوثيون بعد انقلابهم العسكري في عام 2015 هو التواصل مع موسكو. وكرروا دعوتهم للتدخل الدبلوماسي الروسي عام 2018. وبصفتهم عنصرًا أساسيًا في “محور المقاومة” الإيراني، يجب أن يُنظر إلى تواصل الحوثيين على أنه ينبثق من التحالف الروسي الإيراني الأوسع الذي كان ملموسًا من فنزويلا إلى أفغانستان، حيث تعمل موسكو وطهران يدًا بيد على تقويض نفوذ الولايات المتحدة عالميًّا من خلال دعم الأنظمة المتحالفة. ساهم هذا التحالف أيضًا في أن تصبح روسيا لاعبًا رئيسيًّا في السياسة اللبنانية، وبين الجماعات الفلسطينية.

لكن روسيا أسست أيضًا شراكة إستراتيجية مع الإمارات (أحد الخصوم المفترضين لإيران)، كما دأبت على تعميق علاقاتها مع السعودية أيضًا. كلا البلدين كانا يرغبان أيضًا في جر روسيا إلى اليمن شأنهم شأن إيران. حتى الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح تواصل مع روسيا، وعرض حقوق إنشاء قواعد في البلاد.

فرضت روسيا نفسها، منذ عام 2016، باعتبارها وسيط رئيسي بين صالح والسعودية، وكذلك لحكومة هادي المدعومة من السعودية. عندما بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وهو حركة انفصالية يمنية، قتال حكومة “هادي” في حرب، حاولت روسيا مرة أخرى ترسيخ قدمها بين الاثنين.

وذكر “لوبل” أن الإمارات هي التي عمقت نوعيًا التدخل الروسي في اليمن على الرغم من انسحابها من البلاد من الناحية العملية حيث بدأت بتسهيل الاجتماعات بين المجلس الانتقالي وميخائيل بوغدانوف مبعوث بوتين الخاص للشرق الأوسط وإفريقيا، وفي نفس اليوم، التقى الروس بالحوثيين وحتى نجل صالح، مع استمرار الاتصال بممثلي هادي.

ذهب أحمد العيسي أحد أغنى وأقوى اللاعبين في اليمن إلى روسيا العام الماضي؛ لإجراء محادثات حول توسيع دعم موسكو لفصيله، التحالف الوطني الجنوبي. وأشاد بمواقف روسيا ووضعها بموازاة مواقف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

عاد وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” مؤخرًا من جولة إقليمية إلى الإمارات، والسعودية، وقطر لتعزيز دور روسيا باعتبارها مسؤولة عن الصراع في الشرق الأوسط.

يبدو أنَّ اتفاقية الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية في طريقها للانهيار، لذا فإنَّ الأشهر القليلة المقبلة قد نشهد فيها بشدة اختفاء هادي وبالتالي السعودية باعتبارها قوة ذات صلة في اليمن، مما يجعل نهج الولايات المتحدة بأكمله في التعامل مع الصراع محل جدل. وستُترك روسيا، بصفتها شريكًا وثيقًا لكل من الإمارات وإيران ووكلائهما، في موقف أقوى بكثير للتوسط في تقسيم اليمن.

ومما يزيد من سهولة مهمة روسيا هو صلات إيران الطويلة الأمد مع زعماء المجلس الانتقالي السابقين، الحراك الجنوبي، بما في ذلك زعيمهم علي سالم البيض، الذي يعيش في بيروت التي يسيطر عليها حزب الله، والذي اتهمه جيرالد فايرستاين سفير الولايات المتحدة السابق في اليمن عام 2013 بأنه يتلقى دعم مالي من إيران. كما تحتفظ إيران بعلاقات مع نشطاء الحراك المقيمين في اليمن، واستضافت بعضهم في طهران. أخيرًا، من المحتمل أن يكون لإيران تأثير على علي ناصر محمد، الذي يقيم حاليًّا في دمشق المتحالفة مع إيران، وهو زعيم سابق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة شأنه شأن البيض.

بالنظر إلى تحالف موسكو الوثيق مع إيران، سيكون من المزعزع للاستقرار إلى حد كبير بالنسبة لروسيا أن تضع نفسها عند نقطة الاختناق الاستراتيجية مثل مضيق باب المندب. الخطاب العدائي لأمريكا إزاء السعودية ورفضها الدعم العسكري للعمليات السعودية جردها من أي نفوذ قد يكون لديها في المفاوضات، وقد يُخرِج الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي السعودية من الصراع على أي حال.

من ناحية أخرى، فإن روسيا، التي أقامت علاقات ودية بالتساوي مع جميع الأطراف ومنهم السعودية مع عدم الضغط على أي منها لتحقيق نتيجة محددة، هي في وضع جيد للانقضاض على حلفاء الولايات المتحدة واحدًا تلو الآخر، واستمالة العملية الدبلوماسية بأكملها مرة أخرى.


إيران والحوثيون: حلفاء مصلحة أم طيور على أشكالها وقعت؟

كما نشر عوفيد لوبل مقالًا في موقع مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية أشار فيه إلى أنَّ التأطير الشعبي لعلاقة إيران مع الحوثيين في اليمن هو حديث، وتكتيكي، ورد فعل مطلق على التدخل العلني للسعودية في الصراع اليمني.

بحسب معظم المحللين، تحالف إيران مع الحوثيين يعد ببساطة وسيلة منخفضة الكلفة لتعطيل السعوديين، ويرى البعض أنَّ هذا التحالف يفتقر إلى الأسس الأيديولوجية والقيادة والسيطرة التي تشكل أساس علاقة إيران بوكلاء مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات الشيعية الرئيسية في العراق.

غالبًا ما يلقي التحالف نفسه باللوم على عاتق السعوديين، الذين تدخلوا في اليمن على وجه التحديد لمنع الحوثيين من أن يصبحوا “حزب الله” اليمني، ومن ثم يفترض أنهم فعلوا ذلك، مما دفع الحوثيين إلى أحضان إيران بدافع اليأس.

أمَّا بالنسبة للقصة التقليدية التي تتناول أصل الحوثي، فيُقال إنها انبثقت عن حركة إحياء الشيعة الزيدية في اليمن بالتسعينيات، وهي بحد ذاتها رد فعل جزئي على انتشار السلفية السنية الراديكالية التي أقرتها الحكومة ورعاتها في السعودية في الأراضي الزيدية. يُشار إلى الزيديين أحيانًا باسم “الشيعة الخمسة”، وهم فرع متميز من الإسلام الشيعي أقرب بكثير إلى الفقه السني منه إلى الشيعة “الاثنا عشرية” الراجحة التي تحكم إيران.

في هذا الرواية، بسبب الاختلافات الأيديولوجية الأساسية، لن يخضع الزيديون أنفسهم للمرشد الأعلى لإيران في إطار ولاية الفقيه، الأيديولوجية الحاكمة لجمهورية إيران الإسلامية التي تجعل حاكمها من رجال الدين له سيادة تتجاوز الحدود الوطنية على جميع المسلمين. بل تقول هذه الرواية إنَّ الحوثيين، مثل الزيديين، كانوا مجرد رد على المظالم الاجتماعية والاقتصادية والتهديدات لممارساتهم وتقاليدهم عندما بدأوا تمردهم المتصاعد ضد حكومة الرئيس علي عبدالله صالح عام 2004.

حتى الآن، عندما يشن الحوثيون الحرب بشكل واضح لغزو اليمن، يميل المحللون إلى التأكيد على أنَّ الجماعة تهدف إلى إعادة تأسيس الإمامة الزيدية الثيوقراطية الوحشية التي حكمت بشكل منتظم -بقدر ما يمكن استخدام هذه الكلمة في اليمن- أجزاء من شبه الجزيرة العربية لمدة ألف عام حتى عام 1962. هذه الإمامة، التي لا علاقة لها بمفهوم آية الله روح الله الخميني الذي صدر بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، كانت مبنية على الحكم المطلق للسيد -الذي هو من نسل النبي محمد. هذه هي، وليس ولاية الفقيه الخميني، التي يفترض أنَّ الحوثيين يحاولون إعادة تأسيسها.

لكن هناك أدلة مفصّلة قوية على أنَّ صعود الحوثيين هو نتيجة مباشرة لثورة الخميني الإسلامية عام 1979، وأنَّ إيران قد عززت عائلة الحوثيين وشركائها منذ ذلك التاريخ.

لم تذكر تقارير وكالة المخابرات المركزية ووسائل الإعلام عن أسماء المتورطين في نشاط الخمينيين في اليمن أوائل الثمانينيات، خلال الحرب الباردة، لم يكن انتشار الثورة الإسلامية أولوية وقد طغت عليه الجماعات المدعومة من السوفييت. ومع ذلك، تشير هذه التقارير بوضوح إلى بدر الدين الحوثي -رب الأسرة- وكذلك أبنائه ورفاقه.

سافر بدر الدين إلى إيران لزيارة الخميني وتهنئته في عام 1979. في النهاية، استقر هو وأبناؤه في إيران، بشكل متقطع، طوال الثمانينيات والتسعينيات. تأسست أول منظمة ثورية إيرانية في اليمن عام 1982، وتحولت إلى “تنظيم الشباب المؤمن” حوالي عام 1986 بمشاركة وثيقة من بدر الدين. بدأ اليمنيون، بحلول أواخر الثمانينيات، في تحذير الحكومة من أنشطته.

أوائل التسعينيات تطور “تنظيم الشباب المؤمن” إلى “تجمع الشباب المؤمن”، بمرافقة جناح سياسي هو “حزب الحق”، يمثله حسين بدر الدين الحوثي وصديقه المخلص عبدالله الرزامي، وكلاهما أصبح فيما بعد قادة التمرد الذي بدأ عام 2004. وفي نفس الوقت تقريبًا، بدأت التقارير تظهر عن سفر شيعة لبنانيين وعراقيين إلى اليمن وإنشاء مراكز تعليمية اثنا عشرية.

عام 1992، أصبح “تجمع الشباب المؤمن” هو “الشباب المؤمن”، الذي سُمي على اسم منظمة في لبنان تطورت إلى مكوّن أساسي لحزب الله، من خلال عمل محمد عزان وعبدالكريم جدبان المرتبطين بعلاقات عميقة مع حزب الله والنظام الإيراني، الذي قادهم بدوره عبر زرع نموذج حزب الله التطوري في اليمن.

تم إنشاء مراكز تلقين عقيدة الشباب المؤمن في جميع أنحاء المنطقة الزيدية، حيث تضمنت المواد محاضرات للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والعراب الروحي للجماعة محمد حسين فضل الله. تصف برقية دبلوماسية أمريكية عام 2005 أيديولوجية الشباب المؤمن بأنها “شيعة اثنا عشرية محلية الصنع”.

في الوقت نفسه، استقر حسين الحوثي وشقيقه عبدالملك، الزعيم الحالي للحوثيين، في أهم مركز ديني بإيران في قم، حيث ورد أن حسين كان قريبًا جدًا من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وتبنّى أيديولوجية الخميني للوحدة الإسلامية، وليس الإمامة الزيدية، كنقطة مرجعية فلسفية وسياسية أساسية.

يُزعم أن حسين بدأ السفر إلى سوريا وإيران خلال التسعينيات بحثًا عن الدعم لتأسيس حزب الله في اليمن، لكن الإيرانيين اختاروا تطورًا أكثر تدريجيًّا.

في عام 1999، سافر حسين إلى السودان، ثم القاعدة العملياتية للحرس الثوري الإيراني ووكلائه، حيث تم تدريبه وتكليفه بمهمته بشكل شبه مؤكد. دبر حسين عند عودته إلى اليمن انشقاقًا في الشباب المؤمن، على الأرجح بأمر من إيران؛ وأصبح فصيله يُعرف بأصحاب الشعار. هذا الشعار هو شعار الحوثيين الحالي “الله أكبر. الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل. اللعنة على اليهود. النصر للإسلام”.

هناك أدلة غير مؤكدة على أنه بين عامي 2001-2004، بدأ فصيل حسين في إعداد مستودعات الذخيرة والتحصينات لجهادهم المخطط، بعد أن أقاموا قاعدة متمردة قوية من خلال الأنشطة الاجتماعية والخيرية والتلقين من خلال المعسكرات الصيفية للشباب المؤمن.

وقف الرئيس صالح -وهو نفسه زيدي- إلى جانب الولايات المتحدة في هجمات 11 سبتمبر وما تلاها من “الحرب على الإرهاب”. وباعتباره جزء من هدف إيران العام المتمثل في تعطيل وتقويض الولايات المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أطلقت العنان لفصيل حسين من الشباب المؤمن للعمل ضد صالح الموالي لأمريكا، مما أثار حربًا لم تنتهِ إلا في عام 2010.

سمح “الربيع العربي” الذي اجتاح المنطقة عام 2011 وأطاح بصالح بالمرحلة التالية من تطور الحوثيين. تبنى الحوثيون أحد أسماء حزب الله، “أنصار الله”، وشنوا حربهم في اليمن.

تدفق الآلاف من مستشاري الحرس الثوري الإيراني، ووكلاء عراقيين، ولبنانيين إلى البلاد؛ لتدريب الحوثيين والإشراف على عملياتهم، مع تصاعد الدعم الإيراني في جميع المجالات من عام 2011 حتى عام 2020 – بما في ذلك منح الحوثيين قدرات متطورة للطائرات دون طيار، والصواريخ، ومنشآت تحت الأرض على غرار حزب الله في لبنان.

أرسلت إيران مؤخرًا “حسن إيرلو”، وهو ضابط في الحرس الثوري الإيراني وله علاقات طويلة الأمد مع قيادة الحوثيين، للإشراف على مشروع الحوثيين بصفته “سفيرًا” لإيران في اليمن، على الرغم من أن وظيفته في الواقع هي الحاكم العسكري الإسلامي. أنشأ الحوثيون، تحت الوصاية الإيرانية، نسخة طبق الأصل تقريبًا لأجهزة النظام الثوري الإيراني. تُظهر المزيد من تصريحات المسؤولين الإيرانيين وقادة الحوثيين أنَّ الأخيرين أصبحوا عضوًا كاملًا في “محور المقاومة” الإيراني، بما في ذلك التهديدات العلنية للحوثيين ضد إسرائيل، فضلًا عن اضطهاد الحوثيين للعقيدة البهائية، وهدفهم طويل الأمد المتمثل في التطهير العرقي لليمن من اليهود القلائل المتبقين.

وحسب التسلسل الزمني، تدخلت السعودية ردًا على حرب الحوثيين الذي حرّضت عليه إيران، وليس العكس. أمَّا بالنسبة لكونهم حركة إحياء زيدية محلية، فقد طردت القيادة الدينية الزيدية التقليدية الحوثيين وشركاءهم في الواقع؛ لمحاولتهم غرس العقيدة الخمينية بين الشباب الزيدي.

هناك دليل واضح على أن الحوثيين يتطلعون إلى نظام الثورة الإسلامية في إيران وحزب الله، وليس الإمامة الزيدية، باعتباره نموذجًا سياسيًّا وأيديولوجيًّا لهم، وأنَّ العلاقات العميقة لعائلة الحوثي مع رجال الدين الشيعة في الشرق الأوسط تعود إلى عام 1979. لقد أصبحوا متشابكين عسكريًّا تمامًا مع وكلاء إيران الآخرين من العراق إلى لبنان منذ عام 2011، كما أفادت تقارير بأنهم يقاتلون في سوريا.

ما يعنيه هذا هو أن الحوثيين مثل أسلافهم في إيران، هم حركة ثورية تتجاوز الحدود الوطنية، وأكد مسؤولوها صراحة أنَّ أهدافهم تتمثل في الفتح الإسلامي الشامل، وليس مجرد إمامة تقليدية في اليمن. وإذا لم تصطدم هذه الأيديولوجية المتعصبة بقوة عسكرية أقوى بكثير، فإنها ستواصل توسعها.


صحيفة “كيهان” الإيرانية تحذر أردوغان من المشاركة في الحرب اليمنية

سلّط معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (ميمري)[3] تحذير صحيفة “كيهان” الإيرانية، الناطقة بلسان النظام، والقريبة من الأوساط الأيديولوجية، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من التدخل في الحرب اليمنية لصالح السعودية.

وحذرت الصحيفة على مرتين من أن تركيا إذا فعلت ذلك، فلا شك أنَّ الكارثة التي سببتها صواريخ جماعة الحوثيين المسلحة بعيدة المدى للسعودية ستحدث أيضًا في تركيا. وذكرت أن تركيا يجب أن تأخذ في الاعتبار المواجهة مع المحور الإيراني، وأن الحوثيين في اليمن لديهم صواريخ تصل إلى تركيا، وطائرات مسيّرة تهدد التفوق الجوي.

ووفق المعهد فإن تقريري الصحيفة الإيرانية يأتيان ضمن سلسلة تقارير عن التوتر بين إيران وتركيا.


ازدهار تهريب المخطوطات القديمة في اليمن

أعاد منتدى التفكير الإقليمي نشر تحقيق لموقع العربي الجديد تناول فيه ازدهار صناعة تهريب المخطوطات القديمة في اليمن في ظل الحرب الأهلية.

وذكر التحقيق أن من بين هذه المخطوطات المهربة، مخطوطة توراة قديمة عمرها ما يقرب من 800 عام. حفظت هذه المخطوطة المكونة من جزأين في المتحف الوطني في مدينة تعز، وأخذت منه في يونيو 2015. وقد ضبطت قوات الأمن اليمنية أحد أجزاء التوراة أثناء محاولة تهريبها عبر الحدود بين اليمن والسعودية في 2019، وهي حاليًا بحوزة دار الآثار اليمنية.

في المقابل، شق الجزء الثاني طريقه إلى إسرائيل مع عائلة يهودية هاجرت من اليمن إلى إسرائيل أوائل عام 2016، وتم تقديمه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي استضاف العائلة في مكتبه عند هجرته إلى إسرائيل. وفي هذا السياق، يشير التحقيق إلى أن معظم المخطوطات القديمة المهربة من متحف تعز كانت مخطوطات إسلامية ويهودية، منها 115 مخطوطة موقعة من الحاخام شالوم الشبزي، أحد أشهر حاخامات اليمن.

فُقدت وسُرقت في أعقاب الفوضى التي اندلعت في المدينة عام 2015 العديد من هذه المخطوطات، وعاد أحدها، الذي اعتُبر ضائعًا، إلى الظهور عام 2016 على الموقع الإلكتروني لدار مزادات شهيرة (دار سوثبي)، وعُرضت للبيع مقابل 52،500 دولار.


الحواشي

  1. محلل في شؤون الشرق الأوسط لدى صحيفة جيروزاليم بوست. غطى الحرب ضد تنظيم داعش، وحروب غزة الثلاثة، والصراع في أوكرانيا، وأزمة اللاجئين في أوروبا الشرقية. حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة العبرية في القدس عام 2010. عمل باحثًا مشاركًا في مركز “روبين” للأبحاث والشؤون الدولية، ومحاضرًا في الدراسات الأمريكية في جامعة القدس. يشغل حاليًّا منصب المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل.
  2. محلل سياسات في مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية AIJAC))، يركز على التفاعل الجيوستراتيجي بين إيران، وروسيا، وإسرائيل، وتركيا في الشرق الأوسط. وتُنشر تحليلاته على نطاق واسع في الصحف والمجلات، بما في ذلك صحيفة جيروزاليم بوست، وهآرتس، وذا أستراليان، وكاب إكس، ومعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية، فضلًا عن مجلة “أستراليا/ إسرائيل ريفيو” الشهرية التابعة لمجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية.
  3. معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (Middle East Media Research Institute, MEMRI) هي مؤسسة في واشنطن، أسسها ضابط المخابرات في الجيش الإسرائيلي إيكال كرمون والإسرائيلية الأمريكية ميراڤ وورمسر عام 1998، وتنامى نشاطها بعد هجمات 11 سبتمبر. المؤسسة تترجم مقالات مختارة من الصحافة العربية والإيرانية إلى الإنجليزية وغيرها. تنقل منها صحف أمريكية منها نيويورك تايمز. للمزيد انظر: https://n9.cl/jglij
مشاركة