إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

التنمية قادمة: توخوا الحذر في تطلعاتكم

Read this in English

الملخص التنفيذي

منذ عام 2021، تعالت دعوات اليمنيين لاستحداث طرق أكثر نجاعة في مجال تقديم المساعدات[1]، حيث حذّر خبراء يمنيون من مغبة الدورات الممتدة للمساعدات الإنسانية قصيرة الأجل التي من شأنها ترسيخ الاعتمادية؛ داعين إلى التحوّل نحو نُهُج إنمائية كفيلة بوضع حجر الأساس لاقتصاد مستدام في مرحلة ما بعد الصراع[2]. وعلى الرغم من تباين التفسيرات واختلاف المواقف حول تعريف التنمية في الممارسة العملية، إلا أن هذا التحوّل جارٍ تحقيقه بالفعل، ويسير، ولو ببطء، صوب مرماه.

ومن ثَمَّ، يصدُر حاليًا عن مقر الأمم المتحدة في صنعاء، ومكاتب البنك الدولي في بوليفارد العبدلي بعمان، ومؤتمرَي الرياض وبروكسل، أُطر عمل وآليات تنسيق جديدة من المقرر أن تُحدِث تغييرًا جذريًا في سُبُل تقديم المساعدات إلى اليمن خلال العقد المقبل. ستستغرق هذه النُهُج الجديدة وقتًا ليس بقصير لتعكس أثرًا ملموسًا على أرض الواقع، ولكن التغييرات التي تنتجها ستكون جوهرية ودائمة.

في الواقع، كان لمجموعة شركاء اليمن، التي تضم الجهات المانحة وقيادة الأمم المتحدة والبنك الدولي، الفضل بصورة أساسية في تفعيل هذه الخطوة التحوّلية، حيث أخذت المجموعة على عاتقها مهمة إتاحة أفضل سبل ممكنة للتنسيق والمساءلة عبر حزمة برامج تحت مظلة النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية؛ لتحتل عملية التحوّل من العمل الإنساني إلى التنمية موضعًا راسخًا على قمة جدول أعمال الجهات المانحة والأمم المتحدة في اليمن. على الصعيد الآخر، تنتقد بعض الأطراف غياب تعريف واضح مشترك لهذه العلاقة، ما قد يُتيح للعديد من الوكالات مجالًا لإعادة تسمية مشاريعها دون إدخال تغييرات جوهرية في عملياتها. كما أن مجموعة شركاء اليمن تعتمد بشدة على الجهات الفاعلة الدولية، ولذا، يلزم عليها إيجاد سبل لتوسيع نطاق المشاركة في صنع القرار دون الانهيار تحت ثقل العجز الذاتي.

أتاح التحوّل من المساعدات الإنسانية إلى المساعدات التنموية فرصًا لبناء اقتصاد مستدام وشامل. وأكدت الجهات الفاعلة اليمنية التي جرى مقابلتها بغرض إعداد هذا التقرير -بما في ذلك جهات فاعلة في قطاع المساعدات والاقتصاد وقادة منظمات إغاثية محلية ووطنية -وأقرّت بمجالات التحسن الملموسة، التي ظهرت في تحسّن المواءمة في قطاع المساعدات؛ والتوازي في تنفيذ نهج تنموي وإنساني بصورة أكثر إبداعًا وتنسيقًا؛ فضلًا عن إتاحة برامج بجداول زمنية أطول أمدًا تشمل تمويلًا متعدد السنوات؛ وتوفير نهج أكثر استدامة، لا سيَّما تزايد إدماج المجتمعات المضيفة. وفي حين أفادت كبرى الجهات الفاعلة اليمنية في مجال الإغاثة أن لديها قدرة أكبر على التأثير على أجندة العمل الإنساني، أعربت المنظمات المحلية عن أنها تكافح من أجل الاستمرار وسط تحديات كبيرة.

ومع ذلك، فإن النظام التنموي يختلف جذريًا عن قرينه الأصغر، نظام المساعدات الإنسانية. ربما لا يكاد يُرى الاختلاف بينهما؛ لأن برامجهما غالبًا ما تكون متشابهة على أرض الواقع. إذ قدمت كل من الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني والتنموي على حدٍ سواء مساعدات نقدية للأسر الفقيرة في اليمن، فضلًا عن إعادة إعمار المدارس والعيادات والمرافق الصحية وشبكات توزيع المياه، إلا أن النظام التنموي أقل استعدادًا لتحمل المخاطر، ويضع معايير أعلى بكثير لشركائه. وبالنظر إلى ما يشهده اليمن من انقسام داخل الحكومة واستمرار الصراع والقيود المفروضة على تحويل الأموال ومواصلة تبني اقتصاد الحرب، نجد أن البلاد لا توفر بيئة مناسبة لنهج التنمية التقليدية. لذا، قد ترى الجهات الفاعلة اليمنية -لزامًا عليها -تكثيف جهودها لإثبات كونها شركاء تنمية موثوق بهم.

كما أن النظام التنموي سياسيُّ الطبع بصورة أعمق، مقارنةً بقرينه الإنساني. وبالتالي، فإن الانتقال من المساعدة الإنسانية إلى المساعدة التنموية سيهدد بتفاقم شقوق الصراع والصدع الاقتصادي والحكومي الذي تعانيه البلاد ما لم يتم استقاء آراء الأطراف المحلية بشكلٍ وافٍ وكاف.

أضحى اليمن في منعطف بالغ الخطورة، في ظل انخفاض مستويات التمويل الإنساني عالميًا إثر ظهور بؤر عمليات إغاثية جديدة، مثل أوكرانيا على سبيل المثال لا الحصر؛ وفي ظل الحذر المتزايد الذي تغلغل إلى العديد من الجهات المانحة الدولية بشأن مخاطر الاستثمار في مساعدات تنموية مستدامة في اليمن. ومع تعثر الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للصراع باليمن في أعقاب تداعيات الحرب الجارية في غزة، يخشى اليمن الآن أن يُصبح أزمة منسيّة، خاصةً مع نضوب التمويل الإنساني، وعرقلة تنفيذ تدخلات أكثر استدامة بسبب حالة “اللاحرب واللاسلم”.

وبالنظر إلى آفاق المستقبل، تشمل المخاطر الرئيسية التي يفرضها التحوّل من المساعدات الإنسانية إلى المساعدات التنموية ما يلي:

  • القلق المستمر لدى المانحين إزاء الاستثمار في برامج التنمية في ظل غياب أية احتمالية لتوقيع اتفاقية سلام، مما يزيد من أخطار استمرار حالة الجمود ما بين الاعتماد على المساعدات الإنسانية التي مصيرها النفاد، والدعم التنموي غير الكاف.
  • صعوبة تعزيز الثقة الدولية في أن يضع اليمن إطارًا وطنيًا متماسكًا لتوجيه التمويل الإنمائي وأن يصبح شريكًا واعدًا لتمويل إنمائي واسع النطاق، دون إحراز تقدم حقيقي في محادثات السلام.
  • بعض الجهات اليمنية وأفراد يمنيين لديهم فهم ضحل لبرامج التنمية المموّلة دوليًا، وغالبًا ما يُشاد بها باعتبارها إيجابية بشكل لا لبس فيه.
  • لا تزال الجهات الفاعلة في مجال التنمية تكافح عمليًا من أجل تحمُّل التداعيات السياسية لقراراتها. وقد يكون التنسيق والعمل بشكل مباشر مع الجهات الفاعلة المحلية هو الخيار الوحيد المتاح، لكنه يهدد بزيادة التشرذم الذي يعانيه المجتمع اليمني.
  • لا يوجد دليل واضح على أن التقدم المحرز في التخطيط الإستراتيجي قد أدى إلى تغييرات فعّالة في خطط التنفيذ على أرض الواقع.
  • ستظل الاحتياجات الإنسانية قائمة، في ظل تدهور منظومة التمويل. تكمن خطورة سرعة التحوّل إلى المساعدات التنموية في أنها ستؤثر سلبًا على تدفق المساعدات المباشرة للمجتمعات الأكثر احتياجًا في خضم تضاؤل الموارد الإنسانية، وغياب شبكات الأمان الاجتماعي المموّلة من الحكومة أو من المساعدات التنموية لسد هذه الفجوة.
  • استمرار تدفق الأموال (وبالتالي سلطة اتخاذ القرار) عبر جهات محددة، مما يُصعّب فرض أي تغيير لصالح تعزيز الملكية اليمنية لقيادة أجندة التنمية، حتى لو وُضعت أفضل السياسات والأطر ذات الصلة.

في حين أن التحول إلى التنمية طويلة المدى هو هدف جدير بالاهتمام، لكن، واقعيًا، سيكون اليمن مشتتًا على أرض مشاع يسودها الفوضى بين المساعدات الإنسانية والتنموية في المستقبل المنظور. لكن النبأ السار هنا هو أن بعض النُهُج والأطر الجديدة، بما في ذلك النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، تهدف إلى تعزيز عملية تقديم المساعدات في السياقات الانتقالية. وفي جميع الأحوال، سوف يتحدد نجاح مساعي تقديم المساعدات خلال العقد القادم بمدى نجاح اليمن في الاستفادة من هذه النُهُج التحوّلية.

يمكن لليمن تحقيق استفادة قصوى من النُهج الترابطية والتحوّلية الجديدة، خاصةً إذا كانت هذه النُهُج قادرة على البناء على التقدم المتزامن الذي يُحرز من أجل التوصل لتسوية مستدامة للصراع. لكن إذا ظلت الجهات الفاعلة اليمنية الرئيسية غير قادرة على توجيه الأجندة بشكل فعّال، أو إذا لم يتعلم المجتمع الدولي من أخطاء الماضي، يُخشى على اليمن أن يمضي عبرة لمن اعتبر.

ما المقصود بالنهج الترابطي؟

يشير النهج الترابطي إلى الجهود المبذولة لزيادة التنسيق بين الجهات الفاعلة العاملة على تعزيز القدرة على الصمود في السياقات الهشة، وذلك بالاعتماد على الُنُهج الإنسانية والإنمائية ونُهُج بناء السلام. يعتمد هذا المفهوم على الجهود المبذولة سابقًا لإيجاد طرق أكثر نجاعة لردم الفجوة بين البرامج التقليدية للتدخل في حالات الطوارئ وبرامج التنمية، إلا أنه اكتسب مزيدًا من الأهمية عندما اعتمدته الأمم المتحدة والبنك الدولي في "أسلوب العمل الجديد (2017)" ولجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD-DAC) عام 2019.[3]

ومع ذلك، وبعيدًا عن الفهم العام لمصطلح النهج الترابطي على أنه وسيلة لتنسيق الاستجابة الإنسانية من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف المشتركة، لا يزال هناك تباين كبير في فهم معنى الترابط وطريقة تفعيله في سياقات الأزمات حول العالم. تختلف وجهات النظر حول ما يعنيه النهج الترابطي "في الممارسة العملية"، وغالبًا ما توضع استراتيجيات الترابط التي تُنفذ قُطريًا بشكل مخصص جدًا لكل سياق بعينه، وتختلف كثيرًا عن نظيراتها من الاستراتيجيات التي تُوضع في بلدان أخرى ذات ديناميكيات سياقية متشابهة. ووفقًا لأحد الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلة، لا تزال دفة النقاش حول النهج الترابطي بيد أشخاص يجلسون خلف مكاتبهم سواءً في الفروع الإقليمية أو المقرات الرئيسية، بمشاركة ضئيلة ومحدودة للغاية في التنفيذ الفعلي للمشاريع على أرض الواقع. كما أن الانقسامات حول كيفية تنفيذ هذا النهج الترابطي عميقة في اليمن، حيث أعربت مجموعة من الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات من مختلف المنظمات الدولية والوطنية عن عدم فهمهم أو عدم موافقتهم على النهج الحالي.

المنهجية

ركزت هذه الورقة على تقييم الطريقة التي استطاعت بها الجهات المقدِمة للمساعدات تكييف نهجها في اليمن منذ نشر عدد الأوراق التي تنتقد آلية العمل الانساني في عامي 2021 و2022[4]. يستند التقييم إلى نهج نوعي واستراتيجي لتحديد الفرص بهدف زيادة المشاركة وتعزيزها من خلال الترابط بين المساعدات الإنسانية والاقتصاد، وتقوية الأصوات المحلية والإنصات لها عند تصميم برامج المساعدات وتقديمها في اليمن.

أجرى فريق البحث مقابلات مع 31 جهة فاعلة في مجال المساعدات الإنمائية والإنسانية تعمل في اليمن، فضلًا عن 12 خبيرًا يمنيًا في مجال المساعدات والاقتصاد لتحديد التغييرات الرئيسية التي طرأت على أسلوب تخطيط برامج المساعدات وتقديمها منذ عام 2021. يَرد دليل المقابلات في الملحق 1.

علاوة على ذلك، أرسل فريق البحث استبيانًا إلكترونيًا أجاب عليه 64 جهة يمنية معنيّة بمجال المساعدات والاقتصاد، التي قدمت مدخلات حول تصورها للترابط بين العمل الإنساني والاقتصاد في اليمن، والتحديات ذات الصلة، وكيفية التغلب عليها وسبل المُضي قدمًا. شارك في الاستطلاع ممثلون عن المجتمع المدني (65%)، والحكومة (19%)، والقطاع الخاص (14%)، وأكاديميون (2%). لدى غالبية الجهات المعنيّة اليمنية المشاركة في الاستطلاع خبرة عمل على المستوى الوطني (في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وتلك التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثيين)، منهم 23% عملوا على المستوى المحلي أو دون الوطني. كما أخذت الاعتبارات الجندرية بعين الاعتبار عند إجراء الاستطلاع، حيث شكلت النساء نسبة 46% من المشاركين في هذا البحث. يرد نموذج الاستبيان الإلكتروني في الملحق 2.

وأخيرًا، أجرى فريق البحث استعراضًا مستنديًا للوثائق الرئيسية ذات الصلة المنشورة منذ عام 2021.

وبناءً على نتائج الاستبيان والمقابلات والاستعراض المستندي، استطاع فريق البحث تفنيد ما يفرضه التحوّل إلى النهج الترابطي من مخاطر وفرص، وقدم عددًا من التوصيات لكل من الجهات الفاعلة اليمنية والدولية، لضمان إسهام الاستثمارات في المساعدات الإنسانية في بناء أسس مستدامة لاقتصاد ما بعد الحرب.

قيود الدراسة

يركز النهج الترابطي على الجمع بين نُهُج المساعدات الإنسانية والتنمية وصنع السلام. وتهتم هذه الورقة البحثية بدراسة الكيفية التي يمكن بها لليمن الاستفادة من المساعدات لدعم اقتصاد مستدام، وبالتالي، تركز بالأساس على التحوّل من المساعدات الإنسانية إلى المساعدات الإنمائية؛ مع إيلاء قدر محدود من الاهتمام إلى دور نهج صنع السلام في اليمن. وقد استفاد فريق البحث لدى إعداد هذا التقرير من مراجعة أجراها عدد من الخبراء في مجال صنع السلام.

علاوة على ذلك، تتناول هذه الورقة البحثية مجال المساعدات التقليدية، لاسيما المساعدات التي تُقدّم وفق معايير لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD-DAC) الخاصة بالمساعدات الإنمائية أو خطط الاستجابة الإنسانية. في الآونة الأخيرة، تزايدت المؤلفات والمنشورات حول ظهور جهات مانحة غير تقليدية (بما في ذلك المؤسسات الخيرية والدول التي تعمل غالبًا خارج قواعد لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مثل الصين ودول الخليج). من جهة أخرى، تلعب التدفقات المالية الأخرى، مثل الاستثمارات والتحويلات المالية، أيضًا، دورًا رئيسيًا في التنمية، ولكنها تقع خارج نطاق هذه الدراسة.

وأخيرًا، تتعالى أصوات كثيرة تدعو إلى تغييرات جوهرية في الطريقة التي تُقدم بها المساعدات، بما في ذلك إنهاء سيطرة الجهات المانحة الأجنبية على طرق التعامل مع المساعدات وتوطين عملية صنع القرار. ورغم أن هذه الورقة تدعم وبقوة تلك التطلعات، إلا إنها تستهلّ بفرضية أكثر تشاؤمًا تقضي بأن قرارات تمويل المساعدات التقليدية ستبقى إلى حد كبير بيد العواصم الغربية في المستقبل المنظور. وبرغم من تأييدنا الكامل لضرورة إدخال المزيد من التغييرات الجذرية، إلا إننا نرى أن مدى قدرة الجهات الفاعلة اليمنية على الاستفادة من المساعدات الخارجية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة سيعتمد إلى حد كبير على قدرتها في التأثير على طريقة تفكير الجهات المانحة التقليدية، على الأقل على المدى القريب.

أُجريت جميع المقابلات عبر الإنترنت، بالاعتماد على الشبكات المتاحة لدى مُعدي هذا التقرير ومركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية؛ وهو ما ساهم في كفاءتها وسمح لفريق البحث باستقاء آراء صناع القرار في مجال المساعدات والاقتصاد المنتشرين في جميع أنحاء اليمن والعواصم الإقليمية/العالمية. ومع ذلك، تبيّن أن وجهات النظر والآراء الواردة في هذه الوثيقة تُعبّر بشكل أكبر عن آراء مَن يشكلون النخبة التقليدية لصنع القرارات ممن يمكنهم الاستعانة بوسائل اتصال مستقرة عبر الإنترنت. وبالتالي لن تستعرض هذه الدراسة آراء الفئات المحرومة من وسائل التواصل الإلكتروني أو غيرها من الفئات المهمشة تقليديًا.

تقييم مجال العمل الإنساني/ تقديم المساعدات في اليمن

قبل التطرق إلى التغييرات الرئيسية التي طرأت على نظام العمل الإنساني أو المساعدات منذ عام 2021، سيكون من المفيد تقييم تطور قطاع العمل الإنساني أو المساعدات في اليمن خلال العقود القليلة الماضية بإيجاز.

في أعقاب توحيد شطرَي اليمن عام 1990، شرع البنك الدولي وغيره من الجهات التنموية الرئيسية بالاستثمار في مجال الخدمات والبنية التحتية الأساسية، لكن في ظل المخاوف المثارة بشأن الفساد وضعف قدرات الدولة، أنشأ البنك عددًا من منظمات/ هيئات شبه حكومية منوط بها توجيه تمويل المساعدات في مسارها السليم. وكان من ضمن هذه الهيئات الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي لا يزال يضطلع بدور رئيسي في دعم المساعدات النقدية وشبكات الأمان الاجتماعي، ومن بينها أيضًا مشروع الأشغال العامة[5]. إلا أن نشاط البرامج التنموية توقف إلى حد كبير أوائل عام 2015، وذلك بعد سيطرة جماعة الحوثيين (المعروفة أيضًا باسم حركة أنصار الله) على العاصمة اليمنية “صنعاء”[6].

أدى استيلاء الحوثيين على صنعاء إلى تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية في مارس/آذار 2015، مطلقٍ في طياته مخاوف بوقوع كارثة إنسانية في اليمن. وبالفعل، في يوليو/تموز 2015، أعلنت الأمم المتحدة حالة الطوارئ من المستوى الثالث؛ المستوى الأعلى لديها فيما يخص الاستجابات الإنسانية[7]. على إثره، سارعت المنظمات الإنسانية العالمية، التي لم يكن لدى عديدٍ منها سوى تواجدٍ محدودٍ داخل اليمن، إلى توسيع نطاق عملياتها أو إنشاء عمليات جديدة داخل البلاد، حيث ارتفع تمويل المساعدات الإنسانية في اليمن من 430 مليون دولار أمريكي عام 2014 (أيّ أقل من 2% من إجمالي التمويل الإنساني عالميًا)، إلى 5.2 مليار دولار أمريكي عام 2018 (وهو ما يعادل 20% من إجمالي التمويل الإنساني العالمي)؛ ليصبح اليمن بذلك أكبر استجابة إنسانية على الإطلاق من حيث القيمة الدولارية.[8]

جُمعت معظم هذه الأموال من خلال دعوات قادتها الأمم المتحدة؛ بينما حُصِّل الجزء الباقي من جهات فاعلة أخرى خارج النظام المنسق للأمم المتحدة، مثل الهلال الأحمر الإماراتي أو البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن[9]. وبحلول عام 2022، أصبح هناك 200 منظمة إنسانية نشطة في جميع مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية (12 وكالة تابعة للأمم المتحدة، و58 منظمة غير حكومية دولية، و130 منظمة غير حكومية وطنية)[10]، رغم أن العديد من المنظمات واجهت صعوبات على الدوام في الوصول إلى مناطق خارج المدن الكبرى.[11] تحظى بعض الجهات الفاعلة الوطنية الرئيسية في مجال المساعدات، مثل جمعية الهلال الأحمر اليمني، وجمعية رعاية الأسرة اليمنية، والصندوق الاجتماعي للتنمية، بانتشار واسع على المستوى الوطني وبالتالي تمكنت من التأثير في كيفية تقديم المساعدات بصورة كبيرة. ومع ذلك، غالبًا ما تفتقر المنظمات غير الحكومية المحلية الأصغر حجمًا، وخاصة تلك الموجودة في المناطق الريفية، إلى الموارد والقدرات اللازمة للمشاركة بفعالية في عملية صنع القرار، والتي تتم في المدن الكبرى داخل اليمن أو في الخارج.[12]

إن التركيز العالمي المتزايد على كيفية بناء علاقة ترابطية بين المساعدات الإنسانية والتنمية هو بمثابة القوة الدافعة نحو تنفيذ الإصلاح في اليمن. فمنذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي، تزايد الوعي بشكل كبير، وأُدرِك أن الأساليب التقليدية لتقديم المساعدات ليست الخيار الأمثل في حالة الصراعات التي طال أمدها، كونها تركز على مساعدات إنسانية قصيرة الأجل لتلبية احتياجات طارئة لإنقاذ حياة المتضررين، ومساعدات إنمائية طويلة الأجل لبناء القدرات الوطنية وتعزيز النمو الاقتصادي. سعت أطر عالمية مثل الصفقة الكبرى (2016)، ومبادرة السلام والتنمية الإنسانية (2016)، وأسلوب العمل الجديد للأمم المتحدة (2017) إلى تعزيز حلول مستدامة تقودها جهات محلية تغطي قطاعات المساعدات الإنسانية والتنمية والتعامل مع الصراع والانقسام الاقتصادي[13]. ودعت الصفقة الكبرى إلى “توجيه ما لا يقل عن 25% من التمويل الإنساني إلى المستجيبين المحليين والوطنيين بشكل مباشر قدر الإمكان لتحسين أوضاع الأشخاص المتضررين وتقليل تكاليف المعاملات”، على الرغم من أن 2% فقط من التمويل ذهب إلى المنظمات الوطنية في جميع أنحاء العالم عام 2021[14]. على ضوء هذا، احتل اليمن موضعه كدولة ذات أولوية في إطار مبادرة النهج الترابطي وأسلوب العمل الجديد[15].

الجهات الفاعلة الإنسانية ونظيرتها التنموية

قد تبدو مشاريع المساعدات (التنموية والإنسانية على حد سواء) متشابهة حين يتعلق الأمر بتنفيذها على أرض الواقع، ولكن هناك عدة اختلافات مفاهيمية تؤثر على كيفية تقديم المساعدات وأماكن تسليمها.

يعود مفهوم العمل الإنساني إلى وقت معركة سولفرينو عام 1859، حيث سعى متطوعون محليون إلى تقديم الدعم للجنود المصابين في ساحة المعركة بشكل محايد[16]. يسترشد العمل الإنساني بالقانون الإنساني الدولي، وتشرف عليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر. يعمل العاملون في المجال الإنساني وفقًا لأربعة مبادئ: الإنسانية، والحياد، والاستقلالية، وعدم التحيز، ويركزون بشكل عام على التفاوض بشأن الوصول إلى الأشخاص المتضررين لتقديم الدعم الفوري لإنقاذ حياة المتضررين.

تضم الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال العمل الإنساني: اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)، ومنظمة أطباء بلا حدود (MSF)، والمديرية العامة للحماية المدنية والمعونة الإنسانية التابعة للمفوضية الأوروبية (DG ECHO).

تأسس العمل التنموي بصورة كبيرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية. تعمل الجهات الفاعلة التنموية بصورة تقليدية من خلال أنظمة البلدان الشريكة وتركز على قضايا مثل بناء نمو اقتصادي شامل ومستدام وطويل الأجل، والقضاء على الفقر، وتحسين مستويات المعيشة في البلدان النامية، وإنهاء الاعتماد على المساعدات. تخضع إجراءات العمل التنموي لمعايير لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية[17] (على الرغم من عدم مشاركة الجهات المانحة الناشئة الرئيسية مثل الصين)؛ وهي تسترشد بأهداف التنمية المستدامة[18] وإعلان باريس بشأن فعالية المساعدات (2005).[19]

تشمل الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال التنمية: البنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وتتولى العديد من المنظمات، مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وهيئة الإغاثة كير (CARE)، ووزارة الخارجية والتنمية البريطانية (FCDO) مهام متعددة، ويمكنها تنفيذ الأعمال الإنسانية والتنموية ودعم عمليات صنع السلام.

أدركت الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني والعمل التنموي وكذلك العاملون في صنع السلام، بشكل متزايد، ضرورة التكاتف والعمل معًا لمعالجة الأزمات المعقدة، وهو ما يُوصف بالنهج الترابطي الذي بدوره يعكس حقيقة مهمة، وهي أن كلًا من البرامج الإنسانية وبرامج صنع السلام أو تعزيز الاستقرار وبرامج التنمية متشابهة للغاية في العديد من السياقات. فقد أشار أحد الأشخاص الذين جرى مقابلتهم بغرض إعداد هذا التقرير (وهو ينتمي لإحدى وكالات الأمم المتحدة الكبرى)، إلى أنه في أحد البلدان التي عملوا فيها مؤخرًا، كانت إحدى وكالات الأمم المتحدة تبني المدارس في إطار التمويل المخصص لتحقيق الاستقرار، بينما كانت وكالة أخرى تؤدي نفس المهمة ولكن في إطار تمويل العمل الإنساني. تزامنًا مع ذلك، كانت وكالة ثالثة مدعومة من البنك الدولي تبني أيضًا المدارس، ولكن بموجب ولاية في إطار العمل التنموي. الاختلاف يكمُن فقط في طريقة اختيار المشاريع التي تتولى كل جهة تنفيذها وسبب اختيارها، ويبقى الناتج النهائي الذي يتلقاه المجتمع هو نفسه بلا فارق.

منذ عام 2015، كانت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وألمانيا الجهات المانحة الرئيسية للمساعدات الإنسانية والتنموية لليمن[20]. وباستثناء وكالة المساعدات الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي (أي المديرية العامة للحماية المدنية والمعونة الإنسانية التابعة للمفوضية الأوروبية- DG ECHO)، تقع مقرات غالبية الجهات المانحة خارج اليمن. أدى ذلك، فضلًا عن حاجز اللغة، إلى صعوبة تواصل المنظمات اليمنية بشكل مباشر مع الجهات المانحة التي تقرر في نهاية المطاف المشاريع ذات الأولوية التي ينبغي تمويلها. ازداد الأمر صعوبة في ظل غياب آليات وسيطة تُساعد على تحديد أولويات التمويل وتنسيقه بطريقة تكفل مشاركة قوية من الجهات الفاعلة المحلية. على سبيل المثال، لم يُصدر إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة لليمن (UNSDCF) إلا مؤخرًا عام 2022[21].

دعمت الجهات المانحة الخليجية نظام المساعدات الإنسانية الرسمي، إلا أنها فضلت إلى حد كبير تمويل العمل الإنساني من خلال آلياتها الخاصة. في هذا السياق، قدمت السعودية دعمًا غير مخصص لمجالات بعينها بقيمة مليار دولار أمريكي[22] استجابة لدعوة الأمم المتحدة لتوفير مساعدات لليمن عام 2018، وهو أكبر دعم إنساني غير مخصص يُمنح على الإطلاق. ومع ذلك، لم تجدد السعودية دعمها لعام 2019، ويرجع ذلك -جزئيًا على الأقل -إلى عدم رضاها عن الافتقار الواضح لأي نتائج ملموسة.[23] وبعيدًا عن دعوات الأمم المتحدة، وجهت السعودية والإمارات تمويلهما للمشاريع الإنسانية إلى حد كبير من خلال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن والهلال الأحمر الإماراتي، على التوالي[24]. كما لعبت آليات أخرى أقل رسمية، مثل صندوق الإغاثة لمواجهة المجاعة الذي أُطلق لمرة واحدة، بتمويل من “مصالح خليجية خاصة”، دورًا مهمًا في توجيه مئات الملايين من الدولارات إلى المستجيبين الإنسانيين في اليمن.[25]

بررت الأمم المتحدة الزيادة الهائلة في حجم المساعدات الإنسانية لليمن باعتبارها رد فعل طبيعي على المجاعة الوشيكة. وبينما يرى مؤيدو الاستجابة الأممية لأزمة اليمن أن مبرر المجاعة قد نجح في جمع تمويل للمساعدات في وضع شديد التعقيد وعال المخاطر، يرى منتقدوها أن هذا المبرر أدى إلى الإفراط بالاستثمار في المساعدات الغذائية ووضع الحلول قصيرة المدى التي عززت الاتكالية[26]. وُجِه أكثر من 50 بالمائة من التمويل المخصص لليمن إلى المجموعة المعنية بتوفير الأغذية، مقارنة بحوالي 25-30 بالمائة وُجهت إلى بلدان أخرى تشهد أزمات كبرى مثل العراق أو سوريا.[27] كما انتُقد هذا النهج لكونه لا يأخذ بعين الاعتبار الوضع في اليمن قبل الصراع، حيث كان الفقر وعدم الاستقرار الاقتصادي هما العنصرين الرئيسيين المساهمين في انعدام الأمن الغذائي[28]. وبدلًا عن محاولة فهم كيف أدت التداعيات الاقتصادية للصراع إلى تفاقم مواطن الضعف التي كانت قائمة قبل اندلاعه التي خلقت احتياجات إنسانية هائلة، وعوضًا عن معالجة هذه العوامل ومواطن الضعف في سياق الصراع الحالي؛ تم إعطاء الأولوية للتدخلات واسعة النطاق قصيرة المدى تفاعلًا مع وتركيزًا على الاستجابة للاحتياجات الفورية للمجاعة وتفشي الكوليرا.

أدت الحاجة إلى سرعة توسيع نطاق المساعدات إلى تقديم العديد من المنظمات الإنسانية تنازلات على المدى القصير، مثل السماح للسلطات بفرض قيود على جمع البيانات والوصول إلى قوائم المستفيدين، مما قوّض الثقة في الاستجابة الإنسانية. ظهر هذا جليًّا بشكل خاص في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، [29] حيث كشفت الأبحاث التي أجراها فريق من الاستشاريين التابعين لمؤسسة Human Outcomes عام 2022 أن “معظم اليمنيين الذين شملهم الاستطلاع لم يتمكنوا من تحديد جهات فاعلة إنسانية محددة أو الحكم على أي منها باعتبارها الأكثر حضورًا وفعالية[30]“. ساهم الافتقار إلى آليات المراقبة والمساءلة في اليمن والشواغل المتعلقة بشفافية البيانات في عدم فعالية المساعدات والاستجابة الإنسانية التي بدت غير منظمة[31]. ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن حجم الاستجابة الإنسانية يجعل منها ركيزة أساسية في الاقتصاد العام، ومصدرًا مهمًا لإيرادات الجهات الفاعلة الوثيقة الصلة بهذا “المجال”. وقد وضع هذا مجال المساعدات كأحد الجبهات في معركة السيطرة على الاقتصاد السياسي في اليمن.

كيف تطور مجتمع العمل الإنساني وآلية تقديم المساعدات منذ عام 2021؟

شكّل عام 2021 نقطة تحول في الاستجابة للأزمة اليمنية. وفي هذا السياق، نشر مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية سلسلة من التقارير التي انتقدت بشدة الاستجابة الإنسانية[32]، وأعقب ذلك دراسات أجرتها منظمات دولية، بما في ذلك تقييم مستقل أجرته أعلى هيئة عالمية تُعنى بالمساعدات الإنسانية، وهي اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة، والتي توصلت تقريبًا إلى نفس النتائج التي خلص إليها مركز صنعاء.

تضمنت الثغرات الرئيسية التي وردت في تقييم اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة ما يلي: التركيز المفرط على المساعدات الإنسانية قصيرة المدى، وضعف الرقابة على المساعدات، والإفراط في الاعتماد على البيانات الكمية المتفرقة والمشكوك فيها.[33]

وذكر التقييم بشيء من التعاطف أن نظام المساعدات الإنسانية استُعين به للحفاظ على استمرارية عمل الهياكل الأساسية الاجتماعية في اليمن، والتي غالبًا ما تعمل في بعض الأحيان “كحكومة ظل”[34]، وأن هذا الدور يتجاوز مسائل التمويل أو المهام المكلف بها أو الخبرة بنظام العمل الإنساني. ودعا التقييم المجتمع الدولي إلى “مشاركة الجهات المانحة في الدعوة لمزيد من الاستثمارات طويلة الأجل في الفرص الاقتصادية والتوظيف وسبل العيش المستدامة”.[35]

أشار الخبراء اليمنيون الذين أُجريت معهم مقابلات لغرض إعداد هذه الدراسة إلى أن النُهُج قصيرة المدى لتقديم المساعدات هي العائق الرئيسي أمام توفير الدعم الفعّال. وفي استبيان شمل 64 خبيرًا يمنيًا في مجال المساعدات والاقتصاد، قال 75 في المائة منهم إن تركيز أعمال الإغاثة على الاستجابة السريعة دون بذل جهود مناسبة لجعلها مستدامة كان أحد أهم ثلاثة عوائق حالت دون الاستفادة القصوى من المساعدات المقدمة لتعزيز اقتصاد مستدام. وحدّد ما يقرب من نصف أولئك الخبراء العوائق التي تعترض الإصلاح الاقتصادي.

الشكل 1. نتائج الاستبيان حول العوائق التي تحول دون الاستفادة من المساعدات لدعم لاقتصاد مستدام في اليمن

ورُغم قلة التطرق إلى دور بعض الجهات الفاعلة في مجال التنمية، والتي استمر وجود الكثير منها في اليمن بأشكال مختلفة خلال سنوات ذروة الاستجابة الإنسانية، كان أمام هذه الجهات أيضًا فرصة لتحسين أنشطتها. فَقبل عامين، لم يكن هناك سوى القليل من التنسيق الفعّال بين الجهات المانحة للتنمية، إن لم يكن منعدمًا، على الرغم من استمرار تدفق تمويلات كبيرة للمشاريع التنموية في البلاد.[36]

وردًا على الانتقادات التي طالت الاستجابة الإنسانية في اليمن، بدأ المجتمع الدولي بإعادة التفكير في الطريقة التي يخطط وينسق بها تقديم المساعدات. فمنذ عام 2021، نفذت الاستجابة الإنسانية -بقيادة أممية تحت إشراف المنسق المقيم ومنسّق الشؤون الإنسانية في اليمن “ديفيد غريسلي” -عددًا من الاستراتيجيات والنُظُم لتفعيل التحوّل من المساعدات الإنسانية إلى التنمية المستدامة، كجزء من هدف أعمّ ألا وهو “التحضير للسلام”، مع الإشارة إلى أن الحاجة للمساعدات الإنسانية ستظل قائمة لعدة سنوات[37]. شملت هذه الاستراتيجيات والنُظُم إطارًا اقتصاديًا، وإطار عمل الأمم المتحدة للتعاون في مجال التنمية المستدامة لليمن، وانخراط أقوى مع الجهات الفاعلة والجهات المانحة في مجال التنمية، وعدد من الاستراتيجيات الخاصة بكل وكالة أممية، وهدفت جميعها إلى فرض قدر أكبر من المساءلة حول الأنشطة طوال مرحلة الربط بين التنمية الإنسانية والاقتصادية.

وفي الواقع، كان لمجموعة شركاء اليمن -التي تضم عددًا من الجهات المانحة وقيادة الأمم المتحدة والبنك الدولي -الفضل، بصورة أساسية، في تفعيل هذه الخطوة التحوّلية، حيث أخذت المجموعة على عاتقها مهمة إتاحة أفضل سبل ممكنة للتنسيق والمساءلة عبر حزمة برامج تحت مظلة النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية.

الجدول1: إدخال برامج ونُظُم جديدة لتعزيز نُهُج مستدامة لتقديم المساعدات في اليمن

البرنامج/ النظام

المزايا الرئيسية

إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون في مجال التنمية المستدامة لليمن (للفترة من 2022 -2024)

يحدد أولويات التعاون التنموي في اليمن، ومركزًا على: تعزيز الأمن الغذائي وتحسين الخيارات المعيشية وخلق فرص عمل، والحفاظ على نظم إنمائية وطنية ومحلية تتسم بالشمول والفعالية والكفاءة، وقيادة التحوّل الهيكلي الاقتصادي الشامل، وبناء الخدمات الاجتماعية وتوفير الحماية الاجتماعية وضمان إدماج الجميع.

الصندوق الاستئماني متعدد المانحين التابع للبنك الدولي

يسعى إلى جذب تمويل من الجهات المانحة من أجل جهود إعادة الإعمار والتعافي المبكر في اليمن، بما يتماشى مع إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون في مجال التنمية المستدامة. استُخدم هذا النموذج أيضًا لدعم التنمية المستدامة والتعافي في سياقات أخرى عالية المخاطر مثل العراق.[38]

الإطار الاقتصادي للأمم المتحدة

بقيادة المنسّق المقيم للأمم المتحدة، ويسعى إلى إدخال نُهُج مستدامة لردم الفجوة بين العمل الإنساني/ المساعدات والاقتصاد.

مجموعة شركاء اليمن

بقيادة البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، والتي تولت المسؤولية خلفًا لألمانيا في ديسمبر/كانون الأول 2023. تسعى مجموعة شركاء اليمن إلى تحسين التنسيق بين الشركاء الإنمائيين والجهات المانحة، ولديها عدد من الفِرَق الفنية التي تتعامل مع موضوعات مثل اتباع النُهُج المعتمدة على طبيعة المنطقة، وسياسة المحَرَمْ، ووضع الحلول الدائمة، والتركيز على مجالات رئيسية مثل توفير الماء والغذاء.

خطة الاستعداد لمواجهة أزمة الأمن الغذائي

بقيادة البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وتركز على محاولات إدخال أساليب مستدامة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن.

منتدى شركاء التنمية

يهدف منتدى شركاء التنمية -بقيادة البنك الدولي وبالتعاون مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن والمنسّق المقيم للأمم المتحدة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والجهات الإقليمية المانحة -إلى مناقشة موضوعات تشمل النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام على مستوى الوكالات ذات الصلة.

اجتماعات تنسيقية غير رسمية رفيعة المستوى بشأن اقتصاد اليمن

اجتماعات غير رسمية بين الجهات المانحة لدعم اقتصاد اليمن، بقيادة الاتحاد الأوروبي.

منتدى اليمن الدولي

يُعد منتدى اليمن الدولي -بقيادة مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية -أكبر مؤتمر دولي سنوي للحوار بين الأطراف اليمنية، وهو يشكل جزءًا من مبادرة أكبر يقودها يمنيون تم تصميمها كعملية طويلة الأجل تنطوي على مشاورات مع الخبراء اليمنيين والجهات الفاعلة ذات الصلة، وإجراء الأبحاث، ودبلوماسية مكوكية مكثفة على المستوى الإقليمي والدولي.[39]

المجموعة الدولية لتنسيق العمل الجندري

بقيادة هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد الأوروبي، وهي عبارة عن اجتماعات غير رسمية بين الجهات المانحة لتعزيز المساواة بين الجنسين في اليمن.

مجموعة شركاء اليمن (YPG) وهيكلها التشغيلي، الفريق الفني لشركاء اليمن (YPTT)، هما بمثابة الذراع الاستراتيجي الرئيسي لتحقيق الترابط بين المساعدات الإنسانية والإنمائية في اليمن. أُسّست مجموعة شركاء اليمن لتعزيز التنسيق بين الجهات الفاعلة غير اليمنية في مجال العمل الإنساني والتنمية وعمليات صنع السلام في اليمن. تهدف المجموعة إلى مواءمة أولويات وكالات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، حيث جرى تأسيسها استجابةً لتوصية وردت في استعراض مشترك بين الوكالات الأممية لتطوير هيكل تنسيقي يشمل الشركاء الإنمائيين، وليس فقط الجهات الفاعلة الإنسانية. تضم المجموعة عددًا من الجهات الفاعلة، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة، والفريق الأممي المعني بمفاوضات السلام، ومكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، وجهات مانحة، وشركاء إنمائيين مثل البنك الدولي. تهدف المجموعة أيضًا إلى مواءمة الأولويات الاستراتيجية وتعزيز التنسيق الفعّال بشأن تنفيذ النهج الترابطي في اليمن. يتشارك في رئاسة المجموعة المنسّق المقيم للأمم المتحدة والبنك الدولي ودولة مانحة تتغير بالتناوب كل 12 شهرًا، وتجتمع المجموعة كل شهرين في نفس الموعد الذي يجتمع فيه الفريق الأممي القُطْري. يشارك في هذه الاجتماعات رؤساء وكالات الأمم المتحدة ورؤساء أقسام التعاون بالبعثات الدبلوماسية للدول المانحة مع رفع مستوى التمثيل في الاجتماعات إلى مستوى سفراء هذه الدول في بعض الأحيان، وفقًا لما تقتضيه الحاجة. وقد تشهد هذه الاجتماعات كذلك مشاركة أطراف أخرى، مثل ممثلين عن المجتمع المدني أو الهيئات الوطنية، وفقًا أيضًا لما تقتضيه المصلحة.

يدعم مجموعة شركاء اليمن فريقٌ فني يعمل على تحديد الأولويات الاستراتيجية وفرص القيام بتدخلات، ويُعد هذا الفريق الفني في الأساس الذراع التنفيذية للمجموعة وهو مكلّف بالمُضي قُدمًا في تنفيذ الأولويات المتفق عليها وتحديد البرامج التجريبية القائمة على النهج الترابطي وبحسب المناطق. من بين أعضاء الفريق ممثلون عن مكتب المنسّق المقيم للأمم المتحدة، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والبنك الدولي، ومكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن. ويمكن أن يشارك في اجتماعاته ما يصل إلى سبع وكالات تابعة للأمم المتحدة، كما يمكن دعوة المنظمات الدولية غير الحكومية أو ممثلي الحكومة أو المجتمع المدني بحسب الاقتضاء. يشارك في رئاسة الفريق الفني لشركاء اليمن مكتب المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وإحدى الجهات المانحة، وتعقد اجتماعاته شهريًا حيث يتولى مهمة تحديد جدول أعمال اجتماعات مجموعة شركاء اليمن.

التحوّل إلى استجابة أكثر تكاملًا قائمة على النهج الترابطي

أوجه التحسّن الملموسة

لُوحِظ بالفعل أوجه تحسن ملموسة في إطار النهج الترابطي، فقد تمكنت الأمم المتحدة من التفاوض على اتفاق مع سلطة الحوثيين عام 2023 لنقل النفط من خزان صافر المتهالك، وبالتالي درء خطر بيئي واقتصادي طويل الأمد. [40] أشار أشخاص ممن أُجريت معهم مقابلات إلى تحسّن في مدى تعامل الجهات المانحة والجهات الفاعلة الإنمائية الكبرى والمؤسسات متعددة الأطراف مع قضايا متعددة والتنسيق بشأنها، بدءًا من تقديم المساعدات الفنية إلى المؤسسات الإدارية التابعة للسلطة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي وعمل تدخلات إنمائية أكثر استدامة وأفضل تنسيقًا.[41] كما لُوحِظ تحسن ملحوظ في انخراط الجهات الفاعلة الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

بشكل عام، أصبح هناك توافق أفضل بكثير في قطاع العمل الإنساني/ مجال المساعدات. أشارت إحدى الجهات المانحة الإنسانية إلى أنه حتى عام 2021، لم تكن هناك مواقف مُوحّدة بين الجهات الفاعلة للتعامل مع التحديات المشتركة في مجال تقديم المساعدات. وسعت المنظمات بشكل فردي إلى الحصول على تنازلات لتحقيق بعض المزايا مثل وصول أكبر إلى المناطق وتسهيل تقديم المساعدات. أصبح هناك اليوم موقف أكثر توحّدًا فيما يتعلق بالتفاوض والنَهج المعتمد، وقد دعمت مجموعة شركاء اليمن عمليات اتخاذ القرار وعملت على تقويتها وتعزيز الوحدة والاتفاق بين الأطراف ذوي الصلة حول كيفية تعامل المجتمع الدولي مع قضايا مثل سياسة المَحْرَم المفروضة على العاملات في مجال الإغاثة[42]، وحوافز الرعاية الصحية، واستصدار موافقات لتنفيذ برامج/ مشاريع، وإصدار التأشيرات.[43]

من الناحية العملية، تلاشى الخط الفاصل بين المساعدات الإنسانية والمساعدات التنموية إلى حد كبير، وهذا لا يُعد أمرًا سيئًا بالضرورة. أدت الانتقادات السائدة بشأن تقديم المساعدات في اليمن إلى التفريق بشكل واضح بين التمويل الإنساني والتمويل التنموي باعتبارهما طريقتين مختلفتين تمامًا للعمل، وأهمية تقليص أحدهما لزيادة الآخر. لكن الواقع في اليمن أكثر تعقيدًا، حيث أشارت إحدى الجهات المانحة إلى إشكالية حقيقية في وصف عملية التحوّل من المساعدات الإنسانية إلى المساعدات التنموية في اليمن؛ إذ أن تقديم المساعدات في اليمن ينطوي على أوجه متعددة ومتداخلة بشيء من التعقيد، بغض النظر عن مصدرها[44]. أشار عدد من الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات إلى أن نسبة كبيرة من المساعدات التنموية التي تُقدم في اليمن تبدو في ظاهرها إنسانية من جميع النواحي والمقاصد، ومن بين الأمثلة على ذلك برامج الحماية الاجتماعية واسعة النطاق التي يحتاج نسبة كبيرة من المستفيدين منها إلى مساعدات طارئة أيضًا. من ناحية أخرى، لم تعد العديد من البرامج الإنسانية مجرد تدخلات تقليدية لإنقاذ حياة المتضررين مثل نقل المياه بالشاحنات، بل أصبحت تدخلات غير تقليدية أكثر تطورًا تهدف لإنقاذ حياة المتضررين بصورة آنية وبأثر طويل المدى. على سبيل المثال، تحوّلت المساعدات أو الاستجابة الإنسانية في محافظة تعز من نقل المياه بالشاحنات إلى إصلاح الآبار بشكل طارئ، لتتحوّل لاحقًا إلى نهج أوسع يركز على إعادة تأهيل شبكات توزيع المياه وبناء القدرات المؤسسية لشركة المياه الوطنية.[45] كما يركز الدعم المقدم لمخيمات السكان النازحين داخليًا بشكل متزايد على بناء مرافق دائمة، وبالفعل باتت العديد من مجتمعات النازحين أكثر استقرارًا.[46] شددت إحدى الجهات المانحة على ضرورة الابتعاد عن فكرة أن التمويل الإنمائي هو وحده الذي سيحقق الأهداف الإنمائية، والعكس صحيح. فهذا الفارق البسيط مهم لفهم كيفية عمل الاستجابة الإنسانية وتقديم المساعدات، وكيف ينبغي أن تُنفذ بصورة أكثر شمولًا في المستقبل.

تتبنى الجهات الفاعلة في مجال المساعدات نهجًا متعدد الأوجه على نحو متزايد، بدلًا من النهج التسلسلي، حيث تنفذ في نفس الوقت النهج التنموي جنبًا إلى جنب مع النهج الإنساني. وقد لُوحِظت تطورات إيجابية بين بعض الجهات المانحة والجهات المنفذة، على الصعيد العالمي وفي اليمن تحديدًا، عند تلبية الاحتياجات الإنسانية والتنموية في وقت واحد. تختار بعض المشاريع التجريبية، مثل مشروع الائتلاف النقدي اليمني، هذا النهج بنشاط، حيث ستشهد المبادرة توفير المساعدات النقدية متعددة الأغراض في نفس الوقت الذي تُنفذ أنشطة إنشاء لدعم ريادة الأعمال وتوليد الدخل، بغية رسم مسارات لإنهاء الاعتماد على المساعدات. وتعمل مجموعة من المبادرات الأخرى، بقيادة جهات مانحة، على تجريب نُهج مماثلة.[47]

أقرت الجهات اليمنية الفاعلة في مجال المساعدات والاقتصاد بأوجه التحسّن الملموسة منذ عام 2021. والتي شملت جداول زمنية أطول للتدخلات الهادفة إلى تقديم المساعدات (سنة أو أكثر، مقارنة بستة أشهر)، ودعوة المنظمات اليمنية للمشاركة في اجتماعات وتكتلات تنسيقية للجهات المانحة، وإشراك المجتمعات المحلية في تقييم الاحتياجات. لكن برُغم أن هذه التحسينات تبدو مشجعة، إلا أنها تفتقر إلى فهم البيئة التي يعمل فيها الشركاء المحليون. على سبيل المثال، رغم أن سنة واحدة أفضل من ستة أشهر لتنفيذ التدخلات الإنسانية، أفاد عاملون محليون في مجال الإغاثة بأن نصف العام يضيع في استصدار التراخيص اللازمة من السلطات المحلية وتعيين الموظفين، ولا يؤخذ هذا في الاعتبار بشكل كافٍ عند تخطيط التدخلات. وبالتالي، يجد الشركاء المحليون أنفسهم في سباق زمني لتحقيق أهداف عام كامل في ظرف الأشهر الستة المتبقية. ورغم أن اليمنيين يُدعون لحضور الاجتماعات التنسيقية مع المجتمع الدولي -على المستوى الوطني وحتى الدولي -إلا أنهم لا يتلقون الدعم الكافي من حيث الاحتياجات اللوجستية ومتطلبات السفر، مما يعوق مشاركتهم. ينطبق هذا بشكل خاص على النساء، اللاتي يواجهن المزيد من العراقيل عند السفر والتنقل.

أفاد خبراء يمنيون في مجال الإغاثة أنهم شهدوا تحوّل بعض الاستجابات الإنسانية إلى نُهُج أكثر استدامة. مثلًا، يستثمر البنك الدولي والأمم المتحدة في مشاريع الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في المدارس والعيادات الصحية من أجل المساعدة في معالجة العجز الموجود في توفير الطاقة. وفي تعز، تعمل الجهات المانحة مع السلطات المحلية وممثلي المجتمع المدني لإعادة تأهيل شبكات توزيع المياه وتمكين مؤسسات الدولة من تحمل هذه المسؤولية، على الرغم من شكوى الخبراء المحليين من بطء وتيرة التقدم المُحرز في هذا الصدد. يُنظر إلى ما سبق على أنها تغييرات إيجابية، لكن العديد من الجهات اليمنية الفاعلة في مجال الإغاثة أكدت مرارًا بأن تقديم الكثير من المساعدات سيؤدي إلى تعزيز الاتكالية، لا سيما فيما يتعلق بدعم السكان النازحين.

من جهة أخرى، أشار خبراء أيضًا إلى اعتماد إطار تمويلي متعدد السنوات لبعض المشاريع، وهذا أمر بالغ الأهمية لمساعدة الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة على معالجة الأسباب الكامنة وراء قضايا مثل النزوح من خلال وضع حلول فعّالة ودائمة لا تؤدي إلى الاتكالية. فأزمة اليمن هي أزمة طويلة الأمد، والنازحون يُعدون مستوطنين على المدى الطويل وليسوا نازحين مؤقتين[48]، حيث أنشأوا منازل مؤقتة داخل المجتمعات المحلية المضيفة، ويعيش البعض فيها منذ خمس سنوات أو أكثر. إن تنفيذ مشاريع متعددة السنوات، وخاصة في مجال البنية التحتية وتوليد الدخل وتوفير الخدمات الأساسية، هو بمثابة إقرار بواقع النزوح وتأثيره على كل من النازحين والمجتمعات المحلية المضيفة.

فضلًا عن ذلك، شعر عمال الإغاثة اليمنيون بوجود تحسّن في الاستجابة لاحتياجات المجتمعات المضيفة للنازحين باعتبارهم مستفيدين شرعيين من المشاريع الإنسانية. وينطبق هذا بشكل خاص على بعض الإجراءات التدخلية مثل إعادة تأهيل شبكات توزيع المياه، ومشاريع الطاقة المتجددة، وبرامج “النقد مقابل العمل”. لقد أصبح العديد من النازحين مستوطنين في المجتمعات المضيفة، مما خلق ضغوطًا اقتصادية واجتماعية، وبالتالي تم الترحيب بهذا النهج كجزء من جهود إعادة بناء الاقتصادات المحلية.[49]

تفيد جهات يمنية فاعلة أكبر حجمًا، مثل منظمات المجتمع المدني المحلية المعروفة والموثوقة، بقدرتها على التعامل مع الجهات المانحة والتأثير على صنع القرارات. يجد الشركاء اليمنيون الأقوى والأكثر خبرة أنفسهم في وضع أفضل لتنسيق المساعدات وتمثيل المجتمعات المحلية. وقد صرّح أحد كبار مدراء إحدى المنظمات الإنمائية الوطنية: “نحن قادرون على التفاوض مع الوكالات المنفذة، وإذا لم تحترم آراءنا ومُدخلاتنا، فيمكننا تجاوزهم إلى الجهات المانحة وتوضيح وجهة نظرنا كشريك يمني. وبالنظر إلى تمتعنا بالعلاقات والمهارات والرؤية الإستراتيجية، نحن قادرون على التأثير بشكل كبير على طريقة تنفيذ المشاريع. لا يوجد أمام المنظمات الأخرى الأصغر حجمًا خيار سوى أن تفعل ما يُطلب منها، وإلا فإنها تخاطر بخسارة المشروع”.

بات هناك المزيد من الجهات المانحة على الأرض، وقد بذلت العديد من وكالات الأمم المتحدة جهودًا لإظهار “التحوّل في العقلية”. يقول عاملون لدى الأمم المتحدة إن العديد من الثغرات التي جرى تحديدها عام 2021 قد عُولجت من خلال بذل جهود متعددة حققت نجاحات متفاوتة. من الناحية الاستراتيجية، تحولت الاستجابة من مكافحة “المجاعة” إلى إطار أوسع نطاقًا وأكثر تنسيقًا لتعزيز الأمن الغذائي والوقاية من الأزمات، بما في ذلك التنسيق المكثّف بين الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية[50]. مع ذلك، لا تزال الاستجابة الإنسانية تشوبها تحديات، بما في ذلك العدد المحدود للعاملين في مجال الإغاثة خارج صنعاء وعدن، والقيود المستمرة على الوصول إلى بعض المناطق، والبيانات القديمة وضعيفة الجودة والتي من غير المُجد الاعتماد عليها.[51]

أهداف نبيلة وتقدم بطيء

على الرغم من أوجه التحسّن المذكورة أعلاه، تتناثر الشكوك حول مدى جودة تنفيذ النهج الترابطي على أرض الواقع، وما إذا كانت الأساليب الحالية تعكس تغييرات هادفة في الاستجابة المنطوية عادة على إشكاليات عميقة.

وعلى الرغم من وجود إجماع عام على أهمية النهج الترابطي، ترى العديد من الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة داخل اليمن أن عدم وجود مفهوم أو تعريف واضح لمعنى الترابط يقوّض تنفيذه. واتفق جميع من أُجريت معهم المقابلات تقريبًا على أن هناك إجماعًا ضئيلًا حول معنى النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام في سياق اليمن، ووفقًا لإفادة أحدهم، كانت النقاشات المتعلقة بالنهج الترابطي جارية بشكل أو بآخر منذ عام 2016، “ومع ذلك، لا زلنا نناقشها حتى اليوم، والواقع أن معظم الأشخاص الذين يعملون على اعتماد النهج الترابطي لا يعرفون ما يعنيه حتى الآن[52]“. من جهة أخرى، علّق أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم بأنه لا يعتقد أن أوساط العمل الإنساني عمومًا تستغل المحادثات التي تجري على المستويات الاستراتيجية بشأن النهج الترابطي لإحداث تغييرات حقيقية وملموسة على أرض الواقع. وقد ازداد الانقسام بين الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة بسبب الانتقادات المتكررة للنهج الترابطي الذي تدفع به قيادة الأمم المتحدة. ولصياغة هذا الأمر بشكل صريح، روى أحد المُقابَلين أن الذين يقودون النقاش أشخاص غير مؤهلين، مشبهًا إياهم بأنهم “عمال سباكة يعملون كأطباء أسنان”[53]. وكان أحد المطالب المتكررة هو صياغة أدق للخطة الخاصة بالخطوات القادمة ضمن استراتيجية النهج الترابطي، وهي خطة صرّح البعض أنها غير موجودة حاليًا.

أثار بعض المتحدثين مخاوف من إعادة تسمية المشاريع مع اقتراب تنفيذ النهج الترابطي دون إدخال أي تغيير جوهري في أنشطتها. وعلّق العديد من اليمنيين والأجانب الذين أُجريت معهم مقابلات على عدم اتساق التفسيرات حول ماهية البرامج القائمة على النهج الترابطي، مشيرين إلى أنه لا يوجد فهم عمليّ حول كيفية تنفيذ مثل هذه البرامج باستثناء الكثير من الإرشادات النظرية. يقول شخص آخر إنه على الرغم من أن التحوّل في استراتيجيات وأهداف الجهات المعنيّة بالعمل الإنساني يُعد أمرًا إيجابيًا، إلا أن العديد من المنظمات تستخدم في الواقع مصطلح الترابط لتأطير برامج لم تغيّر من نهجها أو أسلوبها أو تأثيرها بشكل جوهري. أشارت إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية -في معرض ردها على الاستبيان -إلى أن العديد من المشاريع تخضع “لهندسة عكسية” كي تتلاءم مع استراتيجيات النهج الترابطي. بل إن أحد المُقابَلين رأى أن هذا الترابط هو شكل من أشكال استراتيجية انسحاب للاستجابة الإنسانية التي تواجه بالفعل نقصًا كبيرًا في التمويل، مما يسمح للجهات الفاعلة بالتركيز على أشكال أخرى من البرامج التي تتحفز باستمرارية أنشطتها أكثر من تلبية الاحتياجات الحقيقية، [54] حيث يقول “إن الدعم الإنساني [للجهات المانحة] مستمر في النضوب، إذ مُوِلت خطة الاستجابة الإنسانية بنسبة 30-40% فقط لعام 2023، والمنظمات في حاجة ماسة إلى مصادر تمويل جديدة”.[55]

أثار أصحاب المصلحة اليمنيون مخاوف مماثلة حول كيفية تنفيذ النهج الترابطي، معربين عن أملهم في أن يؤدي هذا الترابط إلى تمكين الشركاء اليمنيين من تنفيذ الأنشطة الإغاثية المستدامة بصورة أفضل. سيتطلب ذلك تنسيقًا قويًا ومنتظمًا وبناء القدرات من أجل توفير دعم طويل الأجل للمجتمعات المستهدفة والفئات الضعيفة. وأكد خبراء اقتصاديون يمنيون أن بعض الهيئات المحلية تملك خططًا واضحة للتحوّل من العمل الإنساني إلى التنموي من خلال خطة تعافي متعددة السنوات. على سبيل المثال، يعمل محافظ تعز الموالِ للحكومة وممثلو الجهات الفاعلة اليمنية والدولية على تفعيل النهج الترابطي من خلال مشروع انتقالي مدته ثلاث سنوات لتوفير الخدمات الأساسية، بدءًا بقطاع المياه.[56]

وعلى الرغم من التحسّن الملحوظ بهذا الشأن، إلا أن تحديات التنسيق بين الجهات المانحة الدولية والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة ما تزال تشكّل عقبة كبيرة أمام إحراز التقدم بالوتيرة المرجوّة. ما يزال هناك انقسام كبير بين الجهات المانحة حول كيفية التنسيق في سياق اليمن، ففي تجارب سابقة، نجح التنسيق على أفضل وجه حين استُجيب بشكل تفاعلي لقضايا أو أزمات محددة، ولكنه أقل فعالية في الجهود الاستباقية التي تُبذل لدرء وقوع الأزمات. ينطبق هذا أيضًا على ديناميكيات العلاقة بين الأمم المتحدة والجهات المانحة، حيث برزت قيادة الأمم المتحدة باعتبارها عنصرًا بالغ الأهمية في تجنب تأثير الجهات المانحة بشكل كبير على قضايا معينة، وخاصة الجهات المانحة الكبرى التي تتمتع بنفوذ واسع. أعرب أشخاص ممن أُجريت معهم مقابلات عن قلقهم من أن مستويات التمويل تحدد في نهاية المطاف قوة التأثير على القضايا الحساسة التي تتطلب توافقًا واسعًا في الآراء. يُشار باستمرار إلى الأمم المتحدة باعتبارها أفضل جهة فاعلة للتعامل مع هذه القضايا كونها صوتًا محايدًا ظاهريًا. ومع ذلك، أُثيرت بعض المخاوف من أن الأمم المتحدة نفسها منقسمة بشدة، حيث تتخذ وكالاتها مواقف متباينة ويسهل التأثير عليها من قِبل الجهات المانحة التي تتمتع بنفوذ أقوى. كما أُثيرت مخاوف من أن بعض الجهات المانحة تشجّع هذا الانقسام، وتتلاعب بمنظومة الأمم المتحدة وهيكل المساعدات الدولية على نطاق واسع. سيؤدي هذا الانقسام داخل أوساط الجهات المانحة في نهاية المطاف إلى حالة من الانقسام على الأرض وزيادة تفكك البرامج وضعف الاستجابة.[57]

أشار أحد الأشخاص المُقَابلين إلى الصعوبات التي واجهت الجهات المانحة في صياغة نهج ترابطي مُتسق، وذلك بسبب الهياكل والأنشطة الداخلية للجهات المانحة نفسها، حيث أن هذه الجهات لديها “مهام وخطط مختلفة وهيئات وطنية متباينة”. فمثلًا، تُعد بعض من الجهات المانحة أكثر مرونة من غيرها، ويُنظر إلى الجهات المانحة التي تجمع مبادراتها بين العمل الإنساني والتنموي على أنها أكثر فعالية. بشكل عام، هناك حاجة إلى مزيد من التركيز على البرامج المشتركة، ويلزم بذل المزيد من الجهود لتجربة تنفيذ البرامج الإنسانية والإنمائية المتزامنة والمنسّقة، بدلًا من النظر إلى إحداهما على أنها تتبع الأخرى. ورغم تنفيذ بعض المشاريع الناجحة، كما ذُكر أعلاه، يبدو أن هناك افتقار إلى التنسيق بين أوساط المانحين في اتباع نُهُج ناجحة لتوسيع البرامج بشكل مُنسّق.[58]

أثار أصحاب المصلحة اليمنيين مخاوف مماثلة، حيث يرى ما يقرب من ثلثي الخبراء اليمنيين في مجال العمل الإنساني (أو المساعدات) والاقتصاد، الذين جرى مقابلتهم بغرض إعداد هذه الدراسة، أن الجهود المبذولة لردم الفجوة بين العمل الإنساني والاقتصاد كانت غير فعّالة (24 بالمائة) أو فعّالة بدرجة منخفضة (40 بالمائة).

الشكل 2: نتائج الاستبيان حول مدى فعالية التنسيق بين أنشطة تقديم المساعدات والأنشطة الاقتصادية في اليمن

وفي حين يُنظر إلى أنشطة مجموعة شركاء اليمن باعتبارها خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح لتنفيذ النهج الترابطي، إلا أن المجموعة تعرضت لانتقادات بسبب بطء أنشطتها التي اعتُبرت غير عمليّة ولا تمثل أصحاب المصلحة ذوي الصلة، حيث لا تزال العديد من الأصوات مغيّبة إلى حد كبير من الأنشطة والعمليات والممارسات الرئيسية. وورد ذكر الفريق الفني لشركاء اليمن (YPTT) في العديد من المقابلات على اعتبار أنه يفتقر لمشاركة منتظمة من جانب المجتمع المدني اليمني أو المنظمات غير الحكومية (سواء المحلية أو الدولية). ركزت الانتقادات الأخرى على اعتماد الفريق الفني على المجموعات المعنيّة بالعمل الإنساني، وأنه بدون وجود كبار صناع القرار في قاعات الاجتماعات، من المحتمل أن تضيع المناقشات على المسائل الإجرائية[59]. انتقد آخرون مجموعة شركاء اليمن ومجموعات العمل التابعة لها باعتبارها بطيئة للغاية وغير عملية في تنفيذ أنشطتها، وتركيزها بشكل مفرط على الإجراءات أكثر من النتائج[60]. قال كبار مسؤولي الإغاثة إن التركيز يجب أن ينصب على فهم أي مدى أدت فيه جهود مجموعة شركاء اليمن وغيرها إلى تغيير الجهات المانحة لاستراتيجياتها[61]. ورغم هذه الانتقادات، كان هناك إجماع بين الجهات المانحة ومسؤولي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات غير الحكومية الدولية على أن تأسيس مجموعة شركاء اليمن كان خطوة في الاتجاه الصحيح، بينما عبّر آخرون عن رأي أكثر صراحة، قائلين إنه سيكون من الصعب اعتبارها ناجحة إذا لم يُحرز المزيد من التقدم العمليّ خلال العام المقبل رغم أنه قد يكون من السابق لأوانه الحُكم على أداء المجموعة والآليات الأخرى، وما إذا كانت قد فشلت في تحقيق أهدافها أم لا.

ما تزال هناك عوائق رئيسية تحول دون التوطين الفعّال للمساعدات. فحين يتعلق الأمر بزيادة الزخم حول مسألة التوطين، يرى أحد كبار المسؤولين في إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية أن الحواجز المؤسسية الرئيسية ما تزال قائمة بالرغم من الالتزامات الاستراتيجية بهذا الشأن. وتجدر الإشارة إلى التعقيدات التي تتسم بها أنظمة الأمم المتحدة للمنح الفرعية -وهي الطريقة التي تخصص بها الأمم المتحدة أموال الجهات المانحة للشركاء المنفذين. وبحكم طبيعة هذه الأنظمة، فإنها غالبًا ما تشكل عقبات يصعب تجاوزها أمام المنظمات المحلية، مما يجعلها زائفة إلى حد ما، نظرًا لضعف المساءلة الذي تخضع له العديد من وكالات الأمم المتحدة فيما يتعلق بإنفاق أموالها الخاصة. اشتكى ممثل منظمة محلية مقرها في مأرب من أن إجراءات التقدم بطلب الحصول على تمويل مُعقدة وتنطوي على العديد من الشروط والمتطلبات التي لا يمكنهم الوفاء بها بالنظر إلى حجم هذه المنظمات المحلية ومواردها المحدودة. يقول الشخص المُشار إليه “إنهم [أي وكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة] يتعاملون معنا بنفس آلية تعاملهم مع منظمة وطنية معروفة لديها هياكلها المؤسسية القوية؛ بينما نحن بالكاد نستطيع إبقاء الإنارة، ناهيك عن دفع تكاليف عمليات التدقيق السنوية والتأكّد من حصول جميع موظفينا على تدريب منتظم. نحن قادرون على تحقيق نفس النتائج، إن لم تكن أفضل، لأننا نعرف طبيعة عملنا ونعرف مجتمعنا الذي يثق بنا. ولكن لأننا لا نستوفي المعايير، نُستبعد، وهذا ليس عدلًا ويخلق حلقة مفرغة لأنه حين يتم استبعادنا، لا نكون قادرين على النمو وتحسين قدراتنا المؤسسية”.

تُقدم العديد من الشراكات المحلية كدليل على جهود التوطين التي تبذلها المنظمات الدولية، ولكنها في الواقع تعكس استراتيجية “لنقل المخاطر” إلى الشركاء المحليين العاملين في مناطق شديدة الخطورة أو مُسيسة بشدة، بدلًا من توفير الدعم الحقيقي وبناء القدرات. وأعرب خبراء في مجال الإغاثة عن مخاوفهم من أن تعمل المنظمات الدولية على إبعاد المخاطر الأمنية والمخاطر الأخرى عن نفسها من خلال نقل الكثير من أعباء تنفيذ المشاريع على الارض إلى المنظمات المحلية من خلال إبرام شراكات معها.[62]

ووفقًا لرئيس إحدى منظمات المجتمع المدني التنموية في الحديدة، لا تولي المنظمات الدولية اهتمامًا كبيرًا بخطط الخروج أو الانسحاب التدريجي، وهو ما يُعد أمرًا خطيرًا كونه يعزز الاتكالية لدى المستفيدين. وقد تطرق جميع أصحاب المصلحة اليمنيون تقريبًا -ممن أُجريت معهم المقابلات خلال إعداد هذا البحث -إلى مشكلة الاتكالية، إذ أوضحوا أن الطريقة التي تُقدم بها المساعدات للمجتمعات الضعيفة تجعلهم في حالة فقر مستمر.

فضلًا عن ذلك، تشكو منظمات المجتمع المدني اليمنية الصغيرة من المعايير المتحيزة ضدها عند تخصيص المنح، كونها لا تستطيع منافسة المنظمات التنموية الدولية عند التقدم بطلب الحصول على تمويل. يقول ممثل إحدى منظمات المجتمع المدني العاملة في منطقة نائية داخل اليمن “الشروط والمتطلبات تفوق قدرتنا، ليس فقط في المساهمة كشركاء منفذين، بل أحيانًا حتى في الانضمام إلى المجموعات ذات الصلة وتقديم آرائنا ومدخلاتنا. يُطلب حضورنا فعليًا في مكان عقد اجتماعات تلك المجموعات، وأن يكون لدينا اتصال قوي بالإنترنت، حتى نتمكن من المشاركة في الدورات التدريبية ونكون قادرين على التواصل. يبدو الأمر كما لو أنهم منفصلون عن واقعنا، ولا يدركون كم نكافح من أجل إبقاء الإنارة، ناهيك عن تكليف موظفينا بالسفر لحضور الاجتماعات”.

نُهج تبادل المعلومات قد تنطوي على مخاطر وتُرسّخ الفساد. وفقًا لممثل إحدى منظمات المجتمع المدني العاملة في إحدى المحافظات المتضررة من النزاع، فإن الطريقة التي تُجمع بها قوائم المستفيدين وتُتبادل ليست فعّالة، بل أيضًا تُعرض الأشخاص الذين فرّوا لأسباب سياسية للخطر. فتحكّم السلطات المحلية بآلية صرف المساعدات وقوائم المستفيدين لم تكتفِ بتقويض الانخراط الميداني للمنظمات غير الحكومية الدولية، بل خلقت أيضًا نظام المحسوبية بين الشركاء اليمنيين المنفذين. [63]

وشدد العديد من أصحاب المصلحة اليمنيون على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص والاعتراف بأهميته في مرحلة التعافي الاقتصادي طويل المدى بعد انتهاء الصراع. وأشاروا إلى الدور الذي لعبه القطاع فعليًا في اليمن في توفير السلع الأساسية والتغلب على تحديات سلاسل الإمداد. مثلًا، ساهمت خصخصة قطاع الكهرباء في المناطق الشمالية في توفير الكهرباء التي تُولّد غالبًا باستخدام الطاقة الشمسية، رغم التلاعب الشديد من قِبل الجهات السياسية الفاعلة وغياب المنافسة الحقيقية في هذا القطاع. ومع ذلك، أفاد من أُجريت معهم مقابلات من القطاع الخاص اليمني أن المساعدات الدولية تنافس أنشطة الشركات المحلية، وبسبب الافتقار إلى المساءلة، ينتهي الأمر ببيع المنتجات المقدمة كمساعدات في السوق المحلية بأسعار أرخص مما يتسبب باختلالات في الاقتصاد المحلي.

تتسبب حالة الانقسام والصراع على السلطة بين مختلف الهيئات الحاكمة على مستوى المركز والمستويات المحلية في تأخيرات وتعقيدات لموظفي الإغاثة اليمنيين. في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًا، على سبيل المثال، يجب استصدار تراخيص من كلٍ من وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إضافة إلى الامتثال للوائح وضعتها السلطات المحلية الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي.

المخاطر الرئيسية التي تواجه استجابة المساعدات الدولية

ما تزال الجهات المانحة تشعر بقلق إزاء الاستثمار في برامج التنمية، في ظل عدم التوصل إلى اتفاق السلام المرتقب، مما يزيد من احتمال بلوغ حالة مطوّلة من الجمود مع استنفاد المساعدات الإنسانية وعدم كفاية الدعم التنموي. قال أحد كبار صناع القرار في إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية إنهم حين يقترحون برامج أو مشاريع طويلة الأجل، غالبًا ما تجيب الجهات المانحة بأنها لا تعتقد أن وضع اليمن مستقر بما يكفي لاستيعاب مشاريع تنموية. وعلى الرغم من وجود استقرار على المستوى المحلي في بعض المناطق، إلا أن أوساط المانحين لم تستغل هذه الفرص بعد[64]. يسود تصور بين أصحاب المصلحة، الذين أُجريت معهم مقابلات، بأنه يجري المبالغة في التفاؤل بشأن التوصل إلى اتفاق سلام يُعوَّل عليه ويُؤخذ به كشرط أساسي لتنفيذ برامج تنموية، في حين لم يُولَ نفس القدر من الاهتمام بالتفكير فيما يمكن القيام به حال لم يفضِ التفاوض إلى تسوية سلمية.[65] يكتسب هذا الأمر أهمية جديدة لا سيما مع الحرب الجارية في غزة وهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر التي يبدو أنها أعاقت الآمال بتحقيق انفراجة في محادثات السلام[66]. قال شخص آخر، أُجريت معه مقابلة يعمل في إحدى وكالات التنمية الدولية، إن الكثير من المنظمات ما تزال تضغط حتى الآن من أجل اعتماد المساعدات الإنسانية بدلًا عن المساعدات الإنمائية[67]، ويتفاقم هذا الأمر بسبب عدم وجود معظم الجهات المانحة والأوساط الإنمائية بشكل كافٍ في اليمن. تناول عدد من أصحاب المصلحة مفهوم إنشاء “جزر استقرار” محلية توفر فرصًا لتنفيذ بعض التدخلات التنموية، حيث أشار الكثيرون إلى برامج تجريبية مثيرة للاهتمام تحاول الاستفادة من هذه الديناميكية. ومع ذلك، ما يزال هذا الأمر يتم حسب الحاجة في الغالب، دون اتباع أسلوب منهجي لتنفيذ تدخلات تنموية مصممة وفقًا للواقع السياقي الحالي في اليمن، لا سيما في حالة تعثّر مساعي التوصل إلى اتفاق سلام. هناك أيضًا مخاوف من أن يؤدي هذا النهج أو الأسلوب في نهاية المطاف إلى توزيع موارد التنمية بشكل غير متساوٍ وغير منصف إلى حد كبير، اعتمادًا على مدى سهولة تنفيذ البرنامج عوضًا عن الاحتياجات.

هناك فهم ضحل لدى السلطات اليمنية وأفراد المجتمع بشأن برامج التنمية المموّلة دوليًا، وغالبًا ما يُشاد بها باعتبارها أمر إيجابي لا لبس فيه؛ فالتدخلات التنموية والجهات الفاعلة في مجال التنمية، بحكم تعريفها، هي مبادرات سياسية أكثر منها إنسانية، ويجب التعامل معها على هذا الأساس وتقييمها بشكل مختلف. ستظل الاحتياجات الإنسانية قائمة في اليمن، ومن هذا المنطلق، يجب الحفاظ على تدفق المساعدات الطارئة طالما أن هناك احتياجات. إن الزخم المتزايد الذي يربط الاستجابة الإنسانية بنهج ترابطي أوسع وبأهداف تنموية هو أمر حقيقي وإيجابي، حيث أشار العديد من أصحاب المصلحة اليمنيون -ممن أُجريت معهم قابلات لغرض إعداد هذا التقرير -إلى التقدم التدريجي المحرز نحو اعتماد نُهُج أكثر استدامة[68]. ومع ذلك، لا بد من رسم صورة أكثر دقة لشكل المساعدة الإنمائية من أجل فهم المخاطر الكامنة التي يفرضها هذا التحوّل.

وفقًا للمقابلات التي أُجريت، تواصل الجهات المانحة الدولية والدول الأعضاء والمؤسسات المالية الدولية توجيه المساعدات التنموية بعيدًا عن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بسبب القيود التي يفرضها المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (سكمشا أو (SCMCHA. ويقال إن العديد من المحادثات تميل نحو التفكير مليًا في قضايا الاقتصاد الكلي، بدلًا من التركيز على المجالات التي تتضمن فرصًا حقيقية لتنفيذ تدخلات تنموية. وقد تم التعهد بتقديم التزامات تنموية كبيرة لمجلس القيادة الرئاسي الممثل للحكومة المعترف بها دوليًا. لكن كيف ستُطبق المساءلة عن هذه الجهود لضمان الاستخدام الأمثل للتمويل من أجل التنمية البشرية الحقيقية؟ إن التحيّز السياسي للتدخلات التنموية يصبح أكثر وضوحًا عند النظر في المعلومات المتاحة حول برامج التنمية التي تقودها دول الخليج، والتي تركز على حلفائهم في المناطق ذات الأولوية التي تسيطر عليها الحكومة (على الرغم من احتمال أن تصبح المساعدات التنموية التي تقدم للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بمثابة محفز لأي تسوية يُتفاوض عليها في المستقبل). ذكر أحد الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلة أن السعوديين هم الشريك الإنمائي الوحيد الذي يتعامل فعليًا مع سلطة الحوثيين، كون الأهداف الإنمائية للسعودية تتداخل وترتبط بشكل وثيق مع أهدافها السياسية.[69]

ما تزال العديد من سرديات التنمية ضعيفة وسطحية، ولا تخضع لإطار محدد ضمن تحليل استراتيجي على المستوى القُطري للتدخلات التي من المرجح أن يكون لها أثر أكبر. وفي هذا الصدد، قال أحد كبار العاملين في المجال الإنساني “لا يمكننا تدريب الجميع ليصبحوا رعاة غنم أو مزارعين”.[70] من المهم أن تُبنى التدخلات التنموية على أساس فهم مُعمّق للاقتصاد المحلي والثقافة المحلية، وأن تستند إلى تقييم واقعي لدور الاستثمارات الخارجية في دعم النمو المستدام.

ما تزال الجهات الفاعلة في مجال التنمية تكافح من أجل فهم أبعاد أنشطتها وفهم السياق السياسي والتعامل معه. قد يكون التنسيق والعمل بشكل مباشر مع الجهات الفاعلة المحلية هو الخيار الوحيد المتاح، لكنه يخاطر بترسيخ حالة الانقسام. شدد أحد الأشخاص ممن أُجريت معهم مقابلة على الحاجة إلى التفكير فيما هو أبعد من الاستجابة -أي حماية مكاسب التنمية وتحقيق التقدم حيثما أمكن ذلك، ثُمّ استخدام هذه الإنجازات لبناء الثقة بين الأطراف السياسية من أجل وقف التصعيد والتوصل إلى اتفاق. ويقول عدد من أصحاب المصلحة إن الاستجابة تتطلب الاستثمار في إعادة دمج المؤسسات المنقسمة بين طرفي الصراع[71]. تستثمر الجهات الفاعلة في مجال التنمية بشكل متزايد في الهيئات المحلية للتغلب على العوائق السياسية التي تحول دون العمل على المستوى الوطني في اليمن، ومع ذلك، قد يؤدي هذا إلى زيادة الانقسام السياسي والاقتصادي في البلاد. وفي حين أن التقدم في تنفيذ أنشطة تنموية من خلال السلطة المحلية قد يكون الخيار الأقل سوءًا نظرًا لبيئة العمل المعقدة في اليمن، إلا أنه يجب التفكير في المخاطر السياسية التي ستنشأ عن ذلك.

أقرّ أصحاب المصلحة اليمنيون أيضًا بأن عدم وجود استراتيجية اقتصادية واضحة أدى إلى زيادة حالة الانقسام. ومع غياب استراتيجية واضحة، سيظل الاقتصاد تحت رحمة التدخلات المخصصة في مجالات أو لأغراض بعينها. أشار خبير اقتصادي يمني إلى أن “الأنشطة الاقتصادية تحدث في اليمن، سواء كانت هناك استراتيجية أم لا. يكمُن الفرق في مدى نجاعة هذه الأنشطة ومردودها أو القيمة مقابل المال، لا سيما مع تناقص الدعم المقدم لليمن بشكل كبير”[72]. يتدخل القطاع الخاص نيابة عن الحكومة في العديد من المجالات، فيستجيب للاحتياجات بطريقة مخصصة وفي مجالات أو لأغراض بعينها ويتغلب على التحديات التي تفرضها السلطات بدافع المصالح السياسية والشخصية. وصف شخص آخر أُجريت معه مقابلة كيف سمح الافتقار لاستراتيجية حكومية في التعامل مع حالات الطوارئ للجهات الفاعلة على الأرض بالتدخل والانخراط عبر برامجها وأجنداتها الخاصة.[73]

لا توجد أدلة واضحة على أن التقدم المحرز في التخطيط الاستراتيجي أدى إلى تغييرات فعّالة في تنفيذ التدخلات على الأرض. ورُغم الإشادة بالعديد من المبادرات باعتبارها دليل على تقدم ملحوظ في التنسيق الاستراتيجي بين العمل الإنساني والتنموي، ما يزال أثر هذه المبادرات غير واضح بصرف النظر عن تلبيتها الضرورات الاستراتيجية الملحة واستيفائها المتطلبات المتدرجة من القمة إلى القاعدة. هناك حاجة لبذل مزيد من الجهود وضمان أن تسفر عن تغييرات ملموسة على أرض الواقع.

تظل الاحتياجات الإنسانية قائمة، في ظل تدهور الوضع التمويلي. وبينما يخطط الكثيرون ويدعون لتبني نهج تحوّلي بعيدًا عن برامج التدخل في حالات الطوارئ، أشار العاملون في المجال الإنساني -الدوليون واليمنيون -إلى أن الصراع مستمر وستظل الاحتياجات الإنسانية قائمة بل ومن المحتمل تفاقمها. لكن نقص التمويل ليس أمرًا سيئًا بالضرورة، فوفقًا لمحلل اقتصادي خبير في الشأن اليمني، يبدو أن الانخفاض الواضح في التمويل يدفع إلى مزيد من التفكير النقدي حول كيفية تنفيذ برامج أكثر فعالية[74]. لكن الخطر يكمُن في سرعة التحرك نحو نهج تنموي حيث أن المساعدات المباشرة للمجتمعات الأكثر ضعفًا ستتأثر مع تضاؤل الموارد المخصصة للاستجابة الإنسانية.

صرّح قادة المجتمع المدني، الذين أُجريت معهم مقابلات لإعداد هذا التقرير، بأن فرص حصولهم على تمويل تعتبر أقل مقارنة بالمنظمات الوطنية التي تقع مقراتها في صنعاء أو عدن. وأثاروا مخاوف من أن تضاؤل التمويل سيؤدي إلى توجيه المزيد من الموارد عبر الجهات الفاعلة على المستوى الوطني، مما يلقي مسؤولية دعم المجتمعات المحلية على عاتقهم حين تنسحب المنظمات الدولية.[75]

يظل تدفق الأموال (وبالتالي سلطة اتخاذ القرار) في يد عدد محدود من الجهات. فعلى الصعيد العالمي، تتسم المساعدات الإنسانية بقدر كبير من المركزية حيث تُقدّم من خلال عدد قليل من الجهات المانحة الرئيسية ووكالات الأمم المتحدة. في عام 2022، جاء ما يقرب من ثلثي التمويل المخصص للعمل الإنساني من ثلاث جهات مانحة (وهي الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي)، وذهب إلى خمس جهات -برنامج الأغذية العالمي، واليونيسف، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمة الدولية للهجرة.[76]ينعكس هذا الوضع على اليمن، حيث تشكو بعض المنظمات غير الحكومية المحلية من الممارسات الاحتكارية للجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية الدولية وتحيّزها إلى شركاء يمنيين كبار، مما يقلّل من قدرة هذه المنظمات المحلية على التنافس وبناء القدرات، خاصة منظمات المجتمع المدني الأصغر حجمًا والعاملة في المناطق النائية.

الخاتمة

أضحت الاستراتيجيات والنُهُج الجديدة المصممة لردم الفجوة بين العمل الإنساني والعمل التنموي ومعالجة مواطن الضعف في الاستجابة الإنسانية في فترة ما قبل عام 2021، تلقي بظلالها على أرض الواقع في اليمن. وعلى هذا الأساس، تضع الجهات الفاعلة اليمنية نصب أعينها أساليب أكثر استدامة لتقديم المساعدات، بما في ذلك وضع أُطُر زمنية أطول للمشاريع وزيادة الاستثمار في البنية التحتية والهياكل الأساسية المحلية. وفي هذا السياق، تبذل الجهات الفاعلة الدولية جهودًا مضاعفة للتشاور مع الخبراء المحليين.

مع ذلك، ركزت الكثير من هذه الإصلاحات على الداخل. إن رغبة مجتمع المانحين الدولي في ترتيب أوضاعه الداخلية هو أمر مفهوم، بل وجدير بالثناء، ولكن ما لم تتمكن مجموعة شركاء اليمن والمحافل أو المنتديات الرئيسية الأخرى من وضع هياكل تستوعب وجهات نظر اليمنيين في عملية صنع القرار، فإنه من المحتمل أن تعود مجددًا حالة الانفصال عن الواقع وانعدام الثقة التي ميّزت المراحل السابقة لتوزيع المساعدات. يحتاج المجتمع الدولي إلى إيجاد طُرُق للتعامل بشكل فعّال وهادف مع الجهات الفاعلة المحلية العاملة خارج المدن الرئيسية في اليمن.

استُجيب للنداءات والحملات المطوّلة التي أطلقها اليمنيون من أجل التمويل الإنمائي، إلا أن المساعدات الإنمائية لن تصلح الأوضاع بالبلاد. صحيح أنها تخلق فرصًا للتوفيق بشكل أفضل بين تقديم المساعدات وبناء اقتصاد مستدام بعد انتهاء الحرب، لكنها عادة ما تكون مصحوبة بمخاطر. وإذا لم تكن هناك خطط مدروسة لتقديم المساعدات التنموية، فقد تؤدي إلى تعميق حالة التشرذم السياسي والاقتصادي في اليمن. وقد يجد اليمنيون أنفسهم عالقين، في ظل إعادة ترتيب أولويات تقديم المساعدات الإنسانية لبؤر صراعات أخرى وعدم رغبة الجهات الفاعلة في مجال التنمية في الاستثمار خارج نطاق المشاريع التجريبية بسبب غياب اتفاق سلام.

واقعيًا، سيخوض اليمن فترة انتقالية في المستقبل المنظور، وسيعتمد نجاح المرحلة المقبلة على مدى نجاح اليمنيين في وضع استراتيجية متسقة لتوجيه استثمارات المساعدات -الإنسانية والتنموية على حد سواء -والاستفادة من الالتزامات الدولية (مثل الصفقة الكبرى) لحث مجتمع المانحين على الارتقاء إلى مستوى معاييره الخاصة. سيعتمد النجاح أيضًا على ما إذا كان باستطاعة الجهات الدولية الفاعلة في مجال المساعدات توسيع هيكل مجموعة شركاء اليمن، أو أيًا كان شكلها المستقبلي، لمنح اليمنيين مقعدًا هامًا على طاولة صنع القرار، دون التسبب في انهيار الهيكل غير العملي أساسًا تحت ثقل العجز الذاتي.

في بلد كاليمن، يعاني من انقسامات في هياكل الحُكم، وانعدام الأمن، والقيود المفروضة على الحركة والتنقل، وانتشار الشركاء من مانحي المساعدات في جميع أنحاء العالم، لا شيء من هذا سهل. ومع ذلك، يمكن لليمن، بتقاليده المتجذرة في نهج الوساطة، أن يصبح بمثابة نموذجًا عالميًا لكيفية تبني هذا النهج الترابطي في سياقات الدول الهشة.

التوصيات

  • تبسيط عملية صنع القرار وتفعيلها في إطار مجموعة شركاء اليمن (YPG) وهيكلها التشغيلي، الفريق الفني لشركاء اليمن (YPTT)، لضمان احتوائها للأصوات اليمنية بصورة شاملة.
    • دعم أصحاب المصلحة اليمنيون والسلطات في مناطق سيطرة أطراف النزاع للعمل يدًا بيد من أجل إنشاء نسخة وطنية من مجموعة شركاء اليمن، تُركز على قضايا ذات صبغة سياسية أقل، مثل التنسيق الفني في توفير خدمات الكهرباء والاتصالات والمياه والبنية التحتية. كما يجب ضمان التمثيل القوي للقطاع الخاص والسلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني، ولا سيما المنظمات النسوية.
    • دعم التنسيق على مستوى المناطق، بقيادة يمنية تشرف على التمويل الإنساني والتنموي. وينبغي أن يشمل ذلك ممثلي السلطات المحلية والمجتمع المدني. لا ينبغي لهذه القيادة الموافقة على المشاريع لمجرد تجنب أي تأخيرات في تقديم المساعدات، بل ينبغي لها عوضًا عن ذلك: 1) وضع استراتيجيات للمشاريع ذات الأولوية في المناطق المحددة، تغطي كلًا من الجوانب الإنسانية والإنمائية؛ 2) العمل كجهة تنسيق مع الجهات المانحة لتمكين الأخيرة من الوقوف على الأولويات المحلية؛ 3) العمل كجهة تنسيق مع المجتمعات المحلية لاستقاء آرائها حول جودة البرامج والمشاريع؛ و(4) دعم المنظمات المسؤولة عن التنفيذ في تصميم المشاريع والتفاوض بشأن إمكانية وصول أنشطتها إلى مناطق محددة.
  • التأكد من أن نُهُج تقديم المساعدات لن تؤدي إلى تعميق الانقسامات وحالة التشرذم بين المناطق الخاضعة لسيطرة مختلف الأطراف المتحاربة. حيثما أمكن، ينبغي ضمان التوزيع العادل للموارد الإنسانية والتنموية في جميع أنحاء اليمن.
  • إيجاد طُرُق لتنفيذ مشاريع قائمة على النهج الترابطي على نطاق واسع، حيثما أمكن ذلك، مع الأخذ في الاعتبار البيانات التي تشير إلى نجاح التدخلات التجريبية الحالية المنفذة على مستوى المناطق والقائمة على النهج الترابطي.
  • ضمان استمرار الجهات المانحة في العمل من أجل توزيع المساعدات بصورة منسقة وفعّالة داخل اليمن، والانخراط بشكل استباقي -حيثما أمكن -بما يتماشى مع التطورات المتغيرة على أرض الواقع.
  • المبادرة بتنفيذ البرامج الإنسانية والتنموية سويًا وبصورة متزامنة ومنسقة، بدلًا عن النظر إلى إحداهما على أنها تتبع الأخرى.
    • استكشاف الخيارات المتاحة أمام دمج برامج الحماية الاجتماعية والبرامج الإنسانية وبرامج المساعدات النقدية، بدءًا من تبادل البيانات ودراسة قابلية العمل المشترك، لضمان أن تستهدف الاستجابة الإنسانية الأشخاص الأكثر احتياجًا.
  • الإسراع في تنفيذ جهود التوطين وضمان المشاركة العادلة والمنصفة للمنظمات اليمنية، سواء المحلية أو الوطنية، خلال دورة تنفيذ البرامج والمشاريع بأكملها.
    • ضمان تخصيص ما لا يقل عن 25 بالمائة من التمويل إلى المنظمات الوطنية والمحلية، بناءً على التزامات الصفقة الكبرى. كما يجب النظر في منح إعفاءات للمؤسسات الصغيرة فيما يتعلق بمتطلبات الشراكة، على أن يتم رفد ذلك بآليات رقابة وإشراف مبتكرة لمنع الفساد. يتعيّن كذلك استيعاب مبادرات بناء القدرات المؤسسية في التمويل المخصص للمشاريع من أجل رفع مستوى قدرات المنظمات المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية، لا سيما تلك العاملة في المناطق الريفية، لمساعدتها في التعامل مع عمليات الشراء المعقدة. وحيثما أمكن، تمديد فترات تنفيذ المشاريع، حتى يتوفر لدى المنظمات الوقت للتعلم ولدمج مبادرات بناء القدرات بشكل سليم في هياكلها التنظيمية.
    • النظر في إدراج بند في الميزانية لتمويل مشاركة الشركاء الوطنيين والمحليين في الاجتماعات التنسيقية، مع إعطاء الأولوية للمنظمات النسوية وممثلي المنظمات المحلية العاملة في المناطق الريفية والنائية.
    • الاستثمار في إعادة إحياء هيئات المساءلة والمراقبة اليمنية من أجل زيادة الشفافية، بما في ذلك دعم مراقبة برامج التنمية من قبل أطراف يمنية تُقيّم وتتتبّع المخرجات الموعودة، ودعم وسائل الإعلام المستقلة في نشر الوعي حول العمل الإغاثي وتقديم المساعدات في البلاد، إلى جانب بناء قدرات المؤسسات الوطنية، بما في ذلك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة (COCA).[77]

هذا التقرير هو جزء من سلسلة منشورات لمركز صنعاء تحت مشروع “تطبيق الرؤى الاقتصادية ووجهات النظر المحلية لتحسين تقديم المساعدات الإنسانية في اليمن”، المُموّل من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.

الهوامش
  1. “”وين الفلوس”.. حملة الكترونية تبحث عن مصير 20 مليار دولار من المساعدات الدولية لليمن”، المصدر أونلاين، 21 أبريل / نيسان 2019؛ https://almasdaronline.com/articles/166825#:~:text=ومُنحت الأموال لعشرات الوكالات التابعة,التابعة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ؛ سارة فويلستيك، “عندما تنحرف المساعدات عن مسارها: كيف تفشل الاستجابة الإنسانية الدولية في اليمن”، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، 21 مارس/آذار 2022، https://sanaacenter.org/ar/reports/humanitarian-aid
  2. أفراح ناصر، “عيوب وإخفاقات المساعدات الدولية إلى اليمن”، المركز العربي واشنطن دي سي 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022، https://arabcenterdc.org/resource/the-flaws-and-failures-of-international-humanitarian-aid-to-yemen/
  3. الأمم المتحدة، “أسلوب العمل الجديد”، الأمم المتحدة، https://www.un.org/jsc/content/new-way-working؛ “استعراض التقدم المرحلي للنهج الترابطي بين العمل الانساني والتنمية والسلام”، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 10 مايو/أيار 2022، https://www.oecd-ilibrary.org/development/the-humanitarian-development-peace-nexus-interim-progress-review_2f620ca5-en
  4. سارة فويلستيك، “عندما تنحرف المساعدات عن مسارها: كيف تفشل الاستجابة الإنسانية الدولية في اليمن”، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، 21 مارس/آذار 2022، https://sanaacenter.org/ar/reports/humanitarian-aid ؛ أفراح ناصر، “عيوب وإخفاقات المساعدات الدولية إلى اليمن”، المركز العربي واشنطن دي سي 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022، https://arabcenterdc.org/resource/the-flaws-and-failures-of-international-humanitarian-aid-to-yemen/ ؛ لويس سيدا وآخرون. “تقييم الوضع الإنساني للأزمة اليمنية من قبل اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات” “اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، 13 يوليو/تموز 2022، ص 120-123، https://reliefweb.int/report/yemen/inter-agency-humanitarian-evaluation-iahe-yemen-crisis
  5. لميس الإرياني، آلان دي جانفري وإليزابيث سادوليت، “الصندوق الاجتماعي للتنمية في اليمن: نهج مجتمعي فعّال وسط حالة عدم الاستقرار السياسي”، مجلة إنترناشيونال بيس كيبينغ ، 22:4، 2015، ص 321-336، https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/13533312.2015.1064314
  6. “البنك الدولي يوقف أنشطته في اليمن بسبب مخاوف أمنية”، منقول عن وكالة فرانس برس، 13 مارس/آذار 2023، https://english.alarabiya.net/business/economy/2015/03/13/World-Bank-halts-Yemen-activities-over-security-fears
  7. “اليمن: الإعلان عن أعلى مستوى للاستجابة في حالات الطوارئ لمدة ستة أشهر”، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 1 يوليو / تموز 2015، https://web.archive.org/web/20150702080509/http://www.unocha.org/top-stories/all-stories/yemen-highest-emergency-response-level-declared-six-months
  8. “خدمة التتبع المالي: اليمن 2015″، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، https://fts.unocha.org/countries/248/summary/2015
  9. نفس المرجع السابق
  10. الأمم المتحدة، “خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن 2023”، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 25 يناير/كانون الثاني 2023، ص. 33، https://reliefweb.int/report/yemen/yemen-humanitarian-response-plan-2023-january-2023-enar
  11. بول هارفي، وآبي ستودارد، ومونيكا كزورنو، وميريا-جو بريكنريدج، “تقرير عن نقاط وصول المساعدات الإنسانية: اليمن”، مبادرة CORE التابعة لفريق Humanitarian Outcome ، مارس/ آذار 2022، ص. 7، https://www.humanitarianoutcomes.org/SCORE_Yemen_March_2022؛ مارزيا مونتيمورو وكارين ويندت، “برامج الاستجابة الإنسانية في اليمن القائمة على المبدأ – سجناء لتلك المعضلة؟”، مركز التبادل والبحوث الانسانية في جنيف – HERE-Geneva، ديسمبر/ كانون الاول 2021، ص. 23، https://here-geneva.org/wp-content/uploads/2022/02/Principled-H-programming-in-Yemen_HERE-Geneva_2021-1.pdf
  12. مقابلات مع مقدمي معلومات رئيسيين من جهات يمنية فاعلة في مجال الاغاثة، أبريل/نيسان-يوليو/تموز 2023.
  13. فيكتوريا ميتكالف هوغ، وآخرون. “التقرير السنوي المستقل للصفقة الكبرى لعام 2022”، اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، مركز ODI للابحاث ، 22 يونيو/ حزيران 2022، https://interagencystandingcommittee.org/grand-bargain-official-website/grand-bargain-annual-independent-report-2022؛ لويز ريدفرز، “أسلوب العمل الجديد: سد الفجوة التمويلية للمساعدات”، وكالة ذا نيو هيومانيتيريان، 9 يونيو/حزيران 2017، https://www.thenewhumanitarian.org/analysis/2017/06/09/new-way-working-bridging-aid-s-funding-divide ؛ “مبادرة العمل الانساني والتنمية والسلام”، البنك الدولي، 3 مارس/آذار 2017، https://www.worldbank.org/en/topic/fragilityconflictviolence/brief/the-humanitarian-development-peace-initiative؛ “استعراض التقدم المرحلي للنهج الترابطي بين العمل الانساني والتنمية والسلام”، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 10 مايو/أيار 2022، https://www.oecd-ilibrary.org/development/the-humanitarian-development-peace-nexus-interim-progress-review_2f620ca5-en
  14. فيكتوريا ميتكالف هوغ، وآخرون. “التقرير السنوي المستقل للصفقة الكبرى لعام 2022”، اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، مركز ODI للابحاث ، 22 يونيو/ حزيران 2022، https://interagencystandingcommittee.org/grand-bargain-official-website/grand-bargain-annual-independent-report-2022
  15. “استعراض التقدم المرحلي للنهج الترابطي بين العمل الانساني والتنمية والسلام”، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 10 مايو/أيار 2022، https://www.oecd-ilibrary.org/development/the-humanitarian-development-peace-nexus-interim-progress-review_2f620ca5-en
  16. “سولفرينو واللجنة الدولية للصليب الأحمر” ، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يونيو/ حزيران 2010, https://www.icrc.org/en/doc/resources/documents/feature/2010/solferino-feature-240609.htm
  17. “لجنة المساعدة الإنمائية”، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، https://www.oecd.org/dac/development-assistance-committee/
  18. “الأهداف الـ 17″، أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، https://sdgs.un.org/goals “إعلان باريس بشأن فعالية المساعدات (2005) وبرنامج عمل أكرا (2008)، ” منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، https://www.oecd.org/dac/effectiveness/34428351.pdf “الأهداف الـ 17″، أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، https://sdgs.un.org/goals “إعلان باريس بشأن فعالية المساعدات (2005) وبرنامج عمل أكرا (2008)، ” منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، https://www.oecd.org/dac/effectiveness/34428351.pdf
  19. “إعلان باريس بشأن فعالية المساعدات (2005) وبرنامج عمل أكرا (2008),” منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، https://www.oecd.org/dac/effectiveness/34428351.pdf
  20. “خدمة التتبع المالي: اليمن 2015″، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، https://fts.unocha.org/countries/248/summary/2015
  21. إطار الأمم المتحدة التعاوني من أجل التنمية المستدامة، 2022-2024 (يناير/ كانون الثاني 2022)، https://unsdg.un.org/sites/default/files/2022-06/Yemen-Cooperation_Framework-2022-2024.pdf
  22. التمويل المرن هو مبدأ أساسي في مبادرة المنح الإنسانية الجيدة، المتفق عليها في عام 2003. “24 مبدأ وممارسة جيدة للمنح الإنسانية”، مبادرة Good Humanitarian Donorship (مبادرة المنح الإنسانية الجيدة)، يونيو/ حزيران 2018، https://www.ghdinitiative.org/ghd/gns/principles-good-practice-of-ghd/principles-good-practice-ghd.html
  23. على الرغم من أن العاملين المتمرسين في مجال العمل الإنساني أشاروا أيضًا إلى التوقعات غير الواقعية بأن 23 مليار دولار أمريكي من التمويل الإنساني كافية “لمواجهة” الأزمة التي كلفت اليمن أكثر من 180 مليار دولار أمريكي من الناتج الاقتصادي المفقود، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. جوناثان د. موير وآخرون. “تقييم أثر الحرب في اليمن على التنمية في اليمن”، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 22 أبريل/ نيسان 2019، ص. 36، https://www.undp.org/yemen/publications/assesing-impact-war-development-yemen
  24. “خدمة التتبع المالي: اليمن 2015″، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، https://fts.unocha.org/countries/248/summary/2015
  25. بن باركر وآني سليمرود، “حصريًا: المانح الأكبر لليمن الذي لم يسمع عنه أحد”، وكالة ذا نيو هيومانيتيريان، 1 مارس/ آذار 2021.” https://www.thenewhumanitarian.org/news/2021/3/1/mysterious-new-yemen-relief-fund-aims-to-stop-famine
  26. سارة فويلستيك، “عندما تنحرف المساعدات عن مسارها: كيف تفشل الاستجابة الإنسانية الدولية في اليمن”، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، 21 مارس/آذار 2022، https://sanaacenter.org/ar/reports/humanitarian-aid
  27. مارزيا مونتيمورو وكارين ويندت، “برامج الاستجابة الإنسانية في اليمن القائمة على المبدأ – سجناء لتلك المعضلة؟”، مركز التبادل والبحوث الانسانية في جنيف – HERE-Geneva، ديسمبر/ كانون الاول 2021، ص. 23، https://here-geneva.org/wp-content/uploads/2022/02/Principled-H-programming-in-Yemen_HERE-Geneva_2021-1.pdf
  28. مقابلات مع مقدمي معلومات رئيسيين من جهات يمنية فاعلة في مجال الاغاثة، أبريل/نيسان-يوليو/تموز 2023.
  29. مارزيا مونتيمورو وكارين ويندت، “برامج الاستجابة الإنسانية في اليمن القائمة على المبدأ – سجناء لتلك المعضلة؟”، مركز التبادل والبحوث الانسانية في جنيف – HERE-Geneva، ديسمبر/ كانون الاول 2021، ص. 23، https://here-geneva.org/wp-content/uploads/2022/02/Principled-H-programming-in-Yemen_HERE-Geneva_2021-1.pdf
  30. كانت المنظمات الأكثر حضوراً هي برنامج الأغذية العالمي، واليونيسف، والصندوق الاجتماعي للتنمية، ومنظمة كير الدولية. بول هارفي، وآبي ستودارد، ومونيكا كزورنو، وميريا-جو بريكنريدج، “تقرير عن نقاط وصول المساعدات الإنسانية: اليمن”، مبادرة CORE التابعة لفريق Humanitarian Outcome ، مارس/ آذار 2022، ص. 7، https://www.humanitarianoutcomes.org/SCORE_Yemen_March_2022؛
  31. مقابلات مع مقدمي معلومات رئيسيين من جهات يمنية فاعلة في مجال الاغاثة، أبريل/نيسان-يوليو/تموز 2023.
  32. سارة فويلستيك، “عندما تنحرف المساعدات عن مسارها: كيف تفشل الاستجابة الإنسانية الدولية في اليمن”، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، 21 مارس/آذار 2022، https://sanaacenter.org/ar/reports/humanitarian-aid
  33. لويس سيدا وآخرون. “تقييم الوضع الإنساني للأزمة اليمنية من قبل اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات” “اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، 13 يوليو/تموز 2022، ص 120-123، https://reliefweb.int/report/yemen/inter-agency-humanitarian-evaluation-iahe-yemen-crisis
  34. نفس المرجع السابق
  35. نفس المرجع السابق
  36. مقابلات مع مقدمي معلومات رئيسيين من جهات دولية فاعلة في مجال الاغاثة في اليمن، أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
  37. “كلمة ديفيد غريسلي في الجلسة الافتتاحية لمنتدى اليمن الدولي 2023″، صفحة مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية على اليوتيوب، 17 يوليو/تموز 2023، https://www.youtube.com/watch?v=6-mPqZxOgP4
  38. “صندوق الإصلاح والتعافي وإعادة إعمار العراق (I3RF): تقرير الانجاز السنوي للصندوق الاتئماني المقدم إلى الشركاء التنمويين 2021″، البنك الدولي، 7 أبريل/نيسان 2021 https://www.albankaldawli.org/ar/country/iraq/publication/iraq-reform-recovery-and-reconstruction-fund-i3rf-trust-fund-annual-progress-report-to-development-partners-2021
  39. “منتدى اليمن الدولي” ، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، https://sanaacenter.org/yif/
  40. هينك إنجلبرتس ومارك وورميستر، “تقييم الأضرار والقدرات: ميناء عدن وميناء المكلا”، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 12 أبريل/نيسان 2021، https://www.undp.org/ar/yemen/publications/tqryr-tqyym-aladrar-walqdrat-fy-myna-dn-wmyna-almkla
  41. يتضمن ذلك مشاركة موسعة من جهات فاعلة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. مقابلات مع خبراء دوليين مختصين في مجال المساعدات، سبتمبر/أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول 2023
  42. “اليمن: الحوثيون يضيقون الخناق على النساء مع اشتراط وجود مَحَرَمْ”، منظمة العفو الدولية، 1 سبتمبر/أيلول 2022، https://www.amnesty.org/en/latest/news/2022/09/yemen-huthis-suffocating-women-with-requirement-for-male-guardians/
  43. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أكتوبر/تشرين الأول 2023.
  44. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أكتوبر/تشرين الأول 2023.
  45. مقابلة مع خبير يمني متخصص في مجال المساعدات ، يوليو/تموز 2023.
  46. مقابلة مع خبير يمني متخصص في مجال المساعدات ، يوليو/تموز 2023.
  47. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أكتوبر/تشرين الأول 2023.
  48. مقابلة مع خبير يمني متخصص في مجال التنمية، مارس/آذار 2023.
  49. مقابلات مع خبراء يمنيين متخصصين في مجال التنمية، مارس/آذار 2023.، مارس/آذار- أبريل/نيسان 2023.
  50. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ سارة فويلستيك، “قراءة جديدة لسلسلة تقارير المساعدات الإنسانية الصادرة عن مركز صنعاء: بين ما كُتب حينها وما استجد”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 25 يوليو/تموز 2023. https://sanaacenter.org/ar/publications-all/22073
  51. سارة فويلستيك، “قراءة جديدة لسلسلة تقارير المساعدات الإنسانية الصادرة عن مركز صنعاء: بين ما كُتب حينها وما استجد”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 25 يوليو/تموز 2023. https://sanaacenter.org/ar/publications-all/22073
  52. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أكتوبر/تشرين الأول 2023
  53. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أغسطس/آب 2023
  54. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أغسطس/آب 2023
  55. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، يوليو/تموز 2023
  56. مقابلات مع خبراء يمنيين متخصصين في مجال الاقتصاد والتنمية، يوليو/تموز 2023
  57. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أغسطس/آب 2023
  58. مقابلة مع خبير دولي مختص في مجال المساعدات ، أغسطس/آب 2023
  59. مقابلة مع مع أحد أبرز العاملين في مجال الإغاثة ، أغسطس/آب 2023.
  60. مقابلة مع مقدم معلومات رئيسي من جهة مانحة دولية، سبتمبر/أيلول 2023
  61. مقابلة مع أحد أبرز العاملين في مجال الاغاثة ، أغسطس/آب 2023.
  62. سارة فويلستيك، “قراءة جديدة لسلسلة تقارير المساعدات الإنسانية الصادرة عن مركز صنعاء: بين ما كُتب حينها وما استجد”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 25 يوليو/تموز 2023. https://sanaacenter.org/ar/publications-all/22073
  63. نفس المرجع السابق
  64. مقابلة مع المدير القُطري لإحدى المنظمات غير الحكومية الدولية، يوليو/تموز 2023.
  65. مقابلات مع عاملين في الأمم المتحدة وإحدى المنظمات غير الحكومية الدولية، يوليو/تموز – سبتمبر/ أيلول 2023.
  66. “هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تثير ردود فعل دولية” تقرير اليمن لشهري نوفمبر/ تشرين الثاني- ديسمبر/ كانون الأول 2023. مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية. 9 يناير/كانون الثاني 2024- https://sanaacenter.org/ar/the-yemen-review/nov-dec-2023/21672
  67. مقابلة مع مسؤول كبير في مجال الاغاثة أغسطس/آب 2023
  68. مقابلات مع خبراء يمنيين متخصصين في مجال الاقتصاد والتنمية، يوليو/تموز 2023
  69. مقابلة مع أحد العاملين الدوليين البارزين في مجال الإغاثة ، أغسطس/آب 2023
  70. مقابلة مع أحد العاملين الدوليين البارزين في مجال الإغاثة ، أغسطس/آب 2023
  71. مقابلة مع مقدم معلومات رئيسي مع أحد الجهات الدولية البارزة في مجال الإغاثة في اليمن ، سبتمبر/أيلول 2023
  72. مقابلة مع خبير اقتصادي يمني، أبريل/، نيسان 2023.
  73. مقابلة مع رجل أعمال يمني وعضو في الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية أبريل/، نيسان 2023.
  74. مقابلة مع محلل اقتصادي مختص في الشأن اليمني، يوليو/تموز 2023
  75. مقابلة مع مقدمي معلومات رئيسيين من جهات يمنية فاعلة في مجال الاغاثة، يوليو/تموز 2023.
  76. سجلت خدمة التتبع المالي التابعة للأمم المتحدة تمويلًا بقيمة 25.2 مليار دولار أمريكي لبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة في عام 2022. وبلغ إجمالي التمويل 40.5 مليار دولار أمريكي. 25.2/40.5 = 62%. “خدمة التتبع المالي: اليمن 2022″، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. https://fts.unocha.org/countries/248/summary/2015 https://fts.unocha.org/global-funding/recipients/2022
  77. للمزيد عن الدور الذي يلعبه الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في اليمن ، انظر: مجاهد محمد المعافا، “دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في اليمن في تنفيذ الرقابة على الأداء في ظل وجود الإكراهات”، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق، السويسي، الرباط، المغرب، 4 يناير/كانون الثاني 2022، https://www.hnjournal.net/en/3-4-18/
مشاركة