إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

النشرة الاقتصادية اليمنية: التأثير المحدود للعقوبات الأمريكية على الشبكات المالية للحوثيين

Read this in English

ملخص تنفيذي

منذ عام 2015، أدت العوامل المتصلة بالصراع في اليمن وشروع المؤسسات المالية الدولية في تبني إجراءات التخفيف من المخاطر إلى هجرة الأموال بشكل هائل من الاقتصاد الرسمي للبلاد إلى الاقتصاد غير الرسمي. استفادت الجهات الفاعلة في السوق غير الرسمية كثيراً من هذه السيولة المتزايدة، وفي مقدمتها شركة سويد وأولاده للصرافة، التي أصبحت واحدة من أكبر مقدمي الخدمات المالية في اليمن وأكبر الجهات الفاعلة في سوق صرف الأموال والحوالات المالية، حيث استفادت الشركة من نفوذها لبناء إمبراطورية مالية محلية ذات امتداد دولي واسع النطاق. كما استفاد من شبكاتها المنتشرة عامة اليمنيين، والجهات الفاعلة التجارية والمالية المستقلة، وجماعة الحوثيين المسلحة على حد سواء.

في العام الماضي، اتسع نطاق نظام العقوبات الذي فرضته الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثيين المسلحة من مجرد التركيز على الأنشطة العسكرية والأمنية للجماعة إلى استهداف قواعدها الاقتصادية. وفي منتصف عام 2021، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) عقوبات على شركة سويد وأولاده. تقيّم هذه الورقة تأثير العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على شركة سويد وأولاده على وجه التحديد بعد ستة أشهر، وعلى جماعة الحوثيين المسلحة بشكل عام. ويبين التقرير أن هذه العقوبات شكلت تحديا للشركة، حيث منعتها من الوصول رسمياً إلى الشبكات المالية العالمية الأمر الذي أدى إلى فقدانها جزء من السيولة المتداولة في اليمن. ومع ذلك، تحتفظ شركة سويد وأولاده بانتشار كبير على المستوى الدولي من خلال شبكات الحوالة واستخدام خدمات الوكلاء، بينما حافظت إلى حد كبير على شبكاتها وخدماتها المالية المنتشرة على مستوى اليمن. وبوجه عام، أثبتت جماعة الحوثيين أنها محصنة إجمالاً من التداعيات السلبية للعقوبات الأمريكية.

ورغم أن الأثر الرادع للعقوبات كان محدودا، إلا أنها ساهمت بشكل كبير في زيادة القيود المفروضة على البنوك التجارية والشركات اليمنية لإجراء المعاملات المالية الدولية، بما في ذلك تعقيد إجراء الأنشطة التجارية والتحويلات النقدية وفتح حسابات ائتمانية. من المهم استمرار التجارة الخارجية للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن، نظراً لأن ما يصل إلى 90% من احتياجات البلاد الغذائية يتم استيرادها من الخارج، وأن ما يقرب من 20.7 مليون يمني بحاجة حالياً إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية.

في ظل هذه الظروف، يجب تقييم أي عقوبات دولية محتملة ضد الأطراف في اليمن باعتبار أنها قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المزرية التي يواجهها اليمنيون في الوقت الراهن. وبالتالي، من المهم قبل المضي في فرض المزيد من العقوبات المالية أو رفع أي عقوبات قائمة، وضع نظام رصد لتقييم آثار وفعالية العقوبات الجارية، والديناميكيات الناشئة للسوق اليمنية والوضع السياسي والعسكري والإنساني للبلاد، والمخاطر المحتملة على الأعمال التجارية المشروعة وعامة الشعب في اليمن.

خلفية: حملة العقوبات المالية الأميركية في عام 2021

في 10 يناير/كانون الثاني 2021، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها على تصنيف جماعة الحوثيين المسلحة، أنصار الله، كمنظمة إرهابية أجنبية، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني، أي قبل يوم واحد من حلول إدارة بايدن محل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض. من بين التبعات المترتبة على تصنيف أي جهة كمنظمة إرهابية أجنبية هو أن أي مؤسسات أو منظمات أو أفراد، أمريكيين أو أجانب على حد سواء، يمكن أن يخضعوا للملاحقة الجزائية في محاكم الولايات المتحدة في حال تقديمهم “دعما ماديا” – والذي بمعناه الواسع يشمل تقديم الخدمات والموارد وإسداء المشورة وتقديم المساعدة – للمجموعة المصنفة.

على الفور، شجبت الأمم المتحدة والجهات الفاعلة في المجال الإنساني وأعضاء في الكونجرس الأميركي هذه الخطوة، قائلين إنها ستؤدي إلى تفاقم الاوضاع الإنسانية المتردية أساساً في اليمن، باعتبار ان غالبية السكان اليمنيين ــ وغالبية المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية الدولية ــ يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. واستجابة لهذه النداءات، أمر الرئيس جو بايدن في 16 فبراير/شباط مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية بإلغاء تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية.

إلاّ أن واشنطن واصلت اتباع وسائل أخرى طوال عام 2021 لتصعيد الضغوط المالية ضد الأفراد والكيانات المرتبطين بجماعة الحوثيين المسلحة. ففي يناير/كانون الثاني، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية قائمة محدثة “للرعايا الخاضعين لإدراج خاص”، وأضاف العديد من أعضاء جماعة الحوثيين الذين كانوا خاضعين بالفعل لتجميد الأصول الأجنبية ومنع السفر من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية. وكان من بين هؤلاء الأشخاص زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وأحد أبرز مسؤوليها عبد الله يحيى الحاكم، والقائد العسكري لها عبد الخالق الحوثي.[1]

في الفترة ما بين مارس/آذار ومايو/أيار من هذا العام، أُضيف مسؤولون وقادة عسكريون آخرين مؤيدين للحوثيين إلى قائمة “الرعايا الخاضعين لإدراج خاص” التي وضعها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية.[2] وُجهت اتهامات لهؤلاء الأشخاص بتهديد السلام والأمن والاستقرار في اليمن وشراء أسلحة من إيران. ووفقاً لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، فإن أي ممتلكات تخص الأشخاص المدرجين على القائمة السوداء والتي تخضع لسلطة القضاء الأمريكي ستكون عرضة للتجميد، ولم يعد مسموحاً للمواطنين الأميركيين بالتعامل مع الأفراد المدرجين في القائمة السوداء.[3] وفي نوفمبر/تشرين الثاني، فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات على ثلاثة من كبار القادة الحوثيين، بما في ذلك صالح مسفر الشاعر، الذي أُدرج أيضا تحت طائلة العقوبات المفروضة من وزارة الخزانة الأميركية بعد ذلك بوقت قصير.

مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية يستهدف شركة السويد كجزء من شبكة تهريب

تم فيما بعد تحديد مرحلة ثانية من العقوبات في قائمة الرعايا الخاضعين لإدراج خاص في وزارة الخزانة في الولايات المتحدة من يونيو/حزيران من هذا العام.[4] استهدفت هذه المرحلة بشكل مباشر القواعد الاقتصادية لجماعة الحوثيين من خلال قطع أهم قنوات تمويلها الخارجي ــ وعلى وجه الخصوص إيران وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. بالإضافة الى ذلك، كان القصد من فرض عقوبات ثانوية في إطار قائمة “الرعايا الخاضعين لإدراج خاص” هو إجبار مواطني وكيانات بلدان أخرى على وضع حد للتحويلات المالية إلى سلطات الحوثيين في اليمن.

أشارت مديرة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية أندريا غاكي في بيان صحفي صادر عن مكتبها في يونيو/حزيران إلى أن ” إنهاء معاناة الملايين من اليمنيين هو امر بالغ الاهمية بالنسبة للولايات المتحدة…سنواصل محاسبة المسؤولين عن البؤس المستشري ومنعهم من الوصول إلى النظام المالي العالمي”.

في اليوم نفسه، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية عقوبات موجهة على 12 عضواً ضمن شبكة تهريب محددة. وفي البيان الصحفي الصادر في 10 يونيو/حزيران، ذكر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية إن هذه الشبكة يترأسها سعيد أحمد محمد الجمل، وهو يمني مقيم في إيران ويدعم جماعة الحوثيين المسلحة مالياً.[5] وكان من بين أعضاء شبكة التهريب الذين شملتهم عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة في الولايات المتحدة سبعة رجال أعمال وخبراء في مجال النقل البحري، فضلا عن أربع شركات وسفينة Triple Success التي ترفع علم الغابون. وأفاد المكتب أن جميع هؤلاء الأفراد والكيانات كانوا يتعاونون مع الجمل لتمويل قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وجماعة الحوثيين في اليمن.

وقد تم فرض عقوبات على أعضاء شبكة التهريب بسبب علاقتهم مع الجمل ومكونات الشبكة التي يديرها، بموجب الأمر التنفيذي للولايات المتحدة رقم 13224 المتعلق بمكافحة الإرهاب. وعلى وجه الخصوص، شملت قائمة الأشخاص المدرجين تحت طائلة العقوبات هاني عبد المجيد محمد أسعد، وهو محاسب يمني مقيم في تركيا، اتهم بإدارة أموال الجمل وتيسير تحويلها إلى سلطات الحوثيين. كما فُرضت عقوبات على خمسة مواطنين غير يمنيين، من بينهم سوريان.

شملت الشركات المدرجة تحت طائلة العقوبات شركة أدون للتجارة العامة م.م.ح.، مقرها الامارات العربية المتحدة، وشركة أدون للتجارة العامة ذ.م.م، مقرها الامارات العربية المتحدة، وشركة أدون للتجارة العامة للصناعات الغذائية والتجارة، ومقرها تركيا. أما الشركة الرابعة المدرجة تحت طائلة العقوبات فهي شركة سويد واولاده للصرافة، وهي شركة صرافة مقرها اليمن سهلت “معاملات مالية بقيمة ملايين الدولارات” للشبكة، وفقاً لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية.

ووفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، استخدم الجمل هذه الشبكة غير المشروعة لتهريب الوقود الايراني والمنتجات النفطية وغيرها من السلع الإيرانية إلى عملاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. جرى فيما بعد توجيه جزء كبير من الأموال التي تم جمعها، والتي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات الامريكية، إلى اليمن من خلال شبكة دولية معقدة من الوسطاء ودور الصرافة، والمثال الرئيسي هي شركة السويد وأولاده للصرافة. وأشار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية[6] إلى أن الأموال استخدمت لتمويل العمليات العسكرية لقوات الحوثيين و فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

كما ذكر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية أنه وبإشراف مباشر من الجمل، شارك مواطنان سوريان تحديداً في شبكة التهريب، وهما طالب علي حسين الأحمد الراوي (مقيم في تركيا)، وعبد الجليل الملاح (مقيم في اليونان). ويُزعم أنهما أرسلا ملايين الدولارات إلى شركة سويد في اليمن من صفقات شراء النفط الإيراني من قبل مجموعة القاطرجي السورية، التي “تحتفظ بعلاقات قوية مع النظام السوري”، وفقا لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية.

في بيانه الصحفي، ذكر مكتب مراقبة الأصول الخارجية التابع لوزارة الخزانة الأميركية أنه منذ اندلاع النزاع في اليمن، اعتمدت سلطات الحوثيين على دعم قوات قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لشن حملتها ضد التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وساعدت الأموال المهربة عن طريق شبكة الجمل في تمويل هذه الحملة التي كانت لها “عواقب وخيمة على المدنيين اليمنيين ودول الجوار”، وفقاً لبيان المكتب.[7]

شركة سويد للصرافة: من خلفية متواضعة إلى إمبراطورية في السوق المالية

بدأ محمد لطف سويد حياته المهنية كتاجر نسيج في السوق التجارية لمدينة صنعاء القديمة. وعام 1998، افتتح أول محل صرافة، حيث قام بشراء وبيع العملات الاجنبية للتجار المحليين والسياح على حد سواء. أثبت هذا المجال أنه مصدر ربح مجزي، وتوسعت أعماله التجارية، وعام 2008 تم تسجيل شركة سويد وأولاده للصرافة قانونيا للعمل كشركة لصرف الأموال وتحويلها.

واصلت الشركة نموها السريع، وتحقيق الإنجازات بما في ذلك إنشاء خدمة “فلوسك” لتحويل الأموال إلكترونياً، التي يقدمها بنك اليمن والكويت وشركة كواليتي-كونكت، وشبكة “مال” للحوالات المالية، الأمر الذي ربط شركة سويد بشركات الصرافة في جميع أنحاء البلاد. وأصبحت الشركة أيضا وكيلا لبعض أكبر الشركات الدولية لتحويل الأموال، مثل موني جرام، وإكسبريس موني، وشيفت موني، بالإضافة الى العديد من الشركات الصغيرة. مؤخراً، أعلنت شركة سويد أنها تعتزم توسيع نشاطها ليشمل الخدمات المصرفية الإسلامية وخدمات التمويل المتناهي الصغر، فضلا عن أدوات استثمارية للانخراط في قطاع المعادن الثمينة والتكنولوجيا والتجارة الدولية.

في إطار هياكل الملكية السابقة كمنشأة فردية أو شركة تضامنية على حد سواء، حصل سويد للصرافة على التراخيص المطلوبة قانونيا للعمل في سوق الصرافة لاجراء الحوالات المالية الى الخارج عبر كل من خدمات التحويل العالمية وشبكات الحوالة غير الرسمية. قبل اندلاع الحرب الدائرة، حين كان يتم تنظيم قطاع الصرافة بكفاءة من قبل البنك المركزي اليمني، كان يُفرض على جميع منافذ الصرافة وشبكات الحوالة في اليمن الحصول على تراخيص لممارسة نشاط الصرافة والتحويلات.

تستخدم هذه الورقة مصطلح “غير رسمي” بالنسبة لمكاتب الصرافة وشبكات الحوالات العاملة في اليمن لتمييزها عن النظام المصرفي الرسمي – أي البنوك التجارية والإسلامية – التي تخضع لرقابة صارمة وتقوم بالامتثال للمعايير الدولية عند تقديمها للخدمات المالية. والمقصود بهذا المصطلح أيضا هو الإشارة إلى أن السوق التي ينشط فيها مقدمو الخدمات المالية هؤلاء قد أصبحت تفتقر للشفافية بشكل متزايد مع احتدام الصراع منذ 2014-2015. وقد أدت الحرب بسرعة إلى إضعاف قدرة البنك المركزي اليمني على رقابة وتنظيم قطاع الصرافة وتحويل الاموال في البلاد. وما فاقم هذا الأمر بشدة كان انقسام عمليات البنك المركزي عام 2016 بين الفرعين الرئيسيين المتنافسين في عدن وصنعاء، أي ذلك الذي يقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والآخر الذي يقع تحت سلطة سلطات الحوثيين، على التوالي. وقد هيأ ذلك وطبيعة الاقتصاد اليمني القائم على النقد بيئة خصبة لتنامي عدد شركات الصرافة وشبكات الحوالات المالية غير المرخصة بشكل ملحوظ، كما ساهم في تعزيز مكانة هذه الشركات والشبكات كجهات فاعلة قوية في السوق المالية جنباً الى جنب مع الشبكات المرخصة.

أصبحت شركة سويد منذ بداية الحرب واحدة من أكبر مقدمي الخدمات المالية في القطاع المالي اليمني وأكبر جهة فاعلة في سوق صرف العملات وتحويل الاموال. بدأت هذه الهيمنة في منتصف عام 2016، مع اندلاع أزمة سيولة التي اجتاحت القطاع المصرفي وقلصت قاعدة عملائه. ومن بين العوامل التي أدت إلى ذلك أن البنوك الغربية بدأت في اتخاذ تدابير جدية للتخفيف من المخاطر وأوقفت تعاملاتها وأنشطة التعاون المصرفية مع البنوك اليمنية. وكان ذلك بمثابة فرض حصار دولي على وصول البنوك اليمنية إلى الشبكات المالية العالمية، حيث جعلها عاجزة عن تسهيل المعاملات المالية والتجارية الدولية. عجز البنوك عن تقديم هذه الخدمات خلق فراغاً وسوقاً موازية لمكاتب الصرافة في البلاد، التي تعمل عبر شبكات تخضع لرقابة أقل بكثير مقارنة بالخدمات البنكية، على سبيل المثال، نظام إصدار خطابات الاعتماد. وبدءاً من النصف الأول من عام 2016، بدأت الشركات التجارية واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة في اليمن في سحب أرصدتهم من النظام المصرفي فيما مثل هجرة ضخمة للسيولة النقدية من القطاع المالي الرسمي إلى القطاع المالي غير الرسمي. ونظراً لأن البنوك فقدت مركزها لصالح مقدمي الخدمات المالية غير الرسميين، سعى مدراء البنوك اليمنيون إلى إيجاد شركة رائدة قوية في السوق من بين أولئك الأطراف غير الرسمية لمساعدتهم في الوصول إلى سوق صرف العملات واستعادة جزء من قاعدتهم النقدية التي خسرتها لصالح القطاع المالي غير الرسمي. في ذلك الوقت، كانت شركة سويد واحدة من أكبر وأفضل الشركات الفاعلة غير الرسمية في سوق المال في اليمن، حيث مكنتها خبرتها ومعرفتها بديناميكيات السوق المحلية الممتدة لسنوات بالاستحواذ على المعاملات التجارية من البنوك التجارية والإسلامية.

مع مرور الوقت، قامت عدة بنوك يمنية بإنشاء مصالح مالية متبادلة كبيرة مع شركات الصرافة اليمنية، وأولها شركة سويد. فيما بعد، أصبحت البنوك تعتمد على المكاسب المالية الناتجة عن علاقاتها مع شركة سويد وغيرها من الأطراف الفاعلة في سوق صرف العملات للبقاء في السوق والتغلب على الضغوط المالية الكبيرة الناجمة عن احتدام الصراع. وهكذا نمت شركة سويد لتصبح مركز مقاصة مالية بالغ الأهمية للعديد من البنوك والشركات التجارية، حيث سهلت حصولهم على السيولة النقدية من الريال اليمني والعملة الصعبة في مقابل مكاسب مرتفعة. كما أصبحت شركة سويد مركزاً مقاصة هاماً داخل قطاع الصرافة نفسه، مع قيام محلات صرافة أخرى ببيع ما في خزائنها من العملات الأجنبية بانتظام إلى شركة سويد. في الواقع، تقدر الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء أنه بين عام 2016 وعام 2020 اضطلعت شركة السويد بإدارة والسيطرة على ما لا يقل عن 20٪ من إجمالي العملات الأجنبية المتداولة في اليمن.

وبسبب أزمة السيولة النقدية، احجم معظم التجار ورجال الأعمال التجاريين عن التعامل مع النظام المصرفي الرسمي، وباتوا يحتفظون بأرصدتهم من السيولة النقدية ويبرمون الصفقات المالية عبر شركات الصرافة، غالباً عبر الواجهة المالية لشركة سويد قبل فرض العقوبات على الشركة. بموجب القانون في اليمن، يُسمح للبنوك فقط بقبول الودائع. على أرض الواقع وفي ظل النزاع، أدى ذلك إلى تحرّر شركات الصرافة من الاضطرار إلى دفع فوائد على الأموال التي تحتفظ بها نيابة عن العملاء والتي تعتبر، بصورة أخرى وبكل الطرق العملية، ودائع. وقد استفادت شركات الصرافة كثيراً من هذه السيولة النقدية المتزايدة، وربما استفادت أكثر منها شركة سويد، التي عززت مكانتها لبناء إمبراطورية مالية محلية ذات امتداد دولي واسع النطاق.

كما كانت شبكات سويد وأولاده المالية ذات النفوذ في عموم اليمن وسيلة جذابة استعانت بها سلطات الحوثيين في سعيها من أجل بسط هيمنة اقتصادية كندّ للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. تصاعدت حرب العملة بين الجانبين بشدة في أواخر عام 2019 عندما أعلنت سلطات الحوثيين حظر التعامل بالأوراق النقدية الجديدة (التي طبعها البنك المركزي اليمني في عدن منذ أوائل عام 2017) في المناطق الخاضعة لسيطرتها.[8] تلى ذلك تباين سريع في سعر صرف العملة الأجنبية مقابل فئات الريال اليمني الجديدة والقديمة، حيث فقدت الأولى قيمتها فيما ظلت الاخيرة مستقرة نسبيا.

حينذاك، اتخذت العديد من شركات الصرافة ــ وأكبرها شركة سويد ــ تدابير لتحويل أرصدتها من فئات الريال اليمني ذات الطبعة القديمة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وقد تم ذلك لعدة أسباب. أولا، كانت شركات الصرافة تعاني من نقص حاد في السيولة النقدية بالعملة المحلية القابلة للتداول في السوق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث توجد أكبر المراكز المالية والكثافة السكانية. وثانيا، اعتمدت سلطات الحوثيين تدابير عقابية ضد شركات الصرافة وشبكات الحوالات المالية لإجبارها على تحويل الأوراق النقدية القديمة للريال إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ومنع التداول بالأوراق النقدية الجديدة من الريال اليمني. وبالتالي، تدفقت الأوراق النقدية القديمة للريال اليمني إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين فيما تدفقت الأوراق النقدية الجديدة إلى المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين، الأمر الذي سمح للبنك المركزي اليمني في صنعاء بتأمين مخزون استراتيجي من الأوراق النقدية القديمة محدودة التداول في السوق، وتضخيم المعروض النقدي من الأوراق النقدية المطبوعة حديثا بالريال اليمني في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.

على المستوى الدولي، عملت شركة سويد بشكل مباشر وغير مباشر كوكيل رسمي لعدد من شركات وشبكات الخدمات المالية العالمية. وتشمل هذه موني جرام، ويسترن يونيون، إكسبريس موني، دبي ريميت، خدمة آي كاش جيبوتي، شركة الطيف للصرافة، شيفت موني وبنك كاك الدولي في جيبوتي.[9] وقد تم إجراء جزء كبير من هذه التحويلات المالية عبر الإمارات العربية المتحدة وتحديداً دبي.[10] كانت هذه الإمارة بمثابة المركز المالي الرئيسي الذي من خلاله تجري شركة سويد الخدمات المالية الدولية، بما في ذلك التحويلات المالية، والتي تم تيسيرها بشكل رئيسي من خلال شركة الفردان للصرافة، وهي عضو في مجموعة الفردان وطرف فاعل رئيسي في قطاع الصرافة وتحويل الاموال بالامارات ولها أنشطة أيضا في قطر.

في الوقت الراهن، تعد التحويلات المالية إلى اليمن أكبر مصدر للعملات الأجنبية في البلاد وتصل الى مليارات الدولارات الامريكية سنويا، حيث قدر البنك الدولي حجمها عام 2019 بنحو 3.8 مليار دولار أمريكي، على الرغم من أن الرقم الفعلي هو على الأرجح أعلى بكثير نظرا لأن معظم التحويلات المالية تتم عن طريق الشبكات غير الرسمية.[11] لا تتوفر إحصاءات محددة توضح متوسط النسبة السنوية للتحويلات المالية التي تتم عبر النظام المصرفي الرسمي اليمني وشبكات الحوالة اليمنية الأقل تنظيما. إلا أن الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء تُقدر أن شبكات الحوالة وقنوات تحويل الأموال المماثلة تُيسر ما لا يقل عن 70% من التحويلات المالية القادمة إلى اليمن، وأبرزها شركة سويد التي تُعد أكبر طرف فاعل بين هذه الشبكات.

تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة على شركة السويد

رداً على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، أصدرت شركة سويد للصرافة بياناً في 16 يونيو/حزيران نفت فيه بشدة اتهامات وزارة الخزانة الأميركية، معلنة فيه أن الشركة تمتثل للقوانين المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال ومشددة على حقها القانوني في استخدام كافة الوسائل المشروعة لإلغاء العقوبات.[12]

في اليوم التالي، أصدر مكتب النيابة العامة الذي يعمل تحت إدارة الحكومة اليمنية ويتخذ من عدن مقراً له، القرار رقم (15) بإدراج الأطراف المشمولين بالعقوبات الأمريكية، بما في ذلك شركة سويد ضمن قوائم الإرهاب. وبعد أربعة أيام أصدر البنك المركزي اليمني في عدن تعميما يُوجّه فيه القطاع المصرفي وشركات الصرافة بتنفيذ القرار.[13] وسيؤدي ذلك، في حالة تنفيذ التعميم بالكامل، إلى تجميد الحسابات المصرفية لشركة سويد وإلغاء ترخيصها، وفرض حظر عام داخل اليمن على الدخول في معاملات تجارية ومالية مع الشركة.

في 18 يونيو/حزيران، بادرت جمعية الصرافين اليمنيين التي تتخذ من صنعاء مقراً لها الى دعم شركة السويد وأبنائه، داعية إلى إلغاء قائمة “الرعايا الخاضعين لإدراج خاص” التي وضعها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية.[14] كما طالبت الجمعية الدول الأجنبية والوكالات الخارجية بالامتناع عن تسييس الأنشطة المالية وإعادة النظر في قرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، بحجة أن العقوبات التي تفرضها سوف يكون لها تأثير سلبي على القطاع المالي بأسره.

اجتاحت حالة من الهلع الأطراف الفاعلة في السوق التي تتعامل مع شركة سويد، وسرعان ما كان للعقوبات تبعات سلبية على أنشطة الشركة في مجال صرف العملات مع القطاع الخاص في اليمن. وبعد فرض العقوبات، قامت العديد من المؤسسات التجارية الضخمة، ومعظمها من الشركات العائلية التي كانت تستخدم شركة سويد لإتمام معاملات تعتبر حكراً على البنوك بموجب القانون ــ مثل عمليات الإيداع والسحب والإبقاء على حسابات جارية لتمويل صفقاتها ــ بسحب أرصدة ضخمة من خزائن شركة سويد للصرافة.[15] وبدا القلق على التجار بشكل خاص، الذين تعتمد أنشطتهم التجارية على القدرة على إتمام معاملات مالية على الصعيد الدولي لتأمين الواردات، حيث شرعوا باتخاذ تدابير احترازية لتفادي ادراجهم تحت طائلة العقوبات.

مما لا شك فيه أن فقدان كميات كبيرة من السيولة النقدية بالعملات المحلية والأجنبية أدى إلى تقويض نفوذ شركة سويد في سوق صرف العملات الأجنبية وتقليص قدرة الشركة على توفير القروض التجارية ــ وهي مناحي أنشطتها التي ساعدتها على الازدهار منذ عام 2016. وتضاءلت بالمثل آفاق خطط توسع الشركة في المستقبل.

ومع ذلك، وحتى كتابة هذه السطور، أي بعد ستة أشهر من إعلان الولايات المتحدة عن هذه العقوبات، لا تزال شركة السويد وأبنائه نشطة. واستناداً إلى الزيارات الميدانية التي قام بها مركز صنعاء إلى محلات شركة سويد للصرافة وفروعها في مراكز المدن الرئيسية في مختلف أنحاء اليمن، يبدو أن قدرة الشركة على العمل في جميع أنحاء البلاد ــ بما في ذلك في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ــ لم تتأثر. فعلى سبيل المثال، في حين تم إغلاق فرع شركة سويد في مأرب بعد صدور قرار مكتب النيابة العامة، فإن شبكة “مال” للحوالات التابعة للشركة والنشطة على مستوى البلاد ما زالت مفتوحة وتعمل. وعلى نفس المنوال، تواصل شبكة “مال” منح شركة سويد نافذة مالية إلى عدن وشبوة. وبوجه عام، يبدو أن قرار النيابة العامة والتعميم الصادر عن البنك المركزي اليمني في عدن قد تم تجاهلهما على نطاق واسع ولم يحدث أي تجميد لأصول الشركة. ومن الجدير بالذكر أن معظم البنوك اليمنية والجهات التجارية والمالية الرئيسية تتخذ من صنعاء مقرا لها، وقد واجهت ضغوطا من الحوثيين للامتناع عن اتخاذ أي تدابير ضد شركة سويد.

فيما يتعلق بالتعاملات الدولية التي تضطلع بها شركة سويد، فقد تضررت بشدة سمعة الشركة بين المؤسسات المالية المرموقة. فالمتطلبات القانونية بموجب العقوبات التي فرضها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية كانت تعني تجميد الشركات المالية الدولية، مثل موني غرام، ووسترن يونيون، وإكسبرس موني، علاقاتها التعاونية مع شركة سويد. من الواضح بالتالي أن شركة سويد فقدت القدرة على العمل كواجهة مالية مباشرة مع النظام المالي العالمي، وبالتالي تكبدت بعض الخسائر. ورغم ذلك، في حين لا يزال الحصول على الأدلة القاطعة بعيد المنال، تشير التقارير غير الموثقة الواردة من السوق المالية في اليمن إلى أن الشركة احتفظت بقدرة كبيرة على العمل على الصعيد الدولي. إحدى الوسائل التي ساعدتها على ذلك هي شبكة الحوالة الواسعة. ومن الممارسات الشائعة الأخرى في السوق اليمنية استخدام مكاتب الوكلاء، حيث أن هذه الكيانات لا تستطيع الحصول على تراخيص لإجراء التحويلات المالية مباشرة عبر الشبكات الدولية، مثل موني غرام ووسترن يونيون، وبالتالي تقوم بذلك كوكلاء لبنك أو مؤسسة أخرى حاصلة على التراخيص اللازمة، ولا يظهر في الوثائق سوى اسم المؤسسة الحاملة للتراخيص. ومن العوامل الأخرى التي تعزز قدرة شركة سويد على العمل على الصعيد الدولي الدعم الذي تتلقاه من سلطات الحوثيين، مما يساعد على حماية الشركة من الرقابة، فضلا عن أن البنك المركزي اليمني في عدن يمتلك حاليا إمكانية محدودة للوصول إلى بيانات القطاع المصرفي.

وفقاً لمسؤول رفيع المستوى في القطاع المصرفي اليمني، والذي تحدث إلى الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء بشرط عدم الكشف عن هويته، فإن الحجم الدقيق لأصول شركة سويد التي تم تجميدها خارج اليمن في أعقاب العقوبات المفروضة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية ليس واضحاً.[16] فقد يكون المبلغ صغيرا نسبيا، لأن شركة سويد لم تحتفظ بأموال كبيرة في الحسابات المالية الخارجية. وذكر المسؤول أن شركة السويد لم تودع أموالاً في الحسابات في البنوك التي مقرها دبي، بل أبقت أموالها من النقد الأجنبي متاحة عن طريق التحويلات المالية العالمية في إطار شبكات مالية متعاونة، تعمل مِن الإمارات والسعودية. غير أن هذه الأموال لا بد وانه قد تمت تصفيتها من خلال مخالصة مالية فورية. وقال المصدر إن شركة سويد كانت تملك حساب بنكي أجنبي واحد فقط، في عُمان، غير أن هذا الحساب، الذي تبلغ قيمة رصيده نحو 20 مليون دولار أمريكي، قد تم تجميده قبل فترة طويلة من فرض العقوبات في يونيو/حزيران.

العقوبات وجماعة الحوثيين

إن تأثير العقوبات المفروضة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية على جماعة الحوثيين والشبكات المالية الخارجية التي تعمل معهم يتوقف على العديد من العوامل. وتشمل هذه العوامل: حدود العقوبات؛ والأهمية الاقتصادية للأطراف الموالية لجماعة الحوثيين التي أدرجت أيضا تحت طائلة العقوبات؛ ومدى قيام هذه الأطراف رسميا بإنشاء كيانات تجارية أو استثمارها في الأصول والحسابات المصرفية في الخارج؛ ودرجة انخراط الكيانات المدرجة تحت طائلة العقوبات بانتظام في أنشطة مالية وتجارية كبيرة مع مؤسسات أجنبية، ولا سيما مؤسسات أمريكية أو غربية؛ ومستوى الدعم أو الامتثال للعقوبات المفروضة من جانب البلدان والمؤسسات الأجنبية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

تهدف العقوبات، في صيغتها الحالية كبرامج على مستوى السياسة العامة،[17] إلى التأثير سلباً على الكيانات التجارية الموالية للحوثيين والأفراد المدرجين في قائمة “الرعايا الخاضعين لإدراج خاص” من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية. ولكن من غير المعروف عموماً ما إذا كانت شبكة الجمل على وجه الخصوص قد شهدت أي تجميد للأصول منذ فرض العقوبات من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية. وبالنظر إلى أن هذه الشبكة، شأنها شأن الشبكات الأخرى المنشأة للعمل بالنيابة عن أنظمة محظورة دوليا، من المرجح أن تدير جزءا كبيرا من أصولها بعيدا عن متناول البلدان المعادية والنظم التابعة لها، فإن خسائر الشبكة الناجمة عن تجميد أصولها حول العالم قد لا تكون كبيرة.

ووفقا لاثنين من كبار المصرفيين اليمنيين تم اجراء مقابلة معهما في يونيو/حزيران 2021، تمكنت شبكة الجمل من الحفاظ على جزء كبير من أصولها واستثماراتها خارج النظام المالي الأمريكي. وإن كان الأمر كذلك، فمن شأنه أن يحد من تأثر شبكته مباشرة جراء العقوبات، رغم أن العقوبات تؤثر أيضاً على المؤسسات المالية غير الأمريكية التي وجد أنها تتعامل مع الأطراف المدرجة في القائمة من خلال قطع وصولها إلى سوق الولايات المتحدة.

وما يبدو واضحاً في الواقع هو أن الجماعات التي أدرجت تحت طائلة العقوبات باتت معزولة تماماً عن النظام المالي العالمي الرسمي. وهذا يمنحها قدراً ضئيلاً من القدرة على إجراء معاملات تجارية أو مالية دولية مشروعة مع كيانات أمريكية ومواطنين أمريكيين على وجه الخصوص، أو مع جهات تجارية خارجية خاضعة لسلطة القضاء الأمريكي. ولكن من منظور أوسع نطاقاً، من غير المرجح أن تتمكن العقوبات المفروضة حالياً، المحدودة النطاق نسبياً، من كبح شبكات تمويل جماعة الحوثيين أو تفكيكها، أو الضغط على سلطات الحوثيين من أجل توقيع اتفاق سياسي.

وما يدعم هذه الحجة هو حقيقة مفادها أن برامج العقوبات الشاملة وقوائم العقوبات الطويلة التي فرضتها الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها من البلدان ضد النظام السوري وحزب الله اللبناني أثبتت عدم فعاليتها في تغيير سلوك هذه الأطراف. وهذا على الرغم من أن هذه العقوبات ألحقت ضررا اقتصاديا كبيرا باستهداف الشبكة المعقدة من الجهات الفاعلة والعلاقات والقطاعات والكيانات والنخب التي تقف وراءها.[18] وفي هذا السياق، من السابق لأوانه افتراض أن العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الأميركية سوف تضعف القاعدة العريضة لقنوات التمويل العالمية المهيأة لخدمة سلطات الحوثيين.

وكجماعة مذهبية ذي صبغة مؤسسية أيديولوجية، يمكن لجماعة الحوثيين أيضا التعلّم من حلفائها في لبنان وإيران وأماكن أخرى والتعاون معهم، وكذلك مع أطراف خارجية أخرى، لتفادي تداعيات العقوبات المفروضة عليها. وقد تعزم على ذلك على الرغم من التكلفة التي قد يتكبدها المواطنون العاديون والأعمال التجارية المستقلة العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. خضع حزب الله اللبناني لأكثر من عقدين من العقوبات المكثفة، بعد أن صنفته الولايات المتحدة لأول مرة كمنظمة إرهابية عام 1997.[19] وعلى الرغم من تشديد العقوبات التي تجرم مختلف قنوات التمويل التابعة للجماعة، فقد وضع حزب الله استراتيجيات للتكيف وخطط لغسل الأموال لإخفاءها ونقلها في جميع أنحاء العالم.

ازدهر اقتصاد الحرب في اليمن منذ عام 2015 وتوسعت السوق السوداء بشكل كبير. وقد تأسست العديد من شبكات التحويل المشبوهة ومقدمي الخدمات المالية على الأرض للاستفادة من المضاربة من فوارق أسعار صرف العملات في السوق السوداء المتقلبة وغيرها من الفرص التي خلقها الصراع. وتعمل شبكات التحويل المشبوهة ومقدمي الخدمات المالية محليا ودوليا باستخدام نظم عالمية للتمويل والتجارة بالحد الادنى من الامتثال للمعايير العالمية وبالتالي فهي معرضة بشكل كبير لمخاطر التمويل في إطار مكافحة الإرهاب. وتمكن هذه القنوات المشبوهة سلطات الحوثيين من التهرب من العقوبات وتلقي الأموال بصورة غير مباشرة من مصادر غامضة. وفي حين كانت شركة سويد من أقوى أدوات الحوثيين في هذا الصدد، إلا أن الشركة ليست فريدة من نوعها ويمكن الاستعاضة عن خدماتها.

إلغاء إدارة بايدن لتصنيف جماعة الحوثين كمنظمة إرهابية أجنبية[20] ساعد الشركات المرتبطة بالجماعة على الاحتفاظ بالقدرة على الوصول إلى النظام المالي العالمي وإعفاء الكيانات التي تقيم شراكات مع هذه الشركات من الخضوع لتدابير امتثال مكلفة ومستهلكة للوقت. كما أتاح إلغاء تصنيف الجماعة “كمنظمة إرهابية أجنبية” استمرار التعاملات بين الكيانات المرتبطة بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ومؤسسات القطاع الخاص والتي تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. النطاق الواسع لتصنيف أي جهة كمنظمة إرهابية أجنبية كان ليشكل بيئة صعبة بالنسبة لجماعة الحوثيين من حيث التأثير على قدرتها على نقل الأموال وتوفير سبل التمويل؛ غير أنه كان ليضاهي أيضا “تصنيف كمنظمة ارهابية اجنبية” من خلال تدمير قدرة الشركات التجارية والمنظمات الإنسانية عموما على الاضطلاع بالأنشطة العادية والتجارية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وحتماً سينطوي على ذلك تداعيات إنسانية سريعة ووخيمة.

كما طورت جماعة الحوثيين مصادر تمويل ذاتية. وقد تمكنت من القيام بذلك بوصفها سلطة أمر واقع تسيطر على مؤسسات الدولة ومواردها. وبالإضافة إلى هذه السيطرة الفعالة على الهيكل الهرمي للدولة، تمكنت الجماعة أيضا من العمل بشكل غير رسمي في اقتصاد الظل (الاقتصاد الخفي أو غير الرسمي). وقد حققت ذلك باستخدام وكلاء لتمويل أنشطتها، مع الاحتفاظ بنسبة كبيرة من أصولها واستثماراتها محليا، أو خارجيا بأسماء يمنيين موالين للحوثيين ممن يعيشون ويعملون في جميع أنحاء المنطقة العربية.

تستفيد جماعة الحوثيين أيضا من الدعم الإيراني في مجالات مثل توفير الوقود المدعوم الذي يعيد الحوثيون بيعه في الأسواق المحلية. غير أن اعتمادهم الرئيسي على طهران كان في مجال الأسلحة، حيث وثّق تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن لعام 2021 ثلاثة طرق تُستخدم لتهريب الأسلحة والمعدات. يستخدم الطريق الأول، الذي يمتد عبر الساحل العُماني واليمني، لتهريب إمدادات عسكرية عالية القيمة؛ ويستخدم الطريق الثاني، عبر ساحل الصومال، لنقل الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة؛ أما الطريق الثالث فيمتد من مضيق باب المندب مباشرة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.[21]

من الصعب رصد هذه المناطق الواسعة، حيث فشلت إلى حد كبير الجهود الرامية إلى منع تهريب الوقود والأسلحة عبرها. في الوقت نفسه، تواصل جماعة الحوثيين الاستفادة من الشبكات المالية غير الرسمية التي تبيع الوقود الإيراني في الخارج، حيث يتم إرسال عائدات تلك الصفقات إلى سلطات الحوثيين في اليمن بشكل غير مباشر.

التطلع قدماً

إن الحفاظ على التجارة الخارجية أمر ضروري للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن، نظراً لأن ما يصل إلى 90% من الاحتياجات الغذائية للبلاد يتم تلبيتها من خلال الواردات التجارية، ويحتاج حوالي 20.7 مليون يمني – أي أكثر من ثلثي السكان – حالياً إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية. في مثل هذه الظروف، يجب تقييم أي عقوبات دولية محتملة ضد الأطراف في اليمن على اعتبار أنها قد تفاقم الظروف الاقتصادية والإنسانية الصعبة التي يواجهها اليمن أساساً. أيضاً يتوجب الأخذ في الاعتبار قدرة واستعداد سلطات الحوثيين لتعويض أي خسائر مالية عن طريق انتزاع الأموال قسرا من أولئك الذين يعيشون تحت حكمها، مما يسمح للجماعة بالحفاظ على مصالحها التجارية عبر تحميل آثار العقوبات الدولية على كاهل الشركات المحلية والمواطنين.

يبدو أن تطبيق نظام العقوبات يفتقر حتى الآن إلى استراتيجية شاملة تستجيب لديناميكيات السوق المحلية في السعي لاستهداف وتفكيك البنية الاقتصادية لجماعة الحوثيين المسلحة. وقد تحققت نتائج عكسية فيما يتعلق بتدابير تخفيف المخاطر والتمسك أكثر بمتطلبات الامتثال التي فرضتها المؤسسات التجارية والمالية الدولية خلال الصراع. فالشبكات المالية الخارجية تميل إلى العمل على أساس تقييمها للمخاطر المحتملة، مما يعني أنها كثيرا ما تطبق معايير مشددة للامتثال ولتخفيف المخاطر بشكل أشد صرامة بكثير مما تقتضيه العقوبات الحالية.

وقد زاد ذلك من صعوبة إنجاز البنوك والشركات التجارية اليمنية لمعاملات مالية خارجية، بما في ذلك الأنشطة التجارية والتحويلات النقدية وفتح خطابات الائتمان. تزيد هذه التدابير الصارمة من التكاليف المالية لإجراء المعاملات، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة المعاناة التي يواجهها اليمنيون العاديون. كما أدت التعقيدات المتزايدة في تسيير الأعمال التجارية بين اليمن والعالم الخارجي من خلال الشبكات المالية الرسمية إلى تفاقم تدهور الاقتصاد الرسمي لليمن وساعدت على تعزيز الأنشطة الاقتصادية للسوق غير الرسمي.

إن فرض مزيد من العقوبات يمكن أن يزيد أيضاً إلى من حدة التشرذم والاستقطاب بين أطراف الصراع التي تتنافس بضراوة على الهيمنة الاقتصادية. على سبيل المثال، في حين تستطيع الحكومة اليمنية والبنك المركزي اليمني في عدن الاستفادة من أي عقوبات محتملة لممارسة ضغوط اقتصادية على سلطات الحوثيين لإنهاء حرب العملة الجارية، من المرجح أن يسبب هذا ايضاً معاناة واسعة النطاق وصعوبات اقتصادية لعامة السكان.

أدت الحرب الى تشرذم اليمن سياسيا واقتصاديا، في وقت أظهرت فيه سلطات الحوثيين استخفافا صارخا بالتدابير الدولية الرامية لمكافحة تمويل الإرهاب. وفي ظل هذه الظروف، ووجود أسواق مالية غير رسمية إلى حد كبير، يصعب على الجهات الفاعلة المالية الدولية تبرير رفع أو تخفيف القيود المالية، أو عدم تنفيذ قيود مالية جديدة. غير أن فرض مزيد من العقوبات يمكن أن يقوض الى حد كبير الجهود الجارية لاحتواء الآثار المدمرة أساساً المترتبة على تخفيف المخاطر المالية. وبالتالي، وقبل فرض المزيد من العقوبات المالية أو رفع العقوبات القائمة، من المهم وجود نظام رصد لتقييم تبعات العقوبات الجارية ومدى جدواها، والديناميكيات المتغيرة للاقتصاد اليمني والوضع السياسي والعسكري والإنساني للبلاد، والمخاطر المحتملة على الأعمال التجارية المشروعة والأشخاص العاديين في اليمن.


هذه النسخة من النشرة الاقتصادية اليمنية هي جزء من مشروع مركز صنعاء لمراقبة المساعدات الإنسانية وآثارها على الاقتصاد الكلي والجزئي في اليمن والمموّل من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون. يستكشف المشروع العمليات والطرق المستخدمة لتقديم المساعدات في اليمن، ويحدد آليات تحسين كفاءتها وتأثيرها، ويدعو إلى زيادة الشفافية والكفاءة في تقديم المساعدات.

الآراء والمعلومات الواردة في هذا التقرير لا تمثل حكومة سويسرا التي لا تتحمل أي مسؤولية عن المعلومات الواردة في هذا التقرير.

مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، هو مركز أبحاث مستقل، يسعى إلى إحداث فارق عبر الإنتاج المعرفي، مع تركيز خاص على اليمن والإقليم المجاور. تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.


المراجع:

  1. “إصدار التراخيص العامة المتعلقة بمكافحة الإرهاب والأسئلة الشائعة ذات الصلة؛ عقوبات متعلقة بمكافحة الإرهاب؛ عقوبات متعلقة ذات صلة بفنزويلا؛ قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات CAATSA – عقوبات ذات صلة بروسيا; تحديث العقوبات ذات الصلة باليمن”، وزارة الخزانة الأمريكية، 19 يناير/كانون الثاني 2021، https://home.treasury.gov/policy-issues/financial-sanctions/recent-actions/20210119
  2. “عقوبات ذات صلة باليمن؛ عقوبات متعلقة بمكافحة الإرهاب”، وزارة الخزانة الأمريكية، 20 مايو/أيار 2021، https://home.treasury.gov/policy-issues/financial-sanctions/recent-actions/20210520_33
  3. “وزارة الخزانة تفرض عقوبات على مسؤول عسكري حوثي رفيع المستوى يشرف على العمليات الهجومية للجماعة”، وزارة الخزانة الأمريكية، 20 مايو/أيار 2021، https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy0191
  4. “تحديث قائمة “الرعايا الخاضعين لإدراج خاص” “، وزارة الخزانة الأمريكية، 10 يونيو/حزيران 2021، https://home.treasury.gov/policy-issues/financial-sanctions/recent-actions/20210610
  5. “وزارة الخزانة تستهدف بعقوبات شبكات تمول العدوان الحوثي وعدم الاستقرار في اليمن”، وزارة الخزانة الأمريكية، 10 يونيو/حزيران 2021، https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy0221
  6. “عقوبات متعلقة بمكافحة الإرهاب؛ العقوبات ذات الصلة بإيران وإلغاء العقوبات؛ تحديث العقوبات ذات الصلة بسوريا وإلغاء العقوبات”، وزارة الخزانة الأمريكية، 10 يونيو/حزيران 2021، https://home.treasury.gov/policy-issues/financial-sanctions/recent-actions/20210610
  7. المرجع نفسه.
  8. أنتوني بيسويل، “النشرة الاقتصادية اليمنية: الحرب من أجل السيطرة النقدية تدخل مرحلة جديدة خطيرة”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 21 يناير/كانون الثاني 2020، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/9500
  9. شركة السويد وأبنائه للصرافة، “شركاؤنا”، تاريخ غير محدد، http://104.218.51.20/en
  10. مقابلة مع اثنين من كبار المصرفيين اليمنيين، يوليو/تموز 2021.
  11. وضاح أحمد وصالح زيد ويوسف محسن، “القوى اليمنية العاملة المغتربة تحت التهديد: الدور الحيوي للتحويلات المالية في الحد من الانهيار الاقتصادي”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 31 مايو/أيار 2019، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/7473
  12. حساب الإعلام الشعبي اليمني على تويتر، “بيان صحفي، شركة السويد وأبنائه”، 15 يونيو/حزيران 2021، https://twitter.com/PopularMedia8/status/1405221384066830340
  13. “الحكومة تجمد حسابات الأشخاص والكيانات المرتبطة بالحوثيين المشمولين بالعقوبات الأمريكية”، موقع الشارع، 22 يونيو/حزيران 2021، https://alsharaeanews.com/2021/06/22/64003/
  14. “جمعية الصرافين اليمنيين تعرب عن أسفها لقرار الخزانة الأمريكية بحق شركة سويد وأبنائه” للصرافة”، جمعية البنوك اليمنية، 18 يونيو/حزيران 2021، https://bit.ly/3mtacC7
  15. مقابلة مع اثنين من كبار المصرفيين اليمنيين، يونيو/حزيران 2021.
  16. مقابلة مع مسؤول رفيع المستوى في القطاع المصرفي اليمني، يونيو/حزيران 2021.
  17. للحصول على معلومات مفصلة عن القائمة الكاملة لبرامج العقوبات الحالية التي يديرها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، بالتعاون مع وكالات حكومية أمريكية أخرى، انظر توماس ماكفي، “فهم قوانين عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية: المتطلبات بالنسبة الشركات الأمريكية”، ويليامز مولين، 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، https://www.jdsupra.com/legalnews/understanding-the-ofac-sanctions-laws-66379/
  18. زكي محشي وريم تركماني، “فهم تأثير العقوبات على الديناميات السياسية في سوريا”، كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، يناير/كانون الثاني 2021، http://eprints.lse.ac.uk/108412/1/CRP_understanding_impact_of_sanctions_on_political_dynamics_syria.pdf
  19. عزز القانون الأميركي الرامي إلى حظر التمويل الدولي لحزب الله، الذي وقعه الرئيس باراك أوباما في ديسمبر/كانون الأول 2015، من حدة العقوبات الأمريكية المفروضة على قنوات التمويل المحلية والدولية التابعة لحزب الله. وقد وجه القانون البنك المركزي اللبناني بإغلاق مئات الحسابات المصرفية اللبنانية المرتبطة بالحزب، واعتبارًا 19 سبتمبر/أيلول 2017، كان قد أدرج ما يصل إلى 60 منظمة و74 فردا محسوبين على حزب الله تحت طائلة عقوبات بموجب تدابير من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية. انظر يايا ج. فانوسي وأليكس إنتز، “التقييم المالي لحزب الله”، المركز المعني بدراسة العقوبات والتمويل غير المشروع التابع لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أيلول/سبتمبر 2017، https://s3.us-east-2.amazonaws.com/defenddemocracy/uploads/documents/CSIF_TFBB_Hezbollah.pdf
  20. أنتوني بلينكن، “إلغاء تصنيف حركة أنصار الله كمنظمة إرهابية أجنبية”، وزارة الخارجية الأمريكية، 12 فبراير/شباط 2021، https://www.state.gov/revocation-of-the-terrorist-designations-of-ansarallah/
  21. داكشيني روانثيكا وآخرون، “التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن”، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، 22 يناير/كانون الثاني 2021، https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/S_2021_79_E.pdf
مشاركة