إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

الجنوبيون يحتجون على الانهيار الاقتصادي وسط تقدم الحوثيين – تقرير اليمن، سبتمبر/أيلول 2021

Read this in English

افتتاحية مركز صنعاء

الإعدامات العلنية في صنعاء تُنذر بعصر من الإرهاب في ظل الحوثيين

خلال السنوات السبع الماضية من الحرب، أصبح اليمنيون متعايشين تمامًا مع الموت وأوجه الظلم المتعددة، غير أن الإعدامات العلنية التي نفذتها جماعة الحوثيين المسلحة بحق ثمانية رجال ومراهق في 18 سبتمبر/أيلول أنذرت بمستوى جديد من الرعب. بعث الحوثيون عبر هذه الإعدامات رسالة واضحة لليمنيين لا لبس فيها، مفادها عزمهم على ترسيخ حكمهم وإخضاع المجتمع عبر الترهيب.

الضحايا التسعة، وجميعهم من منطقة تهامة الغربية، لم يكونوا سياسيين ولا ناشطين أو صحفيين، بل أشخاصًا عاديين سُلبت حياتهم بهدف إيصال رسالة لجميع اليمنيين. أُدين الضحايا في “محاكمة” سرية صورية بتهمة تسريب إحداثيات للطيران الإماراتي الذي شن غارة بطائرة مسيَّرة أسفرت عن مقتل صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين آنذاك، في الحديدة في أبريل/نيسان 2018. وبعد ثلاث سنوات من اعتقالهم، واستنادًا فقط إلى اعترافات حُصل عليها من خلال التعذيب ووجود بعض الضحايا في تجمع حضره الصماد، أُعدم التسعة في “ميدان التحرير” أحد أشهر الساحات العامة في اليمن.

هيأ الحوثيون أجواء احتفالية لمشهد القتل، بحضور الأطفال وأصوات الموسيقى الصاخبة بين الحشود والكاميرات التي التقطت صور إطلاق الجلادين الرصاص على أجساد الضحايا. اعتُقل المراهق الذي كان من بين التسعة المدانين، عبدالعزيز علي الأسود، وهو في الثالثة عشر من عمره فقط، وتعرّض للتعذيب خلال السنوات الثلاث التي قضاها في معتقل الحوثيين لدرجة إصابته بشلل جزئي ليضطر قاتلوه إلى حمله ليلقى مصيره المرعب. كان الحوثيون يعتزمون إعدام رجل عاشر أيضًا، وهو علي عبده كزابة، ولكنه لم يبقَ على قيد الحياة ليلقى هذا المصير؛ إذ وافته المنية على أيدي مستجوبيه، كما قيل.

أعاد حكم الحوثيين البلاد عقودًا إلى الوراء، حيث سحقت الجماعة وسائل الإعلام اليمنية النشطة، وضيّقت الخناق على المجتمع المدني، وأسكتت الأصوات والأحزاب العديدة التي جعلت المشهد السياسي في العاصمة نشطًا وحرًا بشكل نسبي. ولكن حتى بعد سبع سنوات من هذا، فإن المشهد المروَّع الذي احتفل به الحوثيون بفخر لم يكن ممكنًا تصوره. كان اليمنيون مصعوقين.

ونادرًا ما كان القضاء اليمني عادلًا. فالمحاكم الجنائية معروفة منذ أمد بعيد بانتهاكات قانونية وإنفاذ الأحكام بصورة انتقائية، لكن الحوثيين منذ استيلائهم على صنعاء عام 2014 أبدوا حماسًا متزايدًا لعقوبة الإعدام. بيد أن الوحشية التي تمت الموافقة عليها رسميًّا ونُفذت الإعدامات بموجبها شكلت سابقة جديدة، حيث وظف الحوثيون ببراعة المحاكم كسلاح لإرهاب اليمنيين. لهذه الإعدامات دلالات سياسية ودبلوماسية مثيرة للقلق، فمن الواضح أن الحوثيين أصبحوا واثقين بلا خجل في ممارسة السلطة على طريقتهم التي تتعارض بشكل مباشر مع مفاهيم الشراكة الاجتماعية والسياسية التي كثيرًا ما تحدثوا عنها والتي تُعد أساسية لأي تسوية سياسية محتملة للحرب.

وكانت ردود فعل الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والجهات الدولية الفاعلة الأخرى في الصراع الجاري مُعيبة ولا تتناسب مع فظاعة ما ارتُكب؛ إذ أصدروا بيانات تضمنت كلمات جوفاء سهلة النسيان دون اتخاذ إجراءات لدعمها، وهذا لن يؤدي إلا إلى تمادي الحوثيين. يواجه العشرات من اليمنيين الآخرين المعتقلين حاليًّا لدى الحوثيين أحكامًا بالإعدام، بينما يسود القلق بين أولئك الذين قد يكونون الهدف التالي لـ”عدالة” الحوثيين.

إلى جانب الأسود، أعدم الحوثيون في 18 سبتمبر/أيلول ظلمًا معاذ عبدالرحمن عبدالله عباس، وإبراهيم محمد عبدالله عاقل، وعبدالملك أحمد حميد، ومحمد خالد هيج، ومحمد محمد علي المشخري، ومحمد يحيى محمد نوح، وعلي علي إبراهيم القوزي، ومحمد ابراهيم القوزي. ينبغي تعميم وتذكّر أسماء هؤلاء الأشخاص العاديين، إلى جانب كزابة، الذين أُغفلوا إلى حد كبير أثناء فترة اعتقالهم لدى الحوثيين؛ فظروف مقتلهم أوضحت بلا شك أي نوع من المجتمع يتصوره الحوثيون بعد الصراع إذا ما قبِل العالم بهم واعترف “بحكمهم”.


المحتويات

سبتمبر في لمحة

مقالات


سبتمبر في لمحة

التطورات على الساحة السياسية

كيسي كومبس

التطورات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة

الحوثيون يقصفون ميناء المخا

في 11 سبتمبر/أيلول استهدف الحوثيون ميناء المخا، على ساحل البحر الأحمر في محافظة تعز، بصاروخين على الأقل وأربع طائرات مسيرة محملة بالقنابل. ووفقًا لبيان وزارة الخارجية في الحكومة المعترف بها دوليًّا، أسفر الهجوم -الذي شُن في نفس اليوم الذي كان مقررًا فيه فتح الميناء لتلقي الواردات الغذائية- عن أضرار بالغة في البنية التحتية للميناء وأدى إلى اندلاع حرائق في المستودعات حيث تُخزّن الإمدادات الإنسانية. كانت السلطات المحلية قد انتهت مؤخرًا من تأهيل الميناء بهدف استئناف تلقي الواردات الغذائية والتجارية. لفت هذا الهجوم الانتباه إلى وجود مهبط طائرات جديد قيد الإنشاء بالقرب من الميناء.

تقع المخا تحت سيطرة العميد طارق صالح، قائد قوات المقاومة الوطنية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة. في منتصف يونيو/حزيران، وعقب إظهار صور الأقمار الصناعية لقاعدة جوية بُنيت حديثًا في جزيرة ميون اليمنية بالقرب من مضيق باب المندب، زعم صالح أن قواته المدعومة من الإمارات تتمركز هناك.

في 19 سبتمبر/أيلول، وصلت مولدات لمحطة كهرباء تعمل بقدرة 12 ميغاواط إلى ميناء المخا، ونُقلت إلى محطة الكهرباء في المخا.

مواجهة بين القبائل والقوات المدعومة إماراتيًّا في شبوة

في 6 سبتمبر/أيلول، حلّقت طائرات حربية إماراتية على علو منخفض فوق مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، حيث منع رجال قبيلة المحضار قافلة لقوات النخبة الشبوانية التي دربتها الإمارات من الوصول إلى قاعدة العلم العسكرية في مديرية جردان، شمال شرق عتق. كانت القافلة قد غادرت من قاعدة عسكرية إماراتية تقع في منشأة بلحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال على الساحل الجنوبي لشبوة. اعترضت قبيلة المحضار من مديرية مرخة السفلى القافلة عبر سد الطريق للمطالبة بمحاسبة النخبة الشبوانية لقتلها أفرادًا من القبيلة، بينهم قاصر، خلال اشتباكات عام 2019.

في أوائل أغسطس/آب، صوتت السلطة المحلية في شبوة، بقيادة محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، على إعادة فتح محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال التي تستخدمها القوات الإماراتية وقوات النخبة الشبوانية كقاعدة عسكرية لما يقرب من خمس سنوات. في وقت لاحق من الشهر، نصبت القوات الحكومية الموالية لابن عديو نقطتي تفتيش حول المنشأة واعتقلت العديد من جنود النخبة الشبوانية. تفاوض الوسطاء السعوديون لإنهاء المواجهة، ولكن ما يزال هناك حاجة إلى الاتفاق حول متى ستخلي القوات الإماراتية منشأة بلحاف، التي تُعد أكبر مشروع استثماري في تاريخ اليمن.

مقتل طالب يمني-أمريكي وممرض في منظمة أطباء بلا حدود عند نقطتي تفتيش بلحج

في 8 سبتمبر/أيلول، اعتقلت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة لحج المغترب اليمني-الأمريكي عبد الملك السنباني، 30 عامًا، أثناء استقلاله سيارة أجرة من مطار عدن إلى منزل عائلته في محافظة ذمار. اتهم الجنود المنتمين للواء التاسع صاعقة قطاع مديرية طور الباحة، السنباني بأنه على صلة بالحوثيين، وسرقوا مبلغًا كبيرًا من المال كان بحوزته وقتلوه، الأمر الذي أثار موجة من الغضب الشعبي في اليمن.

وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول، قُتل عاطف سيف محمد الحرازي، 35 عامًا، وهو ممرض يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود، عند نقطة تفتيش في نفس المديرية، تحديدًا على الطريق المؤدي إلى المعهد الفني في طور الباحة والذي غالبًا ما يعترضه قطاع طرق معروفون لدى السلطات المحلية، بحسب مذكرة من مكتب مدير عام مديرية طور الباحة. كان الحرازي، الذي يعمل في المستشفى العام في مديرية ذي السفال بمحافظة إب، عائدًا من عدن في رحلة خاصة مع أصدقائه حين قُتل.

رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي يعلن حالة الطوارئ وسط اندلاع احتجاجات في عدن والمدن الجنوبية

في 13 سبتمبر/أيلول، خرج المتظاهرون إلى شوارع العاصمة المؤقتة عدن للاحتجاج على نقص الخدمات وتدهور الأوضاع المعيشية. أطلقت قوات المجلس الانتقالي النار على المتظاهرين بعد محاولتهم اقتحام مقر المجلس. قُتل ثلاثة متظاهرين وأصيب آخرون خلال المواجهات التي استمرت لعدة أيام. في 15 سبتمبر/أيلول، وفي الوقت الذي كانت تنتشر فيه الاحتجاجات في مدن أخرى بجميع أنحاء الجنوب، أعلن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي حالة الطوارئ في المحافظات الجنوبية ودعا القوات الأمنية إلى التصدي لأي شخص يسعى لزعزعة الأمن والاستقرار بيد من حديد. عزا مسؤولو المجلس الانتقالي الجنوبي إعلان حالة الطوارئ إلى تقدم الحوثيين في الجنوب، زاعمين أن هذا التقدم جزء من مؤامرة مع حزب الإصلاح. (للمزيد من التفاصيل حول الاحتجاجات التي اجتاحت جنوب اليمن في سبتمبر/أيلول، انظر “المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية يواجهان غضب الرأي العام” و”صيف الجنوب الحار“.)

القوات الحكومية في مأرب تعتقل ناشطة حقوقية بارزة

في 13 سبتمبر/أيلول، اعتقلت القوات العسكرية في محافظة مأرب الناشطة الحقوقية أمة الله الحمادي، موظفة في المجلس الدنماركي للاجئين بمأرب. بحسب بيان صادر عن جمعية رابطة أمهات المختطفين، ومقرها مأرب، اعتُقلت الحمادي، المحتجزة حاليًّا في سجن الأمن السياسي بمحافظة مأرب، “دون اعتبار للإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية”.

رئيس الوزراء معين عبدالملك يعود إلى عدن

عاد رئيس الوزراء معين عبدالملك إلى العاصمة المؤقتة، عدن، في 28 سبتمبر/أيلول بعد غياب دام لأشهر. وبحسب ثلاثة مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى تحدثوا إلى مركز صنعاء، تسبب قرار رئيس الوزراء بالعودة إلى عدن في حدوث خلاف بينه وبين الرئيس عبدربه منصور هادي حيث عارض الأخير عودة الأول إلى العاصمة المؤقتة دون الحصول على أي تنازلات من المجلس الانتقالي الجنوبي.

وصلت حكومة سعيد عقب تشكيلها إلى عدن أواخر ديسمبر/كانون الأول، فيما بدا أنه انفراجة على مستوى تنفيذ اتفاق الرياض لتقاسم السلطة الذي تم التوصل إليه بهدف تسوية الخلافات بين الحكومة المعترف بها دوليًّا والمجلس الانتقالي الجنوبي. بعد أقل من ثلاثة أشهر، غادر الوزراء التابعين للحكومة عدن بعد أن اقتحم متظاهرون موالون للمجلس الانتقالي القصر الرئاسي، مقر الحكومة في المدينة. أحد أبرز الأسباب التي تعرقل تنفيذ اتفاق الرياض تتعلق بماذا يُطبق أولًا، الشق الأمني أم السياسي. تطالب الحكومة المجلس الانتقالي بدمج قواته في وزارتي الداخلية والدفاع قبل عودة الحكومة إلى عدن وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تشمل تفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتنظيم تحصيل الضرائب، بينما يصر المجلس على أن الإصلاحات يجب أن تسبق الإجراءات الأمنية.

تبادل أسرى بين الحكومة وقوات الحوثيين في تعز

أُفرج عن حوالي 200 سجين ضمن صفقة بين قوات الحوثيين ومحور تعز العسكري الموالي للإصلاح في محافظة تعز. وقالت وكالة أنباء سبأ التي يديرها الحوثيون إن الجماعة أفرجت عن 136 شخصًا مقابل 70 مقاتلًا من الجماعة. وقال المركز الإعلامي لمحور تعز العسكري إن معظم الأسرى الـ136 الذين أُمّن إطلاق سراحهم هم “مدنيون اختطفتهم ميليشيا الحوثي من الشوارع ونقاط التفتيش.”

واجهت المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن تبادل الأسرى بين الحكومة وجماعة الحوثيين وفق مبدأ “الكل مقابل الكل” صعوبات جمّة منذ أن أُدرج هذا البند ضمن اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018.

التطورات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين

الحوثيون يعتقلون المزيد من الموسيقيين

في 7 سبتمبر/أيلول، احتجزت سلطات الحوثيين الفنان اليمني الشعبي يوسف البدجي من أمام منزله في صنعاء، بحسب منشور على صفحته على فيسبوك. زعم البدجي أنه اعتُقل على خلفية مشاركته في برنامج “ضيوف الفن” على قناة يمن شباب الفضائية. وقبل أسبوع، أفادت تقارير عن اعتقال مسلحين حوثيين الفنان اليمني الشعبي أصيل أبو بكر من وسط حفل زفاف بتهمة انتهاك التعليمات بحظر الغناء في حفلات الزفاف. حظرت سلطات الحوثيين خلال الأشهر الأخيرة الغناء في حفلات الزفاف كون ذلك يتعارض مع الممارسات الدينية المحافظة، حسبما قالت.

الحوثيون يعدمون ​​ثمانية رجال ومراهق علنًا

في 17 سبتمبر/أيلول، أدانت محكمة يديرها الحوثيون تسعة أشخاص يُزعم أنهم شاركوا في اغتيال الرئيس السابق للمجلس السياسي الأعلى للحوثيين، صالح الصماد، الذي قُتل في غارة جوية بطائرة مسيرة إماراتية عام 2018. في اليوم التالي، أعدمت الجماعة الأشخاص التسعة في ميدان التحرير بصنعاء، من بينهم مراهق يبلغ من العمر 17 عامًا أُصيب بالشلل بسبب التعذيب خلال فترة الاحتجاز. شهد جميع الرجال بأنهم أُجبروا على الإدلاء باعترافات كاذبة تحت التعذيب. وبحسب بيان لجمعية رابطة أمهات المختطفين، تُوفي رجل عاشر حُوكم في نفس القضية جراء التعذيب في 7 أغسطس/آب 2019. (انظر “افتتاحية مركز صنعاء الإعدامات العلنية في صنعاء تُنذر بعصر من الإرهاب في ظل الحوثيين.”)

سلطات الحوثيين المحلية تقيّد حقوق المرأة

تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في 23 سبتمبر/أيلول وثيقة موقعة من قِبل المشرفين الحوثيين وزعماء قبائل بارزين تضع قيودًا جديدة على النساء في قرية غضران بمديرية بني حشيش في صنعاء. حظرت الوثيقة النساء من العمل في العديد من المجالات، بما في ذلك العمل مع المنظمات الإغاثية، واستخدام الهواتف الذكية ومساحيق التجميل، ووصفت هذه الممارسات بأنها “غزو أيديولوجي” من قِبل التحالف بقيادة السعودية. ونصّت الوثيقة على غرامة مالية للمخالفين تقدر بـ200 ألف ريال وبقرة لمن يعطي زوجته أو ابنته أو من له ولاية الأمر عليها هاتفًا.

التطورات على الساحة الدولية

المبعوث الأممي الجديد يخاطب مجلس الأمن

في 10 سبتمبر/أيلول، قدم هانس غروندبرغ أول إحاطة له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعد توليه منصب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن. قال غروندبرغ إن البلاد عالقة “في حالة حرب لأجل غير مسمى.” وأشار إلى أن أطراف النزاع لم تناقش تسوية شاملة منذ عام 2016. وأضاف “لن تكون هناك مكاسب سريعة” في الحرب الأهلية. أما بالنسبة للاستراتيجية التي يعتزم تبنيها، قال غروندبرغ إنه يعتزم “تقييم الجهود السابقة وتحديد ما نجح منها وما لم ينجح والاستماع إلى أكبر عدد ممكن من الرجال والنساء اليمنيين”، مضيفًا أن مشاوراته الأولى مع اليمنيين والأطراف الإقليمية والدولية الرئيسية “سوف تبدأ قريبًا.”

الرباعية تلتقي بشأن الوضع الاقتصادي في اليمن

في 15 سبتمبر/أيلول، التقى سفراء السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والقائم بالأعمال الأمريكي إلى اليمن في الرياض لمناقشة الأوضاع الاقتصادية الآخذة بالتدهور بشكل سريع في اليمن. أكدت الدول الأربع، المعروفة باسم “الرباعية،” على ضرورة عودة الحكومة اليمنية إلى عدن في أسرع وقت ممكن للإشراف على الدعم الدولي المستقبلي للانتعاش الاقتصادي. (انظر “التطورات الاقتصادية“)

اليسار الأمريكي يقدم مشروع قانون لوقف المساعدات الأميركية للرياض في حرب اليمن

في 23 سبتمبر/أيلول، صوّت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية 218 مقابل 206 أصوات على تشريع يقضي “بإنهاء الدعم اللوجستي العسكري الأمريكي، ووقف تأمين قطع الغيار إلى الطائرات الحربية السعودية.” قدم مشروع القانون النائب الديمقراطي رو خانا والسيناتور المستقل بيرني ساندرز. إذا وافق مجلس الشيوخ على هذا التشريع، سيُدرج كتعديل لقانون إقرار الدفاع الوطني لعام 2022.

جنرال إيراني يسمي جماعة الحوثيين ضمن شبكة الردع الإقليمية الإيرانية

في 25 سبتمبر/أيلول، قال الجنرال الإيراني غلام رشيد في خطاب بمناسبة ذكرى الحرب العراقية-الإيرانية إن قوات الحوثيين هي ضمن ستة جيوش خارج الحدود الإيرانية ستقاتل من أجل طهران. وأضاف رشيد أن اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، كان قد قال للقيادة العسكرية الإيرانية المشتركة إنه أسس “ستة جيوش خارج الأراضي الإيرانية، وأنشأ ممرًا بطول 1,500 كيلومتر وعرض 1,000 كيلومتر يمتد إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط ​.​” وبحسب رشيد، أدلى سليماني بهذه التصريحات قبل ثلاثة أشهر من مقتله في غارة أمريكية بطائرة دون طيار في 3 يناير/كانون الثاني 2020. وأوضح أن الجيوش الستة هي: حزب الله في لبنان، وحماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وجيش في سوريا، وقوات الحشد الشعبي في العراق، وجماعة الحوثيين المسلحة في اليمن.

مسؤول رفيع المستوى في الأمن القومي الأمريكي يلتقي ولي العهد السعودي بشأن حرب اليمن

في 28 سبتمبر/أيلول، التقى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ومسؤولون كبار آخرون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمناقشة الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في اليمن. وبحسب بيان لوكالة الأنباء السعودية، قال بن سلمان إن المملكة ملتزمة بخطة السلام التي اقترحتها في مارس/آذار بهدف إنهاء الصراع. شملت الخطة السعودية وقفًا شاملًا لإطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة، والسماح لناقلات النفط بدخول ميناء الحديدة، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية من وإلى جهات معينة، وإطلاق محادثات سياسية بين الأطراف المتحاربة في اليمن لإنهاء الحرب على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي وُقعت عام 2011 ونتائج الحوار الوطني لعام 2013 وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. رفض الحوثيون هذا الاقتراح في مارس/آذار متذرعين بأنه ليس كافيًّا.

في الأمم المتحدة

الجمعية العامة للأمم المتحدة تنعقد في نيويورك

عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاتها السنوية العامة في الفترة من 21 إلى 27 سبتمبر/أيلول في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث عقدت سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى وغيرها من الفعاليات لمناقشة التحديات المتعلقة بصنع السياسات. ألقى وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك كلمة بدلًا من الرئيس عبدربه منصور هادي وتعهّد بالتعاون مع المبعوث الأممي الخاص الجديد لليمن، هانس غروندبرغ. كما طالب بتأمين المزيد من اللقاحات لفيروس كورونا وشجب انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها جماعة الحوثيين المسلحة. كما دعا بن مبارك المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير محددة لمساعدة الاقتصاد اليمني المتدهور شملت ممارسة المزيد من الضغط على الحوثيين لاستخدام الضرائب المحصّلة لتغطية تكاليف الخدمات العامة، والمساعدة في وقف انخفاض قيمة الريال اليمني، وتوجيه المساعدات إلى مشاريع التنمية، ودعم فرع البنك المركزي اليمني في عدن.

وخلال خطاباتهم أمام الجمعية العامة، حدد ممثلو القوى الإقليمية وداعمو الأطراف المتحاربة في اليمن أولويات اليمن. ألقت السعودية والإمارات باللوم على الحوثيين في عرقلة السلام وأشادتا بمبادرة السلام التي اقترحتها الرياض في مارس/آذار ورفضها الحوثيون. أما إيران، فكررت موقف الحوثيين عبر التوصية بوقف غير مشروط للقتال وفتح المنافذ التي تصل المعونات عبرها والتي يسيطر عليها الحوثيون، مثل ميناء الحديدة. أما سلطنة عُمان، فأكدت على العمل مع اليمن والولايات المتحدة والأمم المتحدة والسعودية من أجل السلام.

مؤتمر مانحين في الجمعية العامة للأمم المتحدة يجمع المزيد من الأموال لمواجهة للأزمة الانسانية

في 22 سبتمبر/أيلول، نظم الاتحاد الأوروبي والسويد وسويسرا اجتماعًا رفيع المستوى على هامش نقاشات الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف جمع الأموال لعمليات الإغاثة الإنسانية في اليمن. وحتى الآن، جرى فقط تمويل نصف خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام والبالغ قيمتها 3.85 مليار دولار، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى التخطيط لخفض المساعدات الغذائية في أكتوبر/تشرين الأول. خلال الاجتماع، تعهد المانحون بتقديم حوالي 600 مليون دولار كمساعدات إضافية لمواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن. كان من بين أكبر المانحين الولايات المتحدة (291 مليون دولار) والاتحاد الأوروبي (140 مليون دولار) والسعودية (90 مليون دولار) وألمانيا (58 مليون دولار). وبحلول 7 أكتوبر/تشرين الأول، بلغ إجمالي التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2021 2.72 مليار دولار.

فريق الخبراء البارزين يقدم التقرير الأخير عن اليمن

في 28 سبتمبر/أيلول، نشر فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن تقريره الأخير. وكما قال في تقاريره السابقة، إن هناك أسبابًا وجيهة للاعتقاد بأن الأطراف المتحاربة قد ارتكبت جرائم حرب. شمل التقرير ملحقًا محدثًا يحدد الأطراف المتحاربة الرئيسية. صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 7 أكتوبر/تشرين الأول على عدم تمديد ولاية فريق الخبراء البارزين للعام المقبل. وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر فريق الخبراء بيانًا ينتقد فيه قرار المجلس.

كيسي كومبس هو صحفي مستقل متخصص في شؤون اليمن وباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. يغرد على: @Macoombs


تطورات الحرب

أبوبكر الشماحي

الحوثيون يسيطرون على البيضاء؛ القوات الحكومية تتراجع في مأرب وشبوة

حقق الحوثيون نجاحات ملحوظة ضد قوات الحكومية اليمنية في سبتمبر/أيلول، حيث سيطروا بالكامل على محافظة البيضاء وسط اليمن إلى جانب تقدمهم الكبير غربي شبوة وجنوبي مأرب. في الوقت الحالي، لا توجد سوى مؤشرات قليلة على أن القوات الحكومية ستكون قادرة على عكس مسار المكاسب التي حققها الحوثيون. ليس من المرجح أن تتمكن الحكومة من منع استيلاء الجماعة على أراضٍ إضافية، إذ طوّق الحوثيون القوات الحكومية والمقاتلين القبليين المتحالفين معها في مناطق محددة من بينها مديرية العبدية بمأرب.

بدأ شهر سبتمبر/أيلول بتقدم الحوثيين من البيضاء إلى مديرية رحبة جنوبي مأرب، والتي كانت قد استعادتها القوات الحكومية في يوليو/تموز. بحلول 8 سبتمبر/أيلول، استعاد الحوثيون السيطرة الكاملة على المديرية، مع تراجع القوات الحكومية إلى جبل مراد. قالت مصادر ميدانية لمركز صنعاء إن أحد الأسباب الرئيسية للهزيمة السريعة للقوات الحكومية في رحبة هو الانقسامات بين زعماء قبائل مراد، حيث يشكل رجالها الجزء الأكبر من القوات الموالية للحكومة في المنطقة. هناك تصوّر سائد بين هذه القوات بعدم كفاية الدعم المقدم من جانب الحكومة اليمنية مع تحوّل معركة مأرب إلى حرب استنزاف، ووسط تضاؤل عدد المجندين القبليين المحليين. (انظر: القبائل تتحمل وطأة تقدم الحوثيين والحوثيون والنجاح العسكري القاتل).

بعد الاستيلاء على رحبة، اتجهت أنظار الحوثيين شرقًا إلى مديرية حريب في مأرب. نجح الحوثيون بفضل التقدم المحرز في مديرية بيحان غربي شبوة، المتاخمة لكل من البيضاء غربًا ومأرب شمالًا. بحلول منتصف سبتمبر/أيلول، تقدم الحوثيون في عدة مناطق غرب بيحان، مثل ناطع دباش، وعقبة امقوة، وكراع، وضبه وفقًا لمصادر محلية. أفسح الاستيلاء على هذه المنطقة الأخيرة المجال أمام الحوثيين للسيطرة على الطريق الرابط بين مديرية مرخة العليا في شبوة ومديرية مسوّرة في البيضاء. كما فتح الحوثيون جبهة جديدة في خورة، على طول الحدود بين البيضاء وشبوة، وتقدموا إلى مديرية مرخة السفلى.

وفتح تقدم الحوثيين في شبوة، التي كانت تحت سيطرة القوات الحكومية تمامًا، طريقًا جديدة للحوثيين صوب جنوبي مأرب. سقطت مديرية حريب، التي تضم مدينة حريب ثاني أكبر مركز حضري في محافظة مأرب، بيد الحوثيين في 22 سبتمبر/أيلول، بعد أن شنت الجماعة هجومًا من مديرية العين في شبوة. وفي 21 سبتمبر/أيلول، قُتل ناصر القحاطي المرادي، مدير عام مديرية حريب، خلال مواجهات مع الحوثيين.

أدى الاستيلاء على حريب إلى قطع خط الإمداد الوحيد المتبقي إلى مديرية العبدية جنوبي مأرب. حاصرت قوات الحوثيين المديرية من جميع الجهات منذ 22 سبتمبر/أيلول، ومنعت دخول أي مواد غذائية أو سلع. ورغم نجاح القوات القبلية الموالية للحكومة في العبدية بالتصدي للحوثيين منذ عام 2015، بات الوضع في المديرية أكثر صعوبة. في 25 سبتمبر/أيلول، تفاوض الوسطاء القبليين على صفقة تسمح فيها قوات الحوثيين للمدنيين من العبدية بشراء المواد الغذائية والسلع من مديرية الماهلية المجاورة التي يسيطر عليها الحوثيون، وفقًا لمصادر محلية.

يُعزى تقدم الحوثيين جنوبي مأرب وغربي شبوة بشكل كبير إلى الهجوم المضاد الذي شنه الحوثيون في محافظة البيضاء منتصف يوليو/تموز بهدف عكس مسار المكاسب التي حققتها القوات الحكومية في وقت سابق من ذلك الشهر. بعض المناطق التي استولى عليها الحوثيون في البيضاء متاخمة لمأرب وشبوة، مما سمح للجماعة بفتح جبهات جديدة والتوغل إلى عمق الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة. استمر تقدم الحوثيين في منطقة البيضاء بلا هوادة في شهر سبتمبر/أيلول، وبعد تجدد الهجمات على مديريتي الصومعة ومسوّرة في النصف الثاني من الشهر، أعلنت الجماعة سيطرتها الكاملة على المحافظة في 23 سبتمبر، مما شكل ضربة قوية للحكومة اليمنية.

تركز القوات الحكومية في الوقت الراهن على حماية الأراضي الخاضعة لسيطرتها أكثر مما تركز على عكس مسار المكاسب الأخيرة التي حققها الحوثيون. تشكل البنية التحتية للنفط والغاز في مأرب هدفًا مغريًّا للحوثيين في أعقاب سقوط حريب. ومن الجدير بالذكر أن التحالف الذي تقوده السعودية قد يكون قادرًا على الدفاع عن أكبر المنشآت النفطية هذه عبر شن ضربات جوية كونها تقع في صحراء مكشوفة. ما تزال مدينة مأرب مهددة من قِبل الحوثيين، مع استمرار المعارك القتالية على الخطوط الأمامية صوب الغرب دون إحراز كلا الجانبين أي تقدم يذكر. كما واصل الحوثيون استهداف مدينة مأرب والمناطق المحيطة بها بالصواريخ؛ حيث استهدف هجوم شنته الجماعة في 25 سبتمبر/أيلول منزل محافظ مأرب سلطان العرادة في مديرية مأرب الوادي، مما أسفر عن مقتل أربعة مدنيين. في أبين، وبعد أن عزز الحوثيون سيطرتهم على محافظة البيضاء المجاورة، قد تضطر القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى وضع خلافاتهما جانبًا إذا ما أرادت طرد الحوثيين. وفي شبوة، من المرجح أن تركز القوات الحكومية على وقف تقدم الحوثيين في بيحان، والاحتفاظ بحقل جنة النفطي المعرّض لخطر الاستيلاء عليه من الحوثيين.

استئناف غارات التحالف الجوية في تعز

في 8 سبتمبر/أيلول، شن التحالف بقيادة السعودية أولى غاراته الجوية على محيط مدينة تعز منذ عام 2018، مستهدفًا مواقع الحوثيين في منطقة الجند ومطار تعز، شرقي مديرية التعزية. أسفرت الغارات الجوية -التي جاءت بعد تقارير عن استهداف الحوثيون لقاعدة العند في لحج بقذائف أُطلقت من المنطقة في 29 أغسطس/آب- عن مقتل عدد من الحوثيين، بمن فيهم أبو كنان -قائد في المطار ومنطقة شارع 16، وفقًا لمصادر عسكرية حكومية يمنية تحدثت إلى مركز صنعاء.

هجوم صاروخي للحوثيين يسفر عن مقتل 12 شخصًا في حجة

أسفر هجوم صاروخي شنه الحوثيون عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا على الأقل في فعالية نُظمت لإحياء ذكرى ثورة شمال اليمن 1962 أقامتها القوات الحكومية في ميدي، غربي حجة. من بين الذين لقوا مصرعهم بالهجوم العميد علي ماطر، ركن توجيه المنطقة العسكرية الخامسة، والعقيد عبدالله طرموم، رئيس عمليات شرطة حجة التابعة للحكومة، والعقيد علي أبو قحم، مدير أمن الحكومة في مديرية ميدي.

أبو بكر الشماحي هو باحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.

التطورات الاقتصادية

الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء

انهيار العملة والظروف المعيشية تؤجج احتجاجات واسعة النطاق في جنوب اليمن

خلال شهر سبتمبر/أيلول، ارتفع مستوى الاحتجاجات والإضرابات العامة وغيرها من الاضطرابات المدنية بشكل ملحوظ في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. دعا المواطنون والجهات العامة والخاصة في جنوب ووسط وشرق اليمن إلى تدخل حكومي فوري لوقف التدهور السريع للأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

أحد الأسباب الرئيسية للاستياء الشعبي كان الانخفاض غير المسبوق في قيمة الريال اليمني وما تلاه من انخفاض إضافي في القوة الشرائية بالمناطق الخاضعة شكليًّا لسيطرة الحكومة. وفي 26 سبتمبر/أيلول، انخفضت قيمة الريال مقابل الدولار الأمريكي إلى 1,200 ريال يمني لكل دولار أمريكي.

يمكن أن يُعزى الانخفاض في القيمة جزئيًّا إلى تقدم الحوثيين في ساحة المعركة. ومع خسارة الحكومة اليمنية لمناطقها، يخشى الناس في جنوبي اليمن ومأرب بشكل متزايد من أن تصبح الأوراق النقدية المطبوعة من قِبل البنك المركزي اليمني في عدن عديمة القيمة وبالتالي فهم يسارعون إلى استبدالها بالعملة الصعبة.

يمثل انقطاع التيار الكهربائي المستمر عاملًا رئيسيًّا آخر وراء الاحتجاجات في المكلا وعدن وأماكن أخرى، وتتزايد مستويات الإحباط بين الناس بسبب إمدادات الكهرباء المتقطعة والتي لا يمكن الاعتماد عليها خلال الصيف الذي ترتفع فيه مستويات الحرارة والرطوبة حيث يحتاج المواطنون خلاله لأجهزة التبريد. مع ذلك، يبدو مستوى الغضب هذا العام أكثر حدة واتساعًا واستمرارية مما كان عليه في السنوات السابقة، نظرًا لتفاقم مجموعة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها الناس. في الوقت ذاته، وصلت أزمة العملة المحلية إلى مستويات جديدة. أدت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن المحلية في كل من عدن والمكلا إلى مقتل عدد من المحتجين.

إضافة إلى محافظتي عدن وحضرموت، اندلعت احتجاجات في أبين ولحج وشبوة وتعز. كما أخذت كل من الجهات في القطاعين العام والخاص إجراءات احتجاجية مباشرة وبالتوازي، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض الناتج الاقتصادي والتجاري في المناطق التي تديرها الحكومة المعترف بها دوليًّا، وقد شملت هذه الإجراءات ما يلي:

  • أعلنت جهة تمثل التجار في محافظة تعز إضرابًا عامًا في 18 سبتمبر/أيلول، وحذرت بالمزيد من التصعيد إذا لم توفر الحكومة حلولًا للأزمة الاقتصادية الراهنة.
  • في حضرموت، أصدر موظفو شركة بترومسيلة للطاقة وهي شركة حكومية خطابًا في 16 سبتمبر/أيلول محذرين فيه من أنهم سيتخذون إجراءات تصعيدية إذا لم تستجب شركة بترومسيلة لمطالبهم بتحسين ظروفهم المعيشية الحالية. طالب الموظفون السلطات المحلية في حضرموت ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ونقابة عمال حضرموت بالتدخل نيابة عنهم.
  • أعلنت نقابة العمال المحلية في محافظة المهرة بدء إضراب جزئي في 21 سبتمبر/أيلول، وأشارت إلى أنه سيستمر حتى تلبية طلب النقابة بزيادة رواتب الموظفين بنسبة 100% لتعويض أثر انخفاض قيمة العملة المحلية.
  • في 26 سبتمبر/أيلول، أصدر اتحاد ملاك محطات الوقود بيانًا أعلن فيه تعليق العمل في جميع محطات الوقود المملوكة ملكية خاصة في عدن ولحج وأبين والضالع اعتبارًا من 28 سبتمبر/أيلول

انخفاض قيمة الريال تتسبب في تحديات غير مسبوقة في مجال تحويل الأموال

كان للانخفاض غير المسبوق لقيمة الريال اليمن آثارًا سلبية على الأشخاص الذين يرغبون في تحويل الأموال داخل اليمن. ففي 25 سبتمبر/أيلول، أفادت الأنباء أن تكلفة تحويل مبلغ من الريال اليمني من عدن إلى صنعاء تتجاوز قيمته المرسلة، على سبيل المثال تبلغ رسوم تحويل 100 ألف ريال يمني من عدن إلى صنعاء حوالي 102 ألف.

تُعزا هذه التكلفة الكبيرة إلى التباين المتزايد بين قيمة الريال في المناطق التي يديرها الحوثيون والمناطق التي تديرها الحكومة، ففي حين انخفضت قيمة الريال أمام الدولار إلى 1,200 ريال لكل دولار في 26 سبتمبر/أيلول، بلغت قيمة الريال في مناطق سيطرة الحوثيين 602 ريال يمني لكل دولار أمريكي.

استجابة لهذا الانخفاض التاريخي في قيمة الريال والزيادة الهائلة في تكلفة تحويل الأموال إلى مناطق الحوثيين، أعلنت جمعيات الصرافين في عدن وحضرموت تعليق شبكات وأنشطة تحويل الأموال حتى إشعار آخر.

بنك إنجلترا يلغي تجميد 82 مليون جنيه إسترليني

في 27 سبتمبر/أيلول أعلن البنك المركزي في عدن أن بنك إنجلترا قرر منح الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا والبنك المركزي اليمني في عدن حق الوصول إلى 82 مليون جنيه إسترليني، جُمدت منذ عام 2016 نتيجة لنقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن مما أدى إلى انقسام البنك المركزي إلى بنكين أحدهما في صنعاء والآخر في عدن. وأصدر البنك المركزي في صنعاء بيانًا شديد اللهجة ردًا على هذا التطور، وشجب هذه الخطوة واعترض على شرعية البنك المركزي في عدن.

مسؤولون حكوميون يناقشون خيارات وحدة حقوق السحب الخاصة مع البنك الدولي

في 2 سبتمبر/أيلول، ترأس رئيس الوزراء معين عبدالملك اجتماعًا مع مسؤولي البنك الدولي درسوا فيه الخيارات المختلفة التي يمكن النظر فيها فيما يتعلق باستخدام الدعم المالي الذي خصصه صندوق النقد الدولي لليمن في أغسطس/آب. يأتي هذا الدعم على شكل حقوق سحب خاصة، وهي أصل احتياطي تكميلي للبنك المركزي التابع لصندوق النقد الدولي، حيث خصص الصندوق لليمن 466.8 مليون وحدة حقوق سحب خاصة أي ما يقارب 665 مليون دولار أمريكي.


مقالات

الحوثيون يكثفون هجماتهم في مأرب

القبائل تتحمل وطأة تقدم الحوثيين

علي السكني

حققت قوات الحوثيين خلال الأسابيع القليلة الماضية أهم تقدم لها في الجبهات الجنوبية لمحافظة مأرب منذ ما يقرب من عام.

في 21 سبتمبر/أيلول، سيطر مقاتلو الحوثيين على مديريتي عين وبيحان وكذلك بعض أجزاء من مديرية عسيلان بمحافظة شبوة. في اليوم التالي، سيطر الحوثيون على مركز مديرية حريب بمحافظة مأرب المجاورة. قُتل مدير عام مديرية حريب ناصر القحاطي المرادي في اليوم الأول من المعارك، وسقطت حريب التي تبعد 75 كيلومترًا جنوب مدينة مأرب دون قتال كبير نظرًا لانسحاب القوات الحكومية مسافة 10 كيلومترات من وسط المدينة إلى جبال ملعا. كانت القوات الحكومية مشغولة على جبهات أخرى وبدا أنها لم تتوقع سقوط مدينة حريب. سمحت السيطرة على هذه المناطق للحوثيين بقطع الطريق السريع الرئيسي بين محافظتي شبوة ومأرب.

الحوثيون يسعون إلى تقسيم القبائل

مدينة حريب هي ثاني أكبر مدينة في المحافظة، ويسافر العديد من الطلاب منها بانتظام إلى مدينة مأرب، عاصمة المحافظة، لغرض الدراسة في جامعة سبأ. قد لا تتمكن الطالبات من القيام بذلك بسبب المعارك أو لأن سلطات الحوثيين لن تسمح للحافلات الجامعية التي تقل الطالبات بالمرور.

أما في مديرية العبدية المجاورة، موطن قبيلة بني عبد، فلم تتمكن قوات الحوثيين من السيطرة عليها (سيطر الحوثيون على المديرية لاحقًا بعد حصار استمر 26 يومًا) على الرغم من شنها هجمات على مدار العام. قد يدفع زخم القتال بقوات الحوثيين نحو مديرية الجوبة (هي الأخرى سيطر الحوثيون على مواقع فيها)، المعروفة باسم البوابة الجنوبية لمدينة مأرب. وعلى عكس حريب التي تقطن فيها مجموعة متنوعة من القبائل والعائلات الهاشمية، تعد الجوبة موطنًا لقبيلة مراد ذات النفوذ في محافظة مأرب.

منذ 25 سبتمبر/أيلول، فتح الحوثيون جبهات جديدة وكثفوا هجماتهم على طول حدود مديرية الجوبة الجنوبية والغربية بهدف السيطرة على ثلاثة مواقع استراتيجية هي: معسكر أمريش بالقرب من جبهة ملعا، المطل على الطريق السريع الرئيسي بين الجوبة وحريب، ومعسكر الخشينة القريب في الجوبة على بعد كيلومترين من حدودها مع حريب، وجبهة ألفا الغربية بمديرية رحبة على بعد كيلومترين من حدودها مع الجوبة. وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، استولت قوات الحوثيين على معسكر الخشينة.

يحاول الحوثيون كسر قبيلة مراد لعدة أسباب، فمراد هي أكبر قبيلة شافعية سنية في محافظة مأرب وفي اتحاد قبائل مذحج، كما أنها تمتلك تاريخًا طويلًا في مقاومة الغزو الزيدي في المنطقة. فمثلًا قام علي ناصر القردعي، أحد أبرز المشايخ في تاريخ مراد، باغتيال الإمام يحيى حميد الدين، إمام وحاكم المملكة المتوكلية، عام 1948. وبعد عقود، في عام 2014، ضغط الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على الشيخ علي القبلي نمران، أحد أبرز قيادات قبيلة مراد وحزب المؤتمر الشعبي العام في مأرب، للانضمام إلى الحوثيين أو على الأقل البقاء على الحياد حتى يتمكن الحوثيون من التقدم نحو مدينة مأرب والسيطرة على حقول النفط القريبة في المناطق التابعة لقبيلة العبدية للانتقام من “أعدائنا” كما قال مصدر قبلي لمركز صنعاء.

على الرغم من الخلافات القبلية بين قبيلتي مراد وعبيدة، رفض نمران الذي توفي في أغسطس/آب 2021 عرض صالح وغادر العاصمة صنعاء للانضمام إلى قبيلته في مأرب. تحالف نمران وابنه عبد الواحد القبلي نمران، الذي يرأس الآن المؤتمر الشعبي العام في مأرب، مع قوات قبلية أخرى معارضة للحوثيين وأسسوا معسكرات قبلية تعرف باسم المطارح.

يشتهر الحوثيون بسعيهم لخلق واستغلال الانقسامات بين قبائل مأرب للسيطرة على المحافظة، ومع ذلك، على الأقل حتى الآن، كلما زاد عدد هجمات الحوثيين في مأرب، اتحدت القبائل ضدهم. منذ بداية هجوم الحوثيين الواسع على مأرب في يناير/كانون الثاني 2020، كانت كل قبيلة في المحافظة مسؤولة بشكل أساسي عن حماية مناطقها ضد الحوثيين.

استراتيجية الحوثيين: البحث عن الحلقة الأضعف

خلال معظم فترات العام الماضي، ركز الحوثيون على التقدم في ثلاث جبهات رئيسية: صرواح، على بعد حوالي 15 كيلومترًا غرب مدينة مأرب، والكسارة ورغوان شمال غرب العاصمة، وجبهات العلم شمالًا على طول حدود مأرب مع محافظة الجوف. على الرغم من أن خطوط المواجهة المذكورة أقرب إلى العاصمة من أي جبهات أخرى في المحافظة، إلا أنهم فشلوا في تحقيق اختراق عسكري كبير بسبب كثافة المواقع الدفاعية الحكومية والقبلية والضربات الجوية الشديدة.

مع عدم وجود احتمالات بحدوث اختراق كبير على طول هذه الجبهات، عدل الحوثيون استراتيجيتهم في محاولة للسيطرة على مناطق على طول الخطوط الأمامية الجنوبية الأقل تحصينًا في محافظة البيضاء المجاورة.

في يوليو/تموز، تمكنت قوات الحوثيين من إخراج المقاتلين الموالين للحكومة من مديريتي ناطع ونعمان شمال شرق البيضاء على طول حدود مأرب وشبوة، ثم سيطرت على البيضاء بالكامل باسترجاع مكاسب الحكومة الشرعية في مديرية الصومعة جنوب شرقي المحافظة. كانت جبهات ناطع ونعمان بالغة الأهمية في حماية شبوة ومأرب من تقدم الحوثيين من الجنوب والغرب. سمح هذا التقدم للحوثيين فتح جبهات جديدة في شبوة والضغط على مأرب من الجنوب في سبتمبر/أيلول. أظهرت هذه التطورات تكتيكًا مشتركًا تبناه الحوثيون وهو: عندما تنجح القوات الحكومية في تعزيز دفاعاتها وصد الهجمات في إحدى الجبهات، تفتح قوات الحوثيين جبهة جديدة أو تهاجم في مكان آخر.

على الرغم من خسائرهم الفادحة المستمرة، واصل الحوثيون الدفع بموجات هائلة من المقاتلين إلى الخطوط الأمامية. وإذا ما فشل هذا في تحقيق انتصارات كبيرة للحوثيين، فإنهم يخاطرون بفقدان المصداقية والثقة في أوساط مؤيديهم وهو ما يساعد على تجنيد المزيد من المقاتلين.

القبائل تحاول إعادة ترتيب صفوفها

بعد سقوط مدينة حريب، اجتمعت قبائل عبيدة وهي قبائل ذات نفوذ بحضور المحافظ سلطان العرادة، وهو أيضًا شيخ كبير في القبيلة، وقررت تشكيل كتائب قتالية جديدة لدعم القوات الحكومية والدفاع عن المحافظة. وفي أثناء ذلك، حشدت قبائل الجدعان، الواقعة شمال غرب مأرب، مقاتلين في مطارح بمناطقهم.

مع تصاعد ضغط الحوثيين على مقاتلي قبيلة مراد والقوات الحكومية في الجوبة وحريب، أرسلت قبائل عبيدة، خصمهم الرئيسي، والجدعان عشرات المركبات التي تحمل مئات المقاتلين لدعم قبيلة مراد وقوات الجيش في جبهة ملعا بين الجوبة وحريب. وبحسب مصادر عسكرية وقبلية، لقي أكثر من 500 حوثي و100 من القوات المعارضة للحوثيين مصرعهم في المعارك.

بالنسبة للقبائل والقوات الحكومية في مأرب، أصبحت المعركة ضد الحوثيين قتالًا حتى الموت، حيث تسعى قوات الحوثيين إلى قطع رأس قيادة التحالف المناهض للحوثيين، فقبل أسبوع استهدف الحوثيون رئيس الأركان الفريق صغير بن عزيز بصاروخ باليستي في حي الروضة. وفي الساعات الأولى من يوم 26 سبتمبر/أيلول، نجا سلطان العرادة محافظ مأرب من هجوم صاروخي حين استهدف صاروخان يشتبه في أنهما حوثيان منزله.

تضمنت العوامل الحاسمة في مقاومة تقدم الحوثيين ومنع سقوط محافظة مأرب وحدة قبائل مأرب وقيادتها السياسية والعسكرية والقبلية، إلى جانب الدعم بالضربات الجوية من التحالف بقيادة السعودية. وعندما تتعرض القوات الحكومية لانتكاسة، ترسل القبائل الدعم لها.

الرياح تعصف بالقوات المناهضة للحوثيين

على الرغم من أن الغارات الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية لعبت دورًا حيويًّا في إبطاء تقدم الحوثيين عبر استهداف المركبات المدرعة الثقيلة والتعزيزات، إلا إن القوات المتحالفة مع الحكومة تواجه عددًا من التحديات. وحسب ما قال مسؤول عسكري لمركز صنعاء فإن التحالف بدأ تدريجيًّا في خفض الدعم اللوجستي للقوات الحكومية العام الماضي وعلّق بعض المساعدات في مارس/آذار.

اضطرت القوات الحكومية إما إلى الذهاب دون أسلحة كافية ومناسبة أو الحصول عليها من السوق السوداء. وقال جندي يقاتل في الجبهات الجنوبية في مأرب لمركز صنعاء إنه عندما تعرضت وحدته مؤخرًا للهجوم من قِبل مقاتلين حوثيين في ثلاث عربات مدرعة، لم يكن لديهم سوى كلاشنكوف AK47 للدفاع عن أنفسهم. وما يزيد الطين بلة هو أن الجنود لم يتسلموا رواتبهم منذ شهور، ما دفع البعض إلى ترك الجبهات وعبور الحدود إلى المملكة العربية السعودية بحثًا عن عمل.

أصبح النقص في القادة العسكريين الأكفاء في الجيش أزمة. قال مصدر مطّلع لمركز صنعاء إن ابن عزيز، رئيس أركان الجيش، قدم استقالته إلى الرئيس عبدربه منصور هادي منتصف سبتمبر/أيلول لكنها رُفضت. ويفتقر معظم القادة الحاليين إلى مهارات التخطيط الاستراتيجي ويظهر ذلك في تركيزهم على العمليات الدفاعية في الجبهات المحيطة بمدينة مأرب. إضافة إلى ذلك، عندما كانت هناك حاجة إلى قوات على جبهات أخرى، كانت جهود التعبئة والانتشار بطيئة للغاية.

على الرغم من ذلك، لا يبدو أن القوات الحكومية والمقاتلين القبليين على استعداد للاستسلام، بل يتفق معظمهم مع موقف اللواء مفرح بحيبح، أحد قيادات قبيلة مراد البارزة وقائد محور بيحان واللواء 26 وجبهة الجوبة. في مقطع فيديو قال بحيبح الذي فقد أربعة من أبنائه في معارك ضد الحوثيين خلال السنوات الأربع الماضية إنه يفضل الموت على العيش في الذل تحت حكم الحوثيين “سندافع عن أنفسنا (ضد الحوثيين) حتى آخر قطرة دم”.

علي السكني، هو صحفي وباحث يمني مستقل.

الحوثيون والنجاح العسكري القاتل

عبدالغني الإرياني

بعد سبع سنواتٍ من الحرب في اليمن، أصبح الجميع تقريبًا متقبلين للواقع الذي كان جليًّا منذ البداية: التدخلات العسكرية الخارجية تحمل في طياتها بذور الفشل. تشكل عنجهية القوى المتدخلة إهانة لشركائها ووكلائها المحليين وتحبط معنوياتهم. وغالبًا تفضل تلك القوى التعامل مع الشركاء المحليين الأكثر امتثالًا والأسهل قيادة، وهذا يدفع الحلفاء المحليين الأقل وطنية والأكثر فسادًا إلى مراكز القيادة. وكثيرًا ما تمثل غطرسة القوى المتدخلة وفساد وكلائها المحليين أقوى سلاحين في ترسانة الأطراف التي تقاوم التدخل العسكري الخارجي. وهذه هي المعادلة البسيطة التي حددت نتائج الكثير من التدخلات العسكرية الخارجية خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين.

بات أغلب المراقبين والناشطين يُقرّون أن الحوثيين ينتصرون، ولكن السؤال المطروح هو ما النصر الذي يحققونه؟

إن النصر الأكثر بداهة الذي يحققه الحوثيون هو الانقسامات والخلافات بين خصومهم. أصبح موقف الحوثيين العسكري في مأرب وتوسع رقعة امتدادهم إلى جنوب اليمن مدعاة للاحتفال في صنعاء وطهران وعواصم ما يوصف بـ”المقاومة”. وكل نجاح عسكري يحققه الحوثيون يعزز نفوذ الجناح الأكثر تطرفًا أيديولوجيًّا على حساب المعتدلين، سواء داخل جماعة الحوثيين ذاتها أو في إطار تحالفهم الأوسع الذي يضم نُخبة صنعاء التي أعادت تكوين نفسها من أفراد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومشايخ القبائل من مختلف أنحاء اليمن. الجناح المتطرف ملتزم أيديولوجيًّا بمفهوم الولاية لدى الزيود والذي يحصر الحق في تولي الحكم للبطنين (سلالة الحسن والحسين). يواصل الحوثيون احتجاز المئات من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام الذي أسسه وترأسه صالح، وتجميد أصول الحزب وحظر أنشطته بما في ذلك اجتماعاته الداخلية. هذه المعاملة القاسية لحليفهم الرئيسي تثبت أن الحوثيين لا يحترمون حقيقة أن النخبة القبلية الشمالية الزيدية، بقيادة صالح هي التي منحتهم السيطرة على عاصمة الدولة ومؤسساتها وحوّلت الجماعة من ميليشيا عسكرية صغيرة ومتطرفة إلى ما يضاهي الدولة اليمنية. إن عدم قبولهم لهذا الأمر يشير إلى أنهم لن يقبلوا بأي اتفاق حقيقي لتقاسم السلطة مع الأطراف الفاعلة الأخرى في اليمن.

خلال رحلة قمت بها مؤخرًا إلى صنعاء، سألت العديد من الحوثيين الذين تحاورت معهم: “ما سيكون دور “السيد” (عبدالملك الحوثي) في الدولة اليمنية بعد الحرب؟” لم يتمكن أحد من الإجابة. وفقًا لعقيدة الحوثيين، يُعد عبدالملك الحوثي “الولي العلم”، (صاحب الولاية) الذي يتمتع بالسلطة والنفوذ المطلقين على الأمة ولا يمكن تقاسم سلطته. في الوقت الراهن، وبينما جناح الحوثيين المتطرف -المنتشي بسلسلة الانتصارات التي تيسرت بسبب عجز قيادة الجانب الآخر- يخطط لاستكمال سيطرته على بقية اليمن، تدرس المقاومة اليائسة في مأرب الخيارات المتاحة أمامها.

أمام القبائل في مأرب خيار واحد، وهو قبول العرض الذي قدمه الحوثيون قبل عام تقريبًا: التنديد بالتحالف الذي تقوده السعودية، وطرد مسلحي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من المحافظة، وتقاسم عائدات مأرب من النفط والغاز مع الجماعة. بالمقابل، سيتاح للمحافظ سلطان العرادة، الذي ينحدر من قبيلة عبيدة البارزة، وللقادة المحليين في مأرب، فرصة الاحتفاظ بمناصبهم والتمتع بدرجة من الحكم الذاتي المحلي، في الوقت الراهن على الأقل. الصفقة مغرية بعض الشيء. فقد تكبدت قبائل مأرب خسائر كبيرة في حرب الاستنزاف الدموية هذه. وهي تدرك قدرة الحوثيين على تحمل خسائر في الأرواح أكثر منها، فالحوثيون يجندون من قاعدة سكانية تزيد على 20 مليون نسمة. بالمقابل، لا يصل تعداد القبائل إلى ربع مليون نسمة، وبالتالي تقترب بعضها من قبول صفقة الحوثيين.

من جانب آخر، بات حزب الإصلاح، الذي يسيطر على مأرب باسم التحالف المناهض للحوثيين، في موقف أكثر صعوبة. للحوثيين هدف مشترك مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وداعمته الإمارات العربية المتحدة، في إبادة حزب الإصلاح الذي يعتبر الفرع اليمني لحركة الإخوان المسلمين في المنطقة، في حين تحولت السعودية، الداعم التقليدي للإصلاح، إلى دولة معادية للإسلاميين. وبالتالي، يجد حزب الإصلاح نفسه أمام خيارات محدودة.

وفيما استجابت بضعة أصوات داخل قيادة الإصلاح في مأرب لمقترح الاندماج مع حزب المؤتمر الشعبي العام لتوسيع جبهته والصمود في هذا الوقت الاستثنائي العصيب، يبدو أن استراتيجية معظم قادة الإصلاح هي مزيج مأساوي من العجز والتحدي في الوقت الذي تشير فيه المناقشات السرية بين فصيل من الإصلاح والحوثيين إلى قرب إبرام صفقة مباشرة.

لذا، في الوقت الذي تُلوّح فيه السعودية بالراية البيضاء وتسعى إلى التوصل لاتفاق مع الحوثيين يعالج مخاوفها الأمنية -ويسمح بحسب مصادر سعودية مطلعة باستمرار القتال بين اليمنيين- يتحرك الإصلاح نحو قبول صفقة الحوثيين فيما يتعلق بمأرب. ومن المرجح أن تؤدي هذه الصفقة إلى التوصل لاتفاق أكثر شمولًا من شأنه أن يعيد إحياء ثيوقراطية ما قبل عام 1962، بحيث يصبح حزب الإصلاح السُنّي الشريك الأصغر للحوثيين الزيود. وإذا ما حدث هذا، سيؤدي إلى نشوء نظام ثيوقراطي لا يتيح مكانًا للجماعات غير الطائفية أو لجنوب اليمن. ولن تتمكن الدولة اليمنية من الصمود أمام ذلك.

بيد أن أي اتفاق بين الحوثيين وخصومهم لن يدوم. سيتزايد عدد الأطراف المستبعدة، وسيجد الحوثيون أنفسهم في نهاية المطاف يقاتلون جماعات عدة على جبهات متعددة، بما في ذلك الكتلة الزيدية الشمالية التي حملت السلاح حتى الآن لصد “العدوان” الخارجي.

وسواء أبرمت السعودية والحوثيون اتفاقًا لإنهاء الحرب أو سبق حزب الإصلاح السعوديين بإبرام اتفاق مع الحوثيين أولًا، فإن أي اتفاق يبصر النور لن يكون له فرصة كبيرة للصمود على الأمد البعيد إذ أنه سيغلق أحد فصول الحرب اليمنية ويفتح فصلًا جديدًا أكثر عنفًا. على جميع الأطراف، الحوثيين والإصلاح والسعوديين، إعادة النظر في هذه النهج والعمل معًا لاستيفاء الحد الأدنى من الشروط التي من شأنها أن تعيد الاستقرار وتتوصل إلى صفقة سلام شاملة في نهاية المطاف.

إن التسويات السياسية التي تؤدي إلى دولة مستقرة تقوم على خلق التوازن بين الأطراف الفاعلة المتنافسة بحيث يمسي اللجوء إلى العنف خطوة غير مربحة. وكلما اتسعت قاعدة الاتفاق السياسي، أصبحت أكثر استقرارًا. ولكن في اليمن، لا تحقق ضوابط وموازين الديمقراطيات المستقرة هذا الهدف بسبب الافتقار إلى عُرف سيادة القانون وغياب مجتمع مدني قوي. قد تؤدي الصفقات النخبوية غير الشاملة إلى إيقاف أعمال العنف مؤقتًا، ولكنها لا تستطيع تحقيق الاستقرار الطويل الأمد الذي يحتاج إليه اليمن من أجل البقاء.

لا يمكن تحقيق الاستقرار في اليمن إلا من خلال الموازنة بين السلطة المركزية والمحافظات عبر تطبيق اللامركزية العميقة الإدارية والمالية وفي قطاعي الأمن والجيش، باستخدام نماذج جُربت واختُبرت في النظم الاتحادية في جميع أنحاء العالم.

إن النجاحات العسكرية التي يحققها الحوثيون تقلل احتمال قبولهم بالمساومة على مبدأ الولاية والسلطة المطلقة لزعيمهم، وبالتالي هم غير قادرين على تقاسم السلطة على نحو يخلق هذه الضوابط والتوازنات. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تدمير الدولة اليمنية. هذا هو نوع النصر الذي يحققه الحوثيون.

عبدالغني الإرياني، هو باحث أول في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، تتركز أبحاثه على عملية السلام وتحليل النزاع وتحولات الدولة اليمنية.

أُعدت هذه الورقة من قِبل مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية كجزء من مشروع الاستفادة من التكنولوجيا المبتكرة لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين والمساءلة في اليمن. مُوِّلت هذه الورقة من قِبل الحكومة الاتحادية الألمانية وحكومة كندا والاتحاد الأوروبي.

التوصيات الواردة في هذه الورقة هي آراء المؤلف (المؤلفين) فقط، ولا تعكس آراء مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أو شريكه (شركائه) أو أي أشخاص أو منظمات أخرى قد يتبع لها المشاركون. لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار محتويات هذه الورقة على أنها تعكس مواقف الحكومة الاتحادية الألمانية أو حكومة كندا أو الاتحاد الأوروبي.


الشوارع الجنوبية تثور احتجاجًا

المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية يواجهان غضب الرأي العام

هاشم خالد

في منتصف سبتمبر/أيلول، تدفق آلاف الناس إلى شوارع المدن في جميع أنحاء جنوب اليمن احتجاجًا على الظروف المعيشية المزرية، وانهيار الخدمات العامة والانخفاض غير المسبوق في قيمة الريال اليمني. وشهدت محافظات تعز والضالع ولحج وعدن وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة مستويات مختلفة من الاحتجاجات والإضرابات والاضطرابات المدنية العامة.

تزامنت الاحتجاجات مع تصاعد التوتر داخل التحالف المناهض للحوثيين. أدى التناحر بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دوليًّا والمدعومة من السعودية إلى شلِّ التحالف وتحويل الجنوب إلى ساحة معركة حتى مع استمرار تقدم الحوثيين في محافظات مأرب والبيضاء وشبوة.

العنف في عدن

وقعت الاحتجاجات الأكثر عنفًا على مدار ثلاثة أيام، 14-16 سبتمبر/أيلول، في العاصمة المؤقتة عدن التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث قُتل ثلاثة متظاهرين وجُرح آخرون.

وقال شهود عيان إن قوات المجلس الانتقالي استخدمت الغاز المسيل للدموع وأطلقت الذخيرة الحية لتفريق الحشود بعد أن حاول متظاهرون غاضبون اقتحام مقر المجلس في مديرية كريتر. كما قطع المتظاهرون الطرق الرئيسية ورشقوا قوات الأمن بالحجارة في كريتر وخور مكسر.

في 15 سبتمبر/أيلول، وفي محاولة لقمع الاحتجاجات، أعلن رئيس المجلس عيدروس الزُبيدي حالة الطوارئ في جميع المحافظات الجنوبية خلال خطاب متلفز ارتدى فيه بدلة عسكرية.

وقال المتحدث باسم المجلس علي الكثيري، لقناة الغد المشرق إن إعلان حالة الطوارئ جاء كخطوة للتصدي لنوايا الحوثيين بغزو الجنوب. تزامن ذلك مع استيلاء جماعة الحوثيين على مناطق في شبوة. كما اتهم الكثيري مجددًا حزب الإصلاح داخل حكومة هادي بالتواطؤ مع الحوثيين. وقال “التحركات في المناطق الجنوبية تأتي بتخطيط وتنسيق من جانب الحوثيين والإصلاح. قرار إعلان حالة الطوارئ جاء في لحظة حاسمة لمواجهة هذا التهديد.”

إلا أن بعض السياسيين والمراقبين يعتبرون إعلان المجلس تكتيكًا لمحاولة تطهير الشوارع من المتظاهرين. وقال الصحفي اليمني عادل الحسني، الذي أُطلق سراحه في مارس/آذار بعد ستة أشهر من احتجازه من قِبل قوات المجلس لمركز صنعاء “إن إعلان رئيس المجلس حالة الطوارئ يهدف فقط إلى الخروج من المأزق الذي كان يواجهه نتيجة الاحتجاجات الغاضبة في عدن.”

هلّل نشطاء ووسائل إعلام موالية لهادي والإصلاح باندلاع الاحتجاجات في عدن وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي، متهمين الإمارات بالاستعاضة عن الدولة الشرعية بما يسمونه “المرتزقة” الذين قوّضوا سيادة القانون في عدن.

وغرّد رئيس وزراء اليمن الجنوبي الأسبق وأول رئيس وزراء بعد الوحدة حيدر أبو بكر العطاس على تويتر: “في يناير/كانون الثاني 2018 وأغسطس/آب 2019، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الحرب على الحكومة الشرعية وأجبرها على الخروج من عدن تحت ذريعة حماية المتظاهرين السلميين الذين حاولت الشرعية قمعهم. واليوم، المجلس الانتقالي الجنوبي يقمع من كان يدعي أنه يحميهم بالأمس.”

الاحتجاجات في المكلا

في غضون ذلك، أحرق مئات المتظاهرين في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، إطارات السيارات في الشوارع احتجاجًا على انقطاع التيار الكهربائي. كما طالبوا بتثبيت سعر صرف الريال اليمني ودعوا إلى تنحية المحافظ فرج البحسني. وعلى ضوء ذلك، أعلن البحسني حظر تجول جزئي في جميع مناطق المحافظة في محاولة لقمع الاحتجاجات.

وعلى بعد نحو 70 كيلومترًا شرق المكلا، في مدينة الشحر الساحلية، أفادت تقارير أن متظاهرًا يبلغ من العمر 17 عامًا قُتل بالرصاص على يد قوات الأمن التي حاولت تفريق المحتجين. ردد المتظاهرون في الشحر هتافات تطالب بانسحاب التحالف الذي تقوده السعودية وإسقاط حكومة هادي، كما مزقوا صور ولوحات إعلانية لهادي وقادة التحالف في جميع أنحاء المدينة.

قال سالم أحمد باوزير، وهو صياد سمك من المكلا يبلغ من العمر 36 عامًا، لمركز صنعاء، “الشعب متعب، ولا يستطيع تحمل تكلفة شراء السمك أو اللحم أو الدجاج. لا توجد رواتب ولا كهرباء ولا خدمات”. وأضاف “لقد سئمنا من هذا الوضع نتيجة لغياب حكومة هادي الفاسدة. أدعو المجلس الانتقالي إلى القدوم إلى حضرموت وفرض الحكم الذاتي.”

البحسني، الذي تقتصر سلطته فعليًّا على ساحل حضرموت، مدعوم من دولة الإمارات، إلا أن مواقفه لا تتماشى مع المجلس الانتقالي أو مع أجندته الانفصالية.

مظاهرات في وادي حضرموت وتعز وشبوة

في سيئون وتريم، المدينتين الصحراويتين في شمالي منطقة وادي حضرموت والخاضعتين إلى حد كبير لسيطرة المنطقة العسكرية الأولى للجيش اليمني، تظاهر مئات المحتجين في الشوارع وقطعوا الطرقات، منتقدين حكومة هادي المدعومة بسبب انهيار الاقتصاد. وأعلنت السلطات المحلية حظر التجول لمدة أسبوع في محاولة لإبقاء الناس في منازلهم، وشمل ذلك إغلاق المدارس والمؤسسات التجارية.

قال محمد عبدالكريم، وهو معلم في مدرسة بسيئون، 33 عامًا، وأب لاثنين، إن “البيضة باتت تكلف 150 ريالًا يمنيًّا، أي ثلاثة أضعاف ما كان عليه السعر في السابق. ما كل هذا الجنون؟ نحن نتضور جوعًا، والفقر يقتل أطفالنا، ولا توجد خدمات ولا سلطة. ما دفعنا للنزول إلى الشوارع هو الجوع وليس لأحد الحق في إيقافنا.”

تعتبر حضرموت أغنى المناطق اليمنية من حيث موارد النفط والغاز. ورغم أنه يُفترض أن الحكومة المحلية تتلقى 20% من عائدات النفط والغاز المنتجة محليًّا، يتساءل المواطنون في حضرموت إلى أين تذهب هذه الأموال في ظل غياب الخدمات الحكومية؟

18 و19 سبتمبر/أيلول، اندلعت احتجاجات في تعز، حيث شجب المتظاهرون الظروف المعيشية المزرية واللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين في عدن. وبالتنسيق مع هذه المظاهرات، أعلن التجار في تعز إضرابًا جزئيًّا احتجاجًا على انهيار العملة. وأسفرت احتجاجات أخرى في 27 سبتمبر/أيلول عن مقتل شخص وجرح آخرين حين فتحت قوات الأمن النار لتفريق الحشود.

واندلعت مظاهرات أيضًا بمحافظة شبوة في 15 سبتمبر/أيلول. وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد دعا أنصاره إلى الاحتجاج على حملة الاعتقالات والتدابير القمعية التي واجهها أعضاء المجلس على أيدي السلطات المحلية، أو ما أسماهم المجلس الانتقالي “ميليشيا الإخوان.” من جانبها قالت السلطات المحلية إنها ستدافع عن “الأمن والاستقرار” في شبوة، مشبّهة أهداف المجلس الانتقالي بأهداف الحوثيين. في نهاية المطاف، يبدو أن الأحداث في شبوة كانت سلمية أكثر نسبيًّا من أي مكان آخر، رغم وجود بعض الاعتقالات وحملات الترهيب ضد المحتجين.

انهيار العملة

منذ أوائل عام 2021، انخفضت قيمة الريال اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، لتصل إلى مستوى قياسي في الأسابيع الأخيرة عند 1,200 ريال يمني لكل دولار أمريكي. قبل الحرب، كان سعر الصرف يبلغ 215 ريالًا يمنيًّا للدولار. (للاطّلاع على التفاصيل الاقتصادية، انظر: “انهيار العملة والظروف المعيشية تؤجج احتجاجات واسعة النطاق في جنوب اليمن.”)

كان لهذا الانخفاض تداعيات وخيمة على الظروف المعيشية، بحيث أصبحت السلع الغذائية الأساسية باهظة التكلفة بشكل لا يطاق بالنسبة للسكان حيث يعاني حوالي ثلثي السكان لتأمين لقمة العيش.

قال علي التويتي، محلل اقتصادي يمني، لمركز صنعاء: “يواصل فرع البنك المركزي اليمني في عدن طباعة أوراق نقدية جديدة ويواصل ضخها في السوق دون مراعاة الآثار السلبية وارتفاع معدلات التضخم.”

وأضاف “هذه مشكلة بالنسبة للحكومة. غياب السلطة معضلة كبيرة. فحين تنظر إلى حجم [انخفاض] الواردات، تشعر بالخوف والقلق، [وكأننا] نعيش بلا دولة.”

ألقى آخرون أيضًا باللائمة على الداعمين الأجانب للحكومة اليمنية.

وكتب فتحي بلزرق، صحفي يمني ورئيس تحرير صحيفة عدن الغد، “دول التحالف العربي مسؤولة مسؤولية مباشرة عن انهيار سعر الصرف وتردي الخدمات وتوقف صرف المرتبات. وعليها القيام بواجبها القانوني الملزم بإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل حرب 2015.”

وقال “لا أحد يتحمل المسؤولية سوى التحالف وإن كان الآخرون مجرد أدوات،” مضيفًا أن التحالف بقيادة السعودية مسؤول عن “كل الدمار والضرر الذي يعاني منه الناس وعلى (التحالف) إصلاح (هذا الضرر).”

هاشم خالد هو صحفي يمني مستقل.

صيف الجنوب الحار

حسام ردمان

اعتاد المواطنون في جنوبي اليمن طيلة الأعوام الستة الماضية على درجة الحرارة الحارقة خلال فصل الصيف وسط تدهور الخدمات، غير أن الوضع ازداد سوءًا خلال شهر سبتمبر/أيلول مع تزايد الاحتجاجات التي تطالب بتحسين الخدمات فيما توغل الحوثيون في الجنوب.

كان من المفترض أن تشهد المحافظات الجنوبية انفراجًا خلال شهر سبتمبر/أيلول بعد أن توجه محافظو عدن والمهرة وحضرموت إلى الرياض حيث عقدوا اجتماعات مكثفة مع رئيس الحكومة معين عبدالملك والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر بهدف وضع آليات واضحة لتدفق الإيرادات المحلية إلى حسابات الحكومة، الأمر الذي سيساعد على تغطية بعض تكاليف منحة المشتقات النفطية السعودية، الصفقة التي أُعلن عنها في أبريل/نيسان والبالغة قيمتها 422 مليون دولار أمريكي لدعم الوقود المخصص لمحطات الطاقة في اليمن.

كثفت السعودية جهودها الدبلوماسية لإحياء اتفاق الرياض محاولةً إقناع المجلس الانتقالي الجنوبي والرئيس عبدربه منصور هادي بالتوصل إلى اتفاق لعودة الحكومة اليمنية إلى العاصمة المؤقتة، عدن. وبحسب مسؤولين حكوميين، وعد السعوديون بأن الحكومة ستعود إلى عدن في 15 من سبتمبر/أيلول. ولكن كالعادة لم يتحقق هذا الوعد.

تزايد الاحتجاجات

بحلول نهاية أغسطس/آب، تدهورت الظروف المعيشية وجودة الخدمات في عدن. لم يتلقَ العسكريون رواتبهم لنحو عام. دام انقطاع التيار الكهربائي لنحو 18 ساعة كل يوم. كما استمر الانهيار الاقتصادي لأسباب عدة مثل انهيار العملة المحلية. دفع الاستياء بالمواطنين الذين ضاقوا ذرعًا إلى التظاهر في منتصف شهر سبتمبر/أيلول في عدن وشبوة والمكلا ضد حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف بقيادة السعودية.

سارع المجلس الانتقالي لاستغلال هذه المظاهرات خدمة لأهدافه السياسية، ودعا مناصريه إلى الاحتشاد في محافظة شبوة احتجاجًا على سياسات السلطة المحلية الموالية لحزب الإصلاح. وكي لا يظهر المجلس متناقضًا، أتاح هامشًا من الحرية أمام دعوات التظاهر في عدن ووجه في البداية قواته الأمنية بحماية المتظاهرين وعدم استعمال العنف ضدهم.

ولكن في شبوة، قوبلت المظاهرات التي دعمها المجلس الانتقالي بالعنف، حيث وجهت اللجنة الأمنية بقيادة المحافظ محمد بن عديو القوات الأمنية بإفشال فعالية المجلس الانتقالي وشنت حملات اعتقال ضد نشطاء المجلس.

في هذه الاثناء، كانت المظاهرات تُقمع في مدينة المكلا من قِبل محافظ حضرموت فرج البحسني. وبالرغم من أن المجلس الانتقالي والسياسيين الموالين لحكومة هادي عبروا عن دعمهم للمتظاهرين إلا أنهم لم يعترضوا علنًا على استخدام العنف ضدهم والذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة آخرين.

أما في عدن، أخذت الاحتجاجات طابعًا تخريبيًّا حيث قطع الناس الطرقات الرئيسية واعتدوا على الممتلكات العامة. كما ألقى مسلحون مجهولون قنبلة يدوية على إحدى دوريات الأمن في مديرية كريتر، وتبادل آخرون النار مع قوات الحزام الأمني في مديرية المنصورة. عمل خصوم المجلس الانتقالي، مثل حزب الإصلاح، على استغلال موجة التظاهرات لإضعاف المجلس وجره نحو مواجهة عنيفة مع حاضنته الشعبية.

الحوثيون يدخلون في المشهد: تهدئة ظرفية وتعقيدات أكبر

في 15 سبتمبر/أيلول، أعلن رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزُبيدي حالة الطوارئ في المحافظات الجنوبية ووجه قواته العسكرية برفع الجاهزية القتالية لمواجهة توسّع الحوثيين باتجاه محافظتي أبين وشبوة. كما وجه الأجهزة الأمنية في عدن “بالضرب بيد من حديد ضد قوى الإرهاب والتخريب” وضبط الوضع المنفلت في عدن.

اعتبر كثير من النشطاء في عدن أن إعلان الزُبيدي يمثل خطوة تمهيدية لحملة قمع واسعة ضد المظاهرات، بينما قال مسؤولون في المجلس الانتقالي إن هذه الخطوة ضرورية نظرًا لتقدم الحوثيين في مديريتي بيحان وعين، شمالي محافظة شبوة. كما شنت قوات الحوثيين هجمات متقطعة على شمال أبين بمحاذاة محافظة البيضاء.

غيّر التهديد الحوثي سلوك الفاعلين السياسيين المحليين، حيث تبادل المجلس الانتقالي الجنوبي والرئيس هادي رسائل إيجابية حول ضرورة التعاون المشترك ضد التهديد الحوثي.[1] تراجعت المظاهرات، وبدا وكأن هناك توافق بين جميع الأطراف الجنوبية على ضرورة قمع الاحتجاجات.

زادت الاحتجاجات الشعبية والمواجهات العسكرية من زخم الدعوات المطالبة بعودة الحكومة إلى عدن، ولكنها في الوقت نفسه أربكت جهود الوساطة السعودية. كما حرف تنامي تهديد الحوثيين العسكري في شبوة انتباه جميع القوى الفاعلة المحلية والإقليمية عن الدعوات المطالبة بالإصلاح المؤسسي والاقتصادي في عدن.

أوقف الحوثيون توسعهم في شمالي شبوة رغم قدرتهم على توسيع عملياتهم لتشمل مديريات أخرى، من بينها مرخة العليا ومرخة السفلى على الحدود بين محافظتي شبوة والبيضاء وبالتالي احتمال نجاحهم في تهديد عاصمة شبوة نفسها، عتق. وجه الحوثيون مجهودهم الحربي نحو مأرب. إذا سيطر الحوثيون على مأرب، فإن الاستيلاء على معاقل الحكومة عتق بشبوة وسيئون في حضرموت سيكون مسألة وقت لا أكثر.

وبمجرد أن تشهد جبهات الحوثيين جمودًا نسبيًّا، ستعود الساحة الجنوبية إلى نفس الديناميكيات المعهودة: ارتفاع وتيرة الاستقطاب بين المجلس الانتقالي من جهة والرئيس هادي وحزب الإصلاح من جهة أخرى، واستمرار وتيرة الانهيار الاقتصادي الذي يغذي موجات الغضب الشعبي، وتزايد العنف والفوضى بسبب التوظيف السياسي للتظاهرات، والإجراءات القمعية المتزايدة التي تتبناها القوات الأمنية ضد التظاهرات تحت ذريعة التهديد الحوثي.

حاولت السعودية تغيير هذه الديناميكيات عبر الترتيب مع الإماراتيين لعودة رئيس الوزراء معين عبدالملك إلى عدن نهاية سبتمبر/أيلول. ولكن عودته لم تتزامن مع أي خطة إنقاذ اقتصادية. والمهم، جرى التوصل إلى هذا الترتيب دون موافقة الرئيس هادي.

دخلت ديناميكية جديدة على الصراع في الجنوب: جماعة الحوثيين، التي أصبح لديها موطئ قدم في شبوة، والمظاهرات الشعبية ضد السلطات الحاكمة. تهدد هذه الديناميكية الجديدة الفاعلين الرئيسيين الموجودين أصلًا: المجلس الانتقالي وحكومة هادي واللذين يستغلان الاستياء الشعبي لمهاجمة بعضهما.

السبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع الحالي، هو عبر شبكة مدنية متجانسة لقيادة الحراك الاحتجاجي نحو برنامج إصلاحي، وتطوير توجه دولي حاسم بقيادة الرباعية الدولية (السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة) والمبعوث الأممي للمساعدة في تنفيذ اتفاق الرياض وإنقاذ الوضع الاقتصادي.

حسام ردمان هو صحفي وزميل باحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية تتركز أبحاثه على السياسة اليمنية الجنوبية والجماعات الإسلامية المسلحة. يغرد على hu_rdman@.


التلقين العقائدي في زمن الحوثيين

كيف استولى الحوثيون على نظام التعليم وأعادوا تشكيله في المناطق الشمالية

سلام الحربي*

كغيره من القطاعات، يعاني قطاع التعليم في اليمن بشدة خلال الحرب الراهنة. تحولت الأنظمة التعليمية إلى سلاح حيث تسعى الأطراف المتحاربة إلى تشكيل الأجيال القادمة وغرس الهويات الطائفية والأيديولوجيات السياسية لتسهيل اختراق عقولها والسيطرة عليها. أصبحت المدارس في اليمن اليوم بعيدة كل البعد عن كونها منارة للتعليم إذ أنها أصبحت أشبه بساحات قتال لحرب موازية بعيدة عن جبهات الحرب.

وكحال كل الوزارات التي انقسمت إلى نسختين ونظرًا للبيروقراطية السائدة في اليمن، هناك وزارتا تعليم في البلاد: واحدة في حكومة الحوثيين غير المعترف بها بصنعاء وأخرى في الحكومة المعترف بها دوليًّا في عدن. تركز كل وزارة على تشكيل هويات الطلاب بطرق ستستمر في مفاقمة التوتر باليمن. لم يعد هناك منهجًا واحدًا أو رؤية مشتركة حول فكرة الدولة أو حتى هوية وطنية جامعة. هناك انقسام وانعدام ثقة وكره يُورث من جيل لآخر.

يتعرض الطلاب والمعلمون والإداريون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين لعملية تغيير هوية بشكل مكثف. وساهم الوضع الاقتصادي السيء والأزمة المتعلقة بالعملة -وتحديدًا نفاد أموال البنك المركزي اليمني ووقف دفع الرواتب لمعظم موظفي الخدمة المدنية، بما ذلك المعلمين، في عام 2016- في تسهيل هذه العملية إلى حد ما. ومنذ ذلك الحين، حظي المعلمون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا على بعض الاستقرار في الدخل بينما ظل المعلمون في مناطق سيطرة الحوثيين يعانون من انقطاع الرواتب الحكومية، الأمر الذي دفع بالكثير منهم للبحث عن مصادر أخرى للدخل وانضم بعضهم إلى الجماعات المسلحة لإعالة أسرهم.

واجه الطلاب مصاعب مماثلة حيث فقدت الكثير من العائلات قدرتها على تحمل نفقات التعليم. فضلًا عن النقص في عدد المدرسين بالمدارس. قدّر تقرير نشرته منظمة مواطنة في وقت سابق من هذا العام أن 81% من التلاميذ توقفوا عن الدراسة لفترات مختلفة خلال العام الدراسي نتيجة القتال وأكثر من 53% فقدوا عامًا دراسيًّا كاملًا.

وكما فعلوا في معظم مؤسسات الدولة، استبدل الحوثيون معظم المسؤولين في وزارة التربية والتعليم بموالين لهم. عام 2016، عُيِّن يحيى الحوثي، الأخ غير الشقيق لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، وزيرًا للتربية والتعليم. ينحدر كل من نائب الوزير ووكيل الوزارة، وكلاهما بارزان في جماعة الحوثيين، من معقل الجماعة في محافظة صعدة بينما ينتمي تقريبًا جميع مدراء التربية في المحافظات والمديريات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين إلى فئة الهاشميين المنتمين للجماعة. سيطر الحوثيون بشكل كامل تقريبًا على قطاع التعليم عبر تعيين أفرادهم في أجهزة الدولة، غير أن هذه الشخصيات تعمل في الواقع ضمن تسلسل هرمي في التسلسل القيادي المركزي للحوثيين وبيروقراطية الدولة. على سبيل المثال، نائب الوزير يحيى الحوثي، قاسم الحمران، يقود تشكيل السياسة التعليمية في المناطق الشمالية بالرغم من أن يحيى الحوثي ليس الوزير فقط، بل أيضًا شقيق عبدالملك الحوثي، الزعيم المطلق لجماعة الحوثيين المسلحة. كما أن الحمران أيضًا القائم بأعمال المكتب التنفيذي لجماعة الحوثيين وله دوائر موازية لوزارة التربية والتعليم وغيرها من المؤسسات الحكومية.

أقصى الحوثيون بشكل ممنهج المنتمين لحزب الإصلاح من مناصبهم في الوزارة منذ 2015، ثم معظم المنتمين لحزب المؤتمر الشعبي العام بعد مقتل صالح عام 2017. وبهدف ضمان ولاء من تبقى من المعلمين وموظفي الوزارة، فرض الحوثيون عليهم حضور ما يسمى “بدورات ثقافية” تركز على نشر أيديولوجية الحوثيين.

أدخل الحوثيون أيضًا تغييرات على المنهج المدرسي والعطل المدرسية، وفرضوا الاحتفال بـ 16 مناسبة طائفية وسياسية،[2] مثل عاشوراء، وهي مناسبة يحتفل بها المسلمون الشيعة ولم يُحتفل بها في اليمن قط حتى في ظل حكم الأئمة الزيديين.

يجتمع مدراء المدارس على مستوى كل مديرية كل أربعاء للاستماع لمحاضرة لزعيم الجماعة عبدالملك، أو شقيقه حسين، مؤسس الجماعة، في قاعات مخصصة. وحسبما قال مدير إحدى المدارس لمركز صنعاء شريطة عدم الكشف عن اسمه، يسجل الحوثيون قائمة بالحضور ويدرك الحاضرون أنه يتم تقييمهم. وبحسب مدير مركز امتحاني في صنعاء، يمنح الحوثيون طلاب الثانوية العامة الذين يقاتلون في صفوفهم معدلات مرتفعة، حتى لو لم يلتحقوا بالمدارس فعليًّا.

كما يفرض الحوثيون رقابة مشددة على التعليم الأهلي الذي اكتسب شعبية متزايدة نتيجة تراجع جودة التعليم الحكومي. أُغلقت المدارس الأجنبية الخاصة بصنعاء، كالمدرسة الأمريكية، منذ 2015، وتوقف الحوثيون عن إصدار تراخيص للمدارس الجديدة. ويناقش البرلمان في صنعاء حاليًّا قانونًا جديدًا يسمح فقط للدول التي لها اتفاقيات تبادل ثقافي مع سلطات الحوثيين بفتح مدارس خاصة في مناطق سيطرتهم. فقط إيران وسوريا لديهما برامج تبادل ثقافي مع الحوثيين وتعترفان بحكومة الحوثيين. كما ينص القانون على السماح للحوثيين بإلغاء ترخيص أي مدرسة تنشر “مبادئ وأفكار تتنافى مع الشريعة الإسلامية وقيم وأخلاق الشعب اليمني.”

التعليم العالي

وزير التعليم العالي في حكومة الحوثيين هو حسين حازب، شيخ قبلي وعضو في حزب المؤتمر الشعبي العام، ولكن نائبه ووكلاء الوزارة الذين يرسمون سياساتها جميعهم حوثيون. تشمل التغييرات التي أدخلها الحوثيون على طلاب الجامعات فرض مقررات جديدة وإجبارية عن الصراع العربي-الإسرائيلي والثقافة الوطنية. الكثير من هذه المقررات تُدرس من قِبل أفراد حوثيين ليسوا موظفين في الجامعات ولا يملكون الشهادات اللازمة التي تؤهلهم للتعليم.

ومنذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، تعاقب على رئاسة جامعة صنعاء ثلاثة رؤساء عينتهم سلطات الحوثيين، وسرعان ما فرضوا سياسات صارمة تمنع الاختلاط داخل حرم الجامعة. كما أمروا حراس أمن الجامعة بتوقيف أي طالب يتحدث مع زميلة له. في الوقت نفسه، عُلقت رواتب أساتذة الجامعات، مثل الموظفين الآخرين في القطاع العام، وعام 2018 فصل الحوثيون أكثر من مائة مدرّس. كما يجب إرسال أطروحات الماجستير والدكتوراه إلى لجنة خاصة يعين أعضاءها جماعة الحوثيين لتنقيح المحتوى وفقًا لرؤية الجماعة. كما داهمت قوات الحوثيين الأمنية المدارس والجامعات في صنعاء وغيرها من المناطق لعدم التزامها بالضوابط الجديدة.

فرض الحوثيون قيودًا مماثلة على الجامعات الأهلية. على سبيل المثال، اعتُقل رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا أوائل 2020 وعُيِّن موالٍ للحوثيين مكانه. ردت الحكومة المعترف بها دوليًّا على ذلك برفضها اعتماد شهادات الجامعة.

كما غيّر الحوثيون أسماء القاعات الجامعية وسموها على اسم رموز الجماعة، وحظروا حفلات التخرج المختلطة والتقاط صور المتخرجين والمتخرجات سويًّا، وخصصوا نسبة معينة في جميع الكليات الجامعية لأفراد الجماعة الذين قتلوا في الحرب وأُعفوا من الرسوم.

يهدف نهج الحوثيين فيما يخص قطاع التعليم إلى تشكيل هوية الأطفال الاجتماعية والوطنية لتتناغم مع أيديولوجية الجماعة المذهبية وتخدم أهداف الجماعة السياسية على حساب المعرفة الحقيقية واكتساب المهارات، الأمر الذي يمثل تهديدًا طويل الأمد على التعايش السلمي الاجتماعي والذي من المحتمل أن يخلق أجيالًا جديدة تعتبر التنوع والاختلاف والتفكير النقدي والمعرفة والعلوم أمورًا يجب الخوف منها ومهاجمتها. يهدد هذا النوع من “التعليم” استقرار البلاد عبر زرع بذور صراعات مستقبلية، ويسلب اليمن من المهارات التي يحتاجها الناس لإعادة إعمار البلاد وتطويرها. إن الحرب التي تمزّق البلاد حاليًّا وتسبب هذه المعاناة لليمنيين، التي تشمل إرسال الأطفال إلى جبهات القتال، مروّعة أصلًا. جهود الحوثيين التي تحكم على أطفال اليمن بمستقبل كهذا أو حتى أسوأ من هذا هي جهود بغيضة للغاية يجب مقاومتها قدر الإمكان.

سلام الحربي هو مواطن يمني مقيم في صنعاء، حُجبت هويته لأسباب أمنية.

تغييرات في المناهج الدراسية لصنع جهاديي الغد

منال غانم*

منذ استيلائها على صنعاء عام 2014، عززت جماعة الحوثيين قبضتها على شمالي اليمن. يتمثل جزء مهم من ذلك في تركيزها المكثّف على التعليم، واستهداف الشباب بصورة ممنهجة بالأيديولوجية الحوثية، ما يعني الانتقال من التعليم المدني إلى التعليم الذي يتمتع بتوجه ديني أكثر -وهي خطوة مماثلة لما اتخذته الثورة الإيرانية عام 1979، حين غيّر أتباع آية الله الخميني المناهج الدراسية في إيران كوسيلة لتشكيل الجيل القادم.

في اليمن، يسهل ربط الشجاعة بالاستشهاد. كانت قصص الرجال الشجعان الذين يدافعون عن بلادهم العمود الفقري للحكايات الشعبية في الثقافة اليمنية لقرون. يمكن التلاعب بالمفهوم بسهولة لتصوير الشجاعة كمحاولة للدفاع عن الوطن ضد العدو. واليوم، بعد سبع سنوات من الصراع، تتسلل نسخة منقحة لهذا المفهوم إلى عقول الأطفال. ولم تعد قصص الأبطال في سيناريوهات احتمالاتها ضئيلة؛ بل هم الآن نماذج حقيقية من آبائهم وإخوانهم وأقاربهم. تصنع جماعة الحوثيين أجيالًا مستقبلية من المقاتلين.

حيث بدأ كل شيء

منذ وصولها إلى السلطة، نفذت سلطات الحوثيين أجندة مذهبية لضمان ولاء الأطفال لها في المستقبل وإقناع البالغين بالقتال إلى جانبها على خطوط المواجهة.[3] في مجال التعليم، وبعد أكثر من سبع سنوات من الحكم، بات من السهل ملاحظة التغييرات التي أُدخلت على المناهج الدراسية والنظام التعليمي على نطاق أوسع. وتشمل الأمثلة ما قد يبدو أنها تغييرات صغيرة في كيفية تفسير الآيات القرآنية، إلاّ أن هذه التغييرات تغيّر تمامًا فهم المرء للنص. على سبيل المثال، سُلط الضوء على الآيات التي تمجد الجهاد، في حين أُعيد تفسير آيات أخرى لتتماشى مع هوية الجماعة. كما يصوّر الهاشميون على أنهم متفوقون، في حين استُبدلت فصول كاملة كانت تعكس تاريخ اليمن المتنوع والغني بأخرى تركز على الزعماء الزيديين والشيعة والحوثيين. على سبيل المثال، استُعيض عن القصص التي تتحدث عن أبطال عرب تاريخيين -مثل عمر بن عبدالعزيز، وعمر المختار، ويوسف العظمة- بالقصص التي تتحدث عن صالح الصماد، الرئيس السابق للمجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، الذي قُتل في أبريل/نيسان 2018.[4]

بدأت التغييرات في صعدة، حيث أدمجت الجماعة أدبياتها عبر توزيع مؤلفات لمؤسس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي.[5] وأصبحت تعاليم الحوثيين المنهج الدراسي الرئيسي في المحافظة عام 2010. وينبع النهج التعليمي للجماعة من قناعتها أن النظام التعليمي الحالي يفسد الشباب.[6] وكوسيلة لمحاربته، تشكلت حركة الشباب المؤمن أوائل التسعينيات، وأنشأت مراكز دينية لتدريس العلوم الإسلامية وفقًا للآراء الزيدية، وانبثقت فيما بعد جماعة الحوثيين في إطار هذه الجهود.[7] منذ عام 2010، فُرض شعار الحوثيين الرسمي “الصرخة” في جميع مدارس المحافظة ليحل محل النشيد الوطني في كثير من الأحيان.[8]

عام 2016، بعد عامين من سيطرة الحوثيين على صنعاء، عيّنت الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق الزعيم الحالي لها عبدالملك الحوثي، وزيرًا للتربية والتعليم. أثارت هذه الخطوة المخاوف في صنعاء والمحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرة الجماعة من إمكانية تغيير أو تعديل المناهج التعليمية.

في البداية كانت التغييرات طفيفة، ولكن بالنسبة للعام الدراسي 2021/2022، أصدرت وزارة التربية والتعليم في صنعاء منهجًا معدلًا للدراسات الإسلامية والقرآن الكريم والعلوم الاجتماعية للمرحلة الابتدائية. وأدخلت هذه المناهج دروسًا جديدة وعدّلت أو حذفت دروسًا أصلية كانت تشمل الحقوق المدنية ودور المرأة وتاريخ الشخصيات المؤثرة التي شكلت تاريخ اليمن.

كما بدأ الحوثيون في إجراء تغييرات في الكليات التقنية والمهنية والمجتمعية، كل ذلك بذريعة “حماية الإسلام.” وكجزء من هذه العملية، راقب الحوثيون ما يدرسه الأساتذة في الفصول الدراسية وكذلك الآراء السياسية لهؤلاء الأساتذة والمعلمين.[9]

عملية التغيير

من أجل غرس أفكار ومعتقدات جماعة الحوثيين بين طلاب المدارس -وتنفيذ التغييرات في المناهج الدراسية بسلاسة- كانت الجماعة مستعدة لتغيير مدراء المدارس وعزلهم عن وظائفهم، واستبدالهم بموالين لها. ووفقًا لما ذكره يحيى اليناعي، المتحدث باسم نقابة المعلمين اليمنيين -وهي مجموعة موالية للحكومة المعترف بها دوليًّا- فإن هذه التكتيكات أتاحت للحوثيين الآن التحكم بـ 90% من المدارس في المرتفعات الشمالية.[10]

ولتمويل طباعة وتوزيع المناهج الدراسية الجديدة، فرضت وزارة التربية والتعليم في صنعاء رسومًا على الطلاب في المدارس الحكومية باعتبارها “مساهمات مجتمعية” (يدفع طلاب المدارس الابتدائية 500 ريال يمني ويدفع طلاب المدارس الثانوية ما بين 1000 إلى 1500 ريال يمني شهريًّا). كما رفعت رسوم تجديد تراخيص المدارس الخاصة. كما أجبرت المدارس الخاصة على شراء المناهج الدراسية الجديدة والتبرع بنسخ منها إلى المدارس الحكومية المجاورة. كما يقوم مكتب وزارة التربية والتعليم في صنعاء بعمليات تفتيش عشوائية للمدارس لضمان استخدام المنهج الجديد.[11] وتواجه المدارس التي تستخدم المنهج القديم غرامات تصل إلى 400 ألف ريال يمني.[12]

وكثيرًا ما تصدر وزارة التربية والتعليم مناهج دراسية إلى المدارس العامة والخاصة عن طريق الواتساب أو التليجرام، وتفرض ما ينبغي تدريسه. في الوقت نفسه، يعمل الموالون الحوثيون، الذين وُظفوا كمعلمين، كمفتشين حيث يبلغون عن كيفية تعليم زملائهم الدروس للطلاب.[13] كما يُوظف أطفال الموالين للحوثيين كمراقبين.[14]

ما الذي تغير

استهدفت التغييرات في كتب المرحلة الابتدائية أربعة مناهج دراسية: اللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية المدنية والتاريخ. تضمنت التعديلات المدخلة على منهج التربية المدنية دروسًا تمجّد تاريخ جماعة الحوثيين منذ سيطرتها على صنعاء والأحداث التي صاحبت تلك الفترة. على سبيل المثال، كثيرًا ما تصف هذه الدروس التحالف الذي تقوده السعودية بأنه مدعوم من “التحالف الأمريكي الصهيوني”، وتصوّر الحوثيين على أنهم حماة اليمن.[15]

استُبدلت الدروس حول محمد محمود الزبيري وعلي عبدالمغني، الشخصيات المحورية في ثورة 1962 في شمالي اليمن بدروس تتحدث عن الإمام القاسم والإمام المنصور وابنه يحيى حميد الدين -وجميعهم أئمة زيديون حكموا اليمن. ويوصف تأريخ 21 سبتمبر/أيلول 2014 -تأريخ استيلاء الحوثيين على صنعاء- بأنه “ثورة”.[16]

وفي الصف الثامن (الأعمار 13-14)، يحذف المنهج الدراسي الجديد كل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر عام 1962 التي أسست الجمهورية العربية اليمنية. كما حذفت أيضًا دروسًا حول دور الدولة والسلطات التنفيذية الثلاث ومفهوم الحكم الاستبدادي. واستُعيض بدروس عن الهوية الوطنية والدفاع عن الوطن والكفاح من أجل الاستقلال. أما في الصف التاسع (الأعمار من 14 إلى 15 سنة)، حُذفت جميع الدروس المتعلقة بالحياة المدنية والمجتمع المدني ومشاركة المرأة.[17]

علاوة على ذلك، جميع الطلاب ملزمون بالاضطلاع بدور فعّال في الأنشطة الدينية[18] والمناسبات “الوطنية”،[19] التي تبرز دور الحوثيين في الدفاع عن الوطن وتؤكد على تواطؤ الحكومة المعترف بها دوليًّا في موت المدنيين اليمنيين.

مراكز صيفية للتلقين العقائدي

تتطلب التغييرات في المناهج الدراسية وقتًا أطول مما ترغب به سلطات الحوثيين لتؤثر على الطلاب. وللتعجيل بهذه العملية، أحيت الجماعة المدارس والمراكز الصيفية وخصصت المزيد من الموارد لها، لتعزيز انتشارها وقبولها. وحظيت هذه المراكز باهتمام كبير من زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، وشقيقه، يحيى الحوثي، وزير التربية والتعليم.

نتيجة لذلك، أنشأت سلطات الحوثيين ما يقرب من 3,700 مركز في 16 محافظة. وتسيطر قيادة الحوثيين على هذه المراكز، وتصمم المحتوى التعليمي الذي يُدرس للمشاركين فيه. ويُشجع الخطباء وغيرهم من الشخصيات ذات النفوذ في المساجد على الحضور. كما أن المشاركة في هذه المراكز يميّز الأطفال المشاركين وأسرهم ويجعلهم يحظون بالتقدير. وليس من المستغرب أيضًا أن الحوثيين لا يسمحون بإنشاء أي مراكز دراسات صيفية غير تابعة لهم.[20]

في عدة حالات، تحدث آباء وأمهات عن تأثر أطفالهم بحديث زملائهم خلال هذه المدارس الصيفية عن الانضمام إلى القتال. كما هرب العديد من الأطفال من منازلهم للالتحاق بالجبهات الأمامية النشطة دون موافقة والديهم بعد أن تأثروا بأقرانهم الذين تدربوا في هذه المراكز الصيفية.[21]

في تقرير مشترك صدر عام 2021، ذكرت منظمة سام للحقوق والحريات والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن “الحوثيين يستخدمون المراكز الصيفية لتجنيد الأطفال عبر تلقين الطلاب أيديولوجيات الجماعة من خلال محاضرات مذهبية”. ووفقًا للتقرير، بلغ عدد الأطفال الذين جندتهم الجماعة منذ عام 2014 حوالي 10,333 طفلًا،[22] بينما قدّر بيان صحفي صادر في 2017 عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عدد الأطفال المجندين الذين يقاتلون مع الجماعة بحوالي 1,500 طفل.[23] وبحلول نهاية عام 2018،[24] أفادت وكالة أسوشيتد برس عن تجنيد حوالي 18 ألف طفل.[25] وعام 2019، قدّر وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية عدد الأطفال المجندين منذ عام 2014 بحوالي 30 ألف طفل.[26]

مجلة جهادية للأطفال

قال العديد من المعلمين الذين أُجريت معهم مقابلات إن المجتمع ووسائل الإعلام تلعب دورًا أكبر في تشكيل وعي الطلاب وثقافتهم مقارنة بالمدرسة -وهي النقطة التي تهدف جماعة الحوثيين إلى استغلالها.[27]

وأصدرت سلطات الحوثيين مجلة شهرية تسمى “جهاد” تستهدف الأطفال برسوم توضيحية مبهرجة. تستهدف المجلة، وهي من تأليف مؤسسة الإمام الهادي الثقافية المرتبطة بجماعة الحوثيين،[28] جميع أعداء الحوثيين حيث إنها تصفهم بالجبناء والمتواطئين مع الولايات المتحدة. يمكن العثور على مجلة جهاد على موقع إلكتروني مخصص وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي.[29]

ووفقًا لتقرير معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (IMPACT-SE)، فإن المجلة تواري بعض موادها الأيديولوجية المتشددة من خلال تقديم محتوى علمي ومحايد مفيد مثل دروس الرسم وتمارين الرياضيات.[30] غير أن الجزء الأكبر من المجلة يركز على أهمية الجهاد ويصوّر الأطفال وهم يقاتلون في المعارك أو يخططون للهجمات أو يناشدون أسرهم بالسماح لهم بالذهاب ومكافحة “العدوان” الذي يهدد البلاد.

كما تعرض المجلة محتوى عنيفًا. يتم تصوير جميع البشر الذين يقفون ضد جماعة الحوثيين على أنهم وحشيون وغير أخلاقيين، بينما يُصوّر أولئك الذين يسعون إلى السلام كضعفاء. تتضمن المجلة صورًا مؤثرة للأطفال الذين قُتلوا في غارات جوية، مع تعليقات تعلن أن “العدو” لن يتوقف أبدًا حتى يموت جميع اليمنيين.[31]

وهكذا تطبق سلطات الحوثيين التغييرات في المناهج التعليمية، التي تعززها البروباغندا الاجتماعية، للتأثير على المجتمع اليمني وإحداث التغييرات التي ترغب في رؤيتها. وستظهر انعكاسات هذه التغيرات في المستقبل أثناء مرور النسيج الاجتماعي للمجتمع اليمني بتحولات جذرية.

يجب أن تعمل المؤسسات الوطنية والدولية معًا لوقف تسلل هذه الأفكار إلى المدارس والحياة اليومية للأطفال. إذا لم يتم فعل شيء للحد من تأثير هذا التلقين العقائدي، ستمضي أجيال من الشباب اليمني نحو مستقبل يكون فيه أعلى تطلعاتهم في الحياة هو الاستشهاد في معركة، حيث سيُشار إلى الشهرة والنجاح من خلال تعليق ملصق لوجه المرء في الشوارع بجوار جميع من ماتوا معتقدين أن العنف الذي ارتكبوه كان باسم الله. وسيشهد العالم انبثاق سلالة من المتطرفين ولدوا من رحم تعاليم الكراهية والفقر، مما سيزعزع استقرار المنطقة لأجيال قادمة.

منال غانم هي باحثة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية حيث تركز أبحاثها على البحوث الثقافية والتقنية.

*شارك في إعداد هذا التقرير أحد المشاركين في منتدى سلام اليمن التابع لمركز صنعاء. تم حجب الاسم لأسباب أمنية.


القاعدة في اليمن

أين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الآن؟

إليزابيث كيندال

يبدو تنظيم القاعدة في اليمن الآن أضعف من أي وقت مضى تقريبًا منذ اتحد فرعاه السعودي واليمني لتشكيل “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” عام 2009. بلغت حظوظ التنظيم ذروتها عام 2015 عندما أنشأ كيان يشبه الدولة في مدينة المكلا الساحلية الشرقية، مستفيدًا من الفراغ الأمني والمذهبية المتزايدة مع تدويل الحرب الأهلية اليمنية. إلا أن السنوات الخمس الماضية شهدت تراجعه المطرد. واليوم، لم يعد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قادرًا على حكم الجيوب التي يوجد فيها أو يسيطر على أراضي أو حتى يعمل بفعالية في الخفاء. وتواتر عملياته أقل من 10٪ من أوج حرب العصابات التي شنها عام 2017. غير أنه سيكون من السابق لأوانه القول إن التنظيم اندثر.

إن التراجع الحالي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ناتج عن تحديات كثيرة واجهها الجهاديون على الصعيدين الخارجي والداخلي. جاءت الضغوط الخارجية من الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب التي تكثفت بعد عام 2016 حين طُرد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من المكلا من قِبل القوات الإماراتية وحلفائها المحليين. لم تكن تلك هزيمة بقدر ما كانت قرار استراتيجي بالانسحاب لتجنب حرب المدن والخسائر الفادحة.[32]

أدى تجنيد الإمارات لاحقًا للقوات المحلية في مناطق رئيسية عبر الجنوب إلى زيادة الضغط على تنظيم القاعدة، ليس فقط على صعيد مكافحته، بل على مستوى تعطيل قدراته على تجنيد العناصر واستبقائهم. وبدا انزعاج القاعدة وقلقه من إنشاء هذه القوات الجنوبية المدعومة من الإمارات واضحًا في أربعة بيانات على الأقل أصدرها عام 2017 تحذّر القبائل المحلية من الانحياز إلى القوات الجديدة.[33]

في بعض المناطق، استغل التنظيم الاستياء الناجم عن تزايد نفوذ الإمارات في الجنوب ودعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الذي تشكّل عام 2017، فضلًا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات المدعومة إماراتيًّا تحت ذريعة الحفاظ على الأمن. إلا أنه بشكل عام، تدهور التنظيم بشكل متتابع، وبحلول أواخر 2018 اقتصر نشاطه العملياتي إلى حد كبير في محافظتي البيضاء وأبين.

كما عانى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من ضغوط داخلية نتيجة مخبرين وعملاء محرضين جُندوا من داخل الحركة الجهادية نفسها أو زُرعوا داخلها. بحلول أواخر 2017، شلت الهجمات الأمريكية المستمرة بطائرات دون طيار قدرته التنظيمية إلى حد كبير. قدر قادة التنظيم أن أكثر من 400 جهادي لقوا حتفهم كنتيجة مباشرة للخيانة،[34] ما دفع التنظيم إلى أخذ تدابير صارمة حيث حظر على أعضائه استخدام الهواتف النقالة والإنترنت وشرع بتحقيق شامل في مشكلة التجسس.[35]

عُرض التحقيق الداخلي للتنظيم في سلسلة وثائقية بعنوان “هدم الجاسوسية،” استمرت من 2018 حتى 2020، كان الغرض منها كسب التعاطف وتشكيل رادعًا.[36] كُلِّف إبراهيم البنا، وهو جهادي مصري مخضرم يتمتع بنحو ثلاثة عقود من الخبرة في بناء شبكات القاعدة باليمن، بما في ذلك بين الحوثيين،[37] بمسؤولية التحقيق. تكشف خمسة مقاطع فيديو مطوّلة (مقدمة زائد أربع حلقات) بقدر كبير من التفصيل كيف استسلم الجهاديون وأفراد أسرهم، بما في ذلك الأطفال، للابتزاز والإغراء وسرّبوا المعلومات، ووضعوا أجهزة تعقب، وباعوا إخوانهم. كانت المشكلة بليغة للغاية لدرجة أن التنظيم قرر أواخر 2019 إصدار عفو وعدم الكشف عن جميع المخبرين الذين اعترفوا طواعية وأعلنوا توبتهم.[38]

كشف التنظيم أيضًا عن حملة تضليل داخلية متعمدة تهدف إلى إثارة الخصومات وزرع الشكوك وإذكاء التوترات. حدث هذا على مستويين: داخل الحركة الجهادية الأوسع نطاقًا بين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية في اليمن؛ وداخل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب نفسه.

سرعان ما تلاشت موجة الحماس الأولية التي تمتع بها تنظيم الدولة الإسلامية عامي 2014 و2015، وأصبح التنافس بين التنظيمين شرسًا.[39] منحت الشبكات القوية لتنظيم القاعدة وانسجامه الثقافي، والفترة الطويلة لتواجده في اليمن اليد العليا على تنظيم الدولة الإسلامية، لا سيما بعد القضاء على هذا الأخير في أعقاب الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة على معسكري التدريب التابعين له في البيضاء في أكتوبر/تشرين الأول 2017.[40] ولكن بعد بضعة أشهر، ظهر تجسيد جديد لتنظيم الدولة الإسلامية، وبدا أن هدفه الوحيد هو استفزاز تنظيم القاعدة بدلًا من محاربة قوات الحوثيين.[41] بحلول منتصف 2018، تحوّل التنافس بين التنظيمين إلى حرب مفتوحة في البيضاء استمرت لمدة عامين تقريبًا واستنزفت معظم طاقاتهما.

بحلول أواخر صيف 2020، انتهى وجود عناصر التنظيمين في محافظة البيضاء إلى حد كبير في أعقاب هجوم الحوثيين، والذي صُوّر على أنه عملية لمكافحة الإرهاب. على الأرجح، اعتمد “نجاح” الحوثيين على مزيج من القتل الملفت للنظر والتفكيك السري في حالة تنظيم الدولة الإسلامية،[42] مقترنًا بمخرج تفاوضي لتنظيم القاعدة، الذي انتقل مقاتلوه إلى مأرب أو توجهوا جنوبًا للابتعاد عن الأنظار أو الانضمام إلى جبهات قتال جديدة اشتعلت بين القوات الموالية للحكومة اليمنية والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.

كانت نتيجة هذه الضغوط الخارجية والداخلية المختلفة التي واجهها تنظيم القاعدة -الاقتتال الداخلي، والشك، وارتفاع معدل تناوب القيادات فيه والشلل التنظيمي الذي أحدثه- هو تشرذمه. ظهرت أبرز الخلافات حين تسربت أنباء عن انشقاق مجموعة كبيرة من مقاتلي التنظيم عام 2019 بقيادة منصور الحضرمي، قائد التنظيم في قيفة الذي أُقيل من منصبه، وأبو عمر النهدي، الأمير السابق للتنظيم في المكلا. أُشيع أن النزاعات كانت تدور حول قرارات عملياتية مثيرة للجدل، بما في ذلك بعض القرارات التي يبدو أنها تنحاز لميليشيات موالية للحكومة ومتحالفة مع الإصلاح،[43] والشكوك حول صحة اتهامات التجسس التي شهدت إعدام عناصر لهم مكانتهم داخل التنظيم.[44] كان الخلاف خطيرًا بما يكفي لدرجة دفعت بالتنظيم إلى التطرق إليه مباشرة في مايو/أيار 2020 عبر إصدار بيان غير مسبوق مؤلف من 18 صفحة، وهو أطول بيان له على الإطلاق.[45]

وأيًّا كانت الحقيقة وراء هذا الأمر وغيره من الخلافات، يظل الأمر الواضح هو أن الخلافات الداخلية العميقة بشأن الأولويات والولاءات قد تصاعدت، وأن خالد باطرفي، الذي خلف قاسم الريمي كزعيم للتنظيم أوائل 2020 بعد مقتل الأخير في غارة أميركية، أثبت أنه شخصية قيادية مثيرة للجدل.

من المرجح أن تنظيم القاعدة، الذي بات ضعيفًا ومتشرذمًا، يصنع الآن قضية مشتركة مع المزيد من الميليشيات الرئيسية النشطة في حرب اليمن،[46] سواء على أساس اختيار براغماتي أو ضرورة عملية. هناك عدة مجالات تتداخل فيها المصالح الجهادية مع المصالح السياسية والاقتصادية والجنائية المتنوعة التي تشمل الاستفادة من الحرب، وإذكاء التوترات داخل التحالف الذي تقوده السعودية، وإفساد الطموحات الديمقراطية، وإفشال اتفاق الرياض المبرم عام 2019، وسحق الآمال في إقامة دولة جنوبية منفصلة، والتي يعتبرها الجهاديون حدودًا من صنع الإنسان تقسّم الأمة وتعود بها إلى أيام الاشتراكية الملحدة.

نتيجة لذلك، أصبح من الصعب تعريف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وبناء على ذلك، تميل تسمية “القاعدة في جزيرة العرب” اليوم إلى أن تكون مرتبطة بطائفة أوسع من الجهات الفاعلة، سواء من جانب وسائل الإعلام أو من قِبل أولئك الموجودين على الأرض. فهو لم يعد يمثل بالضرورة جماعة متلاحمة ومنظمة على أسس أيديولوجية دينية، بل هو مصطلح أكثر شمولية لفلول متباينة انضمت إلى مختلف الميليشيات التي تخدم أجندات سياسية واقتصادية في الغالب. بعبارة أخرى، يبدو أن مختلف عناصر القاعدة قد استُخدموا من قِبل الأطراف المتحاربة. لكن من الصعب التمييز بوضوح بين الجهاديين المنشقين وأطراف متحاربة محددة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن الولاءات غير ثابتة والأطراف الفاعلة في اليمن تعاني من انشقاقات داخلية عميقة.

ولكن طبعًا، نفى الذراع الإعلامي الرسمي لتنظيم القاعدة وجود أي من هذه الصلات. في سبتمبر/أيلول 2021، أصدر كُتيبًا مطولًا يؤكد استقلال التنظيم استقلالًا تامًا عن أي دولة أو حكومة أو وكيل (باستثناء ملحوظة واحدة هامة للغاية: “التنظيم الأم (القاعدة المركزية) مرتبطة بإمارة أفغانستان الإسلامية.”[47] وحقيقة أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب شعر بأنه مضطر إلى إصدار هذا الدحض وإعادة تأكيد استقلاليته “في ضوء الأسئلة العديدة المثارة حول التنظيم من قِبل أعضاء جدد وخارجيين على حد سواء” تشير إلى أن هناك تساؤلات ينبغي الإجابة عليها وأن هناك تصور سائد لدى البعض، داخل وخارج الحركة الجهادية على حد سواء، أن الجماعة أقامت تحالفات ضمنية في محاولة للبقاء.

ما تزال الأهداف الأساسية لتنظيم القاعدة على حالها، وأُعيد تأكيدها بحزم في كتيّبه الصادر في سبتمبر/أيلول 2021: طرد الكفار من الأراضي الإسلامية، وإقامة دولة الخلافة في نهاية المطاف. علاوة على ذلك، بينما قد تكون قدرة التنظيم على مهاجمة الغرب محدودة، يظل طموحه في القيام بذلك حازمًا، حيث تتصدر الولايات المتحدة قائمة أعدائه. عُبر عن هذا بوضوح في الفيديو الأخير الذي أصدره التنظيم في أكتوبر/تشرين الأول 2021، “رسالة إلى الشعب الأميركي: لم تفهموا الدرس بعد.”[48]

لا شك أن التنظيم في وضع سيئ، ولكن يجب عدم التهاون. فقد كان التنظيم في موقع المهزوم من قبل: عام 2012 بعد إجباره على الخروج من “إمارته” الصغيرة في أبين وشبوة؛ ومرة أخرى عام 2016 بعد انهيار كيانه الذي يشبه الدولة في المكلا وحين تعرض لهجمات مكثفة بطائرات دون طيار كبدته خسائر في أرواح كبار قادته العسكريين والروحانيين. إلا أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لديه القدرة على البقاء إذ يتطور ويتعلم ويتكيّف. وفي حين يمكن قتل المقاتلين الجهاديين أو اعتقالهم أو انشقاقهم، لا يمكن القضاء على الأيديولوجية الجهادية. وبالتالي، لا يمكن القضاء حقًا على هذا التهديد، وإنما إدارته فقط.

من قبيل المفارقة أن وقف إطلاق النار يمكن أن يوفر حافز للعودة. فبعد سبع سنوات من الصراع، وفي بعض المناطق، تترسخ دورات أكثر من الانتقام، ومن غير الواضح إلى أي مدى يعكس القادة العسكريون والسياسيون لسان حال القوات المحلية في الميدان أو يسيطرون عليها. وإذا لم تكن محادثات السلام المأمولة تتمتع بالشمولية الكاملة، أو إذا لم يكن لأولئك الذين يتم اختيارهم للمشاركة في هذه المحادثات نفوذًا حقيقيًّا بين السكان الذين يزعمون أنهم يمثلونهم، فإن تنظيم القاعدة قد يغتنم الفرصة للظهور من جديد. لدى التنظيم سجل حافل في تسخير أوجه المظالم المحلية واستغلالها لتتناسب مع سرديته الجهادية العالمية. ولذلك سيكون من الحكمة أن نعتبر أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في سبات وليس مهزومًا.

إليزابيث كيندال هي زميلة أبحاث أولى في الدراسات العربية والإسلامية في كلية بيمبروك بجامعة أكسفورد. للاطّلاع على تحليل متعمق للتهديد الحالي الذي يشكله تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، انظر مقال كيندال في عدد سبتمبر/ أيلول 2021 من مرصد مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت.[49]

لمزيد من المعلومات عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والعوامل الكامنة وراء ضعفه في السنوات الأخيرة، انظر ورقة مركز صنعاء، تنظيم القاعدة في اليمن: هجر الأيديولوجيا وسط أزمة القيادة.


أعد هذا التقرير (حسب الترتيب الأبجدي): أبو بكر الشماحي، إلهام عمر، أماني حمد، توفيق الجند، جوناثان جورفت، حسام ردمان، حمزة الحمادي، ريان بيلي، سبنسر أوسبرغ، سوزان سيفريد، عبدالغني الإرياني، غيداء الرشيدي، علي الديلمي، غريغوري جونسن، فارع المسلمي، ماجد المذحجي، منال غانم، ميساء شجاع الدين، كيسي كومبس، هانا باتشيت، ياسمين الارياني ويحي أبوزيد.


تقرير اليمن، هو تقرير شهري يصدره مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية منذ يونيو/ حزيران 2016، وصدر كنشرة شهرية باسم “اليمن في الأمم المتحدة” في أعوامه الأولى. يهدف التقرير إلى رصد وتقييم التطورات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية والحقوقية بشأن اليمن وتزويد القراء برؤية سياقية شاملة حول أهم القضايا الجارية في البلاد.

لإعداد “تقرير اليمن”، يقوم فريق مركز صنعاء في مختلف أنحاء اليمن والعالم، بجمع المعلومات والأبحاث، وعقد اجتماعات خاصة مع الجهات المعنية المحلية والإقليمية والدولية، لتحليل التطورات المحلية والإقليمية والدولية المتعلقة باليمن.

مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية هو مركز أبحاث مستقل يسعى إلى إحداث فارق عبر الإنتاج المعرفي، مع تركيز خاص على اليمن والإقليم المجاور. تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.


المراجع:

  1. التقى العميد مختار النوبي، قائد محور أبين المحسوب على المجلس الانتقالي، محافظ أبين الموالي للرئيس هادي اللواء أبوبكر حسين. تناول الجانبان كيفية توحيد القوى في مواجهة الحوثيين. وبعدها بأيام أطل هادي بخطاب رسمي في ذكرى 26 سبتمبر وقال إن على جميع الأطراف التعاون لتطبيق اتفاق الرياض.
  2. هذه المناسبات هي: الهجرة النبوية، ويوم عاشوراء، واستشهاد زيد بن علي، وقدوم الإمام الهادي إلى اليمن، والمولد النبوي، وذكرى الشهيد، ومولد فاطمة، وجمعة رجب، ومقتل حسين الحوثي، وذكرى غزوة بدر، واستشهاد علي، ويوم القدس، وذكرى الصرخة، وذكرى السيطرة على صنعاء (21 سبتمبر/أيلول)، ويوم الولاية، ويوم الصمود.
  3. “معاناة أطفال اليمن بين جحيم الحرب والانتهاكات والحرمان من الخدمات الأساسية”، القدس العربي ، أغسطس/آب 2014، https://bit.ly/3hWYVaV
  4. “تغييرات في المناهج الدراسية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون”، منصة صدق اليمنية، يونيو/حزيران 2021، www.SidqYem.com
  5. أحمد محمد الدغشي، “الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، الدوحة”، منتدى العلاقات العربية والدولي ، 2013، ص. 149.
  6. حمود عبد الله الأهنومي، “التربية في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي”، (صنعاء، المجلس الزيدي الإسلامي، 2017)، ص. 50.
  7. المصدر نفسه، ص. 18.
  8. المصدر نفسه، ص. 177.
  9. “مناقشة متطلبات ترسيخ الهوية الإيمانية بمؤسسات التعليم الفني”، الثورة نت، 21 فبراير/شباط 2021، http://althawrah.ye/archives/659279
  10. “اتحاد المعلمين في اليمن يتهم الحوثيين بالتلقين العقائدي للأطفال”، آراب ويكلي، 20 أبريل/نيسان 2021، https://thearabweekly.com/yemens-teachers-union-accuses-houthis-indoctrinating-children
  11. المقابلات السرية التي أجرتها الكاتبة مع المسؤولين في المدارس العامة والخاصة، 19 سبتمبر/أيلول 2021. وكان لا بد أن تكون جميع المقابلات التي أجريت مع هيئات التدريس بشأن هذه الورقة سرية، خوفا من الانتقام ممن تمت مقابلتهم.
  12. المصدر نفسه.
  13. المصدر نفسه.
  14. مقابلة سرية أجرتها الكاتبة مع مدرس في مدرسة خاصة، 22 أيلول/سبتمبر 2021. وكان لا بد أن تكون جميع المقابلات التي أجريت مع هيئات التدريس بشأن هذه الورقة سرية ، خوفا من الانتقام ممن تمت مقابلتهم.
  15. “تغييرات في المناهج الدراسية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون”، منصة صدق اليمنية، يونيو/حزيران 2021، www.SidqYem.com
  16. المصدر نفسه.
  17. المصدر نفسه.
  18. “مدارس أمانة العاصمة تدشن أنشطة عيد ميلاد النبي”، موقع أنصار الله، 27 أيلول/سبتمبر 2021، https://www.ansarollah.com/archives/464667
  19. “أنصار الله يستخدمون التعليم منصة طائفية”، شبكة أريج، تاريخ غير معروف، https://arij.net/yemen-education/
  20. “تدشين المراكز الصيفية بأمانة العاصمة والمحافظات”، موقع المسيرة نت، 22 يونيو/حزيران 2021، https://www.almasirah.net.ye/post/41440/
  21. “تجنيد الأطفال.. انتهاك للطفولة و”تفخيخ” لحاضر ومستقبل اليمن”، موقع دولتشي فيلا (DW)، 2 يوليو/تموز 2021، https://bit.ly/3CZJ7MW
  22. عسكرة الطفولة : تقرير يوثق تجنيد جماعة الحوثي للأطفال في النزاع المسلح في اليمن”، سام للحقوق والحريات و الاورومتوسطي لحقوق الانسان، فبراير/شباط 2021، https://samrl.org/pdf/4554_5851609623282320014.pdf
  23. المصدر نفسه.
  24. “مذكرات الاحاطة الصحفية الموجزة بشأن تايلند واليمن”، مفوّضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، 28 فبراير/شباط 2017، https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=21244&LangID=E
  25. “أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات يقتلون ويموتون في حرب اليمن “، وكالة أسوشيتد برس، 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، https://apnews.com/article/saudi-arabia-child-soldiers-yemen-ap-top-news-houthis-082c0b7b6253468e97da5ee0c3f43066
  26. جويس كرم، “وزير يمني: الحوثيين جندوا 30 ألف طفل”، موقع ذا ناشونيال، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، https://www.thenationalnews.com/world/mena/houthis-recruited-30-000-child-soldiers-says-yemeni-minister-1.921267
  27. المقابلات السرية التي أجرتها الكاتبة مع المسؤولين في المدارس العامة والخاصة، 19 سبتمبر/أيلول 2021. وكان لا بد أن تكون جميع المقابلات التي أجريت مع هيئات التدريس بشأن هذه الورقة سرية ، خوفا من الانتقام ممن تمت مقابلتهم.
  28. إسلام سيف، “مجلة حوثية موجهة لأطفال اليمن تزرع وترسخ أفكاراً طائفية”، موقع العربية نت، 6 سبتمبر/أيلول 2017، https://bit.ly/3kyakjs
  29. على سبيل المثال، مجلة جهاد، صفحة تويتر، “مجلة جهاد للأطفال”، https://twitter.com/Jehad_mag?t=qLQs30EMdbXwY67ahEP9sA&s=09، مجلة جهاد، صفحة تيليجرام، “مجلة جهاد للأطفال”، https://t.me/s/Jehad_mag?before=130
  30. إيتام شاليف، “استعراض المواد التعليمية الحوثية في اليمن 2015-2019″، معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي، مارس/آذار 2021،https://www.impact-se.org/wp-content/uploads/Review-of-Houthi-Educational-Materials-in-Yemen_2015-19.pdf
  31. المصدر نفسه.
  32. بيان القاعدة في شبه جزيرة العرب، “بيان لأهلنا في ساحل حضرموت حول الحملة العسكرية الغاشمة الأخيرة”، 25 أبريل/نيسان 2016.
  33. بيان من أنصار الشريعة في حضرموت، “رسالة إلى أهلنا في حضرموت”، 16 مارس/اذار 2017. بيان من أنصار الشريعة في أبين ، “بيان نصيحة واعتذار”، 17 أغسطس/آب 2017. بيان من أنصار الشريعة في شبوة “إلى أهلنا في شبوة”، 22 أغسطس/آب 2017. الملاحم ميديا، رسالة فيديو من خالد باطرفي، “إلى أهلنا في الجنوب”، يوليو/تموز 2017.
  34. الملاحم ميديا، “أسرار وأخطار والرحيل أخْير”، ديسمبر/كانون الأول 2017 (نشر في 27 يناير/كانون الثاني 2018).
  35. بيان القاعدة في جزيرة العرب، “تعميم للإخوة المجاهدين في جزيرة العرب”، 3 ديسمبر/كانون الثاني 2017.
  36. الملاحم ميديا ، “هدم الجاسوسية”، سبتمبر/أيلول 2018، أكتوبر/تشرين الأول 2018، يناير/كانون الثاني 2019، أكتوبر/تشرين الأول 2019 ، فبراير/شباط 2020.
  37. إبراهيم البنا، نص التحقيقات، “الجريدة تنفرد بنشر نص التحقيقات مع قائد استخبارات القاعدة في اليمن”، الجريدة (الكويت)، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، https://www.aljarida.com/articles/1461872365163265500/
  38. بيان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، “بيان اللجنة الأمنية لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”، نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
  39. اليزابيث كيندال، “الدولة الإسلامية الفاشلة داخل دولة اليمن الفاشلة” وجهات نظر حول الإرهاب، 13/1 (فبراير/شباط 2019)،https://www.universiteitleiden.nl/binaries/content/assets/customsites/perspectives-on-terrorism/2019/issue-1/kendall.pdf
  40. “القوات الأمريكية تضرب معسكرات تدريب داعش في اليمن”، القيادة المركزية الأمريكية، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2017.
  41. مصلح المهاجر، “حقيقة ما حصل في أرض قيفة بين خوارج البغدادي وأنصار الشريعة”، البدر ميديا، 27 يوليو/تموز 2018.
  42. للمزيد عن طبيعة علاقة الحوثيين بالدولة الإسلامية في اليمن بعد عام 2018، انظر إليزابيث كيندال، “داعش في اليمن: عالق في لعبة القوى الإقليمية”، معهد نيولاينز، 21 يوليو/تموز 2020، https://newlinesinstitute.org/isis/isis-in-yemen-caught-in-a-regional-power-game-2/
  43. التقوى ميديا المتصلة بتنظيم داعش “الاعتزال الكبير لتنظيم القاعدة في اليمن”، 6 فبراير/شباط 2020. ويلمح إلى نفس خط الصدع الموالي والمناهض للإصلاح في بيان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب نفسه “ولا تكن للخائنين خصيما”، 11 مايو/أيار 2020، الصفحة 5-6.
  44. سلسلة صوت الزرقاوي على التيليجرام “القاعدة تحت المجهر”، 26-27 أبريل/نيسان 2020.
  45. بيان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، “ولا تكون للخائنين خصيما”، 11 مايو/ايار 2020.
  46. للاطلاع على استعراض عام لفئات الميليشيات الرئيسية في حرب اليمن المتشرذمة، انظر غريغوري جونسن، “نهاية اليمن”، معهد بروكينغز، 25 مارس/آذار 2021، https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2021/03/25/the-end-of-yemen
  47. الملاحم ميديا، “تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب: التعريف، الأهداف، المشروع، المبادئ، السياسة”، سبتمبر/أيلول 2021.
  48. الملاحم ميديا، “رسالة إلى الشعب الأمريكي: لم تفهموا الدرس بعد”، أكتوبر/تشرين الأول 2021.
  49. اليزابيث كيندال، “بعد عشرين عاماً من أحداث 11 سبتمبر: التهديد الجهادي في شبه جزيرة العرب”، مرصد مركز مكافحة الإرهاب 14:7 (سبتمبر/أيلول 2021)، https://ctc.usma.edu/twenty-years-after-9-11-the-jihadi-threat-in-the-arabian-peninsula/
البرنامج / المشروع: تقرير اليمن
مشاركة