افتتاحية مركز صنعاء
على المعونات أن تنفع أكثر مما تضر
العديد من اتحديات التي تواجه العمليات الإنسانية في مناطق النزاع يومنا هذا معروفة جيدًا، إذ يجب على أي حزمة مساعدات أن تجتاز السياسات الفردية للدول المانحة قبل أن تبدأ رحلتها في مسارات الأمم المتحدة ووكالات المعونات الأخرى. من هناك، تبحر في متاهة من البيروقراطية بين المقر الرئيسي للوكالات والبلدان التي تقصدها، وغالبًا ما تواجه تحديات جديدة بدءًا من الأطراف المتحاربة وانتهاءً بالواقع المحلي قبل أن تشق طريقها قُدمًا على أمل أن تصل للمحتاجين. والأمر شبه المؤكد دومًا هو أن العمليات الإنسانية تشوبها عيوب أينما كانت في أرجاء العالم.
الهياكل المسيسة والمقيدة ماليًّا والتي يجب أن تجتازها المعونات الدولية تعني عدم وجود وكالة محددة واحدة تتحمل المسؤولية عنها. في حين أن العديد من الأفراد العاملين في المجتمع الإنساني بكل تأكيد يبذلون قصارى جهدهم لجعل النظام يعمل بشكل أفضل حيثما أمكنهم ذلك، يظل من المعقول توقع أن تكون فائدة المساعدات الإنسانية أكثر من ضررها. يجب كحد أدنى أن تقلل المساعدات الإنسانية معاناة الفئات الأكثر ضعفًا. ولكن، من غير الواضح إذا كان الحال كذلك في اليمن.
نشر مركز صنعاء مؤخرًا سلسلة تقارير من ستة أجزاء تتناول العمليات الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن منذ عام 2015، حين تصاعدت الحرب وبدأت الاستجابة الإنسانية للطوارئ. وفي حين تدّعي الأمم المتحدة بانتظام أن اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فإن نتائج البحث تشير إلى أن اليمن عوضًا عن ذلك يعاني أحد أسوأ الاستجابات الإنسانية في العالم. يكمن الخلل أولًا في نظام المساعدات وقيادته، داخل اليمن وخارجها. وهذا يتعارض بشكل صارخ مع ميل مسؤولي المنظمات الإنسانية لإلقاء اللوم بشكل حصري على الأطراف المتحاربة في فشل الاستجابة.
في اليمن، تكمن جذور التحديات الأساسية في قضايا التنمية طويلة الأمد التي تفاقمت بسبب الصراع الحالي، فبعد اندلاع الحرب، توقفت مشاريع التنمية الدولية طويلة المدى وبدأت العمليات الإنسانية، لكن الهدف من الأخيرة هو أن تكون استجابات قصيرة الأجل لكارثة مفاجئة وواسعة النطاق، وإلى حد ما تستمر الحاجة إلى هذه المساعدات حتى يتحقق السلام. لا تحل المساعدات الإنسانية المشاكل المنتظمة ولا ينبغي توقع تحقيقها لهذا الهدف.
اتسمت الاستجابة الإنسانية للحرب بالسوء عندما بدأت عام 2015 إذ أنها دعمت المؤسسات التي تديرها الأطراف المتحاربة، وركزت جميع عملياتها تقريبًا في صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين المسلحة، وفشلت في التوسع بشكل جوهري خارج العاصمة، وأعطت الأولوية للأمن على حساب إيصال المساعدات، كما أغفلت المبادئ الأساسية للاستقلال والحياد. لم يكن هناك تصحيح للمسار، بل على العكس، ترسخت هذه الأخطاء وتنامى الاستثمار المؤسسي لها، وما دعم ترسخها هو النجاح الاستثنائي لجهود الأمم المتحدة في جمع التبرعات، وهو الأمر الذي تحقق من خلال ادعائها أن اليمن على شفا المجاعة. تلقت العمليات الإنسانية في اليمن أكثر من 17 مليار دولار أمريكي حتى الآن، ما يجعل اليمن أكثر جهود الإغاثة الدولية تكلفة خلال العقد الماضي بعد سوريا.
ومع ذلك، فإن رواية الأمم المتحدة الثابتة بأن المجاعة وشيكة لا تعكس الوضع كما هو عليه. المجاعة ليست المشكلة الرئيسية التي تواجه اليمن، فالقضايا الرئيسية هي الأمن الغذائي، وسوء التغذية، والحصول على المياه، والمشاكل المتعلقة بالقوة الشرائية، فالطعام متوفر، لكن الناس يعانون من أجل شرائه. أما تقديم سلال الغذاء إلى ما لا نهاية لا يساعد الناس على تطوير الوسائل (أو المال) لإطعام أنفسهم. في الحقيقة، يساعد هذا الشكل من الاستجابة السريعة على إعادة إنتاج أنواع انعدام الأمن الغذائي التي يعاني منها اليمنيون كونه يصرف الانتباه عن القضايا الهيكلية الأعمق الموجودة، كما يتم تحويل الإمدادات الغذائية الطارئة بسهولة لتمويل الحرب.
بشكل عام لم يتم تحدي رواية الأمم المتحدة التي تشوبها اختلالات فيما يتعلق باليمن لأن الاستجابة الإنسانية أدت إلى تطبيع استخدام البيانات غير المكتملة والمشوهة وغير السياقية لتوجيه عملياتها، وهي معلومات أُعيد صياغتها أو استبعادها بسهولة وفقًا لصلاحيات القيادة العليا. أضف إلى ذلك أن الأولويات الأمنية، وليس الأولويات الإنسانية، هي من سيطرت على أنشطة الاستجابة، مما سمح للأولويات الأمنية بتقويض الأولويات الإنسانية بدلًا من تمكينها. منع هذا جرأة موظفي الإغاثة في النزول إلى الميدان لجمع البيانات اللازمة والحصول على تقييم دقيق لاحتياجات السكان والعمل بشكل مباشر أكثر مع المجتمعات المحلية، وتحسين القبول والسلامة والاستجابة المناسبة. استعانت الاستجابة الإنسانية أيضًا بالأطراف المتحاربة نفسها للقيام بالعديد من الوظائف الأساسية لجمع البيانات وإيصال المساعدات -وهي أطراف تمتلك مصالح فيما تظهره البيانات وفي وجهة المساعدات. بذلك، أصبحت الاستجابة في كثير من جوانبها نظامًا لدعم الأطراف المتحاربة، لا سيما جماعة الحوثيين المسلحة.
في الفترة التي سبقت نشر سلسلة التقارير هذه، واجهنا في مركز صنعاء مسألة ما إذا كان المُضي قدمًا في النشر قد يضر اليمنيين الضعفاء أكثر مما ينفعهم في نهاية المطاف. احتياجات البلد حقيقية وهائلة، والاستجابة الإنسانية المعطلة والموجهة بشكل خاطئ لا تعالجها معالجة فعالة. ناقشنا ما إذا كان النشر سيمنح الدول المانحة ذريعة لرفع أيديها والتخلي عن اليمن. مثل هذا التنازل الأخلاقي من جانب المجتمع الدولي، الذي سيترك فوضى ساعد في إحداثها دون حل، لن يؤدي سوى إلى مفاقمة مأساة اليمن الحالية لسنوات قادمة. نأمل ألا يحدث ذلك. عوضًا عن ذلك، نأمل أن تحث سلسلة تقاريرنا الأمم المتحدة والجهات المانحة الأخرى على الإدراك بأن الطريقة الحالية التي يطبقون بها الاستجابة الإنسانية في اليمن تفشل في تلبية المعايير الأساسية، وأن تبدأ المساعي الصعبة المتمثلة في إصلاح عملياتهم، وهي المساعي التي نقدم من أجلها العديد من التوصيات الرئيسية.
علاوة على ذلك، لا يجب علينا نحن كمركز أبحاث يمني تتمثل مهمته الأساسية في إنتاج المعرفة- أن نُوضع في هذا الموقف الصعب. يجب أن يكون لدى الأمم المتحدة آليات وأطر عمل للمساءلة لمنع مثل هذه الأوضاع. وكما يجب على الدول المانحة التأكد من أن الأموال التي تقدمها تلبي احتياجات المستفيدين المقصودين وأنها حقًا تصل إليهم. من الصعب عدم ملاحظة مفارقة كون منظمة يمنية تعاني مع التداعيات الأخلاقية لمحاسبة الجهود الإنسانية الدولية والمانحين وراءها، في الوقت الذي ترفض تلك الوكالات والأطر نفسها وبانتظام دعم المنظمات اليمنية المحلية تحت مزاعم تعرضها لمخاطر أكبر من حيث الفساد أو إساءة استخدام الأموال.
في نهاية الأمر، عندما يكون هناك خلل كبير، لا بد من إصلاحه. ومن هم في أمس الحاجة يستحقون دعم المجتمع الدولي. يستحق اليمنيون نظام مساعدة لا يؤدي إلى إطالة أمد الحرب ولا ينشغل بالحفاظ على هياكله وعملياته البيروقراطية.
اليمن في لمحة
التطورات على الساحة السياسية
كيسي كومبس
التطورات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة
اشتباكات بين قوات المجلس الانتقالي وقوات يقودها قائد سلفي في عدن
في 1 أكتوبر/تشرين الأول، اندلعت اشتباكات بين قوات الحزام الأمني ومقاتلين موالين لقائد سلفي موالٍ للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات يُعرف بإمام النوبي في مديرية كريتر بمحافظة عدن، حيث قُتل ما لا يقل عن 10 مقاتلين وأصيب العشرات في المعركة التي استمرت ليومين، واندلعت كجزء من صراع أوسع للسيطرة على العاصمة المؤقتة والمنافسة عبر المحافظات الجنوبية.
بدأت الاشتباكات بعد أن نفذت قوات النوبي عملية هروب من سجن مركز الشرطة في المديرية وهو ما أدى إلى الرد من قِبل قوات الحزام الأمني. النوبي واسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عبده الصلوي هو الأخ غير الشقيق للعميد مختار النوبي، القائد السابق للواء الخامس دعم وإسناد بمحافظة الضالع والقائد الحالي لمحور أبين، وكلاهما موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي. عام 2015، قاد إمام النوبي جماعة مسلحة تقاتل قوات الحوثيين وصالح وساعد في طردهم من عدن. في الوقت نفسه سيطرت قواته على معسكر مهم في مديرية كريتر يُعرف باسم معسكر 20. على الرغم من استقالة النوبي رسميًّا من قيادته بعد أيام قليلة من توجيه الرئيس عبدربه منصور هادي بإغلاق المعسكر أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2017، إلا أنه ظل موجودًا في مديرية كريتر. حقق فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن في عدة حالات تتعلق بمضايقات وتعذيب واغتيالات يُزعم أن قوات النوبي نفذتها في معسكر 20 ضد صحفيين ونشطاء جنوبيين مؤيدين للانفصال وأشخاص مشتبه في إلحادهم بعدن.
مبعوث الأمم المتحدة يزور عدن في أول رحلة رسمية إلى اليمن
في 5 أكتوبر/تشرين الأول، وصل المبعوث الأممي الخاص الجديد إلى اليمن هانس غروندبرغ إلى عدن في زيارة استمرت يومًا واحدًا عقد خلالها اجتماعات مع المسؤولين في المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة المعترف بها دوليًّا. التقى غروندبرغ عدد من كبار المسؤولين اليمنيين، من بينهم رئيس الوزراء معين عبدالملك، ومحافظ عدن أحمد لملس، ورئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي، ومحافظ تعز نبيل شمسان. كما تحدث المبعوث مع أعضاء الحراك ومؤتمر حضرموت الجامع ومنظمات المجتمع المدني إضافة إلى ناشطي حقوق المرأة.
استهداف محافظ عدن بسيارة مفخخة
في 10 أكتوبر/تشرين الأول، استهدف انفجار سيارة مفخخة موكب محافظ عدن أحمد لملس ووزير الزراعة سالم السقطري في العاصمة المؤقتة عدن. قُتل ما لا يقل عن ستة أشخاص في الهجوم، بينهم ثلاثة مدنيين، وأصيب 11 آخرين. نجا المحافظ لملس والوزير السقطري، وكلاهما من أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي، من الهجوم. كانت السيارة المحملة بالمتفجرات واقفة على جانب الطريق في مديرية التواهي. وقالت مصادر أمنية لوكالة فرانس برس إن المحافظ والوزير لم يكونا في السيارة المدرعة التي استُهدفت في الهجوم الذي وصفه هادي بـ”عملية إرهابية”.
اغتيال قيادي في حزب الإصلاح بتعز
في 23 أكتوبر تشرين/الأول، اُغتيل القيادي البارز في حزب الإصلاح في مدينة تعز ضياء الحق الأهدل. أطلق مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية النار على الأهدل أثناء خروجه من منزله. كان الأهدل قد ساعد في وقت مبكر من الحرب في تشكيل قوات مقاومة ضد الحوثيين في المدينة وشارك في مفاوضات تبادل الأسرى طوال فترة الصراع. قبل أسبوع من مقتله، شارك الأهدل في اجتماع دعم فيه تحالفًا بين قوات المقاومة الوطنية المدعومة من الإمارات على ساحل البحر الأحمر ومحور تعز العسكري الموالي لحزب الإصلاح والموالي للحكومة المعترف بها دوليًّا لمحاربة الحوثيين. في 28 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي استعداده الدخول في شراكة مع المقاومة الوطنية ضد الحوثيين.
انفجار سيارة مفخخة خارج مطار عدن
في 30 أكتوبر/تشرين الأول، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من مدخل مطار عدن، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 مدنيًّا وإصابة ما لا يقل عن 30 آخرين. وقع الهجوم بعد يوم من مغادرة وفد دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى العاصمة المؤقتة وبعد 20 يومًا من هجوم بسيارة مفخخة استهدف موكب محافظ عدن في مديرية التواهي.
اعتقال واستهداف وقتل الصحفيين
خلال الأسابيع الأخيرة، استهدفت أطراف مختلفة الصحفيين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. في 8 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت قوات الأمن التابعة للمجلس الانتقالي الصحفي الرياضي عمار مخشف من منزله بمديرية كريتر. وقبل ذلك بعشرة أيام، اقتحمت قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس بمديرية المنصورة مبنى إذاعة عدن إف إم بحثًا عن مديرها رأفت رشاد باقي، وعندما ذهب الأخير إلى مقر قوات الحزام الأمني في اليوم التالي للاستفسار عن الحادث، اعتُقل ونُقل إلى معسكر في مديرية التواهي بعدن. قال أقارب باقي إنهم قدموا استفسارًا رسميًّا إلى إدارة أمن عدن، لكنهم لم يتلقوا أي معلومات عن حالته أو مكانه أو سبب اعتقاله. بقي مخشف وباقي محتجزان لدى المجلس الانتقالي حتى وقت كتابة هذا التقرير.في 10 أكتوبر/تشرين الأول، تُوفي كل من السكرتير الصحفي لمحافظ عدن أحمد بوصالح والمصور طارق مصطفى بانفجار السيارة المفخخة التي استهدفت موكب المحافظ.
في 22 أكتوبر/تشرين الأول،تعرض المصور الصحفي مفيد الغيلاني لهجوم من قبل ثلاثة مسلحين مجهولين أثناء عمله بالقرب من باب موسى وسط مدينة تعز. وقال الغيلاني إنه قدم محضرًا للشرطة بالحادثة لكن السلطات لم تفتح قضية بعد. وفي مارس/آذار 2020،تعرض الغيلاني لاعتداء في حي آخر في مدينة تعز كان يصوّر فيه.
ذكر التقرير الفصلي الأخير لنقابة الصحفيين اليمنيين أنه خلال الفترة بين 1 يوليو/تموز و30 سبتمبر/أيلول، جرى اختطاف أو اعتقال أو محاكمة ثمانية صحفيين، وتعرض أربعة صحفيين آخرين للتعذيب في المعتقل، وحُرم أربعة صحفيين من الرعاية الطبية أثناء الاحتجاز، وتلقى أربعة تهديدات، ومُنع ثلاثة مصورين من أداء عملهم أو صودرت كاميراتهم، وعُلق عمل وسيلتين إعلاميتين، واقتُحم منازل اثنين من الصحفيين. أرجع التقرير قرابة نصف الانتهاكات الـ27 الموثقة إلى الحوثيين (13 انتهاكًا)، وثمانية إلى القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليًّا، وثلاثة إلى القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وثلاث حوادث إلى جهات مجهولة.
التطورات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين
سلطات الحوثيين تفرض ضرائب على المواطنين بمناسبة المولد النبوي
في مطلع أكتوبر/تشرين الأول، فرضت سلطات الحوثيين في مدينة إب حزمة من الضرائب والرسوم الجديدة على التجار والسكان بحجة تمويل احتفالات المولد النبوي في 18 أكتوبر/تشرين الأول. قال سكان المدينة إن المسؤولين الحوثيين أوصلوا رسائل إلى منازلهم تنص على ظروف خاصة لتبرير الرسوم الجديدة. طُلب من الطلاب في عدة مدارس في مديرية جبلة، جنوب مدينة إب، دفع ألف ريال يمني لكل طالب. وبحسب ما ورد رفض العديد من السكان دفع الرسوم، واشتكوا من الضرائب الأخيرة المفروضة في الذكرى السابعة لانقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر/أيلول 2014 في صنعاء. وإضافة إلى فرض الضرائب على المنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة، طُلب منها تعليق الأعلام وغيرها من الزخارف الخضراء في مبانيها بمناسبة عيد المولد النبوي.
في 3 أكتوبر/تشرين الأول، وافقت حكومة الحوثيين في صنعاء على مقترح قدمه القيادي البارز محمد الحوثي بخصم قسط سنوي من رواتب الموظفين الحكوميين لإنشاء منشآت طبية باسم الرسول، بحسب وكالة الأنباء سبأ التي يديرها الحوثيون. أعقب هذه الخطوة انتقادات واسعة، وذلك كون حكومة الحوثيين لم تدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في المناطق التي تسيطر عليها منذ سنوات، في الوقت الذي تنفق بانتظام على المناسبات الدينية والوطنية والعمليات العسكرية في الحرب.يستخدم الحوثيون هذه التبريرات الدينية لجمع الأموال من السكان والتجار في مناطق سيطرة الجماعة بشكل منتظم.
سلطات الحوثيين تقيّد المعاملات العقارية في صنعاء
في 22 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر مسؤولون حوثيون تعميمًا يمنع التعاملات العقارية (عمليات بيع وشراء العقارات) في العاصمة صنعاء دون موافقة سلطات الحوثيين. وندد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بالخطوة باعتبارها طريقة جديدة لجني الأموال من الشعب لتمويل المجهود الحربي. في أماكن أخرى من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، عيّنت الجماعة أمناء شرعيين جددًا يشرفون على جميع المعاملات العقارية بما يتماشى مع القواعد المذهبية، كما فرضت ضرائب جديدة مرتبطة بتلك المعاملات.
التطورات على الساحة الدولية
إيران تستأنف الصادرات إلى السعودية بعد عام من تجميد التجارة
في 18 أكتوبر/تشرين الأول، أدرج أحدث تقرير لإدارة الجمارك الإيرانية السعودية كوجهة تصدير لأول مرة بعد التعليق الكامل للتجارة الثنائية خلال السنة المالية الأخيرة في إيران. واعتبر بعض المراقبين استئناف التجارة بين السعودية وإيران علامة إيجابية تشير إلى بدء ذوبان جليد العلاقات بين الخصمين الإقليميين.
سفراء يعقدون اتصالًا مع محافظ مأرب
في 21 أكتوبر/تشرين الأول، عقد سفراء الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في اليمن إحاطة عبر الإنترنت مع محافظ مأرب سلطان العرادة لمناقشة الوضع الإنساني المتردي في المحافظة. وكرر الدبلوماسيون وهم سفراء الدول الأعضاء الدائمة الخمسة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دعواتهم للتوصل إلى حل سياسي شامل للصراع اليمني.
السعودية تجري الجولة الأولى من المحادثات مع الحكومة الإيرانية الجديدة
في 3 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن المملكة أجرت جولتها الأولى من المحادثات المباشرة مع الحكومة الإيرانية المنتخبة حديثًا. وبحسب ما ورد كانت المحادثات التي عُقدت في 21 سبتمبر/أيلول بمكان مجهول جزءًا من عملية بدأت في أبريل/نيسان 2021 لتقليل التوتر بين الخصمين الإقليميين بالتزامن مع الجهود الأمريكية لإحياء الاتفاق النووي مع طهران. في نفس اليوم الذي حدث فيه هذا اللقاء، ألقى الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
“لا تزال هذه المناقشات في مرحلتها الاستكشافية، ونأمل أن توفر أساسًا لمعالجة القضايا العالقة بين الجانبين، وسنكافح ونعمل من أجل تحقيق ذلك”، كان هذا ما قاله الأمير فيصل في مؤتمر صحفي مشترك خلال زيارة منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى الرياض.
جنود ألمان سابقون سعوا لتشكيل قوة مرتزقة في اليمن
في 20 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت الشرطة الألمانية جنديين ألمانيين سابقين للاشتباه في محاولتهما تشكيل مجموعة مرتزقة قوامها 150 عضوًا “لتهدئة” الحرب في اليمن. كان الرجلان قررا أوائل 2021 تشكيل وحدة شبه عسكرية تتألف من جنود سابقين في الجيش الألماني وأفراد شرطة سابقين وفقًا لبيان صادر عن المدعين العامين الفيدراليين. وبحسب المدعين، كان الدافع احتمال كسبهم حوالي 45 ألف دولار شهريًّا، وقد سعوا دون جدوى للحصول على تمويل من السعودية.
إدارة بايدن توقع عقد تعاون عسكري بقيمة 500 مليون دولار مع السعودية
في 27 أكتوبر/تشرين الثاني، ذكرت صحيفة الغارديان أن وزارة الخارجية الأمريكية صادقت على عقد قيمته 500 مليون دولار أمريكي مع السعودية لدعم أسطول قيادة طيران القوات البرية الملكية السعودية المكون من مروحيات الأباتشي والشينوك والبلاك هوك. يشمل العقد تقديم تدريب وخدمات من قِبل 350 متعهدًا أمريكيًّا خلال العامين المقبلين، بالإضافة إلى موظفين اثنين من الحكومة الأمريكية. أُعلن عن العقد لأول مرة في سبتمبر/أيلول، وطبقًا للناقدين يشكك هذا العقد في أحد أهداف السياسة الخارجية المبكرة لإدارة بايدن المتمثل في إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية السعودية “الهجومية” في الحرب. في حين قال محللون آخرون إن طائرات الهليكوبتر استُخدمت في مهام دفاعية على طول الحدود السعودية-اليمنية. قالت ياسمين فاروق، الباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، لصحيفة الغارديان، إن صعوبة التمييز بوضوح بين العمليات الدفاعية والهجومية كان “محاولة مقصودة لخلق مساحة لمتابعة التعاون العسكري”.
خلاف بين الرياض وبيروت عقب تصريحات وزير لبناني بشأن حرب اليمن
في 29 أكتوبر/تشرين الأول، طردت السعودية السفير اللبناني في المملكة وحظرت جميع الواردات اللبنانية ردًا على التعليقات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حيث انتقد التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن. دعا القيادي الحوثي البارز محمد علي الحوثي بدوره إلى مقاطعة جميع الواردات السعودية إلى اليمن. نبع كل هذا الجدل عقب حديث قرداحي -وهو شخصية إعلامية بارزة عمل في وسائل إعلام مملوكة للسعودية- في مقابلة تلفزيونية سُجلت في 5 أغسطس/آب -أي قبل تعيينه وزيرًا في لبنان- وبثت مؤخرًا حيث قال إن الحوثيين “يدافعون عن أنفسهم… ضد عدوان خارجي”.
حذت كل من البحرين والكويت حذو السعودية وطردتا سفيري لبنان من عواصمهما، في الوقت الذي سحبت الإمارات دبلوماسييها من بيروت.
كيسي كومبس هو صحفي مستقل متخصص في شؤون اليمن وباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. يغرد على: Macoombs@
تطورات الحرب
أبو بكر الشماحي
القبائل الموالية للحكومة تكافح للصمود في مأرب
خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، استمرت التطورات العسكرية في مصلحة قوات الحوثيين، حيث أحرزت الجماعة مزيدًا من التقدم العسكري في مأرب واستولت على مناطق من القوات الحكومية في الجزء الجنوبي من المحافظة. ولعل أبرز تلك التطورات كانت انتصار الحوثيين على قبائل مأرب الموالية للحكومة، وخاصة قبيلتي مراد وبني عبد من أجل تأمين هذه المناطق. تشكل قبائل مأرب العمود الفقري للمعارك ضد الحوثيين في المحافظة، ولكن إذا لم يحالفهم الحظ -وهو ما يبدو مستبعدًا أكثر وأكثر بمرور الوقت- فإنهم يبدون غير قادرين على الاستمرار في مقاومتهم للحوثيين.
أدى تقدم الحوثيين خلال الشهر الماضي، أي سبتمبر/أيلول، إلى محاصرة مديرية العبدية جنوبي مأرب مع تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك. في 11 أكتوبر/تشرين الأول وبعد سنوات من المقاومة من قبيلة بني عبد في العبدية، تمكن الحوثيون من السيطرة على قرية المسجد وهي أول قرية في المديرية. في نفس اليوم تقدم الحوثيون في الجهة الشرقية من مديرية الجوبة، معقل قبيلة مراد. في 12 أكتوبر/تشرين الأول، سيطر الحوثيون على منطقة واسط وسط الجوبة. أظهرت الطبيعة السريعة لتقدم الحوثيين في الجوبة حالة الفوضى أوساط القوات الموالية للحكومة، على الرغم من تعيين قائد عسكري جديد، وهو العميد محمد أحمد الحليسي، في 11 أكتوبر/تشرين الأول لقيادة المعارك في المديرية.
في العبدية، لم تحقق زيادة الضربات الجوية للتحالف بقيادة السعودية الكثير بهدف إبطاء تقدم الحوثيين، في حين تُرك مقاتلي قبيلة بني عبد ليواجهوا هجوم الحوثيين وحدهم دون أي تعزيزات حكومية. في 15 أكتوبر/تشرين الأول، سيطر الحوثيون على مركز مديرية العبدية بعد استسلام القيادات القبلية المحلية. صمدت بعض جيوب المقاومة في غربي وشرقي المديرية، إلا أن الحوثيين سرعان ما أخضعوا خصومهم حيث داهموا القرى واعتقلوهم طبقًا لسكان محليين تحدثوا إلى مركز صنعاء.
أتاح الانتصار في العبدية للحوثيين تركيز موارد إضافية على الجوبة، المنطقة التي يهدف الحوثيون من خلالها إلى إخراج قبيلة مراد القوية من معركة مأرب. في 25 أكتوبر/تشرين الأول، نجح الحوثيون في السيطرة على بلدة الجديد، مركز مديرية الجوبة، قاطعين طريق الإمداد الوحيد للحكومة اليمنية إلى منطقة جبل مراد المجاورة، وهي جزء آخر من معقل مراد إلى الغرب. لم يصمد جبل مراد طويلًا، وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول، استسلم رجال قبائل مراد في المديرية، وبعد مفاوضات توسط فيها شيوخ القبائل المحليين المتحالفين مع الحوثيين، دخلت قوات الحوثيين إلى المديرية، ونص الاتفاق على التسليم السلمي لجبل مراد لقوات الحوثيين بشرط عدم اقتحام الحوثيين المنازل وعدم اعتقال السكان بحسب مصادر محلية تحدثت إلى مركز صنعاء.
بحلول نهاية الشهر، كانت المعارك تدور في شمالي الجوبة، وتمركزت في قرية العمود، التي تبعد حوالي 20 كيلومترًا من المدخل الجنوبي لمدينة مأرب. إذا تقدم الحوثيون أبعد من ذلك، سيكونون قادرين على الالتقاء بقواتهم بالقرب من جبل البلق جنوب غربي مدينة مأرب، وتحديدًا في منطقة تسمى الفلج، وهي منطقة حصنتها القوات الحكومية بشدة. منذ بداية هذا العام تمكنت القوات الحكومية من صد هجمات الحوثيين في جبل البلق وعلى طول الجبهات غرب مدينة مأرب، لكن إذا شن الحوثيون هجومًا جديدًا من اتجاه الجوبة سيشكل تهديدًا كبيرًا على مدينة مأرب.
استمرت صواريخ الحوثيين في استهداف مأرب، آخر معقل للحكومة في شمال اليمن خلال هذا الشهر. ففي 20 أكتوبر/تشرين الأول، أسفرت ضربة صاروخية عن مقتل ستة جنود في معسكر صحن الجن. وفي الوقت ذاته، ارتفع عدد القتلى المدنيين جراء الضربات الصاروخية للحوثيين. ففي 28 أكتوبر/تشرين الأول، أدى هجوم صاروخي شنه الحوثيون على منزل أحد شيوخ القبائل في منطقة العمود إلى مقتل وإصابة 13 مدنيًّا، وأسفر هجوم صاروخي آخر على مركز ديني سلفي في نفس القرية في 31 أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 36 مدنيًّا على الأقل بحسب مصادر محلية.
القوات المناهضة للحوثيين تفشل في التوحد بمحافظة شبوة
على الرغم من الطبيعة المتزايدة لتهديد جماعة الحوثيين في شبوة حيث سيطرت الجماعة على مديريتي بيحان والعين وأجزاء من مديرية عسيلان شمال غرب شبوة في سبتمبر/أيلول، إلا أن القوات المناهضة للحوثيين في المحافظة ظلت منقسمة. خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، لم تكن هناك سوى مؤشرات قليلة على أن هذه القوات ستضع خلافاتها جانبًا وتتحد لمقاومة الحوثيين، بل إن شخصيات داخل الحكومة المعترف بها دوليًّا والمجلس الانتقالي الجنوبي ألقت باللوم على بعضها البعض فيما يتعلق بدخول قوات الحوثيين المحافظة. في الوقت ذاته، اعتقلت قوات الأمن الحكومية العديد من الشخصيات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي.
تأتي هذه الاعتقالات ضمن التوجه الذي تبنته القوات الحكومية منذ سيطرتها بشكل كامل على المديرية في أغسطس/آب 2019. وقتها هزمت القوات الموالية للحكومة مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة، لكن العديد من بقايا التجمع الرئيسي الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظة وقوات النخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات ما زالت موجودة. وكثيرًا ما تتهم السلطات الحكومية هذه القوات بزعزعة الاستقرار.
كان أحد أبرز شخصيات المجلس الانتقالي الجنوبي الذين اعتقلوا في شبوة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول هو حسن الميطي القميشي، قائد وحدة التدخل السريع في القوات الخاصة وكتيبة مكافحة الإرهاب المدعومة من التحالف السعودي، والتي تضم أفرادًا موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي. اعتُقل القميشي في مدينة حبان في 17 أكتوبر/تشرين الأول وهو في طريقه للانضمام إلى عادل المصعبي، قائد القوات الخاصة ولواء مكافحة الإرهاب التابع لحزب المؤتمر الشعبي العام. وبحسب مصادر قبلية، نصبت هذه الوحدة معسكرًا تدريبيًّا في مديرية الطلح بالقرب من الحدود مع حضرموت. وأدى إنشاء المعسكر بدعم من التحالف الذي تقوده السعودية وخاصة الإمارات إلى توتر بين العناصر المناهضة لحزب الإصلاح في المحافظة ومسؤولين حكوميين في شبوة والذين ينتمي بعض منهم إلى حزب الإصلاح. بحسب ما قالته مصادر محلية لمركز صنعاء، تنظر شخصيات تُعد حليفة لحزب الإصلاح، مثل محافظ شبوة محمد بن عديو، إلى إنشاء معسكر جديد في المحافظة بقيادة شخصية موالية للمؤتمر كمحاولة لإضعاف الإدارة المحلية الحالية لشبوة واستبدالها بأخرى ستكون أكثر ودًا مع الإمارات.
في 16 أكتوبر/تشرين الأول، وبالنظر إلى ما سبق، زعم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة علي الجبواني أن السلطات الحكومية رفضت عرضًا من المجلس الانتقالي الجنوبي للتوحد عسكريًّا لمواجهة الحوثيين. وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول جرى تداول مقطع فيديو يظهر العميد علي صالح الكليبي، القائد السابق للواء 19 مشاة التابع للحكومة والذي أُقيل من منصبه في أغسطس/آب، مدعيًّا أن السبب وراء فقدان بيحان والعين وأجزاء من عسيلان هو فصل حزب الإصلاح واستبداله قادة الألوية في المديريات، وانتشر الفيديو على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي. ولم يتسن التأكد من صحة ادعاءات الكليبي، ولكن الشعور بالاستياء تجاه السلطات المحلية في شبوة ازداد مؤخرًا. أضف إلى ذلك ورود أنباء في وسائل الإعلام المحلية عن حدوث انشقاقات عن القوات الحكومية إلى المجلس الانتقالي الجنوبي في نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
بعد هدوء قصير، تواصل القتال بين القوات الحكومية والحوثيين في المحافظة خلال النصف الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول. وفي حين لم يحرز أي من الطرفين تقدمًا يذكر، ما زالت القوات المناهضة للحوثيين في موقف ضعيف.
ذكرت مصادر محلية أن القوات الإماراتية المتمركزة في معسكر العلم بمديرية جردان وسط شبوة انسحبت في 26 أكتوبر/تشرين الأول عبر البر إلى السعودية. وأكد محسن الحاج، مستشار محافظ شبوة، هذا الانسحاب، مضيفًا أن القوات الإماراتية ستنسحب أيضًا من منشأة بلحاف للغاز الطبيعي المسال في المحافظة. كانت السلطة المحلية بقيادة المحافظ بن عديو قد ضغطت على الإمارات لإخلاء معسكر بلحاف في أغسطس/آب. برز بن عديو كناقد دائم لوجود الإمارات في شبوة ودعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي، كما أنه زعم أن الإمارات حاولت قتله في الماضي.
يبدو أن التحركات الإماراتية هي محاولة لتجنب أي مواجهة مباشرة مع الحوثيين في حالة توسع قوات الجماعة في شبوة، لكن خروجها من معسكر العلم ترك فراغًا أمنيًّا. كما رفضت قوات النخبة الشبوانية المتمركزة في المعسكر تسليمه لقوات الحكومة اليمنية، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات وسيطرة القوات الموالية للحكومة على المعسكر بالقوة، واعتقال 30 من مقاتلي النخبة الشبوانية في 30 أكتوبر/تشرين الأول، وأُفرج عنهم في اليوم التالي بأوامر من بن عديو.
ومع ذلك، يبدو أن هناك تقدمًا مبدئيًّا في مناطق أخرى نحو توحيد الجماعات المتباينة المناهضة للحوثيين في جبهة مشتركة، حيث أعلن العميد طارق صالح في 28 أكتوبر/تشرين الأول أن قواته المشتركة على ساحل البحر الأحمر مستعدة لدعم القوات الحكومية ضد الحوثيين في جميع الجبهات. وفي حين أن صالح كان قد أصدر تصريحات مماثلة في الماضي ورُفضت، إلا أن دعوته الأخيرة ذكرت على وجه التحديد أن قواته ستعمل ضمن الحكومة وليس كقوة منافسة لها. وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في نفس اليوم أنه سيقاتل إلى جانب قوات طارق صالح ضد الحوثيين. ويذكر أن طارق صالح وكذلك المجلس الانتقالي الجنوبي مدعومان من الإمارات.
أبو بكر الشماحي هو محرر وباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
التطورات الاقتصادية
الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء
ميناء صلالة العماني وشركة ميرسك ينشئان شراكة لوجستيةلتوصيل البضائع إلى اليمن
في 18 أكتوبر/تشرين الأول، نشر ميناء صلالة العماني بيانًا صحفيًا أعلن فيه إطلاق خدمة لوجستية شاملة بالشراكة مع شركة ميرسك، الشركة الدنماركية الدولية لشحن الحاويات، لتسهيل النقل البري للبضائع المعبأة في حاويات عبر المنطقة الحرة في المزيونة إلى اليمن. [1] ومن المتوقع أن تشمل الخدمات التخليص الجمركي وتوفير خدمات النقل بالشاحنات للمناطق الحرة في صلالة والمزيونة من خلال شركة النقل نفسها. تهدف الشراكة إلى توصيل البضائع إلى وجهات متعددة داخل اليمن، ومن بينها عدن والمكلا “ووجهات داخلية أخرى”.
توسعت الروابط التجارية والمالية بين عمان واليمن خلال الصراع الحالي في اليمن، حيث يقوم بعض المستوردين اليمنيين بالفعل باستيراد البضائع في حاويات عبر ميناء صلالة ثم نقلها برًا عبر المزيونة ومن ثم إلى اليمن عبر منفذ شحن الحدودي البري في محافظة المهرة. بالنسبة لبعض المستوردين، يعتبر نقل البضائع المعبأة في حاويات عبر هذا الطريق التجاري أكثر فعالية من حيث التكلفة بدلًا من استيرادها مباشرةً عبر ميناء عدن ومحطة عدن للحاويات. تختلف عوامل التكلفة حسب التاجر، وتتضمن التكلفة غرامات التأخير والرسوم الجمركية ورسوم التأمين. مع وجود عدد محدود من الحاويات التي يتم استيرادها حاليًّا عبر ميناء الحديدة، يستقبل ميناء عدن للحاويات الغالبية العظمى من حركة الحاويات القادمة إلى اليمن، كما شهد ميناء المكلا أيضًا زيادة حادة في حركة الحاويات خلال النزاع حتى نهاية عام 2020.[2]
من المرجح أن تؤثر الشراكة بين شركتي ميرسك وميناء صلالة لاستهداف تجارة الحاويات المتجهة إلى اليمن سلبًا على الموانئ البحرية اليمنية في خليج عدن، حيث يؤدي انخفاض حركة الحاويات إلى انخفاض عائدات الميناء. يمكن أن تجعل أسعار التأمين ضد مخاطر الحرب ميناء صلالة أكثر فعالية من حيث التكلفة بالنسبة لبعض التجار من رسو السفن في الموانئ البحرية اليمنية. لقد أدت رسوم التأمين هذه بالفعل إلى تثبيط خطوط الشحن عن استخدام عدن في أي عمليات إعادة شحن، حيث تفضل موانئ صلالة وجدة وجيبوتي كوجهات وسيطة في الوقت الحالي.
البنك المركزي اليمني في عدن يعلّق تراخيص العشرات من شركات الصرافة
أصدر البنك المركزي اليمني في عدن في أكتوبر/تشرين الأول عدة توجيهات تنص على إيقاف عمل وتراخيص 71 شركة صرافة وسبع شبكات تحويلات مالية، كما أُحيلت جميع مؤسسات الصرافة والحوالات المالية المذكورة تقريبًا إلى الجهات القضائية والأمنية لعدم التزامها بالقانون رقم (19) لسنة 1995 وتعديلاته بالقانون رقم (15) لسنة 1996 وعدم امتثالها لتعليمات البنك المنظمة لأعمال الصرافة والتحويلات المالية. اتهم البنك شركات الصرافة المدرجة بالمضاربة على العملات ودعا التجار والمواطنين وشركات الصرافة المرخصة إلى التوقف عن التعامل معها طالما استمر تعليق تراخيصها.
تمثل سلسلة التوجيهات المتتالية من البنك أحدث محاولة لإدخال لوائح أكثر صرامة ضد الصرافين وتأكيد سلطة البنك في المنافسة الاقتصادية الجارية مع الحوثيين والبنك المركزي اليمني في صنعاء.
جاء القرار الأول في 16 أكتوبر/تشرين الأول عندما أعلن البنك المركزي اليمني في عدن تعليق تراخيص 54 شركة صرافة. [3] وشمل ذلك العديد من الشركات البارزة، مثل شركة الناصر للصرافة، وشركة الجزيرة إخوان للصرافة، وشركة المريسي للصرافة. بعد القرار بيومين، علق البنك تراخيص 17 شركة ومنشأة صرافة إضافية.
نُفذ قرار التعليق لـ 11 شركة ومنشأة صرافة مخالفة في 20 و28 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن أصدر البنك التوجيهين الثالث و الرابع في إطار حملة الرقابة والتفتيش لعشرات شركات التحويلات المالية والصرافة العاملة في القطاع. أدى ذلك إلى تعليق ترخيص اثنتين من أكبر شركات الصرافة في البلاد: الأولى شركة الأكوع للصرافة، ويقع مقرها الرئيسي في صنعاء، ولكنها تغطي مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين ومناطق خاضعة لسيطرة الحكومة، والثانية هي شركة القطيبي للصرافة، ومقرها في عدن وتقدم خدماتها في مناطق جنوب اليمن.
في 18 أكتوبر/تشرين الأول، رفع البنك تعليق عمل شركتين للصرافة، شركة المحضار وشركة الهدنة، بعد موافقتهما على الالتزام بقانون الصرافة وتعليمات البنك.
وبعد يومين، حذر البنك التجار والمواطنين اليمنيين من فتح حسابات أو الاحتفاظ بأرصدة مع جميع الصرافين لتجنب مخاطر مصادرة الأموال أو تجميدها. وأشار إلى أن قطاع الرقابة المصرفية سيبدأ عمليات التفتيش والزيارات الميدانية لمراقبة التزام الصرافين. بموجب القانون، تقتصر عمليات شركات ومنشآت الصرافة على شراء وبيع العملات الأجنبية، وكذلك إجراء التحويلات المالية، ولا يسمح لها قانونيًّا بقبول الودائع المالية.
توسعت الخدمات المالية التي يقدمها الصرافون خلال الصراع الجاري لتشمل عددًا من الخدمات، مثل تقديم الائتمان/القروض، وهي الخدمات التي تعد انتهاكًا لتشريعات البنك المركزي السابقة والقانون المنظم لأعمال الصرافة من الناحية الفنية. تعد الخدمات الموسعة انعكاسًا لضعف القطاع المصرفي الرسمي في اليمن وتقوية وزيادة أهمية شركات الصرافة، خصوصًا من حيث تمويل التجارة.
وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول،أصدر البنك المركزي تعميمًا يدعو فيه شركات ومنشآت الصرافة المرخصة منه إلى البدء في ربط أنظمة الصرف الآلي الخاصة بها بالمقر الرئيسي له ومنحه السلطة الكاملة لمراقبة بيانات التعاملات المالية.[4] ذكر البنك أن ربط الأنظمة الآلية هو أحد متطلبات تجديد تراخيص مؤسسات الصرافة، وحذر من أن عدم القيام بذلك قد يؤدي إلى إلغاء تراخيصها. يمنح القانون رقم 19 لسنة 1995 بشأن تنظيم عمل الصرافين البنك المركزي الحق في طلب أي بيانات وسجلات وإحصاءات من الصرافين المرخصين في أي وقت، بما في ذلك كشوف دورية عن أوضاعهم المالية توضح بالتفصيل إجمالي التحويلات الخارجية المرسلة والمستلمة وكذلك عمليات صرف العملات الأجنبية.
أصدر البنك المركزي اليمني في عدن في 25 أكتوبر/تشرين الأول تعميمًا آخر موجهًا إلى شركات ومنشآت الصرافة يحظر عليها التعامل مع ثمانِ شبكات تحويلات مالية، وشملت العديد من شبكات التحويلات البارزة، مثل النجم والامتياز والأكوع والهتار إكسبرس والياباني ومال إكسبرس.
استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار في مناطق سيطرة الحكومة
استمرت أسعار السلع والخدمات بالارتفاع في مناطق سيطرة الحكومة خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر/تشرين الأول، وذلك بسبب انخفاض قيمة الريال اليمني. في بداية الشهر وتحديدًا في 2 أكتوبر/تشرين الأول كان سعر صرف الدولار مقابل الريال هو 1,190 ريالًا يمنيًّا لكل دولار أمريكي في هذه المناطق. استمرت قيمة الريال في الانخفاض مع مرور الأيام خلال نفس الشهر، وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول، كان سعر الصرف 1,325 ريالًا يمنيًّا لكل دولار أمريكي، [5] وبحلول 28 أكتوبر/تشرين الأول، بلغ سعر الصرف 1,330 ريالًا يمنيًا لكل دولار أمريكي .[6] أدى انخفاض قيمة العملة المحلية وما تلاه من ارتفاع في الأسعار وتدهور في الأوضاع الاقتصادية إلى تأجيج الاضطرابات المدنية في العديد من المحافظات التي تقع تحت إدارة الحكومة. كانت هذه المشاهد شبيهة بتلك التي شهدناها في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2021.
متوسط سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي في صنعاء وعدن من يناير/كانون الثاني وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2021
صنعاء عدن
اختلاف سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي بين صنعاء وعدن من أغسطس/آب وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2021.
صنعاء عدن
تضمنت بعض التطورات الرئيسية التي حدثت خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر/تشرين الأول حسب المحافظة ما يلي:
- المهرة: في 26 أكتوبر/تشرين الأول، بلغ سعر البنزين 950 ريال ً ا لكل لتر و 19 ألف ريال لكل 20 لترًا، مقابل 610 ريالات لكل لتر و12 ألف ريال لكل 20 لترًا نهاية أغسطس/آب. [7]
- حضرموت: أعلن فرع شركة النفط اليمنية في مدينة المكلا في 26 أكتوبر/تشرين الأول عن استئناف بيع البنزين في المحطات التي تديرها الشركة في مناطق ساحل حضرموت. [8] أعلنت الأسعار التالية: 850 ريالًا لكل لتر و17 ألف ريال لكل 20 لترًا من البنزين و800 ريال لكل لتر و16 ألف ريال لكل 20 لترًا من الديزل. وذكر فرع الشركة أن الأسعار المذكورة أعلاه ستبقى على حالها حتى التوصل إلى اتفاق مع التجار الذين يبيعون الوقود لفرع شركة النفط اليمنية في المكلا.
- عدن: في 23 أكتوبر/تشرين الأول،أعلنت شركة خدمات الاتصالات المملوكة للدولة “عدن نت” عن زيادة رسوم الإنترنت بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية والحاجة إلى تغطية تكاليف التشغيل المرتفعة. [9] وحددت الأسعار التالية لباقات مختلفة لمدة 30 يومًا: 3 آلاف ريال يمني لـ 20 جيجابايت، و6 آلاف ريال يمني لـ 40 جيجابايت، و9 آلاف ريال يمني لـ 60 جيجابايت، و12 ألف ريال يمني لـ 80 جيجابايت.
شركة النفط اليمنية التي يديرها الحوثيون تنظم مشتريات البنزين للمستهلكين
خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، بدأ الجزء الذي يديره الحوثيون من شركة النفط اليمنية في إصدار قوائم يومية لمحطات شركة النفط اليمنية في مناطق سيطرة الجماعة، وستبيع البنزين بالسعر الرسمي البالغ 8,500 ريال يمني لكل 20 لترًا. [10] بدأت التوجيهات اليومية في الصدور يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول، وبالإضافة إلى تحديد المحطات المحددة التي سيوفَر البنزين فيها، أدرجت شروط وقواعد مختلفة للمستهلكين حيث سمح لهم بشراء ما يصل إلى 40 لترًا لكل مركبة خلال فترات زمنية محددة خلال اليوم، ومن بعدها لا يُسمح لهم بشراء أي وقود إضافي لمدة خمسة أيام. يبدو أن قوائم محطات شركة النفط اليمنية بدأت بالتوازي مع استلام شحنتين بنزين مختلفتين في ميناء الحديدة خلال الأسبوع الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، وحملت الشحنتان ما مجموعه 30 ألف طن متري من الوقود.
مقالات
موجز سياسة: كيف يعيد المقاتلون الجدد في مأرب تشكيل المحافظة
كيسي كومبس وصلاح علي صلاح
أمست محافظة مأرب مؤخرًا ساحة معارك محورية بين جماعة الحوثيين المسلحة والحكومة المعترف بها دوليًّا وحلفاء كل منهما، حيث يستميت كلا الطرفين لإحراز انتصارات عسكرية نظرًا لكون نتيجة الاقتتال من شأنها أن تكون حاسمة في تغيير توازن القوى محليًّا.
خلال الأشهر الأولى عقب اندلاع الحرب الأهلية في البلاد، برزت محافظة مأرب كملاذ آمن للنازحين من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. يُقدر تعداد السكان في مأرب قبل الحرب بحوالي 400 ألف نسمة، ولكنه ازداد لحوالي 1.5-3 مليون نسمة مع تدفق النازحين الذين استقر عدد كبير منهم في مدينة مأرب، مركز المحافظة. [11] خلال الحرب، اختارت الحكومة مأرب لتكون مقرًا لإدارات مختلفة في وزارة الدفاع وقيادات المناطق العسكرية التي كانت متمركزة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ومعسكرات تدريب تابعة لهذه الوحدات العسكرية. [12] كما بنى التحالف بقيادة السعودية قواعد عسكرية ووضع منظومة صواريخ دفاع جوي من نوع باتريوت خارج مدينة مأرب لحماية البنية التحتية للنفط ودعم القوات الحكومية، الأمر الذي وفر الأمن لهذا المركز الحضري الآخذ بالنمو وسهّل ازدهاره.
بعد أربع سنوات من توقف القتال الذي اندلع أواخر 2015 بمأرب، جددت قوات الحوثيين في يناير/كانون الثاني 2020 جهودها للاستيلاء على المحافظة -الهدف الذي تسعى لتحقيقه بلا هوادة. منذ ذلك الحين، شهدت جبهات القتال بمأرب أكثر المعارك دموية خلال سنوات الصراع.
جذبت معركة السيطرة على مأرب عددًا كبيرًا من القوات العسكرية والأمنية من خارج المحافظة. وسعت أطراف سياسية عدة لكي تحظى بموطئ قدم هناك. ضمن هذا السياق من الاستراتيجيات الأوسع نطاقًا التي تهدف إلى كسب مأرب، أعادت هذه القوى الخارجية تشكيل المشهد المحلي بطرق مختلفة شملت استمالة شيوخ القبائل الذين رحبوا بهم أكثر من غيرهم، وتعيين موالين لها في المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية.
تطرح هذه التطورات أسئلة مهمة: كيف تغيّر المشهد الاجتماعي-السياسي خلال الحرب؟ وماذا يعني هذا التغيير بالنسبة للمستقبل؟ تستلزم الإجابة على هذه التساؤلات تحديد الفاعلين الخارجيين الأكثر نفوذًا، والذين يقاتلون للسيطرة على مأرب وفهم استراتيجياتهم لفرض إرادتهم بالمحافظة.
جندت القوات الحكومية والحوثيون سكانًا محليين من مأرب بدرجات متفاوتة، ولكن الكثير من هؤلاء الأفراد الذين يتبوأون مناصب قيادية لا يتمتعون بالقوة المتصورة وفقًا لمناصبهم. في الواقع، كلا الطرفين المتحاربان يسعيان للتأكد من وجود سكان محليين من مأرب في جبهات القتال ومواقع صنع القرار بهدف إضفاء الشرعية القبلية والمحلية على معاركهم. [13]
تقدم هذه الورقة لمحة موجزة عن سكان مأرب قبل الحرب وتحدد الجهات الفاعلة العسكرية والأمنية والسياسية الرئيسية المرتبطة بالأطراف المتحاربة وتصف كيف تحاول تلك الأطراف إعادة تشكيل المحافظة على صورتها وتختتم باستكشاف ما الذي يمكن لمأرب أن تغيره على المدى الطويل في حال نجح أي من الطرفين المتحاربين في تحقيق نصر عسكري حاسم.
المجتمع المحلي في مأرب قبل الحرب
ينضوي في المجتمع المحلي بمأرب بشكل عام خمسة تجمعات قبلية -عبيدة ومراد والجدعان وبني جبر وبني عبد- تنظم قوانينها وأعرافها المجتمع والسياسة والحياة الاقتصادية في ظل غياب دولة فاعلة. تُعد كل من قبيلتي عبيدة ومراد الأكبر والأقوى في مأرب.
تغطي أراضي قبيلة عبيدة النصف الشرقي من المحافظة حيث توجد حقول النفط والغاز والبنية التحتية. ينحدر سلطان العرادة، محافظ مأرب، من القبيلة. وعلى الرغم من تعزيز الحكم المحلي بشكل كبير تحت قيادة العرادة وتخفيف العبء على القبائل فيما يخص أداء وظائف الدولة، ما تزال الهوية القبلية قوية.
أما القبيلة الأكبر جغرافيًّا بعد عبيدة، فهي قبيلة مراد، وهي أكبر قبيلة بمأرب من حيث عدد السكان الذين يتوزعون في الغالب على مديريات رحبة، والجوبة، وجبل مراد، وماهلية، وحريب جنوب غربي مأرب. خلال العقود الأخيرة، حضر أفراد قبيلة مراد بشكل قوي في الحكومة والمواقع القيادية العسكرية نظرًا لأنهم حظوا بقدرة أكبر من غيرهم في الوصول للتعليم الرسمي نتيجة موالاة القبيلة للحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي العام، الذي انتمى إليه الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
أما القبائل الرئيسية الثلاث الأخرى في مأرب فهي الجدعان وبني جبر وبني عبد.
وبدلًا من تعزيز وجود الدولة بمأرب، مارس صالح نفوذه في المحافظة عبر استمالة شيوخ القبائل ذوي النفوذ لحماية أنابيب النفط والغاز وخطوط الكهرباء وحشد مقاتلي القبائل لإضعاف القبائل التي هددت مصالحه. استفادت هذه النخبة القبلية، التي كان معظمها تابع لحزب المؤتمر من ضعف الدولة. [14]
وإضافة إلى القبائل، تُعد شبكة الأسر المعروفة باسم الأشراف أحد أهم الفئات الاجتماعية في المحافظة. يوجد الأشراف، وهم هاشميون (ينحدرون من سلالة النبي محمد)، في مدينة مأرب وبعض المناطق في مديريتي حريب ومجزر.
على عكس الهاشميين الذين ينتمون إلى المذهب الشيعي الزيدي في المرتفعات التي يسيطر عليها الحوثيون شمال غربي اليمن، ينتمي الأشراف في مأرب إلى المذهب السني الشافعي. تتبع الغالبية العظمى من أفراد القبائل في مأرب المذهب السني الشافعي، في حين تتبع الغالبية العظمى من أفراد القبائل في المرتفعات المجاورة المذهب الشيعي الزيدي. تاريخيًّا، لم تكن الاختلافات المذهبية عاملًا بارزًا في نشوب النزاعات بين سكان مأرب، وغالبًا ما كان سبب الصراعات النزاعات القبلية على الأراضي والوصول إلى الموارد. [15]
الأطراف السياسية والعسكرية والأمنية
حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، شكلت قبائل مأرب قوة قتالية عُرفت باسم “المقاومة الشعبية” تحسبًا لأي توغل حوثي داخل المحافظة. وجدت هذه القوات شريكًا عسكريًّا مستعدًا للتعاون معها، وهو الحكومة المعترف بها دوليًّا التي أُجبرت على مغادرة العاصمة صنعاء لتحول مأرب إلى معقل لها في الشمال بحكم الأمر الواقع ومركز عسكري يتيح لها شن عمليات ضد الحوثيين.
أما حزب الإصلاح، الذي يتمتع بقدر هائل من النفوذ في الحكومة فنقل وجوده إلى مأرب بعد أن خسره في معظم المحافظات الشمالية عقب سيطرة الحوثيين. جذب استقرار مأرب النسبي عددًا من قادة حزب الإصلاح من ذوي الرتب المتوسطة والدنيا إلى المحافظة.[16] ومع استمرار الحرب، ظلت مأرب وجهة لقيادات الحزب والموالين له، من بينهم ممن اضُطر لمغادرة المحافظات الجنوبية مع تعزيز المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات سيطرته على مدينة عدن والمناطق المحيطة بها. [17]
على الرغم من وجود حزب الإصلاح بمأرب قبل الحرب، [18] إلا أن حزب صالح، المؤتمر الشعبي العام، كان مهيمنًا على المشهد السياسي في المحافظة. بدأ الدعم الذي يحظى به حزب المؤتمر بالتراجع عقب الإطاحة بصالح الذي غادر الحكم بسبب الثورة الشعبية عام 2011. تراجع هذا الدعم بشكل كبير بعد تحالف صالح مع الحوثيين للسيطرة على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 والتوسع في أنحاء البلاد. رفض فرع حزب المؤتمر بمأرب الذي يرأسه عبدالواحد القبلي وأبيه علي نمران القبلي، وهما زعيمان قبليان من قبيلة مراد، طلب صالح بالتزام الحياد وعدم التصدي للحوثيين عام 2014. أدى موت العديد من قادة الحزب البارزين، بما فيهم صالح الذي قتله الحوثيون في ديسمبر/كانون الأول 2017، إلى تقلّص الدعم لفرع الحزب بمأرب. أسس بعض الموالين السابقين لصالح، مثل عبدالواحد القبلي وعلي نمران القبلي، جناحًا ضمن حزب المؤتمر مواليًّا للرئيس عبدربه منصور هادي، بينما حوّل آخرون دعمهم لحزب الإصلاح الذي وظف وجوده القوي في حكومة هادي ووجوده على الأرض للاستفادة من هذه التغيرات السياسية. على سبيل المثال، يُعد نائب الرئيس علي محسن الأحمر، وهو عضو رسمي في حزب المؤتمر، ولكنه طالما دعم حزب الإصلاح، من كبار المسؤولين الحكوميين الذين يشرفون على العمليات العسكرية بمأرب منذ عام 2016. كما حاولت السعودية استمالة عدد من الشخصيات البارزة بحزب المؤتمر خلال الحرب.[19]
أصبحت قبيلة عبيدة مركز ثقل لحزب الإصلاح خلال الحرب. تاريخيًّا، صوّت السكان في مناطق قبيلة عبيدة لحزب المؤتمر خلال الانتخابات البرلمانية. انجذب عدد من رجال قبيلة عبيدة البارزين بما فيهم سلطان العرادة -العضو في اللجنة الدائمة للمؤتمر والنائب عن الحزب في البرلمان سابقًا- إلى حزب الإصلاح في السنوات الأخيرة. غير أن هذا التحوّل لم يكن مرتبطًا بالأيديولوجية بقدر ارتباطه بالبراغماتية حيث إن حزب الإصلاح برز كقوة مهيمنة في مأرب تحظى بموارد كثيرة نتيجة علاقة الحزب القريبة من الحكومة المركزية والسعودية. ولكن، ما تزال الهوية القبلية أقوى من أي انتماء حزبي أو عوامل بين سكان مأرب المحليين.
نجح حزب الإصلاح نسبيًّا بأن يكون شريكًا مع المحليين بمأرب خلال الحرب. يستند هذا التحالف بشكل أساسي إلى الهدف المشترك المتمثل بمنع توغل الحوثيين في المحافظة، ولكن ما عززه في الواقع الانتماء المشترك إلى المذهب السني الشافعي الذي لديه تاريخ طويل من معارضة غزو الجماعات الشيعية الزيدية التي حكمت أجزاء من شمال غرب اليمن بشكل متقطع على مدى الألفية الماضية.
غير أن العلاقة بين حزب الإصلاح والسكان المحليين بمأرب شهدت توترًا في بعض الأحيان نتيجة تعيين الحزب لموالين غير مؤهلين في مناصب سياسية وأمنية وإدارية. إحدى الشكاوى التي يكررها القادة السياسيون والشخصيات الاجتماعية الذين لا ينتسبون إلى الإصلاح تتعلق بتوظيف عدد كبير من المعلمين المنتمين للحزب الإسلامي، من الذين عملوا سابقًا في المدارس العامة أو مدارس تحفيظ القرآن أو وزارة التربية والتعليم، في المؤسسات المدنية والعسكرية. [20]
كما دعم حزب الإصلاح وبشكل مباشر شيوخ مأرب الذين يعدون موالين له، على حساب آخرين موالين لأحزاب سياسية أخرى، مثل حزب المؤتمر والحزبين الاشتراكي والناصري.[21] بعض أفراد هذه الأحزاب يتهمون حزب الإصلاح بتعيين موالين له من خارج مأرب بمناصب عسكرية وأمنية بدلًا من تعيين أفراد من السكان المحليين. [22] قال بعض الشيوخ والشخصيات التابعة لحزب المؤتمر، الذين كانوا مؤثرين قبل الحرب عندما كان حزبهم والإصلاح يتنافسان بشدة خلال الانتخابات المحلية والبرلمانية، إنهم هُمشوا.[23] كما أصبح للعديد من أعضاء حزب الإصلاح وجودًا واسعًا في الأنشطة التجارية والعقارية مع ازدهار الاقتصاد في مدينة مأرب. [24] دفع نفوذ حزب الإصلاح المتنامي داخل المحافظة بالعديد من سكان مأرب إلى العمل مع الحزب على أساس براغماتي بهدف خدمة مصالحهم الخاصة. [25]
بصفته محافظًا لمأرب وأحد أكثر زعماء قبيلة عبيدة احترامًا، لعب العرادة دورًا بارزًا في إدارة العلاقات بين سكان مأرب المحليين والأطراف الفاعلة، مثل حزب الإصلاح. مع تنامي المحافظة كمعقل رئيسي للحكومة خلال الحرب، [26] اُختير العرادة ليكون الوسيط الذي له الكلمة الأخيرة في النزاعات القبلية في 18 سبتمبر/أيلول 2014، [27] حين وافقت قبائل مأرب على تأجيل الخلافات من أجل التركيز على حماية المحافظة ضد تقدم الحوثيين. اتفقت القبائل أن العرادة، بصفته أحد شيوخ قبيلة عبيدة ومحافظ مأرب، سيكون الوسيط في أي خلافات مستقبلية. ساعد هذه الاتفاق على تعريف ميزان القوة بين القبائل في المحافظة والدولة، لا سيما حزب الإصلاح ضمن هذا السياق. [28]
قوات الحوثيين في مأرب
ينحدر أغلب القادة الحوثيين الذين يشرفون على معارك مأرب من معقل الجماعة الشمالي، محافظة صعدة المحاذية للحدود السعودية. حارب معظم هؤلاء القادة خلال حروب صعدة الست بين عامي 2004 و2010 عندما قاتلت الجماعة قوات الجيش الحكومي من بينها قوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح ووحدات عسكرية موالية للجنرال علي محسن الأحمر. معظم كبار هؤلاء القادة مقربين من زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، مثل شقيقه عبدالخالق الحوثي (أبو يونس) [29] قائد المنطقة العسكرية المركزية. ويوسف المداني، [30] الذي يقود قوات في محافظات الحديدة وحجة والمحويت وريمة بصفته قائد المنطقة العسكرية الخامسة والذي عُيِّن مؤخرًا للمشاركة في الهجوم على مأرب، وهو متزوج من إحدى بنات مؤسس الجماعة، حسين بدرالدين الحوثي، شقيق عبدالملك. كما ينحدر المشرف الأمني للجماعة في مأرب من صعدة. قلة فقط من قادة الحوثيين العسكريين والأمنيين في مأرب ينحدرون من مأرب، مثل مبارك المشن الزايدي، قائد المنطقة العسكرية الثالثة التي تغطي محافظتي مأرب وشبوة. [31] غير أن مهام الزايدي تنحصر في إجراء زيارات التفتيش الشكلية، أي أنه عمليًّا ليس لديه الكثير من التأثير.[32] بالتالي، تتركز القوة في أيدي قادة الحوثيين من خارج المحافظة، مثل عبدالخالق الحوثي ويوسف المداني.
أما معظم الأفراد من الرتب الأخرى ينحدرون من محافظات عمران وصنعاء وذمار. [33] القلة القليلة من عناصر قوات الحوثيين الذين ينحدرون من مأرب، ينتمون لمجموعة الأشراف الهاشمية أو الأقلية الزيدية من قبيلة بني جبر وفرعها القبلي، جهم، في مديرية حريب القراميش.[34] إضافة إلى ذلك، انحاز عدد قليل من أفراد قبيلة مراد، مثل الشيخ البارز حسين حازب وغيره من الزعماء القبليين الثانويين، إلى الحوثيين لأسباب سياسية وأسباب أخرى لا علاقة لها بالدين.[35]
واجه الحوثيون صعوبات في تجنيد محليين من مأرب لأسباب مختلفة. غالبية المحليين في مأرب، بما في ذلك الأشراف، ينتمون إلى المذهب السني الشافعي، وبالتالي، فاقم خطاب الحوثيين المذهبي المثير للانقسام خلال الحرب انعدام الثقة بين الشافعيين والزيديين. من منظور قبلي، استشهد المحليون في مأرب بمعاملة الحوثيين الماكرة مع القبائل التي سهّلت دخولهم إلى مناطق في عمران وحجة وصنعاء وغيرها من المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون كدليل على أن الجماعة لا تحترم الأعراف القبلية ولا يمكن الوثوق بها. في الواقع، يصنف الحوثيون القبائل في منزلة أدنى من طبقة الهاشميين التي تنتمي إليها عائلة الحوثي. وعلى غرار ممارسات السلالات الهاشمية الزيدية التي حكمت أجزاء من اليمن بشكل متقطع على مدار ألف عام، استغل الحوثيون بشكل استراتيجي الأعراف القبلية لكسب شرعية دينية وسياسية واعتمدوا على القبائل لتزويدهم بالمقاتلين. [36]
هناك أيضًا انقسامات تاريخية عميقة بين السكان في محافظة مأرب ومحافظة صعدة المعقل التقليدي للزيديين حيث نشأت جماعة الحوثيين. قاومت قبيلتا مأرب المهيمنتان، عبيدة ومراد، بدءًا من ثلاثينيات القرن الماضي التوغلات العسكرية التي قادها الأئمة الزيديون في المملكة المتوكلية اليمنية. وعام 1948، اغتال الشيخ علي ناصر القردعي، أحد أبرز شيوخ قبيلة مراد، الإمام يحيى حميد الدين، حاكم المملكة المتوكلية. يُعتقد على نطاق واسع في مأرب أن الحوثيين يسعون إلى بناء دولة ثيوقراطية شبيهة بالإمامة الزيدية التي كان مقرها في البدء صعدة وسيطرت لاحقًا على المزيد من المناطق في شمال اليمن. [37]
تغير الديناميكيات القبلية
على غرار ما فعله الرئيس السابق صالح، حاولت القوات الحكومية والحوثيون الضغط على زعماء القبائل المحليين واستمالتهم للسيطرة على مأرب. جندت الأطراف المتحاربة طبقة جديدة من الشيوخ الذين أبدوا ترحيبًا أكثر من غيرهم بوجودهم وأهدافهم، الأمر الذي أدى إلى إعادة توازن القوى القبلية في المحافظة بشكل يذكّر بسياسات المحسوبية لصالح.
سعى الحوثيون خلال سنوات الحرب إلى تمكين الشيوخ الموالين لهم في المناطق التي تتمتع بها الجماعة بعلاقات جغرافية وثقافية مع القبائل المحلية. [38] استخدم الحوثيون هذا التكتيك في حروبهم الست ضد نظام صالح بين عامي 2004 و2010، واعتمدوه لاحقًا لتعزيز قوتهم عندما بدأت الجماعة في التوسع خارج محافظة صعدة عام 2011. استفاد الحوثيون عند توغلهم في مناطق أخرى من اليمن من تحالفهم مع صالح حيث سهّل موالو صالح القبليين تقدمهم الذي توج بالسيطرة على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.
تبنت الحكومة المعترف بها دوليًّا، والتي يهيمن عليها حزب الإصلاح، تكتيكات مماثلة في مأرب خلال الحرب. تم تجاهل بعض الشيوخ المنتسبين إلى حزب المؤتمر الذين استفادوا من نظام المحسوبية لصالح أو قُلصت صلاحياتهم، وحُولت الموارد إلى شيوخ جدد.[39] في كثير من الأحيان، يعمل هؤلاء الشيوخ الذين باتت الحكومة تفضلهم على غيرهم مع الشيوخ التقليديين، ولكنهم يكتسبون نفوذًا أكبر مع مرور الوقت نظرًا لتلقيهم الدعم المالي والرسمي.
خاتمة: تماسك مأرب
ستغير نتائج معركة مأرب معطيات المعادلة السياسية الحالية بشكل جوهري، في حالة استيلاء الحوثيين بالقوة على المحافظة، أو في حال نجاح القوات الحكومية في إيقاف تقدم الحوثيين الأخير، أو التوصل إلى تسوية.
تعد مأرب، باعتبارها آخر معقل للحكومة المعترف بها دوليًا في شمال اليمن ومصدرًا لاحتياطيات النفط والغاز الوفيرة، محافظة استراتيجية وذات قيمة استثنائية في الحرب بين الحوثيين والحكومة. من الجدير بالذكر أن التقدم العسكري السريع الذي أحرزه الحوثيون في مديريات مأرب الجنوبية العبدية وحريب والجوبة منذ أواخر سبتمبر/أيلول يساعد في توفير منفذ محتمل نحو مدينة مأرب من الجنوب.
ما يميز مأرب ويجعلها فريدة من نوعها هو أن المجموعات المتنوعة للقوات المناهضة للحوثيين لم تنقلب على بعضها، كما حدث في المدن الرئيسية الأخرى مثل عدن[40] وتعز. [41] يعود ذلك إلى حقيقة أنهم وضعوا الخلافات على جنب للتركيز على الحاجة الملحة لمحاربة الحوثيين، عدوهم المشترك. إحدى العوامل الأخرى هي الازدهار الاقتصادي النسبي الذي شهدته مأرب خلال السنوات الأخيرة والذي ساعد في تخفيف مصدر رئيسي للمظالم التي يشعر بها آخرون في المحافظات الأخرى التي تسيطر عليها الحكومة شكليًّا. ولكن، القوة المتنامية لحزب الإصلاح أدت إلى توتر هذه العلاقات.
يلعب العرادة دورًا بارزًا في إدارة العلاقات بين القبائل المحلية والقوى الخارجية؛ وبالتالي إذا حدث شيء له، فإن استقرار مأرب سيكون في خطر كبير. ومنذ أن سحبت الإمارات منظومة صواريخ الدفاع الجوي (باتريوت) من مأرب عام 2019، شن الحوثيون هجمات صاروخية على منزله -بما في ذلك مقر إقامته الرسمي في مجمع حكومي- عدة مرات، كان آخرها في 26 سبتمبر/أيلول. [42] إذا حُيِّد هجوم الحوثيين وتلاشى العدو المشترك في مأرب، فالخلافات القبلية القائمة والتوترات الناتجة من الاختلالات الجديدة في السلطة ستعود إلى الواجهة في حال غابت شخصيات في السلطة تحظى بمكانة واحترام العرادة.
أما الحوثيون، فإن انتصارهم في مأرب سيؤدي إلى تغيرات قبلية ودينية وثقافية عميقة. وكما حدث في المحافظات الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون، فإن الجماعة ستعيّن موالين لها كمشرفين [43] وفي مناصب رئيسية أخرى في السلطة. كما ستعيّن الجماعة زعماء دينيين جدد يروجون لنسخة متطرفة من الشيعة الزيدية. وهذا ما حدث بالفعل بعد أن سيطرت قوات الحوثيين على مديرية حريب في مأرب ومديرية بيحان في شبوة في سبتمبر/أيلول 2021، حيث استبدلت الجماعة على الفور أئمة المساجد في هذه المناطق بموالين متطرفين من محافظات صنعاء وعمران وصعدة لإلقاء الخطب في المدارس. [44] ومن أبرز مهام هؤلاء القادة الدينيين عقد محاضرات ثقافية وإقامة معسكرات صيفية تهدف إلى تلقين الأطفال وغيرهم من السكان في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. [45]
وفي حال استيلاء الحوثيين على السلطة، من المرجح أن تستأنف قبائل مأرب تخريب خطوط الكهرباء المؤدية إلى صنعاء، كما فعلوا في السابق قبل الحرب كوسيلة للضغط على حكومتي صالح وهادي. لا تنظر القبائل إلى الحوثيين كحكومة شرعية ومن المحتمل أنها لن تهاجم أنابيب النفط والغاز بهدف الحصول على تنازلات، ولكن بهدف التمرد وتبني تكتيك من شأنه أن يضعف قوة الحوثيين.
كما أنه في حال استيلاء الحوثيين على مأرب، فمن المرجح أن يكون النصر باهظ الثمن إذ أن الأحداث الماضية خلال حكم الإمامة الزيدية تركت ذاكرة ثقافية عميقة تجعل رجال القبائل المحليين ترى في الجماعات الهاشمية الزيدية، مثل الحوثيين، غرباء يسعون للسيطرة عليهم وإخضاعهم بدلًا من دمجهم في النظام الحاكم مهما كان مركزيًّا.
كيسي كومبس هو صحفي مستقل متخصص في شؤون اليمن وباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. يغرد على: Macoombs@
صلاح علي صلاح هو باحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
أُعدت هذه الورقة من قِبل مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية كجزء من مشروع الاستفادة من التكنولوجيا المبتكرة لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين والمساءلة في اليمن. مُوِّلت هذه الورقة من قِبل الحكومة الاتحادية الألمانية وحكومة كندا والاتحاد الأوروبي.
حرب منسية ولاجئون متخلى عنهم: محنة اليمنيين في لبنان
علي الديلمي
(ملاحظة المحرر: نُشرت هذه المقالة أولًا في موقع مصدر عام)
عندما علم سعد من موظف في مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن خيار إعادة التوطين غير متاح للمتقدمين اليمنيين في لبنان، شعر بأنه محطم. [46] أخذ يفكر بوالدته المسنة في اليمن والتي ضحت بكل ما تملك من مدخرات لدفع ثمن تذكرته إلى لبنان، الوجهة التي اعتبرها الفرصة الأخيرة للحصول على مستقبل بعيد عن العنف والمجاعة.
تساءل سعد لماذا خيار إعادة التوطين ليس متاحًا لليمنيين كما هو الحال بالنسبة للاجئين السوريين؟
دخلت الحرب الوحشية في اليمن، الذي يُعد أحد أفقر دول العالم، عامها السابع، وتسببت فيما تصفه الأمم المتحدة “بأسوأ أزمة إنسانية في العالم” وفي نزوح أكثر من 4 ملايين يمني من ديارهم.
أما لبنان فهو أحد البلدان القليلة المتبقية التي يمكن لليمنيين دخولها دون قيود صعبة للحصول على التأشيرة. صحيح أن اليمنيين ما زالوا يحتاجون إلى تأشيرة لدخول لبنان، إلا أنه يمكنهم الحصول على تأشيرة سياحية لمدة ثلاثة أشهر عند وصولهم إلى مطار بيروت، بشرط أن يكونوا حاملين ألفي دولار نقدًا وإثبات على حجز فندقي.
كان اليمنيون يزورون لبنان بشكل متكرر قبل اندلاع الحرب عام 2015، لتلقي العلاج الطبي، أو لممارسة الأعمال التجارية، أو كطلاب للدراسة، أو سائحين.
أما اليوم؛ ونظرًا لأن الحياة في لبنان أصبحت صعبة للغاية بالنسبة لمعظم سكانها، يواجه اليمنيون تحديات معقدة، فمحاولة البقاء على قيد الحياة من الناحية الاقتصادية في وقت يتوجب عليهم التنقل في متاهة من الإجراءات للحصول على وضع اللجوء يتركهم في حالة من عدم اليقين.
الحياة اليومية لليمنيين في لبنان
بالنسبة للمواطن اليمني العادي في لبنان، فإن التعامل مع تكلفة المعيشة هناك والتي تزيد بنسبة 55% والإيجارات التي تزيد بنسبة 276% عما هي عليه في اليمن ليس بالأمر السهل، خاصةً عندما لا يمتلك القدرة على العمل بشكل قانوني. يُذكر أن قانون العمل اللبناني يمنع أي أجنبي زائر من العمل باستثناء من يمتلك تصريح عمل صادر عن وزارة العمل اللبنانية، وهو التصريح الذي يتطلب من المتقدمين استيفاء شروط يصعب الوفاء بها. أحد الشروط على سبيل المثال هو أن يحصل المهاجرون المحتملون على موافقة مسبقة من الوزارة قبل وصولهم إلى لبنان، وبالتالي يبتعد اليمنيون عن العمل في لبنان خوفًا من الاعتقال والترحيل.
أما الطلاب وهم غالبية الجالية اليمنية في لبنان يواجهون أكبر العقبات هناك. قبل الحرب كان بعضهم يعتمد على المنح الدراسية والمخصصات المنتظمة من الحكومة اليمنية، لكن التأخير المستمر في صرفها حاليًّا تسبب في معاناة الكثير منهم من الجوع أو الطرد من سكنهم الطلابي بسبب عدم تمكنهم من دفع الإيجار.
على الرغم من تنظيم الطلاب لاحتجاجات على هذه الظروف أمام السفارة اليمنية في بيروت عام 2016، إلا أن وسائل الإعلام اللبنانية أو الدولية لم تغطِ تلك الاحتجاجات ولم يتحسن الوضع.
خلال الفترة الماضية، اعتمد هؤلاء الطلاب الذين لم يحصلوا على منح دراسية على الدعم المالي المقدم من أسرهم في اليمن، لكن ست سنوات من الحرب استنفدت هذا المصدر تقريبًا.
حتى تجديد الإقامات الذي تستوجبه الدولة اللبنانية سنويًّا يشكل مصدر قلق للطلاب، حيث تتطلب عملية التجديد، التي تبلغ تكلفتها حوالي 300 ألف ليرة لبنانية، أوراق هوية، وإثبات مصدر دخل أجنبي، وشهادة من مؤسسة أو جامعة تحدد فترة تسجيل الطالب فيها، وإثبات محل الإقامة في لبنان، وتعهد موقع من كاتب العدل بأن الطالب لن يعمل.
“إنه لأمر يبعث على الإحباط، فأنا لم أعد أعرف ما إذا كان عليّ التركيز على دراستي، أو على كيفية إنفاق ما تبقى من المال القليل الذي أملكه للبقاء على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة”، هذا ما قاله سام، وهو طالب يمني جاء إلى لبنان عام 2013 للدراسة الجامعية.
أُجبر عشرات الطلاب اليمنيين على الاختيار بين الجوع أو التعليم، وبالتالي تركوا الدراسة.
ومع ذلك، يجد العديد من اليمنيين أن الحياة في لبنان مُثرية لهم من الناحية الشخصية ويستمتعون بالتجربة التي تفتح أعينهم على ثقافات متعددة وتاريخ ثري ولغات وأنماط حياة مختلفة. تُعد الحريات الشخصية ضرورية أيضًا، حيث يمكن لليمنيين التنقل بحرية في جميع أنحاء البلاد، شريطة أن يحملوا تأشيرة دخول أو تصريح إقامة، ولا يوجد أي مخاوف من أي اضطهاد ديني مباشر.
اللجوء لليمنيين
وفقًا لأرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، بلغ عدد اليمنيين المحسوبين كلاجئين في لبنان منتصف عام 2020 25 يمنيًّا فقط.
بموجب تعريف اتفاقية اللاجئين لعام 1951 الذي تستخدمه مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اللاجئ هو ”من يوجد خارج دولة جنسيته بسبب خوفه المبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك الخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك.”
للتقدم بطلب للحصول على اللجوء، يقوم اليمنيون أولًا بملء استمارة في مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ثم ينتظرون مقابلة مسؤول هناك. عند الذهاب إلى المقابلة، يجب على مقدم الطلب إحضار الشهادات والوثائق التي تدعم الطلب. أما في المقابلة، فتدور الأسئلة حول خلفية مقدم الطلب، وحالته الصحية، ووضعه الأسري، وخططه المستقبلية، والقضايا السياسية، والحياة في لبنان، وكيف يتأقلم مع هذه الحياة. من ثم يقوم المكتب بالتحقق من الوضع القانوني لمقدم الطلب وما إذا كانت إقامته السنوية قد انتهت أم لا. يتحقق المكتب أيضًا مما إذا كان لمقدم الطلب أي سجل إجرامي لدى الأمن العام اللبناني.
في مرحلة انتظار الحصول على اللجوء، تعتبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقدم الطلب “طالب لجوء ” أو “شخص يسعى للحصول على الحماية الدولية ولم يتم بعد البت بشأن قبول طلبه للحصول على صفة لاجئ.”
عام 2020، بلغ عدد طالبي اللجوء اليمنيين في لبنان 104 يمنيين.
وفقًا لإحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال الفترة بين عامي 2017 و2019، انخفض عدد طالبي اللجوء اليمنيين في لبنان من 50 إلى 29 شخصًا. ومن إجمالي عدد الطلبات المقدمة خلال تلك الفترة التي وصل عددها إلى 121 ولم يتم الموافقة إلا على 40 منها. ليس من الواضح لماذا “أُغلقت” بقية الطلبات البالغ عددها 81 طلبًا.
توفر المفوضية أيضًا خيارات إعادة التوطين، والتي يمكن للاجئين من خلالها طلب الهجرة إلى دولة ثالثة توافق على قبولهم ومنحهم الإقامة الدائمة. هذا الحل مخصص للاجئين الذين لا يستطيعون العودة إلى أوطانهم بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار أو الحروب أو الاضطهاد.
مع استمرار الحرب في اليمن وانتشار الفقر والمجاعة والخوف والدمار في جميع أنحاء البلاد، لا يمكن لليمنيين في الخارج العودة.
“لقد قدمت طلب اللجوء لأنني لم أعد أر أي مستقبل لي في اليمن، فقد أردت أنا ومن ثم أسرتي لاحقًا بأن تمنحنا المفوضية اللجوء ومن ثم إعادة التوطين في بلد آخر والحصول على حياة أفضل،” هذا ما قاله ياسر، رجل يمني انتقل إلى لبنان مع زوجته وأطفاله لمتابعة دراسته.
لكن الحصول على وضع اللجوء من قِبل المفوضية يعتبر رحلة شاقة.
كشفت المقابلات التي أُجريت في مايو/أيار 2021 مع 14 يمنيًّا ويمنية ممن تقدموا بطلبات للحصول على اللجوء عن شعور مشترك بأن عملية إعادة التوطين تستغرق وقتًا طويلًا للغاية وأنه لا يوجد لديهم أمل في أن طلباتهم ستُقبل، حتى أن البعض وصف العملية برمتها بأنها “غير مجدية”.
وقال يمني آخر قدم طلب اللجوء مع أسرته قبل ثلاث سنوات “بعد الانتهاء من المقابلة وبعد قبولنا، حصلنا على شهادة طالب لجوء من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويعني ذلك أننا لم نحصل على شهادة اللجوء بعد على الرغم من أن الوصول إلى هذه المرحلة من التقديم على اللجوء استغرق أكثر من عام كامل.”
يعتقد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أيضًا أن المفوضية تعامل طالبي اللجوء اليمنيين بشكل مختلف عن طالبي اللجوء من الجنسيات الأخرى. قال أحد طالبي اللجوء اليمنيين “تستغرق طلبات اللجوء لليمنيين وقتًا طويلًا جدًا على عكس الجنسيات الأخرى، وذلك على الرغم من أن عدد الطلبات اليمنية ضئيل مقارنة بطلبات الجنسيات الأخرى. وأضاف “إنني أفقد الثقة في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
في حين روى طالب لجوء آخر ما قاله له أحد موظفي المفوضية: “ليس لديكم حكومة يمنية تلفت انتباهنا إلى مواطنيها المشتتين. لا يمكن المقارنة بين ملايين السوريين الذين غادروا بلادهم ويقيمون في لبنان، وبين اليمنيين الذين تعتبر أعدادهم ضئيلة”.
في الآونة الأخيرة، قُبل عدد قليل من اليمنيين لإعادة توطينهم ومنحهم شهادات لاجئين من قِبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكن عملية إعادة توطينهم لا تزال معلقة. عند التحدث إلى طالبي اللجوء المذكورين، بدا أن اثنين منهم على الأقل تلقيا دعمًا نشطًا من قِبل مسؤول في الأمم المتحدة وعضو في فريق خبراء الأمم المتحدة في اليمن.
وجد البحث في هذا المقال أن لاجئًا يمنيًّا واحدًا فقط أُعيد توطينه بنجاح في أوروبا، وكانت قضيته مرتبطة بسياسي كبير مطلوب من قِبل أحد أطراف الحرب في اليمن.
يبدو أن المواطن اليمني العادي الذي ليس لديه القدرة على مناشدة أحد ذو تأثير سياسي لا يستطيع إحراز تقدم في المعاملات الداخلية لدى مكتب المفوضية. لا تزال الأسباب الكامنة وراء ذلك غير واضحة، كما لم تستجب المفوضية لطلب الكاتب للتعليق على الأمر حتى كتابة هذه السطور.
وقال سعد “عندما أخبرت أحد موظفي المفوضية أنه من حقي أن أصبح لاجئًا في المفوضية وأن يعاد توطيني،” أجابتني قائلة: “نحن لا نمنح إعادة التوطين لليمنيين”. وقال طالب لجوء آخر بصراحة: “أدركت أن ما يُكتب على الورق هو أنه يمكن أن أصبح لاجئًا وأن يعاد توطيني، لكن في الواقع في هذا العالم لا يمكنني القيام بذلك على الإطلاق”.
حدود مساعدة المفوضية
عبّر طالبو لجوء يمنيين عن خيبة أملهم من أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تساعدهم في التغلب على التعقيدات التي يواجهونها في مؤسسات الدولة اللبنانية.
وينطبق هذا الأمر على الاعتقالات والترحيل الذي يتعرض له يمنيون يحملون صفة طالبي لجوء. وفقًا للإجراءات السارية، يجب على اليمني الحاصل على شهادة طالب لجوء من المفوضية أن يحملها معه في جميع الأوقات، وفي حالة توقيف الأمن العام اللبناني للشخص بسبب انتهاء صلاحية الإقامة، يجب عليه الاتصال بمكتب المفوضية، الذي يُفترض أن يخصص له محاميًّا للعمل من أجل الإفراج عنه.
على الرغم من ذلك، لم تنجح هذه العملية بالنسبة لآدم الذي كان يحمل صفة لاجئ حيث تلقى إشعارًا بالترحيل من الأمن العام اللبناني عام 2016 وذلك بسبب انتهاء إقامته. يدعي آدم أنه لم يتلقَ أي اهتمام من المفوضية واضطر في النهاية إلى طلب المساعدة من أصدقاء لبنانيين.
لا يواجه اليمنيون التهديد بالترحيل في لبنان وحسب، بل خارجه أيضًا. ففي الأردن ، أدت عمليات الترحيل هذا العام إلى احتجاجات في صفوف المغتربين اليمنيين ومنظمات حقوق الإنسان ضد عمليات ترحيل طالبي اللجوء اليمنيين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
أكد معظم الذين تمت مقابلتهم أنهم تلقوا مساعدات مالية وإنسانية من مكتب المفوضية. قال أحد طالبي اللجوء “تلقيت 280 دولارًا شهريًّا من الأمم المتحدة لستة أشهر، ثم توقف ذلك قبل بضع سنوات. عندما سألت عن السبب، قيل لي إن المساعدة المالية الشهرية تُمنح على أساس الأولوية ولفترة زمنية محدودة”.
وروى طالب لجوء آخر قائلًا “أعطاني المكتب 40,500 ليرة لبنانية شهريًّا لفترة من الوقت ومن ثم توقف. كان ذلك عندما كان سعر صرف الليرة اللبنانية 1,500 ليرة لبنانية لكل دولار أمريكي. بمجرد حصولي على الشهادة، لم يستمر الدعم الشهري سوى لثلاثة أشهر إضافية. في العام التالي، زادت المساعدة إلى 100 ألف ليرة لبنانية بعد تغير سعر صرف الليرة، لكنها استمرت لمدة أربعة أشهر فقط. أما هذا العام، فلم أتلقَ أي مساعدات حتى الآن”.
قدم مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساعدة شتوية مرة واحدة في السنة. في شهر يناير/كانون الثاني، حصل طالب لجوء على 900 ألف ليرة لبنانية، أما العام الماضي ونظرًا لاختلاف سعر الصرف، فقد حصل على 400 ألف ليرة لبنانية.
يجد اليمنيون أنفسهم وحياتهم في مأزق، وذلك في خضم هذا الارتباك بشأن توقيت ومقدار المساعدة المالية المقدمة من المفوضية، فهم يشعرون أنهم يعاملون كمستلمين للمساعدات قصيرة الأجل سرعان ما يُنسى أمرهم.
حرب منسية ولاجئون منسيون
في خضم تعتيم إعلامي على الظروف المدمرة داخل بلدهم وغياب حملات مناصرة قوية من قِبل المجتمع المدني اليمني ونشطاء حقوق الإنسان، يشعر اللاجئون اليمنيون أن مصيرهم كمصير وطنهم ليس من بين أولويات المجتمع الدولي.
كل عام، لا يتم النظر سوى في عدد محدود من الطلبات المقدمة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ضمن برامج إعادة توطين اللاجئين. وعادة ما تنشأ هذه البرامج وتُحدد من قبل دول إعادة التوطين.
بعض تلك الدول متورطة أيضًا في الحرب في اليمن أو متواطئة في جرائم الحرب وتديم الحرب من خلال صفقات أسلحة ضخمة كالولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا، وغيرها من الدول.
وصرح مصدر أممي مطّلع شريطة عدم الكشف عن هويته قائلًا “للأسف، لم يتم إدراج اليمنيين في برامج إعادة التوطين من قِبل الدول البارزة. تلك الدول تسيطر على مشهد إعادة التوطين، والسياسة تلعب دورًا كبيرًا في الأمر. السعودية تعتبر اليمن مشكلة. يمكننا أن نرى أن سوريا مارست ضغطًا كبيرًا على أوروبا من خلال تدفق اللاجئين من تركيا، لكن اليمن ليست مشكلة قريبة من مثل هذه البلدان، وبالتالي تعمل تلك البلدان دائمًا على حل المشاكل التي تؤثر عليهم داخليًّا”.
حتى عند مقارنة تلك الدول باليمن ولبنان، نرى أن لبنان واليمن تستضيفان أعدادًا من المهاجرين أكبر من المهاجرين الذين تستضيفهم أغنى دول العالم.
عام 2018، استقبل اليمن عدد مهاجرين أكبر من العدد الذي استقبلته أوروبا مجتمعة. عام 2019، بلغ متوسط عدد الأشخاص الذين يصعدون على متن السفن من القرن الأفريقي إلى اليمن في الشهر الواحد 11,500 شخص، وهو ما يجعل البحر الأحمر أكثر طرق الهجرة البحرية ازدحام ً ا على وجه الأرض، على الرغم من أنه لا يحظى بأي اهتمام تقريبًا مقارنة بالبحر الأبيض المتوسط. أضف إلى ذلك أن اليمن يستضيف ثاني أكبر عدد من اللاجئين الصوماليين في العالم.
كما أحرجت لبنان دولًا أقوى وأكثر ثراءً بفتح أبوابها لملايين اللاجئين من جميع أنحاء العالم، على الرغم من أنها ليست طرفًا في اتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو بروتوكولها لعام 1967.
في خضم الأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان، يجب على وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المناصرة الدولية بذل المزيد من الجهود لمساعدة ودعم اليمنيين داخل البلاد وخارجها.
علي الديلمي هو باحث ومدير برنامج في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
مقتطف من كتاب: يوم جاء المسلحون
عبد القادر الجنيد
(ملاحظة المحرر: فيما يلي مقتطف من كتاب عبد القادر الجنيد “أيام السجن في صنعاء”، الذي نشرته دار النشر العربية في سبتمبر/أيلول.)
جاء المسلحون لاقتيادي الساعة الثالثة بعد الظهر. وعندما أخذوني معهم بعدها بساعة، لم أكن أعرف ما إذا كنت سأرى منزلي مرة أخرى.
في الخامس من أغسطس/آب 2015، اُختطفت من المنزل الذي بنيته أنا وزوجتي سلوى، المنزل الذي احتفلنا فيه بعيد ميلادي السادس والستين قبل ثلاثة أيام فقط.
بعد مسافة قصيرة بالسيارة، ترجلت منها واقتادوني -مكبل اليدين ومعصوب العينين- إلى مبنى. أُجبرت على الوقوف في مواجهة الحائط. ثم بدأ استجوابي، واستمر لمدة خمس ساعات مرهقة.
استجوبني رجلان. وكان من الواضح من لهجتهما أن أحدهما من تعز والآخر من الشمال. سألتُ الى أي فرع من قوات الأمن ينتمون، وادعى الشمالي أنهم فقط “أنصار الله.”
(أنصار الله هو الاسم الرسمي لجماعة الحوثيين المسلحة).
لاحقًا، نقلوني إلى رجل آخر، هو محمد الشرفي، فتش جيوبي وطلب بطاقة هويتي. شرحت أنه لا يوجد معي بطاقة هوية كوني اُختطفت من منزلي دون أي فرصة لإحضار أي شيء. قال ساخرًا “نعم، أنت بريء ولم تكن تفعل شيئًا. لقد أخذوك هكذا دون سبب”. ثم، وبلهجة تهديدية، قال: “أنت داعشي”. لم أستطع أن أمنع نفسي من الضحك فانفجرت ضاحكًا: “ليس هذا مجددًا!”
نظر إلي بازدراء، وقال بنبرة حادة “مووو-جاااا-ووومة” (مقاومة).
ابتسمت لنفسي بتجهم بينما كان الشرفي يعصب عينيّ ويضعني داخل المبنى. الآن أصبحتُ واحدًا من “المخفيين قسرًا”، الذين اختفوا في العاصمة التي يحتلها الحوثيون. دفعوا بي بخشونة في ممرٍ باردٍ عالي السقف، كان بإمكاني أن أراه من حين لآخر أسفل العصابة. كان مغطى ببلاط باهظ الثمن، ومفروش بالسجاد في الوسط وبه مداخل خشبية فاخرة -مبنى من العصر العثماني جرى إصلاحه وتجديده من قِبل الرئيس أردوغان لإحياء الإرث التركي في اليمن.
قبل إعطائي مساحة على الأرض للنوم، طلبتُ استخدام الحمام، وأطلق الشرفي يدًا واحدة من الأصفاد على مضض، وقادني إلى الحمام وحذرني من “القيام بأي شيء بطولي”. ثم طُلب مني الاستلقاء على سجادة حمراء وأمرت بأن أنام، بعد أن رفضوا أعطائي بطانية. وعلى الرغم من الصقيع، أرهق التوتر جسدي وسرعان ما تغلب عليّ النعاس. بعدها بفترة وجيزة، أيقظني شخص ما كان يعاني من صعوبة في التنفس وحينها أدركت أنني لست وحدي.
اقترب شخص من الرجل الذي يعاني من ضيق بالتنفس، ولكنه أُمر بوقاحة بالعودة إلى مكانه. قال الرجل: “يجب أن أساعده. إنه أخي. هو مريض وأجرى للتو عملية جراحية في صدره بالأردن”.
سرعان ما تحسنت حالة الرجل وتمكن من التنفس بهدوء، وبدا أنه نام، كما فعلتُ أنا. عندما استيقظت، كان بإمكاني رؤية ضوء الصباح قادمًا من نهاية الممر. عم الهدوء بشكل مخيف.
ناديت “هل يوجد أحد بالجوار؟ “أحتاج الذهاب إلى الحمام.”
كان الحراس قد تغيروا. اقتادني حارس آخر جديد إلى نهاية الممر وفك قيود معصمي الأيمن. دخلتُ وخلعتُ العصابة عن عيني. ألقيتُ لمحة من النافذة على سطح أحد المباني القديمة المميزة في المدينة، مما أكد لي أنني كنت بالفعل في مبنى عمره 200 عام استولت عليه الأجهزة الأمنية واستُخدم أولًا من قِبل صالح ثم لاحقًا من قِبل الحوثيين كمركز استجواب واعتقال. وضعت العصابة على عيني مرة أخرى وخرجت، لكن كان لا يزال بإمكاني أن أميز جنديًّا ملثمًا يرتدي الزي الكاكي ويحمل بندقية كلاشينكوف على كتفه. وضع الأصفاد في يدي، وشد العصابة على عينيّ، ثم أعادني إلى مكاني، حيث أمروني بالاستلقاء.
بعد فترة طويلة، تلقيت فطورًا صغيرًا من الخبز والفاصوليا، أكلته على عجل وأنا لا أزال مقيدًا ومعصوب العينين. كان أول طعام أتناوله خلال 24 ساعة تقريبًا. كان بإمكاني أن ألمح عدة سجناء آخرين من حولي. لم يُسمح لنا بالجلوس أو الوقوف أو التحدث، حيث أمرونا “بالاستلقاء وإغلاق أفواهنا”.
بعد ذلك أحضروا لنا وجبة غداء بسيطة من الأرز والبطاطس وقطعة صغيرة من اللحم. أكلت بتردد. كان الصمت يعم أرجاء المكان. وبسبب عصابة العينين ومحنتي في الليلة الماضية، غفوت بشكل متقطع حتى المساء -الذي بدأ فيه استجوابي.
كان الهدوء لا يزال يخيّم على المكان عندما حل الظلام. سمعت خطوات ثقيلة على طول الممر، وأصوات رجال مختلفة ودق على الأبواب. بحلول ذلك الوقت كان هناك المزيد من الناس يفترشون الأرض على طول الممر. بقيت مقيّد اليدين على السجادة في المنتصف، أُلقي نظرات خاطفة من خلف العصابة. كنت أسمع استجواب الناس وراء الأبواب المغلقة. بعد فترة وجيزة، أُمرت بالوقوف على قدمي وتم نقلي إلى إحدى الغرف.
بإلقاء نظرة خاطفة من تحت عصابة عيني، رأيت ثلاثة رجال يجلسون بالطراز اليمني على مرتبة مغطاة بالسجاد، وأذرعهم ترتكز على دعامات مستطيلة الشكل. كان قائدهم يرتدي ثوبًا أبيضًا ضيقًا ومعطفًا داكن اللون. أدار رأسه جانبًا عندما دخلت الغرفة، خوفًا من أنني قد أتمكن من رؤية وجهه. أُمرت بالجلوس على أريكة ممزقة، حيث تمكنت من رؤية أحدهم. كان جالسًا على كرسي أمامي مرتديًّا معوز -على غرار التنورة الأسكتلندية الطويلة. ونظرًا للهجته، استطعت أن أميز إنه من نفس المنطقة التي أنتمي إليها.
كان الرجل الذي يجلس بجانب القائد هو من يطرح الأسئلة، وكان واضحًا أنه لم يكن الشخص الذي يقود الاستجواب. كان يتوقف فجأة خلال طرح سؤال ما ثم يسأل شيئًا خارج السياق. وكلما توقف في منتصف الجملة، كان الأمر يبدو كما لو أن شخصًا ما كان يشير إليه بعدم المضي قدمًا أو عدم الضغط علي بشدة. كان الرؤساء الحقيقيون في الخلفية، غير مرئيين وغير مسموعين.
في البداية، كانت الأسئلة تتعلق بي وبعائلتي ومكانتي في المجتمع. أخبرتهم بصدق أنني انتُخبت مديرًا لمجلس بلدية تعز عام 1980، وقدت حركة شعبية كبيرة مناهضة للحرب عام 1994، وأن صالح نفسه يعتبرني معارضًا. سُئلت إن كنت أعرف من اعتقلني.
أجبته: “الحوثيون. كانوا يرتدون شعار الصرخة” التي كانت مثبتة بقمصانهم.
(ملاحظةُ المحرر: تشير الصرخة إلى شعار جماعة الحوثيين: “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”).
ثم سُئلت إذا اعتُقلت من قبل وأجبتُ بأن الرئيس صالح سجنني لبضعة أيام عام 1995، بعد عام من الحرب الأهلية، كعقاب على أنشطتي المناهضة للحرب.
“اها! لديك سجل…”، علّق المحقق منتصرًا، وتوقف في منتصف الجملة. استنتجت أن رئيسه قد أشار إليه بأن لا يكمل ما يريد قوله. بدلًا من ذلك، سُئلت عما فعلته لإزعاج الحوثيين، كما لو أن الموجودين في الغرفة ليسوا متورطين في اختطافي.
“لم أفعل أي شيء. أناس كثر فعلوا أكثر بكثير مما فعلت. قد تجد قرابة المليون شخص مثلي على وسائل التواصل الاجتماعي بكل سهولة. ما هو الخطأ في إبداء الرأي؟ على أي حال، قبل الانقلاب، لم أكن أعارض بشدة أي من الجانبين. حتى أنني أعتقد أن الحوثيين كانوا سعداء بما كتبته لمؤسسة البحث والتطوير (راند) في أمريكا”. كنت أشير إلى تحليل موسع كنت قد ساهمت به في منظمة الأبحاث الأمريكية المعروفة بشأن أصول الحوثيين، والتي علمتُ أن عبدالملك الحوثي نفسه قد قرأها.
“الأمريكيون! هل قلت الأمريكيون؟” صرخ، وأمر أحد مرافقيه بكتابة ذلك. حينها أدركت أنهم كانوا يكتبون محضرًا خلال الاستجواب.
عندما غيّر المحقق الموضوع بشكل غير متوقع، أدركت مرة أخرى أن الرئيس قد أشار إليه للتوقف وأن ما يحدث كان بمثابة لعبة القط والفأر. “متى بدأت معارضتك للحوثيين؟”
“عندما حمل الغولي الكلاشينكوف وصاح (السلام) وهو يحاصر عمران” أجبته في إشارة إلى الشيخ الغولي الذي دفع بالموالين لصالح ومليشيا الحوثي إلى التوافد باتجاه عمران وصنعاء ومحاصرة المدينتين.
بدا المحقق مستعدًا للإمساك بي من عنقي، ولكن أُجبر على تمالك نفسه بأمر من رئيسه الذي بدا أنه يُقدر إجاباتي. الكل في اليمن ضحك على ما يُسمى بـ “الشيخ” الغولي، الذي تفاخر بإحداث التغيير بالطرق السلمية في عمران بينما كان يستعد لمحاصرة المدينة وهو مدجج بالسلاح.
سأل المحقق “لكن ما الذي كتبته بالتحديد والذي أزعج الحوثيين؟”
في هذه اللحظة، كنت قد بدأت في الاستمتاع بمسار الاستجواب. بشكل عام، أحببت فكرة أنهم يؤمنون بقوة كتابتي.
“لا أملك أدنى فكرة. لا أستطيع معرفة سبب انزعاجهم مني”.
سأل “حسنًا، أخبرنا ما هو آخر شيء كتبته”. أجبت: “عن كابوس … كابوس طويل جدًا”.
عبر عن شكه وقال: “تقول ‘كابوس’ ولا تتوقع منهم أن يغضبوا؟”
أجبته قائلًا: “بحق الله، مع كل هذه الأشياء التي تحدث في اليمن، ألا تجده كابوسًا؟”
مرة أخرى، قام بتغيير الحديث. “هل تؤيد العدوان السعودي؟”
تدفقت الكلمات من فمي. “أعرف أن هناك دبابات في شوارع تعز تقصف أحياءنا. رأيت بأم عيني مدافع الهاوتزر تستهدف مناطق سكنية من القصر الرئاسي، ورأيت الدخان المنبعث من صواريخ الكاتيوشا يصيب منازل الناس. إنهم يقصفون المدنيين بشكل عشوائي. أعرف أن القناصة يقتلون المارة الأبرياء ويطلقون النار على غرف النوم على امتداد البلدة القديمة. أعلم أن أفراد عائلتي قد أُجبروا على ترك منازلهم. أعلم أنكم خسرتم دعمنا تمامًا في تعز”.
التزم المحقق الصمت. لقد انتهى. وللمرة الثانية، أُجبرت على وضع بصمات أصابعي على الأوراق وأنا معصوب العينين ومقيّد اليدين دون أن أعرف ما هو مكتوب عليها. سُئلت عما إذا كان لدي أي طلبات، فأجبتُ أنني مستاء من تقييدي وعصب عينيّ واضطراري إلى طلب الإذن لاستخدام الحمام.
سألتُ إذا كان لديهم هاتفي وهاتف سلوى.
قال المحقق إنه لا يعرف ما إذا كانت الهواتف أُرسلت من تعز أم لا، وتم إعادتي إلى مكاني على السجادة الحمراء وأمروني بالاستلقاء على الأرض. لكني لم أفعل -بل جلست.
عبد القادر الجنيد هو طبيب وناشط حقوقي يمني من تعز. يغرد على alguneid@
أعد هذا التقرير (حسب الترتيب الأبجدي): أبو بكر الشماحي، إلهام عمر، أماني حمد، توفيق الجند، جوناثان جورفت، حمزة الحمادي، ريان بيلي، سارة فيليبس، سبنسر أوسبرغ، سوزان سيفريد، صلاح علي صلاح، عبدالغني الإرياني، غيداء الرشيدي، علي الديلمي، غريغوري جونسن، فارع المسلمي، ماجد المذحجي، منال غانم، كيسي كومبس، ياسمين الإرياني ويحيى أبوزيد.
تقرير اليمن، هو تقرير شهري يصدره مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية منذ يونيو/ حزيران 2016، وصدر كنشرة شهرية باسم “اليمن في الأمم المتحدة” في أعوامه الأولى. يهدف التقرير إلى رصد وتقييم التطورات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية والحقوقية بشأن اليمن وتزويد القراء برؤية سياقية شاملة حول أهم القضايا الجارية في البلاد.
لإعداد “تقرير اليمن”، يقوم فريق مركز صنعاء في مختلف أنحاء اليمن والعالم، بجمع المعلومات والأبحاث، وعقد اجتماعات خاصة مع الجهات المعنية المحلية والإقليمية والدولية، لتحليل التطورات المحلية والإقليمية والدولية المتعلقة باليمن.
مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية هو مركز أبحاث مستقل يسعى إلى إحداث فارق عبر الإنتاج المعرفي، مع تركيز خاص على اليمن والإقليم المجاور. تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.
- “ميناء صلالة يتعاون مع شركة ميرسك لإطلاق خدمة لوجستية جديدة شاملة لليمن عبر المنطقة الحرة في المزيونة”، ميناء صلالة، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://www.salalahport.com.om/index.php? itemid =148&newsid=
- حسب بيانات الاستيراد التي اطلع عليها مركز صنعاء.
- “بيان هام.. البنك المركزي اليمني يتخذ قرار بإيقاف تراخيص مزاولة أعمال الصرافة لعدد من شركات ومنشآت الصرافة،” البنك المركزي اليمني، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://www.cby-ye.com/news/165
- “البنك المركزي يُصدر تعميماً حول الربط الشبكي لأنظمة الصرافين،” البنك المركزي اليمني، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://www.cby-ye.com/news/171
- مبادرة تتبع الاقتصاد اليمني، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
- بقش، تغريدة على تويتر، “أسعار صرف الريال اليمني مقابل الدولار،” 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://twitter.com/BoqashO/status/1453636945956024320
- بقش، تغريدة على تويتر، “سخط في مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية ارتفاع سعر دبة البنزين،” 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://twitter.com/BoqashO/status/1452991975121096714
- بقش، تغريدة على تويتر، “استئناف العمل بمحطات شركة النفط،” 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://twitter.com/BoqashO/status/1453049646381686792
- “عدن نت تعلن رفع رسوم خدمة الإنترنت،” عدن برس، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، http://adenpress.news/news/43423
- بقش، تغريدة على تويتر، “كشف المحطات التابعة لشركة النفط والعاملة في الأمانة وبقية محافظات حكومة صنعاء،” 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://twitter.com/BoqashO/status/1453444488530219019
- “لمحة حضرية عن مأرب: نموذج محفوف بالمخاطر من التعايش السلمي تحت التهديد”، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، مارس/آذار 2021، ص 21، https://unhabitat.org/sites/default/files/2021/04/210408_marib_small.pdf
- يقع مقر المنطقة العسكرية الثالثة، المسؤولة عن العمليات في محافظتي مأرب وشبوة، في مأرب. كما يقع المقر المؤقت للمنطقة العسكرية السابعة التي تغطي محافظات صنعاء وذمار وإب والبيضاء التي يسيطر عليها الحوثيون، والمقر المؤقت للمنطقة العسكرية السادسة التي تغطي العمليات في محافظات الجوف وعمران وصعدة التي يسيطر عليها الحوثيون في مأرب أيضًا.
- مقابلة مع أحد زعماء قبيلة مراد في مأرب، نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
- كيسي كومبس وعلي السكني، “مأرب: تقدم الحوثيين يهدد المعقل الأخير للحكومة في الشمال،” مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/11793
- مقابلة مع محافظ مأرب السابق اللواء أحمد قرحش، نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
- أحمد الطرس العرامي، “القبائل والدولة في مأرب،” مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 4 مايو/أيار 2021، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/13968
- مقابلة مع مسؤول في حزب الإصلاح مركزه عدن، أغسطس/آب 2019. قال المسؤول إن بعض قادة الإصلاح الذين فروا من عدن ذهبوا إلى مأرب بينما ذهب البعض الآخر إلى تركيا والسعودية بعد اغتيال دعاة وأئمة مرتبطين بالحزب في العاصمة المؤقتة وخاصة بعد سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن في أغسطس/آب 2019.
- المصدر نفسه. تعود علاقات الحزب بقبائل مأرب إلى فترة تشكيل الحزب في التسعينيات، وإن كان وجوده آنذاك محصورًا إلى حد كبير في مأرب الوادي وأجزاء من مديريات حريب والعبدية والجوبة. ظل الإصلاح في ظل حزب المؤتمر الذي تزعمه الرئيس السابق صالح الذي حظي بشعبية أوسع.
- مقابلة مع باحث في مأرب أكتوبر/تشرين الأول 2021.
- مقابلة مع باحثين في مأرب، أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول 2021.
- مقابلات مع قادة أحزاب سياسية غير تابعين للإصلاح في مأرب، نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
- المصدر نفسه. مقابلات مع فردين من قبيلة مراد، أحدهما محسوب على المؤتمر الشعبي العام، أغسطس/آب 2020. ومن الأمثلة على كبار المسؤولين العسكريين في مأرب الذين ينحدرون من خارج المحافظة: قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء منصور ثوابه من محافظة الجوف؛ رئيس أركان المنطقة العسكرية الثالثة العميد عبد الرقيب دبوان من محافظة تعز؛ مدير عام شرطة مأرب السابق عبد الملك المداني من محافظة حجة؛ والقائد السابق لقوات الأمن الخاصة عبدالغني شعلان من حجة.
- كيسي كومبس وعلي السكني، “مأرب: تقدم الحوثيين يهدد المعقل الأخير للحكومة في الشمال،” مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/11793
- مقابلة مع رجل أعمال محسوب على الإصلاح من محافظة إب يعمل في مجال العقارات في مأرب، يناير/كانون الثاني 2021.
- مقابلات مع سبعة من سكان مأرب، يونيو/حزيران 2021.
- أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية في مايو/أيار 2017 شقيق العرادة، خالد، المقرب من نائب الرئيس علي محسن الأحمر، لتقديمه الدعم لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. للمزيد، انظر: https://www.treasury.gov/press-center/press-releases/Pages/sm0091.aspx وقال المحافظ سلطان العرادة أن هذه الخطوة لها دوافع سياسية. انظر بن هوبارد، “بينما ينهار اليمن، هناك بلدة تحظى بهدوء نسبي،” نيويورك تايمز، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، https://www.nytimes.com/2017/11/09/world/middleeast/yemen-marib-war-ice-cream.html
- ناجي الحنيشي، “مأرب تحيي الذكرى الثالثة لمطارح صد العدوان الحوثي،” موقع 26 سبتمبر، 20 سبتمبر/أيلول 2017، http://www.26sepnews.net/2017/09/20/1-86/
- أحمد الطرس العرامي، “القبائل والدولة في مأرب،” مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 4 مايو/أيار 2021، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/13968
- فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات على أبو يونس في نوفمبر/تشرين الثاني 2014. للمزيد، انظر: https://www.un.org/securitycouncil/sanctions/2140/materials/summaries/individual/abd-al-khaliq-al-houthi استبدل أبو يونس مؤخرًا بمحمد عبدالكريم الغماري كقائد لهجوم الحوثيين في مأرب، وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية التي فرضت عقوبات على الغماري في مايو/أيار 2021. للمزيد، انظر: https://content.govdelivery.com/accounts/USTREAS/bulletins/2da44c2/
- فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على المداني في مايو/أيار 2021. للمزيد، انظر: https://content.govdelivery.com/accounts/USTREAS/bulletins/2da44c2/
- من بين 24 مسؤولًا عسكريًّا وأمنيًا تابعين للحوثيين حددهم مركز صنعاء خلال معارك مأرب، ليس هناك سوى خمسة فقط من مأرب.
- مقابلة مع باحث في مأرب، يونيو/حزيران 2021.
- المصدر نفسه.
- تتواجد قبائل بني جبر وجهم في مديريات صرواح وحريب القراميش وبدبدة، بينما يتركز وجود الأشراف في مدينة مأرب وبعض أجزاء في مديريتي حريب ومجزر.
- مقابلة مع باحث في مأرب، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
- أحمد الطرس العرامي، “الحوثيون بين السياسة والقبيلة والمذهب”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 2 سبتمبر/أيلول 2019، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/8003
- مقابلات مع سكان مأرب بين نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وأكتوبر/تشرين الأول 2021.
- مقابلة مع باحث في مأرب، يونيو/حزيران 2021.
- مقابلات مع قادة أحزاب سياسية ليسوا أعضاءً في المؤتمر الشعبي العام في مأرب، نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
- خالد أمين، “حكومة تقاسم السلطة : ماذا على المحك؟”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 5 أبريل/نيسان 2021، https://sanaacenter.org/publications/analysis/13695
- خالد فاروق، “تعز: معقل الميليشيات غير النظامية”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 14 سبتمبر/أيلول 2021، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/15088
- “صاروخ باليستي يستهدف منزل محافظ مأرب في اليمن، وإلقاء اللوم على الحوثيين،” شينخوا، 5 يوليو/تموز 2019، http://www.xinhuanet.com/english/2019-07/05/c_138199617.htm
- “الحكومة اليمنية: الحوثيون قصفوا منزل محافظ مأرب”، ديبريفر، 28 سبتمبر/أيلول 2021، https://debriefer.net/en/news-27140.html
- يعمل المشرفون، المعينين على أساس الولاء وليس المؤهلات، كنظام حكم مواز يشرف على مختلف المؤسسات والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. يتمتع المشرفون بالحصانة ضد التداعيات القانونية أثناء قيامهم بعملهم.
- مقابلة مع باحث في مأرب، أكتوبر/تشرين الأول 2021.
- “شاهد الصرخة الحوثية داخل أحد مساجد بيحان”، منشور على فيسبوك، 24 سبتمبر/أيلول 2021، https://www.facebook.com/100038440412822/videos/3938941372875190/
- “عناصر مسلحة تابعة لمليشيات الحوثي تقتحم ثانوية بيحان”، منشور على فيسبوك، 28 سبتمبر/أيلول 2021، https://www.facebook.com/100006564337241/videos/1613959895601735/
- “مليشيات الحوثيين اقتحمت عدة مدارس في مديرية بيحان وأجبرت الطلاب على ترديد الصرخة وتحرضهم على الكراهية والقتل وتجن دهم في صفوفها للقتال ضد أبناء الجنوب وشبوة”، منشور على فيسبوك، 29 سبتمبر/أيلول 2021، https://www.facebook.com/100016701246572/videos/444759257223804/
- انظر سلام الحربي، “كيف استولى الحوثيون على نظام التعليم وأعادوا تشكيله في المناطق الشمالية”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/the-yemen-review-ar/15338#Houthi_remake_education_system
- منال غنام، “تغييرات في المناهج الدراسية لصنع جهاديي الغد”، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/the-yemen-review-ar/15338#Curriculum_changes
- أُجريت جميع المقابلات في مايو/أيار 2021. لحماية هوية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، استُخدمت أسماء مستعارة للجميع.