نجح مجلس القيادة الرئاسي اليمني في اقتناص تعهدات إقليمية بالدعم خلال جولة شملت دول الخليج ومصر في الفترة من 6 إلى 8 يونيو/ حزيران، إلا أن الاحتجاجات التي اندلعت في المناطق الجنوبية ألقت بظلالها على الاختراقات الدبلوماسية التي حققها رئيس المجلس رشاد العليمي. تسببت المظاهرات المنددة بارتفاع أسعار الوقود وتدهور الخدمات الأساسية في إغلاق مناطق من مدينة عدن، الواقعة تحت قبضة المجلس الانتقالي الجنوبي. ما اختلف هذه المرة، مقارنة بالاحتجاجات المماثلة في الماضي، هو افتقار هذه الاحتجاجات دعم المجلس الانتقالي الجنوبي، ويبدو أن هذا التحول في موقف المجلس -واهتمامه المتزايد بالحفاظ على الأمن في عدن -جاء على خلفية انضمام رئيسه عيدروس الزُبيدي كعضو رئيسي في مجلس القيادة الرئاسي وعمله إلى جانب العليمي. لكن ذلك لا يعني خلو تحالف المجلس الانتقالي الجنوبي مع مجلس القيادة الرئاسي من الشد والجذب، حيث اتهم الأول علنًا مسؤولين في البنك المركزي التابع للحكومة في عدن بالتآمر لنقل المؤسسة إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (انظر: البنك المركزي في عدن يدحض اتهامات المجلس الانتقالي الجنوبي له بالتخطيط لإعادة مقره إلى صنعاء)، وتزامن ذلك مع تنامي تزعزع الوضع الأمني في مدينة عدن إثر تنفيذ عدد من الاغتيالات أو محاولات الاغتيال (انظر، التطورات العسكرية والأمنية: مقتل صحفي و قائد سلفي في حادثتي اغتيال منفصلتين).
ترأس العليمي في يونيو/حزيران وفدًا من كبار مسؤولي الحكومة المعترف بها دوليًا في جولة للحلفاء الإقليميين شملت الكويت والبحرين ومصر وقطر، سعيًا لتعزيز العلاقات الثنائية وتأمين الدعم لأجندة المجلس المشكل حديثًا، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية والأمنية والخدمية.
إحدى النتائج المتمخضة عن جولة مجلس القيادة الرئاسي هو تعيين الكويت سفير جديد لها لدى اليمن، بعد سنوات من تخفيض درجة التمثيل الدبلوماسي، إلى جانب تعيين مبعوث خاص لها إلى اليمن للإشراف على مشاريع الإغاثة والدعم الكويتي. كما صرح مسؤولون كويتيون أن حكومتهم تدرس سبل دعم الموازنة العامة لليمن وخطة لتمويل إنشاء محطة توليد للطاقة الكهربائية وشراء طائرات لتعزيز أسطول الخطوط الجوية اليمنية. من جانب آخر، أكد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة تأييده لعضوية اليمن الكاملة في مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ستة دول أعضاء، وعرض مسؤولون بحرينيون آخرون تقديم الدعم لمؤسسات القطاع الأمني باليمن وتدريب كوادرها. على صعيد آخر، تعهد شيخ الأزهر، أحمد الطيب، بمضاعفة عدد المنح الدراسية المقدمة لليمنيين والمبادرة بتدريب أئمة المساجد اليمنيين بما يتماشى مع خطة الأزهر الخمسية لنشر الثقافة الإسلامية المعتدلة. كما أبدى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عقب اجتماعه مع عدد من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، التزام حكومته بتوفير الخبرات المصرية لدعم تطوير البنية التحتية اليمنية ورأس المال البشري وتحسين الخدمات الأساسية، لا سيما في قطاعي الصحة والكهرباء. من جانبهم، تعهد المسؤولون القطريون بإعادة فتح مكاتب الهيئات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والنظر في طلبات مجلس القيادة الرئاسي الأخرى المتعلقة بتمويل الموازنة العامة وتمويل إنشاء محطة توليد الكهرباء وفتح الأجواء للرحلات الجوية بين البلدين.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” الناطقة باسم الدولة، فإن لقاء جمع بين العليمي ونائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، في إطار ما وُصف بـ”زيارة خاصة” إلى السعودية استمرت من 19 يونيو/حزيران إلى 6 يوليو/تموز، حيث أعلن ابن سلمان خططًا لتسريع تقديم المساعدات السعودية -الإماراتية بقيمة 3.3 مليارات دولار أمريكي، بما في ذلك تمويل 17 مشروعًا تنمويًا جديدًا بقيمة 400 مليون دولار، فضلًا عن توفير مشتقات نفطية لمحطات الطاقة بقيمة 200 مليون دولار. سيتولى البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن تنفيذ تلك المشاريع.
تزامن انطلاق جولة مجلس القيادة الرئاسي مع اندلاع احتجاجات في 6 يونيو/حزيران، حيث قطع المتظاهرون في حي خلف بمحافظة حضرموت طريقًا رئيسية مؤدية إلى ميناء المكلا احتجاجًا على استمرار انقطاع الكهرباء والمياه في فصل الصيف الحارق. بلغ الاستياء الشعبي من تراجع أداء السلطات المسؤولة في توفير الخدمات العامة ذروته مؤخرًا، حيث تسببت حواجز الطرق فعليًا في تعليق عمل الموانئ والمنشآت النفطية. كما اندلعت احتجاجات بعدن في وقت لاحق من الشهر على إثر قرار شركة النفط اليمنية رفع سعر البنزين إلى 990 ريالًا يمنيًا للتر الواحد. في 19 يونيو/حزيران ألقى المحتجون الحجارة الكبيرة والإطارات المشتعلة وسط الشارع الرئيسي في مديرية المنصورة، وعلى الطريق الرئيسية عند مدخل مديرية كريتر حيث توجد العديد من المكاتب الحكومية.
ورغم أن ارتفاع أسعار الوقود هو الشرار الذي أشعل فتيل الاحتجاجات، استغل متظاهرو عدن تلك الفرصة للمطالبة أيضًا بإصلاحات في خدمات الكهرباء والمياه ودفع مرتبات العسكريين وموظفي الخدمة المدنية، حيث أغلق متظاهرون، في 21 يونيو/حزيران، مؤقتًا الطريق المؤدية إلى ميناء الزيت في مديرية البريقة غربي عدن، ومنعوا دخول وخروج ناقلات الوقود، إلى أن تدخلت قوات الحزام الأمني المتمركزة في المنشأة.
في اليوم التالي، نشر العليمي سلسلة تغريدات طالب فيها المتظاهرين بمنح مجلس القيادة الرئاسي مزيدًا من الوقت لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية، بينما صف عشرات السائقين سياراتهم لإغلاق الطريق الساحلي الرابط بين مديريتي المنصورة وخور مكسر شرقي عدن. وأضاف العليمي “سنبذل كل جهد لاتخاذ كل ما يمكن عمله لأجل الحصول على مساعدات استثنائية عاجلة من أشقائنا للتخفيف من هذه الأزمة الخانقة في قطاع الكهرباء، التي تحتاج إلى تدخلات سريعة بعيدًا عن كل فساد وروتين وبيروقراطية عرقلت كل المحاولات السابقة، والتفكير في خلق الفرص والحلول لمواجهة هذه المعوقات”. وتابع: “كل ما أطلبه منكم هو منحنا المزيد من الوقت لمعالجة المشكلة وتجاوز هذه الأزمات المركبة. وسيُلزم المجلس الحكومة القيام بواجباتها بطريقة مختلفة عما كان في السابق، ليكون الوزير فيها موظفًا في خدمة الشعب”.
التطورات في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين
الحوثيون يضعون أيديهم على ممتلكات معارضين سياسيين متوفين
شهد شهر يونيو/حزيران تحركات لسلطات الحوثيين من أجل مصادرة منازل وممتلكات ثلاثة معارضين للجماعة ممن وافتهم المنية، حيث أمرت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد التابعة للجماعة بمصادرة ممتلكات رئيس الوزراء السابق عبد القادر باجمال، العضو البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تُوفي في سبتمبر/أيلول 2020. واتهمت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد باجمال بسوء استخدام المال العام خلال فترة توليه منصبه عام 2003، وأحالت القضية إلى نيابة الأموال العامة.
كما وضعت سلطات الحوثيين بصنعاء في 2 يونيو/حزيران يدها على منزل البرلماني الراحل عبدالرحمن بافضل، القيادي في حزب الإصلاح الذي تُوفي بالسعودية في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 طاردة ابنته وزوجها وأطفالهما. داهم الحوثيون كذلك في منتصف يونيو/حزيران منزل أمين علي القادري، وهو زعيم قبلي متوفى كان معارضًا لحُكم الحوثيين في محافظة إب وسط اليمن، وفقًا لحديث نجله.
وضع الحوثيون، منذ استيلائهم على السلطة في سبتمبر/ أيلول 2014، أيديهم على ممتلكات وأصول تعود لمئات من القياديين المعارضين العسكريين والأمنيين والسياسيين إلى جانب صحفيين ونشطاء. وكان مجلس الأمن الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 على القيادي الحوثي صالح مسفر صالح الشاعر، جزئيا للدور الذي لعبه كـ”حارس قضائي” استخدم من خلاله المحكمة الجزائية المتخصصة لمصادرة أكثر من 100 مليون دولار أمريكي من الأموال والأصول المملوكة لمعارضين سياسيين ضد الحوثيين.
إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالإفراج عن أحد الصحفيين
أطلق نشطاء في مرصد الحريات الإعلامية، في 22 يونيو/حزيران، حملة على وسائل التواصل الاجتماعي للضغط على سلطات الحوثيين من أجل إطلاق سراح الصحفي اليمني يونس عبدالسلام، المحتجز منذ أغسطس/آب 2021. وفقًا لمحامي الصحفي، عبدالمجيد صبرة، تدهور وضع عبدالسلام الذي كان يعاني أساسًا من حالة اكتئاب نتيجة احتجازه عام 2020 من قِبل قوات الحزام الأمني المدعومة من المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن. من جانبها، صرحت عائلة عبدالسلام بأن حالته النفسية ازدادت سوءًا أثناء احتجازه لدى الحوثيين، حيث حُرم من حق التداوي لأكثر من تسعة أشهر.
التطورات على الساحة الدولية
حلول يمنية موضع نقاش النسخة الأولى من منتدى اليمن الدولي
شهدت العاصمة السويدية ستوكهولم تجمّع مختلف الأطراف اليمنية التي تمثل كل منها وجهات نظر سياسية متعددة إلى جانب مندوبين مسؤولين دوليين وإقليميين وذلك في إطار منتدى اليمن الدولي الذي عُقد في الفترة من 17 إلى 19 يونيو/ حزيران. شهد المنتدى تبادل أفكار لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية في سبيل دعم جهود صنع السلام. نظم المنتدى مركز صنعاء بالتعاون مع أكاديمية فولك برنادوت التابعة للحكومة السويدية، وصُمّم لضمان صياغة اليمنيين شكل دولة ما بعد الحرب بحيث يكفل استدامة أي سلام متفق عليه.
وتحقيقًا لهذه الغاية، بلغت نسبة اليمنيين المشاركين 70٪ من أصل أكثر من 250 مشاركًا في المنتدى، حيث اضطر أغلبهم لتكبد عناء السفر من مختلف مناطق البلاد، عبر مسافات طويلة تتسم بكثير من التعقيد، لضمان الحضور والمشاركة. تضمنت لائحة المشاركين خبراء سياسيون واقتصاديون -محليون ودوليون -ودبلوماسيون وفاعلون في المجتمع المدني اليمني وممثلون عن المجتمعات المهمشة، 36٪ منهم نساء. هدف المنتدى إلى توفير منبر للأصوات اليمنية، “لا سيما التي أُخرست وهُمشت مع اشتداد النزاع”، حسب ما جاء على لسان رئيس مركز صنعاء فارع المسلمي في كلمته الختامية التي ألقاها في 19 يونيو/حزيران. “ما الذي حققناه خلال هذا الوقت القياسي؟ الأكيد أننا لن نصل إلى حلول نهائية وناجزة، لكننا مثلنا بروفة أولية وجادة لعملية حوار شاملة وبقيادة يمنية”.
ركزت الجلسات الجانبية التي عُقدت على مدى ثلاثة أيام على بناء توافق في الآراء بشأن النُهج التي يمكن لمختلف الجهات الفاعلة اتباعها، خاصة في المجال الاقتصادي -حيث تبرز أكثر القضايا الخلافية التي لا تعيق جهود السلام فحسب، بل تؤثر أيضًا على الحياة اليومية لليمنيين. تناولت المناقشات الفنية المتمحورة حول القضايا الاقتصادية، البيئة النقدية المنقسمة في اليمن وتباين أسعار الصرف، ومشاكل السيولة، والامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، فضلًا عن التحديات الأخرى في القطاع المصرفي وعبء الدين العام. أما على الصعيد السياسي، فقد بحث المشاركون كيفية تعزيز قدرة الأحزاب السياسية والمجتمع المدني على المساهمة بشكل إيجابي في المشهد السياسي المتغير. تناولت جلسات عدة كيفية إدراج نهج العدالة والمصالحة في عملية السلام، وبحثت قيادات يمنية جنوبية حاضرة كيفية الدفع قدمًا بالحوار بين الأطراف الجنوبية. كما طرحت الجلسات الأمنية أفكارًا مبتكرة لكيفية هيكلة قوات الأمن والدفاع في اليمن بعد الحرب، باعتبارها حاسمة لتحقيق الاستقرار الدائم، فضلًا عن مناقشة الأسس التي يجب البدء في إرسائها قبل التفاوض على عملية سلام.
من جانبهم، طالب اللاعبون الدوليون الرئيسيون في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في كلمة خلال المنتدى المشاركين بتقديم المدخلات، بمن فيهم المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ وأعضاء فِرَقه المعنية بالملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلًا عن المبعوث الأمريكي الخاص تيم ليندركينغ، ووزيرة الخارجية السويدية آن ليندي، والمبعوث السويدي الخاص إلى اليمن، بيتر سيمنبي. كما حضر سفير مجلس التعاون الخليجي لدى اليمن سرحان المنيخر والسفير المصري السابق لدى اليمن والسفير الحالي لدى السويد أحمد عادل صبحي، كممثلين إقليميين.
أكدت الوزيرة ليندي استعداد السويد تيسير جهود السلام متى لزم الأمر، وحثت المشاركين من الجهات الدولية على “الاستماع والتعلم والسماح للمناقشة التي يقودها اليمنيون بتوجيه دعمنا للمُضي قُدمًا”. إلا أن ليندي أشارت أيضًا في معرض ردها على سؤال حول الملفات التي لم تُنفذ بعد من اتفاق ستوكهولم المبرم عام 2018 -المتعلقة بدفع مرتبات موظفي القطاع العام والتبادل الكامل للأسرى ومعالجة الوضع في تعز -بأن على الأطراف اليمنية تحمل المسؤولية عن ضياع الفرص نتيجة عدم الذهاب في إرساء الأسس اللازمة للسلام. “نود دعم تنفيذ العناصر المتبقية من اتفاق ستوكهولم التي لم تُنفذ بعد، وننظر لذلك كمسؤولية أيضًا يجب على ضوئها أن نكون قادرين على استضافة محادثات جديدة في حال وجود رغبة لديكم. لكننا لا نستطيع تنظيم محادثات عبر الأمم المتحدة إذا كان هناك افتقار للإرادة السياسية، لأن لا معنى لها عندئذ ولن يتغير شيء على الإطلاق”.
من جانبه، تطرق غروندبرغ إلى الهدنة التي بدأ سريانها في أبريل/ نيسان الماضي باعتبارها أول تحوّل ملموس في مسار الحرب، وحث اليمنيين وقادتهم من مختلف أنحاء البلاد على “تصور ما سيبدو عليه السلام وتحديد الخطوات -والتنازلات -التي يجب اتخاذها لبلوغ السلام”. كما أشار إلى أن الثقافة التعددية في اليمن وديناميكية النقاش السياسي الداخلي يميزانه عن غيره من البلدان، وحث المشاركين على الانخراط بجدية في مستقبل اليمن قائلًا: “أحد أبرز الخسائر التي نتجت عن هذه الحرب هو اغتيال النقاش السياسي الذي يجب أن يعود إلى طاولة الحوار وإلى اليمن”.
ونوّه المسلمي إلى وجود خطط لعقد مناقشات ومنتديات مستقبلية في إطار المتابعة والبناء على مخرجات منتدى 2022، وقال إن الجهود ستستمر لضمان تمثيل دائم التوسع إقليميًا وسياسيًا.
ضغوط من السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي لتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية
حث كبار وزراء دول مجلس التعاون الخليجي الست في 1 يونيو/حزيران، كافة الدول على تصنيف جماعة الحوثيين المسلحة رسميًا جماعة إرهابية و”التصدي بشكل حازم” لانتشار تكنولوجيا الطائرات المسيّرة والصواريخ بين الجهات الفاعلة غير الحكومية. في 14 يونيو/حزيران، أدرجت السعودية أسماء ثمانية أفراد إضافيين و11 كيانًا إلى قائمتها الخاصة بمكافحة الإرهاب لارتباطهم بأنشطة داعمة للحوثيين حسب وصفها.
المفاوضات المتعلقة برفع حصار تعز تطول في ظل رفض الحوثيين اقتراح الأمم المتحدة
شهد الأسبوع الأول من يونيو/حزيران استئناف المفاوضات في عمّان بين وفدي الحكومة المعترف بها دوليًا وجماعة الحوثيين، والمتعلقة بإعادة فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز، البند الوحيد في الهدنة المبرمة تحت وساطة الأمم المتحدة الذي لم يُنفذ بعد.
قدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ اقتراحًا معدلًا لإعادة فتح واستخدام الطرق تدريجيًا، في أعقاب جولة أولى من المحادثات غير المثمرة التي عُقدت أواخر مايو/أيار عرض خلالها فريق التفاوض الحوثي إعادة فتح طريق جبلي وعر لا يمكن للسيارات سلوكه. من جانبه، قَبِل فريق التفاوض الحكومي نسخة معدلة من المقترح، شملت فتح طريق رئيسية بين مدينة تعز التي تسيطر عليها الحكومة ومنطقة الحوبان الصناعية التي يسيطر عليها الحوثيون، إلى جانب فتح ثلاث طرق ثانوية اقترحها الحوثيون، وطريق خامسة في محافظة الضالع. بحث غروندبرغ الملف مع المجلس السياسي للحوثيين خلال زيارة استغرقت ثلاثة أيام واختُتمت في 9 يونيو/حزيران، غير أن السلطات الحوثية أبلغته برفضها المقترح في 21 يونيو/حزيران. تبع ذلك تغريدة للجماعة ذكرت فيها استعدادها لفتح طريقين ثانويين فيما يعتبر مرحلة أولية، بما في ذلك طريق جبلية مخصصة لسير الحمير والجمال والذي كان قد رُفض سابقًا. أما الطريق الثانية فتمتد من تعز إلى عدن عبر بلدات الشريجة وكرش والراهدة في محافظة لحج. من شأن المرحلة الثانية المقترحة أن تعيد فتح أحد الطرق الواردة في اقتراح غروندبرغ، وهي طريق في شمال غرب مدينة تعز يمر عبرها شارع الستين وشارع الخمسين، مقابل فتح الحكومة للطريق في الضالع.
وفي مؤتمر صحفي عُقد بتاريخ 26 يونيو/حزيران، صرّح رئيس الفريق التفاوضي للحكومة، عبدالكريم شيبان، أن الطريقين اللتين اقترحهما الحوثيون غير مناسبتين لحركة الشاحنات، كونهما غير صالحتين حتى لمرور السيارات ذات الدفع الرباعي. وأضاف شيبان “نحن نريد (من الحوثيين) طريق معروفة يعرفها العالم، كما فتحنا مطار صنعاء وميناء الحديدة وهي منافذ يعرفها العالم”.
وورد أن المفاوضين الحوثيين قالوا إن إعادة فتح الطريق الرئيسية في تعز يحتاج إلى مزيد من الدراسة ويمكن إعادة النظر فيه في الجولة المقبلة من المحادثات في عمّان. كان الحوثيون قد اعترضوا على إعادة فتح الطريق الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز كونها تمر عبر جبهات القتال وتتطلب إعادة توزيع القوات وهي مسألة يقول الحوثيون إنها لم تكن جزءًا من اتفاق الهدنة. في جميع الأحوال، انتقد العديد من المراقبين اقتراح الحوثيين بإعادة فتح الطريق الواقعة شمال غرب مدينة تعز، واتهموا الجماعة باختيارها لأغراض عسكرية وليس إنسانية.
بدورهم، حاول المسؤولون الحوثيون إعادة تأطير أسباب جمود المفاوضات من خلال توجيه أصابع الاتهام إلى الحكومة بعرقلة المفاوضات، والقول إن الجماعة تعتزم فتح الطرق الثانوية التي اقترحوها -من طرف واحد -لـ”تخفيف معاناة” سكان تعز.
في أعقاب محادثات عمّان وما تبعها من مناقشات ثنائية، شارك مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة في 3 يوليو/تموز اقتراحًا معدلًا مع الأطراف لفتح الطرق على مراحل، ستشهد المرحلة الأولى فتح أربعة طرق ثانوية في تعز، في حين تتوسع المرحلة الثانية لتشمل التزامات بفتح طرق رئيسية في تعز، إضافة إلى محافظات مأرب والبيضاء والجوف والحديدة والضالع.
لكن الحوثيين أعلنوا في 6 يوليو/تموز، بعد بلوغ المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة في عمّان طريقًا مسدودًا، مبادرة أحادية الجانب بمناسبة عيد الأضحى لفتح الطريق في شمال غرب مدينة تعز التي تمر عبر شارعي الستين والخمسين ومعسكر الدفاع الجوي ومدينة النور. في اليوم التالي للإعلان، أصدر عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح توجيهات للقوات المشتركة المتمركزة في مدينة المخا الساحلية، بفتح طريق يربط المخا بمناطق تعز الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وفي اليوم نفسه، أعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي عن إعادة فتح طريق في محافظة الضالع من طرف واحد.
هيئة رقابية حكومية أمريكية تُعيب الرقابة المفروضة على بيع الأسلحة للسعودية والإمارات
أصدر “مكتب مساءلة الحكومة الأمريكية”، في 15 يونيو/حزيران، تقريرًا يتناول تأثير الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن على المدنيين. ورغم التقارير العديدة المستقلة التي تفيد بتسبب الغارات الجوية السعودية والإماراتية بخسائر في صفوف المدنيين في اليمن، ذكر هذا التقرير أن وزارة الدفاع لم تقدم تقارير حول ذلك، في حين فشلت وزارة الخارجية في تقديم أدلة عن إجراء أي تحقيق يتعلق بالاستخدام غير المصرّح به والمحتمل للمعدات الأمريكية. أوصى مكتب مساءلة الحكومة الأمريكية بأن تضع كلتا الوزارتين إرشادات محددة للتحقيق في الاستخدام غير المصرّح به للأسلحة الأمريكية الصنع في اليمن من قِبل السعودية والإمارات وإعداد تقارير عن ذلك، وأوصت بأهمية تقييم وزير الدفاع إلى أي مدى سهلت جهود البنتاغون الاستشارية والتدريبية المقدمة للتحالف بقيادة السعودية في الحد من إلحاق الضرر بالمدنيين.
لقاء مرتقب بين بايدن وولي العهد السعودي
من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في القمة المرتقبة التي ستستضيفها الرياض بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن والعراق ومصر منتصف يوليو/ تموز، كجزء من الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي مع إيران وإقناع السعودية بالمساعدة في خفض أسعار البنزين في السوق الأمريكية. سيحضر بايدن القمة بعد اختتام زيارة إلى إسرائيل، حيث يُتوقع أن يعلن تطورات جديدة في توطيد العلاقات بين السعودية وإسرائيل كجزء من مبادرة دفاعية إقليمية أوسع نطاقًا لمواجهة قدرات إيران المتنامية في تطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة. يمثل اللقاء المرتقب في الرياض تحوّلًا في نهج بايدن الذي وصف العام الماضي ابن سلمان بـ”المنبوذ” الذي لا يرغب في لقائه، وذلك على إثر تداعيات مقتل الكاتب في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي أواخر 2018.