قبل ساعات قليلة من انتهاء سريانها، وافقت الأطراف المتحاربة باليمن في 2 يونيو/حزيران على تمديد الهدنة لشهرين آخرين، رغم الخيبة السائدة إزاء عدم تنفيذ بعض من عناصر الاتفاق الأصلي. ورغم تخلل الهدنة اقتتال بين الحين والآخر، إلا أنها أدت إلى انخفاض كبير في أعمال العنف والخسائر البشرية وعودة الحياة الطبيعية في معظم أنحاء البلاد.
وأكد مسؤولون حكوميون وموالون للحكومة التزامهم بالجانب الذي يخصهم من الاتفاق عبر السماح بتسيير رحلات جوية من وإلى مطار صنعاء، إلا أنهم أعربوا عن خيبة أملهم من استمرار التفاوض على أحد مطالبهم الرئيسية، وهو إعادة فتح جميع الطرق المؤدية إلى مدينة تعز المحاصرة من قِبل الحوثيين، رغم مضي فترة على دخول الهدنة الجديدة حيز التنفيذ. (انظر: السياسة والدبلوماسية، “المفاوضات المتعلقة برفع حصار تعز تطول في ظل رفض الحوثيين اقتراح الأمم المتحدة“). لم يتبيّن بعد ما إذا كان ممكنًا تحوّل الهدنة إلى تسوية دائمة نهاية المطاف.
أيًا كان الوضع، ظلت هناك مخاوف من أن الهدنة مجرد وسيلة تستخدمها كل من جماعة الحوثيين المسلحة والحكومة اليمنية للاستعداد لجولة أخرى من المعارك القتالية، حيث وردت أنباء عن تحركات للقوات في مختلف الجبهات بما في ذلك في مأرب وتعز. وهذا ما دفع المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، إلى التحذير من اندلاع شرارة معارك قتالية جديدة -في تصريحات له على هامش منتدى اليمن الدولي الذي عُقد في ستوكهولم من 17 إلى 19 يونيو/ حزيران -قائلًا إن أي شخص يعتقد أن حرب اليمن يمكن أن تنتهي باستخدام القوة العسكرية “مخطئ للغاية”. وعلى الرغم من سريان الهدنة، تم الإبلاغ عن حوادث اقتتال -بالدرجة الأولى بين قوات الحوثيين والحكومة اليمنية -في مختلف المحافظات بما في ذلك تعز ومأرب.
تقرير لأسوشيتد برس يتناول استمرار تجنيد الأطفال
أقرّ مسؤولون حوثيون لوكالة أسوشيتد برس باستمرار الجماعة في تجنيد الأطفال، مدافعين عن هذه الممارسة رغم تعهد الجماعة للأمم المتحدة في أبريل/نيسان بتخليص صفوفها من الجنود الأطفال. نقلت الوكالة عن اثنين من كبار المسؤولين الحوثيين -اللذين لم تكشف عن هويتهما -أنه خلال الشهرين الماضيين جُند مئات من الأطفال، بعضهم لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، ووُزعوا في المناطق التي تضم جبهات -خلال فترة الهدنة -كجزء من حشد للقوات. يُذكر أن سلطات الحوثيين استخدمت خلال السنوات الأخيرة “المراكز الصيفية” لاختيار وتجنيد الأطفال كمقاتلين. أفاد عمال إغاثة أن الحوثيين يمارسون الضغط على الأسر لإرسال أطفالهم إلى تلك المخيمات مقابل تلقي المساعدات التي تشتد الحاجة إليها، مثل الحصص التموينية من منظمات الإغاثة الدولية.
مقتل صحفي وقيادي سلفي في حادثتي اغتيال منفصلتين
شهد شهر يونيو/ حزيران عمليات اغتيال استهدفت شخصيات عسكرية ومدنية، حيث لقي صابر الحيدري -مراسل يمني لشبكة NHK اليابانية وموظف في وزارة الإعلام التابعة للحكومة –حتفه بانفجار سيارة مفخخة في 15 يونيو/حزيران أثناء قيادته سيارته في مديرية المنصورة بعدن، برفقة شخصين آخرين لقيا مصرعهما معه. وعلى إثر وقوع الحادث، وجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، بإجراء تحقيق في ملابسات مقتل الحيدري. سبق وأن شهدت المدينة حادثة اغتيال مماثلة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 استهدفت الصحفية رشا عبدالله وجنينها بسيارة مفخخة، التي لقيت مصرعها في حين أُصيب زوجها محمود العتمي -صحفي أيضًا -بجروح بالغة جراء الانفجار. وقبل وفاته بفترة قصيرة، تلقى العتمي معلومات من زملائه تفيد بأن جماعة الحوثيين كانت تجمع معلومات استخبارية عنه وزوجته.
في حادث مماثل، عُثر على عبدالرزاق البقماء -الداعية السلفي وقائد اللواء الأول في ألوية اليمن السعيد المدعومة من السعودية –مقتولًا داخل سيارته بمديرية مأرب الوادي، شرق مدينة مأرب في 24 يونيو/حزيران. كانت الألوية، التي شكلها التحالف الذي تقوده السعودية بداية العام الجاري لمحاربة الحوثيين في مأرب، قد أطلقت حملة تجنيد في جنوب اليمن أوائل يونيو/حزيران، ليحذو المجلس الانتقالي الجنوبي حذوها بعد أيام حيث بدأ بتجنيد مقاتلين في صفوف ألوية الدعم والإسناد التابعة له. أُطلقت حملات تجنيد عناصر ذات ولاءات محلية مختلفة ردًا على استمرار الحوثيين بتجنيد المقاتلين ونشرهم على الخطوط الأمامية، إلا أن هذه الخطوة تهدد بعرقلة عمل اللجنة العسكرية والأمنية المشكلة حديثًا التابعة لمجلس القيادة الرئاسي، والمكلفة بإعادة هيكلة القوات العسكرية والأمنية في المعسكر المناهض للحوثيين تحت جناح هيكل قيادي موحد.
في 29 يونيو/حزيران، أي بعد مُضي أقل من أسبوع على مقتل البقماء، استهدف انفجارٌ موكبَ مدير أمن محافظة لحج صالح السيد. ورغم تضارب التقارير بشأن عدد القتلى الذين سقطوا جراء الهجوم في مديرية خور مكسر المزدحمة في مدينة عدن، فقد تأكد نجاة صالح السيد من محاولة الاغتيال.
تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يُصعّد هجماته والجيش يرد
تنامى نشاط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بشكل ملحوظ مؤخرًا واستمر حتى في شهر يونيو/حزيران، حيث وردت تقارير عن إعدام مسلحيه ضابط من قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية مودية بمحافظة أبين في 9 يونيو/حزيران، بعد يوم واحد من اختطافه. في 22 يونيو/ حزيران، وُجهت أصابع الاتهام إلى مسلحي التنظيم بشن هجومين، أحدهما في أبين وآخر في شبوة، أسفرا عن مقتل 10 أشخاص على الأقل. كما نصب مسلحون في أبين كمينًا لجنود ينتمون إلى محور أبين العسكري التابع للحكومة اليمنية في مديرية أحور، حيث أُفيد عن مقتل ثلاثة جنود في حين أُعدم اثنان آخران بعد أسرهما. فضلًا عن ذلك، هاجم مسلحون نقطة تفتيش تابعة لقوات دفاع شبوة بالقرب من مدينة عتق، ما أسفر عن مقتل خمسة جنود إلى جانب ثلاثة من المسلحين.
ردًا على تلك الهجمات، أطلقت القوات الحكومية عملية عسكرية في أبين تستهدف مسلحي تنظيم القاعدة في المحافظة، وطلبت دعم القبائل المحلية وقوات الحزام الأمني، رغم الخصومة التي طغت على علاقاتها مع الأخيرة فيما مضى. دفع ذلك تنظيم القاعدة إلى إعلان مسؤوليته عن هجوم أبين، لكنه ذكر بأن عناصر فردية هي من نفذت العملية وليس بأمر من قيادة التنظيم، وحث –في رسالته -القبائل المحلية على عدم المشاركة في العملية المناهضة للتنظيم. بينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هجوم شبوة.
التطورات العسكرية والأمنية الأخرى في سطور:
- 8 يونيو/حزيران: أفادت وسائل إعلام موالية للحكومة اليمنية بوقوع هجوم في قرية القحار بمديرية مقبنة -غرب تعز شنته طائرة مسيّرة تابعة للحوثيين، مما أسفر عن مقتل طفلين.
- 14 يونيو/حزيران: أفادت وسائل إعلام دولية عن إجراء محادثات عن بُعد بين السعودية وجماعة الحوثيين، بتيسير من سلطنة عُمان، لمناقشة أمن الحدود و”مستقبل العلاقات في إطار أي اتفاق سلام باليمن”. ولم ترد أنباء عن أي تفاصيل.
- 28 حزيران/يونيو: أعلنت القيادة المركزية الأميركية مقتل “أبو حمزة اليمني” على يد قواتها في محافظة إدلب شمال غرب سوريا. كان أبو حمزة قياديًا بارزًا في تنظيم “حراس الدين”، وهو فرع متشدد من جماعة متمردة سورية مرتبطة بتنظيم القاعدة تدعى “هيئة تحرير الشام”.