إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

ترجمة عبرية هجوم إسرائيل على إيران: الحوثيون قد يصمدون والحسم بات ضرورة

تنويه: حُررت هذه الترجمة -التي تمثل تحليلًا لرؤى متعددة داخل وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإسرائيلية -مراعاة للوضوح، والآراء الُمعرَب عنها فيها لا تعكس آراء مركز صنعاء، كما لا يُعد المركز مسؤولًا عن صحة البيانات والمعلومات الواردة أيضًا.


في أعقاب هجوم إسرائيل على إيران يقول تحليل إن الحوثيين قد يصمدون دون الدعم الإيراني، إلا أن دورهم سيتضاءل إلى حد كبير. مشيرًا إلى أنهم يشكلون خطرًا فريدًا، ليس بسبب نهمهم للمخاطرة، بل لأنهم يمتلكون كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة وغيرها من الدعم التقني. ويقول إنه في ضوء الاختيار بين عدم فعاليتهم في سياق الحرب الأخيرة أو تنصيب أنفسهم رأس حربة للذود عن إيران، فمن المرجح أن يختار الحوثيون مسارًا وسطًا يولي بقائهم مع بذل الحد الأدنى اللازم لمحاولة تجنب سقوط طهران.

ويقول خبير أمني وسياسي يمني، مؤيد للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا لصحيفة يديعوت أحرونوت، إن الاتفاق بين ترامب والحوثيين أحبط هجومًا كانت قد تشنه القوات الحكومية ضد الأخيرين. وأضاف “لقد خاب أمل جميع اليمنيين كثيرًا بسبب الاتفاق الذي سعى فيه ترامب إلى تحقيق نصر سياسي شخصي”.

ونقل التقرير عن مصدر آخر ما قاله مسؤول أمني يمني رفيع المستوى: “لقد خدعنا الأمريكيون”.

ويقول تقرير لصحيفة معاريف إن الهجمات الإسرائيلية التي شُنت عبر سلاح البحرية على ميناء الحديدة مؤخرًا كان بمثابة رسالة تتعلق بقدرات تل أبيب وقوتها التي لا تقتصر فقط على سلاح الجو؛ بل يمكنها تنفيذ عمليات بحرية وجمع المعلومات الاستخباراتية وصولًا إلى إنزال قوات برية.

وسلطت تقرير لصحيفة هآارتس الضوء على تطور تهديد الحوثيين، وطرح تساؤلًا حول أسباب صمود جماعة محدودة القوة في ظل الاضطرابات التي شهدها الشرق الأوسط، بل إن الحوثيين صعّدوا من هجماتهم ضد إسرائيل.

وبينما يتّفق معظم المحللين على أن الهجمات الجوية الإسرائيلية والأميركية كبّدت الحوثيين أضرارًا اقتصادية وبشرية، إلا أنهم يرون أن هذه الهجمات لم تُضعف من عزيمتهم أو قدراتهم على مواصلة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ويشير باحثون إلى أن على إسرائيل شن هجمات استباقية للقضاء على التهديدات المحتملة للحوثيين من أجل تحقيق توازن الردع. وذلك عبر تطبيق استراتيجية الهجوم الوقائي واستهداف الأصول الاستراتيجية بسلاح حاسم، يتضمن قنابل ثقيلة مصممة لتفجير المخابئ، والصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وهجمات غير متوقعة، واستخدام منصات هجومية بحرية. بعد ذلك، يجب شن هجمات مستمرة ومركزة على مستودعات الأسلحة، ومراكز القيادة والسيطرة، وكبار مسؤولي الحوثيين، ومراكز الاتصالات، والمواقع الاقتصادية التي تعد أدوات التحكم والمحرك المالي لتمويل “الإرهاب”.

وتتهم بعض التقارير -قياسًا للتقييم السائد بين المسؤولين الأمنيين -إدارة ترامب بالتخلي عن إسرائيل عبر الوقف المفاجئ للهجمات ضد الحوثيين، ما ترك تل أبيب في مواجهة مفتوحة مع الجماعة بمفردها.

وتناول تقرير في صحيفة يديعوت أحرونوت قدرة الحوثيين على استخدام خطاب الهويات وتكتيكات دعائية لتعزيز شرعيتهم داخليًا، وتوسيع نفوذهم إقليميًا، وهو ما يجعلهم، الخصم الأخطر ضمن محور المقاومة.


ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وذلك جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.



التوازن الحوثي بعد هجوم إسرائيل على إيران

تناول السفير إدموند فيتون براون[1]، و أري هايستاين[2]، على موقع thecipherbrief، في 13 يونيو 2025، رد الحوثيين على الضربات الإسرائيلية المدمّرة على إيران، وقالا إنها لحظة قد تكون فاصلة لكل من المحور الذي تقوده إيران ودور الحوثيين فيه.

أشار التقرير إلى أن الحوثيين فاعل استراتيجي يولي دائمًا أولوية مكانته داخل اليمن فوق أي اعتبار. ومع ذلك، استعرض ثلاثة أسباب رئيسية بشأن تقييم أن الحوثيين سيؤدون دورًا داعمًا محدودًا في الرد على الضربات الإسرائيلية على إيران، وهو دور يتواءم مع أهداف طهران ولكنه لا يضعهم في صدارة الرد.

  • لم يتعهد الحوثيون بالولاء لطهران قط على عكس حزب الله. إنهم ينظرون إلى إيران على أنها شريك في علاقة منفعة متبادلة أكثر منها سلطة قيادية.
  • ربما لاقت هجماتهم على إسرائيل وسفن الشحن في البحر الأحمر دعمًا لغزة وحماس صدى لدى بعض شرائح الجمهور اليمني، إلا أن التصعيد في الدعم المباشر لإيران قد لا يحظى بدعم محلي كبير، ويعزز التصورات التي دأبت الجماعة إلى دحضها. ضمن هرم محور المقاومة، ربما يرى الحوثيون أنهم غير مُجبرين على فعل الكثير، لا سيما وأن حزب الله (الذي أسسته إيران خصيصًا لهذا السيناريو، والذي لطالما اعتُبر “جوهرة تاج الوكلاء”) قد صرّح بأنه لن يبادر بأعمال عدائية. علاوة على ذلك، من المرجّح أن تلتزم صنعاء بتأدية دور محدود؛ نظرًا لعدم تدخل إيران مباشرة عندما تعرّض الحوثيون لقصف أمريكي استمر شهرين في مطلع هذا العام.
  • بما أن إيران قد تعرضت على الأرجح لانتكاسة كبيرة تعيق قدرتها على تصدير مكونات رئيسية كالتي تستخدم في الصواريخ الباليستية، فقد يختار الحوثيون التعاطي مع مخزوناتهم الحالية بحكمة بدلًا عن المخاطرة باستخدامها أو المقايضة بها دون مصدر أو جدول زمني لتجديدها. مع أن الحوثيين بذلوا جهودًا متضافرة لتطوير صناعتهم العسكرية المحلية وحققوا بعض التقدم، إلا أنهم لا يزالون يعتمدون إلى حد كبير على إيران في الحصول على مكونات أساسية لأسلحتهم الأكثر تطورًا.

رجح التقرير تقديم الحوثيين دعمًا مباشرًا لإيران بشكل أو بآخر مصداقًا لما يُقال، “الصديق وقت الضيق”. إذا تمكّنت الجماعة من تشتيت الانتباه أو تعطيل التحركات الإسرائيلية أو حتى الردّ عليها رمزيًا، في وقتٍ يُعاني فيه الجيش الإيراني وامتناع الوكلاء الآخرين عن التحرّك، فسيُعزّز ذلك مكانة الحوثيين بحيث سيكونون “جوهرة التاج” الجدد لإيران بعد تراجع حزب الله. ولتحقيق هذه الغاية، إذا وجدت إيران نفسها عاجزة عن الردّ بشكل كافٍ في المدى القريب، فقد تُقدّم للحوثيين “حوافز” إضافية، كالنقود، أو الأسلحة، أو غيرها من السلع، للقيام بذلك.

حتى من منظور المصلحة الذاتية البحتة، فإن أي جهد يبذله الحوثيون لمنع تدمير جهاز الدفاع الإيراني والبنية التحتية للإنتاج العسكري قد يساعد في استمرار تدفق الأسلحة المتطورة إلى اليمن. وفي المستقبل، قد يعزز دعم الحوثيين لإيران خلال هذه المرحلة الصعبة من جاذبية الجماعة لدى الدول المارقة الأخرى أو الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تستكشف شراكات محتملة معها.

وأشار التقرير إلى أن جماعة الحوثيين قد تصمد دون الدعم الإيراني، إلا أن دورها سيتضاءل إلى حد كبير. يشكل الحوثيون خطرًا فريدًا، ليس فقط بسبب نهمهم للمخاطرة، وهو أمر شائع بين الجماعات “الإرهابية”، بل أيضًا لأنهم يمتلكون كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة وغيرها من الدعم التقني، ومعظمها من إيران. وفي ضوء الاختيار بين عدم الفعالية أو تنصيب أنفسهم رأس حربة للذود عن إيران، فمن المرجح أن يختار الحوثيون مسارًا وسطًا يولي بقاء الجماعة مع بذل الحد الأدنى اللازم لمحاولة تجنب سقوط طهران.


“ترامب أراد تحقيق نصر شخصي وخيّب آمالنا”

صرَّح خبير أمني وسياسي يمني، مؤيد للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والقوى المعارضة للمشروع الحوثي-الإيراني في اليمن، لموقع يديعوت أحرونوت، في 14 يونيو 2025، بأن الاتفاق بين ترامب والحوثيين أحبط هجومًا محليًا محتملًا. وأضاف الخبير، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرًا لحساسية الموضوع وحديثه مع وسيلة إعلام إسرائيلية: “لقد خاب أمل جميع اليمنيين كثيرًا بسبب الاتفاق، الذي سعى فيه ترامب إلى تحقيق نصر سياسي شخصي”.

وقال إن: “اليمنيين يدركون جيدًا أن الحوثيين لن يوقفوا الحرب إلا إذا أرادوا الاستعداد لحرب جديدة. أعتقد أنه كانت هناك استعدادات حقيقية لشن هجوم بري. لقد تأهبت كثير من القوات اليمنية للتحرك، حتى من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، لكن التطورات الدولية أحبطت هذه الجهود ومنحت الحوثيين وقتًا ثمينًا لتعزيز قدراتهم تحت غطاء الحلول السياسية”.

ويرى أن الغارات الجوية الأمريكية لو استمرت، حتى باستخدام الطائرات المسيّرة، “لكان من الممكن تفكيك البنية التحتية لقيادة الحوثيين في الحديدة، وتعطيل شريان التهريب الإيراني عبر البحر الأحمر، ومهاجمة محافظة صعدة، وتدمير قدراتهم الصاروخية، وفرض حصار عسكري خانق على صنعاء”. بحسب قوله، “لا شيء يُعجز إرادة الشعوب. لكن هذه الأهداف اليوم أصبحت صعبة المنال. إن تحقيقها ليس مستحيلًا، لكنها تتطلب ثمنًا باهظًا”.

أضاف الخبير اليمني: “الجميع يعلم أن الحكومة تفتقر إلى القرار السيادي لبناء استراتيجية حقيقية لمواجهة الحوثيين”. هذا القرار لدى السعودية والدول الداعمة للقضية اليمنية…كان من الممكن أن تشكل مجابهتهم فرقًا، وتتغير المعادلة، لا سيما في ضوء حالة الارتباك الأمني والعسكري والسياسي التي يعيشها الحوثيون. استعدت كثير من الفصائل اليمنية، داخلية وخارجية، للتنسيق وتشكيل تحالف، لكن غياب القرار الحاسم وتراجع الدعم أضاعا الفرصة. ويدّعي أن احتمال مهاجمة الحوثيين وارد في أي لحظة، وتوجد بالفعل خطط سابقة جرى تأجيلها في مراحل متقدمة أو جُمّدت. ويضيف أن أي تجميد من هذا القبيل يمنح الحوثيين وقتًا لإعادة الاصطفاف. وأوضح أنه بدون دعم جوي واستخباراتي، لا تستطيع الحكومة المعترف بها دوليًا التصدي للحوثيين، نظرًا لامتلاكهم طائرات إيرانية مسيّرة، وصواريخ بعيدة المدى، إضافة إلى مساعدات اقتصادية وتقنية من إيران ولبنان.

وقال الخبير: “إنهم يستخدمون المدنيين دروعًا بشرية، مما يزيد من تعقيد المواجهة معهم”. وأضاف: “أي محاولة للإطاحة بالحوثيين تتطلب تحالفًا إقليميًا قويًا، ودعمًا داخليًا لفصائل المعارضة في المناطق التي يسيطرون عليها، وموافقة حلفاء الحكومة الشرعية على التدخل العسكري، وتعزيزًا استخباراتيًا وتكنولوجيًا. الوقت لم ينفد على الإطلاق، ولكنه يتقلّص. لم يعد الحوثيون كما كانوا قبل خمس سنوات. لقد منحهم التقاعس الدولي فرصة التحول من ميليشيا متمردة إلى كيان شبه عسكري”.

وقال بشأن الضربات الإسرائيلية التي تستهدف الحوثيين: “ورغم حدتها، إلا أنها لم تُضعف الحوثيين سياسيًا”.

وقال باحث سياسي يمني آخر، تحدث إلى موقع يديعوت أحرونوت، وطلب عدم الكشف عن هويته، إن معارضي الحوثيين أيضًا منقسمون حول كيفية مجابهتهم.

وأضاف: “لقد تسبب الاتفاق بين الحوثيين وترامب في إحباط كبير، ليس فقط داخل الحكومة الشرعية، بل بين جميع معارضي الحوثيين الذين شعروا للحظة أن المعادلة قد تغيّرت، وأن الوقت قد حان للقضاء عليهم تمامًا”. أبدت عناصر عديدة استعدادها للمشاركة في عمليات عسكرية ضد الحوثيين، وكان ذلك مُلائمًا بفضل الغطاء الجوي. وقال إن مسؤولًا أمنيًا رفيع المستوى أخبره بجملة لا تزال عالقة في ذهنه: “لقد خدعنا الأمريكيون”. وأضاف أن هذه الجملة تعكس مدى الإحباط من السلوك الأمريكي.

جدير بالذكر أن معهد “ميسجاف” لبحوث الأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، أرجع سبب فشل الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب في جهود الوساطة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب حماس وإسرائيل، وأزمة الرهائن، وهجمات الحوثيين في اليمن على إسرائيل، وبرنامج القنبلة النووية الإيرانية إلى أن ترامب وفريقه يتبعون نهجًا خاطئًا. إنهم يتعاملون مع كل شئ من منظور برجماتي وعملي. أنهم يرون كل شئ من منظور تجاري ويعتقدون أن أعداء أمريكا يتعاملون بنفس الطريقة. والأسوء، أن ترامب يعتقد أن قوة أمريكا الاقتصادية الهائلة، وقوة شخصيته ستخضعان خصومه لطاعته.

في حين أشار الموقع إلى أن جميع قادة إسرائيل ومعظم الجمهور الإسرائيلي أدرك بعد 7 أكتوبر أن القاعدة التي يتبعها أسوأ الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط هي أيدلوجية، تعتمد على الاستنزاف والإبادة الجماعية، لا على التسويات أو الصفقات أو العروض.


مصدر سياسي: إصابة رئيس أركان الحوثيين في هجوم إسرائيلي شمال اليمن

ذكر موقع نيوز 1 العبري أن قوات الجيش الإسرائيلي هاجمت، في 15 يونيو 2025، اجتماعًا سريًا لكبار قادة جماعة الحوثيين في شمال اليمن، وكان محمد عبد الكريم الغماري، رئيس أركان الجماعة الموالية لإيران هو الهدف الرئيس من هذا الهجوم. ووفقًا لمصدر سياسي، أُصيب الغماري في الهجوم، ولكن لم يتضح حتى الآن مقتله.

وفقًا لمعلومات عن مصادر استخباراتية، نُفذ الهجوم على خلفية تجمع نادر للقيادة العليا للحوثيين، الذين اجتمعوا في اجتماع مغلق في حي راقٍ بصنعاء. وقد تحرك الجيش الإسرائيلي بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، ونجح في استهداف المبنى مباشرة. وقال المصدر الدبلوماسي: “لقد تأكد وجود الغماري في الموقع”. وأضاف: “يبدو أنه أصيب في الهجوم، ولكن حالته غير معروفة حتى الآن”.

إن الغماري شخصية عسكرية بارزة، لا سيما في المحور الإيراني – يرأس برنامج الصواريخ الحوثي، وتلقى تدريبًا في إيران، وهو المنسّق الرئيس مع الحرس الثوري. يُصنف في إسرائيل على أنه “ذو أهمية استراتيجية”، ويعد القضاء عليه -حتى لو لم يقتل -إنجازًا استخباراتيًا وعملانيًا مهمًا.

في سياق متصل، ذكرت مدونة IntelliTimes الاستخباراتية، أنه يمكن تقدير أن إسرائيل نجحت، مع عدم وجود عملاء في اليمن، من تعقب وتصفية مسؤولين بارزين حوثيين بنفس الطريقة التكنولوجية التي مكّنت من تصفية القيادات الإيرانية المتمركزة في سوريا والعراق.


لأول مرة: البحرية الإسرائيلية تهاجم أهدافًا للحوثيين في ميناء الحديدة

ذكر الجيش الإسرائيلي أنه هاجم، في 10 يونيو 2025، أهدافًا للحوثيين في ميناء الحديدة باليمن باستخدام سفن صواريخ بحرية. جرى تنفيذ الهجوم ردًا على هجمات الجماعة. وأضاف أنه نفذ الهجوم بعد عدة تحذيرات لتقليص الضرر المحتمل على المدنيين في المنطقة.

أشاد وزير الدفاع يسرائيل كاتس بسلاح البحرية لتنفيذه الهجوم، وقال: “أهنئ البحرية على الهجوم الناجح على ميناء الحديدة في اليمن، إن يد إسرائيل الطويلة في الجو وأيضًا في البحر ستصل إلى كل مكان. حذرنا جماعة الحوثيين “الإرهابية” من أنه إذا استمر إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل فإنها ستتلقى ردًا قويًا، وستتعرض لحصار بحري وجوي… هذا ما فعلناه اليوم، وسنواصل القيام به مستقبلًا”.

قال آفي أشكنازي[3]، على موقع معاريف، في 10 يونيو 2025، “مع أن الصواريخ كانت موجهة نحو أرصفة الميناء اليمني إلا إنها كانت موجهة أيضًا إلى مكان آخر ليس ببعيد، وهو طهران. ولا يتمثل تعقيد الهجوم البحري في الوصول إلى هدف يبعد زهاء ألفي كيلومتر من ميناء إيلات، بل في رحلة العودة؛ لأن السفن تكون مرئية بعد إطلاق الصواريخ من على متنها. إن محدودية سرعة البوارج البحرية مقارنة بالطائرات المقاتلة تجعلها عرضة للهجوم”.

أرجع أشكنازي أسباب اتخاذ الجيش الإسرائيلي قرار الهجوم من البحر إلى ثلاثة أمور:

· رسالة تتعلق بقدرات تل أبيب وقوتها التي لا تقتصر فقط على سلاح الجو. إذ يمكن تنفيذ عمليات أخرى بحرًا، بدءًا من جمع المعلومات الاستخباراتية إلى إنزال قوات برية.

· مع أن السفن الحربية أبطأ من الطائرات المقاتلة، ولا يقدّر وقت عودتها إلى مينائها بالدقائق، بل بالساعات وحتى الأيام. إلا أن السفن الحربية تمتلك وسائل دفاعية متعددة، بدءًا من أنظمة الرادار التي تكشف التهديدات بعيدة المدى، وحتى أسلحة القبة الحديدية الدفاعية، وأنظمة اعتراض مضادة للطائرات. جدير بالذكر أن السفن ستُجهز قريبًا بنظام اعتراض “الشعاع الحديدي” القائم على تقنية اعتراض الليزر، الذي طورته شركة رافائيل.

· تأتي العملية البحرية بعد أن ضرب الجيش الإسرائيلي سلاح الجو الحوثي ودمره. كما ألحق أضرارًا بالقدرات البحرية للحوثيين في خليج عدن. من المنطقي افتراض أن السفن الحربية انطلقت لتنفيذ مهمتها، وعبرت الخليج العربي تحت إشراف وحماية سلاح الجو.

ذكر موقع والا العبري إن مثل هذه العمليات تتطلب توفير دعم لوجستي بحري وجوي واستخباراتي وطبي. ولا بد من موافقة كبار قادة هيئة الأركان، والقيادة السياسية نظرًا لخطورتها الكبيرة.

قالت ليلاخ شوفال[4] على موقع يسرائيل هيوم إن الهجوم يعد جزءًا من جهد متواصل لاستهداف البنية التحتية للميناء، ومن بينها أماكن الانتظار، والمراسي، والأرصفة، لتقليل حجم البضائع الواردة وإرسال رسالة مفادها أنها منطقة حرب. إن الهدف من الهجوم على الأرصفة هو التأثير على شركات الشحن وتقويض استقرار الحوثيين في المنطقة.

وأضافت أن العملية جرى التخطيط لها بعناية، وتوقيت دقيق يتناسب مع ظروف البحر، واستُخدمت فيها صواريخ بعيدة المدى أُطلقت من سفن ساعر 6 المجهزة بقدرات دفاعية وهجومية بعيدة المدى.

بينما قال أمير بوحبوط[5]، المراسل العسكري لموقع والا، إن الهجمات المستمرة على ميناء الحديدة سوف تمثل تهديدًا لأي سفينة مدنية تنقل بضائع إلى اليمن، وستُفاقم المعضلات -ليس لقيادة الحوثيين فحسب، التي تدفع ثمنًا باهظًا -بل أيضًا للشركات المدنية الراسية في اليمن أو قبالة سواحل البلاد لنقل البضائع. كما أن الجيش الإسرائيلي يتوخى الحذر الشديد في استخدام المصطلحات، ولكن إذا استمر نشاطه الهجومي، فسيكون ذلك أقرب إلى “حصار بحري” للحوثيين.


لم تنجح دولة في إخضاع الحوثيين: فلماذا تستمر إسرائيل؟

ذكر موقع هاآرتس، في 27 مايو 2025، أن كثيرًا من الإسرائيليين تعاملوا بسخرية مع جماعة الحوثيين في اليمن -بعد إطلاق الصواريخ على إسرائيل تعبيرًا عن تضامنهم مع سكان قطاع غزة بعد وقت قصير من 7 أكتوبر -وكأنها جماعة من دعاة الحرب، ليسوا على قدر من الذكاء وينفذون نشاطاتهم نيابة عن إيران. بعد مرور أكثر من عام ونصف، لم يعد أحد ينظر إليهم على أنهم حدث مضحك: فعلى النقيض من دول أخرى في المنطقة، يواصلون إطلاق الصواريخ ويعطّلون روتين الحياة؛ لقد أدى وعدهم بفرض حصار جوي إلى تقليص عدد شركات الطيران الأجنبية الراغبة في السفر من وإلى مطار بن غوريون إلى حد كبير، ولا سيما بعد أن اتضح فشل هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في ردعهم.

طرح الموقع تساؤلًا حول أسباب صمود جماعة متمردة محدودة القوة، ولا تتمتع بدعم استثنائي في اليمن في ظل الاضطرابات الدراماتيكية في الشرق الأوسط، وفي مواجهة دعم القوى الإقليمية، بل وحتى أنها تصعّد هجماتها على إسرائيل.

توضح عنبال نسيم لوفطون [6] أن الحوثيين “يتحدثون اليوم عن شيء يمثل جزءًا من وعيهم، وهو الماضي المجيد للكيان الديني الزيدي الذي استمر، ولو بشكل متقطع، حتى عام 1962”. وتضيف، أن الإجراءات التي يتخذها الحوثيون في هذا الإطار تساعدهم على اكتساب الشرعية، والعمق التاريخي بين المواطنين اليمنيين، وتقنعهم بأنهم يعملون لمصلحة الزيدية ومن أجل خلاصهم.

تقول لوفطون أيضًا: إن الحوثيين يستغلون بذكاء ما وصفته بـ”خليط الهويات”. و”أحيانًا نجدهم يتحدثون عن قضايا تتعلق بقمع السكان الزيديين وكيف يضرهم مشروع الدولة”. وفي أحيان أخرى يلوحون بالعلم الوطني ويتهمون الحكومة بالطاعة العمياء للولايات المتحدة، ولذا يجدون آذانًا صاغية بين اليمنيين السنة. في بعض الأحيان ينخرطون في تحالف مع إيران، وهو ما “يفتح اتصالًا مع لبنان، ومع العراق، وبالتأكيد التحالف مع إيران… ثم يفتح الحوثيون هذه الدائرة بقدر أكبر ويُدخلون قطاع غزة”.

يستخدم الحوثيون إسرائيل لشحذ جانب آخر من الهوية التي يسوقونها: يصور الحوثيون الصراع ضد إسرائيل، التي يعدونها “وكيلًا للولايات المتحدة”، على أنه جزء من حملتهم المبررة ضد مشروع استعماري غربي. مع ذلك، لا تعكس مرونة الحوثيين وبراغماتيتهم سيطرة شاملة على اليمن أو حتى حصد شعبية استثنائية. “نحن ننسى أحيانًا أن الحوثيين أقلية؛ إنهم قادرون على إثارة الضجيج وإحداث أذى كبير، لكنهم أقلية”.

ترى الباحثة أن الهدف من خطاب الهويات النفعي -إلى جانب شبكة دعائية واسعة -هو بالدرجة الأولى “للحصول على مكاسب سياسية لمصلحة الحوثيين داخل اليمن”، فضلًا عن إنجازات إقليمية في مواجهة السعودية وإيران. وتقول: “إنهم يوظفون كل هذه الهويات والمجموعة الواسعة من الأدوات بطريقة ذكية ومعقدة للغاية، وكل منها يستهدف جمهورًا مختلفًا”.

قالت مصادر أمنية أميركية لشبكة CNN، إن أحد الأسباب التي دفعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الموافقة على إنهاء العمليات الهجومية في اليمن هي التكلفة الهائلة للعملية، التي بلغت نحو مليار دولار في شهرها الأول وحده. لكن تكلفة الهجمات الإسرائيلية في المنطقة مرتفعة بنفس القدر. لا تملك تل أبيب حاملات طائرات في الخليج، وتقدر تكلفة كل هجوم تشنه في اليمن بملايين الشواقل -إذا أخذنا في الاعتبار المسافة، والوقود الذي تستهلكه الطائرات، والخدمات اللوجستية، ونظام الدعم، والتسليح.

تؤكد لوفطون حقيقة “أن إسرائيل تهاجم اليمن بالطائرات، وليس بالصواريخ والطائرات المسيّرة، لأنها تزيد بالتأكيد من تكلفة العملية”. بحسب قولها، فإن “الهجمات الإسرائيلية لها أيضا تأثير إدراكي… لإظهار قدرتنا على الوصول إليهم، مرارًا، وهنا لدينا ميزة واضحة للغاية”، خاصة وأن المتمردين الحوثيين لا يملكون سلاحًا جويًا، وتضيف، أن الهجمات على ميناء الحديدة لن تكبح الحوثيين، لأن الميناء هو شريان الحياة لليمن… وبما أن إغلاقه سيؤثر على جميع السكان، فإن كثافة الهجمات هناك ستكون محدودة دائمًا.

تشير لوفطون إلى أن إنهاء الحرب في قطاع غزة يتصدر قائمة مطالب الحوثيين، إلا أنه ليس من المؤكد على الإطلاق أن انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة سوف يرضيهم. يعد المتمردون العدة بالفعل لمواجهة أي جهة تعمل على تعزيز التطبيع مع إسرائيل -على سبيل المثال، السعودية -وقد يواصلون عملياتهم العسكرية ضدها حتى بعد الانسحاب من قطاع غزة. علاوة على ذلك فإن الاتفاق على وقف الهجمات المتبادلة بين الحوثيين والولايات المتحدة قد يعزز فقط راية “المدافعين عن الفلسطينيين” التي يرفعها الحوثيون.

حسب لوفطون، فإن عمليات الاغتيال السابقة التي نفذتها السعودية والولايات المتحدة لقادة الحوثيين لم تسفر عن أي تغيير حقيقي، وأنه “سيكون من الصعب القضاء على هذه الظاهرة… أيضًا لأنها جماعة سيطرت على البلاد ومؤسساتها، وتعمل بشكل منهجي منذ عقد من الزمان”.

قد يكون السبيل الوحيد لإجبار الحوثيين على إلقاء أسلحتهم هو من خلال حل يمني داخلي ينهي الحرب الأهلية. تقول لوفطون إن الحوثيين يريدون ترجمة مكانتهم إلى إنجازات داخلية و”تطبيع السلطة السياسية”، وأي حل لا يجب أن يشتمل على قضايا مثل توزيع تلك السلطة فحسب، بل أيضا قضايا أكثر حساسية، مثل الوصول إلى البحر… سيجد الحوثيون صعوبة في التخلي عن مكانتهم القوية وموقعهم الاستراتيجي في البحر الأحمر وباب المندب، وهنا قد يضطروا إلى أن يكونوا أكثر إبداعًا في الطريقة التي يسعون بها لتأمين هذه السيطرة”.

من غير المتوقع أن توقف إسرائيل هجماتها أيضًا، ولكي نكسر هذه الدورة العسكرية، التي قد يكون مصيرها الفشل، ربما يتعين علينا أن ننظر إلى الماضي؛ ولكن كما تقول لوفطون، فإن “التاريخ لا يستطيع أن يقدم لنا إجابة، لكنه في كثير من الأحيان يمكن أن يخبرنا بما لم ينجح”.

هل استمرار الهجمات الإسرائيلية على الحوثيين لا جدوى منها؟ تقول لوفطون: “نعم ولا. من ناحية، تُلحق الهجمات ضررًا بالحوثيين بالتأكيد، وهذا له قيمة تراكمية. لكن يبدو أن التعطيل أو الضرر مؤقت، وهذا لا يُضعف دوافعهم لممارسة نشاطهم ضد تل أبيب، بل ربما العكس.

عسكريًا، من المشكوك فيه ما إذا كانت الهجمات وحدها كافية لتحقيق الهدف. توضح لوفطون قائلة: “إن مثل هذه الهجمات يجب أن تكون مدعومة بجهد شامل ومستدام، للحد من تهريب أسلحة الدمار الشامل عن طريق البحر والبر … وإلى جانب ذلك، من المهم أيضًا إضفاء الاهتمام والدعم لقوى المعارضة داخل اليمن، لأن هذه أولًا وقبل كل شيء حرب أهلية يمنية داخلية.” على أي حال، تقول لوفطون: “هذه المسألة لن تنتهي فقط باستخدام القوة العسكرية. علينا أن نقدم لخصوم الحوثيين تقسيمًا سياسيًا متفق عليه ويحفزهم على التحرك ضدهم”.


الحوثيون يواصلون قصف إسرائيل رغم خسائر تتجاوز المليار دولار

ذكر موقع يديعوت أحرونوت، في 27 مايو 2025، أن الحوثيين يواصلون إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل بانتظام، ويواظبون على إصدار بيانات تهديد بعد كل هجوم، رغم تكبدهم خسائر فادحة جراء الهجمات الأمريكية والإسرائيلية.

أعلن الحوثيون في مؤتمر صحفي لمؤسسة موانئ البحر الأحمر، التي يسيطرون عليها، أن الهجمات الأمريكية والإسرائيلية التي استهدفت موانئ محافظة الحديدة في الأشهر العشرة الماضية، تسببت في خسائر تجاوزت المليار دولار. ووفقًا للمؤسسة، تسببت الهجمات على البنية التحتية والمرافق في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، في خسائر مباشرة بلغت 531 مليون دولار، وأضرار غير مباشرة بلغت 856 مليون دولار أخرى، نتيجة توقف الخدمات وتعطل تدفق الإمدادات.

وقال مصدر أمني يمني لموقع يديعوت أحرونوت إن الضربات الإسرائيلية “قوية وهائلة، لكنها أقل دقة من الضربات الأمريكية”. يزعم المصدر نفسه -رغم عدم تأكيد أي مصدر رسمي -إصابة القيادي الحوثي، عبد الخالق بدر الدين (شقيق زعيم الجماعة)، في الغارات الأمريكية على اليمن، التي نُقل على إثرها إلى مستشفى الأوقاف بصنعاء لعدة أيام، ثم نُقل إلى أحد المنازل في منطقة حدة بالمدينة، حيث خُصصت له غرفة رعاية مع فريق خاص. ثم نُقل بعدها إلى مخبأ ثالث.

أشار داني سيترينوفيتش[7] إلى أن “الولايات المتحدة حظيت بميزة كبيرة تتمثل في قربها من المنطقة، وقدرتها على الرد بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة. أما في السياق الإسرائيلي، حتى لو توفرت المعلومات، فإنها لا تتمتع في النهاية بسيطرة كاملة على المنطقة. إننا نعتمد على سلاح الجو الإسرائيلي القادر على مهاجمة اليمن، ولكن بالتأكيد لن تكون هجمات يومية. هذه الهجمات تستلزم ضرب أهداف تقليدية للبنية التحتية، حتى تُسبب أضرارًا اقتصادية، لكنها لا تُثير لدى القيادة العليا شعورًا بالملاحقة، ولا يُمكنها بالتأكيد إصابة منصات الإطلاق المتحركة، أو منع إطلاق الصواريخ على إسرائيل. لهذا السبب، يمكنهم الآن، دون ضغط، إطلاق مزيد من الصواريخ.

يضيف سيترينوفيتش: “مع أن العمليات الإسرائيلية تسبب ضررًا اقتصاديًا، إلا أنها لا تلحق أذى بالقيادة الحوثية وقدرات إطلاق الصواريخ. لقد توفرت الفرصة للأمريكيين، ولكن منذ توقف حملتهم، لم يعد هناك ما يُثير نفس الشعور بالملاحقة. التكلفة الاقتصادية التي يتكبدها الحوثيون هائلة، لكن يمكن تحملها على مضض مقارنةً بالربح الذي يجنونه من الهجوم الإسرائيلي. لذا، حتى لو قصفنا الحديدة مئة مرة، فلن يُجدي ذلك نفعًا. قوتهم تكمن في ضعفهم، ليس لديهم “مركز ثقل” تستطيع تل أبيب ضربه لإجبارهم على إيقاف قصفهم”.

أشار أيضًا إلى أن “التهديد الحوثي لن يتلاشى حتى مع وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ثمة حاجة للتعاون مع الولايات المتحدة، ودول الخليج، والميليشيات في جنوب اليمن، التي يتمثل هدفها الأسمى في الإطاحة بجماعة الحوثيين. في الوقت الحالي، لا يبدو هذا ممكنًا، ولذا، لن يكون ثنيهم عن القصف ممكنًا في الوقت الحالي إلا بالتوصل إلى اتفاق في غزة. على الرغم من الخسائر الفادحة، فإن الحوثيين، وفقًا لمزاعمهم على الأقل، يتمكنون من إعادة إعمار بعض البنية التحتية بسرعة نسبية. وعلى عكس السكان الذين يعيشون تحت سيطرتهم، تمتلك قيادة الحوثيين المال، من بين أمور أخرى من الضرائب، والجبايات والنفط، وبالطبع من إيران.

في سياق متصل، قال يهوشع كاليسكي[8] في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، في 25 مايو 2025، إن على تل أبيب شن هجمات استباقية للقضاء على التهديدات المحتملة لتحقيق توازن الردع. ويجب تنفيذ ذلك عبر تطبيق استراتيجية الهجوم الوقائي المباغت، وضرب الأصول الاستراتيجية باستخدام سلاح حاسم يتضمن قنابل ثقيلة مصممة لتفجير المخابئ، والصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وهجمات من اتجاهات مختلفة وغير متوقعة، واستخدام منصات هجومية بحرية. بعد ذلك، يجب شن هجمات مستمرة ومركزة على مستودعات الأسلحة، ومواقع التخزين، ومراكز القيادة والسيطرة. كما يجب شن هجمات مركزة تستهدف رموز الحكم: المراكز الحكومية، وكبار مسؤولي جماعة الحوثي، ومراكز الاتصالات، والمواقع الاقتصادية التي هي بمنزلة أدوات التحكم والمحرك المالي لتمويل “الإرهاب”. كما يجب مواصلة الهجمات المركزة؛ لمنع ترميم المواقع المتضررة، وشن هجمات على الموانئ والمطارات لفرض حصار بحري وجوي.

من المرجح أن مشاهد الدمار سوف يتردد صداها في أرجاء اليمن (والشرق الأوسط)، وسوف تجبر قادة الحوثيين على تقييم تكلفة الأضرار مقابل تكلفة فوائد الهجوم الإسرائيلي بشكل مختلف. حينها ستتحقق كلمات موشيه ديان: “تحديد ثمن باهظ لدمائنا -ثمن باهظ لا تستطيع الحكومات العربية تحمله”.


الهجمات الإسرائيلية في اليمن نابعة من جهل استخباراتي وتصورات غربية خاطئة

ذكر موقع جلوبس، في 17 مايو 2025، إن الهجوم الإسرائيلي في اليمن (الجمعة 16 مايو) كان مذهلًا، مثل سابقيه، ولا توجد قوة جوية أخرى في الشرق الأوسط قادرة على تنفيذ مثل هذه الهجمات بشكل روتيني، ولكن كل هجوم في اليمن يعزز من قوة جماعة الحوثيين -ولا يضعفهم.

الهدف هو فرض “حصار بحري” على وكلاء إيران في اليمن، وهذا يدل على جهل الاستخبارات الإسرائيلية بشأن أفقر دولة في العالم العربي. هو نفس الجهل الذي يجعل المسؤولين في تل أبيب يظنون أن استهداف مصانع الخرسانة في اليمن يلحق الضرر بالحوثيين. لا تحتاج إلى وكالات استخبارات نوعية في إسرائيل لمعرفة أن اقتصاد الحوثيين، إذا كان بإمكانك تسميته كذلك، أقل من اقتصاد جزيرة، بل يكفي زيارة OSINT (استخبارات المصادر المفتوحة) على وسائل التواصل الاجتماعي.

ثمة قضية مماثلة أخرى تتمثل في الاعتقاد بأن أي ضغط عسكري قد يجبر الحوثيين أو حماس على الخنوع. لا تهتم هاتان الجماعتان بما يحدث على أراضيها على الصعيد الاقتصادي.


مفاتيح هزيمة الحوثيين

قال مايكل باراك، باحث أول في معهد سياسة مكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان، في موقع يسرائيل هيوم، 19 مايو 2025، إن الضربات الموجعة التي وجهتها إسرائيل لأعضاء محور المقاومة، وخاصة حزب الله اللبناني، جعلت الحوثيين الفاعل الوحيد الذي يمتلك القدرة والاستعداد لإلحاق الضرر بتل أبيب، سواء عبر تعطيل طرق التجارة البحرية في المحيط الهندي والبحر الأحمر، التي تمر عبرها السفن الإسرائيلية، أو عبر إطلاق الصواريخ على مطار بن غوريون؛ لتعطيل الطيران الدولي لردع شركات الطيران الأجنبية، وإلحاق الضرر بالاقتصاد.

أرجع باراك مواصلة الحوثيين هذا النهج، رغم ردود الفعل الإسرائيلية الانتقامية، إلى عدة أسباب، أهمها: التعصب الديني المتطرف، والمصلحة الداخلية في صرف انتباه السكان عن ضائقة الأمن الاقتصادي، والغذائي، والصحي، والتعاون والتنسيق مع ممثلي الحرس الثوري الإيراني.

أشار باراك إلى أن مجابهة التهديد الحوثي تقتضي:

  • بناء تحالف إقليمي يضم دول الخليج، والدول الغربية، وحتى الهند، إن لم يكن على المستوى العسكري فعلى الأقل على المستوى الاستخباراتي والتوعوي. على المستوى التوعوي، يجب الترويج لروايات العلماء اليمنيين ومن بينهم الزيديين، والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، لدحض تفسير الحوثيين المشوّه والتسييس المرفوض للدين الإسلامي.
  • ضرورة تكريس الاهتمام بالقوة العسكرية اليمنية الموجودة بالفعل على الأراضي اليمنية، التي تكن عداءً كبيرًا للحوثيين، وخاصة المجلس الانتقالي في جنوب اليمن المدعوم من الإمارات.
  • شن حرب اقتصادية على جماعة الحوثيين “الإرهابية” لأنها مهمة، ويجب اتخاذ إجراءات لاستهداف بعض مموليها من كبار رجال الأعمال، وبعضهم يقيم في لندن.

في سياق متصل، قال العميد في الاحتياط تسفيكا حايموفيتش، قائد الدفاع الجوي الإسرائيلي السابق، والمستشار في منظمة “مايند إسرائيل –mindisrael” البحثية، في موقع والا العبري، 19 مايو 2025، إن حل كثير من القضايا يتمثل في إنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن، الذي يؤدي فورًا إلى وقف القصف من اليمن (وليس القضاء على التهديد)، وتعزيز التطبيع مع السعودية، والسماح بالتركيز على القضية الإيرانية والنووية.

حتى تحقيق ذلك، سيضطر الملايين إلى الهروع للملاجئ كل بضعة أيام أو أكثر، على أمل اعتراض أنظمة الدفاع الجوي هذه التهديدات، وسنسمع بين الفينة والأخرى عن عملية جوية أخرى تهاجم نفس الموانئ البحرية والجوية في اليمن، وهكذا دواليك.

قالت مراسلة الشؤون العسكرية، ليلاخ شوفال في صحيفة يسرائيل هيوم، في 19 مايو 2025، “لا أحد في إسرائيل متفائل بأن القوة وحدها قادرة على وقف إطلاق الصواريخ الحوثية، وإذا واصل الحوثيون إطلاقهم للصواريخ سوف تستمر صفارات الإنذار التي تتسبب في هروع الملايين إلى الملاجئ”.

وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، في 18 مايو 2025، أرجع توقف قصف الحوثيين للسفن الأمريكية بأنهم “يخشون الولايات المتحدة وليس تل أبيب، ولذا يجب على الأخيرة إنشاء قوة ردع مماثلة، ففي كل مرة نصل إلى هناك، نتراجع”.

قالت الخبيرة في شؤون الحوثيين والباحثة في معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية نوعا لازيمي، في مقابلة مع القناة السابعة، في 22 مايو 2025، إن مواصلة الحوثيون إطلاق الصواريخ على إسرائيل دليل على أن هذه الجماعة تزداد تطورًا بمرور الوقت، ولذا قد تمثل مشكلةً حقيقيةً في المستقبل: “لقد ربط الحوثيون صراعهم في مواجهة إسرائيل بالحرب في غزة، وتطورات إقليمية أخرى. هدفهم هو إظهار أنهم فاعل إقليمي مهم. حتى لو لم يتسبب القصف في أضرار كبيرة، فإنهم يريدون بثّ الرعب وإظهار قدراتهم حتى بدون دعمٍ إيراني”، وحسب قولها، فإن تل أبيب تعاملت على نحو سليم عندما هاجمت اليمن وسحقته، ولكن يستحسن ألا ننتظر القصف للرد عليهم، بل يجب اتخاذ تدابير احترازية؛ لتقويض دوافعهم عبر استهداف المواقع العسكرية ومواقع الطاقة التي تساعد الجماعة المتمردة على الصمود.

فيما يتعلق بالتسليح الإيراني، الذي لم يعد كسابق عهده، تشير لازيمي إلى أن “إيران في ضائقة من حيث ترسانتها الصاروخية، وإسرائيل تؤدي دورًا مهمًا في ذلك. إنها غير قادرة على تحمل نفس مستوى الإمدادات الذي كانت عليه في الماضي. كما أدت الهجمات الأمريكية إلى إحباط قدرات الحوثيين وألحقت الضرر بشبكة التهريب الواسعة من إيران، حتى وإن لم يكن ذلك على نحو كامل. لن يتوقف الإيرانيون عن تسليح الحوثيين، ولكن ليس بالمستوى الذي اعتادوا عليه في الماضي.

بشأن قدرة الحوثيين على الحصول على الأسلحة من مصادر أخرى، تقول لازيمي إن الحوثيين اكتسبوا المعرفة من الإيرانيين على مر السنين، وطوروا بنية تحتية للإنتاج الذاتي. لا يتعلق الأمر بالقدرة على تطوير الصواريخ الباليستية، بل لديهم إنتاجهم الخاص من الأسلحة، حتى وإن لم تكن جميعها قادرة على تهديد إسرائيل، وهذا دليل على تحسنهم. كما تتواصل الجماعة مع منظمات ودول في إطار محاولتها إثبات استقلاليتها أمام إيران، وضمان تنويع مصادر الأسلحة.

فيما يتعلق بالمفاوضات الإيرانية الأميركية، قالت لازيمي إن الإيرانيين حاولوا في البداية تقديم صورة بأنهم الطرف الذي يهدئ وكلائه، وهو تصريح ينطبق خاصة على الحوثيين، الذين يشكلون القوة الصاعدة بالوكالة لدى الإيرانيين. من ناحية أخرى، قد يؤدي فشل المفاوضات الناجم عن الخلاف الناشئ حول قضية تخصيب اليورانيوم إلى تصعيد كبير في الساحة اليمنية.

أشارت لازيمي إلى أن الحوثيين يفرضون سيطرتهم على 70-80% من مواطني اليمن و30% من أراضي البلاد، ومع ذلك لا تحظى تحركاتهم التي تستهدف إسرائيل ودعم الغزيين بدعم ساحق.


القضاء على الحوثيين يتطلب استراتيجية وليس عمليات انتقامية

قال الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في الموساد عوديد عيلام، في مركز القدس للشؤون الخارجية والأمن، 7 مايو 2025، إن حل مشكلة التهديد الحوثي يتمثل في إقامة تحالف دولي واسع. لم يكن الصاروخ الذي ضرب مطار بن غوريون مجرد عنوان درامي آخر -بل رسالة واضحة وحادة ومحسوبة من الحوثيين، وجرس إنذار متأخر لكل من يتوهم بأنه مجرد صراع محلي. كما كان متوقعًا، إسرائيل استهدفتهم بغارة جوية، لكن حتى لا نخدع أنفسنا، فإن هذه الضربات الانتقامية المتبادلة، مهما بلغت دقتها، لن تمنع الحوثيين من إطلاق الصواريخ. قد تتصدر عناوين الأخبار الرئيسة، لكنها لن تجلب النصر. لسنا في حاجة الآن إلى هجوم رمزي آخر، بل استراتيجية حقيقية لاقتلاع جماعة الحوثيين من جذورها.

قال عيلام إن إسرائيل تعيش وهم الردع، وأن القنابل غير كافية. كان رد فعلها على هجوم المطار نمطيًا: غارة جوية خاطفة، ونشر مقطع فيديو درامي، ولكن في النهاية، لم يغير المعادلة. لقد أثبت الحوثيون، مرارًا، أن العمليات الانتقامية وحدها لا تردعهم، بل تدعم سرديتهم. يضيف، إن الحل الحقيقي يتمثل في إنشاء تحالف شجاع وليس الهاشتاجات. لقد حان الوقت لوضع خطة شاملة لإسقاط جماعة الحوثي. النموذج المطلوب هو التدخل التركي في شمال سوريا ــ وهو مزيج من الاستخبارات، والتمويل، وإعادة تدريب القوات المحلية التي هزمت الأسد بشكل كامل تقريبًا.

العناصر الرئيسة لهذه الاستراتيجية:

  • قوة برية موحدة: يجب توحيد القوات اليمنية -القبائل، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والجنود المنشقين -وتدريبهم كوحدات النخبة. يجب أن يأتي الدعم من مركز قيادة أميركي سعودي مشترك.
  • الاستخبارات العملياتية المتقدمة: تحتاج الولايات المتحدة وإسرائيل إلى توفير الاستخبارات في الوقت المناسب (الاستخبارات البشرية والإشارات) للقضاء على القيادة والبنية التحتية للصواريخ.
  • الحصار البحري والاقتصادي: لوقف شحنات الأسلحة، والطائرات المسيّرة الإيرانية، وقطع الشريان الأساسي الداعم للحوثيين. بدون إيران، هم مجرد جماعة تحمل السلاح.
  • إعادة هيكلة الحكومة اليمنية: دعم حكومة انتقالية تضم كل المجموعات الرئيسة في اليمن ـ وتعكس الأغلبية السنية في البلاد.

قال عيلام: لا توجد حلول فعالة ما دامت إيران لا تتحمل المسؤولية. إنها تنتهك كل الأعراف الدولية عندما تمول وتسلح وتدرب الحوثيين. إذا كان المجتمع الدولي جادًا، فيجب عليه أن ينتقل من التصريحات العامة إلى الضغط الحقيقي ــ الاقتصادي، والدبلوماسي، والسيبراني.

أشار أيضًا إلى أن القنابل قد توفر راحة مؤقتة، لكنها لا تجلب السلام. نجا الحوثيون من الفوضى، وبنوا قوة طويلة الأمد، وحوَّلوا اليمن إلى مركز لنشر الإرهاب الإقليمي. ربما انقشع الدخان في سماء بن غوريون ـ ولكن تظل الحقيقة: هذا الرد ليس استراتيجية. إن العمل الشامل الذي يفضي إلى استئصال جماعة الحوثيين جذريًا هو ما يحقق الاستقرار الحقيقي. لا يقاس النصر بقوة الضربة، بل بالقدرة على إنهاء القتال.


الحوثيون لن يترددوا في تحويل اليمن إلى كوريا شمالية جديدة

قالت ليئور بن أري مراسلة شؤون العالم العربي بموقع يديعوت أحرونوت، في 9 مايو 2025، إن باحثًا يمنيًا فضل عدم الكشف عن هويته تحدث لموقع يديعوت أحرونوت، موضحًا أن الحوثيين يتطلعون إلى السيطرة الكاملة على اليمن… إنهم مدفوعون باعتقاد أيديولوجي متجذر مفاده أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة -وهو قاسم مشترك بين الحركات الدينية. هذا الاعتقاد يجعلهم أقل انفتاحًا على تقاسم السلطة مع قوى محلية أخرى، لأنهم لا يعدون خصومهم مجرد معارضين سياسيين، بل أعداءً للدين نفسه. يتجلى هذا في خطابهم العام، حيث غالبًا ما يصفون المعارضين الدينيين بـ”المنافقين”.

أوضح الباحث أيضًا، أن طموحات الحوثيين تتجاوز اليمن. إنهم يسعون إلى استغلال سيطرتهم المحلية للتأثير على الديناميكيات الإقليمية والدولية، وهو ما يتجلى في هجماتهم البحرية وقصفهم المتكرر على إسرائيل. إنهم يعدون أنفسهم فاعلًا رئيسيًا في “محور المقاومة” الذي تقوده إيران.

بعد الضعف الكبير الذي اعترى وكلاء إيران الأخرى في المنطقة، إلى درجة انهيارها كما في حالة بشار الأسد، ازدادت طموحات الحوثيين إلى حد كبير. أضاف الباحث أن “الحوثيين هم أقوى ذراع في المحور اليوم، ولا يبدو أنهم سيتوقفون عن محاولة تشكيل الأحداث الإقليمية والعالمية عندما تتاح الفرص، خاصة في ظل التنافس الجيوسياسي المستمر بين الغرب والشرق.”

بحسب الباحث، لن يتردد الحوثيون في تحويل اليمن إلى كوريا شمالية جديدة في الشرق الأوسط، إذا كان ذلك يخدم أجندتهم الأيديولوجية والسياسية”.


لماذا أوقف ترامب الهجمات على الحوثيين؟

قال يوني بن مناحيم [9] على موقع arabexpert، في 10 مايو 2025، إن التقييم السائد بين المسؤولين الأمنيين في إسرائيل هو أن قرار الرئيس ترامب المفاجئ بوقف الهجمات الأميركية على الحوثيين في نهاية المطاف، محاولة لتجنب التورط في الساحة اليمنية، حتى لو كان ذلك على حساب الإضرار بمصداقيته في نظر تل أبيب وحلفاء آخرين في المنطقة.

إن هذا يجسد مبدأ سياسة ترامب الخارجية -الحد الأدنى من التعقيدات، والحد الأقصى من الفوائد المباشرة للولايات المتحدة.

زعم ترامب أن الحوثيين أبدوا استعدادهم لوقف القتال، لكن مصادر سياسية في إسرائيل تلقت تقييمات من واشنطن تفيد بأن هذا “خروج استراتيجي” من المستنقع اليمني، خاصة قبل زيارات ترامب المتوقعة إلى دول الخليج.

تقدر مصادر أمنية إسرائيلية أن هذا إجراء مؤقت يهدف إلى تخفيف التوترات قبل لقاءات الرئيس ترامب مع زعماء السعودية والإمارات وقطر، وربما أيضًا استعدادًا لاستئناف المفاوضات مع إيران بشأن الاتفاق النووي.

بالنسبة لتل أبيب، إنها ضربة قاسية، إذ قد تجد نفسها الآن تقاتل بمفردها في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، دون دعم أمريكي.

بحسب مصادر أمنية، فإن قرار ترامب ينبع من سلسلة من الإخفاقات التكتيكية والاستراتيجية التي جعلت من استمرار التدخل العسكري الأميركي في اليمن عبئا ليس مجديًا:

  • عجزها عن إلحاق الضرر بالقوة الحوثية: أدركت الولايات المتحدة أن القنابل فشلت في كسر القوة العسكرية، أو الإرادة السياسية للحكومة في صنعاء.
  • الفشل في تشكيل تحالف عربي لغزو بري: رفضت مصر والسعودية والإمارات الانضمام إلى الخطوة الأمريكية التي تخدم المصالح الإسرائيلية في المقام الأول.
  • تآكل قوة الميليشيات المحلية في اليمن: رفضت المنظمات التي تمولها السعودية والإمارات فتح جبهة برية لمواجهة الحوثيين.
  • تزايد شعبية الحوثيين: حظيت جماعة الحوثيين بسبب دعم غزة على شرعية إقليمية، وأصبحت رمزًا لمجابهة الغرب وإسرائيل.
  • خسائر تكنولوجية وعسكرية للولايات المتحدة: تمكنت اليمن من إسقاط 22 طائرة مسيّرة متطورة من طراز MQ-9، وثلاث طائرات من طراز F-18.
  • تسود مخاوف بين القيادة الأميركية من تعرض حاملة طائرات لضربة مباشرة، وهو السيناريو الذي يعد “عارًا أبديًا” للبحرية الأمريكية.
  • انتقادات داخلية في الولايات المتحدة: أصبح قصف المدنيين في اليمن أداة في أيدي معارضي ترامب السياسيين.

يواجه ترامب في ظل هذا الوضع خيارين شائكين: التصعيد الذي قد يشمل غزوًا بريًا مكلفًا وخطيرًا؛ أو استمرار الضربات الجوية التي أثبتت عدم جدواها.

خشية الانزلاق في “المستنقع اليمني”، اختار ترامب خيارًا ثالثًا وهو: الانسحاب من الصراع، دون إنهائه.

كما تناول موقع يسرائيل هيوم، في 13 مايو 2025، ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز، بأن السبب الذي دفع ترامب لإيقاف العملية التي تستهدف الحوثيين ليس الانتصار كما قال الرئيس الأمريكي. باختصار، توقع ترامب نتائج أكثر أهمية في فترة قصيرة، ولكن دفعه إصرار العدو (الحوثيين) إلى جانب التكاليف الباهظة، إلى الانسحاب وقبول الاقتراح العماني بوقف إطلاق النار مع الحوثيين.


تباين الآراء الإسرائيلية حول إعلان ترامب استسلام الحوثيين

قال رامي يتسهار [10] على موقع عنيان مركزي، في 7 مايو 2025، إن ترامب جعل من نفسه والولايات المتحدة أضحوكة بعد أن أعلن كذبًا استسلام الحوثيين، وقد نفى الحوثيون ادعاء ترامب قائلين: “لم نستسلم، وسنواصل دعم غزة”. وقصفوا سفن الجيش الأمريكي للتأكيد على تهور وسطحية ترامب، وتصريحاته السخيفة.

أشار يتسهار إلى أن نفي الحوثيين يثير الشكوك حول نوايا ترامب الحقيقية، والاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. أعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم من أن يؤدي وقف الهجمات إلى إعادة تنظيم صفوف الحوثيين، وتصعيد هجماتهم على إسرائيل.

يضيف رامي، أن الوضع لا يزال متأججًا، وقد يتبين أن إعلان ترامب مجرد خطوة أحادية الجانب لن تغير الديناميكيات الميدانية. قد يضطر ترامب، إذا واصل الحوثيون هجماتهم، إلى استئناف العملية العسكرية، ما قد يؤدي إلى تصعيد أوسع في الخليج، وتداعيات على طرق التجارة البحرية، والاستقرار الإقليمي.

تراقب تل أبيب عن كثب، وخاصة في ضوء التهديد المباشر للمطارات، بينما ينتظر العالم ليرى ما إذا كان الهدوء النسبي سوف يستمر -أو أنها مجرد هدنة مؤقتة.

شن المحلل السياسي للقناة 12 عميت سيجال، في 6 مايو 2025، هجومًا حادًا على الرئيس الأمريكي ترامب، بعد إعلانه إنهاء هجمات الولايات المتحدة في اليمن، في إطار تفاهمات مع الحوثيين قائلًا: “إن إعلان ترامب يعد رسالة مدوية إلى المنطقة بأكملها: هاجموا إسرائيل، واتركونا وشأننا… لو كنت إيرانيًا، فهذا ما سأفهمه”.

في سياق متصل، قال سيجال، في 8 مايو 2025، إن السعودية واليمن وقوات أخرى شكَّلوا تحالفًا لشن غزو بري في مناطق سيطرة الحوثيين لدحر هذه الجماعة “الإرهابية”، لكن جرى إنقاذ الحوثيين مقابل استئناف حركة التجارة وخفض التضخم. عمليًا، ووفقًا للنموذج الحوثي، فإن الاتفاق النووي مع إيران سينتهي بنفس الطريقة تمامًا: مصلحة أميركية آنية تتجاهل المصلحة الإسرائيلية الوجودية، والذعر الذي تشعر به الدول السنية في الشرق الأوسط.

لم يفِ ترامب بعد بوعده بضرب الإيرانيين بسبب أي عمل إرهابي ينفذه وكلاؤهم الحوثيون.

قال مصدر إسرائيلي مطلع على التفاصيل لصحيفة يسرائيل هيوم، في 6 مايو 2025، إن تل أبيب فوجئت كثيرًا بتصريح ترامب، الذي يعد خبرًا سيئًا للغاية، خاصة في ضوء المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة مع إيران.

عبر محلل الشؤون العربية على قناة i24news تسفي يحزقيلي، في 6 مايو 2025، عن قلقه من تداعيات اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين قائلًا: “نحن في ورطة، نحن وحدنا في مواجهة الحوثيين”.

بحسب يحزقيلي، فإن العملية العسكرية الأمريكية حتى الآن لم تكن كافية، وقد يفسر هذا الإجراء على أنه ضعف، كما أشار إلى أن إسرائيل فشلت -حتى الآن -في تغيير قواعد اللعبة في هذه الجبهة: “لا نزال في حوار معهم حول التناسب. من يريد ردع الحوثيين -على الأقل -عليه استخدام ترسانة مختلفة، وبنك أهداف مختلف، ونهج مختلف. لقد هاجمتهم أمريكا بكثافة زهاء شهرين تقريبًا، ولكنها لم تمس المطار”.

قال يحزقيلي: إذا تمكن الحوثيون من تحقيق السلام الآن مع الأمريكيين، فهذا من وجهة نظرهم إنجاز عظيم. إنه الهدوء مقابل الهدوء. سيعودون إلى التسليح، وقتال إسرائيل دون تحمل العواقب. من المؤكد أن هذا الوضع وقعه سيء على تل أبيب.

تشير عنبال نسيم لوفطون على موقع ماكو N12، في 7 مايو 2025، إلى وجود فجوة حقيقية بين تصريحات ترامب والحوثيين، وبحسبها، يجب فهم الاتفاق في سياقه الأوسع، الذي يتعلق بالمحادثات النووية مع إيران، مؤكدة “إنه مثل أي اتفاقات وقف إطلاق نار أخرى -أمر هش للغاية، وهذا ما يجب أن نضعه في اعتبارنا. هذا لا يعني أن الأمر قد انتهى في سياقنا”.

مع ذلك، أوضحت لوفطون أن “استراتيجية ترامب قد تؤدي إلى ترك تل أبيب وحدها في المعركة… هذا سيعطيهم سببًا كافيًا لمواصلة قتال إسرائيل وإخراج الأمريكان من المعادلة”.

في سياق متصل، وصف الباحث في الشؤون الإيرانية بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، بيني سباتي على موقع معاريف، في 8 مايو 2025، وجهة نظر إيران بشأن الهجوم الذي أطلقه الحوثيون على مطار بن غوريون قائلًا: إنهم يرونه إنجازا كبيرا؛ لأن وكيلهم نجح في تنفيذه بمساعدة صاروخ وتكنولوجيا من صناعتهم”، وأضاف أن “الصحافة والمواقع الإلكترونية الإيرانية ضجت بـ”قصة النجاح”. بينما لم تتناول أيًا منها القصف في اليمن -ولو ذُكرت، فما هي إلا بضعة أسطر، خالية من الصور، أو الألوان، وتجاهلوا كل ما تباهت به إسرائيل.

يشير سباتي إلى أن السبب الثاني للفرحة الغامرة في إيران، هو الرسائل الإيجابية التي ذكرها ترامب عنهم، أو إزاء قضية الحوثيين. جاءت تصريحاته حول وقف إطلاق النار مع الحوثيين مفاجئةً تمامًا حتى لإسرائيل. في نظرهم، هذه ضربةٌ أخرى لإسرائيل.

أخيرًا، يُحذّر سباتي من التأثير النفسي للوضع: “الوضع مُشكِل -فعندما يدخل الإيرانيون المنطقة النفسية حيث تكون الأوراق في صالحهم، فإن ذلك يمنحهم قوة لا توجد عمليًا في الصواريخ وكمية الأسلحة -بل هي قوة نفسية وروحية -يعتقد كبار الإيرانيين أنهم قادرون على الصمود، وأن الخطر قد زال، وأن النظام في مأمن. هذا هو الأهم بالنسبة لهم”.

في سياق متصل، قال المسؤول الاستخباراتي السابق آفي ميلاميد [11] على موقع فوكس نيوز، في 12 مايو 2025، إن “ترامب تخلى -إلى حد كبير -عن إسرائيل. أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية مُحرَجة وفي حيرة من أمرها… لا سيما في سياق الحوثيين”.

من جانبه، قال محلّل السياسات في موقع مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية واليهودية AIJAC))، عوفيد لوبل [12]، في 14 مايو 2025، إن اتفاق الحوثيين صفعة خطيرة لمصداقية الولايات المتحدة وردعها. المشكلة هي أن الحوثيين لم يتنازلوا تقريبًا عن أي شيء فعليًا. إذا كان الأمر كذلك، فإن هذه الصفقة تُعدّ استسلامًا أمريكيًا أحادي الجانب، على غرار “صفقة” إدارة ترامب الأولى مع طالبان.

أشار لوبل إلى أن الولايات المتحدة أنفقت في هذه العملية ما يربو على مليار دولار أمريكي، واستهلكت آلاف الذخائر من مخزونها المُستنزف، وخسرت طائرتين مقاتلتين، وما لا يقل عن سبع طائرات مُسيّرة، وفشل أيضًا نظام الدفاع الصاروخي الباليستي “ثاد” في إسقاط صواريخ الحوثيين فوق إسرائيل مرتين خلال أسبوع واحد، مما زاد من تآكل قوة الردع الأمريكية حول العالم.

ستستغل إيران وقف إطلاق النار لإعادة تسليح الجماعة وتزويدها بالإمدادات، كما فعلت حتى أثناء العملية. بينما ستواصل إسرائيل الرد باستقلالية وفعالية على الحوثيين، بضربات تستهدف البنية التحتية للطاقة والموانئ، إلا أن هذا لن يُعيق قدراتهم كثيرًا. من غير المرجح أن يُعيد وقف إطلاق النار حرية الملاحة، إذ يُمكن للحوثيين استئناف هجماتهم على السفن التجارية في أي وقت.

في هذه الأثناء، أصبحت العملية البرية التي أفادت التقارير بأن القوات اليمنية المحلية سوف تشنها على الحوثيين، وكانت حيوية لأي نجاح دائم، مستبعدة الآن. لم تعد هناك فرصة لتوجيه ضربة حاسمة للجماعة.

جدير بالذكر أن وزير التعاون الإقليمي في حكومة نتنياهو دودي أمسالم قال، في 12 مايو 2025، تعليقًا على الاتفاق الشفهي بين ترامب والحوثيين: “نحن لا نثق في قدرة الأمريكيين على حماية إسرائيل، إنهم غير موجودين هناك، إنهم لا يدافعون عنا… إن طرق التجارة هي ما تعنيهم، وبمجرد تسوية هذه المسألة، عادوا إلى ديارهم. إذا كانت لديكم مشكلة مع الحوثيين عالجوها بأنفسكم”.

بينما قالت عضو الكنيست الإسرائيلي ميراف كوهين، في 14 مايو 2025، “إن الأمريكيين لا يثقون في نتنياهو، ولا يريدون الاعتماد عليه. إنهم يعملون مباشرة مع إيران، والسعودية، والحوثيين، وحماس، وهو أمر سيء لمصالح إسرائيل، وأن المسؤول عن هذا هو رئيس وزراء ال 7 من أكتوبر”.


ضربة مطار تل أبيب تُظهر تفوقًا استراتيجيًا للحوثيين في حرب الوكالة

ذكر موقع جيروزاليم بوست، في 5 مايو 2025، أن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، المدعومة بتكنولوجيا أمريكية، فشلت في اعتراض صاروخ باليستي أطلقته جماعة الحوثيين على مطار بن غوريون.

قال داني سيترينوفيتش: “إن جماعة الحوثيين عدو لم تواجهه تل أبيب سلفًا. بعيد للغاية وذو دوافع قوية. إن نضالهم في مواجهة إسرائيل قائم على أيديولوجية، وبكل وضوح، لا يوجد حل مثالي للتصدي لهذا التحدي. من المستبعد تمامًا أن تتمكن تل أبيب من وقف هذا الهجوم، ما دامت الحرب في غزة مستمرة. إن الأمريكيين استخدموا كل قدراتهم تقريبًا في مجابهة الحوثيين…ما الذي يمكن لإسرائيل أن تضيفه؟”

كما حذر من أن استهداف إيران مباشرة لن ينهي التهديد، بالنظر إلى التحديات الاستراتيجية التي يفرضها الحوثيون إقليميًا وعالميًا.

ترى عنبال نسيم لوفطون، أن تركيز الحوثيين الحالي على إسرائيل يتجاوز التضامن مع فلسطين… إنهم يستغلون الوضع لتعزيز مكانتهم على المستوى الإقليمي وفي الداخل اليمني. وتضيف: “إن القضية الفلسطينية تحظى بتعاطف كبير في اليمن، وتُخفف من حدة الانتقادات الداخلية. كما أنها تُعزز موقفهم تجاه السعودية والإمارات”.

أكدت لوفطون أن الرد يجب أن يتجاوز العمل العسكري، والمطلوب هو “بذل جهود طويلة ومتضافرة ومتعددة الجوانب. إضافة إلى العمل العسكري، ثمة حاجة لفرض عقوبات اقتصادية، ودعم التحالف المحلي للتصدي للحوثيين”.

فيما يتعلق بالهدف من استهداف مطار بن غوريون، قال سيترينوفيتش: “إن هدفهم الحقيقي ليس إلحاق الضرر أو القتل، بل وقف الرحلات الجوية إلى إسرائيل، وممارسة ضغط اقتصادي يسفر عن ضغط سياسي يُفضي إلى إنهاء القتال في غزة. هذا الهجوم نقلهم خطوة كبيرة إلى الأمام”.

ردًا على استهداف مطار بن غوريون، ذكر موقع جلوبس، في 6 مايو 2025، أن إسرائيل استهدفت، في أول هجوم لها على اليمن في عهد ترامب، ميناء الحديدة الذي يعد موردًا اقتصاديًا حيويًا للحوثيين، ومصنع “باجل” للخرسانة، الذي كان يستخدم لبناء الأنفاق والبنية التحتية العسكرية. في إطار عملية أطلق عليها اسم “مدينة الموانئ” ألقت نحو 20 طائرة زهاء 50 قنبلة.

قال إيتي بلومنتال [13] لـ هيئة البث الإسرائيلية (كان 11)، في 6 مايو 2025، إن الجيش وسلاح الجو الإسرائيلي خططا بعد الهجوم على مطار بن غوريون، لاستهداف اليمن عبر هجومين منفصلين لمفاجأة الحوثيين واستهدافهم على حين غرة، والهدف: هو إيهام الحوثيين أن تل أبيب أنهت ردها بعد هجومها على ميناء الحديدة. لكن وصول القوات الجوية الإسرائيلية إلى اليمن في وضح النهار، وهو وقت غير معتاد لشن هجوم، بعد يوم واحد، كان بمثابة الخدعة.

أشار موقع جيروزاليم بوست، في 6 مايو 2025، إلى أن تكلفة الهجمات الإسرائيلية على صنعاء، تبلغ نحو 13 مليون شيكل (ما يعادل تقريبًا 3,662,386$) وذلك بناءً على رواتب جنود الاحتياط، ونشر طائرات الإنقاذ والمروحيات، ووقود الطائرات المقاتلة، وتكاليف تشغيلية أخرى.

قال آفي أشكنازي، على موقع معاريف، في 6 مايو 2025، إن هدف الهجمات الإسرائيلية على الحوثيين هو فرض حصار جوي وبحري عليهم، وتكبيدهم خسائر اقتصادية، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية. في الوقت نفسه، يتردد صداها إقليميًا إذ “ترد إسرائيل بقوة على كل من يعبث معها”.

أشار أشكنازي إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية أظهرت عدة أمور أساسية عبر هذا الهجوم:

  • القدرة على الرد بحزم في ساعات قليلة.
  • تل أبيب لديها بنك أهداف يستند على معلومات الاستخباراتية.
  • يعتري إسرائيل شعور بالأمان لتنفيذ هجمات على مسافة تزيد عن ألفي كيلومتر من حدودها، بل وتعلن سلفًا أنها ستنفذ الهجوم.

مع ذلك، لا يتوقع أحد في إسرائيل أن هذا الهجوم، شأنه شأن الهجمات الست السابقة في اليمن، سوف يثني الحوثيين عن مهاجمة إسرائيل، وخاصة بعد أن هاجمت أمريكا وبريطانيا، خلال الشهر الماضي، ألف هدف في اليمن. لكن ثمة اعتقاد سائد في تل أبيب بأن استعراض القدرات الاستخباراتية والتنفيذية للقوات الجوية والمخابرات العسكرية سوف يتردد صداه في مواجهة إيران ودول المنطقة.

جدير بالذكر أن هيئة البث العبرية “كان 11” ذكرت، في 5 مايو 2025، أن وزير السياحة الإسرائيلي حاييم كاتس انتقد في اجتماع حكومي الهجمات على اليمن ووصفها بأنها “هراء”، وقال: “دون هزيمة إيران فإن نتنياهو يثير ضجة، ويهدر المال والسلاح، ولذا يجب ترك مجابهة الحوثيين للولايات المتحدة”.

تساءل أيضًا وزير شؤون القدس والتراث اليهودي مائير بوروش: “لماذا نهدر المال؟ شامير لم يهتم بالعراق. إذا كانت الولايات المتحدة تهتم به، فلماذا نتدخل؟” رد نتنياهو على ذلك قائلًا: “توجد أمور تفعلها الولايات المتحدة، وأخرى لا تفعلها. في العراق، كان هناك تحالف دخل البلاد سيرًا على الأقدام”.

في سياق متصل قال إيلي كلوتستين [14] على معهد مسجاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، في 5 مايو 2025، إن إطلاق الصواريخ المستمر من اليمن مؤخرًا، على الرغم من غزارة الهجمات الأمريكية على اليمن كل ليلة، يشكل صداعًا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية. مع أنه لا يمثل خطرًا استراتيجيًا، ولم يسفر عن مقتل أي شخص، فإنه يعد إزعاجًا خطيرًا للجيش، وفوق كل شيء، هو نوع من أشكال الإرهاب ضد الإسرائيليين، الذين يصابون بالذعر عند سماع أي صفارة إنذار.

أظهرت الضربات الصاروخية التي أطلقها الحوثيون منذ بدء الحرب حتى الآن، الأضرار المحتملة المخيفة الناجمة عن ضربة مباشرة. لا ينبغي لتل أبيب أن تخاطر بضربة كهذه في وسط منطقة سكنية، مهما كانت طفيفة، أو بإمكانية إلحاق الضرر بالمنشآت الاستراتيجية، أو بالمدنيين، أو الممتلكات.

حتى لو صح افتراض أن الحوثيين لم يعد لديهم فيض من الصواريخ التي يمكنها الوصول إلى إسرائيل -هذا ادعاء يحتاج إلى التحقق على المستوى الاستخباراتي -فقد أثبتت الأيام الماضية أن قادة الجماعة اليمنية يحاولون إيصال رسالة تفيد بأنهم عازمون على المواصلة، ولديهم القوة والقدرة. ويريدون أن يوضحوا لقوات الأمن الإسرائيلية أنهم لا يزالون قادرين على إلحاق الأذى بنا، على الرغم من استمرار الهجمات الأميركية.

من المهم أن نوضح أن إطلاق صاروخ على مطار بن غوريون لا يشبه أي هجوم صاروخي آخر. هذا الأمر له آثار اقتصادية وسياسية تجلت بالفعل بعد ساعات فقط من الهجوم، على شكل إلغاء الرحلات الجوية. إذا عبرت مجموعة من شركات الطيران الدولية عن خشيتها القدوم إلى إسرائيل، كما حدث في بداية الحرب، فإن تبادل الضربات مع اليمن ستتحول إلى حرب على مستوى استراتيجي أعلى.

أثبتت الاستخبارات الإسرائيلية بالفعل أنها قادرة على اكتشاف ما يكفي من الأهداف النوعية، وشن هجوم كبير عليها -بالتنسيق مع الأميركيين، ربما حتى بالتوازي مع هجماتهم على أهداف أخرى في اليمن. إن مطار صنعاء، الذي تعرض بالفعل لهجوم واحد، هو مجرد هدف محتمل، ومن المؤكد أن الجيش قادر على اكتشاف المزيد من هذه الأهداف.

لا يجب انتظار نتائج الهجمات الأميركية، ولا ينبغي لنا أن نكتفي بالوعود بتنفيذ القوات المحلية عملية برية. من المستحسن قطعًا أن نشن هجومنا الآن، ونثبت أننا تعلمنا دروس السابع من أكتوبر. يجب أن نحمي أنفسنا بمفردنا، وألا ننتظر حتى يتفاقم الضرر.

الهوامش
  1. مستشار بارز في مشروع مكافحة التطرف، والسفير السابق للمملكة المتحدة في اليمن، والمنسق السابق لفريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة الخاص بتنظيم داعش والقاعدة وطالبان.
  2. زميل غير مقيم في مشروع مكافحة التطرف، نشر تقارير تتناول بنية الحوثيين المالية، وإساءة استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية، واستهدافهم للأقليات الدينية، واضطهاد النساء والصحفيين، عمل أيضًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS). تتركز أبحاثه على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. والاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بإيران والحرب الأهلية في اليمن.
  3. مراسل عسكري بدأ مسيرته المهنية الصحفية في التسعينيات بصحيفة معاريف، عمل مراسلًا لوكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس. عمل أيضًا في موقع “والا” بين الأعوام 2014 -2019، مراسلًا لشؤون الشرطة والشؤون الجنائية. نال أشكنازي درجة الماجستير في الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب.
  4. مراسلة الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة يسرائيل هيوم. عملت بعد تسريحها من الجيش الإسرائيلي مراسلة في شؤون وزارة الخارجية وشؤون القدس في موقع يديعوت أحرونوت. حصلت على درجة البكالوريوس في القانون من الجامعة العبرية، ودرجة الماجستير في الدبلوماسية والأمن من جامعة تل أبيب.
  5. محلل وكاتب للشؤون العسكرية في موقع “والا” الإخباري. تخرج “بوحبوط” في كلية الإعلام، جامعة سبير، وحصل على الماجيستير في الإعلام من جامعة بن غوريون. كما حصل على ماجيستير في العلوم السياسية بجامعة “بار إيلان”.
  6. حصلت على ماجستير في الدراسات الشرق أوسطية وأفريقيا بجامعة تل أبيب. عملت محاضرة في قسم التاريخ والفلسفة والدراسات اليهودية في الجامعة المفتوحة عام 2007م، كما عملت في قسم التدريس والتعليم الأكاديمي في الجامعة ذاتها. وتتركز أبحاثها في منتدى التفكير الإقليمي حول اليمن الحديث، والعلاقات القبلية، والنظام في اليمن، والنساء في الشرق الأوسط.
  7. باحث زميل في برنامج إيران بمعهد أبحاث الأمن القومي، خدم الرائد (احتياط) داني “دانيس” سيترينوفيتش 25 عامًا في عدة وظائف قيادية في وحدات جمع المعلومات والبحث بشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. حصل على الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة العبرية، وتتركز اهتماماته على التطورات الاستراتيجية في الشرق الأوسط مع التركيز على الحرب على إيران.
  8. الدكتور يهوشع كاليسكي، باحث أول في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، وأحد مطوري برنامج الليزر، حصل على الدكتوراه من قسم الكيمياء الفيزيائية بالجامعة العبرية في القدس.
  9. صحفي ولد في القدس عام 1957. التحق بسلاح المخابرات. درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل مراسلًا لصوت إسرائيل بالعربية عام 1983، واعتمد مراسلًا لشؤون الضفة الغربية في القناة الأولى.
  10. صحفي ومذيع، عمل محررًا ومقدم برامج في إذاعة “كول يسرائيل”، وإذاعة “جالي تساهل”. يعمل محررًا في موقع “عنيان مركزي” منذ العام 1999، حصل على ماجستير في الإعلام. كان ضابطًا في الجيش الإسرائيلي وخدم في وحدة التحقيق بالشرطة العسكرية.
  11. مسؤول استخباراتي سابق، ومحلل إقليمي متخصص في الشؤون الجارية في العالم العربي والإسلامي، وتأثيرها على إسرائيل والشرق الأوسط.
  12. محلل سياسات في مجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية واليهودية AIJAC)) ، يركز على التفاعل الجيوستراتيجي بين إيران وروسيا وإسرائيل وتركيا في الشرق الأوسط. وتنشر تحليلاته على نطاق واسع في الصحف والمجلات، بما في ذلك صحيفة جيروزاليم بوست، وهآرتس، وذا أستراليان، وكاب إكس، ومعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية، فضلًا عن مجلة “أستراليا/إسرائيل ريفيو” الشهرية التابعة لمجلس الشؤون الإسرائيلية والأسترالية واليهودية.
  13. عمل مراسلًا عسكريًا في موقع يديعوت أحرونوت بين الأعوام 2014 -2021، حصل على بكالوريوس في الاتصالات من كلية الإدارة في ريشون لتسيون. ضابط في سلاح المدرعات (الفرقة السابعة) برتبة نقيب، ويخدم في الاحتياط.
  14. خبير علاقات دولية وباحث في الشؤون الأمنية. عمل نائبًا لرئيس تحرير الأخبار، ومحررًا للشؤون الخارجية في صحيفة ماكور ريشون، ومنسقًا للغة العبرية والإنجليزية في معهد أبحاث NGO Monitor.
مشاركة