يهدد استيلاء قوات الحوثيين على سفينة مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وكذا الهجمات المتكررة على السفن التجارية بزيادة الضغط على الاقتصاد اليمني بسبب ارتفاع تكاليف الشحن إلى البلاد. ويواجه الشحن إلى اليمن حاليًا بالفعل زيادة في تكاليف النقل والخدمات اللوجستية نظراً لتصنيف اليمن على أنها منطقة “عالية المخاطر”. فبحسب تقييم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2021، فإن أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب لتغطية الخسائر أو الأضرار المحتملة للسفن تسببت في زيادة تكلفة التأمين على الشحن إلى ميناء عدن بمعدل 15 ضعفا بالمقارنة بتكلفة التأمين العادية. والمستهلكون اليمنيون هم من يتحملون تكاليف التأمين الإضافية هذه في نهاية المطاف والتي تصل إلى أكثر من 20 مليون دولار أمريكي سنويًا.
في حين لا تزال الانعكاسات الاقتصادية الكاملة على عمليات الشحن إلى اليمن نتيجة استيلاء الحوثيين على سفينة “جالاكسي ليدر” وهجماتهم الأخرى غير واضحة المعالم حتى الآن، إلا أن المحللين يتوقعون أن تؤدي حادثة الاستيلاء على السفينة إلى زيادة أقساط التأمين على السفن، لا سيما في ظل الاتساع الحالي للمنطقة ذات المخاطر العالية بالقدر الذي يعكس النطاق المتزايد لهجمات وقدرات الحوثيين. وقد تضاعفت تكاليف التأمين على السفن بحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول، ومن المرجح أن تستمر في الارتفاع. فبحسب تصريحات أحد رجال الأعمال المحليين، فإن أسعار الشحن التي تكبدها قد ارتفعت بالفعل بنسبة 50 بالمائة. ومما يزيد من حدة التداعيات هو اعتماد اليمن على الأغذية المستوردة من الخارج، حيث يتم شحن أكثر من 80 بالمائة من هذه الأغذية من الخارج، معظمها عبر موانئ الحديدة. وفي الوقت الذي كان لحملة الحوثيين انعكاسات سلبية، من المهم الإشارة إلى أن الكثير من واردات إسرائيل تأتيها عبر البحر الأبيض المتوسط.
مزاعم بيع الحكومة اليمنية النفط الخام للإمارات .. تحت المجهر
أثار الكشف عن خطة حكومية لبيع النفط الخام اليمني بسعر مخفض لشركة إماراتية استياءً واسع النطاق، حيث انتقد المعارضون الصفقة المحتملة باعتبارها إهدارًا للموارد الطبيعية للبلاد. في المقابل، دافعت الحكومة عن هذه الخطوة باعتبارها ضرورية لتحقيق الإيرادات التي تشتد الحاجة إليها. وكشفت وثيقة مسربة من مكتب رئيس الوزراء في يونيو/حزيران، أن وزارة النفط والمعادن اليمنية تفاوضت على صفقة مع شركة “إيمو” الإماراتية لشراء 3.5 مليون برميل من النفط الخام من المخزون الحالي في حضرموت وشبوة بخصم 35% عن السعر العالمي، و14.5 مليون برميل أخرى من الإنتاج النفطي المستقبلي مقابل خصم 30% عن السعر العالمي. وفي المقابل، ستوفر شركة “ايمو” الوقود لتشغيل محطات الكهرباء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
أوضحت الوثيقة المسربة مبررات الصفقة، مشيرةً إلى إن الحكومة في وضع اقتصادي حرج، مما حد من قدرتها على الاضطلاع بمهامها الأساسية بالشكل المطلوب، أو توفير الحد الأدنى من الخدمات العامة، أو دفع رواتب القطاع العام بصورة منتظمة. وقد توقفت صادرات النفط التي تعتبر المصدر الرئيسي للعائدات الحكومية، منذ هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة على البنية التحتية لموانئ تصدير النفط في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2022. وأثارت الأنباء بشأن هذه الصفقة المحتملة انتقاداتٍ واسعة تركزت معظمها حول الطبيعة السرية لهذه الصفقة وسعرها المنخفض. وبحسب ما ذكرته بعض وسائل الإعلام، فإن صفقة بيع 18 مليون برميل من النفط الخام ستحقق إيرادات قدرها 1.1 مليار دولار، في حين تتجاوز قيمة النفط الفعلية 1.6 مليار دولار بالسعر العالمي.
أفادت تقارير بأن الصفقة تجاوزت إجراءات الموافقات والتعاقدات المعمول بها، ولم تخضع لتدقيق ومراجعة الهيئات الحكومية أو التشريعية. وقد تم استدعاء رئيس الوزراء معين عبد الملك سعيد، لتقديم توضيح حول كيفية التفاوض على عقد هذه الصفقة خارج الآليات القائمة للشفافية والمساءلة. وطالب نائب رئيس مجلس النواب موافاته بنسخة من قرار اللجنة العليا لتسويق النفط، بشأن العرض المقدم من الشركة الإماراتية والاتفاقية الموقعّة مع الشركة المصدرة. ومما يزيد حدة الجدال أنه لم يسبق في اليمن أن تم بيع الإنتاج المستقبلي من النفط، ويقول المعارضون بأن هذه الخطوة قد تقوض السيادة الاقتصادية المستقبلية للبلاد.
الإمارات ترسل شحنة وقود طارئة إلى عدن
وصلت شحنة وقود طارئة من الإمارات إلى عدن في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى محطات الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن، التي تعاني من انقطاعات منتظمة في التيار الكهربائي لعدة أشهر بسبب نقص الوقود. وأعلن السفير الإماراتي لدى اليمن محمد حمد الزعابي عن تسليم الوقود عقب اجتماع مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في عدن. وأصدرت المؤسسة العامة للكهرباء المملوكة للحكومة عدة بيانات منذ أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، حذرت فيها من أن محطات الكهرباء في المدينة قد تضطر إلى الإغلاق التام في حال لم تتوفر كميات جديدة من الوقود. وبحسب ما ذكرته المؤسسة، فقد تراجعت إمدادات الوقود لتصل إلى 4000 طن في أكتوبر/تشرين الأول، وهي كمية تكفي لتشغيل محطات الكهرباء لمدة أربعة أيام فقط في محافظات عدن وأبين ولحج والضالع. وفي ظل أزمة الكهرباء في عدن، والتي استمرت منذ الصيف، ناشدت المؤسسة العامة للكهرباء الحكومة مرارًا وتكرارًا بالتدخل وسرعة توفير الوقود لمحطات الكهرباء. وفي بيان منفصل، صدر في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، ناشدت المؤسسة قوات الأمن المحتجة في مديرية زنجبار بمحافظة أبين بالسماح بمرور ناقلات وقود النفط الخام القادمة من محافظة شبوة لتزويد محطة بترومسيلة بالوقود لتوليد الكهرباء في عدن.
تعد شحنة الوقود الإماراتية هذه أحدث محاولة تبذلها أبوظبي لدعم قطاع الكهرباء في مناطق سيطرة الحكومة. وفي أواخر عام 2022، وقعت وزارة الكهرباء والطاقة وشركة مصدر -وهي شركة رائدة في مجال الطاقة المتجددة والتي تعرف أيضًا باسم “أبوظبي لطاقة المستقبل”- اتفاقية لبناء محطة للطاقة الشمسية في عدن. ويشمل هذا المشروع، الذي يهدف إلى توليد 120 ميغاوات في الساعة، بناء محطات تحويل وشبكة خطوط لتوزيع الكهرباء على أحياء عدن المختلفة. وقال رئيس الوزراء معين عبد الملك سعيد، في حينه، بأنه من المقرر الانتهاء من هذا المشروع بحلول يونيو/حزيران 2023. وكانت وسائل إعلام قد أشارت مؤخرًا إلى أن عملية بناء محطة الكهرباء في مراحلها الأخيرة، دون توضيح متى سيتم تشغيلها. إنجاز هذا المشروع، من المفترض أن يساعد في التخفيف من اعتماد الحكومة على الوقود المستورد لتشغيل محطات الكهرباء في عدن.
بدأت عدن والمحافظات الأخرى في نطاق سيطرة الحكومة تعاني من انقطاعات التيار الكهربائي لفترات طويلة بعد نفاد كمية الوقود الممنوحة من السعودية في أبريل/نيسان. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بدأ البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (SDRPY) بتزويد الحكومة بأكثر من 1.2 مليون طن من مادتي الديزل والمازوت، بقيمة إجمالية قدرها 422 مليون دولار أمريكي، من أجل توليد الطاقة الكهربائية في أكثر من 80 محطة كهرباء. وفي أوائل أغسطس/آب 2023، تم الإعلان عن منحة سعودية جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لمعالجة العجز في ميزانية الحكومة وتغطية النفقات، بما في ذلك شراء الوقود لتشغيل محطات الطاقة، والذي يقدر بتكلفة تتراوح بين 75 و100 مليون دولار شهريًا. وأكدت المؤسسة العامة للكهرباء وصول 13 ألف طن من الوقود إلى ميناء عدن في 22 أغسطس/آب، ولكن لم يتم الإعلان عن أي شحنات وقود سعودية أخرى. ووجهت الاحتجاجات التي خرجت بصورة منتظمة في عدن ومحافظات أخرى انتقاداتها للحكومة لفشلها في إيجاد وتطوير حلول مستدامة لمعالجة الأزمة المزمنة في الكهرباء.
القضاء يحقق في اتهامات بالفساد بقطاع الكهرباء في عدن
في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، أحال النائب العام القاضي فوزي علي سيف، شكوى مقدمة ضد الحكومة بشأن الفساد بقطاع الكهرباء في عدن إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، حيث تم تقديم هذه الشكوى من قبل التيار الوطني للتصحيح والبناء، وهي منظمة مدنية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تم إنشاؤها مؤخرًا. وقد حثت المنظمة النائب العام على الشروع بإجراء تحقيق محايد وشفاف في القضايا داخل قطاع الكهرباء في عدن. فعلى الرغم من تخصيص الحكومة حوالي 3 ملايين دولار يوميًا لشراء إمدادات الوقود لتشغيل محطات الكهرباء والطاقة في جميع أنحاء المناطق الجنوبية، إلا أن انقطاع التيار الكهربائي لا يزال مستمرًا، مما يثير احتجاجات منتظمة للسكان الغاضبين.
قيمة الريال اليمني بفئاته الورقية الجديدة تواصل الانخفاض
استمرت قيمة الريال اليمني بفئاته الورقية الجديدة في مناطق سيطرة الحكومة بالتراجع على مدار نوفمبر/تشرين الثاني وأوائل ديسمبر/كانون الأول، حيث انخفضت قيمته بأكثر من 1 بالمائة، من 1,521 ريالا يمنيا في أواخر أكتوبر/تشرين الأول إلى 1,542 ريالا يمنيا مقابل الدولار الواحد اعتبارًا من 12 نوفمبر/تشرين الثاني. واستعاد قيمته في نهاية الأسبوع التالي، لتصل إلى 1,505 ريالات لكل دولار بدءً من 19 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن يواجه موجة جديدة من التراجع في قيمته لينتهي الشهر عند سعر تداول 1,533 ريالا يمنيا مقابل الدولار الواحد. ويأتي هذا التقلب بعد فترة من التراجع الكبير في قيمة الريال خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، حيث فقد الريال أكثر من 5 بالمائة من قيمته، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ أواخر عام 2021.
فيما واصل الريال خلال شهر ديسمبر/كانون الأول هذا الاتجاه من التراجع ليتم تداوله عند 1,543 ريالا يمنيا للدولار الواحد حتى تاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول. وقد شهد الريال، الذي كان يتداول بسعر صرف 1,544 ريالا لكل دولار في 10 ديسمبر/كانون الأول، تراجعًا استمر لفترة وجيزة ليصل إلى 1,553 ريالا يمنيا للدولار الواحد خلال منتصف الأسبوع قبل أن يتعافى قليلًا بعد أيام.
واجه الريال اليمني بعملته الورقية الجديدة هذا الانخفاض في قيمته بعد أن استنفد البنك المركزي اليمني الذي تديره الحكومة احتياطياته من العملة الأجنبية في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، مما أجبره على تعليق مزادات بيع العملات الأجنبية التي كان يعقدها اسبوعيًا والتي ساعدت في تمويل استيراد السلع الأساسية واستقرار قيمة الريال. وقد تم الإعلان عن منحة سعودية بقيمة 1.2 مليار دولار في أغسطس/آب لتمويل الميزانية الحكومية ودعم قيمة الريال، إلا أن الرياض لم تفرج إلا عن مليار ريال سعودي (أي ما يعادل حوالي 267 مليون دولار أمريكي) كدفعةٍ أولى. ومنذ استلام الدفعة الأولى من المنحة السعودية، عقد البنك المركزي اليمني في عدن 14 مزادًا لبيع العملات الأجنبية، حيث باع 321 مليون دولار أمريكي من احتياطي العملة الأجنبية -المحدود أصلًا- إلى البنوك اليمنية بهدف المساعدة في تمويل استيراد السلع الأساسية وتخفيف الضغط على الريال اليمني.
مع استنفاد الاحتياطي من العملة الأجنبية في الوقت الراهن، من المتوقع أن يؤدي التأخر في إطلاق دفعة جديدة من الأموال لتغذية احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي في عدن، إلى زيادة التراجع في قيمة الريال وتضخم أسعار المواد الغذائية.
وظلت قيمة الريال اليمني بفئاته الورقية القديمة في مناطق سيطرة الحوثيون مستقرة، حيث تم تداولها بمتوسط سعر صرف عند 535 ريال يمني مقابل الدولار الواحد خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
برنامج الأغذية العالمي والحوثيون يتوصلان إلى اتفاق لاستئناف المساعدات الغذائية
منتصف ديسمبر/كانون الأول، قال موظف أممي مُقيم في صنعاء، ودبلوماسي غربي لمركز صنعاء، إن برنامج الأغذية العالمي توصل إلى اتفاق مع سلطات الحوثيين لاستئناف برنامج التوزيع العام للأغذية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة. بحسب ما ورد، فقد تم إبرام الاتفاق، الذي لم يتم الإعلان عنه، مع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي الذي يديره الحوثيون، وسيساعد في توجيه المساعدات إلى الأسر الأكثر ضعفًا واحتياجًا. وسيتولى برنامج الأغذية العالمي مسؤولية تحديد المستفيدين، وتعهدت سلطات الحوثيين بالامتناع عن التدخل في تخصيص المساعدات الغذائية.
وحتى مع وجود اتفاق فوري، أشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن مسألة استئناف توزيع المساعدات الغذائية قد تستغرق ما يصل إلى أربعة أشهر بسبب انقطاع سلسلة الإمداد والتوريد، وكذا استنفاد مخزون المواد الغذائية بالكامل تقريبًا في مناطق سيطرة الحوثيون. ويستمر البرنامج في تقديم المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة للأسر الأكثر ضعفًا، بما يتماشى مع التعديلات التي تم إجراؤها في أغسطس/آب 2022.
في 5 ديسمبر/كانون الأول، أعلن برنامج الأغذية العالمي عن تعليق توزيع المساعدات الغذائية العامة في مناطق سيطرة الحوثيين. وقال البرنامج بأن هذه الخطوة تأتي في ظل التمويل المحدود الذي يواجهه البرنامج، مع عدم وجود اتفاق مع سلطات الحوثيين بخصوص تنفيذ برنامج أصغر يستهدف الأسر الأشد احتياجًا. وقد تم اتخاذ هذا “القرار الصعب”، بالتشاور مع الجهات المانحة، بعد ما يقرب من عام من المفاوضات غير الناجحة مع سلطات الحوثيين لتقليص عدد المستفيدين من 9.5 مليون إلى 6.5 مليون شخص مستفيد. فعلى الرغم من التداعيات السلبية الحقيقية لقطع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيون، إلا أن تعنت سلطات الحوثيين لم يكن مفاجئًا. فقد منحت الترتيبات السابقة الحوثيين سيطرة شبه كاملة على دخول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وتمكنت الجماعة من حرف المساعدات الإغاثية الغذائية عن مسارها إلى الأفراد الموالين لها لكسب تأييدهم السياسي، أو تجنيدهم لجبهاتها، أو بيعها في السوق السوداء بأسعار باهظة.
انتقدت عشرات المنظمات غير الحكومية قرار تعليق المساعدات، حيث أشارت إلى إنه سيؤثر على نحو 9.5 مليون شخص في المناطق الشمالية من اليمن، بينما غابت تفاصيل المفاوضات بين البرنامج والحوثيين إلى حدٍ كبير فيما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي أعقاب الإعلان عن تعليق البرنامج للمساعدات، حاولت وسائل الإعلام والسياسيون والناشطون الموالون للحوثيين تصوير هذه الخطوة على أنها جزء من ممارسات أمريكية إمبريالية تهدف إلى معاقبة الحوثيين والشعب اليمني بأكمله، نظرًا لموقفهم المعارض للحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة.
كما سعى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية إلى تصوير قرار برنامج الأغذية العالمي كعقاب جماعي للشعب اليمني، لتضامنه مع الشعب الفلسطيني على خلفية الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر على غزة. وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول، التقى الأمين العام للمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التابع للحوثيين، إبراهيم الحملي، بمدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ماركوس ويرني، لمناقشة التوقيف الأخير لمساعدات برنامج الأغذية العالمي في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيون. وفي الاجتماع، اتهم الحملي الأمم المتحدة بتسييس المساعدات الإنسانية – والذي بحسب قوله يعتبر جريمة ضد الإنسانية – في حين رد ويرني بأنه يعمل مع مسؤولي برنامج الأغذية العالمي على مواصلة تقديم المساعدات الإغاثية على الرغم من التحديات المالية.
حالة من الغموض للإيرادات الحكومية في حضرموت، وتعمق الأزمة المالية للحكومة
لا تزال الحكومة المعترف بها دوليًا تواجه أزمة مالية خانقة، بسبب توقف صادرات النفط في أعقاب هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على موانئ النفط الجنوبية في أواخر عام 2022، إلى جانب تأخر وصول الدعم المالي الذي تعهدت به السعودية. كما شهدت الإيرادات الجمركية الحكومية انخفاضًا كبيرًا خلال هذا العام حيث تم تحويل الشحن التجاري بشكل متزايد إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بعد قيام التحالف برفع القيود عن هذه الموانئ. كما تفقد الحكومة مصدرًا آخر للإيرادات الحكومية مع الشروع بأعمال الصيانة في مصفاة مأرب بصافر في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، والتي من المقرر أن تستغرق مدة قدرها 25 يومًا. ويتم تكرير ما يقرب من 7000 إلى 8000 برميل من النفط الخام يوميًا في مصفاة مأرب وبيعها في السوق المحلية، حيث يذهب جزء من عائدات التكرير إلى خزينة الحكومة.
لم يعلق مجلس القيادة الرئاسي رسميًا على قرار محافظ محافظة حضرموت مبخوت بن ماضي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، بوقف توريد عائدات محافظة حضرموت إلى حسابات البنك المركزي اليمني التي تديرها الحكومة. ووفقاً لتصريحات بن ماضي، فإن هذه الخطوة أتت ردًا على فشل الحكومة ووزارة المالية في تزويد السلطة المحلية بمحافظة حضرموت بالتعزيزات المالية المخصصة في الموازنة العامة لتلبية الاحتياجات الخدمية الضرورية وغيرها من أولويات النفقات الأساسية. كما اتهمت السلطة المحلية الحكومة بالتلاعب بحصة حضرموت من عائدات بيع النفط، والتي بحسب اتفاق تم التوصل إليه عام 2019، تحصل محافظة حضرموت على 20 بالمائة من العائدات النفطية في المحافظة. وقد تم التوصل إلى ترتيبات مماثلة في محافظتي مأرب وشبوة.
وعقد بن ماضي اجتماعًا مع زعماء (مقادمة) قبيلة نهد في المكلا بتاريخ 5 ديسمبر/كانون الأول، أعرب خلاله صالح بن علي بن ثابت، زعيم (حكم) القبيلة، عن تأييده لقرار وقف توريد الايرادات النفطية إلى الحكومة المركزية. فيما ترأس قائد الهبّة الحضرمية الثانية حسن الجابري، اجتماعًا طارئًا لقيادة الهبّة الحضرمية في 8 ديسمبر/كانون الأول، وأعلن بأنه سيتم تصعيد الجهود لمعارضة خطوة بن ماضي ودعا قوات التحالف بقيادة السعودية إلى دعمهم “ضد كل المؤامرات” التي تحاك في المحافظة. وأعرب وزير الدفاع محسن الداعري عن تأييده لموقف المحافظ، الذي يتماشى مع سياسة مجلس القيادة الرئاسي المتمثلة في تمكين الحكم المحلي، حد قوله، لكنه قال أن هذا القرار كان مفاجئًا. وقال الداعري خلال اجتماعه مع بن ماضي في 8 ديسمبر/كانون الأول، بأن على “السلطة المركزية أن تقوم بمعالجة الأمور”. وبخصوص هذا الأمر، تدخلت الأطراف الدولية المعنية، حيث أـكّد سفراء الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع مع محافظ البنك المركزي اليمني في عدن أحمد غالب في 28 نوفمبر على أهمية توريد كافة الإيرادات العمومية بصورة منتظمة إلى البنك المركزي اليمني في عدن، في حين قامت سفيرة بريطانيا عبدة شريف أوبي لدى اليمن بمناقشة هذه المسألة مع بن ماضي خلال اجتماع انعقد في 6 ديسمبر/كانون الأول.
من الناحية العملية، لا يُشكل هذا الإجراء بوقف العائدات سوى ضغط محدود على الحكومة اليمنية- رغم وضعها المالي المتدهور حاليا- نظرا لتوقف صادرات النفط من محافظة حضرموت، التي كانت فيما مضى إحدى مصادر الإيرادات الرئيسية للحكومة، في أعقاب هجمات الحوثيين على موانئ تصدير النفط منذ نوفمبر/تشرين الأول 2022. وقد تجد الحكومة، التي تكافح حاليًا لتغطية رواتب القطاع العام وغيرها من الاحتياجات الأساسية الأخرى، شريان حياة اقتصادي قريبًا.
وفي حين تم الإعلان عن منحة سعودية بقيمة 1.2 مليار دولار في أغسطس/آب، لتمويل ميزانية الحكومة، فقد أفرجت الرياض عن مليار ريال سعودي فقط (أي ما يعادل حوالي 267 مليون دولار) كدفعة أولى. وقال مسؤول حكومي كبير لمركز صنعاء، إن السعودية تعتزم تأجيل الإفراج عن الدفعة الثانية من الدعم لحين استئناف دفع رواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرة الحوثيون، وهو ما يزال قيد التفاوض بين الرياض والحوثيين، على الرغم أنه يبدو أن هذه المفاوضات متعثرة. ومع غياب تقديم دعم مالي جديد، فمن غير المرجح أن تتمكن الحكومة من صرف رواتب القطاع العام في مناطق سيطرة الحكومة لما بعد ديسمبر/كانون الأول. وقالت مصادر حكومية إنه من المتوقع أن تُطلق السعودية الدفعة الثانية من المنحة في يناير/كانون الثاني لتفادي الانهيار المالي الوشيك للحكومة وسد العجز في خزينتها المستنفدة.
وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات على شبكة تمويل للحوثيين
في 7 ديسمبر/كانون الأول، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 13 فردًا وكيانًا متهمين بتقديم عشرات الملايين من الدولارات من العملات الأجنبية لجماعة الحوثي، من خلال بيع وشحن المنتجات الإيرانية عبر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. واستهدفت العقوبات شركات صرافة وشركات تتواجد في دول عدة، من بينها اليمن ولبنان وتركيا، ضمن شبكة يديرها سعيد الجمل، “الوسيط المالي للحوثيين وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني” الذي سبق أن فُرضت عليه عقوبات في يونيو/حزيران 2021. وذكرت مصادر أن هذه الشبكة كانت بمثابة القناة الرئيسية لإيران لإرسال الأموال إلى اليمن.