إصدارات الأخبار تحليلات تقرير اليمن أرشيف الإصدارات

إعادة تصور النظام: هل المساعدات الإنسانية هي أكثر ما يحتاجه اليمن؟

Read this in English

مقدمة

توصف الاستجابة في اليمن بأنها استجابة إنسانية، لكن هل هي إنسانية فعلًا؟ والأهم من ذلك، هل يجب أن تكون استجابة إنسانية؟ من المفهوم أن الاستجابة الإنسانية تقدم الدعم المادي للأشخاص المتضررين من الكوارث الطبيعية والنزاعات، ومن المفترض أن تكون الاستجابة الإنسانية قصيرة الأجل، لضمان بقاء الناس على قيد الحياة حتى تنتهي الكارثة أو حتى تتمكن الحكومات أو المؤسسات الأخرى من التدخل بمساعدات طويلة الأجل. لهذا السبب، تركز المساعدات الإنسانية عادةً على الحلول قصيرة الأجل مثل: توفير المساعدة الغذائية الفورية، ومجموعات/حقائب المأوى الأساسية التي لا يُقصد منها أن تدوم طويلًا، ومواد مثل أواعي المياه للتغلب على عدم توفر المياه حتى تُستعاد أنظمة المياه المعطلة. تقوم المنظمات التي تمتلك خبرة في حالات الطوارئ بمسؤولية العيادات الصحية والتنسيق وتقديم الخدمات إلى أن تقف السلطات على قدميها وتتمكن من توفير الخدمات لسكانها.

حاليًا يرضخ هذا النموذج تحت الضغط على الصعيد العالمي، حيث تُقدم معظم المساعدات الإنسانية في نزاعات طويلة الأمد. العديد من الاستجابات الإنسانية القائمة حاليًا بدأت وما زالت مستمرة منذ عقود، ومن بينها الاستجابات في جنوب السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأفغانستان، والعراق. دخلت استجابة اليمن عامها السابع، ويثير هذا العديد من الأسئلة حول فعالية وملاءمة المساعدات الإنسانية، وكيف ينبغي أن تتكيف الاستجابة في هذه السياقات. الموضوع أوسع بكثير من اليمن فقط، ويستحق المزيد من البحث. ولكن حتى عند النظر إلى الاستجابات التي تعمل في بيئات نزاعات طويلة ومعقدة، يرى الناظر أن استجابة اليمن تختلف في أساليب عملها. هناك عناصر تشكل ما يمكننا أن نسميه “استجابة إنسانية مناسبة”، مثل توزيعات الغذاء، و(محدودية) التنفيذ المباشر من قِبل الجهات الإنسانية الفاعلة، ومخيمات لإيواء النازحين مؤقتًا، وآلية استجابة سريعة. على الرغم من ذلك، فإن العديد من الأساليب المستخدمة في الاستجابات ليست في الواقع إنسانية في شكلها الحقيقي، ويُستخدم العديد من الأساليب الموجهة نحو التنمية والأساليب المختلطة في الاستجابة، بما في ذلك تنفيذ السلطات البرامج والتوزيعات المرتبطة بالتمويل المؤقت التي لا تخضع لمراقبة كافية. تجتمع كل هذه الأساليب تحت المظلة “الإنسانية”، مما يضمن استمرار الاستجابة في توفير ضمادة لجرح دائم التوسع دون معالجة جذور المشكلة.

كما نُوقش في “تحدي الروايات“، كان اليمن يواجه صعوبات جمة وكبيرة حتى قبل اندلاع الحرب الحالية في مارس/آذار 2015، فقد حافظت مؤشرات التنمية، والتغذية، والأمن الغذائي، والبنية التحتية في اليمن باستمرار على تصنيفها بين أفقر دول العالم.[1] كانت الجهات الفاعلة في مجال التنمية حاضرة في البلاد لمدة 50 عامًا على الأقل، [2] وعملت مع دولة وقيادة فاسدة لمحاولة تحسين خط الأساس للبلد. وكان الدعم الكبير لمؤسسات الدولة يعني أن تقديم الخدمات في جميع المجالات قد جرى من أجل الحفاظ على استمرار أداء الدولة.[3]

في بدايات عام 2015، زادت الاحتياجات والمشاكل الإضافية من تعقيد التحديات الهيكلية عميقة الجذور في الأساس. وإضافة إلى سوء التغذية المزمن والتحديات التي تواجه تقديم الخدمات من المياه إلى الكهرباء، ظهرت عوامل أخرى فجأة مثل النزوح ودمار المنازل والمستشفيات والأراضي الزراعية. ومع انتشار الصراع في جميع أنحاء البلاد، أصبح الوصول إلى معالجات لأي من هذه المشاكل أكثر صعوبة أيضًا، وذلك نظرًا لانعدام الأمن، ونقص الموظفين اللازمين، والقيود البيروقراطية المتزايدة من السلطات والنظام الإنساني نفسه. عندما وصل التدخل الإنساني إلى صنعاء، كان المجتمع الدولي مترددًا في التخلي عن نماذج وأساليب التنمية التي يتبعها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الإقرار بأن وقف الدعم سيسمح بتدهور خط الأساس وكذلك جزئيًا بسبب التوقعات بأن الوضع لن يسود لفترة طويلة قبل أن يعود إلى الوضع الراهن المعتاد. يمكن ملاحظة ذلك من خلال الإصرار على إبقاء المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي آنذاك في أعلى منصب للأمم المتحدة داخل اليمن واستمرار وجود العديد من موظفي التنمية في السنة الأولى من الاستجابة الإنسانية (انظر: “البقاء وتقديم الخدمات: الأمن“). وإلى جانب القيود المفروضة على الوصول التي منعت العديد من عمال الإغاثة من تجاوز صنعاء، وعقدت الوسائل التقليدية لتقديم الاستجابة الإنسانية، استمرت المنظمات في تنفيذ البرامج الموجهة نحو التنمية. ولم ينشأ نموذج رسمي للاستجابة لحالات الطوارئ سوى عام 2018.

ونظرًا لأن الأزمة في اليمن أصبحت واحدة من الأكثر حديثًا عنها على مستوى العالم وتطور رواية قوية عن الاحتياجات الإنسانية (انظر: “خرافة البيانات في اليمن“)، حُصل على الأغلبية الساحقة من التمويل لليمن عبر تمويل الاستجابة الإنسانية وإطار خطة الاستجابة الإنسانية. وُضعت الأنشطة والنماذج الإنسانية التقليدية جنبًا إلى جنب مع تمويل السلطات والمؤسسات، ودُمجت معًا في خطة الاستجابة الإنسانية، وقُدم ذلك كاستجابة شاملة. كان الأساس المنطقي لذلك واضحًا، حيث كان يُنظر إلى الاحتياجات على أنها إنسانية، ولكنه لم يكن من الممكن إلى حد كبير تنفيذها من قِبل الجهات الفاعلة الإنسانية نفسها، مما استلزم تنفيذها عبر المؤسسات والجهات الفاعلة الحكومية إلى جانب آخرين. السبب وراء العديد من هذه الاحتياجات الناشئة هو الاحتياجات التنموية الطويلة الأمد التي عُولجت في الماضي عبر الأنظمة التي حاولت الاستجابة الإنسانية الإبقاء عليها لتجنب المزيد من التدهور في المؤسسات التي قد تتولى مهامها مرة أخرى يومًا ما. رغم ذلك، لم يحدث أي تمييز/تفريق واضح بين أسباب تلك الاحتياجات وأفضل الأساليب لمعالجتها؛ لتصبح الاستجابة “الإنسانية” نهجًا مشوشًا، إذ اختلطت النهج الإنسانية والإنمائية، وتصادمت وساءت إدارتها جزئيًا بسبب تحديات التنفيذ التي نُوقشت سابقًا، وبشكل أكبر بسبب عدم وجود إطار عمل واضح للتعامل مع هذه التقاطعات بين الجانبين.

في التسعينيات، بدأت المحادثات والنهج لإدارة خيوط الاستجابة المختلفة بشكل عام وكيفية ربطها ودعمها لبعضها البعض. النموذج الأكثر حداثة للتعامل مع المواقف التي تتطلب مناهج إنسانية وتنموية متزامنة لمعالجة الاحتياجات وحلها هو نهج الرابطة الثلاثية، الذي قُدم في استجابة اليمن أواخر 2018 ونُوقش على نطاق واسع عام 2019، لكن لم يُعتمد رسميًا سوى في خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021. يقر مفهوم الرابطة الثلاثية بالحاجة إلى الثنائية في نماذج الاستجابة، ويضفي إلى حد كبير الطابع الرسمي على النهج الحالي، مع الاعتراف بالمكونات الإنسانية والإنمائية والسياسية القائمة. كما أنه سيفرض من الناحية النظرية هيكلًا أكثر تنسيقًا عبر الجمع بين المزايا النسبية للأساليب المختلفة وتكييفها مع هيكل استجابة أكثر ملاءمة. في الوقت ذاته، فإن نهج الرابطة الثلاثية له تحدياته ونقاط ضعفه، ولا تزال هناك أسئلة مهمة حول مدى ملاءمة تداخل الأنشطة الإنسانية مع تلك الخاصة بالركيزة الثالثة في الرابطة وهي بناء السلام. إضافة إلى ذلك، سيتطلب اعتماد نهج الرابطة الثلاثية الابتعاد عن رواية “الكارثة الإنسانية” التي كانت مربحة جدًا للاستجابة الإنسانية، وتقليل الاعتماد على المانحين في المجال الإنساني وأموال المساعدات الإنسانية التي يُسهل الحصول عليها نسبيًا بالمقارنة مع الحصول على تمويل التنمية.

من الواضح أن الاستجابة الحالية في اليمن لا تعمل بنجاح، كما أن الإحباط يسود عاملي الإغاثة ومتلقي المساعدات الإنسانية. الاستجابة في اليمن بعيدة عن معايير الاستجابة الإنسانية وتتصف بسوء السمعة (انظر: “استجابة قائمة على المبادئ“). اتفق جميع مقدمي المعلومات الرئيسيين في هذا البحث والبالغ عددهم 73 شخصًا على أن المساعدات الإنسانية وحدها لن تصلح الوضع في اليمن دون سلام و/أو تضع طريقة جديدة لمعالجة الأسباب الجذرية. يبحث هذا التقرير في كيفية قيام النُهج الموجهة نحو التنمية بتوجيه الاستجابة الإنسانية، وما إذا كان من الأفضل خدمة اليمن من خلال الرابطة الثلاثية رغم عيوبها، وما إذا كانت هذه الفكرة أو أي فكرة “جديدة” لها فرصة في النجاح دون معالجة العقبات الداخلية الأساسية عميقة الجذور التي أعاقت استجابة اليمن منذ عام 2015.

الاستجابة الهجينة التي نشأت تلقائيًا تتأرجح

A girl washes her hands at communal taps at an IDP camp
فتاة تغسل يديها عبر الصنابير المجتمعية في مخيم للنازحين في حي الشعب بمدينة عدن في 24 يونيو/حزيران 2021. الصورة لمركز صنعاء. التقطها أحمد وقاص.

في بداية الاستجابة الإنسانية منتصف 2015، عاد الموظفون القدامى والجدد إلى اليمن دون مخطط دقيق للكيفية التي سيعملون بها، وكان من المتوقع ألا تستمر الحرب طويلًا، وبالتالي كان التوقع أن الاستجابة في حالات الطوارئ ستدوم لفترة محدودة. كان اليمن في الأساس يعتمد اعتمادًا شديدًا على المساعدات في تقديم الخدمات وفي عمل المؤسسات العامة. مع انسحاب موظفي التنمية من العمل -وفي نهاية المطاف -وانسحاب المانحين في مجال التنمية، وُضعت الجهات الفاعلة الإنسانية أمام خيار صعب: إما تولي مسؤولية دعم المؤسسات الأساسية وتقديم الخدمات العامة ليصبح التعافي بعد الصراع أسهل وأسرع، أو تركها تنهار مع العلم بأنه سيتوجب إعادة بنائها من الصفر بعد الصراع. اختارت وكالات الأمم المتحدة الخيار الأول، حيث خصصت نسبة كبيرة من تمويلها للحفاظ على استمرار المؤسسات العامة وتقديم الخدمات.[4]

مع استمرار الحرب، ظلت الاستجابة تعمل من خلال هذا النموذج الهجين لتنفيذ أنشطة المساعدات الإنسانية والاستثمار بكثافة في الحفاظ على المؤسسات العامة. على سبيل المثال، تضمنت خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2019[5] تركيزًا استراتيجيًا على تدابير الصمود، لتكون مكملة للمساعدات المنقذة للحياة، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز سبل العيش والحفاظ على مؤسسات الخدمة الاجتماعية الوطنية الحيوية وآليات التسليم، وخًصصت 15% من ميزانية خطة الاستجابة الإنسانية، أي 630 مليون دولار أمريكي، لهذه الأنشطة.[6] وكما نُوقش في “استجابة قائمة على المبادئ“، وُجهت مئات الملايين من الدولارات إلى السلطات لدفع الرواتب وتغطية التكاليف الإدارية، ودفع رواتب العاملين الصحيين، والمعلمين، والعاملين المهمين الآخرين من فقدوا رواتبهم الحكومية عندما فرت الحكومة من صنعاء.[7] بالنسبة لبعض الوكالات كانت هذه المدفوعات البند الأساسي في نفقاتها. مثلًا، خًصصت 35% من ميزانية اليونيسف في عامي 2017 و2018 للتحويلات النقدية للشركاء، وشكلت المدفوعات للسلطات الوطنية والمحلية ما يقرب من 70% من ذلك المبلغ أي 178.5 مليون دولار أمريكي.[8]

لا تنفذ بعض الوكالات والبرامج في اليمن أعمالًا إنسانية فعلية، رغم أنها تندرج ضمن الميزانية الإنسانية. منظمة الصحة العالمية، على سبيل المثال، توجه الدعم إلى مكاتب وزارة الصحة في عدن وصنعاء للحفاظ على عمل العيادات، وتوفير الدعم المادي واللوجستي، والمساعدة في الحفاظ على الحد الأدنى من الرصد الوبائي، وحتى عام 2020 دفع حوافز عاملي الرعاية الصحية.[9] حتى أثناء حالات الطوارئ المتعلقة بالكوليرا وجائحة كورونا، لم يعمل موظفو منظمة الصحة العالمية على الخطوط الأمامية للاستجابة، ولكنهم بدلًا من ذلك قدموا الدعم المادي لوزارة الصحة وحافظوا على بعض المسؤولية عن المراقبة والإشراف.[10] قال مستشار إنساني من إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية، إنه حين سُئلت منظمة الصحة العالمية عام 2020 بعد خفض التمويل من قِبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية[11] عما إذا كان بإمكانها إعادة ترتيب أولويات التمويل للاستجابة لحالات الطوارئ، ردت بأن هذا لن يكون ممكنًا بسبب استثماراتها الضخمة في الاستجابة المؤسسية.[12]

يمثل هذا الأمر إشكالية عميقة؛ فمعظم الدعم المؤسسي قُدم دون رقابة ومساءلة مناسبين. على سبيل المثال، تدعم اليونيسف صندوق الرعاية الاجتماعية الذي يقدم مساعدات نقدية لـ 1.5 مليون حالة ضعيفة، وتديره الآن وزارة الشؤون الاجتماعية التي يسيطر عليها الحوثيون. جُمعت قائمة المستفيدين من مساعدات الصندوق قبل إعلان حالة الطوارئ من المستوى الثالث عام 2015، ولم تتمكن اليونيسف من تحديثها والتحقق منها حتى الآن.[13] وجدت منظمة أطباء بلا حدود أن المراكز الصحية والمستشفيات المفترض أن تدعمها وكالات وبرامج الأمم المتحدة خلال حالات الطوارئ المتعلقة بالكوليرا وجائحة كورونا، تفتقر إلى المساعدات الفنية الضرورية والدعم في جانب الوقاية من العدوى والسيطرة عليها داخل المرافق. نتيجة لذلك، لم تكن المستشفيات ومراكز العلاج على مستوى المعايير المطلوبة وهو مؤشر على أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة قد “تم اختزالهما إلى مجرد وسطاء بين الجهات المانحة ومؤسسات الدولة يقومون بنقل الإمدادات والأموال دون توفير أي إشراف عملي ومراقبة فعالة أو دعم فني.”[14]

هذه الظاهرة منتشرة على نطاق واسع، مع استمرار النهج الأكثر توجهًا نحو التنمية في توجيه الاستجابة الإنسانية. على سبيل المثال، في حالات النزوح الطارئة مثل ما حدث في محافظة حجة عامي 2018 و2019، كان الإجراء المتخذ هو تركيب خزانات للمياه ونظام الحنفيات، ولو كانت هذه الحالات في سياق آخر لكانت الممارسة القياسية هي وضع نظام طوارئ للمياه على الفور لتوفير المياه للسكان النازحين. في حين أن هذا القرار هو أكثر استدامة على المدى الطويل، إلا أن القرار تطلب عملية مناقصة واستغرق وقتًا للانتهاء منه، [15] ولم تصبح المياه متاحة للنازحين إلا بعد أسابيع من نزوحهم، أي أن ذلك أدى إلى تباطؤ الاستجابة في الوقت المناسب. في الغالب وبدلًا من تنفيذ استجابة إنسانية مناسبة، وقعت الجهات الفاعلة الإنسانية في اليمن في مستنقع البيروقراطية، وعلقت في عمليات المناقصات، أو تسهيل العقود وتحويل الموارد بدلًا من تقديم المساعدات. بهذا الشكل، لا يمكن في الحقيقة وصف الاستجابة الإنسانية في اليمن بأنها إنسانية.

هذا الخليط الفريد ينطبق أيضًا على الجهات المانحة أيضًا، فعلى الرغم من تركيزها على القطاع الإنساني، إلا أن 26% من التمويل المقدم لليمن خلال الفترة بين عامي 2015 و2019 خُصص للتنمية، أي 4.5 مليار دولار أمريكي من أصل 17 مليار دولار أمريكي.[16] كما تمول الجهات المانحة التقليدية برامج تنمية التدخلات “الطارئة” أيضًا. على سبيل المثال، تاريخيًا ومؤسسيًا يُعد البنك الدولي جهة مانحة للتنمية وجهة استثمرت بشكل كبير في العمل مع الحكومات لدعم التنمية والنمو وبناء المرونة والصمود المؤسسي، وفي اليمن امتد تمويل البنك ليشمل برامج الطوارئ مثل التحويلات النقدية وتمويل التطعيمات ضد الكوليرا، كما عمل بشكل مباشر مع وكالات الأمم المتحدة التي تنفذ الاستجابة الإنسانية، وموّل جوانب عملها مثل مشاريع الصحة والتغذية الطارئة، بجانب ما يقدمه من دعم مؤسسي منتظم.[17]

الرابطة الثلاثية: الاعتراف بوجود الثنائية واحتضان الجانب السياسي

Aerial view of an IDP camp in Al-Rabat
مخيم للنازحين في حي الرباط بمحافظة عدن في 24 يونيو/حزيران 2021. الصورة لمركز صنعاء. التقطها أحمد وقاص.

في حين أن النظام “الإنساني” في اليمن الذي لا يتصف بالكمال، يتسم بعدم الارتياح وإثارة التساؤلات، لكنه أصبح يتبع مفهوم الرابطة الثلاثية الذي دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منذ تعيينه عام 2016. هذا النهج، الذي يُشار إليه غالبًا باسم رابطة التنمية والإنسانية والسلام، يؤكد على التكامل بدلًا من محاولات فصل العمل الإنساني عن الجهود السياسية أو جهود التنمية. رغم أن هذا التشابه لم يكن عن قصد، وأن البعض في القيادة الإنسانية اليمنية العليا أعربوا عن معارضتهم لاستخدام نهج الرابطة الثلاثية، إلا أن مفهوم الرابطة الثلاثية قُدم في اليمن اعتبارًا من أواخر 2018.

أكدت المناقشات الأولية داخل الفريق الإنساني القُطري في اليمن، التي يدفع بعجلتها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حول كيفية صياغة الرابطة الثلاثية للسياق اليمني أن الاحتياجات الإنسانية في البلاد تزداد من خلال مسببات الضعف الموجودة مسبقًا ومنها تفشي الفقر، وضعف الحوكمة، وضعف المؤسسات، والاقتصاد دون المستوى الذي يعاني من عدم الاستقرار. أقرت النقاشات بأن النزاع كان عاملًا مفاقمًا للاحتياجات الإنسانية وساهم في التدهور الحاد لآليات المواجهة التقليدية، ما زاد من التأثير على السكان المدنيين. لذلك، كان الهدف من إدخال نهج الرابطة الثلاثية هو مواجهة كل من مسببات الاحتياج والضعف عبر التركيز على الحد من عدم المساواة، وتعزيز مرونة وصمود السكان، وفي نفس الوقت محاولة تحسين المؤشرات الأساسية.[18] من يدافع عن الرابطة الثلاثية يبرر ذلك بأنها تحقق توازنًا أفضل وتوفر الفرصة لإضفاء الطابع الرسمي على الطرق التي تتفاعل وتعمل بها أساليب الاستجابة المختلفة مع بعضها في كثير من الأحيان. بهذه الطريقة، تدرك الرابطة الثلاثية أن استجابة اليمن بعيدة عن كونها استجابة إنسانية تقليدية.

تكييف الاستجابات للنزاعات الطويلة في المجتمعات المرهقة

الرابطة الثلاثية هي إحدى المحاولات العديدة منذ تسعينيات القرن الماضي لمعالجة المخاوف والقلق من أن طريقة العمل القديمة في جميع أنحاء العالم قد لا تكون كافية، وتمثل إقرارًا بأن النزاعات على الصعيد العالمي تدوم لفترات أطول من تلك النزاعات التي انتهت قبل 50 عامًا أو أكثر، وأن الأماكن التي تعاني من حالات الطوارئ التي طال أمدها بسبب النزاعات هي أماكن تحملت في الأساس عقودًا من تحديات التنمية.[19] مع مرور الوقت، تغيرت البيئة التي يعمل فيها العاملون في المجال الإنساني، حيث أصبح متوسط ​​فترة النزاع الآن أكثر من ربع قرن.[20] على سبيل المثال، حسبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها أمضت ما متوسطه 43 عامًا في العمل على كل أزمة من أكبر 10 أزمات موجودة اليوم.[21] ومع ذلك، فإن نظام الاستجابة، على الرغم من إثارته التساؤلات والشكوك على مدى عقود، لم يتغير تغييرًا جذريًا، كما ذُكر في “تحدي الروايات”، مما يثير التساؤلات حول ما يجب القيام به لضمان تنفيذ نهج جديد وفعّال يعالج الاحتياجات قصيرة وطويلة المدى وآثار النزاعات طويلة المدى معالجة كاملة ويحافظ في نفس الوقت على الامتثال للمبادئ الإنسانية الأساسية. سيحتاج مثل هذا النهج أيضًا إلى ضمان توفير الاستجابة في الوقت المناسب عند الاقتضاء وتجنب إضعاف الجهود المبذولة لإحراز تقدم في أي من المجالات الفردية الثلاثة أو المساس بها.

يكمن المنطق التي تقوم عليه الرابطة الثلاثية في الاعتراف بأن الجهود الإنسانية والإنمائية وبناء السلام من غير المرجح أن تكون حلولًا قائمة بذاتها للنزاعات أو آثار الأزمات، ويدرك هذا المنطق أن المنظمات تحاول بشكل متزايد ربط العمليات والأهداف الإنسانية والإنمائية ببعضها للاستجابة للاحتياجات وأن التركيز الضيق على الاحتياجات الإنسانية وحدها لا يكفي لتلبية احتياجات المجتمعات المتضررة.[22] يهدف هذا النهج إلى الاستفادة من الطبيعة التكاملية للجوانب الثلاثة للتدخلات وضمان التنسيق بين الجهات الفاعلة التي تعمل ضمن هذه الركائز. مع وجود تحديات مستمرة تتعلق بتمويل المساعدات الدولية، يحاول نهج الرابطة الثلاثية أيضًا النظر في طرق تمويل التدخلات من منظور أطول أجلًا وأكثر مرونة.[23] النظرية الكامنة وراء الرابطة الثلاثية هي أن السلام سيقلل من الحاجة إلى المساعدات الإنسانية وأن التنمية ستجلب السلام، وهي ثلاثة مفاهيم تمثل “ثلاثة أضلاع نفس المثلث” كما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عام 2016.[24]

التحديات تنبع من الافتقار إلى الوضوح في العديد من الجوانب

رغم أن الرابطة الثلاثية منطقية في عرضها، إلا أنه ما زال من غير الممكن تحديد ما إذا كانت ستنجح أم لا. لا يوجد إجماع حول كيفية تنفيذ الرابطة الثلاثية في الممارسة العملية، وهناك خلاف أساسي حول ما إذا كانت تمثل نظرية أو سياسة أو إطار عمل تشغيلي.[25] كما أوضحت ذا نيو هيومانيتاريان في سلسلة من التقارير، ليس من الواضح ما إذا كان أي أحد يعرف ما تعنيه الرابطة الثلاثية في الواقع العملي.[26] بالنسبة للبعض، تتعلق الرابطة الثلاثية بمعالجة الاحتياجات قصيرة الأجل، إضافة إلى الأسباب الجذرية للأزمة، وبالنسبة لآخرين، يتعلق الأمر بالأهداف المشتركة بين الركائز الثلاث للرابطة وثقافة جماعية لتحقيق تلك الأهداف. كما ينظر البعض إليها من حيث التآزر والتعاون. في حين ينظر إليها آخرون على أنها تتعلق بالبرمجة بشكل جماعي. أدى الافتقار إلى الفهم المشترك حتى لكيفية تعريف الرابطة الثلاثية إلى تعقيد الجهود المبذولة لتحويل النظرية إلى ممارسة عملية، ولا يزال يُنتظر رؤية أمثلة ناجحة لتطبيقها.[27]

غياب التعريف[28] ينطبق بشكل خاص على جانب بناء السلام من الثلاثية، حيث فُسر بعدة أشكال منها الإشارة إلى الأمن والاستقرار، أو تضمين حساسية الصراع في البرمجة، أو بناء السلام من الأسفل إلى الأعلى، مدفوعًا بأفراد المجتمع الذين يفهمون دوافعهم الخاصة بالنزاع.[29] سيكون الاتفاق على تعريف أو نهج مشترك في مجال بناء السلام خطوة مهمة إلى الأمام لأن التفسيرات المختلفة سيكون لها تأثيرات متفاوتة على تصورات وتنفيذ الجانبين الآخرين من الثلاثية، أي المساعدات والتنمية.

مزج الولايات مع استمرار الفعالية

بصرف النظر عن الافتقار إلى الوضوح بشأن التنفيذ والافتقار إلى التعريفات المشتركة، فإن المخاوف تتعلق بكيفية دمج الولايات المختلفة وما إذا كان القيام بذلك يؤدي إلى إضعاف فعالية كل منها. تقليديًا، عُزلت جميع المكونات الثلاثة عن بعضها من حيث البرمجة والإدارة والتمويل، وفي المواقف المترابطة ليس من الواضح من يتولى القيادة في التنسيق بينها.[30][31] بالتالي وبدون وجود قيادة واضحة، لن تكون الأولوية للتنفيذ والمتابعة.[32] في الوقت الحالي، يبدو أن العمل ضمن مجموعات منفصلة حسب القطاع والتخصص ما يزال هو القاعدة، وهو عكس الفرضية التعاونية لنهج الرابطة الثلاثية.[33]

مخاطر التنازل عن المبادئ الإنسانية

من المنظور الإنساني، تتعلق المخاوف بشكل رئيسي بإمكانية أو احتمالية التنازل عن المبادئ الإنسانية، وهو خوف من جر المساعدات الإغاثية إلى السياسة من خلال مكوّن بناء السلام، واستغلالها بالفعل. إذا حدث ذلك، فإن دمج العمل الإنساني في أجندة أوسع يمكن أن يقوّض مساحة العمل الإنساني ومبادئ وأسس الاستجابة الإنسانية.[34] أدت محاولات تنفيذ الرابطة الثلاثية في مالي مثلًا إلى تقييم الأطراف العسكرية الاحتياجات وتوفير الأمن لعمال الإغاثة، ما أدى إلى طمس المعالم. يوجد أوجه شبه بين هذا السيناريو وسيناريو اليمن، ففي الأخيرة غالبًا ما تنفذ الأطراف المسلحة في النزاع تقييمات الاحتياجات (انظر: “خرافة البيانات“) أو ترافق البعثات الميدانية (انظر: “البقاء وتقديم الخدمات: الأمن“). الأطراف المسلحة هي الأطراف المتحاربة، أي الحكومة المعترف بها دوليًا التي تسيطر على الجنوب، وسلطات الأمر الواقع الحوثية التي تسيطر على الأجزاء الشمالية المكتظة بالسكان. في حالة مالي، كانت الأطراف المسلحة جنودًا ضمن مهمة تحقيق الاستقرار التابعة للأمم المتحدة. ومع ذلك، تحول المجتمع الإنساني في مالي نهاية المطاف نحو الإبقاء على عمل كل ركيزة من الركائز الثلاث بمفردها، ووجدت أن هذا النهج هو أكثر ملاءمة في تحقيق تدخل فعّال وغير مسيس مقارنة بموائمة المنظمات لأهدافها وعملياتها مع بعضها.[35]

الجري بسرعات مختلفة: خطر تباطؤ الاستجابة الإنسانية

مصدر قلق آخر هو أن محاولة تنفيذ جميع المكونات الثلاثة في نفس الوقت ستؤدي إلى ضياع تنفيذها في

الوقت المناسب، وهو أمر بالغ الأهمية للعمل الإنساني، وذلك كون بناء السلام والتنمية يستغرقان بطبيعتهما وقتًا أطول في التحضير والتنفيذ مما تستغرق التدخلات الإنسانية. على المستوى العملي، وجدت التقارير في السنوات الأخيرة أن موظفي الإغاثة الذين عملوا في سياقات توجد فيها محاولات لتنفيذ مفهوم الرابطة الثلاثية اشتكوا من زيادة الأعمال الورقية والبيروقراطية، والارتباك حول القيادة، وأن النهج لم ينجح على مستوى العمليات (المستوى التشغيلي).[36]

تتطلب الرابطة الثلاثية مرونة المانحين في التمويل

يتطلب التنفيذ الكامل للرابطة الثلاثية تغييرًا كبيرًا في طرق تمويل المانحين وعقليتهم، وليس من الواضح ما إذا كانت هناك رغبة في إجراء هذا النوع من التغييرات. غالبًا ما يكون للحكومات والمؤسسات الأخرى، مثل الاتحاد الأوروبي، تدفقات تمويل منفصلة للمساعدة الإنسانية والتنمية وبناء السلام، وتتكيف تدفقات التمويل تلك مع طبيعة الدعم المقدم. عادة ما يُحدد تمويل المساعدات الإنسانية بشكل سنوي ولأنشطة معينة، في حين يكون تمويل التنمية وتحقيق الاستقرار في العادة متعدد السنوات وعلى نطاق أوسع.[37]

وفي حين أن الرابطة الثلاثية تتطلب تدفق قدر كبير من الدعم عبر أنظمة الحكومة في كل بلد، إلا أن المانحين ما يزالون مترددين بالاستثمار في هذا النوع من الدعم.[38] عادة ما ترفض المنظمات الإنسانية بشكل تلقائي تمويل الميزانيات الحكومية لأن الحكومة عمومًا ما تكون طرفًا بالنزاع في حالات الأزمات الناجمة عن الصراع، ما يعني أن القيام بذلك من شأنه أن ينتهك مبدأ الحياد (انظر: “استجابة قائمة على المبادئ“). على الجانب التنموي، انخفض الدعم المقدم من المانحين للميزانيات الحكومية بأكثر من 40% خلال الفترة من 2010 إلى 2016.[39] ورغم بذل بعض الجهود لتمويل الأنشطة المترابطة، إلا أن بعض الجهات المانحة مثل وزارة التنمية الدولية البريطانية بدأت في الضغط من أجل هذه الأنواع من التدخلات، ولا يزال تمويل الأنشطة المترابطة أقل بكثير من تدفقات التمويل التقليدية.

طريقة عمل جديدة تتطلب عقلية جديدة

تتطلب إصلاحات البنية الأساسية والقوى المحركة والأسس الأيديولوجية لقطاع المساعدات الإنسانية -وهي العوامل اللازمة لتفعيل الرابطة الثلاثية -تحولًا جوهريًا في العقلية. على سبيل المثال، تدعو فكرة الرابطة الثلاثية إلى إزالة الحواجز وتحسين التنسيق، ويتطلب ذلك تغييرات هيكلية كبيرة في كيفية عمل المنظمات، ولا سيما الأمم المتحدة. مع ذلك، لم يُشار إلى كيفية حل القضايا المحيطة بديناميات السلطة والأيديولوجيات والثقافات الكامنة الخاصة بهذه المؤسسات والمصالح الخاصة للعاملين فيها.[40] في نهاية المطاف، سيتطلب تنفيذ الرابطة الثلاثية من جميع المعنيين قبول التنازلات، من بينها التخلي عن السيطرة وبالتالي التخلي عن السلطة والمال والمكانة. صحيح أن التماسك أمر جيد ومتفق عليه، إلا أن المصالح الموجودة داخل الهيكل الذي يقوم عليه العمل الإنساني حاليًا تعني أن الهيكل الحالي لن يقدم ما يستطيع من أجل تفعيل الرابطة الثلاثية. بالنسبة لبعض المحللين، يُعد السبب وراء الفشل المتكرر لجهود التحسين هو عدم مراعاة أي مبادرة من مبادرات الإصلاح التي تمت لما يجب تغييره داخل الأنظمة لإنجاح مفاهيم مثل الرابطة الثلاثية.[41] بُذلت محاولات متعددة على مدى عقود لمواجهة تحديات النزاعات وبيئات الصراع المتغيرة. ولم تكن الأفكار في تلك المحاولات سيئة، لكن لم يُنجح تفعيلها أبدًا كون النظام نفسه يرفض التكيف والتغيير. في حال عدم وجود استعداد مؤسسي للتحول من الداخل، لا يمكن أن نتوقع أن تحقق هذه المحاولة الأخيرة لمعالجة التحديات متزايدة التعقيد معالجة شاملة وعلى النحو المنشود.

تطبيق الرابطة الثلاثية في اليمن

Germany-based Vision Hope International oversees distribution
تشرف رؤيا أمل الدولية ومقرها ألمانيا على توزيع الدقيق والزيت المقدم من خلال برنامج الأغذية العالمي في الخوخة بمحافظة الحديدة في 4 يونيو/حزيران 2021. الصورة لمركز صنعاء. التقطها أنور الشريف.

رغم تنفيذ أنشطة من نوع الرابطة الثلاثية لسنوات في اليمن، إلا أن فرض مفهوم الرابطة رسميًا لم يكن أولوية بالنسبة لبعض القيادات الإنسانية العليا المشاركة في استجابة اليمن. كان مصدر القلق الرئيسي أن الرابطة ستوفر المزيد من نقاط الدخول للسياسة من أجل التعدي المحتمل على مساحة العمل الإنساني، ما يقلص أكثر مساحة العمل الإنساني المستقل ويسمح للموظفين السياسيين باستغلال المساعدات. بالتالي، سيُحرم الفريق الإنساني القُطري من قدرته على اتخاذ قرارات مستقلة قائمة على الاحتياجات الإنسانية.[42] أضف إلى ذلك أن فكرة الرابطة ببساطة لا تتناسب مع الرواية الإنسانية المنشورة عن اليمن التي نجحت في جمع التبرعات والحصول على التمويل. تركز تلك الرواية على التسويق بأن اليمن هو أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم نتيجة للحرب والحصار والضربات الجوية (انظر: “خرافة البيانات“). ترسم هذه الرواية وجود حاجة فورية لا يمكن التخفيف منها إلا من خلال التدخل الفوري بضخ الغذاء، والنقود، وحقائب/مجموعات المأوى. هناك جناة واضحون يعاملون المدنيين بشكل قاسٍ وغير عادل. إن إعادة التركيز على الرابطة الثلاثية يستلزم تصوير وضع أكثر تعقيدًا ليصف دولة كانت بالفعل تعاني من التدهور حتى قبل الصراع -دولة يتفشى في مؤسساتها الفساد بينما تنفذ تلك المؤسسات الاستجابة الإنسانية حاليًا -والعديد من المشاكل الأكثر منهجية. مثل هذه الرواية ستحظى باهتمام عالمي أقل من الاهتمام الذي تحصل عليه الرواية الحالية، وستحصل بالتالي على قدر أقل من التمويل. رغم هذه التحديات، إلا أن الرابطة الثلاثية هي السياسة الرسمية للأمم المتحدة وتدعمها الوكالات على مستوى المقر الرئيسي وعلى مستوى مكتب الأمين العام؛ لذا تُعمم نهج الرابطة الثلاثية على مستوى دول العالم ومن ضمنها اليمن.

كان من الصعب إيجاد فهم مشترك داخل المجتمع الإنساني حول ما ستتضمنه الرابطة الثلاثية باليمن في ظل القليل من التنفيذ الملموس. ووفق خارطة الطريق الأولية، يتمثل الهدف العام للرابطة في تقليل الاعتماد على المساعدات (الإنسانية) عبر تعزيز المرونة/الصمود الاجتماعية والاقتصادية واستراتيجيات المواجهة، [43] لكن خارطة الطريق لم تكن واضحة بشأن كيفية القيام بذلك. إضافة إلى التحديات السابقة، أُخر تنفيذ المرحلة التجريبية من الرابطة الثلاثية لعام 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا، ويعني ذلك أن العديد من أولئك الذين عملوا على تصور الرابطة الثلاثية غادروا اليمن قبل اكتمالها. أما في خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021، التي وضعت الرابطة الثلاثية ضمن الاستجابة رسميًا لأول مرة، فقد تضمنت مجالات تركيزها الرئيسية ما يلي: تعزيز تقديم المساعدات، ومعالجة الدوافع الأساسية للضعف، وضمان الاستدامة، وتطوير المرونة/الصمود، والتعافي الاقتصادي، وإعادة الإعمار، وبناء القدرات.[44] لكن ما يبدو هو عدم وجود ترجمة عملية لذلك في الواقع.

كما هو الحال في أي مكان آخر، كانت المكونات السياسية لنهج الرابطة الثلاثية حساسة بشكل خاص في اليمن. آخذًا في الاعتبار التعقيدات الخاصة لبناء السلام في اليمن، والعملية السياسية المتعثرة، والخوف من أن يؤدي ربط الرابطة الثلاثية بالعملية السياسية بشكل وثيق للغاية إلى استغلال المساعدات، قرر الفريق الرفيع المستوى في اليمن نهاية الأمر أن جانب بناء السلام من الرابطة سيركز على تضمين حساسية النزاع في البرمجة و”تعزيز الآليات المحلية والمجتمعية والقدرات لمنع النزاعات، والوساطة، وحل النزاعات.”[45] كما ورد أعلاه، ما زالت كيفية ترجمة هذه الأهداف إلى واقع عملي غير واضحة. تشير خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021 إلى تبني نُهج مراعية للنزاع مثل “نهج عدم إلحاق الضرر (لا ضرر ولا ضرار).[46] يبدو أن هذا يعتمد بشكل أساسي على تحليل السياق المنتظم على مستوى المجتمع، وهو تحليل يراعي النوع الاجتماعي والعمر للتأكد من أن التدخلات لا تسبب أي ضرر وأن مسببات الصراع ومحفزاته تُخفف أو تُدار دون أن يكون السلام هدفها الأساسي.[47] هناك إشارات أخرى لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي، وحماية السكان المتضررين والمساءلة أمامهم على أنها عنصر “سلام”. لا يوجد أي ذكر أو ملاحظة لأي ارتباط مع عملية السلام بخلاف الاعتراف بأن “السلام المستدام والشامل هو شرط أساسي لإنهاء الأزمة اليمنية.”[48]

حتى بعد توضيح أنشطة الرابطة، قد يكون من الصعب تنفيذها كما كان الحال مع الأنشطة الإنسانية طوال فترة الاستجابة. يمكن توقع هذا في قائمة المديريات المحددة عام 2019 كمواقع ذات أولوية للأنشطة التجريبية للرابطة. تتضمن القائمة العديد من المناطق المصنفة على أنها مناطق يُصعب أو يستحيل الوصول إليها من قِبل موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة بسبب قيود إدارة السلامة والأمن التابعة للمنظمة الأممية.[49] وبالتالي، يتعرض الطابع العملي لعملية التنفيذ للخطر لأسباب يجب أن تكون تذكيرًا بأن تغيير طرق تقديم المساعدات، أو وضع نُهج جديدة، لن يحل القيود الهيكلية المتأصلة الأخرى التي يعاني منها النظام (انظر: البقاء وتقديم الخدمات: الأمن” و”البقاء وتقديم الخدمات: الوصول المستدام والخطوط الحمراء“)

دفع تكاليف أنشطة الرابطة الثلاثية في اليمن

كما أشار أحد مقدمي المعلومات الرئيسيين المطلعين على تخطيط الرابطة الثلاثية في اليمن، فإن القدرة على تنفيذ الرابطة في مناطق الشمال التي يديرها الحوثيون يختلف عن الجنوب الذي تديره الحكومة. صحيح أن الطرفين يدركان أن نموذج المساعدات الحالي تشوبه عيوب وأن الشعب اليمني يطلب التغيير، إلا أن سلطات الحوثيين لا تمتلك أي ميزانية لتنفيذ أنشطة الرابطة. كما أن الدعم المباشر لميزانية الحوثيين ليس خيارًا قابلًا للتطبيق. كما نُوقش في “استجابة قائمة على المبادئ“، لم يُدقق في التمويل الموجه عبر سلطات الحوثيين وغالبًا ما فُقد ذلك التمويل. هذا الأمر، وعدم اعتراف المانحين بالحوثيين ككيان حكومي يجعل التمويل المباشر للسلطات في الشمال صعبًا وغير مرغوب فيه. على هذا النحو، فكل ميزانية المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تُستمد من التمويل الإنساني. أما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، فمن المتوقع أن تقوم السلطات بدعم بعض الجوانب على الأقل بشكل مباشر، وبعض التكاليف يمكن أن تتحملها الدولة عبر آليات التمويل الأخرى.[50][51]

في الوقت الحالي، تظل خطة الاستجابة الإنسانية هي القناة الوحيدة لبرامج المساعدات داخل اليمن. ومع دمج أنشطة الرابطة الثلاثية ضمن خطة الاستجابة الإنسانية، لا يزال القطاع الإنساني يتحمل كلًا من متطلبات التمويل والموارد البشرية. أما أنشطة التنمية فتتطلب بطبيعتها برمجة مختلفة ومجموعة مهارات مختلفة عن تلك التي تتطلبها أنشطة الإغاثة الإنسانية. إذا كان من المقرر تصميم أنشطة على المدى المتوسط ​​إلى المدى الطويل والتركيز على المرونة/الصمود، والتعافي، وبناء القدرات، فقد يكون من غير المناسب إناطة هذه المراجعة وإعادة المعايرة بموظفي الإغاثة الذين ليسوا الأفضل تجهيزًا ومهارة للقيام بذلك.

الاستفادة من وعاء التمويل الإنساني لتوفير الموارد لتنفيذ هذه الأنشطة أمر مشكوك فيه كون التمويل الإنساني وخطة الاستجابة الإنسانية مرتبطان بدورات زمنية مدة كل منهما عام واحد. يستغرق تنفيذ الرابطة وأنشطة التنمية وقتًا أطول بطبيعته، لذلك من غير المحتمل أن يكون التمويل الملزم لمدة عام مناسبًا لبعض هذه الأنشطة. نتيجة لذلك، هناك حاجة ماسة إلى تمويل أكثر مرونة من الجهات المانحة الإنسانية التي تميل إلى تصعيد احتياجات الأزمات المحددة قصيرة الأجل، ولكن تبتعد عن التعامل مع الأسباب الجذرية للاحتياجات، وهناك حاجة إلى أن تقوم الجهات المانحة للتنمية ببعض الأنشطة. لكن بعض الجهات المانحة للتنمية تتجنب المخاطرة بشكل أكبر وتميل إلى الامتناع عن المُضي قدمًا بأنشطتها في السياقات ذات الصراع النشط وعدم الاستقرار السياسي الكبير. حتى الآن، يبدو أن القليل من المانحين فقط موّلوا أنشطة تتبع نفس أسلوب الرابطة الثلاثية. ما تعنيه الاختلافات الجوهرية بين اهتمامات ومخاوف المانحين في مجال التنمية عن اهتمامات ومخاوف مانحي المساعدات الإنسانية هو أن تركيز الاستجابة على أنشطة الرابطة الثلاثية يحمل في طياته مخاطر توقف تدفقات التمويل. هذا من شأنه أن يقلل من ميزانية خطة الاستجابة الإنسانية ويقلل من مكانة واحدة من أكثر الاستجابات تمويلًا في العالم.

إضافة طبقة جديدة من البيروقراطية

يتصف النظام الإنساني الحالي بقدر كبير من البيروقراطية كونه يتألف من منتديات تنسيق متعددة: خلية الطوارئ، والفريق الإنساني القٌطري، وآلية التنسيق بين المجموعات، والتنسيق بين المجموعات، ومجموعات العمل الفنية، وما إلى ذلك. تقترح الرابطة إضافة طبقة تنسيق أخرى إلى هذا المزيج بإضافة منتدى قيادة، وفريق عمل، ووحدة فنية.[52] نظرًا لأن غالبية الجهات الفاعلة هي نفسها الموجودة في منتديات تنسيق الشؤون الإنسانية، إلا أن إنشاء آلية تنسيق منفصلة سيزيد من الوقت المخصص لاجتماعات التنسيق وهو ما لا يتناسب كليًا مع فكرة الدمج والتعاون عبر الركائز الثلاث للرابطة. كان تقرير صادر عام 2019 عن كيفية مُضي الرابطة الثلاثية قُدمًا في اليمن قد أبرز عدم كفاية التنسيق والترابط بين المبادرات التنموية والإنسانية، وقال إن الاستفادة المشتركة بين المجالين الإنساني والإنمائي ضرورة لمعالجة جوانب المرونة/الصمود والتعافي.[53] ومع ذلك، لم تُعالج مسألة التوظيف، وهنا من المهم الإشارة إلى أن عدد موظفي التنمية في اليمن قليل، ذلك إن كانوا موجودين أساسًا. علاوة على ذلك، لا يمتلك المانحون وجودًا على الأرض باستثناء الزيارات القصيرة من الاتحاد الأوروبي والمانحين الأوروبيين الفرديين بشكل أساسي، ويجعل هذا تنفيذ الرابطة الثلاثية أكثر صعوبة. يقع العبء الأكبر من تفعيل أنشطة الرابطة تلقائيًا على عاتق الجهات الفاعلة الإنسانية، التي يُطلب منها تغطية الجانب التنموي وليس فقط جانبهم من الرابطة. هذا نوعيًا يقوض القدرة على التعامل مع الجانب الإنمائي بنفس الطريقة التي حدثت حين طُلب من الاستجابة الإنسانية العمل ضمن نظام مصمم من أجل التنمية وتحت القيادة العليا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في وقت مبكر من الاستجابة. يقلل عدم وجود المانحين على الأرض المساءلة من جديد فيما يتعلق بالرصد وضمان التنسيق الفعال بين الأطراف المختلفة (انظر: “الرصد: المساءلة تتعثر عند الاستعانة بأطراف ثالثة“).

أعرب بعض مقدمي المعلومات الرئيسيين[54] عن مصدر قلق آخر يتمثل في أن الرابطة ستتطلب مزيدًا من المشاركة مع السلطات والمزيد من الاستثمار في المؤسسات والأنظمة. تنص استراتيجية الرابطة في اليمن على أن هدفها الثاني هو توسيع الدعم المؤسسي للبيئة الأوسع للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، مع التحول التدريجي للتركيز من القدرات المؤسسية المحلية إلى القدرات المؤسسية الوطنية وتطوير الأنظمة.[55] تشير خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021 تحديدًا إلى التركيز على الحوكمة وبناء الدولة، فضلًا عن بناء القدرات لمؤسسات الخدمة الاجتماعية.[56] العاملون في المجال الإنساني غير مؤهلين للتعامل مع نموذج المساعدات هذا، وفي اليمن عانوا من مسائل متعلقة بالمساءلة والفساد. كما نوقش في “استجابة قائمة على المبادئ“، الاستثمار في السلطات في الشمال ودعمها يعني ببساطة أنه من المحتمل تحويل تمويل المساعدات الإنسانية نحو المجهود الحربي. كما فشلت محاولات تحديد الخطوط الحمراء وتطبيق المساءلة فشلًا متكررًا (انظر: “البقاء وتقديم الخدمات: الوصول المستدام والخطوط الحمراء“). بالتالي ما زال من المشكوك فيه ما إذا كانت هذه الترتيبات ستثبت فعاليتها وحكمتها من عدمه.

نماذج مساعدات غير كاملة. ما هي الخطوة التالية؟

Women sit with boxes of dates in a food queue at an IDP camp
نساء يجلسن وبجانبهن صناديق من التمور في طابور الطعام في مخيم للنازحين بالخوخة جنوبي محافظة الحديدة في 28 أغسطس/آب 2021. الصورة لمركز صنعاء. التقطها أنور الشريف.

لأن الرابطة الثلاثية لم تُضمن رسميًا في الاستجابة سوى عام 2021، فمن السابق لأوانه القول ما إذا كان يمكنها أن تؤدي لأي تحسين جوهري لفعالية الاستجابة. على الورق، هناك جهد لإظهار التغيير، لكن الكلمات يجب أن تُثبت من خلال العمل. في الوقت الحالي، ما زالت الكيفية التي تُنفذ بها الرابطة في اليمن تختفي تحت مصطلحات غامضة، ولا توجد مؤشرات على معالجة العيوب الراسخة التي أربكت النظام القائم. وفي حال عدم القيام بذلك، ما يمكن أن يحققه التبني الكامل للرابطة الثلاثية في اليمن في أحسن الأحوال هو السماح للمحادثة أن تتحول إلى بناء المعايير وأفضل الممارسات وطريقة أوضح وأكثر شفافية للتنفيذ الفعال للثنائية. ويمكن أن يمنح تبني الرابطة اعترافًا صريحًا بأن الاستجابة ليست إنسانية في الحقيقة، وأن المساعدات الإنسانية ليست الحل. ولكن دون تغيير الأنظمة الحالية التي تعيق الاستجابة، لا يمكن أن يتحقق التنفيذ الفعال لنهج أكثر توجهًا نحو التنمية على مستوى النظام. في هذه الحالة، لن تستمر الاستجابة في التعثر فحسب، بل ستفقد أيضًا الفوائد الإضافية المحتملة مثل استعادة النفوذ لدى السلطات وتحسين نظرة الشارع إلى القطاع الإنساني.

كان هناك اعتراف واسع النطاق بثنائية الأزمة اليمنية بين مقدمي المعلومات الرئيسيين، لكن العديد ممن تمت مقابلتهم كانوا مترددين في تأييد الرابطة الثلاثية كحل. اقترح البعض أن نموذجًا أفضل منها قد يحافظ على نهج الفصل بين الركائز الثلاث، ولكنه يولي الجهات الفاعلة في التنمية غالبية العمل لضمان معالجة الأسباب الجذرية والقضايا المزمنة طويلة الأجل، وفي نفس الوقت أن تستمر استجابة إنسانية أصغر وأخف وأسرع وأكثر تأثيرًا للتعامل مع النزوح، والكوارث المفاجئة، وحالات التفشي، وما إلى ذلك.[57] ومن شأن هذا النموذج أن يسمح للخبراء الفنيين بالاستمرار في التركيز داخل قطاعاتهم، مع وجود مخصصات ميزانية منفصلة وفصل واضح للولايات/المهام. يمكن أن يضمن هيكل تنسيق مشترك الاتساق والمواءمة وفي نفس الوقت الحفاظ على الفصل بين الركائز، كون هذا النموذج من شأنه أن يبقي مكون السلام ومكون الإنسانية منفصلين لتقليل احتمالية استخدام المساعدات كأداة. ما إذا كان سيوجد تعاون بين الجانبين التنموي والسياسي وما سيكون نوع هذا التعاون، فإنه سيكون ضمن اختصاص قيادة التنمية.

بغض النظر عن النموذج الجديد الذي قد يُستخدم، ستكون هناك حاجة إلى تغييرات كبيرة في طريقة إدارة الاستجابة في اليمن في حال كانت ترغب بفرصة للنجاح. أولًا، يجب أن تضمن الاستجابة أنها تستند إلى بيانات حقيقية تقدم نظرة عامة شاملة ومتسقة لاحتياجات اليمنيين، مدعومة بتحليل للأسباب الجذرية لهذه الاحتياجات لتمكين تصميم استجابة مناسبة، أي استجابة مستدامة، وتعامل الناس بكرامة، وتشرك المجتمعات في تلك العملية. وعلى أقل تقدير، يجب أن تكون الاستجابة قادرة على تحديد الفئات الأكثر ضعفًا واستهدافها. ثانيًا، يتوجب على الاستجابة إصلاح كيفية إدارتها للأمن والوصول إلى المناطق المحتاجة، حيث تعيق الترتيبات الأمنية الحالية عملية نشر المساعدات ووجود عمال الإغاثة (والتنمية) على الأرض. قد ينجح الاعتماد على التدابير الوقائية والرادعة بدلًا من قبول نظام الأمن الحالي وذلك على المدى القصير، ولكنه يجعل الاستجابة في اليمن غير مستدامة على المدى الطويل. فالاعتماد على تلك التدابير يضر بتصورات أعمال وموظفي الإغاثة بشكل لا يمكن قياسه ويمنع القدرة على إبلاغ البرمجة والأمن بشكل مناسب، كما أنه يشوه بشكل كبير التصور العالمي لليمن كمجتمع ودولة.

أدت عدم إمكانية الوصول التي استمرت من داخل نظام المساعدات نفسه وكذلك من قبل السلطات إلى إجبار الاستجابة على تنفيذ المساعدات ليس فقط من خلال المنظمات غير الحكومية (المحلية والدولية) ولكن أيضًا من خلال السلطات. وهذا يعني أن كميات كبيرة من المساعدات حُولت عن مسارها، ومن المرجح أنها حُولت نحو استمرار الحرب وإثراء من هم في السلطة من خلال القدرة على التلاعب بالمساعدات. يجب أن تكون الطريقة التي ساهم بها قطاع المساعدات في اقتصاد الحرب في اليمن محور التحليل وأن توجه أي تصميم مستقبلي للاستجابة في اليمن. فالاعتماد على السلطات وأطراف النزاع لتنفيذ الأنشطة الإنسانية لا يتعارض مباشرة مع جميع المعايير الإنسانية فحسب، بل يجعل من الاستجابة رهينة لتلك الأطراف، خصوصًا لسلطات الحوثيين. إن الاعتماد على تنفيذ تلك الأطراف للمساعدات يعني أن المنظمات مترددة في توضيح الحدود المقبولة من أجل تحقيق بيئة تشغيلية فعّالة. في هذه المرحلة، لم يعد من الواضح من يدير الاستجابة، وهل يديرها المجتمع الإنساني أم السلطات. إن السيطرة على التنفيذ ووضع الخطوط الحمراء وإنفاذها هي مسؤولية المجتمع الدولي. ما لم تُعاد المبادئ إلى مكانها الصحيح، وتعزيز المساءلة، وتفعيل الرصد، سيكون أكثر كفاءة وشفافية أن تُسلم الأموال مباشرة للسلطات والتخلي عن التظاهر والادعاء بأن المساعدة في اليمن تُنفذ بشكل مستقل.

أحد الأسباب الرئيسية التي قد تمنع نهج الرابطة الثلاثية من الانتقال في نهاية المطاف من الناحية النظرية إلى العملية في اليمن، هو أن السنوات الست الماضية أوضحت حاجة المجتمع الإنساني إلى تحديد موقع عملياته من الناحية السياسية. من الواضح أن استخدام المساعدات الإنسانية كإجراء لبناء الثقة في محاولة للدفع نحو حل سياسي هو خطوة فاشلة، فهي لم تنجح ومن غير المرجح أن تنجح. ما كان هو أن المساعدات استُغلت، والمبادئ وأفضل الممارسات جرى التنازل عنها بناءً على طلب الجانب السياسي. لم يؤدِ استخدام المساعدات إلى حل المشكلة السياسية، ولم يقدم أي خدمة للاستجابة نفسها. إذا لم يكن لأطراف النزاع مصلحة في حل خلافاتهم، فمن غير المرجح أن تقنعهم الضرورة الإنسانية لحلها. يجب على الجانب السياسي تحمل المسؤولية عن إخفاقاته، كما يفعل الجانب الإنساني.

في حين أن هناك العديد من الجوانب الإنسانية للوضع في اليمن، إلا أن معظم الأسباب التي أوصلت اليمن إلى وضعها الحالي تعود إلى وقت أبعد من عام 2015، وهي أسباب منهجية وهيكلية، ولذلك لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تحلها، والتظاهر بأن المساعدات الإنسانية يمكنها حل تلك الأسباب يمكن أن يضر بإيجاد حل حقيقي وباليمن وبعاملي الإغاثة الذين يعملون بجد كل يوم لإحداث فرق فيها. لكن المناصرة لتطبيق نموذج مختلف من الدعم لليمن يعني شيئين: الاعتراف بالفشل من خلال الاعتراف بأن الطريقة التي تُنفذ الاستجابة بها لم تكن القرار الأفضل، والتخلي عن الرواية التي كانت تمثل منجمًا للتمويل الكبير وتمثل إطارًا للعمل الراسخ في الاستجابة الإنسانية. صحيح أن العديد من الذين وضعوا أساس النظام الإنساني الحالي قد غادروا، إلا أنهم استمروا في شغل مناصب أعلى في النظام الإنساني بأماكن أخرى، والاعتراف بالفشل بالنسبة لهم وللقيادة العليا في نيويورك وجنيف وروما من شأنه أن يضر بالسمعة وبالأنا الخاص بهم. الفشل بطبيعته ضروري من أجل الابتكار، إلا أن الرغبة في حماية الذات والخوف من العواقب قد استبعدته كخيار. من المرجح أن يؤدي التخلي عن الرواية التي حددت الاستجابة الإنسانية إلى تقويض أي قدر متبقي من الثقة في الاستجابة وبالتالي تقليل التمويل. قد ينتج عن ذلك الحاجة إلى التقلص وتحديد الأولويات، مما قد يعني فقدان المكانة، ما يمثل ضربة للذين يعملون حاليًا على الاستجابة والذين من المرجح أن يُدفعوا نحو تعزيز الوضع الحالي والإبقاء عليه بغض النظر عن مدى كونه غير مقبول.

في النهاية، الاستجابة لم تنجح على الرغم من الجهود التي بذلها الكثير من الناس والمليارات من الدولارات، وقد كان لإخفاقات الاستجابة عواقب قد حدثت بالفعل، ويتحمل المستفيدون المستهدفون أثقل تلك العواقب، حيث جرى تجاهل 750 ألف نازح في مأرب لمدة أربع سنوات، وفقدت الأسر الغذاء أو الأدوية أو المساعدات المالية بسبب تحويلها إلى المقاتلين أو أن أسماءهم لم توضع على قوائم المستفيدين من الأساس، والأشخاص الذين لم يُوصل لهم لمعرفة ما قد يحتاجون إليه، وفي النهاية الأشخاص الأكثر ضعفًا المستبعدين من المساعدات. لن تكون الإشارة إلى الكلمة الأكثر رنينًا في القطاع الإنساني وهي الرابطة الثلاثية كافية، بل تحتاج الاستجابة إلى إعادة تصميم وضبط إذا كانت ترغب في ضمان مستقبل اليمن وشعبه.

توصيات

للاستجابة الإنسانية في اليمن والقيادة الإنسانية العليا:

  • مراجعة ملاءمة وفعالية النموذج الحالي للاستجابة في اليمن بناء على تحليل مستنير لخط الأساس في اليمن، والأسباب الجذرية للصراع، وكذلك أسباب الاحتياجات.
  • بدء تحليل شفاف للكيفية التي ساهم بها قطاع المساعدات في اقتصاد الحرب باليمن، واستخدام التحليل لتوجيه أي تصميم مستقبلي للاستجابة في اليمن.
  • تقييم ما إذا كان نهج الرابطة الثلاثية نموذجًا مناسبًا لليمن، والانفتاح على احتمال ألا يكون نهج الرابطة قابلًا للتطبيق بشكل كامل. يجب أن يولي هذا التقييم اهتمامًا خاصًا للجوانب التالية:
    • ضمان أن يكون تطبيق الإطار واضحًا، وعمليًا، ويُترجم إلى أنشطة على أرض الواقع وليس على الورق فقط.
    • ضمان تحديد عنصر السلام بوضوح مع وضع حدود بين العمليات السياسية والإنمائية والإنسانية بحيث تظل مساحة العمل الإنساني خالية من التدخل السياسي وتكون قادرة على العمل بشكل مستقل وفقًا للمبادئ الإنسانية.
    • ضمان تصميم الأنشطة والبرامج المناسبة للوضع الصحيح وتمويلها من خلال آليات التمويل المناسبة. يمكن أن تستمر برامج الطوارئ المنقذة للحياة في الاعتماد على التمويل الإنساني الذي يقتصر على دورات التمويل قصيرة الأجل والمؤقتة، ولكن يجب أن تعتمد أي أنشطة طويلة الأجل مثل بناء القدرات، وإعادة الإعمار، والاستقرار الاقتصادي، وتحسين خطوط الأساس على دورات تمويل طويلة الأجل تسمح بتحقيق النتائج ضمن إطار زمني واقعي.
  • بغض النظر عن تنفيذ نهج الرابطة الثلاثية، يُوصى بإعادة صياغة الأساس المنطقي وأسس الدعم لليمن برسالة واضحة ومتسقة مفادها أن مشاكل اليمن لا يمكن حلها بالمساعدات الإنسانية فقط.
    • إجراء تقييم واقعي للاحتياجات في اليمن بناء على تحليل سليم وتحديد أي الاحتياجات إنسانية وأيها تنموية. يُوصى باستخدام هذا التحليل لتصميم استجابات منفصلة لتلبية الاحتياجات من خلال الطريقة المناسبة.
      • في اليمن، هناك مجال لأن تستجيب المساعدات الإنسانية للنزاعات والكوارث الطبيعية، ولكن هذه الاستجابة يجب أن تكون صغيرة، ومتنقلة، ومبسطة، وواقعية فيما يتعلق بنوع ووقت الإغاثة التي يمكن أن تقدمها.
      • تحويل الغالبية العظمى من الدعم إلى طرق/أساليب التنمية الرسمية، والتي تعالج القضايا طويلة الأجل والمصممة لهذا الغرض. تنفيذ برامج التعافي والتنمية المناسبة حيثما أمكن ذلك.
      • إنشاء مناصب مختلفة في اليمن لجلب موظفين ذوي خبرة ومهارات مناسبة لضمان التصميم والتنفيذ المناسبين لهذه البرامج والأنشطة الموجهة نحو التنمية. على سبيل المثال، يجب ألا يقوم عمال الإغاثة بتنفيذ الأنشطة الإنمائية.

للمانحين:

  • تحويل غالبية التمويل إلى برمجة التنمية وتقييم أي جهة مانحة يجب أن تمول أي أنشطة.
    • الابتعاد عن التمويل قصير الأجل والمخصص للحلول قصيرة الأجل، وفي نفس الوقت الإبقاء على التمويل الإنساني لحالات الطوارئ.
    • تمويل الأنشطة الموجهة نحو التعافي والمرونة/الصمود بمرونة أكبر، ونطاق أوسع، وأطر زمنية أطول لضمان القدرة على وضع حلول دائمة تتطلب وقتًا للتنفيذ.
  • دفع استجابة اليمن لإجراء تحليل مناسب لنوع الاستجابة المطلوبة، والطرائق/الأساليب التي يجب وضعها، وكيفية تمويلها على النحو الأنسب.

مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية هو مركز أبحاث مستقل يسعى إلى إحداث فارق عبر الإنتاج المعرفي، مع تركيز خاص على اليمن والإقليم المجاور. تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.


يأتي هذا التقرير كجزء من مشروع مركز صنعاء لرصد المساعدات الإنسانية وآثارها على الاقتصادين الجزئي والكلي في اليمن، بتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون. يستكشف المشروع العمليات والطرق المستخدمة لتقديم المساعدات في اليمن، ويحدد آليات تحسين كفاءتها وتأثيرها، ويدعو إلى زيادة الشفافية والكفاءة في تقديم المساعدات.


لا تمثل الآراء والمعلومات الواردة في هذا التقرير آراء الحكومة السويسرية، التي لا تتحمل أي مسؤولية عن المعلومات الواردة في هذا التقرير. الآراء التي عبر عنها المشاركون في هذا التقرير هي آراؤهم الخاصة ولا يُقصد منها تمثيل وجهات نظر مركز صنعاء.

الهوامش
  1. تحليل مخصص من خلال أداة PovCalNet، وهي أداة البنك الدولي العالمية لرصد الفقر، 23 أغسطس / آب 2021، http://iresearch.worldbank.org/PovcalNet/povOnDemand.aspx؛ ; و”موجز تقرير التنمية البشرية 2011؛ الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع، ” برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2012، ص. 16، http://hdr.undp.org/sites/default/files/hdr_2011_en_summary.pdf
  2. أكيم شتاينر، “ملاحظات حول تأثير الحرب على التنمية: حالة اليمن”، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 26 سبتمبر/أيلول 2019، https://www.undp.org/speeches/case-yemen
  3. جيني هيل، وبيتر سالزبوري، وليوني نورثيدج، وجين كينينمونت، “اليمن: الفساد، وهروب رؤوس الأموال، والدوافع العالمية للصراع”، تشاثام هاوس، سبتمبر/أيلول 2013، https://www.chathamhouse.org/sites/default/files/public/Research/Middle East/0913r_yemen.pdf؛ وجريس إيسترلي، “قبل 2014: اقتصاد اليمن قبل الحرب”، مشروع السلام في اليمن، 16 يوليو/تموز 2018، https://www.yemenpeaceproject.org/blog-x/2018/7/16/before-2014-yemens-economy-before-the-war
  4. مقابلات مع أحد كبار موظفي الأمم المتحدة رقم 1 في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وموظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 5 في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، وأحد كبار المحللين الإنسانيين في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والمحلل الإنساني رقم 2 في 15 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  5. خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2019، التي مُددت إلى عام 2020: “خطة الاستجابة الإنسانية (تمديد)، يونيو – ديسمبر 2020″، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 28 مايو/أيار 2020، https://reliefweb.int/report/yemen/yemen-humanitarian-response-plan-extension-june-december-2020-enar
  6. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن. استراتيجية لتعزيز الجهود الإنسانية والإنمائية والسلام في اليمن 2020-2021. مسودة”، تقرير داخلي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي حصلت عليه المؤلفة عام 2020، صنعاء، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، ص. 1، ومقابلة مع أحد موظفي برنامج الأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  7. ماجي ميشيل، “الأمم المتحدة تحقق في الفساد في وكالاتها في جهود الإغاثة في اليمن”، أسوشيتد برس، القاهرة، 5 أغسطس/آب 2019، https://apnews.com/article/dcf8914d99af49ef902c56c84823e30c
  8. “التدقيق الداخلي للمكتب الإنساني القُطري في اليمن، ” اليونيسف، صنعاء، أكتوبر/تشرين الأول 2019، ص. 6، https://www.unicef.org/auditandinvestigation/documents/2019-oiai-audit-report-yemen-country-office
  9. عام 2019، بلغت ميزانية منظمة الصحة العالمية 118.3 مليون دولار، منها 38 مليون دولار لبرامج التطعيم، و20 مليون دولار لمكافحة الكوليرا، و10 ملايين دولار للتنسيق، و500 ألف دولار لتطوير النظام الصحي..عام 2020، تلقت منظمة الصحة العالمية 146.8 مليون دولار أمريكي، خصصت 70 مليون دولار منها للإغاثة من فيروس كورونا. في اليمن، تنفذ الأغلبية الساحقة من هذه الأنشطة من قِبل الجهات الحكومية وليس العاملين في المجال الإنساني. انظر: خدمة التتبع المالي التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بيانات النداءات، التي فُرزت حسب المنظمة المتلقية:https://fts.unocha.org/appeals/925/flows?f%5B0%5D=destinationOrganizationIdName%3A4398%3AWorld%20Health%20Organization ؛ آني سليمرود وبن باركر، “الأمم المتحدة تخفض الأجور الإضافية للعاملين الصحيين في اليمن في اللحظة التي ضربت فيها جائحة كورونا، ” ذا نيو هيومانيتاريان، جنيف، 7 مايو/ ايار 2020، https://www.thenewhumanitarian.org/news/2020/05/07/coronavirus-health-yemen-unpaid-world-health-organisation-cuts
  10. مقابلات مع أحد كبار موظفي الأمم المتحدة رقم 2 في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وموظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 4 في 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، وموظف إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية رقم 4 في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ومستشار إنساني في إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
  11. ميسي رايان، “مع اقتراب فيروس كورونا، تمضي الولايات المتحدة في تخفيض كبير للمساعدات المقدمة لليمن”، واشنطن بوست، 26 مارس/آذار 2020، https://www.washingtonpost.com/national-security/as-coronavirus-looms-us-proceeds-with-dramatic-reduction-of-aid-to-yemen/2020/03/26/61c15a00-6f77-11ea-96a0-df4c5d9284af_story.html?utm_campaign=20200327&utm_medium=email&utm_source=sailthru
  12. مقابلة مع مستشار إنساني في إحدى المنظمات غير الحكومية في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
  13. “المراجعة الداخلية للمكتب الإنساني القُطري في اليمن، ” ص. 15-16.
  14. كريستين جامت، “الاستجابة الإنسانية في اليمن: حان الوقت للعودة إلى لوح الرسم”، منظمة أطباء بلا حدود، جنيف، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، https://www.msf.org/back-drawing-board-humanitarian-response-yemen
  15. مقابلة مع موظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 5 في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  16. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن”، ص. 1.
  17. “البنك الدولي يؤكد دعمه للشعب اليمني والمؤسسات الحيوية”، البنك الدولي، واشنطن، 1 يوليو/تموز 2019، https://www.worldbank.org/en/news/press-release/2019/07/01/world-bank-re-affirms-support-for-the-yemeni-people-and-critical-institutions ؛ “البنك الدولي في اليمن: لمحة عامة”، البنك الدولي، واشنطن، تحديث 25 مارس/آذار 2021، ​​https://www.worldbank.org/en/country/yemen/overview#2؛ “مذكرة مشاركة البلد للجمهورية اليمنية للفترة 2020 – 2021″، البنك الدولي، واشنطن، 16 مارس/آذار 2019، ​​https://documents.worldbank.org/en/publication/documents-reports/documentdetail/757121557938303017/yemen-country-engagement-note-for-the-period-fy20-fy21
  18. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن”، ص. 1، ومقابلة مع موظف أحد برامج الأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  19. لمزيد من المعلومات حول تطور نهج الرابطة الثلاثية، انظر لويز ريدفرز وبن باركر، “البحث عن الرابطة، ومنح فرصة للسلام”، ذا نيو هيومانيتاريان، جنيف، 13 مايو/أيار 2020، https://www.thenewhumanitarian.org/analysis/2020/05/13/triple-nexus-peace-development-security-humanitarian-policy
  20. مارينا كاباريني وأندرس ريغان، “ربط النقاط في الرابطة الثلاثية”، معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، ستوكهولم، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، https://www.sipri.org/commentary/topical-backgrounder/2019/connecting-dots-triple-nexus
  21. مايكل تلهاني ورودريجو مينا، “نحو رابطة ثلاثية ناجعة؟ توحيد القوى في النزاعات الممتدة، ” حلقة نقاش عبر الإنترنت، مركز العمل الإنساني، 17 يونيو/حزيران 2021، https://www.chaberlin.org/en/event/towards-a-nexus-that-works-joining-forces-in-protracted-conflicts/
  22. لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، انظر: مارك دوبوا، “الرابطة الثلاثية – تهديد أم فرصة للمبادئ الإنسانية؟” مركز العمل الإنساني، مايو/أيار 2020، ص. 6، https://www.chaberlin.org/wp-content/uploads/2020/05/2020-05-triple-nexus-threat-or-opportunity-dubois-en-1.pdf
  23. “الرابطة الثلاثية: أسئلة وأجوبة حول دمج الإجراءات الإنسانية والإنمائية والسلام في الأزمات الممتدة”، منظمة We World GVC، 26 أغسطس/آب 2020، إيطاليا، https://reliefweb.int/report/world/triple-nexus-questions-and-answers-integrating-humanitarian-development-and-peace؛ كاباريني وريغان، “ربط النقاط.”
  24. “ملاحظات الأمين العام المعين أنطونيو غوتيريش إلى الجمعية العامة بشأن أداء اليمين الدستورية، ” الأمين العام للأمم المتحدة، نيويورك، 12 ديسمبر/كانون الأول 2016، https://www.un.org/sg/en/content/sg/speeches/2016-12-12/secretary-general-designate-antónio-guterres-oath-office-speech
  25. على سبيل المثال، تعتبر الرابطة الثلاثية بمثابة سياسة في: سونيا هوفلمان، “شرح المواضيع الإنسانية: الرابطة الثلاثية، ” مركز العمل الإنساني، مارس/آذار 2020، ملخص، https://www.chaberlin.org/wp-content/uploads/2020/03/2020-03-triple-nexus-to-go-hoevelmann-en-online.pdf ؛ يرى الآخرون أنه إطار عمل تشغيلي: “الرابطة الثلاثية. أسئلة وأجوبة، “ص. 3.
  26. لويز ريدفرز، “البحث عن الرابطة: المشهد من الأرض”، ذا نيو هيومانيتاريان، جنيف، 24 سبتمبر/أيلول 2019، https://www.thenewhumanitarian.org/special-report/2019/09/24/triple-nexus-humanitarian-development-peacebuilding-views
  27. هوفلمان، “شرح المواضيع الإنسانية” ص. 5-6؛ وريدفيرز، “المشهد من الأرض.”
  28. نوقشت أهمية التعريفات المشتركة وكيف أثر الافتقار إلى التعريفات سلبًا على استجابة اليمن بعدة طرق في التقرير الثاني من هذه السلسلة، “خرافة البيانات”.
  29. هوفلمان، “شرح المواضيع الإنسانية، ” ص. 6-7؛ “الرابطة الثلاثية. أسئلة وأجوبة، ” ص. 5؛ ومينا، “نحو رابطة ثلاثية فعالة؟”
  30. ريدفيرز وباركر، “منح فرصة للسلام، ” لويز ريدفيرز، “البحث عن الرابطة الثلاثية: الأولويات والمبادئ والسياسة”، ذا نيو هيومانيتاريان، جنيف، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2019، https://www.thenewhumanitarian.org/special-report/2019/10/10/searching-nexus-priorities-principles-and-politics؛ وفين سكادكير بيدرسن، “الرابطة الثلاثية – بناء المرونة/الصمود. مقدمة ومناقشات”، تانا، كوبنهاغن، يونيو/حزيران 2020، ص. 5-6، https://tanacopenhagen.com/wp-content/uploads/2020/12/Tana_Nexus_Brief.pdf
  31. على سبيل المثال، عادة ما يقود منسق الشؤون الإنسانية جهود الإغاثة، في حين يقود المنسق المقيم جهود التنمية، أما حفظ السلام فعادة ما يقوده ممثلون معينون بشكل خاص. ومن النادر أن يقوم شخص واحد بالثلاثة في نفس الوقت.
  32. “الرابطة الثلاثية في الممارسة العملية: نحو طريقة جديدة للعمل في الأزمات الممتدة والمتكررة”، مركز جامعة نيويورك للتعاون الدولي، نيويورك، ديسمبر/كانون الأول 2019، ص. 72، https://cic.nyu.edu/sites/default/files/triple-nexus-in-practice-nwow-full-december-2019-web.pdf
  33. المصدر نفسه، ص. x، 53-54.
  34. لإلقاء نظرة متعمقة على هذه المناقشة، انظر: دوبوا، “تهديد أم فرصة؟”
  35. ريدفيرز، “الأولويات والمبادئ والسياسة، ” هوغو سلم، “البحث عن الرابطة: كيفية وضع النظرية موضع التنفيذ”، ذا نيو هيومانيتاريان، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2019، https://www.thenewhumanitarian.org/opinion/2019/10/23/Triple-nexus-theory-practice
    لإلقاء نظرة أكثر تعمقًا على دراسة حالة مالي، انظر: أندريا ستينكي “الرابطة الثلاثية في مالي. التنسيق والتأمين والخطوط غير الواضحة”، مركز العمل الإنساني، مارس/آذار 2021، https://www.chaberlin.org/wp-content/uploads/2021/03/triple-nexus-mali-steinke-en.pdf؛ وإيمانويل ترونك، وروب جريس، وأنايد ناهيكيان، “حقائق وخرافات عن الرابطة الثلاثية.” وجهات نظر محلية حول بناء السلام والتنمية والعمل الإنساني في مالي، ” مبادرة هارفارد الإنسانية والبرنامج التدريبي المتقدم في العمل الإنساني (ATHA)، يونيو/حزيران 2019، https://defishumanitaires.com/wp-content/uploads/2019/07/HAF-Mali-Context-Analysis-Final.pdf
  36. ريدفيرز وباركر، “منح فرصة للسلام”؛ وريدفرز، “الأولويات والمبادئ والسياسة”.
  37. بيدرسن، “الرابطة الثلاثية، بناء المرونة/الصمود”، ص. 5؛ وسونيا هوفلمان، “شرح المواضيع الإنسانية”، ص. 4-5.
  38. لويز ريدفرز وبن باركر، “البحث عن الرابطة: الأمر كله يتعلق بالمال”، ذا نيو هيومانيتاريان، جنيف، 3 ديسمبر/كانون الأول 2019، https://www.thenewhumanitarian.org/special-report/2019/12/3/triple-nexus-aid-development-humanitarian-donors-cooperation
  39. الرابطة الثلاثية في الممارسة العملية، “ص. 67.
  40. دوبوا، “تهديد أم فرصة؟” ص. 5 و11.
  41. سارة كولينسون، “التفكيك البناء: فهم النظام الإنساني الدولي، ” معهد التنمية لما وراء البحار، لندن، يوليو/تموز 2016، https://www.odi.org/publications/10503-constructive-deconstruction-making-sense-international-humanitarian-system؛ مارك دوبوا، “البحث عن الرابطة: لماذا نبحث في المكان الخطأ؟”، ذا نيو هيومانيتاريان، جنيف، 7 يناير/كانون الثاني 2020، https://www.thenewhumanitarian.org/opinion/2020/1/7/triple-nexus-international-aid-Marc-DuBois
  42. مقابلة متابعة مع أحد كبار موظفي الأمم المتحدة رقم 3 في 1 سبتمبر/أيلول 2021.
  43. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن” ص. 2-4. مقابلة مع موظف أحد برامج الأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  44. “خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2021″، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، صنعاء، مارس/آذار 2021، ص. 52، https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Final_Yemen_HRP_2021.pdf
  45. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن، ” ص .4 و 8؛ مقابلة مع أحد موظفي برنامج الأمم المتحدة، 18 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  46. “خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2021″، ص. 52.
  47. ”ورقة قضايا. استكشاف السلام في إطار العلاقة بين العمل الإنساني والتنمية والسلام (الرابطة الثلاثية). المجموعة الرابعة من نتائج اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات حول التعاون الإنساني-التنموي”، اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، أكتوبر/تشرين الأول 2020، ص. 13-15، https://interagencystandingcommittee.org/system/files/2020-10/Issue paper – Exploring peace within the Humanitarian-Development-Peace Nexus (HDPN).pdf
  48. “خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، 2021″، ص. 52.
  49. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن” ص 9-11. مقابلة مع موظف أحد برامج الأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  50. على سبيل المثال، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، تدعم السعودية ميزانية الحكومة والخدمات التي يمكن استخدامها لتنفيذ أنشطة الرابطة.
  51. مقابلة مع موظف أحد برامج الأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020.
  52. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن”، ص. 7.
  53. المصدر نفسه، ص. 2.
  54. مقابلات مع موظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 1 في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأحد كبار موظفي الأمم المتحدة رقم 3 في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وموظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 4 في 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، وموظف أحد برامج الأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، وموظف إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية رقم 4 في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
  55. “العمل معًا من أجل مستقبل اليمن”، ص. 5.
  56. “خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2021″، ص. 52.
  57. مقابلات مع موظف الأمم المتحدة رقم 1 في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وموظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 1 في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وموظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 2 في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأحد كبار موظفي الأمم المتحدة رقم 3 في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وموظف الأمم المتحدة رقم 3 في 2 ديسمبر/كانون الأول 2020، وموظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 4 في 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، وموظف إحدى وكالات الأمم المتحدة رقم 5 في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، وموظف الأمم المتحدة 4 في 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، وموظفي المنظمات غير الحكومية الدولية رقم 1 في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ورقم 2 في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ورقم 3 في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ورقم 4 و5 و6 في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ورقم 10 في 3 ديسمبر/كانون الأول 2020، ورقم 12 في 17 ديسمبر/كانون الأول 2020، ومقابلات مع أحد كبار المحللين الإنسانيين في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ومستشار إنساني في إحدى المنظمات غير الحكومية في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والجهة المانحة رقم 1 في 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، والجهة المانحة رقم 2 في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، والجهة المانحة رقم 3 في 14 ديسمبر/كانون الأول 2020. أكد جميع مقدمي المعلومات الرئيسيين اليمنيين الثلاثين الذين شملهم البحث الخاص بسلسلة التقارير هذه على احتياجات مماثلة في نهج جديد.
مشاركة